مغامرة قهر التابوه الأول : ـ

adam-and-eveمغامرة قهر التابوه الأول : ـ

” فلة العنابية ” الوردة الزابلة في رائعة حيدر حيدر ( نشيد الموت ) ، والمناضلة البائسة اليائسة من بقايا حطام جيش التحرير الجزائري ، والتي حدثنا عنها مبدعها بأنها سقطت سهوا على شواطئ بونة حيث نسيها الله بعد أن إختار لها زاوية ضيقة من زوايا الحجيم قائلا لها : إمكثي هناك ملعونة إلى أبد الابدين . فترد بصرخة شيطانية : في مؤخرتي الحياة الآخرة ، وأنهارك العسلية ، وينابيع الكوثر ، هذه حياتي الأولى والأخيرة ، وما تبقى خذه ، سامحتك فيه ، إعطه لعبادك الصالحين !

من ضمن المسروقات الأسطورية البابلية التي سطا عليها كتبة التواراة ومحرريها وإنتحلتها منهم بعد ذلك بقية الأديان تزيد فيها وتنتقص منها كيفما إتفق لها ، كانت تلك الأسطورة التي تضمنت تحميل ( حواء ) إثم الخطيئة الأولى ، خطيئة الإغواء الذي تسبب في خروج البشرية من مرعاها الخصيب إلى دنيا العمل والكد والشقاء والبؤس.
وعلى إفتراض صحة القصة فإنني لا أرى من إثم إرتكبته حواء عندما أغوت ادم ووسوست له بالأكل من الشجرة التي حرمها عليهما الله دون سبب عقلاني أو موضوعي ، بل العكس تماما يمكن أن نسم سلوك حواء هذا بأنه أول فعل ثوري صارخ و رافض و نافر و صائح متجاوز للخطوط الحمراء غير مكترث أو عابئ بالتابوه ( الأفعال المحرمة دون مبرر أخلاقي أو عقلاني ) .
إن نتائج هذا السلوك الثوري الذي أوعزت به حواء لادم حسب الأسطورة المعروفة تجلت في أعظم لوحة وملحمة كونية سطرها الإنسان ، إنها تفاصيل ما بعد تلك الرحلة المثيرة والشيقة التي قطعنا فيها المسافة بين السماء والأرض ، تفاصيل ما بعد الهبوط الأسطوري على أرضنا الجميلة والمرعبة ، لندشن الملحمة التي عشنا ولا نزال نعيش تفاصيلها ،
فمحصلة ذلك التمرد كانت تلك الحياة الحياة التي نحياها ، بسعادتها ومتعها ولذاتها ، وبأشجانها والآمها ومخاضاتها العسيرة ومغامراتها المرعبة وأحزانها التي تستفز أقلام الرواة ، وتُلهم مخيلة الشعراء ، وتُخضِّب ريش الرسامين ، وتولد الإنسجام في أوتار قيثارات الموسيقيين.
تلك الحياة التي منحتها لنا حواء باغواءاتها الشيطانية لادم تضاهي بإثارتها وتشويقها ، بخبراتنا فيها وتأملاتنا بها ، بمغامرات عقولنا فيها وكد ابداننا عليها ، أقول تضاهي تلك المتعة بالجنة التي غرّنا بها الأنبياء والمرسلين عندما اخبرونا أننا سنعود إليها بعد أن فارقناها بسبب حواء لو سمعنا و أطعنا ، تلك الحياة الرتيبة المملة ، حياة الدعة والسكون والخمول ، حيث البشر فيها وهم على أرائك العز متكئين أشبه بالحيوانات المدللة بمنازل الاوربيين الأثرياء ، يأكلون ويشربون ويضاجعون ، وبالمقابل خضوع تام للسيد ولتابوهاته وتقديم طقوس الطاعة له كطقس هز الذيل المعادل الموضوعي للطقس الذي يقدمه الركع السجود من محملي خطئية الخروج لحواء.
بإختصار إن تلك الرحلة الهابطة من السماء إلى الأرض تجلت فيها أسمى معاني التحرر من البهيمية التي كان يحيا بها البشركما ورد بالأسطورة ، حيث على النقيض تماما لم تكن حواء رمزا للفتنة والشهوة ولكن كانت رمزا للشقاء وأيقونة لمفارقة الركوض خلف الشهوات في الجنة .
إن حياتنا في السماء والتي فارقناها بسبب حواء حياة على نعيمها الذي أراه مملا باردا ، إلا أنها أسوء بما لا يقارن بحياتنا على سلبياتها العديدة ، فلولا ثورة حواء في وجه التابوه الأول لما نعمنا بهذا الكم الهائل من المنجزات الإنسانية التي كانت محصلة لصراع طويل خاضه الإنسان ضد هذا الكون القاسي الذي لم يُسخّر لنا بقدر ما نجحنا نحن في تسخير جزء منه ـ على ضئالته ـ إلا أنه أضفى على حياتنا ألوانا جمالية ولدتها رغبتنا التي ورثناها من حواء في التمرد وقهر التابوت وكسر القيد والشغف بإختراق الخطوط الحمراء الذي يؤججه ذلك الفضول المشتعل دائما بدواخلنا لمعرفة ما هو ممنوع معرفته علينا .
المضحك في الأمر هو النهاية الدارامية التي إنتهت إليها حواء التي كان لها الفضل الأكبر في تركنا حياة الدعة والخمول البهيمي والعدمية القيمية التامة في السماء إلى حياة العمل والشقاء والكد والبحث على الأرض وإنتزاع المعنى من بين طياتها وكنوزها الخبيئة ، فحفيدات حواء قد تحولن على أيدي من صاغوا أسطورتها أنفسهم ونسبوا لها الفضل في ثورة الأرض على إراداة ورغبة السماء بأن يكون البشر مجرد كائنات رخوة منعمة كسولة مدللة ، أقول قد تحولت إلى كائن يحرم عليه الخروج والعمل والكد وموسوم بالدلال واللين والكسل وعدم القدرة على العمل ، رغم أن كل ذلك الذي يُنكرونه عليها من نتائج ثورتها ، وأصبح يُنادى بمكوثها في بيتها ، وبوجوب إنفاق زوجها عليها وإعالتها وتدليلها وصونها في المنزل وكأنها في الجنة ، فكأنما يا ” أبا زيد ما عزيت ” .
ثارت على الجنة لتفرض لها جنة أخرى بمذاق جهنمي أكثر مملا من ذلك الذي تمردت عليه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
معاً ضد كلّ سلطة ظلامية تمنع العقل الإنساني من الوصول إلى نور الحرِّية حباً في الإستبداد وتعلقاً بالسيطرة !

Posted in ربيع سوريا, فكر حر | 2 Comments

لماذا منع حافظ الأسد فيلم نجوم النهار

kindahana

راشد عيسى: القدس العربي

يشكل الفيلم السوري «نجوم النهار» (1988) واحداً من أشهر حكايات المنع في سوريا، ودليلاً على مهزلة الرقابة والرقيب، التي دامت منذ حَكمَ «البعث» البلاد إثر انقلاب عام 1963 إلى أيامنا هذه. فالمنع ينطوي على مفارقة أن الجهة المنتجة للفيلم الروائي، وهي «المؤسسة العامة للسينما»، هي ذاتها التي قامت بمنع الفيلم (عرض أخيراً في باريس في إطار نشاطات النادي السينمائي السوري). لكن ليست هذه هي المفارقة الوحيدة، فالفيلم منع فقط من العرض الجماهيري في صالات العرض السورية، في الوقت الذي لم يبق مهرجان دولي إلا وشارك فيه ممثلاً لسوريا، بما فيها «مهرجان دمشق السينمائي».
حين سُئل مخرج الفيلم أسامة محمد ذات مرة عن حكاية المنع قال «لن أعيد سرد القصّة. لأن في القصة غصّة. الموظفون والمدراء وكل طاقم وزارة الثقافة. كيف قضوا تلك الليلة بعد عرض الفيلم! الهواتف التي تلقوها، والنبرة والأسئلة والأوامر». لكن المخرج يتبنى ويعيد رواية الصحافة عن المنع «طلب الرئيس (حافظ الأسد) مشاهدتَه بعد أن سمع انتقادات كثيرة حوله، وجّهها بعض من كانوا حول الرئيس، وأخبروه أن أسامة محمد يسخر منهم في الفيلم، وقتها تم نقل كل تجهيزات العرض إلى القصر الرئاسي، وقد ضحك الرئيس كثيراً أثناء مشاهدته الفيلم، ثم قال لمن كان ينتقده أن حساسيتهم الزائدة جعلتهم يرون أنفسهم في سلوك الشخصيات». ومع ذلك جرى ما جرى للفيلم وحرم من العرض الجماهيري.
في هذه الرواية شكل من أشكال إلقاء اللوم على الحاشية، وهو أسلوب عهدناه مراراً في تنزيه الحاكم، فإذا ثبت فعلاً أن هناك خطأ أو فساد في ناحية ما فلا شك أن لا علم للرئيس، وأن هناك من أخفى عنه تلك الحقائق! لا نعني بذلك أن المخرج مشارك بذلك التنزيه، فقد تكون الرواية وصلت وعممت هكذا بالفعل. رغم أن هناك رواية منافسة تقول إن فيلمين عرضا على الرئيس، وهما قد أنتجا في وقت واحد تقريباً، فيلم «ليالي ابن آوى» (1989) للمخرج عبداللطيف عبدالحميد، إلى جانب «نجوم النهار». وقد شاع أن الأسد ضحك للأول، وسكت وتجهّم بخصوص الثاني، ففُهم السكوت علامة عن عدم الرضا. معلوم أن الفيلمين يدوران في البيئة الساحلية الريفية السورية، حيث تتحدر عائلة الأسد. وعلى ما يبدو هنا بالذات تكمن الحساسية كلها.

الاغتصاب
يعتمد الفيلم حكاية ريفية، رائجة في أوساط الريفيين والبدو، ونعني زواج المبادلة. يعرض الفيلم لحفل زواج ريفي في إطار عائلة واحدة؛ تزويج ابن العم القادم من غربته في ألمانيا من سناء (صباح السالم)، وتزويج أخيها كاسر (زهير عبدالكريم) من ابنة العم. لكن الحفل المشترك سيفسده هروب إحدى العروسين في ليلة العرس تلك، مما يدفع العروس الأخرى للرد بالمثل برفض عريسها. هذا الهروب هو الحجر الدرامي الذي سيلقى في بركة الأحداث الساكنة التي كانت تمضي في طريقها بيسر. الحجر سيفضح ما وراء الفرح الظاهر، من تسلّط وعنف واغتصاب وكذب ونفاق وغيره، مما يسود مجتمع تلك الأيام.
هكذا سنتعرف إلى شخصيات، لنقل إنها أنماط، أو محاولات تنميط. الأخ الأكبر المتسلط خليل (أداه عبداللطيف عبدالحميد ببراعة)، يريد أن يستأثر بكل شيء، يلاحق أخاه الأصغر لتخليصه مبلغ من المال، يتسلط على راتب الأخت العاملة في معمل، ولا يتردد في إهانتها لإرضاء زوجته المفترية (لعبتها الراحلة مها الصالح). لدينا أيضاً شخصية مثقف يؤديها زهير رمضان، يبدو أنه بعثي الهوى فهو ليس سوى خطاب فارغ مضحك، مدّع، ومغرور. لا شيء يردعه عن التحرش بفتاة في بيت الأقارب الذي يستضيفه. حتى العريس القادم من ألمانيا هو نموذج كوميدي آخر. ترك غربته وعاد كرمى لعيون البلد، لكنه سرعان ما يقرر العودة عند خيبة العرس تلك. هو نموذج لأولئك الذين يشعرون أنه لا يمكن لأوروبا أن تعيش من دونهم، وهم بدورهم تركوا كل المغريات وجاؤوا إلى بلد لن يقدر مواهبهم.
تذهب العروس سناء لتعيش في بيت الأخ خليل، أثناء عملها تتعرف إلى شاب بسيط، ورغم أنه يدخل بيت العائلة من بابه سيتعرض لأفظع إهانة حين يشاهدها إخوة البنت معها في الطريق، حينها سيستدعون عباس صاحب المركز المرموق (عسكري أو أمني) في السلطة كي يتزوج منها. لكن عباس، العريس الجديد، يبدو أنه يصرّ على أخذ الأشياء اغتصاباً، هكذا سيتعامل مع عروسه حين يقوم باغتصابها بدم بارد.
الأخ الأصغر كاسر (زهير عبدالكريم) يعاني من نقص حاد في السمع نتيجة صفعة تلقاها من الأب في الصغر، هو الأكثر صفاء وبراءة، يحاول هو الآخر التمرد على العائلة، فيختار السفر إلى دمشق، هناك سيلتقي بصديق له يخدم في الجيش. يمضي معه إلى حيث يقيم على سطح بيت (الحياة على هامش المدينة). وفي الصباح سنراه في شوارع المدينة، ساحة السبع بحرات في وسط دمشق تحديداً، يمشي وبيده رسالة صديقه التي يحذره فيها من الغرق في المدينة. على وقع هذا التحذير سيصل كاسر إلى ساحة السبع بحرات، فيما تصل أيضاً سيارة رش المبيدات لتملأ المكان بالدخان الأبيض الكثيف، سرعان ما يغرق الشاب الريفي البريء في ضباب المدينة في مشهد ختام معبّر.

نقد للطائفة
الشخصيات التي قدمها الفيلم هي أنماط كاريكاتيرية مضحكة، ورغم أنها متقنة الصنع، كتابة وأداءً تمثيلياً، قد تبدو هي بالذات ما يأخذ الفيلم باتجاه المسرح لا السينما. إنها في وقفتها وخطابها وأدائها تقارب وقوف الممثل على الخشبة، وقد يعزّز وجود الجمهور، ضيوف الفرح، هذا الانطباع. كذلك فإن الكلام الكثير، إلى حد الثرثرة يضعف إلى حد كبير صنعة الفيلم.
«نجوم النهار» مليء بالرموز التي تشكّل جرأته واستثنائيته، التي ربما تكون عرّضته للمنع. لندع جانباً الافتراض بأن بعض المعترضين على العمل قد يكون رأى نفسه في تلك الشخصيات- الأضحوكة، فهناك ما هو أهم. فالفيلم يعرض لبيئة رثّة، قد يرى فيه المتنفذون في السلطة إساءة وتلويثاً لنسبهم وانتمائهم. هناك جرعة كبيرة من النقد والتهكم من عناصر تلك البيئة، شخصيات وعادات ورموز. من المفيد هنا سوق رأي لزميل يتحدّر من البيئة ذاتها، يقول «المقارنة بين فيلم عبد اللطيف عبد الحميد وفيلم أسامة محمد مفيدة لجهة ملاحظة الحضور الجماهيري العلوي الكبير لفيلم عبد اللطيف عبد الحميد، بينما فيلم أسامة محمد كان موجهاً أكثر للسوريين بشكل عام. فيلم عبد الحميد فيه نوع من «التطبيع» لحضور العلويين في المشهد السوري بينما فيلم أسامة محمد فيه نوع من النقد، وهذا يفسر منع الفيلم الأخير من العرض الجماهيري في سوريا بينما كان يسمح بعرضه في المهرجانات العالمية لكسب دعاية للنظام في الخارج».
من الواضح أن المخرج لم يكن يقصد الريف في نقده لذلك الجزء من البيئة السورية، بل أراد أن يوجه نقداً للطائفة، وهنا بالذات جرأته الاستثنائية. ليس عبثاً أن يستخدم الفيلم في مشاهده الافتتاحية قراءة الشيخ كبير العائلة الآية القرآنية «لكم دينكم ولي دين». وصولاً إلى انتقاد طغيان ثقافة الأقلية: حين ينزل الشاب إلى المدينة سيرى كيف امتلأت شوارعها بصورة المغني الذي يتحدّر من هناك، هو المغني فؤاد غازي، إنه رمز ثقافي في تلك الآونة، يشبه إلى حد كبير اليوم مغنياً آخر هو علي الديك (رغم الفارق بينهما في المستوى الفني). في السنوات الأخيرة بدا وكأن سوريا لم تنجب سوى علي الديك. غازي يحضر شخصياً ليغني في عرس تلك الضيعة. هؤلاء العسكر جاؤوا ومعهم ثقافتهم ورموزهم وأغانيهم، لم تكن مصادفة أن الأغنية الأشهر لفؤاد غازي «لزرعلك بستان ورود» كانت من كلمات ضابط في «سرايا الدفاع»، القوة الأكثر بطشاً ووحشية في سنوات الثمانينيات من القرن الماضي. ليس غريباً إذاً أن يكون هناك مثقفون برتبة عسكرية، وأن يكون كتاب دراما تلفزيونية وسينمائيون وموظفون إعلاميون مرموقون ضباطاً سابقين، أو بمثابة ضباط على رأس عملهم.
فيلم «نجوم النهار» مزدحم بالرموز؛ العسكر، قوة التديّن، طغيان ثقافة الأقلية الحاكمة، احتلال الفضاء العام للمدينة، العيش على هامشها،.. كان يمكن له أن يعرض في زمنه قبل ستة وعشرين عاماً، لكن كم كان من العسير أن يتحدث السوريون عن كل تلك الرموز في زمن الرعب الذي ساد سوريا، لذلك فإنه رغم جولاته في المهرجانات المحلية والأجنبية لم ينل حقّه من النقاش، السينمائي وغير السينمائي.

Posted in الأدب والفن, ربيع سوريا | Leave a comment

الاحوال الشخصية في الدستور البابلي

bablبقلم ; عضيد جواد الخميسي
تعددت الأسباب التي دفعت الإنسان إلى تدوين قانونه. فهناك سبب جغرافي هو اتساع رقعة الدولة وازدياد عدد السكان على نحو يتعذر معه انفراد شخص واحد بمهمة القضاء. وإذا تعدد القضاة فلا بد من تطبيقهم لقانون موحد. وأيسر سبل التوحيد هي التدوين. ولعل
شريعة حمورابي خير شاهد على سلامة هذا الطرح. فقد أصدر حمورابي مدونته لتوحيد القانون الواجب التطبيق بعد اندماج دويلات ما بين النهرين في دولة واحدة هي دولة بابل.

إن مرحلة التدوين هذه لا شأن لها بالتطور الذي مرت به القاعدة القانونية منذ نشأتها البدائية في عصر القوة إلى اكتمال خصائصها في عصر التقاليد الدينية، ثم إلى قيامها المستقل في مرحلة التقاليد العرفية. كل ما في الأمر إن الشعوب التي اهتدت إلى الكتابة قد سارعت بتدوين أوجه نشاطاتها الحضارية المختلفة ومن بينها القانون. واكتشاف الكتابة وإن كان حدثا هاما في حياة البشرية نقلها من عصر ما قبل التاريخ إلى العصور التاريخية إلا أن ظروف المجتمع الاقتصادية والاجتماعية لم يجد فيها جديد يغير من طبيعة وخصائص القاعدة القانونية. فالظروف التي سادت قبل التدوين هي بعينها التي استمرت قائمة أثناء التدوين وبعده .
وإذا كان تدوين القانون ظاهرة لم تقتصر على شعب دون آخر سواء في الشرق أو الغرب، فإن الملاحظ مع ذلك أن اكتشاف الكتابة قد اقترن بدرجة النمو الحضاري لكل شعب. وبعض الشعوب وصلت إلى هذه الدرجة من الحضارة في الوقت الذي استقرت فيها قوانينها بصورة تقاليد دينية، ومن ثم عبرت مدوناتها القانونية عن هذا الواقع فكانت تقنينا لتقاليدها الدينية . أما الشعوب التي اكتشفت الكتابة بعد أن توصلت إلى مرحلة التقاليد العرفية، فقد جاءت مدوناتها القانونية معبرة عن الأعراف السائدة في مجتمعاتها. وهذا هو شأن المدونات القانونية الأولى التي صدرت في روما وبابل وآشور. وأيا كان الأمر فان الملاحظ إن بعض الشعوب التي دونت قوانينها قد أصدرتها في صورة تشريعات.
أما شعوب أخرى فقد دونت قوانينها في سجلات كتبها الأفراد المهتمين بالقانون دون أن تصدر بها تشريعات من السلطة الحاكمة وهذه هي السجلات العرفية التي عرفها الآشوريين والحيثيين. وهي سجلات غير رسمية أطلق عليها الباحثون مع ذلك تعبير مدونة وإن وصفوها بالعرفية تمييزا لها عن المدونات الرسمية.

سعى الملك حمورابي ( وتقرأ في البابلية ,, آمّو رابي ,, أي ــ السيد العظيم او رئيس العائلة ــ1793ــ1750ق.م) من ان يجعل لشعبه ودولته نظاما تشريعيا موحدا ، كان خلاصة الشرائع التي سبقته حتى اضحى معينا لشعوب وملوك عديدين ، كالاشوريين ، والعبرانيين ، والحيثيين .
ان شريعة حمورابي كما يبدو من موادها هي عبارة عن نصوص معدّلة لمواد الشرائع التي سبقتها ومنها( شريعة اور ــ نمو ، وشريعة لبت ــ عشتار ، وشريعة ايش ــ نونا ، وشريعة اور ــ كاجينا )، اذ ان حمورابي قد حذف مواد من هذه الشرائع والتي لاتتناسب وعصره ، واضاف الى شريعته تلك، مواد قانونية ملزمة اقتضتها مصلحة الدولة آنذاك ، ولاسيما القوانين الصارمة الخاصة بعقوبة الموت والقصاص بالمثل ، لان القوانين السومرية اصلا كانت تتجنب مبدأ تنفيذ عقوبة الموت بحق مرتبكي الجريمة او المخالفة ، اما القصاص (العين بالعين ، والسن بالسن) كانت القوانيين فيها تتجه الى مبدأ التعويض والغرامة المادية في الفصل بين المتخاصمين .
وقد اكتشفت شريعة حمورابي عام 1902 خلال التنقيبات في مدينة “سوسة”، عاصمة عيلام، على يد بعثة أثرية برئاسة عالم الأثريات الفرنسي “جاك دي مورجان” ، وقد وجدت منقوشة على حجر أسود اللون يبلغ ارتفاعه مترين وربع متر وتبلغ قاعدته مترين تقريبا. وفي أعلى الحجر نقش بصور الملك حمورابي وهو يتلقى هذا القانون من آلهة الشمس,,شمش,, .
وما تزال هذه المسلة موجودة بمتحف اللوفر في باريس، فرنسا . وقد عثر حديثا على نسخة أخرى منها صدرت في تاريخ لاحق وفي عهد الملك حمورابي أيضا، وهي صادرة بعد النسخة الأولى بحوالي خمس سنوات. ووجود هذه النسخة الثانية يدل على أن الملك حمورابي قد أصدر أكثر من نسخة لنشرها في بلاد ما بين النهرين.
ومن الجدير ذكره، أن شريعة حمورابي ليست أول مدونة صدرت في بلاد بابل. وإنما صدرت قبلها عدة مدونات أخرى. كل ما في الأمر أن مدونة حمورابي ظلت أهمها وأشهرها جميعا. بل هي تعد أشهر شرائع العالم كله . وقد كان من الطبيعي أن يستكمل حمورابي الوحدة السياسية بوحدة قانونية بين كل أجزاء بلاد ما بين النهرين فكتب شريعته تلك باللغة الأكدية(بالخط المسماري) كونها اللغة الرسمية. وقد تعمد حمورابي أن يضع في مدونته أحكاما صريحة بخصوص بعض المسائل التي كان العرف غامضا بشأنها أو كانت أحكامها محل خلاف المفسرين.
قسم الأب “شيل” شريعة حمورابي بعد ترجمتها إلى 282 مادة تسبقها ديباجة وتليها خاتمة. وقد استهلت الشريعة بكلام إله الشمس,,شمش,, الذي أملى على حمورابي دستوره حيث يقول [ أنا حمورابي ملك القانون، وإياي وهبني إله الشمس القوانين ]. وقد وضعت الشريعة في أسلوب أقرب إلى القوانين ومختلفة تماما عن الشرائع السابقة والتي كانت تكتب بأسلوب نثري قريب إلى الشعر منه إلى القوانين، وإن اتسمت صياغتها بالإيجاز الشديد.

قبل الخوض في تفاصيل ماتحوي هذه الشريعة من قوانين تخص الاحوال الشخصية للانسان البابلي ، علينا ان نعرف التركيبة الاساسية لمكونات المجتمع البابلي وطبيعة العلاقة بين طبقاته وحقوق كل منها ..

نشأت بلاد ما بين النهرين في شكل دويلات متعددة تتكون كل منها من مدينة معينة وما يحيط بها من أراضي. وهكذا قامت دول المدن كما أسماها المؤرخون. وعلى هذا النحو كانت المدينة هي الخلية الأساسية في التنظيم السياسي. وكان تأسيس المدينة عملا إلهيا يتم بناءها على أوامر الآلهة بوصفها مركزا للعبادة. أما الملك فكان الوسيط بين الآلهة والبشر، أو نقطة التلاقي بين السماء والأرض. فلم يكن وضع ملوك بلاد ما بين النهرين مماثل لفراعنة مصر مثلا، حيث كان الملك نفسه هو الإله وليس مجرد وسيط بين الآلهة والناس.
ولما كان الملك هو الوسيط بين الآلهة والبشر، فهو إذن الذي يتلقى القوانين من الآلهة ليحكم بمقتضاها بين الناس. فهو القاضي الأعلى، وهو من تجب طاعته على الجميع. ومن جهة أخرى فقد كان الملك هو الكاهن الأكبر، وهو الذي يدير أموال الآلهة. ولقد كان للملك أمواله الخاصة، فهو لم يدع في يوم من الأيام أنه المالك الوحيد لأراضي البلاد جميعها كما أدعى الفراعنة في مصر. واعتبار الملك وسيطا بين الآلهة والبشر قد جعل مسؤوليته مباشرة أمام الآلهة إذا لم يحقق الخير للشعب ولم يكفل العدالة بين الناس .
وكانت الملكة، زوجة الملك، هي التي تساعده في إدارة البلاد، ويساعدها “النوباندا” أي المشرف العام، وهو أمين خزانة الملك والمشرف على المشاريع والشؤون الزراعية، وحاجب القصر ومسجل العقود.
تشير الوثائق إلى وجود عدد من “النوباندا” يختص كل منهم بالإشراف على قطاع أو عمل معين. ويتبع كل منهم عدد من الموظفين.
ولعبت المعابد دورا هاما في الحياة الاقتصادية للبلاد، حيث كان للآلهة أملاكهم الخاصة ومخازن غلالهم وعبيدهم، وهي أملاك تتبع المعابد التي تتصرف في ريعها. وقد تكونت هذه الأملاك مما كان يقطعه كبار الملاك للمعابد أو ما يقدمونه إليها من أملاك طلبا لرضاء الآلهة وتجنبا لغضبهم . كان من المحظور التصرف في أموال المعابد على أي نحو ما عدا إيجار الأراضي الذي سمح به على أن تستعمل الأجرة لصالح المعبد. ورغبة في حماية أموال المعابد، فقد كان أي اعتداء على هذه الأموال بالسرقة، أو غيرها يعرض مرتكبه لعقوبة الإعدام.

تلك هي الصورة السياسية والتي كانت المهيمنة على المشهد البابلي آنذاك، اما الوضع الاجتماعي ،، تميز مجتمع بلاد بابل بكونه مجتمعا طبقيا، فقد انقسم هذا المجتمع إلى ثلاث طبقات: طبقة (الأحرار)، وطبقة متوسطة تسمى طبقة (الموشكينو) أو طبقة المتواضعين، وطبقة (العبيد) في أسفل السلم. على أن هذا التقسيم للمجتمع لا شأن له بطبقة الملوك ورجال الدين. فهؤلاء هم الطبقة الحاكمة التي تحتل القمة ولا تدخل في التدرج الطبقي . وقد مضت الإشارة إلى أن مجموعة شرائع حمورابي هي التي أشارت إلى وجود هذا التدرج الطبقي في بلاد بابل .

طبقة الأحرار -;- وهي الطبقة المتميزة بعد الطبقة الحاكمة، تتكون من الملاك الزراعيين والتجار وأصحاب الحرف، وكان أفراد هذه الطبقة يشتركون في المجالس البلدية للبلاد، وهي المجالس التي تنبعث منها كافة التنظيمات الإدارية والقضائية للدولة.

طبقة الموشكينو -;- والتي تحتل مكانا متوسطا بين طبقة الأحرار وطبقة العبيد، فقد أختلف المؤرخون في شأنها . فمنهم من ركز على الأصل اللغوي لكلمة موشكينو التي تقابلها في العربية “المساكين” مما يفيد أن أفراد هذه الطبقة كانوا من المتواضعين. واخرون من فضل عدم التورط في البحث اللغوي لأصل الكلمة مفضلا الأخذ ببساطة بالمعنى الوارد للكلمة بمدونة حمورابي وكذلك القوانين السابقة واللاحقة عليه. فهي طبقة تتكون من أنصاف الأحرار من أرقاء الأرض والعتقاء والفقراء والمساكين وصغار الجنود. ويرى البعض أن طبقة الموشكينو هي طبقة “العامة”، أي الأرقاء القدماء أو الأحرار الذين أُبعدوا عن طبقتهم الاجتماعية باعتبارهم من الأجانب . وأيا كان الأمر فقد اتفق الجميع على أن طبقة الموشكينو كانت في وضع أدنى من طبقة الأحرار، إلا أن أفرادها يتمتعون بالشخصية القانونية أسوة بغيرهم من غير الأرقاء. وبهذه المثابة يستطيع كل فرد من أفراد هذه الطبقة أن يتعاقد ويتملك الأموال بكافة أنواعها بما في ذلك العبيد. كما كان له أن يتزوج مكونا أسرة شرعية.
وقد حرصت شريعة حمورابي على وضع النصوص التي توفر الحماية القانونية المتطلبة لأموال الموشكينو. ويرى البعض أن “نصوص الحماية هذه لا تعني أن القانون قد تدخل بقصد حماية الموشكينو ولكنها تعني أن وضع الموشكينو الأدنى يحتاج إلى تدخل تشريعي لتحديد هذا المركز بمقارنته بحالة الأحرار التي تكون الحالة الطبيعية للأوضاع الاجتماعية والقانونية في صلب التشريع . وقد أعطانا قانون حمورابي عدة أمثلة توضح المركز المتوسط لطبقة الموشكينو فيما بين كل من طبقتي الأحرار من ناحية والعبيد من ناحية أخرى. فبينما لم يكن للعبد حق تطليق زوجته، فقد كان يحق للموشكينو على العكس أن يطلقها أسوة بالأحرار. على أنه بينما كان القانون يفرض على الزوج من الأحرار أن يدفع للزوجة في هذه الحالة مبلغا من النقود,, مينا ,, (وحدة قياس للوزن) كاملة من الفضة ، فان الزوج من طبقة الموشكينو لم يكن ملزما إلا بأداء ثلث هذا المبلغ. . كذلك فإذا فقأ احد عين واحد من العبيد أو كسر عضوا من أعضائه فعليه أن يدفع تعويضا هو نصف مينا فضية، بينما يجب على المعتدي أن يؤدي ضعف هذا القدر فيما لو تم الاعتداء على أحد الموشكينو. أما لو كان الاعتداء قد تم على أحد الأحرار فإن المعتدي يعامل طبقا لقانون القصاص بعقوبة (العين بالعين والسن بالسن) .

طبقة العبيد -;- توجد طبقة العبيد أو طبقة الأرقاء. وهي طبقة تمتعت بأهمية خاصة في بلاد بابل ، ولعل السبب في ذلك يرجع إلى أن هذه الطبقة كانت تتكون من سكان بابل الاصليين، بالإضافة إلى القليل من الأجانب. والجدير بالذكر إن الرقيق في بلاد بابل كان يتبع أمه دون أبيه. فابن الحرة حر ولو كان أبوه رقيقا، وابن الرقيقة يكون رقيقا ولو كان أبوه حرا. وقد أشار قانون حمورابي إلى أن الأطفال الذين يولدون من جارية السيد يعتقون بقوة القانون هم وأمهم بعد وفاة أبيهم. أما الأطفال الذين يولدون من أبوين رقيقين فيصبحون مثلهم.
هذا عن الرق بالولادة، أما عن الرق لأسباب لاحقة على الولادة فإن قانون بلاد بابل، قد اعتبر الحرب أهم هذه الأسباب أسوة بغالبية الشرائع القديمة. فالأسير يصبح عبدا لمن أسره من الجيش المنتصر، بل أن الأباء كثيرا ما كانوا يبيعون أولادهم في سوق الرقيق نتيجة للفقر وحاجتهم للمال. كذلك فقد كانت الأحكام الجنائية سببا في وقوع المحكوم عليهم رقيقا. ومن جهة أخرى فقد أشارت وثائق الأشوريين إلى أن عدم الوفاء بالدين يعد سببا من أسباب الرق. فإذا حل موعد استحقاق الدَيْن ولم يقم المدين بالسداد يصبح عبدا لدائنه. بل وكان في قدر الدائن أن يبيع زوجة المدين وأولاده كعبيد لمدة معلومة حددها قانون حمورابي بثلاث سنوات .
وأيا ما كان الأمر فقد أُختلف المركز القانوني للعبد في بلاد بابل عنه في الشرائع القديمة الأخرى، حتى أن العبد كان يعتبر في البداية على انه من السلع الباهضة الثمن أو من فصيلة الحيوانات، إذ كان يعد في حكم الأشياء النفيسة، إلا أن تطور النظام القانوني لبلاد بابل قد سمح للعبد بممارسة بعض الحقوق التي تجعل من مركزه القانوني بوضع يختلف عن وضع العبيد في القانون الروماني في مرحلة تاريخية لاحقة.
فقد خوّل القانون للعبد أن يعترض على ثمن بيعه أمام القضاء. كما كان بائع العبد ملتزما أمام المشتري بضمان العيوب الخفية بالنسبة للعبد. وقد حدد حمورابي مدة الضمان بشهر واحد.
ومن جهة أخرى فقد حرص القانون على حماية السيد بتوقيع عقوبة الإعدام على كل من يأوي عبدا هاربا من سيده.
أن المركز الأدنى للعبد لم يصل إلى حد إلغاء كافة مظاهر شخصيته القانونية. فقد كان في إمكان العبد في القانون البابلي أن يكوّن أسرة، وبالتالي أن يعقد زواجا شرعيا. وكان يمكن له أن يتزوج من حرة ويكون أولاده في هذه الحالة من الأحرار. بل وكان يجوز للعبد أن يتملك الأموال التي تمثل بالنسبة له حوزة مالية خاصة، وهو ما سُمح له بالتقاضي أمام المحاكم. كذلك فقد كان للعبد أن يمارس الحرف التي تتفق مع قدراته وأن يضم إليه عددا من العبيد يعملون لحسابه.
حرص القانون البابلي على إضفاء حماية خاصة على الرقيقة التي تنجب من سيدها، فحرم بيعها وإن كان قد سمح برهنها أسوة بالزوجة الشرعية. ومثل هذه الرقيقة كانت تعتق بقوة القانون فور وفاة سيدها.
ويشير قانون حمورابي إلى حالة خاصة تتعلق بالجندي الذي يقع أسيرا في خارج البلاد، ومن ثم يصبح عبدا لسيد أجنبي. فإذا عاد هذا الجندي إلى وطنه بعد أن أفتداه أحد التجار، فإنه يعود حرا بشرط أن يقدم فدية إلى من افتداه. فإن لم يتمكن من أداء الفدية جاز للقصر أو للمعبد أداء الفدية المتطلبة.
أما بالنسبة لحالات عتق العبد، فقد كان يجوز للسيد بإرادته أن يعتق عبده وذلك بموجب عقد خاص أو أمام القضاء. ويشير قانون حمورابي إلى أن مراسم دينية خاصة كانت تقام لإعلان عتق العبد حيث يقرر السيد أنه لم يعد له أو لأولاده من بعده أي حق على العبد، ويشير البعض مع ذلك إلى أن المعتق يظل مرتبطا ببعض الالتزامات صوب سيده القديم أثناء حياته.
ومن جهة أخرى فقد كان يجوز للعبد أن يشتري حريته بماله، ما دمنا قد رأينا إن كان يتملك الأموال، كما كان يمكن له أن يستدين من الغير لشراء حريته، على أن يسدد دينه لدائنه بعد ذلك.
فقد كان العتق يتم أيضا كمنحة من المشرع، وذلك في الحالات الآتية:
1 – الأطفال يولدون من علاقة رجل حر بإحدى رفيقاته. إذ يعتق هؤلاء بقوة القانون فور وفاة الأب.
2 – زوجة المدين وأولاده الذين يباعون أو يرهنون. إذ يعتق هؤلاء تلقائيا بعد ثلاث سنوات.
3 – المواطن الذي يقع في الرق في بلد أجنبي ثم يتم افتداؤه بواسطة شخص آخر ويعوج إلى أرض بابل. إذ يصبح حرا بمجرد عودته.

ان شريعة او دستور حمورابي ،خصصت للاحوال الشخصية من احكام المادة 94 الى احكام المادة 127 ، والتي تخص جريمة القذف والتشهير، جريمة الزنا، أحكام الزواج والطلاق، اتخاذ خليلة الرقيق، الإبقاء على الزوجة المريضة، هدايا الزواج، مسؤولية الزوج عن الديون، قتل الزوج، الاتصال الجنسي بالمحارم، الوعد بالزواج، مصير هدايا الزواج بعد وفاة الزوجة، هبة الأب إلى ولده في حالة ميراث الأبناء، الحرمان من الإرث، الإقرار بالبنوة والتبني، أموال الأرملة وزواجها، نساء العبيد، التبني والرضاع. وفيما يلي اهم ماجاء في هذه المواد والذي تختص في نظام الاسرة من زواج والكيفية لابرامه ، والطلاق ، التبني ، الميراث، ومايتعلق من الامور التنظيمية الاخرى للاسرة ..

(( الزواج ))
لم يكن النظام القانوني لبلاد بابل، يسمح للرجل إلا بزوجة شرعية واحدة، وإن كان له أن يتخذ أكثر من جارية إذا أراد. بل وكان يمكن للجارية أن ترقى إلى مرتبة الزوجة الشرعية إذا أعلن ذلك الزوج أمام شهود وفي وثيقة رسمية. من جهة أخرى فقد انتشرت في ذلك الوقت فكرة الزوجة من الدرجة الثانية (الشقتوم). ويكون من حق الزوج أن يتخذ لنفسه زوجة ثانية على هذا النحو إذا أصاب زوجته مرضا جسيما دون أن يكون من حقه طلاق زوجته الأولى.
وتشير المادة القانونية إلى المركز الأدنى للزوجة الثانية التي يتعين عليها احترام الزوجة الرئيسة وغسل قدميها. ويرى البعض أنه كان من حق الزوج أيضا أن يتخذ زوجة ثانية في حال عدم إنجابه من زوجته الأولى أو من إحدى جارياته. ومع ذلك فلم يكن من حق الزوج الزواج ثانية في هذه الحالة إذا قدمت له زوجته الأولى امرأة حاضنة قادرة على الإنجاب.
وقد حرص القانون البابلي على حث الأزواج على عدم الزواج بزوجة ثانية وذلك لصعوبة إقامة العدل بين الزوجات. وهكذا فإن الأصل في القانون البابلي هو الزواج الفردي. أما تعدد الزوجات فهو وضع استثنائي في بلاد الرافدين.
وقد أكد قانون حمورابي على حظر زواج الأب بابنته، أو بين الابن وأمه ،أو زوجة أبيه الثانية. على أن القانون الآشوري قد أجاز للرجل الزواج من أخت زوجته التي عقد عليها وذلك إذا ماتت قبل أن يدخل بها .
وأخيرا فلم يكن الاختلاف في المركز الاجتماعي أو في الطبقة الاجتماعية حائلا يمنع الزواج بين أفراد ينتمون إلى مراكز اجتماعية مختلفة كما قدمنا ذلك، وذلك خلافا لما كان عليه الحال في مصر الفرعونية مثلا حيث كان الزواج محرما بين الطبقات المختلفة.
(كيفية إبرام الزواج)
كان دستور بلاد بابل يشترط لصحة الزواج، رضاء والدي العروسين. ويستشف ذلك مما جرت عليه العادة في ذلك الوقت من أن يقوم الأب والأم بتقديم الزوجة إلى زوجها. وليس معنى ما تقدّم أن الزوج لم يكن له حق اختيار زوجة، وإنما كان رضاء الوالدين يؤخذ في الاعتبار.
كما اجاز دستور بابل، إلى أن المرأة المطلقة أو الأرملة كانت تختار زوجها بمحض إرادتها.
وتسبق الزواج عادة الخطبة. وكانت خطبة الزوجة تتم سواء من جانب الزوج أو أقاربه. ويتم ذلك باتفاق ذوي الشأن، حيث يقدم الخطيب الهدايا إلى عروسه ثم يعقب ذلك بأداء ما كان يسمى ب “التيرهاتو”، وهو مبلغ من المال يدفعه زوج المستقبل، ولم يكن أداء هذا المبلغ إجباريا، وإن جرت العادة على أدائه (يرى البعض أن هذا المبلغ هو ثمن شراء الزوج لزوجته، بينما يؤكد البعض الآخر أن الزواج لم يكن يتم في بابل بصورة بيع المرأة). وبجانب “التيرهاتو” فقد كان الزوج يقوم بدفع “النودوتو” لزوجته، وهو عبارة عن بعض الأغراض المنزلية أو بعض العقارات لتأمين حياة الزوجة وأولادها عند وفاة الزوج. ولم يكن للزوجة حق ملكية على “النودوتو”، والذي كان يثبت عادة في عقد مكتوب، وإنما كانت ملكيته للأولاد أصحاب المصلحة الحقيقية. أما الزوجة فلم تكن لها عليه إلا حق الانتفاع . وبالإضافة إلى ما تقدم فقد كان يشترط لصحة الزواج أن يتم في وثيقة مكتوبة يوقعها الزوج حتى يلتزم بكافة الالتزامات المنصوص عليها في العقد وأن يؤدي لزوجته حقوقها في حالة الطلاق. وكان يشترط على الزوجة عدم الخيانة ويحدد العقد العقوبات التي توقع عليها إذا أقدمت على خيانة زوجها.

(حقوق المرأة في دستور بابل)
كانت المرأة تتمتع بالشخصية القانونية الكاملة، فكانت لها أموالها الخاصة، كما كانت تتمتع بحق الشهادة الكاملة كالرجل تماما، كما كان يحق لها أن تتصرف في أموالها كيفما تشاء. وقد ترتب على ذلك أنها كانت تتمتع بحق التقاضي، بل وكان يجوز لها أيضا أن تعمل بالتجارة وتمارس الوظائف الإدارية المختلفة. وبالرغم من ان بعض هذه الايجابيات الملموسة في الدستور وهي بمثابة مكسبا عظيما للمرأة في تلك الحقبة الزمنية ، والتي هي بمثابة طفرة نوعية متطورة في مجال حقوق المرأة ، الاّ ان هناك اخفاقات القانون في هضم حقوقها ، وفي كثير من فقرات المواد الدستورية نجد المتناقضات ، لنجد في معنى نصّا في القانون مثلا ، فقد كان للزوج بمقتضى سلطته الزوجية أن يرهن زوجته لدى دائنه حتى سداد الدين. ويشترط في هذه الحالة ألا تتجاوز فترة رهنها ثلاث سنوات. بل كان يجوز للزوج أن يبيع زوجته على سبيل العقاب في حالة خيانتها له.

( الطلاق )
فرق القانون البابلي بين الزوج والزوجة بالنسبة للحق في الطلاق. فبالنسبة للزوج، فقد كان القانون البابلي يسمح له بطلاق زوجته بناء على أسباب متعددة أهمها:
1 – عند ارتكاب الزوجة خطأ جسيما، حيث يحق للزوج طلاقها دون أن يكون من حقها الحصول على أي تعويض، كما كان بحق الزوج في هذه الحالة أن يستبقي زوجته عنده كعبدة.
2 – في حالة ما إذا كانت الزوجة عاقر، حيث يحق لزوجها طلاقها على أن يمنحها مبلغ من المال لمواجهة حياتها الجديدة.
3 – عند مرض الزوجة بمرض خطير، فقد كان من حق الزوج أن يتزوج أخرى مع إبقاء زوجته الأولى التي تتمتع بامتياز خاص. أما إذا هجرت الزوجة المريضة منزل الزوجية وعادت إلى بيت أهلها بموافقة الزوج، اعتبر ذلك بمثابة إعلان لنيته في تطليقها بسبب المرض، ووجب على الزوج أن يرد للزوجة أموالها وأن يتولى الإنفاق عليها.

أما بالنسبة للزوجة فقد كان من حقها الالتجاء إلى القضاء لتطالب بتطليق زوجها إذا ما ارتكب أخطاء جسيمة في حقها مثل الخيانة الزوجية.
أما إذا رغبت في ترك زوجها دون سبب مقبول فهي تعاقب بالموت، لان إقدامها على ذلك يعد بمثابة إثم لا يغتفر في القانون البابلي.

واخيرا فقد أشارت النصوص إلى حالة خاصة ،هي حالة الزوج الذي أسره الأعداء. فإذا كان الأسير قد ترك لزوجته ما يكفي من الأموال لإعالتها، فلا يحق لها أن تعاشر سواه وإلا اعتبرت زانية. أما إذا لم يترك لها ما يكفي لإعالتها فيكون من حقها الزواج في غيابه. ومتى عاد إليها تعود إليه تاركة زوجها الثاني وكذلك أولادها منه.

( التبني)
عرف دستور بابل التبني. وكان الهدف الأساسي من التبني هو معالجة انعدام الذرية. ومع ذلك فقد لجأت بعض الأسر إلى التبني رغم وجود الأطفال.
يتم التبني قانونا، بمقتضى عقد مكتوب بين الأهل الجدد (الأب أو الأم) وبين ذوي الشأن بالنسبة للمتبني، أي أهله الأصليين، وهم عادة أب الطفل أو سيده إذا كان عبدا. بل كان من المتصور أن يتم عقد التبني مع المتبنى نفسه إذا لم يكن له أسرة ينتمي إليها. وتشير القوانين إلى أن عقد التبني كان يتم في الشكل المألوف لغيره من العقود حيث يشترط الرضاء وعدم الإكراه. ويترتب على العقد أن يصبح المتبنى ابنا شرعيا للمتبني الذي تنتقل إليه السلطة الأبوية. كما يكون للابن المتبنى حق الإرث من والده المتبني، وهو ما يفيد انتهاء حقوقه الارثية صوب أسرته القديمة.
وقد رتب القانون ضمانا للمتبنى في حال تخلت عنه أسرته الجديدة. فقد نصت المادة 191من القانون على منح المتبنى إذا أُستبعد من أسرته الجديدة ثلث نصيب الولد الحقيقي من مال الأب، أي كما لو كان قد ظل موجودا في أسرة متبنية.
ومن جهة أخرى فإذا تنكر الولد المتبنى إلى أهله الجدد أو كان عاقا، فقد كان عقابه أن يوثق بالأغلال ويباع كالعبيد، ويقطع لسانه، أو تفقأ عينه إذا كان أهله الأصليون ممن يمارسون الدعارة .
وأيا ما كان الأمر فقد كان يلجأ أحيانا إلى التبني في بابل ، لعتق الرقيق أو الإقرار ببنوة الأبناء غير الشرعيين.

(الميراث)
اتسمت القواعد الخاصة بالإرث في بابل، بالدقة والعدل إلى حد ما ، فالقاعدة الأساسية التي أشار إليها القانون، هي أن أموال المتوفي تؤول إلى أولاده الذكور بالتساوي دون أن يكون هناك أي امتياز للابن الأكبر في هذا الصدد وخلافا للكثير من الشرائع القديمة. أما السبب في أيلاء التركة إلى الأولاد الذكور دون الإناث، فهو أن هؤلاء الذكور يعتبرون امتدادا لشخصية والدهم المتوفي، وهم الذين يقيمون الشعائر الدينية في إطار عبادة الأسلاف . ولم يكن من حق الأب أن يجرد أولاده خلال حياته من حقهم في الميراث. وإنما كان له ذلك فقط فيما لو ارتكبوا أخطاء جسيمة ،وبشترط خضوع هذه المسألة لرقابة القضاء الذي له وحده الرأي النهائي.
ومن جهة أخرى فلم يكن الابن بحاجة إلى إعلان قبول التركة بعد وفاة والده. وإنما كان للابن فقط أن يتقدم برغبته عند تزاحم الورثة من الأخوة وبهدف تحديد نصيب كل منهم.
كما لم يرد في الدستور البابلي اية حقوق ارثية للاناث من الاب المتوفي ، مما يفيد استبعادهن من الميراث لكون الأولاد من الذكور هم وحدهم لهم نصيب من التركة ، بتعليل أن المهر الذي يدفع للبنت أثناء زواجها كان يعوضها عن حرمانها من الميراث من أموال أبيها، خاصة وان الزوجة تظل محتفظة بملكية المهر والأموال الأخرى التي كانت تقدم لها بمناسبة الزواج.
ليس معنى ما تقدم حرمان البنت كلية من الميراث ، وفي جميع الأحوال إذ تشير الوثائق إلى أن البنت كانت ترث عند عدم وجود أبناء ذكور للمتوفي. وإن لم توجد أي ذرية للمتوفي انتقلت التركة إلى أخوته ثم لأقربائه المقربين من بعدهم.
ومن جهة أخرى لم يكن للأرملة نصيب في تركة زوجها المتوفي، إذ أن حقها يتمثل في البقاء في منزل الزوجية وتعيش بما تدره أموال المهر والنودوتو عليها من فوائد، إذ أن أموال الزوجة لم تكن قابلة إلى الانتقال بل تبقى ملكا خالصا للزوجة على نحو ما رأينا من قبل ، وإذا رأينا أن الأصل هو تقسيم التركة بين أولاد المتوفي من الذكور بالتساوي، فإن الدستور البابلي لم يفرق في هذا الصدد بين الأبناء ولو انتسبوا إلى زوجات شرعيات متعددات. ومع ذلك فان المساواة لا تنعقد بين أبناء العبيد والأبناء الذين ولدوا من زوجة شرعية، اللهم إلا إذا قام الأب أثناء حياته بتبني الأولاد غير الشرعيين. ونشير أخيرا إلى أن الأحفاد الذكور كانوا يرثون من تركة جدهم بدلا من أبائهم عن طريق الإنابة وذلك في حال وفاة الآباء قبل أبنائهم. إذ تنتقل هنا حصة الابن المتوفي قبل أبيه لأولاده.
وبنود المواد السالفة تطبق أيضا بالنسبة لتركة الزوجة المتوفاة إذا كان لها أولاد، أما إذا لم يكن لها أولاد فتعود ثروتها إلى أهلها بعد أن يقوم الزوج بخصم “التيرهاتو” الذي سبق أن أداه عند الزواج.

هذا فيما يخص بعض ماجاء في الاحوال الشخصية في الدستور البابلي ، كما تتضمن شريعة حمورابي بعض القوانين التي بلغت درجة من التقدم قلما تتوافر في كثير من التشريعات الحديثة. مثال على ذلك المادة 23 التي تقول: “إذا لم يضبط السارق فإن صاحب المتاع المسروق يقدم تفاصيل المسروقات في حضرة الإله، وعندئذ تعوضه المدينة وحاكمها التي وقعت السرقة في ناحيتها عن متاعه المسروق”. وإذا أدت السرقة إلى خسارة في الأرواح دفعت المدينة وحاكمها إلى ورثة القتيل “مينا” من الفضة كتعويض (المادة 24). هل ثمة في هذه الأيام مدينة أو دولة بلغ صلاح الحكم فيها درجة تجرؤ معها على أن تعرض على من تقع عليه جريمة بسبب إهمالها حكم التعويض؟!!!! ….

المصادر
ــــــــــــــــــــــــــــــ
شريعة حمورابي ، الاب سهيل قاشا ، لندن ،2007
شرائع حمورابي، الأب شيل، 1943
هورست كلينكل، حمورابي البابلي وعصره، 1990
ول ديورانت، تاريخ القانون، ج 2 من المجلد الأول، لندن، 1991
ابراهام . م . ليفنون ، الشعوب القديمة والقانون ،لندن، 1992

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا | Leave a comment

الجهاد الأكبر من فنادق قطر..

الأهرام المصريةqardawamashaal

أحمد موسي

لاتستغرب أيها المواطن من الخطب الرنانة والبلاغة التى تحويها كلمات الحمساوية أمثال خالد مشعل وباقى المغاوير من كتائب القسام فهذه عادة تربوا عليها من الجماعة الأم فى مصر والتى يقبع قادتها وراء القضبان لما ارتكبوه من جرائم فى حق الشعب، فهم يتحدثون عن الجهاد، وقتال العدو الإسرائيلى المجرم من أفخم فنادق الدوحة وقبلها سوريا وإيران وحتى من الأنفاق أسفل المنازل فى غزة ويقدمون الأبرياء كبش فداء لجهادهم!

سقوط الشهداء الفلسطينيين بصواريخ هذا الكيان الإسرائيلي، التى لاتفرق بين حماس والشعب الأعزل الذى هو أصلا يقع تحت الاحتلال الحمساوى ويحاول الخلاص من مشعل وهنية وكل زبانية الجماعة الإرهابية الأم ومؤسسها رمز العبودية والذل والخيانة حسن البنا، يتطلب من المغاوير القصاص لهم، لأنه فى كل مرة تدخل فيها حماس الحرب يسقط آلاف الشهداء والمصابين من المدنيين وتتهدم المساكن فوق رؤوس قاطنيها وتهجر آلاف الأسر والمكلومة المغلوب على أمرها، ولايمس أحد من هؤلاء المجاهدين لانهم ببساطة جهادهم من على شاشات التلفاز من دوحة تميم و«موزتها» او من تحت سطح الأرض بعشرات الأمتار، حيث يهرب هنية ونوفل والزهار وباقى القادة وأسرهم والذين يختفون فى أماكن مجهزة لاتطولها الصواريخ، لكنها تطول المسنين والاطفال والنساء والشباب وكل الشجعان الذين لم يهربوا أو يبحثوا لأنفسهم عن ملاذ آمن بل اصروا على تحدى الصعاب والبقاء فى منازلهم، فهؤلاء هم الذين يستحقون وسام الشجاعة وليس الهاربون!!

خرج مشعل قبل أيام ليتحدث عن جيش مصر العظيم، وكان عليه ان يتوارى خجلا لانه يترك نساء غزة وأطفالها وشيوخها يدفعون الثمن ولاتحرك دماء وجثث الشهداء والمصابين ساكنا ولانخوة من رجولة، ليعود لوطنه ويتقدم صفوف المقاومة ضد الكيان المحتل، لكنه ومعه مفتى الضلال القرضاوى وباقى الخونة يستحلون الجهاد من التكييف ويتمتعون بما لذ وطاب فى الأيام الكريمة!

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

قطر (الوكيل الحصري الأمريكي) لقضايا العرب الكبرى الإسلاموية والقوموية واليساروية

mm21قطر (الوكيل الحصري الأمريكي) لقضايا العرب الكبرى الإسلاموية والقوموية واليساروية …!!!
د.عبد الرزاق عيد
بسبب سكني ببيت جديد، لم أتمكن منذ حوالي السنة حتى اليوم أن أولف ( الانتين ) ، على المحطات الفضائية العربية سوى ( الجزيرة ) وال (24 ) الفرنسية بالعربية )……..
قضيت مساء اليوم أنتظرا خبرا جديدا من أخبار سوريا على (الجزيرة)، فلم أسمع بكل نشراتها أي خبر، فانتقلت إلى صفحات الأصدقاء من سوريا على الفيسبوك ………….
غير أني وجدت في ذلك فأل خير …،فمادامت (قطر) وتمثيلها السياسي كدولة (الجزيرة ) ومفكرها العربي المعين علينا كمفكر وقائد سياسي، لمعارضة يسارنا السوري (المعتدل)، مدام هؤلاء غائبين عن المعمعة السياسية . أشعر أن الأمور تسير بخير ..!!.
بعد أن تأكد لي أن القضايا التي يتبناها (محور الممانعة الأسدية –الإيرانية الطائفية ) هذا، هي دائما مهزومة بالأصل، أو بالوكالة الأمريكية، فقد انهزم العراق شر هزيمة، لأن معاركه القومية كانت تقودها ( الجزيرة ) وفق التوجيه والقراءة الأمريكية ، ثم كلفت قطر بترميم ما تحقق من تخريب وتدمير إسرائيلي للبنان، ومداواة جروح (حزب الله والمقاومة الإيرانية-الأسدية ) ومن ثم تدمير ضاحيته الجنوبية، وذلك بشراكة أموالهم القطرية المكفولة (أمريكيا)، مع الأموال الشريفة لإيران التي غدت فيها الأموال القطرية –الأمريكية، مباركة وشريفة، بفضل جمعها وخلطها مع الأموال الإيرانية الشريفة (مباركة ) ومغسولة غسلا ولايتيا مقدسا …
ولقد كان عضو الرئاسة (الفلسطيني )، الممثل (اليساري) الفلسطيني في الحزب القومي العربي (القطري )الكبير!!! ينوب عن القرضاوي ممثل حماس في الجزية، حيث كان ضيف وزارتهم الإعلامية (الجزيرة) التي تخوض حربها (الأخوانية –الجماسية القومية واليسارية ) مع مصر بذات النديّة والتكافؤ ، حيث ثعتبرها قطر (جبانة ومتخاذلة )، بسبب مبادرتها لوقف إطلاق النار، فقطر لا تقبل أن تخوض المعارك السياسية إلا مع من يوازيها (إقليميا )، وهي كبرى الدول العربية ( مصر والسعودية )، وذلك لأنها مدعومة ومكلفة بأوامر الشقيق الأمريكي الأعظم (أمريكا ) الذي تهون في عينه الكبريات العربيات !!!
وعلى هذا أصبحت السياسات الدولية العربية سهلة القراءة والتفسير، فحيثما تولت قطر اقليميا (فثمة) وجه وتوجه أمريكا حاضر، تتحدى به قطر كبار الأشقاء العرب (السعودية ومصر ….الخ) ،
لكنها تكون دائما وجه أمريكا ( المخاتل والمراوغ)، فحيثما تريد أمريكا أن تقدم وجها مخاتلا مخادعا،يعكس الوجه المناقض الجقيقي لسياساتها فإنها تكلف بذلك قطر (عربيا –أمريكيا ) …
فإذا كانت قضية حماس مدعومة ( قطريا ) فاعلم أنها قضية خاسرة أمريكيا وإسرائيليا بلا خلاف …تماما كقضية الثورة السورية اليوم ، وذلك منذ تبنيها القضايا القومية منذ الاحتلال الأمريكي للعراق …
فمنذ أن تولت قطر و(الجزيرة) الثورة السورية راحت تظهر الثورة علائم فشلها والانقطاع بينها وبين ثورة الشعب في الداخل …
وعلى هذا تفاءلنا …أنه ما دامت الثورة السورية أصبحت غائبة وبعيدة عن قطر –وتكليفها الأمريكي- وقناتها ووزارة دولتها الخارجية (الجزيرة )، ومفكرها العربي (اليساروي ولإسلاموي والعروبوي في آن واحد…)، فاعلم أن الثورة السورية بخير، وأنها ماضية في الطريق الصحيح إلى النصر …
J’aimeJ’aime · · Promouvoi

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

ممارسات غريبة الاطوار: مطاردة نساء بغداديات بتهمة العهر

iraqdevidedجواد غلوم

ليس جديدا ماجرى قبل بضعة ايام من مجازر وحشية حيكت في كهوف رجال دين واتباع امتهنوا القتل صناعةً وامتهانا بواسطة اسلحة كاتمة قامت بها اشباح مليشيات حاملة طهرا خادعا وفضيلة ملوثة بدماء ضحايا اتهموا نساءً مقيمات في حيّ زيونة برصافة بغداد بممارسة الدعارة فهناك العشرات من الجرائم قبلها نحت نفس المنحى في بغداد والبصرة بشكلٍ مكثف مع ان بقية المحافظات شهدت نفس الجرائم ولكن بشكلٍ أخفّ وطأةً طوال السنوات السابقة

فما يجري في بلادي من غرائب يعسر فهمها، فانتازيا لعوب تسري في كل مرافق مجتمعنا تلبس لبوس الحرام والحلال تقودها زمرة فوّضت نفسها لتكون سلطانا علينا رغما عنّا؛ تأتيك حاملة طهارة ظاهرة لكنّ باطنها محشوة بالفساد وترفع سيفا صقيلا يتراءى انه يقطر عدلا غير انه ينزُّ دما بريئا
رجال مدججون بالسلاح يتتبعون العاهرات اللائي لا تأنس لهم ولا تستسيغ النوم معهم وينصبون شباكهم لاصطيادهنّ ونحرهن امام العيان وينظر الملأ اليهم باعتبارهم من دعاة الفضيلة وناشري الطهر وحاملي العفّة، ولكن من جانب آخر يتركون عاهراتهم اللائي يتناسلون معهنّ لتسرح وتمرح وتتناقل في حضن هذا وذاك واذا اقتضى الامر يشرعن النكاح بصيغ المتعة والمسيار فيما بينهم؛ وتدريجيا، بصمتٍ مريع وبدون اية جلَبة؛ تتجه سيوفهم لقتل النسوة الفاضلات المصونات ثمّ اتهامهنّ بالخروج عن القاعدة وممارسة الجنس مع الغرباء كذبا
وفي غارات مفاجئة حالما يفرغون من عقاب النسوة؛ يبدأون باماكن اللهو في المقاهي العامة ويمنعون النادلات من العمل وتقديم الخدمات للزبائن بتفويض من رجال دين عتاة يأتمرون بهم ثم ينسلّون الى النوادي لمنع تداول الخمر فيها ويغلقون ابوابها ومنع المرتادين من دخولها… بعد ذلك تتسع الدائرة لينتهي الامر بتحريم الفنون والآداب وكلّ مايسعد الانسان ويخنقون كل ماهو جميل وبهيّ.
يدبّون كالنمل في المؤسسات الثقافية والفنية ليعيثوا فسادا وتخريبا في كل ماهو محبب وممتع ويخرجون فتاوى التحريم ويبدأون بتطبيق طروحات العقاب والثواب وفقا لأهوائهم وأمزجتهم وشيئا فشيئا يعملون على غلقها.
هنا تبدأ المساومات واخذ الأتاوات والضرائب غير المشروعة لتفتح من جديد نوادي اللهو تحت حماية البلطجية الذين يؤمّنون ان تشرع ابوابها من جديد بعد ان استلموا المقسوم لتأمن شنّ غاراتهم.
ترى كم من باعة الخمور الذين لم يساوموا هؤلاء راحوا ضحية عملهم وقتلوا شرّ قتلة وكم من المحال تم وضع عبوات ناسفة جوارها من اجل هدمها وتخريبها بحجة تعاطي تجارة الخمور وتسويقه بين الناس واضطر الباعة الى العمل في السرّ ودسّ قناني الخمرة خلسةً هنا وهناك لتكون بعيدة عن انظارهم !!
اما عن المداهمات المفاجئة للنوادي الترفيهية فحدّث ولا حرج؛ فبين حين واخر يشمّرون عن سواعدهم ويحملون اسلحتهم ويشنون غاراتهم ومداهماتهم على حين غرّة فتتناثر المناضد وتتبعثر الكؤوس ويتم القبض على ذلك النادل الفقير وهذا الخادم المسكين ليقول الناس انهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويطهرون المدينة من اماكن احتساء الخمور وجلسات السمر التي تلهي الناس عن عبادة الله الواحد الاحد ولمَ لا طالما هم ظل الله في ارضه وقد جاؤوا لتطهير ارض الاسلام من الموبقات والشرور؟؟!!
وبعد مساومات واخذ وردّ وربما مناشدات لإصلاح ما تمّ تخريبه يعاد فتحها لتستقبل نفس زوّارها لتعود الليالي الملاح الى عهدها الاول ويلتئم شمل الندامى والاصدقاء من جديد بعد نيل ماطلبوه عبر وساطات وضغوط لانعلم من يديرها ويرتّب اعادة فتحها.
وتدريجيا يضعون ذرائع يقنع بها العامة من الناس بان الهدف من وراء ذلك محاربة العهر والفساد والعمل على تطهيرها من دعاة نشر الرذيلة فيتمّ قتل بضع عاهرات معروفات في امتهان الدعارة حتى يصل الامر الى غيرهن من اعفّ نسائنا لا لشيء الاّ لكونهن على غير دعاة راكبي موجة الاسلمة المخادعة فنفاجأ بقتل واعتقال تلك المرأة اليسارية المنحى وهذه الشابة المعارضة المثقفة وتلك الناشطة في منظمة مدنية ما وتدنيس سمعتها واتهامها بالباطل وكذا الامر يحصل لرجالنا ممن لاينصاعون لما يجري من غرائب هذا المجتمع العجيب الاطوار.
نعم انهم يبدأون بالناعم ثم ينتهي بهم الامر الى كل ماهو خشن الملمس ظنا منهم انهم ناشرو الفضيلة لكنهم يشيعون الرذيلة ويأكلون السحت الحرام ويتقبلون الرشوة لشراء سكوتهم ويغنمون النساء بائعات الهوى من اللاتي يتخوفن منهم ليبيحوا لهن التحرّك على هواهنّ بلا رقيب او حسيب.
ويبدو ان فضّ بكارة وطن ثم بيعه او ارتهانه لزناة الخارج والداخل مسموح به بينما المحظور ان تلجأ امرأة الى بيع جسدها لتؤمن لها ولعيالها زادا يقيم أودَها حتى ولو كان مغمسا بالعهر مع اننا نستهجن هذا العمل غير السويّ فالحرّة تموت ولاتؤجر جسدها أو كما يقول المثَل لاتأكل ثدييها، لكن لاأحد يسأل لماذا لجأت هذه المرأة او تلك للمحظور من السلوك غير المستقيم.
هل قمتم بتأهيل تلك النسوة وقدّمتم لهنّ مايمكن انتشالهنّ من الواقع المزري الذي يعشْنه؟؟!
بلادٌ ملأى بالأرامل والمطلقات ولامعين يشبع جوعهنّ ويقف سنَدا قائما لهنّ ولأطفالهنّ.
قولوا لي ماذا يفعلن امام حاجات حرجة وفروقات طبقية ماأنزل الله بها من سلطان وسرقات هائلة يمارسها ذوو النفوذ من سياسيين ورجال دين وشيوخ قبائل لايعبأون برعاياهم ويتركونهم عرضةً للحاجة الملحّة التي يتطلّب اشباعها وتلبيتها في هذا الزمن الذي لايحنو على قريب ولايقرب من ذي حاجةٍ ماسّة وبالاخص النسوة الضعيفات الواهنات اللائي يعشن على هامش الحياة في اقسى مواضع الاهمال واللامبالاة؟؟!
وهاهم يركضون وراء شاعر او فنان انزوى في نادٍ او مقهى ليمتع نفسَه وقتا قصيرا ويتركون اللاهثين نحو زواج المتعة او المسيار والباحثين عن المثنى والثلاث والرباع زيجات يشوبها الزنى ويلاحقون فتاة احبت فتى ليلتئما خلسة في مكان ما بعيدا عن الانظار، وينسون اوكار الدعارة السياسية وبيع بلاد بأكملها الى عاهري السياسة ويلقفون من خارج الحدود اموالا لتخريب نفوسنا لنحفر قبورنا الى مهاوي الردى وقيعان التخلف، فكل هذا جائز ومباح ومحلل عندهم.
اية مقاييس هزيلة واية موازين معوجّة نكيل بها !!!
أطال الله في عمرك عمّنا الشاعر الجليل مظفر النوّاب كنت تبكي القدس وتصرخ بملء فمك حينما دخل جناة الليل الى حجرتها فهاهي امّنا بغداد وبقية مدننا الجميلة يزنى بها من قبل اولادها الاعراب زنى المحارم وينام معها الاغراب ولا من يهتزّ هلعا ناصرا لها.
قبّحك الله ايها الزمن الوغد العاثر في مشيتك، لمَ ابقيتني حيّاً وأوصلتني الى هزيع العمر الأخير حتى ارى مما لايطاق ولا يحتمل مشاهدته؟؟؟
ويبدو لي انه حينما يرتدي الظلم أقنعة التقوى والإيمان تتكاثر الفواجع واحدة اثر أخرى.
jawadghalom@yahoo.com

المصدر ايلاف

Posted in ربيع سوريا, فكر حر | Leave a comment

تسقط الخلافة

الدولة المدنية العلمانية أفضل من دولة الخلافة، هي أقرب للعدل والمعاصرة. ومع أن كل قوانين الإنسانية تزعم استحالة albghdaywatchالعودة إلى الوراء، لكننا عشنا في زمن نرى فيه الوراء يأتي إلينا.

العرب:: أحمد عدنان نشر في 2014\07\03

كلما أراد مستبد تشريع استبداده، وكلما أراد مجرم تبييض صحيفته، وكلما أراد مختل فرض جنونه، نادى لنفسه بالخلافة أو أعلن تطبيق الشريعة، وآخرهم المسمى (أبو بكر البغدادي) زعيم داعش، ذلك التنظيم الذي لا يليق أن نطرد أصحابه من الملة فقط، بل يجب أن نخرجهم من الإنسانية برمتها، خصوصا وأن جرائمهم تفوق الحصر عددا، وتتجاوز البشاعة نوعا.

فكرة الخلافة – وهي نقطة الارتكاز لدى أغلب قوى الإسلام السياسي- تجاوزها الزمن، وهذا لا يستثني الخلافة الراشدة. لم يتمكن حكم الخلفاء الراشدين من الصمود أكثر من ثلاثين سنة، انتهى عهد الخليفة الثالث بالثورة ولم يتمكن أنصاره من دفنه إلا في مقابر اليهود، عاش الخليفة الرابع عهده في الفتنة ثم سقط النظام برمته لعجزه عن الحياة. كان حكام ذلك النظام أفضل العرب والمسلمين صلاحا وخلقا، ومع ذلك تم اغتيال ثلاثة خلفاء من أصل أربعة!

الخلافة هي حكم الفرد الواجب انتماؤه إلى قريش تعنصرا، وصدف أن كان هذا الفرد صالحا زمن الخلافة الراشدة، وهي صدفة مستحيلة التكرار لانتهاء خيرة الصحابة منذ قرون. لكن ممارسات أغلب الخلفاء- بعدهم- يندى لها الجبين، حتى أننا لم نعرف عادلا منهم إلا عمر بن عبدالعزيز المغتال بالسم، معاوية- الذي رفع المصاحف على أسنّة الرماح وكرّس الملك العضود الذي يعانيه العرب إلى اليوم- يتجاهل معايير الصلاح والكفاءة ويورث الحكم لابنه يزيد الذي قتل الحسين ثم استباح المدينة وهدم الكعبة، عبدالملك بن مروان صاحب أول غدر في الإسلام، يزيد بن عبدالملك التهى بجواريه عن الحكم، ثم ابنه الوليد الذي أراد الحجّ ليسكر فوق الكعبة.

لم يكن خلفاء بني العباس أفضل حالا، فالأمير يقتل أخاه وعمه (كالمنصور والمأمون)، والشعراء يتغزلون بالخليفة المشغول برضا غلمانه (كمحمد الأمين والواثق بالله)، ثم انتهت الخلافة ممسحة للوزراء والعسكر.

آلت الخلافة إلى بني عثمان فكرسوا سنن القتل والشذوذ، حتى وصل الأمر إلى قيام الخليفة العثماني بقتل قربى الدم خشية المنافسة على السلطة. نظام الخلافة توشّح بصورة تاريخية إيجابية مقارنة بأنظمة الحكم في عصره، لا لصلاحه في ذاته.

مفهوم الحكم تغير وتطور، لم يعد مطلوبا من الحاكم أن يكون قاضيا عادلا، فالعدل أصبح موكلا تماما للسلطة القضائية المستقلة وفق مبدأ فصل السلطات، المطلوب من الحاكم في هذا الزمن أن يكون مديرا ناجحا في دولة الحداثة، أي دولة القانون والمؤسسات والمواطنة، لا دولة الأمس البدائية والمختصرة في القضاء والحرب، دولة يأتي حاكمها غصبا ويحكم الناس قهرا ولا يرحل إلا بالموت.

يدعون إلى الخلافة ليل نهار باسم الإسلام، وهي ليست من الدين في شيء، ليس هناك نص ثابت- قرآنا أو سنة- يحدثنا عن كيفية تعيين الأمير أو عزله أو محاسبته، ولن تجد شرحا غامضا أو وافيا عن شكل نظام الحكم «الإسلامي» في أصول الدين أو فروعه، لن تجد فقه السياسة إلا في طاعة الحاكم الجائر والتسبيح بحمده من دون الله، ومع ذلك يصدّق الناس من يكذب عليهم لتحقيق مصلحته الخاصة. يدّعي حمقى الفقهاء أن ذلك الغياب من مرونة الدين الإسلامي كعادة العرب في تسمية الأشياء بغير أسمائها، فمن سمى بقاء الرأس على الرقبة «نصرا» اليوم، ومن سمى الهزيمة «نكسة» في الأمس القريب، هما من سميا الغياب «مرونة» في الأمس البعيد.

إن مسؤولية هذا الجنون يتحمله الحكام العرب حين حاربوا كل دعوة جدية إلى التنوير، ويشاركهم فيها وعّاظ السلاطين الذين شرّعوا استبداد الحاكم وغلبته مقابل الوصاية على الناس. حين نادى الأحرار بتاريخية النص والحدود وفردية الإسلام وعلمانية الدولة ومدنية القانون وسيادة العقل وضرورة فصل السلفية عن السنة، عُلّقت لهم مشانق الخيانة بصكوك التكفير. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن المؤسسة السياسية والمؤسسة الدينية الرسمية زايدتا على المتطرفين في تطرفهم، أراد كل طرف أن يحتكر الإسلام لنفسه- باسم السياسة- دون الآخرين، والنتيجة هي ما نراه اليوم خصوصا وأن الخطاب الديني الرسمي في بعض الدول العربية هو المشروع الاجتماعي لداعش والقاعدة.

انجذاب البعض إلى فكرة الخلافة مردّه تعاسة الواقع المعيش، هم يبحثون عن أي نافذة تمنحهم لذة انتقام وهمية من حاضرهم، والأخطر أن الخطاب الديني كرّس نموذجية الماضي ففقدوا كل أمل مستقبلي، والخطاب السياسي كرس الشر في الغرباء- دينا وجنسية- فتصوروا البقاء قائما على إبادة الآخر. وفوق كل ذلك ابتليت المنطقة بأعداء يسكبون الزيت على النار، إسرائيل ترفع شعار الدولة اليهودية في مواجهة الدولة الإسلامية، وإيران تترقب المهدي المنتظر وتتلذذ بصراع الطوائف.

لقد تأخرنا في اعتماد بعض المؤلفات ضمن المناهج الدراسية في كل بلاد العرب والمسلمين: (الإسلام وأصول الحكم) لعلي عبدالرازق و(الحقيقة الغائبة) لفرج فودة و(الإسلام دين وأمة لا دين ودولة) لجمال البنا. وإنها فرصة لأشير إلى المشروع العظيم للمفكر المصري عبدالجواد ياسين والمتمثل في كتابين: (السلطة في الإسلام) و(الدين والتدين).

لعلي أطلب من الحمقى عاقدي العزم على مبايعة رأس الكفر والجنون (البغدادي) مطالعة بعض هذا النتاج عسى أن يعودوا إلى رشدهم. قد أبدو سطحيا تماما، لكن مأساوية الواقع الفادحة تجسد ذروة السطحية في مفارقة لافتة. هناك حقيقة لا مفر من مواجهتها: لو لم تتخذ المؤسسة السياسية والمؤسسة الدينية- عربيا وإسلاميا- قرارات جذرية وشجاعة لإنقاذ الإسلام فقل على المسلمين الدمار. ليتهم اهتموا بإدارة الشأن العام قدر اهتمامهم باستغلال الدين وتحريفه.

إن الدولة المدنية العلمانية والديمقراطية أفضل من دولة الخلافة، هي أقرب للعدل والمعاصرة. ومع أن كل قوانين الإنسانية تزعم استحالة العودة إلى الوراء، لكننا عشنا في زمن نرى فيه الوراء يأتي إلينا!

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

استبدال لطيور الله الأبابيل

ababilbirdsحماس تحترع طائرة اسمها (طائرة ابابيل) على اساس انها استبدال لطيور الله الأبابيل التي ترميهم بحجارة من سجين تجعلهم كعصفٍ مأكول ههههه

تسمية الطائرة الكرتونية المزعومة بطير ابابيل يقابلها اسم طراز بأحرف انجليزية كافرة!

A1A

، وهذا مالم يفعله نبيّ الإسلام لم يطلق احرف اضافية على طيور الإله الأبابيلية الخرافيّة!

تسمية الطائرة المزعومة والإستعراض بها لهو شعور بالنقص الشديد امام القوة العسكرية الإسرائيلية وآلاتها المتطوّرة ..حتى ان من حرّر الخبر وضع اسرائيل بصورة الخائفة المرتبكة من هذه الطائرة والتي احدثت زلزال وخوف وتهديد.

تسمية الطائرة الكرتونية بلقب اسلامي ورد بالقرآن، هو ما نسمية بالعامية (تسليك) يسلكون لأنفسهم وللمؤمنين انهم اقوياء ويتحدون هؤلاء الكفرة ..

ملحوظة: تعرفون وش الأبابيل؟ اقصد وصفها؟ اصلاً ما يدرون وش مواصفاتها ووصفها …كل مفسر ساقه خياله الخصب لتصوّر هذه الطيور وكأنك تقرأ لأساطير سبقتهم بالآف السنين . مثال فقط لا اكثر … اقرأوا من الطبري!

طيراً أُخرجت من البحر. وقال بعضهم: جاءت من قِبَل البحر.
ثم اختلفوا في صفتها، فقال بعضهم: كانت بيضاء. وقال آخرون: كانت سوداء. وقال آخرون: كانت خضراء، لها خراطيم كخراطيم الطير، وأكفّ كأكفّ الكلاب.

خراطيم كالطيور واكفّ كأكفّ الكلاب.. هل رسمتم صورة ابابيل الإسلام بخيالكم؟ اضحكوا على دين العقلانيّة!

Posted in ربيع سوريا, فكر حر | 1 Comment

بالفيديو زوجة وولد الخليفة البغدادي

wifabaghdady

في هذا الفيديو وبعد اللحظة 3:8 تظهر زوجة خليفة المسلمين “سجى الدليمي” والتي كانت في سجون النظام السوري وتمت مبادلتها في صفقة “راهبات معلولا” ضمن مجموعة أسماء قدمتها “جبهة النصرة” للسلطات السورية. وهناك تسريبات بان والدها يعد ممولا ومؤسسا لـ”داعش”، وقتل في عملية عسكرية للجيش السوري في دير عطية, وأن  زوجة الخليفة البغدادي كانت تشتغل “حلاقة”، أو خياطة في الأنبار وعامرية بغداد, وكانت متزوجة من رجل عراقي قبل زواجها بالبغدادي، اسمه فلاح إسماعيل جاسم، وهو أحد قادة “جيش الراشدين”، والذي قتله الجيش العراقي خلال معارك الأنبار في العام 2010, وان شقيتها ” دعاء” كانت الانتحارية الأولى التي أخفقت في تفجير نفسها بتجمع كردي في أربيل.

Posted in ربيع سوريا, يوتيوب | Leave a comment

ردود على اسئلة المشككين في الكتاب المقدس

ردود على اسئلة المشككين في الكتابbibleancient2 المقدس

اتلقى احيانا في بعض مقالاتي الدينية او العلمية تعليقات من بعض الملحدين او الاسلاميين يعترضون فيها او يشككون في مصداقية بعض ألايات الواردة في الكتاب المقدس بعهديه القديم و الجديد .
ويعتبرون – عن عدم فهم المعنى الحقيقي لتلك الايات – انها مخالفة للعلم والمنطق ويكونوا بذلك التعليق قد اوهموا انفسهم انهم حققوا نصرا كبيرا – ضد اقدس كتاب على الارض – لصالح الملحدين او المصطفين معهم من الاسلامويين المتعصبين للنخاع من المغسولة ادمغتهم بما تعلموه من كتاب الخرافات والمغالطات التي تعلموها في كتابهم .
ان الكتاب المقدس كتاب قام بكتابته عشرات الانبياء بوحي من الروح القدس ، روح الله الذي ينير بصيرتهم لكتابة الالهام السماوي كقصص تاريخية او شرائع ووصايا الهية او تاريخ ملوك
او احداث مرت عبر العصور فيها دروس وعبر .
ان عدم وجود تفسير مقنع احيانا لبعض الايات ، لا يعني انه لا يوجد له تفسير منطقي وطبيعي لأن في الكتاب الكثير من الرموز والتصوير والتشبيه والمجازللكثير من الايات تدل على شئ غير الذي نعتقده اثناء القراءة السطحية لتلك الايات وقد يكون هناك أرتباطا بايات اخرى لم نمر عليها او ندرك معناها ، وهنا نحتاج الاستعانة بكتب التفسير للمختصين ليشرحوا لنا ما استعصى عنا فهمه من معاني قبل ان نطلق العنان لشكوكنا .
فمثال الحكيمات الخمسة والجاهلات الخمسة ( انجيل متى 24: 1-13) اللواتي لم يجهزن زيتا لمصابيحهن للاحتياط والاستخدام لوقت الحاجة ، لا يعني الزيت بما نفهمه من معنى حرفي ، وانما يعني التزود بالحكمة و التدبر في الامور المقبلة والاحتراس والتخطيط المستقبلي ، كل هذا صور على شكل زيت نفذ من المصابيح حتى انطفأت ولم تستخدم وقت احتياجها الفعلي .

ذكر احد الملحدين في تعليق له في احد مقالاتي حول تاييد الكتاب المقدس لكروية الارض معترضا على ذلك بقوله كيف يمكن للشيطان المجرب لقدرة المسيح ان يري السيد المسيح كل ممالك العالم ومجدها مرة واحدة كما ورد ذلك في انجيل متى 3 – 8 ، الا يدل ذلك على ان الارض مسطحة وليست كروية كما قال الكتاب في سفر اشعياء 22:40 ؟
جوابي لهذا الملحد هو :
ان كان للشيطان القدرة الفائقة على عرض كنوز وممالك العالم امام السيد المسيح ، فلن يحتاج الى ارض مسطحة او كروية لعرض ممالك العالم وكنوزها ، بامكان قدرته الخارقة للطبيعة ( ان وجدت ) ان تعرض تلك الكنوز والممالك بطريقة ميتافيزيقية ايضا . ولا يعتمد ذلك على جغرافية الارض وطبيعتها المادية .
وانا شخصيا اشكك بحرفية المعنى لهذه القصة ، فليس المقصود منها عرض كنوز وممالك لمنحها للسيد المسيح الذي هو ليس بحاجة لها ابدا ، ولكنها كانت وسيلة اغواء السيد المسيح للتنازل والسجود للشيطان معتقدا انه قابل للخضوع لأغراء سلطان المادة من كنوز الذهب والفضة .
ان المقصود من ذلك التشبيه المجازي هو محاولة الشيطان الخبيثة للنيل من قوة الايمان واخضاعها لسلطان الشر . وما حكاية عرض الكنوز والممالك الا عرضا مجازيا فلا يجب ان نأخذها بحرفيتها ونقول ان الارض كروية او مسطحة لنجاح الفكرة .

نفس الكلام ينطبق على مقولة اعمدة السماء ، فعقلية الانسان المخاطب في زمن انبياء التوراة كانت تعتقد ان السماء التي يروها بالعين المجردة تشبه القبة لأنها تبدأ من ملامسة الأفق البعيد للارض وترتفع تدريجيا الى اقصاها في سمت الرأس ثم تنخفض نحو الأفق البعيد المعاكس وتتشكل بهيئة قبة سماوية .
والكلام عن العمد هو ايضا تشبيه لتقريب الفكرة ان كل سقف يرتفع بحاجة الى اعمدة تسنده .
ولا يجب ان تؤخذ حرفية الكلام بل المغزى العام من الكلام . ولهذا لم يقل السيد المسيح لليهود بشكل مباشر انا صورة الله المتجسد اوانا كلمة الله المتجسد والا لقالوا عنه انه انسان مجنون ولكنه قال لهم قبل ان يكون ابراهيم انا كائن، واراهم قدرته الالهية بشفاء المرضى واقامة الموتى بطريقة معجزية ليؤمنوا به انه الله المتجسد بدلا من الكلام المباشر ، لقد غفر خطايا الناس وخلق للاعمى عينين واسمع الاطرش وانطق الاخرس واكثر الطعام واشبع اكثر من خمسة الاف انسان من خمسة ارغفة خبز وسمكتين ، ومشى على الماء واقام الموتى . فمن يملك تلك القدرة الربانية غير الله الخالق ؟
اليس من يكون كلمة الله بقادرعلى اتيان المعجزات وان كان متجسدا بهيئة انسان اسمه يسوع المسيح او عمانوئيل اي الذي تفسيره ( الله معنا ).

صباح ابراهيم
12 تموز 2014

Posted in فكر حر | Leave a comment