مرحبا يا أيها الأرق

محمد مهدي الجواهري

مرحبا يا أيها الأرق    …………..    فرشت أنسا لك الحدق
لك من عيني منطلق ………….. إذ عيون الناس تنطبق
لك زاد عندي القلق  ………….. واليراع النضو والورق
ورؤى في حانة القدر ………….. عتقت خمرا لمعتصر
مرحبا يا أيها الأرق ………….. فحمة الديجور تحترق
والنجوم الزهر تفترق ………….. فيجر السابح الغرق
شف ثوب للدجى خلق ………….. وخلا من لؤلؤ طبق
ومشى صبح على حذر ………….. كغريب آب من سفر
أنا عندي من الأسى جبل  ………….. يتمشى معي وينتقل
أنا عندي وإن خبا أمل  ………….. جذوة في الفؤاد تشتعل
إنما الفكر عارما بطل ………….. أبد الآبدين يفتتل
قائد ملهم بلا نفر ………….. حسرت عنه راية الظفر
مرحبا يا أيها الأرق  ………….. كم يد أسديت لي كرما
أنت في عيني سنى ألق ………….. أجتليه بمسمعي نغما
مرحبا يا أيها القلق  …………..  وجد الضليل فانسجما
مرحبا يا صفوة الزمر ………….. يا مطيلا فسحة العمر

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

تعلَّم-ي بحور الشعر (12) المضارع

 رياض الحبيّب

 موقع لينغا 

 27 تموز 2012، 09:11:24

رأيتُهُ في قبرص وعُمْرُهُ لم يتجاوز العشرين حينذاك، مُوظَّفًا في أحد أقسام شركة كبيرة نسبيًّا، حَظِيَتْ بزبائن عُـدُّوا بالآلاف؛ رأيتُهُ وهو يَرفُسُ باب دخول القسم الذي “يعمل” فيه إذ نسِيَ جَلْبَ بطاقته التي تفتح له الباب فلم تُطِق أعصابُهُ الإنتظار أزْيَدَ مِن بضع ثوانٍ قرع خلالها الجرس مرّات متتالية. ورأيته ذاهبًا إلى حمّام القسم وفي يده حسّابة الكترونية فلمّا خرج منه تركه بأقذر صورة. ورأيته جالسًا أمام الكومبيوتر على كُرسيِّ مدير القسم إذ غاب عن مكتبه بضع دقائق فلمّا انتهى من قراءة رسائله أطفأ الجهاز بضغطة زرّ. ورأيته وهو مشغول بسَحْب أوراق من ملفّ أحد الزبائن فأودَعَها في ملفّ زبون آخر. ورأيتُهُ وهو يصول ويجول في أقسام الشركة طوال فترة العمل، تارة يتمازح مع هذي وتارة يتشاجر مع تلك. ورأيته في خارج الشركة أزيد من مرّة بتسريحة شَعَر مختلفة عن سابقتها؛ رأيته في أحد مَحالّ بيع الثياب وهو ينتقي قميصًا وغالبيّة القمصان المعروضة أمامه مُلقاة على الأرض. ورأيتُهُ مُمسِكًا بسمّاعة تلفون عموميّ وهو يتحدّث بصوت أجَشّ بلا انقطاع وإحدى السّيّدات واقفة عن كثب تنظر إليه بدهشة وتنتظر إخلاءه المكان، كنت واقفًا أمامه أنتظر الباص وقد أوقف سيّارته في موقف الباص. ورأيته مرّات عدّة جالسًا في مطعم فاخر لتناول العشاء، قبل توجّهِهِ إلى إحدى صالات الديسكو برفقة آية من الجَمال الظاهري أو آيتين. ورأيته مرّة وهو يتودّد إلى سَيّدة في عُمْر جَدَّته قُبالة رفيقاتها. وقد تراكم في ذهني ما لاحظت خلال سنتين، ما أسعفتني به الذاكرة اليوم، لم ألاحظه بين عَشِيّة وأخرى. فلمّا غابت عنّي رؤيته يومًا سمِعْتُ أنه يقضي إجازة مَرَضيَّة في البيت مُعانيًا من مرض مُعْدٍ وخطير
 
 فسألتُ زميلة عربيّة محترمة من بلده تعرفه شخصيًّا: ما رأيُكِ؟ قالت: (أنت تسألني عن كارثة! لكنّ الثمرة الوحيدة الجيّدة في شجرة عائلته هي والدته التي لا تزال تعاني مرارة تلو أخرى من سلوك أبيه وسائر إخوته، لو كنت في مكانها لما رأيتني الآن أمامك ولا عشت إلى هذا اليوم ولمُتّ قبل أوّل إنجاب) وسألتها: ما موقف الإدارة؟ قالت: (تدري أن أهمّ مُدِيري الشركة فلانة وفلان- من بريطانيا- وهما يعْلمان جيِّدًا بسلوك هذا المعتوه وآخرين من صنفه، لكنهما طارا فرَحًا به وبأمثاله! لأنّ الموظفين لو أدّوا واجباتهم مثلك ومثلي لما احتاجت الشركة إلى هذين المُديرَين) ثمّ سألت زميلًـا مُحترَمًا من بلده أيضًا فأجاب: (أشعر في وجود هذا الصّنف، المنحَطّ جملة وتفصيلًـا، أنّ الأجر الذي تقاضيت لقاء عملي في هذه الشركة غير مُبارَك، بل ذهب سُدىً بأكمله. ألمْ تلاحِظ تغـيّبي المستمر عن العمل وسفري إلى خارج قبرص كُلّما سنحت لي فرصة؟ ذلك لتغيير هذا الجوّ الملوّث بمثل هذا الصنف من البشر) فاكتفيت بهاتين الشهادتين دليلًـا على سلامة موقفي تجاه ذلك الموظف. وقد كان موقفي الدائم منه: الإهمال، حتى عَلِمت من تحليل سلوكه أنّ إهمالِـيْهِ قد آذاه أكثر من أي ردّ فعْـل آخر
 
أخيرًا؛ طالما ذُهِلت أمام تاريخ سير عمل تلك الشركة الذائعة الصِّيت في قبرص وفي خارجها حتى نهاية تسعينيّات القرن الماضي وطالما فكّرت بتركها بدون رؤية سبيل أو إيجاد بديل. إلى أن أسعفني حظّي (بل العناية الإلهيّة) بعد قيام إدارة الشركة بعمل قرعة بين الموظّفين والموظّفات لتزكية ثلاثة أشخاص فقط كي يقضوا إجازاتهم السنويّة في اليونان. فكنت أحد الثلاثة الفائزين، ما سَهَّـل عليّ الحصول على تأشيرة دخول اليونان من سفارتها التي في نيقوسيا، بل دخول أربعة عشر دولة حتى ذلك التاريخ أي قبل اتّساع منطقة اليورو. وكانت مدة الإجازة أسبوعين والتأشيرة من النوع السياحي الذي مدته ثلاثون يومًا. هي الإجازة الثانيّة التي تمتّعتُ بها بعد الأولى التي قضيت في لبنان. فبقيت يومين أو ثلاثة في اليونان ثمّ طرت إلى بروكسل (من أجمل عواصم أوروبا) التي بقيت فيها ثلاثة أيّام ثمّ أمستردام (عاصمة هولندة الرسميّة أمّا العاصمة الإدارية دَنهاخ المُسَمّاة لاهاي) فمن هولندة أرسلت ورقة استقالتي بالبريد إلى أحد مديري الشركة فقبِلَها بسرعة قياسيّة. ذلك لأنّ (الحياة التي بلا فائدة موتٌ مُبكّر) في نظر الأديب الألماني غوته والذي قال أيضًا: (لا شيء أفظع من الإهمال في العمل) أمّا دائرة الهجرة الهولندية، إذ استقبلتني فترة مؤقتة، رفضت طلبي الإقامة الدائمة، ما اقتضى مني تجديده فالإنتظار، لكني غادرت البلاد فورًا عائدًا إلى اليونان بخُفَّي حُنَيْن. فتذكرت حينئذٍ حديث زميلي عن المال غير المُبارَك
 * * *
 
بَحْرُ المُضارِع
 
إذا كانت (لكُلِّ عالِمٍ هفوة ولكل جواد كبوة ولكل صارم نبوة) فإنّ الخليل بن أحمد الفراهيدي (718 – 791 م) واضع عِلم العروض قد هفا هفوتين؛ الأولى: تأليفُهُ إيقاعات غير معتمَدة إطلاقًا في قصائد شعراء العرب الذين سبقوه. والثانية: تصنيفُهُ بَحْرَ المُضارِع الذي لا يَستحقّ أن يُوضَعَ بَحرًا ولا ساقية، في نظري وفي نظر الأخفش الأوسط (سعيد بن مسعدة- ت 835 م) أحد أئمّة النحو الذي أجمع أكثر العروضيّين على أنه تدارك بحر الخَبَب على الخليل، لأنّ قصائد أولئك الشعراء قد خلتْ من المُضارِع إلّـا واحدة هنا أو قطعة هناك. ولتوضيح معنى الهفوة الأولى؛ قال الخليل- مثالًـا- أنّ وزن المُضارِع هو (مَفاعِيلُنْ فاعِ لَـا تُنْ مَفاعِيلُنْ) وهذا لا إيقاع له في دواوين العرب، ثمّ أردف بالعِبارة (لا يُستَعمَل إلّـا مجزوءًا: مَفاعِيْلُ فاعِ لـا تُنْ) وقوله (لا يُستَعمَل إلّـا مجزوءًا) قد قرأناه في بحور المديد والوافر والهزج، لذا سأصرف نظري عن إيقاعات الخليل في معرض كلّ من المُقتضِب والمُجْتَثّ
 
فإن سُئِلْت: كمْ بَحْرًا مَيتًا تعرف-ين؟ اثنين؛ البحر الميت وبحر المُضَارِع الذي وزنه (مَفاعِـيْلُ فاعِـلاتُنْ) وعَـروضُهُ واحدة فاعِـلاتُنْ جاز فيها الكفّ (أي حذف نونها) لتصير فاعِـلاتُ وضَرْبُها مِثلها. كما جاز كفّ مَفاعِـيلُنْ (أي حذف نونها) لتصير مَفاعِـيلُ بل كفّها شَرْطٌ لاٌستعمال المضارع وليس جوازًا فحَسْبُ
 
تنبيه
 ورد في كتب العروض أنّ من جوازات بحر المضارع قَـبْض مَفاعِـيلُنْ، أي حذف يائها لتصير مَفاعِـلُنْ، كما في الطويل، لكنّ هذا القبض إذا جاز دخوله نظريًّا فلا يجوز عَمَلِيًّا لأنّه يُحوِّل المُضارع إلى صورة من صُوَر المُجتثّ، ما دلّ على أنّ بعض العروضيّين لم يكونوا من الشُعَراء لأنّهم أجمَعوا على دخوله
 * * *
 
أمثلة على بحر المُضارع
 
أبو نؤاس؛ 762 – 813 م
 
أيا ليْلُ لا اٌنقضَيْتَ * ويـا صُبْحُ لا أَتَـيْتَ
 
ويا ليْلُ إنْ أرَدْتَ * طريقًا فلا اٌهتَدَيْتَ
 
ويالَيْلُ- إنْأرَدْتَ * طَرِيْقنْفَ- لَهْـتَـدَيْـتَا
 مَفاعِـيْلُ- فاعِـلاتُ * مَفاعِـيْلُ- فاعِـلاتُنْ
 
حبيبي بأيِّ ذَنْبٍ * بهِجْـرانكَ اٌبـتـلَيتَ
 
حَبيْـبيْـبِ- أيْـيِذَنْبِنْ * بهِجْـرانِ- كَبْـتـلَيْتَا
 مَفاعِـيْلُ- فاعِـلاتُنْ * مَفاعِـيْلُ- فاعِـلاتُنْ
 
فواللهِ لا صَرَمْـتُـــكَ فاٌحتَلْ بما اٌشتَهَيْتَ
 
فَوَلْـلـاهِ- لاصَرَمْـتُ *  كَفَحْـتَـلْبِ- مَشْتَـهَـيْتا
 مَفاعِـيْلُ- فاعِـلاتُ * مَفاعِـيْلُ- فاعِـلاتُنْ
 
وواللهِ لا قطَعْـتُـــكَ إنْ زُرْتَ أو نَـــأَيْـتَ
 
ولا زلتُ عاشِقًـا لَـكَ إن شئْتَ أمْ أَبَيْتَ
 
رجَوْتُ السُّلُوَّ عَنْكَ * فهَـيهاتَ ما رأيْتَ
 
وهيهاتَ ما طَلَبْـتُ * وهيهاتَ ما اٌبتَغَـيْـتَ
 
من ديوان أبي نؤاس على الإنترنت ص 129 وفيه جميع تاءات الرَّويِّ مُسَكَّنة بلا داع
 
* * *
 
ابن عبد ربِّه الأندلسي 860 ـ 939 م
 
ورد في كتابه “العقد الفريد” مثال لبحر المُضارع (وسائر البحور) عِلمًا أنّ [صفة “الفريد” لحقت الكتاب في وقت متأخر، لعلّ الأبشيهي (1388-1446 م) صاحب كتاب (المستطرف من كل فنّ مستظرف) أوّل من نعته بالفريد]- ويكيبيديا: العقد الفريد
 
أرى للصّبا وَدَاعا * وما يُذكَرُ اٌجْتماعا
 
أرالِصْصِ- باوَداعا * ومايُذْكَ- رُجْتِماعا
 مَفاعِـيْلُ- فاعِـلاتُنْ * مَفاعِـيْلُ- فاعِـلاتُنْ
 
كأنْ لمْ يكنْ جديرًا * بحِفْظِ الّذي أَضاعا
 
كأنْلمْيَ- كُنْجَدِيرَنْ * بحِفْظِلْلَ- ذِيْئَضاعا
 مَفاعِـيْلُ- فاعِـلاتُنْ * مَفاعِـيْلُ- فاعِـلاتُنْ
 
ولم يُصْبِنا سُرورًا * ولم يُلْهِنا سَماعا
 
فجَدِّدْ وِصالَ صَبٍّ * متى تَعْصِهِ أطاعا
 
وإنْ تَدْنُ مِنهُ شِبْرًا * يُقرِّبْكَ مِنهُ باعا
 * * *
 
رياض الحبيّب
 
إلى سارتي الحبيبهْ * وشَـرقـيَّتي الأريبَهْ
 – – –
 دُجى مقلتيكِ أضفى * على شِعْريَ العُـذوبهْ
 
دُجامُـقْـلَ- تَـيْـكِـئَـضْفا * علاشِعْـرِ- يَلْـعُـذُوبَهْ
 مَفاعِـيْلُ- فاعِـلاتُنْ * مَفاعِـيْلُ- فاعِـلاتُنْ
 – – –
 كأنِّي اٌخْترعْـتُ بَحْرًا * وتفعيلةً عَجيبهْ
 
كأنْنِخْتَ- رَعْـتُـبَحْرَنْ * وَتَفعِـيْلَ- تَنْعَجيْبَهْ
 مَفاعِـيْلُ- فاعِـلاتُنْ * مَفاعِـيْلُ- فاعِـلاتُنْ
 
وغـنّيتُ ضَرْبَ لحْنٍ * فأخْجَلْتُ عَـندليبَهْ
 – – –
 فأنّى رَحَلتُ أضْحَتْ * بلاديْ هِيَ الغريبَهْ
 
وأنّى بُلِـيْتُ هانتْ * على ذِكْرِها المُصِيبهْ
 
فإنْ عادَني طبيبٌ * وإنْ هوَّنَتْ طبيبهْ
 
فمَعْـنى الحياةِ إنسٌ * سَعى حامِلًـا صَليبَهْ
 
* * *
 
الأريب: العاقل، ذُو دَهْيٍ وبَصَر. عادَ العَلِيلَ يَعُودُهُ عَوْدًا وعِيادة وعِيادًا: زارَهُ- لسان العرب. طبيبة: مؤنث طبيب. والأبيات مقتطفة من إحدى قصائدي المنشورة الكترونيًّا
 
¤ ¤ ¤ ¤ ¤

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

ديمقراطية … أولاد إبليس

              سرسبيندار السندي 

أولا : يستنج كل عاقل ومنصف بعد الذي جرى في الساحات والميادين سواء في مصر أوتونس أو غزة فلسطين

 أن أولاد إبليس أشطر من ثوريينا والعقلاء والمتنورين ، وإذا قلنا أنهم أكثر عدد منافبهذا نكون منافقين لأن ليس

هذا مايقوله المنطق والواقع ، حيث يقولان لا وإنما أنتم خائبين أو مغفلين ، ولنصدق المقولة التي تقول أن لكل

جواد كبوة ولكل شاطر هفوة فهل بعد هذا سنكون معذورين ، لا أعتقد خاصة وأن زمن وزخم الثوراتلم ولن

ينتهي بعد والشاطر الحقيقي من لا يلدغ من جحره مرتين ؟

 

ثانيا : لقد فاز أولاد إبليس في مصر في غزة الصناديق ألأولى كما فازو في الثانية رغم علم الكل بخلفياتها

 وحقيقتها ولكن هذا لايبرر خسارة المتنورين ، فإذا كان في مصر ٥١ مليون ناخب كما قيل من الهيئة العليا

 للإنتخابات ومن رشحو لمرسي بحسب أرقام المحكمة العليا للإنتخابات لنقل ١٣ مليون مفترضين أنهم سرقو

وزورو مليونيين واللواء أحمد شفيق مثله تقريبا فأين النصف الباقي يامتنورين ويا ثوريين ، فإذا هناك خلل

لابد وأن تتحملونه وخاصة أولائك الذين يندبون حظهم اليوم من المتكاسلين ، لأنه مانفع الندم بعد فوات ألأوان

ووقوع الفاأس بالراس وإنتشار الزوان في كل مكان ؟

 

ثالثا : لنتأمل اليوم كيف يستفيد أولاد إبليس من قيم الحرية والديمقراطية في كل أنحاء العالم من دون أن

يهدد أحد أو يقلقهم شئ ، فحتى إبليس ألأول لم يجبر أدم وحواء على أكل التفاحة بل إستغل تلك الحرية

والديمقراطية التي تمتع بها حيث كان يسرح ويمرح في الجنة دون أن يهدده أو يقلقه شئ ، نعم الذنب

 ذنب الشيطان ألأول في خطيئة أدم وحواء الأولى ، ولكن الحقيقة الساطعة تقول أن العيب والخلل كان

 أيضا في ألإثنان ، إذا فالشيطان كان أشطر منهم فهو لم يخسر شيئا بل من خسر كان هما بحكم ما

إقترفوه ، وبعد أن طردا من الجنة صارا له عدوان  وعبدان ، وهذا ماسيحدث لو فاز أولاد إبليس في مصر

 وفي أي مكان ، فمصر لسيت بعيدة عن الصومال والسودان كما أنها ليست غافلة عما يجري في العراق

وإيران وباكستان وأفغنستان وغدا في سورية وحتى في تركيا  ولبنان ؟

 

رابعا : وأخيرا يبقى السؤال الجوهري ما الحــــل ؟

 مقولة لي تقول ( إن الذين يستسلمون لأقدارهم … لابد وأنهم يستحقونها ) ؟

ولقد صدق من قال { إن الثورات يخطط لها العقلاء وينفذها الشجعان ويستثمرها المتربصون والجهلاء } ؟ 

Posted in الأدب والفن, فكر حر | Leave a comment

نارك ولا جنة هلي

سرمد الجراح

في يوم القيامه الموعود, بدأت محاسبة الخلائق, وعندما جاء سره العراقيين, أمر الرب بجلب شخص واحد من بين كل مليون مواطن لمحاسبته, لأنهم متشابهون في الحياة والممات وحتى في تاريخ الولاده

فجيئ بأحدهم ليحاسب عن المليون اللذين خلفه

الرب: أنته عراقي؟
العراقي: (بينه وبين نفسه: لا هوايه تعرف الغيب). إي عراقي قابل نرويجي
الرب: لاتدردم تره أحطك ويه أعضاء البرلمان بالسبتتنك. احجي شسويت بدنياتك, غير اللواكه واللطم
العراقي: ربي غير اتلوك وأداري خبزتي, وألطم حتى الحسين يرضى عني وبلكي يقنعك تغفرلي وتذبني بالجنه
الرب: اولا الحسين كاعد بالجنه وساد بابه وكاتب قطعه لا تزعجوني, ومايريد يشوف خلفكم, وثانيا انته شقدمت للبشريه
العراقي: هاي غير ورطه, عمي انته قابل خالقني بطوكيو حتى تسألني هيج سؤال. شو شامرني بعفج, حافي وماعندي عشه
الرب: مو انطيتك عقل تفكر بيه ليش ماحاولت تغيير من وضعك
العراقي: حاولت هوايه, لكن انته ماناطيني موهبة اللواكه العلنيه
الرب: هاي شنو النوب
العراقي, اكو نوعين لوكيه بالعراق, لوكيه بالسر يعني بينهم وبين المسؤول, وهذوله ماكو اكثر منهم, بس لواكتهم ما توكلهم خبز. اما اللواكه العلنيه فهذي الموهبه تخلي صاحبها يصير بوق ودنبك ودف للمسؤول بدون خجل او خوف
الرب: ديلله هذا شتحجي وياه, يدور مواهب, على اساس لو مسويه لاعب تنس بعفج, جان اخذ ومبلدون. ولك مو جنت اشوفك كاضي وكتك كله بالكهاوي تلعب بخشمك.

هسه كلي شلون جنت قابل بعيشتك الزفره
العراقي: -هذا شبيه لوما هوه قاسم هالعيشه إلي-. ربي يمعود مو انته جبتني وحطيتني بنص هل المزبله, شسوي يعني؟ وجنت يوميه اندعيلك بلكي توفقني لو ترزقني, وانته مطنشني
الرب: ولك انته مخبل؟ شفتني فد يوم نزلت وساعدت احد؟ مو كل البشر اللي صار براسهم خير, اشتغلوا واعتمدوا على نفسهم. بس اريد اعرف ليش قبلت بهل عيشه؟
العراقي: صبرت, مو انته كايل, إن الله مع الصابرين. الضاهر بهاي انضربنه بوري معدل, لأن كلما نصبر كلما يطيح حظنه أكثر
الرب: صدك دماغ ماعدكم, أكو فرق بين الصابر المجبور, وبين الساكت والراضي بطيحان الحظ, مايفيد بيكم, يله دروح على جنة العراقيين وخلصني
العراقي: ربي سمعت يكولون جنة العراقيين كلها عجاج ومابيها كهرباء!! عود ليش
الرب: مو بس هاي ومخليلكم المقتل, حتى تلطمون دوم, لأن سويت لكل بلد جنه من الاشياء اللي جانوا متعودين عليها ويحبوها, حتى ما يضوجون ويصير بيهم هوم سك, وسويت النار من الاشياء اليكرهوه وما يحبوها

ألعراقي: زين ربي ممكن سؤال, شنو يكرهون الهولنديين

الرب: يكرهون الغش والكسل والوساخه والمطر

العراقي: كل هل النعيم بجهنمهم, ربي دخيلك ربي, وديني لجهنم الهولندين, لأن اليكرهوه هذوله هوه الجنه مالتنه. على كولت الشاعر: نارك ولا جنة هلي

Posted in الأدب والفن, فكر حر | Leave a comment

داعية وتصريحات

مارثا فرنسيس

كثرت التصريحات التي تحاصرنا على صفحات الجرائد وعلى مواقع التواصل الإجتماعي الفيسبوك والتوتير وايضا على مواقع الانترنت المختلفة والتي تشير إلى وجهة نظر الإسلاميين تجاه الإوضاع الاجتماعية والسياسية بعد الثورة، يتجاهل اصحاب هذه التصريحات من جماعة الإخوان والسلفيين جرائم تطن لها الآذان يرتكبها ايضا أفراد من نفس الجماعات والخاصة بالكذب ـ البلكيني كمثال ـ والفعل الفاضح ـ علي ونيس كمثال ـ بينما يضعون سلوكيات الغير تحت مجهرهم الظالم وحكمهم الشائه والعجب ليس فقط في تبجح التصريحات ولكن التعجب في سؤال يفرض نفسه، من اعطى هؤلاء الحق في اصدار الأحكام على بشرمثلهم، من اعطاهم الصلاحية لإدانة أو تبرير انسان ايا كان؟
تصريحات كاذبة تتغير وتتلون تبعا للظروف وأظن ان تكرار هذه التصريحات وثبوت كذبها اعطة فرض على المصريين حالة من الشك وعدم تصديق مايقولونه اليوم، ولن أتعرض لتصريحاتهم الكاذبة بخصوص الترشح للرئاسة وعدد المقاعد التي سيدخلون بها مجلس الشعب وغير ذلك من أكاذيب، ولن اتعرض أيضا لتصريحات الداعية صفوت حجازي زعيم التصريحات الكاذبة، الذي يحلم بالولايات العربية المتحدة وعاصمتها القدس وخزعبلات أخرى تفوه بها كتصريحه المضحك للتأثير على الناخبين لترشيح مرسي”لو صرخت امرأة مسلمة”وامرساه” فسينتفض مرسي من قصر القبة ويقول لها “لبيك أختاه” ولا تعليق!
ودعنا من تصريحاته اثناء الانتخابات الرئاسية عندما وجه كلامه للمجلس العسكري قائلا ان كان لكم مرشحا للرئاسة فسيكون على اجسادنا وسنقطع يد كل من يزور الصندوق( وهذا يعني أن أي نتيجة غير قوز مرشحهم معناها تزوير نتيجة الانتخابات) رغم أن ماحدث كان العكس ولكنهم قبلوه ورضوا به ولم تؤنبهم ضمائرهم
سأتوقف عند تصريح مذهل مثير للعجب والدهشة والأسئلة
” صرح صفوت حجازي الداعية الإخواني بأن هيفاء ـ يقصد الفنانة هيفاء وهبي ـ اما ان تعلن توبتها أو تترك مصر”!!
وهذا التصريح بكل صدق أدهشني أيما إندهاش؛ فمن هو صفوت حجازي؟ من هو ليطالب انسان ما بالتوبة؟ أو يطالبه بمغادرة مصر؟ هل أصبحت مصر ملكا له ولجماعته؟ ولماذا يعطي نفسه الحق في الحكم على هيفاء وهبي؟( وانا اتكلم عنها كحالة وليس لاتفاقي او اختلافي معها اي دخل في الأمر، لا أدافع عتها ولا أدينها لأن ذلك ببساطة ليس شأني)
لماذا هيفاء بالذات؟
لماذا لم يطالب الداعية حجازي الشيخ ونيس المحكوم عليه في قضية فعل فاضح في الطريق العام بالتوبة او ان يترك مصر؟ ولماذا لم ولماذا لم يطالب االسيد حجازي القيادي الإخواني رشاد عبد الغفار وعضو أمانة حزب الحرية والعدالة صاحب الفضيحة المصورة والمنتشرة على الانترنت مع فتاة- لماذا لم يطالبه بالتوبة او يترك مصر؟ ولماذا لم يطالب السيد حجازي النائبين محمد حافظ النعماني وحامد خليل خليل اللذان احالتهما وزارة التموين للنيابة بتهمة المتاجرة بالبنزبن والسولار المدعم بمحافظة البحيرة ، ام ان هذه الجرائم لا تستلزم التوبة؟ ومن الذي يحدد او يقنن الجرائم التي تستلزم التوبة او لا تستلزم ؟ هل تتوجب التوبة على المرأة فقط ولا يطالب بها الرجل ؟ فتطالب المرأة بالتوبة بينما الرجل له كل الحق في ارتكاب المعاصي دون أدنى مساءلة؟
أنا لا تعنيني هيفاء وهبي أو غيرها ولا أكتب دفاعا عنها ولكن دفاعا عن الاهانة المستمرة للمرأة و كأنها المخطئة والسبب في كل مصائب الدنيا بينما الرجل برئ براءة الذئب من دم ابن يعقوب حتى لو كانت يداه ملوثتان بالدم؟
القانون يساند الرجل بشكل يثير الاستفزاز فبينما تم حبس الفتاة وتم التشهير بها في كل وسائل الإعلام هرب السيد ونيس وترك حرا طليقا وكأنها هي السبب والنتيجة ووجب عليها تحمل العقاب بالكامل
وللشيخ صفوت وأتباعه اوجه سؤالي”هل يكيل الهكم بمكيالين؟ أم انكم انتم الألهة ؟ “
محبتي للجميع

Posted in الأدب والفن, فكر حر | 1 Comment

زواج المال والسلطة إحدى دعائم النظام السوري

طلال عبدالله الخوري

انطلقت الثورة السورية المباركة مند حوالي السنتين, وقدمت اكثر من عشرين الف شهيد, قرابين فداء من اجل الحرية والكرامة وعزة الوطن.
ونحن نؤمن بان هذه الثورة منتصرة,لا محالة, لأن انتصارنا هو حقيقة علمية اثبتها التاريخ, فلم ينتصر قط اي مستبد على شعبه فلانتصار دائما للشعوب.
ولكن السؤال الحيوي لماذا صمد النظام كل هذه المدة, ولماذا تكلف الشعب السوري هذه الكمية الكبيرة بالأرواح والممتلكات؟
بالطبع تمت مناقشة عوامل قوة النظام بكثير من المقالات ومنها تخويف الاقليات من الاسلاميين وتقديم النظام لنفسه كحامي للأقليات, وكنا قد اثبتنا في مقالتنا : النظام السوري اكثر من استغل الأقليات, على خرافة هذا الادعاء.

في هذه المقالة, سنتطرق إلى إحدى عوامل قوة النظام والتي ساهمت بصموده كل هذه المدة وبالتالي ساهمت بمضاعفة عدد الشهداء من الثوار السوريين, وهي زواج المال والسلطة.

لقد عرف الداهية حافظ الأسد الأب, بأنه من الطائفة الأقلية العلوية والمنبوذة والمكفرة من قبل دين الأكثرية السنية في سوريا, ولكي يقوي حكمه لجأ إلى تكتيك التوازنات الطائفية, فكان يعمد الى ان تكون جميع مناصب الدولة موزعة بتوزيع طائفي دقيق على جميع الفئات الدينينة, السنية والعلوية والمسيحية والدرزية والكردية وغيرها من الفئات العرقية والطوائف الدينية ضمن النسيح السوري من مختلف الأقوام والأديان.

من ثوابت تكتيك التوازنات الطائفية الذي اعتمده الداهية حافظ الأسد, وسار عليه وريثة بشار الاسد. هو ان يكون رئيس مجلس الوزراء و وزير الدفاع من الطائفة الأكثرية السنية, مع وجود وزير واعضاء بمجلس الشعب من كل طائفة أقليه وكل قومية إثنية.

ولكن التكتيك الأهم الذي تبناه الداهية الأب لتقوية حكمه, هو زواج المال والسلطة, حيث شجع الأسد أركان حكمه من الأقارب وكبار الضباط على مشاركة التجار السنة بتجارتهم, وتعلم هذه المهنة منهم وهم الذين اكتسبوها بالوراثة أبا عن جد منذ آلاف السنين.  وكانت هذه الشراكة تقوم على المبدأ التالي: الجانب العلوي يقدم التسهيلات الحكومية لكونهم لهم اليد العليا بالحكم, بينما يقدم التاجر السني رأس المال والخبرة بالتجارة, وبهذه الطريقة تضاعفت أرباح التجار السوريين وزادت ثروات الضباط العلويين مئات لا بل آلاف المرات, عن طريق هذا الزواج بين السلطة والمال, حيث اطلقت ايدى هذا الزواج على احتكار اقتصاد البلد, استغلال مقدراته ابشع استغلال.  ولقد كان الخاسر الأكبر من هذا الزواج هو الاقتصاد السوري والمواطن السوري الذي اصبح يعيش حياة البؤس والفقر.

التكتيك الثاني الذي شجعه الأسد لتمكين حكمه وتقوية زواج السلطة بالمال, هو تشجيع الزواج والمصاهرة بين أبناء وبنات أركان الحكم السوري من حاشية النظام وكبار الضباط مع أبناء وبنات التجار السوريين من السنة.

ومن المعروف انه بالنسبة للتاجر السوري, فان البنت, هي اقل ثمن يمكن ان يضحي به من اجل ازدهار تجارته.

افضل مثال على زواج المصالح بين السني والعلوي هو زواج بشار الأسد العلوي من بنت سنية هي أسماء الأخرس.

هذه احدى المواضيع الذي يجب ان تعالجه المعارضة السورية, بشفافية وحنكة ورفعة, فالتجار السوريون ما زالوا يؤيدون النظام, فماذا يفعل هذا التاجر الذي زوج ابنه وبنته الى ابن او بنت ضابط علوي يقود قواته لكي يقضي على الثورة بكل همجية؟؟

هذا رد على السفهاء بالمعارضة السورية والذين يتهمون النظام السوري بانه دلل الأقلية المسيحية او الأقلية العلوية, ولقد أثبتنا في هذه المقالة, بأن النظام لم يدلل اي من الأقليات, لا المسيحية ولا العلوية منها,  ولكن بالواقع هو دلل ضباطه الأمنيين وانبسبائهم واقربانهم واصهارهم من التجار السنة في كل من دمشق وحلب وحمص, وشكلوا بذلك مافيا على نمط المافيا العائلية الايطالية, قاموا باستغلال مقدرات البلد واقتصاده, واستعبدوا الشعب السوري مجتمعين.

25\7\2012

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | 1 Comment

خدَعُوها بقولِهِمْ حَسْناءُ

نقديّة بقلم: رياض الحبيّب
خاص: موقع المفكر الحر

أنا الآن هنا في سوبر ماركت وهذا شريط دي ڤي دي مكتوب عليه: حدود العمر 13 سنة وهذا آخر مكتوب عليه 16 سنة وأنا هنا أمام التلفزيون أشاهد برنامجًا عنوانه: (للنساء فقط) وأنا هنا أمام الكومبيوتر أحاول تنزيل برنامج مكتوب عليه 18 سنة. وكنت هناك في الجامعة أحضر درسًا فيزيائيًّا في حقل الميكانيك الكمِّي؛ قال لنا الأستاذ- العراقي الحامل درجة دكتوراه من لندن المعروفة بعاصمة الضباب: أنتم ترون الآن صخرة صغيرة تتدحرج من أعلى جبل بتأثير جاذبية نيوتن، لا يخطر في بال أيّ منكم احتمال سقوط هذه الصخرة إلى أعلى! لأنكم تتعاملون مع أجسام مرئيّة. أمّا في العالم غير المرئيّ فاحتمال السقوط إلى أعلى ممكن للجسيمات الصغيرة (الدقائق) المتحرّكة حركة نسبيًّة في مستوى طاقة ما. أمّا الآن فأنا هنا لأعلن أنّ هذه المقالة موجّهة إلى الأشخاص الذين صعدوا إلى القمر

شكرًا لموقع المفكر الحر على تفضّله بنشر قطعة “السفور والحجاب” وهي من مقاطع قصيدة “ثورة أهل الجحيم” بل ملحمة من مُطوَّلات الشاعر العراقي الكبير جميل صدقي الزهاوي ومن جواهره، نظمها سنة 1929 م وسوف أقوم بتشكيل حروفها قريبًا لينشرها المفكر الحر مشكورًا. هنا بدايتها التي سخر بها شاعرنا من عذاب القبر

بعد أن مُتُّ واٌحتواني الحَفيرُ * جاءني مُنكَرٌ وجاءَ نكِيرُ

مَلَكانِ اٌسْطاعا الظُّهُورَ ولا أدري لماذا وكيف كان الظهورُ

إلى أن وصل بها الشاعر إلى مقطع “السفور والحجاب” الذي استوقفني طويلًـا في موقع المفكر الحر لأني لم أقرأه من قبل ولم أسمع عنه

قال هلْ في السّفور نفعٌ يُرَجّى؟ * قلتُ خيرٌ من الحِجاب السّفورُ

إنما في الحجاب شَلٌ لشعْبٍ * وخَفاءٌ وفي السّفور ظُهورُ

كيف يسمو إلى الحضارة شعْبٌ * مِنهُ نِصْفٌ عن نصفِهِ مستورُ؟

ليس يأتيْ شعبٌ جلائلَ ما لمْ * تتقدمْ إناثُهُ والذكورُ

إنّ في رونق النهار لناسًا * لم يَزُلْ عن عيونها الدَّيجُورُ

لذا ذهبت إلى أحد المواقع الالكترونية المهتمّة بالشعر والشعراء، هذه المَرَّة “بوّابة الشعراء” للبحث في ديوان الزهاوي عن قصيدة “ثورة أهل الجحيم” إذ ذكرتُ في معرض حلقة بحر الخفيف قِطعة ونُتفة للزهاوي عن موضوع السفور والحجاب كانتا ممّا قرأت في أحد مناهج المدرسة الثانوية في العراق ولم أعثر على ديوانه إلّـا قبل بضعة أيّام. فبحثت لكني لم أعثر على “ثورة أهل الجحيم” في البوّابة! إنما عثرت عليها في “إجابات غوغل” وقد تفضل بتدوينها كاملة أحد الإخوة العراقيين من البصرة. فآمُلُ في أن يُتقِن أصحاب المواقع الالكترونية المعنية بالشِّعْر عملهم في المستقبل مع مزيد من البحث والأمانة العلميّة والدقّة الممكنة

وفي خلال البحث في قائمة ديوان الزهاوي الطويلة عثرت على قنبلة أدبيّة، رأيت أنها تحتاج إلى إثارة وتفجير. والقنبلة هي في عثوري على قصيدة “خدَعُوها بقولِهِمْ حَسْناءُ” المشهورة للشاعر المصري الكبير أحمد شوقي والتي تغنّى بها الموسيقار المصري محمد عبد الوهاب في ديوان الزهاوي! وقد مضى يوم واحد فقط على ذكرها مثالًـا على بحر الخفيف في سلسلة حلقات تعليم بحور الشعر، منقولة عن ديوان أحمد شوقي الذي في “بوّابة الشعراء” فالقصيدة “الحسناء” مدوّنة في كلا الديوانين، من تسعة أبيات في ديوان شوقي ومن ستّة عشر بيتًا في ديوان الزهاوي. ويبدو للقارئ البسيط أنّ الزهاوي قام بتشطير قصيدة شوقي. وقد سبق لي إيضاح معنى التشطير في حلقة بحر الرّمل إذ ذكرت مثالًـا عليه من محاولتي تشطير بيت امرئ القيس المشهور (دنتِ السّاعة واٌنشقّ القمَرْ * عـن غـزالٍ صادَ قلبي ونفرْ) إلى التالي

دنتِ السّاعة واٌنشقّ القمَرْ * وَصَلتْ سارةُ ما أحلى الخبَرْ
قمَرٌ أفصَحَ في رَوعَـتِهِ * عـن غـزالٍ صادَ قلبي ونفرْ

 فهل يجوز القول يومًا ما أنَّ اٌمرأ القيس مرّ على عصرنا مرور الكرام فاقتطع من هذين البيتين بيته (دنتِ السّاعة…) ثم عاد إلى عصره ليكمل مشواره ويموت؟ لا، بل ضرب من خيال ساذج. وهل يأتي متشاعر، يومًا ما خلال وجودي أو بعد موتي، لينسب إلى نفسه التالي (قمَرٌ أفصَحَ في رَوعَـتِهِ * وَصَلتْ سارةُ ما أحلى الخبَرْ) واضعًا اسم محبوبته (غادة، عبلة، خولة…) عوض اسم محبوبتي سارة؟ بل خيال أقلّ سذاجة لكنه غير مُستبعَد في زمن التبست فيه معاني الخُلُق والمروءة والشرف

فـ “حسناء” شوقي تسعة أبيات لكن الزهاوي الذي قام بتشطيرها، كما يبدو، أهمل بيتًا واحدًا، لذا أصبح عدد أبيات قصيدته “الحَسْناء” أيضًا ستة عشر بيتًا. هنا أوّلًـا قصيدة شوقي كاملة والتي لها مقطع على يوتيوب بأداء الموسيقار عبد الوهاب، عبر الرابط التالي، مذكور في هامشه أن الأغنية مسجّلة سنة 1926 فكيف سجّلها عبد الوهاب وأين؟ إذ بدأ عمله في السينما عام 1933 بـفيلم (الوردة البيضاء) وفي الإذاعة عام 1934؟ وهذا ما يدعو إلى تساؤلات أخرى؛ كم كان عمر شوقي (1868 – 1932 م) يوم نظم قصيدته الحسناء حتى قرأها عبد الوهاب (1902– 1991 م) فأعجب بها وغنّاها فوصلت إلى مسمع الزهاوي (1863 – 1936 م) فقام بتشطيرها؟ أو متى نشر شوقي قصيدته حتى عثر عليها الزهاوي منشورة في صحيفة ما أو مجلّة فشدّته فترك عمله وكل اهتمام له جانبًا وعزم على تشطير قصيدة شوقي؟

خَدَعوها بقولِهِم حَسناءُ * والغَواني يَغُرُّهُنَّ الثَناءُ
أَتُراها تَناسَتِ اٌسمِيَ لَمّا * كَثُرَت في غرامِها الأَسماءُ
إِنْ رَأَتني تَميلُ عَنّي كَأَنْ لَم * تَكُ بَيني وبَينَها أَشياءُ
نَظرَةٌ فابتِسامَةٌ فسَلامٌ * فكَلامٌ فَمَوعِدٌ فَلِقاءُ
ففِراقٌ يَكونُ فيهِ دَواءُ * أو فِراقٌ يَكونُ مِنهُ الداءُ
يَومَ كُنّا ولا تَسَل كيفَ كُنّا * نَتَهادى مِن الهَوى ما نَشاءُ
وعَلَينا مِن العَفافِ رَقيبٌ * تَعِبَت في مِراسِهِ الأَهواءُ
جاذَبَتني ثَوبي العصِيَّ وقالَتْ * أنتُمُ الناسُ أَيُّها الشُعَراءُ
فاتَّقوا اللَهَ في قُلوبِ العَذارى * فالعَذارى قُلوبُهُنَّ هَواءُ

وهنا قصيدة الزهاوي التي قمت بتضمين أشطر شوقي فيها، ما كان واجبًا على الموقع الالكتروني أن يفعـل (إذا ما رآى التشطير بأمّ عينه وإلّـا فألتمس له العذر) لكنّ الإحتمال الآخر هو أن حسناء شوقي وصلت إلى شهرة كافية ليكتشف قارئ حسناء الزهاوي أنّها مُشَطَّرة من حسناء شوقي، هذا الاحتمال ممكن في حال غياب إشارة ديوان الزهاوي إلى حسناء شوقي، أو غياب الأقواس التي تقتضي أخلاق الشعر وضع أشطر شوقي المُشَطَّرة في ما بينها. فهل افتقر الزهاوي إلى أخلاق هو من أكثر الدّعاة إليها؟ بل هو أكثرهم إشارة إلى الشعر وأخلاقه عبر تاريخ الأدب العربي كلِّه وأكثر الشعراء إشارة إلى الشعراء والمتشاعرين وإلى النقد وإلى الفنّ كالغناء والموسيقى وإلى العِلم والفلسفة. فانظر-ي في ديوانه واحكم-ي بنفسك

؟(خدعوها بقولهمْ: حسناءُ) * شَعْرُها الليلُ والجَبينُ ذُكاءُ
غرَّها ذلك الثناء فلانتْ * (والغوانيْ يَغرُّهُنّ الثناءُ)؟
؟(ما تراها تناستِ اٌسْميَ لمّا) * ذكرتْ نسْبَتي لها العُـشَراءُ
ما تناستْ لشيءٍ اٌسمِيْ ولكنْ * (كثُرَتْ في غرامِها الأسماءُ)؟
؟(إنْ رأتني تمِيلُ عنّيْ كأنْ لمْ) * يجتذبْها يومًا إليَّ الولاءُ
وكأنْ لمْ أوافِها وكأنْ لمْ * (تكُ بيني وبينها أشياءُ)؟
؟(نظرة فاٌبتسامة فسلامٌ) * مِنْ بَعيدٍ يُوحى بهِ فرجاءُ
فاٌقترابٌ فوقـفة فاٌستلامٌ * (فكلامٌ فـموعِـدٌ فلِقاءُ)؟
؟(يومَ كُنا ولا تسلْ كيف كُنّا) * نتلاقى والعَيشُ رَغْـدٌ رَخاءُ
نتلاقى وعِندَ ما نتلاقى * (نتهادى مِن الهوى ما نشاءُ)؟
؟(وعلينا من العفاف رقيبٌ) * دونهُ في التيقظ الرُّقباءُ
مارَسَتهُ الأهواء مِنّا إلى أنْ * (تعِبَتْ في مراسِهِ الأهواء)؟
؟(جاذبَتْني ثوبيْ العَصِيَّ وقالتْ) * ببُكاءٍ وهلْ يفيد البكاءُ
كيف ترضون بالخداع وأنتمْ * (أنتُمُ الناسُ أيّها الشعـراءُ)؟
؟(فاٌتَّقوا اللَهَ في خداع العَـذارى) * فهْوَ إثمٌ تهتزّ منهُ السَّماءُ
لا تدسّوا الهوى لهنّ غُرورًا * (فالعـذارى قلوبُهُنّ هواءُ)؟

عِلمًا أن الزهاوي قد رثى شوقي بقصيدتين إذ توفّي شوقي قبله بحوالي أربع سنين؛ إحداهما من الخفيف وقعت في سبعين بيتًا فاقتطفت منها التالي

فقدَتْ مِصْرُ فهْيَ سكرى المآقي * كوكبًا في سمائها ذا اٌئتلاقِ

كوكبًا كان يُرسِلُ الشِّعْرَ نورًا * ثمّ يرمي به على الآفاقِ

فُجِعَتْ مِصْرُ باٌبنها البِرِّ شوقي * فهي ثكلى كثيرةُ التشهاقِ

صبّ يشوي على العراق شواظًا * رزء مِصْرٍ ومِصرُ أختُ العراقِ
– – –
بعد شوقي يا لهْفَ نفسي عليهِ * أخفق الشِّعْرُ أيَّما إخفاقِ
* * *

وهنا المرثيّة الثانية- من الكامل- وقد اقتطفت منها النتفة التالية

عَجَّلتَ في الترحال يا شوقي وقدْ * بقِيتْ هنالك لمْ تُقَلْ أشياءُ

قالوا سينبغُ عـبقريٌّ مِثلهُ * قلنا بلى لو أنجَبَ الآباءُ
* * *

والزهاوي مدح السيدة أم كلثوم بقصيدة مطوّلة- من البسيط- متعددة القوافي، منها

يا أمّ  كُلثومَ غنِّي فالهوى نَغَمُ * تلذّهُ الشِّيبُ والشبان كلُّهُمُ
غني وغني على الأوتار صادحةً * فإنما بالأغاني تنهضُ الأممُ
من أجل صوتٍ رخيمٍ منكِ يسمعُهُ * يا أمّ كلثوم جاء الجَمْعُ يزدحمُ-
* * *

ويبدو أن شوقي زار العراق فتغزّل بدجلة والفرات والنُؤاسِيّ والنّدامى، مادِحًا ملك العراق فيصل الأوّل، بقصيدة- من الخفيف- ذكر في بدايتها معجزة للسيد المسيح (السّير على الماء) وقد تغنّى بها أيضًا الموسيقار عبد الوهاب في بغداد في أوائل الثلاثينيّات ولها أزيد من مقطع على يوتيوب

يا شِراعًا وراءَ دِجلَةَ يَجري * في دُموعي تَجَنَّبَتكَ العَوادي

سِرْ عَلى الماءِ كالمَسيحِ رُوَيدًا * واٌجْرِ في اليَمِّ كالشُعاعِ الهادي
– – –
والنُواسِيُّ والنَدامـى أَمنِهِـم * سامِرٌ يَمـلَأُ الدُجى أو نادِ
– – –
مَلِك الشَطِّ والفُراتَينِ والبَطحاءِ أَعظِمْ  بفيصَلٍ والبلادِ

كذلك رثى الشاعر الكبير الرصافي (1877 – 1945 م) شوقي بقصيدة- من الكامل
الشِّعْـرُ بعد مصابهِ بكبيرهِ * في مصر جلَّ مصابُهُ بأميرِهِ
بيناهُ يبكي حافظًا بشهيقِهِ * إذ قام يبكي أحمدًا بزفيرِهِ… إلخ
* * *
ويبدو لي ممّا قرأت أن الزهاوي والرصافي معًا كانا راضيَين عن تنصيب شوقي أميرًا للشعراء في القرن الماضي، إلّـا أن خصومة ما استمرّت بينهما طويلًـا، أظنّها على إمارة الشعر في العراق. ومن الطرائف المعروفة عنهما أنّهما جلسا مرّة يأكلان ثريدًا عليهِ دجاجة مشويّة فجعل الزهاوي يأكل من تحتها حتى سقطت أمامه فأنشد- من الخفيف: (عَرَفَ الخيرُ أهْلَهُ فتقدَّمْ) فرَّد عليه الرصافي المعروف بسرعة البديهة: (كَثُرَ النَّبْشُ تحتَهُ فتهَدَّمْ) ما يُسمّى بالإجازة وهي من فنون الشعر المُلحقة ببحوره، سبق لي ذكرها. ومثلما خطف المتنبي الأضواء التي كانت مركّزة على البحتري، خطف الرصافي الأضواء من الزهاوي في وقتٍ عانى الزهاوي من ملاحقات لمواقفه ضد الإستبداد ومن مضايقات كالإتهام بالزندقة، من جرّاء مجاهرته بآرائه الفلسفيّة. فتنقل كثيرًا بين بغداد وغيرها وبين المناصب الوظيفية حتى خفت ضوءُه

وخلاصة ما تقدّم حول القصيدة الحسناء احتمالان؛ الأوّل هو قيام الزهاوي بتشطير قصيدة شوقي- كما أسلفت- وهذا فن شِعري جائز ومستحَبّ ومشروع، بشرط قيام الشاعر بالإشارة في هامش قصيدته إلى قصيدة الشاعر الآخر، أو بتضمين كل شطر من قصيدة الشاعر الآخر (أي وضعه بين قوسين) مع ذكر اسمه واسم قصيدته

أمّا الثاني فهو يُشبه الصخرة الساقطة إلى أعلى؛ أي قيام شوقي باقتطاع حسنائِهِ من حسناء الزهاوي نظرًا إلى إعجابه بها، مستغِلًّـا أفول نجم الزهاوي في العراق، بطريقة تجعل القارئ يبني ظنّه على فنّ التشطير وعلى شهرة شوقي وموهبته الشعريّة الفذّة اللتين كانتا فوق شبهة من هذا النوع. ولهذا الإحتمال ثلاث دعامات
الأُولى: من يرجع إلى حلقة بحر الخفيف المذكورة يجد أني غضضت بالطَّرْف عن البيت التالي، أي لم أذكره ضمن قصيدة شوقي “الحسناء” التي اتخذت منها أحد الأمثلة على بحر الخفيف
إِنْ رَأَتنيْ تَميلُ عَنّيْ كَأَنْ لَمْ * تَكُ بَيْنيْ وبينها أَشياءُ

والسبب يكمن في غلط نحوي، موجود في “حسناء” شوقي وفي “حسناء” الزهاوي أيضًا. والغلط هو في قولهما “تميل” الفعل الذي من الواجب عليهما جزمه “تمِلْ” لأنه جواب شرط لأداة الشرط “إنْ” الجازمة (إنْ تزرَعْ تحصدْ) فمن الصعب على شوقي الوقوع بغلط مثل هذا- في رأيي وبحسب اطِّلاعي على قصائد عِدّة من شعره- لكنّ شوقي في المقابل أبعَـدُ عن النحو من أهل المدرسة البصريّة الكائنة في العراق! فمِن المحتمل أنّه توصّل إلى قناعة بأنّ الزهاوي وَجَدَ مخرجًا ما التفّ به على قواعد اللغة. أي ظنّ شوقي بأنّ الزهاوي وجد استعمالًـا مُعَـيّنًا لـ “إنْ” في كتب التراث أبطل عملها الجازم؛ إمّا لتقدّمها أمام فعـل ماضٍ “رأت” الذي في “رأتني” لكنّ هذا لا يُبطل عملَها، إذْ وقع في محل جزم لأنه فعل الشرط، أو لسبب آخر. عِلمًا أنّ “إنْ” في هذا البيت لا يمكن اعتبار معناها “لستُ” بعد تخفيف “إنَّ” في المثال القائل “إنْ أدري أقريبٌ ما تأمُلون أم بعيد” أي لستُ أدري. بينما وقع الزهاوي في مثل ذلك الغلط في مكان آخر من ديوانه بقوله “تعيش” والصّواب: تعِشْ، في التالي- من مجزوء الرَّمَل
قلتُ للشاعر والشاعرُ ذو سَهْم يطيش
أنتَ إنْ عِشْتَ تمُتْ جوعًا وإنْ مُتَّ تعيش

فلاحِظ-ي في البيت الثاني كيف جزم الزهاوي جواب الشرط “تمُوت” ولم يجزم “تعيش” الذي قصد به “ستعيش” التي تخلّ بالوزن الشِّعْري! والضرورة الشعرية لا تُبيح الغلط النحوي إطلاقًـا. هنا بيت زهير بن أبي سُلمى من معلّقتِه (أمِنْ أمِّ أوفى…) وقد دخلت أداة الشَّرط “مَنْ” الجازمة على فعـل ماضٍ “هابَ” فجُزِمَ جواب الشرط ”ينال” في “ يَنَلْنَهُ” والبيت- من الطويل
ومَنْ هَابَ أَسْبَابَ المَنَايَا يَنَلْنَهُ * وإِنْ يَرْقَ أسْبَابَ السَّمَاءِ بِسُلَّمِ

أمّا شوقي فما وَجَدْتُ في ديوانه مِثل ما تقدّم في شعر الزهاوي. وقد بحثت في شعر شوقي كثيرًا وطويلًـا فعثرت على أمثلة عدّة، منها التالي وكلّهُ سليم نحويًّا

إذا زُلزِلَتْ مِن حَولِكَ الأرضُ رادَها * وَقارُكَ حَتّى تَسكُنَ الجَنَباتُ
وإِنْ خَرَجَت نارٌ فكانت جَهَنَّمًا * تُغَذّى بأجسادِ الوَرى وتُـقاتُ
ومَنْ يَسُـسِ الدُنيا ثَلاثين حِجَّةً * تُعِنْهُ عَلَيها حِكْمَةٌ وأناةُ- مِن الطويل
* *
كَمْ ضَلَّلَتْكَ ومَنْ تُحْجَبْ بَصيرَتُهُ * إِن يَلقَ صابًا يَرِدْ أَو عَلقَمًا يَسُمِ
والشَرُّ إِن تَلقَهُ بالخَيرِ ضِقتَ بِهِ * ذَرعًا وإِنْ تَلقَهُ بالشَرِّ يَنحَسِمِ- من البسيط
* *
إِنْ تَكُنْ سِلمًا لَهُ لَم يَنتَفِعْ * أَو تَكُنْ حَربًا فقد فاتَ الضَرَرْ
لا تقولوا شاعِرُ الوادي غَوى * مَنْ يُغالِطْ نَفسَهُ لا يُعتَبَرْ- من الرَّمَل
* *
وأنا المُحتَفي بتاريخِ مِصْرٍ * مَنْ يَصُنْ مَجْدَ قومِهِ صان عِرْضا- من الخفيف
* * *

والثانية هو أنّ شوقي عاش حياة الترف بعيدًا عن قساوة الزّهد والتعفّف، ما لا يُؤهِّلُهُ إلى قول التالي: (جاذبَتني ثَوبي العَصِيَّ وقالَتْ * أنتُمُ الناسُ أَيُّها الشُعَراءُ) لأنّ في قوله “ثَوبي العَصِيّ” نزعة قويّة إلى التعفّف

أمّا الثالثة: ليس في ثقافة شوقي، كما بدا لي، نظرة مُفرَطة إلى الإنسانيّة التي تقتضي تحلِّي الشعراء بها ليقول (أنتُمُ الناسُ أَيُّها الشُعَراءُ) بل هذه ثقافة الزهاوي التي يستطيع أن يتبيَّنها دارس ديوانه. أمّا الزهاوي فقد عاش فقيرًا وعانى من بؤس حاله وقد تفلسف ورُبّما اعتكف أيضًا لكنّ الشِّعْر كان مِحْوَرَ اهتماماته الأدبية والفلسفيّة والعلميّة

الفَيلَسوفُ الفَيلسوفُ * هُوَ مَنْ ترَبَّـتْهُ الصروفُ
هُوَ مَن سَمَتْ فيه الحَياة فلا يَخاف ولا يُخيفُ
– – –
ولقد تعسَّفت الحَياة فما أذلّتْني الصروفُ
ولقد أكون مُصارعًا * لخطوبها وأنا الضَعيفُ
أَلِـأجْل أنْ يَلقى السَعادة واحدٌ يَشقى ألوفُ
ما أَكثر الإنسان حِرْصًا وهْوَ يُشْبِعُهُ الرَغيفُ
عبء الحَياة ولا تظنَّ بأنه عبءٌ خَفيف
ما زلتُ أحْمِلُهُ وإني ذلك الجسدُ النحيفُ
– – –
ما أَتعَس الحسناءَ يمْلِكُ أَمْرَها الزوجُ العَنيفُ
فهُناك جُرْحٌ مُهلِكٌ * إلّـا إذا اٌنقطعَ النَزيفُ
إلى آخرها- من مجزوء الكامل
* * *
يا شِعْرُ أَنتَ سماءٌ * أطيرُ فيها بفكري
طَورًا أَسفّ وطورًا * أعلو كتَحليق نسْرِ
إنْ لم تصوِّرْ شعوري* فلستَ يا شعرُ شعري
من بعد موتي بحِين* سيعْـلَمُ القومُ قدري
فقد وقفتُ حَياتي * لهم وأَفنيتُ عُمري
أودّ أن تحفروا في * جنب النؤاسيِّ قبري
إني أمتّ اليه * وإن تأخَّر عَصْري- من المجتثّ
* * *
كنت مثل الهَـزار أَشدو بشِعْري * كل يوم في نبعة ذات ساقِ
ولقد  كنت قد بَنيتُ بجهد * لِيَ عُشًّا في مَجْمَع الأوراقِ
فأحال الغربان تهْدِم منه * ما بَنَتْهُ يَدِيْ بلا إشفاق
رَخُصَ الشِّعْرُ في بلاد قد اِنحطّتْ كما قد غلا بقطرٍ راقِ
رُبَّ شِعْر أَنفقتُهُ في سبيل الحقّ حتى أَضرّ بي إنفاقي
لست بالشعر أَبتَغي لِيَ كسْبًا * أَو أداوي يومًا به إملاقي
أَيُّها الشعر أنتَ لسْتَ مَتاعًا * يُشتَرى أو يُباعُ في الأسواق- من الخفيف
* * *

خدَعُوها بقولِهِمْ حَسْناءُ- رياض الحبيّب
نُظِمَت الأربعاء 25.07.2012

؟(خدَعُوها بقولِهِمْ حَسْناءُ) * للزَّهاويِّ أمْ لشَوقيْ الرِّداءُ؟

قِيلَ هذي حَسْناءُ شوقي بجَزْمٍ * ثمَّ نادى عَـبْدَ الوهاب نِداءُ

فتغـنّى بها فأحْسَنَ بالصَّوتِ وباللحْنِ والبديعُ الـأَداءُ

غيْرَ أنّ الحُروف في مَوضِعِ الشَّكِّ وظنِّي بأنها صَفراءُ

وَرَدَتْ في ديوان شوقي اٌختصارًا * لحُروفٍ أخرى لها أصداءُ

سُمِعَتْ في مِصْرَ التي قِيلَ فيها * يَرتقي أهلُ الفنِّ والشّعَراءُ

والزَّهَاويُّ نائمٌ حُلْمُهُ بالشِّعْـرِ: راقٍ ما باركتْهُ السَّماءُ

كيف يدري بما جرى ذاتَ يومٍ؟ * لمْ تصِلْهُ الأضواءُ والأنباءُ

مُطمَـئِـنًّا إلى سلامةِ حَسناءَ لهُ في غرامِها أهـواءُ

لو سَباها مِنْ حِضْنِ شوقي لثارَ النقدُ في وجهِهِ وعَـزّ اٌتّـقاءُ 

أو سَباها شوقي فصارتْ إليهِ * لاٌنجلى ليلُ سَبْيِها والرِّياءُ

ليت شِعْـري ماذا أقول وفي مِيزان حُكْمي عدالةٌ وجَزاءُ

أنْ كِلا الشاعِرَين فيه ثقيلٌ * حاز منهُ ما حازتِ الخنساءُ  

وكِلا الشّاعِرَينِ أكْبَرُ مِن أنْ * يتعدّى عليهِما فُصَحاءُ

هِيَ “حسناءُ” بَيْدَ أنّهُما أحْسَنُ مِنها والأحْسَنُ العَصْماءُ

أخْجَلَتْ نظْرتي إليها فإمّا * سَقطَتْ حُجَّتي فقُلْ ما تشاءُ

إنني مؤمِنٌ بحُرِّيَّة النَّـقـدِ ولكنْ يَسُوءُني الإفتراءُ

خيرُ نقدٍ هـذا المُعَـزّز بالبرهانِ والنقدُ للأديب غِـذاءُ

فشُجاعٌ مَنْ واجَهَ النَّـقْـدَ بالحُجَّة أمّا الضَّـعـيـفُ مَن يَستاءُ

هذهِ “حَسْنائي” إذًا عارِضوها * ما اٌسْتطعْتُمْ وعِندَكُمْ أكْـفاءُ

هذهِ “حَسْنائي” وأحْسَنُ منها * ما تُزَكِّيهِ سارةُ الحَسناءُ

هذهِ “حَسْنائي” وأحسَنُ ما في الحُسْنِ عندي المسيحُ والعـذراءُ

¤ ¤ ¤ ¤ ¤

Posted in الأدب والفن | 4 Comments

يا جهاداً صَفَّقَ المجد له

بشارة الخوري

ـ يا جهاداً صَفَّقَ المجد له:
 
لبس الغار عليه الأرجوانا
 
سائل العلياء عنا والزمانا
 
هل خفرنا ذمَّةً مُذْ عرفانا
 
المروءاتُ التي عاشت بنا
 
لم تزل تجري سعيراً في دِمانا
 
قل (لجونْ بولٍ)* إذا عاتبتَهُ
 
سوف تدعونا ولكن لا ترانا
 
قد شفينا غلّة في صدره
 
وعطشنا، فانظروا ماذا سقانا
 
يوم نادانا فلبّينا النِدا
 
وتركنا نُهيَةَ الدين ورانا
 
ضجَّت الصحراء تشكو عُرْيَها
 
فكسوناها زئيراً ودُخانا
 
مذ سقيناها العُلا من دمنا
 
أيقنت أن مَعَدّاً قد نمانا
 
* * *
 
ضحك المجدُ لنا لما رآنا
 
بدم الأبطال مصبوغاً لِوانا
 
عرسُ الأحرار أن تسقي العِدى
 
أكؤساً حُمراً وأنغاماً حزانى
 
نركب الموتِ إلى (العهد) الذي
 
نحرتْه دون ذنب حُلفانا
 
أمِنَ العدل لديهم أننا
 
نزورع النصر ويجنيه سِوانا
 
كلّما لَوَّحتَ بالذكرى لهم
 
أوسعوا القول طلاء ودِهانا
 
ذنبنا والدهر في صرعته
 
أنٍْ وفينا لأخي الوِد وخانا
 
* * *
 
يا جهاداً صفّق المجد له
 
ليس الغارُ عليه الأرجوانا
 
شرفٌ باهتْ فلسطينٌ به
 
وبناءٌ للمعالي لا يُدانى
 
إن جرحاً سال منْ جبهتها
 
لثمتهُ بخشوعٍ شفتانا
 
وأنيناً باحت النجوى به
 
عربياً رشفتهُ مقلتانا
 
* * *
 
يا فلسطين التي كدنا لما
 
كابدته من أسىً ننسى أسانا
 
نحن يا أختُ على العهد الذي
 
قد رضعناه من المهد كِلانا
 
يثربٌ والقدسُ منذُ احتلما
 
كعبتانا وهوى العرب هوانا
 
شرفٌ للمت أن نطعمه
 
أنفساً جبارة تأبى الهوانا
 
وردةٌ من دمنا في يده
 
لو أتى النار بها حالت جنانا
 
انشروا الهول وصُبّوا ناركمْ
 
كيفما شئتم فلن تلقوا جبانا
 
غذّتِ الأحداثُ منّا أنفُساً
 
لمْ يزدها العنفُ إلاّ عنفوانا
 
قَرَعَ (الدوتشي) لكم ظهر العصا
 
وتحدّاكم حساماً ولسانا
 
إنهُ كفوٌ لكمْ فانتقموا
 
ودعونا نسألُ الله الأمانا
 
* * *
 
قُمْ إلى الأبطال نلمسْ جرحهمْ
 
لمسة تسبحُ بالطيب يدانا
 
قم نجعْ يوماً من العمر لهمْ
 
هبْهُ صوم الفصح، هبهُ رمضانا
 
إنما الحقُّ الذي ماتوا له
 
حقنا، نمشي إليه أين كانا

بشارة الخوري (مفكر حر)؟

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

العبودية في الإسلام 28

سردار أحمد

متى وأين منع العمل بنظام الرق:
في نهاية البحث، ادخل في أسباب عدم وجود الرقيق وسوق النخاسين في زماننا هذا، والذي قد يعتقد المتدينون بالوراثة أنه إنجاز إسلامي، او أنه نتيجة طبيعية للشرعة الإسلامية، هؤلاء نقول لهم أن العبيد وسوق النخاسين غير موجود اليوم بسبب قوانين المجتمع المدني وحقوق الإنسان والشرعة الدولية، وقيم الحضارة الحالية، المخالفة للشريعة الإسلامية، لا بسبب أن الإسلام قد حرمها، وإن كان الرق موجوداً بالخفاء في بعض الدول فهو موجود لأسباب إسلامية، وفي الدول الإسلامية، كالصومال والسودان واليمن، والسعودية…الخ
لم تُمنَع العبودية لا في التشريع الإسلامي، ولا في أي مرحلة من مراحل الخلافة الإسلامية، ولا حتى لفترة محددة، ولو أرادوا لمنعوا الرق وقد كانوا قادرين على ذلك، فمحمد الذي حطم أصنام قريش المقدسة في بدايات دعوته ما كانت تنقصه القوة لتحريم العبودية خاصة بعد أن توسع نفوذه وزادت قوته، لكن في الحقيقة لم تكن لديه نية لذلك، بل على العكس نلاحظ أنه مع ازدياد نفوذه تزايد نزول الآيات المتعلقة العبيد، وملك اليمين والجواري، (يتوضح ذلك في آيات القرآن ومعانيها حسب ترتيب النزول)، حتى أن النبي محمد وكبار صحابته -المبشرين بالجنة- احتفظوا بعدد كبير من العبيد والإماء حتى وفاتهم، ولو كان تحريرهم مطلباً وهدفاً إسلامياً لكانوا أول العاملين به.
المسلم الذي يحاول ان يصحو ويرفض العبودية (بعد أن خدعوه وقالوا له ان الإسلام حرمها)، ينومونه مرة أخرى على اكاذيب -تحسين شروط العبودية، والفوائد المقدمة للعبيد- يقول مصطفى محمود “هناك من يناضلون من اجل التحرر من العبودية وهناك من يطالبون بتحسين شرط العبودية”، علماً بأن الإسلام كان الأسوأ حتى في تحسين الشروط والظروف، المسلم نام مراحل طويلة وعقود كثيرة بالخديعة الأولى، يبدو أنه سينام على التحسينات ايضا عقود أخرى إضافية، لأنه لا يمتلك شجاعة التفكير، والوعي الكافي، ولا يفهم ثقافة البحث والمعرفة.
واليوم أغلب الدساتير العربية لا تحرم العبودية بشكل مباشر وعلني كي لا تكون مخالفة للشريعة الإسلامية، والدول العربية وافقت على اعلان حقوق الانسان مع تحفظات، وخاصة بمواضيع المرأة والزواج والميراث (لأن الإعلان يتعارض مع الدين الاسلامي)، وفي النهاية يدّعون أن الاعلان العالمي لحقوق الانسان مستوحى من العدالة الإسلامية، والحقيقة أن الاعلان العالمي لحقوق الانسان وقراراته مستمد من “إعلان حقوق الإنسان والمواطن” الصادر عن الثورة الفرنسية عام 1789، وهو يخالف الشريعة الإسلامية، وقد حرم الرق بقرار دولي، وبقيت الدول الاسلامية تمتنع أو تماطل في منعه وتحريمه.
ولكي يحتفظوا بماء وجههم بعد الأكاذيب الكثيرة عن مدى عدالة ورحمة وشمولية الإسلام، يتحدثون في مجال حقوق الإنسان عن مصطلحات ومنجزات عربية إسلامية وكأنهم اصحاب الحضارة ولهم الفضل في ما أنجز، فنجد مثلا بعض تلك التخاريف “إعلان القاهرة لحقوق الإنسان في الإسلام”، أو كتاب “حقوق الإنسان في الإسلام”، أو “هيئة حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية ودورها في ترسيخ وتأصيل مبادئ الشريعة الإسلامية”…الخ، وكتطبيق عملي لشريعتهم لا زالوا يمارسون الرق، بينما العالم يلتزم بمعاهدة جنيف التي وقعت عليها كل الدول، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي هو نتيجة الاتفاق جميع الدول، و صادر باسم الإنسانية، بغض النظر عن الدين والمذهب.
في إعلان القاهرة حول “حقوق الإنسان في الإسلام” نقرأ الكثير من الأكاذيب، والادعاءات البعيدة عن حقيقة الإسلام، والمصطلحات الفضفاضة، وبالرغم من محاولات التزوير والتدليس نرى مثلاً في المادة (10) منه وبشكل واضح مدى دكتاتورية وانحراف هذا الإعلان حين يقول: “الإسلام هو دن الفطرة، ولا يجوز ممارسة أي لون من الإكراه على الإنسان او استغلال فقره او جهله على تغيير دينه إلى دين آخر أو إلى الإلحاد”، بينما نرى في المادة (18) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: “لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء كان ذلك سرا أم مع الجماعة.”، شتان ما بين حقوق الإنسان في الإعلانين، أحدهما إعلان عالمي لحقوق الإنسان لجميع الناس، أم الآخر فهو إعلان منحرف يتدخل في حريات الآخرين، ويمنعهم من حرية الاعتقاد.

في القوانين الغربية والدولية:
ذكر في الحلقة 19، باعتراف الأزهر (فتاوى الأزهر، ملك اليمين والخدام، ج10 ص171): أن “الرق قد بطل الآن باتفاق الدول، ولا يوجد منه إلا عدد قليل جدا في الدول التي لم توقع على الاتفاقية الدولية.” وقد ألغيت العبودية بقرار سياسي وليس بقرار شرعي، ولا فضل للإسلام وسماحته ورحمته في إلغاء العمل بنظام الرقيق وسوق النخاسين، وقد حرم العبيد بموجب معاهدة جنيف وقرارات جنيف فرضت على الأراضي المحمدية في مكة (المكرمة)، والأماكن الغير مقدسة (إسلامياً) هي التي فرضت على الأماكن المقدسة قيم العدالة والتمدن، وقد اتفقت كل دول العالم الإسلامية منها وغير الإسلامية على عدم اعتبار أسرى الحرب عبيداً، ومُنِع السبي الذي حلله الإسلام وربطه ارتباطاً مباشراً بالجهاد بموجب معاهدة أسرى الحرب التي أقرتها الدول الغربية.
ونجد في المادة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: يولد جميع الناس أحرارا متساوين في الكرامة و الحقوق…”، وفي المادة الرابعة منه تنص على أنه “لا يجوز استرقاق او استعباد اي شخص ويحضر الاسترقاق وتجارة الرقيق بكافة اوضاعهما”، والمادة 1/16: “للرجل والمرأة متى بلغا سن الزواج حق التزوج وتأسيس أسرة دون أي قيد بسبب الجنس او الدين، ولهما حقوق متساوية عند الزواج وأثناء قيامه وعند انحلاله.” وفي المادة 2/16: “لا يبرم عقد الزواج إلا برضى الطرفين الراغبين في الزواج رضى كامل لا إكراه فيه.”، بينما نجد في الشرعة الإسلامية عن الاسترقاق والتجارة بالعبيد، وزواج الجواري والرقيق والموالي ما هو عكس ذلك تماماً.

ثورة سبارتاكوس وثورة عبد الله بن محمد:
أول ثورة قامت في روما لتحرير العبيد كانت في (73-71 ق.م)، قام بها سبارتاكوس الوثني، وحرر آلاف العبيد وجعل منهم جيشا جرارا كاد يقضي به على الإمبراطورية الرومانية التي سحقه جيشها فيما بعد وأحبط أحلامه، وتعتبر ثورة سبارتاكوس من أشهر ثورات العبيد على أسيادهم في أوربا، وقد كادت تقضي على الدولة الرومانية، ثم بعد ذلك بأكثر من ثمانية قرون (869-883)، قامت ثورة الزنوج في العراق مركز الخلافة الإسلامية، حيث دامت (14) عاماً، قتل فيها نصف مليون عبد (الزنوج: مصطلح عربي دال على عبيد الامبراطورية العربية السود).
يقول سيد القمني: “المؤرخون المسلمون يرون أن عبد الله بن محمد (قائد ثورة العبيد في العراق سنة 255هـ) لم يكن إلا مغامراً شريراً تسبب في فتنة وخراب طمعاً في الرياسة، وتجدهم لا يسمونه إلا الخبيث واللعين، ولا يصفونه إلا بعدو الله وعدو المسلمين. لكن تراهم بماذا كانوا يسمونه لو كان هو المنتصر؟”، وعن هذه الثورة نقرأ في (كتاب زكي أمين، جُعِل رزقي تحت ظِلّ رُمْحي، الفصل الرابع): “حاصر الخليفة العباسي عاصمة الفارقة المختارة قرب البصرة لمدة ثلاث سنوات ووصل الامر بجيش الثوار الافارقة من شدة المجاعة والحصار الى انهم بدأوا يأكلون لحوم الموتى من البشر وينبشون القبور ويخرجون الجثث ليأكلوا لحومها يفضلون اكل الميت من البشر على الرجوع الى السادة المسلمين… عندما اقتحم الخليفة العباسي عاصمة الافارقة المختارة قام بقطع الرؤوس وحرق الافارقة وهم احياء.”
لأول مرة في تاريخ العرب كاعتراف، واعتذار، وخروج عن المتعارف، قال الرئيس الليبي معمر القذافي خلال الجلسة الافتتاحية للقمة العربية الأفريقية الثانية بمدينة سرت في العام 2010: “أدين وأقدم باسم العرب الاعتذار عن السلوك الذي سلكه العرب وخاصة الأغنياء منهم تجاه الأفارقة. وأضاف لقد مارس العرب ممارسات مخجلة واشتروا الأطفال وجلبوهم إلى شمال إفريقيا والجزيرة العربية واستعبدوهم ومارسوا الرق وتجارة البشر بشكل مشين.”
الإسلام السياسي كان يعامل بحزم أية محاولة او حراك يقوم به العبيد لنيل حريتهم، والدين الإسلامي فرض عليهم العبودية كواجب ديني للدفاع عن الله والنبي والإسلام، لذا لم تكن هنالك في المجتمعات الإسلامية أية حركات مناهضة للرق، فالسلطان العثماني كان معروفاً بعبيده وحريمه، والسنة في تركيا والشيعة في ايران كانوا يمارسون الرق علناً حتى القرن العشرين، بينما في المجتمعات الغربية ظهرت حركات مناهضة للرق ينتمي أعضاؤها لمجتمعات كنسية، بسبب أن ذلك لا يخالف عقيدتهم.

تاريخ تحريم العبودية في أنحاء العالم:
1761م: البرتغال تحرم العبودية، 1776م: تحذوا أسكوتلندا حذوها
1789م: الثورة الفرنسية قررت إلغاء الرق، لكن البلاد الأوربية والأمريكية ظلت تمارسه إلى نهاية القرن التاسع عشر.
1792م: الدنمارك اقدمت على تحريم العبودية وتحرير العبيد.
1807م: الكونغرس الأمريكي يقر قانون حظر استيراد العبيد إلى أي ميناء أو مكان في الولايات المتحدة
1807م: أجاز البرلمان الإنكليزي قانون إلغاء تجارة الرقيق، وفي عام 1827 زاد البرلمان في صرامة القانون واعتبر تجارة الرقيق نوعاً من القرصنة وجعل عقوبتها الإعدام.
1814م: في مؤتمر فينا عقدت الدول الأوربية معاهدة منع تجارة العبيد.
1831م: في مؤتمر لندن المنعقد في 20 ايلول، اتفقت الدول الاوربية المشاركة فيه على اعتبار تجارة الرقيق من اعمال القرصنة البحرية.
1833م: منعت بريطانيا الرق في جميع مستعمرتها.
1834م: ألغت إنكلترا الرق بقانون برلماني، وعُدّ جريمة يعاقب عليها بالموت.
1839م: نادى البابا بإلغاء الرق، وهدد بعقوبة “الحرمان الكنسي” لأي كاثوليكي يتاجر بالعبيد، لكن الإسبان الكاثوليك لم يعبئوا بقرار البابا.
1848م: ألغت فرنسا الرق بشكل نهائي، وجعلوا يوم 10 مايو يوم محاربة الرق.
1848م: عقدت بريطانيا معاهدة ثنائية مع الولايات المتحدة الأمريكية لكبح تجارة الرقيق
1851م: وبموجب معاهدة بريطانية فارسية، حُظر الاسترقاق، وكان العبيد يتقدمون إلى مكاتب فتحتها بريطانيا في أنحاء البلاد للحصول على شهادات انعتاق. لكن الجهود توقفت بعد خمس سنوات واستمر الرق حتى القرن العشرين.
1860م: هولندا والدنمارك تحرمان الرق.
1865م: نص الدستور الأمريكي علي إلغاء العبودية. (بعد انتصار الشماليين على الجنوبيين)، وقبلها في العام 1775 منع تجارة الرقيق وبالتحديد في فلادلفيا، وألغت نيويورك العبودية عام 1799، وفي عام 1808 اجازت الحكومة الفيدرالية قانون يمنع تملك العبيد، ولكنه لم يعمل به حينها.
1813- 1888م: جميع دول امريكا اللاتينية حرمت الرق، في عام 1813 الأرجنتين، وآخرها البرازيل في العام 1888.
1877م: معاهدة بين مصر وانجلترا تقضي بإلغاء الاسترقاق والنخاسة في جميع أنحاء مصر، ومن جملته إقليم السودان.
1906م: عقدت عصبة الأمم مؤتمر العبودية الدولي، حيث قرر منع تجارة العبيد وإلغاء العبودية بكافة أشكالها
1910: الصين تحرم العبودية
1924م: في السودان حرّم الإنجليز تجارة الرقيق عندما كانوا يحتلونها، وظل القانون مجرد كلام بدون تطبيق، ولا زال امتلاك العبيد والإتجار بهم سارياً حتى الوقت الحالي، “أقرت إحدى جمعيات حقوق الإنسان في 1998 أنها كانت تفتدي العبيد السودانيين الجنوبيين مقابل 50 دولار لكل رأس.”، و”ذكرت دراسة نشرت في ديسمبر 2008 عن منظمة أهلية هي -جمعية دارفور- عن وجود دلائل قوية بأن آلاف الأطفال والكبار تم إجبارهم على التحول إلى عبيد في الإقليم.”
1927م: تم التوقيع علي معاهدة جنيف لمكافحة تجارة الرقيق.
1927م: معاهدة جدة التي أبرمت بين الحكومة البريطانية وابن سعود، ملك نجد والحجاز، لمنع تجارة الرق في الجزيرة العربية (وكان مجرد كلام).
1936م: صدر مرسوم منع استيراد العبيد إلى الجزيرة العربية
1962م: تم إلغاء كل ممارسات الرق أو التجارة بالعبيد في المملكة العربية السعودية (على الورق) لكن في زمن فيصل بن عبد العزيز (1964– 1975) تم سن قوانين تحت الضغط الأمريكي لمحاربة تجارة الجواري والإماء والعبيد، حين كان أبراهام لنكولن رئيساً للولايات المتحدة، والذي أجبر الملك فيصل على التوقيع على معاهدة تحرير الرق، حيث كان الاتحاد السوفيتي يركز على ملف الرق والعبودية في السعودية من اجل احراج امريكا.
1969م: كانت معظم الدول الإسلامية قد ألغت الرق، لكنه أستمر من الناحية العملية في بقاع مختلفة.
1970م: تم إلغاء الرق بشكل رسمي في اليمن وعُمان.
1981م: جمهورية موريتانيا الإسلامية آخر دولة تسن قانوناً لإلغاء ممارسة الرق، والذي أقره الحاكم العسكري السابق محمد خونا ولد هيدالة، ورغم ذلك لم يصدر به قانون لتنفيذه. (وقد كان الفرنسيون حرموا الرق فيها عام 1905 عندما كانوا يحتلونها)، والدولة العربية حرمت الرق إما في فترات الاحتلال، أو في فترات كانت تعاني فيها من ضغوط خارجية، وعملياً هي ما زالت تُمارس عندهم حتى الآن، وتزدهر في فترات الانقطاع عن القيم الغربية (كما حدث في السودان والصومال)، ولا زال مئات الآلاف عبيداً، وما زالوا يسمون السود زنوجاً.
نهاية أقول أنه لا مشكلة لو كان المسلون قد مارسوا الرق في فترة من فترات التاريخ، لكن المشكلة في الذين يحنون للماضي ولا يستطيعون التخلص من تراث عفى عليه الزمن، وتعاليم اصبحت معيبة، والإسلام كدين لن يتخلص من وصمة الرق لأنها موجودة في نصوصه المقدسة وتعاليمه الإلهية التي لا يمكن تغييرها، الكيف يمكن أن يكون هناك دين منزل من الله يقسم الناس على أساس عبيد واحرار، ثم كيف يمكن لشخص يحترم عقله أن يقبل نهج العبودية، فقط المتخلفين الجهلة الذين ولدوا في العبودية وتشربت عقولهم بها يمكن ان يقبلوا ذلك، يجب على الإنسان ان لا يقبل على نفسه أن يكون مساهماً في مشروع يحض على العنصرية والتمييز بين البشر.
أختتم بقصيدة امل دنقل “كلمات سبارتكوس الأخيرة”:
مَن قال “لا” في وَجْه مَن قال “نعمْ”
مَن علَّم الإنسانَ تمزيقَ العدمْ
وقال “لا” فلم يمتْ وظلَّ روحًا أبديةَ الألمْ
* * *
مُعَلَّقٌ أنا على مشانقِ الصَّباحْ
وجبهتي – بالموتِ – مَحنيَّهْ
لأنني لم أَحْنِها… حَيَّهْ!
* * *
يا إخوتي الذينَ يعبُرون في الميدان مُطرِقينْ
مُنحدرين في نهايةِ المساءْ
في شارِع الإسكندرِ الأكبرْ
لا تخجلوا… ولترْفعوا عيونَكم إليّْ
لأنكم مُعلَّقونَ بجانبي… على مشانِق القيصَرْ
فلترفعوا عيونَكم إليّْ
لربما… إذا التقتْ عيونُكم بالموتِ في عَينَيّْ
يبتسمُ الفناءُ داخلي… لأنكمْ رفعتُم رأسَكمْ… مرَّهْ

الـــــنــــهـــــايـــــة

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر | 2 Comments

إلى سارتي الحبيبة

 رياض الحبيّب

 إلى سارَتي الحَبيبهْ * وشَـرْقِـيَّتي الأريـبَهْ
 
دَعِـيني أَهِـمْ برَوضٍ * عَـلا أرضَكِ الخصِيبهْ
 
تنسَّـمْتُ مِنهُ نَفْحًا * عَـليلًـا وفَيضَ طِيبَهْ
 
وأبصَرْتُ فيهِ سِحْرًا * أصابَ الورى برِيبَهْ
 

وقد قُلتِ لي تحَفَّظْ * مِن الأعْـيُنِ الرَّقـيبهْ

فأعْرَضْتُ عنْ عَـذولٍ * قضى الحُبُّ أنْ أجيبَهْ

وعيناكِ تأخذاني * إلى غابةٍ رَهِـيـبَهْ

لها لونُ كبرياءٍ * لعَلِّيْ أرى شُحُوبَهْ

دُجى مُقلتيكِ أضفى * على شِعْرِيَ العُـذوبهْ

وطَيفا خُطاكِ ألغى * أعاريضَهُ الكئيبهْ

كأني اٌخترَعْـتُ بَحْرًا * وتفعِـيلةً عَجيبهْ

وغنّيتُ ضَرْبَ لحْنٍ * فأخْجَـلْتُ عندليبَهْ

وسافرْتُ غيرَ رانٍ * إلى أنجُمٍ قريبهْ

فأنّى رَحَلْتُ أضْحَتْ * بلاديْ هِيَ الغريبَهْ

وأنّى بُلِـيْتُ هانتْ * على ذِكْرِها المُصِيبهْ

فإنْ عادَني طبيبٌ * وإنْ هوَّنَتْ طبيبهْ

تحَـدَّيتُ كُلَّ مَوتٍ * وساعاتِهِ العَـصيبهْ

وأخْضَعْتُ ألفَ بَحْرٍ * وبَحْرٍ أبى رُكوبَهْ

هنيئًا لِمَنْ تحَدّى * مَدىً عارفًا نَصِيبهْ

وزادَ الفؤادَ هَمًّـا * وسَقَّى لهُ وَجيبَهْ

ودارى الخطوبَ طوعًا * إليها طوى هُروبَهْ

فمَعْـنى الحياةِ إنْسٌ * سَعَى حامِلًـا صَليبَهْ

¤ ¤ ¤
  
نظمت في الأحد الموافق 22.07.2012
 
والقصيدة من الأمثلة على بَحْر المُضَارِع، هو الثاني عشر في سلسلة بحور الشِّعْـر
 
طَيفا خُطاكِ؛ إشارة إلى وجود طيفين، طيف لكُلِّ قدَم أو ساق. طبيبة: مؤنث طبيب
 
المعاني من «لسان العرب» لاٌبن منظور
 
الأريب: العاقل، ذُو دَهْيٍ وبَصَر. علا: عَلا فلانٌ الجَبَلَ إذا رَقِيَهُ يَعْلُوه عُـلُـوًّا. عادَني: عادَ العَلِيلَ يَعُودُهُ عَوْدًا وعِيادة وعِيادًا: زارَهُ
 
قصيدة بقلم: رياض الحبيّب

Posted in الأدب والفن | Leave a comment