شاهد مزحة الاميركيين وجرذ البيتزا

لعبة على شكل جرذ تسير على عجلات يتم التحكم بها عن بعد تجر قطعة من البيتزا الشهية تجوب شوارع نيويورك وتضفى المرح والخوف والقرف مع بعض شاهد تقرير السي ان ان

obezyan

Posted in كاريكاتور, يوتيوب | Leave a comment

الاشقاء المصريين … لا تزعلوا منا +18

Gorillagirl-showing-midيعتب علي بعض الاصدقاء المصريين بأني اتهجم على السيسي وكأني عندما اتهجم عليه اتهجم على مصر كلها …لا يا اعزائنا مصر ليست بحجم المصريين فقط وانما بحجم العرب جميعا, فمن هذا السيسي حتى تختصر مصر به,  وعلى كل حال ان اشتم السيسي وارحب بكم شتامون لبشار ….يا مرحبا
من باب الشيء بالشيء يذكر سأقص عليكم حادثه وقعت في الستينات
مجموعه من الضباط البعثيين القدامى وفي حفله عائليه حضر شاب فنان ومعه زوجته صبيه جميله ومع البسط والانشراح والكاس والطاس قامت الصبيه ترقص وزوجها يعزف على العود و تتمايل وكانت تلبس فستان قصير سف عن مفاتنها, فما كان من ابو زياد وهو رجل في منتصف الستينات الا ان دب الحماس به من الاعجاب والاثاره وقال لها : ابوس طيزك…. صمت الجميع و زوج الشابه امتعض وقطب حاجبيه فما كان من ابو زياد الا ان التفت الى الشاب قائلا : لا تزعل عمي هي ام زياد قدامك قوم بوس طيزها ( ام زياد في الستينات اكل الزمان عليها وشرب )
وانا اقول لا تزعلوا دونكم بشار اشتموه ماشئتم فانا لن اتوقف عن شتم السيسي ونظامه طالما هو موجود و يرقص متعري مع نظامه العاهر

Posted in الأدب والفن, كاريكاتور | Leave a comment

هدية القمصان

samirلعل الظاهرة عامة: هذا القرن لا يحمل إلى الآن أسماء الكثير من كبار الشعراء. القرن الماضي كان مدهشًا وبديعًا: بابلو نيرودا. تي إس إيليوت. عزرا باوند. سان جون بيرس. بورخيس. لوركا. روبرت سنو. والاس ستيفنسن. فيليب لاركن. أودن. الآيرلنديون. وآنا أخماتوفا. كانت للشعر أمسيات وأصدقاء ولقاءات ومهرجانات. وأعني بالمهرجان الاحتفال بالقصيدة، لا بالزعيم.
لا أعرف لماذا لم يعد هناك أحد من هؤلاء اليوم. لماذا لا تزال روسيا من دون بوشكين آخر. من دون أخماتوفا أخرى. لماذا الإنجليزية من دون إيليوت آخر. لماذا الإسبانية الغنائية من دون شيء من بابلو نيرودا؟ أي شيء. حدث لي شيء مبهج هذا الصيف. دخلت متجرًا للقمصان ورحت أبحث على رفوفه. وتقدمت مني صاحبة المخزن، قائلة بإسبانية لم يصعب عليّ فهمها: إذا اشتريت فوق المائة يورو، لك من المحل هدية: خمس قصائد مزينة بالرسوم لبابلو نيرودا.
كم كانت القصائد لذيذة. لم أفهم المعاني، لكنني تخيلت نيرودا يلقيها أمام منزله على المحيط الهادي. تخيلت وقعها وتقاسيمها والحداء الجميل. كان نيرودا يكتب للمستقبل. وليس صحيحًا، ليس تمامًا، ما قالته أخماتوفا من أن الشعراء لا يكتبون إلا عن الماضي. عن الطفولة والشقاء ورفوف الطيور العابرة. قالت ذلك في يأسها العظيم والمبدع، حين رفضت مغادرة لينينغراد بعد الحصار الوحشي الذي ضربه حولها النازيون: «كيف أغادر هذه المدينة الجميلة وفيها أعمدة الجمال ومدافن أجدادي». رفضت أن تغادر الاتحاد السوفياتي مثل نابوكوف وسولجنتسين. وعاشت من الترجمة، حين يُسمح لها بذلك. وعندما زارها أحد الأصدقاء القدامى قالت في خجل: «سامحني، ليس لدي ما أقدمه لك سوى البطاطا المسلوقة». ولم يكن في ردهتها سوى طاولة عارية وأربعة كراسي.
إلى أي عالم يأخذك شعر أخماتوفا. إلى أي طبقة من طبقات النشوة والندى؟ كتب يومًا أن الروس أسياد الرواية في العالم. ولكن ماذا عن بوشكين وأخماتوفا، المرأة التي أخذوا زوجها إلى الإعدام وابنها إلى سيبيريا؟ عشر سنين في سيبيريا. عندما مُنحت الدكتوراه الفخرية في أكسفورد عام 1965 ظن الغرب أنها لن تعود إلى شقة البطاطا المسلوقة والكراسي الأربعة. لكنها أصرت على العودة، بعكس ابنة ستالين التي هربت من ظل والدها.
كم يغبَّط الروس على شعرائهم. على كتّابهم. على مسرحهم. على متاحفهم ورسومهم. ذلك هو العالم الذي رفضت أخماتوفا أن تغادره. عالمها الذي كتبت فيه «بطل بلا قصيدة» و«مرثاة موسيقية» وتحولت إلى رمز من رموز روسيا. ليس بوشكين طيفًا، لكن هل قليل أن يكون الشعر أخماتوفا؟

* نقلا عن “الشرق الأوسط”

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

لانتفاضة الثالثة انتفاضة الكرامة (30) شكاوى سياسية وتحديات أمنية إسرائيلية

mostafalidawiرغم مظاهر القوة والتفوق الإسرائيلية، وادعاءات السيطرة والهيمنة، وارتفاع أعداد الشهداء ومضاعفة أعداد الجرحى الفلسطينيين، وقلة عدد القتلى الإسرائيليين، الذين بلغ عددهم بعد مضي أكثر من شهر على بدء الانتفاضة، اثنا عشر قتيلاً دهساً وطعناً، وعدم خطورة أغلب المصابين منهم، الذين يغادرون المستشفيات بعد ساعاتٍ قليلة من دخولهم إليها، نتيجةً لإصابتهم المباشرة، أو بسبب الأزمات النفسية التي يتعرضون لها جراء اتساع نطاق عمليات الطعن والدهس، وتحولها إلى هاجسٍ يلاحقهم وكابوسٍ يداهمهم.

فضلاً عن عدم انتشار الأحداث إلى عمق المدن الإسرائيلية، سوى مناطق قليلة متفرقة لا تشكل حالةً أو ظاهرة، واقتصارها فقط على مناطق مغلقة في القدس وفي مدن الضفة الغربية، وخلف الأسلاك الشائكة في قطاع غزة، بما لا يشكل خطراً كبيراً على حياة الإسرائيليين، حيث تبدو حياتهم طبيعية في تل أبيب وبقية مدنهم وتجمعاتهم، ولا يشعر المواطنون بأن شرارة الأحداث قد تنتقل أو تصل إليهم، أو أن سكاكين الفلسطينيين قد تطالهم وتصيبهم، فلا يجدون أنفسهم مضطرين للالتفات إلى الخلف أو على الجانبين ليتقوا أي طعنةٍ أو هجومٍ مفاجئ.

إنها كلماتٌ إسرائيلية وتحليلاتٌ صهيونيةٌ، بأقلامٍ يهودية وأخرى مؤيدة لهم ومناصرة، إلا أنهم رغم محاولات تطمين النفس والمجتمع، وأوهامهم التي يعيشون عليها، وهذه الادعاءات التي يحرصون على ترويجها لإضعاف الفلسطينيين وإحباطهم، وإشعارهم بأن جهودهم تذهب هباءً، وأنها لا تحقق شيئاً، ولا تلحق بالإسرائيليين خسائر، وأنهم يفقدون حياتهم، ويتسببون في خراب بيوتهم ودمار منازلهم وتشتيت عائلاتهم، فمن الأفضل لهم حتى يحقنوا دماءهم ويحفظوا حياتهم، ويحافظوا على ما بقي بين أيديهم، أن يتراجعوا عن فعالياتهم، ويتوقفوا عن انتفاضتهم، ويمنعوا “المخربين” عن عملياتهم، الذين يورطونهم أكثر، ويجرونهم إلى مستنقعٍ أكبرٍ، لن يزيدهم إلا خسارة وندماً، وفقداً وألماً، وتيهاً أشد وفترة ضياعٍ أطول.

رغم ذلك فإن صوت القيادات الأمنية يعلو ويصخب، ويعلن العجز والضعف عن مواجهة العمليات الفردية الفلسطينية، التي يطلقون عليها اسم عمليات “الذئب الواحد أو المنفرد”، حيث أن أغلب العمليات التي نفذها شبانٌ وشاباتٌ فلسطينيون، قد كانت عمليات فردية غير منظمة، لا يتبع منفذوها إلى تنظيمات وأحزابٍ فلسطينية معينة، ولا يتلقوا منها تعليمات ولا مساعدات، وهو الأمر الذي يعقد مهمة الأمنيين الإسرائيليين، الذين يشكون من نقص المعلومات وقلة الدلائل والشبهات، فضلاً عن أن أغلب منفذي العمليات ليس لهم سجلاتٍ أمنية، ولا شواهد تدل على ميولهم ونزعاتهم الوطنية.

لهذا فإنهم يعجزون عن إحباط هذه العمليات وإفشالها قبل وقوعها، نظراً لعدم قدرتهم على اعتقال المشتبه فيهم، لقلة المعلومات أو انعدامها عنهم، حيث أنهم يعتبرون مجهولين بالنسبة إلى المجموعات والخلايا الأخرى، التي غالباً تساعد اعترافاتهم أثناء التحقيق والاعتقال المنظم على إحباط عملياتٍ قادمة، واعتقال خلايا نائمة، وإفشال مخططاتٍ قائمة، ولكن الحالة هنا باتت مختلفة وصعبة، نظراً لأن المنفذين يعملون وحدهم، ويقررون بأنفسهم، فلا يستأذنون ولا يشاورون، ولا يطلبون المساعدة والإسناد، ولا الرصد والتمويل، وهذا من شأنه أن يقلل من حجم المعلومات المتبادلة، التي من شأن امتلاك المخابرات لها، أن يحبط أو يتنبأ ببعضها.

أمام هذه المعضلة الحقيقية التي يعترف بها الإسرائيليون جميعاً، ويشكون منها بخوفٍ وقلقٍ، فإن حكومتهم ترفع صوتها عالياً، تطالب المجتمع الدولي أن يقف معها ويساندها، وأن يضغط على السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية لتتعاون معها، وتزيد من درجة التنسيق الأمني مع أجهزتها، وأن تدفعها لبذل المزيد من الجهد لإحباط أي عملية قبل وقوعها، فهي تستطيع أكثر من غيرها أن ترصد الغائبين وتتعرف على نوازعهم وميولهم، ولدى أجهزتها الأمنية من الأدوات والوسائل والسبل ما يمكنها من تحقيق إنجازاتٍ أكبر، وهي تؤكد للسلطة الفلسطينية أن أهدافهما مشتركة، ومخاوفهما واحدة، وعلى عواصم القرار الدولية أن تفهم ذلك وتدركه.

هذا ما عبر عنه بوضوح رئيس حكومة الكيان بنيامين نتنياهو الذي شكا الفلسطينيين إلى العالم، مدعياً أن جيشه يحمي القدس والمسجد الأقصى من وقوعه في أيدي المجموعات الإسلامية المتطرفة، ومنها تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، الذي من الممكن أن تسيطر على القدس والمسجد الأقصى، وأن تعيث في الأرض الفساد، وتقتل الأقليات وتخرب الآثار، وقد تقوض السلطة الفلسطينية وتعتدي على رموزها، والشواهد التي يملكها العالم عن تنظيم داعش كبيرة وكثيرة، ولهذا فإنه يطالب قادة المجتمع الدولي أن يدعموا سياسته، وأن يؤيدوا إجراءات جيشه، ولا ينتقدوا ممارساته، وألا يصغوا إلى الشكاوى الفلسطينية والعربية، فجيشه -بزعمه-يقوم بالنيابة عن العالم بحماية الأماكن المقدسة، ويمنع سقوطها في أيدي المتطرفين والمتشددين الإسلاميين، ويحفظ حقوق أصحاب الديانات كلها في ممارسة حقوقهم وطقوسهم الدينية.

هذا بعض ما يحمله نتنياهو في زيارته إلى واشنطن، فهو يطمح أن يقنع الرئيس الأمريكي باراك أوباما وسادة البيت الأبيض بأن ما تشهده القدس والمناطق الفلسطينية ليست ثورة ولا انتفاضة، ولا هي محاولات لنيل الحقوق واستعادة المقدسات كما يدعون، إنما هي عملياتٌ إرهابية تخريبية، المقصود منها ترويع المواطنين وقتل السكان، وما السكين التي يستخدمونها في الطعن والقتل إلا امتداد لسلوكيات داعش وتصرفاتها، التي ينبذها العالم ويرفضها، ويخشى من انتشارها واتساع رقعتها، ويبدو أن باراك أوباما قد صدق حجة نتنياهو، وكذب الأدلة والصور، والشواهد والحقائق، فأعلن في استقباله لضيفه إدانته لعنف الفلسطينيين، وأكد على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.

بيروت في 11/11/2015

Posted in فكر حر | Leave a comment

DNA- فيينا..الأسد..وسيادة سوريا- 10/11/2015

DNA- فيينا..الأسد..وسيادة سوريا- 10/11/2015
nadimqouteish

Posted in ربيع سوريا, يوتيوب | Leave a comment

احمد حسون بوق ارعن و طبل اجوف و مزمار علاه الصدأ

hassonteen

احمد حسون ابن العلقمي الروسي
لم يعرف التاريخ احدا مهد لغزو بلاده كما فعل ابن العلقمي حتى جاء احمد حسون مطية ال الاسد فجعلوا من ظهره سرجا و من عمامته لجاما فهلل للروس اضعاف ما هلل ابن العلقمي للمغول
ولأن اهل حلب متدينون بالفطرة و يحترمون ويجلون مشايخهم فلقد التف حوله و حول صديقه اللدود صهيب الشامي نفر من البسطاء في بادىء الامر ثم شيئا فشيئا انفض الجمع ولم يبقى حولهما سوى المنتفعين الذين يقتاتون على فضلات موائد العبيد و الخدم
احمد حسون بوق ارعن و طبل اجوف و مزمار علاه الصدأ …..لمن تنوح و تشوح يا هذا …….اخذاك الله الا تترك قليلا من الهيبة للعمة و الجلباب
انا اجزم ان تحت هذا الجلباب تي شورت و شورت لصبي مخنث ما ان يسقط النظام حتى يخلع جلبابه و يسير بين جموع المخنثيين الهاربين من سوط الثورة ….ولكن من اين المفر

Posted in الأدب والفن, ربيع سوريا, يوتيوب | Leave a comment

فيديو الفلسطينية نويل باحساس خرافي جمعت بين فيروز الشرق والغرب

نويل خرمان، فلسطينية الكرمل, 17 ربيعاً، تغني بعدة لغات، أول أغانيها “أمي”، وترانيم عيد الميلاد, استطاعت هذه الموهبة الشابة ان تجمع بين فيروز الشرق كلمات والحان زياد الرحباني مع فيروز الغرب  “أديل وكلماتها والحانها والنتيجة.. عذرا لا اجد كلمات فقط استمع:

noelkharman

Posted in الأدب والفن, يوتيوب | Leave a comment

صيدلية السفرة الشامية

georgekadrجورج كدر – كاتب وباحث وإعلامي من سوريا: المصدر موقع صوت الترا
هل سمعتم بشهر المونة الشامي؟ حيث تنشغل الأسر في بلاد الشام بتحضير مونة الشتاء. يبدأ في منتصف أيلول/سبتمبر وينتهي في أول تشرين الثاني/نوفمبر، يصعب اليوم ومع الخراب الذي يحيط ببلاد الشام معرفة إلى أي حد يستمر هذا الطقس الذي توارثه الأبناء عن الآباء والأجداد، ولكن كان لهذا الفصل رائحته المميزة: المكدوس، الزيتون، الزيت، اللبنة المكورة، الكشك، ودبس الرمان، دبس البندورة، دبس الفليفة، والمربايات، والعصائر، والحبوب… إلخ.

تصعب اليوم، مع الخراب الذي يحيط ببلاد الشام، معرفة مدى استمرار طقس المونة الشامي المتوارث

هذا الشهر يحدد مستقبل السفرة الشامية وديمومتها: شنكليش، مكدوس، زيتون أخضر، زيتون أسود، زيت وزعتر، لبنة، جبنة، بيض مقلي أو مسلوق، بندورة، خيار، شاي.. من النادر أن يخلو بيت في بلاد الشام من هذه بعض هذه المأكولات مهما كان فقيرًا، فهذه الوجبة اعتاد على تناولها الناس في تلك البقعة من الأرض وتوارثوها عن أجدادهم.

اللافت أن هذا النمط الغذائي لا نراه في أوروبا ولا في أمريكا، ولا في أي مكان من العالم، ولكن قد نجده في بيوت السوريين أو اللبنانيين الذين انتقلوا للعيش في تلك الدول، فكثير منهم يصرف وقتًا لا بأس به عندما ينتقل للعيش في هذه الدول باحثًا عن المحلات التي تؤمن لهم مستلزمات إعادة تحضير مائدة إفطارهم اللذيدة التي تربوا عليها. ولعل الشنكليش والمكدوس يعد البصمة الغذائية التي تتميز بها “سفرة الإفطار الشامية” عن غيرها، وهو بوجوده مع باقي الأطباق يضفي نكهة خاصة مع رغيف الخبز الساخن وكأس الشاي..

الشنكليش

الشنكليش ينتمي إلى قائمة الألبان، يتم تحضيره بعد غلي اللبن وتقريشه ثم تنشيفه وتكويره على شكل أقراص وتركه ليتعفن، أو يمكن تناوله بعد أن ينشف القرص حسب الرغبة، وفي كل الحالات له طعم لذيذ ومحبب، عدا عن كونه طبقًا صحيًا قليل الدسم والسعارات الحرارية إلا في حالة خلطه مع الزبدة، وهو غني بالبوتاسيوم والكالسيوم وفيتامين B12.

كثيرا ما يشبّه الشنكليش من حيث الرائحة والطعم إلى حد ما بجبنة الروكفور الفرنسية “العفنة”، وهي واحدة من أقدم أنواع الجبنة في العالم والتي أظهرت دراسة بريطانية أنها السبب في تمتع الفرنسيين بصحة جيدة لاحتوائها على مضادات للالتهابات وخمائر ومكونات غذائية مقوية لجهاز المناعة.

نقل موقع “الباحثون السوريون” عن بحث مهم سوري ـ ألماني مشترك، أخضعوا خلاله المطبخ السوري للدراسة، حيث قام الباحثون بعزل بكتيريا حمض اللبن الموجودة في مخللات المطبخ السوري لتحديدها وتصنيفها، وشملت الدراسة الكشك والشنكليش والمكدوس، وقمر الدين، والزيتون.. وأظهرت النتائج وجود بكتيريا مشتركة بين معظم الأطعمة وأخرى خاصة ببعضها دون سواها، رغم أن بعض الأغذية نباتي وبعضها من المنتجات الحيوانية..

المكدوس

اللافت أن الأنواع البكتيرية التي تم عزلها من المكدوس تتبع لجنس العصيات اللبنيّة، وهذه البكتيريا تتواجد بشكل طبيعي في الجهاز الهضمي للإنسان وثدييات أخرى، وهي مفيدة وضرورية في العملية الهضمية، لكن ما يميز المكدوس ويعطي قيمة مضافة في السفرة الشامية هو أنه، إضافة لاشتراكه مع الشنكليش بجنس العصيات اللبنية، إلا أنه يتميز بتواجد بكتيريا
plantarum،
وهذه الخميرة هي التي تسهم في عملية “التمكدس” التخمرية.

السفرة الشامية غنية ببكتيريا حمض اللبن، سواء في المنتجات النباتية أو الحيوانية

من هذه الدراسة نعرف أن السفرة الشامية غنية ببكتيريا حمض اللبن، سواء بالمنتجات النباتية كالمكدوس والزيتون، أو بمنتجات الألبان والأجبان، إضافة إلى الخمائر، أي أنها سهلة الهضم ومفيدة للجسم ومناعته.

ما لفتني في الدراسة السابقة هو أن ما يجعل المكدوس طبقًا سوريًا بامتياز، ويمنحه طعمه الفريد بين الأطعمة العالمية هو أن الباذنجان الخاص لصنعه هو المشهور عالميًا بـ” الباذنجان الحمصي”، ومقابله الوحيد عالميًا يتواجد في إسبانيا المعروف بباذنجان منطقة
“Campo de Calatrava”
الذي ينتج منه “ألماغرو” المقابل الإسباني للمكدوس، حيث تتشابه إلى حد لا بأس به طريقة صنعه وطعمه.

زيت وزعتر

بالنسبة للزعتر والزيت أصبحت فوائده معروفة للكثيرين، فالزعتر من أشهر النباتات في بلدان حوض البحر المتوسط، وهو مقوي لجهاز المناعة ومفيد عند الإصابة بالعديد من أمراض الجهاز التنفسي، عدا عن فوائده في تخفيض الكولستيرول، وهو من العلاجات الفعالة في عالم “الطب البديل” الذي يعتمد على المنتجات النباتية، والطريف أن “صيدلية” الإفطار الشامي، وجدت حلًا لمشكلة يعاني منها الزعتر بكونه من النبات القابضة التي تؤدي للإمساك، وذلك بأكله مع زيت الزيتون، ما يؤدي إلى الاستفادة من فوائده كاملة فزيت الزيتون يعدل من طبيعته القابضة.

زيتون

أما الزيتون فهو معروف وله مكانته لدى كثير من شعوب الأرض، لاسيما دول حوض المتوسط ، ولكن لا نجده على قائمة “إفطارهم” اليومية كما هو الحال في بلاد الشام، فعدا عن مكانة الزيتون المقدسة، ودخوله حتى في طقوس العبادة المقدسة والصلوات لدى كافة الأديان فيها، نجده جزءًا رئيسًا في مكونات السفرة الشامية، وفوائده أكثر من أن تحصى في هذه العجالة.

لبنة وجبنة

طبق اللبنة الشامي الذي يرش عليها الزيت والنعنع والفليفلة الحمراء من الأطباق اللذيذة، وهو يسمي اللبن الذي تصنع منه اللبنة عند البدو بـ”الخاثر”، وطعمها لا يمكن وصفه، ولا بد من تذوقه ليكتشف الناس سر الطعم اللذيذ وراءه. فالجبن البلدي والعكاوي والجبنة المشللة والمالحة وجبن القريش.. إلخ، كلها أنواع يتميز بها المطبخ الشامي الصباحي. أعتقد أن الألبان والأجبان من أكثر الأطعمة شعبية لدى كثير من شعوب الأرض، ولكن يختلف عند كل منها درجة التخمر وطرقه، فالأجبان في كل منطقة من العالم لها نكهاتها الخاصة التي توفرها لها “بصمتها”، وهو ما نجده واضحًا في أنواع الأجبان والألبان والمخلات، فمثلًا الجبنة الفرنسية والهولندية لها نكهاتها الخاصة وكذلك في باقي دول العالم.

ولعل تميز السفرة الشامية يعود إلى المناخ المتنوع الذي تتميز به عن بلاد العالم، وهو ما يمنح المطبخ الشامي الصباحيّ نتيجة عوامل تخمر وتخلل وتعفن تعطيها “بصمتها” الذوقية المميزة، ما يجعل لها مكانة متميزة ومتفردة بين المطابخ العالمية الأخرى.

Posted in الأدب والفن, طبق اليوم \د. ميسون البياتي | Leave a comment

المالكي يسعى لتأسيس (سلالة نبيلة) بين ساسة العراق

malki (2)ناجحة كاظم

منذ نشأة الدولة العراقية الحديثة 1921 وقبلها والعراق تتجاذبه تاثيرات ونفوذ عوائل (نبيلة) بانتماءات دينية وعشائرية واقطاعية ومالية تملك السطوة والجاه والتعاقب، وفي اغلب المنعطفات الحاسمة لعبت هذه العوائل ادواراً استثنائية ساهمت في بناء مفهوم العراق بصيغته السياسية الملموسة.

وبالرغم من فقدان نوري المالكي خلال عام واحد منصبي رئيس الوزراء ونائب رئيس الجمهورية، إلا إن الرجل يحاول جاهداً ايجاد موطئ قدم لاسرته في المشهد السياسي العراقي، ليؤسس سابقة، تتعارض مع وجهة نظر عالم الاجتماع العراقي الكبير الراحل علي الوردي. المالكي الذي يؤكد المقربون منه ان أهم اسباب خلافاته العميقة مع شركائه الكرد والشيعة تعود الى شعوره بعقدة النقص ازاء كل من عمار الحكيم، حفيد المرجع الشيعي الأعلى محسن الحكيم الذي هو آخر مرجع للطائفة الشيعية يُلقب بالامام المجاهد، ومقتدى الصدر الذي ينتمي لاسرة ألبست فيصل الاول ملك العراق التاج في الثالث والعشرين من آب عام 1921، ومسعود بارزاني نجل الزعيم الكردي الملا مصطفى البارزاني، وأياد علاوي وأحمد الجلبي اللذين ينحدران من بيوتات بغدادية تجمع بين العلم والثراء.

وقد دفعته عقدة النقص هذه الى زج اصهاره وابناء عمومته وابناء اشقائه في الانتخابات البرلمانية وسخر لهم جميع امكانيات الدولة وحزب الدعوة ايضاً، فحققوا الفوز، حتى في مناطق لم تطأها اقدامهم يوماً، وخسرت قيادات كبيرة من حزب الدعوة. ويأمل المالكي ان يكون هؤلاء نواة اسرته التي يريد لها أن تقف على قدم المساواة مع عوائل وبيوتات العراق العريقة التي لعبت دوراً ايجابياً وتنويرياً في المراحل الانتقالية وفي المجالات الاقتصادية والفكرية النهضوية قبل وبعد تأسيس الدولة العراقية.

ويبدو أن مكانة العوائل في المعيار الملموس للحالة العراقية وتجسيداتها، ليس امراً طارئاً أو مصطنعاً، فتكوين العراق الاجتماعي وأرثه وثقافته صنعا الى حد بعيد تلك المكانة النافذة لهذه (العوائل النبيلة)، التي تحكمت بمصير العراق حتى الان من دون استثناء العوامل المؤثرة الاخرى. ورغم كل التبدلات العميقة التي اجتاحت العالم فقد ظل دور هذه العوائل بارزاً وملحوظاً، وتجد ظلال تاثيراتها بادياً في صناعة القرار السياسي، علماً ان هذه العوائل تعرضت الى انكماش تاثيرها ودورها السياسي وتراجعها، عندما تكون الدولة قوية وتأثير الاحزاب السياسية في البلد مؤثراً.

وكانت ثورة العشرين الصورة الاكثر تجسيداً لملامح العوائل المتنفذة دينية كانت أم عشائرية أو اقتصادية في تكوين ملامح ومضمون الثورة، لكن أياً من هذه العوائل لم يكن (بيضة القبان) القادرة على قلب الموازين السياسية بشكل مصيري بسبب الطبيعة السياسية لتلك المرحلة وخصوصيتها وتوزع مرتكزات القوة لاسيما بوجود الاحتلال البريطاني، وهي في أغلب عمر الدولة العراقية الذي يمتد الى عقود، عجزت عن تكوين حركة سياسية جماهيرية تابعة لها، باستثناء الحركة القومية الكردية التي قادتها العائلة البرزانية والى حد أقل عائلتا الحكيم والصدر في فترات تاريخية متفاوتة.

ان سنوات 2003 وماتلاها كان تجسيدا نموذجياً لحكم العائلات وسطوتها، لكن بسيناريو واخراج جديدين يتناسب ومتطلبات المرحلة حيث استقوت بجبروت (الشيطان الأكبر) الذي تعامل بسطحية مع الحالة العراقية، التي لاتحكمها قواعد ثابتة. في هذا الظرف المحتدم ظهرت هذه العوائل مجدداً، واستطاعت تجاوز الدور التقليدي الذي كانت تلعبه في السابق عندما كانت تقف بمسافة خلف الحدود الحمراء المرسومة لها بعناية، لكن العهد الجديد منحها زخماً لم تحلم به في تاثيره وفعاليته، استناداً الى سلوك برغماتي يتناغم مع مفاهيم الديمقراطية وتطبيقاتها الشكلية في العراق.

لكن هل يستطيع المالكي تحقيق حلمه هذا، أم ان هذا الحلم سيصبح وبالاً عليه، وربما يكون سبباً في انهاء مستقبله السياسي؟!.. سنوات حكم المالكي الثمانية أشرت بعض ملامح ما يُمكن تسميته اصطلاحاً بـ (شيزوفرينيا المواقف المتناقضة)، لاسيما عند التدقيق في طبيعة ونمط خلافاته وكيفية تعاطيه مع الازمات والمشاكل التي افتعلها لحلفائه وخصومه، بدءاً من اياد علاوي الفائز في انتخابات 2010 وتمكن المالكي من الالتفاف عليه بقرار قضائي، ومن ثم خلافاته مع اسامة النجيفي رئيس البرلمان، وقبلها خلافاته العميقة مع مقتدى الصدر والتيار الصدري، بالاضافة الى خلافاته مع اقليم كردستان، وصولاً الى تعاطيه مع مطالب المحافظات السنية المنتفضة، وأخيراً ما حدث ويحدث في الانبار والفلوجة.

وفي جميع الازمات التي اصطنعها المالكي كان دائماً يضمر عكس ما يقول علانية، بانتظار الفرصة المناسبة التي تُمكنه من الانقضاض على خصومه وحلفائه، بطريقة تنم عن شخصية قلقة وسلطوية لاتكترث للآخر، وقد تجلى ذلك بوضوح في مناسبتين هما: رفض المالكي الايفاء بتنفيذ اتفاقية اربيل لتقاسم السلطة، التي كان من المفترض ان توجد حكومة وطنية يمكن ان تربط العرب السنة بالعرب الشيعة معا، وزاد من التوترات مع اكراد العراق. والثانية تعاطية مع ازمة تظاهرات الانبار ووصفها بـ (الفقاعة)، لكنه مالبث أن أصبح هو النافخ فيها. وحين اشتداد اوار الحرب، بدأ بتقديم التنازلات من اجل ايقاف العملية العسكرية في الانبار والفلوجة ليس حقناً للدماء، وانما حفاظاً على ماء وجه السلطة التي يمثلها المالكي، والذي تؤشر كل الوقائع والمعطيات على انفراديته وتفرده بادارة مقدرات البلاد.

ولعل أول من تنبه الى بدايات نزعة التفرد والتحول نحو الديكتاتورية لدى المالكي، هم حلفائه الشيعة، اذ حذر النائب الشيعي صباح الساعدي من ذلك، منذ عام 2011، وذهب الى ان المالكي يعد العدة لتكريس دور افراد اسرته في ترسيخ سلطاته. ولفتت تصريحات الساعدي، وهو الشيخ المعمم، نظر مرجعية النجف، التي اغلقت أبوابها بوجه الساسة العراقيين منذ منتصف عام 2012 وحتى نهاية حكم المالكي، بل وذهبت الى أبعد من ذلك بدعوتها الى ضرورة التغيير، منعاً لاندلاع فتنة طائفية جديدة، ستتسبب بها ولاية المالكي الثالثة.

واستندت وجهة نظر المرجعية الشيعية في ذلك، برغم كل الضغوط الايرانية، الى تصريح شهير أدلى به المالكي مُعرفاً بنفسه، حين قال: (أولاً أنا شيعي وثانيا أنا عراقي، وثالثا أنا عربي ورابعاً أنا عضو في حزب الدعوة)، وهو خطاب يُمثل بنظر المرجعية، دعوة لتصعيد النزاع الطائفي والمذهبي في بلد عانى ويلات الحروب لسنوات طوال. وفي الجانب الآخر وجدت المرجعية ان المالكي يعمل بكل طاقته، لمصلحته الشخصية وليس لبناء وطن، من أجل تكريس سلطته ونفوذ اسرته في المشهد السياسي العراقي، من خلال نحو 100 مستشار يعمل بمعيته، غالبيتهم من اقاربه وانسبائه، ضمن خطة (حكومة الظل) للاستيلاء على جميع السلطات.

وطبقاً لمصادر مقربة من مرجعية النجف، فان لدى المرجعية ادلة كثيرة تشير الى ان رئيس الوزراء نوري المالكي يمثل تهديداً قد يؤدي الى تأجيج العنف الطائفي، فمنذ انتخابات العام 2010، صار اكثر قمعا، ويتلاعب بقوات الأمن العراقية لخدمة مصالحه الخاصة، وأوجد رفضاً سنياً متزايداً لممارساته باستعمال الدعم السياسي الشيعي لتحقيق مكاسب شخصية.

وأيدت تقارير حقوق الانسان الصادرة عن الخارجية الاميركية، ومنظمة العفو الدولية، وبعثة مساعدة الامم المتحدة للعراق (يونامي)، أدلة المرجعية الشيعية، بتأكيدها بالوثائق والأرقام سعي المالكي لتكريس سلطاته ونفوذه، من خلال اصراره على قمع وابعاد سُنّة العراق من المشاركة الفاعلة خلال فترة ولايته الثانية.

يشار الى ان نوري المالكي (64 عاماً) ينتمي الى اسرة متواضعة تسكن قرية جناجة في قضاء سدة الهندية (طويريج)، اختير كمرشح تسوية لرئاسة الوزراء عام 2006، بعد رفض الاكراد لتولي ابراهيم الجعفري رئاسة الحكومة العراقية، في اعقاب انتخابات 2005. ويضم مكتب المالكي الرسمي بالاضافة الى نجله أحمد، صهريه ياسر وحسين، وشقيق زوجته علي الموسوي، المستشار الاعلامي، فضلاً عن ابناء اشقائه وعمومته. وبالاضافة الى هؤلاء هناك لواء (57) الخاص الذي شُكل ليكون اسناد للواء (56) واللواء (54)، الخاصة بحماية المالكي، لكنه يختلف عنها بانه يضم عناصر من قرية جناجة مسقط رأس المالكي.

*كاتبة عراقية

المصدر ايلاف

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | 1 Comment

الانتفاضة الثالثة انتفاضة الكرامة (29) وصايا شهداء انتفاضة القدس الثانية

mostafalidawiوصايا بسيطةٌ غير معقدة، فطريةٌ غير ملوثة، بريئة غير موجهة، فرديةٌ غير منظمةٍ، تلك هي وصايا شهداء انتفاضة القدس الثانية، التي تبقى بعد شهادتهم بين الخلق ذكراً لهم، وفي السماء خلوداً لا ينتهي، وبقاءً في الحياة لا يزول، يعدونها بأنفسهم فلا يعدها لهم أحد، ولا يحضرها لهم سواهم، يكتبونها بأيديهم الواثقة، وبأقلامهم الصادقة، ويخطونها دون طباعة، وبكلماتٍ محدودةٍ دون إطالةٍ، لا إطناب فيها ولا سجع، ولا مترادفاتٍ ولا تطابق ولا تشبيه ولا تورية، ولا كناية ولا وصف ولا استعارة، فقد أرادوها من القلب صادقة، بسيطةً معبرة، لا تكلف فيها ولا اصطناع، ولا رغبة لديهم من خلالها للشهرة والذكر، والصيت والشكر، إنما أرادوها بينهم وبين الله لمن بعدهم رسالة، يتلونها عليهم بعد الغياب، ويقرأونها على مسامعهم بعد الرحيل، إذ لا أصدق من نصحهم، ولا أبلغ من كلامهم، ولا أصفى من روحهم.

شهداء فلسطين لا يستعدون للشهادة بغير صدق النية، ولا يتهيأون لها بغير النقاء والطهارة، ولا يعلنون لأحدٍ عن نيتهم المسبقة، ولا وجهتهم القادمة، ولا يعقدون قبلها مهرجاناً ولا يقيمون احتفالاً، ولا يدعون وسائل الإعلام لتصور وتسجل، ولا أصحاب المدونات والمواقع الإليكترونية لينقلوا الخبر، ويسجلوا السبق.

وهم شبابٌ وشاباتٌ قرروا بأنفسهم فلم يُعدهم تنظيمٌ، ولم يُلبسهم حزبٌ لأمته، ولا ألقى عليهم شارته، ولا أحد رفع فوق صورهم شعاراته وأعلامه، ولا لقنهم كلماته وأقواله، وطلب منهم ترديد مفرداته وما اشتهر به، بل هم مثال الثورة الحرة والانتفاضة المستقلة، والإرادة الشعبية النقية، فلا ينحازون إلى أحدٍ، ولا يقبلون الحبس أو الأسر خلف قضبان حزبٍ أو فصيل، فهم إلى فلسطين كلها ينتمون، وإلى كل شعبها ينتسبون.

لكنهم يبيتون النية للثأر والانتقام، ويعزمون على النيل ممن يعتدي عليهم ويقتل، ويدنس حرمهم ويبطش، ويحرمهم من حقوقهم ويظلم، فيصممون على المضي في درب المقاومة وطريق الجهاد، رغم علمهم المسبق أنهم قد لا ينجحون في عمليتهم، وقد لا يتمكنون من طعن أحد جنود الاحتلال أو مستوطنيهم، كما أنهم غير واثقين من أن طعنتهم ستكون نجلاء، وستنال من المحتلين وتقتلهم، فقد تذهب الطعنة هباءً ولا يقتل من يتلقاها، وقد ينجو منها فلا يصاب بأذى، في الوقت الذي يعلمون فيه يقيناً أنهم سيستشهدون، وأن عشرات الرصاصات ستطلق عليهم، من الجنود والمستوطنين، ومن الشرطة والمارة، كلهم يريد قتله، بل والتأكد بمزيدٍ من الرصاصات من مقتله.

رسائلهم البسيطة مقاصدها عظيمة، وغاياتها كبيرة، ومعانيها أكبر من أن يعبر عنها متحدثٌ أو يحيط بها كاتبٌ، وهي ذات اتجاهاتٍ كثيرة وعناوين عديدة، رغم قصرها وقلة كلماتها، إلا أنها متعددة الوظائف وعميقة الأثر، وهي قادرة على الوصول إلى كل مكانٍ واختراق كل قلبٍ، واجتياز كل حدودٍ، فهي إلى ذويهم سلامٌ ووداعٌ، ورجاءٌ بالعفو والسماح، وأملٌ بالرضا والمحبة، والقبول والاحتساب، وعدم الضيق والغضب، أو الاستنكار والرفض، وفيها يُعلمونهم أنهم اختاروا طريقهم بأنفسهم، وأنهم اختاروا المواجهة بمحض إرادتهم، استجابةً لضمائرهم، ونزولاً عند واجبهم.

وهي لشعبهم ومن بقي من بعدهم دعوةٌ للصمود والثبات، والتحدي والمواجهة، وعدم الرضوخ والاستسلام، والخنوع والخضوع، يعلمونهم فيها أن هذا العدو لا يعرف غير لغة القوة، ولا يستجيب لغير المقاومة، فلا نركن إلى حوارٍ معه، ولا نطمئن إلى مفاوضاتٍ وإياه، فهو لا يعطي برضا، ولا يقبل بمودةٍ، إنما يستجيب للقوة، ويخضع للإرادة، وهو ليس الأقوى ولا الأقدر، بل نحن بحقنا أقوى منه وأقدر، ونستطيع أن نحقق ما نريد ونطمح، لكن هذا يلزمه صدق المواجهة ووضوح الغاية والهدف.

وهي إلى عدوهم إنذارٌ وبيانٌ، ورسالةٌ وتهديد، ووعدٌ ووعيدٌ، أن هذا الشعب الحر الأبي لا يفرط في مقدساته، ولا يتنازل عن حقوقه، ولا ينام عن مظالمه، ولا يسكت عمن يعتدي عليه، ولا ترغمه القوة، ولا تضعفه الطغمة، ولا يحد من عزمه البطش والتهديد وقوة السلاح، وأنه شعبٌ سيقاوم بروح الحياة، وأمل الرجاء، حتى يقتل في عدوه شر النفس وخبث الروح ودنس المقصد، وإنه على ذلك لقادر ما بقي رجاله وعاشت نساؤه، ونشأ وتربى أبناؤه، فلا يحلم العدو يوماً أنه سيقضي على هذا الشعب أو سينال منه، فروحه تسري في عروق أبنائه ثورةً، وفي عقولهم نوراً وحرية، فلا يطفئها نفثٌ ولا نفخٌ، ولا خبثٌ ولا مكرُ.

يحرص الشهداء ومعهم شهيداتُ فلسطين على الوضوء والطهارة قبل الخروج من بيوتهم، وكلهم عزمٌ ومضاء، وقوةٌ ويقينٌ، لا يترددون ولا يتراجعون، ولا يجبنون ولا يخافون، رغم الخاتمة التي تترائى أمامهم، والصورة التي يعرفونها عمن سبقوهم، الذين فاق عددهم الثمانين شهيداً، وقد قضى أكثرهم في المكان، ولكنهم قبل المغادرة يودعون أهلهم، ويقبلون يد أمهم، ويطبعون قبلةً على جبين أحبابهم، ويستودعون البيت الذي فيه ولدوا وعاشوا، والأحياء التي تربوا فيها ونشأوا، ويغادرون بيوتهم وهم يعلمون أنهم قد لا يعودون إليها مرةً أخرى إلا جثةً هامدةً على أكتاف الرجال، ولكنهم يعتقدون أن القدس تستحق منهم التضحية، وفلسطين يلزمها المزيد من البذل، وقد اشتروا من الله سبحانه وتعالى بدنياهم الفانية جنة الخلد الباقية.

أيها الشهداء الكبار، أيها الأبطال العظماء، لا شئ يوفيكم حقوقكم، ولا كلماتٍ تستطيع أن تعبر عن تقديرنا لكم واعتزازنا بكم، ولا أحد يستطيع أن يرتقي إلى منبرٍ منه يخاطبكم، ومن فوقه يتحدث عنكم، فأنتم أكبر من كل كلمةِ مدح، وأعظم من أي إشادة، وأسمى من أي فخرٍ، أنتم القصة والحكاية، والبداية والنهاية، وأنتم الخبر والرواية، فلا تحوطكم قصيدة، ولا ترفعكم أنشودة، بل أنتم الذين ترفعون من يشيد بكم ويفخر، ويذكر أسماءكم وينشر صوركم، طوبى لكم حيث أنتم اليوم في جنات الخلد تحبرون، ومع الأنبياء ومن سبقكم من الشهداء تجتمعون، وهنيئاً لأمةٍ أنتم أبناؤها، ولشعبٍ أنتم منه تخرجون وإليه تنتسبون.

بيروت في 10/11/2015

Posted in فكر حر | Leave a comment