لماذا وهم صاغرون / دينا قرمة

مقالة جميلة ومنطقية تعبّر عن حقيقة مؤلمة عاشها ولازال يعيشها إخواننا المسيحيين في العراق والشرق الاعمى ؟

لماذا وهم صاغرون / دينا قرمة

لطالما استوقفتني منذ طفولتي هذه العبارة” عن يدٍ وهم صاغرون ” وهي الحكم بحالة من الاذلال النفسي التي يجب ان يكون عليها النصراني وهو يدفع جزيته “قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ”.

لطالما عملت هاتين الكلمتين اشكاليه بيني وبين خالقي .. لماذا الاذلال ؟ اليس نحن من خليقتك ؟ لماذا تريد ان نُذَّلْ ونحن ندفع الجزيه ؟ لماذا تريد ان تبني علاقتى مع المسلم كعلاقة سيد وعبد ؟ اذا كان الهدف ان ندفع جزية كحالة مكافئة للزكاه ( وان كان هذا غير مقنع ) فلماذا باسلوب الاذلال ؟ الا يكفي ان تقول وبمحبة عليكم دفع جزية مثلما يدفع المسلم الزكاة، لانني اله عادل ؟ كيف تعتقد ياخالقي اني سأحبك وانت تؤسس لاذلالي .. سأدفع جزيتي ..نعم سأدفعها خوفا من شراسه اتباعك ولكنك لن تنال حبي ابدا ،..

اتعلمون مدى تاثير هاتين الكلمتين الالهية ؟ انها أسست الاضطهاد المسيحي بالدول الاسلاميه على مدى التاريخ؟ فهي تلخص كل ماجاء بعدها من افعال..وردود افعال لكلا الطرفين …

فماالعهدة العمريه وماتحويه من شروط اذلال للمسيحيين سواء بالملبس والتعامل الخ، اِلا ترجمه لشرط :”وعن يد وهم صاغرون”

وماعاناه اجدادنا سابقا من اذلال ،ماهو اِلا ترجمة فعلية لتلك الكلمتين .اذ على سبيل المثال كان المسيحيون يتجولون في المدينة واضعين على اكتافهم ممسحة ،كانوا يمدونها لشركائهم في الوطن المسلمين الذين اعتادوا على مسح أيديهم على ثيابهم .

مع تاسيس الدولة المعاصرة بعد الاحتلال البريطاني اختلف الامر، اذ اجبرت تلك الدول ان تؤسس دساتيرها على اساس علماني مبني على المواطنة ( طبعا مع تحفظات كثيرة ).

فبداءت الصوره تتغير ( وهي زمن اباؤنا وجيلنا ) لكن بقي تاثير هاتين الكلمتين الى جانب كلمتين اخرييتين “وانتم الاعلون” مؤسسة ببنية المجتمع نفسه وان كان القانون للدولة يجعلها مجمدة. ومن هنا ياتي سبب تمسك المسيحيون بالسلطة وسيادة القانون على الدوام ، وولائهم الدائم لمن يمثل تلك السلطة كائن من كان (سواء الملك او عبد الكريم او صدام .. )لانهم يدركون تماما ان نجاتهم من الاذلال وحكم الصاغرون يكمن بوجود سلطة عليا،وغيابها تعني مأساتهم .. والامثلة كثيره في ازمنه غياب السلطة، اذ لا بد أن نتذكر ان المسيحيين شهدوا أسوأ أنواع الإذلال غداة محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة للشواف التي جرت احداثهاعام ١٩٦٠والموصل مركزها، او لنتذكر مذبحة الفرهود لليهود ببغداد ١٩٤١ بعد فرار رشيد عالي الكيلاني ، واخرها ماحدث بالموصل بعد انسحاب الجيش والدوله، والدور الذي لعبه اهالي المدينه وهجوم الجار على جاره المسيحي .

ناتي الان اجتماعيا الى النخب المثقفة المسلمة والتى عايشت المسيحي وكانو فعلا اخوة من الطرفين . فبحكم تربية وثقافة الطرفين نشاءت علاقة تعايش الى حد يمكن وصفها ندا لند ، لكن مهلا انها علاقة مودة لكن مشروطة بمسيحي مسالم مدرك للاختلافات، بين قوسين “صاغر” وماكو مشكله هنا لان نمطية المسيحي الذي دجن على مر التاريخ هي شخصيه مسالمة ويسعدنا ان نطلق عليه “خطيه فقير” فاذا اردنا ان نتهكم على معتقده فهو صاغر ، واذا اردنا ان نشتمه بدعائنا فهو متفهم وصاغر ، واذا اردنا ان نجبر طفله على سماع القران كضريبة يدفعها بانتظار الكارتون ونجعله ينحرج امام اطفاله بالايات المثيرة للجدل ولكن مهلا اي جدل ؟

لاجدل ،استمع وانت صاغر وان كان مايسمعه يكفره ويتهم عقيدته بالهرطقه فلا باس لانهم يمتلكون دين الحق وانت المنحرف ، اسمع وانت صاغر . وان نمنع المسيحي من رتبة عسكرية عاليه مهما كانت مؤهلاته فلاباس فهو صاغر اما اذا اردنا ان نتكرم عليه بمعايده باهتة بالتلفاز فهو ممتن وصاغر. واذا اردنا تجاوزه كمكون اجتماعي في صياغة مسلسلاتنا وافلامنا فهو متفهم وصاغر واذا احتجناه للقيام بدور جاسوس خائن او بائع للخمور فهو ممنون وصاغر. اما اذا ابتليت احدى العوائل المسيحيه بعلاقه حب لاحد ابنائها او بناتها مع فتاه اوفتى مسلم فعليهم تقبل الخسارة لاولادهم واحفادهم وهم صاغرون بمباركه وازواجية قانونية ومجتمعية( فالعكس يعني هدر دماؤهم ) اما المأساه الاكبر، ان يٌجبَر ابناءه على دراسة تاريخ مشوه كتبه لصوص سارقون لجهد غيرهم ، يُطمٓر به عن قصد تاريخ المسيحيه بالعراق والشرق ويٌغٓض النظر عن اسهامات السريان وفضلهم ببلورة حضاره الشرق ، ويسرق جهدهم وثمار اجدادهم لينسب الى المسلمين والعرب ، وما على المسيحي الا ان يدرس اولاده المشوه من التاريخ وهو صاغر.

هذه الحاله الطبيعية في ظاهرها وغير طبيعية بداخلها جعلت المسيحي شخصية مكبوته وتتذبذب مابين شخصيه سلمية صاغرة داخل الوطن وتحولها الى شخصية هجوميه خارج الوطن ، لكن طبعا تبقى علاقاتهم الخاصة بأحباءهم واصدقاءهم دائما معضلة فهم بين نارين فعلا ، ولذلك ايضا نرى نمط اخر للمسيحي بالخارج وهو يمثل النمط الغالب لهم ، اذ اختار هؤلاء ان يستمروا بالخارج على نفس المنهج الذي اتبعوه بالتعامل بالداخل ، هذا النمط من المسيحيين غلف التناقضات التي عاشها بالداخل من خلال انكبابه على عمله ومهنيته ومقنع نفسه بانه مازال شغله وحياته الاجتماعية عال العال ومايحدث لمسيحي الداخل لن يصله فلايهمه مايحدث وبهذا حل الاشكالية مع احباءه من خلال انانيته وربما في بعض الاحيان تلعب المصلحة الشخصيه كعامل اضافي .

السؤال لماذا نرى جهود ايزيدية لاجل قضيتهم ولا نرى حاله مشابهة للمسيحيين ، فمن وجهه نظري،

الايزيديين بالتاكيد ولايقبل الشك مصيبتهم اكبر من مصيبة مسيحيي العراق وعلى مر التاريخ فهم لم يعانوا من اذلال “وهم صاغرون ” وانما حكم عليهم حكم الكافر ولهذا السبب لم نرى اثناء معيشتنا اي اندماج مابين الايزيدي وباقي المجتمع ، اذ انحصروا بمناطقهم المعزوله خوفا من المجتمع وهناك القلة منهم من عاشوا بيننا لكن اخفوا انتماءاتهم خوفا ومحد حس بوجودهم ، اذ كانو يتجنبون ان يعلنوا عن ديانتهم بيننا ، فيدعون اسلامهم احيانا او يتهربون من الاجابة الصريحة احيانا اخرى .

وبالتالي يمكن تشبيه ترابط الايزيديون فيما بينهم بمسيحي القرى (بسبب عزلتهم) إذ لم تجبرهم الظروف المعيشية للتأقلم والتعايش مع الاخرين وبقى تماسكهم فيما بينهم اقوى ، وللامانة هنالك ايضا جماعات مسيحية تعمل بلا كلل في المحافل الدوليه لكنهم قلة لايمثلون وزن المسيحية بالعراق واغلبهم من القرى المحيطة بالموصل سواء اثوريين او كلدان او سريان ، فهؤلاء المسيحيون هم انقى واكثر امانة منا على قضيتنا نحن مسيحيوا اهل المدن التي لوثتنا وشوهتنا كلمتين ” وهم صاغرون” والتي دفعت من قبلنا كضريبة للاندماج والتعايش .

ختاما ، انتم تقولون كنا عايشين سوية بسلام ، وانا اقول لكم هذا السلام كان بثمن دفعه اجدادنا ودفعناه نحن ايضا ، الثمن هو اذلال اجدادنا وانصياعهم لشريعه “احنا الاعلون وانتم صاغرون” مما جعل اجدادنا ينكبون على العلوم والثقافه والفنون ويبرعون بها وكسبوا حاجه المسلم لهم من خلال اجتهادهم ومثابترهم وخلقوا عالمهم الثقافي الخاص بهم عسى ان يعوضوا بذلك ال
(self esteem)
الذي انتهكت بداخلهم بالاذلال الشرعي .

اما لاحقا بجيل اباؤنا وجيلنا فأقول نعم يمكننا التعايش ولكن تحت سيادة القانون فقط ، فقد حمانا نظام الدولة الحديثة الذي اسسه ابو ناجي ودستوره العلماني الذي فرضه ، مما جعل هناك امكانية اكثر لاجيالنا للاندماج ومن ثم لحقه انضمام العراق الى عصبة الامم والتي اصبحت فيما بعد الامم المتحدة ، مما جمد العمل باحكام الشريعة لكونها تتعارض مع وثيقة حقوق الانسان في الامم المتحدة.

وختاما اقول لك ياخالقي “حتى الوثائق البشرية كانت ارحم واكثر انصافا وعدلا من شريعتك المذلة والمجحفة ، وهم صاغرون ” يامن خلقتني على صورتك ومثالك.

واقول لشركائي بالوطن ” وطن بدون كرامه غربه”

Posted in فكر حر | 2 Comments

يوميات معرض القاهرة للكتاب….3

اشكالية الدين و الدولة

كما ذكرنا في المقالة السابقة فان محور الندوة الثانية كان تراث الشيخ علي عبد الرازق الذي يقدم أطروحة اشكالية في علاقة الدين و الدولة خاصة ان الرجل كان منتمياً الى المدرسة التقليدية في الفكر الاسلامي … و لذلك شكلت طروحاته في اذهان العديد من المفكرين و القوى الدينية و السياسية على مدى عقود من الزمن نوعاً من شرعنة الدولة الحديثة بعيداً عن التراث التقليدي للدولة التي “يجب ان تحكم بما انزل الله”….

اود ان أبدا بفرضية أنثربولوجية أولية عن علاقة الدين و الدولة…. من حيث كونها هي جدلية ابدية منذ ان انتقل الانسان من دائرة “الوعي الذاتي” الى دائرة “الوعي الجماعي”…. اي منذ ان اكتشف الانسان نفسه و في مرحلة من تطوره استطاع ان يخلق ترابطا للعيش مع الاخر و ليكون هذا الترابط الأولي النواة في تطور مجتمعي مبسط توسع لاحقا بشكل مضطرد و تضخم حجمه و تعقدت أواصره ..

في هذا الانتقال كان لابد من قيمة مشتركة حتى تكون شاهداً على التزام الطرفين (او الاطراف)… بنوع من العقد او التوافق …و هذا الشاهد كان لابد ان يمتلك قوة اخلاقية اكبر و هيمنة فكرية اكثر شمولاً … بل و حتى قوة جسدية اعظم… حتى يضمن عدم انحراف اي طرف و العودة الى الذات على حساب الاخر … (فلنتذكر ان وجود الشاهد او الطرف الثلث ما زال ضروريا في كل التعاقدات و المحاكم و كذلك الصيغ القانونية او قيم عليا يتم القسم عليها هي ايضا ضرورية لإتمام الإتفاق و اعلان الولاء و الالتزام بالآتفاق و نتائجه و هذا يحصل في ابسط الاتفاقات الى اعلى المستويات و منها الوزارات و رئاسة الدولة)…..

بكلام اخر… ان هذا الشاهد كان لابد ان يتصف بقدرات و إمكانات عابرة للقدرات المادية و الامكانيات الفكرية لاي طرف … بل لكل الاطراف مجتمعة… حتى يمكن ان يكون حارساً للجماعة من الاذى … و ضامنا لها البقاء و الخلود…و هكذا كان البحث عن الله (قصة النبي ابراهيم)… و هكذا كانت الأسس الاولى لشيء هلامي خارق للنفس و غير قابل للنقاش … انه الدين… الذي يجب ان يؤمن به الجميع لكي يحافظوا على مجتمعهم و بالتالي يضمنو وجودهم الفردي ايضا…

و حيث ان ضمانة الوجود تعني مجموعة من الحقوق … فان ديمومة هذه الحقوق تستدعي القيام بمجموعة متوازية من الواجبات … و بين هذا و ذاك ظهرت الجدلية الاولى حول كيفية إدارة هذا التوازن و الآليات التي يجب اتباعها… أساس الجدلية كان معادلة بسيطة وهي انه كلما كبر المجتمع و كلما تعاظمت شؤونه تعقدت ظروف ادارته…. فبينما يمكن الافتراض ان الغالبية عادة تتوافق على ضرورة الحفاظ على التوازن…..تختلف آراء الكثيرين حول الكيفية اي على الاليات… و هكذا ظهرت بين “الحقوق” و ” الواجبات” تعقيدات جديدة و توالدت اجيال من المركبات النفسية و المجتمعية و المصالح و انواع متناقضة من الارتباطات و التأويلات و التفسيرات حتى غدت ذات الفرد تتمدد لتبني مركزيتها في كل ركن من العالم الذي يتسع دوما …. كما اصبح المجتمع يتمدد في داخل الفرد و يبني هياكله في ركن و زاوية من عالم الذات ….و ازاء هذا التداخل المتسارع في جغرافية الفرد و المجتمع واجه الجميع سؤلا منطقياً بسيطاً…. هل يكفي الإيمان بقدرة الله… ام ام العقل الذي وهبه ليمثل رمزاً لقدرته داخل الانسان يجب ان يساهم في التخطيط و اتخاذ القرارات و التنفيذ… فالإيمان اصبح عالما من المتناقضات في الأحلام و الرغبات و التقى مع العقل في التوضيف السياسي لإدارة الحرب و السلام…

مع تطور المجتمع و انقساماته الى مجتمعات بهويات و هيكليات مختلفة نتيجة تغيرات الظروف البيئية و ظهور الأفكار و الفلسفات و التنظيمات الاقتصادية و السياسية و النخب الثقافية…..تفاقمت الجدلية و تحولت في كثير من المراحل التاريخية من التجاذب الى الصراع السياسي و الدموي نتيجة هيمنة قوى احادية التفكير في هذا الجانب او ذاك بسبب عدم حدوث تغيير جوهري في البنية السايكولوجية للانسان الفرد الذي ظل يعيش حالة الحيرة الاولى و لم يغادر الكهف الداخلي و قوقعة الذات… بل ما زال يعاني “ذاكرة الالم الوجودي” و ما يزال يبحث عن مكان يأوي اليه لينعم بالأمان …سواء كان هذا الأمان مرهون بالتقدم العلمي و التكنولوجي و الاستئثار بالامكانات المادية و العقلية و بالتالي شدة الصراع مع الاخر كما في حالات الاستعمار و الحروب و غيرها….او الهروب الى كنف الله و الصراع على “الطريق الى الجنة” و بالتالي تفشي ظاهرة التكفير و شيطنة الاخر في محاولة دحره و ابعاده عن الوصول الى “رحمة الله”…!!.. (هذه الحالة تعيشها غالبية البشر على الاقل في لحظات معينة الا ما رحم ربي )…

و لعل التاريخ السياسي في التجربة البشرية يعلمنا ان هذه الجدلية كانت بشكل كبير تلعب دوراً رئيسيا في قيام الأنظمة و الدول و الإمبراطوريات … و تطورها او تدهورها و سقوطها…..لان الجدلية الذاتية انتقلت مع بناء المجتمعات من سلطة الفكر و هيمنته (الدين) الى فكر السلطة و هيمنتها (الدولة /المجتمع)… و ما بينهما من تآلفات و تحالفات و انشقاقات و تمزقات و أحاديات في تطور الفكر و التجربة الفردية و الجمعية ..

ما اود ان اؤشر اليه هو ان هذه الجدلية ليست نتاج مشروع التنوير في أوروبا و صراعه مع السلطة الكنسية كما يشاع و يردد… إنما هو صراع الانسان مع ذاته …. اكتشاف الذات و حاجته للاخر…. و ربما كان الشيخ علي عبد الرازق يعيش هذه الحالة في وعيه عندما استنبط في فكره اشكالية العلاقة ….اولا …. بين مفهوم الدين كمحتوى لقيم دينية و روحية و التوظيف السياسي لهذه القيم …. و ثانيا…. مفهوم الدولة كمحتوى لمنظومة هائلة من العلاقات و الترابطات و أنظمة و اليات و أدوات و صراعات و احلام و رؤى … الخ…

شخصيا اعتقد بان الدين اكبر من كونه ظاهرة اجتماعية و اعظم من ان يتم اختزاله في حاجة الانسان المادية و النفسية … و عليه ايضا يجب ان يكون عصيا في وجه توظيفه في إدارة المجتمع… فالدين ينبغي ان يحتفظ بقيمته الاخلاقية و الروحية … لكن على الجانب الاخر… فان الدولة هي ايضا اكبر من السلطة و لا يمكن اختزالها في بضع أدوات تنفيذية مثل للجيش والشرط او هيئة قضائية او احزاب….

و اعتقد ان من اهم مظاهر و تحديات الجدلية التاريخية بين الدولة في زمن الحداثة و الدولة القومية (الوطنية) هي محاولات إيجاد حالة مستدامة من التوافق بين المسلمات القطعية في البنى الاجتماعية الثقافية سواء كانت عقائدية دينية او فلسفية أيديلوجية و بين السياسة كونها مجموعة من الالتزامات الحقوقية و العملية و البراجماتية …. لان المسلمات بغض عن طبيعتها و أسسها فهي في النهاية تتعلق باستراتيجية طوباوية غير قابلة للتحقق من إمكانية تطبيقها… بينما البراجماتيات تتعلق بالحياة اليومية للإنسان الفرد و المجتمع…

المجتمعات الغربية التي أنتجت تجربة الدولة الحديثة استطاعت بشكل او باخر إيجاد مشروع توافقي في علاقاتها الداخلية (و ان كانت تُمارس استعماراً خارجياً يدعم توافقها الداخلي)…. بينما المجتمعات الأضعف اقتصاديا و هيكليا ما تزال تعاني الكثير … بل ان هذه المعاناة تتسارع احيانا … و لعل مجتمعات الشرق الأوسط هي من اهم تلك المجتمعات التي تتسارع فيها الأزمات في الفكر و التجربة… و بالتالي في المفهوم الديني و الفلسفي … كما في إدارة الدولة و تحديد اليات عملها و أولوياتها …

و طبعا … مصر … الدولة و المجتمع … التراث و التجربة التاريخية… هي في القلب .. ليس فقط بسبب تطوراتها الداخلية و إنما ايضا بسبب مفصليتها الثقافية و السياسية و الاجتماعية بين مجتمعات الشرق الأوسط … العالمين العربي و المسلم … بين الاسلام و الاديان الاخرى و بين المسلمين و غير المسلمين من الشرق و الغرب…

و هكذا فان النقاشات التي تجري على هذا المستوى او ذاك… و في هذه المناسبة او تلك و منها هذه الندوات في معرض القاهرة الدولي للكتاب … هي نقاشات تتجاوز الحدود المحلية في طروحاتها و رؤاها الفكرية و الاجتماعية و السياسية سواء كانت هذه الحدود تتعلق بالنخب السياسية و الثقافية او الجغرافية الوطنية بكل تجلياتها في الازقة و المدن و القرى و الارياف …او تتعلق بالمفاهيم القيمية و الاخلاقية ودور الانسان في الحياة….فالدولة المصرية تعتبر من اقدم المؤسسات السياسية في العالم و الانتاج الثقافي المصري يسع كل العالم العربي و حضور الأزهر يمتد مع امتداد المجتمعات المسلمة و ذاكرة العنف السياسي في الاسلام لها تجربة خطيرة و “رائدة” في مصر في عهد الدولة الحديثة…

كل هذه الحقائق تشكل تحديات تتوالد و تتطور و تضع الدولة و النخب المصرية في دوامة من امتحان الذات و المسؤولية امام الآخرين …. كل الآخرين… و السؤال الدائم هو كيف يمكن إيجاد حالة من التوافق بين كل هذه المتغيرات…. ؟؟؟..

في المقالة القادمة سنناقش بعض المؤشرات… لكن قبل ذلك اود ان اشكر الأساتذة الكبار و الزملاء الذين تشرفت بالحضور معهم في الندوة الثانية… الدكتور كمال مغيث الذي ادار الندوة و قدم لها بطروحات تمثل العمق الثقافي المصري الواسع و الدكتور حلمي شعراوي بكل ما يحمله من تراث مصر الحديثة من تجربة سياسية رائدة و الاستاذ حازم عبد الظاهر الذي يجتهد كثيرات جمع تراث الشيخ علي عبد الرازق المنتشرة هنا و هناك و الدكتور عمرو كمال حامد حفيد الشيخ علي عبد الرازق و الذي قدم رؤية تاريخية عائلية عن حياة الشيخ …. تحياتي و حبي للجميع..

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية | Leave a comment

مقطع مترجم لمجزرة الكيماوي اليوم للنشر يا أحرار على كل المواقع الإخبارية الأجنبية والصفحات العالمية ..

مقطع مترجم لمجزرة الكيماوي اليوم للنشر يا أحرار على كل المواقع الإخبارية الأجنبية والصفحات العالمية ..
Painful scenes of the chemical attack tragedy on the city of #Khan_Sheikhun. #Chemical_massacre #Chemical_Bashar #SyriaAPR4ChemicalAttack

Posted in ربيع سوريا, يوتيوب | Leave a comment

أرحام الفلسطينيات هي قوة الفلسطينيين الحقيقية

محمد آل الشيخ

أنا لدي قناعة تامة، تنبع من العوامل الواقعية والموضوعية التي تكتنف واقع القضية الفلسطينية وظروف هذه القضية؛ فحواها أن المستقبل ليس في مصلحة إسرائيل على المدى البعيد، ما لم تنجح هذه الدولة المغتصبة في إخراج فلسطينيي 48 من الداخل الإسرائيلي، أي كما يسميه اليمين الإسرائيلي المتعصب (الترانسفير). فكل المؤشرات الديموغرافية تؤكد أن الفلسطينيين سيصبحون أكثرية، في غضون العقود الأربعة أو الخمسة القادمة من هذا القرن. وإسرائيل دولة ديمقراطية، يمثل الفلسطينيون فيها قرابة العشرين بالمائة، وهم ممثلون داخل الكنيست الإسرائيلي فعليا، وعندما يصبح اليهود أقلية، في مواجهة أغلبية فلسطينية، فإنهم سيرضخون حتما لهذه الحقيقة الديمغرافية، مثلما رضخ البيض العنصريون في النهاية للسود في دولة جنوب أفريقيا. وإسرائيل الآن تملك من القوة والنفوذ في دوائر صناعة القرار في الدول العظمى، بما فيها روسيا أيضا، ما لا يملكه الفلسطينيون، وبقية العرب الذي ينتظر الفلسطينيون أن يُناصروهم، فهم لهم أيضا مصالح إستراتيجية مع هذه الدول العظمى، ولن يضحوا بها من أجل نصرة القضية الفلسطينية، خاصة وأن هناك عدوا آخر يتربص بهم، وبالذات المملكة ودول الخليج، ويبحث عن أية فرصة من شأنها أن تمكنه من مد نفوذه إلى بلدانهم، وهو العدو الفارسي الحقير، الذي هو – بالمناسبة – أشرس وأخبث وأقذر من العدو الإسرائيلي، ومن الغباء – بصراحة – أن يعتقد الفلسطينيون أن صواريخ بدائية الصنع، كالصواريخ التي تمدها بهم إيران، يمكن أن تواجه القوة النووية الإسرائيلية ومعداتها المتطورة، ناهيك عن دعم الدول العظمى لها ماليا وسياسيا، وتكفلها بحمايتها؛ ودعك من عنتريات المتأسلمين الفلسطينيين، وخرافة محور المقاومة والصمود المزعوم، الذي هو في الواقع يعمل في مصلحة إيران، لا في مصلحة الفلسطينيين؛ إضافة إلى أن هذا المحور ليس إلا محور (جعجعة إعلامية فارغة)، سيتلاشى وينتهي بمجرد أن تضمن إيران الغرب وتحدياته الوجودية تجاهها.

أمام هذه الحقائق، والتي لامناص للفلسطينيين من مواجهتها بعقلانية وبعد نظر، فإن حل الدولتين، كخطوة أولى في طريق طويل ومنهك، هو الحل الأمثل مرحليا الآن، ريثما يفرض الواقع الديمغرافي نفسه في المستقبل داخل إسرائيل.

المتطرفون الفلسطينيون المتأسلمون، ومعهم بقية باقية من اليساريين الفلسطينيين المفلسين، يرفضون حل الدولتين، الذي هو أفضل الحلول المتاحه فعليا، ويصرون على المقاومة وتحرير فلسطين – كما هي شعاراتهم – من البحر إلى النهر، مع أنهم لا يملكون من وسائل القوة إلا خطب رنانة، لم تقتل ذبابة قط.

لقد جرب الفلسطينيون عرب القومجية لعقود، كما جربوا المتأسلمين، إضافة إلى العرب المتاجرين بقضيتهم، فلم تنفعهم تلك الأيديولوجيات، عروبية كانت أو متأسلمة، إلا مزيدا من التراجع والجوع والفقر والعوز، في حين أثرى هؤلاء المؤدلجون النصابون الانتهازيون على حساب قضيتهم

فهل يرضخ الفلسطينيون للواقعية والموضوعية، بعد أن بلغت قضيتهم من التدهور والدمار، درجة لم تبلغها طوال تاريخها؟

بقي أن أقول للفلسطينيين : إن لديكم سلاحا يتمنى الإسرائليون أن يمتلكونه، إنه أرحام نسائكم.

نقلاً عن “الجزيرة”

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

شاهد لماذا تم معاقبة هذه الاستاذة الجامعية في مصر

قررت جامعة قناة السويس في مصر وقف الدكتورة منى برنس أستاذة الأدب الإنجليزي في الجامعة عن العمل لحين انتهاء التحقيق معها، بسبب نشرها فيديو لها وهي ترقص على أنغام أغنية للمطربة روبيى (شاهد الفيديو اسفلاً)، ونشرها صوراً شخصية لها وهي ترتدي المايوه على أحد الشواطئ على صفحتها الشخصية.. وردت الأستاذة الجامعية إن ما تقوم به هو حرية شخصية لها, وطالبت بمناقشة قضايا تهم المجتمع المصري مثل التعليم والصحة والزراعة وليس مناقشة قضية مواطنة ترقص في منزلها… فما رأيك عزيزي القارئ هل تتفق مع الاستاذة ام مع الجامعة؟ #فيسبوك, #الأدب, #التواصل_الاجتماعي, #المجتمع_المصري

Posted in الأدب والفن, يوتيوب | Leave a comment

{الإخوان}… تراجعات تكشف «العمل السرّي»!

الشرق الاوسط اللندنية: تركي الدخيل

منذ منتصف عام 2006، وتنظيم الإخوان المسلمين يعيش أكبر انكسار له في تاريخه؛ انتقادات وانشقاقات، وتفسخ في نسيج جسد التنظيم، ونجحت دول الاعتدال العربي في نشر مستوى خطر الآيديولوجيا السياسية الإخوانية على السلام بالعالم، وذلك بعد تقديم منظمات غربية، ومجاميع حقوقية شهادات حسن سيرة وسلوك للإخوان في بريطانيا، وفرنسا، والولايات المتحدة.

ولأن إدارة أوباما، والدائرين في فلكها، كانوا يعتبرون الإخوان «نموذجاً للإسلام المعتدل»، فقد طال اعتراف التنظيم بالانكسار والإفلاس، ولكن تبدلت الخطة مع إدارة ترمب وفريقه الحالي المؤمن تماماً بخطر جماعة الإخوان المسلمين، وحديث الدوائر الاستشارية عن «إرهاب» المنظومة الإخوانية، وقرب تصنيفها بذلك. وحين تحدّث الملك سلمان بن عبد العزيز، في أول اتصال مع ترمب، حذّره من خطط التنظيم، لضرب علاقة الولايات المتحدة بالسعودية، وقد كان ذلك الاتصال نقطة تحوّل، بسيلان آيديولوجيا التنظيم على أرض الواقع العربي والإسلامي.
لقد عرف التنظيم أن السيل قد بلغ الزبى!
بعد كل ذلك أخيراً، اعترف التنظيم بالإخفاقات الكارثية التي حدثت له، فأصدر قبل أيام ملف مراجعاتٍ بعنوان: «تقييمات ما قبل الرؤية.. إطلالة على الماضي»، صاغه مكتب الإرشاد لتنظيم الجماعة بثلاثة آلاف وخمسمائة كلمة، قُسمت الورقة إلى أربعة محاور رئيسية، هي:
1- غياب ترتيب الأولويات في العمل العام وأثر ذلك على الثورة.
2- العلاقة مع الثورة.
3- العلاقة مع الدولة.
4- الممارسة الحزبية لجماعة الإخوان المسلمين.
وفيها تتبين الحالة الإخوانية المضطربة، وإعلان نقاط الفشل التاريخي للجماعة، وخُصص الملف، لمراجعات أداء التنظيم منذ 2011، وحتى 2017.
اعترف التنظيم بأمورٍ منها: غياب العلاقات المتوازنة مع الكيانات المجتمعية الأخرى من الناحية التكاملية أو التنافسية أو الندية، وغياب مشروع سياسي متكامل للتغيير وإدارة الدولة، وغياب التعامل الأكاديمي المتخصص في إدارة المعلومات وتحليلها… فضلاً عن غياب أي مؤشرات، للطموح السياسي عملياً أو في مساحة تطوير الفكر السياسي أو التنظير له، وعدم انتهاز فرص الانفتاح والتمدد فيها، بالإضافة إلى عدم العمل الجاد، لجعل حرمان منتسبي الإخوان من الوجود في المؤسسات العامة للدولة؛ كقضية رأي عام ضاغط، أو مطلب عادل، والاستسلام في ذلك للواقع!
الأهم من كل ذلك أن التراجعات كانت كشفاً، لأجندة التنظيم الخفيّة، وثراءً معلوماتياً لطرق تغلغلهم في المجتمعات، مشيرين بصراحةٍ إلى ضعف الرموز الفكرية الحاليّة، التي تنظّر للشباب، وتسهم في رفع مستوى الأتباع، ونادبين قلة الدراسات الأكاديمية العميقة الداعمة للعمل السياسي الإخواني، وهم بذلك يقارنون وضعهم الحالي، بالتنظير الأساسي القديم لدى حسن البنا، والأخوين قطب، وأبو الأعلى المودودي، وأبو الحسن الندوي، وغيرهم!
والكارثة الأخرى في التراجعات، اعتراف التنظيم بالوسائل التي يمارسها، بغية التجنيد، وكسب الشرائح المجتمعية المختلفة، إذ يعيب مكتب الإرشاد على الجماعة: «الخلط الشديد بين رموز العمل الخدمي والدعوي، ثم خروج تلك الرموز إلى مساحات العمل السياسي (برع الكثير منهم في العمل السياسي، ونافسوا أكبر القامات السياسية المتمرسة بعد ذلك، ولا يعني نقدنا لآلية العمل أن نهدر إمكانيات الأفراد وإنجازاتهم)».
لم يخفِ الملف ضرورة تكثيف المناشط الضرورية، من أجل تخريج رموز سياسية، بالطبع الهدف منها القيام بأدوار ثورية في البلدان العربية والإسلامية! قالها مكتبهم بوضوح: «من الواجب تمتين الجوانب الفكرية التي لها علاقة بالجوانب السياسية، وصناعة بيئة مناسبة، لتخريج الرموز السياسية الذين احتاجتهم الجماعة عند قيام الثورة».
هذه ليست تراجعات، وإنما كشوفات تبين طريقة عمل التنظيم في البلدان الإسلامية… البداية من أسفل المجتمع، من الحقول التربوية، والأنشطة ذات الصبغة «الأكاديمية»، و«الخدمات الاجتماعية»، و«العمل الدعوي».
كلها جداول عديدة، الهدف منها أن تصبّ بنهر السياسة، للحرب العلنية على الجيوش والعروش، وهذا واضح لمن قرأ الملفّ وتأمل!. .

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

ماذا لو هلك «الغرب الكافر»؟!

عكاظ السعودية من تونس:هيلة المشوح

(اللهم أعمِ أبصارهم، وصم آذانهم، وافقر غنيهم واجعل الدائرة عليهم ورمل نساءهم ويتم أطفالهم واخسف بهم الأرض وسلط عليهم من لا يخافك)

(اللهم عليك بهم، اللهم سلط عليهم ريح عاد والصرصر العقيم، وصيحة ثمود، وطوفان قوم نوح …)

(اللهم رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا)

بربكم ..ماذا لو استجاب الله لتلك الأدعية؟!

كل هذه الأدعية ألفناها ونسمعها بشكل متكرر على المنابر، ولكن ما هي تبعات تحقق هذه الأدعية -وهي لن تتحقق- لأن الله سبحانه لا يريد بنا إلا خيراً وحياة كريمة، فهو رب العالمين جميعا، وهو أرحم بخلقه من أي بشر.

أول تبعات تحقق استجابة هذا الدعاء هو فقدانك للمايكرفون الذي تصدح منه أيها الخطيب، ثم جهازك الذي حفظت فيه خطبتك وأدعيتك وغترتك وثوبك وسيارتك التي ستقلك إلى بيتك لتتمدد تحت مكيفات «الغرب الكافر»، وغذاؤك الذي تصنعه آلاتهم وكل ما يحيط بك، فمن سيصنع لك كل هذا؟ ومن سيعوضنا نحن كل التقنيات والصناعات.. أنت مثلاً؟!

الحمدلله ثلاثاً على نعمة الغرب الذي لولاه لبقينا في خيامنا نجلب الماء على ظهور جمالنا، ونقتات الأقط والضبان والجراد وخشاش الأرض، ونكرع حليب النوق، وعندما نتلوى من الجدري والطاعون والحمى فلا سبيل للعلاج إلا (لشطة) على قفانا بملقاط الجمر حتى تتقرح جلودنا ثم ندفن تحت كثبان الصحراء، ولا أمل حتى في تحللنا إلى بترول، فالغرب الكافر غير موجود لينبشنا من تحت طبقات الصحراء!

الغرب أنفع حين يكون جل نتاجنا الصراخ لهلاكهم، في الوقت الذي يصنعون (الحياة) بكل تسهيلاتها وتقنياتها ومبهراتها، وعندما يمسك سقم يا من تدعو عليهم تهرع إليهم وإلى أدويتهم وأشعاتهم وفحوصاتهم الدقيقة.

الغرب لم يؤذني، ولم يعقد حياتي، بل حولها إلى نعيم بفضل اختراعاته وإبداعاته، وقبِل مئات الآلاف من شبابنا أن ينهلوا من علومه.

سؤال ..

لماذا لا يوجه الدعاء على من أهلك الحرث والزرع وأفسد في الأرض وفجر أحياء الآمنين ومساجد الراكعين الساجدين، ولماذا تلهج الألسنة بالدعاء على الغرب فقط؟!

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا | Leave a comment

2- لماذا لا تدعوا لكم سيداً

قال السيد الأعظم يسوع المسيح لتلاميذه: واما انتم فلا تدعوا سيدي لان معلمكم واحد المسيح وانتم جميعا اخوة مت23: 8. في مقالة سابقة بعنوان(ما أحلاك يا أبى السماوى) تناولت عبارة لا تدعوا لكم أباً.و اليوم : لا تدعوا أحد سيدى.فلنتفق أولاً أن المسيح له المجد يفسر كلامه بنفسه.فالإنجيل يفسر بالإنجيل.الآيات تفسر بآيات و لا تجتزأ بفكر الله نفهم كلمة الله.بالروح نتعلم كلام الروح القدس.لو سار منطق الكلام حسب ما يفسره البعض بإتخاذ هذه الآية أو جزء من آية لتكون مبرراً لرفض السيادة في الأرض لكان المسيح يقول لا تدعوا سيدى لأن ( سيدكم ) واحد لكنه يقول لا تدعوا سيدى لأن (معلمكم) واحد و هذا يقودنا للمعني التاريخي للآية قبل أن نتعمق في المعني الروحى.
المعنى التاريخى للآية
كانت هناك نخبة تتسيد و تتسلط على المجتمع اليهودي هم (معلمين- كتبة – فريسيين) و لكل فئة من هؤلاء عمل مستقل كانوا يعتبرون مصادر التعليم و المراجع الموثوق فيها عند اليهود و كانوا جميعهم منحرفون .إنتقد المسيح تعاليمهم لأنهم نسبوها زوراً لله مستغلين جهل الناس أولاً و ثقتهم في هؤلاء ثانياً و قال عن تعاليمهم ( تعاليم هى وصايا الناس مت 15: 9) .كان اللقب السائد لهؤلاء هو سيدى سيدى.و كان هؤلاء يستمتعون بالمرور بزهو في الأسواق لكي يناديهم الناس سيدى سيدي مت23: 6 .بعد هذه المقدمة المقصودة من المسيح قال وصيته لتلاميذه :أما أنتم فلا تدعوا سيدى لأن معلمكم واحد المسيح.هنا يفصل المسيح بين تعليم الناس و تعليم المسيح .يوصى تلاميذه أن لا يدعون هؤلاء سيدي و لا يأخذوا منهم تعليماً بل يأخذون تعليم العهد الجديد من مصدره الوحيد ربنا يسوع.هنا بدأ المسيح يصب ويلات على فئة الكتبة و الفريسيين لكى يقضى على سيادتهم لأن من ضمن رسالة المسيح و خلاصه هو تقديم وصاياه الحقيقية و كشف السيادة الزائفة لوصايا الناس.الحديث إذن عن رفض المسيح لسيادة (المعلمين و الكتبة و الفريسيين) على التلاميذ وعلى مؤمنى العهد الجديد كله فالتعليم الذى يسودنا هو وصايا المسيح و ليست تعاليم الناس .
هل رفض الله في العهد القديم أن يأخذ إنسان لقب السيد
الله هو أول من خوطب بلقب السيد من أبينا إبراهيم تك 15: 2 و أبونا إبراهيم أول من خوطب بلقب سيدي و كانت سارة تناديه (سيدى) تك18: 2 كذلك خاطب بنو حث أبينا إبراهيم بلقب (سيدى) حين طلب منهم قبراً لزوجته سارة.تك23: 6 كذلك كان عبد إبراهيم يخاطب أب الآباء إبراهيم بلقب (سيدى ) تك24: 12 رفقة أيضاُ خاطبت إسحق (سيدى) تك24: 65 و حين بارك إسحق إبنه يعقوب قال له (كن سيداً لأخوتك) تك27: 29 و لننتبه إلى اللقب هنا فإنه سيد لأخوته مع أنه ليس له أخ سوى عيسو.فلهذا كانت النبوة عن أنه سيكون سيداً لأجيال و ليس فقط لأخيه الوحيد عيسو.بل حين عاد عيسو مكتشفاً خديعة أخيه الذى نال البركة قال له إسحق (إنى قد جعلته سيداً لك) تك27: 37 حتى راحيل خاطبت أبيها لابان بلقب (سيدى) تك31: 35 و يعقوب خاطب أخيه عيسو (سيدى) مع أنه نال في البركة ما يقول كن سيدأً لإخوتك تك32: 18.تك33: 13 و15. و قيل عن يوسف البار أنه كان في بيت (سيده) المصرى تك39: 2 و3.و قيل عن ملك مصر أنه (سيد) تك40: 1و 7 و لما جاء أخوة يوسف إلى مصر و كان يوسف ذو شأن رفيع خاطبه أخوته (سيدى) تك42: 10 نادوه بهذا اللقب 22 مرة و قال يوسف البار عن نفسه أن الله جعله سيداً لكل مصر تك45 : 9 .ثانى إنسان خاطب الله سيداً كان موسى النبى خر4: 10 و أخذ من الله الشريعة التي لم تمنع أن يخاطب العبيد مالك البيت بلقب سيدى خر21: 4 .يشوع بن نون خاطب موسى النبى بلقب (سيدى) و كلاهما نبيان عد11: 28 و هكذا خاطب بنى الأسباط موسى بلقب (سيدى) تك32: 25 .نلاحظ أن كل من دعا الرب سيدي جعله الرب سيداً وسط شعبه .و لو تتبعنا العهد القديم يعوزنا الوقت فالأمثلة بالمئات تؤكد أن الله لم يعترض أن يندى الناس أحداً بلقب السيد و مشتقاته في العهد القديم لأنه إله يفرح بتكريم أولاده و نلاحظ أن معظم من نالوا لقب السيد كانوا رجالاً أتقياء أبرار بشهادة الوحى المقدس.
هل رفض الله في العهد الجديد أن يأخذ إنسان لقب السيد
معظم المخاطبات التي إستخدم فيها لقب سيد بمشتقاته كانت تخص السيد المسيح إبتداءاً بسمعان الشيخ هو أول من خاطب الآب بلقب (سيد) لو 2 و هو يحمل الإبن في الختان ثم الأبرص هو أول من خاطب المسيح بلقب (يا سيد) مت8: 2. ثم خاطبه التلاميذ في وسط هياج الأمواج و الريح (يا سيد) نجنا مت8:8. و هكذا خاطبه الأعميان مت9: 28.و قال الرب يسوع عن مثل العبد و السيد مت18. المؤسف أن آخر من خاطب المسيح (سيدى) كان يهوذا مت26: 49 . لكن هل إستخدم لقب سيدى بين البشر و هل وافق الله عليه؟ خاطب الجنود هيرودس الملك بلقب (سيد) مت27: 63. و حافظ السجن خاطب بولس و سيلا المسجونين عنده بلقب (سيدىً) أع6: 30 و لم يقل له بولس الرسول أو سيلا أن المسيح يرفض أن يناديه (يا سيد) .و يخاطب بولس الرسول ذوى النفوذ قائلاً (أيها السادة قدموا للعبيد العدل و المساواة كو 4 : 1 .بل بطرس أحد الذين سمعوا المسيح يرفض أن ينادوا أحداً سيداً بالوحي المقدس لما أراد تذكير النساء بالخضوع لأزواجهن ذكر مثلاً هو سارة لأنها لتي كانت تدعو زوجها سيدى1 بط 3: 6.بمعني الإحترام االمتبادل بين الزوجين.و يوحنا الحبيب أجاب سؤال أحد السمائيين في رؤياه قائلاً : يا سيد أنت تعلم رؤ 7: 14.هذا لا يمنع أن الكتاب تكلم عن السادة بلسان التلاميذ بطرس الرسول 1 بط2 :18. كلمة سيد أي من له سلطان و قد كرر الروح القدس هذا اللقب مرات عديدة بعضها وصف الشياطين بالسلاطين أف 6 : 12, كو2: 15.و سمى الرؤساء بالسلاطين و طالبنا أن نخضع لها رو13: 1.و عن الملائكة قال أن رتبهم (سيادات ,رياسات,سلاطين) فأخذت الملائكة أيضاً لقب (سيد – رئيس- سلطان ) .كو1: 16.
الله هو السيد و هو رئيس الإيمان و هو الذى له سلطان على الجميع.و قد أعطي سلطانا لتلاميذه كما سبق و أعطي آدم و حواء سلطان ليفلحوا الأرض و يتسلطون على ما فيها.فالرب يعط سلطانا لخدامه يستخدمونه لمجد الرب وحده.و سيادة على الشعب كما يسود الراعى على الخراف.ليست سيادة لإثبات الذات لكنها سيادة لإنجاز الخدمة. هذه ألف باء الإدارة. أن المسئولية تقابلها سلطة.فالعيب ليس أن يكون الأسقف أو البطريرك سيداً لكن العيب فقط إذا تم إستخدام السلطان في غير ما خصص لأجله و هو هنا خلاص النفوس فقط.و السيادة و السلطان أخذهما المؤمنون أيضاً و بهما يدوسوا الحيات و العقارب.لو10: 19. فقولوا لمن تشاءوا سيدنا شرط أن تعرفوا أن سيادته ليست مطلقة و أن حياتنا في سلطان المسيح و سيادته لم يعطها للناس.بل فقط وهب البعض كهنوتاً ليقوموا بالرعاية و السلطان ليس من أجل الرعاة بل من أجل الرعية.خلاصة المقال أن مخاطبة الأساقفة و الأب البطريرك بلقب سيدنا ليست متعارضة مع الإنجيل و هو غير ما قصده المسيح حين منع تلاميذه أن يدعوا أحداً من(الكتبة و الفريسين) سيدي.فليس أساقفتنا كتبة أو فريسيين.فإن لم يعجبك لقب سيدنا خاطبه بلقب حضرة أو نيافة الأسقف.و لا تشغل بالك كثيراً إذا لم يريحك اللقب لكن إشغل بالك بماذا قصد المسيح بكلامه في هذا الأمر.
أما للمعترضين على سجدة التكريم (ميطانيا) للأسقف فأقول: نقرأ أحياناً أنه قوبل أنبياء الله بسجدات تكريم(ميطانيات) لكننا لا نجده يتكرر في كل المواقف و لم يكن تقليداً في مخاطبة الأنبياء و لم نقرأ عن أمر إلهي أو فكر كنسي أصيل أو عقيدة أرثوذكسية أو تعليم آبائى قديم يربط هذا السجدة بالكهنوت.فهذا سلوك إجتماعى لا يتعارض مع الأبوة و التقدير لكنه ليس شرطاً في التعامل مع الأساقفة و البطريرك.إنه عُرف إجتماعي و ليس تقليد كنسي..و هو حديث العهد لا سيما تقبيل الأيادي.فلا مهانة إن فعلتها و لا إستهانة إن لم تفعلها.الأمر مرتبط بتقاليد بيئية و أفكار شخصية و ليس هو عقيدة نختلف عليها و لا جزءاً من إيمان الكنيسة. و هو عرف لا يوجد في كنائس أرثوذكسية كثيرة تشاركنا وحدة الإيمان.و التفسير المتداول أن الكاهن يحمل جسد المسيح لذلك نقبل يده تفسيرا غير صحيح. لأننا جميعاً نتحد بالكمال بجسد المسيح و لا نحمله بين ايادينا .الأمر مرتبط بتقدير أبوة الكاهن و ليس بسبب أنه يحمل المقدسات. فلا يؤخذ هذا تعليماً أو إجباراً للشعب كأن هذه مرجعية لتقبيل أيادي الكهنة.دعوا الأمر حسبما يرتاح كل شخص دون أن يشعر أنه مقصر أو متجاوز إذا لم يقبل يد الكاهن أو الأسقف.لقد عاش الأساقفة قرون طويلة غير متفرغين و كانوا يمارسون وظائفهم في حقولهم و مراعيهم ثم يجتمع الشعب ليلا ليمارس الأسقف سلطة أسقفيته فكان شخصاً لا يختلف عن الناس و لم يكن له حتى زياً مستقلاً خصوصاً في القرون التي سيطر فيها الإسلام على مصر منذ سنة 850 حتي 1800 .حين بدا يُفرض علي الأقباط زياً خاصاً و لما زالت هذه الشروط إحتفظ الأساقفة بالزي ذاته و صارت التواني السوداء مع العمامة هي الزي المعروف.إن الميطانيا الحقيقية هي أن لا تتشامخ على أحد و أن تتضع لكل الناس.هذه التي إن لم تفعلها تخطئ بالحقيقة.
أما الذين يأخذون دعوة المسيح (أن لا ينادى التلاميذ أحدا أبا أو سيدا أو معلماً ) مبرراً لإنكار الكهنوت فهم مدلسون يلوون الآية لتخدم أفكارهم الخاصة و يتجاهلون بقية الكتاب المقدس الذي كما قلنا يفسر نفسه بنفسه. و إلى اللقاء في تفسير لا تدعوا لكم معلماً.
#Oliver_the_writer

Posted in فكر حر | Leave a comment

غطاء شرعي من أجل الأسدية بعد استهداف السلاح الكيماوي الأسدي –الروسي لأهالي خان شيخون

متى ستستشعر قيادة مايسمى (المعارضة/ المعارصة) السورية (الإئتلاف ) أنها ضحية (غبية مستحمرة أو قربان يضحي بنفسه لتقديم غطاء شرعي من أجل الأسدية)، بعد استهداف السلاح الكيماوي الأسدي –الروسي لأهالي خان شيخون، أم أنهم سيبرؤون الأسد وزبانيته منها وفق (فتوى الشيخ معاذ) بعد مجزرة الكيماوي باطفال دمشق في الغوطة !!!!

نحن الذين أراد لنا المجتمع الدولي ان نكون (حميرا) في بداية الثورة، لكي نكون غطاء شرعيا لمعارضة النظام الأسدي في اللعبة الدولية المستمرة منذ سبع سنوات في سبيل المشروع التدميري لسوريا على يد النظام الأسدي ( الأفلوي العميل منذ رفضه العلني العلوي المعلن استقلال سوريا لأنهم غير مسلمين على حد تعبيرهم، رغم اصرار الشعب السوري على اعتبار أن العلويين ينتمون إلى مذهب اسلامي وطني كباقي المسلمين)، نقسم لكم بشرفنا الشخصي والأهلي والوطني باسم شهدائنا ومهجرينا من الأطفال والنساء والشيوخ الذين بلغوا عشرات الملايين ، بأنا لا نحسدكم على مهمتكم القيادية (البخسة-الرخيصة ) التي تؤمن الغطاء لشرعية الاحتلال الأسدي والروسي والإيراني والحزب اللاتي لسوريا، من خلال موافقتكم على أن تكونوا ممثلين زورا وبهتانا للشعب السوري الذي فاجأكم بثورته، كما يعترف اليوم الأخوان المصريون (أباؤكم الفكريون والسياسيون)//////
واننا نحن الرافضون للمصالحة في ظل الأسد على أساس ( لا غالب ولا مغلوب )، أعلنا رفضنا القطعي أمام ممثلي الأمم المتحدة في جنيف، منذ بداية تشكيل (المعارضة / المعارصة)، بأن النظام الأسدي خط (نووي كيماوي اقلوي أحمر خائن وطنيا في استدعائه الإيرانيين والروس لا حتلال سوريا) وأنه نظام لا يمكن مقاربته والتعامكل معه إلا كمجرم حرب …
..
إننا إذ نقسم لكم هذا القسم (قسم الشرف)، فإنا لدينا تصريحات وأقوال ومواقف أمام المجتمع الدولي والمجتمع المحلي الداخلي والعربي والاسلامي الرخيص، يقنعكم أنكم لستم في موقع المحسود والمنافس على( نذالته ورخصه )، كما كانوا يحاولون اقناعنا في بدايات الثورة بل وما قبل الثورة، وانكم إذا رفضتم دور غطاء الشرعية هذا، فهناك الألاف الذين يتنظرون القيام بمهمتكم المأجورة وطنيا من خلال العديد من المؤتمرات التي عقدت دوليا لتخريج ( مفاوضين ) …
.
اليوم سمعنا أن أحد كبار المفاوضين في الإئتلاف يهدد بأنه لن يقبل أن يكونوا ( غطاء) لشرعية المفاوضات مع النظام الأسدي الكيماوي….. أما زميله رئيس اللجنة الإعلامية في (الإئتلاف الأخونجي –الإيراني)، فإنه يطالب الروس (وفق الشرعية المعاذية المشيخية السلطانية لمعاذ الخطيب ) التي برأت الأسد وزبانيته من استخدام السلاح الكيماوي ضد أطفال دمشق رغم اعتراف النظام الأسدي بذلك فيما بعد بتنفيذه لتجريده من السلاح الكيماوي بغض النظر عن الحماية الروسية لكذبته المتفق عليها ( روسيا وأمريكيا وعالميا كما تحدث مؤامرة الصمت اليوم ) في خان شيخون، إذا يطالب رئيس اللجنة الإعلامية/ الهلامية للإتلاف) الروسأن يكونوا حكما على صدقية حفيقة استخدام الأسدية لغاز السارين في خان شيخون أم أن أن المعارضة هي التي استخدمته !!!

يا أخوتي الشرفاء في المعارضة الرسمية و في الإئتلاف، انسحبوا من هذه (المعارصة الخيانية) المرذولة التي ترى في الأسدية والإيرانية والروس حكما ، وكونوا مطمئنين إلى أن أحدا منا لا يريد أن يناقسكم على هكذا (معارصة )، وليس لأحد منا أن أيكون له شرف أن يكون مناقسا لأحد منكم في هذه (المعارصة ) الفضيحة …اتقوا الله بوطنكم وشعبكم ودماء شهدائكم ، إن كنتم تعتبرون سوريا وطنا لكم،إلا إذا كنتم تعتبرون أن الأسديين شركاء لكم في هذا الوطن …….إنهم ليسوا شركاء إلا في تأليف وتشكيل هذه ( المعارصة من حميميم إلى موسكو .. ) المرغوبة أسديا وإيرانيا وروسيا ..

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

نعم أنتم الحراس

مدينة أورشليم هى الكنيسة. كل النفوس التى مات المسيح لأجلها. و مع أن الرب هو حارسها كما وعد ((سفر إشعياء 27: 3) «أَنَا الرَّبُّ حَارِسُهَا. أَسْقِيهَا كُلَّ لَحْظَةٍ. لِئَلاَّ يُوقَعَ بِهَا أَحْرُسُهَا لَيْلاً وَنَهَارًا) . ليلاً و نهاراً لكنه يفاجئنا أنه أقام أيضاً عليها حراساً بنفس صفاته : على أسوارك يا أورشليم أقمت حراساً لا يسكتون كل النهار و كل الليل على الدوام ,إش 6:62 و إذا ظننا أن هؤلاء الحراس فقط من الملائكة نخطئ.فمن البشر أيضاً أقام الله حراساً للنفوس و للكنيسة أورشليم الجديدة.لذلك كان تبرؤ قايين من أخيه بقوله أحارس أنا لأخى عذر مرفوض.و كذب مفضوح.لم ينقذه من العقوبة.بل صار عبرة للأجيال لكي لا يظن واحد أنه ليس حارساً لأخيه .
صفات الحراس: هم فقط لا يسكتون عن الصلاة.سلاحهم الصلاة.لغتهم الصلاة.كلامهم موجه إلى الله ذاته.فهم حراس بالوكالة يستمدون منه الأمان أيضاً مثلنا.لا يهم ما رتبتهم.ما وضعهم الإجتماعى. ما جنسيتهم أو جنسهم.لا يهم أعمارهم.كلهم حراس.الزي الرسمى لهم هو الإلتجاء لله دوماً لأجل صالح الآخرين.إنهم في إلتهاب محبتهم للجميع يتشبهون بسيدهم و يخيفون الشياطين.لذلك قيل أنهم حراس.و يرفعهم الرب فوق الأسوار.أسوار حمايته.ليس لأجل أن يصبحوا رتبة أعظم فهذا لا يشغلهم لكن ليبصروا برؤية أعمق و هذا يشغلهم.فوق الأسوار يتحصن الجميع بالصلاة.هم ليسوا محرومين مما في داخل أورشليم لكنهم مكلفون بالصلاة من أجلها فكأنهم هم الأسوار و المسيح أساس البيت المقدس هل لهذا قال الرب لأرميا ( أجعلك سور نحاس أر 15:20).لقد إلتحموا بمحبتهم في كيان البيت فصاروا جزءاً منه فلا تحسب أنهم فوق الأسوار فحسب بل صاروا أسواراً و حراساً معاً.
في كنيستنا المحتاجون إلى أسوار: صار في الكنيسة في سوريا و العراق و مصر و ليبيا قطاع جديد من المؤمنين هم أسر الشهداء الذين ذاقوا ألم فقد ذويهم في مذابح و تفجيرات و إضطهاد بجميع الصور.قد يحدث أن الجميع يتألم معهم وقت شيوع الأخبار.ثم يخمد الإهتمام و تأخذنا المشاغل و ننساهم.لكن الحراس لا يتخلون عن وظيفتهم كل الوقت.بل يضعون هؤلاء المتألمين في قلب الصلاة.يطلبون عنهم ليلاً و نهاراً.فلا تسكتوا بل صلوا معهم فهؤلاء المتألمين لا يخفت ألمهم مع الزمن.و لا تتوقف معاناتهم مع الزمن بل قد تزيد . هؤلاء المتألمين محتاجون حراساً.الوظائف كثيرة و شاغرة فهل تقبل وظيفة حارس سمائي . لا تسكت في صلاتك وعش شركة آلام المسيح بأن تضع هؤلاء بآلامهم و تعزياتهم قدام العرش الإلهي كما يفعل جنود الملك.
في كنيستنا مخطوفات و مرتدين: الصلاة تفك القيود.تخرج الشياطين من الفكر.تبدد سلطان الشر.لا تسكتوا و لا تدعوا الرب يسكت بل توسلوا إليه دوماً لكي يتمم وعوده و ينقذ الحملان من الذئاب.الصلاة أقوى من سلطة ضابط متعصب و قانون متعصب .الصلاة تستطيع أن تحطم قلاع الإرتداد و تحولها إلى رجسة الخراب.الصلاة تنقذ فتياتنا من أشد القلاع تسليحاً و ترد المرتدين من غيبوبة الإيمان أحياءاً.كونوا لهؤلاء حراساً فهذه وظيفة كل الخدام.الصلاة سلاحهم الأول و الأهم و الأكثر تأثيراً.أكثروا الصلاة و لا تتكاسلوا لكي ننقذ الأسرى المتهمين بتهم ملفقة من سجون الظلم. ألا تكونوا المسئولين عن بقاءهم لو تكاسلتم عن الصلاة بحرارة.لا توجد رتبة من البشر تنقذ الرعية لأن مخلصنا واحد هو المسيح الراعى.أما كل من في الكنيسة فهم فقط الحراس.الصلاة وظيفتهم.بها يغلبون.كونوا جميعاً خدام و خادمات بالصلاة لأجل هذه النفوس.لو كنت أملك رأياً لأضفت في أواشي كنيستنا أوشية لهؤلاء .
لو كنت أملك رأياً لوضعت في أوشية المجمع نصاً يذكر( الشهداء و المعترفين في جيلنا ) فنضمن الصلاة الدائمة و تتعزى النفوس بإضافة لا تخالف الإيمان فالشهداء ذهبوا إلى السماء و المعترفين هم المصابون و أهالى الشهداء .كذلك في أوشية الإجتماعات نذكر الذين (نفتقدهم في إجتماعاتنا) و هم المخطوفين و المرتدين بكل نوع و المحبوسين.إننا نريد أن نعيش حراساً .
تعالوا نصلى معاً لأجل أن نكون حراساً.ثم نصلي لأجل المتألمين و المخطوفين و المرتدين و المحبوسين.واثقين أن صلاتنا أقوى من كل سلاح إذ هى تقدر على الشياطين فكم بالحرى جنوده الأضعف منه.الرب يقبل أن يجعلنا على الأسوار أسواراً فتنمو الكنيسة و تعلو بالصلاة.فلا خلاص للنفوس بغير لجوء لمخلص النفوس.فيا مخلصنا الصالح نضع قدامك هؤلاء جميعاً لكي تتمجد بإنقاذهم كعملك دوماً .نذكر أسماءهم قدام مذبحك و نعترف قائلين نعم يشرفنا أن نكون حراساً و لن نقُل كالهالك قايين: أحارس أنا لأخى.
صلاة الحراس
يا من تحننت و صرت حجر الزاوية ضعنى فوق هذا الحجر لأثبت و لا اسقط.و أكون بك سوراً يا من جعلت من الماء سوراً فإجتاز الشعب بإطمئنان في البحر الأحمر.يا راعى الخراف علمنى أن أبحث معك عن كل خروف ضال كمن يقف على المرصد و يراقب التائهة و الشريدة .علمنى دموع الحب فأبكى بها نهاراً و ليلاً قتلى بنت شعبى.علمنى أن لا يتجزأ حبى أو تصير صلواتى أنانية فأكون بالصلاة ذاكراً للجميع كصموئيل عبدك الذى وجد أنها خطية إذا كف عن الصلاة لأجل الشعب.لا تتركنا نخطئ و نتوقف عن ذكر هذه النفوس قدامك.المتألمين في حضنك و المخطوفات و المرتدين في يدك.كل شيء و كل أحد تحت سلطانك.أين سيخفونهم عنك و أنت فاحص عمق كل الأعماق.و من يقدر عليك و أنت جبار الجبابرة.أظهر جبروتك و إنتزع كل الأسرى من يد العدو.إقتحم عرينهم الكاذب و خلص المخطوفين.أبطل سعاية الأشرار و أبطل تلفيقاتهم.تأديباً أدبهم فيعرفون أننا غير متروكين.على السور أطوف و أرى الأوطان تئن.خدامك يحتاجون قوة.و الثغرات في بيتك تطلب الترميم.أنا حارس بعينيك .أنا محصن بروحك.لكنني اسقط بذاتى و تغشانى الظلمة.يبدد الإجهاد بصرى فجدد حياتى لأعود نسراً محلقاً يرقب الأسوار و البيت.ألهبنا حباً لكي ترتعد الشياطين من شعبك و لا تقترب منه.إعطنا لهيب الروح فنكون ناراً قدام إبليس فيعيش الإنهزام و نحن بك نعيش النصرة.إعطنا قلباً يرق للجميع كقلبك.يعتنى بالجميع كشخصك.يا حارس الحراس قم و ليرتفع جلالك و أظهر مجدك.
#Oliver_the_writer

Posted in فكر حر | Leave a comment