القداسة والاستبداد في ثقافة دٌريد لحام؟

doridasmaيٌقدم للسوريين وللعالم الفنان دريد لحام مشهد من مأساة الحرب في سوريا في تعريفه للقداسة والاستبداد والولاء والسجود امام ولاية الفقيه بتقديس روح خامنئي مرشد الثورة الإسلامية وراعي مشروع ولاية الفقيه في المنطقة.
وهذا المشهد ليس بأروقة المحافل الكوميدية والدرامية التي ترعاها المخابرات السورية وانما على أحد منابر نظام الاستبداد والإرهاب بأروقة روح خامنئي في تعريف قداسته ومشروعه الذي يُحضر في سوريا لامتداد نهج ولاية الفقيه وتصبغيه وتطبيعه بالطرق المختلفة في بلدنا وارضنا.
وهنا محكومين نحن كسوريين بالاستماع له والاستمتاع بهذه المهزلة الفنية. لنعرف مقاصد مواهبه الفنية والسياسية لنذهب لبعٌد اخر في فهمه وفهم المشروع الإيراني.
لقد استطاعت ولاية الفقيه تأسيس دولة لها في لبنان ضمن دولة بقوة السلاح وإعاقة المشروع الديمقراطي في البلاد والذهاب إلى حلمها الكبير بمركزيته ومرجعتيه المطلقة الإيرانية لامتداد هذا النفوذ. وحشد الكثير في صفوفها بالذرائع المختلفة وتحقيق قاعدة شعبية لها ولكيانها وجعلهَ حياً بأصوات الفنانين ورجال الدين ليُهيمن على العقل الجماعي.
لكي تٌمهد لمشروع ولشخص أعطيه قداسه وعمق وعي مُطلق لشخصه. لتتأصل الفكرة في الجموع. وهذا ما حاول دريد لحام بمشهده أن يوصله للمناضلين في صفوف النظام والمقاومة في المجتمع السوري الذين يشجعون المستبد القاتل ويقتلون ويحاصرون الناس ويُجدون في المقاومة على الشعب والثورة السورية هو خير دليل لهم بالوسائل المٌختلفة التي شاهدناها؟
لا شك ثقافة الفن التي تنشا في أحضان الاستبداد الثقافي والفكري والسياسي ستولد تقديس هذا المستبد في عمق الأفراد والجماعة ولا تكتفي عند هذا الحد بل تذهب إلى خارج البلاد والوطن وتُقدس الذي يقف وراء هذا المستبد ويدافع عن كيانه.
بل تصبح ايضاً بعداً حياً من ابعاد الجماعة واللاوعي في كيان الجماعة وقضية تناضل لأجلها. دفاعا عن المستبد كونه مقدس له ألوهيته التي لا يٌمكن المساومة عليها. والذي يكون قد هيمن على هذا الوعي ذرائع قديمة استخدمها المستبد في طبيعته التي تسيطر على كل الأشياء في المجتمع حتى انها تسيطر على اللاشيء في مسار الشعوب والجماعة التابعِ لهُ.
وهذا ما نلتمسهُ في عمق وذات الذين مازالوا يؤيدون قيام نظام كنظام بشار الأسد
وينعكس هذا في عقل الجماعة المتأصلة بثقافة المستبد بشكل أكثر فاعلية عندما يتهدد وجوده بالخطر وعندما يرتكب المجازر والقتل وإبادة الشعب ويأتي العقل الجماعي بمستوياته المختلفة ويعطي لكل هذه المجازر بعداً مشروعٍ وحياً في اللاوعي والأفكار التي هيمنة وسيطرة وطغت لتبرر ما يقوم به الطاغية وتٌناضل لأجل بقائه.
فيصبح منبر الفنان أحد ذرائع المستبد التي تدافع عن وجوده ويذهب بلسانه لحضور أي شيء ويأتي بصيغة ليس عليها مساومة في قداسة المستبد الذي يقف ورائه ويوضح لنا خطاب دريد لحام في مشهده الفني هذا القصد والتوجه في المستقبل. واصولية هذه الثقافة التي لا تختلف عن أصولية الحركات الدينية المٌتطرفة من حيثُ المعنى والمضمون والتوجه وتشكيلها.
جزء من معاناة الثورة السورية وأحد أسباب هدرها وتجريدها من مضمونها وسياقها هو هذه الثقافة وهذا الفقر في الوعي الجمعي الذي مازال متجذر في المجتمع السوري.
اليوم أصبح جزء من إيران هو في سوريا وان هذا المشهد والخطاب ما هو إلا تكملةً للمسيرة الفنية التي انتجها المستبد في الواقع السوري لتعميق النفوذ الإيراني بالفكر والخطاب وتمهيده بشكل قوى مدنية تمللك السلاح موجودة في الوطن السوري وتحضيرها للمستقبل بشكل فاعل بهذا المسار والتوجه بهذه الثقافة.
لعلهم يستطيعوا أقامه دولة أخرى وكيان أخر شبيه لكيان حزب الله في لبنان ليبقى يُعرقل أي مسيرة تغيير حقيقية في البلدان العربية ونشر فكر الجمهورية الإسلامية التي لا تختلف عن الدولة الإسلامية.
ففي روح دُريد لحام خيانة للوطن وخيانة للثورة السورية وللإنسانية ولمسيرة الفنان الصادقة الحقيقية التي وسامها هو الدفاع عن حق الشعوب بالحرية والكرامة والعدالة؟ وفي روح خامنئي المشروع الإيراني الذي قداسته تمر بسوريا وتقتل الأطفال بحصارهم وتجويعهم وتؤجج الصراع المذهبي لتحقيق مشروعهم؟
وهذا أحد الأسباب المهمة أيضاً التي تٌبعدنا عن استقلالية القرار الوطني المحلي وهذا أحد الأسباب الذي يبقينِ من سُقاطة الشعوب في شرقنا وفي وطننا.
فكم نحتاج لحركات تحرر ثقافية ودينية وسياسية ولكل الذرائع والأصوات التي صنعتها الأنظمة الشمولية المستبدة لتستمر بطريقة حكمها ونفوذها.
فهذه مسيرة طويلة ويلزمنا شعوب وقادة تٌحب أوطانها وتمللك الحرية الحقيقة لتبني بها الفرد والمؤسسات والوطن. لنكون فاعلين في العالم وليس مفعول بهم؟

About عبد الرحمن شرف

كاتب وناشط ديمقراطي سوري
This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.