شهادة حسن سيرة وسلوك غصبا عليكم

iraqmealلا أروع من الانسان المظلوم الغاضب،فالغضب يورث الوعي وينشرالصراخ بين النائمين.
ولكن غضب بعض العراقيين نص ونص،فهم يحملون “كونية” تهم جاهزة ويبدأوا بقراءة عناوين المقالات فقط ويمدوا ايديهم الى كونيتهم ليلتقطوا أي تهمة تقع في ايديهم ليرموها بوجه صاحب هذا المقال او ذاك.
آباء هذه الفئة كانوا قاسميين ،مأخوذة من اسم الزعيم عبد الكريم قاسم،وكان صراخهم يصل الى عنان السماء ضد كل من يعارض تأسيس اول جمهورية بالعراق. يسبون هذا ويلعنون ذاك ويتحينون الفرصة للنيل من كل مثقف يدلي برأيه المعاكس مهما كان هذا الرأي ،تلونوا وساروا مع الموجة علهم يحصلون على امتياز دولاري هنا او هناك.
وحلّ قوم آخرون محل القدامى وفرحت هذه الفئة وانخرط اصحابها بالحرس القومي وتبرعوا بالوقوف في تقاطع الطرقات لتفتيش الناس والسيارات حاملين سلاحا غيرمرخص، وصارماصار من ويلات واغتصاب وتعذيب،ثم انتهت المرحلة لتأتي مرحلة اخرى برز فيها شعراء هذه الفئة وكادوا ان يوصلوا بقصائدهم القائد الضرورة الى مصاف الانبياء،كيف لا وهم خبراء في التلون ونالوا اعلى الشهادات في منافسة الحرباء.
وسرعان ما انتهت 35 سنة وجاء الاحفاد هذه المرة ليضعوا السكسوكة الجميلة على وجوههم،البعض منهم مايزال يبحث عن مسبحة لاتشبه مسبحات الآخرين والبعض الآخر لبس (القاط والباينباق) واشترى مجموعة احذية من زبلوق استعدادا لهذه المرحلة ولكن كلهم كانوا يحملون (كونية) التهم الجاهزة ليلقوا بها في وجه أي واحد يشمون منه ،وهم شمامون بالفطرة،رائحة التطرف المذهبي ضد طائفة محددة.
هؤلاء ايتها السيدات والسادة مساكين لايعرفون كيف يكونون عراقيين اولا ولا يجيدوا فن القراءة او الاصغاء ثانيا.
انهم بايجاز رجال ونساء كل مرحلة مادام الدولار مازال مغريا.
واذا لم يكن الدولار فهناك الجهل المطبق الذي يرفع شعار(انا سني اذن انا موجود او انا شيعي اذن السلطة لي).
غابت عنهم حقيقة ان الكثيرين من العراقيين ،ولي الفخر ان اكون واحدا منهم،لم يخطر ببالهم انهم شيعة او سنة بل الذي يمارسونه كل يوم هو الحلم بعراق جميل تملؤه روائح المحبة والسلام.
انهم لايعرفون ان اللواتي يسرن وراء ماتقوله احدى المعّلقات وهن كثر لايحب العراق.
هذه المعلقة تقول: لماذا لا تذكر جنجلوتيات للطرف السني المصاب بمرض الطائفية والتي لديه غدة كما كتب أثيل النجيفي وأحمد ابو ريشسه وعلي حاتم سليمان..إنك تكيل بمكيالين ؟أو أنت تتحرك من غدتك(لا اعرف شنو غدتك) الخاصة أم الشيخ السعودي في الفيدوهات : سنجعلا حربا على العرب الشيعة في كل مكان.
اترون انها تعلن الحرب على العرب الشيعة اما الشيعة غيرالعرب فقد صدر امر باعفائهم من هذه الحرب ويكتفون بأخذ الجزية منهم.
كيف لنا ان نناقش امثال هؤلاء،نحتاج الى قرون لكي ندخل في امخاخهم،جمع مخ،(يو اس بي)نظيف ولكن ليس صناعة صينية.
ويظهر من رتل هؤلاء القوم بوزا آخر ليكتب معلقا:
(لست مع المعمم الذي تعني وارفض افكاره الا انك اخس منه وأنذل)>
وفي نفس الموقع يكتب ايضا مدينا نفسه:
(العراقي لا يسب أحدا الا من سبه واعتدى على مقدساته وانت منهم …كونك لا سني ولا شيعي لايجعل منك حمامة ….بل اتخذ شكلاا اخر يدل على افكارك البعيدة عن الواقع واكل الزمان عليها وشرب بالعامية عرب وين وطنبورة وين)
لا ادري كيف يتنازل صاحبنا ويكتب الى شخص نذل،اما كان الاجدى ان يتركه لنذالته ويذهب الى مقهاه ليلعب (الدومينو) وفي فمه (بربيش) النارجيلة.
كان ابو الطيب يكرر على مسامعي دائما حكاية والده وهو على فراش الموت حين سأله احدا أبنائه:بابا هل نحن شيعة او سنة؟يفتح عينيه ببطء ويهمس:انتم عراقيون يااولاد.
فاصل غير طائفي:اولاد الملحة قرروا بعد ان اجتمعوا امس في مقهى ابو كاظم انهم سيتصدون لكل من يقول انه سني او شيعي مهما كانت اغراضه نبيلة.

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.