عين الفيجة …

منقول عن الدكتورة نبال إدلبي.

يقع نبع الفيجة في بلدة «عين الفيجة»، إحدى البلدات الواقعة على طول مجرى وادي نهر بردى وعلى بعد 18كم شمال غرب مدينة دمشق بمنسوب يزيد قليلاً على 823م فوق سطح البحر.

يمتد الحوض الصباب لهذا النبع على طول الحدود السورية اللبنانية مغزلياً بعرض نحو 12كم وطول60كم تقريباً فوق سلسلة جبال لبنان الشرقية، وذلك من موقع النبع في بلدة الفيجة أخفض نقطة بالاتجاه الجنوبي الغربي للحوض، وباتجاه الشمال الشرقي حيث تصل بعض القمم الواقعة في الحوض الصباب إلى ارتفاع 2629م فوق سطح البحر.

يحدُّ الحوض الصباب من الغرب بلدات «مضايا» و«بلودان» و«سرغايا» و«بعلبك»، ومن الشرق «حلبون» و«رنكوس» و«عسال الورد»، ومن الشمال «قارة». وتقع ضمن هذا الحوض قريتان صغيرتان هما «هريرة» قرب مضايا و«إفرة» قرب الفيجة.

يتمتع الحوض الصباب لنبع الفيجة بوقوعه بين قمم الجبال التي ترتفع حتى 2600م عن سطح البحر مما يجعل معظم الهطل فوقه في فترة الشتاء ثلجياً، كما يجعله بعيداً عن المناطق المأهولة ومصادر التلوث. كذلك فإن البنية المتشققة للصخور المكونة لهذا النبع تسمح بتسرب كمية كبيرة من المياه الهاطلة بسرعة إلى باطن الأرض حاملة معها البرودة والنقاء مشكّلة مصدراً استثنائياً للمياه من حيث العذوبة والغزارة.

لاتزيد درجـة حـرارة مياه نبع الفيجة على 13درجـة مئوية ويصل مجموع الأمـلاح فيها إلى 170ملغ/ليتر (المواصفات الخاصة بمياه الشرب تسمح بنسبة أملاح تصل إلى 1000ملغ في اللتر). وتصل القساوة الكلية  لمياه نبع الفيجة (أي مجموعة كربونات الكلسيوم والمغنزيوم) إلى 16درجة فرنسية (في حين تسمح مواصفات مياه الشرب بالوصول إلى50 درجة فرنسية).

وللحفاظ على جودة هذه المياه الطبيعية الفريدة ونقائها بمواصفاتها أُصدر القانون رقم/10/لعام 1989 الخاص بحماية حوض نبع الفيجة بهدف الحد من انتشار أي نشاطات بشرية يمكن أن تؤدي إلى تلوث مياه الحوض الصباب والإضرار بالبيئة المحيطة به، لمساميته العالية التي من الممكن أن تنقل الملوثات بسهولة إلى أعماق الحوض فتضرّ بهذا المصدر الطبيعي الفريد من نوعه الذي يكوّن أحد أُسُس دوام الحياة في مدينة دمشق.

يتحد نبع الفيجة مع نهر بردى عند قرية «الفيجة» مكوّناً الرافد الرئيسي لبردى إذ تصل غزارته إلى ضعف غزارة نهر بردى تقريباً مما جعل هذا النبع ومنذ القِدم يهبُ باتحاده مع نهر بردى الحياة إلى دمشق التي تمثل أقدم عاصمة مأهولة في العالم.

This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.