كفن

هناء شني

إن أنا تجاوزت لعبة الحياة البلهاء
وتزينت بكفن ،، رفّه عن نفسي المتعبة
حينها ،، سيطبق الكرى اجفاني
وبذلك أستقيل من أساطير العشق البائسة
وابجدياته المجردة من الخلود

أًساق على عكازتين
يزحف الوقت مستائا
من فصوله الاخيرة..

*يا أيتها النفس المتعبة ،
متى تكرّم روحكِ ،، بنعاس لذيذ
مخبئ لكِ ،، على حافة النهر؟!*

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

الفكر الإسلامي بين الانتقائية والتحايل والسذاجة 5: محمد الغزالي نموذجا

عبد القادر أنيس

أواصل في هذه المقالة الخامسة قراءة كتاب محمد الغزالي (حقوق الإنسان بين تعاليم الإسلام وإعلان الأمم المتحدة).
تتناول هذه الحلقة فصل: “الحريات” في الإسلام من وجهة نظر الغزالي. (ص 45).
في هذا الفصل يبلغ إسفاف الشيخ وقلة حصافته واستهتاره بالمنطق السليم أوجه. نقرأ له:
“إذا منح الله الإنسان عقلا فلكي يفكر به ويهتدي بنوره، فتلك وظيفة العقل وثمرته المرجوة والله جل شأنه يكره أن يهدر إنسان هذه المنحة فيحيا أحمق وهو يستطيع الرشد، بليدا وهو يستطيع النظر..”
بعد هذا الكلام مباشرة كتب: ” وإذا ذرأ (خلق) الله الناس على فطرة سليمة ينبعثون منها كما ينبعث السهم إلى غايته، فهو يأبى عليهم عوج الطبع وزيغ الخطو وضلال الوجهة..”
ثم كتب: “إن المهندس الذي يبتكر آلة لتدور بمحركات داخلية، لا يعتبر هذه الآلة صحيحة ولا ناجحة إلا إذا دارت وفق ما قدر لها وأدت الغرض المقصود منها..)
هذا هو بؤس العقل المسلم ومحنته. وما يحيرني هو أن يكون لهذا الفكر، أو بالأحرى اللافكر، أتباع من المتعلمين بالملايين، ولكن الطيور على أشكالها تقع.
كيف يستطيع شخص، يزعم أن له عقلا، التوفيق بين هذه القناعات: من جهة “إذا منح الله الإنسان عقلا فلكي يفكر به ويهتدي بنوره…” وهو إقرار بأن الإنسان حر مختار لما يريد، ثم مباشرة يقول: ” وإذا ذرأ الله الناس على فطرة سليمة ينبعثون منها كما ينبعث السهم إلى غايته..”، وفي هذه الحالة فالناس موجهون مثل الروبوتات. وهو ما يعنيه الشيخ أيضا بحديثه عن المهندس الذي هو الله، وعن الإنسان الذي يشبه الآلة التي “تدور بمحركات داخلية”… وفق ما قدر لها وأدت الغرض المقصود منها..”. فكيف يمكن التوفيق بين هذا المصير وبين ” إذا منح الله الإنسان عقلا فلكي يفكر به ويهتدي بنوره”.
فهل يمكن أن تكون للعقل حرية في ظل هذه المصادرات لحريته. ولا يخفى أن الفطرة السليمة هي الإسلام وما عداه انحراف. وهو ما نفهمه من حديث: “مَا مِنْ مَوْلُود إِلَّا يُولَد عَلَى الْفِطْرَة , فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ).
في هذا الفصل تعرض الغزالي لمجموعة من الحريات: الحرية السياسية، الحرية الفكرية، الحرية الدينية، وحول حر ية الارتداد والحرية المدنية.
وسأفرد لكل حرية من هذه الحريات مقالا مستقلا. غير أني أجد نفسي مدينا للقارئ بتنبيهه إلى أنه حتى لفظة الحرية نفسها بمعناها المتعارف عليه اليوم هي حديثة، شاع استخدامها في أدبياتنا الفلسفية والسياسية بعد احتكاكنا بالغرب الحديث، أما معناها القديم فهي تعني حالة يكون فيها المرء حرا وليس عبدا، وهو المعنى المقصود بقول عمر: “متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا”.
يقول الغزالي عن الحرية السياسية إنها “تعني في عصرنا هذا أمرين:
– حق كل إنسان في ولاية الوظائف الإدارية صغراها وكبراها مادام، بكفايته، أهلا لتوليها.
– حق كل إنسان أن يبدي رأيه في سير الأمور العامة وتخطئتها أو تصويبها وفق ما يعتقد”.
فما تعنيه الحرية السياسية في الفكر الإسلامي من وجهة نظر الغزالي أولا ومن وجهة نظر الفكر الإسلامي الآخر المُغيَّب في كتابه؟
علينا في البداية أن نفضح عند الغزالي قدرا كبيرا من التحايل في تعريف الحرية السياسية. هو يقول: (حق كل إنسان)، وهو تعميم ضبابي تبناه الشيخ لكي لا يجد نفسه رهين حرج كبير. لقد تفادى استخدام التعبير المناسب وهو (حق كل مواطن) لأن الحرية السياسية هي رديف المواطنة في دولة المواطنين الأحرار. فلماذا لم يفعل؟ هناك، في تقديري، أسباب عدة:
– منها أن الغزالي لا يؤمن بفكرة المواطنة ويستهجنها، وأنا سمعته في التلفزيون الجزائري يلوم الساسة الجزائريين على استعمال تعبير (أيها المواطنون)، بوصفه تعبيرا وافدا مستوردا، ونصحهم باستعمال (أيها المؤمنون) أو (يا أيها الذين آمنوا)، لأن الكلمة غريبة وافدة مستوردة.
– ومنها أن الغزالي لو استخدم مصطلح (مواطن) فسوف يجد نفسه في تناقض صارخ مع خطابه الموجه للمسلمين بلا حدود وطنية يرفضها الإسلاميون حتى أنهم يصرحون أن المسلم الأندونيسي أقرب إليهم من مواطنهم المسيحي مثلا، أو حتى الشيعي.
– ومنها أنه يدري أن في بلداننا، وخاصة بلده مصر، يوجد مواطنون غير مسلمين لا يحق لهم حسب دين الغزالي تولي كل الوظائف العامة.
– ومنها أن فقه الأحكام السلطانية في الإسلام قد وضع قيودا عنصرية لتولي الإمامة أو الخلافة.
ولكي نبين انتقائية وتحايل الشيخ نورد هنا شروط تولي المناصب العليا في الدولة الإسلامية (كما تتفق عليها المصادر الفقهية وأشهرها كتاب الأحكام السلطانية للماوردي باعتباره أشهر منظر سياسي في هذا الباب):
“كان الإمام – أو الخليفة – يتولَّى زمام الدولة الإسلامية بإحدى ثلاث طرق (قلما يعترض عليها الفقهاء المسلمون) (التعاليق ما بين قوسين من عندي):
الطريقة الأولى : الاختيار والانتخاب من أهل الحل والعقد، (وطبعا لا أحد يستطيع أن يبين لنا من هم هؤلاء ومن يؤهلهم ليكونوا من أهل الحل والعقد غير أننا نعرف أن الحاكم وحده هو المخول باختيارهم).
الطريقة الثانية : الخلافة بولاية العهد من الخليفة السابق، وذلك بأن يعهد ولي الأمر بالخلافة لأحدٍ بعينه من بعده، ومثاله : ثبوت الخلافة لعمر بن الخطاب ؛ فإنها ثبتت له بولاية العهد من أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
الطريقة الثالثة : القوة والغلبة، وذلك إذا غلب الخليفة الناسَ بسيفه، وسلطانه، واستتب له الأمر : وجب السمع له والطاعة، وصار إماماً للمسلمين، ومثاله : بعض خلفاء بني أمية، وخلفاء بني العباس، ومن بعدهم، وهي طريقة مخالفة للشرع؛ لأنها أُخذت بالغصب والقوَّة، ولكن لعظَم المصالح المترتبة على وجود حاكم يحكم أمَّته ؛ ولعظم المفاسد المترتبة على نزع الأمن من البلاد : كان للمتولي بالقهر والسيف السمع والطاعة إذا تغلب بهما، وحكم بشرع الله تعالى” .
والشيخ العثيمين يقول :
“لو خرج رجل واستولى على الحكم؛ وجب على الناس أن يَدينوا له، حتى ولو كان قهراً بلا رضىً منهم؛ لأنه استولى على السلطة .ووجه ذلك أنه لو نوزع هذا الذي وصل إلى سُدَّة الحكم لحصل بذلك شرٌّ كثير، وهذا كما جرى في دولة بني أمية، فإن منهم من استولى بالقهر والغلبة وصار خليفةً يُنادَى باسم الخليفة، ويُدان له بالطاعة، امتثالاً لأمر الله عز وجل” .

شروط تولي الخلافة:
1- الحرية، (يعني ألا يكون عبدا مملوكا وهو إقرار واضح بوجد عبيد مسلمين كحالة دائمة ولو كان غير ذلك لما وضع هذا الشرط).
2- الذكورة، (أن يكون رجلا وليس امرأة).
3- البلوغ،
4- سلامة العقل،
5- سلامة الحواس والأعضاء، (ألا يكون به إعاقة ما)
6- العلم بأمور الدين والدنيا.
7- العدالة وتوفرها، سلامة العقيدة وأداء الفرائض. (طبعا العدالة الإسلامية !!)
8- الإسلام وتعظيم شعائره.
9- النسب: أي الانتساب إلى قبيلة قريش.
لجأت إلى هذا الاستطراد لأن الفقه السياسي الإسلامي متهافت جدا إذا ما قورن بالقانون الدستوري اليوناني أو الروماني عكس ما يقرره الغزالي، رغم سبقهما له بأكثر من ألف عام. هذا الفقه يتمحور في مجمله حول منصب الخليفة فقط، أما ما عداه من المناصب السياسية والقضائية والتنفيذية فهي بين يدي الخليفة يديرها ويستبد بها بلا حسيب ولا رقيب لأنه وكيل الله في الأرض وخليفته وهو بهذا ليس مسؤولا إلا أمام الله.
والأدهى والأمر أن الفقهاء المسلمين عموما متفقون على رفض الثورة على الحاكم لأنها فتنة، عملا بالقول المأثور: “ظلم غشوم خير من فتنة تدوم”.
فأين الغزالي من كل هذا؟ نعود إلى كتابه.
هو يضرب بعرض الحائط كل هذا التاريخ الإسلامي الموثق كما طبقه مؤسسوه منذ فجر الإسلام إلى نظام الحكم السعودي الذي كان للشيخ علاقة حميمة به وبجوائزه السخية السنية. يقول: “رئيس الدولة فمَنْ دونه من الموظفين أشخاص تختارهم الأمة، ولا يفرضون عليها أبدا، وتعطيهم نظير ذلك أجرا يقوم بأودهم ويكفل معايشهم وأولادهم… وهم باقون في وظائفهم ومستحقون أجرتها ما بقيت لهم هذه الصلاحية، وإلا نُحُّوا عنها وخلفهم عليها من يقدر على أعبائها”.
هل يصدق الغزالي فعلا هذا الكلام؟ وهل بإمكانه تزويدنا بعدد الخلفاء الذين تمكنت الرعية من خلعهم؟ وهل يستطيع أن يقول لنا من كان يدفع أجرة الخلفاء، ونحن نعرف أن البيعة مرة واحدة كما نعرف أن عثمان قُتِل وهو يتشبث بالسلطة قائلا: “لن أخلع قميصا سَرْبَلَينِه الله !!!” وهو ما يعني أن الحاكم في الإسلام لم يكن يعتبر نفسه مسؤولا أمام الناس الذين بايعوه أو تَأَمَّرَ عليهم بالقوة أو العصبية.
هذا كان حال ما اعتبره المسلمون خلافة راشدة والتي لم تعمر سوى ثلاثين سنة ساد أكثر من نصفها فتن عاصفة وانتهت بأيلولة الحكم إلى ألد أعداء الدولة الإسلامية: بني أمية، ومعهم تواصل الملك العضوض إلى أيام الناس هذه.
أما ما يتشدق به الإسلاميون من شورى وأهل الشورى فهو كلام فارغ لم يعرفه تاريخ الإسلام بالصورة التي نعرفها الآن ضمن انتخابات عامة يحتكم فيها الحكام للشعب بصورة دورية تفرز مجالس محلية ووطنية وفصل بين السلطات التنفيذية والقضائية والتشريعية.
الحديث عن الشورى هو حديث خرافة. وما أحمق مجالسنا الشورية اليوم و(برلماناتنا) وهي ترفع شعار “وأمرهم شورى بينهم” بينما كل هذه التقنيات في الحكم غربية مائة بالمائة عن موروثنا السياسي والديني. الفقهاء والحكام في تاريخ الإسلام لم يفهموا أبدا هذه الشوري كما يقدمها الغزالي اليوم للاعتراض على النظام الديمقراطي الغربي.
كان الخلفاء هم الكل في الكل وليس في الفقه السياسي الإسلامي ما يلزمهم باللجوء إلى الشورى ولا إلى تنصيب مجالس للشورى، وفي الحالات النادرة التي وجدت فيها، فهي منة من الحاكم، يقوم بنفسه بتعيين أهل الشورى ممن يرضى عنهم ويثق في ولائهم، وفي النهاية فليس في الفقه ما يلزمه بالأخذ بمشورتهم وليس في الفقه الإسلامي أية إشارة للطريقة التي يتم بها اختيار أو انتقاء المستشارين وبالتالي فتسميتهم بأهل الحل والربط خرافة أيضا فهم لا يحلون ولا يربطون شيئا إلا بما يرضي الحاكم ولي نعمتهم. طبعا قد يحتج علينا البعض ببعض الأسماء مثل ابن حنبل أو العز بن عبد السلام وقلة قليلة ممن وقفوا في وجه السلطة، وهي نتف شاذ والشاذ يحفظ ولا يقاس عليه ويؤيد القاعدة العامة. أما أن يحاول خداعنا بأن خرافة الشورى في تاريخ الإسلام يمكن مقارنتها بالمجالس النيابية العصرية التي يتم انتخاب أعضائها بطريقة حرة وديمقراطية من طرف الشعب وتتولى مهام مراقبة السلطة التنفيذية التي هي أصلا تنبثق عنها حسب نظام الأغلبية فهو من قبيل التحايل والخداع والسذاجة.
هنا لا بد من الإشارة إلى ظاهرة إسلامية في غاية الأهمية، وهي أن رجال الدين شكلوا في الكثير من المرات عبر التاريخ الإسلامي بسبب سيطرتهم على العامة والقدرة على تهييجها قوة متنفذة في الحياة السياسية والفكرية وكان الحكام ولا يزالون حتى اليوم يحسبون لهم ألف حساب، ولهذا يحدث أن يتملقوهم ويظهروا لهم التبجيل والجلوس أمامهم في المناسبات كصلاة العيدين وينزلون عند رغبتهم عندما يتعلق الأمر بقمع الحريات باسم محاربة الزنادقة والهراطقة والفلاسفة وتطبيق الحدود الشرعية في بسائط الأمور مثل الزنا والسرقة في حق بعض المهمشين، ثم يخلو الجو للحكام ورجال الدين ليتحالفوا علينا أو ضمنيا من أجل استقرار الاستبداد والاضطهاد.
يمر الغزالي مر الكرام على مأدبة اللئام بانتقائية وتحايل بفترة “الخلافة الراشدة” المعتبرة في نظره ونظر المسلمين مثالية في نموذج الحكم الراشد. لم يقل لنا إن أبا بكر احتال على مطالبة بعض الأنصار بحقهم في تولي الخلافة بحديث “نحن الأمراء وأنتم الوزراء”، ولم يقل لنا إن عليا ومن ورائه فاطمة، كان يرى نفسه الأحق بها، ورفض المبايعة وحاول الخليفة الجديد إرغامه فبعث إليه من اقتحم داره وأتى به مكبلا واقترح عمر قطع رأسه بسبب هذا الرفض ثم خلوا سبيله (كما جاء في كتاب الإمامة والسياسة لابن قتيبة)، ولم يبايع إلا بعد موت فاطمة، أي بعد ستة أشهر. أما تولي الخلفاء الثلاثة عمر وعثمان وعلي فقد تمت بطريقة لا تمت بصلة للاختيار الشعبي الحر كما يمارس في الديمقراطية الحديثة كما يوهمنا الغزالي، ولا حتى كما كان يتم في الديمقراطية الأثينية والجمهورية الرومانية على مدى مئات السنين، ولو كان يقتصر على الطبقة الأريستوقراطية ولعلنا لا نجانب الصواب إذا قلنا إنه لم يَرْقَ إلى مستوى الممارسة السياسية (الديمقراطية) كما كانت تمارسها الأريستوقراطية القرشية التي عاش محمد يدعو إلى دينه الجديد في كنفها ثلاث عشر سنة. أما المسلمون فقد عجزوا عن وضع نظام دستوري شبيه، وحتى هذه (الخلافة الراشدة) فإنها لم تعمر كما أسلفنا أكثر من ثلاثين سنة تخللتها الفتن لأن الإسلام، كتابا وسنة، كان يفتقد تماما لأية تنظيم سياسي واضح المعالم كفيل بضمان استقرار نسبي للدولة الفتية وإدارة شؤونها بدون سفك الدماء، ومع ذلك يستميت الإسلاميون مثل سيد قطب والغزالي والقرضاوي وأتباعهم في تشويه التجارب السياسية الحديثة وصد الناس عن الأخذ بها وتكفير وترهيب من اختلف معهم وشكك في جدوى موروثهم السياسي المتهافت والدعوة إلى التخلي عنه، عن طريق عقلنة حياتنا وعلمنة دولنا. هذا ما حدث لفرج فودة الذي أيد الغزالي اغتياله بوصفه أتى منكرا يحق لأي فرد في جماعة المسلمين أن يغيره. فلمن يُسَوِّق الغزالي إذن مزاعمه حول حقوق الإنسان؟
يتبع: الحرية الفكرية…

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر | Leave a comment

الفكر الإسلامي بين الانتقائية والتحايل والسذاجة: محمد الغزالي نموذجا 4

عبد القادر أنيس

أواصل في هذه المقالة الرابعة قراءة كتاب محمد الغزالي (حقوق الإنسان بين تعاليم الإسلام وإعلان الأمم المتحدة).
تتناول هذه الحلقة فصل: “حق الحياة والسلامة والأمان” في الإسلام من وجهة نظر الغزالي. (ص 38- 44).
كتب: “وهب الله نعمة الحياة للإنسان، وجعل حياطتها كلا وجزءا، وصيانتها مادة ومعنى في طليعة الأهداف التي أبرزها الدين، وتحدث فيها الرسل مبشرين منذرين”.
هنا يتوجب علي أن ألفت نظر القارئ إلى أن المقصود بالإنسان، عند الشيخ الغزالي، كما استنتجت ذلك هو الإنسان المسلم، كما سنرى، رغم أنه يستفيق بين صفحة وصفحة فيستخدم لفظ الإنسان للخداع فقط، ولكن سرعان ما تعود حليمة إلى عادتها القديمة ويعود الشيخ لمقصوده، وفاء لدينه، إن لم يكن رهينة هذا الدين.
يواصل الشيخ: “ولا عجب فإن شقاء حيوان وإزهاق روحه ظلما يعده الله العدل الرحيم جريمة يدخل فيها الإنسان النار.”
حجة الشيح حسب قول نبيه: “دخلت امرأة النار في هرة حبستها، فلا هي أطعمتها ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض”
قصة هذه المرأة التي دخلت النار لأنها حبست قطة قلما يخلو كتاب من كتب المناهج التربوية منها، كذلك لا يمل رجال الدين من تكرارها على مسامع الناس في كل مناسبة وفي غير ما مناسبة، ومع ذلك فما أشقى الحيوانات عندنا شأنهم شأن البشر. بل هناك تمييز بين الحيوانات من حيث النفع والضرر فيبيح الشرع قتل الضار منها مثل الأفاعي وهناك تمييز في اللون تماما مثل التمييز العنصري عند البشر. ففي فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية نقرأ: “فإن الكلب الأسود شيطان الكلاب والجن تتصور بصورته كثيراً، وكذلك بصورة القط الأسود، لأن السواد أجمع للقوى الشيطانية من غيره وفيه قوة الحرارة” .
فماذا يقول الغزالي في كلام مقيت كهذا (لأن السواد أجمع للقوى الشيطانية)، وهو يعرف أن البشر أيضا فيهم السود الذين يعدون بعشرات الملايين، وحتى القرآن ذم هذا اللون في قوله: (يوم تَسْوَدُّ وجوهٌ وتَبْيَضُّ وجوه) فأعطى للون الأسود قيمة سلبية عكس اللون الأبيض. وقد أمر محمد بقتل الكلب الأسود: (عليكم بالكلب الأسود) لأنه شيطان يبطل الصلاة كما ورد في حديث: (يقطع الصلاة : المرأة والحمار والكلب الأسود…)
وبعد ذلك يكتب الغزالي: “أرأيت كيف أن إراحة حيوان وحفظ حياته باب إلى رضوان الله؟ وكيف أن إتعاب حيوان وإهدار حياته باب إلى سخطه؟).
طبعا لا نعدم في موروثنا الديني والأدبي أحاديث وأمثال تحض على الرأفة بالحيوان، كما نجد عكس ذلك أما أن يمارس شيخنا الانتقاء ويقدم دينه للعالم كبديل متفوق على المواثيق الدولية الحديثة المحكمة حول حقوق الإنسان وحقوق الحيوان وحتى حقوق البيئة وكلها من ثمار الحداثة، فهو نوع من التحايل والخداع وبطريقة ساذجة الهدف منها التقليل من شأن قيم الحداثة وتثبيط عزائم المسلمين في المطالبة بها.
نواصل مع هذا الشيخ (الفاضل) كما كان يقدم في تلفزتنا لسنوات طويلة وساهم بجدارة في تخريج أفواج الإرهابيين، يقول: “إن القرآن الكريم يعد إزهاق الروح جريمة ضد الإنسانية كلها.. (إنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا).
الإنسانية والناس في عرف الغزالي تنطبق على المسلمين فقط مهما حاول استغفالنا. الدليل على ذلك أنه بارك قتل المفكر فرج فودة بحكم أنه مرتد رغم أن الرجل لم يصرح أبدا بأنه مرتد. ننقل من موقع إسلام أون لاين هذه الفضيحة لرجل يكذب علينا عندما يكتب في هذا الكتاب وهو يقول: (والمسلم وغير المسلم سَواء في حرمة الدم واستحقاق الحياة).
جاء في هذا الموقع: ” وقام بعض الشباب باغتيال فرج فودة، وكان لزاما على المحكمة أن تقول كلمتها فيهم، بعد أن قال محاموهم بأن فرج فودة مرتد عن الإسلام، والمرتد يُقتَل في الإسلام. .
“واستدعت المحكمة الشيخ الغزالي، وأفتى بجواز أن يقوم أفراد الأمة بإقامة الحدود عند تعطيلها، وإن كان هذا افتياتا (تعديا) على حق السلطة، ولكن ليس عليه عقوبة، وهذا يعني أنه لا يجوز قتل من قتل فرج فودة.
“فقامت الدنيا ولم تقعد بعد شهادة الشيخ الغزالي، واتُّهم الرجل بألسنة حِداد أَشِحَّة على الخير مِنْ أناس لم يستقر الإيمان في قلوبهم، فضلا عمن يعادي منهج الإسلام.
“وذهب وزير إلى بيت الشيخ، وطلب منه أن يصرح أو يكتب مقالا يفسر به موقفه من قضية فرج فودة، لكن الشيخ أصر على موقفه، وعاد الوزير مرة ثانية يلح على الشيخ، فأجابه: أنا لم أكتب مقالا في صحيفة، ولا ألقيت خطبة في جامع، ولا محاضرة في جمعية، ولكني استدعيت للشهادة أمام محكمة، فشهدت بما أعتقد أنه الحق الذي أدين الله به وألقاه عليه، فإذا كان في شهادتي بعض الغموض فلتدعني المحكمة مرة أخرى، وأنا أشرح لها موقفي) عن كتاب (الشيخ الغزالي كما عرفته، ص: 271-275، للدكتور يوسف القرضاوي).
http://www.islamonline.net/arabic/In_Depth/Ghazaly/articles/07.shtml
هذا الكلام كتبه صديقه القرضاوي وهو عندي أصدق تعبير عن حقيقة الغزالي، بينما القرضاوي يحاول الدفاع عنه بخبث وبطريقة مخادعة: فالإرهابيون تحولوا بقلم القرضاوي إلى (بعض الشباب) فقط وليس إرهابيين أو على الأقل مجرمون خارجون عن القانون، والإرهاب الأعمى تحول عند القرضاوي إلى مجرد افتئات على سلطة الدولة فقط، واحتجاج الصحافة والمفكرين وبعض الرأي العام على الموقف التبريري للإرهاب الذي تبناه الغزالي أغضب القرضاوي وهو ما يعني قوله (فقامت الدنيا ولم تقعد بعد شهادة الشيخ الغزالي، واتُّهم الرجل بألسنة حداد أشحة على الخير مِنْ أناس لم يستقر الإيمان في قلوبهم، فضلا عمن يعادي منهج الإسلام).
ولا يخفى ما في كلام القرضاوي من تحريض إرهابي واضح عندما يتهم المنددين بموقف صديقه الغزالي بأنهم (أناس لم يستقر الإيمان في قلوبهم، فضلا عمن يعادي منهج الإسلام). فيتحول المجرم إلى ضحية والضحية إلى مجرم.
المأساة في هذه الفاجعة أن موقف الحكومة المصرية كان موقفا متخاذلا جبانا إن لم يكن متواطئا إلى أقصى الحدود وبدل أن يُقدَّم الغزالي للمحاكمة بتهمة التحريض على الإرهاب، نرى وزراء هذه الحكومة يعظمون من شأنه ويتملقونه ليحفظوا ماء وجوههم أمام الضمير العالمي.
هل بعد هذا تقام الدنيا ولا تقعد عندما يفشل وزير مصري فيما بعد في اعتلاء رئاسة اليونسكو رمز الثقافة والعلوم والفنون وحريات التعبير والإبداع والاعتقاد وكأنه من السهل خداع العالم مثلما يجري خداع شعوبنا في بلداننا.
ونعود لموضوعنا لنقول إنه مهما حاول الغزالي توسيع مفهوم الإنسان في كتابه فهو لا يتعدى الذمي المسيحي واليهودي على استحياء موغل في النفاق من قبيل نفاق حوار الأديان، أما غيرهما من البشر فلا حديث. نفهم هذا من الأحاديث النبوية التي يستشهد بها:
(ظهر المسلم حمى إلا بحقه)- (من جرد ظهر مسلم بغير حق ألقى الله وهم عليه غضبان)- (لَزَوالُ الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم). ولا بأس أن يورد الشيخ أحاديث أخرى من قبيل (من قتل قتيلا من أهل الذمة حرم الله عليه الجنة) أو (من قتل مُعاهدا لم يرح رائحة الجنة).
أما أن يغزو المسلمون بلدانا ويُخيروا أهلها بين الاستسلام والخضوع للاحتلال ودفع الخراج والجزية وهم صاغرون، وإذا رفضوا فهي الحرب والاستعباد عند الهزيمة والسبي ومصادرة الأملاك فالشيخ يحرص على التستر عليه ويعمل مع القرضاوي وغيرهما على مصادرة حق العلمانيين حتى في الاطلاع وإطلاع الناس عليه وإلا فالإرهاب والاغتيال نصيبهم. وهذا ما وقع لفرج فودة ويقع حاليا لسيد القمني ووقع لمثقفين وفنانين وساسة ومناضلين في الجزائر على يد تلامذة الشيخ الغزالي الذي صال وجال في طول البلاد وعرضها وفي وسائل الإعلام وفي قاعات المحاضرات وفي المساجد لسنوات طويلة مشرفا على وضع المناهج للجامعات والمعاهد الإسلامية كما أصبح له اليد الطولى على المسؤولين خاصة رئيس البلاد ذا التعليم المتواضع وقد أمر فأطيع فتم طرد مفكرين أمثال محمد أركون من مؤتمرات فكرية وتكفير كاتب وطني كبير مثل كاتب ياسين.
وتبلغ السذاجة أوجها عندما يستنتج الشيخ من قصص هامشية مبادئ عالمية عظيمة هي من صميم العصرنة والعلمانية والديمقراطية ليقول: (والحق أن الإسلام يوصد كل الأبواب أمام نفر من الخلق يستهينون بأقدار الآخرين وحقوقهم، خصوصا الحكام الذين قد يدهمون البيوت لتفتيشها أو يعتقلون خصومهم ويقيدون حركاتهم دون ارتباط لقانون أو رعاية لقضاء. تلك كلها سياسات جائرة تصطدم بما يقرره الإسلام في مجتمعه من تأمين مطلق للفرد وحس دقيق بحقوقه الشخصية) !!!!
لنر حشب الغزالي (ما يقرره الإسلام في مجتمعه من تأمين مطلق للفرد وحس دقيق بحقوقه الشخصية).
(عن أبي ذر قال: قال رسول الله ..: “أيما رجل كشف سترا، فأدخل بصره قبل أن يؤذن له، فقد أتى حدا لا يحل له أن يأتيه، ولو أن رجلا فقأ عينه بسبب ذلك لهدرت).
(وقال رسول الله “لا تأتوا البيوت من أبوابها –يعني مواجهةً تجعل القادم يكشف ما هنالك- ولكن ائتوها من جوانبها فاستأذنوا فإن أُذن لكم فادخلوا، وإلا فارجعوا).
السذاجة في هذا الكلام البسيط أنه يتجاهل الواقع البسيط الذي قيل فيه والذي يدحض كل مزاعمه حول حقوق مزعومة للفرد في الإسلام، وحتى معنى الفرد ذي الحقوق لم يكن يشمل حتى المرأة المسلمة. لنحك على طريقة الشيخ الغزالي: كانت البيوت في يثرب المدينة بدون أبواب مثلما كانت بدون مراحيض، مجرد ستائر من القماش يزيحها الريح بسهولة. وبما أن المسلمين، وبعد أن اشتدت شوكتهم فاغتنوا بعد عوز وشبعوا بعد جوع واكتسوا بعد عري، أصبحوا يحتجزون في بيوتهم نساء كثيرات وجواري وإماء بفضل الغزو والسبي والراحة المالية التي توفروا عليها، فقد بدأت الغيرة تتسلل إلى نفوسهم خوفا من أن ينافسهم منافس فيما ملكت أيمانهم، كانوا يتضايقون من بعض التصرفات غير الظريفة من بعض المتطفلين. هذا ما تعنيه الآية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا …..)
ونظرا لطرافة تفسير ابن كثير لهذه الآية نورد بعض المقتطفات منه:
(هذه آية الحجاب وفيها أحكام وآداب شرعية وهي مما وافق تنزيلها قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما ثبت ذلك في الصحيحين عنه أنه قال وافقت ربي عز وجل في ثلاث: قلت: يا رسول الله لو اتخذتَ من مقام إبراهيم مصلى فأنزل الله تعالى “واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى” وقلت: يا رسول الله إن نساءك يدخل عليهن البَرّ والفاجر فلو حجبتهن فأنزل الله آية الحجاب وقلت لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم لما تمالأن عليه في الغيرة “عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن” فنزلت كذلك وفي رواية لمسلم ذكر أسارى بدر وهي قضية رابعة وقد قال البخاري أن أنس بن مالك قال : قال عمر بن الخطاب يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب فأنزل الله آية الحجاب وكان وقت نزولها في صبيحة عرس رسول الله صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش التي تولى الله تعالى تزويجها بنفسه ( !!!! ).
لجأت لهذا الاستطراد الجاحظي الذي يبدو مخلا بفنية المقال حتى أؤكد صحة العنوان الذي اتخذته لهذه السلسلة من المقالات: الانتقائية والتحايل والسذاجة في تفكير الإسلاميين.
يتبع..

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر | Leave a comment

مُروّجي التعصّب

رعد الحافظ

الآنَ أُنبيكَ اليقينَ كما جلا , وضَحُ “الصَباح” عن العيونِ غياهبا
فلقد سَكَتُ مخاطِباً إذْ لم أجِد , مَن يستحقُ صَدى الشكاةِ مُخاطَبا
حُرّ يُحاسِبُ نفسَهُ أنْ تَرْعَوي , حتى يروحَ لِمنْ سواه مُحاسِبا
( من دُرَرْ الجواهري )
****************
بعد مقالي الأخير / ألا لعنةُ الله على الصهيونيّة ومُروجيها . وقد إستبدلتُ عنوانه في مواقع اُخرى الى / مروّجي الصهيونيّة .
طلب صديقي العراقي السويدي ( المُحّب للجميع ) مثنى حميد مجيد ,أن ألحقهُ بمقال يتصدى لكل القومجيين أينما وجدوا وينتصر للإنسانية على حدٍ سواء .
هذا بعضُ تعليقهِ المحترم
{ .. أنا أقترح على الزميل رعد الحافظ أن يكتب مقالة بهذا العنوان / ألا لعنةُ الله على العروبة والصهيونية
لا شك أنّهُ سيواجه هجوماً كاسحاً من القوميين جميعا , لكنّه سينتصر للإنسانية وللشعوب الأكثر إضطهاداً وتهميشاً في هذا العالم . أجمل التحيات / مثنى حميد مجيد } إنتهى
******
عزيزي أبا آرام , ألفُ عينٍ لأجلِ عَينكَ تُكرمُ . يروقني أن أكتب حول التعصّب ومروّجيه .
وما همّني لو واجهتُ هجومهم الكاسح وألسنتهم السليطة ؟ ألم تسمع بالتساؤل الإنكليزي الشهير Are you apain in the ass person ?
(( هل أنتَ من مُسبّبي الوجع في المؤخرة ؟ ))
هؤلاء يظنّون ( حمقاً منهم ) أنّهم يستطيعون إخراسنا .
إنّما هم { يتبجَّحُونَ بأنَّ مَوجاً طاغياً سَدُّوا عليهِ مَنافذاً ومَساربا } .. بتعبير الجواهري .
هؤلاء سارحين في غيّهم , قادحين بألسنتهم , مُنفصمين عن واقعهم , تؤرقهم الصداقة والمحبّة بين الناس , يكرهون أيّ مختلف عنهم .
إنّهم يسيئون لأنفسهم , قبل الإساءة للآخرين .
حتى أنّهم يحقدون على البلاد التي جازفوا بحياتهم في سبيل الهجرة إليها . فأيُّ إنفصامٍ في الشخصيّة أكبر من هذا ؟
أنا أتفهّم أن يُحاول المُهاجر الحفاظ على شخصيتهِ وعاداتهِ ودينهِ ومعتقداتهِ , ولغتهِ طبعاً (خصوصاً إذا كانت من بين أجمل لغات الدُنيا كالعربيّة )
لكنّي لا أفهم ولا أتفهم الحقد والكراهيّة على مَنْ أنعم عليهم .
صدق المتنبّي بقولهِ / إذا أنتَ أكرمتَ الكريم ملكتهُ وإنْ أكرمتَ اللئيمَ تمرّدا
**************
ملاحظات
1 / حوالي بداية القرن العشرين ظهرت بوادر الفكر القومي العربي , كوسيلة للتحرّر من المحتل العثماني
ونظّر لها / عبد الرحمن الكواكبي , قسطنطين زريق ,محمد عزّة دروزة , عزيز علي المصري , ساطع الحصري , ميشيل عفلق وآخرين
لكن لاحظوا مثلاً أنّ حركة القوميين العرب , تأسست في أعقاب نكبة فلسطين عام 1948 . وهي نشأت أساسا في لبنان بين أوساط طلبة الجامعات مثل الجامعة الأمريكية في بيروت . و ضمت في صفوفها أردنيين وفلسطينيين وكويتيين وعراقيين .
ومن أبرز الشخصيات التي شاركت في تأسيسها جورج حبش , هاني الهندي , وديع حداد , أحمد الخطيب , صالح شبل , وحامد الجبوري .( ويكيبيديا )
لكن في النهاية وصلت فكرة القوميّة للعسكر . فبعضهم آمنَ بها وأخلصَ لها وتبناها , مثل جمال عبد الناصر .
وبعضهم ( جندي أفرار) تاجر بها ليركب شعبهِ , مثل صدام حسين .
والسؤال هنا / أليس الغرب الكافر هو الذي روّج وشجع تلك الفكرة للتخلّص من العثمانيين / فلماذا يتبناها البعض حتى اليوم ؟
رغم أنّ الإسلام نفسه حارب القوميّة على الأقل في العلن .
طبعاً نتوّقع أنّ القومي العربي , سيحارب القومي الكردي والتركماني والأمازيغي والعكس صحيح .
2 / أصل العرب ( الحاضرة ) عموماً قحطان وعدنان .
أ ــ العاربة , هم بنو قحطان من اليمن .
يقولون عنهم الأقحاح ,والمفرد عربي قُح ( من قحطان ) وجدّهم هو يعرب بن قحطان .
وهم أوّل مَنْ نطق العربية بعد العرب ( البائدة ) ,ك عاد وثمود وجرهم
ب ــ المستعربة , هم بنو عدنان , أحد أحفاد إسماعيل
ينحدرون من إسماعيل بن إبراهيم ذي الإصول السريانية , وقد إستعربوا بعد إختلاطهم ب ( العاربة ). ومنهم الحجازيون والنجديون والأنباط وأهل تدمر .
وعدنان نفسه هو الجدّ ال (( 21 )) , للنبي العربي محمد .
3 / الإصول القبليّة , أم المواطن العالمي ؟
المثال الذي سأستخدمه ( عن نفسي ) للتوضيح وليس تفاخراً معاذ العقل , لكن فقط كون معلوماتي عن كثب .
جدّي الأوّل في العراق إسمهُ / الحاج عبد الحافظ البكري .
يعود لقبيلة بكر ( العدنانيّة ) , معناها مستعربة وليست عاربة أقحاح .
قبيلة (بكر بن وائل) هي جمجمة من جماجم العرب الكبرى ( بيانكس / شيبان / دائرة المعارف الإسلاميّة )
وبعضهم إستقر به المقام في (( ديار بكر )) التي تعود لتركيا حالياً .
طيّب السؤال في هذا الخصوص لتقريب فكرتي
حفيدتي ( 4 سنوات ) ولدت في السويد من اُم سويدية وأب عراقي سويدي الجنسيّة / ماذا تُعتبر ؟ … سويدية طبعاً
طيّب / هذه الطفلة لو بحثت يوماً عن شجرة عائلتها ستجدها تنتهي عند بكر بن وائل / هل تتذكرون صاحب دورهِ في فلم الرسالة ؟
ما قيمة ذلك وما حاجتها له في هذا العالم الذي صار قرية كونية مفتوحة؟
4 / المواطن العالمي اليوم صار يبحث عن التعليم والعلاج الجيد وفرصة العمل والحياة الهانئة ودولة الرفاهية .
فهل سيترك كلّ هذا وينشغل بالبحث عن أصل وفصل قبيلتهِ ؟
ثم ماذا أفادتنا القبليّة والقوميّة والطائفية وعصبياتها المقيتة ؟
ألم تكن كلّها أدوات أو وسائل للعيش وقيام الدول وركوب السلطة , في زمنٍ ما ؟
حسناً إذا تطوّرت البشرية وإرتقت ووجدت السبيل الأفضل للعيش , ألا نستبدل وسائلنا القديمة باُخرى حديثة ؟ إن هي إلاّ مسألة وقت وتأقلم .
5 / إبن خلدون تقريباً هو أوّل من تحدّث ( في مقدمتهِ ) عن إشكاليّة إستغلال العقيدة والعصبيّة والقوميّة , لقيام الدول .
وله كتاب بعنوان / كتاب العبر ,وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر , ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر .
6 / إنسان اليوم إرتقى في فكره ليصل الى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان . وهذا لا يهتم للقوميّة والدين والجنس والنوع ,بل الإنسانيّة وحسب .
بهذهِ المناسبة تذكرتُ اُستاذنا / د. كامل النجار ( الذي طال غيابه عن الموقع ) , وكان قد كتب عن ذلك الإعلان ما يلي :
{ بالنسبة لحقوق الإنسان فقد زعم المسلمون كذلك أنها مستنبطة من الإسلام وأقوال علي بن أبي طالب (أيها الناس إنّ آدم لم يولد عبداً ولا أمَة ,وإن الناس كلّهم أحرار). ولكن في الحقيقة فإن حقوق الإنسان التي تبنتها هيئة الأمم عام 1948 كانت مأخوذة من تعاليم زينو القبرصي
Zeno of Centium 263-335 BC
وقد سماها القانون الطبيعي . وترأست اللجنة التي صاغت قوانين حقوق الإنسان السيدة الينور / زوجة الرئيس الأمريكي روزوفلت .
وضمت اللجنة في عضويتها أعضاء من الاتحاد السوفيتي وأوربا وإثنين من البلاد العربية } إنتهى
7 / حالياً نجدهم ( عموماً ) في العالم الحُرّ ملتزمين بقوانين المساواة الى درجة باتوا يخاطرون بمستقبل دولهم وإقتصادهم , ليقبلوا مزيداً من المهاجرين المسلمين المُضطهدين في بلادهم .
لكن هذا لايمنع وجود ( قلّة ) بينهم , تُعارض ذلك وتُعادي المهاجرين , كهذا القاتل النرويجي المهووس ( بريفيك ) الذي قتل 77 شاب وشابة من قومهِ فقط ليجلب النظر الى خطر المهاجرين , ورفض محاكمتهِ كمختل عقلياً , وصدر الحكم عليه مؤخراً .
8 / هتلر وموسوليني وعبد الناصر وصدّام وأمثالهم / قومجيين بإمتياز
لكنّهم أهانوا شعوبهم ودمّروها , أكثر ممّا فعل الأعداء , أليس كذلك ؟
9 / لاحظوا مايلي , بخصوص البلد والقوميّة
عندما نقول عراقي / فقد يعني ذلك عربي أو كردي أو تركماني .. الخ
وعندما نقول جزائري / يخطر ببالنا أمازيغي ( زيدان ) أو عربي .
عندما نقول أمريكي / قد يعني أصله أوربي أو أفريقي أو آسيوي .
لكن عندما أقول مصري أو سعودي / لا يخطر ببالي سوى عربي .
ومثلهم بلغاري , روماني , ياباني ,… الخ
وفي الهند مئات القوميّات لكنّهم مشغولين عنها بفقرهم سابقاً ونهوضهم حالياً .
بينما عندما أقول إسرائيلي / لايخطر ببالي أيّ قوميّة محدّدة
أستطيع تخيّل الأصول الألمانية والبولونية والروسية والعربية , لكنّي لا أستطيع القول أنّ تلكَ هي الأولى / هل تستطيعون ؟
وهل يعني ذلك أنّ إسرائيل أقلّ دولة قوميّة في العالم ؟
أعتقد النقاش سيدور في هذهِ الحالة حول الديانة , كبديل للقوميّة .
وهذهِ حالة خاصة وإشكال , أظنّهُ سيعيق مستقبل هذهِ الدولة بالذات .
(( بالمناسبة / من أيّ قبيلة وقوميّة أنتَ يا يعقوب ؟))
لأنّ الجواب الذي يخامرني / عربيٌ أنت  .
وعمر بن الخطاب قال يوماً / إنّما العربيّة , اللسان  !
10 / القوميّة حالها كأغلب الأشياء في هذا العالم كالدين والطائفة والآيدلوجيا الدوغمائية / إنّها سلاح ذو حدّين .
تُستخدم كحصان طروادة بيد الأشرار والأخيار والثوار على السواء .
وما أن تستقر الأمور لهم حتى تتحوّل الى أداة قمع وتخوين ومقياس بائس للوطنيّة .( لتبقى الوطنيّة الملجأ الأخير للأنذال ) حسب صموئيل جونسون .
11 / عمل وسلوك الإنسان هو الأهمّ ,أهمّ من قوميتهِ وطائفتهِ وقبيلتهِ !
إذ كلّما يتقدّم الإنسان والمجتمع ونظام الدولة , تقّل الحاجة للقوميّة . وتقّل بالطبع معها الحاجة للإحتماء بالطائفية والقبلية .
وتصبح حقوق المرأة والطفل مثلاً أهمّ من كلّ قوميات الدنيا .
أنا اليوم مواطن سويدي يحّق له أن يجوب العالم دون مشاكل
لكن لو أجرمت مثلاً وهربتُ الى العراق , وطاردتني جماعة مقتدى أو إرهابي القاعدة والبعث / فسوف ألجأ الى القبيلة لأحتمي بظلّها
يعني أنزل من أعلى السلّم الى أدناه / والسبب هو سلوكي وعملي .

***********************
الخلاصة
العالم الحُرّ , كلّ يوم هو في شأن , وعموماً يسير نحو الإنفتاح وفتح الحدود / الإتحاد الأوربي مثلاً !
بينما الشعوب العربية ما زالت تكتوي بنار القوميّة والطائفية .
والأخوة الكُرد ,على الدربِ سائرون .مع إقرار كلّ منصف بحقّهم في تقرير المصير , لكن ليس بالتعصّب القومي وكراهية الآخر .
النكبة الحقيقيّة تنتج من أفعالنا .
النكسة الحقيقيّة , مَرّدها تفكيرنا .
المؤامرة الأخطر , نقوم بها ضدّ ذواتنا , بأن نركن الى قوّة العدو .
والفتنةُ الكبرى , نحنُ إخترعناها حتى قبل مقتل عثمان , وقبل السقيفة , ربّما منذُ عادٍ وثمود .
والإنتصار الحقيقي يبدأ من إعترافنا بسلبياتنا وفسادنا وهدر إقتصادنا على مظاهر التديّن .
والنهضة الحقيقية تحتاج عقول متفتحة وقلوب مُحبّة وأيادي فاعلة , ونبذ الكراهيّة والتخوين . وقلب نظام التعليم رأساً على عقب .
ألا هل بلّغت .. يا عقل فأشهد !
سيقولون هذا ترفٌ فكري , لا حاجةَ لنا بهِ .
ويزعمون أنّهُ جلداً للذات أو عمالة مزدوجة .
ويعترضون على كلّ ما نكتب / حتى لو كان عن الأولمبياد وكريوستي والمريخ , والحبّ والجمال .
وأقول لهؤلاء / بل هذا ما أظنّهُ وحريتي الفكريّة تستدعي إعلانهِ .
***********
والى العزيز مثنى حميد مجيد أقول / نحنُ ( في الشلّة ) ضدّ التعصب بأنواعهِ القومي والديني والطائفي والنوعي (نسبةً للنوع / ذكر أو اُنثى)
كلّما تطوّر الإنسان في فكره , إنفتح قدّامه هذا العالم على مصراعيه .
حتى يغدو هو المواطن العالمي , في هذهِ القرية الكونية الواسعة .
وكلّما إنكفأ المرء , وتقهقر وعزل نفسهِ , عاد سيرتهِ الأولى الى قبيلتهِ وطائفتهِ وقوميتهِ وعنصريتهِ .
كلّ ما نفعلهُ مع يعقوب إبراهامي
أنّنا نقف مع مثقف عراقي مُضطهد منذُ صباه ( كان دون العشرين عندما ترجم في سجنهِ نقرة السلمان , من الإنكليزية والفرنسية .. الى العربيّة ) .
دفعهُ الأشرار , لترك وطنهِ الذي يذوب فيه حُباً وشوقاً ومقاماً ولغة .
اللغة العربية تجري في عروقهِ , فما هي قوميتهِ يا تُرى إذا لم تكن العربية ؟
فهل أشطر من العراقيين بالتخلّي عن رموزهم ومبدعيهم ؟
يا للعار والشنار , إذ يتداعى الجمعُ عليهِ , كالذئابِ على قصعتها .ليكربّوا عن نفوسهم ويشغلوا أوقات فراغهم .
أو يشتروا بليلٍ , ثمّةَ شهرة رخيصة تنتج في الصباح .. فضيحة .
من جهةٍ اُخرى / فإنّ وقوفنا معهُ لن يمنعنا من الإنتصار لحقّ الفلسطينيين وكلّ المظلومين ,البتّه !
لكن / لا ذوي النفوس الشريرة , ولا الفاشيين من بقايا البعث الذين إرتدوا رداء الشيوعيّة ليستروا عوراتهم
ولا كلّ المتطرفين من أصحاب الدوغما والمعتقدات والآيدولوجيات التسلطيّة على الآخر .
تستطيع أن توقف مسيرة الإنسان الحُرّ , عندما يُصّر على مواقفه ومبادئه ِ
خصوصاً في هذا الزمن الذي وفّرَ فيه الغرب كلّ أدوات الحريّة للإنسان من الموبايل الى الإنترنت والستالايت .. الى كريوستي و المريخ .
بدل الموقع الإلكتروني هناك مئات , لكنّنا نستأنس بكم وبالأحبّة هنا . فلا تكونوا الخصم والحَكمُ !
ويا أسفاه لما نشهدهُ مؤخراً .
فعلى عكس ما نتمناهُ , فإنّ الشلّة شلّت خصومها الفكريين , وأشغلتهم بها من دون مشاكل بلادنا البائسة التي لا تنتهي .
بدءً بهدر مواردنا الإقتصادية على مظاهر التديّن وإنتهاءً بالفساد والطائفية وتفاصيل ثورات الربيع العربي والمستنسرين عليها من الجماعات الإسلاميّة .
أُكرّر
إنّنا نقف مع أنفسنا وكلّ المضطهدين في العالم , فلا تطلبوا منّا التراجع !

تحياتي لكم
رعد الحافظ
24 أغسطس 2012

Posted in الأدب والفن, فكر حر | Leave a comment

العبودية في الإسلام 5

سردار أحمد

الحلقة الخامسة
فقه الوطء والركوب في الإسلام:
وطئ أي وضع قدمه على الأرض أو على الشيء وداس عليه، ونزل بالمكان، ووطئ الجارية ركوبها “مصطلحات إسلامية” فالجارية في الإسلام يحل لمالكها، سواء عن طريق السبي أو الشراء من السوق أن يطأها ويضاجعها بمجرد الملك،(( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ(5)إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ(6) المؤمنون))، والإسلام نظم مسألة ركوب الجارية، وسن لها القوانين خاصة، وميزها عن ركوب الحرة المحصنة، حيث جعل ركوب الجارية واغتصاب أعراض الناس في متناول جميع المسلمين مكافأة لهم على غزوهم في سبيل الله وإيمانهم بالله والنبي المصطفى.
أما “وطئ الكافر للمسلمة فهو زنا محض” (الأنساب للسمعاني-ج1 ص207)، فالمسلمون يحللون لأنفسهم ما يحرمونه على غيرهم، ودعائهم ” اللهم أجعل نسائهم سبايا للمسلمين” ما يدل إلا على شبق جنسي واسترخاص لحرمات الناس، وبعد كل ذلك يقول نبي الإسلام “إنما بُعِثتُ لأتممَ مكارمَ الأخلاقِ”.
* * *
الاغتصاب في سبيل الله:
السبي هو النهب وأخذ الناس عبيدا، وأما السبية فهي المرأة المنهوبة، والسبايا الأسرى من النساء والأطفال. والنبي محمد تاجر الرقيق المبشر بالجنة، أباح حرمة الناس عند السبي وأعتبرها من الغنيمة وجعل ذلك قانوناً إلاهياً، وسلوكاً للتقرب من الله، وما أرسل ناك إلا رحمة للعالمين.
قال الفرزدق: وذات حليل أنكحتها رماحنا …… حلال لمن يبنى بها لم تطلق
وقال أبو عمار: هنيئاً ببكر في الفتوح نكحتها …… وما قبضت غير المنية في النقد
وكذلك قال ابن خطيب سوسة: أنكحتها بكرا وما أمهرتها…… إلا قنا و صوارما و فوارسا
” يقول الأوزاعي: « له أن يطأها وهذا حلال من الله عز وجل بأن المسلمين وطئوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أصابوا من السبايا في غزوة بني المصطلق قبل أن يقفلوا» (معرفة السنن والآثار للبهيقي- وطأ السبايا بالملك قبل الخروج ج14 ص436).
” قال الله تعالى: (والمحصنات) ذوات الأزواج الحرائر (إلا ما ملكت أيمانكم) فإذا هو لا يرى بما ملك اليمين بأسا أن ينزع الرجل الجارية من عبده فيطأها، وأخرجه ابن أبى شيبة من طريق أخرى عن التيمى بلفظ ذوات البعول وكان يقول بيعها طلاقها، والأكثر على أن المراد بالمحصنات ذوات الأزواج يعنى أنهن حرام وأن المراد بالاستثناء في قوله (إلا ما ملكت أيمانكم) المسبيات إذا كن متزوجات فإنهن حلال لمن سباهن.” (فتح الباري لأبن حجر- باب ما يحل من النساء وما يحرم- ج14 ص351)
” أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابوا سبايا يوم أوطاس، لهن أزواج من أهل الشرك، فكان أناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كفوا وتأثموا من غشيانهن قال: فنزلت هذه الآية في ذلك: { والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم } وهكذا رواه مسلم وأبو داود والنسائي ” (تفسير ابن كثير- باب24 ج2 ص257)
” لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا أصاب المسلمون سبايا، فكان الرجل إذا أراد أن يأتي المرأة منهن قالت: إن لي زوجا. فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا ذلك له، فأنزل الله {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم} قال: السبايا من ذوات الأزواج. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي عن ابن عباس في قوله {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم} قال: كل ذات زوج إتيانها زنا إلا ما سبيت ” ( الدر المنثور- باب24 ج3 ص75)
وكلمات ابن المعتز التالية توضح لنا صورة الزوج والزوجة عند السبي أو الجهاد في سبيل الله:
فَكَم أَباحَ مِن حَريمٍ مَمنوع ……. وَكَم قَتيلٍ وَجَريحٍ مَصروع
وَكَم وَكَم مِن حُرَّةٍ حَواها ……… سَبِيَّةٍ وَزَوجُها يَراها
ويقول الأسود بن قطبة – شاعر المسلمين آنذاك- توفي في 18هـ 639م:
وَلَيلى قَد سَبَيناها جِهاراً ……. وَأَروى بِنتَ موذِنَ في ضُروبِ
وَرَيحانُ الهَذيلِ قَدِ اِصطَفَينا…… وَقُلنا دونَكُم عَلقَ الذَنوبِ
ويقول أعشى همدان: وَإِلّا تَناوَلهُنَّ مِنكَ بِرَحمَةٍ …… يَكُنَّ سَبايا وَالبُعولَةُ أَعبُدا
ويقول الكاتب حكيم الليبي في مقالته تلاشي الأوهام وتهاوي الأصنام “من المعلوم في الجاهلية أن العرب كانوا يتحرجون من مواقعة السبايا إذا كن ذوات أزواج عسى أن يفديهن أزواجهن أو أبناؤهن من الأسر قبل أن تنتهك أعراضهن، وخوفاً من أن يكن قد علقن شيئأ من أزواجهن”
* * *
الأحكام العامة للوطء:
“…لا يجوز أن تكون المرأة زوجة له ويحل فرجها لغيره. والأمة تكون مملوكة له وفرجها حلال لغيره إذا زوجها وحرام عليه وهو مالك رقبتها وليس هكذا المرأة يحل عقدها جماعها ولا يحرم جماعها والعقد ثابت عليها، …” (كتاب الأم- المجلد الخامس- ص1579)
” وقد منعت المقدتان وان ينام بين زوجتين حرتين لما فيه من الامتهان بهما أو يطاء حرة وفي البيت غيره وقد تقدم ولا بأس بهما في الإماء للأصل وانحطاطهن على الحراير في الاحترام، وعن مرسل ابن أبي نجران أن أبا الحسن عليه السلام كان ينام بين جاريتين وصحيح ابن أبي يعفور عن الصادق صلوات الله عليه في الرجل ينكح الجارية من جواريه ومعه في البيت من يرى ذلك ويسمعه قال لا بأس.”(كشف اللثام (ط.ق)- الفاضل الهندي ج2- ص68)
” محمد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن عبدالله بن أبي يعفور، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في الرجل ينكح الجارية من جواريه ومعه في البيت من يرى ذلك ويسمعه، قال: لا بأس.” (وسائل الشيعة-ج21 ص194)
” باب أن يسافر بالجارية قبل أن يستبرئها: ولم ير الحسن بأسا أن يقبلها أو يباشرها وقال ابن عمر رضي الله عنهما: إذا وهبت الوليدة التي توطأ أو بيعت أو عتقت فليستبرأ رحمها بحيضة ولا تستبرأ العذراء وقال عطاء لا بأس أن يصيب من جاريته الحامل ما دون الفرج (صحيح البخاري ج7 ص481- فتح الباري، جامع الأصول)
” ويكره للرجل أن يطأ جاريته الفاجرة، ولا بأس أن يطأ أمة اشتراها من دار الحرب، وكان لها زوج هناك، وأن يشتري من الكافر بنته أو ابنه أو مما يسبيه الظلمة، ويستحل فرج نسائهم إذا كانوا مستحقين للسبي … (من كتاب إصباح الشيعة بمفتاح الشريعة، تأليف قطب الدين البيهقي الكيدري).
” … عن عبدالله اللحام قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل يشتري امرأة الرجل من أهل الشرك يتخذها، قال: لا بأس،… و قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل يشتري من رجل من أهل الشرك ابنته فيتخذها أمة؟ قال: لا بأس… ,… عن إسماعيل بن الفضل الهاشمي قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن سبي الأكراد إذا حاربوا ومن حارب من المشركين، هل يحل نكاحهم وشراؤهم؟ قال: نعم. (وسائل الشيعة-ج21- ص189-190)
” إن الأمة تصير فراشا بالوطء، فإذا اعترف السيد بوطء أمته أو ثبت ذلك بأي طريق كان ثم أتت بولد لمدة الإمكان بعد الوطء لحقه من غير استلحاق كما في الزوجة، لكن الزوجة تصير فراشا بمجرد العقد فلا يشترط في الاستلحاق إلا الإمكان؛ لأنها تراد للوطء فجعل العقد عليها كالوطء. بخلاف الأمة فإنها تراد لمنافع أخرى فاشترط في حقها الوطء” (فتح الباري لأبن حجر- ج19 ص147)
” قال أبو حنيفة في رجل اشترى جارية فأصابها ثم جاء العلم بأنها حرة: أن على الذي وطئها مهر مثلها بمسيسه إياها إن علم بحريتها حين وطئها أو لم يعلم (الدرر السنية- ج3 ص196)
” إذا عالج الرجل جاريته فيما دون الفرج فأنزل فأخذت الجارية ماءه في شيء فاستدخلته فرجها في حدثان ذلك فعلقت الجارية وولدت فالولد ولده والجارية أم ولد له” (البحر الرائق شرح كنز الدقائق- ج12 ص96)
” قول الشافعي في أن السباء يقطع العصمة {أي سبيها طلاقها}، وقال ابن وهب وابن عبد الحكم وروياه عن مالك، وقال به أشهب. (تفسير القرطبي-ج5 ص121)
“روى البيهقي أن ابن عمر قبَّلَ التي وقعت في سهمه من سبايا أو طاس قبل الاستبراء، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة.” (فتح الوهاب- ج2 ص192)
” حُل وطئ من قالت أرسلني مولاي هدية إليك ” (حاشية رد المحتار- ج4 ص187)
– قواعد وأحكام أخرى للوطء رأيت وجوب إعادة ذكرها، بالرغم من أن بعضها مذكور في الحلقة السابقة (الرابعة) في باب رهن أو بيع الجواري، لكن أعيد ذكر بعضها كون الحلقة مخصصة لوطئ الجواري:
” قال في رجل ابتاع جارية ولم تطمث، قال : «إنْ كانت صغيرة لا يتخوّف عليها الحبل فليس له عليها عدّة وليطأها إنْ شاء، وإنْ كانت قد بلغت ولم تطمث فإنّ عليها العدّة» (الوسائل ، ج21 كتاب النكاح ، أبواب نكاح العبيد والاماء ، ب3 ح 1(
“… سئل الصادق عليه السلام عن الجارية التي لا يخاف عليها الحبل قال ليس عليها عدة … عن الصادق صلوات الله عليه في رجل ابتاع جارية ولم تطمث قال إن كانت صغيرة لا تتخوف عليها الحبل فليس عليها عدة وليطأها إن شاء ” (كشف اللثام (ط.ق) الفاضل الهندي ج 2 ص66)
وقيل غير ذلك “…شمل وجوب الاستبراء إذا وطأها ما لو كانت صغيرة لا يتصور حبلها…” (تحفة المحتاج في شرح المنهاج- باب الاستبراء ج35 ص209).
قيل في شرح الوجيز، ج10 ص96 “…فلو كانت الجارية المرهونة بكرا فليس للراهن وطؤها بحال لان الافتضاض ينقص قيمتها…”
” وذُكِر في وطئ الثيب: إن وطئ الراهن أمته المرهونة غصبا عن مرتهنها فإن لم يحبلها بقيت رهناً. (منح الجليل شرح مختصر خليل- ج11 ص479)
” صفة البكارة في الجارية بمنزلة جزء من عين، هو مال متقوم ولهذا استحق بالبيع شرطا، والدليل على الفرق أن المشتري بعدما وطئ البكر ليس له أن يبيعها مرابحة من غير بيان وفي الثيب له أن يبيعها مرابحة بعد الوطء من غير بيان، وكذلك لو كانت ذات زوج فوطئها الزوج عند المشتري، فإن كانت بكرا ليس للمشتري أن يردها بعيب النكاح بعد ذلك، وإن كانت ثيبا فله ذلك. وكذلك البائع إذا وطئ المبيعة قبل القبض، فإن كانت ثيبا لم يسقط شيئا من الثمن ولا يتخير المشتري به في قول أبي حنيفة بخلاف ما إذا كانت بكراً”. (المبسوط- باب العيوب في البيوع- ج15 ص489)
“… لو وكل رجلا بأن يشتري له جارية فاشترى جارية ومات قبل أن يبين أنه اشتراها لنفسه أو لموكله يحل للموكل وطؤها… ” (أحياء علوم الدين- الشك في السبب المحلل والمحرم- ص477)
” قال أبو حنيفة في رجل دفع إلى رجل مالا مضاربة فعمل فيه فربح ثم اشترى من ربح المال جارية فوطئها فحملت منه فادعى الحبل فإن كان فيه فضل كانت أم ولده وغرم رأس المال _ الخ (الدرر السنية- ج3 ص30) وقال أهل المدينة : أن أشتري جارية من ربح المال أو من جملته فوطئها فحملت منه ونقص المال أخذت قيمة الجارية من ماله, وإن لم يكن له مال بيعت الجارية حتى يوفى المال من ثمنها (الدرر السنية- ج3 ص31)
” قضى النبي صلى الله عليه وسلم في رجل وطئ جارية امرأته إن كان استكرهها فهي حرة وعليه لسيدتها مثلها، وإن كانت طاوعته فهي له وعليه لسيدتها مثله” (سنن النسائي- إحلال الفرج- ج11 ص20)
عن الغير مسلم ” إن كان خرج إلى دار الإسلام ثم أسلم ثم ظهر المسلمون على الدار فأهله وماله وأولاده أجمعون فيء (غنيمة حرب للمسلمين)…” (المبسوط- بيع السبي من أهل الذمة-ج12 ص130)
* * *
الوطء بين الابن والأب والجد:
” إن احتاج الأب إلى زوجة والابن موسر وجب عليه أن يزوجه أو يشتري له جارية”. (درر الحكام شرح غرر الأحكام- نفقة الأمة-ج4 ص481)
” إذا وطئ الرجل جارية ابنه وإن كان الابن قد وطئ فلا حد على الأب” (القواعد لأبن رجب- ج1 ص301) {لا حد أي ليس من الحدود ولا يعتبر زنا}
” لا حد على من وطئ جارية ولده وولد ولده وإن قال علمت أنها علي حرام) لأن الشبهة حكمية؛ لأنها نشأت عن دليل وهو قوله عليه الصلاة والسلام” {أنت ومالك لأبيك} والأبوة قائمة في حق الجد. (نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية- ج7 ص392) فالنبي محمد لما يقول أنت ومالك لأبيك يعني أن الأب حر بمال أبنه والجارية (الدابة) جزء من ذلك المال فهو حر بركوبها.
“… أما لو كانت في ملكه (أي في ملك الأب) ثم باعها ثم أخبر بأنه وطئها حين كانت في ملكه لا تحل لابنه.” (حاشية رد المحتار- ج3 ص35)
والأب “يجوز قياسا على ما لو وهب ولده جارية يحل له وطؤها مع جواز استرجاع الأب لها بعد وطء الولد. (مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، للإمام الخطيب الشربيني)
” لا يجوز لأب أن يطأ جارية ابنه من غير إذن أو عقد فإن فعل فلا حد سواء وطيها الابن قبل ذلك أو لا…. ” تحرير الأحكام (ط.ق) – العلامة الحلي ج2 ص12).
-أن الأب إذا وطئ جارية ابنه لم يحد؛ لأن الأب له في مال ابنه حق فكان كالشريك يطأ جارية له فيها شرك فيدرأ عنه الحد بما له فيها من الحق، وتقوم على الأب وإن لم تحمل ولا يلزم تقويمها على الشريك إلا أن تحمل، وذلك أن وطء الأب يحرمها على الابن، ولا يحرم وطء الشريك الأمة على شريكه وبالله التوفيق. (المنتقى- شرح الموطأ- ما لا حد فيه- ج4 ص164)
” من وطئ جارية أبيه فولدت منه فادعاه فهي أم ولده، وعليه قيمتها” (مجمع الضمانات- باب في النكاح والطلاق- ج6 ص269)
” ويملك الأب أمة ولده بتلذذه بها بالوطء، أو مقدماته بالقيمة يوم التلذذ، ويتبع بها في ذمته أن أعدم، وتباع عليه في عدمه إن لم تحمل.” (موسوعة الفقه الإسلامي- ولاية الأب في النكاح- ج1 ص24)
” روي عن أبي يوسف {رحمه الله تعالى} في جارية بين رجل وابنه وجده جاءت بولد ادعوا جميعا معا فالجد أولى وعليهما مهر تام للجد إذا صدقهما الجد أنهما وطئاها ، فإن لم يصدقهما فلا شيء عليهما ولا تحل هذه الجارية للجد، وإن كذبهما في الوطء فليس هذا كالابن إذا ادعى أنه وطئ جارية أبيه وكذبه الأب فإنها لا تحرم عليه ، كذا في الحاوي.” (الفتاوى الهندية- الفصل الرابع في دعوة ولد- ج30 ص87).
“لو وطئ جارية مشتركة بينه وبين ابنه فجاءت بولد فادعاه يجب عليه العقر مع أنه يملك البعض فهذا أولى لعدم ملكه ألبتة” (تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق- باب نكاح الرقيق- ج6 ص56)
” في رجل وطئ جارية مشتركة بين ابنه وبين أجنبي فولدت قال عليه نصف قيمة الأم للابن وعليه للآخر نصف قيمتها ونصف عقرها” (الفتاوى الهندية- ج30 ص86)
“وإن وطئ جارية مشتركة بينه وبين غيره أو جارية ابنه عزر، ولا يحد؛ لأن الحد يدرأ بالشبهة، وإن وطئ أخته بملك اليمين ففيه قولان أحدهما يحد؛ لأن ملك اليمين لم يبح وطأها فلم يسقط الحد. والثاني : يعزر وهو الأصح” (معالم القربة في طلب الحسبة- ج1 ص249) ويعزر أي بما دون الحد.
” اتكأ جحا على جارية أبيه وهي نائمة، فقالت: من ذا؟ فقال: اسكتي، أنا أبي” (ربيع الأبرار- الملح والمداعبات والمضحك- ص427).
* * *
أخت الجارية أو أمها:
” يجوز أن يملك أختين وله وطء إحداهما، فمتى وطئها حرمت أختها حتى تحرم الموطوءة بتزويج أو إخراج عن ملكه ويعلم أنها غير حامل، فإذا وطىء الثانية ثم عادت الأولى إلى ملكه لم تحل له حتى تحرم الأخرى وعمة الأمة وخالتها في هذا كأختها،…(موطأ الإمام مالك- كتاب الطلاق)
“… ويجوز أن يتزوج بأخت أخيه إذا لم تكن أختا له وروى أن تركه أفضل وكذا يجوز للسيد أن يتزوج باختى عبده إذا كانت احديهما أخته من أبيه والأخرى من أمه ويجوز أن يجمع بين المرأة وزوجة أبيها أو وليدته إذا لم تكن أمها وبين امرأة الرجل وبنت امرأته إذا كانت من غيره ….” تحرير الأحكام (ط.ق) – العلامة الحلي ج2 ص13)
“… قال: ولو أن رجلا له امرأة من أهل الشرك فأسلم الزوج واشترى أخت امرأته فوطئها ثم أسلمت امرأته في العدة حرم عليه فرج جاريته التي اشترى ولم تبع عليه وكانت امرأته امرأته بحالها وكذلك لو كانت هي المسلمة قبله واشترى أختها أو كانت له فوطئها ثم أسلم وهي في العدة قال: ولو كانت عنده جارية فوطئها فلم يحرم عليه فرجها حتى وطئ أختها اجتنبت التي وطئ آخرا بوطء الأولى وأحب إلي لو اجتنب الأولى حتى يستبرىء الأخرة وإن لم يفعل فلا شيء عليه إن شاء الله تعالى. قال: سواء في هذا ولدت التي وطئت أولا أو آخرا أو هما أو لم تلد واحدة منهما ولو حرم فرج التي وطئ أولا بعد وطء الآخرة أبحت له وطء الآخرة ثم لوحل له فرج التي زوج فحرم فرجها عليه بأن يطلقها زوجها أو تكون مكاتبة فتعجز لم تحل له هي وكانت التي وطئ حلالا له حتى يحرم عليه فرجها فتحل له الأولى ثم هكذا …” (كتاب الأم- المجلد الخامس- ص1579)
” قال في التاترخانية:… وكذا (وطئ) الامة المملوكة إذا كانت محرمة عليه برضاع أو مصاهرة أو لكون أختها مثلا في نكاحه أو هي مجوسية أو مرتدة فلا حد عليه وإن علم الحرمة ” (حاشية رد المحتار- ج4 ص187) أي أن وطئ الأختين غير مسموح به، لكن لو فعلها المؤمن فلا حد عليه.
* * *
وطئ الجارية المشتركة:
” قيل فيمن أحلّ جاريته لأخيه حيث ورد فيها: قلت: أرأيت إن أحلّ له ما دون الفرج فغلبته الشهوة فافتضها؟ قال: لا ينبغي له ذلك. قلت: فإن فَعَل أ يكون زانياً ؟ قال: لا، ولكن يكون خائناً، ويغرم لصاحبها عشر قيمتها إن كانت بكراً، وإن لم تكن فنصف عشر قيمتها.” (الوسائل، ج 21 كتاب النكاح، أبواب نكاح العبيد والإماء، ب 35 ح1)
” لو وطئ جارية مشتركة بينه وبين غيره فان توهما لحل فلا حد وان كان عالماً بالتحريم سقط عنه بقدر نصيبه وحد بنسبة نصيب الشريك” تحرير الأحكام (ط.ق) – العلامة الحلي ج2- ص220
” في رجل وطئ أمة نصفها له ونصفها حر لم يحد، ووجه ذلك أن له فيها شركا يوجب لها أحكام الرق كالتي نصفها رقيق لغيره” (المنتقى، شرح الموطأ- ما لا حد فيه- ج4 ص 164)
” وطىء الشريكان الجارية المشتركة لزمها استبراءان على الصحيح كما لا تتداخل العدتان وقيل يكفي استبراء ذكره في العدد” (خبايا الزوايا ج1 ص391)
” لو وطئ الأمة شريكان في طهر أو حيض ثم باعها أو أراد تزويجها أو وطئ اثنان أمة رجل كان يظنها أمته وأراد الرجل تزويجها وجب استبراءان كالعدتين من شخصين” (تحفة المحتاج في شرح المنهاج- باب الاستبراء- ج35 ص208)
” إذا وطئ رجلان امرأة بشبهة، وأتت بولد يمكن من كل منهما فإنه يعرض على القائف فإن ألحقه بأحدهما فالأمر ظاهر. فإن لم يوجد قائف، أو تحير، أو نفاه عنهما، أو ألحقه بهما انتسب بعد كماله لمن يميل طبعه إليه، سواء كان الولد ذكرا، أو أنثى” (حاشية البجيرمي على الخطيب- ج11 ص455) ذكر في المعجم الوسيط: قاف أثره قوفا وقيافة اتبعه فهو قائف ( ج ) قافة.
” … أن عمر ابن الخطاب دعا القافة في رجلين، ادعيا ولد امرأة وقعا عليها في طهر واحد، وإن كان وقع عليها السيد بعد انقضاء العدة، فالولد لسيدها، وذكر النكال. (مصنف عبد الرزاق- ج7 ص219)
” إذا اشترك ثلاثة في وطء أمةٍ في طهرٍ ملكها كلٌ واحدٍ منهم فيه، فجاءت بولدٍ وادعوهُ جميعاً فيقرعُ بينهم، ومن استحقهُ بالقرعةِ فعليهِ للآخرين ثلثا الدية. (الدرر البهية في المسائل الفقهية للإمام الشكواني)
“… وعن زيد بن أرقم قال: أتي علي في اليمن بثلاثة نفر وقعوا على جارية في طهر واحد فولدت ولدا فادعوه فقال علي لأحدهم: تطيب به نفسا لهذا؟ قال: لا. قال: أراكم شركاء متشاكسين، إني مقرع بينكم، فما أجابته القرعة أغرمته ثلثي القيمة وألزمته الولد، فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما أجد فيها إلا ما قال علي.” (الرياض النضرة في مناقب العشرة- ج1 ص269)
” عن عبد الكريم عن أبي جعفر عليه السلام قال : قلت : الرجل يحل لأخيه فرج جاريته ؟ قال : نعم حل له ما أحل له منها ….. عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون له المملوكة فيحلها لغيره ؟ قال : لا بأس…” (بحار الأنوار ج 100 ص )326
” وحدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا عبد العزيز بن الربيع بن سبرة بن معبد قال سمعت أبي الربيع بن سبرة يحدث عن أبيه سبرة بن معبد أن نبي الله صلى الله عليه وسلم عام فتح مكة أمر أصحابه بالتمتع من النساء قال فخرجت أنا وصاحب لي من بني سليم حتى وجدنا جارية من بني عامر كأنها بكرة عيطاء فخطبناها إلى نفسها وعرضنا عليها بردينا فجعلت تنظر فتراني أجمل من صاحبي وترى برد صاحبي أحسن من بردي فآمرت نفسها ساعة ثم اختارتني على صاحبي فكن معنا ثلاثا ثم أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بفراقهن” صحيح مسلم، وكما هو واضح من هذا الحديث الشريف أن الجنس الجماعي مسموح به في بعض الحالات، كحالة الغزو والسبي.
“…لو وطئ اثنان جارية مشتركة بينهما فاتت بولد اقرع بينهما فمن خرج اسمه لحق به الولد وتوارثا وضمن للباقين من الشركاء حصصهم فان وطأها نفسان في طهر واحد بعد انتقالها من واحد منهما إلى الآخر كان الولد لاحقا بمن عنده الجارية…” (تحرير الأحكام (ط.ق)- العلامة الحلي ج2- ص174)
* * *
الوطء أثناء الجهاد (في سبيل الله) :
فيئا للمسلمين أي غنيمة للجيش بحسب آية الأنفال، يقسم مال الفيء على خمس فرق يصرف خمسه على من يصرف عليهم خمس الغنيمة ويعطى أربعة أخماسها للمقاتلة {يسهم بينهم} وفي مصالح المسلمين.
” إن وطئ جارية من المغنم قبل القسمة وهو من الغانمين فلا حد عليه وإن قال: علمت أنها حرام لأن الغنيمة مشتركة بين الغانمين فله حكم الملك ولا يثبت نسب الولد” (الجوهرة النيرة- مسألة الشهادة على الإحسان-ج5 ص132)
” الوطء في دار الحرب لا يجب فيه شيء وقد نقله في التتارخانية بصيغة قال محمد فكان هو المذهب قال وكذا إذا قتل واحدا من السبي أو استهلك شيئا من الغنيمة في دار الحرب فلا ضمان عليه لا فرق بين أن يكون المستهلك من الغانمين أو غيرهم” (البحر الرائق شرح كنز الدقائق- ج13 ص339)
” ولا يجوز لأحد منهم أن يطأ جارية من السبي إلا بعد أن يُعطاها بسهمه فيطأها بعد الاستبراء. فإن وطئها قبل القسمة عزر ولا يحد.” (نهاية الأرب في فنون الدب- قادة الجيوش والجهاد- ج2 ص214)
” قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى إذا كان الإمام قد قال من أصاب شيئا فهو له فأصاب رجل جارية لا يطؤها ما كان في دار الحرب وقال الاوزاعي له أن يطأها وهذا حلال من الله عز وجل بأن المسلمين وطئوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أصابوا من السبايا في غزاة بني المصطلق قبل أن يقفلوا ولا يصلح للإمام أن ينفل سرية ما أصابت ولا ينفل سوى ذلك إلا بعد الخمس فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة كان ينفل في البدأة الربع وفي الرجعة الثلث” (الأم –ج7 ص371)
” عن الجويني والقفال وغيرهما أنه يحرم وطئ السراري اللاتي يجلبن من الروم والهند والترك إلا أن يُنَصِب الإمام من يقسم الغنائم من غير ظلم أي يفرز خمس الخمس لأهله.” (إعانة الطالبين ج4 ص64).
* * *
كأن أعراض الناس وكرامتهم نِعَم انزلها لله لمحمد وآله وأصحابه وبقية المغتصبين من السماء، والجنس هو الغاية والهدف الأسمى دنيا وآخرة، وهو السبب الرئيسي للجهاد عند ذلك القوم، فهذا (تعطير الأنام في تفسير الأحلام- باب الظهر ج1 ص207) يقول: الظبية هي في المنام جارية حسناء عربية. فمن رأى أنه ملك ظبية فإنه يمكر بجارية، وإن رماها بحجر فإنه يطأها. فإن رماها بسهم قذف جارية. فإن رأى أنه أخذ ظبيا فهو غلام.
” روى ثابت في الدلائل: إنّ خالداً رأى امرأة مالك وكانت فائقة في الجمال، فقال مالك بعد ذلك لامرأته: قتلتيني.(حيث أن خالداً بعد ذاك أتهم مالك بالردة وقتله) وقـال الزمخشري وابن الأثير وأبو الفداء والزبيدي: إنّ مالك بن نويرة (رضي الله عنه) قال لامرأته يوم قتله خالد بن الوليد: أقتلتِني؟! وكانت جميلة.” ومالك كان معروفاً بإسلامه، ولم يكن هناك اتفاق على أنه مرتد، ورغم عدم الاتفاق إلا أن السيد خالد بن الوليد أخذ زوجة الرجل باعتبار أن زوجة المرتد تعتبر غنيمة.
حتى حاتم الطائي العربي وسيد قومه المعروف بأخلاقه العالية وكرمه، لم يسلم ولم يعفو له كل ذلك، وتعرضت قبيلته لغارة وأصبحت نساؤها سبايا، ولولا أن النبي محمد أعتق أبنته لكانت هي أيضا مركوبة للمؤمنين عظم الله أجرهم، لكن للأسف فحظ باقي قومها لم يكن كحظها وقد أصبحن سبايا القرشيين، قيل في (تاريخ الرسل والملوك- ج2 ص77). “..فجعلت ابنة حاتم في حظيرة بباب المسجد كانت السبايا يحبسن بها…”.

بعد كل ما ذكر لا بد من أن نذكر بعض سبايا النبي محمد: – جويرية بنت الحارث: وهي من بني المصطلق سباها الرسول في العام الخامس للهجرة. – ريحانة ابنة عمرو بن حذافة: وهي من سبى بني قريظة، و كانت متزوجة فيهم رجلا يقال له الحكم و كانت جميلة وسيمة، فأخذها الرسول كغنيمة حين وقعت في سبى بني قريظة، وذلك في السنة السادسة للهجرة. – صفية بنت حيّ: وهي أسيرة يهودية من سبايا خيبر، أغتنمها محمد في السنة السادس للهجرة، حيث قتل محمد زوجها كنانة بن الربيع صاحب حصن خيبر، وقتل أباها حيّ ابن احطب، وقتل أخاها، وأصفاها لنفسه. – نفيسة: وهبتها له زينب بنت جحش و كان هجرها “أي زينب” في صفية بنت حيى ذا الحجة و المحرم و صفر فلما كان في شهر ربيع الأول الذي قبض فيه النبي صلى الله عليه وسلم رضي عن زينب و دخل عليها فقالت: ما أدرى ما أجزيك به فوهبتها له. – مارية القبطية بنت شمعون أم ولده إبراهيم: أهداها له المقوقس صاحب مصر و الإسكندرية السنة السابعة للهجرة.
أختتم الحلقة بقول شاعرنا الكبير نزار قباني واصفاً الأسباب الحقيقية لجهاد محمد وأتباعه:
أقرأ آيات من القرآن فوق رأسه
مكتوبة بأحرف كوفية
عن الجهاد في سبيل الله
والرسول
والشريعة الحنيفة
أقول في سريرتي
تبارك الجهاد في النحور والأثداء
والمعاصم الطرية

يـــتـــبـــع

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر | Leave a comment

العبودية في الإسلام 4

سردار أحمد

الحلقة الرابعة:
أحكام أخرى متعلقة بعالم العبيد في الفقه الإسلامي ككفالة البيع والشراء،إهداءهم، مقايضتهم بالسلع والحيوانات، تأجيرهم، تسليفهم أو رهنهم، وتشغيلهم بالدعارة.
اهتم الإسلام بفقه الرق وسن له أحكاماً، ليُكَرِم الحر ويُحَقِر العبد، أي يعطي كل ذي حقٍ حقه حسب ما يراه النبي محمد وربه مناسباً، ومن خلال الغوص في تلك الأحكام ودراستها لكم أن تتصوروا كيف كان ذلك المجتمع يعيش آنذاك، كيف كان يفكر، وكيف كانت قيمة الإنسان والإنسانية لديهم، وهي تؤكد ما ذكرته في الحلقات السابقة، والتي تعني استحالة العيش مع تلك المفاهيم في هذا العصر، بعد أن زاد التهذيب وزادت المعرفة وأصبح للإنسان قيمة تسمو به روحاً وجسداً، حيث أصبحت تلك المفاهيم مدعاةً للسخريةِ والتنديد لكل من يظن أنها إلهية، أو أنها شٌرِعت ليومنا هذا، ويحاول تطبيقها في الحياة العامة.

كفالة البيع والشراء:
قال مالك في البيوع: ما أصاب العبد أو الوليدة في الأيام الثلاثة من حين يشتريان حتى تنقضي الأيام الثلاثة فهو من البائع، وإن عهدة (أي كفالة) السنة من الجنون والبرص والجذام، فإذا مضت السنة فقد بريء البائع من العهدة كلها” (موطأ مالك ج4 ص282)
وكان لكل شيء أمد بحسبه يتخير فيه (عند البيع والشراء)، فللدابة مثلا والثوب يوم أو يومان وللجارية جمعة وللدار شهر…” (فتح الباري- كتاب البيوع) والمقصود بالتخيير هو طلب خير الأمرين إما إمضاء البيع أو فسخه.
“وإن من اشترى عبدا صغيرا فوجده يبول في الفراش كان له الرد، ولو تعيب بعيب آخر عند المشتري كان له أن يرجع بنقصان العيب” (فتح القدير- باب خيار العيب- ج14 ص412)
” إذا سلم البائع الجارية للمشتري حبلى ولم يعلم المشتري بالحبل وماتت من الولادة لم يرجع المشتري على البائع بشيء من الثمن اتفاقا وللإمام أن يردها كما أخذها” (البحر الرائق- ج21 ص314).
“في فتاوى قاضي خان : اشترى جارية وادعى أنها لا تحيض واسترد بعض الثمن ثم حاضت، قالوا : إذا كان البائع أعطاه على وجه الصلح عن العيب كان للبائع أن يسترد ذلك” (فتح القدير- باب خيار العيب- ج14 ص413)
“… اشترى عبدا بجارية وتقابضا ثم وجد بالعبد عيبا ومات عنده فإنه يرجع بحصة العيب من الجارية فيقوم العبد صحيحا ويقوم (أي يقدر سعره) وبه العيب فإن كان ذلك ينقصه العشر رجع بعشر الجارية…” (المبسوط- العيوب التي يطعن المشتري بها- ج16 ص63) “وإذا اشترى عبدا بجارية وتقابضا ثم تلفت الجارية فوجد بالعبد عيبا فله رده بالعيب واسترجاع قيمة الجارية لفسخ العقد بعد تلفها كما كان له فسخه مع بقائها.(المجموع- ج13 ص73) “لو باع أمته بعبد ووجد بالعبد عيبا فله الفسخ واسترجاع الأمة فلو وطئها لم يكن ذلك فسخا للبيع (وفي العبد) واسترجاعا لها لزوال ملكه” (المنثور في القواعد- الوطء يتعلق به مباحث- ج3 ص485).
“أن أبا قيصر مولى عبد الملك اشترى جارية فوطئها ثم وجد بها بخرة (البخرة:الرائحة المتغيرة من الفم) فأراد ردها فقال له عمر بن عبد العزيز يا أبا قيصر إنما التلوم قبل الغشيان” أي قبل الركوب (تاريخ دمشق- أبو قيصر- ج67 ص155).
“عن سالم بن عبد اللّه بن عمر: أنه باع غلاماً له بثمان مائة درهم بالبراءة. وقال الذى ابتاع العبدَ لعبد اللّه بن عمر: بالعبد داء لم تُسَمَّه لى، فاختصما إلى عثمان بن عفان، فقال الرجل: باعنى عبداً وبه داء، فقال ابن عمر: بعتُه بالبراءة، فقضى عثمان على ابن عمر، أن يحلف باللّه: لقد باعه وما به داء يعلمه، فأبى عبد اللّه بن عمر أن يحلف، فارتجع الغلام فصحَّ عنده العبد، فباعه عبد اللّه بن عمر بعد ذلك بألف وخمس مائة درهم. (كتاب البُيوع فى التجارات والسَّلَم – موطأ الإمام مالك).
أما بالنسبة لبيع أمهات الأولاد فالعقد ساري، ولا مشكلة في بيعهن لو كانت على الطريقة المحمدية، لكن إذا كانت على الطريقة العمرية فالعقد مفسوخ، فقد قيل: “كنا نبيع أمهات الأولاد والنبى صلى اللّه عليه وسلم حى لا نرى بذلك بأساً” أخرجه أحمد والنسائى وابن ماجه والبيهقى وابن حبان وأبو داود وابن أبى شيبة، وبالنسبة للطريقة العمرية ذُكِر ” بعنا أمهات الأولاد على عهد النبى صلى الله عليه وسلم وأبى بكر، فلما كان عمر نهانا فانتهينا” (سنن أبي داود- في عتق أمهات الأولاد- ج10 ص461)
“إن رجلا ابتاع غلاما فاستغله ثم وجد أو رأى به عيبا فرده بالعيب فقال البائع غلة عبدي فقال النبي صلى الله عليه وسلم الغلة بالضمان” (مسند أحمد- حديث السيدة عائشة-ج50 ص29)

إهداء الجواري والعبيد:
كان العبيد يُهدى إلى محمد وكان هو يهديهم بدوره لمن يريد وكذلك كان الصحابة والخلفاء والمتنفذون عبر التاريخ الإسلامي وخاصة أيام فتوحات الـ (السبايا والجواري)
فالمقوّس أهدى محمد جاريتين ماريه القبطية وأختها سيرين (شيرين)، محمد أخذ ماريه لنفسه وأهدى سيرين لشاعره حسان بن ثابت، فقد ذكر في كتاب (أيسر التفاسير للجزائري- باب51 ج3 ص297)، عن النبي قيل ” قد تسرى بمارية القبطية التي أهداها له المقوس ملك مصر مع بغلة بيضاء تسمى الدلدل وهي أول بغلة تدخل الحجاز، وقد أنجبت ماريه إبراهيم ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوفى في أيام رضاعه عليه وعلى والده ألف ألف سلام” وذكر في (البداية والنهاية- ج5 ص341): مابور القبطي الخصي، أهداه له صاحب اسكندرية مع مارية وسيرين والبغلة”
– أهدى رجل من بني الضبيب يقال له رفاعة بن زيد لرسول الله غلاماً يُقال له مِدعَم…” (صحيح البخاري- فتح الباري) ومدعم هو عبد أسود أُهدي له عام خيبر.
“عن علي قال: أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم رقيق أهداه له بعض ملوك الاعاجم…” (كنز العمال- ج15 ص507)، أي أن النبي والملوك كانوا يستعبِدون البشر على حدٍ سواء.
“وابنة أم قرفة (التي شقها رسول الرحمة بعد أن ربطها بجملين) كانت ملكاً لسلمى بن الأكوع، فطلبها منه النبي محمد وأعطاها لخاله حزن بن وهب. (عيون الأثر -ج2 ص104)، والجدير بالذكر أن ابنة أم قرفة كانت على قدر كبير من الجمال، وأم قرفة لما قُتِلت كانت عجوز.
“قال ابن إسحاق: وحدثني أبو وجزة يزيد بن عُبيد السعدي أنّ رسول اللّه (ص) أعطى على بن أبي طالب رضي اللّه عنه جارية، يقال لها رَيْطة بنت هلال بن حَيَّان بن عُميرة بن هلال بن ناصرة بن قُصية بن نصر، ابن سعد بن بكر، وأعطى عثمان بن عفان جارية، يقال لها زينب بنت حَيّان بن عمرو بن حَيَّان ، وأعطى عمر بن الخطّاب جارية، فوهبها عمر لأبنه عبدالله . (الروض الأنف- حول سبي حنين- ج4 ص265)
“اشترى المختار بن أبي عبيدة جارية بثلاثين ألفا، فقال لها: أدبري، ثم قال لها: أقبلي. فأقبلت، ثم قال: ما أدري أحدا أحق بها من علي بن الحسين، فبعث بها إليه، وهي أم زيد بن علي” (مقاتل الطالبين- زيد بن علي- ج1 ص36)، وكذلك كانت محبوبة أهديت إلى المتوكل أهداها إليه عبد الله بن طاهر في جملة أربعمائة جارية” (أخبار عبيدة الطنبورية- ج6 ص9)
والنبي محمد يستهجن العتق من دون كفارة، ويشجع على إهداء العبد للأقارب، ويعتبر ذلك أفضل من عتقهم وأعظم أجراً عنده وعند ربه. “عن كريب مولى ابن عباس أن ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها أخبرته أنها أعتقت وليدة ولم تستأذن النبي صلى الله عليه وسلم فلما كان يومها الذي يدور عليها فيه قالت أشعرت يا رسول الله أني أعتقت وليدتي قال أوفعلت قالت نعم قال أما إنك لو أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك” (السنن الكبرى للبهيقي- ج6 ص 59).
وذكر في (تفسير القرطبي ج14 ص35): “قد فضل رسول الله صلى الله عليه وسلم الصدقة على الأقارب على عتق الرقاب، فقال لميمونة وقد أعتقت وليدة: أما إنك لو أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك”

مقايضة العبيد بالسلع والحيوانات:
“قال يحيى: من ابتاع غلاما حاسبا كاتبا بوصفاء يسميهم فليقلل أو يكثر من البربر أو من السودان إلى أجل فليس بذلك بأس قال: ومن باع غلاما معجلا بعشرة أفراس إلى أجل وعشرة دنانير نقدا أخر الخيل وانتقد العشرة دنانير قال : فليس بذلك بأس.
قال يحيى : سألت عن رجل سلف في غلام أمرد جسيم صبيح فلما حل الأجل لم يجد عنده أمرد فأعطاه وصيفين بالغلام الأمرد قال : فليس بذلك بأس ولو أنه حين لم يجد عنده الغلام الأمرد أعطاه مكانه إبلا أو غنما أو بقرا أو رقيقا أو عرضا من العروض وبرئ كل واحد منهما من صاحبه في مقام واحد لم يكن بذلك بأس وهذا الحيوان بعضه ببعض” (المدونة-تسليف السلع بعضها في بعض- ج8 ص413)
” قلت لابن القاسم: أرأيت إن اشتريت عبدا بثوبين، فهلك أحد الثوبين عند صاحبه وأصاب بالثوب الباقي عيبا فجاء ليرده كيف يكون هذا في قول مالك؟ قال: ينظر إلى الثوب الذي وجد به العيب، فإن كان هو وجه ما اشترى وفيه الفضل فيما يرى الناس رده ونظر إلى العبد، فإن كان لم يفت رده ونظر إلى قيمة الثوب التالف فرده قابضه مع الثوب الذي وجد به العيب، وإن كان العبد قد فات بنماء أو نقصان أو اختلاف أسواق أو شيء من وجوه الفوت نظر إلى الثوب الباقي كم كان من الثوب التالف، فإن كان ثلثا أو ربعا نظر إلى قيمة العبد، فغرم قابض العبد لصاحب الثوب من قيمة العبد بقدر الذي يصيبه من صاحبه إن ثلثا أو ربعا يغرم له من قيمة العبد ثلثها أو ربعها ولا يرجع في العبد بشيء، وإن كان إنما أصاب صاحب العبد بالعبد عيبا، وقد تلف أحد الثوبين عند بائع العبد رد العبد وينظر ونظر إلى الثوب الباقي فإن كان هو وجه الثوبين ومن أجله اشتراهما رد الثوب الباقي وغرم قيمة التالف ،إن كان الثوب الباقي لم يفت بنماء أو نقصان ولا اختلاف أسواق، وإن كان قد فات بشيء من ذلك أو كان الباقي منهما كان الاشتراء أسلما لمشتريهما وغرم قيمتهما جميعا لصاحب العبد” (المدونة- في الرجل يشتري عبدين فيموت احدهما ويجد بالآخر عيباً-ج10 ص80)
حتى إن بعض أهل الذمة من البربر ونحوهم كانوا يقدمون بدل الجزية رقيقا من أولادهم. (ابن الأثير، ج3، صفحة13) وإن بعض الحجاج كانوا يتركون عبيدهم في الحجاز باعتبارهم زكاة، ترى كم كان الإسلام سموحاً، لطيفاً، دين حق وعدالة، وكم كانت أخلاق المسلمين رائعة، حتى يستغني الناس عن أولادهم فلذات أكبادهم ويقدمونهم للمسلمين!؟

تأجير و تسليف العبيد ورهنهم:
القرض جائز في العبيد والجواري والدواب (باعتبارهم بنفس المنزلة)، وغيرها من الأملاك والأموال لقوله تعالى: ((…إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ… البقرة 282))
فإذا رهن الرجلُ الرجلَ عبداً فدفعه إليه فهو على يديه رهن ولا يمنع سيده من أن يؤجره ممن شاء ( الأم- ج3 ص 167) وكذلك المُستأجَر يجوز لمستأجِره إجارته (خبايا الزوايا).
قيل في شرح الوجيز، ج10 ص96: “…فلو كانت الجارية المرهونة بكرا فليس للراهن وطؤها بحال لان الافتضاض ينقص قيمتها…”
وذُكِر في وطئ الثيب: إن وطئ الراهن أمته المرهونة غصبا عن مرتهنها فإن لم يحبلها بقيت رهناً. (منح الجليل شرح مختصر خليل- ج11 ص479)
“… لو أحبل الراهن الجارية المرهونة وقلنا انها لا تصير أم ولد له فبيعت في الحق وولدت أولادا ثم ملكها وأولادها فانا نحكم بأنها أم ولد على الصحيح والأولاد أرقاء لا يأخذون حكمها…” (الوجيز- ج11 ص195).
“…لا يجوز قرض الجواري إلا أن تكون في سن من لا توطأ أو يكون المستقرض لا يمكن التذاذه بها لسنه أو امرأة أو محرما عليه وطؤها أو مدينا تقضي عنه.” (التاج والإكليل لمختصر الخليل- فصل قرض ما يسلم فيه- ج7 ص416)
“… إذا رهن الرجل الرجل أمة فآجره إياها فوطئها الراهن أو اغتصبها الراهن نفسها فوطئها فإن لم تلد فهى رهن بحالها ولا عقر للمرتهن على الراهن، لانها أمة الراهن ولو كانت بكرا فنقصها الوطئ كان للمرتهن أخذ الراهن بما نقصها … لو كانت ثيبا فأفضاها أو نقصها نقصا له قيمة وإن لم ينقصها الوطئ فلا شئ للمرتهن على الراهن في الوطئ، وهى رهن كما هي. وإن حبلت وولدت ولم يأذن له في الوطئ ولا مال له غيرها ففيها قولان أحدهما أنها لا تباع ما كانت حبلى، فإذا ولدت بيعت ولم يبع ولدها، وإن نقصتها الولادة شئ فعلى الراهن ما نقصتها الولادة، وإن ماتت من الولادة فعلى الراهن أن يأتي بقيمتها صحيحة تكون رهنا مكانها أو قصاصا متى قدر عليها ولا يكون إحباله اياها أكبر من أن يكون رهنا ثم أعتقها ولا مال له غيرها فأبطل العتق وتباع بالحق وإن كانت تسوى ألفا وإنما هي مرهونة بمائة بيع منها بقدر المائة وبقي ما بقى رقيقا لسيدها ليس له أن يطأها وتعتق بموته في قول من أعتق أم الولد بموت سيدها ولا تعتق قبل موته،… (الأم- ج3 ص147)
“أما قولهم: انه فرج معار فكذب وباطل لان العارية لا يزول عنها ملك المعير فحرام على غيره وطؤها لانه ملك يمين غيره، وأما المستقرضة فهى ملك يمين المستقرض فهى له حلال وهو مخير بين أن يردها أو يمسكها ويرد غيرها وليست العارية كذلك، وقالوا: هو بشيع شنيع قلنا: لا شنعة ولا بشاعة في الحلال وأنتم لا تستبشعون مثله من أن يكون انسان يبيع جارية من غيره فيطؤها ثم يبتاعها الذى باعها فيستبرئها بحيضة ثم يطؤها ثم يبتاعها الذى باعها منه، وهكذا ابدا، ومن أن يكون انسان يتزوج امرأه فيطؤها ثم يطلقها فتعتد خمسة وأربعين يوما وهى مصدقة عنده ثم يتزوجها جاره فيطؤها ثم يطلقها فتعتد كذلك ثم يتزوجها الاول فيطؤها ثم يطلقها وهكذا أبدا، فأى فرق بين هذا وبين ما منعوا منه من قرض الجوارى؟ (المحلي- ج8 ص83)
– رَهَنَ جارية بألف تساوي ألفا فولدت ولدا يساوي خمسمائة فقتلها عبد يساوي ألفا، ثم ذهب عينه يفتكه الراهن بأربعة أتساع الألف؛ لأن العبد دفع بإزاء الأم والولد جميعا فيقسم العبد المدفوع عليهما باعتبار قيمتهما أثلاثا؛ لأن قيمة الأم ضعف قيمة الولد، فإذا ذهب عين العبد فقد ذهب نصف بدل الولد ولا يذهب من الدين شيء. (البحر الرائق شرح كنز الدقائق-ج23 ص18)
-… أمة رهنت بألف وقيمتها ألف فماتت لم يضمن المرتهن ولكن الدين يبطل بموتها وكذلك الرهن بالمسلم فيه يبطل المسلم فيه بهلاكه، رجل رهن رجلا عبدا يساوي ألفا بألف ثم أعطاه عبدا آخر قيمته ألف رهنا مكان الأول فالأول رهن حتى يرده إلى الراهن والمرتهن في الآخر أمين حتى يجعله رهنا مكان الأول.
رجل رهن عبدا لابن صغير له بمال على الأب فهو جائز، رجل رهن جارية قيمته ألف بألف ووكل المرتهن ببيعها إنسانا فمات الراهن أو المرتهن فالوكيل على وكالته ولو مات الوكيل انقضت الوكالة وليس للمرتهن أن يبيعها إلا برضا الراهن.
رجل رهن عبدا يساوي ألفا بألف فنقض في السعر فرجعت قيمته إلى مائة (أي نزل سعره) فقتله رجل فغرم قيمته مائة فإن المرتهن يقبض المائة قضاء من حقه ولا يرجع على الراهن بشئ … وإن أمره الراهن أن يبيعه فباعه بمائة قبض المائة قضاء من حقه ورجع بتسع مائة.
“… إذا رهن الرجل الرجل الجارية فليس له أن يزوجها دون المرتهن لان ذلك ينقص ثمنها ويمنع إذا كانت حاملا وحل الحق بيعها وكذلك المرتهن فأيهما زوج فالنكاح مفسوخ حتى يجتمعا عليه…” (الأم- ج3 ص143)
وأما زفر (رحمه الله) فقد قال: عن العبد لو “تراجعت قيمته إلى مائة لنقصان السعر، فإنه يفتكه بمائة، ويسقط ما زاد على ذلك من الدين،… ما إذا تراجع سعر الأول إلى مائة ثم قتله حر، فغرم قيمته مائة فإنه يسقط من الدين تسعمائة ويأخذ المرتهن المائة قضاء من مثلها وزفر (رحمه الله) يستدل بهذا الفصل ولكنا نقول: الدراهم لا تفك، والمائة لا يجوز أن يكون بمقابلتها أكثر من مائة، فإنه لا يتصور استيفاء جميع الدين منها بحال (المبسوط- باب الجناةي على الراهن- ج25 ص176)

تشغيلهن وتشغيلهم بالدعارة:
كان هنالك مسلمون في حياة محمد يستخدمون جواريهم كبغايا لكسب المال، وبعد أن اشتكت بعض الجواري إلى النبي عن ذلك السلوك السئ بحقهن، كان لا بد له من تحديد موقفه، باعتباره الزعيم والجهة التي قُدِمت لها الشكوى، فأضطر ليتدخل وينهي عِباد الله المسلمين من إكراه الجواري على البغاء في حال عدم رغبتهن في ذلك، وهو لم يرد أيضاً إزعاج من تمت الشكوة ضده، وقد جاء في الحديث: ” أن جارية لعبد الله بن أبي سلول يُقال لها مُسيكة وأخرى يقال لها أميمة فكان يُكرههما على الزنى فشكتا ذلك إلى النبي (ص) فأنزل الله عز وجل (( ولا تُكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يُكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم * النور33))” ويلاحظ من هذه الآية نقطتين، الأولى: (إن أردن تحصنا) أي أن عدم إكراه الجواري على البغاء كان في حال عدم رغبتهن فيه أما إذا لم تمانعن فلا توجد مشكلة، و يمكن للمسلم كسب المال من بغاء جواريه، والنقطة الثانية: (الله من بعد إكراههن غفور رحيم) لم تحدد الآية عقوبة من يجبرهن على البغاء، لا تهديد ولا وعيد بنار جهنم كما هي العادة!! بل على العكس فهي توحي بأن الله غفور رحيم بالمخالف، وهو السيد. لماذا يا ترى؟ هل السبب أن عبد الله بن أبي سلول، ربما كان من زعران قريش؟ وكتب التراث الإسلامي تفسر أن الله غفور رحيم بالجواري، وأرى ذلك تهرب من الموقف وكان الأحرى ذكر حُكم المسيطر المخالف لا ذكر حكم الضعيف المجبر.
وقيل في البحر الرائق شرح كنز الدقائق، باب السرقة من العيوب في العبد، ج15 ص426، بالنسبة لللواط بالعبد وحكمها الشرعي إذا كانت مقابل أجر مادي أو مجاناً: “لو اشترى عبدا يعمل به عمل قوم لوط فإن كان مجانا فهو عيب لأنه دليل الابنة وإن كان بأجر فلا بخلاف الجارية فإنه يكون عيبا كيفما كان لأنه يفسد الفراش..”
فقه عنصري وكارثي في كل شيء، حتى سبايا النبي التي (قيل) أنه تزوجهن، قد مورس بحقهن التمييز، فما بالك بجواريه وسباياه التي لم يتزوجهن وباقي سبايا دين الرحمة!! فقد ذُكِرَ في (البداية والنهاية- باب ذكر زوجاته صلوات الله وسلامه عليه): ” قد قسم عمر بن الـخطاب فـي خلافته لكل امرأة من أزواج النبـي صلى الله عليه وسلم اثنا عشر ألفـا، وأعطى جويرية وصفـية ستة آلاف ستة آلاف، بسبب أنهما سبـيتا”. هذا هو الإسلام وهذا رمز عدالتها عمر بن الخطاب.

يـتـبـع

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر | Leave a comment

ثورة أهل الجحيم

ثورة أهل الجحيم؛ للشاعر العراقي جميل صدقي الزهاوي
راجَعَها بعناية وتدقيق: رياض الحبيّب في 23 آب- أغسطس 2012

https://mufakerhur.org/?author=6
عَروض القصيدة: بحر الخفيف
شكرًا خاصًّا لموقع الباحث العربي إذ أعانني على التأكد من بعض مفردات اللغة
http://baheth.info/

خاص: موقع المُفكِّر الحُرّ
– – –

بَعْد أن مُتُّ واٌحتواني الحَفـيرُ * جاءني مُنكَرٌ وجاء نَكيرُ

مَلَكانِ اٌسْطاعا الظهور ولا أدري لماذا وكيف كان الظهورُ

لهُما وَجْهانِ اٌبتَنَتْ فيهِما الشِّرَّةُ عُشًّا كِلاهُما قمْطريرُ

ولكُلٍّ أنفٌ غليظ طويلٌ * هُوَ كالقرْنِ بالنّطاح جَديرُ

وفمٌ مَهْروتٌ يضاهي فم الليث يُريني نابًا هو العنقفيرُ

وبأيديْهما أفاعٍ غِلاظٌ * تتلوّى مَخُوفةً وتدورُ

وإليَّ العيونُ تُرسِل نارًا * شرُّها مِن وميضها مستطيرُ
 
كنتُ في رقدةٍ بقبري إلى أنْ * أيقظاني منها وعاد الشعورُ
 
فبدا القبر ضيِّقًا ذا وخومٍ * ما بهِ للهواء خَرْقٌ صغيرُ
 
إنّهُ تحت الأرض إلا قليلًـا * مَنزِلُ المَرْءِ ذي الطموح الأخيرُ

ألِمَنْ خابَ حُفرةٌ ذاتُ ضيق * ولِمَنْ فاز روضةٌ وغديرُ
 
أتَيَا للسؤال فَظَّينِ حيثُ المَيْتُ بعد استيقاظِهِ مذعورُ
 
عن أمورٍ كثيرة قد أتاها * يومَ في الأرض كان حيًّا يسيرُ

صَيحةٌ تحت الأرض ثُمَّ حِوارٌ * بين أقساهما وبيني يدورُ
 
واقفًا لي كأنما هو نَسْرٌ * وكأنّي أمامَهُ عُصفورُ

خار عزمي ولم أكن أتظنَّى * أنّ عزميْ يومًا لشيءٍ يخورُ
 
ولقد كنت في البداءة أشْحَى * مثلما يشحى للخشاة الذعورُ
 
ثمّ أني مَلكْتُ نفسيْ كأنّي * لست أخشى شيئًا وأنّي جَسورُ
 
مُظهِرًا أني كنتُ أحْمِلُ نفْسًا * لم يكُنْ للشكوك فيها خطورُ

غيْرَ أني صَدَعْتُ بالحق في الآخِر حتى اٌلتاثتْ عليَّ الأمورُ
 
في الأديب الحُرِّ النفاقُ ذميمٌ * وهْوَ ما لا يرضاهُ مِني الضَّميرُ
 
فألمَّتْ بيَ الرزيَّةُ حتّى * ضَجِرَتْ مِن ضجيج قبري القبورُ
 
قال من أنت وهو يَنظُرُ شَزْرًا * قلتُ شيخٌ في لحْدِهِ مقبورُ
 
قال ماذا أتيتَ إذ كنتَ حيًّا * قلت كلُّ الذي أتيتُ حقيرُ
 
ليس في أعمالي التي كنت آتيها على وجه الأرض أمْرٌ خطيرُ
 
قال في أيٍّ من ضروب الصناعات تخصّصْتَ إنهُنَّ كثيرُ

قلت مارست الشِّعْـر أرعى به الحقَّ وقد لا يفُوتُني التصويرُ
 
قال ما دِينُكَ الذي كنت في الدنيا عليه وأنت شيخٌ كبيرُ
 
قلت كان الإسلام دينيَ فيها * وهْو دينٌ بالاحترام جديرُ
 
قال من ذا الذي عبدتَ فقلت اللهَ ربِّي وَهْوَ السَّميعُ البصيرُ
 
قال ما ذا كانت حياتُك قبْلًـا * يومَ أنتَ الحرُّ الطليق الغريرُ

قلت لا تسألنَّني عن حياة * لمْ يكن في غضونها لي حُبور
 
كنتُ عبدًا مُسَيَّرًا غيرَ حرٍّ * لا خَيارٌ له ولا تخييرُ
 
ما حَبَوني شيئًا مِن الحَول والقدرة حتى أديرَ ما لا يدورُ
 
كان خيرًا مني البهائمُ تثوي * حيث لا آمِرٌ ولا مأمورُ

قال هلّـا كسَبْتَ غير المعاصي * قلتُ إن لمْ أكسبْ فربّي غفورُ
 
كان إثميْ أنِّيْ إذا سألوني * لم أقلْ ما يقوله الجمهورُ
 
إنّهُمْ مِن أوهامِهمْ في إسارٍ * ولقد لا يُرضيهُمُ التحريرُ
 
وإذا لم يكن هنالك رأي * لِيَ أفضي بهِ فلا أستعيرُ
 
رُبَّ أمر يقول في شأنه العقل نقِيضُ الذي يقولُ الضميرُ
 
ثمَرات الأحراث لا تتساوى * هذهِ حنطةٌ وهذا شعيرُ
 
وقشورٌ وما هناك لُبابٌ * ولبابٌ وما هناك قشورُ
 
يتبع الجاهل الغويُّ أخاه * مثلما يتبع الضَّريرَ الضريرُ
 
قال هل صدَّقتَ النبيِّين فيما * بلّغوهُ ولم يَعُقْكَ الغُرورُ؟
 
والكتابَ الذي من الله قد جاء فأدلى به البشيرُ النذيرُ

قلتُ في خَشْيَةٍ: بلى وفؤادي * مِن شُعاعٍ بهِ يكاد يطيرُ
 
إنهُ مُنزَلٌ من الله يهدي الناس طرًّا فهْوَ السّراجُ المنيرُ
 
قال هل كنتَ للصلاة مُقيمًا * قلتُ عنها ما أن عَراني فتورُ
 
إنما في اقتناء حُورٍ حِسانٍ * بصلاةٍ تجارةٌ لا تبورُ
 
قال هلْ صُمتَ الشَّهْرَ مِن رَمَضانٍ * قلتُ قد صُمتُهُ وطابَ الفطورُ
 
قال هل كنت للزكاة بمُؤتٍ * قلت ما كان لي بها تأخيرُ
 
قال والحجّ ما جوابُك فيهِ؟ * قلت قد كان لي بحجّي سُرورُ
 
قال هل كُنت للجهاد خفيفًا * قلت إني لبالجهادِ فخورُ
 
قال هل كنت قائلًـا بنشورٍ * قلت ربّي على النشور قديرُ

فإذا شاء للعباد نُشورًا * فمِن السّهل أن يكون نشورُ
 
قال ماذا تقول في الحَشْر والميزان ثم الحساب وهْوَ عسيرُ؟
 
والسؤالِ الدقيق عن كُلِّ شيء * والصِّراطِ الذي عليه العُبورُ
 
والجنانِ التي بها العَسَل الماذيُّ قد صفّوهُ وفيها الحُورُ
 
وبها ألـبـانٌ تفيضُ ولهوٌ * وأباريقُ ثرَّةٌ وخُمورُ
 
وبها رُمّانٌ ونخْلٌ وأعنابٌ وطَلْحٌ تشدو عليه الطيورُ
 
ليس فيها أذىً ولا مُوبِقاتٌ * ليس فيها شمسٌ ولا زمهريرُ
 
والجحيم التي بها النار تذكو * في دهور وراءهنَّ دُهورُ

إنما المُهْلُ ماؤها فهْوَ يغلي * والهواءُ الذي يهبُّ الحَرُورُ
 
تلك فيها للمُجرمين عَذابٌ * تلك فيها للكافرين سَعِيرُ
 
إنّ مَن كان كافرًا فهْوَ فيها * وإن اعتاد أن يبرَّ خسِيرُ
 
هو في نارها الشديدة حَرَّانُ وفي زمهريرها مقرورُ
 
قلتُ مَهْلًـا يا أيها المَلَكُ المُلحِف مهلًـا فإنّ هذا كثيرُ
 
كان إيمانيْ في شبابيَ جَمًّا * ما بهِ نُزْرة ولا تقصيرُ
 
غيْرَ أنّ الشُّكوك هبّتْ تُلاحيني فلمْ يستقرّ مني الشّعورُ
 
ثم عاد الإيمان يومًا إلى أنْ * سَلَّهُ الشيطانُ الرَّجيمُ الغَرورُ
 
ثمّ آمنتُ ثم ألحَدْتُ حتى * قيل هذا مُذبذَبٌ مَمْرورُ
 
ثم دافعتُ عنهُ بعد يقين * مثلما يفعل الكميُّ الجَسورُ
 
وتعمَّقتُ في العقائد حتى * قيل هذا علّـامةٌ نِحْريرُ
 
ثُمَّ أنِّي في الوقت هذا لخَوفي * لستُ أدري ماذا اٌعتقادي الأخيرُ

لمْ يُرِبْني أمرُ الصِّراط مُقامًا * فوق وادٍ من الجحيم يفورُ

غير أني أجلُّ ربّكَ من إتيان ما يأباه الحِجى والضميرُ

فإذا صَحَّ أنه كغِرار السّيف أو شعرةٌ فكيف العبورُ

لا تخَلْ أنّ عَبْر جسرٍ دقيقٍ * ذَرْعُهُ آلاف السنين يسيرُ

إنَّ ألفًا من الصعود وألفًا * ذو استواء سَمْح وألفًا حدورُ

إنها شقّة تطُول فلا يقطعُها إلا البَهْمَةُ المِحضيرُ

ولعلَّ الذين ضحّوا بأكباش عليهِمْ بها يهُون المرورُ

أنا لو كنت بالبعير أُضَحِّي * سار بي مُرْقِلًـا عليه البعيرُ

ولوَ اٌنّي ركبتُ صهوة يعفور مضى بي يستعجل اليعفورُ

ولَوَ اٌني هَوَيت-لا سمح الرحمن- منهُ فيها لساءَ المصيرُ

لا يَطيبُ الخلود في لُجَج النار فإن الخلود شيءٌ كثيرُ

ربَّنا لا تُرسلْ علينا عَذابًا * ليس فينا على العذاب صَبورُ

ربنا اٌرفقْ بنا فإنّا ضِعافٌ * ما لنا مِن حَولٍ وأنت القديرُ

قال ماذا رأيتَ في الجنِّ قبلًـا * ومِن الجنِّ صالحٌ وشَريرُ

ثم في جبريلَ الذي هو بين الله ذي العرش والرّسولِ سفيرُ

ثم في الأبرار الملائك حول العرش والعرشُ قد زهاهُ النورُ

فتُدوِّي السّماءُ في السّمع مِن تسبيحِهِمْ مِثلما يُدوِّي القفيرُ

ثم في الخنّاس الذي ليس من وسواسه في الحياة تخلو الصُّدورُ

والعفاريتِ ذاهبين عُراةً * تجفلُ الوَحشُ منهُمُ والطيورُ

والشياطينِ مُفْسِدينَ بهِمْ قد * ضلَّ ناسٌ هُمُ الفريقُ الكبيرُ

قلت لله في السماوات والأرض وما بينهُنّ خَلْقٌ كثيرُ

غير أني أرتابُ في كلِّ ما قد * عجز العقلُ عنه والتفكيرُ

لَمْ يكُنْ في الكتاب مِن خطإٍ كلّـا ولكنْ قد أخطأ التفسيرُ

قال هلْ في السّفور نفعٌ يُرَجّى؟ * قلتُ خيرٌ من الحِجاب السّفورُ

إنما في الحجاب شَلٌ لشعْبٍ * وخَفاءٌ وفي السّفور ظُهورُ

كيف يسمو إلى الحضارة شعْبٌ * مِنهُ نِصْفٌ عن نصفِهِ مستورُ؟

ليس يأتيْ شعبٌ جلائلَ ما لمْ * تتقدمْ إناثُهُ والذكورُ

إنّ في رونق النهار لناسًا * لم يَزُلْ عن عيونها الدَّيجُورُ

قال هل في الإله عندك شك * قلت لا والذي إليه المصيرُ

 قال ماذا هو الإلهُ فهلْ أنتَ مُجيبي كما يُجيب الخبيرُ؟

قلتُ أنّ الإله فوق منال العقل مِنّا وهْوَ العزيزُ الكبيرُ

إنّما هذه الطبيعة ذاتُ اللاتناهي كتابُهُ المسطورُ

إنها للإله سِفْـرٌ قديمٌ * ذو فصول والكائنات السُّطورُ

ولقد قال ناعتوهُ هو العالِمُ مِنّا بما تكنّ الصدورُ

إنه في الجبال والبر والبحر من الأرض والسماوات نورُ

فلهُ الأرض ما لها من سكون * والسماوات ما بهنّ فطورُ

كل حَيٍّ به يعيش ويردى * وكما قد أراد تجري الأمورُ

إنهُ واهب الوجود فلولاه لما كان للوجود ظهورُ

إنه واجب الوجود فقد كان ولا عالمٌ ولا دستورُ

عرشه في السماء وهْوَ عليهِ * مُستوٍ ما لأمْرِهِ تغييرُ

وهو يهتز للمعاصي كما يهتز في زرقة الصباح السَّريرُ

وهو إن قال كنْ لشيء يكون الشيءُ من فوره فلا تأخيرُ

إنّ هذا ما قد تلقّنتُهُ والقلبُ مِن شكِّهِ يكاد يخورُ

قلتُ ما قلتُ ثمَّ أنّكَ لا تدري أحقٌّ ما قلتُهُ أمْ زورُ

وأرى في الصّفات ما هُوَ لله تعالتْ شؤونُهُ تصغيرُ

ما عقابي مِن بَعْد ما صَحَّ نقلًـا * أنَّ ما قد أتيتُهُ مقدورُ

ليس لي في ما جئتُهُ مِن خَيارٍ * إنني في جميعِهِ مجبورُ

وإذا كان منه كفري وإيماني فإنّ الجزاء شيءٌ نكيرُ

ألِلَهْوٍ والله ليس بلـاهٍ * أم لجُورٍ والله ليس يجورُ

أمِن الحقّ خلقُ إبليسَ وهْو المُستبدّ المُضَلِّلُ الشِّرِّيرُ

إنه يُلقي في النفوس شكوكًا * ذاتَ أظفارٍ نزْعُهُنّ عَسيرُ

إنّما في الدّارَين عَسْفٌ وحَيفٌ * غير أنّ السماء ليست تَمُورُ

فلِناسٍ تعاسةٌ وشقاءٌ * ولناسٍ سعادةٌ وحُبُورُ

قال ما ذاتُهُ؟ فقلتُ مجيبًا * بلسانٍ قد خانهُ التفكيرُ

إنني لا أدري مِن الذّات شيئًا* فلقد أسدلتْ عليها السُّتورُ

إنما عِلْمِي كلُّهُ هُوَ أنّ الله حيٌّ وأنَّهُ لا يَبُورُ

ما لكلِّ الأكوان إلّـا إلهٌ * واحدٌ لا يزول وهْوَ الأثيرُ

منه هذا الوجود فاضَ عميمًا * وإليه بعد البوار يصيرُ

ليس بين الأثير والله فرقٌ * في سوى اللفظ إنْ هَداكَ الشّعورُ

وبحسْبي أني صَدَعْتُ بما أدري على عِلْمِي أنهُ سيَضِيرُ

وإذا لم أرِدْ لأبْسُطَ رأيي * في جوابي فإنني مَعـذورُ

أمِن السهل أن أغيّرَ قلبي * بعد ما في فَوْدَيَّ بان القتيرُ

قال إني أرى بخدِّك تصعيرًا فهلْ أنتَ يزدهيكَ الغرورُ؟

قلت من مات لا يُصَعِّر خدًّا * ليس بالموتى يُخلَقُ التصعيرُ

إنني أخشى الظالمين فلا أفـضي إليهِمْ بما برأسي يدورُ

أيّ ذي مُسكةٍ يقولُ صَريحًا * وعليها سَيفُ الأذى مشهورُ؟

لا تكونا عليَّ فَظَّينِ في قبري فإني شيخٌ بعطفٍ جَديرُ

إنّ قول الحقِّ الصّراح على الأحرار حتى في قبرهِمْ محظورُ

فدعاني في حُفرتي مستريحًا * أنا من ضوضاء الحياة نَفورُ

أتعبَتْني الأيام إذ كنت حيًّا * وأنا اليوم للسكون فقيرُ

أتْرُكاني وحدي ولا تُزعجاني * بزياراتٍ ما بهنَّ سرورُ

أتركاني ولا تزيدا عنائي * بسؤالٍ فإنني مَوتورُ

لمْ تُصَنْ مِن جَراءة المستبدِّين على الهالكين حتى القبورُ

كيف أفضيتما إلي َّ بقبري * وعليه جَنادلٌ وصُخورُ

قلتُ لما هبطتُ أعماقَ قبري * ليس خيرًا من البطون الظهورُ

فإذا القبرُ ضَيِّقٌ بذويهِ! * وإذا القبر فيه كَرْبٌ كثيرُ

إنّما الدائرات في كل وقتٍ * ومكانٍ على الضعيف تدورُ

قال هذا هو الهُراء وما إنْ * لاٌحتجاجٍ تلغو به تأثيرُ

قلتُ في غَصَّة إذنْ فاٌصنَعا بي * ما تُريدانِهِ فإنِّي أسيرُ

عَذِّباني هنا إذا شئتُما أو * ألقِياني في النار وهْيَ تـثورُ

كنتُ لا أدري يوم كنتُ على الأرض طليقًا أنّ الممات ثُبورُ

وسأمشي إلى جَهَنَّمَ مدفوعًا وخلفي كالسَّيل جَمٌّ غفيرُ

إنما قد سألتُما عن أمورٍ * هِيَ ليست تُغني وليست تَضيرُ

ولماذا لمْ تسألـا عن ضميري * والفتى من يعفُّ منه الضميرُ؟

ولماذا لم تسألـا عن جهادي * في سبيل الحقوق وهْوَ شَهيرُ

ولماذا لم تسألـا عن ذيادي * عنْ بلادي أيام عَزَّ النصيرُ

ولماذا لم تسألـا عن وفائي * ووفائي لِمَنْ صَحِبْتُ كثيرُ

ولماذا لم تسألـا عن مَساعِيَّ لـإبطال الشَّرِّ وهْو خطيرُ

عن دفاعي عن النساء عليهِنَّ من الشقوة الرجالُ تَجُورُ

وسَلـاني عمّا نظمْتُ من الشِّعْر فبالشعر يرتقي الجمهورُ

وسَلـاني عن نصريَ الحقَّ وَثّابًا به وهْوَ بالسؤال جديرُ

إنما الشعر سُلَّمٌ للمعالي * ثمَّ فيه لأمَّةٍ تحريرُ

إنهُ تارة لقومٍ غِناءٌ * ليناموا وتارة تحذيرُ

وسلاني عن جَعْليَ الصِّدقَ كالصَّخر أساسًا تُبنى عليه الأمورُ

إنما الصدق فاسألانِيَ عنهُ * خيرُ ما تنطوي عليه الصّدورُ

وسَلاني عن حِفظيَ الفنَّ مِن أنْ * يعتريهِ قبل التَّمام الدُّثورُ

أسُكُوتٌ عن كلِّ ما هُوَ حقٌ * وسُؤالٌ عن كل ما هُوَ زُورُ

قال كلّ الذي عرضْتَ علينا * أيها الشيخ الهِمُّ شيءٌ حَقيرُ

نحنُ لسنا بسائلَين سوى ما * كان حول الدِّين المُبِين يَدورُ

فأَفِدْنا إن كنتَ ذا صِلةٍ بالدِّين واٌذكُرْ ماذا هو التقديرُ

ثمَّ زِدْ ما تقولُ في جبل القاف أحَقٌّ فحْواهُ أمْ أسطورُ

جَبَلٌ مِن زمُرُّدٍ نِصْفُ أهليهِ ذوو إيمانٍ ونصفٌ كفورُ

جبلٌ إن أرسلت طَرْفًا إليه * رَجَعَ الطرف عنهُ وهْو حَسيرُ

وبيأجوجَ ثمّ مأجوجَ والسّدّ وإنكار كلّ هذا غُرورُ

وبهاروتَ ثم ماروتَ والسِّحْر الذي أُسدلَتْ عليهِ السّتورُ

قلتُ ما لي بكلِّ ذلك عِلْمٌ * فبجَحْدي عقلي عَلَيَّ يُشيرُ

كنتُ حيًّا فمُتُّ والموتُ حقٌّ * شاهداتٌ بما هناك القبورُ

كنت فوق التراب بالأمس أمشي * وأنا اليوم تحتَهُ مقبورُ

إنما الموتُ وهْوَ لا بُدَّ مِنهُ * سُنَّةُ الله ما لها تغييرُ

قال دَعْ عنكَ ذا وقلْ ليَ مَنْ ربُّكَ مِن قبْلِ أنْ يَسوء المَصيرُ

قلتُ أمْهلني في الجواب رُوَيدًا * إنني الآن خائفٌ مذعورُ

لا تكنْ قاسيًا عَلَيَّ كثيرًا * أنا شيخٌ مُهَدَّمٌ مأطورُ

كان ظني أنَّ الأثير هو الرّبّ كريمًا يَمُدُّني ويُجيرُ

لم يزلْ لي عقيدة ذاك حتى * حالَ مِن هَول القبر فيَّ الشّعورُ

إنَّكَ اليومَ أنتَ وحْدَكَ ربِّي * بكَ أحيا في حُفرتي وأبورُ

إنَّك الجَبّارُ الذي سوف تبقى * تحت سُلطانِهِ العظيمِ القُبورُ

قال ما أنتَ أيّها الرِّجْسُ إلّـا * ملحِدٌ قد ضلَّ السبيل كَفورُ

ما جزاء الذين قد كفروا إلّـا * عذابٌ بَرْحٌ وإلّـا سَعيرُ

ثمَّ تَـلّـاني للجبين وقالـا * لِيَ ذُقْ أنت الفيلسوفُ الكبيرُ

قلتُ صَفْحًا فكلُّ فلسفتي قد * كان مما يُمليهِ عقلي الصَّغيرُ

ثم قولي من بَعْدِها: أنت ربّي * هُو منّي حَماقةٌ وقصورُ

لم تكن أقوالي الجريئة إلّـا * نفَثاتٍ يرمي بها المَصدورُ

قد أسأتُ التعبير فالله ربّي * ما لهُ في كل الوجود نظيرُ

فأجاباني قائلَينِ بصوتٍ * لا يسُرّ الأسماعَ منه الهديرُ

قُضِيَ الأمرُ فاٌستعِدَّ لضَربٍ * منه تدمى بعد البطون الظهورُ

لا يفيد الإيمان من بعد كفر * وكذا جَدُّ الطائشين عثورُ

وأمَضّاني بالمَقامع ضربًا * كدتُ منه في أرض قبري أغورُ

لم يكن فيهما يثير حنانًا * جَسَدٌ لي دامٍ ودمعٌ غزيرُ

ولقد صِحتُ للمضاضة أبغي * لِيْ مُجيرًا وأين منّي المُجيرُ

ثم صَبّا بقسوة فوق رأسي * قَطِرانًا لسوء حَظّي يفورُ

فشوى رأسيْ ثم وجهيَ حتى * بان مِثلَ المجدور فيه بُثورُ

ثم أحسَسْتُ أنّ رأسيَ يغلي * مثلما تغلي بالوقود القدورُ

وقد اٌشتـدَّتِ الحرارة في قبريَ حتى كأنهُ تَـنّورُ

وأطالا فيهِ عَذابي إلى أنْ * غاب وعيي وزال عني الشّعورُ

ثم لمّا انتبهْتُ ألفيتُ أني * مُوثَقٌ من يدي وحَبْلي مَريرُ

ثم طارا بي في الفضاء إلى الجَنّة حتى يَغرى بلَومي الضميرُ

ما أرادا إلّـا عذاب ضميري * بعد أن إيفَ جسمِيَ المقطورُ

وأسَرَّا في أذْن رِضوانَ شيئًا * فأباح الجوازَ وهو عسيرُ

لمَسَتْ إذ دخلتُها الوجهَ منّي * نفحةٌ فاح عطرُها والعبيرُ

أخَذَتنْي منها المشاهدُ حتّى * خِلتُ أنّي سكرانُ أو مسحورُ

جَنّةٌ عرضُها السّماوات والأرض بها مِن شتّى النعيم الكثيرُ

فطعامٌ للآكِلين لذيذٌ * وشرابٌ للشاربين طَهورُ

سَمَكٌ مقليٌّ وطير شَوِيٌ * ولذيذ من الشواء الطيورُ

وبها بعد ذلكمْ ثمَراتٌ * وبها أكوابٌ وفيها وخُمورُ

وبها دوحة يقال لها الطوبى لها ظلٌ حيث سِرتَ يسيرُ

تتدلّى غصونها فوق أرض * عرضُها من كل النواحي شُهورُ

وجَرَتْ تحتها من العسل المُشتار أنهارٌ ما عليها خفيرُ

ومن الخمرة العتيقة أخرى * طعْمُها الزنجبيلُ والكافورُ

ومن الألبان اللذيذة ما يشربُهُ خَلْقٌ وهْوَ بَعْدُ غزيرُ

ثمّ للسلسبيل يطفح والتسنيمُ ماءٌ يجري به التفجيرُ

وجميع الحصباء دُرٌ وياقوتٌ وماسٌ شعاعُهُ مستطيرُ

كل ما يرغبون فيه مباحٌ * كل ما يشتهونهُ ميسورُ

وعلى أرضها زَرابيُّ قد بُثّتْ حِسانًا كأنّهُنّ زُهورُ

وعليها أسِرَّةٌ وفِراشٌ * مثلما يهوى المؤمنون وثيرُ

وعلى تلكمُ الأسِرَّة حُورٌ * في حُلِيٍّ لها ونِعْمَ الحورُ

لسْنَ يَخْشَين في المَجانة عارًا * وإنِ اٌهتزَّ تحتهُنَّ السَّريرُ
 
كلّ مَن صلَّى قائمًا وتزكَّى * فمِن الحُور حَظّهُ موفورُ

ولقد يُعطى المرءُ سبعين حَوراءَ عليهِنَّ سُندُسٌ وحَريرُ

يتهادَين كالجُمان حِسانًا * فوق صَرْحٍ كأنه البَلُّورُ

حبَّذا أجيادٌ تَـلِعْـنَ وأنظارٌ بها كل مُبْصِرٍ مسحورُ

وخُصُورٌ بها ضُمورٌ وأعجازٌ ثِقالٌ تعيا بهِنَّ الخُصورُ

وكأن الوُلْدان حين يَطُوفون على القوم لؤلؤٌ منثورُ

إئتِ ما شِئتَهُ ولا تخْشَ بأسًا * لا حَرامٌ فيها ولا محظورُ

إنَّ فيها من الحدائق غابًا * تتغنّى من فوقهِنَّ الطيورُ

إنَّ فيها جميعَ ما تشتهيهِ النفسُ والعينُ واللُها والحُجورُ

فإذا ما اٌشتهيتَ طيرًا هوى مِن * غُصْنِهِ مَشْويًّا وجاء يَزورُ

طِينُها مِن فالوذجٍ لا يَمَلُّ المرءُ منهُ فهْوَ اللذيذ الغزيرُ

وإذا رُمتَ أن يحولَ لك التينُ دَجاجًا أتى إليك يطيرُ

أو إذا شئتَ أن يصير لك الحَصْباءُ دُرًّا فإنّهُ لَيصِيرُ

إنَّ فيها مشيئة المرء تأتي * عَجَبًا عنه يعجزُ الإكسيرُ

ليس فيها موتٌ ولا موبقاتٌ * ليس فيها شمسٌ ولا زمهريرُ

لا شِتاءٌ ولا خريفٌ وصيفٌ * أترى أنّ الأرض ليست تدورُ؟

جنّةٌ فوق جنّةٍ فوق أخرى * دَرَجاتٌ في كلِّهِنَّ حُبُورُ

وحِياضٌ قد أترعَتْ ورياضٌ * قد سقى الطلُّ زهْرَها وقُصُورُ

كلُّ هذا وكلّ ما فوق هذا * فبهِ طَرْفُ القوم فيها قَريرُ

ولقد حُلُّوا فوق ذلك فيها * فضة في أساور تستنيرُ

ولهُمْ فيها نعمةٌ بعد أخرى * ولهُمْ فيها لَذّةٌ وسُرورُ

ولقد رُمتُ شَرْبةً مِن نَميرٍ * فتيمَّمْتُهُ ففرَّ النميرُ

وكأنَّ الماء الذي شِئتُ أن أشربَهُ باٌبتعاده مأمورُ

وتذكَّرتُ أنني رَجُلٌ جيءَ بهِ كي يُراعَ منهُ الشعورُ
 
أيّ حق في أنْ أنال شرابي * بعد أن صحّ أنني مثبورُ؟

قلتُ عُودا من حيث قد جئتُما بي * إنّما هذهِ لهمِّي تُثيرُ

أنا راضٍ من البيوت بقبر * يتساوى عشيُّهُ والبكورُ

أيّها القبرُ اٌرحمْ طوالعَ شيبي * أنا في كَرْبتي إليكَ فقيرُ

أخرَجاني منها وشَدّا وثاقي * بنُسُوعٍ كما يُشَدُّ البعيرُ

ثمَّ قاما فدَلَّياني ثلاثًا * في صميم الجحيم وهي تفورُ

وأخيرًا في جوفها قذفا بي * مثلما يقذف المتاعَ الحقيرُ

لست أسطيع وصفَ ما أنا قد قاسيتُ منها فإنهُ لَعَسيرُ

ربِّيَ اٌصرفْ عني العذاب فإني * إن أكنْ خاطِئًا فأنتَ الغفورُ

وكأنَّ الجحيم حُفرة بركان عظيم لها فمٌ مغفورُ

تدلعُ النارُ منه حمراءَ تُلقي * حِمَمًا راح كالشّواظ يطيرُ

ثم أني لها سمِعتُ حسيسًا * فاٌقشَعَرَّتْ منهُ برأسي الشُّعُورُ

خالطتهُ اٌستغاثة القوم فيها * كهَرير إذا استمرّ الهريرُ

إنها في أعماقها طبقاتٌ * بعضُها تحت بعضها محفورُ

وأشَدُّ العذاب ما كان في الهاوية السفلى حيث يطغى العسيرُ

حيث لا ينصر الهضيمَ أخوه * حيث لا يُنجدُ العشيرَ العشيرُ

الطعامُ الزقّوم في كل يوم * والشرابُ اليَحمومُ واليَحمورُ

ولقد يُسقى الظامئون عصيرًا * هُو من حنظل وساءَ العصيرُ

ولهُمْ من بعد الزفير شهيقٌ * ولهمْ من بعد الشهيق زفيرُ

ولهمْ فيها كلّ يوم عذاب * ولهمْ فيها كل يوم ثبورُ

ثمّ فيها عقاربٌ وأفاعٍ * ثم فيها ضراغمٌ ونُمورُ

يضرعُ المجرمون فيها عِطاشًا * والضراعاتُ ما لها تأثيرُ

ولهُمْ مِن غيظ تأجّج فيهِمْ * نَظَراتٌ شرارُها مستطيرُ

وُقِدتْ نارُها تئزّ فتغلي * أنفسٌ فوق جَمْرها وتخورُ

ولقد كانتِ الوجوهُ من الضّالين سُودًا كأنهُنّ القِيرُ

ولقد كانت الملامحُ تخفى * ولقد كانت العيون تغورُ

لست أنسى نيرانها مائجات * تتلظى كأنهُنَّ بُحورُ

ولقد صاح الخاطئون يريدون نصيرًا لهُمْ وعزَّ النصيرُ

وتساوى أشرافهُمْ والأداني * وتساوى غنيّـهُمْ والفقيرُ

كنت أمشي فيها فصادفتُ ليلى * بين أترابٍ كالجُمان تسيرُ

فوق جَمر يشوي ونار تَلَظّى * وأفاعٍ في نابهِنَّ شُرورُ

وعيونُ الحسناء مُغرورقاتٌ * بدموع فيها الأسى منظورُ

قلت ماذا يُبكي الجميلة؟ قالتْ * أنا لا يبكيني اللظى والسعيرُ

إنما يُبكيني فراقُ حبيبي * وفراق الحبيب خَطْبٌ كبيرُ

هُوَ عنيَّ ناءٍ كما أنا عنهُ * فكِلانا عَمّن أحَبَّ شَطيرُ

فرَّقوا بيننا فما إنْ أرى اليومَ سميرًا ولا يراني سميرُ

قذفوهُ في هُوَّةٍ ليس منها * مَخرَجٌ للمقذوف فهي قَعورُ

أوهِ إنّ الفراق أصعَبُ مِن كلِّ عذاب يشقى به الموزورُ

ولو اٌنّا كنا جميعًا لخَفّ الخطبُ في قُربهِ وهان العسيرُ

لا أبالي نارًا وعندي حبيبي * كلُّ خَطْب دون الفراق يسيرُ

قلتُ ماذا جنيتِ في الأرض حتى * كان حَتمًا عليكِ هذا المصيرُ؟

فأجابتْ قد كان لي وسميرًا * قبل أن نردى للجحيم نكورُ

جَهْلُنا للجحيم أوجَبَ أنّا * بعد أن نردى للجحيم نزورُ

ولقد أبصَرتُ الفرزدق نِضوًا * يَتلوّى ووجهُهُ معصورُ

وإلى جنبهِ يقاسي اللظى الأخطلُ مستعبرًا ويشكو جَريرُ

قلتُ ما شأنكُمْ فقالوا دَهانا * من وراء الهجاء ضَرٌّ كثيرُ

ولقد كان آخرون حواليهِمْ جثومًا وكلُّهُمْ موتورُ

مِنهُمُ العالِمُ الكبيرُ ورَبُّ الفنّ والفيلسوفُ والنِّحريرُ

لم أشاهد بعد التلفّت فيها * جاهلًـا ليس عنده تفكيرُ

إنّما مثوى الجاهلين جِنانٌ * شاهقاتُ القصور فيها الحُورُ

غيرَ قِسْمٍ هُوَ الأقلُّ سعى يُصْلِحُ حتى اٌهتدى به الجمهورُ

ثم حَيّاني أحمدُ المتنبّي * والمَعَريُّ الشيخ وهو ضَريرُ

وكلا الشاعِرَين بَحْرٌ خِضَمٌّ * وكلا الشاعرين فحْلٌ كبيرُ

ولقد كاد يخنق الغيظُ بشّارًا وفي وجهه الدميم بُثورُ

وهُو الشاعر الذي ظلَّ ما قال طريفًا وإن طوته العصورُ

ويَليهِمْ أبو نؤاسَ كئيبًا * وَهْوَ ذاك المِمْراحةُ السِّكِّيرُ

مِثْلُهُ الخيّامُ العظيمُ ودَنْتِي * وإمامُ القريض شاكِسبيرُ

ولقد كان لاٌمرىء القيس بين القوم صَدْرٌ وللمُلوكِ صُدورُ

قلتُ ماذا بكُمْ فقالوا لقِيْنا * مِن جزاءٍ ما لا يُطيق ثَبيرُ

إنّنا كُنّا نستخِفّ بأمر الدِّين في شِعْرِنا فساءَ المَصيرُ

وسَمِعْتُ الخيّامَ في وَسَط الجَمْع يُغنّي فيَطرَب الجمهورُ

مُنشِدًا بينهُمْ بصوتٍ شَجيٍّ * قِطعةً مِن شِعْر غِذاهُ الشّعورُ

حبّذا خمرةٌ تُعِينُ على النيران حتّى إذا ذَكَتْ لا تَضِيرُ

وتُسَلِّي من اللهيب فلا يبقى متى شبَّ منهُ إلّـا النورُ

تُشْبِهُ الخَنْدَريس ياقوتة ذابتْ ففيها للناظرِينَ سُرورُ

وهْيَ مِثل النار التي تتلظّى * ولها مِثلما لهذي زفيرُ

ثمّ أنّي بالخندريس لصَبٌّ * ومن النار والجحيم نَفورُ

إسْقِني خمرة لعلِّي بها أرجعُ شيئًا ممّا سبَتْني السَّعيرُ

وصِلِيني بالله أيّتها الخمرة إنّي اٌمرؤٌ إليكِ فقيرُ

أنتِ لو كنتِ في الجحيم بجَنبي * لمْ تَرُعْني نارٌ ولا زمهريرُ

ثمّ أني سَمِعْتُ سُقْراط يُلقي * خُطْبة في الجحيم وهي تفورُ

وإلى جنبهِ على النار أفلاطونُ يُصغي كأنَّهُ مسرورُ

وأرسطاليسُ الكبيرُ وقد أغرق منهُ المشاعرَ التفكيرُ

ثم كوبرنيكُ الذي كان قد أفهَمَنا أنّ الأرض جُرْمٌ يَدورُ

تَتْبَعُ الشمسَ أينما هِيَ سارتْ * وعليها مثل الفَراش تطيرُ

ثم دَرْوينُ وهْوَ مَن قال إنّا * نسْلُ قِردٍ قد طوَّرتهُ الدهورُ

ثم هيغلْ وبُخْنُرٌ وجِسِنديْ * ويليهِمْ سِبِنسَرُ المشهورُ

ثم توماسُ ثم فِخْتُ ومنهمْ * إسْبنوزا وهُلْبَكٌ وجيورُ

ونيوتونُ الحَبْرُ ثمّ رِنانٌ * ثم روسو ومِثلُهُ فولتيرُ

وزرادشْتُ ثم مِزدِكُ يأتي * وجُموعٌ أمامَهُمْ أبِقورُ

والحكيمُ الكِنديُّ ثمَّ اٌبنُ سينا * واٌبنُ رُشْدٍ وهْوَ الحفيُّ الجَسورُ

ثمّ هذا أبو دُلامَةَ مِنهُمْ * بَعْدَهُ الراونديُّ ثمَّ نَصِيرُ

وجماعاتٌ غيرهُمْ كلُّهمْ جَلْدٌ على نارها وكُلٌّ صَبُورُ

كان سُقراطُ أثْبَتَ القومِ جأشًا * فهْوَ ذو عزمٍ فائقٍ لا يخورُ

قال مِن بَعْد شَرْحِهِ مَنشأ النار وفي قولِهِ إليها يُشيرُ

سوف يقضي فينا التطوّرُ أن نقوى عليها وأن تهُون الأمورُ

إنَّ في ذا الوادي السَّحيق عيونًا * ثَرَّةً للبترول منها يفورُ

ولقد تنضبُ العيونُ فلا نارٌ ولا ساعرٌ ولا مسعورُ

ثمَّ لمّا أتمَّ خُطبتَهُ عَجّوا له هاتفين وهو جَديرُ

ورأيتُ الحَلّـاجَ يرفعُ منهُ الطّرف نحو السماء وهْوَ حَسيرُ

قائلًـا أنت الله وحدك قُيّومًا وأمّا الأكوان فهْيَ تَبورُ

أنت من حيثُ الذات لست كثيرًا * غير أنَّ التجَلِّيات كثيرُ

إنّكَ الواحدُ الذي أنا منهُ * في حياتي شرارةٌ تستطيرُ

وبهِ ليْ بعد الظّهور خَفاءٌ * ولهُ بيْ بعد الخفاء ظهورُ

لِمَ شِئتَ العذابَ لي ولماذا * لمْ تُجِرْني وأنتَ منهُ المُجيرُ؟

كان في الدنيا القتلُ منهُمْ نصيبي * ونصيبي اليومَ العذابُ العَسِيرُ

قلتُ أنّ المقدور لا بدَّ مِنهُ * أوَ حتى إن أخطأ المقدورُ

مكثوا حتى جاء منهمْ حكيمٌ * باختراع لم تنتظره الدهورُ

آلةٌ تطفِيءُ السعيرَ إذا شاء فلا تُحْرقُ الجسومَ السَّعيرُ

وأتى آخرٌ بخارقةٍ يهلك في مرَّة بها الجُمهورُ

واٌهتدى غيرُهُ إلى ما به الإنسان يَخفى فلا يراهُ البَصيرُ

ولقد قام في الأخير فتىً يخطبُ فيهِمْ والصوت منه جَهُورُ

فأحاطت به الملايينُ يصغون إليه وكلُّهُمْ موتورُ

قال يا قومَنا جهنمُ غصّتْ * بالألى يُظلمون منكم فثوروا

قال يا قومَنا أرى الأمْرَ مِن سُوءٍ إلى الأسوأ الأمضِّ يسيرُ

قال يا قومنا اٌحتملتُمْ من الحَيف ثِقالًـا يعيا بهِنَّ البَعيرُ

قال يا قوم إنّ هذا الذي أنتمْ تُقاسونهُ لشيءٌ كثيرُ

قال يا قومُ إننا قد ظُلِمْنا * شرَّ ظُلْمٍ فما لنا لا نثورُ؟

ومِن الناس مَن قضى الله أنْ يَكفُرَ والموتُ منهُ دانٍ يزورُ

فهَلِ الحقّ أن يُخَـلَّـدَ في النار على الكُفر ساعةً مجبورُ؟

قال يا قوم لا تخافوا فما فوق شُرورٍ تُكابدونَ شُرورُ

اجسروا أيها الرفاقُ فما نال بعيدَ الآمال إلا الجَسورُ

إنما فاز في الجهاد من الناس بآماله الكبارِ الكبيرُ

أنتمُ اليومَ في جَهَنَّمَ أسرى * وليكُنْ مِنكُمُ لكُمْ تحريرُ

قاوِموا القوّة التي غـشمتْ بالمِثْل والدَّهرُ للقويِّ ظَهيرُ

أنتمُ اليومَ الأكثرون وأمّا * عددُ الحارسين فهْوَ صَغيرُ

أيَّ شيءٍ نخاف منهم وإنَّا * لو تحدَّيناهُمْ لجَمٌّ غفيرُ؟

أيّها الناسُ دافِعوا عن حقوق * غصَبُوها والكاثرُ المنصورُ

أَلِـأهْلِ الجحيم بُؤسٌ وتَعْـسٌ * ولِمَنْ حَلَّ في الجِنانِ سُرورُ؟

أَلنا أسفلُ الجحيم مَقامٌ * ولهُمْ في أعلى الجنان قصورُ؟

كلُّ ما قد أصابكمْ من عذابٍ * فلهُ مِمَّن في السماء صُدورُ

إنَّ أهل القضاء ما أنصفوكُمْ * فكأنَّ القلوبَ مِنهُمْ صُخُورُ

إنهُمْ قد جاروا عليكمْ أشدَّ الجور منهمْ وما لهمْ أن يجوروا

قد خَدَمْنا العلومَ شتّى بدنيانا فهَلْ مِنْ حُسْن الجَزاء السَّعيرُ؟

كان في تلكُمُ اٌضطهادٌ وقتلٌ * ثمَّ في هذه العذابُ الدَّهيرُ

فعَلـا مِن أهل الجحيم ضَجيجٌ * رجَفَ الوادي منهُ والسّاعورُ

ولقد هاجوا في الجحيم وماجوا * كخِضَمٍّ مرَّتْ عليه الدَّبورُ

أطفأوا جمرةَ الجحيم فكانتْ * فتنة ما جرى بها التقديرُ

ثورةٌ في الجحيم أرجفتِ العَرشَ وكادتْ منها السماء تَمورُ

لبسُوا عدَّةَ الكفاح وساروا * في نظامٍ أتمَّهُ التدبيرُ

زحفوا ثائرين من كل صوبٍ * في صفوفٍ كأنهُنَّ سُطورُ

للأناشيد ينشدون بصوتٍ * في النفوس الحَرّى لها تأثيرُ

غَصَبوا حَقّكُمْ فيا قومُ ثوروا * إنَّ غصْبَ الحقوق ظُلمٌ كبيرُ

غَصَبوا حَقَّنا ولمْ يُنصِفونا * إنما نحن للحقوق نثورُ

لكُمُ الأكواخ المَشِيدةُ بالنار وللبُلْهِ في الجنان القُصورُ

غصبوا حقنا ولم ينصفونا * إنما نحن للحقوق نثورُ

إن خضعْتمْ فما لكمْ مِن نصيبٍ * في طوال الدهور إلّـا السَّعيرُ

غصبوا حقنا ولم ينصفونا * إنما نحن للحقوق نثور

ما حياةُ الإنسان إلا جهادٌ * إنما تُؤْثِرُ السكونَ القبورُ

غصبوا حقنا ولم ينصفونا * إنما نحن للحقوق نثور

إنما النارُ للذين لديهِمْ * قد تسامى الإحساسُ بئسَ المصيرُ

غصبوا حقنا ولم ينصفونا * إنما نحن للحقوق نثورُ

ولقد أسْرَعَتْ زبَانيةُ النار إليهِمْ وكلّهُمْ مذعورُ

يالها في الجحيم حربًا ضروسًا * ما لها في كل الحروب نظيرُ

ولقد عاضَدَ الذكورَ إناثٌ * ولقد عاضد الإناثَ الذكورُ

ولقد كانوا يفتكون ولا يُبْصَرُ منهمْ مهاجمٌ أو مُغيرُ

ولقد كانت البطونُ تَفرَّى * ولقد كانتِ الرؤوس تطيرُ

ثم جاءتهمُ الشياطين أنصارًا وما جَيشُ الماردين حقيرُ

كان إبليسُ قائدًا للشياطينِ وإبليسُ، حيثُ كان، قديرُ

ولقد جاء من ملائكة العرش لإرجاع الأمن جَمٌ غفيرُ

والذي قد قادَ الملائكَ منهُمْ * هُوَ عزرائيلُ الذي لا يخورُ

فهْيَ بين الملائك البيض صَفًّا * والشياطين السُّود صفًّا تثورُ

وتلاقى فوق الجحيم الفريقان وهذا نارٌ وهذا نورُ

فصِدامٌ كما تَصادَمُ أجبالٌ رواسٍ ومثلهُنَّ بحورُ

وصراخُ الجرحى إلى العرش يعلو * وجُروحُ المُجندلين تفورُ

يترامون بالصواعق صَفّين فيشتدّ القتلُ والتدميرُ

حاربوا بالرياح هُوجًا وبالإعصار في نارِهِ تذوبُ الصخورُ

حاربوا بالبروق تومضُ والرعدُ فيغلي في صوتهِ التامورُ

حاربوا بالبحار تلقى على الجيش بحَولٍ وماؤها مسعورُ

حاربوا بالجبال تُقذَفُ بالأيدي تباعًا كأنهنّ قشورُ

بالبراكين ثائراتٍ جرتْ من * حِمَمٍ فيها أبحُرٌ ونُهورُ

وقد اهتزّ عرشُ ربِّك مِنْ بَعْدِ سُكونٍ والدائراتُ تدورُ

ولقد كادتِ السماواتُ تهوي * ولقد كادت النجوم تغورُ

كانت الحرب في البداء سِجالًـا * ما لِصُبح النّصر المبين سُفورُ

ثمّ للناظرين بان جَلِيًّا * أنّ جيشَ الملائكِ المدحورُ

هزمُوهُمْ إلى معاقلِهمْ في الليل حتى بدا الصباحُ المنيرُ

ولأهل الجحيم تمَّ بإنجاد الشياطين في القتال الظهورُ

فاستراحوا من العذاب الذي كانوا يقاسونهُ وجاء السُّرورُ

لم يخوضوا غمارَها قبل أنْ تحْكمَ فيها الآراءُ والتدبيرُ

ثم طاروا على ظهور الشياطين خِفافًا كما تطيرُ النسورُ

يطلبون الجنان حتى إذا ما * بلغوها جرى نضالٌ قصيرُ

ثم فازوا بها وقاموا بما يوجبه النصرُ والنهى والضميرُ

طردوا مَن بها من البُلْهِ واٌحتلّوا القصورَ العُليا ونِعْمَ القصورُ

غَيْرَ مَن كانوا مُصْلِحِين فهذا القِسمُ مِنهمْ بالإحترام جديرُ

فرَّ رضوانُ للنجاة ومِن أتباع رضوان مُسرعًا جُمهورُ

وأقاموا لفتحِهِمْ حفلةً أعقبها منهمُ الهُتافُ الكثيرُ

إنهُ أكبرُ انقلاب بهِ جادتْ على كرِّها الطويل الدهورُ

وتنبَّهْتُ مِن مناميَ صُبْحًا * فإذا الشمسُ في السماء تُنيرُ

وإذا الأمرُ ليس في الحقّ إلّـا * حُلُمًا قد أثارهُ الجرجيرُ
¤ ¤ ¤

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

بـرج … بـابـل

سرسبيندار السندي 

 

كانت ( ك ) كغيرها من بنات جنسها تحب الإطلاع على ألأبراج ، ولكنها كانت في قرارة نفسها تشعر بعدم صحتها لابل تناقضها وخاصة ما كان يتعلق ببرجها ، وبقى حال برجها هكذا يعكر صفوة حياتها معظم أيام السنة ، حتى يوم خطوبتها إذ إكتشفت أن يوم ميلادها يطابق يوم ميلاد خطيبها وهو ألأول من تموز ، ولكن الفرحة لم تدم عندما إكتشفت في شهادة عماذها أن يوم ميلادها ليس ألأول من تموز ولا حتى تاريخ ميلادها كما هو مدون في دفتر نفوسها ، ولكن من خلال مرارة الصدمة برز لها خيط برجها الحقيقي والذي كان في كثير من ألأحيان يطابق سلوكها وشعورها ، عندها أدركت المسكينة أن سبب سوء حظها وحظ غالبية العراقيين وتعاستهم وإزدواج شخصيتهم كان بسبب إزدواج أبراجهم ، لأنهم لم يدركو أن أبراجهم الجديد كانت ملعونة كبرج بابل ؟

تنويــه

   شهادة العماذ : شهادة تعطيها الكنيسة لأطفالها المعمدين فيها ؟

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

هل سيكون محمد مرسي الشعرة التي تفصم ظهر الثورة السورية؟

طلال عبدالله الخوري    23\8\2012

عندما نقول محمد مرسي نعني بذلك جماعة الإخوان المسلمين المصرية, والتي لا تخف إعجابها بثورة الخميني بإيران, لا بل تعتبر أن نظام الولي الفقيه في إيران هو الحلم الذي تسعى لتحقيقه بنسخة سنية منذ نشوء هذه الجماعة على يد مرشدهم حسن البنا وحتى الأن؟

أسوء سيناريو يمكن أن ينتظر الثورة السورية هو ان تتحالف مصر الاخوانية المرسية مع الولي الفقيه الإيراني وخطه (المقاوم) (طبعا المقاوم بين قوسين لان مقاومتهم هي لحفظ انظمتهم الاستبدادية بالحكم ليس إلا) والذي يتضمن النظام الأسدي بسوريا وحزب الله بلبنان وحماس بغزة, لكي تزيد من مآسي شعبنا السوري وتكون القشة التي ستفصم ظهر الثورة السورية,

بدون انضمام مصر لهذا الحلف فان الدعم والمساندة الذي يقدمه نظام الولي الفقيه بإيران للنظام السوري على كل الأصعدة اللوجستية والعسكرية والمالية والسياسية, قد أدمى كاهل الثورة السورية وكلف الشعب السوري حوالي ثلاثين ألف شهيد حتى الأن, معظمهم من النساء والأطفال, هذا عدى الدمار الهائل بالممتلكات والبنية التحتية, وبالكاد هذه الثورة تتابع مسيرتها مع وجود معارضة سورية غبية ومفككة, فما الذي سيحدث إذا انضمت مصر لهذا المحور الشيطاني الذي يؤذي ويضر الشعب السوري منذ نشوئه؟

ما هي  مبررات مخاوفنا هذه؟

اولاً: من أدبيات الاخوان المسلمين قيام الخلافة والحكم الإسلامي, اي بكلام اخر حكم الولي الفقيه, وهم يعتبرون انجاز النظام الايراني لنموذج الدولة الأسلامية هو الحلم الذي يسعون اليه.

ثانياُ:كنا نتمنى بأن يكون قد حصل تطور حقيقي على سياسة وادبيات الاخوان المسلمين, وأن ينهجوا نهج الحزب الأسلامي التركي وهو حزب العدالة والتنمية , ولكن للآسف فان صلاحيات حزب العدالة والتنمية في دولة علمانية متطورة اقل بكثير من الحدود الدنيا لطموح حزب الاخوان المسلمين الرجعي وذو الجذور الاستبدادية في الحكم الإسلامي؟
وكلنا نذكر كيف هاجم الاخوان المسلمين رجب طيب اردوغان عندما قال في زيارته لمصر بانه رئيس مسلم لدولة علمانية! فهم يعتبرون العلمانية كفر والعياذ بالله؟

ثالثاً: عندما اراد نظام الولي الفقيه في ايران ضرب استقرار مصر, في عهد عدوهم مبارك, عن طريق إدخال عملاء من حزب الله للقيام بعمليات ارهابية بمصر, استماتت جماعة الإخوان المسلمين في الدفاع عن الارهابيين ضد مصالح شعبهم, فكما قال مرشدهم طظ بمصر وابو مصر ويلي بمصر, فالمهم هو الخلافة الاسلامية وليس لديه مانع من ان يكون الحاكم لمصر مسلماُ ولو كان من اندونيسيا, أي بكلام اخر فأن نظام الملالي الإسلامي الشيعي  في إيران أقرب لهم من أي نظام غير اسلامي وغير  مبني على مبدأ الخلافة في مصر السنية, وهذه من المسلمات بالنسبة لهم.

رابعاُ: لقد اظهر الأخوان المسلمين تعاطفا كبيراً مع ما يسمى ممانعة نظام الأسد الكاذبة وارسلوا القرضاوي كوسيط لكي يصالح بين النظام الاسدي ( الممانع) مع الاخوان المسلمين السوريين ( والذين هم من نفس نوع الممانعة ويا للصدف)!

خامساً: مما يزيد من مخاوفنا هو ان الرئيس محمد مرسي والذي وصل للسلطة عن طريق الانتخابات الديمقراطية, قد قام بعدة خطوات شمولية و غير ديمقراطية, حيث انه عمد إلى إقالة كبار المسؤولين العسكريين، و أصدر إعلاناً دستورياً يمنحه صلاحيات تنفيذية وتشريعية كاملة، فضلاً عن سلطة اختيار المسؤولين عن صياغة الدستور المصري الجديد, وبالتالي يصبح محمد مرسي يمتلك السلطات التشريعية والتنفيذية اي بمعنى اخر الحاكم الشمولي لمصر.

لقد قالها محمد مرسي صراحة بأنه ضد التدخل الخارجي بسورية, وهذا حق يراد به باطل, وهذا بالضبط ما تريده ايران والنظام الأسدي الاستبدادي, لكي يستفردوا بالشعب السوري الأعزل ويقضوا على ثورته المطالبة بالحرية والكرامة, باسلحتهم الفتاكة من دبابات وطائرات وقنابل فراغية وربما الأسلحة الكيميائية والبيولوجية.

 استناداً إلى الأدلة المتوافرة حتى اليوم، سيستعمل الرئيس المصري صلاحياته الواسعة لتنفيذ أجندة “الإخوان المسلمين” المتطرفة, من ولاية الفقيه و الخلافة الاسلامية, الى مساندة ايران وخطها (الممانع) مع النظام السوري, اي وقوفها ضد الثورة السورية, والمساهمة بإجهاض الثورة السورية.

سادساً: لقد استقبل الرئبس مرسي وفوداً رفيعة المستوى من حماس, و رحب بنائب الرئيس الإيراني, ودُعي إلى حضور اجتماع “حركة عدم الانحياز” المرتقب في طهران   وهذه خطوات لا تدعو للتفاؤل بمستقبل مصر او سوريا.

من كل ما سبق نرى بأن توجه الأخوان المسلمين بمصر هو الوقوف بجانب نظام الاسد الاستبدادي وضد الشعب السوري, مما سيضاعف من محنة الشعب السوري وإطالة امد ثورته, وبالتالي إعطاء طاغية سوريا الفرصة لابادة الشعب السوري.

من المهم جداً معرفة رأي جماعة الإخوان المسلمين  السورية بخطط مرسي من ناحية سوريا؟
المطلوب من جماعة الاخوان السورية وبشكل عاجل التعليق على مقالتنا هذه باكبر سرعة, لكي يعرف الشعب السوري مدى وطنية الاخوان المسلمين السوريين وهل هي باي حال من الاحوال احسن من وطنية نظرائهم المصريين؟ نحن نشك بذلك ونتمنى ان يثبتوا لنا العكس!

http://www.facebook.com/pages/طلال-عبدالله-الخوري/145519358858664?sk=wall

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | 2 Comments

السلاح بيد بشار الأسد يجرح

طلال عبدالله الخوري   22\8\2012

عنوان المقالة يأتي من المقولة السورية “ السلاح بيد الجبان يجرح”؟

دأبت الأنظمة الشمولية الاستبدادية على امتلاك كل انواع أسلحة التدمير الشامل لكي تستخدمها ضد شعوبها وتهدد العالم بها فيما اذا اهتزت عروش هذه الانظمة.
 أي بدلا  من ان تعتمد هذه الأنظمة على شعوبها لكسب شرعية واستمرارية حكمها, لجأت الى امتلاك هذه الأسلحة من اجل تثبيت حكمها.

 لقد قامت عائلة الأسد بإنشاء وامتلاك أسلحة متعددة, لكي يخيفوا بها ويرفعوها بوجه الشعب السوري, والمجتمع الدولي بشكل عام, ودول الجوار بشكل خاص, فيما إذا كان هناك خطر على استمرارية حكمها واستعبادها للشعب السوري, لأنها كانت تعرف بشكل مسبق بأن حكمها غير شرعي وسيأتي اليوم الذي سينهض به الشعب السوري ويطالب بالحرية والكرامة.

في هذه  المقالة سنحاول ان نعدد ونصنف الأسلحة التي يملكها النظام السوري  والتي يشهرها بوجه شعبه ودول الجوار والعالم:

اولاً سلاح الطائفية والعرقية

استخدمت عائلة الأسد بشكل خسيس لسلاح الطائفية والعرقية, حيث قامت باللعب على وتر الطائفية, مثل تخويف الطائفة العلوية والمسيحية من ألأكثريه السنية, أو القيام بقتل جماعات من طائفة معينة وإلصاق التهمة بطائفة مضادة لإشعال نار الحرب الطائفية بين الإخوة من أبناء الوطن الواحد. ولقد تم إثبات استخدام النظام لسلاح الطائفية بكل من سو ريا ولبنان والعراق وهو يهدد العالم بالمجازر الطائفية التي ستقع بحق الاقليات فيما اذا سقط حكمهم.
كذلك استخدم النظام الصراع العرقي حيث استغل الصراع بين العرب والأكراد,  وبين الاكراد والأتراك او بين الاكراد والعراقيين.

ثانياً: سلاح الإرهاب

إرهاب الشبيحة: وهي المليشيات الغير رسمية و الخاصة بالنظام الاسدي والتي تقتل بالمدنيين السوريين من غير رحمة ضاربة بعرض الحائط بكل المواثيق الدولية وحقوق الانسان.

إرهاب الحرس الجمهوري وهو جيش النظام الاسدي من نخبة الجنود والمدربين بشكل عالي ونوعي.

إرهاب حزب الله اللبناني, وفيلق القدس الإيراني ضد الشعب السوري واللبناني وحتى تهديد العالم المتحضر من عمليات إرهابيه ضد مصالحهم ومواطنيهم.
لقد اصبح معروفا كيف هدد نظام الأسد مؤخرا تركيا بالجماعات الكردية المسلحة, وها هو الولي الفقيه خامنئي يهدد العالم بالارهاب اذا وقف العالم مع مطالب الشعب السوري في الحرية والكرامة.

ثالثا: الأسلحة الكيميائية والبيولوجية

حسب موسوعة  ويكيبيديا
“تستخدم الأسلحة الكيميائية لتدمير أو تحجيم أو الحد من نشاط مجموعة بشرية معينة لتحقيق أهداف مختلفة، حيث أن ما تتميز به الأسلحة الكيميائية هو التأثير غالبا على الكائنات الحية فقط. وتصنف الأسلحة الكيميائية عدة تصنيفات، إما حسب شدة تأثيرها أو حسب إمكانية السيطرة عليها والحد من سرعة انتشارها.
و يمكن تقسيم الأسلحة المستخدمة في الحرب الكيماوية إلى “عوامل كيماوية سامة”
 وغازات قتال تتراوح فاعليتها وتأثيرها على البشر، و”المواد المبيدة للنبات” و”القنابل الحارقة”. ويُمكن استخدام عدة وسائط لإيصال هذه الأسلحة إلى أهدافها، كالمدفعية والهاونات وقنابل الطائرات والصواريخ والرش من الجو والألغام والقنابل اليدوية وقاذفات اللهب.

تتكون الأسلحة البيولوجية من مكونات بكتيرية سامة أو سموم بكتيرية وتعتبر خطورتها في انتشارها وتعتبر اخطرها هي الجدري والجمرة الخبيثة والسرطان وتعمل علي حرق الإنسان وتشويه جسده وهو من اخطر الاسلحه الموجودة علي وجهه الأرض الي الآن حيث انه فاق السلاح النووي في الحروب من حيث القوة التدميريه والاثار المترتبه عليه .”. انتهى اقتباس ويكيبيديا.

تتعمد الكثير من الأنظمة الاستبدادية بالعالم لامتلاك أسلحة الدمار الشامل مثل الأسلحة النووية والأسلحة الكيماوية والبيولوجية, وذلك لإرهاب العالم بهذه الأسلحة فيما إذا حاول العالم مساعدة الشعوب المستعبدة للتحرر من استبداد أنظمتهم الشمولية مثل النظام الايراني للولي الفقيه والنظام الكوري الشمالي, ونظام الأسد القمعي.

لقد امتلك نظام الأسد الاستبدادي في سوريا مخزون هام من الأسلحة الكيميائية, والبيولوجية, مما أخاف العالم المتحضر من وقوع هذه الأسلحة بأيد منظمات إرهابيه متطرفة, تقوم باستخدامها ضد شعوبهم.
وبهذه الطريقة الجبانة استطاع نظام الأسد من أن يجعل من تدخل  اميركا والغرب لمساعدة الشعب السوري وانقاذه من حرب الابادة التي يشنها الطاغية عليه, أمر شديد التعقيد للغاية, مما اطال بالنهاية من عمر النظام من جهة, ولكن زاد من معاناة الشعب السوري من جهة اخرى.

السؤال الحيوي هنا هو: هل ستنقذ هذه الأسلحة الدينيئة بيد الجبان بشار الأسد نظامه من السقوط؟
التاريخ يجيب على هذا السؤال ويقول بأنه لم ينتصر قط مستبد ضد شعبه والنصرة بالنهاية للشعب السوري التواق للحرية والكرامة.

http://www.facebook.com/pages/طلالعبداللهالخوري/145519358858664?sk=wall

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment