كنت على يقين أن ظاهرة الصحوة كما يسمونها أصحابها، أو بلغة أدق (ظاهرة التأسلم السياسي) ستنتهي وتتلاشى. لكن، ولكي أكون صادقًا، لم أكن أعتقد في الماضي أنها بهذا القدر من الهشاشة، بشكل جعلها في مدة لا تتجاوز الثلاث سنوات تنتهي بهذه السرعة، غير المسبوقة في تاريخ الظواهر الاجتماعية. والسؤال الذي يطرحه السياق: لماذا؟..
هناك عدة تفسيرات أو هي ترجيحات لقيام وسقوط ظاهرة التأسلم السياسي، غير أن أهمها في رأيي قيام حركة الخميني في إيران، الذي استطاع بسرعة وبشعبية كاسحة أن يسقط شاه إيران، ويضطره إلى المغادرة والموت في المنفى. لذلك حاول المتأسلمون السنة أن يطبقوا الفكرة ذاتها (الولي الفقيه) ولكن بشكل سني. وأنا أرى أن فشل ثورة الخميني المتأسلمة، وعدم قدرتها على بناء دولة معاصرة تلبي طموحات الإيرانيين، هو واحد من أهم الأسباب الجوهرية التي مهدت، وبقوة إلى انكشاف التأسلم السياسي برمته، سواء كان الشق الشيعي أو الشق السني منه؛ ولا يعني أنه السبب الوحيد، لكنه فيما أراه السبب الأهم على الإطلاق ضمن أسباب أخرى أقل أهمية؛ ولا تلتفت إلى من يقول إن فشل الشيعة لا يعني بالضرورة فشل السنة، لأن بينهما من التمايز واالاختلافات، ما يجعل من يقارن هذا بذاك، مثل من يقارن برتقالة بتفاحة؛ إلا أنني أرى أن التأسلم من حيث كونه ينطلق من منطلقات دينية، ويسعى إلى إنشاء مرجعيات كهنوتية سياسية، يجعلهما عند التحليل وجهين لعملة واحدة، كذلك أعتقد أن فشل الكنيسة الكاثوليكية في أوروبا في القرون الوسطى، هو بشكل أو بآخر يمكن أن يقودنا إلى القول بأن ظاهرة الصحوة ستنتهي حتما.









