تفسيرات المشايخ ! ج 14 ـ تلخيص كتاب الخرافة !

روبرت لي پارك

روبرت لي پارك

مقدمة :

هل هي مُصادفة غريبة أنّ كلّ رجال الدين في جميع الأديان السماويّة (الفضائيّة) أوالفلسفية ,يعتبرون أنفسهم من دون غيرهم أنّهم وحدهم الصالحين العادلين المؤمنين بالعقيدة الحقّ ؟
أمّا الآخرين فإمّا أنّهم كفرة فجرة ,أو ضاليّن واهمين بأفضل الأوصاف !
ثم لماذا رجال الدين دون سواهم يفهمون قصد الإله ومراميه ,حتى في حالة تفسيرهم لقوانين وظواهر الطبيعة كالأعاصير والزلازل .فيفسرونها على أنّها غضب الله على عباده الخُطاة ,وأنّ الأبرياء الذين تصيبهم الكوارث هم ضمن الخسائر المقبولة لغضب الربّ الساري على الجميع ؟
الحديث في هذا الجزء الرابع عشر من تلخيص كتاب الخُرافة في عصرِ العِلم لعالِم الفيزياء الأمريكي (روبرت لي پارك) يدور حول تفسير رجال الدين للكوارث الطبيعية ,خصوصاً لكارثة التسونامي عام 2004 !
***
ص 105 / معنى الدين !

رعد الحافظ

رعد الحافظ

كلمة ((إسلام)) .. تعني التَسليم !
لأغلب المُسلمين تَحَمُّلْ الألم والخسارة هو طريقة للتسليم لأمرِ الله !
ربّما تهرّب بعض الناس في (بندا ـ آجيه/ سومطرة) من صلواتهم ,أو إتبّعوا نهج حياةٍ مادية .وربّما ظهرت بعض النساء دون حجاب أو غطاء للرأس في الفترة التي سبقت التسونامي (الكارثة) .وحتماً كان يُشار إليهنّ بالتحقير في تلك القرى الساحلية .
لكن ألا يبدو الرقم (300 ألف قتيل) عقاباً مُفرطاً في القسوة لكشف بضعة نساء شعورهنّ ؟ لكن مَنْ نحنُ لنحكم على الله ؟
يُسمَح للشيطان وجنودهِ أن يُلحقوا المُعاناة والشرّ للناس ,ليس فقط كعقابٍ على المُخالفات الخُلقيّة ,إنّما أيضاً كمجرّد إختبار للتواضع والإيمان !
في القانون الغربي يُصنّف أيّ تخريب طبيعي إن كان تسونامي يقتل مئات الآلاف ,أو شجرة تقع على راكض لوحدهِ (كما حصل لمؤلف الكتاب) .. كعمل إلهي !
هذا يعني أنّ أحداً لا يُعّد مسؤولاً (أمام القانون) عن العواقب !
لكن هناك تأريخ طويل عند المسيحيين والمُسلمين لمعاقبة أؤلئك الأفراد الذين يُظّن أنّهم مسؤولين عن جلب غضب الله على الجماعة !
لم نعُد نحرق الساحرات لتسببهنّ بالمرض أو إماتتهنّ للمحاصيل .
لكن الى وقتٍ قريب هو عام 2006 كان التلفا ـ أنجيلي
Televangelist
(بات روبرتسون) يُنادي الربّ مع أتباعهِ (وهُم بالملايين) لإطلاق الأعاصير على فلوريدا الخاطئة !

مؤّكد أنّ الربّ سيستجيب لطلبهِ ,إن هي إلاّ مسألة وقت فحسب !
إن كان التواجد في مسار الأعاصير مقياساً للخطيئة ,ففلوريدا كانت خاطئة مذ بدأ الإنسان تدوين سجلاّت الطقس !
صرّح روبرتسون أيضاً أنّ (دوفر ـ بنسلفانيا) ستترقب ضربة بكوارث طبيعية ,بسبب تصويتهم ضدّ أعضاء اُصوليين في مجلس المدارس !
وفقاً لهذا النوع من التفكير فلا توجد كوارث طبيعيّة .. كلّها ماورائيّة !
هذا يتوافق بالطبع مع الكتاب المُقدّس والقرآن معاً ,اللذين يرفضان رفضاً قاطعاً وجود قوانين طبيعيّة تعمل بإستقلال عن إرادةِ الله !
فحسبهم : كلّ ما يحدث في العالم هو فعل إلهي !
في القرن الحادي عشر إحتّجَ الإمام المُسلم (الغزالي) ,بأنّ قانون السبب والنتيجة ليس صحيحاً لأنّهُ سيحّد من حُريّة الله في الإتيان بأيّ حدث شاء !
قٌبِلَ هذا كقانون إسلامي مُقدّس , ولايزال ساري العمل به حتى اليوم !
***
ص / 106 الإفتراض !
الآن هل علينا الإفتراض أنّ كلّ الـ ( 300 ألف إنسان) ضحايا التسونامي كانوا يُعاقبون إلهيّاً على خطاياهم ؟
أم أنّ اللهَ يتقبل الأضرار غير المباشرة (بشكل ضحايا أبرياء) عند تطبيقه لعقابٍ جماعي ؟(يعني نسبة خسارة مسموح بها كما في تدريب الجيوش)!
في الواقع لو عدنا الى إله إبراهيم سنجده لم يتراجع (في العهد القديم) أبداً عن مسؤوليتهِ لمعاقبة الخُطاة ,حتى وإن حاقت المُعاناة بالأبرياء أيضاً !
يفعل ذلك مراراً وتكراراً في العهد القديم ويبدو ذلك مستمراً حتى اليوم !
بعيداً عن المحيط الهندي رأى شيخ مُسلم كبير (في جنوب كاليفورنيا) أنّ التسونامي هو إختبارٌ من الله ليرى كيف يستجيب الناس !
(أوّاه من هذا الإختبار الذي من بين ضحاياه حوالي 200 ألف طفل)
يبدو أنّ تفسير الكوارث الطبيعيّة على أنّها إختبارات إلهيّة لقياس التقدير مقبولاً في كافة الأديان !
بينما المُكافأة على العيش بلا خطأ تتمثّل في حياة الآخرة !
في ترجمة أحمد الصافي لرُباعيّات الخيّام يُسدي الشكّاك (عمر الخيّام) نصيحته للمؤمنين :(فأغنَم النَقدَ وخلِّ الدَينَ) ,معناها إقبل بالدفع الكاش!
وكما وصلَ التسونامي من شاطيءٍ لآخر حول المحيط الهندي ,لم يكن المسلمون وحدهم مَنْ عانوا .فسُكان قُرى الصَيد على طول ساحل الهند الجنوبي هم من الهندوس ,يعبدون آلهة محليّة أكثرها إناث .إضافةً الى آلهه هندوسية كبيرة مشهورة مثل (شيفا) .للآلهة المحليّة القدرة على التدمير كما البناء .حتى المُحيط نفسه يُعّد إلهاً رهيباً يأكل البشر والقوارب لكنّهُ يوّفر الطعام أيضاً .
يسعى الصيّادون الهندوس لتهدئة الربّ الغاضب بأفعال الإسترضاء !
وفضلاً عن الشعور بالذنبِ الشخصي يميلون أكثر لإفتراض أنّ كارثة طبيعيّة هي عقابٌ لسيّئاتٍ إرتكبوها هم في حياةٍ سابقة !
أمّا على طول ساحل تايلاند وسري لانكا اللتين قاسيتا من التسونامي فالسكان هناك جميعهم بوذيّون .لدى البوذيين العاديين عدّة آلهة للطقس يمكنهم لومها عند الضرورة .بينما إرضائها يتّم بالدعوات والتقدمات !
في النهاية يقوم البوذيّون بالتأمّل في كتابهم (الكرما) ,ويتسائلون عمّا فعلوه من خطايا أدّت الى مثلِ هذهِ المأساة !
***
ص 107 / التناسخ !
هناك اُناس يعتقدون بالتناسخ كما يعتقد غيرهم بالسماء .
عند سؤاله عن رأيهِ بكارثة أزهقت حياة 200 ألف طفل بريء,إستهجنَ زعيم بوذي ذلك قائلاً :الأطفال ليسوا أبرياء ,يمكن في أيّ وقت أن تُعاقَب على خطاياك في حياةٍ سابقة !
لهذا توّفر فكرة التناسخ تفسيراً مُلائماً لمعاناة الأبرياء .فالحياة نفسها مُعاناة تنتج عن التعلّق بأشياء ماديّة .والكوارث (في الرؤية البوذيّة) لا يُنظر إليها كعقاب, لكن كشيء على الناس السمّو فوقه !
بهذه النظرة تُصبح الكارثة الطبيعية إختباراً .ودرجة جيّدة في الإختبار ستُعطيكَ تفضيلاً في الحياةِ اللاحقة !
كان اليهود والمسيحيين أقليّة صغيرة ضمن المُتأثرين بالتسونامي .
فخلافاً للإمام الغزالي المُسلم ,قامَ اللاهوتيّون المسيحيّون واليهود في عصرهِ بمصالحة الله والقانون الطبيعي .
لقد جادلّ الربوبي القروسطي
Medieval
الشهير (موسى بن ميمون)

بأنّ اللهَ مع علمهِ بالمُستقبل يختار تحقيق أهدافهِ بإستخدام القانون الطبيعي!
إذ كوننا كائنات فانيّة لا نستطيع رؤية المُستقبل ,فلا نستطيع بعدها فهم سبب سماح الله بحصول أشياء مُعيّنة (لكن المشايخ وحدهم يفهمون) !
في نفس الوقت تقريباً توّصلَ القدّيس (توما الأكويني) لإستنتاجٍ مُماثل !
مُجادلاً بأنّهُ كمسألة إيمان علينا تقبّل فكرة أنّ الكوارثَ هي إنعكاس لحُبّ الله لنا .هناك ثغرات واضحة في الإستغلال الدائري في هذه الحُجّة ,لكن على الأقلّ يفسح إبن ميمون والأكويني مجالاً للقانون الطبيعي وبالتالي للعلم .إنّما ألف سنة تبدو وقتاً قصيراً كي تصل هذه الفكرة الى الجموع .
فعلى منابر مسيحيّة في أرجاء العالَم قورنَ التسونامي بمحنةِ الله لأيوب
لقد كتبَ المُحافِظ (وليام سافاير) في عمودهِ بالـ (نيويورك تايمز) وهو كاثوليكي يتظاهر أحياناً باللاهوت مُسانداً هؤلاء المُستندين لقصّة أيوب الكتابيّة ,ليشرح كيف أنّ إلهاً قديراً ومُحبّاً لم يتدّخل لمنعِ مُعاناة الابرياء .
يستحق بعض الوقت منّا لمراجعة هذه الحكاية الغريبة !
***
ص 108 / أيّوب في تكساس !
مثل مُعظم الأطفال الذين يحضرون حصّة الأحد في الكتاب المُقدّس في الكنيسة الميثوديّة في (دونا ـ تكساس) ,كنتُ هناك لأنّهُ يُرضي اُمّي !
مدرسة الأحد هي كالكوارث الطبيعيّة ,هي أمر لابّد من تحمله !
تحت تلك الظروف حاولتُ أن أستغلَ الوقت بأفضل مايكون بتخيّل مُغامرات بعيدة ,لكن مُنتبهاً احياناً الى الدرس .
إحدى الدروس القلائل التي قاطعت خيالاتي كانت قصّة ايوب ,التي وصفتها المُدرّسة كإحدى أهمّ قصص الكتاب المُقدّس .
وبالفعل حاول فُقهاء اليهودية والمسيحيّة أن يبحثوا عن معنىً لكتاب أيّوب طوال ألف سنة .وكما سنرى لم يصلوا لشيءٍ مُهم .والقصة مألوفة للقادمين من ثقافة يهو ـ مسيحيّة .وخلاصتها كما تقّص مُعلمتي في مدرسة الأحد :
عاش في أرضِ عوص أيّام موسى النبي ,رجل صالح إسمهُ أيّوب .كان مُستقيماً يتّقي الله ربّهُ ,يُصلّي لهُ كلّ يوم .كان أغنى رجل في بلدهِ مالكاً آلاف الغنم والثيران والجِمال .
نوّه بهِ الله للشيطان .. (كرجلٍ كامل يخشى الربّ ولا يعمل شرّاً) !
لكن دونَ إعجاب يتسائل الشيطان عن عُمقِ تقوى أيّوب :
لابُدّ أنّهُ يحمدكَ فقد باركتهُ وأغنيتهُ ,إسلبهُ كلّ هذا وسوف يسبّكَ في وجهكَ
مَصدوماً بكلامِ الشيطان يتقبّل الله الرهان ,سامحاً للشيطان أن يفعل ببني أيّوب وأملاكهِ ما يشاء ,مانعاً إيّاه فقط من إيذاء شخص أيّوب !
يعرف أيّوب لاحقاً أنّ البدو قد سلبوا ماشيتهِ وقتلوا زُرّاعهِ وحارثيه .
بعد ذلك يسمع أنّ البرق قد قتل كلّ خِرافهِ ورُعاتها .
ثمّ سرقَ أعدائه من بلاد الكلدان كلّ إبلهِ وقتلوا مَن كانَ معها .
ثم يأتيهِ رسول آخر بأنباء أكثر سوءً ,فقد إجتمعَ بنو أيّوب وبناتهِ ليأكلوا ويشربوا في بيت إبنهِ الأكبر (يعني كانت عزومة) ,ثمّ أتتهم ريح عظيمة من الصحراء فهدمت البيت وقتلتهم جميعاً .(مُخرِج هندي !)
في يومٍ واحد خَسَرَ أيّوب كلّ شيء ,فرمى نفسه على الأرض أمام الربّ وقال :عاريّاً خرجتُ من بطنِ اُمّي ,وعاريّاً سأعود !
بلا شيء أتيتُ الى العالَم وبلا شيء سأتركهُ !
الله أعطى , الله أخذ , فليتبارك إسمَ الله !
لم يستطع الله لحظتها إلاّ التباهي أمام الشيطان بأنّهُ قد رَبِحَ الرهان .
هل نظرتَ الى عبدي أيّوب ؟لايزال يتمسّك بكماله حتى بعد أن تركتُكَ تؤذيه بشدّة !
لكنّ الشيطان يخدع الله (بسهولة) من جديد !
فقال لله : كلّ مالدى الإنسان سيعطيه لأجلِ حياتهِ .إبتليه في نفسهِ وسوف يسبّك في وجهكَ !
ويُسلّم اللهُ أيّوبَ من جديد للشيطان ,طالباً منهُ أن يحقظ حياته فقط !
فرمى الشيطانُ أيّوبَ بالقروح من قمّة رأسهِ الى أخمص قدميه .وكان أيّوب في ألمٍ عظيم .لكنّهُ لم يتكلّم بكلمة واحدة ضدّ الله .
حتى أصدقاء أيّوب إعتقدوا أنّهُ فعل شيئاً شنيعاً ليُغضِب الله هكذا .
لكنّ أيّوب بقى مؤمناً ورفضَ أن يقول أنّ الله قد ظلمهُ .ورغم أنّهُ لم يفهم طُرق الربّ فقد ظلّ أيّوب خيّراً !
تُختتم هذه القصة المميّزة عن المُعاناة والإيمان بنهاية هوليوديّة تُكافيء فيها التقوى ,ويعيش البطل سعيداً مديداً .
الفقرة الاخيرة قد تكون اُضيفت لاحقاً وربّما على يدِ مُترجِم :
ثمّ تكلّم اللهُ بنفسهِ لايّوب وأصدقائه قائلاً لهم أنّهُ ليس للإنسان أن يسألَ الله وأنّ الله يُعطي لكلّ إنسان حقّهُ !
ملاحظة:(في الإسلام موجودة نفس القصة ,لكن هناك آية تقول للناس عن لسان الربّ :وقال ربّكُم إدعوني أستجِب لكم ! إنّ الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنّم داخرين .سورة غافر ـ آية 60 /كاتب السطور) !
بعدها يُصلح الله حالَ أيّوب فيشفيهِ من قروحهِ ,ويجعلهُ أغنى من السابق ويضاعف خرافهِ وثيرانه وجِمالهِ .ثم أعطاه من جديد سبعة أبناء وثلاث بنات من أجمل النساء في أرضهنّ .وعاش ايّوب حياة طويلة سعيدة في غنى وشرف وتقوى الله وتحت رعايته !
***
ص 110 / إستنتاج !
هكذا إذاً لم يَظهر إله إبراهيم في كتابِ أيّوب كراعٍ صالح يحمي خرافهِ إنّما كإله مغرور فخور تتحكّم به إستهانات الشيطان (يُخدَع بسهولة) !
هذا الإله أشبه بصورة آلهة اليونان ,له نقاط ضعف بشريّة مُضخّمة .
أو هذا مابدا لي كطفلٍ حين إستمعتُ لقصّة أيّوب أوّل مرّة في مدرسة الأحد .لم يقل لنا أحداً (ولا حتى كإقتراح) أنّ كتاب أيّوب لعلّهُ كان مجازيّاً أو أنّ أيّوب نفسه لم يكن شخصيّة تأريخيّة حقيقيّة .
إستخلصت مُدرّسة الأحد ثلاث دروس من كتاب أيّوب :
1 / علينا أن لا نسأل الربّ !
2 / علينا التمسّك بإعتقاداتنا رغمَ الأدلّة الهائلة على خِلافها !
3 / سيكافئنا اللهُ على هذا ,لكن ليس في هذهِ الحياة كما يبدو !
دفعت هذه القصة فتاة في الصفّ للبُكاء بحرقة فقالت وهي تنتحب وتكفكف دموعها :
(لم يفعل أيّوب أيّ خطأ هذا ليس عدلاً ! لا يكفي أنّ الله أعادَ إليه كلّ شيء لايُمكنكَ إزالة الألم !) .. وإتفق معها جميع الأطفال !
أمّا أنا فقد إنزعجتُ لسببٍ مُختلف / لماذا كان كلّ شيء حولَ أيّوب ؟
ماذا عن أولاد أيّوب الذين ماتوا في العزومة نتيجة العاصفة ؟
ماذا عن خَدَمِهِ الذين قتلهم البدو ؟ أو حتى ماشيتهِ البريئة ؟
هؤلاء حياتهم لم تُسترد .فهل تمّت التضحية بهم لكسبِ الرهان ؟
سيحتّج اللاهوتيّون هنا ,بأنّ كتاب أيّوب ليس تأريخاً .فهو قصّة مجازية تحاول أن تصنع معنىً للاشياء السيّئة التي حدثت في العالَم ,في زمان ما قبلَ العِلم !
حسناً .. لكنّنا لم نُخبر بهذا .فمعظم السكان مقتنعون بأنّ الكتاب المُقدّس هو كلمةُ الله المعصومة ! و لماذا إذاً حصل تسونامي المُحيط الهندي ؟
(إنتهى الجزء 14 من تلخيص هذا الكتاب) !
***
الخلاصة :
[رُسلاً مبشرينَ ومنذرينَ لئلا يكون للناسِ على اللهِ حُجة بعد الرسل..] آية 167 / سورة النساء !
في هذهِ الآية ,كأنّ اللهَ يفهم ضِمناً أنّ الناس سيحتجّوون على قراراتهِ التي يذهب ضحيّتها عشرات الآلاف والملايين من البشر المُسالمين ,لذا فهو يُجيبهم مُقدّما بكونه فعلّ ماعليه وأرسلَ مُنذرين كي لا تبقى حُجّة للناس على الله !
والسؤال هنا : هل يحتاج الله تقديم تبريراً للناس ,لأفعالهِ العنيفة ؟
إذا كان قد شعرَ أنّ طوفان نوح (المُفترَض) قبل الميلاد ببضعة آلاف عام
أو تسونامي سومطرة 2004 وأمثالها كانت قاسيّة بدرجة غير معقولة , أفلا كان من باب أولى ان يجدّ وسيلة بديلة لتحذير الناس (خصوصاً أنّ غالبية الضحايا في التسونامي من المُسلمين وأطفالهم) ؟؟؟
لكن على رأيّ صاحب الكتاب : مَنْ نحنُ لنحكُم على الله ؟
المشايخ وحدهم قادرون على فهم تصرفاته وهم يقولون لنا ما يلي :
كلّ المصائب التي تحدث في هذا العالَم بضمنها الكوارث الطبيعية التي تودي بحياة الملايين ,سببها سيّئات الناس أنفسهم أو جحودهم أو غفلتهم ! وحتى إذا لم تنطبق كلّ هذه الإحتمالات (كما في حالة أيّوب البائس),فربّما يكون مجرّد إختبار من الله للناس ليرى مثلاً مقدار صبرهم على الضيم .
وإذا لم يتوفر هذا الإحتمال أيضاً ,فغالباً هو يعاقبنا على أفعالنا في حياةٍ سابقة (حسب المؤمنين بتناسخ الأرواح) !
أعزائي القراء لكم أن تُصغوا للمشايخ الكرام المُغمورين غباءً وكذباً وتخلفاً من رأسهم حتى أقدامهم .
ولكم أن تصغوا لصوتِ العقل والعِلم والمنطق والإنسانية !

تحياتي لكم
رعد الحافظ

8 أبريل 2015

About رعد الحافظ

محاسب وكاتب عراقي ليبرالي من مواليد 1957 أعيش في السويد منذُ عام 2001 و عملتُ في مجالات مختلفة لي أكثر من 400 مقال عن أوضاع بلداننا البائسة أعرض وأناقش وأنقد فيها سلبياتنا الإجتماعية والنفسية والدينية والسياسية وكلّ أنواع السلبيات والتناقضات في شخصية العربي والمسلم في محاولة مخلصة للنهوض عبر مواجهة النفس , بدل الأوهام و الخيال .. وطمر الروؤس في الرمال !
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.