خالد بن الوليد ويونان العاشق

خالد بن الوليد ويونان العاشق

جهاد علاونة

كان خالد بن الوليد أصلع الرأس,عظيم الجثة,وكان رجلا مزواجا أي كثير الزواج والطلاق,مات عن عُمرٍ يناهز على الرابعة والخمسين جراء إصابته بالطاعون,لم يهزم خالد بن الوليد ولا في أي معركة لا في الجاهلية ولا في الإسلام,ويعتبر بحق ظاهرة عجيبة من ظواهر قادة الجيوش المشهورين عالميا وتاريخيا,انتصر على جيوش مُدربة على أعلى المستويات بينما كانت جيوش خالد من الحفاة العراة من غير المتدربين على فنون القتال, قال عنه المسيحيون في ذلك الوقت بأن غضب الرب قد حل عليه لكثرة ما نزل بالنصارى من ذبحٍ وتقتيل في بلاد السريان وفارس أثناء فتحه للعراق ولبلاد الشام, والذين سقطوا في مرض الطاعون قُُدروا بالآلاف من المسلمين , ولم يكن أحد يعرف كم هم عدد أبناء خالد بن الوليد ولكنهم قُدروا تقديرا واستقر الرأي على أن خالداً ترك وراءه أربعين ولدا من صلبه لم يعش منهما إلا ثلاثة وكانت كُنيته(أبو سليمان) أما الباقي فقد ماتوا جميعهم بالطاعون الذي فتك بالعرب الفاتحين لبلاد الشام في منطقة عمواس في شمال الأردن حاليا وهي نفس المنطقة الجغرافية التي يعيش بها كاتبُ هذه السطور وقبور الصحابة الذين ماتوا بالطاعون لا تبعد عن منزلي سوى مسيرة عشرة دقائق في السيارة, قتلَ مالك بن نويرة ودخل بزوجة مالك قبل إتمام عدتها,كان على خلافٍ دائمٍ مع عمر بن الخطاب حول مركزية الحكم إذ كان عمر بن الخطاب منذ أن تزوج خالد بزوجة مالك بن نويرة (ليلى) وغدره بالقبيلة التي قتلت عمه(الفاكه) يحثُ رسول الله على عزله وأثناء زواجه من زوجة مالك حثَ أبا بكرٍ الخليفة الثاني للمسلمين بأن يعزل خالد بن الوليد عن قيادة جيوش الفتح والنهب والسلب ليولي مكانه (أبو عُبيدة عامر بن الجراح), وحين مات أبو بكرٍ وتولى عمر بن الخطاب الخلافة كان أول قرارٍ استصدره هو عزل خالد بن الوليد عن قيادة الجيوش الإسلامية,وكان هذا أثناء معركة اليرموك.

ولم يكن خلاف عمر بن الخطاب مع أبي بكرٍ إلا حول مركزية الحكم حيث كان أبو بكرٍ الصديق يعطي كامل الصلاحيات للولاة ولقادة الجيوش حول إدارة شئونهم أما عمر بن الخطاب فقد كان يتدخل بكل كبيرة وبكل صغيرة ولا يسمح لأي قائد أو لأي والي من ولاة المسلمين أن يتصرف بأي شيء إلا بعد أن يرجع إليه في كل شيء, وإذا أردنا أن ننظر للإسلام من ناحيةٍ فكرية نجد بأن الإسلام أصلا ما هو إلا اجتهادات عمر بن الخطاب أما من ناحية عسكرية فقد كان الإسلام عبارة عن خالد بن الوليد فهو الذي انتصر على مسيلمة في معركة الحديقة وسقط الشهداء والقتلى بالآلاف المؤلفة وانتصر خالد في معركة أجنادين وفي معركة السلاسل وفي معركة اليرموك وكل الفتوحات الإسلامية تعود إليه ما عدى فتح (مصر)وكان خالد بن الوليد مرتاح جدا مع أبي بكرٍ الصديق بحيث كان يسمح لخالد بن الوليد بأن يتصرف كيفما يشاء وكيفما يرى رؤيته للحكم وللحروب.

ويقال بأنه لم يكن يحفظ ولا آية من آيات القرآن…وفي قصيدة مدح فيها أحد الأعراب خالد بن الوليد كان خالد قد أعطى الشاعر الذي مدحه مبلغا وقدره(1500) درهما من دراهم الرومان وكانت هذه هي الشعرة التي قسمت ظهر البعير بين خالد وعمر حتى استدعاه عمر بن الخطاب إلى المدينة المنورة فقدم خالد بن الوليد ومعه 80 ألف دينارٍ وحين سأله عمر:من أين لك هذا؟أليس هذا من بيت مال المسلمين؟أجابه خالد بأن له 60 ألف دينارٍ وعشرون ألفا لبيت مال المسلمين فأعاد عليه عمر نفس السؤال من أين لك هذا فأجاب خالد هي(سلب) الذين قتلتهم حيث خُضت في حياتي 40 معركةٍ رئيسية و49 معركة فرعية وكنت كلما قتلت فارسا روميا أو فارسيا أأخذ أمواله وذهبه لي وكل ما يملكه الفارس, وكنت أرسل بخمس أموال النهب والسلب والجزية لبيت مال المسلمين, لقد خشي عمر بن الخطاب على نفسه وعلى المسلمين من انتصارات خالد بن الوليد فأمره في آخر أربعة سنوات من عمره بأن يلزم بيته وبأن يتقاعد عن العمل وأجرى عليه عطاء دوريا يُقدرُ بأربعة آلاف درهم رومي,وكان سخيا كثير العطاء والكرم لم يعرف لا الادخار ولا التوفير ومات قائد الفتوحات الإسلامية على فراشه بالطاعون كما قال عن نفسه: لقد شهدت مئة زحف أو زهاء ها، وما في بدني موضع شبر، إلا وفيه ضربة بسيف أو رمية بسهم أو طعنة برمح وها أنا ذا أموت على فراشي حتف أنفي، كما يموت البعير فلا نامت أعين الجبناء وذلك سنة 21هـ/642م.

غدر خالد بن الوليد ب(مسيلمة) في معركة الحديقة والتي تقع حاليا في جنوب الرياض وغدر بقبيلة جُذيمة وكانت الحرب بالنسبة له غدرا وانتهازا للفرص,وكان الغدر بمسيلمة بوصية من محمد(ص) نبي الرحمة الذي أمر المسلمين بقتل مسيلمة وبالغدر به إن تمكنوا منه ومن يومها أصبح الغدر شيمة القادة المسلمين وهي اليوم ركيزة ترتكز عليها بعض الأجهزة الأمنية في الدول العربية حيث يجوز لهم الغدر بالمثقفين وبالمبدعين حيث لا يرقبون فيهم إلاً ولا ذمة, فقد أعاد خالد بن الوليد مسألة الغدر أثناء حصاره لمدينة دمشق مع(يونان العاشق) الذي ساعد خالد بن الوليد على فتح أبواب دمشق أثناء حصاره لها وتخليص ضرار بن الأزور من الأسر الذي وقع به أثناء عملية الحصار,واقترح أو اشترط يونان العاشق على خالد بن الوليد بأن يزوجه من التي يعشقها وتعشقه ذلك أن أهل معشوقة يونان كانوا يرفضون زواجه من ابنتهم في نفس الوقت الذي اشترط فيه خالد بن الوليد على يونان العاشق بأن يدخل في الدين الإسلامي, وكانت معشوقة (يونان)على دين المسيحية وحين نجح يونان العاشق بفتح أبواب مدينة دمشق شعر القائد الروماني المسيحي بالنهاية الوشيكة فاتفق مع أبو عبيدة على تسليم مدينة دمشق والخروج منها بينما خالد بن الوليد فتحها من جهة أخرى بالغدر بأعدائه وأذعن خالد بن الوليد لرغبة أبي عبيدة عامر بن الجراح بأن يبرّ بقسمه للقائد الروماني إذا أن خالد فتح المدينة من جهةٍ أخرى بالسيف وفتحها أبو عبيدة عامر بن الجراح بالاتفاقية السلمية من جهةٍ أخرى ولكن(يونان العاشق) تضرر بهذا الشأن …وسمح خالد لهم بأن يخرجوا من دمشق بأسلحة خفيفة وبأن يتركوا وراءهم كل أموالهم ومتاعهم ولا يأخذون منها إلا ما يسدون به جوعهم لحين أن يصلوا إلى أنطاكية , وهربت أو خرجت معشوقة يونان هي وأسرتها من ضمن الذين خرجواواقترح يونان العاشق أن يضرب خالد بن الوليد عرض الحائط بالاتفاقية مع الرومان بعد ثلاثة أيام حيث الاتفاقية مدتها ثلاثة أيام ولحق خالد بن الوليد بالجيش الروماني من طريقٍ مختصر كان يونان العاشق قد دله عليها وأدركهم قبل وصولهم إلى أنطاكية وأخذ منهم معشوقة (يونان العاشق) ولكن المعشوقة غضبت غضبا شديدا على يونان حبيب قلبها بسبب دخوله في الإسلام فآثرت الانتحار فانتحرت على أن لا تتزوج من رجلٍ مسلم كسر الصليب وباع دينه بدين الدجالين كما تصورت هي هذا الموقف,وكان موقف معشوقة يونان اتراجيديا مؤلما ومحزنا وموقفا عقائديا انتصرت فيه العقيدة المسيحية على العقيدة الإسلامية في قلب المعشوقة إذ كانت تفهم طبيعة الدين الإسلامي فقد كانت تحب يونان أيام كان مسيحيا ولكنه سقط من عينها عندما أصبح مسلما أما يونان العاشق فقد مات عليها حزنا وألما وكمدا ومات مع جيوش المسلمين فيما بعد أثناء فتح مصر على ما أظن,وكل المناطق التي فتحها المسلمون لم تتقدم في المجالات الإنسانية الفكرية والثقافية حتى اليوم فمنذ ذلك التاريخ ونحن نعيش في ركود فكري.

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر | 1 Comment

ملخص خطابي لكم: المجزرة تلوى المجزرة: هل فهمتم

ملخص خطابي لكم: المجزرة تلوى المجزرة: هل فهمتم

طلال عبدالله الخوري 4\6\2012

Posted in ربيع سوريا, كاريكاتور | Leave a comment

يوميات صحفي … سائق تاكسي 6

يوميات صحفي … سائق تاكسي 6

محمد الرديني

فقاعة (المستور)

لااحب الي في يوم الاحد من كل اسبوع – وهو يوم العطلة الاسبوعية- من ان اظل مستلقيا في الفراش معرضا عن الحديث في اي امر. لقد تعودت في هذا اليوم وهي عادة استمرت معي لاكثر من خمس عشر سنة ان اصوم عن الكلام والحركة حتي يخيل الى الذي يتلصص علي في بيتي سيجد رجلا اقل مايقال عنه ان ملامحه تنبىء بما لايدع مجالا للشك انه اخرس اصم بل وحتى ابكم.
ولكن الرياح تكون عدوة لما تريد في بعض الاحيان ، فقد سمعت جرس الباب يرن مرة ثم اخرى وثالثة، وظننت ان هذا الفضولي سيمل من الانتظار ويرحل ولكني كنت مخطئا فقد كان رنين الجرس في المرة الرابعة مستمرا ولم اجد بدا من اسكاته الا بالخروج  لمعرفة من هذا الملحاح.
كان صديقي  أدم  يقف عند الباب هادئا ولكنه حين رآني هتف صائحا كعادته:
جئت ياصديقي لاهنئك.
ولم يترك لي فرصة  الاستفسار بل دلف الى صالون وجلس على اول كرسي صادفه امامه وانهال بالكلام.
مرحى… مرحى لقد اجتمع اخيرا  بعض المسلمين في مكان ما من هذا العالم واحتجوا.
انه لامر مفرح ان نرى وكالات الانباء ومحطات التلفزة العالمية تنقل خبر تظاهرات نساؤنا المحجبات في باريس وضواحي فرنسية اخرى احتجاجا على قرار الرئيس الفرنسي شيراك بمنع ارتداء الحجاب في المدارس الحكومية،
لقد شعرت بالفخرحقا فانه من النادر جدا بل من المستحيل ان ترى جمعا نسويا عربيا يتفق لاول مرة في التاريخ على اعلان هذا الاحتجاج، انها خطوة جريئة فعلا بل والحق يقال انها خطوة جبارة ، لقد اجتمعوا لادانة شيراك ــ وليس معاتبته ــ على تصريحاته بمنع ارتداء الحجاب.
وجاء في بيان الشجب مايلي الذي اعده صديقي احمد على عجل:
ايها السيد شيراك، يا رئيس فرنسا العزيزة على قلوب فتياتنا صاحبات القد النحيل والباحثات عن العطور والبخور.. يا شيراك يا رئيس فرنسا العزيزة على قلوب فتياننا من تلك الاسر المفرطة في التخمة الذين لا يجدون غير السوربون يشفون فيها ظمأهم العلمي… يا شيراك، لماذا اقدمت على هذا المنكر، ألا تدري اننا اذا اقسمنا فعلنا وها نحن نقسم باننا سنخاصمك الى حين ترشيح خليفة لك في الانتخابات المقبلة.
وصحا الناس قبل ايام على صوت (المسحراتي) ــ وكان ذلك في غير ايام  رمضان ــ يدعوهم الى قراءة الاخبار الجديدة .
وعاد صوت صديقي احمد يلعلع:
وجاء في الاخبار: اجتمع فريق اسلامي يتمتع بثقل قوي بين العامة ليشكل لجنة مصغرة لمقابلة السيد (سنك) رئيس الهند، وجاء في الحيثيات ان اللجنة قدمت رسالة مطولة الى الرئيس الهندي، هذا بعض ماجاء فيها:
ايها الرئيس، انك ترأس بلد المليار نسمة واكثر من نصف هذا المليار إما مسلمين او يعيشون من دون خط الفقر، ولعلك تشاهد البرامج الوثائقية في محطة (البي بي سي) البريطانية وترى كيف يبحث هؤلاء عن قطعة كارتون ليست بالية ليناموا عليها ليلة واحدة فقط، أما بعضهم الآخر فيلجأ الى الزبالة ليسد رمقه في لقمة تعينه ساعات على العيش. وانت ياسيدي ادرت رأسك عن كل ذلك واتجهت باموال الشعب الهندي لتصنع القنبلة النووية او الهيدروجينية او اسلحة الدمار الشامل التي لايعلم الا الراسخون في العلم كم من المليارات انفقت عليها، لماذا..؟ لان السيد مشرف رئيس جمهورية الباكستان جاركم العزيز خطر بباله ان يصنع هذه القنبلة وانك تريد ان تحقق التوازن الاستراتيجي كما تقول.
ولم يدر في خلد الناس ان جماعة اسلامية اخرى وجهت رسالة ــ ولكنها موجزة ــ مماثلة الى الرئيس الباكستاني قالت فيه بعتاب:  انك يامولانا- ورغم الرتب العسكرية والنياشين التي تحملها  على صدرك من جهة اليسار( رغم انك لست يساريا)- فانك ايضا رئيس اول دولة اسلامية في العالم تعمل فيها البنوك بعيدا عن الربا والفحشاء والمنكر، ولكنك ياسيدي بدأت تستذوق طعم القوة والاستبداد فاتجهت ايضا الى اعداد برامج للقوة النووية رغم انك تعيش منذ زمن بعيد على تحويلات الايدي العاملة في دول الخليج، اذ لا احد ينكر انك من اهم مصدري الايدي العاطلة الى هذه المنطقة إما للتخلص منها او للاستفادة من شقائها في اعمار بلدان لا تقل درجة الحرارة فيها عن الاربعين في الشتاء، انك ياسيدي مثل جنرالات الشرق الاوسط امي في قراءة التاريخ … امي يلبس خاتما من الماس لا يستطيع ان يديره او يقلبه الا صديقتنا الحنون امريكا.
وذهل الناس حين قرأوا خبرا آخر في اليوم التالي يقول: ان لجنة اسلامية لها باع طويل في الساحة العربية قد شكلت لجنة تحقيق موسعة للنظر في اغتيال وقتل وتعذيب اكثر من مليون عراقي طيلة خمس وثلاثين سنة، وبرغم ان معظم القراء قد فرحوا لهذه الالتفاتة الصحفية الا ان القليل منهم لم يرتاحوا للفقرة التي اختتم فيها بيان اللجنة والتي جاء فيها: ان اللجنة لا ترى ضررا في تسمية العراق بلد المليون شهيد على غرار الجزائر بلد الغاز المسروق.
ولكن الاخبار لم تنضب، فقد تظاهرت بصمت مجموعة اسلامية معروفة باعتدالها في ضواحي احدى العواصم العربية رغم انها رفعت يافطة طويلة عريضة تقول (وابترولاه المسروق ايها السادة).
وسكت صديقي احمد عن الكلام المباح.

Posted in الأدب والفن, فكر حر | 1 Comment

التكنولوجيا تفضح جرائم الطاغية بشار الأسد

التكنولوجيا تفضح جرائم الطاغية بشار الأسد

 

طلال عبدالله الخوري 3\6\2012

Posted in تكنولوجيا, ربيع سوريا, كاريكاتور | Leave a comment

رسائل ملكية – كنسية من زواج ويليام وكيت والتغيير بالاقتداء

رسائل ملكية – كنسية من زواج ويليام وكيت والتغيير بالاقتداء

طلال عبدالله الخوري

لقد تم نشر هذه المقالة بتاريخ 30\4\2011 ونعيد نشرها بمناسبة الاحتفالات بمرور 60 عاما على تولي الملكة اليزابيث الثانية العرش البريطاني.

 التغيير مطلوب, وهو سنة الحياة وشريان التقدم والتطوير والانتقال للافضل, وكما قال الفيلسوف اليوناني هيرقليط:” التغيير هو قانون الوجود، وإن الاستقرار هو موت وعدم “, والتغير يشبه جريان الماء بالنهر, فعندما يكون جاريا يبقى نقيا, اما عندما يكون ساكنا فانه يأسن و يخرب. وكما قال مغني الروك الروسي فيكتور تسوي بأغنيته الشهيرة ( بيريمن) وتعني التغيير: التغيير ما تطالب به عيوننا … التغيير ما تطالب به قلوبنا…
هناك طرق عديدة للتغيير اتبعتها الشعوب والحضارات منها الطرق القسرية ,مثل التغيير بقوة السلاح وعن طريق الانقلابات العسكرية , وهذا ما حصل بالثورة البلشفية بروسيا, وبالانقلابات العسكرية العربية . وقد اثبتت هذه التجارب للتغيير فشلها وسببت باراقة الكثير من الدماء وادت الى التغيير للأسوء والتقهقر والتخلف والانحطاط.
طريقة اخرى متبعة للتغيير , هي عن طريق اصدار قوانين جديدة متطورة تلغي القوانين القديمة التي اصبحت تشكل عائقا لتطور الشعوب وتقدمها , مثل وثيقة الفصل بين الدولة والكنيسة بأوروبا, وقانون الغاء الحكم الملكي الشمولي واستبداله بالملكية الدستورية حيث اصبح المك منصب رمزي فخري لا يتدخل بالحكم , اما الحكم فيكون للشعب عن طريق انتخابات دمقراطية حرة.

وبالرغم من ان البلدان الاسلامية والتي حكمت بالشريعة الاسلامية , والتي من المفترض انها شريعة الهية منزلة من عند الله وغير قابلة للنقاش او التغيير او التعديل وهي صالحة لكل زمان ومكان , فأن التاريخ يخبرنا بانه قد تم تجاوز هذه الشريعة وقدسيتها باستصدار قوانين جديدة تلائم عصرها, وكانت مناقضة تماما للشريعة الاسلامية. من هذه التغييرات التي حصلت ابان الحكم الاسلامي العثماني , اصدار الخليفة العثماني لفرمان البيت العالي بالغاء العبودية ,ومن المعروف بان العبودية محللة بالاسلام ولها شرائعها وسننها. وللاطلاع على موضوع العبودية بالاسلام احيلكم لسلسلة مقالات الباحث سردار احمد “العبودية بالاسلام”. تم الغاء الرق بالدول العربية بفرمان السلطان العثماني , الذي اضطر لاستصداره تحت وطأة المجتمع الدولي (اي مكرها اخاك لا بطل ), وقد قامت المظاهرات انذاك في كل انحاء الوطن العربي ضد هذا الفرمان لانه يناقض القراّن والسنة..ومنذ ذلك الحين بدأ علماء الاسلام يبحثون عن تفسيرات وتأويلات جديدة ,لتظهر ان الاسلام ضد الرق ومع الفرمان السلطاني ..وهذا يظهر ان الاسلام دائما كان يؤول حسب المصالح السياسة , وانه عند المصالح السياسية يتم التنازل عن قدسية الوحي ونزوله. وكذلك الامر تم الغاء مفهوم الرعايا واستبداله بمبدأ المواطنة وايضا تحت ضغط المجتمع الدولي على السلطان العثماني. ومن التغييرات التي جرت بواسطة الفتوى, اصدار رئيس هيئة الامر بالمعروف بالسعودية لفتوى تجيز الاختلاط بجامعة الملك عبدالله, أي ان الدين قد حرم الاختلاط لمدة 1430 سنة وفجأة أصبح الاختلاط حلالا. لقد ذكر برنارد لويس بكتابه “ما الذي جرى خطأ”
What Went Wrong? by Bernard Lewis
بان جميع مفتي الدولة العثمانية كانوا يفتون بحرمة السفر الى الغرب او التعلم بالغرب, وان العلاقة الوحيدة بين المسلمين مع الغرب يجب ان تكون دعوتهم لاعتناق دين الحق الاسلام فقط لا غير! ولكن عندما احتاج الخليفة العثماني ان يرسل ضباطه الى الغرب لكي يتعلموا العلوم العسكرية الحديثة تم تغيير جميع هذه الفتاوي وعلى مدى مئات السنين, وأفتوا ,وبلمح البصر, باجازة السفر الى الغرب والتعلم بالغرب. وهذا القرضاوي كل يوم يغير من فتاويه ومنها فتواه حول تحريم الاحتفال بالكريسماس. ولكن السؤال المهم هل سيكون لدى رموز الدين الاسلامي الكرامة الكافية لكي يغيروا الفتاوي التي تضهد الاقليات من سكان البلاد الاصليين من مسيحيي سوريا ومصر والاردن والعراق ولبنان؟أو تغيير الفتاوي التي تهين المرأة وتضطهدها؟ أنا أعتقد بأن ردهم سيكون ” أعوذ بالله هذا مستحيل لانه شريعة منزلة من الله” والسبب بسيط هو انهم غير مضطرين لذلك حتى الآن.

ومن طرق التغيير الناجحة والمتحضرة هو التغيير بالاقتداء. وفيها يقوم قادة الشعوب وقدوتهم ومثلهم الاعلى, من رجال دين وملوك وقادة موثوقين واصحاب انجازات هامة لشعوبهم, بتغيير المألوف والمعتاد من اعراف وتقاليد, وذلك بواسطة تطبيق التغيير مباشرة على انفسهم , وبعد ذلك يصبح هذا التغيير هو العرف والتقليد الجديد حيث يسير غالبية الناس على نهجهم. ولشرح طريقة التغيير بالاقتداء ساقوم بدراسة وتحليل الرسائل الملكية -الكنسية التي تم ايصالها الى الشعب البريطاني بشكل خاص والعالم بشكل عام عن طريق حفل زفاف الامير وليام وخطيبته كيت.
من المعروف بان المنارخية الملكية البريطانية هي منصب فخري لا تتدخل بالحكم, ولكن هذا لا يمنع من ارسال المنارخية لرسائل تساهم بالتغيير الايجابي لشعوبهم كما تراها هذه الشعوب, وبذلك تبقى الاسرة الحاكمة لها شعبيتها ومحبوبة من قبل عامة الشعب. وكذلك الامر بالنسبة للكنيسة فهي تسعى ايضا لكي تكون قريبة من الشعب وتسعى لاظهار بان الكنيسة هي مع مصلحة الشعب ومع ما يتبناه الشعب من عادات واعراف حتى ولو كانت الاعراف الجديدة تناقض المفاهيم اللاهوتية المقدسة اوالعادات والتقاليد الملكية المعهودة.

الرسالة الملكية-الكنسية الاولى هي ان العذرية للفتاة قبل الزواج ليست فضيلة كنسية او نبيلة ارستقراطية بعد الان: من المعروف بان نسبة الفتيات الغربيات اللواتي يحتفظن بعذريتهم قبل الزواج تقترب من الصفر. وتعتبرعذرية الفتاة قبل الزواج فضيلة مسيحية تؤكد عليها التعاليم المسيحية الكنسية, وحتى وقت قريب كانت تعتبر مطلب اساسي للطبقة الارستقراطية النبيلة. وكلنا يذكر الاميرة ديانا والدة الامير وليام التي تزوجت والد الامير وهي عذراء, ولقد رفضت حتى تقبيل الامير وهو زوج المستقبل قبل الزواج, وكانت اول قبلة قبلتها لرجل هي قبلتها لزوجها بعد الزفاف على شرفة قصر باكينغهام وامام كل الناس الحاضرين والمشاهدين. شعرت الاسرة الملكية بان اصرارهم على هذه الفضيلة ستبعدهم عن شعوبهم التي لم تعد تعني هذه الفضيلة اي شئ بالنسبة لهم. وكذلك الامر بالنسبة للكنيسة فهي تريد ايضا ان تكون قريبة من المواطنين, وانها اذا اصرت على هذه الفضيلة فلن يأتي اي شاب وفتاة لعقد قرانهم كنسيا او لممارسة الطقوس الكنسية المسيحية. لذلك تم التخطيط من قبل الاسرة المالكة لاظهار الامير وليام وصديقته كيت بنفس الفراش على كل وسائل الاعلام قبل الزواج هذا عدا عن صداقتهم قبل الزواج والتي امتدت على مدى اربع سنوات وهذه بالضبط هي العادات المتبعة بالغربمن قبل عامة المواطنين. وبهذه الطريقة قالت المنارخية والكنيسة لشعوبهم نحن معكم ومنكم وما يناسبكم يناسبنا وما تفعلونه نفعله ونباركه ملكيا وكنسيا.

الرسالة الثانية الملكية-الكنسية هي ان الزواج المثلي اصبح شرعيا وتمت مباركته الهيا وملكيا: من المعروف بان الزواج المثلي اصبح مألوفا بالغرب, حيث يؤمن اغلبية شعوبهم بحق المساواة بالحقوق للمثليين, وهناك الكثير من البلدان والولايات التي قننته واصدرت القوانين التي تساويه مع الزواج التقليدي بين الرجل والمرأة. ولكي تبارك المنارخية هذا الحق تمت دعوة ملك الغناء البريطاني السير التون جون الى حفلة الزفاف الملكي مع صديقه الذي تزوجه مثليا , وقبل ذلك منحت المنارخية لقب فارس لالتون جون واصبح يحمل لقب سير. طبعا وجود التون جون وزوجه المثلي بالكنيسة وصلاتهم مع الجميع وتريديد الترانيم الكنسية هو اعتراف كنسي وملكي بشرعيتهم عن طريق الاقتداء اي من دون اصدار الاوامر والمراسيم او تغيير العقيدة وتحريفها.

بغض النظر عن عدم تقبلنا وامتعاضنا من هاتين الرسالتين الملكيتين الا اننا نرفع القبعة للمنارخية والكنيسة لاحترامهم لشعوبهم ولهذا الاسلوب الحضاري باجراء التغيير عن طريق الاقتداء اي بدون قوننة وفرض الاشياء بقوة القانون او بقوة السلاح. ولكي لا نذهب بعيدا فهنا نريد ان نشير الى زعيم اسلامي كبير استخدم اسلوب التغيير عن طريق الاقتداء, حيث هذا بالضبط ما فعله اتاتورك (أبو الاتراك) مؤسس الدولة التركية المعاصرة عندما دعى زوجته للرقص بين جميع ضباطه واركان جيشه بعد ان فرض خلع الطربوش العثماني والحجاب الاسلامي.
وللمقارنة , اريد ان اعرج على حادثة حصلت في الزمن القريب مع مفتي مصر الراحل محمد سيد طنطاوي وطريقته الفجة مع طالبة المدرسة الصغيرة والتي ارادت ان تتحجب عند دخوله للصف وامرها عندها بخلع الحجاب, وكسر بخاطر الطفلة عندما استهزأ بجمالها..! الم يكن من الافضل لهذا المفتي بدلا من ان يزعق بفتاويه وعنعنته لكي يثبت وجهة نظره بان الحجاب ليس من الاسلام ان يستخدم اسلوب التغيير عن طريق الاقتداء؟؟ فلو ان هذا المفتي ذهب الى المدرسة مع زوجته وابنته الغير محجبتين لكان اعطى مثالا عمليا لعامة الشعب واحدث تغييرا الى الافضل عن طريق الاقتداء.
لو كانت االاسرة الحاكمة السعودية الملكية والوهابية التنحة تحترم شعبها لكانت استخدمت اسلوب التغيير عن طريق الاقتداء لكي تحقق آمال شعبها وتطلعاتها , كأن ان تقوم اميرة سعودية بقيادة السيارة, لاعطاء الضوء الاخضر للمرأة السعودية بقيادة السيارة! نتمنى من الامراء العرب الذين كانوا متواجدين بحفلة الزواج الملكي أن يكونوا قد تعلموا درس التغيير الحضاري عن طريق الاقتداء ويكونوا القدوة الحسنة لشعوبهم للانتقال بهم نحو الافضل . ولو كان الازهر الغارق بآبار البترودولار, يحترم الشعب المصري, لكان هو القدوة برفض المادة الثانية من الدستور والتي تقنن اضطهاد الاقباط!
يمكننا ان نستخدتك التغيير بالاقتداء لتنصيب رئيس من الاقليات الغير مسلمة لبلد عربي مثل سوريا, فمن المعروف بان سبب تمسك الرئيس السوري بشار الاسد بالحكم الشامل هو ان الاقلية العلوية تخاف من وصول السنة الى الحكم وتعرضها للابادة على يد المتعصبين من السنة والتي يتوقع ان يتم تشجيعهم وتمويلهم بالبترودولار. فهذه فرصتنا بسورية لكي ننصب رئيس مسيحي يكون مقبولا من الجميع ويكفل السلام والآمان للجميع ويتم مباركة تنصيبه من جموع السنة ومن الازهر ومن مكة ومن النجف ومن قم الايرانية! كأن ان يتم تنصيب كاتب هذه السطور وهو مهندس واقتصادي وعلماني يؤمن بحقوق الانسان وان اقتصاد السوق الحر التنافسي هو اعدل اقتصاد لتوزيع الثروة على جميع الناس بعدل, وأن السوق التنافسي هو الكفيل بتطوير البلاد والعلم والصناعة عن طريق خلق التنافس.
نريد تغيير بالاقتداء لرفع الاضهاد عن المرآة , كأن يأتي الزعماء الدينيين الكبار مع زوجاتهم وبناتهم والزعماء الوطنيين وزوجاتهم وبناتهم من دون حجاب ويشاركوا بالاعياد والمناسبات العامة من دون حجاب وليجعلوا الناس يرون اهتمامهم بزوجاتهم وبناتهم واحتارمهم لهم لكي تقتدي بهم بقية افراد الشعب.

من هنا نرى بان التغيير بالاقتداء هي طريقة حضارية للتغيير استخدمتها البلدان المتحضرة والديمقراطية لاجراء التغيير اللازم من دون حتى اصدار اي فرمان رئاسي او اي تعديل بالشرائع , وهي طريقة سلمية لا تحتاج الى التقنين والاكراه , اي بهذه الطريقة الراقية يقول ولي الامر وولي الله باني شخصيا قد قبلت هذا التغيير الى الافضل ومن يريد ان يتبعني ويقتدي بي فهو امر شخصي ويعود لكل انسان ان يقرر لنفسه بذاته. طبعا الجميع يريد ان يقتدي بملك ورجل الدين الذين يأخذون خطوات تقدمية لمصلحة الناس والوطن؟؟
فكما رأيتم نحن لا نطالب بتغيير الشرائع السماوية وتعديلها نحن نطالب بالتغيير بالاقتداء وهي طريقة سلمية حضارية وغير مكلفة وهي متبعة في كل الحضارات واثبتت نجاحها كآحد وسائل التغيير الى الافضل. نريد من المؤسسات الدينية العربية ان تتعلم من درس الكنيسة البريطانية والمانرخية الملكية البريطانية لكي يصبح الدين بخدمة الشعب والوطن وليس تسخير الدين لخدمة الحاكم المستبد والديكتاتور.

http://www.facebook.com/pages/طلال-عبدالله-الخوري/145519358858664?sk=wall

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

الليالي الخمسة 6

الليالي الخمسة 6

محمد الرديني

الليلة الخامسة

خرجت الفاتنة من فتحة الجبل فيما كان صراخ رجل الظل يعلو شيئا فشيئا.
حانت لفلاح التفاتة للرجل الانيق الذي بدا مسحورا بالمشهد وقد علت وجهه ابتسامة طفل حاز على لعبته اخيرا.
قال الرجل الانيق:
” والان كيف ترى المشهد.
اي مشهد هذا الذي يتحدث عنه هذا الرجل المعتوه، هل ينوي اخافته بهذه المشاهد المضحكة ام انه يرغب يالتسلية فقط.
بالحقيقة انها ليست مشاهد مضحكة، انه يقول ذلك من باب المكابرة او تهميش الاشياء كعادته… هل يعرف هذا الرجل الانيق حقا انه يخاف من الافاعي .. هل يعرف انه ما من ليلة ينام فيها الا ويرى الحية وهي تزحف من مكان ما تريد  قدميه، تقف ثوان عندهما، ثم تبدأ الزحف بين ساقيه الى الاعلى حتى اذا وصلت الى بطنه استقرت هناك فيما يكون بطنها المنفوخ قد غطى كل وجهه بعدها يبدأ رأسها المدبب في التمايل يمنة ويسرة ثم سرعان مايبدأ يلطم وجهه بضربات تبدو رتيبة بادىء الامر ثم تتوالى سريعة فيما لعابها يغطي كل وجهه. لهاثها هذه المرة يهدأ قليلا فيما لهاثه هو يزداد سرعة ونبضات قلبه تكاد تطفر الى خارج جلده.
تطوي الافعى نفسها لتجعل من جسمها حلقات تستقر على صدره بعد ذلك فيما يرتفع وجهها المثلثي نحو وجهه. يقولون ان الافعى لاترى وانها تملك حواس اخرى تعوضها عن ذلك ولكن من يصدق ان هذه الافعى التي يراها كل يوم منذ ثلاثين عاما او اكثر تراني بوضوح حتى ان عينيها تبدوان صغيرتين غير مكترثتين باي شيء عدا النظر الي.
مرة رآى افعى في الحمام ، كانت طويلة جدا ، توقف عن غسل وجهه – كان عمره آنذاك سبعة اعوام- وبالكاد استطاع ان يصرخ. جاءت امه مهرولة – وكانت حاملا آنذاك- وقفت امامه غير مبالية بعد ان عرفت السبب.
قالت له وهي تبتسم:
” ان الافعى لاتؤذي مادامت بجانبها امرأة حامل.
لم يعرف لحد الان مدى صحة هذه المعلومة، ولايدري لماذا لم يكترث في البحث عنها بعد ذلك، ربما لم يكن الامر على هذه الصورة لان الاساس في ذلك هو انها ترعبه ان وقفت بجانبه امرأة حامل ام لا… لايدري لماذا، ولكن هذا هو الواقع.
سمع الرجل الانيق يقول له بصوت ساخر:
” من حسن الحظ انك لم تر المشهد كاملا لقد كنت متسامحا معك الى حد كبير ، هناك الكثير الذي يجب رؤيته.
لقد اقتنع اخيرا – او هكذا خيل اليه – ان هذا الرجل معتوه بما لايدع مجالا للشك او ربما يكون من هؤلاء الذين غسلت ادمغتهم السلطة وباتوا يتصرفون مثل الرجل الآلي .
قال الرجل الانيق:
“لا تعتقد ان سكوتك سيفيد بشيء، ان الامر لايستاهل منك كل هذه المكابرة.. الاترى معي ان الامر لايحتاج كل هذه المكابرة؟
اي مكابرة واية قوة. اني مازلت ارتجف من هذه الافعى التي تلتف حول ذلك الرجل البائس في الكهف. لم تعد عندي مكابرة. لقد امتصت هذه الافعى كل طاقتي ، لم اعد ارغب في شيء سوى باحتضان ذلك الوجه الجميل الذي احلم به منذ عشرات السنين.
اي وجه..؟ ماهذا الذي تقوله، ان الرعب كلمة مغرية ازاء ذاك الذي تحلم به، اي وجه؟ عشرات الوجوه مرت عليك وانت كما انت لم تتغير.
مرة قال لك الوجه:
” ماذا تريد؟ كن معي فقط وانا البي كل رغباتك ، نعم انا اعرف انك مجنون، مجنون بحب وكره الحياة . هذا انت، لاتعرف حتى نفسك، اذن دعني اقودك الى نفسي لعلك تجد ملاذا.
وفي ذلك اليوم ضحكت كما لم تضحك من قبل، وقفت امام المرآة صفعت وجهك اكثرمن عشرين مرة وكنت تعلم ان هذا العدد هو مناصفة بين وجهك وذلك الوجه.
وجه آخر اتاك في يوم آخر وقال لك:
” هل تحب ان تنام معي وتكسر كل قوانين الدنيا؟ اذن هيا ، تعال.
وجئت وياليتك لم تأت فقد اكتشفت انك عديم الفائدة، عديم الاهمية، انك لاتصلح لشىء ، المغامرة عندك لاتتعدى ذهنك فقط تمارسها بالضبط كما يمارس المراهقون عادتهم السرية. تسقط، وتسقط ياصديقي في غياهب الجب لا احد يعرف عنك شيئا، وتعزي نفسك بالقول ان الحلم وحده هو الذي يخلق لك بعض الوجود.
انا اعرف تماما انك جثة متعفنة تمشي بدون حياة. انا اعرف – وعذرا لهذا الاسترسال- انك ضعيف الى حد انك لن تقاوم رؤية الافعى وستجيب عن كل شيء يطلبونه منك.
قال الرجل الانيق:
” والآن ماذا تريد ان تقول ؟
” ماذا تريدني ان اقول؟
بالكاد استطعت ان اقول له ذلك.
” قل كل ما عندك، هناك الكثير يجب عليك قوله.
لم افهم بالضبط ماذا كان يعني ، لكنني كنت مستعدا للاجابة على كل سؤال ، هذا ما توصلت اليه بعد ان كانت الافعى في هذه اللحظة تتلمس رقبتي وانا ارى الرجل الاتيق يتكلم.
سمعت صوته مرة اخرى:
” بايجاز لاسياسة ولا دين.
مرت ثوان ثقيلة كان صوت الصمت فيها يطن باذني.
اخيرا سمعت صوتي يقول له:
” لم انخرط في السياسة ايها الرجل الانيق حبا فيها، التقيت مرة فتاة في بيت احد الاصدقاء . نظرت الي بدلال ، نظرت اليها مستفسرا لم تبال بنظراتي، ظلت تسلط علي اغراءات الدنيا كلها – اوهكذا خيل الي – تخيلتها تنام الى جانبي ، تقبلني، كان لسانها يمتد داخل فمي يلوكه يعصره يمتص ما فيه . تأوهت ، رفعتني كقشة ونامت فوقي، كان وجهها كله يغمر وحهي . لاول مرة اشعر ان الاختناق لذيذ. اي اوكسجين هذه الذي يتحدثون عنه، تعالوا انظروا ، انها الجنة التي تتحدثون عنها، لست ضعيفا كما تتصورون انا اقوى من معظم المتحركات حولكم ولكنها القناعات، القناعات التي تذوب الواحدة تلو الاخرى وتترك النفس سائبة.
حينما تتعود على رؤية اللون الابيض طيلة سنوات وسنوات وتستيقظ فجأة ذات صباح لتجد الحية قد ماتت متعفنة واللون الابيض انقلب الى لون آخر ومعاقبتك هي ان  تقفل باب غرفتك عليك وتنظر في المرآة  وتسأل نفسك:
” ماذا جرى؟
وكالعادة لاتعرف الجواب، تسكت على مضض، تغمض عينيك تنكس رأسك وتذرع الغرفة جيئة وذهابا.. لاتفكر ، انا اعرفك جيدا فانك لاتجيد  هذه اللعبة، كل ماهنالك انك تبحث عن وجه، وجه يمضغ فمك جيدا، يجيد لعبة قطع الاوكسجين عنك، وتظل لعبة بيديه يديرها كما يريد.
سمعت الرجل الانيق يقول:
” هل سمعت منك شيئا.
لم اقل شيئا بعد، بل لم ولن يكن عندي شيئا لاقوله فانكم تعرفون عني كل شيء انا رجل مهووس بالحب، ليس الحب الذي تتصورونه، انه ذاك الذي حين تنظر اليك المرأة يرتد اليها طرفها قرفا من ذلك الوجه العبوس وتلك التعابير.
هل سمعتني اقول شيئا ايها الرجل الاتيق، نعم سأقول لك، لا السياسة تغريني ولا الدين، انا رجل مسكون بنفسي … بنفسي فقط ، تلك التي تزحف من عند قدمي وتأتي الى بطني  تستقر فيها لثوان ثم تزحف الى وجهي وتحنق كل مساماته، ثم يأتيك ذلك الصفير: اغمض عينيك لترى الوجه، الوجه الذي ينادي لتمارس معه لعبة الجنس.
حين كنت اسأل امي وانا ابن الخامسة:
” كيف اتيت الى الدنيا ياامي.
تضحك امي وهي حينما تضحك تبرز وجنتاها السمراواتان:
” من صرتي طبعا.
ولسنين طويلة ظللت اعتقد ان الصرة حين تنتفخ فهي علامة الولادة ولكن لماذا صرة المرأة  وليس صرة الرجل؟ لم اعرف الجواب حتى جاء اليوم الذي بكيت فيه طويلا، فقد رأيت كيف يخرج الطفل من ( رحم ) امه مبللا ، مغمض العينين يصرخ ضاما كلتا يديه بيديه.
لم يكن ذلك اليوم هو اليوم المشهود الوحيد في حياتي بل كان هناك يوم آخر:
كنا نقتعد جلستنا المألوفة عند قدمي السياب حينما دندن محمود كعادته، جرع كاسه الاول بسرعة تلاه بالثاني ، كنا ننظر اليه باستغراب وعند الكأس الرابعة قال:
” اي بشر نحن” ليس هناك اي تعريف لنا في القواميس الوضعية. نحن ايها السادة لانفقه شيئا. قرأنا عدة كتب وكتبنا عدة خواطروتقمصنا ما قرأناه واصبحنا كتابا بين ليلة وضحاها.
خمط محمود حشيش الحديقة  بين يديه واستطرد:
” هل يعرف احدكم كيف يضاجع امرأة ، هل رفستكم امرأة من قبل كما رفستني الليلة قبل الماضية وكنت حينها نائما فوقها. صاحت بي : قم ياهذا اما زلت لاتعرف اين تضع عضوك. زررت لباسي ونهضت من فوقها وانا اتصبب عرقا ليس خجلا منها ولكن…..
اكمل فلاح في سره:
” من امي التي كانت تقول ان  الطفل يأتي من الصرة. لقد كذبوا علينا، ليست الصرة هي الكذبة الوحيدة بل هناك عشرات الاكاذيب بل هناك المئات من قصص العشق الخالدة ولأكن دقيقا قصص الحب العذري، هذه القصص التي كتبها وقرأها اناس مازالوا يظنون ان الطفل جاء من الصرة.
سمع الرجل الانيق:
“هل تريد ان تقول شيئا.
صرخ فلاح:
” نعم اريد ان اقول كل شيء، كل شيء عن خيباتي. انا رجل جئت من الصرة، لااحد يجرؤ على القول عكس ذلك. لااحد دلني او دلكم من اين ياتي البشر. عورة تلك التي اتيت منها ونحن عوران ايها السادة.
من خلال دموعي رأيت الرجل الانيق يضحك ثم يومىء لاحدهم وغبت عن الوعي.

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

يوميات صحفي … سائق تاكسي 5

يوميات صحفي … سائق تاكسي 5

محمد الرديني

قانون الضرب

 

حيتني الام بحرارة كانها تعرفني منذ زمن – وهذه عادة نيوزيلندية اصيلة- وطلبت مني ان اساعدها في ربط حزام الامان لطفلتها التي لم تتجاوز الخامسة من عمرها قبل ان تصعد السيارة وتسألني بادب جم ان آخذها الى بيتها انها صورة تتكرر كل يوم ، ولهذا فالافضل كما اعتقد ان اكتفي بماذا حدث مع هذه الام ، وهو حدث لااعتقد انه ينمحي من ذاكرتي ماحييت.
  سمعت الام تقول لابنتها:
” حين نصل الى البيت سنفكر في اعداد اكلة لذيذة ، تضحك الام وتكمل: انا اعرف ماذا تحبين، وحين يحين موعد الشاي يكون برنامجك التلفزيوني المفضل قد بدأ، بعدها يمكن ان نجد ماذا عندك من واجبات مدرسية”
سمعت البنت ترد:
” هل يمكن ان ادعو صديقتي جاسمين لنشاهد البرنامج التلفزيوني معا
اجابت الام بحرارة :
” بالتأكيد ياحبيبتي وعلينا ان نستأذن امها في ذلك
تسكت الام قليلا ثم تعاود الحديث:
” هل انت مرتاحة في جلستك ، لابأس سنصل بعد قليل
سمعت الام تقول بعد ذلك نفس العبارة التي يكررها النيوزيلنديون صغارا وكبارا حينما يستقلون سيارة التاكسي متوجهين الى بيوتهم:
 ” انه لشىء رائع ان اعود الى البيت.
لاشك ان هذه الام تحب ابنتها وحرارة الحديث خير دليل على ذلك، ان هذه الام مثل غيرها من امهات هذه البلاد لاتسكت لحظة حين تكون برفقة ابنها او ابنتها، انها تتحدث عن كل شيء لاتترك شاردة ولا واردة تمر من امامهما الا وكان لها فيه رأي:
” اترين كيف ابتسم هذا الرجل لنا ، انه بالتأكيد رجل ظريف
او….
اترى تلك الام وهي تدفع في عربة ابنتها الصغيرة، اوه ان ضوء الشمس غطى وجه هذه الطفلة وربما سيحرق خديها، سيكون من الافضل ان تغطي الام وجه الطفلة
ارأيت ما اجمل هذا الكلب، ولكن كلبنا بوب  اجمل منه اليس كذلك؟
اوه لقد نسيت ان اشتري لبوب  السلسلة الفضية التي وعدته بها في الاسبوع الماضي  تعال معي لنختار له واحدة جميلة.
تمنيت ان اسألها قبل ان تصل الى بيتها:
” بعد كل هذا الحب ، لماذا ينتظر الابن او البنت  ان يبلغ السادسة عشر حتى يهرب من البيت؟
انه من النادر ان تجد ابنا او بنتا يعيش مع اهله بعد ان يبلغ السابعة عشر، وهو في العادة يجد في ذلك السن العمل الذي يناسبه، فالقانون هنا يتيح العمل لمن بلغ الخامسة عشر من عمره  والعمل كبائع اومنظف او محاسب وغيره  من الاعمال المتوفرة جدا  في مراكز التسويق المنتشرة في طول البلاد وعرضها.
وهذا الشاب الذي يبدأ حياته بالاعتماد على نفسه لاينسى اكمال دراسته اذ نادرا ما نجد احدهم يفعل غير ذلك حتى لو وصل الى ارذل العمر.
اعتقد اني شططت في الحديث، ليس هذه هي الفكرة التي اريد ان اوصلها بل تلك التي تتعلق بالضرب واقصد بذلك ضرب الاطفال.
لم يصادفني مشهد اب او ام ضرب ابنه او ابنته مهما كان السلوك مؤذيا واقصى مايفعله الاب او الام ان يصرخ بوجه ابنه ليشعره بانه غاضب منه او يطلب منه ان يقف في ركن الصالة لمدة ربع ساعة. ان الضرب في هذه البلاد جريمة يعاقب عليها القانون ويمكن ان يتعرض الاب او الام الى السجن او المراقبة من قبل الجهات المختصة او الاكتفاء بالتنبيه او الغرامة ومع هذا فالصحف لاتألوا جهدا في الكتابة عن هذه  الظاهرة  لتصل في النهاية الى المطالبة باعادة النظر في العقوبة التي يفرضها القانون في حالة تعرض الاطفال للضرب من قبل الوالدين.
ويصرخ الصحفيون المتحمسون الى انه قد آن الاوان لتشديد العقوبة على الوالدين بعد ان زادت عدد قضايا ضرب الاطفال التي تنظرها المحاكم…!
وبشكل عام فقد انحازت الصحف جميعها الى الاطفال المضروبين واطلقت عليهم الجيل المظلوم
وكانت احدى المحاكم  النيوزيلندية المختصة في احدى المقاطعات قد نظرت قضية الام التي ضربت طفلتها البالغة من العمر سبع سنين ، وكانت الاداة المستعملة هي القلادة الذهبية التي استقرت على جبهة الرأس  واصدرت حكما بحبس الام عشرة اشهر مع وقف التنفيذ.
وحسب القانون فان الطفل الذي يتعدى الثامنة من عمره  يحق له ان يقدم شكوى الى القضاء بحق والديه في حالة تعرضه للضرب او الاهانة او حتى رؤية احد والديه يرفع اصبعه بوجهه مهددا.
لم اكن مقتنعا حتى هذه اللحظة ان هؤلاء الاطفال يحتاجون الى كل هذه الضمانات القانونية لحمايتهم ، لان هؤلاء الاطفال ببساطة قد حصلوا على قسط وافر من الرعاية والحب والتقدير والاهتمام و( الديمقراطية).
ليس عندي اكثر من الامثلة التي تبرهن على صحة ما اقول، فليس هناك اسعد من الام او الاب الذي يبدي اهتماما استثنائيا لكل مايقوله ولده مهما كان هذا القول لايستحق الاصغاء.
قد يجد البعض ان هذا الامر ليس مهما بمافيه الكفاية ، ولكني اجده الاساس المهم في بناء شخصية الطفل، انه امر غاية في الروعة ان يجد الطفل شخص ما يصغي اليه ، انه بذلك يتعود على التعبير عن افكاره بسهولة، ليس هذا فقط بل انه يسعى الى البحث عن افكار اخرى جديدة يتحدث بها مادام هناك من يصغي اليه.
قرأت مرة في تقريرصادر من اليونسكو  ان الطالب العربي في سنته الدراسية الاولى يملك من الثروة اللغوية اقل من 100 مفردة بينما الطالب الامريكي او البريطاني او الالماني يملك في نفس العمر اكثر من  200 مفردة يستطيع استعمالها بسهولة ويسر، وليس من العجيب ان نرى هذا الطفل يتحدث بسهولة في اية مقابلة تلفزيونية او اذاعية او حتى في محفل عام.
وفي هذا التقرير نجد ايضا ان هذه المفردات اللغوية تزداد اضعافا في السنوات الدراسية اللاحقة بينما مفردات طالبنا العربي لاتزيد الا قليلا كلما تقدم في تعليمه.
والكارثة هي اننا نعلم جميعا كم هي رائعة لغتنا العربية بمفرداتها وجناسها  وطباقها وصورها المتألقة ومع هذا فانا اعترف اني لست موقنا من نجاح تجربة النيوزيلنديين في هذا المجال فالاطفال هنا يصيبهم التمرد حالما يبلغون الخامسة عشرة ، انهم يبدأون بالتدخين ” هناك مثل انجليزي يقول ان الولد يدخن في الخامسة عشرة من عمره ليثبت انه رجل وفي الاربعين يترك التدخين لنفس السبب”. ثم يستعجل الزمن ليصل الى سن الثامنة عشرة حتى يستطيع ان يتناول الكحول بحكم القانون، وبعدها تبدأ المشاكل الاخرى تنهال على رأس الابوين، فابنهما او ابنتهما تغيب كثيرا عن البيت فهي – كما هو- تنظم مع  اصدقائها السفرات الاسبوعية الى الغابات او الشواطىء البعيدة دون حتى التنازل لاخذ الاذن من الابوين، هذا عدا العلاقات الجنسية غير المشروعة ـ في عرفنا نحن ـ والتي دائما ما تتمخض عن مشاكل اجتماعية لاحصر لها.
لست هنا الان بصدد تعداد مشاكل النيوزيلنديين التربوية رغم اني ظللت ست سنوات احاول الاجابة على السؤال التالي: اذا كان هؤلاء الاطفال يتلقون مثل هذا الدعم والعناية والتعود على الاستقلال في حياتهم من قبل والديهما فلماذا اذن يسعون الى الانحراف او على الاقل البحث عن المشاكل في شبابهم، بمعنى آخر هل يعتقد هؤلاء الاباء والامهات ان جهودهم ستذهب سدىآ في تربية اولادهم ومع هذا فهم  يصرون على الاستمرار فيها اعترف باني عجزت عن الاجابة على هذا السؤال، ولكني اكتشفت على الاقل لماذا يمتنع معظمهم ـ حالهم حال الاوربيين الاخرين ـ عن الزواج.

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

تعلَّم-ي بحور الشعر (3) البسيط

تعلَّم-ي بحور الشعر (3) البسيط

بقلم: رياض الحبيّب

المصدر: موقع لينغا

مِن الصعب نسيان لحظات يعتبرها الإنسان تاريخية في حياته، مرّت عليه مرور الكرام ويتمنى لو أنها تعود؛ أنهيت المرحلة الأخيرة من دراستي المتوسطة- الصفّ التاسع- في بغداد واسم المدرسة متوسطة الزوراء للبنين الواقعة في جانب الرصافة. لفتني فيها أن أستاذ اللغة العربية في صفِّنا كان مسيحيًّا وقد تنبّه إلى موهبتي الشعرية فشجَّعَني. ذلك عندما أطلعْـتُهُ على قصيدة من بحر البسيط كتبتها في أعقاب مناسبة ما، ثمّ ألقيتها بعد مرور عام في قناة تلفزيون البصرة، هي الأولى (والأخيرة) التي تمّ تسجيلها لي في محطة تلفازية. دخلت الصفّ الثانوي العام- العاشر- في البصرة. وفي اليوم الأول من بدء الدراسة جاءنا أستاذ اللغة العربيّة؛ عرَّفنا في بداية الحصّة على شخصيّته وعلى مقرّرات اللغة التي منها النصوص والقواعد والإنشاء. ثمّ كتب بيت شعر على اللوحة قائلًـا: سنتعرّف أوّلًـا إلى قائل البيت، نشرح معناه وتاليًا الإعراب. ثمّ أردف مبتسمًا: (والعروض إذا أمكن) حينئذٍ تنفَّسْتُ الصُّعَداء إذ ظننتُني الوحيد من التلاميذ الذي يعرف الوزن الشعري لذلك البيت، قبلما تيقّنت بأنّ ظنّي في محلِّه. فسُرَّ الأستاذ حتى سأل عن اسمي. ذلك أنّ بحور الشعر من المناهج المقررة للقسم الأدبي في الدراسة الثانوية والذي يُستقبَل فيه التلاميذ عادة بعد اجتيازهم الصّف العاشر. لكنّ اختياري ذهب صوب القسم العلمي؛ لأنَّ الأدب عمومًا كان من هواياتي، ما فكّرتُ قطُّ بالتخصص فيه. أمّا اليوم فأتفق مع الرأي القائل بتفوّق الموهبة أحيانًا على التخصص
 
ثالثًا: بَحْرُ البَسِيْط
 
كان البيت الذي كتبه الأستاذ للشاعر النابغة الشَّيباني* ومن بحر البسيط
 لا تمْدَحَنَّ اٌمْرَءًا حتَّى تُجَرِّبَهُ * ولا تذمَّنَّهُ مِن غير تجريبِ
 إذًا عندنا في هذه الحلقة تفعيلة جديدة هي مُسْتَفْعِلُنْ وهي مفتاح تعلُّم كتابة شعر من البسيط، الذي ينضمّ إلى الطويل في قائمة البحور الأكثر استعمالًـا في تاريخ الشعر العربي كلِّه، لعَلّ البسيط من أبسطها. أمثلة؛ قصيدة الأعـشى قيس (وَدِّعْ هُرَيْرَة…) وقصيدة النَّابغة الذُّبياني (يا دارَ مَيَّة…) اللتان من المُعَلَّقات. وقصائد المتنبي الشهيرة: واحَرَّ قلباهُ ممّن قلبُهُ شَبِمُ…، عِيْدٌ بأيَّة حالٍ عُدْتَ يا عيدُ…، يا أختَ خير أخٍ… التي مِثلها عَروضيًّا قصيدة أبي تمّام (السَّيف أصْدَقُ أنباءً مِن الكتُبِ…) أمّا قصيدة عبيد بن الأبرص المُعَلَّقة التي مطلعها: (أقفرَ مِن أهلِهِ ملحوبُ…) والتي صنَّفها العَروضيّون على أنها من أنواع البسيط (المسمّى بالمُخَلَّع) فإني أختلف معهم على ذلك التصنيف، كما اختلف معهم قليل غيري، إلّـا أنّ حجّتي مختلفة؛ إذ اعتبرْتُ مُعَلَّقة عبيد وقصائد على نسقها من بحر مستقلّ، أترك عرضه الآن حتى يحين الأوان، لأنّ لعروضه ارتباطًا مع عروض بحر المُنسَرِح (الحلقة العاشرة) فالبحور التي تتناولها هذه الدراسة سبعة عشر- مع احترامي لمن يختلف معي من العَروضيِّين في المستقبل
 
ذكر العَلّـامة الأب لويس شيخو اليسوعي في كتابه الموسوم «علم الأدب» ج 1 ص 379 تعريفًا لبحر البسيط سأفسِّر كلّ فقرة منه بعد وضعها بين قوسين: (أجزاء البسيط هي مُسْتَفْعِلُنْ فاعِلُنْ- أربع مرّات، له ثلاث أعاريض وستة أضرب) ما سأقوم بتفصيله مع الأمثلة (يجوز فيه خبْن مُسْتَفْعِلُنْ إلى مَفاعِلُنْ) فأصْلُ مَفاعِلُنْ في بحر البسيط هو مُسْتَفْعِلُنْ بعد حذف السين منها لتصير مُتَفْعِلُنْ التي تُنقل إلى مَفاْعِلُنْ؛ ما يتفق ومواقع الحركة والسكون. قال حاتِم الطّائي
 يَرى البخيلُ سبيلَ المال واحدةً * إِنَّ الجَوَادَ يرى في مالِهِ سُبُلـا
 يَرَلْبَخيْ- لُسَبيْ- لَـلْمالِواْ- حِدَتنْ * إِنْنَلْجَوا- دَيَرَا- فيمالِهِيْ- سُبُلـا
 يَرَلْبَخيْ: مُتَفْعِلُنْ أي مَفاْعِلُنْ (ويجوز طيُّ مُسْتَفْعِلُنْ إلى مُفْتَعِلُنْ) والطَّيُّ هنا: حذف حرف الفاء من مُسْتَفْعِلُنْ لتصير مُسْتَعِلُنْ التي تنقل إلى مُفْتَعِلُنْ. مثالًـا على الطّيّ، من مُعلَّقة الأعشى- وهي من بحر البسيط
 تَـسمَعُ للحَلْيِ وَسْوَاسًا إِذا اٌنصَرَفَـتْ * كما اٌسـتعَان برِيحٍ عِـشـرِقٌ زَجِـلُ
 أيضًا: تُـلـزِمُ أرْماحَ ذِي الـجَدَّيْنِ سَـوْرَتَنا * عِـنْـدَ اللقاءِ فـتُـرْديهِمْ وَتَعْتَزِلُ
 فتفعيلة كلٍّ من (تَـسْمَعُلِلْ) و(تُـلـزِمُأَرْ) هي مُفْتَعِلُنْ
 
ذلك ما لاحظ الباحث لويس شيخو في الشعر القديم مُنوِّهًا بالتالي (لكنّ الطّيّ مقبول في الشطر الأوّل فقط) أي أنَّه مقبول في صدر البيت وغير مقبول في عجزه، بَيْدَ أنّ غير المقبول قد ورد في قصيدة الأعشى المُعَلَّقة وفي قصائد أخرى
 حَـتَّى يَـظَلَّ عَـمِـيـدُ الـقوْمِ مُـتَّكِئاً * يَـدْفَعُ بالـرَّاحِ عَـنْهُ نِـســوَةٌ عُجُـلُ
 وَعُلِّقَتْني أُخَيْرَى مَا تُلائِمُني * فاٌجتَمَعَ الحُـبُّ حُـبًّا كُلُّهُ تَبِلُ
 إذ وَرَدَ مثالًـا في قصيدة البُردة لكعب بن زهير (بانتْ سعاد) وهي من البسيط
 يا وَيحَها خُلَّةً لَو أَنَّها صَدَقتْ * ما وَعَدَتْ أَو لَوَ اٌنَّ النُّصْحَ مَقبولُ
 عَيْرانةٌ قُذِفَتْ في اللَحمِ عَن عُرُضٍ * مِرْفَقُها عَن بَناتِ الزورِ مَفتولُ
 فتفعيلة كل من (يَدْفعُبِرْ، فجْتَمَعَلْ، ما وَعَدَتْ، مِرْفَقُها) هي مُفْتَعِلُنْ. لكن الواقع مع تقدّم الزمن هو أنّ الشعراء عدلوا عن استعمال الطَّيَّ سواء في صدر بيت البسيط وفي عجزه، حفاظًا على رونق البيت وموسيقاه (ويجوز خبْن فاعِلُنْ إلى فَعِلُنْ) أي حذف الألف من فَاْعِلُنْ فتصير فَعِلُنْ وهذا الخبن مُستحَبّ في صدر البيت وعجزه معًا، كما في بيت حاتم الطّائي المذكور وفي بيت الأعشى: وَدِّعْ هُرَيْرَة… وانتهى التعريف
 
أنواع البَسِيْط
 
سأركز على نوعين اثنين ازدهت بهما جواهرُ البسيط ولآلئُه، ثمّ ألقي ضوءً خفيفًا على غيرهما، ما تقتضي الدراسة الأكاديمية إحاطة القرّاء علمًا به
 
أوّلًـا؛ البسيط التام الذي عروضُهُ فعِلُنْ- بتحريك العين- وضرْبُها مِثلها
 مُسْتَفْعِلُنْ- فاعِلُنْ- مُسْتَفْعِلُنْ- فَعِلُنْ * مُسْتَفْعِلُنْ- فاعِلُنْ- مُسْتَفْعِلُنْ- فَعِلُنْ
 وَدِّعْ هُرَيْرَة إنَّ الرَّكْبَ مُرْتحِلُ * وهَلْ تُطِيْقُ وَداعًا أيُّها الرَّجُلُ
 غرَّاءُ فرعاءُ مَصْقولٌ عَوارضُهَا * تمشي الهُوَيْنى كما يَمْشِي الوَجي الوَحِلُ
 وَدْدِعْهُرَيْ- رَتَئِنْ- نرْرَكْبَمُرْ- تحِلُو * وَهَلْتُطِيْ- قُوَدَا- عَنْأيْيُهَرْ- رَجُلُو
 غرْرَاْؤفَرْ- عَاؤمَصْ- قُوْلُنْعَـوَا- رِضُهَا * تمشِلهُوَيْ- ناكما- يَمْشِلوَجِلْ- وَحِلُوْ
 تنويه: لاحظ-ي طريقة الكتابة عروضيًّـا ولا سيّما البيت الثاني؛ إذ اختفت الياء لفظًا مِن كلّ مِن (تمشِي، يمشِي، الوَجي) حتى حلّ الخفض (أو الكسر) محلّ كلّ منها. فهذه هي الطريقة الصحيحة لقراءة البيت وتقطيعه
 
من الأمثلة على هذا النوع من البسيط: قصيدة حاتم الطائي التي منها البيت المذكور أعلى؛ مطلعها: مَهْلًـا نَوَارُ أقِلِّي اللومَ والعذَلَـا * ولا تقولي لشيءٍ فاتَ ما فعَلَـا
 وقصيدة النابغة الذبياني المعلَّقة؛ مطلعها: يا دارَ مَيَّة بالعلياءِ فالسَّنَدِ… إلخ
 وبيتا عنترة بن شدّاد اللذان غنتهما السّيّدة فيروز
 لو كان قلبيْ معيْ ما اٌخترتُ غيرَكُمُ * ولا رَضِيتُ سِوَاكُمْ في الهَوى بدَلَـا
 لكنهُ راغبٌ في منْ يعذّبُهُ * فليسَ يقبَلُ لا لومًا ولا عَذلَـا
 وبردة البوصيري: أمِنْ تَـذَكِّرِ جيرانٍ بـذي سَـلَمِ * مَزَجْتَ دَمْعًا جرى مِنْ مُقلَةٍ بدَمِ
 وقد عارضها أحمد شوقي بقصيدة “نهج البردة” وهذه غنتها كل من السّيّدتين أمّ كلثوم ونجاح سلام وغيرهما؛ مطلعها: ريمٌ على القاع بَيْن البان والعَلَمِ… إلخ
 وأخيرًا؛ قصيدة ابراهيم اليازجي التي مطلعُها
 تنبَّهُوا واٌستفيقوا أيُّها العَرَبُ * فقد طمَى الخَطْبُ حتى غاصتِ الرُّكَبُ
 
ثانيًا؛ البسيط التام الذي عروضُهُ فعِلُنْ وضَرْبُها فعْلُنْ بتسكين العين
 مُسْتَفْعِلُنْ- فاعِلُنْ- مُسْتَفْعِلُنْ- فَعِلُنْ * مُسْتَفْعِلُنْ- فاعِلُنْ- مُسْتَفْعِلُنْ- فَعْلُنْ
 قد كان بيْ ما كفى مِن حُزنِ غَرْسانِ * والآن قد زادَ في هَمِّي وأحزاني
 ما حالُ بَرّاقَ مِن بعدي ومَعْشَرِنا * ووالدَيَّ وأعمامي وإخواني
 قدْكانَبيْ- ماكفا- مِنحُزنغَرْ- سانِيْ * ولْئانقدْ- زادَفِيْ- هَمْمِيوَءَحْ- زاني
 ماحالُبَرْ- راقمِنْ- بَعْدِيْوَمَعْ- شَرِنا * وَوَالِدَيْ- يَوَءَعْ- مامِيْوَئِخْ- واني
 والبيتان من قصيدة للشاعرة النصرانيّة ليلى العفيفة (ت 483 م) هي مَرْثِيَّة في ابن عمِّها غَرْسان بعدما علِمَت بخبر قتله في حرب. وغرسان هو أخو شاعر النصرانيّة المشهور والفارس البَرّاق (ت 470 م) الذي أنقذ محبوبته العفيفة من قبضة الأسر في بلاد الفرس. وليلى العفيفة والبَرّاق من شعراء اليمن. ومن قصيدتها أيضًا
 تربَّعَ الشَّوقُ في قلبي وذبتُ كما * ذابَ الرَّصاصُ إذا أُصْليْ بنيرانِ
 فلو ترانيْ وأشواقيْ تُقلِّـبُني * عَجِبْتَ بَرَّاقُ مِن صَبْريْ وكِتماني
 
ومن الأمثلة المعروفة على هذا النوع؛ قصيدة المتنبي التي مطلعُها
 عِيْدٌ بأيَّةِ حالٍ عُدْتَ يا عِيْدُ * بما مضى أمْ لأمْرٍ فيكَ تجديدُ؟
 أمّا الأحِبَّةُ فالبَيْداءُ دُوْنهُمُ * فليتَ دُونكَ بيْدًا دُونها بيدُ
 عِيْدُنبئَيْ- يَتِحَا- لِنْعُدْتَيا- عِيْدُوْ * بمامَضا- أمْلِئَمْ- رِنْفِيكَتجْ- دِيْدُوْ
 أمْمَلْءَحِبْ- بَتُفلْ- بَيْداؤدُوْ- نَهُمُوْ * فلَيْتَدُوْ- نكَبيْ- دَندُونها- بيْدُوْ
 تنويه؛ لاحِظ-ي أنّ حركة ميم الجماعة في (دونهُمُ) هي الضمَّة (لا السكون) لتمشية الوزن بدون عيب نحويّ، لكن هناك من يقرأها بتسكين الميم أي (دونهمْ) ما يؤدّي إلى اختلال في الوزن وإن كان المعنى واحدًا. لذلك قلت في ما مضى أنّ معرفة الوزن ضرورية لضبط علامات الإعراب. هذا في وقت نقرأ في قصيدة أخرى للمتنبّي (هي من نوع البسيط الأوّل) ميم جمع ساكنة، كما في قوله “لهُمْ” فلا تجوز قراءتها (لهُمُ) بضمّ الميم في ما يأتي حفاظًا على الوزن
 تَخالَفَ النّاسُ حتى لا اتّفاقَ لَهُمْ * إلّـا على شَجَبٍ والخُلْفُ في الشَّجَبِ
 والبيت من مرثيّة له في السيدة خولة أخت سيف الدولة الحمداني؛ مطلعُها
 يا أختَ خير أخٍ يا بنتَ خيرِ أبِ * كنايةٌ بهِما عنْ أشرفِ النَّسَبِ
 
لكنّ الجدير ذكره؛ هو وجوب تحاشي انتهاء شطر البيت بكاف المخاطب-ة المبنيّ على الفتح أو الكسر (لكَ، بكِ، معك) بخطأ وقع به هواة الشعر اليوم. لأنّ القاعدة التي نصّت على قلب الضمّة (التي على الهاء أو الميم) واوًا وقلب الكسرة ياءً لثقل الضمّة والكسرة على هذين الحرفين وللضرورة الشعرية، لا تتماشى عروضيًّا مع حرف الكاف كضرورة، لخفّة الفتحة، إلّـا إذا كان كل من (لكَ، بكِ،…) جزءً من قافية، عندئذٍ تطلق الفتحة بألف الإطلاق، بينما يبقى الكسر؛ كقول شاعر من البسيط
 أنظرْ بعينيَّ إمّا بتَّ تعْذلُني * تُبْصِرْ مَحَاسِنَها بالرُّوحِ عيناكا
 وقول عنترة بن شدّاد من البسيط أيضًا
 يا عَبْلُ إن كان ظلُّ القسْطلِ الحلكِ * أخفى عليكِ قتالي يومَ معتركي
 فسائِلِيْ فرَسِيْ هلْ كنتُ أطْلِقُهُ * إلّـا على موكبٍ كالليلِ مُحْتبكِ؟
 
ومن أمثلة النوع الثاني أيضًا؛ قولُ الحُطَيئة
 دَعِ المكارمَ لـا ترحلْ لبُغْيَتها * واٌقعُدْ فإنّكَ أنتَ الطاعمُ الكاسي
 وخمريّة أبي نؤاس التي مطلعُها
 دَعْ عنكَ لوميْ فإنَّ اللومَ إغراءُ * وداوِني بالتي كانتْ هِيَ الدّاءُ
 صفراءُ لا تنزلُ الأحزانُ ساحتها * لو مسَّها حجَرٌ مَسَّتهُ سَرّاءُ
 ولعلّ من أشهر الأمثلة على هذا النوع؛ المناظرة التي جرت بين عبيد بن الأبرص واٌمرئ القيس، كانت لي معها وقفة ذات سؤال وجواب في البيت ذاته (منشورة الكترونيًّا) فيسرّني ذِكر بيتي المناظرة الأوّلين مع الوقفة المقابلة لهما
 قال الأوَّل: ما حَيّة ٌ مَيْتة ٌ قامتْ بمـِيْتتِها * دَرْداءُ ما أنبَتتْ ناباً وأضراسا؟
 أجاب الثاني: تلك الشعيرةُ تُسقى في سنابلها * فأخرجَتْ بَعْدَ طول المكث أكداسا
 الوقفة: ما نبتة ٌ أثمَرَتْ خيرًا زراعـتُها؟ * تلكَ المَحَبّةُ تأتي الصَّخْرَ إحساسا
 
وتجاه نوعَي البسيط المذكورين واجبٌ يُنصَحُ به شعراءُ اليوم؛ هو تجنُّب خبن مُسْتَفْعِلُنْ الثانية إلى مَفاعِلُنْ في كلٍّ من صدر البيت وعجزه. لنأخذ مثالًـا بيت اٌمرئ القيس الذي خبَنَ فيه التفعيلة مستفعلن الواقعة في الجزء الرابع، أي التي في عجز البيت
 أَبَعْدَ زَيْدَانَ أَمْسَى قرْقرًا جَلَدًا * وكان مِن جَنْدَلٍ أَصَمَّ مَنْضُودَا
 أَبَعْدَزَيْ- دَانَأَمْ- سَاقَرْقَرَنْ- جَلَدَنْ * وكانمِنْ- جَنْدَلِنْ- أَصَمْمَمَنْ- ضُودَا
 وبيتين فعَلَ الأعشى في صدر أوَّلهما وفي عَجْز الآخر ما فعل اٌمرؤ القيس
 عُـلِّـقْـتُها عَرَضًا وَعُـلِّـقَـتْ رَجُلًـا * غَيرِي وعُلِّقَ أُخرَى غيرَها الرَّجُلُ
 بَرْقًا يُضِيءُ عَلى الأجزاعِ مَسْقطهُ * وبالخَبِيَّةِ مِنْهُ عَارِضٌ هَطِلُ
 إذًا كلٌّ من (أَصَمْمَمَنْ، وَعُلْلِقَتْ، هُعَارِضُنْ) على وزن مَفاعِلُنْ الناتجة من الخبن غير المستحبّ لـ مُسْتَفْعِلُنْ الواقعة في الجزئين الثاني والرابع من بيت البسيط
 
ثالثًا: مجزوء البسيط
 
عروضه: مُسْـتَـفعِـلُنْ. ولها ثلاثة أضرب: مُسْـتَـفعِـلُنْ- مثلها، مُسْـتَـفعِـلانْ، مُسْـتَـفعِلْ التي تُنقل إلى مَفعُوْلُنْ
 
1. مثالًـا على العروض مُسْـتَـفعِـلُنْ وضرْبُها مُسْـتَـفعِـلُنْ أيضًا
 ماذا وقوفي على ربْعٍ خلَـا * مُستوحشٍ دارسٍ مستعجمِ
 مثالًـا آخر: أهكذا باطِلًـا عاقـبْتَـنِي * لا يَرْحَمُ اللهُ مَن لا يَرْحَمُ
 
2. مثالًـا على العروض مُسْـتَـفعِـلُنْ التي ضربها مُسْـتَـفعِـلانْ
 يا طالبًا في الهوى ما لا يُنالْ * وسائلًـا لم يعَفْ ذلَّ السُّؤالْ
 وَلَّتْ ليالي الصِّبا محمودةً * لو اٌنّها رجَعَتْ تلكَ الليالْ
 
3. مثالًـا على العروض مُسْـتَـفعِـلُنْ التي ضربها مَفعُوْلُنْ
 يا مَن دَمِي دونهُ مسفوكُ * وكلُّ حُرٍّ لهُ مملوكُ
 كأنّهُ فضّةٌ مسبوكةٌ * أو ذهبٌ خالصٌ مسبوكُ
 ما أَطْيَبَ العَيْشَ إلا أَنَّهُ * عَنْ عاجِلٍ كُلُّهُ مَتْرُوكُ
 
رابعًا: مشطور البسيط
 
فيه نصف تفاعيل البسيط التامّ؛ أي مستفعلن فاعلن مرتين بدلًـا من أربع. مع جواز الخبن والطّيّ- كما في التامّ. وأغلب الظنّ أنّ مبتدعه شاعر من الأندلس. فقد ورد في المُوَشَّحَات الأندلسية التالي- عن مقطع يوتيوب المذكور في نهاية حلقة بحر المديد
 غـدا مُـناديـنا * مُحَكَّـمًا فـينا
 (يقضي علينا الأسى * لولا تأسِّينا)
 يا جيرة بانتْ * عن مُغرَمٍ صَبِّ
 لعهْدِهِ خانتْ * مِن غير ما ذنبِ
 ما هكذا كانت * عوائدُ الحبِّ
 لا تحسَبُوا البُعْدا * يُغيِّرُ العَهْدا
 إذ طالما غيّرَ النّأيُ المُحِبِّينا
 والبيت الأخير مُدوَّر؛ غالبًا ما يوضع الحرف م إلى جانبه؛ أي يشترك شطرا البيت في كلمة واحدة؛ هي جزء من نهاية الشطر الأوّل مع جزء من بداية الثاني. مثالًـا: النّأي
 إذطالما- غيْيَرَنْ * نأيُلْمُحِبْ- بيْنا = مُسْـتَـفعِـلُنْ- فاعِلُنْ * مُسْـتَـفعِـلُنْ- فَعْلُنْ
 لكن يبدو أنّ صاحب الموشَّحَة ضَمَّن عجز بيت من البسيط للشاعر الأندلسي ابن زيدون، مطلعُ قصيدته: أضْحَى التّنائي بَديلًـا مِنْ تدانِينا * ونَابَ عَن طِيْبِ لُقيانا تجافِيْنا
 فالبيت المُضمَّن منه: نَكادُ حِين تُناجيكُمْ ضَمائرُنا * يَقضي علينا الأسَى لولا تأسِّيْنا
 لهذا تمَّ وضْعُ البيت المُضمَّن بين قوسين، هو من أخلاق الاقتباس. فالتضمين: قيام كاتب باقتباس نصٍّ ما من كاتب آخر، يضع النصَّ بين قوسين ويعترف بأنَّه مقتبس، مُشيرًا إلى الجهة التي تمّ الإقتباس منها وإلى اسم صاحب النصَّ إذا كان معلومًا
 
مثالًـا آخر؛ قال أحمد شوقي في وصف الخمر
 طالَ عليها القِدَمْ * فهْيَ وُجُودٌ عَدَمْ
 قد وُئِدَتْ في الصِّبا * واٌنبَعَثتْ في الهَرَمْ
 بالغَ فرعونُ في * كرْمتِها مِن كرَمْ
 أهْرَقَ عُنقودَها * تقدِمَةً للصَّنمْ
 
* * * * *
 
* النابغة الشَّيباني (ت 743 م) هو عبدالله بن المخارق، نابغة بني شيبان- غير النابغة الذبياني وغير النابغة الجَعْدي وسواهما من نوابغ العرب- دعاه قومُهُ بالنابغة لجودة شعره ومتانته. من شعراء النصرانية في العصر الأموي، ورد ذكره في كتب؛ منها الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني 151:6 على أنّ الشَّيباني (شاعر بدوي. كان يقيم كما نظنّ في حدود الشام مع قومه بني شيبان ويتردد على مدنها. فهو يذكُرُ في شِعْرهِ دمشق وبعلبك. أمّا دينه فكان فيما أرى نصرانيًّا لأني وجدتُهُ في شعره يحلف بالإنجيل وبالرهبان وبالأيمان التي يحلف بها النصارى) انتهى. وشكرًا جزيلًـا للأب لويس شيخو اليسوعي على كتبه الموسومة في علم الأدب وفي آداب شعراء النصرانية

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

الليالي الخمسة 5

الليالي الخمسة

محمد الرديني

الليلة الرابعة

وجد فلاح نفسه في غرفة طويلة ، ولكن طولها يتناسب مع عرضها بالتساوي ، وفي ركن قصي يتجه الى ابعد نقطة من يمين الغرفة كان يجلس شخص ما، يبدو حين يدخل عليه احد بعيدا عن مستوى النظر لاترى ملامحه بوضوح، مجرد ظل كبير يجلس وراء طاولة مستطيلة الى الحد الذي  تثيرفيه الانتباه لذلك، بينما رصت جدران الغرفة الثلاثة برفوف انيقة حشرت بها عشرات اشرطة  الفيديو، اما الجدار الرابع فقد كان مغطى بقماش اسود تقف عند وسطه مزهرية ورد عملاقة كانت خالية  من الزهور.
لم يكن يعرف تماما لماذا كل هذه الافلام وهل ان هذا الشخص استدعاه ام ان هؤلاء الرجال الثلاثة الغلاظ هم الذين اقتادوه الى هنا ومع هذا فهولا يدعي انه لايعرف شيئا ، انه ينتطرمنذ الليلة قبل الماضية ، تلك الليلة التي كان فيها كل شيء هادئا تماما حتى ان صديقه عمر همس في اذنه:
“اتسمع صوت الصمت يافلاح.
” نعم اني اسمعه بوضوح يرن في اذني.
ضحك عمر بصوت قوي وصاح:
” لو كانت هنا جدتي لقالت استر يارب فالهدوء لايسبب الا المصائب.
لم يكمل عمر جملته حتى خرج من بين الاحراش رجلان لم يستطع فلاح ان يتبين ملامحهما ولكنه سمع صوت عمر وهو يصرخ:
 اهرب يافلاح انهما…
ضاعت الكلمات الاخرى في الهواء اذ سرعان ما انقض عليه الرجلان بينما انشقت الارض عن رجال آخرين مسكوه من يديه ودفعوه الى الارض ليتأكدوا من وثاقه جيدا ثم كمموا فمه بطريقة تنم عن تدريب خاص وقادوه الى مكان ما.
امره صوت ما بالاقتراب.
كانت حزمات الضوء المتساقطة على وجه الرجل الامرد تؤكد مدى عنايته بصحته واناقته ولكن من المؤكد ان هذه الكلمات لاتعبر بوجه دقيق عن ادمان هذا الرجل على مايبدو الوقوف ساعات متواصلة امام المرآة ليس فقط ليتأكد من ربطة عنقه المشدودة بعناية الى ياقة قميصه ولكن ايضا ليتأكد من عدم زوال احمرار وجنتيه الحليقتين بعناية مبالغ بها والتي استغرقت منه وقتا اضافيا هي الاخرى.
ولعله لم يدرك او انه تناسى ان عينيه تبان للناظر اليهما انهما قد لصقتا في وجهه كيفما اتفق فقد كانتا صغيرتان يدور البؤبؤان فيهما يمينا وشمالا بسرعة غير طبيعية.
سمع الرجل يقول له:
” انا اليوم في مزاج رائع ويمكنني ان استمع اليك باهتمام رغم ان ذلك ليس من طباعي ولكن قبل ذلك اود ان اقول لك انك لست موقوفا بالمعنى الحرفي للقانون فانت هنا لتتعلم ما لم تتعلمه في حياتك الماضية كلها.
سكت الرجل قليلا واخرج من درج مكتبه منديلا ناصع الزرقة مسح به جبينه وبعض اجزاء من رقبته ثم تابع باهتمام قليل:
” انا ادعي اني صاحب منطق في العمل جديد تماما بل وحتى انه غير معروف من قبل حتى لاعتى رجال الامن المشهورين في العالم.
تابع:
”  البداية تقليدية جدا فقد كنا نراقبك منذ فترة وحانت لرجالنا فرصة قبل يومين للقبض عليك واقتيادك الى هنا.
ويستدرك بسرعة دون ان تتوقف عينيه عن الدوران :
” كانت تعليماتي للرجال واضحة: الضرب ممنوع في كل الاحوال ، ليس خوفا من احد ولكن اساليبنا تطورت. في الواقع انا صاحب هذا التطوير بل قل الثورة في عالم الامن والمخابرات. نحن لانؤمن بالاغتيال السياسي لاننا ببساطة  نريد الجميع اصحاء وفاعلين يعملون تحت خيمتنا بقناعة تامة.
لاننا ببساطة ايضا اذا فعلنا عكس ذلك نكون قد خسرنا الاف الاشخاص وكسبنا عداوة اهلهم واقاربهم واصدقائهم. انت مثلا لابد لك اخوة واهل واقارب لا بل لديك اصدقاء كثيرون بحكم كونك من الشباب الواعين المثقفين, تخيل لو انك مت تحت قسوة التعذيب فسنكون امام موقف حرج فالناس لاتصدق انك مت ميتة طبيعية لانهم لايصدقون ان مثلك شابا قويا يتمتع بصحة وعافية يموت مثلا بالسكتة القلبية او النزلة الصدرية او اي مرض عارض آخر. لنقرب الصورة اكثر ، ماذا سنجنيه اذا مت انت تحت التعذيب قد تجيب على اسئلتنا قبل موتك وتساعدنا كثيرا في القبض على الاخرين المشتبه بهم، ولكن الاتعتقد انهم ايضا سيموتون بدورهم بعد ان يساعدونا ايضا ولكن ماذا ستكون المحصلة، المحصلة هي اننا خسرنا رجالا نحن في امس الحاجة اليهم وربحنا عداوتهم وعداوة اطفالهم.
حرك اصابع يده اليمنى كطفل حديث العهد بالكتابة وعاود الحديث بعد ان عدل ربطة عنقه بينما سرح فلاح بكلمات هذا الرجل الانيق التي حاول ان يحل رموزها ولكنه عجز حين احس بانه لم يفهم منها ولا كلمة واحدة قال الرجل الانيق:
” ان هذه الغرفة التي تراها الان ستكون نواة لتجربة جديدة يمكننا ان نسميها تجربة ديمقراطية القوة. انها تجربة كما ترى جديدة جدا حتى انك من الناس القلائل الذين يسمعون بها بل وتعيشها بشكل مطلق. اكرر لك انها تجربة جديدة ولكننا نريد تطبيقها بالقوة اقصد ديمقراطية القوة.
لم يتأكد فلاح من جنون هذا الرجل بعد ولكن هذا الخاطر مر على باله سريعا رغم انه آثر ان يلتحف بالصمت ويصغي الى آخر الحديث.
عاد الرجل الى الحديث مرة اخرى وكأنه لايجد بديلا غيره في هذه اللحظة:
” سنبدأ الان تطبيق اول بنود التجربة وعليك ان تختار احد امرين وهذا الاختيار مهم لانه اول اساسات الديمقراطية التي ننادي بها. الاختيار الاول يتعلق باحد الافلام ، تختار احدها ليعرض عليك ويجب في هذه الحالة ان تراه كاملا او تختار الحجة والمنطق فماذا تقول …؟
تنبه فلاح الى ان الرجل يسأله وهو بذلك يريد جوابا ، نظر الى عيني الرجل الانيق ببلاهة لم تكن مقصودة.
اعاد الرجل الانيق سؤاله:
” انها تجربة رائعة هل تريد ان تجربها ماعليك سوى ان تختار الفيلم الذي تريد مشاهدته واذا لم تعجبك يمكننا ان نختار غيره اوتختار البند الثاني من التجربة وهو ان تفتح قلبك للمناقشة ضمن الحجة والمنطق.
ماذا يريد منه هذا الرجل ؟ انه اما ان يكون مجنونا وضعوه هنا بالصدفة او انه يملك عقل طفل ذي مزاجات متقلبة.
 لم يكن امامه سوى مسايرته فقد وجد  في صوته خيط من العناد الذي لاتجده الا في عقول الاطفال. تجولت عيناه بين عشرات الافلام المرصوفة امامه و كانت كلها تقريبا تحمل ارقاما متسلسلة بارزة. نظر اليها مرة اخرى ثم عاد الى الرجل الانيق الذي يبدو مرتبكا من هذه النظرات التي تسمرت على وجهه او هكذا خيل لفلاح.
بصعوبة اخرج صوته :
” ليكن الفيلم رقم 11.
” عظيم.
صرخ الرجل الانيق بمرح ثم نهض بنشاط وحيوية الى حيث مكان الفيلم المقصود فيما حمل اليه الهواء الذي حركه الرجل الانيق وهو ينطلق نحو الرف عبير عطر رائع لم يشمه من قبل.
لم تمض الا بضع ثوان حتى دوت موسيقى خافتة يبدو  انها منيبعثة من الفيلم  رقم 11 .
في هذا الفيلم شاهد امرأة تتحرك بغنج ودلال غير مفتعل فقد كانت في غاية الجمال، انه نوع من ذاك الجمال الذي لايأسرك  فقط وانما يقودك الى متاهات تعرق وتلهث في الوصول الى بدايتها .
كان امام المرأة جبل عال مغطى بلون بني .. لون بني يميل الى السواد القاتم . كان جبلا موحشا يوحي للناظر اليه انه مغرور اخرس ويبدو انه يمنح شعورا بالضعة للاخرين تميزا لهالته المدببة . في قاع هذه الهالة المدببة فتحة ليست كبيرة ولكنها تتسع لدخول جسم بشري اذا ما حشر نفسه بعناية .
انحنت الفاتنة نحو الفتحة وقد بانت عجيزتها اكبر مماهي خصوصا وانها كانت تحاول ان تحشر مقدمة جسمها في الفتحة التي بدت اضيق الان . استطاعت بعد محاولات مفتعلة ان تدخل من فتحة الجبل الى الداخل.
كان الظلام موحشا هناك ولكنها حين استقامت تحرك بصيص نور ليس بعيدا جدا .. تقدم البصيص نحو  الفتاة ، انقلب البصيص الى نور ساطع اشاع شيئا من الدفء داخل هذا الجيب الجبلي  فيما حاولت هي ان تنزع قميصها البني الذي بدا ملتصقا بجسمها. كانت حركاتها وهي تنزع القميص ثم البنطال اشبه بحركات راقصات الليل رغم انها لم تكن تتقن تلك الحركات التي توقفت فجأة لتتناول من الارض مفتاحا حملته الى حيث  الصندوق الاسود.
كان هذا الصندوق مربع الشكل صغير الحجم يلفه اللون الاسود الداكن، حملت الصندوق برفق وقربته من صدرها، ظل الصندوق هناك ثوان معدودات .
بعد خطوات معدودة الى الامام توقفت امام ظل رجل لم يكن طويلا ولكنه بدا ثابتا ووضعت الصندوق على الارض بعد ان فتحت بابه برفق يشوبه شيء من الخوف،  تراجعت الى الخلف بسرعة حين اصبح الباب مفتوحا بالكامل.
كان الصمت مريعا في ذلك الوقت وظل الرجل داخل الجبل والقريب من الصندوق الاسود بدأ يتحرك يمينا وشمالا فيما تدلى من فتحة الصندوق رأس مكور يشبه رأس حية ضخمة ، لا لم يكن يشبه رأس حية ، انه رأس الحية بالفعل.

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

نقاش رومانسي في نادي لبناني ليلي

نقاش رومانسي في نادي لبناني ليلي

سرمد علي الجراح

(قال النائب عن كتلة الأحرار (الصدريون) عدي عواد, إن التصريحات التي يطلقها عزة الشابندر بشان الوضع السياسي الراهن نابعة عن تأثيرات النوادي الليلية اللبنانية التي اعتاد عليها). إنتهى الخبر
هذا التصريح جاء كجزء من الحوار والنقاش السياسي الدائر هذه الايام بين أعضاء دولة الخروف الابيض ومعارضيهم من جماعة الطلي الأثول في برلمان سوك الدواب
شلون نقاش سياسي يشفي الفّاد
أريدكم انشط, وياريت بالمدس تصير ونقل حي, من يم باب الطاحونه الحمراء في بيروت
ليش أخونه عدي, هيج تحجي على الحاج شاهبندر الكفار؟؟ شنو قابل شفته يشمر دولارات على راس المالكي وهوه يهز ركبه؟
زين شمدريك بتأثيرات النوادي الليليه البنانيه؟؟ لازم حضرتك مسوي دراسه ميدانيه عن تأثيراتها بعد البيك الرابع آناء الليل, ثم بعد الرقص بدون سروال أطراف النهار
وهذا شاهبندر الكفار صارله كاعد بلبنان شهرين شيسوي؟؟ كافي يابعد عيني ماشبعت لو هذا جوع عتيك. بس ابقه هناك أحسن على أساس راح تشرمها من ترجع
من تسمع تصريحات السياسيين تكول أيابـــــاه شكد قلبهم على هل بلد؟؟ وخايفين على الوحده الوطنيه بالدهن, ويحذرون من الطائفيه بالثوم والبصل, ويطالبون بضبط النفس بتبّدوره أو فلّينه أو جزره إسلاميه, خوفا من الباميه وانفجاراتها
من تشوفوهم بحوار بالتلفزيون, اخوان رجاءا, سدوا الصوت, وباوعوا على عيونهم وحركاتهم!! راح تشوفون العجب!!
قبل, بزمن أخو هدله, هوّه يكلك اني شقاوه وما أعرف اللي خلقني, علني
لكن هذوله الله وكيلك, واحدهم كأنه واوي حلفه, يبتسم, بس بعيونه يريد يكطّع صاحبه, ويبدي بيه من جوّه ليفوك.
وشكد مايحاول يبيّن نفسه تقي, عيونه تكول دير بالك, تره آني اكبر شلايتي وساقط
أما تعابير وجهه فهاي وحدها تصيح ياناس, آني من أهل جهنم, ودافع سرقفليه
تشوفه يبيع ثكل, بس هذاك هوه مبين, مطيرجي, أو في أحسن الاحوال سِكِن مال فورتات, لو يجي الريل
ولكم هَيْ طراطير, أنتو مال نقاشات؟ بس اطلعوا منها وهيه تعمر,
عبالكم الناس متعرفكم شلون أوغاد وسفله
هيه إذا وصلت الدنيا إلى حال, بحيث مقدده الددر يعيّن رئيس ودراء, فمن طيّح الله حظ هيج وزاره وهيج بلد وهيج دنيه
لكن اللي يبقى مدوخني هوه, معقوله أكو بالعراق مخلوقات عاقله وترضع صغارها اللبن, ولديها القدره على ضرب الجلاليق, ولا تضرب هيج سرسريه كل واحد ألف جلاق؟؟
أزمه سياسيه أم أزمة جلاليق؟؟

Posted in الأدب والفن, فكر حر | Leave a comment