الشعر صيحة الفارس وهمسة العاشق وإيماءة الحكيم؛ هؤلاء الثلاثة هم منابع الشعر الصادق القوي العذب الآسر للمتذوقين؛ لا يموت بموت صاحبه..
وكلما قرأت لبعض شعراء اليوم المتعالين على العشيقة وعلى الجار وعلى الصديق بحجة الحفاظ على الكرامة؛ أتذكر أبيات لأبي فراس الحمداني؛ سلطان وفارس زمانه؛ والذي يتسلل في هدوء الليل ليغذي وجدانه بعد نهار صاخب بالسياسة والحرب والصراع؛ ليلتقي معشوقته بعيداً عن أعين المتطفلين.
فقد قال في قصيدته الشهيرة التي مطلعها “أراك عصي الدمع شيمتك الصبر..” البيتين التاليين:
تُسائلني “من أنت”؟ وهي عليمة..
وهل بفتى مثلي على حاله نكر؟..
فقلت كما شاءت وشاء لها الهوى..
قتيلُك! قالت: أيهمُ، فهم كثرُ..