شاءت الإرادة الإلهية أن تكون منطقة الشرق الأوسط مهبطا للديانات السماوية التوحيدية الثلاث، وقد تعايش اتباع هذه الديانات جنبا إلى جنب محافظين على معتقداتهم ومقدساتهم وتراثهم، ولم تخل المنطقة من أتباع هذه الديانات الثلاث على مر التاريخ. كما شاءت الإرادة الإلهية ان تكون الأكثرية من اتباع الدين الإسلامي مقارنة باليهودية والمسيحية. حافظت المسيحية على وجود مهم في المنطقة العربية خلال الألفي عام الماضية بسبب كون الشرق الأوسط مهد المسيحية، وكانت هي الديانة الرئيسية في المنطقة منذ القرن الرابع وحتى الفتوحات الإسلامية.
لعب المسيحيون العرب دورا بارزا في إطار مشروع النهضة العربية منذ نهاية القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، إضافة الىدورهم البارز في تشكيل الحركات الوطنية الدستورية والاستقلالية، ثم في إطار حركات التحرر الوطني العربية بشكل عام، وكذلك في بناء منظمات المقاومة الفلسطينية. كما كان للمسيحيين العرب دور بارز ومؤثر في بناء دولة ما بعد الاستقلال وفي الحركة القومية بشكل عام، وذلك في إطار تأصيل الأفكار القومية العربية والدعوة لها، والدفاع عنها كجزء من عملية التحرر من الدولة العثمانية، ثم التحرر من الاستعمار الغربي.
يشكل لبنان التجمع المسيحي الأعلى من حيث نسبة المسيحيين في الشرق الأوسط بينما تشكل مصر أكبر تجمع من حيث العدد. وهناك تواجد ملحوظ للمسيحيين في سوريا والأردن وفلسطين. وقد سطع نجم عدد وافر من الشخصيات المسيحية المشرقية في الشرق الأوسط في مناصب سياسية واقتصادية وفكرية بارزة خصوصا في لبنان ومصر والعراق، كما ولا يزال للطوائف المسيحية دور بارز لم ينقطع في المجتمع العربي بشكل عام، ولعل ابرز مراحله كان خلال “النهضة العربية” في القرن التاسع عشر، كما ان مسيحي الشرق الأوسط هم متعلمين ومثقفين وأغنياء نسبيا.









