حاولت الهرب بنفسها، من نفسها، إلى الأديان: الكثلكة، الأرثوذكسية، البوذية. وحاولت الهرب إلى البلدان: أميركا، الهند، بريطانيا، فرنسا. وحاولت الهرب إلى الأزواج: روسي، وهندي، وأميركيان. وحاولت الهرب من الشهرة إلى عزلة الأرياف. وحاولت الهرب من اسمها، فاتخذت اسم أمها بدل اسم أبيها. لكن أنى هربت كان يقال، آه، ها هي ابنة ستالين.
فقدت سفيتلانا ستالين أمها وهي في السادسة من العمر. أهان الأب زوجته بعد إحدى حفلات السكر في الكرملين، فدخلت غرفتها وأطلقت الرصاص على صدغها. غير أن أشهر حامل لقب ديكتاتور في التاريخ، أحاط الطفلة بعطفه. كان قاسيا في حمايتها، وعطوفًا في معاملته. وبعد وفاته، اكتشفت الحسناء الحمراء الشعر، أنها أسيرة اسم مرعب، في بلادها وفي كل البلدان. وعندما أصبحت في الأربعين، اتخذت إحدى أكثر الخطوات صخبًا ولغطًا في الحرب الباردة: قررت اللجوء إلى بلد العدو الأول.
دللتها أميركا «غابة الحرية الحديثة»، ثم ملّتها. وتحولت سفيتلانا من اسم مثير إلى امرأة عادية. فقررت العودة إلى الوطن الأم. واستقبلتها موسكو بفرح عارم: ألم نقل لكم إنها لن تطيق الحياة في العالم الرأسمالي؟ غير أن ولديها من زوجين سابقين رفضا التحدث إليها. لقد تخلّت عنهما وعن شرفها الوطني، ومن جديد، تملها موسكو، فقررت العودة إلى الغرب. لكن هذه المرة كانت قد افتقرت. فأعطتها لندن منزلاً مجانيًا للمعوزين. ومن جديد عادت إلى أميركا. وكانت تسبقها إشاعات عن أنها تتظاهر بالعوز، أما الحقيقة، فإن ستالين ترك لها المليارات في مصارف سويسرا.
تجمّع حولها نصابون يحاولون الاستثمار في الذهب المخبأ. وعندما تأكدوا من الخدعة، تفرّقوا من حولها مجددًا. وكانت سفيتلانا قد رزقت ابنة من زواج أخير. فمضت تعيش معها حياة منسية عادية في ولاية ويسكونسن، الريف الأميركي الكثير الثلوج والشتاءات الطويلة.
«ابنة ستالين»، كتاب جديد يربو على 600 صفحة لروزماري ساليفان، هو أشبه برواية محزنة ذات فصول وعقد مثل روايات الأدباء الروس. عبثًا تحاول أن تبحث في السرد، عن سبب، أو أسباب نفسية، لسلوك السيدة التي ولدت في الكرملين لأب كان ينوي أن يغيِّر وجه العالم.
قبل الريف الثلجي، تنقلت سفيتلانا في ولايات كثيرة. وعاشت قصص حب كثيرة، تساعدها لغة إنجليزية راقية تعلّمتها في ترف الكرملين. وفي النهاية، هربت من زوجها الأخير مع ابنتها منه، أولغا. وكانت كلتاهما حطامًا ماليًا. لكن سفيتلانا ارتاحت إلى حياة العزلة قريبًا من الغابات. وتوفيت تاركة ابنتها تحاول، هي أيضًا، الهرب من اسم الجد. الذين أحبوه، اعتبروا ابنته خائنة، والذين ارتعدوا من ذكر اسمه، اعتبروها تذكيرًا بإحدى أسوأ مراحل الإنسانية. أما هي، فكانت أبلغ جملة كتبتها للناس: «ليتني ولدت ابنة منجِّد».
نقلا عن الشرق الاوسط
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- المجزرة الأخيرةبقلم آدم دانيال هومه
- ** بالدليل والبرهان … المعارف سر نجاح ونجاة وتقدم الشعوب وليس الاديان **بقلم سرسبيندار السندي
- رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسيةبقلم طلال عبدالله الخوري
- كيف تفكك مجتمعا ما وتدمر حاضره ومستقبله؟بقلم علي الكاش
- مباحث في اللغة والادب/ 78 وسامة الرجل في التراثبقلم مفكر حر
- دراسة موجزة عن ديوان (فصائد في قصيدة واحدة) للشاعر والأديب ميخائيل ممو.بقلم آدم دانيال هومه
- ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- ** لماذا الإطاحة بالنظام الايراني … غدت ضرورية غربية ودولية **بقلم سرسبيندار السندي
- الحزب الشيوعي لايختلف عن الاحزاب الدينية الفاشية .. الداخل مفقود والخارج مولودبقلم مفكر حر
- ** كيف بلع نظام الملالي … الطعم ألإسرائيلي **بقلم سرسبيندار السندي
- ** كيف يسخر ويضحك صبيان محمد الجدد … على عقول ألمسلمين **بقلم سرسبيندار السندي
- المسيح في فكر الإسلام والعقيدة المسيحيةبقلم صباح ابراهيم
- استقصاء تأثيرات الميثولوجيا الآشورية على ثقافة الأقوام والشعوب والأمم الأخرى.. رأس السنة الأشورية (اكيتو)بقلم مفكر حر
- من يوميات إمرأة حلبجيةبقلم مفكر حر
- اسطورة الإسراء والمعراجبقلم صباح ابراهيم
- الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”بقلم طلال عبدالله الخوري
- ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **بقلم سرسبيندار السندي
- فيلم ايطالي عام 1959 عن تدمر والملكة العربية زنوبيا … علامة المصارعبقلم مفكر حر
- ** أمة الكُورد بين ألإسلام … والتخلف والتعصب والاوهام **بقلم سرسبيندار السندي
- النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/10بقلم علي الكاش
- المجزرة الأخيرة
أحدث التعليقات
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on علماء النصارى كانوا يتسمون اسماء اسلامية
- س . السندي on فاطمة الزهراء و غموض تاريخها
- س . السندي on ** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
- س . السندي on سورة مريم اقتبست من شعر امية بن ابي الصلت
- لينا on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- لينا on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on #محمد_الماغوط من الغباء ان ادافع عن وطن لا املك فية بيتنا
- Mohammad Al Kassab on ضحايا صدام حسين 7
- ابن الرافدين on ** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
- قثيم بن سنحريب الفيروزي on ** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
- مسلم on القرآن زور التوراة والإنجيل
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- قثم بن عبد الات القرشي on هدف حماس من (طوفان الأقصى) وهدف إسرائيل من اعلان حالة الحرب
- طوفان البدروسي on ** لماذا ورطت إيران قادة حماس … بطوفان الاقصى ألان **