الحب والجنس في المعتقلات 2

 الحلقة الثانية201311132249177272057951861
بقلم / أسامة عثمان
بعد افتتاح سجن الوادي الجديد رأى أحد المعتقلين رؤية أن حسني مبارك يفتتح مسجد جديد اسمه ( مسجد النصر ) في شهر مايو 1995 ، وبالفعل تحققت الرؤية ولكن المسجد كان ( سجن الفيوم ) ، وانتقلت مع من انتقلوا إلي هذا السجن الجديد .
قابلت هناك أحد أفراد جماعة الجهاد اسمه ( طارق الأسواني ) وهو شقيق أحد قيادات جماعة الجهاد اسمه ( محمد الأسواني ) كان محكوم عليه بالمؤبد في قضية اغتيال السادات ، وشارك في الهروب من سجن ( ليمان طرة ) عام 1988 مع اثنين آخرين وتم القبض عليه وإرجاعه مرة أخرى . حكى لي طارق الأسواني أن أحد القيادات المؤسسة للجماعة الإسلامية وكانوا يسكنون في سجن ( ليمان طرة ) تورط في انحراف جنسي ولكن لم يفصح لي عن اسم هذه القيادة } قيادات الجماعة هم ( كرم زهدي – ناجح إبراهيم – عاصم عبد الماجد – عصام دربالة – علي الشريف – فؤاد الدواليبي – أسامة حافظ – حمدي عبد الرحمن ) {، ساعتها لم أصدقه واتهمته بالنفاق لأنه يشوه قيادات الإسلام ، ولكن بعد 7 سنوات وفي عام 2002 عندما قابلت هذه القيادات وجه لوجه وعرفت قد إيه هم شخصيات وضيعة فاقدين للضمير لم أستبعد ما قاله طارق الأسواني عنهم .
( ليلة من الليالي )
ده عنوان أغنية للمطربة الرائعة نجاة ، بس مش ده اللي أقصده ، اللي أقصده إن في ليلة من ذات الليالي في سجن الفيوم لا أذكر في نهاية عام 1995 ولا في بداية عام 1996 صحي العنبر كله على صوت أحد المعتقلين بيصرخ وبيخبط على الباب وبينادي على الشاويش وبيقول والله لأفضحك يا جماعة وسخة ، جاءه الشاويش وأخرجه وحكى له مشكلته ، وهي أن أحد قيادات الجماعة في عين شمس تحرش به أثناء النوم .
هذا الشخص المتحرش به بسبب فضحه لأحد القيادات وبسبب نقده للجماعة بعد أن كان عضوا بها تحولت حياته إلى جحيم في المعتقل فتم ضربه عدة مرات ، وكانت يمنع الجماعة تمنع أفرادها من التحدث معه فيعيش وحيدا داخل الزنزانة ، ويكون محظوظا إذا كان هناك معتقلين من جماعات أخرى فيجد ساعتها من يؤنس وحدته في هذه السجون القاسية .
قابلت هذا الشخص في أواخر عام 1997 في ( لاظوغلي ) فسألته عما حدث في تلك الليلة فحكى لي أن هذه المشكلة قديمة جدا من قبل الدخول في السجن ، عندما كان عمره 15 سنة وكان لسه منضم للجماعة ( هذا الشخص من عين شمس أيضا ) ، كان هذا القائد يتحرش به بس عشان كان صغير مكنش عارف إيه اللي بيحصل معاه ، فقلت له إن الجماعة بتدافع عن القيادة ده بأنك أسود اللون وغير جميل الوجه فإزاي يبصلك ، فقال لي إن المرض ده ( العشق ) ليس له علاقة بلون البشرة ولا بدرجة الجمال .
الغريب في الأمر إن الجماعة كانت معينة هذا الشخص القيادي مسؤولا على زنزاين الإخوة الصغار في السن عشان هو حد ( تقي ) وحيحافظ عليهم من النفوس الضعيفة !! .
بعد 11 شهر في سجن الفيوم وفي إبريل عام 1996 انتقلت إلى سجن ( وادي النطرون ) في طريق مصر الإسكندرية الصحراوي ، هذا السجن يعتبر مأساة إنسانية من سوء المعاملة والضرب والإهانة ، وكثرة الأعداد كنا حوالي 33 في زنزانة 4X6 م ، كنا بننام على جنب واحد للصبح ولو حصل وقمت للحمام ليلا ترجع ماتلاقيش مكان تنام فيه .
حظي كان حلو بعد 3 أسابيع تركت هذه المأساة وانتقلت إلي سجن ( استقبال طرة ) مرة أخرى وهو كان من أقل السجون معاناة .
في إحدى الليالي استيقظت على إيد النائم بجواري وهو يمسك بعضوي الذكري ويعبث به محاولا جعله ينتصب ، لم أشعر بنفسي إلا و أنا أصفعه على وجهه ، فطلب مني أن أهدأ وأن نتكلم غدا ، كان حظه حلو إن الجميع كان نايم ومكناش مطبقين قاعدة الرباط في تلك الفترة .
في الصباح جالي واعتذر وقالي ما تفضحنيش ، فقبلت اعتذاره وسترت عليه .. لا أعلم هل فعلت ذلك إنسانية مني ، ولا بسبب إني قرأت قبلها بقليل كتاب ( تلبيس إبليس ) للإمام ابن الجوزي ، واللي فيه فصل كامل عن الجنس والعشق المثلي في أوساط الشيوخ والمتدينين أيام الخلافة الإسلامية المجيدة !!!.
أدركت وقتها حجم خطيئة أن تعيش جماعة ك ( جيتو ) داخل المجتمع يستغنون بعلاقتهم داخل الجيتو عن علاقتهم بباقي المجتمع ، حتى في الحب والجنس يقومون بسد احتياجاتهم من داخل الجماعة أو الجيتو ، وفي ظل تحريم التعامل مع النساء خارج إطار الجيتو ، ومع صعوبة الزواج بسبب الظروف الاقتصادية ، لا تجد طاقة الحب والجنس داخل المتدين إلا سبيل المثلية ، هذا خارج السجون ، أما داخلها فالوضع أشد بسبب قسوة السجون والحرمان من كل أو معظم متع الحياة ، فالإنسان لا بد أن يبحث عن شيئ يحقق له التوازن النفسي ويخفف عنه وطأة المعاناة التي يعيشها فيتجه لا إراديا إلى الحب أو الجنس المثلي طلبا لهذا التخفيف وتحقيقا لهذا التوازن ، خاصة أن الجماعة كانت تربي أفرادها على حرمة الاستمناء مما زاد الطين بله .
كثير من المشاكل الجنسية التي حدثت كان سببها الهوس الجنسي الذي نشرته الجماعة بين أفرادها بقواعدها المهووسة اللي خلت اللي مش واخد باله أخد باله إن فيه حاجة اسمها حب وجنس مثلي .
وكثير منها للأمانة كان غير متعمد بسبب انتصاب عضو أحد الأشخاص أثناء النوم فيحتك بآخر بسبب الزحام فيظن أنه يتحرش به فتقوم مشكلة بسبب ذلك .
كان مما تعلمته للتفريق بين الحب الطبيعي ما بين شخصين ، والحب المرضي أو المحرم أو العشق كما كنا نسميه ، أنه إذا كنت تجد صعوبة في البعد عن الشخص المحبوب ، ودائما تلاحقه بالنظرات ولا تستطيع الصبر على غيابه عن عينك فكده يبقى الواحد دخل مرحلة التعلق والحب المحرم .
وهذا ما شعرت به ناحية أحد أصدقائي …
في بداية اعتقالي بسجن استقبال طرة وقبل الانتقال لسجن الفيوم بشهوركان معي صديق من بني سويف شديد التدين والاحترام ، رقيق المشاعر ، كان صوته حلو جدا في الأناشيد الإسلامية ، أظن لو دخل أحد مسابقات الغناء المشهورة سيحقق مركزا متقدما بها .
في البداية كنت أحبه حبا طبيعيا ، ولكن مع مرور الوقت لقيت نفسي متعلقا به ، وكنت أحب مشاهدته أثناء قيام الليل ، وهو خاشع في صلاته .
حاولت إني أسيطر على مشاعري ، ولكن وجدت صعوبة فطلبت نقلي إلي زنزانة أخرى ، خاصة إن بالي مكنش فاضي للمقاومة لأني كنت مشغول بهدف أكبر وهو حفظ قرآن محمد واللي انتهيت منه في فترة وجيزة ( 8 شهور ) وكان ده في شهر رمضان / فبراير 1995 ..
وفعلا بعد شهر تقريبا من البعد والانهماك في حفظ قرآن محمد كان الموضوع اتحل وفضل في قلبي له معزة طبيعية كصديق مخلص .
كان من ضمن المشاكل اللي واجهناها في المعتقلات وجود بعض الشخصيات فيهم أنوثة ظاهرة دون قصد منهم ، وجدت أن أكثرهم تربى كولد وحيد على بنات فلقط منهم أنوثتهم ، أو كان ارتباطه بأخواته البنات أكثر من أخواته الصبيان ، أو إن هرمونات الأنوثة عندهم كانت زائدة .
بعد فترة من الاعتقال ومع اشتداد الشهوة الجنسية عندي وجدت صعوبة ومعاناة في السيطرة عليها خاصة مع وجود أشخاص مثل اللي حكيت عنهم ، ففكرت في حل لمشكلتي ، ولم أجد غير الاستمناء أفرغ فيه شهوتي ، مبررا لنفسي ارتكاب هذا المحرم بالقاعدة الفقهية ( الضرورات تبيح المحظورات ) خاصة إن محدش حينفعني لو سقطت في جريمة التحرش ، ومفيش حاجة بتستخبى في السجن ، فكان ده أخف الحلول ضررا بالنسبة لي .
في النصف الأخير من عام 1996 كنت وصلت لقناعة إن هناك مشكلة في الجماعة كتنظيم ، وإن الغباء فيها مستحكم وغير قابل للعلاج ، وإن كنت لا زلت مقتنع بالفكر ، فأخذت قرار بالانفصال عن التنظيم ، وإن لم أجد الشجاعة وقتها لإعلان ذلك ، ولكن عبرت بذلك بالنزول إلى الزنازين الانفرادية في الدور الأرضي ، واللي كان بيعتبر وقتها زي الانتقال من دار الإسلام إلى دار الكفر في عرف الجماعة ….. يتبع

This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.