التنويم المغناطيسي ! ج 11 / تلخيص كتاب الخرافة

مقدمة :

روبرت لي پارك

روبرت لي پارك

يقول فريدريك نيتشه في (هكذا تكلّم زرادشت) مايلي:
[جسدٌ وروحٌ أنا ..هكذا يتكلّم الطفل !
ولِمَ لا ينبغي على الناس أن يتكلّموا مثلَ الأطفال ؟
لكن اليقظ العارف يقول:جسدٌ أنا بكُلّي وكليّتي ,ولا شيء غير ذلك !
وليست الروح سوى كلمة لتسمية شيئاً ما في الجسد !]
***
العِلم والعلماء لا يؤمنون بالماوراء .إنّما يتعاملون مع الواقع المادي الموجود أو المحسوس فعلاً !
لو قلتَ لعالم :أشعر أنّي كنتُ أعيش حياة سابقة في قرنٍ سابق في بلدٍ بعيد غير بلدي هذا ولي ذكريات واضحة ,وتبدأ تقّص عليه مايخطر ببالك.
لن يصدّقك ,ليس كبراً والعياذ بالعقل ! وليس إستصغاراً لشانك وقدركَ .
لكنّهُ سيسأل هل يوجد وسط ناقل إنتقلت من خلاله ذكريات حياتك الأولى (المفترضة) الى حياتك الحالية ؟
فإن لم يوجد فكيف إنتقلت ,وأين إستقرت الذكريات ؟
الآن أستمر في الجزء الحادي عشر من تلخيص كتاب الخرافة في عصر العِلم ,لعالم الفيزياء الأمريكي / روبرت لي پارك !
سوف يتناول هذا الجزء بصورة رئيسة حقائق عن التنويم المغناطيسي !
***
ص 87 / أين ذهبت برايدي ميرفي ؟

رعد الحافظ

رعد الحافظ

عام 1952 وضعَ (موري بيرنشتين) وهو منوّم مغناطيسي هاوي ,في پويبلو ـ كولورادو ,فتاة تُدعى (فرجينيا تايغ) في غشيّةٍ عميقة .
أثار دهشتهِ بأنّ (فرجينيا) بدأت الثرثرة بلهجة إيرلندية وسمّت نفسها (برايدي ميرفي) ! وقالت أنّها إمرأة إيرلندية تعيش في (كاونتي كورك) في القرن التاسع عشر !
في جلساتٍ عديدة مُتتاليّة قامت فرجينيا (أو برايدي) برقص الجيغ
jig

الإيرلندي ,غنّت أغاني إيرلندية ,حَكَت قصصاً إيرلنديّة عن حياتها المُفعمة بالنشاط في (كاونتي كورك) !
بعدها قام (موري بيرنشتين) بإصدار كتاب حصلَ على أفضلِ المبيعات أسماه ( البحث عن برايدي ميرفي) .كتبه بالطبع على أساس محاضر تلك الجلسات .وتحوّل الكتاب لاحقاً الى فيلم !
أدّى الكتاب والفيلم الى خلقِ ظاهرة شعبية .فلَم يستطع العموم الإكتفاء من (برايدي ميرفي) وبدت قصتها تدعم فكرة التناسخ ,حيث تبقى الروح بعد الموت ,لاتصعد للسماء بل تنتقل الى جسدٍ جديد !
يبدو (من خلال العدّ فقط) أنّ معظم الناس في العالم يُفضلون فكرة التناسخ على السماء ! حتى ضمن المسيحيين بالإسم فالعديد منهم مبهورون بالتناسخ (ورغم قساوة الحياة) يهتم الناس بالعيش أكثر من لقاء الله !
حتى لو كان هناك شيء إسمهُ (جين الله) الذي يعني إعتقاد غريزي بالإله (كما إقترح البعض) ,فلا يُمكن مقارنته بغريزة البقاء !
طاف الصحفيّون بـ (كاونتي كورك) بحثاً عن أيّ ذكر لبرايدي ميرفي .
لكنّهم خرجوا خالي الوفاض !
الغريبة أنّه خلال كلّ تلك التغطية الإعلاميّة لايوجد ذِكر لأيّ شخص قامَ بطرحِ السؤال البسيط الذي كان سينهي تلك النوبة السخيفة من البداية :
أين تمّ إختزان ذكريات (فرجينيا تايغ) عن حياة لاحقة ؟
وفقاً لهدير (فرجينيا تايغ) تحت التنويم ,عاشت (برايدي ميرفي) لا في بلدٍ مختلف فحسب ,إنّما في قرنٍ مختلف أيضاً !
***
ص 88 / واقعية العِلم !
كان الغموض الفعلي هو :أين إستقرّت ذاكرة (برايدي ميرفي) قبل إنتقالها الى الترابطات في دماغ (فرجينيا تايغ) ؟
في الواقع هذا ليس غموضاً مُثيراً جداً حين تُزيل عنهُ السِحرْ !
هذا هو نوع الأسئلة الذي يفصل بين العلمِ والخرافة !
فالمعلومات (بما فيها الذكريات) يجب أن تستقر ماديّاً في مكانٍ ما ,وإلاّ فسوف تختفي !
قد تختفي في قرصٍ صلب
Hard disk
لحاسوب ,أو في تسلسل قواعد لجزيئة دنا ,أو علامات على ألواح طين قديمة منذُ 5000 سنة في وادي الرافدين ,أو كترابطات بين خلايا دماغ بشري !

يُمكن للذكريات أن تنتقل من وسط خزن مُعيّن الى آخر ,لكنّها في كلّ الأحوال لاتبقى عائمة في إنتظار أن تعدي دماغ أحدٍ ما .. مثلاً !
***
حُلَّ الغموض في النهاية حين عثر صحفيوا الشيكاغو أمريكان على (برايدي ميرفي) ليس في إيرلندا ولا في القرن التاسع عشر .
بل في ماديسون ـ ويسكونسن في القرن العشرين !
عاشت (برايدي ميرفي كوركيل) عبرَ شارع من البيت الذي نشأت فيه (فرجينيا تايغ) !
لم تكن ذكريات (فرجينيا) من حياةٍ سابقة ,إنّما من جارة إيرلنديّة في طفولةِ فرجينيا نفسها !
نادراً ما تكون الحقيقة جذّابة كالخيال المَحكي جيّداً !
إختار الآلاف الإستمرار بتصديق قصة (برايدي ميرفي) الأصلية .
ولايزالون ربّما يظنّون أنّ ( الشيكاغو أمريكان) كذبت عليهم .
هذا إحتمال حقيقي ,لكن ربّما لم يكذب أحد !
فالشخص في غشيّة تنويمة يقع تحت سيطرة المنوّم ,سيقول كلّ مايريده المُنوّم أن يقول .وقد يكون المُنوّم يقود تابعهُ دون أن يعرف !
ليس جميع الناس عرضة للتنويم .ففي بعض المقاييس ليس أكثر من 10% يمكن وضعهم في غشيّة تنويميّة .وأؤلئك في العادة هم الذين يقصون خبرات دينية عظيمة .
مشاهير هوليود بالخصوص يبدون عُرضة لإستذكار الحياة السابقة تحت التنويم ,أو للإعتقاد بالتناسخ .. ولمَ لا ؟ قد يجدون في الشهرةِ إدماناً !
بمساعدة معالجيهم يقوم المشاهير دون إختلاف بإكتشاف أنّهم كانوا مشاهير في حياتهم السابقة ,ربّما كيلوباترا أو الإسكندر الأكبر , وليس إسكافيّاً او عامل إسطبل !
سألني صحفي :كيف أنتَ متأكد هكذا من أنّ إستذكار الحياة السابقة هُراء ؟
أجبته :لأنّهُ لاتوجد أدّلة متحققة لتدعمه .كانت هذه بالتأكيد عبارة صحيحة.
لكنّهُ ردّ بهّزِ كتفيه :ربّما هناك دليل لاتعرفه أنتَ ,فالعِلم لا يعرف كلّ شيء
حسناً ذلك صحيح أيضاً ,ربّما كان عليّ القول لايوجد إحتمال على وجود أدلّة صحيحة تدعمهُ .فلا يمكن وجود ثغرة في سلسلة الذكريات !
نميل للقلق على نسيان الأشياء .لكن ذكريات واضحة عن أشياء لم تحصل أبداً قد تكون مُقلقة أيضاً .لدينا جنيعاً بعض ذكريات كهذهِ .
فالدليل القصصي ببساطة لايمكن الثقة به حتى حين تكون القصص لنا .
يجب علينا أن نختبر أولاً ونتحقق !
***
ص 89 / أوقات صعبة في الرحم !
قلّة منّا لديهم ذكريات عن أحداث قبل عُمر الثالثة ,ناهيك عن قبل الولادة !
لكن واضح أنّ الأطفال يجمعون المعلومات بمعدّل رهيب :إستذكار الوجوه ,إكتشاف كيفيّة جلب الإنتباه ,تلّقف أولى اُسس اللغة ,كلّ شيء جديد وكلّه يذهب للدماغ مكونّاً ترابطات أسلاك قد تستمر طيلة الحياة .
وقد توّفر تلك الذكريات بصائر لسلوكنا لاحقاً في الحياة !
لن تتفاجأ بمعرفة أنّ الإستذكار التنويمي إستغلهُ المُعالجون للبحث عن علامات طفولة مُبكرّة للعُصاب .ونجحوا في ذلك بالتأكيد .
بدأ البالغون بمساعدة مُعالجيهم بإستذكار ألم التسنين والإحباط الناتج لإبعادِهم عن ثدي أمهّم .
ولم يتوّقف الأمر عند هذا الحدّ ,فقد إستغل (مُعارضي الإجهاض) هذا الموضوع (التذكر المُبكر) فوجدوا أشخاصاً يوصلون (الشخص المُنوَّم) الى مرحلة رحم الأم ! وكانت ذكريات الرحم تلك برهاناً كافياً لدعم قضيّة أن الجنين إنسان كامل المشاعر والأحاسيس !
في خريف 1992 أصبحت (ذكريات الرحم المُسترجعة) تحظى بشهرة واسعة حين نشرت صحيفة (سان دييغو يونيون ـ تربيون) القصة الصادمة لسيّدة إستذكرت ذكريات مؤلمة ومُخيفة لمحاولة اُمها غير الناجحة لإجهاضها !
بالطبع لا سبيل للتأكد من أنّ ذكرياتها تلك كانت من الرَحم .أو أنّها كانت ذكريات أصلاً !
إنْ لم يكن هناك دليل لتأكيد أو رفض إدعاءٍ ما ,فلا سبب لإعتبارهِ مهماً !
***
ص 90 / التخلّي عن الشبح !
قبل قرنين كانت هناك قصصاً عديدة عن أشكال شفافة ترتفع من أجساد الأشخاص عند اللحظة الدقيقة لموتهم ,ثمّ تصعد تلك الأشياء الى السماء !
توّقفت الأرواح عن فعلِ ذلك منذ زمن طويل !
لكن قبل قرن بنى (د. دنكان مكدوغل) من هافرهيل ـ ماساشوستس ,فِراشاً غريباً في مكتبهِ موضوعاً على منصة موازنة .يسمح هذا الفِراش برصد تغيّر في وزنِ المريض بقدر عُشر الأونصة (أقل من 3 غرامات) !
وضعَ مريض على شفا الموت على هذا الفِراش وسجّلَ د. مكدوغل هبوطاً قدرهُ 21 غرام في لحظة مفارقتهِ الحياة ,نَسَبَ ذلك الى مُغادرة الروح للجسد ! أظهرت تجارب اُخرى مع مرضى مُحتضرين نتائج مُماثلة !
أعلن (د. مكدوغل) أنّ على تجربتهِ أن تُعاد مِراراً على يدِ آخرين ليتّم التأكد من النتيجة !
أعاد القياسات على كلاب (التي سُمّمت كما يبدو) بدل إنتظار المحتوم .
بالنسبة للكلاب لم يجد د.مكدوغل أيّ فقدان مُفاجيء للوزن عند الموت !
هذه النتيجة أكّدت قناعته الدينيّة أنّ البشر وحدهم لهم روح !
للبحثِ المُضلّل طريقتهِ في موافقة قناعات الباحث !
كان مكدزغل يُخطّط أيضاً لتصوير مفارقة الروح للجسد بإستخدام كاميرة أشعة X .علّل ذلك بأنّ صورة أشعة إكس هي صورة ظلّية لهذا فهي ستصوّر الروح ! لكن قبل أن يستطع الحصول على الصورة المأمولة كان د. مكدوغل نفسه قد تخلّى عن الشبح !
رغم أنّ تجارب د.مكدوغل لا تُعّد اليوم ذات قيمة علميّة ,ولم تُعاد أبداً . لكن لازال للرقم 21 غرام مكان في التراث الشائع كوزن للروح البشرية !
وحصل فيلم دراما مرشح لجائزة الأكاديميّة (الاوسكار) عام 2003 (21 غرام) على عنوانه من نتيجة مكدوغل .
لكن البحث عن الروح تخطّى القياس الوزني الى “الإسقاط النجمي” !
***
ص 91 / الإسقاط النجمي !
كانت خبرات الخروج من الجسد تتناقل لآلاف السنين .ولايوجد سبب للإعتقاد بأنّها حقيقة ! وهي تنسب أحياناً الى أدوية مُهلوسة أو حالات عصبيّة كالشقيقة والصَرع !
تتضمن مثل هذه النوبات شعوراً قوياً بكون المرء خارج جسده أو يعوم فوقه !
المحتضرون من المتدينين الذين يعتقدون بوجود روح تُفارق الجسد لحظة الموت ,من السهل أن يتخيّلوا أنّ روحهم قد فارقت جسدهم المُحتضرْ وهي تحوم فوق فراش الموت ناظرةً الى الأسفل !
وللمُعتقدين بالعصر الجديد
New Age
تؤكّد حكايات الخروج من الجسد قناعتهم بأنّ (الوعي هو شيء مختلف عن الجسد) ,يستطيع جمع المعلومات من أماكن بعيدة (كما في الرؤية عن بُعد) والعودة بتلك المعلومات الى الجسد .ويسمّون ذلك “الإسقاط النجمي” !
لدى الصحف المُصغّرة إعجاب خاص بخبرات (الخروج من الجسد) !
حتى الـ
CIA
إقتنعت بها في أوج الحرب الباردة .صرفت ملايين الدولارات لتجمع مجموعة من الوسطاء الرائين عن بُعد في مقر الـ
CIA
في لانغلي ـ فرجينيا .إدّعى هؤلاء أنّهم قادرون على “إسقاط” أنفسهم على أيّ مكان .قالوا يمكنهم فعل ذلك حتى مع الكرملين !
في النهاية ربّما لم يستطيعوا أن يصلوا للقرب الكافي كي يقرأوا الوثائق .
سهولة خداع الـ
CIA
بهذه الطريقة تُثير المخاوف !
أمّا بالنسبة للعِلم والعُلماء فليس شيء من هذا “الإسقاط النجمي” معقول !
يميل العُلماء الى إعتبار خبرات الخروج من الجَسد مُجرّد سوء إدراك آخر للدماغ ,يحتاج التوفيق بين عدد من المُدخلات الحسيّة .
بالخصوص يرفض العُلماء تلقائيّاً ,أيّ تفسير باطني كالروح !
قناعتهم هي أنّنا حين نفهم أفضل (كيف يُعالج الدماغ المعلومات الحسيّة) ,فلن تصبح خبرات الخروج من الجَسد غريبة !
وهذا مايتّم التثبّت منهُ في هذه الاوقات .في عام 2006 كانت هناك مريضتان تخضعان لتقيم لأجلِ جراحة صرع في (مستشفى الجامعة) في جنيف .زرع الأطباء عشرات الأقطاب في دماغيهما لتحديد أيّ نسيج شاذ كان يُسبّب نوباتهما .
أشار عالم الأعصاب السويسري (د.أولاف بلانكه) في مجلة الطبيعة
Nature ,
أنّ تحفيزاً كهربائيّاً متوسطاً لمنطقة في الدماغ تُدعى (التلفيف الزاوي)
Angular gryus
أحدثت خبرات (خروج من الجسد) في كلا المريضتين .حيث وجدتا مع تأريخهم النفساني العادي أنّ الخبرة مزعجة وغير مريحة .شعرت الأولى أنّها كانت مُعلّقة من السقف .بينما الثانية أحسّت أنّ شخصاً غامضاً يقف خلفها يتدّخل في أفعالها !
***
ص 92 / حواسنا !
يقع التلفيف الزاوي في الفصّ القفوي .وهذه منطقة عديدة الحواس في الدماغ ترتبط بعدد من العمليات المُتعلّقة بالإدراك !
الفصّ القفوي هذا يُعالج المعلومات من الحواس الرئيسة ليخبر الدماغ بموقع الجسم في الفضاء .
هناك حواس أكثر بكثير من الخمس التي تعلمناها في الإبتدائية !
لدينا أعضاء للتوازن في آذاننا تبقينا واقفين !
ملايين المُتحسسات في جلدنا ترصد الحرارة والبرد بإستمرار على كلّ سطح جسمنا .بينما الأعصاب الموجودة في مفاصلنا وأوتارنا تُشعِر الدماغ بالتوتر .لابّد أن يستخلص الدماغ شيئاً من خليط الإشارات هذا .لكن الدماغ يسهل خداعه !
بعد عام من تجارب تحفيز الدماغ وَجَدَ (د.أولاف بلانكه) أنّ خبرات الخروج من الجسد يمكن حثّها دون تحفيز الدماغ أو الأدوية المُهلوسة .
فعل مايلي : ثبّت (نظارات عرض) على عيني الشخص الخاضع للتجربة
بحيث تظهر صورة فيديو للشخص من منظور مُختلف .وكان الدماغ يتقبل الوهم بسرعة !
مع ذلك لم يكن لعمل (د.بلانكه) وأمثالهِ أيّ تأثير على المُهتمين بالماوراء!
فقد إستمروا بالإشارة الى خبرات الخروج من الجسد كبرهان على أنّ الوعي موجود خارج الجسد !
تؤّدي الروح (أو النسمة) تأثيراً مهماً في كلّ دين تقريباً على الأرض !
لكن الروح تُفرّق أكثر ممّا توّحد !
فالمجادلات حول الروح تبقى دون حلّ لعدم وجود حقائق مدعومة !
لكن هناك شيء واحد لم ننظر إليه بعد .. السماء !
لو وجدنا برهاناً على السماء ,فلابّد من وجود أرواح تملأها .وهذا هو موضوع الفصل اللاحق !
(إنتهى الجزء الحادي عشر من تلخيص كتاب الخرافة في عصر العِلم) !
***
الخلاصة :
يقول مؤلف هذا الكتاب الرائع ,عالم الفيزياء الأمريكي روبرت لي پارك
[نادراً ما تكون الحقيقة جذّابة كالخيال المَحكي جيّداً] !
يقصد أنّ عامة الناس تميل لتصديق فكرة خياليّة ماورائية ,لكن مرتّبة بطريقة مُقنعة مُفزعة مثلاً ,أو مُحذّرة من نتائج خطيرة ,أو مُشجعة عليها ,أكثر بكثير ممّا تميل لقراءة بحث علمي عن الذرّات المتشابهة لجميع الأشياء في هذا الكون ,أو الأدوية الزائفة أو جدوى الصلاة أو الروح أو التنويم المغناطيسي أو فكرة الخروج من الجسد وما شابه !
لذلك معظمنا (مهما تقدّم في الطريقة العلميّة) يبقى يحّن لذكريات الطفولة وحكايات جدتي ,أو للكتب التراثية الصفراء التي تتغنى بإنتصارات قوميّة دينية دونكيشوتيّة على (أعداء الدُنيا والدين) .
ذلك لأنّ الإنسان عموماً يحتاج قوة خفيّة خارقة (وإنْ وهميّة!) تكون طوع يديه وهواه تساعده في تحقيق أحلام اليقظة وتنصرهُ على مصاعب الحياة.
إنّما الحياة الواقعيّة لا تستقيم مع خداع النفس ..أحبتي !

رعد الحافظ
21 مارس 2015

About رعد الحافظ

محاسب وكاتب عراقي ليبرالي من مواليد 1957 أعيش في السويد منذُ عام 2001 و عملتُ في مجالات مختلفة لي أكثر من 400 مقال عن أوضاع بلداننا البائسة أعرض وأناقش وأنقد فيها سلبياتنا الإجتماعية والنفسية والدينية والسياسية وكلّ أنواع السلبيات والتناقضات في شخصية العربي والمسلم في محاولة مخلصة للنهوض عبر مواجهة النفس , بدل الأوهام و الخيال .. وطمر الروؤس في الرمال !
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.