الكلاب في نعيم ونحن في الجحيم

ياسلام ،واخيرا قررت الحكومة التخلص من المتفجرات واصحابها بعد ان أقر مجلس الوزراء استيراد الكلاب المدربة على كشف المتفجرات بدلا من السونار المزيف.

لاندري من هو المستشار العبقري صاحب الفكرة “الكلبية” ولاندري هل اعترض احد من المستشارين الاخرين على ذلك ام لا؟.

لنقف عبر حقيقة لامجال لنكرانها وهي ان ثورة المعلومات في جميع المجالات تقريبا قد وفرت للبشر خدمة لاتقدر بثمن، وهناك دول وعلماء وعباقرة يبحثون باستمرار عن تقنيات جديدة لخدمة الناس، وهناك ايضا جامعات تعقد المؤتمرات العلمية لمناقشة آخر البحوث والدراسات المتعلقة بتفاصيل الحياة اليومية للبشر وكيفية تقديم اسهل الطرق لخدمتهم.

هناك دول لاتحصى تخرج علينا كل يوم بانجاز علمي (اليابان،المانيا،امريكا،كوريا الجنوبية وغيرها) وبالتأكيد توصلوا الى تقنية تكشف المتفجرات والمفخخات بنسبة معقولة.

والمثل العراقي المعروف يقول”اللي يسأل مايضيع”.

لكن منو اللي يسأل والكل يريد يعمل على طريقة شراء خبز باب”الاغا” :حار ومكسب ورخيص.

من السهل استيراد هذه الكلاب، لكن حكومتنا ستواجه اطنانا من المشاكل بعد ذلك.

وحتى لانغرق في التنظير لنوضح الصورة رقميا أي حسابيا ونرى البلوى التي ستقع فيها حكومتنا الموقرة.

1-الحكومة ستستورد 4 الآف كلب في المرحلة الاولى ليغطي عملها اهم مناطق بغداد.

2- هناك فصائل متعددة للكلاب البوليسية ،كما يقول الخبراء، منها السلالات الألمانية ويصل سعر الكلب الواحد ما يقرب من 3 ملايين دينار، ومنها الأميركية وهي غالية جدا ويصل سعر الكلب الواحد الى 25 مليون دينار.

واذا قررت الحكومة شراء الكلب الامريكي فعليها ان تخصص تريليون دينار عراقي للشراء فقط (المبلغ يسيل له اللعاب).

3-ولأن هذا الكلب امبريالي ورأسمالي ويهوى الاستغلال كالعادة فان له قواعد معينة يجب على المدربين الالتزام بها..اولها كما يقول الخبير قصي البياتي اولها انه لايشرب سوى المياه المعدنية(اويلي يابه)، وانها تستطيع العمل،والكلام مازال للبياتي، في فصل الشتاء لساعات طويلة في اليوم الواحد لكنها لا تستطيع العمل اكثر من ساعتين متتاليتين في فصل الصيف وتتطلب ساعتين راحة كل ساعتين عمل شريطة ان تتوفر مستلزمات قياسية للراحة مثل أجهزة التبريد والتكييف وتوفير طعام خاص”.

بسيطة اذا ارتاح الكلب ساعتين يسرع المفخخون الى العمل،اليس كذلك.

4-لا أحد يعرف لحد الان كيف يتم توفير الاجهزة الخاصة بالتبريد والتكييف ومن المؤكد سيقف معظم العراقيين مشدوهين امامها حال استيرادها من بلد الكفار. وبعضهم الآخر سيستميت لمعرفة تكلفة جهاز التبريد الواحد وكم ستستهلك من الميغاواطات التي ستكون فائضة في نهاية هذا العام حسب ماذكر حسين الشهرستاني قبل حوالي نصف قرن.

5-لابد من وجود مؤسسة يرأسها رئيس مجلس ادارة منتخب واعضاء مجلس لهم خبرة في ادارة شؤون الكلاب ولأنهم خبراء فرواتبهم ستكون مقاربة لرواتب مدير عام فما فوق وهم بالتأكيد سيطالبون الحكومة بتوفير رجال الحماية لهم ولكلابهم.

5-لاننسى ان هذه الكلاب لاتاكل كما يأكل بعض العراقيين على طريقة “حي الله” بل لابد من توفير طعام خاص يختلف نوعه بين فصلي الشتاء والصيف. ففي الصيف يقدم الطعام مع مكعبات الثلج من اجل تبريدهم وتوفير المياه المعدنية التي تقيهم شر الامراض اذا شربوا من المياه العادية(اويلي على العراقيين يابة).

6-وياليت الامر يقف عند هذا الحد اذ لابد من انشاء مستشفى خاص لعلاجهم وتقديم الدواء لهم مع توفير الكادر الطبي البيطري المختص جدا في تطبيب هذه الكلاب التي يقول عنها البياتي انها تتمتع بذكاء حاد جدا.

ولكن الا يحتاج هذا الكادر الطبي ألى مساعدين وممرضين وممرضات واطباء تخدير وآخرين لقياس الضغط وكمية اللعاب النازل من الفم قبل اجراء أي عملية جراحية؟ ولابد ايضا ان اسّرة هذه المستشفى ستكون خاصة للكلاب فقط ويمنع استعمالها من قبل الزوار.

ولاننسى ان هذا المستشفى لابد ان يزود بمطبخ خاص يشرف على اعداد الطعام فيه مختصون يمكن استيرادهم من الخارج لعدم توفر هذه الخبرات داخل العراق. هناك ايضا مايسمى “خدمة بعد الصيانة” وهي الخدمة التي يجب ان تتوفر للكلاب الامبريالية بعد العلاج من اشراف على تناول الدواء والفحص اليومي لضغط الدم وقياس الحالة النفسية مرة واحدة في كل ساعتين.

7-لاتنسوا ان مبلغ تكاليف الشراء(تريليون دينار)سيضاف اليه “خردة للذين سيقع الاختيار عليهم للايفاد وفحص الكلاب وتوقيع العقد وفتح الجيوب للعمولة اياها.

8- يقول عضو لجنة النزاهة النيابية جواد الشهيلي “ان هذه الكلاب اذا تناولت مياه غير معدنية ستتعرض لأمراض عديدة تتطلب تدخل الوحدة الطبية من أجل المعالجة في اسرع وقت ممكن كما كنا نرى ان القوات الامريكية وضعت طبيبا مرافقا لكل مجموعة من الكلاب!.

9-وماعدا الرياضة الاسبوعية التي يجب ان توفرها الجهات المعنية لهذه الكلاب فان المشرفين على رعايتها واستخدامها يجب ان يدخلوا في دورات خاصة لأن المعروف عن افراد الشرطة العراقية لايحسنون التعامل الصحيح مع الكلاب كما يقول بعض الخبراء.

ولاتنسوا ايضا ان هذه الدورات تحتاج الى مبالغ قد لاتكون خيالية ولكنها من الممكن تكون كذلك حين نحسبها باتجاه شعار”شيلني واشيلك”.

شفتو شلون اخوان كيف تحظى الكلاب بالرعاية التي لاتتوفر لدى اهالي القرنة وابو الخصيب وبغداد الجديدة ومدينة الصدر”الثورة سابقا” وغيرها ..وغيرها.

بالروح بالدطم نفديك ياكلاب.

 

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.