تقرير سري جداً من بلاد قمعستان

تقرير سري جداً من بلاد قمعستان

نزار قباني

لم يبق فيهم لا أبو بكر.. ولا عثمان..

جميعهم هياكل عظمية في متحف الزمان..

تساقط الفرسان عن سروجهم..

وأعلنت دويلة الخصيان..

واعتقل المؤذنون في بيوتهم ..

و ألغي الأذان..

جميعهم تضخمت أثداؤهم..

وأصبحوا نسوان..

جميعهم يأتيهم الحيض، ومشغولون بالحمل

وبالرضاعة..

جميعهم قد ذبحوا خيولهم..

وارتهنوا سيوفهم..

وقدموا نساءهم هدية لقائد الرومان..

ما كان يدعى ببلاد الشام يوماً..

صار في الجغرافيا..

يدعى (يهودستان)..

الله .. يا زمان..

2

لم يبق في دفاتر التاريخ

لا سيف ولا حصان

جميعهم قد تركوا نعالهم

وهربوا أموالهم

وخلفوا وراءهم اطفالهم

وانسحبوا الى مقاهي الموت والنسيان

جميعهم تخنثوا…

تكحلوا…

تعطروا…

تمايلوا أغصان خيزران

حتى تظن خالدا … سوزان

ومريما .. مروان

الله … يا زمان…

3

جميعهم موتى … ولم يبق سوى لبنان

يلبس في كل صباح كفناً

ويشعل الجنوب إصراراً وعنفوان

جميعهم قد دخلوا جحورهم

واستمتعوا بالمسك, والنساء, والريحان

جميعهم مدجن, مروض, منافق, مزدوج .. جبان

ووحده لبنان

يصفع امريكا بلا هوادة

ويشعل المياه والشطان

في حين ألف حاكم مؤمرك

يأخذها بالصدر والأحضان

هل ممكن ان يعقد الانسان صلحا دائما مع الهوان؟

الله … يا زمان ..

4

هل تعرفون من أنا

مواطن يسكن في دولة (قمعستان)

وهذه الدولة ليست نكتة مصرية

او صورة منقولة عن كتب البديع والبيان

فأرض (قمعستان) جاء ذكرها

في معجم البلدان …

وأن من أهم صادراتها

حقائبا جلدية

مصنوعة من جسد الانسان

الله … يا زمان …

5

هل تطلبون نبذة صغيرة عن أرض (قمعستان)

تلك التي تمتد من شمال افريقيا

إلى بلاد نفطستان

تلك التي تمتد من شواطئ القهر الى شواطئ

القتل

الى شواطئ السحل, الى شواطئ الاحزان ..

وسيفها يمتد بين مدخل الشريان والشريان

ملوكها يقرفصون فوق رقبة الشعوب بالوراثة

ويفقأون أعين الأطفال بالوراثه

ويكرهون الورق الابيض, والمداد, والاقلام بالوراثة

واول البنود في دستورها:

يقضي بأن تلغى غريزة الكلام في الإنسان

الله … يا زمان …

6

هل تعرفون من أنا؟

مواطن يسكن في دولة (قمعستان)

مواطن…

يحلم في يوم من الايام أن يصبح في مرتبة الحيوان

مواطن يخاف أن يجلس في المقهى .. لكي

لا تطلع الدولة من غياهب الفنجان

مواطن أن يخاف أن يقرب زوجته

قبيل أن تراقب المباحث المكان

مواطن أنا من شعب قمعستان

أخاف أن أدخل أي مسجد

كي لا يقال إني رجل يمارس الإيمان

كي لا يقول المخبر السري:

أني كنت أتلو سورة الرحمن

الله … يا زمان …

7

هل تعرفون الآن ما دولة ( قمعستان)؟

تلك التي ألفها.. لحنها..

أخرجها الشيطان…

هل تعرفون هذه الدويلة العجيبة؟

حيث دخول المرء للمرحاض يحتاج إلى قرار

والشمس كي تطلع تحتاج إلى قرار

والديك كي يصيح يحتاج إلى قرار

ورغبة الزوجين في الإنجاب

تحتاج إلى قرار

وشعر من احبها

يمنعه الشرطي أن يطير في الريح

بلا قرار..

8

ما أردأ الأحوال في دولة (قمعستان)

حيث الذكور نسخة عن النساء

حيث النساء نسخة من الذكور

حيث التراب يكره البذور

وحيث كل طائر يخاف بقية الطيور

وصاحب القرار يحتاج الى قرار

تلك هي الاحوال في دولة (قمعستان)

الله … يا زمان …

9

يا أصدقائي:

إنني مواطن يسكن في مدينة ليس بها سكان

ليس لها شوارع

ليس لها أرصفة

ليس لها نوافذ

ليس لها جدران

ليس بها جرائد

غير التي تطبعها مطابع السلطان

عنوانها؟

أخاف أن أبوح بالعنوان

كل الذي اعرفه

أن الذي يقوده الحظ إلى مدينتي

يرحمه الرحمن…

10

يا أصدقائي :

ما هو الشعر اذا لم يعلن العصيان؟

وما هو الشعر اذا لم يسقط الطغاة … والطغيان؟

وما هو الشعر اذا لم يحدث الزلزال

في الزمان والمكان؟

وما هو الشعر اذا لم يخلع التاج الذي يلبسه

كسرى أنوشروان؟

11

من أجل هذا أعلن العصيان

باسم الملايين التي تجهل حتى الآن ما هو النهار

وما هو الفارق بين الغصن والعصفور

وما هو الفارق بين الورد والمنثور

وما هو الفارق بين النهد والرمانة

وما هو الفارق بين البحر والزنزانة

وما هو الفارق بين القمر الاخضر والقرنفلة

وبين حد كلمة شجاعة,

وبين خد المقصله …

12

من اجل هذا أعلن العصيان

باسم الملايين التي تساق نحو الذبح كالقطعان

باسم الذين انتزعت أجفانهم

واقتلعت أسنانهم

وذوبوا في حامض الكبريت كالديدان

باسم الذين ما لهم صوت …

ولا رأي …

ولا لسان …

سأعلن العصيان …

13

من أجل هذا أعلن العصيان

باسم الجماهير التي تجلس كالأبقار

تحت الشاشة الصغيرة

باسم الجماهير التي يسقونها الولاء

بالملاعق الكبيرة

باسم الجماهير التي تركب كالبعير

من مشرق الشمس الى مغربها

تركب كالبعير …

وما لها من الحقوق غير حق الماء والشعير

وما لها من الطموح غير ان تأخذ للحلاق زوجة الامير

او ابنة الامير …

او كلبة الامير …

باسم الجماهير التي تضرع لله لكي يديم القائد العظيم

وحزمة البرسيم …

14

يا اصدقاء الشعر:

إني شجر النار, وإني كاهن الأشواق

والناطق الرسمي عن خمسين مليوناً من العشاق

على يدي ينام أهل الحب والحنين

فمرةً أجعلهم حمائما

ومرة اجعلهم أشجار ياسمين

يا أصدقائي …

إنني الجرح الذي يرفض دوما

سلطة السكين …

15

يا أصدقائي الرائعين:

أنا الشفاه للذين ما لهم شفاه

أنا العيون للذين ما لهم عيون

أنا كتاب البحر للذين ليس يقرأون

أناالكتابات التي يحفرها الدمع على عنابر السجون

أنا كهذا العصر, يا حبيبتي

اواجه الجنون بالجنون

وأكسر الاشياء في طفولة

وفي دمي, رائحة الثورة والليمون …

انا كما عرفتموني دائما

هوايني أن أكسر القانون

أنا كما عرفتموني دائما

اكون بالشعر … وإلا لا أريد أن أكون …

16

يا اصدقائي:

أنتم الشعر الحقيقي

ولا يهم أن يضحك … أو يعبس …

أو أن يغضب السلطان

أنتم سلا طيني …

ومنكم أستمد المجد, والقوة , والسلطان …

قصائدي ممنوعة …

في المدن التي تنام فوق الملح والحجارة

قصائدي ممنوعة …

لأنها تحمل للإنسان عطر الحب, والحضارة

قصائدي مرفوضة …

لأنها لكل بيت تحمل البشارة

يا أصدقائي:

إنني ما زلت بانتظاركم

لنوقد الشراره …

نزار قباني (مفكر حر)؟

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

الأعالي كما العمق

الأعالي كما العمق

نجوى روحيّة : زهير دعيم

فوق الجبال أصعدني يا سيّدي لأكحّل عينيّ بحسنك وجمالك، وأركع هناك عند أقدام الزيتونات العتيقة وأرنو اليك؛ اليك يا من أنت أبهى جمالا من بني البشر ، أرنو وفي قلبي شوق واشتياق أن أذوب فيك حينًا ، وأشبع من خبزك حينًا آخر ، وأرتوي من سلسبيل مائك الحيّ  دومًا…
أركع هناك وأرفع صلاة حارّة ملؤها الشّكر والتسبيح ، وفيها من دموع الندم الشيء الكثير ، فأنت يا ربّي وجابلي تعرف سكناتي وحركاتي ، تعرف افكاري قبل ان تولد ، تعرفها جميعها ، وتعرف أنّها ممزوجة بالشّرّ ، فهذه الطينة تأبى أن تتطهّر بالكلّية ، فالشوائب باقية رغم المحاولات الجادّة ورغم الرغبة في أن أحرقها في أتون النار المُطهِّرة.
ومع كلّ هذا…
أبقى وأظلّ فرحًا ، سعيدًا ، يملأ الرّجاء حناياي وأعطافي ، فأنا مرتكز على صخر الدّهور ، على من أخرس العاصفة وابكم ابليس وأطعم الجياع وما زال من خيراته.
جرّبت الصّعود بأقدامي الصغيرة الى المرتفعات كما الأيّل ، فانطلقت أساريري ونبض قلبي الصغير وغنّى ترنيمات الشكر وتسبيحات العِرفان، فعشقتُ المرتفعات، وعشقت العلو ، كما عشقت من قبل الغوص والعمق ففي الاعماق كنوز كما في الاعالي.والانسان الذي يطمح الى الفوز بالملكوت يا سيّدي عليه أن يصعد ويُحلّق ويثبت أقدامه – مهما كانت صغيرة- يثبتها في الاعالي وفي تربة رجائك وعند أقدام الكرمة الحقيقية ، التي تعطي نبيذًا يختلف، كذاك  الذي ذاقه  رئيس المتكأ في قانا الجليل فطلب           المزيد.
ما أحيلى أن نصعد اليك!
وما أحيلى ان نُصعِّد لك مكنونات قلوبنا الطافحة بحبّك ، فروحنا تئنّ بدونك ، ووجودنا يضمحلّ بعيدًا عنك..
فداونا يا ربّ بالتفاتة منك ، وبسمة من ثغرك البسّام ، وقدنا في موكب نصرتك نحكي ونتغزّل ونعمل ولا نخشى شيئًا …وكيف نخشى والسيّد معنا وفينا ؟!

Posted in فكر حر | Leave a comment

فلاديمير بوتين / القيصر الجديد القديم !

فلاديمير بوتين / القيصر الجديد القديم !

رعد الحافظ
raad57dawood12@yahoo.com

يوم 7 إكتوبر 2012 , القادم سيحتفل فلاديمير بوتين بعيد ميلاده الستين
يومها , سيكون قد قضى في الرئاسة ( هذا على إفتراض بقاءهِ الى ذلك التأريخ دون ربيع روسي قالع ) ما يقرب من 13 عام .
على إعتبار أنّهُ كان الرئيس الفعلي , في عهد صديقهِ ( ديمتري ميدفيديف ) في الفترة من 2008 الى اليوم !
ولمن لايذكر تأريخ الرجل فليراجع هذا الجزء من ويكيبيديا عنه :
{ في أغسطس 1999 أصبح رئيساً لحكومة روسيا الإتحادية وذلك باختيار من الرئيس بوريس يلتسن .
تولى اختصاصات رئيس روسيا الإتحادية بالوكالة منذ 31 ديسمبر 1999 بعد إستقالة الرئيس بوريس يلتسن .
واُنتخب في 26 مارس 2000 رئيسا لروسيا الإتحادية . وتولى منصبه في 7 مايو 2000 .
وأعيد إنتخابه للرئاسة في 14 مارس 2004 , وهو يشغل منذ 8 مايو عام 2008 منصب رئيس وزراء روسيا الاتحادية } / إنتهى
************
العمليّة الإنتخابيّة شابها التزوير / قال غاري كاسباروف , بطل العالم السابق في الشطرنج ومُرشّح الرئاسة الذي لم تظهر لهُ نسبة أصوات
بينما نسبة بوتين وصلت الى 63 % ما يُجنبهُ دورة ثانية من الإنتخابات مع أقوى منافسيه وهو الشيوعي غينادي زيوغيانوف الحاصل على 17 %
وأضاف كاسباروف :
صورة بوتين كزعيم سياسي إهتزّت كثيراً . ليس لدينا شكّ أنّهُ لن يتمكن من إكمال فترتهِ الجديدة ( ست سنوات صارت وليس اربع ) / إنتهى
*******
لكن إنتبهوا معي , لو أكمل بوتين دورته الجديدة وطمع ( كما هو متوقع في مثل تلك الحالات ) بدورة لاحقة
فهذا يعني بقائهِ على قمّة هرم السلطة , الى مشارف عام 2025 , ما يعني ربع قرن أو يزيد في الحكم .
فايّ قيصر قديم جديد , هذا الذي ترون في بوتين ؟
وهل سيصبر الشعب الروسي العظيم عليهِ ؟ أم أنّ الربيع الروسي هو الحلّ المتوّقع ؟ لننتظر ونرى !
وهل أنصار بوتين ( 110 ألف ) الذين إحتشدوا قرب الكرملين أمس للإحتفال بالفوز , سيتمسكون بهِ ويتحملون صدّ معارضيهِ الكُثر
ومنهم حركة الأشرطة البيضاء التي حشدت لوحدها 50 ألف مواطن للإحتجاج على تزوير الإنتخابات ؟
وماذا عن الموقف الدولي ؟ فرغم ترحيب ألمانيا واليابان ورئيس الوزراء البريطاني كاميرون
لكن الإتحاد الأوربي على لسان آشتون شكّك في نزاهة النتائج , والعديد من المنظمات الأوربية شكّكت أيضاً والكاميرات سجّلت مخالفات تُعّد بعشرات الآلاف .
وإذا كانت القيادة الصينية بجلالة قدرها تعّد ( على نار هادئة ) لتغيير مهم في القيادات !
فهل ستبقى زميلتها في الفيتو ضدّ الربيع العربي السوري , أقصد روسيا بوتين صامدة طويلاً ؟
نعيش ونشوف !
صور متفرقة
مواطنة روسيّة : هذهِ إنتخابات مبتذلة , كلّ معارفي لم يصوتوا لبوتين .
سيدة روسية اُخرى : أتفهم حدوث تجاوزات , لكنّها عموماً إنتخابات جيّدة
سيّدة ثالثة : كانت إنتخابات منّظمة لكن تحتاج لمزيد من النزاهة !
تيني كوكس ( لجنة نزاهة الإنتخابات ) : لقد إفتقدت الإنتخابات الى النزاهة وشابها الكثير من التلاعب .
صور لعشرات الحافلات تنقل مؤيدي لبوتين للتصويت
صور لاشخاص يضعون العديد من أوراق الإقتراع في الصناديق .
************
الآن  لا تنسوا / السياسيّون مثل الحضينة تحتاج الى تغيير دائم !
( ينقل د. عبد الخالق حسين تلك المقولة عن مارك تويني ) .

تحياتي لكم
رعد الحافظ
5 مارس 2012

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

شرارة الثورات … وبداية الوعي

شرارة الثورات … وبداية الوعي

سرسبيندار السندي

قتل غني ذات يوم في إحدى القرى ، فإجتمع وجهاء تلك القرية لتدارك الأمر ولمعرفة الجناة ، وبعد أن توصلو إلى هوية القاتل وأنه مجرد شخص مأجور
فقررو إرسال إثنين إلى بيت المحرض على الجريمة في مدينة مجاورة حيث كان يسكن فيها ، فشيعو أنهم قد كافئوه بمبلغ كبير جدا من المال
وكأنهم هم من كان وراء تلك الجريمة وإنهم قد تخلصو من شر ذالك الغني وجشعه وظلمه ؟

فدهش سكان تلك المدينه والقرى المجاورة والقصبات لما سمعو مثل هذا الكلام ، وأن مقتل ذالك الغني فيه خير كثير لسكان قريتهم وذالك لأن
ثروته ستؤول إلى أولاده وهذا أول الغيث ومن ثم ستؤول إلى سكان القرية من الفقراء والمحرومين بعد أن يهجرها أولاده خوفا على حياتهم وهذا ليس بأخر الغيث ؟

ولم تمضي أيام كثيرة حتى أخذ الفقراء والمحرومين في مدينة القاتل والمحرض والقرى والقصبات المجاورة يشيعون حقا أن التخلص من الملاك والأغنياء
الجشعين الظالمين لفيه فائدة كبيرة عليهم أجمعين ؟
فكان أن حدث شجار بين القاتل والمحرض على تلك الجريمة وأعوانهم حول المال الذي قبضه ثمن جريمته فإعترف القاتل لهم أنه من قتل الغني بتحريض من المحرض
وأنه هو من يستحق ذالك المال ، فكان أن قتل القاتل والمحرض والكثير من الملاك ألأغنياء في ذالك اليوم  فكانت شرارة الثورة وبداية الوعي ؟

سرسبيندار السندي
مواطن يعيش على رحيق الحقيقة والحرية
منشورة سابقا في الحوار المتمدن
March / 3 /2012

Posted in الأدب والفن, فكر حر | Leave a comment

كاريكاتور واعظ السلطان: محمد سعيد رمضان البوطي

البوطي: "التعاون الإسلامي" مات وورثه الصين وروسيا

Posted in ربيع سوريا, كاريكاتور | Leave a comment

قاتل الأطفال

قاتل الأطفال

Posted in ربيع سوريا, كاريكاتور | Leave a comment

الفوضى الخلاقة تزدادُ إستعاراً

الفوضى الخلاقة تزدادُ إستعاراً

رعد الحافظ
raad57dawood12@yahoo.com

روسيا أسوء من فنزويلا شافيز ! هذا ما قالهُ غاري كاسباروف قبل إسبوعين .
لا أعرف لماذا صرتُ أشعر بأنّ هذهِ الفترة , وهذا العام الكبيسي 2012 بالذات, مُتسارع الأحداث في العالم عموماً , وفي منطقتنا خصوصاً .
الى درجة لم يعد ثمّة وقت لإلتقاط الإنفاس والتركيز على المشهد الإجمالي للصورة .
إضطرّت الغالبية للدخول والخوض في المعمعة والتفاصيل الغريبة .
لكنّي شخصياً لا أملك المقدرة ولا الوقت الكافي على متابعة التفاصيل التي يكمن فيها الشيطان .
لكن ساُلقي نظرة خاطفة على المشهد , في محاولة منّي لتبسيط تعقيد الصورة , ولاحظوا معي مايلي :
1 / روسيا
الإنتخابات الرئاسية الروسيّة بعد 3 أيام , وإحتماليّة فوز فلاديمير بوتين بفترة ثالثة ( في الواقع هي رابعة ) كبيرة الى درجة , أجاب ممثله د. فيتشيسلاف ماتوزوف , مذيعة ال BBC ذات الصوت الجميل / فِدا باسييل ,عن سؤالها حول الموضوع بإحتمال ذلك , فقاطعها قائلاً .. بل أكيد !
ولا أدري لماذا يدخل المنافسون تلك الإنتخابات , لو كانوا متأكدين كما كان حال بلداننا قبل الربيع العربي , حيث الفوز بنسبة 99.99 % , بل إستمر في اليمن رغم الثورة الشعبيّة ,مع الرئيس الجديد الذي كان نائباً للرئيس / عبد ربه منصور هادي !
http://arabic.euronews.net/2012/02/23/putin-al-capone-or-a-strong-leader/
وفي هذا الشأن من المُفيد مشاهدة الرابط أعلاه , وسماع رأي مُرّشح روسي للرئاسة هو بطل العالم السابق في الشطرنج / غاري كاسباروف
الذي شبّه بوتين ب (( آل كابوني )) !
وقال في برنامج The network من قناة Euronews ما يلي :
المُرشحون الآخرون للرئاسة الروسيّة هم تحت سيطرة بوتين !
فهو يتحكّم في كلّ صغيرة وكبيرة تتعلق بهذهِ الإنتخابات .
إنّهُ يستحوذ على أكثر من 90% من الوقت المُخصّص للمُرشحين في التلفزيون . كما أنّهُ لا يُشارك في النقاشات . أنا على يقين أنّ إنتخابات الرابع من مارس القادم ستكون أسوء من تلك التي جرت في الرابع من ديسمبر الماضي .
وأضاف جواباً لسؤال لاحق عن إنقسام المُعارضة :
علينا أن نشرح للرأي العام أنّهُ لم يتّم تاسيس أيّ حزب في روسيا منذُ عام 2004 . المُعارضة ليست مُنقسمة لكنّها مُقيّدة سياسياً من طرف بوتين . روسيا أسوء من فنزويلا , لأنّ شافيز يسمح على الأقلّ لمعارضيهِ بالمشاركة في الإنتخابات , عكس ما يحدث في روسيا / إنتهى
ملاحظة / جدير بالذكر أنّ روسيا تسلّقت سلّم الفساد في عهد بوتين وحصلت على المرتبة 145 بجدارة .
معناها ليس بعيداً عن العراق والصومال , فالحمدُ لله الذي لا يُحمد على مكروه .. سواه !
وربّما الإعلان عن محاولة إغتيال بوتين تأتي لحسابات إنتخابيّة وشعبية؟
وسؤالي لهذهِ الفقرة / ألا يستحق الأمر ربيعاً روسياً جديداً كالذي صنعهُ غورباتشوف ؟ ( ولا أقصد إثارة المؤدلجين )
********
2 / كوريا الشمالية
http://www.bbc.co.uk/arabic/worldnews/2012/02/120229_nuclear_usa_korea.shtml

أعلنت أمس خبراً سعيداً للعالم بفتح منشآتها النووية للتفتيش الدولي .
الخبر ظهر على الشاشات مع صور الرئيس الحفيد (( كيم جون أون )) , عقب مفاوضات بلادهِ مع الولايات المتحدة في الصين .
طبعاً رحبّت أمريكا ( بحذر ) بتلك الخطوة وسترسل مساعدات غذائية بمقدار 240 ألف طن . وغالباً سيحدث تطبيع في العلاقات .
لكن من جهة ثانية وعلى الصعيد الداخلي لم يتغيّر شيء , حيث مازالت المطاردات مستمرة هناك للرفاق الذين لم يمارسوا عمليّة البكاء بقدر كافي .البكاء على الأب ( كيم جونغ إيل ) بالطبع وليس على الجدّ المؤسس ( كيم إيل سونغ ) !
هذا يُذكرني بمقال تهكمي كتبتهُ , أزعج معظم المؤدلجين , فقالوا هذهِ مؤامرة مفضوحة لتدمير الشيوعيّة . هل تُصدقون ؟
وهذا جزء ممّا كتبتهُ يومها
{ .. التعليمات كانت معروفة للجميع , الإندفاع ببكاء هستيري لحظة إعلان خبر وفاة الزعيم / كيم جونغ إيل
في الأشرطة الأخرى , ستجدون جميع فئات الشعب العامل , بتضرب أقصد تبكي !
عمال , فلاحين , طلاّب , موظفين , رجالاً ونساءً , شيباً وشباباً , يبكون وينوحون وبعضهم يتمرّغ في الأرض بمرارة مصطنعة , وبعضهم ينّط ويرتجف وهو ينظر للكاميرة بهستيرية مدروسة لا أعلم كيف ؟ فالمفروض الهستريا غير مٌسيطر عليها .
أوّل مرّة أعرف أنّ البُكاء / حالة رفاقيّة نضاليّة رئاسيّة حزبيّة ,تحدث تلقائياً عند موت الزعيم !
كنتُ أظنّها سابقاً مشاعر إنسانية , أو وطنية صادقة غير مسيطر عليها غالباً } إنتهى
***********
3 / إيران الملالي
تبقى تصارع شعبها والعالم الحُرّ وتتدخل في أمور دول الجوار , رغم ظهور فضائح ومحاكمات داخل النظام طالت المقربين من الرئيس الدميم أحمدي نجّاد .
ناهيك عن تدخلها السافر في سوريا الى جانب النظام الفاشي طبعاً , وضدّ الشعب عموماً . هذا عدا إستعراض عضلاتها في الخليج ( مضيق هرمز ) وتحدّي العالم ومحاولة خداع شعبهم بقلب المشهد بالإيحاء بمعاقبة مُعاقبيها .
ويقولون أمريكا صنعت المؤامرة وجلبت الطائفيّة للمنطقة . ومرّة اُخرى أتسائل لو صحّ ذلك / هل نسميها مؤامرة أم فوضى خلاّقة أم تخطيط رشيد أم ماذا ؟
**********
4 / مصر
إنتخابات الرئاسة وشروط الترشيح وإبتعاد الإخوان المسلمين على حدّ زعمهم عن التقدّم بمرشح , وتركيزهم على الأذان في البرلمان . والإتهامات والضجّة التي نسمعها على شخوص الثورة , وعلى المنظمات الشعبية التي تحصل على دعم أمريكي , في حين الحكومة المصرية تحصل على ذلك الدعم منذُ عقود !
*********
5 / وأخيراً سوريا , ومركز الحدث الأهم !
الموضوع الذي يطول مهما حاولت إختصار المشهد
من جهة / الشعب الثائر يُسحق ( تجاوز عدد القتلى 8000 ) بوحشية من النظام وشبيحتهِ ومن يعاونهم من الفاشيين / أقصد طبعاً روسيا ( بوتين ) وملالي إيران وحزب الشيطان وعناصر جيش المهدي الذين قال في وصفهم الاستاذ عزيز الحاج أفضل الكلام , قال :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=295986
{ .. فهل ننسى مثلا أن فريقاً من سكان مدينة الثورة والنجف والجنوب كانوا مُتماهين تماماً مع الزعيم عبد الكريم قاسم , ثمّ إنقلبوا مع الحرس القومي ثم صاروا في فدائيي صدام , وأخيرا إنضموا لجيش المهدي وكتائب أهل الحق وكتائب اليوم الموعود ؟ } إنتهى
ومن جهة ثانية / فإنّ المعارضة السوريّة تتصرّف بديماغوجيّة واضحة ( أقصد خداع الشعب بشعارات رنّانة للوصول الى السلطة ) . وهي متفرقة الى شيع وأصناف وفئات تتسابق نحو الكعكة ( اليوم هي مساعدات دوليّة ) قبل وصولها السلطة , حيث يُرجّح أن يصبح التسابق على أشدّه نحو الكعكة الأكبر , كما سبقهم في هذا المجال نظرائهم العراقيين .
شوفوا المفارقة التالية / الحكّام العراقيين كانوا مُعارضين لصدام والبعث الفاشي . طيّب اليوم هم مُمسكين بالسلطة في العراق الجديد , لكنّهم مصطفين مع البعث السوري ( بشار وبس ) الذي كان يُصدّر الإرهابيين من بهائم القاعدة عبر حدودهِ ليزرعوا الموت والمُفخخات في العراق .
حتى أنّ بشاراً حاول إغتيال رئيس الوزراء نوري المالكي في إحدها .
ونتيجة منطقيّة لهذهِ ( الخربطة ) صارت الحكومة العراقيّة ضدّ المعارضة السورية المشابهة لهم ( قبل 2003 ) !
فماذا ستحكمون الآن على السياسة عندنا ؟
بس لا يأتيني مؤدلج ويقول لي / أمريكا فقط تنتهج سياسة قذرة .
يعني ساستنا حمائم سلام ومباديء وأخلاق !
وحماس / مادور حماس ؟ وهل إنقسمت الى حماسين ؟
قسم يؤيد ويقبّل أيادي الولي الفقيه الإيراني ويحصل على مساعدتهِ
وقسم يقبّل أيادي عرب الخليج لينال الرضا والإنتفاخ ؟
وكيف إنقلبوا على سيّدهم السوري ( بشّار ) وكيف خرجوا من دمشق والى أين ؟
وما موقف الخليج عموماً وقطر والسعودية خصوصاً ؟ هل هم مع الثورة السورية بصدق ولمصلحة الشعب كلّه ؟ أم مع الإسلاميين فيها بالذات ؟
وكيف دخلت القاعدة على الخط ؟ والمساعدات مِن أين والى مَنْ ؟
*********
الخلاصة :
الصورة مشوّشة كثيراً , لكنّي شخصياً مُستمر في معاداتي للنظام الفاشي الجُرذي , ومستمر أيضاً في فضحي لأطماع بعض المعارضة
كجماعة برهان غليون الذين رفضوا ( لسانياً على الأقل ) التدخل الغربي في البداية , بينما اليوم يلعنون الجميع عن تقاعسهم عن الحرب والقصف .
في ظنّي , أمريكا لو تدخلت فلسببين : مصالح ومباديء !
لكن المصالح تقول عن إحتمال توّسع الحرب الشيء الكثير/ أقصد الموقف الروسي والإيراني والتابع الذليل حزب الشيطان .
والمباديء تقول عن القادمين الجُدّد ( الإسلاميين ) أكثر من ذلك .
يعني الثورة سيّتم إختطافها في سوريا ,غالباً كما حدث فيمن سبقها .
ثمّ أنّ المعارضة لم توّحد كلمتها على الأقل , وتُقدّم طلب للجامعة العربيّة البائسة لتتخذ ( خطوة ليبيا )
وتطلب من العالم الحُرّ ( ما دام الفيتو الروسي موجود ) بالقيام بما يلزم .
فماذا يُريد الجميع ( من العرب ) ؟ تدّخل أمريكي أم عدم تدّخل ؟
لأنّنا نسمع حتى السعودية الوهابيّة وقطر ( اُمّ الجزيرة ) الباحثة عن المجد وسط كلّ هذا الدمار , صاروا منّظرين براسنا .
لماذا يتلخّص الموقف القطري في ذهني ببرنامج الإتجاه المُعاكس وحوار الطرشان والطربكة ؟
على كلٍ خلال كتابتي لهذا الموضوع ظهر خبران يدّلان على تسارع الأحداث
الأوّل / قول بوتين أنّ روسيا ليست ملتزمة بنظام بشار وأنّ إصلاحاته الموعودة طال إنتظارها
الثاني / إعلان حكومة نوري المالكي إلتزامها جانب الشعب السوري وليس نظامه الأسدي !

*************
إستراحة / بمناسبة قرب يوم المرأة العالمي في 8 مارس الحالي
أمس كان يوم 29 فبراير من هذهِ السنة الكبيسة . اليوم الذي يتكرّر مرّة كل أربع سنوات .
في السويد هناك تقليد تراثي شعبي لتمييز هذا اليوم , تقوم فيه السيّدات بإختيار أزواجهن وخطبتهم , بدل الحالة الإعتيادية المعروفة .
اُمنياتي أن تكون كلّ أيام المُضطهدات المقموعات المظلومات العربيات , مثل 29 فبراير السويدي !
تحياتي لكل نساء الأرض , ماعدا المتمسكات بعبوديتهنّ !

تحياتي لكم
رعد الحافظ
1 مارس 2012

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

موشحة جادك الغيث

موشحة جادك الغيث

لسان الدين ابن الخطيب

جادك الغيـث إذا الغيـث همـى ….. يـا زمـان الوصـل بالأنـدلـس

لـم يكـن وصـلـك إلا حلـمـا ….. في الكرى أو خلسـة المختلـس
إذ يقـود الدهـر أشتـات المنـى ….. ننقـل الخطـو علـى ماتـرسـم
زمـرا بـيـن فُــرادى وثـنـا ….. مثلمـا يدعـو الحجيـج الموسـم
والحيا قد جلـل الـروض سنـا ….. فثغـور الزهـر فـيـه تبـسـم
وروى النعمان عن مـاء السمـاء ….. كيف يـروي مالـكٌ عـن أنـس
فكسـاه الحسـن ثوبـاً مُعلـمـاً ….. يزدَ هـي منـه بأبهـى ملبـس

…..

في ليـال ٍ كتمـت سـر الهـوى ….. بالدجـى لـولا شمـوس الغُـرر
مال نجـم الكـأس فيهـا وهـوى ….. مستقيـم السيـر سعـد الأثــر
وطرٌ مافيه مـن عيـبٍ سـوى ….. أنـه مــرَّ كلـمـح البـصـر
حيـن لـذّ النـوم شيئـاً أو كمـا ….. هجـم الصبـح هجـوم الحـرس
غـارت الشهـب بنـا أو ربمـا ….. أثـرت فينـا عيـون النـرجـس

…..

أيٌّ شـئ لامـرئ قـد خلـصـا ….. فيكون الـروض قـد مكـن فيـه
تنهـب الأزهـار فيـه الفُرصـا ….. أمِنـت مـن مـكـره ماتتقـيـه
فـاذا المـاء تناجـى والحـصـا ….. وخـلا كـلٌّ خلـيـل بأخـيـه
تُبصـر الـورد غيـوراً بَـرمـا ….. يكتسي مـن غيظـه مـا يكتسـى
وتــرى الآس لبِيـبـا فهـمـا ….. يسـرق السمـع بأذنـي فــرس

…..

يا أهَيلَ الحي مـن وادي الغضـا ….. وبقلبـي مسـكـنٌ أنـتـم بــه
ضاق عن وجدي بكم رحب الفضا ….. لا أبالـي شرقـه مـن غـربـه
فأعيدوا عهـد أنـس قـد مضـى ….. تعتقـوا عبدكـم مــن كـربـه
واتقـوا الله ، وأحيـوا مغـرمـا ….. يتلاشـى نفـسـاً فــي نـفـس
حبـس القلـب عليكـم كـرمـا ….. أفترضـونَ عـفـاء الحُـبُـس

…..

وبقلـبـي منـكـم مـقـتـربٌ ….. بأحاديـث المنـى وهـو بعـيـد
قمـر أطلـع مـنـه المـغـرب ….. شقوة المضني بـه وهـو سعيـد
قـد تسـاوى محسـنٌ أو مذنـبٌ ….. فـي هـواه بيـن وعـدٍ ووعيـد
أحـور المقلـة معسـول اللمـى ….. جال في النَّفْـس مجـالَ النَّفَـس
سدد السهـم فأصمـى إذ رمـى ….. بـفـؤادي نبـلـه المـفـتـرس

…..

إن يكـن جـار وخـاب الأمـل ….. ففـؤاد الصَّـبِّ بالشـوق يـذوب
فـهـو للنـفـس حبـيـب اول ….. ليس في الحب لمحبـوب ذنـوب
أمــره معـتـمـل ممـتـثـل ….. في ضلوع قـد براهـا وقلـوب
حكـم اللحـظ بــه فاحتكـمـا ….. لم يراقب فـي ضعـاف الأنفـس
ينصـف المظلـوم ممـن ظلمـا ….. ويجـازي البَـرَّ منهـا والمُسِـي

…..

مـا لقلبـي كلمـا هبـت صبـا ….. عاده عيـدٌ مـن الشـوق جديـد
جلـب الهـم لــه والوصـبـا ….. فهو للأشجان فـي جهـدٍ جهيـد
كـان فـي اللـوح لـه مكتتـبـا ….. قـولـه : إن عـذابـي لشـديـد
لاعجٌ في أضلعـي قـد أضرمـا…..فهي نـارٌ فـي الهشيـم اليبـس
لم يـدع فـي مهجتـي إلا ذِمـا ….. كبقـاء الصبـح بـعـد الغـلـس

…..

سلمي يا نفس فـي حكـم القضـا ….. واعمري الوقت برجعي ومتـاب
ودعي ذكـر زمـان قـد مضـى ….. بين عُتبى قـد تقضـت وعتـاب
واصرفي القول الى مولى الرضى ….. ملهـم التوفيـق فـي أم الكتـاب
الكريـم المنتـهـي والمنتـمـي …..أسـد السـرج وبـدر المجـلـس
ينـزل النصـر علـيـه مثلـمـا ….. ينـزل الـوحـي روح الـقُـدس
مصطفـى الله سَمِـيٌّ المصطفـى ….. الغنـي بالله عـن كــل أحــد
مـن إذا ماعَقـد العهـد وفــى ….. وإذا مـا فتـح الخطـب عـقـد
من بني قيس بـن سعـد وكفـى ….. حيث بيت النصر مرفـوع العَمَـد
حيث بيت النصر محمًّي الحمـى ….. وجَنى الفضـل زكـي المغـرس
والهـوى ظـل ظلـيـلٌ خيـمـا ….. والنـدى هـبَّ الـى المغتـرس

…..

هاكهـا ياسِبـطَ أنصـار العُلـى ….. والـذي إن عثـر الدهـر أقـال
غـادةً ألبسهـا الحـسـن مُــلا ….. تبهـر العيـن جـلاءً وصـقـال
عارضت لفظـاً ومعنـى وحلـى ….. قول مـن أنطقـه الحـب فقـال:
هل درى ظبي الحمى أن قد حمى ….. قلب صـب حَلَّـه عـن مكنـس
فهـو فـي حـر وخفـقٍ مثلمـا ….. لعبـت ريـح الصبـا بالقـبـس

‎ابن الخطيب (مفكر حر)؟

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

عندما يكون محمد اسوة لرجاله!!

عندما يكون محمد اسوة لرجاله!!

وفاء سلطان

الكتابة علم وفن وأخلاق. لن يستطيع أن يصبح كاتبا من يفتقر إلى العلم أو الموهبة، أو من يفتقر إلى الشيفرا الأخلاقية التي تمنح كتاباته مصداقيتها.
لا يستطيع أحد أن يصبح كاتبا مالم يكن قارئا جيدا، ولا يستطيع أحد أن يكون قارئا جيدا مالم يكن هناك كاتب جيد.
يقولون “أن العرب لا يقرأون”، ولا أجد سببا قويا لذلك سوى أنهم لا يجدون كتّابا جيدين يقرأون لهم.
الكاتب الجيّد يفرض نفسه، علمه هو المادة الأساسية المكونة لكتاباته، وموهبته اللغوية تجمّل تلك الكتابات وتصيغها بطريقة تفتح شهية القارئ، ثمّ يأتي التزام الكاتب بالشيفرا الأخلاقية ليعطي كتاباته الكثير من مصداقيتها.
لو خضنا قليلا في المادة المكتوبة، والتي توفرت للقارئ المسلم على مدى أربعة عشر قرنا من الزمن، لأدركنا بسهولة الأسباب الكامنة وراء الشحّ العقلي والإفلاس الفني والإنحطاط الأخلاقي الذي عانت وتعاني منه المجتعات الإسلاميّة.
مأساتنا في المواقع الإلكترونية أنها تضمّ ما هبّ ودب، فالإنترنيت قد فتحت أبوابها للجميع للغث منهم وللثمين، رغم أنني أثق بقدرة معظم القرّاء على تصفية ما يكتب ثم تشرّب الفكر الجميل بعفويّة وبلا جهد، فالقارئ الجيد لا يحتاج أن يضيع من وقته الكثير كي يغربل ما يستحقّ قراءته!
نظام موقع “الحوار المتمدن” نظام رائع ويعطيك فكرة واضحة عن من استطاع أن يفرض نفسه ككاتب ومن لم يستطع. ويؤكد لك في الوقت نفسه على أن الأزمة في العالم العربي هي أزمة كاتب وليست أزمة قارئ!
عندما يسمح لي وقتي أن أتصفح بعض المقالات أصل إلى قناعة لو أن بعض الكتاب، ومهما بلغت ذروة جنون العظمة عندهم، قد قرأوا ما كتبوه قبل أن ينشروه لرموه في أقرب سلة قمامة.
باستثناء القلة التي تفكر وتكتب، أقرأ أحيانا للبقية كي أغوص في أغوار بواطنهم وأطلع على العقد النفسية التي ابتلى بها المواطن العربي، وخصوصا من يصرّ على أن يكون كاتبا ولا يمتلك علما أو موهبة أو حتى بعض الأخلاق!
……………..
دُعيت مرّة إلى مؤتمر للشعر العربي في المهجر، وكانت نجمة المؤتمر بلا منازع الشاعرة العراقيّة السيدة لميعة عباس عمارة. بالصدفة كنت أجلس بجوار السيّدة أخت الشاعرة، فدار بيننا حديث عن الشعر أعربت لها من خلاله عن استمتاعي بقصيدة الشاعرة لميعة التي تغنت فيها بمدينة سان دياغو حيث تعيش، وبأنني لم أفهم حرفا مما قاله الشعراء الآخرين.
قالت لي السيدة أخت الشاعرة عبارة مازالت ترّن في اذني: الفكرة الجميلة سواء كانت شعرا أم نثرا أم أغنية تفرض نفسها وترسخ في ذهن القارئ أو المستمع ثم تصبح حية في ذاكرته، كل ما تحفظيه يا وفاء عفويّا هو قول جميل!
تلك هي الحقيقة فأنا لا أستطيع ولا يستطيع أحد من قرّاء المواقع الإلكترونيّة اليوم، أن نقول بأننا لم نسمع باسم الدكتور كامل النجار من قبل، لأنه ـ باختصارـ كاتب فرض نفسه على من يتفق معه ومن لا يتفق!
لو أعطاني أحد ورقة وطلب مني أن أكتب كل الأفكار التي طرحها الدكتور كامل في كتاباته، لا أعتقد بأنني سأنسى واحدة منها!
هذا هو الكاتب الجيد الذي يدخل عقول الناس بلا استئذان، وتصبح أفكاره حيّة في ذاكرتهم وفي وجدانهم.
يقول الفيلسوف الإيرلندي
George Berkeley:

“كل الرجال يمتلكون رأيا، ولكن قلّة منهم تفكر”
هناك فرق بين من يكتب رأيا وبين من يكتب فكرا. قليل من القرّاء يهتمّ بآراء الآخرين، ولكن الأغلبيّة منهم تتشرب الفكر الملتزم بالعلم والفن والأخلاق!
……………….
كتب لي مؤخرا بعض من قرائي الذين تربطني بهم علاقة وديّة وحميمة، يحتجون على ما نشره “كاتب” عني على صفحات موقع “الحوار المتمدن”، وأصرّوا أن أطالب بحذفه احتراما لاسمي وقلمي!
لم أسمع باسم ذلك “الكاتب” من قبل، لا لأنني لا أقرأ بل لأنه لم يستطع أن يفرض اسمه عليّ.
لقد فرض نفسه عليّ للمرّة الأولى من خلال تعليق تافه لم يعكس فيه سوى “مخزونه الفكري” الذي استمده من تراثه الإسلامي!
قام ذلك “الكاتب” بترجمة مقال لحاخام يهودي كان قد نشره في صحيفة لوس أنجلوس تايمز منذ حوالي ثلاثة سنوات، وظن أنه بنشره سيفضح وفاء سلطان ناسيا أنه لا أحد يستطيع أن يفضح الشمس، فالشمس لا تشع وراء الكواليس!
ما يطمئنني من ناحية ويثير قلقي من ناحية أخرى هو أن مجانين اليهود أقل عددا من عقلاء المسلمين!
ما قلته في الإجتماع الذي حضره الحاخام قلته من على منبر الجزيرة مرارا وتكرارا وفي كل مقابلة أو مقالة لي، وسأظل أقوله وأكرره مادمت حية!
قلت باختصار: “كل إنسان يقرأ السيرة النبوية لمحمد ويؤمن بها لا يمكن أن يخرج إلى الحياة إنسانا سليما عقليا ونفسيّا”
قلت ذلك أمام اليهود وأمام المسيحين وأمام أتباع كل الأديان الأخرى، بل قلته في مؤتمر للملحدين كنت قد كُرمت فيه منذ حوالي عامين!
لم أقل ذلك كي أرضي أحدا، بل قلته كي أرضي ضميري!
عندما دافع معظم القرّاء الذين أدلوا بتعليقاتهم عني، ثارت ثائرة السيد “الكاتب” وأصرّ على أن يثبت مستوى “مخزونه الفكري” كمّا ونوعا، فكتب التعليق التالي:
وهنا استفز الشيطان فحرّك جنوده عبر التاريخ ومنهم سلطانة الطرب وفاء الوفية للخلاعة والبذاءة والسقوط.وشكرا
لا أملك حيال ما كتب سوى أن أقول، ما قلته مرارا:
“لا يستطيع رجل أن يتجاوز في إنجازاته حدود تفكيره”، وهذا الرجل لم يستطع أن ينضح إلاّ بما أجاد إنائه!
تشبّث ذلك الرجل بجبّة نبيه حتى التصقت بجلده، بل صارت جزءا من نخاع عظمه!
لقد ساهم الإسلام في خلق تركيبته الفكرية، ولن نستطيع أن نفهم تلك التركيبة إلا بالعودة إلى سيرة محمد!
عندما تقرأ “كتاب البرّ والصلة والآداب” في صحيح مسلم لا تستغرب لماذا يشتم الرجل المسلم من يختلف معه في الرأي!
جاء فيه ما ذكرته عائشة عن رجلين دخلا على محمد فكلماه بشيء فأغضباه فلعنهما وسبهمها، ولما احتجت عائشة قال لها محمّد: “أو ما علمت ما شارطت عليه ربي، قلت: اللهم إنما أنا بشر فأي المسلمين لعنته أو سببته فاجعل له زكاة وأجرا”
http://hadith.al-islam.com/Display/Display.asp?Doc=1&Rec=6047
ذكرني ذلك الحديث بمثل شعبي نتداوله في سوريا: “جحا أكبر من أبيه” ويبدو أن محمدا أكبر من ربّه وإلا لما استطاع أن يشترط عليه!
كيف نتوقع من رجل يقرأ هذا الحديث ويصلي على محمد ثم يتعلّم كيف يتبنى حوارا متمدنا؟!!
كيف تستطيع أن تحاور بشرا لا تستطيع التمييز بين ما تكتبه وفاء سلطان وبين البذاءة، والأخطر من ذلك لا تستطيع التمييز بين سيرة محمد وبين الفضيلة؟!!
وفاء سلطان سلطانة الطرب، ومحمد عندما بنى في عائشة بعد أن سحبتها أمها من ارجوحتها ووضعتها في حضنه هو تصرف في منتهى الفضيلة؟!!
ويلٌ لأمة لا تميّز بين صوت الحق وبين الطرب، ويلٌ لأمة لا تميّز بين انتهاك عرض طفلة من قبل رجل بعمر جدّها وبين الفضيلة!
هذه الأمة هي اليوم نتاج عدم قدرتها على التمييز بين الفضيلة والرذيلة لمدة أربعة عشر قرنا من الزمن.
هذه الأمة هي اليوم ضحية خلطها للمفاهيم، وهي ضحيّة عدم قدرتها على نبش الفضيلة من براثن الرذيلة!!
من خلال خبرتي وتجاربي تشكلت لديّ قناعة بأن معظم الأشرار في العالم لا يتبنون الشرّ عن قصد وسوء نيّة، ولكن عندما تختلط المفاهيم لديهم يصبحون عاجزين عن التمييز بينه وبين الخير، وهذا هو الحال مع المسلمين عبر التاريخ الإسلامي!
يقول القاص الأمريكي المعروف
Edgar w Howe:

“عندما تسيء إلى إنسان بغير حق تساهم في خلق أصدقائه”
في حقيقة الأمر، أكثر المواقف التي تساعدني على تقييم محبة قرائي لي هي المواقف العدائية التي يتخذها البعض مني بلا سبب وبلا أدب، عندها يكتب لي هؤلاء الأصدقاء محتجين ضد من كتب ومشجعين لي!
من يمتعض مما أقول ليتناول ما أقوله، وليواجهني بالأدلة التي تثبت عدم مصداقيته!
هل تعديّت على محمد يوما بحديث أو حادثة أو آية نبشتها من خيالي؟!!
أليس ما أتناوله مثبت في كتبهم ومراجعهم؟!!
إن كان محمد نبيّا من عند الله فلماذا لم يعمل هذا “الله” على تنظيف سيرة نبيه، إن كان فيها شيء مدسوس، على مدى أربعة عشر قرنا؟!!
يقول الأديب البريطاني المعروف
Samuel Johnson:

“لا تضيع كلماتك الكبيرة من أجل قضايا تافهة”
أن يتناولني رجل من أتباع محمد بالشتيمة قضية يُفترض أن أعتبرها في غاية التفاهة، ولكن المأساة أن توافه تاريخنا صارت قضايانا الكبيرة!
كيف أستطيع أن أتغاضى عن رجل تنقصه أدنى درجات الأخلاق عندما يدّعي بأنه كاتب، وينشر قيئه على نفس صفحات الموقع الذي ينشر كتاباتي؟!!
ألم تروا كيف تتحول توافهنا إلى قضايا كبيرة لعبت دورا في صنع ماضينا وتلعب دورا في صنع حاضرنا ومستقبلنا؟!!
لا أستطيع أن أفصل بين اتهام ذلك الرجل لي بالبذاءة والسقوط وبين مفاخذة محمد لعائشة. كلا الحادثتين، في حقيقة الأمر أتفه من أن يدخلا التاريخ.
لكن، الأثر الذي تتركه كل حادثة قد جعل منها قضية كبرى بغض النظر عن تفاهتها.
رجل يفترس طفلة حدث يتكرر يوميا في كل زمان ومكان، ولكن عندما يكون ذلك الرجل نبيّ وقد نصب نفسه اسوة “حسنة” لأتباعه أمر جعل من ذلك الحدث التافه قضية كبيرة!
أن يشتم رجل سيدة لمجرد أنه اختلف معها في الرأي أمر تافه ويتكرر أيضا في كل زمان ومكان، ولكن عندما يُسمح لذلك الرجل أن ينشر شتائمه في موقع يضم خيرة مثقفي الأمة، رغم ندرتهم، جعل من ذلك الحدث قضية كبيرة!
تصلني رسائل كثيرة لا تحمل أسماء وتحوي ما يقشعر له البدن من ألفاظ، ولا ينتابني أدنى شك من أن ذلك “الكاتب” قد ساهم في ارسال بعضها، فمن يكتب بتلك البذاءة علنا لا يتورع أن يكتب أفظع من ذلك متخفيا تحت اسم مستعار.
لا أقيم لتلك الرسائل وزنا طالما يعوي أصحابها في واد لا قرار له، لا أحد يسمعهم ولا يسمعون حتى عوائهم.
ولكن أن يُسمح لهم أن يعووا على صفحات موقع للحوار المتمدن فهذه قضية يجب عدم السكوت عليها كي لا يختلط العواء مع الحوار المتمدن!
كتبت إلى الأخ السيّد رزكار عقراوي رسالة كي أتبين موقفه من تلك الشتائم. استلمت منه، وكما توقعت، رسالة اعتذار تؤكد أنه كان خارج البلد أثناء نشرها، وبأنه قد تمّ ازالتها ولن يسمح لذلك الرجل بالتعليق ثانية.
ما أثار امتعاضي عندما قرأت ذلك الكلام المبتذل والرخيص على صفحات “الحوار المتمدن” هو خوفي من أن يختلط الأمر لدى البعض منهم بين الشتيمة والحوار المتمدن، وهذا ما دفعني لأن أتناول ذلك الموضوع!
……………………….
يقول المفكر العبراني
Asher Ginsberg:

If fifty million people say a foolish thing, it is still a foolish thing.
“لو أن خمسين مليون إنسانا قالوا شيئا غبيا سيظل غبيا”
وليعلم السيد “الكاتب” الذي نعتني بالبذاءة والسقوط، لو أن مليار ونصف المليار من البشر قد قالوا بأن نكاح محمد لعائشة ولصفية ولزينب كان فضيلة سأصرخ في وجوهم: بل إنه الرذيلة بعينها!
كان دحيّة الكلبي أحد رجال محمد قد سبى صفيّة بنت حيي بن أخطب السيدة اليهودية، ولما رآها محمد وسقطت شهوتها في قلبه عرض على دحيّة تسعة سبايا مقابل أن يترك له صفيّة، ففعل دحيّة ذلك.
في طريق عودته من غزوته التي هجم بها على قبيلة خيبر وقتل خلالها أبا صفية وأخاها وزوجها، كان قد نكح صفية في ظل دابته!
فأية أخلاق تلك التي يتبناها ويحارب بها وفاء سلطان؟!!
ولو قال مليار ونصف المليار من البشر “أن الغزو والغنائم ونكاح ما طاب للرجل ممن ملكت يمينه أمر مشروع من الله” لصرخت في وجوههم: بل إنه الرذيلة بعينها!
صدر مؤخرا قانون في أفغانستان يسمح للرجل بموجبه أن يمارس الجنس مع زوجته شاءت أم أبت.
عندما قرأت تعليق الصحف الأمريكية على هذا القانون استغربت وتساءلت: متى كان الرجل المسلم يحتاج إلى قانون كي يفترس زوجته عندما ترفض؟!!
قابلت إحدى جمعيات حقوق الإنسان الرئيس الأفغاني حميد كارزاي والذي وقع على مسودة القرار، وأعربت له عن احتجاجها، فتبدد استغرابي عندما استمعت اليه يبرر موافقته.
في سياق تبريره لفعلته قال: هذا القانون وضع لينظم زواج المتعة عند الشيعة الذين يشكلون 20% من مجموع السكان، وتابع يقول: ليس للسنّة علاقة بالموضوع!
وفهمت من خلال الشرح بأن الرجل السني لا يحتاج إلى قانون كي يفرض نفسه على زوجته شاءت أم أبت، ولكن يبدو أن الرجل الشيعي يلجأ أحيانا إلى زواج المتعة بحجة أن زوجته ترفض أن تنام معه.
وبذلك، على حدّ قول الرئيس الأفغاني، سيضيق ذلك القانون الخناق على الرجل الشيعي!
عذر أقبح من ذنب، وقانون يستبدل ظلما بظلم أشدّ منه!
ويبقى السؤال: هل يحتاج الرجل المسلم لقانون يُبيح له أن يفترس زوجته عنوة طالما حلل له القرآن ذلك الحق بطريقة أوضح من الشمس؟!!
نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ
وهذا هو تفسير الجلالين للآية كي لا يتهمونني بأنني لم أفهمها:
“نِسَاؤُكُمْ حَرْث لَكُمْ” أَيْ مَحَلّ زَرْعكُمْ الْوَلَد
هذه الآية تفتقر إلى المصداقية العلمية والأخلاقية!
المرأة ليست حرثا بل هي إنسان بجسد وعقل ومشاعر. الفلاح لا يسأل أرضه عن رأيها عندما يشقها بمحراثه، فهي بالنسبة له مجرد حاضنة للبذرة التي يلقيها فيها، وليس لها مشاعر كي ترفض محراثه.
ليس الرجل وحده من يزرع البذرة، وليست المرأة مجرد حاضنة لنطفة الرجل ـ كما ظنّ محمد عندما رأى سائله المنوي ولم يستطع أن يرى نطفته وبويضة زوجته لعدم أمتلاكه لمخبر وميكروسوب ـ لم يكن محمد يومها يُدرك بأنّ المرأة تساهم بنفس النسبة التي يساهم فيها الرجل عند خلق الإنسان، هي تمنح البويضة وهو يمنح النطفة وكل منهما يساهم في خلق 50% من التركيبة الوراثية للإنسان.
هذا من الناحية العلمية، أما من الناحية الأخلاقية فالتواصل الجنسي بين الرجل وزوجته هو تواصل روحي قبل أن يكون تواصلا جسديّا، وأية علاقة تراعي مشيئة أحد الطرفين دون الآخر هي علاقة غير عادلة وغير أخلاقية ومرفوضة للغاية.
أنى شئتم؟!! وأين مشيئة المرأة؟!!
نعم إن لحظة التواصل الجنسي هي لحظة انصهار روحين، وليس فقط جسدين، في بوتقة واحدة وفي لحظة واحدة!
لم يستطع الإسلام أن يرتقي بذلك التواصل فوق مستوى الغريزة الحيوانيّة!
لقد أكدت الكثير من الدراسات الطبية على أن احتمال حدوث الحمل يزداد في الحالات التي تستمتع بها المرأة، وطبعا من المستحيل أن تستمتع عندما يغتصبها زوجها بلا ارادتها.
الدراسات الطبية التي تتناول لحظة الخلق مازالت قائمة على قدم وساق، وأنا على ثقة أنها ستثبت في المستقبل القريب بأن نوعية الجنين الذي يتشكل عندما يكون التواصل بين والديه تواصلا روحانيا تتساوى فيه مشاعر الطرفين افضل بكثير من نوعية الجنين الذي ينتج عن عملية اغتصاب لا تراعى فيها مشاعر المرأة!
كيف يستطيع المسلم أن يقبل نفسه عندما يعرف بأنه قد يكون نتاج عملية اغتصاب تعرضت لها أمه من قبل أبيه، وليس ثمرة حب بينهما؟!!
إن الرجل الذي يشتم الناس بلا سبب وبلا أدب ولا يملك أدنى أسباب الحوار هو مخلوق مشوه، ومن يدري أين بدأت عملية التشويه؟!!
………………
الأطفال يتشربون كل ما يُلقنون. لم أخرج يوما عن تلك القاعدة، فكل ما أطرحه اليوم هو جزء مما تشربت في طفولة كانت برمّتها ملكا لعقيدة مليئة بالحقد والكراهية ومجردة من كلّ التزام أخلاقي، ولا أعتقد بأن مسلما واحدا في العالم العربي قد نجا من خطورة ذلك النمط التربوي!
كان مدرس مادة التربية الدينية، وفي سياق شرحه للسيرة النبوية التي جعلت من محمد رجلا ” لعلى خلق عظيم” يقول:
“كان النبي محمد صلى الله عليه وسلّم يصلي ويدعو ربه كي يمدّ الإسلام بأحد العمرين، عمر بن الخطاب أو عمر بن العاص، لأنهما شديدا البطش”
ثم يتابع: “لقد استجاب الله سبحانه لنبيه المصطفى ومدّه بكلا العمرين”
ـ شديدا البطش؟!!
ـ هذا ما كان يريده محمد من رجاله؟!
ماذا لو قال: الهمّ أمدّ الإسلام بأحد العمرين لأنهما غزيريّ العلم؟!!
لو قال ذلك لما خرج رجل مسلم في تاريخ الإسلام ليكتب عن امرأة ما كتبه ذلك “المفكر” عني!
هذا الرجل مازال يعيش داخل جبة نبيه، ولن يُجيد شيئا سوى البطش!
هو يبطش بدلا من أن يحاور، وهذا هو حال الرجل المسلم!
……….
منذ حوالي اسبوعين قرأت تحليلا لأحد خبراء الإقتصاد في أمريكا تناول فيه الأزمة الإقتصادية الحالية التي تمرّ بها الولايات المتحدة اليوم، واقترح من خلاله بعض الحلول.
لقد أصرّ، في سياق التحليل، على أن أهم حلّ للأزمة هو استقطاب عقول جديدة من كل أنحاء العالم، فأمريكا ـ على حدّ تعبيره ـ تحتاج إلى ضخّ دماء جديدة في عروقها.
هو يريد أن ينقذ أمريكا باستقطاب عقول جديدة، ومحمد أراد أن ينقذ الإسلام باستقطاب أياد تقبض على السيوف وتجيد البطش!
هذا هو الفرق بينكم وبينهم!
منذ أن ابتهل محمد إلى الله كي يمده برجلين شديدي البطش ورجاله لا يجيدون إلا البطش، وطالما يبحث الغرب عن عقول جديدة سيظل بلاد العلم والمعرفة!
وللعلم أقول: في بداية عام 2009 عيّن وال ستريت رئيسا له المهندس الهندي السيّد
Sanjay Jha
براتب 103.6 مليون دولار سنويّا .

بوديّ لو أعرف كم يتقاضى السيّاف في السعودية، باعتبارها المهنة الوحيدة التي تجسّد الشريعة الإسلاميّة!
…………….
قابلت مؤخرا عضو البرلمان الهولندي السيد غيرت فيلديرز، وهو مخرج الفيلم الوثائقي “فتنة” الذي ربط من خلاله بين آيات القرآن والإرهاب الذي يمارسه بعض المسلمين.
في سياق الحديث سألته: لماذا اخترت ذلك الإسم، وماذا تقصد به؟!!
أجاب على الفور: هل تذكرين الآية القرآنية التي تقول:
وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ……………؟!!
بناء على تلك الآية يؤمن المسلمون بأن عليهم أن يقاتلوا الآخرين حتى يعتنقوا الإسلام، وهل هناك فتنة أشد من ذلك؟!
وتابع يقول: لقد قصدت أن أقول بأن تلك الآية هي الفتنة في الأرض لأنها تحرّض على الإرهاب!
هل يستطيع مسلم عاقل، أشترط أن يكون عاقلا، أن يفند ما قاله السيد فيلديرز؟
هل هناك فتنة على سطح الأرض أشد من أن يؤمن إنسان بأنّ عليه أن يحارب الناس حتى يؤمنوا بما يؤمن؟!!
في سياق تعريفه للشيفرا الأخلاقية يقول الفيلسوف الألماني “كنت”:
أن يلتزم الإنسان بتصرفات لا تهين عزة الآخر ولا تنتهك حقوقه الأخلاقية!
في مصر ارتفعت مؤخرا أصوات تدّعي أن يحكم مصر اندونيسي مسلم خير من أن يحكمها مصري قبطي!
وهنا يحق لنا أن نتساءل عن مفهوم تلك الأصوات للشيفرا الأخلاقية، وإلى أيّ مدى يلتزم ذلك المخلوق الذي يجرّد أبناء وطنه من أبسط حقوقهم بعدم إهانة الغير؟!!
هل هناك كمية من الحقد تستطيع النفس البشرية أن تستوعبها أكبر من الكمية التي تحرق قلوب وعقول أصحاب تلك الأصوات؟!!
لماذا نرى مصر، أو أية دولة اسلامية أخرى، على ماهي عليه من إنحطاط؟!!
يجيب على ذلك السؤال الكاتب الأمريكي الإيرلندي الأصل
Malachi McCourt
بقوله:

من يحقد كمن يشرب السمّ وينتظر غيره كي يموت!
المسلمون عبر التاريخ الإسلامي لم يتشربوا سوى الحقد. ظنوا أنهم سيقتلون عدوّهم بحقدهم، دون أن يدروا بأنهم لم يقتلوا به سوى أنفسهم.
عندما يتشرب الإنسان منذ طفولته تلك الكمية من السمّ، لن يستطيع يوما أن يتبنى حوارا متمدنا، وسيظل يسبّ ويشتم.
ولكي تعي ما أقصده عليك أن تقوم بجولة قصيرة عبر المواقع الشيعية والسنية، وستتذوق من خلال الشتائم التي ينهالون بها على بعضهم البعض، ستتذوق طعم السمّ الذي دسه محمّد في نفوسهم!
كانت الأم تيريزا تقول: إذا أردت أن تصنع سلاما في العالم عد إلى بيتك وتودد إلى أفراد اسرتك.
لقد سمّم الحقد العلاقة بين الرجل المسلم وبين أهل بيته، ولذلك عجز عن أن يُقيم سلاما خارج حدود ذلك البيت؟!!
عندما يحترم الرجل المسلم حق زوجته في أن تقرر متى تمنحه روحها وجسدها، وعندما يحترم حق جاره في المواطنة حتى ولو لم يُدين بدينه، عندها وعندها فقط سيكون قادرا على أن يصنع سلاما مع العالم، وعندها فقط سيكون قادرا على أن يتبنى حوارا متمدنا!
…………………….
ليقل رجال محمد ما شاؤوا، فأقلامهم تنضح بما في تراثهم!
تؤكد الدراسات في علم الإجتماع على أن الفكرة، أية فكرة، تحتاج إلى ثلاثة أجيال لتؤكد صحتها أو عدم صحتها.
أعتقد أن أربعة عشر قرنا من الزمن كانت كافية لتثبت عقم العقيدة الإسلامية، لكنني لن أحتاج أكثر من ثلاثة أجيال لأثبت صحة ما أطرحه.
بعد ثلاثة أجيال لن يكون أحد منّا هنا كي نتحاجج، لكن التاريخ يومها سيشهد!
أمّا في تلك اللحظة، فعليهم أن يدركوا بأنهم ليسوا الأغلبية وبأنني لست وحدي، أو كما قال أندرو جاكسون أحد رؤساء أمريكا:
“الإنسان الذي يمتلك الجرأة على قول الحقيقة هو الأغلبية”
نحن الأغلبيّة ما دمنا نتجرأ على نبش قمامة ذلك التراث، وستلحق بنا البقيّة عاجلا أم آجلا!

Posted in الأدب والفن, ربيع سوريا, فكر حر | 1 Comment

فنجان قهوة …وسيكس

فنجان قهوة..و…سيكس –
Sex

سيمون خوري

العنوان طبعاً مثير، وغير متوقع من كاتب عجوز كحالتي، قهرته السنون. وأصبح ” السيكس ” في حالات عديدة نوع من الأشغال الشاقة . أو فعل يحتاج الى كثير من التحضير والاستعداد الذهني والجسدي معاً . هكذا دائما تلعب الفترينة دورا في تسويق وعرض البضاعة أو إيصال الفكرة.
تمنيت لصديقي ” نادر قريط ” الشفاء العاجل ،وعشرة حوريات ، احتج وطالب بسبعين !! وهو على حق لأنه من مدينة خلت ساحاتها من الأطفال ، وتحولت أعراسها الى مآتم . ربما يعوض النقص بعد مصرع أطفال درعا.
مرة أخرى العنوان مثير ؟ هل تبحث عن علاقة فنجان القهوة وال سيكس ..؟ طبعاً…!
مثل كافة الإعلانات التجارية التي توظف فيها المرأة والجنس وتتحول الى وسيلة إغراء تسويقية . وهكذا نحن الأن لكي نلفت انتباه الرأي العام والشارع العربي الى ما يدور في مدينة حمص ومدن أخرى ، التي تشهد حسب كافة المعطيات حملة إبادة غير مبررة مهما كانت طبيعة المعارضة أصولية أو عفاريتي، فأننا نلجأ الى توظيف عناوين مثيرة للغرائز الجنسية . هذا إذا بقي لمن يشاهد منظر العنف والقتل من رغبة ما سواء في احتساء كوب من القهوة أو ممارسة الجنس كفعل طبيعي إنساني.
الخطورة تكمن أننا أدمنا فعل ” الفرجة ” على المأساة دون ردة فعل إنسانية. وأصبح مشهد القتل أياً كان الطرف الضالع به مشهداً عادياً. تحولنا الى ما يشبه الإنسان الآلي الذي لا يتحرك إلا بالنصوص التي تتحكم بحياته العامة والخاصة، متحرراً من شروط الزمان والمكان . لا يهم أكانت المدينة حمص أو بغداد أو مقديشو أو أي مدينة أخرى منكوبة بالديكتاتورية والنصوص معاً.
أدرك تماماً أننا نشهد مرحلة جديدة هي عصر الانتقال من الديكتاتورية نحو قرون وسطى جديدة تقاوم جدلية التطور والتقدم . وقد تستبدل الألعاب الرياضية بنوع أخر مثل مسابقات في أطول لحية ، أو زمن قياسي لسجدة تسجل في موسوعة ” جينز ” العالمية ..؟ بيد أن هذه الأنظمة هي المسؤل عن دفع المنطقة الى أحضان العمامة واللحية والجلباب الباكستاني . إنها حالة انكفاء جديدة وعزلة إجبارية للعقل. ومع ذلك فإن مشهد القرون الوسطى القادم الذي يخيم سواء على سورية أو غيرها لا يبرر هذا المستوى من فعل القتل الرسمي.
لنعود الى العنوان الشبق مرة أخرى.. البعض دخل الى الصفحة لإشباع فضوله حول هذا الموضوع الشيق أو الشبق معاً . لكن لو كان العنوان، لا ماء ولا طعام ولا كهرباء في حمص… أو أن الجوع يقتل حتى البعوض والذباب في الصومال بفضل أحزابه ومليشياته المقدسة. أو أن الاستيطان يلتهم الشجر والحجرفي فلسطين. أو أن البحر يبتلع كل يوم عشرات المهاجرين . أو أن المفخخات في العراق ترسم التقسيم .
أو أن عشرة مليون شجرة تقتلع كل عام في إندونيسيا، أو أن تكلفة إنتاج قنبلة نووية في دولة يطحنها الفقر والجوع، تسد حاجة شعبها ولا تبقى لا جاهلاً ولا معدماً.أو أن ما ينفق على التسلح في دولة خليجية ما ؟؟، وقد لا تجد من يستخدم تلك الأسلحة..يقبر الفقر في قارة كاملة.عدا عن السؤال ضد من ستستخدم. أو بالأحرى، لا داعي للسؤال طالما أن هناك فتاوى الجهل والتجهيل حاضرة لؤاد المنطقة. عبر تأجيج الصراع المذهبي والطائفي،لحساب شركات الأسلحة .
أما في حالة سورية فلا داعي للسؤال أيضاً، لأن الجواب أعتقد معروف..؟
ترى ماذا يحصل في سورية ..؟ لا شئ ..فاصل قصير من الزمن الهولاكي . فقد باعت واشنطن سورية الى موسكو . والانتخابات على الأبواب لا تسمح لأحد بحك رأسه. لأن الأهداف الإستراتيجية للطرفين أهم من سكان سورية والفترينة الحاكمة معاً.
هكذا نجلس على مقاعدنا، نحتسي القهوة أو قليل من النبيذ والبيرة ، ونتابع فاصلاً قصيراً في نشرة أخبار عالمية ما يحدث في سورية. ربما نطلق تنهيدة أو نتأسف للضحايا . أصبح المشهد روتينياً . فلم تعد زوجتي تصرخ ماهذا الدمار والقتل البشع ..؟ ربما أدركت أنه جزء من تقليد وإرث تاريخي ” السيف والقلم والبيداء ” قبل اجتماع ” السقيفة ” وما تلاه من غزوات. ومع ذلك أشعر بحجم امتعاضها الصامت، من صمتي في أحيان عديدة. بالضبط كما كان يحدث معنا عندما نشاهد ذلك القتل المجاني في العراق فالخارج من بيته هو مشروع قتيل أو شهيد أو مخطوف..؟
هل فكر أحدكم ماذا لو كان في حمص تلك التي كانت تسمى مدينة الفطائر الجميلة.. أو في قرية أخرى . وعايش تلك المعاناة لأم فقدت أبنها أو لوالد لا يعرف أين ينجو بأطفاله.. من الخوف الذي يترصده في كل لحظة؟ إذا كنت لا تدرك قيمة البصر أغلق عينيك لحظة واحدة.
هل يتذكر أحدكم صرخة ذلك المواطن السوري ..أنا إنسان ..ماني حيوان …؟!
مع ذلك أصبح البعض يتمنى أن يكون حيواناً في دولة غربية على أن يكون إنساناً في دولة شرق أوسطية. لأن العقل هنا قدم استقالته . فقد انتقلت المنطقة من ديكتاتورية الحاكم الى ديكتاتورية النص واللحية.
سنشرب فنجان قهوة لكن بدون سيكس لأن عدد ” الشهداء ” فاق عدد الحوريات ..
ترى هل الصحفية الأمريكية وزميلها الفرنسي الذين قتلوا في حمص هم أيضاً شهداء. أم أن الشهادة هي توكيل حصري بأتباع الزعيم والفقيه والمفتي..؟
هل يمكن لأحدكم أن يقدم تفسيراً مقنعاً لتعبير ومعنى ” شهيد ” ومن هو الشهيد ..؟!
كفى سفكاً للدماء ، لكي نحافظ على ما تبقى من إنسانيتنا داخل ذواتنا . إذا كان البعض يشعر بالفخر بعدد القتلى أو ” الشهداء ” ، فأنا أشعر بالخزي والخجل لما وصلت اليه قيمة الإنسان .
لا قهوة ، ولا سيكس . في مدينة تنهمر عليها الصواريخ بدل المطر.. هل أعطينا إنساننا في داخلنا إجازة للتفاعل الإنساني مع ما يحدث..؟! أم أننا بانتظار وحي خارجي أخر يشرع لنا تشريعاً جديداً ببعديه الطائفي والطوائفي معاً.
كل ما أخشاه أن يتفكك اسم ” سورية ” الى خمسة حروف منفصلة عن بعضها البعض. والقادم أعظم ، خارطة جديدة للمنطقة وعاشت دول الطوائف والقبائل والمشيخات.
مشكلة المجلس السوري المعارض هو الحصول على اعتراف دولي به . بيد أن مشكلتنا هي وقف أعمال القتل، وتأمين حياة السكان. آه … يا زمن الفلافل.

Posted in ربيع سوريا, كاريكاتور | Leave a comment