ريغان آخر

صورة ارشيفية لترامب وزوجته وطفله

صورة ارشيفية لترامب وزوجته وطفله

الشرق الاوسط اللندنية

أتابع أخبار واشنطن من خلال بعض المراسلين العرب. أقولها دون أي حرج لي، وبكل اعتزاز بهم. وقد أقرأ من الصحف والمجلات والدوريات الأميركية الوافر والكثير، لكن ما أحتاجه، كعربي ومتابع، يؤدّيه لي مراسلونا هناك بكل مهنية ودقة وموضوعية. وفي طليعة هؤلاء مراسل «النهار» هشام ملحم. ولمرة، لاحظت تسرعًا عنده عندما سبق الجميع إلى عنوان تكرر فيما بعد «المهرج دونالد ترامب». بنى رأيه على أول خطاب انتخابي ألقاه المرشح الجمهوري الثري. وأثارته – كما أثارت معظمنا – مواقف ترامب حيال المهاجرين، والسياسة الخارجية ولهجة التطرف.

وفي تلك الفترة، التقيت على عشاء عند صديق في جنوب فرنسا، نائبًا ديمقراطيًا بارزًا من دائرة أوباما. وكان رأيه مشابهًا لرأي الزميل هشام. وكان رأيي مثيرًا لاستنكار الضيوف وازدراء البعض. قلت إن دونالد ترامب ليس مهرجًا. إنه لا يخاطب أمثالنا ولا يهمه أمرهم. هو يداعب مشاعر المستائين من العاطلين عن العمل والمتضايقين من «ضعف» أميركا، وأهالي ديترويت التي أعلنت إفلاسها، بينما شركة «فورد» تبني مصنعًا بكلفة 2.5 مليار دولار في المكسيك، وتوفر فرص العمل لآلاف المكسيكيين. وهو يخاطب الأميركي الذي يقود سيارة يابانية رخيصة ومريحة واقتصادية، لكنه يتمنى لو كانت أميركية، ويكره اليابان.

يلقي ترامب دعاواه بطريقة شعبوية ومبتذلة أحيانا. لكنه يعرف أن الناس تجتذبها الحيوية الفائقة التي يظهرها دون كلل. ولأنه يعرف مدى أهمية هذا الأمر، وجّه ضربة جزاء إلى جيب بوش بأنه «يعمل بطاقة ضعيفة».

ودونالد ترامب الذي استطاع أن يصبح أحد أنجح مالكي العقار والأبراج في بلد مثل أميركا، وأن يقدم برنامجًا تلفزيونيًا مهمًا، وأن يُبحر في سياسات واشنطن، لا يمكن أن يكون مهرّجًا. قد تحبه أو تستخفه أو ينفرك أسلوبه. لكن هذا لا يجعل منه إسماعيل ياسين أو «كشكش». لقد انتخب الأميركي المستاء، من قبل، الممثل رونالد ريغان بعدما أذهله نجاحه الإداري في حاكمية كاليفورنيا. وهذا الممثل هو الذي فكك له الاتحاد السوفياتي. أمّا أنه ينسى الأسماء ويخلط بينها، فهناك جيش من المعاونين مهمته تذكرها.

قال جورج بوش الأب إن كلبته «ميلي» تعرف في السياسة الخارجية أكثر من منافسه بيل كلينتون. صحيح. لكن كلينتون أكثر تهذيبًا من «ميلي»، وأكثر معرفة بالناخب الأميركي من صاحبها.
لو كنت أميركيًا لا يمكن أن أقترع للمستر ترامب. من الصعب أن تسلم البيت الأبيض إلى متطرف ومتهور. لكن الأميركي لن يفكر طويلاً وهو يسمع هذا الرجل يقول إن شركته وفرت آلاف فرص العمل، وإن إدارته سوف توفر الملايين منها.

About سمير عطا الله

كاتب صحفي لبناني الشرق الاوسط
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.