ان منعتك الظروف من تحقيق رغبتك فلا يعني ان كافة الأبواب مُغلقة

horsedignityعندما كنت في المراحل الدراسيّة كان حلمي ان اكون ضابطاً سيما وان الكثير من ابناء اسرتي ضبّاطاً يتقلّدون مناصب عليا في قطاعات عسكريّة مختلفة .تخرجت بنسبة ممتاز 92% من المرحلة الثانويّة قسم علوم شرعيّة وعربيّة،وتوجّهت فوراً لكليّة الملك عبد العزيز الحربيّة واجتزت كافة الإمتحانات والإختبارات وتم قبولي مبدأيّاً سيما ان جسمي ولياقتي البدنية ومعدّلي يؤهلني لدخول الكليّة ، لكن فوجئت بعدم قبولي وتقديم الكثير بالواسطة على المتفوّقين سواء بدنيّا او علميّاً. لا بل ان من قبولهم من ذوي الأوزان الثقيلة وقصيري القامة ومعدومي اللياقة البدنيّة .خرجت مُحطّما نفسياً ومحبطاً للغاية لعدم قبولي وانا الذي كنت منذ الطفولة افضل ان ارتدي اللباس العسكري ولا زالت صوري موجودة حتى الان .بعد ذلك دخلت كليّة المعلّمين لمجرد انني ادرس فتخصّصت في قسم الدراسات الإسلامية لسنتين ونصف ثم تركتها وتلك الفترة كانت السبب الرئيس لدراسة الإسلام ولأوّل مرّة اقرأ القرآن بتفاسيره وهو ماكان مفروضاً علينا من قبل الدكتور المحاضر فكانت الإنطلاقة نحو اصطدام عقلي بالنص الديني واكتشاف خفايا الإسلام .وهذه قصّة طويلة انتهت بترك هذا الدين نهائياً.
بعد ان تركت كليّة المعلّمين بيومين وقّفت عند جهاز صرّاف آلي لأستلم مكافأة الكليّة التي كانت انذاك الف ريال لأننا بتخصص اسلامي وغيرنا 850 ريال بالتخصّصات الأخرى.كانت الصرافة تابعة لمصرف الراجحي .قلت لنفسي لماذا لا ابحث عن عملاً في اي بنك! حزمت حقائبي وتوجّهت للرياض وكان هذا بالعام 99 وسألت عن مقّر ادارة مصرف الراجحي فذهبت اليهم واخبرتهم انني ارغب بالعمل لديهم بأي وظيفة.واعطيتهم شهاداتي وبعد ثلاثة ايّام أجروا معي مقابلة ثم بعد يومين آخريْن اخبروني بقبولي ودخول دورة تدريبية لمدّة شهر في أحد قاعات الفنادق.ثم تم تعييني في محافظة المَجْمَعة التي تقع بين الرياض والقصيم ، عملت سنة ونصف وكنت ادرس بنفس الوقت بالجامعة منتسباً حتى تخّرجت من كليّة ادارة الأعمال من جامعة الملك سعود.
اليوم لدي اقرباء واصدقاء ضبّاطاً بنفس عمري وبرتب مختلفة .يعيشون حياة بؤس ويتنقلون من منطقة لأخرى ومن قاعدة عسكريّة لأخرى ويحسدوني على عملي في المصرف ويتمنون لو انهم يعملون في قطاعات مختلفة.
الحياة العسكريّة شقاء وتعب ، واغلب هؤلاء فضلوا في صغرهم ان يكونوا ضباطاً ويدخلوا الكليات العسكرية والأمنيّة لمجرد التباهي والتفاخر بالمجتمع انه بنجمة على الكتف او تاج او ثلاثة نجوم .
الخلاصة / ان منعتك الظروف من تحقيق رغبتك فلا يعني ان كافة الأبواب مُغلقة ولا تعني ان حياتك انتهت ، فلا تستلم لليأس ، فهناك مئات الأبواب تستطيع ان تجد ذاتك فيها وتحقق رغباتك، قد لا يعجبك في البداية لكن حتماً يتطلب عليك ان تحب عملك كي تتفوّق به وتعشقه .

About عبد العزيز محمد - فكر حر

عبد العزيز مفكر سعودي حر
This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.