-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- لفهم حرب #التعريفات_الجمركية التي يشنها #ترامببقلم طلال عبدالله الخوري
- #زياد_الصوفي يفتح ملف #سامر_فوز لمن يهمه الامربقلم زياد الصوفي
- ** هَل سيفعلها الرئيس #ترامب … ويحرر #العراق من قبضة #نظام_الملالي **بقلم سرسبيندار السندي
- ** ما علاقة حبوب الكبتاغون … بانتصارات نعيم قاسم وحزبه **بقلم سرسبيندار السندي
- ** فوز عون وسلام … صفعة أخرى لمحور المتعة والكبتاغون **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل جحيم كاليفورنيا … عقاب رباني وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- #سورية الثورة وتحديات المرحلة.. وخطر #ملالي_طهرانبقلم مفكر حر
- #خامنئي يتخبط في مستنقع الهزيمة الفاضحة في #سوريابقلم مفكر حر
- العد التنازلي والمصير المتوقع لنظام الكهنة في #إيران؛ رأس الأفعى في إيران؟بقلم مفكر حر
- #ملالي_طهران وحُلم إمبراطورية #ولاية_الفقيه في المنطقة؟بقلم مفكر حر
- بصيص ضوء على كتاب موجز تاريخ الأدب الآشوري الحديثبقلم آدم دانيال هومه
- آشور بانيبال يوقد جذوة الشمسبقلم آدم دانيال هومه
- المرأة العراقية لا يختزل دورها بثلة من الفاشينيستاتبقلم مفكر حر
- أفكار شاردة من هنا هناك/60بقلم مفكر حر
- اصل الحياةبقلم صباح ابراهيم
- سوء الظّن و كارثة الحكم على المظاهر…بقلم مفكر حر
- مشاعل الطهارة والخلاصبقلم آدم دانيال هومه
- كلمة #السفير_البابوي خلال اللقاء الذي جمع #رؤوساء_الطوائف_المسيحية مع #المبعوث_الأممي.بقلم مفكر حر
- #تركيا تُسقِط #الأسد؛ وتقطع أذرع #الملالي في #سوريا و #لبنان…!!! وماذا بعدك يا سوريا؟بقلم مفكر حر
- نشاط #الموساد_الإسرائيلي في #إيرانبقلم صباح ابراهيم
- لفهم حرب #التعريفات_الجمركية التي يشنها #ترامب
أحدث التعليقات
- Fuck on فكر حر (١٠).. عشر نكات إسلاميّة تثير الشفقة قبل الضحك والسخرية
- لقمان منصور on من يوميات إمرأة حلبجية
- سوري صميم on فضح شخصية الشبيح نارام سرجون
- سيف on ألحلول المؤجلة و المؤدلجة للدولار :
- bouchaib on شاهد كيف رقصت رئيسة كرواتيا مع منتخب بلادها بعد اخراجهم فريق المجرم بوتين
- Saleh on شاهد كيف يحاول اغتصابها و هي تصرخ: ما عندكش اخت
- س . السندي on #زياد_الصوفي يفتح ملف #سامر_فوز لمن يهمه الامر
- س . السندي on الايمان المسيحي وصناعة النبؤات من العهد القديم!
- تنثن on الايمان المسيحي وصناعة النبؤات من العهد القديم!
- Hdsh b on الايمان المسيحي وصناعة النبؤات من العهد القديم!
- عبد يهوه on اسم الله الأعظم في القرآن بالسريانية יהוה\ܝܗܘܗ سنابات لؤي الشريف
- عبد يهوه on اسم الله الأعظم في القرآن بالسريانية יהוה\ܝܗܘܗ سنابات لؤي الشريف
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
دمشق: ثورة.. جنس.. ومثقفون!
ملف كتبه لأورينت نت: صخر حاج حسين*
“ما نراه اليوم هو أن المثقفين والمتعلمين هم أكثر الفئات جهلاً وأشدهم غباءً. إذ يخضع هؤلاء إلى كتلة الدعاية المهولة ويشكلون المدراء الأيديولوجيين، ويستبطنون الدعاية ويصدقونها. كما يشكل الجانب الأكبر الذي طوروه من هذه الدعاية اعتقادهم أنهم القادة الطبيعيون للجماهير”
نعوم تشومسكي
ما فتئ السوريون يسمعون منذ انطلاقة ثورة الخامس عشر من آذار صيحات تنادي بالعلمنة والحرية الفردية والانعتاق الجسدي تفترق تماماً عما حققته الثورة وتحققه من إنجازات على الأرض. فمنذ الأيام الأولى للثورة عبّر كبار الشعراء والأدباء والمثقفين عن خشيتهم بل وهلعهم من أن تجردهم انتفاضة الشعب السوري من امتيازاتهم التي مكنّهم منها العهد البائد، وتُزعزع تحتهم عروشَ المجد التي جلسوا عليها طويلاً بوصفهم مصانع أفكار ومشاغل ثقافة ورايات تغيير وشهريارات لايمكن أن تَصْمتَ شهرزادات العصر عن البوح لهم، وما أكثرهم. فمن أدونيس الذي نفى صفة الثورة عما يحدث في سوريا لخروجها من المساجد ودور العبادة وليس من الجامعات، منطلقاً من علمانية أقلوية مصابة برهاب الأكثرية، في الوقت الذي أباح لنفسه أن يتغزل بحجاب خديجة بن قنة مذيعة الجزيرة ويجهر بإعجابه بها، منطلقاً من علمانية أقلوية مصابة في هذه المرة بانجذاب مهول لحُسْنِ الأكثرية وجمالها، إلى نزيه أبو عفش وكمال أبو ديب الحريصين على أن يبقى الريف الذي ينتميان إليه نقياً هادئاً لا تشوبه لوثات التخلف ومنتجعاً هادئاً لا تلجه سوى النخب، مروراً بسعدي يوسف صاحب أكثر من مركب نقص أورثه إياها وطنه والمنافي والذي جهر غير مرة بعدائه الشخصي للثورة على خلفية أحقاد إثنية وطائفية واجتماعية، وليس انتهاء بزياد الرحباني الستاليني الذي آثر الركون إلى الضاحية الجنوبية ليمضي أيام حياته وصنوه مارسيل خليفة الذي اعتبر مايحدث في البحرين ثورة حقيقية نافياً الصفة ذاتها عما يحدث في سوريا. وصولاً إلى أغرار الشعراء والكتاب وهم كثر والذين اعتبروا ما أسلفنا من أسماء وغيرها آلهة لهم وقِبلاً، رافضين أي منجز للثورة من دون وسْمه بعبارة “صنع في مصانع اليسار والعلمانية”.
لا للحجاب.. لا للمساجد.. لا للمظاهر الإسلامية!
أراد هؤلاء الكبير منهم قبل الغرِّ أن يتغير حال سوريا بثورة وردية تخرج فيها الصبايا والحسان يطالبن بحقوق في الصباح، ويرجعن في المساءات إلى مطاعم وحانات يتجرَّعنَ فيها زجاجات النبيذ، ومن ثم إلى أحضان معلميهم الثوريين الذين يكتبون لهنَّ تعليمات جديدة لليوم التالي. تلك هي النظرة الحلم التي أرادها علمانيو ثورتنا، لا عنف، لا حجاب، لاتخلف، لا مساجد، لا مظاهر إسلامية، وكأني بهم الآن يتحسرون على اللحظة التي لم ينتصر فيها رفعت الأسد في بداية عقد الثمانينات عندما نشر شبيحاته في شوارع دمشق اللواتي بدأنَ نزع أغطية الرأس عن صبايا ونساء دمشق في فعل همجي لم يشهد التاريخ له مثيلاً. وبالمقابل أخذوا يرددون نعم للانفتاح، نعم للمساكنة، نعم لكل شيء يلبي رغباتهم حتى من دون امتلاك الحوامل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية لذلك، وماقضية الفتاة الدمشقية دانا بقدونس التي أرادت أن تقدم شهادة حسن سلوك لهم عندما خلعت حجابها وأظهرت يديها عاريتين في صورة نشرتها على الفيسبوك سوى دليل على ما أسلفنا. ولابد في هذا السياق من ذكر حادثة أعرف تفاصيلها جيداً جرت في حلب منذ عدة أعوام عندما منع أحد أصحاب المطاعم “الحداثوية” في حلب وهو ابن أحد المسؤولين، إحدى النساء من دخول مطعمه بحجة حجابها، ما ثبَّت يقيناً من أن الحامل الأيديولوجي “العلماني” لنظام البعث الأسدي هو رديف بل وعون للعقيدة اليسارية الشيوعية منها على وجه الخصوص.
لقد فات اليسار والعلمانيين، أو أنهم فوتوا على أنفسهم نظرة متمعنة إلى سوريا الأربعينيات والخمسينيات حين كان المجتمع فيها علمانياً على نحو تلقائي ومن دون تكلف سيما في المدن الرئيسة دمشق وحلب التي شهدت ازدهاراً اقتصادياً واجتماعياً وحراكات سياسية، قبل أن يتم الهجوم المضاد انطلاقاً من حقد وانتقام واعيين أو ضمنيين على الطبقات المدينية المتسيدة آنذاك، مصرّين على أن تدخل البلاد نفق العسكرتاريا الذي امتد لخمسين عاماً، غاب فيه كل أثر لماضٍ جميل كان آيلاً للنهوض بالبلاد، ومُسخ مفهوم العلمانية الحقة لتصبح سيدة الموقف ممارسات همجية تبنتها أيديولوجيات شمولية. وجاء عقد الستينيات لتقبع الحسناء”سوريا” تنتظر أن تُقبِّل الضفدع كي تحوّله إلى أمير، لكن الضفدع كان جرذاً، رغم ذلك قبَّلته علّها تمضي بنا إلى عصر يليق وإذ بالجرذ يتحول إلى وحش مسخ بدأ ينثر سلالاته شرقاً وغرباً ويقيم الأحلاف ويعقد الصفقات مع أبناء جنسه، أو مع من يشاركونه بعض الجينات.
انتقام ريفي مؤجل!
لقد جعل اليسار صاحب نظرية صراع الطبقات والوافد إلى عاصمة الأمويين المتوازنة طبقياً والمتجانسة اجتماعياً، من مناطق سورية شتى (بطبيعة الحال تبنى جلُّ اليسار العقيدة الشيوعية في دمشق والمدن الأخرى انطلاقاً من انتقام ريفي مؤجل حيال المدينة، ولأن بيئاتهم الحاضنة كانت نابذة لهم) من دمشق مسرحاً للعبة جَسدت فيها ثنائية النازح/المستقر، الذكر/الأنثى، الموت/الحب، الثيمات الرئيسة. وباتت دمشق ميداناً لدعوات صعلكة واستهتار أطلقها شعراء وفنانون ومثقفون وافدون حديثاً تحضُّ على الانفلات الجنسي وتحرير”الجسد” من “مركبات النقص” بحسب تعبيرهم، والتي خلفها ماضٍ مديني”محافظ اجتماعياً”. وحتى الوافدون الذين لا ينتمون إلى اليسار فعلاً، لبسوا رداءه وتزيوا بأفكاره وحملوا لواءه، وبات الجميع يؤمن باللون الأحمر، لون الثورة الشيوعية ظاهراً، ودماء العذارى ضمناً. وتحولت دمشق القديمة إلى ملتقيات “للنخب الثقافية” برعاية متنفذين في النظام وحماية مسؤولين أمنيين. فباتوا في ليلة وضحاها مشاهيرَ وشخصيات عامة بعد أن كانوا غُفلاً حتى من الأسماء في بيئاتهم السابقة ومناطقهم المتروكة. فمن الروائي الذي تحول إلى سيناريست ذائع الصيت بعد أن تمرس في فن اصطياد الفراشات البرية ووضعها في شبكة كبير المخرجين، إلى الشاعر الفَلْتة الذي عمل قوّاداً رسمياً لنحات فلسطيني في خريف العمر، وليس انتهاء ببعض خريجي قبلة الشيوعية العالمية الذين أتقنوا فن تصوير بيئاتهم وعلى أساسها بات لدينا ماعرف بسينما البيئة، إلى الشاعر المتصابي الذي يصر على إبراز فحولةٍ منحه إياها البحر والجبل. ذلك كله شكل توليفة لم تستطع دمشق وأهلها مقاومتها، فالبعض انساق إلى الوافد الجديد طواعية راغباً بكل ماهو مختلف، وانزوى البعض الآخر في زوايا منازلهم أو أنهم فضل الهجرة إلى الضواحي أو حتى إلى خارج البلاد.
ولم يكن من بد ساعتئذ إلا أن تستسلم دمشق وتسلم سيفها وكنوزها بمؤامرة من غرفة تجارتها وسماسرتها وشرائح بورجوزاية محدثة النعمة، لا تمت لبرجوازيتها الأصيلة بصلة جوهرية، إلى ثلة ضمّت السلطة والأمن والفن والأدب في خليط لا يدري كنهه سوى الله. وأما المثقف الحقيقي فترك لمصيره في منطقته التي رفض أن يغادرها بحثاً عن الشهرة، فاكتوى بنار العزلة، وآثر أن يدفع أثماناً رافقته حتى اللحد. إنها محاولة لتأمل ما جرى في مسار الثقافة والمجتمع والحياة.. هي أشبه بمنمنمات بالغة الصغر أحاول أن أحيط من خلالها بمشهد الثقافة السىورية الذي اكتنف ويكتنف الثورة السورية. والأمر كذلك، كان لزاماً علينا ألا نلجأ إلى العديد من الأمثلة نظراً لضيق المساحة، فاقتصرنا على ثلاثة منها، وهي لقاص وكاتب سيناريو وصحفي من جيل السبعينيات. وصاحب موقع إلكتروني وصحفي من جيل الثمانينيات. وشاعر وصحفي برز في العقد الأول من الألفية الثالثة.
تسبيع الكارات في الثقافة- حسن م يوسف نموذجاً!
يقال “إن لم تستح فاصنع ماشئت”، ونضيف إن لم يكن هناك من يردعك وكان هناك من يشجعك فاكتب ماشئت، وهذا ماطبقه حرفياً الأديب متعدد المواهب
multi-talened man of letters
حسن م يوسف. ففي مقالة له نشرها في صحيفة الوطن “المخلوفية” بعد مقتل القذافي بأيام قليلة، يرثي م يوسف هذا الأخير “بدمعة طفرت من عينه عندما رأى ما يسمى بمقاتلي المجلس الانتقالي الليبي وهم يجرّون العجوز القذافي بقسوة فظيعة وقد سقطت عنه الباروكة التي اعتاد أن يرتديها، على حين هو يصيح فيهم:” يا أولادي هل تقتلونني؟ ياأبنائي أنا القذافي…….ماذا تفعلون؟ حرام عليكم!”. من نافل القول، وبغض النظر عن التوجه السياسي الواضح للكاتب والذي يشي بميوله إلى الأنظمة الاستبدادية والتي كرستها عبوديته للنظام الحاكم في سوريا، فإن هذا المقطع يشي بسذاجة لا يمكن القبول بها من مراهق صغير. فقلب حسن م يوسف الشفاف والمشبع إنسانية والصديق السابق والحميم للراحل سعد الله ونوس، يرقّ لمشهد مقتل القذافي وما أدراك ماالقذافي، وكأننا به يهرب إلى الأمام من مصير مماثل لولي نعمته رأس النظام السوري. ويتابع ليقول بأن:” أقبح ممارسة شهدتها ليبيا منذ إعدام شيخ المجاهدين عمر المختار هي قيام الليبي أحمد الشيباني ابن الثامنة عشرة بإعدام معمر القذافي البالغ من العمر تسعة وستين عاماً”…… لقد نسي الكاتب المبدع وتناسى مجزرة سجن أبو سليم التي راح ضحيتها مايربو على الألف معتقل سياسي في يوم واحد.. ونسي حتى في زمن الثورة الليبية المشهد النازي لمعقتلين سجنوا في خزان في قلب الصحراء، بأمر من القذافي الذين دمعت عينه عليه!
ولو اكتفى السيد م يوسف بذلك لقلنا بأن هذا رأيه وتلك قناعاته وهو حرّ بها، لكن أن يتجرأ على مقاربة موضوعات لايقربها سوى أهل الاختصاص فهذا مالا يخطر على بال. يتابع في المقال ذاته:”بعض الخبراء يرون أن سبب هجوم الغرب على نظام القذافي يكمن في استقلاليته الاقتصادية ورفضه أخذ قروض بفوائد مرتفعة من البنك الدولي، فليبيا من البلدان القليلة في العالم التي لاتدين بقرش واحد لأحد.” لن أعلق بل سأترك لكم قرائي الأعزاء ماترونه مناسباً من كلمات. ثم “صحيح أن ليبيا كانت تعاني الفساد الذي هو تحصيل حاصل في الأنظمة الفردية المنفلتة من رقابة مجتمعاتها، إلا أن النزاهة تقتضي أن نعترف بما تحقق على أرض الواقع، فربع الليبيين تقريباً باتوا من حملة الشهادات الجامعية، وصار متوسط دخل الفرد الليبي هو الأعلى في أفريقيا”. شأن جميع المصلحين يعترف م يوسف بأن ثمة فساد، لكنه تحصيل حاصل. حسناً، أما ماتحقق في عهد القذافي من مآثر هو أن ربع الليبيين باتوا يحملون شهادات جامعية، وكأني بالسيد م يوسف يردد علينا المأثرة البعثية التي تجسدت في سياسة الاستيعاب الجامعي المنفلتة من عقالها والتي جاءت بالقاصي والداني من جهات سوريا الأربع إلى مراكز المدن والجامعات، ليحصلوا على شهادات “محو الأمية” من جامعاتنا الميمونة التي لم تُخَرِّج سوى أشباه جهلة وساهمت في مرحلة انحدار في مستويات عدة ندفع ثمناً عزيزاً لها الآن…أما مسألة معدل دخل الفرد الليبي وقياسها على المواطن الأفريقي فلا يمكن أن تستقيم بأي حال، فليبيا من أغنى البلدان المنتجة للنفط، ونفطها هو الأكثر جودة وطلباً في الأسواق العالمية، وعدد سكانها قليل جداً بالنسبة لمواردها الهائلة ومساحة أراضيها. ومايثير الدهشة والحيرة في آن أنه نسب ليبيا إلى أفريقيا ولم ينسبها إلى الوطن العربي، ولا إلى نمور آسيا مثلاً… وكأننا به يخجل ضمناً من أن ليبيا بلد عربي.
نبيل صالح أو اليسار الطائفي الباطني!
طرح نبيل صالح نفسه معارضاً عقلانياً معتمداً على “إرثه” في مجلة (ألف) التي أرادت لنفسها أن تكون ابنة شرعية لمجلة شعر التي ظهرت في الخمسينيات، مع التأكيد على الفروق الهائلة بين الاثنتين، مؤكداً على حضوره كيساري معتدل لا يجهر إلا بلسان الحق، مشدداً حرصه على مصلحة الوطن، محاولاً في موقعه الإلكتروني “الجمل بما حمل” أن يؤسس لكتابة صحفية جديدة بطلها هو، لاشريك له. ففي مقالة له بعنوان “السلالات القاتلة” بتاريخ 22-8-2012 يستهل صالح إبداعه: ” أظن…رقم خانة إبليس في دائرة نفوس دمشق كانت 3 وحواء 2 وآدم 1 هذا إن وافقنا على الروايات التي تقول إن الرب بعد ماغضب عليهم جميعا أنزلهم إلى أرض حرستا، وأظن لعنة الرب عليهم مازالت مستمرة في سلالاتهم” إلى هنا ينتهي المقطع الأول من مقال صالح. اكتفيت بالمقطع وسأمتنع عن التعليق، لسبب بسيط هو أنني لست أدري من أين استقى معلوماته الربانية. يتابع في مقطع ثانٍ” إذا تقدمنا في زمن الهبوط إلى أيام أبينا إبراهيم وصدقنا قول الرواة من أنه (إبراهيم) ولد في قرية يقال لها “برزة” بالقرب من جبل قاسيون، بتأكيد وجود مقامه فيها إلى يومنا هذا وبداخله المغارة التي اختبأ فيها هرباً من مواطنيه البرزاويين الذي قبضوا عليه وجروه إلى نارهم المقدسة، فكان ماء الرحمن في مواجهة نيران إبليس…ولو تمكن وثنيو برزة البلد منه لكنا فقدنا كل سلالته من الأنبياء والقديسين كما نفتقد اليوم إلى نخبة السوريين الذين يغتالهم مسلحو المعارضة المنتشرين في غوطة الشام من ريف برزة إلى بساتين داريا…تكبير… ” لا شك في أن الإحالة هنا إلى الأب الرمزي لنبيل صالح ربما كان الأسد الأب أو شيخ طائفته الذي أراد مواطنوه (السوريون) أن يحرقوه ويضحوا به، لولا تدخل العناية الإلهية. ولو تمكن وثنيو برزة (الكفار) من ذلك لما شهدنا نزول الأنبياء والقديسين. لكن أحفاد أولئك الوثنيين أي كفرة البلاد (المعارضة المسلحة) التي تقطن الريف الدمشقي أفلحوا فيما عجزوا عنه في السابق، فقد اغتالوا النخبة السورية المثقفة التي بنت أمجاد دمشق وبالطبع النخبة المثقفة هي الوافدون الذين لولاهم لما كانت دمشقُ دمشقَ. يقول صالح “نحن محكومون بشيفرتنا الوراثية، فسلالة إبليس (يقصد ريفيي دمشق) لن تتصالح مع سلالة آدم (أي النخب الريفية الوافدة إلى دمشق ومن تصالح معها من البورجوازية المدينية التجارية الدمشقية وغير الدمشقية). والحرب بمفهومه أزلية أي أنها حرب مقدسة بين الخير والشر بين آدم وإبليس. وربما كانت حرباً بين الحسين وقتلته كما يشيع حزب الله ووليه الفقيه الآن. يمضي صالح ليقول بأنه لن يتسامح ولن يقيم عهوداً مع مصاصي الدماء وضباع السلفيين وأولاد الشياطين ( يذكرنا هذا بعبارة “عصابة الإخوان المسلمين العميلة” أو “الإخوان الشياطين” كما كان يحلو للبعض أن يرددها، والتي لازمت نبيل صالح في المدارس عندما كان فتياً). فبحسبه، كل مسلم سلفي متدين جاء من ريف دمشق آيل إلى القتل.
يختتم صالح مقالته بدعوته إلى النفير العام والجهاد المقدس لحرب طويلة الأمد حينما يقول:” فأعدوا العدة لحرب طويلة مع أبالسة سيشاركوننا حياتنا ومؤسساتنا وبيوت عبادتنا وأسرّتنا، كما شاركوا المسيح صحنه ثم سلموه للقتلة”. ألا يشي هذا المقطع بدعوة للقتل والإبادة؟ ثم ألا يماهي مابين المعارضة السورية واليهود؟
وفي مقال آخر بعنوان الانتقام نشر بتاريخ 3-10-2011 يكتب صالح:
خطأ متمردي حماة (لاحظوا كلمة متمردي) أنهم قاموا انتقاماً لماضٍ جريح وهولوكست قبيح آباؤهم تسببوا بإشعاله. (يقر بالماضي الجريح والهولوكست الذي أنزله حافظ الأسد بالحمويين، لكن في النهاية آباؤهم هم من تسبب بذلك. ولاندري من هم آباء الحمويين؟ الجواب يبقى دائماً برسم تقية نبيل صالح) قاموا انتقاماً وكراهية أكثر منه رغبة بالتحديث وعصرنة المجتمع، فتكرر الفشل الثاني لنفس أسباب الفشل الأول، ذلك أن أصوليي حماة لم يفكروا بطريقة ثوريي باريس (غريب أمر هذه العقلية الريفية الرومانسية الغبية التي تصر على أن تكون باريس مربط خيلها بكل شيء بدءا من الحذاء انتهاء بالثورات) الذين قفزوا نحو المستقبل بفصل الدين عن الدولة، ولهذا أطلقت غدي فرنسيس المتعاطفة مع (الثورة السورية) -الأقواس لصالح فهو لايعترف حتى بمسمى ثورة سورية- على حماة اسم : قندهار سوريا.
وفي المقال ذاته يقول تحت عنوان نسبية:” ومازال المسالمون يستكثرون أعداد الشهداء وأنا أقول أنه صغير مقارنة بما قتل من إخوتنا العراقيين والليبيين”. برأينا المتواضع لايقدم على كتابة هكذا عبارة إلا شخص أغرقه التخلف والسذاجة، ومن الغباء بمكان أن نلجأ إلى الرد عليه.
أما استغاثة نبيل صالح التي أطلقها في مقال له بعد ثمانية أشهر من انطلاق الثورة السورية بعنوان: (يا حافظ الأسد) فكانت عنواناً لفاشية طائفية فيها استحضار لمآثر حافظ الأسد التي يدعونا لأن نفهمها كما نشاء: “وللحق أقول لكم: إنه بدءا من الآن وحتى نهاية الأزمة، أو نهايتي قبل انتهائها، أعتبر أن رئيسي حافظ الأسد، وافهموها كما تشاءون”.
لا يحمل هذيان نبيل صالح الهيستري أي قيمة معرفية أو تحليلية، خارج كونه تعبيراً عن الصوت الداخلي للطائفة التي تصنع من ديكتاتور جزار حطم السوريون تماثيله وداسوا صوره (المقدسة) بأحذيتهم، رمزاً مخلصاً سبق أن خاض مجازره في حماه وحلب وجسر الشغور بنجاح، ومنع الأكثرية السنية من أن تمارس حقها في المشاركة الوطنية، خارج كون وزرائها ورؤساء وزرائها واجهات شكلية يستطيع أي ضابط علوي أن يهينهم ويسخر منهم بفضل ما هندسه المخلص حافظ الأسد من استبداد مطلق بالسلطة. فحافظ الأسد الذي حكم سورية من دمشق، أباح المدينة العريقة لحثالة عسكرتاريا ريفية، شوهت معالمها، وعبثت بنسجيها، ومكنت الكاتب المغمور الذي كان يقطن في مساكن عدرا العمالية من أن يحتل بيتاً في أرقى أحيائها!
رائد وحش والثورة الجنسية!
إذا كان الجيل الأكبر سناً من الوافدين انغمس بالأدب والشعر والفن ونأى بنفسه عن البحوث والدراسات كما رأينا أعلاه، فقد تجرأ أغرار من بعدهم ليطرقوا آفاقاً جديدة بالإضافة إلى مواهبهم في الأدب، يطبقون فيها عملياً ما عجز أسلافهم عن الخوض فيه من حيث التنظير وكان أن طالعنا رائد وحش الصحفي في جريدة قاسيون الشيوعية وأحد شعراء جيل الشباب بمقال له في موقع المدن الإلكتروني تناول فيه الثورة الجنسية التي بشرت بها ثورة الخامس عشر من آذار، وأطلقت تباشيرها، بحثا ودراسة، فيستهل مقاله الذي عنونه “الثورة والجنس” بجملة: “أعلنت الألفية الثالثة العصر الذهبي للجسد” وبارك “الألفيون” المعولمون “الأنا” في عمادة الجسد.” ماالذي يريد قوله وحش في هذه المقدمة والتي أشك بأنها أفلتت من شعره ودخلت في سياق أراده بحثياً، لكنه لم يفلح. الألفية الثالثة يا صديقي لم تعلن العصر الذهبي للجسد، فالجسد محتفى به منذ آلاف السنوات. هل كلّفت نفسك عناء العودة لتقرأ تاريخ الحضارتين الرومانية والإغريقية وترى الطقوس التي كانت تمارس هناك احتفاء بالجسد واحتفالاً به. هل قرأت يوماً (الكاماسوترا) ملحمة الجنس والجسد الهندية. ويتابع فيقول ” وباتت تتوالى إشارات شتى حول تجسد الهوية في الجسد إلى درجة اختصار العلاقة بعبارة “أنا جسدي”. لست أعرف عن أي جسد وأية هوية يتحدث الشاعر، وأما ربطه مباركة الألفيين المعولمين بأنا الجسد واختصاره الإنسان بعبارة “أنا جسدي” فهذا محض هراء ولا أعرف من أين استقى المعلومات وماهي المراجع التي أُحيل إليها. يبقى هذا ضمن الكلام العام الذي يمكن أن نثرثر به على كأس أمام فتيات ضحيات لما سيأتي بعد كأس النبيذ العاشرة. يتابع فيقول:”الفتاة التي تدخل المقهى شتاءً وسرعانَ ما تخلع معطفها السميك لتعانق أركيلتها بالكتفين المكشوفين، تريد أن تقول: “أنا جسدي”. تقولها كذلك تسريحات الشَعر والبناطيل والقمصان. كل شيء بات يشير إلى الجسد، إلى درجة الوصول إلى أحيان لا نبالي فيها بسواه. فـ “أنا” لا تقال وحدها ولا تجد سبيلاً لتقال. انتزع الجسد حضوره على حساب غيابات كثيرة، وترك للوعي والمعنى الهوامش.”
كم من الفتيات والنساء والرجال والشباب يخلعون معاطفهم سواء بان الكتفان أم لا؟ وما هي الإشارات التي يمكن للمرء أن يلتقطها من هذا الفعل اليومي الروتيني. بالطبع في المقاهي لا يمكن للمرء أن يجلس مرتدياً معطفاً، أما ما تحته من لباس فهو حرية، بالطبع هو يشير إلى الجسد لكن هذا ليس اكتشافا ألفيا جديداً. اقرأ تاريخ الملابس وستدرك أن الملابس وعبر العصور كانت واحدة من أهم تجليات نظرة المرء إلى جسده. ثم هناك الكثير من أنماط اللباس التي يرتديها المرء لا علاقة لها مباشرة بالجسد، شأن مقاتلي طالبان وجبهة النصرة وجماعة حسن نصر الله وغيرهم…. فلهذه دلالات دينية واجتماعية وحتى اقتصادية ليست ضمن مجال بحثنا، ناهيك عن اللباس الذي يرتديه البشر في المناطق الباردة جداً أو شديدة الحرارة حيث يفرض المناخ ضروراته على البشر، وبالطبع هناك العديد من الأمثلة، وهذا لايمكّننا بأي شكل من الأشكال أن نتحدث عن علاقة الجسد بالهوية، إلا إن كنت تقصد مدناً بعينها “دمشق” مثلاً، أو شريحة بشرية بعينها “المثقفين”، أو أماكن بذاتها مقهى الروضة! وأما عبارتك “كل شيء بات يشير إلى الجسد”، فهذا غير صحيح بالمطلق ذلك أن الجسد معطى اجتماعي واقتصادي وسياسي وهو يخضع لمنظومات تسيرها حياة كاملة. أما عبارة “صرنا لانبالي بسواه” فلا معنى لها في هذا السياق سيما إن ربطناها بالعبارة الثانية “فـ أنا” لاتقال وحدها ولاتجد سبيلاً لأن تقال”. صدقوني لم أفهم ما رمى إليه الشاعر. كما أن ما قاله عن أن ” الجسد انتزع حضوره على حسابات غيابات كثيرة وترك للوعي والمعنى الهوامش” فهذا باطل ذلك أن الجسد لايكون جسداً إلا من خلال معنى وسياق محددين وإلا بات مجرد لحم، وهنا يكمن الفارق بين جسد الإنسان وجسد أي حيوان آخر.
يتابع وحش هذياناته في المقطع سالف الذكر ويقول ” حدث الأمر حين لم يحدث شيء آخر ثقافياً أو اجتماعياً” عن أي أمر تتحدث؟ عن الجسد وحضوره؟ قلنا مراراً وتكراراً لا يمكن للجسد أن يكون إلا ضمن معطى ثقافي وفكري وسياسي واقتصادي واجتماعي بعينه. ثم يتابع” حدث الأمر حين انتصرت الميديا والتلفزة وشقيقاتها على الثقافة.” معلوم أن الميديا وشقيقاتها أسهمت إلى درجة كبيرة في نشر الثقافة، إذ لم يكن لك أو لغيرك أن تصبح معروفاً أو مقروءاً لولا تقانات الإعلام الحديثة التي فعلت المعجزات على حد تعبيرك؟ هل كان لك أن تعرف عن العالم وثوراته لولا الميديا وشقيقاتها؟ هل كانت الثورة السورية العظيمة لتُعرف إلا من خلال التلفزة ووسائل الإعلام والهاتف الجوال وكاميرات التصوير البسيطة؟ هل كان سيتوفر لصالح علماني أو غيره وأنا من ضمنهم كتباً نترجمها لولا أننا استقينا عنها معلومات من وسائل الإعلام؟ هل يعقل أن ما فعلته الميديا والتلفزة وشقيقاتها بلا أساس واقعي؟ لست أفهم هل تريد تأصيل الثقافة والمجتمع؟ لابأس لك ذلك إن أنت سعيت إليه، ولكن ماعلاقة هذا كله بالإيروس؟ كيف خطر لك أن تقحم هذه المفردة من دون أن تدري معناها؟ وهل هناك إيروس خاص بنا على حد تعبيرك. وهل الإيروس حكر على بلد أو مجتمع دون غيره؟ كان الأجدى أن تستبدل كلمة إيروس بعبارة القيم الجسدية والجنسانية الخاصة بكل مجتمع. كلامك صحيح بأنكم– مثقفو البلاد- فتحتم ذراعيكم لرياح الرغبات العاتية وبقيتم في سياق غريزي فطري غير محمول على قيم، وبالطبع أُكْبر فيك اعترافك بالآثام التي ارتكبتموها عندما ولجتم الثقافة عبر أجساد النساء وإليها و روائح الأدلة تزكم الأنوف. وللأسف الشديد تم هذا في مدينة دمشق التي استبيحت مراراً وتكراراً ليس من شبيحة العسكر وأمنه، بل أيضاً من المثقفين الذين عاثوا فيها فساداً. وها أنت ترى بأم العين ما آلت إليه سيدة المدن التي تطالبونها بأن تقوم بثورة جنسية لمجرد أنها تلبي رغباتكم التي أتيتم بها من مجاهلكم البعيدة عن المدنية والعصية على الحضارة!
يتابع وحش في مقطع كامل: ” في هذا الخضمّ بدأ المجتمع السوري، لا سيما في دمشق، يقطع أشواطاً في مضمار العلاقات الجنسية والعاطفية، وباتت المساكنة تشكّل ملفّاً يستحق الدراسة. كما بدأ هذا المجتمع يعطي مؤشّرات واضحة عن التمرّد على العذرية، حيث بدت الفتاة جاهزة لخوض تجربة الحياة، دون وجل. ومع مجيء مواقع التواصل الاجتماعي بدأت ملامح ثورة جنسية حقيقية تلوح في أفق المجتمع السوري. لا سيما مع “فيس بوك” الذي قدّم فكرة جديدة لعنونة العلاقات: “زواج، خطوبة، علاقة مفتوحة، الأمر معقد”. ميزته أنّه استطاع تسمية اللامسمّى. بمعنى آخر بدأ يعطي المفهوم، ولا يخفى دور المفهوم في حركة الفكر. إلى جانب هذا برز دور العيادة الجنسية، وما تقوم به من عمليات رتق للبكارة والإجهاض، فبدت حامية من مخاطر الفضيحة وجرائم الشرف. وهنا يمكن تبرير التناقض العربي العام لكون الوقت والتجربة يتكفّلان بحلّه. ولعلنا هنا، نفترض، أنّ الثورة السورية نفسها ستكون راعية لهذا التناقض. مثلاً بروز مسألة الاغتصاب التي قامت بها قطعان الشبيحة كان لها أثر في تشكيل نظرة إنسانية مهمّة للمرأة المغتصبة. الأمر الذي يعني أن وعياً جديداً طرق جدران العقل السوري بخصوص هذا الأمر.
أمام هذه الحالة ستكون نظرة الغد السورية أكثر حرية وتسامحاً مع الجسد، فالثمن الغالي يعيد الاعتبار إلى القيم المغيّبة، فيتم التركيز على الشخصية والحياة والدم أكثر مما يتم على الشرف والكرامة اللذين يُختصران جنسياً.” هنا ينتهي مقطع وحش.
عن أي خضم يتحدث الشاعر؟ لست أفهم. ثم هل العلاقات الجنسية والعاطفية والمساكنة والتمرد على العذرية وجهوزية الفتاة لخوض تجربة الحياة دون وجل والفيسبوك تشكل ثورة جنسية حقيقية في أفق المجتمع السوري. منذ قليل كنت تنتقد العولمة و”أنا الجسد” ووسائل الإعلام وغياب الثقافة والوعي، والآن ترى دمشق تقطع أشواطاً في الجنس والمساكنة والتمرد على العذرية وتكبر فيها استعداد الفتيات لرفع سيقانهن ثقافياً ومعرفياً. وما هذا الجديد الذي جاء به الفيس بوك من تعريفات للعلاقات”زواج-خطوبة-علاقة مفتوحة-الأمر معقد” يالهذه الأمثلة. يقول وحش أن الفيسبوك استطاع تسمية اللامسمى، أي ضحالة هذه!!! ويستعين بكلمة “مفهوم” concept ليطلقها على الفيسبوك ويضفي عليها أهمية في حركة الفكر. و أما عن أي فكر يتحدث فهذا علمه عند الله. وأما العيادة الجنسية التي يباركها ويهلل لها وبما تقوم به من عمليات رتق للبكارة والإجهاض فتحمي من الفضيحة وجرائم الشرف. يا سلام، إذا أين هي ملامح الثورة الجنسية في المجتمع السوري؟ لكي يهرب الشاعر إلى الأمام، يقول إن الثورة السورية كفيلة بحل هذا التناقض معرجاً في آن على اغتصاب الشبيحة للنساء السوريات من حيث أن نظرة إنسانية هامة في طور التشكيل بالنسبة للمرأة المغتصبة، نافياً أن القتل والذبح والإعدامات الميدانية واغتصاب الرجال والنساء تتساوى جميعها في هذا الإطار، ولو أن لاغتصاب النساء رمزية مختلفة. لكن أن نستثمر اغتصاب نسائنا من أجل تشكيل وعي جديد فهذا في غاية الانحطاط والسخف. ويتابع قائلاً بأن نظرة الغد ستكون أكثر تسامحاً مع الجسد، فما انتهك واغتصب مرة، يمكن أن ينتهك ويغتصب مرات ومرات، أليس هذا لسان حالك؟ ألا يخطر ببالك أن تحدث ردات فعل سلبية على تلك الاغتصابات بحيث تجعل من الضحايا وذويهم يتشبثون بأجسادهم كقيمة مطلقة مقابل الآخر الذي اغتصبهم. ألم يدر بخلدك أن ثمة انتقامات يمكن أن تحدث جراء هذا بما أنهم خسروا كل شيء حتى أجسادهم؟ وأما العبارة الممجوجة التي يرددها المثقفون منذ السبعينيات والتي وتقول إن الشرف والكرامة لا يختصران جنسياً، فهذا صحيح جزئياً، لكنه ليس مفهوماً مجتمعياً عاماً بالتأكيد. ففي كثير من بلدان العالم المتحضرة والتي قطعت أشواطاً في سيرورة التطور المجتمعية، ثمة بشر يرفضون العلاقات المفتوحة رغم أن تطور مجتمعاتهم الاقتصادي والسياسي والاجتماعي يتيح لهم ذلك، وهذه مسألة لا يمكنك أن تفرضها بأي حال على المجتمع السوري.
يخِلص الشاعر إلى القول بأن تباشير الثورة الجنسية السورية شبه منجزة لا تنقصها إلا المقدمات التي تلزم أي ثورة” (افرح ياقلبي) ويتابع “علينا أن نبحث عن التغيير الحقيقي في عقل المجتمع وفي عقول أفراده”. ينسى الشاعر أن ثورة كالثورة السورية ستصبح في عامها الثاني وهي ليست بحاجة لأن تبحبش في عقلها المجتمعي أو الفردي لتطوره، فالثورة فعل كامل وجذري وستغير المجتمع بنفسها وليس من خلال تنظيرات مثقفين آثمين عن المرأة والجنس، ساهموا إلى درجة كبيرة في تخريب المجتمع.
على أي حال لم يبتعد المثقف السوري عن المقولة التي طرحها هربرت ماركوز بأن المجتمع التقني حوّل أفراده إلى أفراد ببعد واحد وباتوا ضحايا لحاجات وهمية مصطنعة خلقتها الدعاية والإعلان. هذا الفرد ذو البعد الواحد الذي استغنى عن الحرية بوهم الحرية لمجرد أنه يستطيع أن يختار بين شيئين أحلاهما مر.
إن صورة دمشق كما بدت بين سعار (مثقفين) غاضبين من بيئتها ومجمتعها، تاركين قراهم ومتمسحين بأعتابها، وبين ثورة يأمل السوريون أن تعيد دمشق إليهم… هي صورة الوجدان السوري الذي يتطلع إلى مستقبل معافى من الأمراض والأقنعة والهمجية، وأمين لفكرة التنوع الاجتماعي الراقي مع انتماء حقيقي للصورة الأصل التي شوهت ودمرت ربما… لكن لن تتطحم، ولن تتسع حتى لقبر لحافظ الأسد كما اتضح في وصية (القائد الخالد) نفسه!
* هامش:
Noam Chomsky ” at UniversidedCentroamericano in Managua” Nicaragua 1986
* باحث ومترجم سوري من مصياف.
Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا
Leave a comment
قصة وحكمة من زياد الصوفي ..85
القصة:
الصيف قبل الماضي اجتمعت بمناسبة باللادقية مع معاون وزير بحكومة العطري على فنجان قهوة..
سألني إنت ليش معارض يا زياد؟؟ الدولة أمنت المدارس و الطرق و الجامعات، يعني كل مستلزمات الحياة اتأمنت، ما عم بفهم ليش انت و غيرك معارضين..
المشكلة بالبعثيين أنو حتى بطريقة نفاقهون بيعرفو حالون عم يكذبو، بس سبحان الله بدمهون ما عاد فينهون يعملو شي لهالمرض…
الدولة يا معالي الوزير، مو بس طرقات و جامعات و مدارس، الشي اللي بتسموه بلغتكون مكرمة، هوة واجب أي دولة تجاه شعبها..
حبيت إبدا هيك حكاية اليوم، لحتى نقعد نتمتع سوا باللي رح تقروه عن الدولة اللي عم يتغنى فيها معاليه..
أنا أكيد أنو الكل بيتذكر بنص التسعينات لما وقفت شركة الطيران الفرنسية تجي على سوريا لمدة ستة شهور..
الكل يومها اعتبرها حادثة طارئة متل كلشي بدولة الأسد طارء و مارق..
بس الحكاية كانت أكبر بكتير من هيك…
بديت القصة من شارع المالكي بالشام، لما ريبال رفعت الأسد علق على هلا البنت الشامية بنت حواري المالكي..
كل ما ينزل ريبال عالفتلة بالليل ليلحقها و يمشي وراها، يهربو رامي مخلوف و أخواتو من كل الحارة..
ريبال شب أول طلعتو و ما مصدق حالو كبر و صار ألو اسم بالشام، لدرجة أنو اسمو كان يهرب ولاد كلشي فيه مسؤولين بالعاصمة..
معروف بهديك الأيام، كان مطعم البيتزاريا باوتيل الشيراتون هوة أكبر تجمع لولاد المسؤولين.. و كل يوم رامي مخلوف يروح يقعود هوة و رفقاتو على طاولة مخصصة ألو..
بيوصل ريبال عالمطعم و هلا سابقتو.. بيسأل الغارسون: أي طاولة تاعية رامي مخلوف؟؟ و بيروح بيقعود عليها بس منشان يغيظو للمخلوف و محاولة لإثبات وجود ابن القائد بشوارع و قهاوي الشام..
كل يوم عهالحالة.. يجي رامي مع صحابو ليقعدو على طاولتهون، يشوفو ريبال أخدها و على وجهو ابتسامة: فرجيني يا مخلوف شو فيك تعمول..
لحد ما إجا يوم، بينزل ريبال عفتلة المالكي قبل ما يروح على طاولة رامي لياخدلو ياها، و بيشوفها لهلا واقفة مع ابن بهجت سليمان…
بيتركها لتمشي، و بينزل بيقرطو قتلة بنص المالكي بيضحك خلق الله عليه.. و بيلحقها لهالبنت اللي سبقتو عالشيراتون بدون ما تعرف شو صار وراها بالمالكي..
بوجهو لعندها على طاولتها..
قاعدة مع بنات دكتور عيون من بيت سعيد، بيسحبها من شعرها و بيدخلها عالحمامات و أصوات القتل شغالة لبرا، و هلا عم تصرخ: دخيلكون و الله ما عملت شي…
بيتدخل مدير أمن الأوتيل، بياكول كفين تلاتة و بيهرب..
الوحيدة أمهون لبنات السعيد، اللي اتدخلت يومها و سحبتها لهلا من أيدين ريبال..
سمع أبوها لهالبنت القصة، صارلو جلطة و مات بأرضو..
ما اكتفي ريبال بقتلة الأوتيل و لا اخد حق كرامتو اللي انسلبت بفتلة المالكي، لحقها لهالبنت بأول يوم لعزا أبوها.. و بيدخل بين كل خلق الله و بيبلش فيها قتل مرة تانية…
مدام الدكتور سعيد بتوصل هالحكاية لبيت المخلوف..بيشوفها رامي فرصة ينتقم من ريبال, بيروح بيخبرو لبشار و ماهر شو عم يعمول ابن عمهون بالبلد..
لما بيجي ماهر عالشيراتون مع ضباط من الحرس الجمهوري ليضبوه بيومها لريبال، بتكبر براسو أبو رفعت و بيسحب الروسية على ماهر بنص الشيراتون، و بيهرب لعند أبوه رفعت اللي كان موجود بالشام بوقتها و بيخبرو اللي صار بينو و بين ابن عمو….
قرر رفعت يبعتو على باريس لبين ما يحل هالموضوع.. بيركبو بطيارة تابعة للخطوط الفرنسية و بالسلامة من عاصمة التشبيح لعاصمة النور..
دقيقة قبل ما تمشي الطيارة، رائد بالحرس الجمهوري مع أربع عناصر بيطلعو و بيطلبو من الطيار ما يمشي قبل ما ينزلوه لريبال منها..
بيقاوم شوي الافندي بطيارة مليانة ركاب، بس بيرضخ لما بيقلو الرائد: جاييني أوامر من رئيس الجمهورية أنو فجر الطيارة باللي فيها و ما خليك تطلع برا البلد..
و من يومها الإير فرانس قررت توقيف كل رحلاتها للشام لاكتر من ست شهور…
الحكمة:
بخصوص الدولة اللي عم تتغنى فيها معاليك..
اسمحلنا فيها: هيدي دولة شعارات و هتافات و كل لوازم هالتعليك…زياد الصوفي – مفكر حر؟
رسالة إلى أهل الذكر
اضطرنا الدكتور عبد المعطي بيومي عندما كتب كلمة – رسالة – إلى قبيلة المثقفين («المصري اليوم» ٣٠/١١/٢٠٠٦) لأن نعيد الحديث في موضوع كنا نريد أن نخلص منه إلى ما هو أهم، لأنه عرضه باعتباره «نصاً» قرآنيا، فلم يعد أمامنا خيار. وأنا أعذر الدكتور بيومي وأفهم موقفه هذا لأمرين:
الأول: لأنه كما قال دخل الأزهر منذ 50 سنة، ومعنى هذا أنه لم يشاهد القاهرة في الأربعينيات، عندما كانت معظم النساء يسرن في الشوارع مكشوفات الشعر، وكانت مصر أكثر إسلاماً، وكان الإخوان المسلمين في الأوج، ولم يروا مما يحكم به الدين أن يقاوموا ذلك أو على الأقل أن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر، وأن الحركة الوحيدة التي حدثت في مصر وقتئذ كانت تلك التي قادها الشيخ محمود أبو العيون احتجاجاً علي لباس البحر «المايوه» في المصايف المختلطة، ولو قدر له أن يشاهد هذا لخفف من غلوائه، ولعرف أن الأمر الذي يتحدث عنه ليس كما صوّره، وأن شيوخه لم يستنكروه.
والأمر الثاني: الذي أعذره بشأنه أنه دخل الأزهر من ٥٠ سنة، أي أنه دخله صبياً في المعاهد الأزهرية فتلقى ما قاله له شيوخه من تفسير ابن عباس، وما ذهب إليه المحدثون من أن “السنّة” هي ما جاء عن الرسول من قول أو فعل أو تقرير، وأخذ هذا كما يأخذ التلميذ من أستاذه، ودارت الأيام فأصبح هو يعلمه لتلاميذه الذين يأخذون عنه.. وهكذا تأتي أجيال لم يقدر لها أن تنظر فيما قدم إليها من عهد التلمذة حتى أصبحوا أساتذة يعلمونه، وتم هذا كله دون تفكير أو تدبر وإنما هو تلقين عن تلقين.
نحن يا سيدي – أعني من قلت عنهم «الهواة» – نظرنا كباراً فيما أخذتموه أنتم مآخذ التسليم كتلاميذ، ثم كان عليكم أن تعلموه، لأن هذا هو «المقرر والمنهج»، نحن درسنا كل كتب السنة، ولكن في سن ناضجة، وبثقافة منفتحة وبعقل نعطيه الحق المطلق في معرفة الخطأ من الصواب لأن هذا مجاله، ومهمته التي خلقه الله لها. أما الدين فإن مجاله أن يوضح لنا الخير من الشر، وأن يسير مع العقل فيما انتهى إليه من معرفة الخطأ والصواب، وهو منهج يخالف منهجكم الذي استكثر على العقل “التحسين والتقبيح”.
رأينا المحدثين يقررون أموراً نرفضها، يقولون الصحابة جميعاً عدول، والصحابة لديهم هم كل من رأي الرسول ولو للحظة واحدة، بل يدخلون فيهم الجن المسلم وأطفال المسلمين، وكان منهم ابن عباس وأنس بن مالك وجابر بن عبد الله وأبو سعيد الخدري، وهم أكابر الحديث.
ونحن نرفض هذا لأن الصحابي حقا الذي يعد عدلاً بحكم هذه الصحبة هو أمثال أبي بكر وعمر وعلي وأبي عبيدة، وليس الذين قال فيهم الله: «وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائماً قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين» «الجمعة ١١»، وقد كان هؤلاء ممن يقولون عنهم الصحابة.
ورأينا المحدثين يتحدثون عن «الإقرار» وهو ما شهده الرسول من أحد فلم ينكره، علي أساس أنه لو كان حراماً لنهي عنه الرسول ولما سكت عليه. وتنازل الدكتور عبد المعطي وقدم إلينا قطعة من الفقه المضنون به على غير أهله، فقال: «ومما أقره القرآن وزاد عليه الخمار «غطاء الرأس»، فأمر سبحانه وتعالي بأن يشمل غطاء الرأس فتحة الصدر أيضاً بحيث تضرب المرأة غطاء رأسها علي فتحة صدرها فتغطيه بخمارها، والذين عرفوا قواعد المنهج في التشريع الإسلامي يعرفون أنه إذا أقر الله أو رسوله أمراً صار واجباً لأنه بإقراره دل علي وجوبه. وكذلك سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم ما أقره الرسول صلي الله عليه وسلم بقول أو فعل أو تقرير، فما بالنا إذا كان النص القرآني أقر بغطاء الرأس «الخمار» وأمر بلام التأكيد، بألا يكتفي بغطاء الرأس فقط بل ليشمل الخمار، ولا يسمي خماراً إلا إذا غطي الرأس، تغطية الجيب الذي هو فتحة العنق والصدر.
فالهواة الذين يهوون الخوض في الدراسات الإسلامية ولا يعلمون منهج التشريع الإسلامي في أن الإقرار – حتى بالصمت – يجعله أمراً تشريعياً فإذا سكت الرسول عن أمر حدث أمامه صار سكوته تشريعاً”.
أجل قال هذا المحدثون وبعض المفسرين، ولكن هل علينا أن نأخذ ما قاله هؤلاء مأخذ التسليم؟ وإذا كان الله تعالي قد أمرنا أن نتدبر القرآن، أفلا يكون علينا أن نتدبر ما قاله المحدثون والفقهاء، وإذا كان القرآن يقول: «والذين إذا ذكّروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا» «الفرقان ٧٣»، فهل نخر ونسلم «بالعشرة» للفقهاء والمحدثين؟
ولا يجوز للمحدثين أن يغيروا من معاني الكلام ليعدوا الإقرار مثل الأمر الصريح، وهذا لا يجوز، فكيف يكون السكوت مثل الأمر الصريح في مجال التشريع، كما لا يجوز الحكم علي الحق بأقوال الرجال – كائنا من كانوا – فإنما يكون الحكم علي الرجال بالحق.
ومن ناحية ثانية، نجد الرسول يقول «الحلال ما أحله القرآن والحرام ما حرمه القرآن وما سكت عنه فهو عفو فاقبلوا من الله عافيته»، ويقول «لا يأخذ علي أحد بشيء فإني لا أحرم إلا ما حرم القرآن ولا أحل إلا ما أحل القرآن» فكيف يعتبر المفسرون أن سكوته يعد إقراراً وحكماً؟
إن ما يمليه العقل وما يأخذ به الشرع أيضاً هو أنه لا تحريم أو تحليل إلا بنص صريح من القرآن لا يقبل تأويلاً، لأنه إن قبل التأويل جاء الاحتمال، وإذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال، فهكذا يكون الحرص في هذا المجال المهم، مجال التحريم والتحليل، أما أن يسكت الرسول عن أمر فيصبح مشروعاً وواجباً، فهذا ما يخالف طبائع الأشياء، و قصارى ما يقبل هو أن يصبح الأمر لهذا الشخص بالذات دون غيره.
وجد القرآن المرأة الجاهلية تضع خماراً فأمرها أن تحجب بهذا الخمار فتحة الصدر، الأمر هنا هو تغطية الصدر، وليس الإبقاء علي الخمار، وفتحة الصدر يمكن أن تغطي أصلاً دون خمار، ولا يمكن أن تعد إشارة القرآن إلي الخمار هنا إقراراً، ولا أن يعد الإقرار تشريعاً، وكيف يعقل أن يأمر القرآن المرأة المسلمة في كل العصور، ومن كل الجنسيات أن تضع علي رأسها بالتعيين خماراً؟ ولماذا لا تضع طاقية مثلاً أو قبعة؟. الخلاف هنا هو خلاف في تحقيق طبيعة الإقرار والفرق بينها وبين الوجوب الشرعي الذي يسري علي الجميع.
والقواعد السليمة للتشريع تفترض التثبت، وتشترط شروطاً دقيقة لما يفرض، وهذا هو ما يأخذ به القرآن، لأنه يري أن التحريم أمر صعب ولا يجوز التوسع فيه، وقد حصره في النص الصريح من القرآن، وإذا كان ثمة اجتهاد فيفترض ألا يميل لإعنات الناس، لما أشرنا إليه ولأن التيسير أفضل من التعسير.
نقلاً عن “المصري اليوم”جمال البنا – مفكر حر
نادين البدير: في نادي الكذب الثوري
ودخلت أطراف اسلامية اللعبة السياسية العربية. أصبحت عضوا في نادي التدليس والخداع واللامبادئ على الإطلاق. أشياء تتعارض مع أهل الدين لكنها لا تتعارض مع الحالمين بالعرش. أصبحوا أعضاء رسميين في نادي السلطة بعدما كانوا أعضاء غير شرعيين وملاحقين لكن مرحب بهم داخلياً لمواجهة أي مد فكري حر.
هي بداية النهاية. صحيح أن مجدهم استمر ثمانين سنة لكنه مجد ارتبط بمعارضة الحكومة من جهة وتوزيع الخبز والحلم على المجتمعات من جهة أخرى(حلم أو كابوس الخلافة ).
هي بداية النهاية. فحتى الآن لم يسمعنا إسلاميو البلدان الثورية غير خطب عن فوائد تقليل النوم لساعات قصيرة ودعوات على المتهمات.
الذي سمع منكم إصلاحاً أو طرحاً إيجابياً صادماً يخص أي بلد حلت به الثورات فليقصه علينا الآن.
ألفاظ التكفير وتشويه الأعراض تتردد على ألسنتهم دائما. بين كل جملة وجملة هناك قذف لغافلة. ونحن، لم نكن ننتظر الكثير. معروف جداً فكر التشدد المحصور بزاوية الاتهامات الأخلاقية.
باقون في دولهم لأربع سنوات. قد لا يصوت لهم أحد بعدها. لأني أراها كما يراها غيري بداية رقصتهم الأخيرة.
لا يهم متى يخرجون، المهم كم الخسائر التي سيخلفونها. يتصورها المنطق خسائر فادحة بالحضارة والثقافة وحتى التقدم العسكري، مقابل صفر تماماً لأي خزعبلات عن التنمية الإسلامية، وصفر لأي خزعبلات عن تقوية الوجود الإسلامي، وصفر لأي خزعبلات عن عسكرة العالم الإسلامي وإخافة الغرب.
أي عسكرة وأي جيش إسلامي؟
طالما أن صراع الأيديوجيات قد بدأ يقرع أبواب الجيوش، فحرب أهلية قد بدأت تقرع الأبواب. وسنسمع الهوائل عن تحول الجيش من ثكنة رصينة لحماية الداخل إلى ثكنة يتجسد بها انتقام الثمانين عاما، وستنشغل الثكنة بتآكل صفوفها حين تطغى على مهمة حماية الوطن، مهمة أخرى هي أسلمة كل المؤسسات.
خذوا إيران مثالا. ماذا قدمت الثورة الإسلامية منذ 1979 من إنجازات اقتصادية وسياسية وتنموية للشعب غير أسلمة الجيش وتبذير الموارد لسلاح نووي مشكوك بقدرته ووجهته. نتيجته المحتومة استعادة الخارج للمنطقة.
وها هما تونس وليبيا تتحول ثورتاهما إلى تمرد على الحضارة وإنهاء لعقود من النضال النسوي والإنساني.
لا يتدارسون ما أنتجه التاريخ الثوري الديني، فإلهام شاهين سلبتهم عقولهم.
حتى صراعهم مع الفن لم يبدأوه باتهام فنان بل فنانة، لم يجرموا الرجل أولاً لأن لا وعيهم الداخلي مؤمن بأحقية الرجل بما يشاء من الملذات والمحرمات. بدأوا حربهم ضد الثقافة مع المرأة التي تتجسد صورتها في لا وعيهم الداخلي أيضاً بشيطان مثير يعشقونه وينقمون عليه، لذا جاء حكمهم عليها أنها شيطان ملوث ممنوع من ممارسة الحلال قبل الحرام.
يأتي للبرنامج الحواري ومعه مستنده، يطلب بث المشهد لتتسنى له إعادة مشاهدته.
ينتهي الداعية من الاستمتاع بالمجتزئ، فيكشر ويتوعد قائلاً (كافرة).
هؤلاء المحصورون بالزوايا الضيقة، تصوت لهم الشعوب ويستولون على كل المناصب، لأن مراهقاً قال (لنمنحهم الفرصة).
آمل لبلدان الثورات النجاة، وأصلي لئلا يصل لبلدي أي فكر ثوري ديني. مقابل ذلك سأقبل بأي واقع، أقله اننا نحاول الاستيقاظ ولم نبدأ الغفلة للتو.
منقول عن الراينادين البدير – مفكر حر؟
تاريخ وماهية القرآن 1- 3
التاريخ علم له أصوله وقواعده ويخضع للفحص والتمحيص كما تخضع بقية العلوم التطبيقية والنظرية. وكل معلومة تاريخية يجب أن يكون لها سند كتابي أو تصويري أو نحت يُثبت صحتها ويخضع للتحليل العلمي. فنحن عندما نتحدث عن تاريخ الأسر الحاكمة في مصر القديمة لابد أن نستوثق من ذلك التاريخ بالرجوع إلى الكتابات الفرعونية التي عثر عليها الباحثون في مقابر الفراعنة وفي إهرامات مصر العديدة ومكتبات الإسكندرية وغيرها. وكذلك الحال بالنسبة للتاريخ اليوناني القديم والتاريخ الروماني والفارسي وغيره من تاريخ الأمم السابقة.
وإذا لم تثبت الحفريات والمخطوطات كل نواحي حادثة بعينها، يمكن أن نلجأ إلى الاستنتاج من القرائن التي ترتبط بتلك الحادثة، فإذا اتخذنا مثالاً من تاريخ الحرب العالمية الثانية، وفترة الحكم النازي في ألمانيا والدول التي استولت عليها بقوة السلاح، نجد بحوزتنا صوراً فوتوغرافية وأفلاماً وثائقية عن المعتقلات والمحرقة التي قام بها جهاز الجستابو الهتلري بحق اليهود والغجر وغيرهم من الإثنيات الأخرى. ولكن هذه الوثائق لا تثبت لنا أن شخصاً أو أشخاصاً بعينهم قد قادوا اليهود وأدخلوهم إلى غرف المحرقة، رغم أننا نعرف أسماء قواد الجستابو وأسماء بعض المسؤولين الذين أشرفوا على معسكرات الاعتقال. وفي مثل هذه الحالات يمكن أن نلجأ إلى القرائن ونسأل أنفسنا لماذا يهرب طبيب بالجيش النازي بمجرد وصول الحلفاء إلى أطراف برلين؟ فالطبيب جوزيف منغلي Josef Mengele هرب متنكراً إلى الأرجنتين وخضع لعمليات جراحية لتغيير مظهره. وعندما قال بعض الناجين من المحرقة إن بعض الأطباء كانوا يجرون تجارب على المعتقلين بتلك المعسكرات، نستطيع أن نقول بما يشبه التأكيد إن دكتور منغلي قد شارك في تلك التجارب، وإلا لماذا هرب وهو لم يكن محارباً بالجيش بل طبيباً لا يدعوه عمله إلى الهرب. وسوف ألجأ لمثل هذه القرائن عندما اتحدث عن التاريخ الإسلامي.
تاريخ جزيرة العرب في أغلبه غير موثق حتى الآن إلا في اليمن ومنطقة الهلال الخصيب. ففي اليمن لدينا مخطوطات ونقوش حجرية عديدة منذ الألفية الثانية قبل الميلاد تخبرنا عن الدولة المعينية وملوكها وآلهتها ومعابدها، وكذلك عن دولة حضرموت ودولة سبأ وبناء سد مأرب وترميمه بواسطة الحاكم الحبشي أبرهه، وغير ذلك الكثير.
منطقة الحجاز وأواسط الجزيرة العربية لم يعثر الباحثون فيها على أي مخطوطات باللغة العربية للفترة التي سبقت الإسلام، بل عثروا على مقاطع صغيرة تدل على أن اللغة العربية كانت لغة يتحدث بها الناس لكنها كانت تفتقر إلى النقاط وعلامات التنوين وحروف العلة vowels التى تمثل الحروف a, o, e, i في اللغة الإنكليزية، واستعاض عنها أهل العربية بالفتحة، والضمة، والكسرة، والتنوين لاحقاً. وعلامات الترقيم هذه قد أخذها أهل اللغة العربية من اللغة الآرامية أو السريانية بعد ظهور الإسلام. وأقدم مخطوطة عُثر عليها حتى الآن هي مخطوطة “الرقش” أو “الرقشة” ويرجع تاريخها إلى عام 267 ميلادية
المصدر
MSM Saifullahm Mohammad Ghoneim & Shibli Zamam
From Alphonse Mingama To Christoph Luxenberg: Arabic Script & the Alleged Syriac Origins of the Quran
الكتابة على يسار المخطوطة عبارة عن خليط من النبطية والعربية التي ليس بها أي نقاط أو علامات ترقيم. والكتابة العمودية إلى يمينها هي كتابة ثمودية. والكتابة التي على يمين الصورة هي فك تلك الرموز النبطية والعربية إلى اللغة العربية المعاصرة. ويظهر من هذه المخطوطة أن اللغة العربية لم تكن لغة مكتوبة كما هي اليوم.
فإذا كانت هذه هي الكتابة العربية حتى عام 267 ميلادية، أي قبل حوالي ثلاثمائة سنة قبل ظهور القرآن، نستنتج من هذا أن اللغة العربية لم تكن لغة مكتوبة ومقروءة وإنما لغة تخاطب بين الناس في الغالبية العظمى من الوقت. ويذهب بعض علماء اللغات إلى أن العربية المكتوبة في أيام ظهور القرآن كانت كلمات عربية مكتوبة بالحروف الآرامية أو السريانية لأن اللغتين الآرامية والسريانية كانتا لغة الكتابة السائدة في ذلك العصر.
وعليه نستطيع أن نقول إن التاريخ الإسلامي كله تاريخ شفهي لم يُكتب إلا بعد أن تطورت اللغة العربية وأُدخلت عليها النقاط وعلامات الترقيم في نهاية القرن الأول الهجري ومنتصف القرن الثاني. فتاريخ يعتمد على ذاكرة الرواة على مدى مائة عام أو يزيد، تاريخ لا يمكن الوثوق به إطلاقاً. وفي هذه الحالة لا يمكننا إلا الاعتماد على القرائن فقط.
ولكن الإشكال في الإسلام هو أن المسلمين يأخذون كل ما يسمعونه من رجالات الدين مآخذ الجد ويعتبرونه حقيقة لا تقبل الجدل، ناهيك عن التفكير فيما سمعوا أو نقده. وإذا أخذنا مثلاً قصة زواج محمد من خديجة وعدد أطفاله منها، يتضح لنا مدى ركاكة ذلك التاريخ. فكل كتب السيرة وتاريخ البخاري وكتب الأحاديث متفقة على أن محمد تزوج خديجة عندما كان عمره خمس وعشرين سنةً وكان عمرها أربعين سنةً، وكان لها زوجان قبله. وأنجبت له عدداً من الأطفال لم يتفق الرواة على عددهم أو ترتيب ولادتهم. يقول ابن كثير في مختصر السيرة النبوية (قال ابن عباس كان أكبر ولد رسول الله القاسم، ثم زينب، ثم عبد الله، ثم أم كلثوم، ثم فاطمة، ثم رقية) (ص 512). وقال أبو الفرج المعافى بن زكريا الجريري، عن ابن عباس: (ولدت خديجة من النبي ابنه عبد الله ثم ولدت له زينب ثم ولدت له رقية ثم ولدت له القاسم ثم ولدت الطاهر ثم ولدت المطهّر ثم ولدت الطيب ثم ولدت المطيّب ثم ولدت أم كلثوم ثم ولدت فاطمة، وكانت أصغرهم) (نفس المصدر ونفس الصفحة). ففي هذه الرواية ولدت خديجة عشرة أطفال لمحمد. وكلا الروايتين عن ابن عباس، وهذا يبين لنا إما أن ابن عباس كان يعتمد على ذاكرته التي يبدو أنها خانته كثيراً، أو أن الرواة عنه كانوا يكذبون.
ونحن نعرف من علم وظائف الأعضاء
physiology
أن المرأة بعد سن الأربعين يقل عندها إفراز هورمونات الأنوثة ويبدأ عندها ما يُعرف في الطب ب
menopause
ويقول عنه العرب “سن اليأس” الذي يبدأ فيه عدم انتظام الدورة الشهرية، وبالتالي يصبح احتمال الحمل ضعيفاً، وفي الغالبية العظمى من النساء تتوقف الدورة في سن الخامسة والأربعين ويصبح الحمل غير ممكنٍ بعد ذلك. فمن المستحيل علمياً أن تلد امرأة تزوجت في سن الأربعين عشرة أطفال قبل أن تموت وعمرها خمس وستون سنة. ثم أن محمد الذي ولد له من هذه المرأة الأربعينية كل هؤلاء الأطفال، كيف لم تلد له عائشة البكر ولا صفية الشابة التي تزوجها ليلة قتل زوجها، ولا أي زوجة أو محظية من زوجاته العديات ومحظياته الشابات من اليهوديات مثل ريحانه، أي طفل مع أن أغلب زوجاته كان لهن أطفال من أزواجهم قبله؟
القرائن تؤكد لنا هنا أن خديجة لم تلد لمحمد الأطفال الذين نسب المؤرخون الإسلاميون أبوتهم له، وربما كانوا أطفال خديجة من زوجيها السابقين. وإذا اعتمدنا تاريخ الإخباريين هذا فإن فاطمة وهي أصغر أطفال محمد تزوجها علي بن أبي طالب سنة اثنين هجرية وكان عمرها خمس عشرة سنة (العجاب في بيان الأسباب، لابن حجر العسقلاني، ص 77). وخديجة توفيت عام عشرة من بدء الرسالة، أي قبل ثلاث سنوات من الهجرة. فإذاً كان عمر فاطمة عشر سنوات عندما توفيت أمها. وخديجة ماتت وعمرها 65 سنة. إذاً لابد أنها ولدت فاطمة وعمرها يومئذ خمس وخمسون سنة. وهذا في رأيي أمر لا يمكن القبول به من ناحية علمية. ولكن مجرد ذكر هذه الحقيقة يجعل من الكاتب شخصاً مرتداً وشاتماً للرسول، عقابه السيف، كما يقول ابن تيمية في كتابه “الصارم المسلول على شاتم الرسول”
تاريخ الإسلام كله، بما فيه تاريخ نزول وجمع القرآن، تاريخ مزيف كتبه الرواة بعد مرور عشرات السنين بعد ظهور الإسلام، وكان الغرض الرئيسي منه هو تأليه محمد وتمجيد الإسلام عامةً، والقرآن على وجه الخصوص. وسوف استعرض في الحلقة القادمة إستحالة أن يكون القرآن الذي بين أيدينا هو القرآن الذي يقول المسلمون إنه نزل على محمد من عند الله بواسطة جبريل.كامل النجار (مفكر حر)؟
Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا, فكر حر
Leave a comment
القرآن ونساء النبي
بما أن المسلمين يعتبرون القرآن كلاماً نطق به الله عن طريق جبريل، وهو دستورهم الذي يقول عنه القرآنيون إنه يجمع بين دفتيه كل تعاليم الإسلام ولا يحتاج إلى أي أحاديث نبوية تشرح معانيه، فيجب علينا قراءة هذا القرآن قراءة نقدية تبين التناقضات العديدة به، والتي لا يمكن أن تكون قد أتت من إله في السماء يعلم السر وأخفى. وليس هناك من شك في أن محمد استغل موقعه من الدعوة الجديدة لإشباع رغباته الجنسية التي لم يتمكن من إشباعها مع خديجة التي كانت تكبره بخمسة عشر عاماً، وكان زواجه منها زواجاً مسيحياً قام بالإشراف عليه القس ورقة بن نوفل، ابن عمها، ومعلّم محمد الأول، الذي توقف الوحي لمدة ستة أشهر بعد موته. وذلك الزواج المسيحي لم يسمح لمحمد بالطلاق ولا بتعدد الزوجات. هذا الوضع خلق لمحمد عقدة نفسية عميقة جعلته يتصرف مع النساء بعد موت خديجة، تصرف الصائم الذي سمع مدفع الإفطار. ونتج عن هذا التصرف خلل كبير في بنية القرآن عندما تحدث عن النساء عامةً، وعن نساء النبي خاصةً. وسوف أتعرض هنا لتناقضات القرآن ومؤلفه، سواء أكان يجلس في السماء السابعة أو في بيت من الطين في يثريب. قد عرفنا من كتب التراث الإسلامي أن محمداً عاش بمكة بعد بدء رسالته ثلاث عشرة سنة، وعاش بالمدينة عشر سنوات. تزوج محمد خديجة بمكة وعاشت معه خمساً وعشرين سنة، عشر منها بعد بدء الرسالة، إلى أن توفيت في العام العاشر منها. في الثلاث عشرة سنة التي عاشها بمكة بعد بدء الرسالة، كشف محمد لأتباعه ستاً وثمانين سورة من القرآن قال إنها نزلت إليه من السماء. في كل السور المكية الست والثمانين لم يذكر القرآن أي شيء عن حياة محمد الخاصة أو عن زوجته خديجة أو عن العلاقات الجنسية المباحة لمحمد، كأنما خديجة التي كانت تعوله مادياً وكانت أول من شجعه على اعتبار نفسه رسولاً من الله، وأول من آمن بدعوته الجديدة، لا تسوى آية واحدة من رب السماء، بينما ذكر رب السماء زيد بن محمد الذي تنكر محمد لأبوته بسبب زينب، بالاسم، فقال (ولما قضى زيد منها وطراً). وتحدث مؤلف القرآن عن أبي لهب و أبي جهل، والوليد بن المغيرة، عندما كان محمد بمكة، وبعد أن هاجر إلى المدينة وتزوج رهطاً من النساء، كرّس القرآن عدة آيات لعائشة وحادثة الإفك، ولمناكفات حفصة وعائشة مع محمد، ولتآمر كل أزواجه ضده. أما كان الأولى بمؤلف القرآن أن يذكر المرأة التي لولاها لما أُتيح لمحمد أن يتفرغ للرسالة الجديدة؟ وبعد موت خديجة تزوج محمد سودة بنت زمعة، ثم الطفلة عائشة ذات السنوات الست وهو بمكة. ولكن القرآن صمت صمتاً كاملاً عن هذه الزيجات، ولم يذكر إن كان مسموحاً لرسول الله أن يتزوج امرأةً واحدة أم عشرين امرأة. وبعد أن هاجر محمد إلى المدينة وقويت شوكته بالأنصار، واكتسب مالاً وفيراً من أموال الخُمس التي تدفقت عليه بعد نجاح الغزوات، بدأت تظهر الآيات التي تتحدث عن نساء محمد. أول سورة جاءت بالمدينة كانت سورة البقرة التي فتحت باب الغزوات لمحمد فاشتغل بالحرب واقتناء السبايا. ثم جاءت سورة الأنفال بعد موقعة بدر لتؤكد للمسلمين أن كل الأنفال لله ولرسوله، وطبعاً لم يكن لهف ممثل في الأرض يستلم نصيبه من الأنفال غير محمد نفسه. ثم أتت سورة آل عمران ولم تذكر شيئاً عن نساء محمد. وكان محمد في ذلك الوقت قد دخل في النصف الثاني من عقده السادس وكثرت نساؤه وما ملكت يمينة، وهو كان رجلاً بشراً عادياً مثلنا، كما يقول لنا القرآن (قل إنما أنا بشرٌ مثلكم يُوحى إليّ) (الكهف 110). ونحن نعرف أن الرجل البشر إذا بلغ الخمسين وما فوقها تتدنى مقدرته البدنية والجنسية بمقدارٍ كبير عما كانت عليه في عز الشباب، وقد يصعب عليه إشباع رغبات زوجة واحدة ناهيك عن تسعة زوجات وما ملكت يمينه. وهنا أتى محمد بسورة الأحزاب، التي رغم اسمها لم يذكر بها الأحزاب إلا في خمس آيات فقط، بينما تحدثت السورة عن علاقات محمد الجنسية وزوجاته في أكثر من عشرين آية. وسورة الأحزاب هي رابع سورة أتت بالمدنية، والسورة رقم 90 حسب ترتيب “النزول”. فبعد أن أنزل الله تسع وثمانين سورة لم يذكر فيها نساء رسوله، خطر له أخيراً أن يُنظّم البيت النبوي بالمدينة، وكان محمد وقتها قد تزوج سودة بنت زمعة، وعائشة، وحفصة بنت عمر، وأم سلمة، وأم حبيبة. فخاطبهن القرآن، وكانت أول مرة يخاطب فيها القرآن المرأة، فقال: (يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفا) (الأحزاب 32). فالقرآن هنا وضع الشروط والقيود على نساء النبي اللاتي كن يختلطن بالرجال عندما يزورون بيوت محمد، وقد رأى محمد شباباً أقوياء يزورون بيوته، وكبشر مصلنا، لابد أنه شعر بشيء من الريبة. فجاء بهذه الآية ليقول لزوجاته من أجل أن يكن أفضل من بقية النساء عليهن أن يتقين الله وأن يتحدثن بطريقة لا توحي للرجال بأي مضمون جنسي حتى لا يطمع الذي في قلبه مرض، وما أكثر القلوب المريضة في الأعراب الذين زامنوا محمد. ثم جاءت الزلزلة الكبرى عندما رأى محمد بنت عمته زينب بنت جحش، وهي شبه عارية، وتمتم وقتها “سبحان الله مقلب القلوب”. فسمع الله هذه التمتمة وأوعز إلى زيد بن محمد بالتبني أن يطلق زينب حتى يتزوجها محمد. ولكن لتطييب خاطر زيد، قال له محمد “اتق الله وأمسك إليك زوجك” ولم يكن جاداً فيما قاله. وطبعاً حدث هذا الكلام في خلوة بين محمد وابنه زيد، ولكن رب محمد يعلم الأسرار ( يعلم السر وأخفى) (طه 7)، فأنزل آية في نفس سورة الأحزاب، تقول لمحمد (وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمتَ عليه امسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيدٌ منها وطراً زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرجٌ في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطراً) (الأحزاب 37). ولأن محمداً كان يستحي من أصحابه، والله لا يستحي من الحق، قرر الله أن يبدي للعيان ما كان محمد قد خبأه في صدره، وهو رغبته في زواج زينب. يخبرنا الإسلاميون أن الله قرر أن يكشف ما في صدر محمد ليثبت للمؤمنين أنه لا حرج عليهم في زواج نساء أولادهم بالتبني إذا طلقوهن. وطبعاً لم يكن كافياً أن يخبر الله المؤمنين بذلك الحق المكتسب بآية في القرآن فقط، فلا بد لمثل هذه الخطوة الجبارة أن يبينها الله بالفعل وليس بالقول فقط ،لأنه كان يخاطب أمةً من الأميين. فزوج الله زينب لمحمد بلا مأذون ولا شهود، لأن رب محمد كان هو المأذون والشهود، ومن أحسن من الله شهادةً؟ وجاء محمد إلى بيت زينب وطبّق القول بالعمل ودخل بها بلا مقدمات (ونِعمَ أجر العاملين) (العنكبوت 58). ولأن بعض الأعراب الذين في قلوبهم مرض لاموا محمد على زواج طليقة ابنه بالتبني، كان الرد الفاحم من رب محمد أن يقول (ما كان محمد أبا أحدٍ من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين) (الأحزاب 40). وبجملة واحدة حرّم الله التبني الذي مارسته البشرية على مدى آلاف السنين، وما زالت الأمم المتقدمة تمارسه على نطاق واسع من أجل رعاية الأيتام واللقطاء. ولزيادة التبرير لذلك الزواج السماوي أنزل رب محمد (ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له سنة الله في الذين خلوا من قبل وكان أمر الله قدراً مقدورا) (الأحزاب 38). فزواج محمد من زينب هو فرض فرضه الله عليه لحكمة يعلمها هو. ويبدو أن محمداً لم يكن له مفر من هذه الزيجة لأنها سنة الله في الذين سبقوا. ومع أن القرآن يقول لنا هذه سنة الله في الذين من قبلنا، لم يعطنا الله مثلاً على نبي أو رسول آخر كان قد تزوج طليقة ابنه بالتبني، وعلينا أن نعتمد على شيوخ الإسلام ليأتوا لنا بالأمثال من سنة الله هذه. ويظهر الكرم الإلهي الفائض لمحمد في نفس السورة عندما قال له (يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي أتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك وامرأةً مؤمنةً إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصةً لك من دون المؤمنين قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم لكيلا يكون عليك حرجٌ وكان الله غفوراً رحيما) (الأحزاب 50). أولاً لغة القرآن هنا تجعل من الزوجة مومساً يعطيها الرجل أجرها مقدما ليمارس معها الجنس متى شاء (أزواجك اللاتي أتيت أجورهن) وكان من المستحسن أن يقول (مهورهن) أو (صداقهن) حتى لا يصبح الزواج خدمة يقابلها أجر. ثم بعد أن أحل الله لمحمد جميع أزواجه اللاتي دفع مهورهن، وجميع ما ملكت يمينه مما أفاء الله عليه من الغزوات، أحلّ له كذلك بنات أعمامه وبنات عماته وبنات أخواله وبنات خالاته اللاتي هاجرن معه. والمقصود من هذه الآية هو التوكيد على صحة زواجه من زينب بنت جحش لأن أعمام محمد االتسعة لم يومن منهم إلا حمزة قبل نزول هذه الآية، والعباس آمن بعد فتح مكة، أما الآخرون فماتوا على كفرهم. وبالطبع فإن الأعمام الذين لم يؤمنوا لم يكن من المحتمل أن يزوجوا بناتهم لمحمد. وأما بنات عماته فلم تهاجر معه إلا زينب لأن عماته لم يسلم منهن غير اثنتين فقط، ولم تذكر لنا كتب التاريخ الإسلامي هجرة عمته الأخرى التي أسلمت أو هجرة بناتها إن كان لها بنات. فكل الآية كان المقصود بها زينب بنت جحش، رغم أنه لم يذكرها بالاسم. ثم يزيد الكرم الإلهي فيحل الله لمحمد أي امرأة وهبت نفسها له بشرط أن تكون قد وقعت موقعاً حسناً في نفس رسول الله، لأن الله لا يمكن أن يطلب منه أن يتزوج امرأة قبيحة أو كبيرة في السن لا يمكن أن يشتهيها محمد، لذلك قال (إن أراد النبي أن يستنكحها). وكلمة “يستنكحها” هنا كلمة غريبة لأن الفعل على صيغة يستفعل تعني أن شخصاً ما فعل شيئاً إنابةً عن شخص آخر، كأن يقول الأب للعريس “لقد استنكحتك ابنتي”، وعندما يقول (إن أراد النبي أن يستنكحها) نفهم منها أن النبي أنكحها لرجل آخر، ولكن القرآن يقصد هنا أن النبي نفسه أراد أن ينكحها. وقد أفاض الله في توضيح النساء اللاتي أحلهن له حتى لا يكون في نفس محمد أي حرج. ولكن يبدو أن محمد لم يكتف بالنساء اللاتي وهبن أنفسهن له، فكان يطلب من أي امرأة جميلة يراها أن تهب نفسها له، كما فعل مع أميمة بنت النعمان عندما قال لها: هبي نفسك لي، فقالت له: وهل تهب الملكة نفسها للسوقة. وجملة (قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم) جملة اعتراضية لا معنى لدخولها في الآية لأن الحديث كله عن النساء اللاتي أحلهن الله لمحمد وليس للرجال الآخرين. ثم يضيف القرآن في الآية اللاحقة من نفس السورة (تُرجي من تشاء منهن وتؤي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جُناح عليك ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزنّ ويرضين بما أتيتهن كلهن والله يعلم مافي قلوبكم وكان الله عليماً حليما) (الأحزاب 51). لا مثيل لهذا الكرم الإلهي الذي سمح لمحمد أن يأوي إليه من يريد من النساء اللاتي يهبن أنفسهن له، وأن يؤخر قراره بالنسبة للأخريات فلربما ملّ من بعض من اللاتي آواهن، فيختار من اللاتي في الانتظار. ويبدو أنّ كل هذا الكرم ليس المقصود به محمد وإنما هو هبة من الله لأولئك النساء حتى تقر أعينهن بمضاجعة محمد ولا يحزنّ ويرضين بما أتاهن محمد. منتهى الحلم على أولئك النساء البائسات. وهذا نوع من إكرام الإسلام للمرأة. وبعد كل هذا الكرم أراد رب محمد أن يكون عادلاً في حق النساء، فقال لمحمد (لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن أزواجاً ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك وكان الله على كل شيء رقيباً) (الأحزاب 52). وهنا يحذر الله رسوله أنه لا يحل له أي نساء بعد هذا العدد الهائل من الحريم، ولا يجوز لمحمد أن يبدل هؤلاء الأزواج اللاتي حددهن الله في آياته بأزواج أخريات حتى وإن أعجبه حسنهن. فالله يعلم أن (العين لا يملاها إلا التراب) كما يقول المثل العامي. وطبعاً بعد أن أباح الله كل هؤلاء النسوة لمحمد وهو في منتصف الخمسينات من عمره، ولأن محمد كان يعرف أنه لن يستطيع إشباع رغبة كل هؤلاء النساء، التجأ إلى ربه الذي أنزل تحذيراً للرجال الآخرين (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناءه ولكن إذا دُعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحي منكم والله لا يستحي من الحق وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبداً إن ذلكم كان عند الله عظيما) (الأحزاب 54). وبما أن المثل العامي يقول (أبعد البيضة من الحجر والأنثى من الذكر) فإن محمداً أراد أن يمنع الرجال الآخرين من دخول بيوته حتى لا تتاح لهم فرصة مناجاة نساء النبي، لأنه كان يعرف أن أكثرهم في قلبه مرض، وقد حذره الله عندما أمر نساء النبي أن لا يخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض. ومن باب الاحتياط منعهم من الجلوس ببيوت النبي في انتظار أن يكتمل طهي الطعام لأن الطعام تطهوه النساء، والجلوس في الانتظار يخلق فرصة للكلام مع النساء. وحتى يكتمل الحجر على نساء النبي منع الله المؤمنين من أن يتزوجوا نساء النبي بعد موته أو الاختلاط بهن. ويبدو أن محمداً لم يكن يعلم أن الحميراء التي كان عمرها ثمان عشرة سنة عندما توفي محمد، سوف تأتي بحديث يبيح رضاع الرجل الكبير حتى يتمكن من الدخول عليها وعلى غيرها. وبالطبع إذا منع الله المؤمنين من دخول بيوت النبي، فلن يستطيع منع نساء النبي من الخروج لقضاء حاجتهن، فاحتاط لذلك وقال (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يُعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً) (الأحزاب 59). فمن أجل حماية نساء النبي أصبح الحجاب أو إدناء الجلابيب فرضاً على كل نساء المؤمنين. والسبب الذي قدمه القرآن سبب واهي جداً، لأنه يقول إن الغرض من ذلك هو أن يعرف الرجال أن المرأة التي تدني جلابيبها هي امرأة مسلمة فلا يتعرضون لها. وبالطبع يمكن لأي امرأة مسلمة أو مشركة أن تدني جلابيبها عندما تخرج فلا يعاكسها الرجال الذين كان يجب على محمد أن يعاقبهم بدل أن يُحجّب النساء، لكنه اختار أن يضع العربة أمام الحصان. وحتى يطمئن محمد أكثر على نسائه، قال لهن القرآن (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (الأحزاب 33). من السهل علينا أن نفهم أن يأمرهن رب محمد بالقرار في بيوتهن حتى لا تُتاح لهن فرصة اللقاء برجال آخرين، أما أن يأمرهن بإيتاء الزكاة فأمر يصعب فهمه إذ لم تكن أي منهن تعمل عملاً يدر عليها دخلاً، ولم تكن أي منهن من الأغنياء، بل قد بلغ بهن البؤس أن طلبنا من النبي أن يزيد مصروفهن، فغضب محمد وجاء بآية تقول لهن (يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحاً جميلاً) (الأحزاب 28). فكيف يأمر رب محمد هؤلاء النساء الفقيرات بإيتاء الزكاة التي تُخرج من المال الفائض بعد أن يحول عليه الحول ولا يصرفه صاحبه؟ أمرٌ لم يتطرق له الفقهاء. ومع أن نساء النبي هن أمهات المؤمنين وقدوتهم الحسنة، فإن رب محمد لم يكن متأكداً من حسن سيرتهن، فقال لهن (يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشةٍ مبينةٍ يُضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيرا) (الأحزاب 31). والمعروف أن الفاحشة المبينة هي الزنا، وعقاب الزنا هو الرجم للمتزوجة، وإدخالها النار يوم القيامة. فكيف يضاعف لها العذاب. فعذاب الرجم لا يمكن أن يُضاعف، وعذاب جهنم لا يُعقل أن يضاعف لأن النار هي النار التي تشوي الجلود والتي يبدلهم الله بجلود غيرها. فلا يمكن أن نتخيل كيف يُضاعف هذا العذاب. ثم أن الآية تنم عن عدم الثقة في سلوك أمهات المؤمنين. ثم جاءت حادثة الإفك عندما اختلت عائشة بصفوان بن المعطل، فجاءت سورة النور، والتي هي رقم 24 في المصحف ولكنها رقم 102 في ترتيب النزول، مليئة بالآيات التي تحاول تبرئة عائشة ومنع المؤمنين عن ترديد قصة عائشة وصفوان، وبدأت من الآية 11 (إن الذين جاءوا بالإفك عصبةٌ منكم لا تحسبوه شراً بل هو خيرٌ لكم لكل امريء منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم) (النور 11). والذي تولى كبره هو حسان بن ثابت، الذي جلده محمد، ثم أصبح شاعره المفضل، ولكن الإخباريين حاولوا تبرئة حسان فزعموا أن الذي تولى كبره كان عبد الله بن أبي بن سلول. وتستمر الآيات من 11 إلى 20 في تفنيد حادثة الإفك. ثم يختمها بالآية 23 التي تقول (إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لُعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم). وطبعاً فإن كل نساء النبي كن محصنات غافلات مؤمنات، فويل لحسان بن ثابت من جهنم. ولما ضاجع محمد مارية القبطية في غرفة حفصة وانكشف أمره، طلب من حفصة أن تستره ولا تخبر أحداً، وفي المقابل أقسم أن يُحرّم عليه مارية ولا يقربها بعد ذلك. ولكن رب محمد أشفق عليه وأتى بسورة التحريم، وهي السورة رقم 107 حسب ترتيب النزول، وسماها التحريم لأن محمداً قد حرّم على نفسه إحدى ملكات يمينه، فقال له ربه معاتباً (يا أيها النبي لِمَ تُحرّم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم) (التحريم 1). والغريب أن الأنبياء الآخرين لما حرّموا على أنفسهم أشياء معينه لم يعاتبهم الله وأقر ما حرموه، فمثلاً عندما حرَم يعقوب على نفسه بعض الطعام، قال القرآن (كل الطعام كان حِلاً لبني إسرائيل إلا ما حرّم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة) (آل عمران 93). فلم نسمع إله القرآن يعاتب يعقوب أو يسأله لماذا حرّم على نفسه ذلك الطعام الذي أحله الله له ولبني إسرائيل ثم تستمر سورة التحريم، (وإذ أسرّ النبي إلى بعض أزواجه حديثاً فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت مَنْ أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير) (التحريم 3). ومن الواضح أن إله السماء (إن وجد) لا يمكن أن يقول هذه الكلمات لأن محمد أخبر حفصة بتحريم مارية، وحفصة أخبرت عائشة، ولما ذكرت عائشة الحديث إلى محمد، عرف أن حفصة قد أعلمتها. فهل تحتاج هذه القصة إلى أن يخبر العليم الخبير محمداً بما حدث؟ وإذا كان العليم الخبير قد أخبره بما قالت حفصة لعائشة، لماذا عرف بعض الحديث وأعرض عن بعض؟ ألم يخبره ربه بكل الحديث، أم لم يصدق بعض ما أخبره به ربه؟ وعندما انتشرت القصة بين نساء محمد، غضب محمد وهجرهن شهراً كاملاً، ثم جاء بالآية التي تقول لنسائه (عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجاً خيراً منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيباتِ وأبكارا) (التحريم 5). وربما نسي صاحب القرآن أنه كان قد قال لنفس نساء النبي (يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن) (الأحزاب 32). فمن أين يأتي بنساء خيراً منهن؟ هل أراد أن يوحي لنا أن نساء النبي لم يكن يتقين الله؟ لأنهن لو أتقين الله فلن يكون هناك نساء مثلهن، دع عنك خيراً منهن. فكل الصفات التي ذكرها في الآية تنطبق على زوجات محمد. فهن مسلمات ومؤمنات، وقانتات وتائبات وثيبات وأبكارا. أما سائحات فليس هناك من يعرف المقصود بها. وأظن أن المقصود كان “ساجدات” ولكن لأن الكلمات لم تكن منقطة، ولأن الخط كان بدائياً، أعتقد من نسخ الآية لاحقاً أنها “سائحات” فأدخل المفسرين في “حيص بيص”. ولا نفهم كيف يقول رب محمد لنساء النبي (عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجاً خيراً منكن)؟ ألم يقل له في سورة سابقة (لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن أزواجاً ولو أعجبك حسنهن) (الأحزاب 52). فكيف يبدله أزواجاً خيراً منهن؟ وهذا سهو بشري لا يمكن أن يأتي من إله في السماء، وهو لا شك نتيجة الاعتماد على الذاكرة دون الكتابة وإذا كان القرآن قد نزل من عند إله السماء لجميع أهل الأرض، كما يزعمون، ومهمة الكتب المقدسة هي هداية الناس ليعبدوا رب السماء، فما هو المبرر لأن ينزل رب السماء أكثر من ست عشرة آية في سورة الأحزاب، وأكثر من عشر آيات في سورة النور، وأربع آيات في سورة التحريم عن نساء محمد؟ هل إشباع الرغبات الجنسية المحمدية يقود إلى الإيمان برب السماء؟ ألم يكن من الأفضل أن ينزل آيات عن الأفيال من أجل إقناع الهنود، وآيات عن الكانجاروا kangaroo من أجل إقناع سكان أستراليا من الأبروجنيس، وربما آيات عن بيوت الجليد the igloo لإقناع الأسكمو، مثلما أتى بآيات عن البغال والحمير وبيوت الوبر لإقناع البدو؟ أعتقد أن كل هذه الآيات عن نساء محمد تثبت أن القرآن صناعة بشرية بحتة. ولأنه صناعة بشرية نجده قد بخس المرأة حقها، وهو يقول لنا (لا تبخسوا الناس أشياءهم). فلو كان محمد في عز الشباب عندما هاجر إلى يثرب، وكان له زوجة واحدة فقط، لما عامل الإسلام المرأة معاملة الخادمة أو المومس التي يجامعها زوجها بأجر. وكنتيجة حتمية لغيرة محمد على نسائه العديدات اللاتي لم يكن من الممكن له إشباعهن جنسياً في ذلك العمر، فرض قيوداً شلت حركة المرأة وعطلت نصف المجتمع وأدت إلى تخلف المسلمين الذي نراه بايناً لنا ولغيرنا. وحتى يغطي محمد على الشك في إشباع نسائه جاء بأحاديث مثل “أُتيت في الجماع قوة أربعين”. ويالها من أمنية يستحيل تطبيقها حتى في عصر الفياجرا.كامل النجار (مفكر حر)؟
Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا, فكر حر
Leave a comment
The Islamic Dilemma – 06 – The Status of Women in Islam – Ep1
The Dilemma of Equality) A general discussion on the status of women as taught primarily by the Quran, along with Hadith, with emphasis on their impact on Sharia Law. Our guest Bill Warner provides a very interesting statistical analysis of the status of women in both the Quran and Hadith, with a focus is on wife beating.
Posted in English, يوتيوب
Leave a comment
شعر الرقباء
لا يهدر وقت الرقباء
لا يتعب قلب الخلفاء
لا تخشى من أن تنشره
كل وكالات الأنباء
ويكون بلا أدنى خوف
في حوزة كل القراء
هيأت لذلك أقلامي
ووضعت الأوراق أمامي
وحشدت جميع الآراء
ثم.. بكل رباطة جأش
أودعت الصفحة إمضائي
وتركت الصفحة بيضاء!
راجعت النص بإمعان
فبدت لي عدة أخطاء
قمت بحك بياض الصفحة..
واستغنيت عن الإمضاء!أحمد مطر (مفكر حر )؟
Posted in الأدب والفن, ربيع سوريا
Leave a comment
قصة و حكمة من زياد الصوفي.. 86
من عادات شباب اللادقية اللي ما ممكن تحت أي ظرف من الظروف تتغير، هية قعدة القهوة..
ليش مستغربين؟؟؟
لازم نشرب كاسة الشاي الصبح عند الطابوشة، و سيغارة اللي بعد زفر الغدا مع كاسة القهوة ما بتطيب إلا بقهاوي الكورنيش الجنوبي، و دء الورق بالليل مع نفس المعسل ما بيحلى إلا بقهوة المنتدى و العصافيري و شناتا ..
كل يوم بالليل مننزل عالقهوة لنلعب دء شدة مع الشباب، بشوفو لميشيل نازل مع رفيقو و قاعدين على نفس طاولتهون عم يلعبو طاولة زهر..
مر أسبوع و ميشيل مختفي…
كل شباب القهوة انشغل بالهون عليه.. وينو ميشيل، و لك وين مختفي ميشيل، شو صاير مع ميشيل… و ما حدا عندو جواب…
تاني نهار الصبح قررت روح أسأل عنو و شو صاير معو…
أبو ميشيل صايغ دهب من عمر سوق الدهب باللادقية…الكل بيحلوف بنزاهتو و بأمانتو و بصياغتو اللي ما قدر لوقت طويل حدا ينافسو عليها…
بوصل لعند أبو الميش عالمحل… بحس أنو الجو مكهرب عالأخير… و أبو الميش مو على عوايدو عم يوزع ابتسامتو للرايح و للجاية، و عالعوافي أبو الميش…الله يعافيك يا خي اتفضل …
خير و لك ميشيل انشغل بالنا عليك، وين غاطط هالكم يوم؟؟
بيغمزني أنو ما احكي قدام أبوه و بيمسكني من أيدي و بيطالعني برا المحل..
اسكوت و لك زياد، ليش ما سمعت شو صار فينا؟؟؟
لا والله يا ميشيل أشغلتلي بالي،خير شو صاير؟؟؟
يا سيدي القصة هيك:
بتجي زبونة من زباين المحل لعند أبوي الصبح، زوجة ضابط من بيت الضرف… و متل عادتها، بتاخود الدهب اللي بدها ياه و بتقلو لابوي: اليوم بيمر عليك زوجي ليحاسبك…
الا يومها يا أبو الزوز…
أخدت الصبح دهب بقيمة 600 ألف ليرة، و على عادتها: يا أبو موشيل اليوم زوجي بيمر لعندك و بيحاسبك…
خلص النهار ما إجا زوجها… قلنا بيجوز مناوب و ما عندو وقت يمر يحاسبنا..
بيمر تاني نهار ما بيجي يحاسبنا، قلنا بيجوز العساكر المفيشين عندو ما حاسبوه هالشهر…
بيمر تالت نهار ما بيحاسبنا، منقول بركي مشغول الله يعطيه العافية..
أسبوع يا أبو الزوز، و نحنا عم نعطيه مبررات و أعذار…
طق عقلو أبويي و قرر يحكي مع المدام…
شو يا أبو موشيل مفكرنا بدنا نهرب بدهباتك؟؟؟ طول بالك كم يوم على زوجي، مشغول كتير و بيبقى بيمر لعندك…
نظر أبويي أسبوع تاني و قرر يحكي مع الضابط نفسو: يا سيادة العميد بعرف انكون مشغولين بهموم المواطن و الدفاع عن أراضيه بس يعني إذا ما بيزعجك، أنا ببعت ابني ميشيل لعندك منشان ما عطلك و آخدلك وقتك …
يا أبو الزوز يا أبو الزوز…
علي الحلال كأنك سبيت شرفو العسكري من كتر الجنون اللي جنو عالتلفون و قلو لابويي: إسماع يا أبو موشيل، الك حساب عندي و ما رح أعطيك ياه و روح خريها…
انت بتعرف يا زياد… أنو أبويي يروح يخريها، ما رح يطلع معو شي… فقرر أغبى شغلة ممكن تتصورها بحياتك…
شو عمل أبوك ولك ميشيل؟؟؟
إسماع عندك و سجل…
بيحمل حالو أبويي من كل عقلو و بيروح لعند المحامي فواز الأسد…
يا استاذ فواز: ما إلي غيرك، و ماشالله عليك سمعتك بالقانون سابقتك، هيدي قصتي كلها عندك و انا رح وكلك بهالقضية…
و على شو مخضوض و لك بو موشيل؟؟؟ اليوم بالليل بيكونو هالمصرات عندك، و لك لا تاكل هم…
بالفعل يا أبو الزوز و بنفس الليلة جاية سيادة العميد مكسور خاطرو و جايب معو ال 600 ألف ليرة ، ما تواخزنا يا أبو موشيل بس ما كان بدها هالقد لتوصلها للأستاذ فواز…
أبوي يا أبو الزوز بيطير عقلو، و المسيح مو منشان المصاري بس النصب و لو بليرة وحدة صعب…
طيب ولك ميشيل منيح رجعولكون المصاري كلياتهون و الحمدالله عالسلامة…
ضحك ميشيل و قلي: لعمى طوال عمرك بصلتك محروءة، اتركني كفيلك هالقصة…
يا معلم.. ببيحمول حالو أبوي و بيروح لعند أبو جميل تاني يوم الصبح لحتى يتشكرو على أسرع قضية بتنحل بالعالم…
الله يعطيك العافية يا أبو جميل، فضلت علينا…
ولك له له يا بو موشيل، واجبنا ولو… ما تنسى سوريا دولة قانون و مجسمات( طبعا بيقصد مؤسسات هون)…
على راسي يا أبو جميل، الله يحميكون و يحمي هالدولة و اتضلو على راسنا من فوق…
ولك خلص ولك بو موشيل و الله خجلتني حيجة بقا …
بس منشان الاتعاب أبو جميل، و المسيح ما بطلع من هون إذا ما دافعها، الله يعطيك العافيه اتغلبت لحتى رديتلي حقي…
ولك بس بقا يا بو موشيل ما بيناتنا… قلي اشقد كان المبلغ؟؟؟
كل المبلغ معاليك كان 600 ألف ليرة، الحمدالله رجعولي كلهون ما ناقصين و لا فرنك…
و الله يا بو موشيل خجلتني هاكا، و أبقا بعرف شو بدي اطلب منك… و لك يللا روح جبلي 800 ألف أتعابي و رجاع لعندي…
و هيك يا أبو الزوز، صار بدي وفر تمن 5 مليون اركيلة و 3 مليون كاسة شاي خميرة و 6 مليون تعليقة لحتى انعوض أتعاب الأستاذ فواز…
لهالشي ما عم تشوفني بالقهوة…
الحكمة:
شعارنا..
للغني و الفقير… للمحتاج و ابن السبيل..
الك دينة مع حدا..
ما الك إلا أبو جميل لخدمات التحصيل..زياد الصوفي – مفكر حر؟
Posted in الأدب والفن, ربيع سوريا
Leave a comment