تعلَّم-ي بحور الشعر (18) المضطرب

 رياض الحبيّب  السبت، 01 أيلول 2012، 10:58
خاص: موقع لينغا

لا شكّ في أنّ المُتعَب يحتاج إلى الراحة والسَّهْـران إلى النوم والقلِق إلى الطمأنينة والمضطرب إلى الهدوء. فالراحة والنوم والطمأنينة والهدوء ردود فعل طبيعيّة يحتاج إليها كل كائن فيه نسمة حياة. أمّا المضطرب الذي يُسَلِّم نفسه إلى أقسى درجات الألم بدل الراحة ويُسَلِّم جسده إلى أشدّ أنواع العذاب بدل الهدوء وهو يدري أن جسده سيتعرّض للموت، يستحق وقفة تأمّل طويلة وقد يصعب على المتأمِّل في هذه الحالة الشائكة أن يصل إلى نتيجة مقنِعة. هو ما حصل لي يوم كنت يافِعًا، إذ عَلِمْتُ أنّ على المسيحي أن يحبّ الله ويحبّ أخاه بالإنسانيّة وعليه أن يستعدّ لأيّ ضيق من المُحتمَل أن يعترض حياته وإن كان مطمَئِنًّا إلى أنّه بعد الموت سيحظى بعِـشرة مع المسيح في ملكوته. لكنّني احتجْتُ إلى إرشاد الروح القدس لتفسير حالة الإضطراب التي انتابت السيّد المسيح قُبَيل تسليمه إلى القضاءَين اليهودي والروماني، إذ فهمت جميع أسباب الإضطراب المذكور في العهد الجديد في أماكن عدّة إلّـا اضطراب يسوع الرّوحي: {لمّا قال يسوع هذا اضطرب بالروح وشهد وقال الحقّ الحقّ أقول لكم إنَّ واحدًا منكم سيُسَلِّمُني} يوحنّا 21:13 وكان تساؤلي أوّلًـا: مِمّا اٌضطرب الربّ يسوع؟ وثانيًا: لماذا اضطرب الربّ يسوع؟ في وقت توقّعتُ أنه سيقابل التسليم وتبعاته الصلب بأعلى درجات الغبطة؛ إذ أوشك مشروع الفداء على النهاية، لبدء عهد جديد مبارك بحلول النعمة، بعد عهد ناموس موسى النبيّ، عهد الشريعة الطويل المدى ذي الثواب والعقاب
 
إليك الآيات التي ورد فيها الفعل “اضطرب” في العهد الجديد؛ بحسب موقع الإنجيل المُدوّن أدنى وموقع البشارة أيضًا، ذلك لأنّ أيّ موقع الكتروني مُعرّض للعطل ومحتاج إلى الصيانة فمن الضروري الحصول ما أمكن على أزيد من مصدر لتصفّح الكتاب المُقدَّس: {مَتّى 3:2 فلمّا سَمِعَ هيرودس الملك اضطرب وجميع أورشليم معه. مَتّى 26:14 فلمّا أبصرَهُ التلاميذ ماشيًا على البحر اضطربوا قائلين إنهُ خيال. ومن الخوف صرخوا. مرقس 50:6 لأنّ الجميع رأوه واضطربوا. فللوقت كَلَّمَهُمْ وقال لهم ثِـقوا. أنا هو. لا تخافوا. لوقا 12:1 فلمّا رآه زكريا اضطرب ووقع عليه خوف. لوقا 29:1 فلمّا رأته اضطربت من كلامه وفكّرت ما عسى أن تكون هذه التحية. يوحَنّا 33:11 فلمّا رآها يسوع تبكي واليهود الذين جاءوا معها يبكون انزعج بالروح واضطرب. يوحَنّا 27:12 الآن نفسي قد اضطربت. وماذا أقول. أيّها الآبُ نجِّني من هذه الساعة ولكن لأجل هذا أتيت الى هذه الساعة. أعمال الرُّسُل 31:21 وبينما هم يطلبون أن يقتلوه نما خبر الى أمير الكتيبة أنّ أورشليم كلَّها اضطربت} آمين
 
أمّا إرشاد الروح القدس فيتمّ بطريقتين إحداهما مباشرة والأخرى غير مباشرة؛ فالمباشرة هي أن يُرشِدَ إلى معرفة الصّواب باتجاه مُعيّن فيُقنِع وهذا الإتجاه يعتمد على اثنتين؛ قوّة علاقة الإنسان مع الله وسعة اطّلاع الإنسان على كتاب الله إذ غالبًا ما يكون فيه جواب على كلّ سؤال. أمّا غير المباشرة فهي إرشاد الباحث إلى شخص مُؤمِن ومُطّلِع قد عرف الصواب من قبل، أو إلى كتاب تفسير في صفحاته ما يبحث عنه الباحث ليقتنِع مرتاح البال. فذهبت إلى أحد كتب التفسير حتى وجدت التالي لدى العَلَّـامة أوريجينوس: [اعتاد السيد المسيح أن يتحدث عن آلامه وموته دون أن يضطرب، لكنه إذ يشير إلى خيانة تلميذه قيل: “اضطرب بالروح” فإنّ خطايا المؤمنين تُحزِن قلب السيد المسيح الأبوي. وكما تكلّم الرّبّ قديمًا وقال: “رَبيّتُ بَنين ونشّأتُهم، أمّا هُم فعَـصوا علَيَّ” إشعياء 1: 2  كما قيل: “فِي ضِيقِهِمْ تَضَايَقَ… لكِنَّهُمْ تَمَرَّدُوا وَأَحْزَنُوا رُوحَ قُدْسِهِ” إش 63: 9، 10 واضطرب يسوع في روحه البشرية، إذ صار بالحق إنسانًا كاملًـا، روحه تضطرب من أجل خيانة تلميذه له. ليس اضطراب الخوف من الموت أو عن جهل لِمَا سيحدُث، إنما اضطرابٌ من أجل التلميذ الذي يتجاسر فيخُون سيّدَهُ ورَبَّه. فإنّ الذي يخونني ليس غريبًا عن تلاميذي، وهو ليس واحدًا من تلاميذ كثيرين، بل واحدٌ من الرسل الذين نالوا كرامة اختياري لهُمْ] انتهى
 
فلمّا قرأت هذا التفسير ارتحت واقتنعت، لكنّ التفكير قادني إلى أبعد؛ إلى تصوّر قلب يسوع الكبير حزينًا على مصير تلميذه الأسخريوطي إذ اختاره من البداية للقيام بعمليّة التسليم، آسِفًا على الميتة التي ماتها تلميذه نادمًا في ما بعد. كما أخذني التفكير إلى تصوّر شعوره بالأسى على مصائر تلاميذه ورسله وأتباعه من ضيق واضطهاد وطرد وتشرّد وقتل منذ ذلك الحين إلى يومنا وإلى مجيئه الثاني، لأنّ كُلّـا من محبّة الربّ وحزنه أعظم ممّا للإنسان بكثير وأنّ مَداهُما أطوَل زمنيًّا وأبعَدُ مكانيًّا. فيا ليت كلّ اضطراب مثل اضطراب يسوع لأنّه من النوع الإيجابي إذْ صبّ في مصلحة البشر. أمّا نقيضه فالإضطراب السلبي الذي يُصيب البشر، مِثل جنون العظمة ذي النتائج الكارثيّة، إذ اجتاح عدد من حكّام العالم أراضي الغير تحت مسمَّيات باطلة ووهميّة
 * * *
 
لماذا المُضطرِب؟
 
المضطرِب هو البحر الثامن عشر والأخير في هذه السلسلة من بحور الشعر؛ اسم جديد اخترته لأحد مجزوءات البسيط (بدون حيود عن عروض الخليل) شأنه شأن أحدها الذي أصبح بحر المجتثّ! والدليل على أنّ المجتثّ منتزع من البسيط هو وزنه: مُستفعِلُنْ فاعلاتُنْ= مُستفعِلُنْ فاعِلا- تُنْ= (مُستفعِلُنْ فاعِلُنْ مُسْ) فواضح انتزاعه من البسيط الذي وزنه: (مُستفعِلُنْ فاعِلُنْ مُسْتفعِلُنْ فاعِلُنْ) وهناك مَن اعتبر المجتث من مجزوءات الخفيف (راجع-ي ما ذكرت في معرض المقتضب) ولقد أشرت إلى الإسم الجديد أوّل مرّة في معرض المتدارك. وقد سمّيته “المُضطرِب” بعد دراستي قصيدة عبيد بن الأبرص (ت 554 م) المصنّفة ضمن المُعَلَّقات وهي أشهر قصائد عبيد؛ إذ عدّها ابن قُتيبة من المُعَلَّقات السبع بينما عدّها التبريزي من المعلقات العشر، لذا كانت شهرتها وتزكيتها من ابن قتيبة والتبريزي وآخرين وراء أهميّتها في تراث العرب الشعري، حتى نُظِمَتْ على طرازها قصائد كثيرة في الماضِيَين البعيد والقريب. لذا لا يمكن تجاهلها وإطلاق أحكام ساذجة عليها غير مدروسة. ولعلّ تسمية المضطرب من جهة أخرى تُعيد إلى الأذهان ذكرى تلك القصيدة التي حَظيَت باهتمام أهل الشعر والعروض ولا تزال إلى أيّامنا، على رغم اضطراب عدد من إيقاعاتها، بل لعلّها تُحيي ذكرى الشاعر! أليس خيرًا من إحياء ذكريات أناس أساؤوا إلى الإنسانيّة وأسوأهم مُجرمو التاريخ وإرهابيّوه؟ إنّ أولئك لخالدون في مزابل التاريخ
 
* * *
 
أين الإضطراب؟
 
إنّ عبيد بن الأبرص في تقديري شاعر من الطبقة الأولى مثل امرئ القيس ومثلهما الأعشى قيس ودُرَيد بن الصِّمّة والخنساء… وقد سبق لي ذكر مساجَلة شعريّة حصلت بين عبيد وامرئ القيس في معرض البسيط. أمّا العروضيّون فقد أجمعوا على وجود اضطراب في وزن مُعَلَّقة عبيد لكثرة ما فيه من زحاف وعِلَّة، بدون قيام أحدهم بأيّ تحليل لمعرفة سبب ذلك الإضطراب ولا استطاع حلّ لغز الإيقاع وإشكاليّته في وزن هذه المُعَلَّقة، سواء أكان حكمه مستندًا إلى نهج الخليل أم معتمدًا على العروض الرقميّ (وهو طريقة حديثة للتعبير عن موسيقى الكلمات بالأرقام) فمن المعلومات التي حصلت عليها حتى الآن هي أنّ النقّاد (حكموا على مُعلّقته بأنها أشبه ما تكون بقصيدة مرتجَلة، من حيث اضطراب أبياتها وافتقادها بعضًا من مقوّمات التجربة الفنّيّة. وأنّ استعمال الشاعر لمجزوء البسيط فيها حال دون حرّيّة التعبير عن كلّ ما تجيش به نفسه من رؤًى وتأمّلات، ناهيك بالخلل الموسيقي الذي أحْدَثهُ هذا “البحر” ذلك أنّ التجارب تتطلَّب أوزانًا ملائمة تساعد على توفير النغم والاسترسال في تدفّق المعاني وانسيابها) ديوان عبيد ص 15 شرح: أشرف أحمد عدرة، دار الكتاب العربي، بيروت
 
و(من المُرَجَّح أنّ الشاعر قالها إثر غارة الحارث الأعرج، ملك بني غسّان، على بني أسد)- المصدر نفسه ص 19 وبنو أسد قومُه. ما دفعني إلى التأمّل في الظرف النفسي الذي مرّ به شاعر فحل مُتقِن جميع فنون الشِّعر في إثر نائبة نزلت على قومه، شاعر جاشت به مشاعر الكرامة والشهامة وإحساسُهُ بموسيقى الشعر مُرهَف، شاعر تأثّر بحادثة رهيبة فارتجل زهاء خمسين بيتًا من الشِّعر وعُدّتُهُ الشِّعريّة خيالٌ وتجربة وإحساس وإيقاع موسيقي، لم يَطُلْ عُمرُهُ ليدرك عَروض الخليل. ولا توقَّع يومًا ظهور عروض رقمي.  ولم يحسب حسابَ ناقد سيأتي يومًا ليضع وزن قصيدته بين قوسين ويُثير ناقد آخر جدلًـا حوله، بعدما أظهر براعة في تحدّي امرئ القيس المُشار إلى شعره بالبنان في جميع مراحل تطوّر الشِّعر وقبلما طلب إليه المنذر أن ينشدها لشهرتها أو لروعتها. فلو ذهب باحث مدقِّق أبعد قليلًـا لفكّر في ما عكست قصيدة عبيد المرتجَلة من اضطراب في شخصيّة عبيد نفسه! واضطراب الشاعر وانفعاله وحسّاسيّته المفرطة حالات من الطبيعي أن تنتاب الشعراء وسائر ذوي الفكر الناضج وذواته، لذا كان الحكم على أحدهم بالموت بتُهمة مخالفة مزاج ما أو فكر أو عقيدة خطيئة عظمى، أسأل الله ألّـا يحسبها على من تورّط بها، مثلما سأل الشمّاس استيفانوس هامة شهداء المسيحيّة أثناء رجمه بالحجارة
 
أمّا بعد فلا دليل لديّ على أنّ عبيد بن الأبرص أوّل مَن نظم على ذلك الوزن المضطرب؛ لأنّي عثرتُ على قصيدة لاٌمرئ القيس في سبعة عشر بيتًا مصنّفة على طرازه، لكنّها عروضيًّا وبالمنظار الخليلي الذي تعوّدنا عليه أكثر رصانة من مُعَلَّقة عبيد. فأوّلًـا: مَن يدرس مُعَلَّقة عبيد يجد عددًا من مجزوءات البحور الخليليّة متجهة إلى إيقاعات المُعَلَّقة وليس العكس! لأنّ بحور الخليل ظهرت بعد زمن عبيد بحوالي قرنين من الزمان. وثانيًا: يجد صدور أبيات المُعَلَّقة بالمنظار الخليلي أقلّ رصانة من أعجازها، ما أدّى إلى اضطراب القصيدة. وثالثًا يجد غلطًا في نقل القصيدة عن أصلها وربّما حصل الغلط أثناء نسخها! والدليل: وجود مفردات مختلفة موضوعة في محلّ واحد للبيت الواحد، ما سنرى بعد قليل. والملاحظات الثلاث لم أقرأ في المواقع الالكترونية أن أحدًا أشار إلى واحدة منها. أمّا النقاد فما أخطأوا في الحكم على المُعَلَّقة باضطرابها عروضيًّا، لأنّ للرّأي العام كلمة مسموعة، لكنّ أحدًا منهم إذا كان مُنصِفًا فلا يستطيع أن يُنكر على عبيد سلامة إحساسه بالإيقاع. وسوف أثبت بأدلّة قاطعة أن الشاعر ما خرج عن الوزن في بيت ما من أبيات المُعَلَّقة. أمّا أحد الأدلّة على الغَلَط المذكور هو ما رُوِيَ عن قوله التالي؛ إذ طلب إليه قاتِلُهُ المَلِكُ المنذر بن ماء السّماء أن يُنشِدَهُ (أقفر من أهلِهِ ملحوبُ) قُبيل قيامِ الملك بقتله لكنّ عبيد قال
 
أقفرَ من أهلِهِ عَبيدُ * فليس يُبدي ولا يُعِـيدُ
 عَـنَّتْ لهُ (مَنِيّةٌ) نكودُ * وحان منها لهُ ورودُ
 
والشارح روى البيت الثاني عن الأصفهاني بشيء مختلف
 عَنّتْ لهُ “عَنّةٌ” نكودُ * وحان منها لهُ ورودُ- ص 132
 ثمّ رواه من مصدر آخر، عن الأصفهاني أيضًا
 عَنّتْ لهُ “خُطّةٌ” نكودُ * وحان منها لهُ ورودُ- ص 135
 والملاحظ وجود ثلاث كلمات مختلفة في مكان واحد: (مَنِيّة، عَنّة، خُطّة) وهذا قد يمرّ عليه القارئ والقارئة مرور الكرام، إذا كانت الموسيقى آخر ما يفكّران به، لأنّ معنى البيت لن يتغيّر سواء أكانت الكلمة مَنِيّة أم عَنّةٌ أم خُطّة. فإليك معنى البيتين بحسب شارح الديوان: (حكَمْتَ عليّ بالقتل فأنا اليوم لا أقول شعرًا جديدًا ولا أكرّر ما قلتُهُ من شِعر) و(اعترضني حُكمُكَ بقتلي وأوشكتَ أن تُنفّذ هذا الحكم وتوردني الرّدى) انتهى
 أمّا الإيقاع فمختلف، إذ جَعَلت “مَنِيّةٌ- بتشديد الياء” صَدْرَ البيت من الرَّجَز
 عنّتْ لهُ مَنيّةٌ نكودُ= عَنْنَتْـلَهُو- مَنِيْـيَتُنْ- نكودُ= مُستفعِـلُنْ مَفاعِلُنْ فَعُوْلُ
 لعلّ أصل الكلمة “مِيتة” ما يستقيم به وزن البيت، لكنّ حروفها أشبهت حروف “مَنِيّةٌ” فاختلف تنقيط الحرفين ما بين الميم والتاء المربوطة! بينما خدَمَت عَنّةٌ (أو خُطّة) موسيقى البيت بأكمله وجعلته من طراز سُمِّي مُخَلَّع البسيط وهو الإسم الشائع لوزن  مُعَلَّقة عبيد، أو البسيط المُخَلَّع (أي المُنتَزَع) الذي بات اشتقاق وزنه وتسميته من محاور الجدل بين أهل العروض؛ منهم من اعتبره مُنتَزَعًا من البسيط ومنهم من اعتبره مُنتَزَعًا من المنسرح! والمعلوم أنّ المنسرح (مستفعِلُنْ مفعولاتُ مستفعِلُنْ) لم يألفه أهلُ العروض مجزوءً شأنه في ذلك شأن الطويل والسّريع. فبعد كتابة مُخلَّع البسيط (مستفعِلُنْ فاعِلُنْ فعُولُنْ) بالشكل التالي
 مستفعِلُنْ فاعِلُنْ فَـ عُوْلُنْ= مستفعِلُنْ فاعلاتُ مُسْتَفْ
 أمكن اعتباره و”مخلَّع المنسرح” اسمين لوزن واحد. فليس الإضطراب في مُعَلَّقة عبيد وحدها فحسب، بل في اتفاق أهل العروض على رأي نهائي. لذا رغِبتُ في حسم الخلاف على وزن المُعَلَّقة، بما لديّ من تجارب شعريّة ومن معرفة بالعروض، لأنّ شكل المنسرح “المجزوء” لا يغطّي إيقاعاتها المختلفة
 
وللتوضيح؛ حاولت اقتطاف التالي من قاموس لسان العرب بتصرّف: [المُخَلَّعُ من الشِّعر: مَفْعُولُنْ في الضرب السادس من البَسيط مُشتَقٌّ منه… ولمّا نُقِل مستفعِلُنْ بالقطْع إِلى مَفعُولُنْ بقِيَ وزنه، مِثل قوله: “ما هَيَّجَ الشَّوْقَ من أطلال، أضْحَتْ قِفارًا كَوَحْيِ الواحِي” فسُمِّيَ هذا الوزن مُخَلَّعًا؛ والبيت الذي أورده الأَزهري في هذا الموضع هو بيت الأسود: “ماذا وُقوفي على رَسْم عَفا، مُخْلَوْلِقٍ دارِس مُسْتَعْجِمِ” وقال: المُخَلَّع من العَرُوض ضَرْبٌ من البسيط] انتهى. ولتقطيع البيتين الواردين في هذا الإقتباس
 
ماذاوُقو- فِيْعَـلـا- رَسْمِنْعَـفا * مُخْلَوْلِقِنْ- دارِسِنْ- مُسْتَعْجِمِ
 مستفعِلُنْ- فاعِلُنْ- مستفعِلُنْ، مثله وزن العَجُز- وهذا مجزوء البسيط
 
ما هَيْيَجَشْ- شوْقَمنْ- أَطْلالِنْ * أَضْحَتْقِفا- رَنكَوَحْ- يِلْواحِي
 مستفعِلُنْ- فاعِلُنْ- مَفعُولُنْ، مثله وزن العَجُز- وهذا هو الشكل الأوّل لمُخَلَّع البسيط
 
وتعليقي: أوَّلًـا؛ لا اعتراض لأحد على تسمية مُخَلَّع البسيط التي أتى بها الخليل إذا ما اقتصر سببها على المقطوع (مَفعُولُنْ) لكنّ المشكلة هي أنّ الوزن الذي شاع عن مُخَلَّع البسيط هو (مستفعِلُنْ فاعِلُنْ فعُولُنْ) أي الذي دخل فيه الخبن فعُولُنْ على المقطوع مَفعُولُنْ، ما أدّى إلى اختلاف الإيقاع اختلافًا واضحًا وإنْ أجازه أهل العروض، نظرًا إلى أنّ الخبن زحاف جائز وليس عِلّة لازمة؛ مثالًـا قول عبيد
 تصبو وأنَّى لكَ التَّصابي * أنّى وقد راعَكَ المَشِيبُ
 
تصْبُوْوَءَنْ- نالكَتْ- تَصَاْبِيْ * أَنْناوَقدْ- راعَكَلْ- مَشِيبُوْ
 مُستفعِلُنْ فاعِلُنْ فعُولُنْ، مثله وزن العجز- وهذا هو الشكل الثاني لمُخَلَّع البسيط. وهو أكثر رصانة من مجزوء البسيط الذي مستفعِلُنْ هي عَروضُهُ وضربُها مثلها. وأكثر رصانة من الشكل الأوّل لمُخَلَّع البسيط الذي عروضهُ مستفعِلُنْ (أو أحد زحافاتها) وضربُها مَفعُولُنْ. وفي الشكل الثاني الجوهرة التي نالت استحسان ذوي الحسّ المرهف وذواته من الناس. أمّا الأكثر وضوحًا فهو اختلاف إيقاع فعُولُنْ كعروض وكضَرْبٍ عن مستفعِلُنْ كعروض وكضرب. فالإيقاع فعُولُنْ الذي دخل على مجزوء البسيط (مستفعِلُنْ- فاعِلُنْ- مستفعِلُنْ) يعتبر اضطرابًا مفيدًا في عروض مجزوء البسيط وفي ضربه الذي مثلها، بل أحيا هذا المجزوء إذ قلّما نظم عليه شاعر، أحياه بلباس جديد هو المُخَلَّع لولا اختلاف العروضيّين على طريقة انتزاعه التي أشرت إليها، ما زاد من الحاجة إلى إيجاد طريقة أفضل، لعلّها الطريقة المعتمدة في هذه المقالة
 
هل اللاحق من بحور الشِّعـر؟
 
ثانيًا؛ إنّ الوزن (مستفعِلُنْ فاعِلُنْ مستفعِلُنْ) من الأشكال الجارية في قصيدة عبيد وهو في رأيي كافٍ لتطبيقه على جميع أبياتها باستخدام الزحافات والعِـلل، فلا حاجة إلى ابتكار وزن جديد! مثالًـا؛ الوزن (مستفعِلاتُنْ، أربع مرّات) الذي ابتكره أبو الحسن بن حازم القرطاجنّي (ت 1386 م \ 684 هـ) في كتابه «منهاج البلغاء وسراج الأدباء» وأطلق عليه اسم “اللاحِق” على أنّه ألحَقَ قديمًا بجديد. وتحليل اللاحِق ليقارب المخلّع سهل بالتالي: مستفعِلا- تُنْ مُسْتفْ- عِلاتُنْ= مستفعِلُنْ- مفعُولُنْ- فعُولُنْ
 
لكنّ إيقاعَيهما مختلفان لاختلاف الحشو الأوسط في كليهما وهو فاعِلُنْ في المُخَلَّع ومفعُولُنْ في اللاحق. وللرصافي قصيدة غالبيّتها من وزن اللاحق، كانت من الأناشيد المدرسيّة في ماضي العراق، ما سيأتي الحديث عنه تباعًا للمقارنة ما بين الإيقاعين. فأعترف تاليًا بروعة ابتكار القرطاجنّي لكنّي لن أعتبره بحرًا مستقِلًّـا! لأنّ وزن اللاحق منتزَع من المنسرح بوضوح ساطع! فإذا حلّلت وزنه بشكل آخر هو التالي
 مستفعِلا- تُنْ مُسْتفْعِ- لاتُنْ= مستفعِلُنْ- مفعُولاتُ- فعْلُنْ
 فلا ينقص المنسرح سوى إضافة عِلُنْ إلى يسار فعْلُنْ للحصول على مُسْتفْعِلُنْ، لذا أخطأ القائل بأنّ “اللاحق” اسم جديد لمُخَلَّع البسيط! كما أنّ وزن كُلٍّ من اللاحق والمُخَلَّع لا يُلبّي حاجة قصيدةٍ إيقاعاتُها كالتي في مُعَلَّقة عبيد، إذِ اٌستُحسِن في أبياتها الحشو الأوسط فاعِلُنْ وإذْ قافيتها مزدوجة بالضَّربَين مفعُـولُنْ وفعُـولُنْ، عِلمًا أنّ المُعَلَّقة خالية من الحشو مفعُـولُنْ على الإطلاق، أي “اللاحق” لا يلحقها
 
أغلب الظّنّ
 
ثالثًا؛ قيل أنّ أبا العلاء المَعَرِّي، الذي كان علم العروض ضمن دائرة اهتمامه، قد عُنِيَ بهذا الوزن “مستفعِلُنْ فاعِلُنْ فعُولُنْ” ونظم شِعرًا عليه لكن دون أن يُسمِّيَه “مُخَلَّع البسيط” ودون أن تصِله هذه التسمية من أحد الرّواة وإن أحسّ هو وغيره باختلاف إيقاعه عن إيقاع (مستفعِلُنْ فاعِلُنْ مستفعِلُنْ) عِلمًا أنّه عاش الفترة 973 -1057م\ 363 – 449 هـ من العصر العباسي، أمّا الأزهري (لعلّ المقصودَ به: أبو منصور محمد بن أحمد الهرويّ) إذ عاش الفترة 895ـ980 م\ 282- 370 هـ من ذلك العصر فما وُجد دليل قاطع على أنّ التسمية “مُخَلَّع البسيط” منسوبة إليه إذ توُفِّيَ بعد ولادة المَعَرِّي بسبع سنين وما مِن سبب ليمنع راوية من إخبار أبي العلاء تلك التسمية. وتاليًا ضاعت هويّة صاحب التسمية وظهرت في محلِّها رواية أغلب الظّنّ؛ مثالًـا: نُسِبَت التسمية إلى الجوهري ولا أدري ما كان المقصود به إسماعيل بن حماد الجوهري (ت 393 هـ) صاحب مُعجم الصحاح، ما زاد من الحاجة إلى نسيان المُخَلَّع وإيجاد تسمية لائقة أفضل منه وأدق، لعلّها التسمية التي في عنوان هذه المقالة
 
* * *
 
وزن المُضطرِب
 
وزنه (مستفعِلُنْ فاعِلُنْ مستفعِلُنْ، مرّتين) والقافية في أبياته مزدوجة بضرب مقطوع مفعُولُنْ وبخبنه فعُولُنْ، أمّا الأفضل فصَقلُ الضروب كلِّها على الخبن. لبيته عروض واحدة مستفعِلُنْ جاز خبْنُها (مُتَفْعِلُنْ= مَفاعِلُنْ) وطيّها (مُسْتَعِلُنْ= مُفتَعِلُنْ) وقطْعُها (مَفعُولُنْ) الجائز فيه الخبن (فعُولُنْ) والمستحسَن. وللعروض أربعة أضرب؛ 1. مقطوع مفعُولُنْ الجائز خبنه والمستحسَن 2. فعُولْ بإسكان اللام إذ جاز في فعُولُنْ القصر 3. فعُولـاْنْ إذ جاز في فعولن التسبيغ. أمّا الحشو الأوّل مستفعِلُنْ فقد جاز فيه الخبن والطيّ وجاز الخبْل (مُتَعِلُنْ= فَعِلَتُنْ) لكنّه نادر وغير مُستَحَبّ. وأمّا الحشو الثاني فاعِلُنْ فقد جاز فيه الخبن فَعِلُنْ لكنّ الأفضل تجنّبه كي لا يلتبس وزن الشّطر أو العَجُز أو كلاهما مع وزن آخر ولا سيّما مجزوء الكامل المُرَفَّـل
 
* * *
 
الفرق بين المُضطرِب ومجزوء البسيط
 
هنا عودة سريعة إلى معرض البسيط لإلقاء بعض الضوء على مجزوءاته الثلاثة، إذ ورد أنّ لعَروضِهِ مُسْتَـفعِلُنْ ثلاثة أضرب: صحيح مُسْتَفعِلُنْ مثلها ومُذيَّل مُسْتَـفعِلانْ ومقطوع مُسْتَـفعِلْ أي مَفعُوْلُنْ. فنجد أنّ الشعراء قلّما نظموا على واحد منها بل نادرًا وتبدو ميتة! باستثناء المقطوع إذ دبّت فيه الحياة بعدما لحقه الخبن فعُولُنْ وهذا هو محور هذه المقالة وفيه السبب الدّاعي إلى تغيير اسم المُخَلَّع إلى المضطرب. وفي ما تقدّم مسألتان؛ الأولى: إمّا بَقِيَ الضّرب المقطوع في قصيدة ما بدون أيّ خبْن بقِيَت القصيدة بوزن مجزوء البسيط وبقِيَ انتماؤها إلى البسيط، لكنّ القطع إذا جرى فيها ولحقه الخبنُ أيضًا أصبحت القصيدة من المضطرب واضطرابُها نافع ورائع وهو الشائع. فسواء أجَرى القطع في القصيدة أم لم يَجْرِ فإنّ الخبن فعُولُنْ هو الزحاف المُفضَّل لِلضَرْب في المضطرب. والثانية: طالما اعتُبر التذييل (مُسْتَـفعِلانْ) من حصّة مجزوء البسيط فإنّ القصر فعُولْ (وهو من العلل التي بالنقص) والتسبيغ فعُولانْ (وهو من العلل التي بالزيادة) اللاحِقَين بالضّرب فعُولُنْ حصّتا المضطرب
 
* * *
 
 المُضطرِب ومُعَلَّقة عَبِيد بن الأبرص
 
لا أظنّ أحدًا يلومني إذا ما رجعتُ بالزمن إلى أيّام الشاعر عبيد بن الأبرص ودخلتُ في عروقه، مثل جُزيئة كيميائيّة ذات عدسة ڤيديو أبحرت في دمه لكي تصل إلى أعماقه، لعلّها تكتشف مصادر الإيقاع الذي ارتجل عليه قصيدته التي عُدّت من كنوز الشعر العربي. فأردْتُ أن أبقى هناك لأختبر شعوره والحارث الأعرج يُغير على قومه بعصابة خاسئة. ويا ليت شِعري هل حالت عِزّة نفس الشاعر الذي كان سيِّدًا في قومِه دون إنشاد ملك ظالم شيئًا من شعره أم أنّه كان واثِقًا من تنفيذ الحُكم فيه مهما أنشده؟ لأنّ ذلك اليوم كان من أيّام بؤس الملك لا النعيم، بحسب ما رُويَ عنه. فأينما وصلت الدراسات السابقة حول مجزوء البسيط ومُخَلَّعه ما استطاع أصحابها الوصول إلى مصادر الإيقاع لدى الشاعر. هذا وإن سُمِعَـت صيحات مُخْلِصة، معدودة بالأصابع، لفصل المُخَلَّع عن البسيط فصلًـا تامًّا وللإعتراف باستقلاليّته. هنا أوَّلًـا مطلعُ القصيدة
 
أقفرَ مِن أهلِهِ مَلحُوبُ * فالقُـطَّبيّاتُ فالذَّنوبُ
 
أقفرَمِنْ- أهْلِهِيْ- مَلْحُوْبُو * فلقُطْطَبيْ- ياتُفَذْ- ذَنوبو
 مُفْتعِلُنْ- فاعِلُنْ- مَفعُولُنْ * مُسْتَفْعِلُنْ- فاعِلُنْ- فَعُوْلُنْ
 
لاحظ-ي أنّ عروض البيت مَلْحُوْبُو= مفعولُنْ وضربها فعُولُنْ فالقصيدة ابتداء بأوّلها من المضطرب. تشاطرها قصيدة امرئ القيس التي أشرتُ إليها أعلى ومطلعها
 
عَيناكَ دَمْعُهُمَا سِجَالُ * كأنّ شأنيهِمَا أوشالُ
 
عَيْنَاكَدَمْ- عُهُمَا- سِجَالُ * كَأنْنَشَأ- نَيْهِمَا- أوْشَالُ
 مُسْتَفْعِلُنْ- فَعِلُنْ- فَعُوْلُنْ * مَفاعِلُنْ- فاعِلُنْ- مَفعُولُنْ
 
وهنا قد يتساءل المرء؛ أليس شطر البيت من مجزوء الكامل ذي الضّرب المُرَفَّـل مُتَـفاعِلاتُنْ= فَعِلُنْ فَعُوْلُنْ؟ والجواب: أنت على صواب، لكنّ التشابه يحصل أحيانًا بين البحور، مثلما لوحظ بين مجزوء الكامل ومجزوء الرَّجَز في بيت الشاعر الرّصافي المذكور مثالًـا في معرض بحر الكامل وتحديدًا مجزوء الكامل
 ناموا ولا تستيقِظوا * ما فاز إلا النُّوَّمُ
 فهذا البيت إذا ما سُمِعَ مُفرَدًا ظنّ سامعه أنّه من مجزوء الرَّجَز. عِلمًا أنّ في مُعَلّقة عبيد صدورًا تُعَدّ من مجزوء الكامل المُرَفَّـل إذا ما سُمِعَ أحدُها بدون العجز، منها
 واللهُ ليسَ لـهُ شَـرِيكٌ * عَلّـامُ مَا أخْفتِ القلوبُ
 
وَلْـلـاهُلَيْ- سَلَهُو- شَريكُنْ * عَلْـلـامُمَا- أخْفتِلْ- قلوبو
 مُستَفعِلُنْ- فَعِلُنْ- فعُولُنْ * مُستفعِلُنْ- فاعِلُنْ- فعُولُنْ
 
وقد نوّهت أعلى بضرورة تجنّب الخبن في فاعِلُنْ، كما ذكرتُ أنّ صدور أبيات هذه المعلّقة أقل رصانة من أعجازها فلعلّ البيت السابق وأبياتًا لاحقة أخرى وراء الحكم على المعلّقة باضطراب وزنها ومنها
 
أَفلِحْ بِما شِئتَ فقد يُبلَغُ بالضَّعفِ وقد يُخدَعُ الأَريبُ
 
أَفلِحْبِما- شِئْـتَـفَـقـدْ- يُبلَغُبِضْ * ضَعْـفِوَقدْ- يُخدَعُلْ- أَريبُو
 مُستَفعِلُنْ- مُفتعِلُنْ- مُفتعِلُنْ * مُفتَعِـلُنْ- فاعِلُنْ- فعُولُنْ
 
فالصدر من الرّجز، لكنّ الشّكّ في صحّة نقله، لأنّ حذف الفاء من “فقدْ” لا يخلّ بالمعنى، إنّما يصحّ الوزن: أَفلِحْ بما شِئتَ قد يُبلَغُ بالضَّعفِ وقد يُخدَعُ الأَريبُ
 
أَفلِحْبِما- شِئْـتَـقـدْ- يُبلَغُبِضْ * ضَعْـفِوَقدْ- يُخدَعُلْ- أَريبُو
 مُستَفعِلُنْ- فاعِلُنْ- مُفتعِلُنْ * مُفتَعِـلُنْ- فاعِلُنْ- فعُولُنْ
 
وسبب الشكّ هو أنّ البيت التالي قد ورد تاليًا في ديوان الشاعر فقارن-ي بينهما
 
لا يعِظُ النّاسُ مَن لا يَعِظُ الدَّهرُ ولا ينفعُ التّلبيبُ
 
وإليك مثالًـا على النقل غير الدقيق، إذ ورد في ديوان الشاعر
 
ساعِدْ بأرضٍ إِذا كُنتَ بها * ولا تَقُل إنَّني غَريبُ
 مُستَفعِلُنْ- فاعِلُنْ- مُفتعِلُنْ * مَفاعِلُنْ- فاعِلُنْ- فعُولُنْ
 
بينما ورد التالي في مصدر آخر للقصيدة وهو شاذّ عن إيقاعات عبيد
 
ساعِدْ بأرضٍ إِن كُنتَ فيها * ولا تَقُل إنَّني غَريبُ
 
ساعِدْبِئَرْ- ضِنْئِنْكُنْ- تَفِيها * وَلـاتَقُلْ- إِنْنَنِيْ- غَريبُو
 مُستفعِلُنْ- مَفعُولُنْ- فَعُولُنْ * مَفاعِلُنْ- فاعِلُنْ- فعُولُنْ
 
فصَدرُ هذا البيت على وزن “اللاحق” المذكور أعلى
 
فكُلُّ ذي نِعمَة مَخلوسٌ * وكُلُّ ذي أَمَلٍ مَكذوبُ
 
فَكُلْلُذي- نِعمَتِنْ- مَخلوسُنْ * وَكُلْلُذي- أَمَلِنْ- مَكذوبُو
 مَفاعِلُنْ- فاعِلُنْ- مفعُولُنْ * مَفاعِلُنْ- فَعِلُنْ- مفعُولُنْ
 
والشاعر هنا قد وضع العروض على مفعُولُنْ وتابعَها بضرب مثلها فكأنّه حاول موالفة الإيقاع بين الصدر والعجز، ما لم يفعل امرؤ القيس، كما في البيتين التاليين
 
عَدْوًا تَرَى بَيْنَهُ أبْوَاعًا * تَحْفِزُهُ أكْرُعٌ عِجَالُ
 مُستفعِلُنْ- فاعِلُنْ- مفعُولُنْ * مُفتعِلُنْ- فَاعِلُنْ- فعُولُنْ
 
تُطْعِمُ فَرْخاً لـهَا صَغِيرًا * أزْرَى بهِ الجُوعُ والإحثالُ
  مُفتعِلُنْ- فَاعِلُنْ- فعُولُنْ * مُستفعِلُنْ- فاعِلُنْ- مفعُولُنْ
 
والبيت الأوّل يقابل قول عبيد: مُضَبَّرٌ خَلْقُها تَضبيرًا * يَنشَقُّ عَن وَجهِها السَّبيبُ
 
مُضَبْبَرُنْ- خَلقُها- تَضبيرَنْ * يَنشَقْقُعَنْ- وَجْهِهسْ- سَبيبُو
 مَفاعِلُنْ- فاعِلُنْ- مَفعُولُنْ * مُستفعِلُنْ- فاعِلُنْ- فعُولُنْ
 
أمّا الثاني فيقابل قول عبيد: فذاكَ عَصرٌ وقد أراني * تَحمِلُني نهدَةٌ سُرحوبُ
 
فَذاكَعَصْ- رُنْوَقَدْ- أَراني * تَحمِلُني- نَهدَتُنْ- سُرحوبُو
 مَفاعِلُنْ- فاعِلُنْ- فَعُولُنْ * مُفتَعِـلُنْ- فاعِلُنْ- مَفعُولُنْ
 
وإليك مثالًـا على ورود العروض بوزن مُستفعِلُنْ
 
قد يوصَلُ النازِحُ النائي وقد * يُقطَعُ ذو السُهمَةِ القريبُ
 
 قَدْيُوصَلُنْ- نازِحُنْ- نائيوَقَدْ * يُقطَعُـذُسْ- سُهْمَتِلْ- قَريبُو
 مُستَفعِلُنْ- فاعِلُنْ- مُستَفعِلُنْ * مُفتَعِـلُنْ- فاعِلُنْ- فَعُولُنْ
 
يقابله بيت امرئ القيس التالي: صَابَ عَلَيْهِ رَبِيعٌ صَيّفٌ * كأنّ قُرْيَانَهُ الرِّحَالُ
 
ومثالًـا للعروض على مَفاعِلُنْ ما لم يرد مثله في قصيدة امرئ القيس
 
أَخلَفَ ما بازلـاً سَديسُها * لا حِقَّةٌ هِيْ ولا نَيوبُ
 
أَخْلَفَما- بازلـاً- سَديسُها * لـاحِقْـقَـتُنْ- هِيْوَلـا- نَيوبُو
 مُفتعِلُنْ- فاعِلُنْ- مَفاعِلُنْ * مُستفعِلُنْ- فَاعِلُنْ- فعُولُنْ
 
أمّا أروع ما في المضطرب والأكثر رصانة فهو مجيء العروض وضربها على فعُولُنْ والحشو على فاعِلُنْ بدون الخبن (فعِلُنْ) ما جعلهُ مُحبّبًا إلى قرائح الشعراء في الماضي والحاضر ومُطرِبًا الآذان والنفوس، كما في قول عبيد: (أقفر من أهلهِ عبيدُ…) وقوله: (تصبو وأنَّى لكَ التَّصابي…) وفي التالي
 
أعاقِرٌ مِثلُ ذاتِ رِحْم * أم غنِمٌ مِثلُ مَن يَخِيبُ؟
 
أَعاقِرُنْ- مِثلُذا- تِرِحْمِنْ * أَمْغَنِمُنْ- مِثلُمَنْ- يَخِيبُو
 مَفاعِلُنْ- فاعِلُنْ- فعُولُنْ * مُفتعِلُنْ- فاعِلُنْ- فعُولُنْ
 
قطّعْتُهُ غُدوةً مُشيحًا * وصاحبي بادنٌ خَبُوبُ
 
واقتطفت من قصيدة امرئ القيس التالي المفعَم بالرّصانة عينها
 
أوْ جَدْوَلٌ في ظِلالِ نخْلٍ * للمَاءِ مِن تحتِهِ مَجَالُ
 
مِن ذِكْرِ لَيْلى وأين ليلى * وخيرُ ما رُمْتَ ما يُنالُ
 
أخيرًا؛ كانت ملاحظات الشعراء والعَروضيّين القائلة بوجود اضطراب في وزن مُعَلّقة عَبيد وراء القول بأنّها (كادت ألّـا تكون شعرًا) لكنّ قولهم دلّ على قناعتهم بأنها موزونة مهما اضطربت في رأيهم! فلم يقولوا “كادت أنْ تكون نثرًا” لأنّ الوزن في أدب العرب هو ما يميّز الشعر من النثر وسيبقى يميّزه مهما طال الزمن
 
* * *
 
الأعشى قيس
 
ألمْ تَرَوْا إِرَمًا وعَادًا * أوْدَى بها اللّيلُ والنّهارُ
 
وقبْلَهمْ غالتِ المنايا * طَسْمًا ولمْ يُنْجِهَا الحِذارُ
 
وحَلَّ بالحَيِّ مِن جَدِيسٍ * يومٌ مِن الشَّرِّ مُسْتَطارُ… إلخ
 * * *
 
بشار بن برد
 
قالوا العمى منظرٌ قبيحٌ * قلنا بفقدي لكُمْ يَهُـونُ
 
تاللهِ ما في البلاد شيءٌ * تأسى على فقدِهِ العـيونُ
 
هناك من نسب هذين البيتين إلى أبي العلاء المَعَرّي على أنّ كليهما كان ضريرًا
 
* * *
 
بشّار بن بُرْد وسَلْمُ الخاسِر
 
روى أبو الفرَج الأصفهاني (بتصرّف من الكاتب) بيتًا للشاعر سَلْم بن عمرو بن حمّاد الخاسر (ت 186 هـ) معناه مسلوخ من بيت لبشّار بن بُرد. فبلغ بيتُهُ بشار فغضب واستشاط وحلف ألّـا يدخل إليه ولا يفيده ولا ينفعه ما دام حَيًّا. فاستشفع سَلْم إليه بكل صديق له، وكل من يثقل عليه رده، فكلّموه فيه، فقال: أدخلوهُ إليّ، فأدخلوه إليه فاستدناه، ثم قال: إيه يا سَلم، من الذي يقول
 مَن راقبَ الناسَ لم يظفر بحاجتِهِ * وفاز بالطَّيِّبات الفاتكُ اللهِجُ؟- من البسيط
 قال: أنت يا أبا معاذ (كُنية بشّار) قد جعلني الله فداءَك! قال: فمن الذي يقول
 من راقب الناس مات غمًّا * وفاز باللذة الجـسـورُ؟- من المضطرب
 قال: تلميذك وخِرّيجك وعبدك يا أبا معاذ. فاجتذبه إليه وقنعه بمخصرة كانت في يده ثلاثًا وهو يقول: لا أعود يا أبا معاذ إلى ما تنكره، ولا آتي شيئا تذمّه، إنما أنا عبدك وتلميذك وصنيعتك. وما صُنِّف سَلْمُ الخاسِر من شعراء الطبقة الأولى على رغم موهبته، إنّما وُضِع في مرتبة أقل من الفحول الذين عاصَرَهُم
 
* * *
 
أبو نؤاس
 من ديوان الشاعر ص 246
 
أعطتكَ رَيحانها العُـقارُ * وكان من ليلِكَ اٌنسفارُ
 – – –
 لا ينزلُ الليلُ حيثُ حَلَّتْ * فلَيلُ شُرّابها نهارُ
 
حتى لو اٌستُودِعَتْ سِرارًا * لمْ يخْفَ في ضوئها السِّرارُ
 
ما أسكَرَتْني الشَّمُولُ لكنْ * مُدِيرُ طرْفٍ بهِ اٌحْورارُ
 
 البحتري
 
مِنِّيَ وَصْلٌ ومنكَ هجرُ * وفيّ ذلٌّ وفيكَ كبرُ
 
ومَا سَوَاءٌ إذا التقينَا * سَهْلٌ عَلى خُلّةٍ ووَعْرُ
 
إنّي وإنْ لمْ أبُحْ بوَجْدِي * أُسِرُّ فيكَ الذي أُسِرُّ
 
يَا ظَالِمًا لي بغيرِ جُرْمٍ * إلَيْكَ مِن ظُلمِكَ المَفرُّ… إلخ
 * * *
 
أبو العلاء المعري
 
يموتُ قومٌ وراءَ قومٍ * ويثبتُ الأوّلُ العزيزُ
 
كمْ هَلكَتْ غادةٌ كعابٌ * وعَمَّرَتْ أمُّهـا العجوزُ
 
أحْرَزَها الوالدانِ خوفًا * والقبر حرْزٌ لها حَريزُ
 
يجـوز أنْ تُبطئَ المنايا * والخُلْدُ في الدَّهر لا يجوزُ
 * * *
 
محمود سامي البارودي
 
توَازَنَ الصَّيْفُ والشِّتَاءُ * واعْتَدَلَ الصُّبْحُ والمَساءُ
 
واصْطَلَحَتْ بَعْدَ طُولِ عَتْبٍ * بينهُما الأرْضُ والسَّماءُ
 
تبتهِجُ العَيْنُ في رِياضٍ * أنضَرَها الماءُ والهَواءُ
 
مَنابتٌ زَرْعُها بَهِيجٌ * وغَـيْضَةٌ ماؤُها رَوَاءُ
 
يُرِيْدُ كُلُّ اٌمْرِئٍ مُناهُ * وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ
 * * *
 
جميل صدقي الزهاوي 1
 
لا تتركنّ الشرور تنمو * فأَوّلُ النار من شرارِ
 
إنَّ لجَهْل النفوس شرًّا * حَذارِ من جَهْلِها حذارِ
 
إنْ كنت ترجو في البَرِّ مالًـا * فجُبْ لهُ واسعَ البراري
 
أوْ كنت في البحر تَرتَجيه * فاركبْ له غارب البحارِ
 
لا يضجر الحُرّ حين يَسعى * إلّـا مِن الذل والصَّغارِ
 
لاحظ-ي أنّ الصّدر: (إنْ كنت ترجو في البَرِّ مالًـا) يصلح مثالًـا على وزن اللاحق
 
* * *
 
معروف الرصافي
 
سَمِعْتُ شعرًا للعندليبِ * تلاهُ فوق الغُصْن الرطيبِ
 
إذ قال نفسيْ نفسٌ رفيعَهْ * لم تهْوَ إلّـا حُسْن الطبيعَهْ
 
عشقتُ منها حُسْن الربيعِ * أحسِنْ بذاك الحُسن البديعِ… إلخ
 
فجميع الأبيات مُصرَّعَة والقوافي منوّعَة وغالبيّتُها على وزن “اللاحق” باستثناء التالي وهو من المخلّع الذي أصبح اسمه اليوم: المضطرب
 
أطيرُ فيها لفرط وجدي * مِن غصن وردٍ لغُصنِ وردِ
 
يا قومُ إنّي خُلِقتُ حُرّا * لمْ أرضَ إلّـا الفضا مقرّا
 
وله ثلاثة أبيات جمع فيها الشاعر بين الوزنين ولا بأس لأنهما متقاربان، أحَدُها
 
فالعيش عندي فوق الغصونِ * لا في قصور ولا حصونِ
 
فلعَيشُعِنْ- ديْفوقلْ- غُصونِي * لافيقُصُوْ- رِنْوَلا- حصونِي
 مستفعِلُنْ- مفعُولُنْ- فعُـولُنْ * مُستفعِلُنْ- فَاعِلُنْ- فعُـولُنْ
 * * *
 
جبران خليل جبران
 
يا رفقة كُلّهُمْ أديبٌ * وكُلّهُمْ فاضِلٌ مُهذَّبْ
 
مِن رجُلٍ كامل اٌختبارٍ * قوَّمَهُ دَهْرُهُ وأدَّبْ
 
إنِ اٌتفقتُمْ أو اٌختلفتُمْ * للخير سَهْمٌ في كلّ مذهبْ
 
أضواؤكمْ في العيون شتّى * وكلّ تلك الأضواء كوكبْ
 * * *
 
في وادي الحياة – نازك الملائكة
 القصيدة مُنوّعة القوافي، كتبتها الشاعرة صيف سنة 1945 ومنها
 
عُدْ بيَ يا زورقي الكليلـا * فلن  نرى الشاطئَ الجَميـلـا
 
كم زورق قبلنا تولَّى * ولم  يَزَل سادرًا جَهـولـا
 
فعُدْ إلى معبدي بقلبي * وحَسْـبُ أيامنا ذُهـولـا
 – – –
 حَسْبُكَ يا زورقي مَسيرًا * لن يُخْدَعَ القلبُ بالسَّرابِ
 
واٌرجِعْ، كما جئتَ، غيرَ دار * قد حَلُكَ الجوُّ بالسَّحابِ
 
ومَلَّ مجدافُكَ المُعَنَّى * تَقلُّبَ الموج والعُبَابِ
 
ولم يَزَلْ معبدي بعيدًا * خلف الدياجيرِ والضبابِ
 
يَشُوقني الصَّمتُ في حِمَاهُ * وفتنة الأيك والرَّوابي… إلخ
 * * *
 
ابراهيم طوقان
 
حلفتِ ألّـا تُكلّميني * وسوءُ حظّي قبل اليمينِ
 إنْ ترحميني تُعذّبيني * أو تظلميني لا تُنصفيني
 – – –
 يا مَن هواها أجرى دموعي * وأشعلَ النارَ في ضلوعي
 لمّا تيقَّنْتِ من خضوعي * حلفتِ ألّـا تكلّميني
 – – –
 عرفتِ وجدي وطولَ سُهدي * وكيف أرعى في الحبّ عهدي
 اللهُ حسبي، أبَعْدَ وُدِّي * حلفتِ ألّـا تكلّميني؟
 – – –
 حملتُ في القلب منكِ غَمّا * أذاب جسمي لحْمًا وعظما
 وكنتِ أقسى عليَّ لمّا * حلفتِ ألّـا تكلّميني
 – – –
 هذا فؤادي لديكِ رهنُ * ذُهِلتُ عنه فيما أظنُّ
 غدًا أنادي إذا أحنُّ: * حلفتِ ألّـا تكلّميني
 * * *
 
 النهر الخالد- محمود حسن إسماعيل 1
 مصر1910 – 1977
 
مُسافِرٌ زادُهُ الخيالُ * والسِّحرُ والعطرُ والظِّلالُ
 
ظمآنُ والكأسُ في يديهِ * والحبّ والفنّ والجمالُ
 
شابت على أرضِهِ الليالي * وضيَّعَتْ عُمرَها الجبالُ
 
ولم يَزَلْ ينشدُ الدِّيارا * ويسألُ الليل والنهارا
 
والناسُ في حبِّهِ سكارى * هاموا على شَطِّهِ الرّحيبِ
 
آهٍ على سِرِّكَ الرَّهيبِ * ومَوجكَ التائهِ الغريبِ
 
يا نِيلُ يا ساحرَ الغُـيوب… إلخ
 
 تغنّى بها الموسيقار محمد عبد الوهاب
 
– – –
 
محمود حسن إسماعيل 2
 
زَأَرْتِ في حالِكِ الظلامِ * وقُمتِ مشدودة الزِّمامِ
 
للنور للبعث للأمامِ * لبأسِكِ الظافر العتيدِ
 
ومَجْدِك الخالد التليدِ * عَصَفتِ بالنار والحديدِ
 
وعُدتِ للنور من جديدِ * بغدادُ يا قلعة الأسودِ… إلخ
 
تغنّت بها السيّدة أمّ كلثوم في أعقاب الثورة العراقية على النظام الملكي سنة 1958
 
* * *
 
مثالًـا على الضرب المقصور فعُـوْلْ
 
والتالي أشطُر مُصَرَّعة من مُوشّح لشاعر أندلسي، على الأرجح، أردتُ الإشارة بها إلى جواز النّظم على المُضطرِب مشطورًا! شأنه شأن الرَّجَز والسّريع
 
علّقتُهُ أوْطَفًا كَحيلْ
 
يَحْسِدُهُ الغُصْنُ إذْ يَميلْ
 
تجولُ في ثغرهِ شَمولْ
 
رجُل أَوْطَفُ بَيِّن الوَطَف وامرأة وطْفاء إذا كانا كثيرَي شعر أهداب العين. والشَّمُول: الخَمْر لأنّها تَشمَل بريحِها الناس- لسان العرب
 
* * *
 
لأننا في الوجود- سعيد عقل
 
يا بعضَ ما أنتِ، هَلْ نوالْ * لموعدٍ باتَ في المُحالْ؟
 
 ولي، إذا تذكُرينَ، عهدٌ * أبهى وأشهى مِن الخيالْ
 
يا طِيبَ ما اٌنهارَ فوق زَندي * ذَيّالِكَ الخصْرُ مِن دَلالْ
 
ورائحٌ حبّنا وغادٍ * على نجومٍ، على لَيالْ… إلخ
 
من ديوان الشاعر؛ المجلّد الثاني ص 12
 * * *
 
مثالًـا على الضرب المُسبَّغ فـعُـولـاْنْ
 
 الزهاوي 2
 
لا يغضَبِ النّاسُ مِنْ مقالي * إنْ قُلتُ: أصلُ الإنسانِ حَيْوانْ
 
فإنّ إنسانًا اٌبن قِرْدٍ * أفضَلُ مِنْ قِردٍ ابنِ إنسانْ
 
لا يَغضَبِنْ- ناسُمِنْ- مَقالي * إنْ قلتُأَصْ- لُلئِنسا- نِحَيْواْنْ
 مُستفعِلُنْ- فاعِلُنْ- فعُولُنْ * مُستفعِلُنْ- مفعولُنْ- فعُولَـاْنْ
 
فإنْنَئِنْ- ساننِبْ- نَقِردِنْ * أفضلُ مِن- قِردِنِبْ- نِئِنْسانْ
 مَفاعِلُنْ- فاعِلُنْ- فَعُولُنْ * مُفتَعِـلُنْ- فاعِلُنْ- فعُوْلَـانْ
 
وقد أسكِنتْ ياء حيوان للضرورة الشعريّة وهذا جائز. أمّا البيت الأوّل ففيه جمع بين المضطرب في صدره وبين اللاحق في عجزه
 
* * *
 
لعلّ خير ما أختم به هذه الحلقة مقطع من قصيدة مُعارِضَة لمُعَلّقة عبيد بن الأبرص. والقصيدة حلقة في سلسلة معارضة المُعَلَّقات العشر التي انفرد بها صاحب السلسلة عبر تاريخ الشِّعْـر العربيّ كُلِّه إذ لم يسبقه أحد إلى نظم مثلها وهي منشورة الكترونيًّا
 
رياض الحبيّب
 
سَبْعًا حكىٰ المَلِكُ المصلوبُ – لِسانُهُ مُحْكَمٌ عَجيبُ
 
الواهِبُ الإبن َ خيرَ أمٍّ – والإبنُ للرَّبِّ مُستجيبُ
 
عطشانُ لا يرتوي بماءٍ – ترويهِ مِن حُبِّها القلوبُ
 
أنتَ معي اليوم في الفردوس بَلْ – لكُلِّ مَن آمَنوا نصِيبُ
 
غفرانُهُ غيرُ مُستحَقٍّ – لولا على مَتْنِهِ الذنوبُ
 
قد أُكْمِلَ العَهْدُ في جديدٍ – ومِن نبوّاتِهِ الصّليبُ
 
إيلي لماذا تركْتَني، هلْ – تذكَّرَ الشعْبُ ما مكتوبُ؟
 
يا أبَتي في يَدَيْك رُوحِي – بالمَوتِ عَن خاصّتي أنوبُ
 
فاٌنشقّ عَن هَيكلٍ حِجابٌ – وعافهُ كاهِنٌ مُريبُ
 
للنّاس مفتوحة سَماءٌ – يأوي إلى الله مَن يتوبُ
 
مُعترِفًا بالمسيحِ رَبًّا – والصّوتِ: هذا اٌبنِيَ الحبيبُ
 
واٌنفتحتْ بَغتة قبورٌ – والمَوتُ مهما يَطُلْ مغلوبُ
 
حالَ إلى ظُلْمَةٍ فضاءٌ – لكنْ كسُوفٌ طغىٰ غريبُ… إلخ
 * * *
 
موقع البشارة albishara.org موقع الإنجيل enjeel.com/search.php
 
موقع الباحث العربي baheth.info
 
¤ ¤ ¤ ¤ ¤

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

ملّخص أفكار النمري في القضيّة الفلسطينيّة / 1

رعد الحافظ

الحُريّة الفكريّة أغلى أنواع الحريّات عند الليبرالي .
هناك بشر لا تحتويهم آيدولوجيا بعينها , سواءً كانت دينية أو حزبية . لا تستعبدهم ثمّة فكرة بذاتها . بل تراهم ينصتون لكل مختلف .
والحقّ أقول , وجدتهم في الغرب (عموماً) يربّون أبنائهم بتلك الطريقة .
وعلى عكس ما يحدث عندنا , فلا يكبر الطفل في الغرب وهو يكره كلّ مختلف , بل يميل لمصادقة ومصاحبة المختلفين عنهُ أكثر من بني قومهِ .
( وتعالوا شوفوا الحُبّ والأشواق بين الشقراوات السويديات والشباب الأفريقي ) … ما علينا
فيما يخصّني فقد سرتُ في هذا الطريق وتقبلتهُ ووجدتُ فيه نفعاً كثيراً .
وأبسط مثال يحضرني هو موقفي من جماعة الإخوان المسلمين في مصر وكراهيتي الشديدة لطرقهم البائسة والمنافقة , في ركوب مصر وشعبها , الذين أذوب بهم حُباً .
لكن هذا لن يمنعني من الإشادة بخطاب / محمد مرسي يوم أمس , في مؤتمر عدم الإنحياز في إيران , خصوصاً ما يتعلّق بالقضيّة السورية .
عندما أعلن موقفهِ الشجاع الصريح الى جانب الشعب السوري , ضدّ قاتل شعبه / بشار الأسد .
هل تقولون لي / هذا إنفصام أو إزدواج معايير أو ما شابه ؟
أبداً , أنا يهمني الموقف أصلاً , وما يقود إليه .
وسأبقى أنقد الإخوان المسلمين و تبعاً لمسيرتهم , دون أن أشعر بتناقض الإشادة بموقف مرسي ذاك .
هذه المقدمة , هي لتوضيح لماذا أقرأ واُلخص فصل للأستاذ فؤاد النمري , رغم الخصومة الفكريّة الباديّة في عموم حواراتنا .
هذا الفصل ( بخصوص القضيّة الفلسطينية ) , من كتابه الموسوم / قضايا معاصرة في التحليل الماركسي / 2004
وجدتُ فيهِ خيطاً واضحاً للحقيقة التي يمكن البناء عليها لأجل السلام .
لأنّهُ لا يمكن البدء بأيّ خطوة مفيدة دون معرفة أخطائنا والإعتراف بسلبياتنا , وموافقتنا على التصحيح .
الإستعداد للسلام يتطلّب الشجاعة في مواجهة النفس أولاً .

************
يقول النمري في مقدمتهِ عن (( طاعون الآيدولوجيا )) ما يلي :
عزيزي القاريء
أرجو إعتبار الكتاب بين يديك صرخة إحتجاج قوية ضد إفتراس الإيديولوجيين للمواطن العربي .
اُبتليت الشعوب العربية بنكبات كارثية كثيرة لكن طاعون الإيديولوجيا كان الكارثة الأعظم على الإطلاق.
إنّها أعطبت العقل العربي وهو ما تسبب بالتالي بسائر النكبات الأخرى.
يعمل الإيديولوجي عمل القاضي المُرتشي , الذي يقرر الحكم سلفًا قبل أن يدرس حيثيات القضيّة .
أو عمل دعيّ الطب الذي لم يدرس الطب بتاتًا ومع ذلك يُسمّي المرض ويحدد العلاج , وهو لا يعرف كيف يفحص المريض.
*************
ص 144 يقول
يدّعي بعض المتأسلمين الغيبيين أن العرب وبعد أن إنهزموا هزائم كبرى متلاحقة أمام الأعداء, إكتشفوا أن الله خذلهم بسبب إبتعادهم عن طريق الإسلام.
هذا كلام لا يستحق المناقشة لأن الأعداء الذين هزموا العرب لم يعرفوا الله ولم يتعرفوا عليه.
لكن المهم في هذا السياق , وهو ما يغيب تمامًا عن دراسات المفكرين العرب الكثيرة حول هزائم وإنكسارات العرب الحديثة , هو أنّ العرب لم ينهزموا بسبب أخطائهم في إدارة الصراع .
نعم أخطاؤهم كانت كثيرة , لكن ليس من بينها البُعد عن الله .
بل إنهزموا لأن الأساس العالمي الذي قامت عليه الثورات الوطنية في كل أرجاء الأرض, ألا وهو الثورة الإشتراكية المتمثلة بالإتحاد السوفياتي , كان هذا الأساس قد بدأ يتفكك في ستينيات القرن
الماضي .
لم يقم السوفييت بحماية مصر من الضربة الإستباقية الإسرائيلية كما كانوا قد تعهدوا لعبد الناصر في 4 يونيوه 1967 .
وفي أكتوبر 1973 لم يوفروا الحماية الجوية للدبابات المصرية في معركتها فيما وراء خط الصواريخ المصرية. مع أنّهم هم الذين
كانوا قد فرضوا المعركة على (أنور السادات) بقصد تخفيف الضغط على الجبهة السورية .
ليس العرب وحدهم الذين إنهزموا !
كل العالم إنهزم . نكروما إنهزم , سوكارنو إنهزم , لومومبا إنهزم , بن بيلا إنهزم , ألليندي إنهزم , و الساندينيست إنهزم .
بل وحتى ماوتسي تونغ ( أعظم الثوريين ) إنهزم !
كل هؤلاء إنهزموا قبل العرب ومع العرب وبعد العرب .
وسبب ذلك كلّه يعود, إلى أنّ الثورة الإشتراكية في حصنها الأحصن موسكو , كانت قد إنهزمت قبل جميع المهزومين .
الإسلاميون والمتأسلمون لن يقودوا العرب إلى أي إنتصار .ذلك لأنّهم إستدرجوا الأمة إلى صراع يعتبر في علم التاريخ من أدنى الصراعات ألا وهو صراع الهويّات !
*******************
( الآن سأختصر المقطع القادم )
المتأسلمون يحرصون ليكون صراعهم صراع هويّات .
لأنّ أيّ صراع آخر ذي بُعد إجتماعي أو طبقي من شأنه أن يدفع بهم إلى خارج الحلبة نظرًا لأنهم يفتقدون لأي مشروع إجتماعي.
إنهم لا يمتلكون من مفردات المشروع الإجتماعي التنموي الذي هو
الهدف الأول والأخير لصراع الأمم والشعوب اليومي سوى ( العدالة ) .
ومفهوم العدالة غائم غير واضح الحدود .إستخدمهُ حتى المغامرين بمصائر شعوبهم والمتسلطين على رقابها والناهبين لثرواتها .
****************
يعلم الإسلاميون والمتأسلمون جيداً أن الغرب الذي يجيّشون جيوشهم عليه اليوم , ليس بذي دين . وهو لذلك لا يحفل مطلقًا إذا ما تعّلق المسلمون بدينهم , أم لم يتعلقوا .
بل الغرب نفسه يحّض المسلمين على التعلّق بحبال الدين مستهدفًا إبعادهم عن الشيوعية .
وكم من دولة عميلة للغرب جعلت من نفسها وكيل الله على الأرض! وأخيرًا ما لا بدّ أن يأخذه الإسلاميون والمتأسلمون بعين الإعتبار هو
أن حملة الأسلمة التي يقودونها ستصير إلى الفشل المحقق.
وإّذاك سيرتد المسلمون على إسلام هؤلاء المتأسلمين, وبذلك يكون هؤلاء قد أضرّوا بالدين ضررًا سيندمون عليه, ولاتَ ساعة مندم !
************
في الجزء القادم / يقول النمري
للإمبريالية دور(( رئيسي )) في صناعة وإنتاج القضية الفلسطينية .
لكن للعرب دور (( أساسي)) في صناعتها وإنتاجها .
والدور الأساسي يسبق الدور الرئيسي, طالما أن الأول هو
من يرسي الأساس, الذي بدونهِ لما استطاعت الإمبريالية أن تبني شيئًا إسمه القضية الفلسطينية .
ويتحدث عن ثقافة العرب والمسلمين الإقصائية للأخر الى حدّ الإفناء .
وينتهي بفكرتهِ ( المثيرة للجدل ) , في الحلّ .

تحياتي لكم
رعد الحافظ
31 / 08 / 2012

Posted in فكر حر | Leave a comment

وداعا – أيمن عبد الرسول – الباحث والكاتب والصحفي , المصري الليبرالي .

صلاح الدين محسن

حزنت جدا. عندما قرأت بالفيسبوك خبر رحيل ” أيمن عبد الرسول ” .
– أقامت ” الجمعية المصرية للتنوير” تأبينا له – حسبما علمنا .
عرفت ` أيمن عبد الرسول` . عن طريق شقيقي ” عادل ” – هو حاليا بالمعاش – كان ذلك في أواخر يوليو 2000 . عقب خروجي من المعتقل السياسي . في قضية رأي وفكر .
كان شقيقي يعمل بدرجة مدير أقسام . بأحد المصانع . بمدينة 6 أكتوبر – مصر – وقال لي أن حد أفراد أمن المصنع . لاحظ اشتراك اسمه مع اسمي فسأله عني . ولما تأكد انه شقيقي . طلب منه التعرف عليّ . وأخبره بانه كاتب وله مقالات منشورة . وابدي رغبته في زيارتي . كان مسكني حينها قريبا من المنطقة الصناعية التي بها المصنع . وبالطبع رحبت بزيارته .

في اليوم التالي جاءني شقيقي . وقال لي ” لقد حملني لك نسخا من بعض مقالاته , فان ناسبك الوقت , سوف يزورك غدا في العاشرة صباحا . لأن عمله – وردية مسائية – ينتهي في الصباح . وسيزور قبل الذهاب لبيته ” – في حي المطرية بالقاهرة.. حسبما أتذكر – .

عندما زارني ” أيمن “. كنت قد قرأت ما تسلمته من كتاباته . وتوقفت عند ما قالته الناقدة والصحفية الكبيرة والمناضلة ” فريدة النقاش ” رئيسة تحرير مجلة ” ادب ونقد ” حينها . وهي تقدمه للقراء في اول مقال تنشره له بالمجلة . انها تقدم لهم مفاجأة . الباحث ايمن عبد الرسول – 27 سنة – .. وكان فعلا مفاجأة ..

لا أعتقد أن القراء كانوا يعرفون أن صاحب تلك الابحاث القيمة . لم يكن يستطيع الحصول علي نفقات المعيشة , الا عن طريق العمل كموظف أمن , بأحد المصانع , يعمل تارة بالنهار , وتارة أخري في الليل. ليحرس المصنع .. ويأخذ معه كتبه وأوراقه ليقرأ ويكتب . حين يسمح له وقت و ظروف العمل ..

عندما زارني . سألني ان كنت قد قرأت ما أرسله لي من مقالاته , مع شقيقي . وعن رأيي فيها ان كنت قد قرأتها ؟
وكان رأيي انها علي مستوي أبحاث الدكتور نصر حامد أبو زيد – الباحث والأكاديمي المعروف – والذي رحل مؤخرا -. و كان دكتور نصر , مشهورا جدا حينها , بما أثارته ابحاثه من ضجة ثقافية , وقضية كبري يتذكرها المهتمون ..
واستطردت كلامي لأيمن عبد الرسول : لو لم تكتب اسمك علي أبحاثك . لقلت – أنا أو أي قاريء متابع – أنها للدكتور نصر حامد أبو زيد . لذا عليك بابتكار أسلوب جديد خاص بك . يبعدك عن تقليد ” د. نصر حامد ابو زيد ” لتكون لك شخصيتك المستقلة .. فانت باحث موهوب , و متمكن جدا .. .

التقينا مرة أخري بعد أسبوع – تقريبا في أوائل اغسطس عام 2000 – بمقهي بوسط القاهرة يرتاده الكتاب والصحفيون ..
حدثني عن صداقة تربطه بعائلة شهيد الفكر ” د. فرج فودة ” , وكان قد عرفه قبل رحيله … وضحك عندما قلت له : انك تبدو من نفس السلالة الفوداوية . ففيك قدر . يذكرني بضخامة ” فرج فودة ” . اذ كان فارع الطول , عريض المنكبين .

وبعدها انفطعت الصلة . حيث قضيت 4 سنوات بالسجن السياسي , منها سنة مراقبة أمنية . بعد الخروج . لا تقل سوءا عن سنوات السجن , ووجدت كل الأبواب مسدودة في وجهي , وضرورة خروجي من مصر , كانت مسألة حياة أو موت . سافرت لكندا في منتصف سبتمبر 2004 – و لم أعرف أخبار أيمن عبد الرسول . الا عندما بدأت أنشر مقالاتي من كندا – علي الانترنت – في يونيو 2005 . وصلتني منه عدة ايميلات . أحسست منها انه ُمتعب جدا – ككل المثقفين الذي يعيشون في ظل قمع سلطات مبارك – , وربما كان يأمل في مساعدته علي السفر لخارج مصر . وحينها كنت أصارع في كندا , لأجل البقاء . لم يكن قد مضي علي وصولي سوي أقل من عام , وأواجه مشاكل وعقبات وصراعات شتي , أبسطها مسالة اللغة التي لم أكن اتقنها ..
بعض المعارف والأقارب بمصر. ممن يعانون بالداخل من سؤ الأحوال المعيشية – وسؤ الاحوال العامة – التي نعرفها جميعا . يتخيلون أن من ساعدته الظروف علي وضع قدمه باحدي دول الخارج , باستطاعته علي الفور .. مساعدة غيره ممن كان يشاركهم الغرق في مستنقع بلاد يحكمها الفساد والمفسدين . – ولم تكن رسائل ” أيمن ” هي الوحيدة من نوعها التي جاءتني من معارف وأصدقاء وأقارب , كنت أشعر بما تحمله , وان لم يطلبوا شيئا – .

بعد بضع سنوات . بدأت أشاهد له علي الانترنت . مقالات ممتازة , و بعض أحاديث أجريت معه – , ثم عرفت انه تولي رئاسة تحرير . جريدة يرأس مجلس ادارتها الكاتب الليبرالي ” نبيل شرف الدين ” . , وعلي الفيسبوك قرأت الكثير من مشاركاته القيمة . فكنت أفرح وأطمئن , لأنه في خير.
ولكن فجأة قرأت خبر رحيله. الذي أحزنني , بل صدمني . – في الغالب لم يكمل 40 عاما من العمر- ولكن هكذا هي الحياة , غادرة ولا أمان لها .
نقول وداعا للباحث والصحفي والكاتب الشاب ” ايمن عبد الرسول ” .
طاب ذكره , وطاب مثواه .
لمراسلة الكاتب :

Posted in الأدب والفن, فكر حر | 1 Comment

النمري ونهاية اقتصاد السوق؟

طلال عبدالله الخوري   تم نشرها بتاريخ 17\12\2011

كتب الصديق الاستاذ فؤاد النمري مقالاَ بعنوان: نهاية اقتصاد السوق؟ ولسوء الحظ لم يحو هذا المقال اي حقيقة من علم اقتصاد السوق, وبالرغم من ان الاستاذ النمري ينتمي لمدرسة الاقتصاد الاحتكاري الحكومي, على عكس توجهاتنا الاقتصادية للسوق الحر التنافسي, فنتمنى بان اختلافنا بالرأي لا يفسد للود قضية ونتمنى ان يتسع صدر استاذنا النمري لقليل من النقد؟

يقول الاستاذ نمري:

أحد الأخصائيين في علم الإقتصاد عرّف ” اقتصاد السوق ” بعدة مبادئ أهمها الثلاثة التالية ..
1) يشتري الناس ما يحتاجونه عندما يكونون قادرين على دفع ثمنه.
2) الفلوس شرط أوليٌ للحياة.
3) الناس مرغمون لعمل أي شيء وبيع أي شيء ليحصلوا على الفلوس.

رد الكاتب

من هو هذا الاختصاصي؟ اين المرجع؟ هذا التعريف لاقتصاد السوق ليس له علاقة باقتصاد السوق لا من قريب او بعيد؟ ما هكذا تورد الابل بالبحث العلمي من ناحية عدم ذكر اسم الاختصاصي وعدم ذكر المرجع؟
عادة عندما نصادف مثل هذا الاسلوب بالكتابة من الكتاب اليساريين نتوقف عن القراءة ونندم بأننا فتحنا الصفحة وحاولنا القراءة, ولكن من اجل تبيان ضعف وضحالة الكتابة العربية اليسارية ومن اجل فائدة القارئ فسنقوم بمتابعة قراءة مقال الاستاذ نمري. فنحن نجزم بأننا لم نقرأ لكاتب يساري جملة مفيدة واحدة قط! هذا عدى عن عدم تحديد هوية لليسار الى الآن؟ يبدو ان فكر اليسار يقتصر على المدافعة عن مصالح الاتحاد السوفياتي سابقا ومصالح روسيا الاتحادية الأن!
يستخدم الاستاذ نمري هذا التعريف الخاطئ للاقتصاد ويقوم بالتهجم على اقتصاد السوق والرأسمالية والتي ينعتها بالمتوحشة.

فيقول النمري بأن: إقتصاد السوق، كما في تعريف الأخصائي أعلاه، يصادر حق الإنسان في الحياة فيمنعه عمّن لا يمتلك الفلوس، إذ يشترط على كل إنسان أن يفعل أي شيء لينتج أي شيئ قابلاً للمبادلة بالنقد في السوق لكي يكتسب الحق في الحياة. أليس هذا شرطاً همجياً خضع له الإنسان المتوحش قبل عشرات ألوف السنين كي يتحاشى الإنقراض؟ لماذا ما زال هذا الشرط سيفاً مصلتاً على رقاب بني البشر رغم انقضاء حقب وعصور على تقدم الإنسان على طريق الأنسنة ؟ فكل إنسان على وجه الأرض إن لم يمد أصبعه إلى السوق فلن يكون له نصيب في الحياة. تلك هي الهمجية التي مازال المتخلفون من بني البشر يقبلون بها ويطبقونها خلافاً للمادة الثالثة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تؤكد لكل إنسان حقه في الحياة، إمتلك فلوساً أم لم يمتلك !! اليوم ومختلف منظمات حقوق الإنسان تنادي بقوة برفض الحكم بالإعدام حتى على أبشع المجرمين، يحكم مناصرو اقتصاد السوق بإعدام كل من لا يملك الفلوس ولو كان من أطهر بني البشر!! تلك هي قمة الهمجية خاصة ونحن نعلم أن النظام الرأسمالي وبحكم بنيته يحافظ على نسبة 4% من طبقة العمال بالحدود الدنيا لا تعمل كآلية للتحكم بمستوى الأجور.

رد الكاتب:

هذا كلام لا يطابق الواقع ولا يتفق مع علم الاقتصاد, فاقتصاد السوق بآلياته التلقائية افضل من يعدل بين الناس ويسمح للناس بتبادل السلع التي ينتجونها, بحيث يحصل كل منهم على افضل السلع التي يحتاجها مقابل السلع التي ينتجها, والاكثر من هذا فان من فوائد السوق هو انه يحدد للناس كمية ونوعية السلع التي يطلبها المستهلكون, ويحفز على انتاج هذه السلع بجودة عالية وذلك بسبب الاجواء التنافسية الحرة للانتاج وللاستهلاك؟ راجعوا مقالاتنا عن اقتصاد السوق والموجودة على النت.

يقول الاستاذ النمري:

في فجر التاريخ الذي امتد ربما آلاف السنين كانت تتم مبادلة المنتوجات عينياً وبالمصادفة، كأن يلتقي مربي أغنام مع حداد في غير مكان مثلاً ويتبادلان خروفاً مقابل فأس حديدية، والفيصل في هذه المبادلة هو القيمة الإستعمالية للشيء وليس القيمة الرأسمالية.

رد الكاتب:

ما هو الفرق بين القيمة الاستعمالية والقيمة الرأسمالية؟؟ هذا الخلط ليس له علاقة بعلم الاقتصاد؟ فعلم الاقتصاد يقول بان الانسان منذ فجر التاريخ الى الان يتبادل السلع حسب قانون العرض والطلب والتي تسمى احيانا القيمة التبادلية؟ فما هي هذه القيمة الاستعمالية وكيف يتم تحديدها؟ وبنفس الوقت ما هي القيمة الرأسمالية للسلعة؟ وكيف يتم تحديدها؟

يقول النمري

وما هو جديد أيضاً في السوق الرأسمالية هو الاحتواء الإمبريالي حيث يتحكم المركز الرأسمالي بآلية العرض والطلب في المحيط التابع له، كما أن تنظيم الكارتل والتروست يلعبان ذات الدور.

رد الكاتب:

ما هو المركز الرأسمالي؟؟ كيف يتحكم بألية العرض والطلب؟؟ ما هو اقتصاد المركز؟؟ هل تتخيل مثل هذه الاشياء والمصطلحات وتكتبها للقراء بمقالاتك؟؟ هل لديك مراجع؟؟

يقول النمري:

خاصية نظام الانتاج الرأسمالي وهي الإنتاج الكثيف تضطره إلى توسيع دورته حيث يستحيل أن يبدل كل إنتاجه الكثيف بنقد في السوق المحلية فيفيض إنتاجه الفائض إلى المحيط. بنية النظام الرأسمالي هي بنية خلوية فيها المركز وحوله المحيط وأي تهديم لتلك البنية يعني بالضرورة انهدام النظام الرأسمالي وهو ما تفعله العولمة اليوم فلا يعود المركز مركزاً ولا المحيط محيطاً. قبل مائة عام كتبت روزا لكسمبورغ تقول .. تنهار الرأسمالية عندما لا تعود قادرة على التمدد (جغرافياً)، فما بالك وقد حرمت مع بداية السبعينيات من كل امتداد كانت قد امتدته سابقاً !؟ انهيار الرأسمالية غدا حكماً قاضياً في السبعينيات لا رجعة عنه.

رد الكاتب:

خاصية نظام الانتاج الكثيف ليس له علاقة باقتصاد السوق لا من قريب او بعيد؟ فكمية الانتاج يحددها السوق عبر قانون العرض والطلب, أي بنهاية الامر المستهلك هو الذي يحدد كمية الانتاج! وبناءاً عليه فان استنتاج النمري وروزا لوكسمبورغ هو مجرد هراء, وهذا ما اثبته الواقع, فلقد مضى على السبعيانات أكثر من اربعين عاما وما زال اقتصاد السوق وقانون العرض والطلب يعملان, وسيظلان يعملان ما وجد الانسان على الارض.

يقول النمري:

التصدعات في بنيان الثورة الاشتراكية التي أخذت تتسع وتتفاقم في الستينيات والسبعينيات سمحت بانهيار نظام الإنتاج الرأسمالي في السبعينيات إلى جهة إنتاج الخدمات بدل إنتاج السلع خاصة وأن الخدمات لا حدود لاستهلاكها محلياً من مثل الخدمات التعليمية والصحية والأمنية وغيرها فتستهلك جميعها محلياً ولا تحتاج إلى تصدير فلا يعود المركز بحاجة إلى محيط. استسلم الرأسماليون لطبقة البورجوازية الوضيعة، المنتج الحصري للخدمات، وهو ما شكّل ضربة قاصمة للبروليتاريا إذ خسرت أكثر من نصف أعدادها بتحوله إلى الطبقة الوسطى وإنتاج الخدمات، وتراجعت شروط العمل وصار إلى تعطيل ما يزيد على 10% من البروليتاريا في بطالة كلية. وبعد أن كان للبروليتاريا أثر فاعل في توجيه العالم وتقرير العلاقات الاجتماعية والدولية فيما بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة تعاني اليوم من تهميش مريع وفقدان كل أثر في تقرير حياة المجتمع. في العام 1847 رأى ماركس وإنجلز شبح الشيوعية يحوم في سماء أوروبا واليوم وبعد 164 عاماً يغيب هذا الشبح نهائياً من كل سموات العالم ومن كل آفاقه !!

رد الكاتب:

كيف سمحت التصدعات في بنيان الثورة الاشتراكية بانهيار نظام الانتاج الرأسمالي؟؟ هذا مجرد هراء ولا علاقة له بالبحث والعلم! فالانتاج حسب قوانين السوق مستمرة ما دام الانسان موجود على الارض؟
المنتج, بالعادة, ينتج السلع التي يحتاجها المستهلك بغض النظر فيما اذا صنفها النمري كسلعة خدمية او سلعة حقيقية, وذلك حسب قانون السوق للعرض والطلب؟ فهذا التصنيف لا يهم احد غير النمري!
نحن لا نريد من الاستاذ النمري بان يرى اشباحا كما يدعي هو بان ماركس وانجلز رأوه!! فنحن نريد مقالات علمية ولا نريد رؤية اشباح؟

وفي الختام هذا غيض من فيض من الهراءات التي يتحفنا بها بعض الكتاب اليساريين ونحن ما زلنا ننتظر بأن يتم تعريف اليسار وتحديده وعلى الاقل تحديد مشاريعه المستقبلية.

http://www.facebook.com/pages/طلال-عبدالله-الخوري/145519358858664?sk=wall

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

نبيك هو أنت.. لا تعش داخل جبّته! (15)؟

وفاء سلطان

سُئل عالم الرياضيات والفيلسوف البريطاني الشهير
Bertrand Russell:
لنفرض أنك مت ووجدت الله حقيقة، كيف ستبرر إلحادك وماذا ستقول له؟
ردّ على الفور: سأقول له، يا رب لقد خلقتني عالما في الرياضيات، وعالم الرياضيات لا يؤمن بشيء مالم يكن هناك برهان يُثبت وجوده، لماذا لم ترسل لي البرهان؟!!
لكن زميله عالم الرياضيات والفيلسوف الفرنسي الشهير
Blasé Pascal
يبدو أكثر تساهلا فيما يتعلق بهذا الأمر، إذ يقول: “هناك احتمالين لا ثالث لهما، إمّا الله موجود وإما غير موجود. إذا آمنت به وكان موجودا ستنال جنته، وإن لم يكن موجودا لن يضرّك الأمر، ولذلك من الأفضل أن تؤمن به”.
يعترض على عبارته الأخيرة ” ولذلك من الأفضل أن تؤمن به” الفيلسوف والمفكر الأمريكي
Richard Dawkins
 بقوله:
“الإيمان بالله ليس قرارا تستطيع أن تتخذه، وإنما حاجة ملّحة يشعر بعض الناس أنهم لا يستطيعون أن يعيشوا بدونها، والبعض الآخر يشعرون أنهم لا يحتاجونها”
هذا صحيح، فقد تذهب كل يوم إلى معبدك وتصلي حتى تقوم الساعة ولكن يبقى في داخلك شكّ بوجود الله. لذلك كل الطقوس والشعائر الدينية التي يقوم بها الإنسان لا تستطيع أن تثبت إيمانه، مادام في داخله شكّ بجدوى ذلك الإيمان.
الأم تيريزا فنت حياتها كي تخدم غيرها، وبطريقة أوحت بها للناس إنها كانت تفعل ذلك في سبيل دينها والمسيح الذي آمنت به. لكنّ رسائلها التي ظلت طيّ الكتمان، بناء على رغبتها، ثم تمّ الكشف عنها بعد موتها أكدت بأنها كانت طوال حياتها تشكّ بوجود الله.
لنفرض جدلا بأن الله موجود، هل سيقبل ذلك الله أحدا يكذب في مشاعره فيخفي منها مالا يظهره؟
هل سيُدخل أحدا في جنته لأنه صلّى وصام والتزم بكل شعائره الدينية، رغم أنه كان يشكّ في أعماق أعماقه بصحة ذلك الوجود وبجدوى ما كان يقوم به؟!!
إذا ما الحكمة من أن نجبر أحدا على اعتناق الإسلام؟ ما جدوى أن نقاتل من لا يؤمن بـ “الله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ولا يدينون بدين الحق”؟ عندما يتظاهر أحدهم بالإيمان خوفا من حدّ السيف، هل سيقبل الله إيمانه؟!!
الإيمان عملية قبول مطلق لفكرة ما رغم عدم وجود برهان لإثباتها. فهل يستطيع إنسان أن يقبل فكرة ما بالمطلق لمجرد أنه يخاف من حدّ السيف؟!!هل يعتبر تظاهره بالقبول إيمانا في تلك الحالة، وما جدوى أن يتظاهر الإنسان بعكس ما يضمر؟!!
الإيمان أو عدم الإيمان هو محض خيار، ويجب أن تكون حرّا في التعبير عن طبيعة إيمانك كي يظل إيمانا، وإلاّ أصبح مجرد قناع يخفي وراءه الحقيقة.
لكن ما الذي يحدث مع الزمن؟!!
قد يلتصق القناع بوجه صاحبه حتى يصبح جزءا حقيقيا منه، وهذا ما حدث لآبائنا وأجدادنا الذين أسلموا تحت حدّ السيف، ثم توارثنا أقنعتهم بلا خيار!
تلك حقيقة أثبتها علم النفس، فاللاوعي يصدق كل ما يقال له ومع الزمن لا يملك القدرة على التمييز بين الحقيقة والوهم، فيدفع الوعي إلى تنفيذ ما يثبت صحة ما سمعه.
قد يكذب الإنسان ومع الزمن يصدق كذبته، وتتحول تلك الكذبة بدون وعيه إلى جزء من برمجته العقائدية.
الدين فكرة ويجب أن يبقى الإنسان سيّد أفكاره، وأن لا يسمح لها بأن تسوده.
عندما يُجرد الإنسان من قدرته على طرح السؤال يتحول إلى عبد للفكرة التي يؤمن بها.
إذن قدرة المرء على طرح السؤال حيال ما يؤمن به يحميه من إيمان أعمى قد يقوده إلى حتفه، كما يقود الراعي الماشية إلى مذبحها.
عندما يحتفظ المرء بقدرته على طرح الأسئلة حول جدوى الإيمان بأية فكرة يبقى قادرا على إعادة النظر في إيمانه بتلك الفكرة عندما تفقد مصداقيتها، وبالتالي لا يسمح لها أن تستبد به وتجعله رهنا لها.
………..
لكي يتمكن المرء من طرح الأسئلة المناسبة في الزمن المناسب، يجب أن يصغي بوعي واهتمام إلى ما يسمعه من أفكار كي يتمكن من فهمها على حقيقتها.
يصرّ المفكّر الأمريكي
Stephen Covey
 في كتابه: “العادات السبع للناس المؤثرين بقوة” على أن فن الحوار هو أهم المهارات التي يتطلبها النجاح في أي حقل، ويقسّم ذلك الفن إلى أربعة أقسام: الكتابة، القراءة، التحدث والإصغاء، مانحا للإصغاء حصة الأسد بينها من حيث الأهمية.
يقول عبارته المشهورة:
Seek first to understand then to be understood.
انشد أولا أن تفهم غيرك قبل أن تطالب غيرك بفهمك.
……….
لو أصغى الناس باهتمام إلى الأفكار التي يسمعونها أو يقرأونها وفهموها على حقيقتها لألقوا معظمها في سلة المهملات، قبل أن يسمحوا لها بدخول حيز اللاوعي عندهم، وبالتالي لغابت من جهازهم العقائدي.
والسمع هنا يختلف عن الإصغاء، فالسمع هو الآلية الفيزيولوجية التي يتم بواسطتها الإحساس بالصوت، أمّا الإصغاء فهو فهم وإدراك ما تعنيه تلك الأصوات.
عندما تستمع إلى شخص لا يعني هذا بالضرورة أنك تصغي إليه!
عندما أصغي إلى خطبة الجمعة في أي بلد إسلامي وأعي كل كلمة قيلت فيها، استغرب كيف يستمع ملايين الناس إلى تلك الخطب، بما فيهم أصحاب الشهادات العليا من أطباء ومهندسين وعلماء رياضيات وخبراء في علم النفس، ولا يشنقون خطبائهم!
لكن يتبدد استغرابي عندما أعلم علم اليقين بأنّ معظمهم لا يصغي، وبالتالي لايفهم ما يقال في تلك الخطب! وطالما لا يفهمون ما يقال فيها هم لا يستطيعون أن يطرحوا أسئلة حول أخلاقية ومصداقية ما جاء في تلك الخطب.
كيف يصغي طبيب مسلم إلى المأذون السعودي الشيخ محمد المعبئ، وهو يفتي بأنه يحق لولي الفتاة أن يعقد قرانها على من يختاره وهي في السنة الأولى من عمرها، كيف يصغي إليه ولا يطالب بحجره؟!!
كيف يصغي إنسان باهتمام ووعي إلى الآية التالية ولا يسقط هذا الهراء من وعيه؟!!

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ

المسلمون لا يقرأون القرآن وإنما يتلونه، وهناك فرق كبير بين القراءة والتلاوة. عندما تتلو لا تستطيع أن تصغي لأنك تسقط عبدا للنغمة، أما عندما تقرأ فأنت ملزم بالإصغاء كي تعي ما تقرأ.
منذ ألف وأربعمائة عام والمسلمون يتلون الآية السابقة، هل أحد فيها يعي ما تقوله؟!!
هل أحد فيهم يعرف أين تبدأ الجملة فيها وأين تنتهي؟
……………….
ما هي الأرملة السوداء؟
“الأرملة السوداء” لقب يُطلق على أنثى نوع من العناكب
Black widow spider.
يتلاقح ذكر ذلك النوع مع الأنثى بطريقة غريبة لم يجد لها العلماء تفسيرا.
يقترب الذكر والأنثى من بعضهما عبر حركات رقصية مثيرة للدهشة، وعندما يلتقيان يتوحدان مع بعضهما. بعد أن يمارسا فعل الحياة تهجم الأنثى على الذكر وتضربه حتى يلقي حتفه.
………………..
ما هي “اللامينغز”؟
اللامينغز
Lemmings
 حيوانات تشبه القوارض (الجرذان) يغطيها فرو ثخين وتعيش في القطب الشمالي.
عندما يزداد عددها وتقل مصادر عيشها تختار أحدا منها ليقودها. يمشي القائد ويلحق به سرب من تلك الحيوانات ويذهب إلى أعلى منطقة جبلية قريبة من المحيط ثم يلقي بنفسه بالماء فتتبعه بقية الحيوانات.
يستطيع المراقب أن يسمع حركات اصطدام أجسادها بصخور البحر عند مقتلها.
حتى تاريخ اليوم لم يستطع العلماء أن يجدوا تفسيرا مقنعا لحالة الإنتحار الجماعي التي تقوم بها تلك الحيوانات.
……………
Larry Barker
 كاتب أمريكي، معظم كتاباته تتعلق بعلم النفس والسلوك البشري.
في كتابه Listen up! أي: اصغ إليّ، ذكر بأنه ألقى مرّة محاضرة بعنوان
The power of listening
 قوة الإصغاء، وقبل أن يبدأ محاضرته عن أهمية الإصغاء كتب على اللوح المعلق:
1ـ الأرملة السوداء
2ـ اللامينغز
3ـ الناس الذين لا يجيدون الإصغاء.
ثم التفت إلى الحضور وسألهم: ما هو العامل المشترك الذي يجمع بين تلك المجموعات الثلاثة؟ فنظروا إليه وهزوا رؤوسهم مندهشين!
عندها تابع:
هذه المجموعات تتشابه في سلوكها، ذلك السلوك الذي نطلق عليه في علم النفس
Self-destructive behavior
 أي السلوك الذي يقود صاحبه إلى الهلاك.
بعض الذين لا يجيدون الإصغاء يهلكون أنفسهم كحيوانات اللامينغز، وبعضهم الآخر يهلكون من يحبون كالأرملة السوادء.
العامل الذي لم يصغ إلى التعليمات أثناء نشوب حريق في الفندق والتي حذرته من استخدام المصعد، فاستخدمه واحترق في داخله، هو كحيوان اللامينغز الذي ينتحر . والطيار الذي لم يصغ جيدا إلى التعليمات في مطار لوس انجلوس، والتي حذرته من إستخدام أحد المهابط لوجود طائرة هناك، فاستخدمه واصطدمت طائرته بالطائرة الأخرى وقتل ركاب الطائرتين، هو كالأرملة السوداء يقتل من يحب.
………………..
الإصغاء لا يقتصر على فهم ما نسمع وإنما على استيعاب ما نُقرأ أيضا. يكتب لي الكثيرون من القرّاء بعد نشر مقالة لي أتناول فيها غزوات محمد أو زيجاته محتجين على عدم فهمي للإسلام، ومطالبين إياي بقراءة السيرة النبوية!
بقراءة السيرة النبوية؟ أليست زيجات محمد وغزواته هي وحدها التي تدمغ تلك السيرة؟!!
ومن خلال تساؤلاتي أصل إلى قناعة بأن القارئ لم يقرأ ما كتبته أو لم يستوعب ما قرأ.
……..
عندما كتبت الطبيبة المسلمة البنغلاديشية ـ تسليمي نسرين ـ كتابا تصف به الجرائم التي ارتكبها المسلمون في بنغلاديش بحق اخوتهم من الهندوس صدرت فتوى بهدر دمها، ففرت هاربة خارج بلادها.
تناولت مجلة “العربي” الصادرة في الكويت منذ عدة سنوات موضوعها، وسألت في سياق التقرير أحد البنغلاديشين من العامة عن رأيه بقضيتها، فقال على الفور: كم أتمنى أن أتشرف بقتلها!
سأله الصحفي: لماذا؟ هل قرأت كتابها؟
فرد: لا، ولكنني سمعتهم يقولون أنّها شتمت الإسلام.
من يقدر على قراءة وفهم كل كلمة جاءت في ذلك الكتاب لا يمكن في أي حال من الأحوال أن يقدم على قتل تلك الإنسانة مهما اختلف معها، ولكن المأساة أننا ابتلينا بقطيع من الماشية مهمّش العقل يلحق راعيه إلى حتفه!
………..
الجهاز العقائدي كالمبيوتر نستفيد دائما من برمجته، لكننا يجب أن نظلّ أسياده فنغير برمجته، كما نغير برمجة الكومبيوتر، عندما لم تعد تلك البرمجة ملائمة لتلبية حاجاتنا.
الجهاز العقائدي هو البوصلة التي ترشدنا، ولكن يجب أن لا ننسى بأننا نحن الذين برمجناه، وعلينا أن نغير تلك البرمجة كلما اكتشفنا بأن بوصلته لم تعد قادرة على إرشادنا إلى الهدف الصحيح.
الإصغاء بوعي إلى ما نسمع وما نقرأ هو الطريقة المثلى التي نغربل بها الأفكار، فنبقي على ثمينها ونطرح غثها، ونضمن بالتالي برمجة عقائدية نظيفة تصلح لزماننا ومكاننا.
يكاد لا يخلو كتاب في أمريكا يتناول عوامل النجاح في الحياة من التركيز على أهمية الإصغاء كمهارة لا بدّ أن يتفوق من يكتسبها ويتسلق سلم النجاح.
كمّا تركز تلك الكتب على أهمية الإصغاء، تتناول أيضا المخاطر والسلبيّات الناجمة عن عدم القدرة على اكتساب تلك المهارة.
عام 1884 دخل رجل فلاح وامرأته بثيابهما القروية البسيطة إلى مكتب السيد تشارليز إليوت
Charles Eliot
رئيس جامعة هارفارد في ذلك الوقت، وطلبا من سكرتيرته أن يقابلاه.
رمقتهما السكرتيرة بنظرة ازدراء، وقالت: السيّد إيلوت دائما مشغول وليس لديه من الوقت كي يضيعه، هل بإمكاني أن أعرف سبب المقابلة؟
ردّت زوجة الفلاح: إنه أمر شخصيّ، ولا بد أن نلتقي به اليوم!
وتحت اصرارها، دخلت السكرتيرة مكتب رئيس الجامعة وعادت لتقودهما إليه.
في المكتب لم يعبأ الرئيس كثيرا بضيفيه وسألهما بتعال: هل من خدمة أستطيع أن أسديها؟
فردّ الوالد: “لقد خسرنا ابنا الوحيد بحادث مؤلم، وكان في سنته الدراسية الأولى في هذه الجامعة. لقد قررنا، وإحياء لذكراه، أن نتبرع ببناء مبنى في الجامعة يحمل اسمه”.
قبل أن يفهم الرئيس ما قصده ذلك الفلاح، ردّ بعنف: لو أقمنا لكل طالب يموت نصبا تذكاريّا لتحولت الجامعة إلى مقبرة!
فردّت الأم: يا سيدي لا نقصد نصبا تذكاريا، وإنما نقصد بناء قاعة أو مخبر أو مسرح كي يحمل اسمه.
فقهقه الرئيس وقال باستهزاء: يبدو أنكما لا تعرفان مكانة جامعة هارفارد، هل تدريان بأن هذه الجامعة قد كلفت خمسة ملايين دولارا؟ هل أنتما قادران على بناء مخبر في جامعة كهذه؟!!
وهنا انتصبت الأم واقفة وهمّت بالخروج وهي تقول لزوجها: “هل يستهزئ بنا؟ لو كنت أعلم أن خمسة ملايين دولار تكفي لإنشاء جامعة كهارفارد لما قدمت إلى هنا لأتبرع بمخبر يحمل اسم ابني، ولبنيت بدلا من ذلك جامعة تحمل اسمه”، ثم انصرفا.
كان هذان الفلاحان هما ليلاند وجين ستانفورد، وهما من أغنى سكان كاليفورنيا يومها، بل كان ليلاند يوما حاكما للولاية. استقلا أول قطار في طريقهما إلى مدينة سان فرانسيسكو حيث يملكان رقعة واسعة من الأراضي الزراعية، وعليها بنوا واحدة من أعرق وأكبر وأشهر الجامعات في العالم، وتحمل اسم ابنهما الراحل ليلاند استانفورد الصغير.

Leland Stanford Junior
…………………..
لقد خسرت جامعة هارفارد السيد ستانفورد كواحد، قد يكون من أكبر المتبرعين في تاريخها، وكان ذلك بسبب فشل رئيسها في الإصغاء إلى ما أراد السيد ستانفورد وزوجته أن يقولاه له.
تلعب تلك القصة اليوم دورا كبيرا كمثال على أهمية الإصغاء في كونه مهارة تمكن صاحبها من فهم الحياة بطريقة أفضل.
عندما يكتسب المسلمون القدرة على الإصغاء سواء لما يسمعوه أو يقرأوه سيكونين قادرين على فهم البرمجة العقائدية التي تتحكم بحياتهم، وسيتوقفون عن مطالبتي بقراءة السيرة المحمدية عندما أكتب عن زيجات محمد وغزواته!!

Posted in الأدب والفن, ربيع سوريا | Leave a comment

نبيك هو أنت.. لاتعش داخل جبته! (14)؟

وفاء سلطان

لا شيء أخطر على الحقيقة من أن نجرّد الناس من قدرتهم على طرح السؤال.
يقول بابلو بيكاسو: الناس المبرمجون لا فائدة منهم، يجيبون على الأسئلة لكنهم لا يعرفون كيف يطرحونها.
ما الفائدة التي جناها العالم من وجود ما يزيد عن بليون مسلم مبرمج على أجوبة جاهزة وغير قادر على أن يسأل، لأن السؤال بناء على القرآن قد يقودهم إلى ما لا تحمد عواقبه؟!!
لم يجن أية فائدة!
فلقد ابتلى العالم بمجمتعات إسلامية تعج بشعوب جائعة جاهلة مريضة هائمة، تستكين لوضعها وتقدس التعاليم التي آلت إلى ذلك الوضع.
هناك مثل صيني يقول: من يسأل سؤالا يبدو غبيا لمدة خمس دقائق، ومن لم يسأل يظل غبيا مدى الدهر.
ولذلك، وعلى مدى أربعة عشر قرنا من الزمن، ظل الغباء الطابع المميّز لتلك المجتمعات دون غيرها.
لم يستطيع العالم أن يتجاوز حدود برمجته إلا عندما امتلك القدرة على أن يطرح أسئلة تشكك بجدوى تلك البرمجة، وسعى فوجد أجوبة لها. لو أتيح للمسلمين أن يفعلوا ما فعله الآخرين لطرحوا مئات الأسئلة حول كل معلومة وردت في كتبهم، وبالتالي لتحرورا من السجن الذي أسقطتهم به تلك التعاليم.
لا يستطيع الإنسان أن يواكب متطلبات اللحظة الراهنة مالم يطرح أسئلة عن مدى صلاحية تعاليم اللحظة التي سبقتها، ولذلك عجز المسلم عن مواكبة زمنه وظل رهينة اللحظة التي تبرمج عندها.
………………..
نردد كثيرا عبارة ” غسيل دماغ” ولا نعرف بالتحديد ماذا نقصد.
شخصيا أعتبر الإنسان مغسول الدماغ عندما يُجرد من قدرته على طرح السؤال.
في تلك الحالة يتقبل كلّ ما يُلقن به منفعلا وليس فاعلا. لا يلعب أي دور في اختيار ما يدخل اللاوعي عنده ليصبح مع الوقت جزءا من تركيبته العقائدية.
لا يختلف عندها الإنسان عن كونه برميل قمامة يتسع لكلّ ما يُلقى به من هبّ ودب، دون أن تلعب إرادته دورا في اختيار ما يتشربه.
يؤكد عالم النفس الأمريكي Robert Jay Lifton بأن أبشع أنواع الغسيل الدماغي تحدث في البيئات القمعية التي تنجح في عزل بشرها عن كافة المصادر المعلوماتية التي يمكن أن تتعارض مع المعلومات التي يراد بها غسيل الدماغ، ولذلك يكثر هذا النوع بين السجناء وأتباع العقائد المنغلقة على نفسها وفي المجتمعات السياسية الشمولية القمعية.
هذا لا يعني بأن عملية الغسل لا تتم في المجتمعات الحرّة، لكنّها لا تصل في حدتها إلى ما يحدث في البيئات الإنعزالية القمعية، وتكون عملية فكّ الغسيل أسهل عادة لدى البشر في تلك البيئات.
هناك عامل آخر، بناء على رأي العالم ليفتون، يساهم في إنجاح تلك العملية وفي إزادياد حدتها وهو تهديد حياة وسلامة البشر الذين يراد غسل دماغهم.
عندما ننظر إلى المجتمعات الإسلامية على ضوء تلك الحقائق نرى بأن العزل الذي فرضه الإسلام على أتباعه من جهة، والسيف الذي سلطه على رقابهم من جهة أخرى كانا عاملين أساسين في تجريد الإنسان المسلم من قدرته على طرح الأسئلة وبالتالي حرمانه من إمكانية التطور عبر الزمن.
عندما يتعرض الإنسان إلى مصادر مختلفة من المعلومات لا بد وأن يستخدم ملكاته العقلية لتصفية تلك المعلومات واختيار ما يساعده على التطور وتحسين وضعه. لكن عندما يبقى رهينة مصدر واحد للمعلومات لا يمتلك في تلك الحالة بديلا آخر كي يقارن به ذلك المصدر ويتأكد من سلامته وصلاحيته.
القمامة التي تعثر عليها عندما تسبر أغوار الكتب والمراجع الإسلامية تضعك دوما أمام سؤال لا تستطيع أن تهرب منه: هل يُعقل وعبر مئات السنين أن لا يوجد مسلم واحد يطرح سؤالا واحدا عن مدى صلاحية وجدوى تلك القمامة؟!!
والجواب على ذلك السؤال يبرهن على مدى خطورة وفعالية الغسيل الدماغي عندما يتمّ في بيئة معزولة ثقافيا ومحمية تحت حدّ السيف.
ولذلك إن كان هناك من أمل في إعادة فك تلك العملية لدى المسلم، فالأمل يكمن في الإنترنيت التي فتحت منفذا، مهما بدا ضيئلا، لا بد وأن يساهم على المد البعيد بإعادة فك تلك البرمجة.
زارت عالم نفس بريطانية أحد صفوف المرحلة الإبتدائية لتدرس سلوك بعض الطلبة. وزعت عليهم ورقا أبيض وأقلام تلوين وطلبت من كل منهم أن يرسم منظرا من وحي خياله ويلونه كما يشاء.
على مدى اسبوع، لاحظت بأن طفلا يتناول دائما القلم الأسود ويلطخ به الصفحة كلها باستثناء بقعة بيضاء لا تتجاوز مساحة قطعة نقدية صغيرة في أعلى الصفحة.
رأت العالمة أنه من الضروري أن تتعمق أكثر في حياة ذلك الطفل علها تستطيع أن تجد تفسيرا لسلوكه المحيّر، فقررت أن تزوره في بيته.
دُهشت عندما أكتشفت أنه يعيش مع أمه المريضة في قبو داخل إحدى البنايات لا تتدخل منه أشعة الشمس إلا من خلال طاقة صغيرة في السقف.
أعتقد بأن الإنسان مبرمج بيولوجيا على أن ينشد الحرية ويرفض القمع، ولذلك يرى أملا ولو في ثقب صغير ويرغب دوما، وفي أحلك لحظاته، بالتطلع عبر ذلك الثقب.
لقد غاب ذلك الثقب من جدران السجن الإسلامي على مدى أربعة عشر قرنا من الزمن، ولذلك بدت حياتنا سوداء داكنة إنعكاسا للظلام الذي كنا نعيشه.
أما اليوم، فعصر الإنترنيت قد أحدث ثقبا في سجننا الإسلامي، ورغم صغره تتسرب منه أشعة كافية لتبدد بعض ذلك الظلام مهما بدا حالكا.
لم يطرح مسلم واحد في تاريخ الإسلام كله سؤالا واحدا عن جدوى الإيمان بعقيدة تصرّ على أن المرأة مخلوق قاصر عقليا، ولذلك لم تستطع المرأة في المجتمعات الإسلامية أن تتجاوز حدود تلك البرمجة.
الإنترنيت فكت إلى حد ما عزلة المرأة المسلمة، وستقرأ تلك المرأة عاجلا أم آجلا قصة السيدة الأمريكية Marilyn Hamptom وغيرها من القصص المشابهة، وتطرح عندها سؤالا عن مدى أخلاقية العقيدة التي اعتبرتها مخلوقا ناقص العقل.
السيدة هامبتون معلمة وملكة جمال أمريكية تعرضت لحادث وقعت خلاله من قمة جبلية فانكسر عمودها الفقري وانشل نصفها السفلي، فاضطرت أن تتحرك من خلال كرسي كهربائي.
في عمق اللاوعي عند كلّ انسان قناعة تقول: الشلل عاهة تقف حائلا بين الإنسان وبين ممارسته لحياة طبيعة. لكن مارلين لم تستسلم لتلك القناعة ورفعت مستوى وعيها إلى الحد الذي تساءلت عنده عن مدى صحة وأخلاقية تلك القناعة.
توماس جيفيرسون يقول: “اطرح سؤالك بحرية حتى ولو شكّك بوجود الله، فإن كان الله موجودا يجب عليه أن يدعو لإحترام العقل وليس للإستكانة للخوف”.
لم تستكن السيدة هامبتون لمخاوفها كمشلولة وقعيدة لكرسي كهربائي متحرك، فتساءلت: كيف يمكنني أن أتجاوز حدود برمجتي وأعيش حياة تليق بي كإنسان عاقل؟
وقع نظرها على كرسيها فلمعت في رأسها فكرة تطوير ذلك الكرسي نحو الأفضل ليزيد من إمكانية تنقلها وسهولة ذلك التنقل.
قادتها تساؤلاتها ومحاولتها البحث عن جواب لتلك التساؤلات إلى اختراع نوع جديد من الكراسي الكهربائية المصممة للمشلولين، وأسست شركة لإنتاج ذلك النوع أطلقت عليها Motion Disigns، رصيدها اليوم عدة ملايين من الدولارات وتعتبر ثورة في علم التكنولوجيا.
أول موظف التحق بتلك الشركة كان عام 1881، وفي عام 1984 وصل عدد موظيفها إلى ثمانين موظفا وحوالي 800 موزعا، وتصنف اليوم كواحدة من أكبر الشركات المنتجة في كاليفورنيا.
عجبا، لو اُتيح للمرأة المسلمة أن تطرح السؤال الذي طرحته مارلين هل كان وضع النساء في العالم الإسلامي كما هو عليه اليوم؟
يحدوني أمل كبير، ولا ينتابني أدنى شك، بأن الثقب الذي فتحته الإنترنيت في جدران السجن الإسلامي سيدفع يوما المرأة المسلمة لأن تحذو حذو مارلين وتجد حياة تليق بها كإنسان عاقل.
أفضل الطرق لتجاوز البرمجة العقلية هو إظهار مدى التأثير السلبي لتلك البرمجة على حياة صاحبها، ثم إيجاج البديل لها فالإنسان يفضل أن يبقى في قالبه العقائدي مالم يجد بديلا أفضل منه.
………….
لقد لعبت وتلعب دوما برمجتك العقلية دورا في الوضع الذي آلت إليه حياتك.
قد تحوي تلك البرمجة قناعة مطلقة بأنك ستصل إلى هدفك، أو ربما قناعة مطلقة بأنك ستفشل.
في كل حالة ستحدد تلك القناعة النتيجة التي تصل اليها، ولا تستطيع أن تغيّر تلك النتيجة مالم ترفع مستوى وعيك ليعي خطورة تلك القناعة، فتطرح سؤالا عن مدى صحتها ثم تحاول أن تجد جوابا له.
عندما تهيمن عليك قناعة بأنك عاجر عن النجاح في حياتك سترى كلّ عثرة في طريقك مهما كانت صغيرة مبررا لفشلك. الإعتقاد هو الذي يترجم لك الواقع، ويترجمه بطريقة تتماشى مع البرمجة فلا يسمح لك أن ترى إلاّ العثرات التي تعترض طريقك، ويفوت عليك رؤية المهارات التي تتمتع بها.
ربما قالت لك أمك يوم كنت طفلا: أنت ولد غبيّ!
الأطفال يتشربون دون أن يعترضوا على السم المدسوس في شرابهم لعجزهم عن اكتشاف ذلك السم من طرف ولضعفهم الذي لا يمكنهم من الإعتراض من طرف آخر.
استقرت عبارة أمك كقناعة مطلقة في اللاوعي عندك، وما زالت تفعل فعلها الساحر لتحول بينك وبين نجاحك.
أو ربما قطب استاذك يوما حاجبه في وجهك، فتحولت تلك الإشارة إلى قناعة بأنك لا تستحق احترامه. ومنذ ذلك اليوم تتحكم تلك القناعة في سلوكك فلا تسلك إلا ما يُثبت أنك لا تستحق الإحترام.
تمارس البرمجة على صاحبها نوعا من الهيمنة العقلية، فلا يستطيع أن يهرب من سيطرتها سوى من امتلك القدرة على أن يشك بصحتها وسعى لإستبدالها بافضل منها.
يتفاوت الأشخاص في إنجازاتهم بمقدار تحررهم من الهيمنة التي تمارسها برمجتهم العقلية.
George Danzing كان طالبا يدرس الرياضيات في جامعة ستانفورد في الثلاثينات من القرن المنصرم، وكانت العلامة النهاية للتخرج تحدد يومها فرصة العمل بعد التخرج.
وصل متأخرا إلى الفحص النهائي فوجد في ورقة الأسئلة ثمانية مسائل وعلى السبورة مسألتين تحتاج إلى حلول. بدأ بحلّ المسائل الموجودة على ورقة الإمتحان، لكنه لم يكد ينتهي من حلها حتى انتهى الوقت المخصص.
سلّم ورقة الإجابة للإستاذ وهو يقول: لم أنته بعد، لم يعد هناك وقت لحل المسألتين اللتين على السبورة، إنني أشعر بألم فظيع!
فردّ الإستاذ: لا ضير من ذلك! خذ يومين لتحلهما، وإذا قمت بذلك سأعطيك العلامة التامة.
لم يصدق جورج ما سمعه من شدّة الفرح، وذهب إلى بيته كي يقوم بواجبه. حاول جاهدا خلال يومين لكنه لم يستطع أن يحل سوى مسألة واحدة. عاد إلى استاذه ليسلمه الحل وليعتذر عن عدم قدرته على حلّ الأخرى، فأعطاه الورقة وانصرف.
في مساء ذلك اليوم، سمع جورج طرقا عنيفا على باب بيته ففتح ليفاجئ باستاذه يصيح:
جورج… جورج لقد فتحت بابا جديدا في علم الرياضيات، لقد استطعت حل مسألة عجر انشتاين عن حلها!
في حقيقة الأمر كان الإستاذ قد قال للطلاب عنما وزع عليهم أسئلة الإمتحان: “حاولوا حل ما استطعتم من الأسئلة، ولا تشعروا بالإحباط إذا تعثرتم في حل بعضها. تذكروا بأن انشتاين قد عجز عن حل مسألتين في الرياضيات”، ثم كتب تلك المسألتين على السبورة كمثال على استحالة حل بعض التمارين الحسابية.
من حسن حظّ جورج أنه وصل إلى قاعة الإمتحان متأخرا يومها، ولم يسمع استاذه يعلن ذلك، فتوهم إنه يتسطيع حلها وتحول وهمه إلى حقيقة!
دخل جورج التاريخ، باعتباره قد حلّ معضلة معلقة منذ زمن انشتاين، وعيّن فور تخرجه مساعد برفسور في الجامعة نفسها.
لقد شاءت الصدفة المحضة أن تفوت على جورج الهيمنة العقلية التي مارسها استاذه على الطلاب من حيث لا يدري، عندما أقنعهم بأن بعض المسائل في علم الرياضيات مستعصية على الحلّ!
تحولت عبارة الإستاذ إلى قناعة مطلقة دخلت حيّز اللاوعي عند الطلاب ومنعتهم من محاولة ايجاد حل لتلك المسألتين، وحده جورج استطاع وبالصدفة أن ينجو من هيمنة تلك القناعة.
“شاورا النساء وخالفوهن، ففي مخالفتهن بركة”
لو فوتت الحياة على المسلم، رجلا كان أم امرأة، فرصة الهيمنة التي فرضتها تلك القناعة المطلقة – ناهيك عن قناعات اخرى أشد إيلاما – لاستطاعت المرأة المسلمة أن تكون أكثر فعالية في بناء مجتمعها، وكنتيجة لذلك لأصبح ذلك المجتمع أفضل حالا مما هو عليه اليوم.
لا أمل في تحسين تلك المجتمعات مالم يضع إنسانها عقائده التي برمجته على محك السؤال، ثم يتجاوز لاحقا تلك البرمجة.
اسحق بيرلمان Yitzhak Perlman عازف كمان أمريكي من أصل اسرائيلي، ويُعتبر من أشهر عازفي الغيتار في العصر الحديث. هو مشلول من نصفه السفلي ويجد صعوبة بالغة في الحركة، وخصوصا عندما يعتلي المسرح. يلبس جهاز حديدي مربوط برجليه ويحمل عكازتين أينما حلّ.
في عام 1995 أعتلى المسرح ليبدأ إحدى حفلاته. وضع عكازتيه إلى جانبه، وكان على وشك أن يعزف، وإذا بصوت قوي وكأنه طلق ناري يصدر في الصالة.
عرف الجميع بأنّ الصوت قد نجم عن انقطاع أحد أوتار الكمان، وتوقعوا أنه سيعيد ربط قدميه بالجهاز الحديدي وسيمسك بعكازتيه ويقف ليعتذر لهم عما حدث ثم يرحل، مالم يجد غيتارا آخر يعزف عليه.
تصبب عرقا وأغمض عينيه برهة، ثم أوعز للأوركسترا أن تبدأ. لقد عزف بالأوتار التي بقيت له ولكن برغبة وحب لم يشهد له أن تمتع بهما من قبل.
كل من يلّم، ولو قليلا، بالموسيقا يعرف بأنه من المستحيل أن تقوم بأي عمل سيمفوني بثلاثة أوتار فقط. لكن السيّد بيرلمان رفض أن يصدق ذلك، ودوزن غيتاره كي يعزف بأوتاره الثلاثة الباقية، وكان قد أبدع في عزفه.
عندما انتهي ساد صمت رهيب في القاعة، ثم وقف الجمهور واستمروا بالتصفيق لوقت زاد كل التوقعات.
ابتسم ومسح عرقه وقال بتواضع: إنها مسؤوليتنا أن نقوم بأعمالنا ضمن الإمكانيات المتوفرة لدينا، وهذا ما حاولت أن أفعله.
هذا هو ذلك الرجل الذي تبرمج خلال حياته الموسيقية على أن يعزف على أربعة أوتار، فواجه لحظة جديدة في حياته لن تخدمه بها تلك البرمجة. خلال ثوان اتخذ قررا بأن يتجاوز قناعاته ويعزف بما لديه، وكان عزفه تلك المرة أجمل من كل مرة سبقت.

فمتى نقتنع بأن برمجتنا العقائدية لم تعد صالحة لمواجهة اللحظة الراهنة التي نعيشها؟!! ومتى سنسعى لفكّ تلك البرمجة واستبدالها بأصلح منها؟!!
كيف سيصلح رجل نفسه، وقد تبرمج على أن الصلاة تغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟!!

………………………..
يقول فولتير: قيّم الناس من خلال أسئلتهم ولا تقيمهم من خلال أجوبتهم.
ألف وأربعمائة عام والمسلم يقرأ الآية التي تقول: “ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين” دون أن يمتلك القدرة على أن يطرح سؤالا: هل يعقل أن يصف الله نفسه بالمكر؟!!
لكنه في الوقت نفسه مبرمج على أن يجيبك عندما تلقي في وجهة ذلك السؤال بقوله: ولكن مكر الله يختلف عن مكر الناس!
لو أردت أن تحرق المزيد من أعصابك وتسأل: لكن لم تميّز الآية بين مكر الله ومكرهم، فعندما يؤمن الرجل بأن الله ماكر يسعى باللاوعي لأن يتشرب إلهه كمثل أعلى فيخرج إلى الحياة هو الآخر ماكرا.
عندها يحاول أن يجرّك إلى دوامة من الجدل لاتستطيع أمامها إلى أن تهرب علّك تنجو بما تبقى من أعصابك!
لا تستطيع أن تكون ماكرا مالم تكن غشاشا كذابا منافقا مجردا من كلّ قيمة أخلاقية.
إذا أخذنا بعين الإعتبار تلك الحقيقة وأضفنا اليها الحقيقة العلمية التي تؤكد بأن الرجل هو الإله الذي يعبده نستطيع أن نجد تفسيرا للواقع المأساوي الذي تعيشه اليوم جميع المجتمعات الإسلامية.
مالم يسترجع المسلم قدرته على طرح الأسئلة التي تفضح هشاشية تعاليمه لن يتمكن من بناء مجتمع انساني متحضر. أمّا الأجوبة الجاهزة التي ألقتها تعاليمه في برميل قمامته العقلي، والتي يلقيها بدوره وبدون أدنى تفكير في سلة الآخرين عندما يواجهونه بأسئلتهم، فستفشل هي الأخرى في تحسين ذلك المجتمع الذي يعيش فبه.
**********************************************************

Posted in الأدب والفن, ربيع سوريا | Leave a comment

غزوة مرسي لطهران والضراط على البلاط

طلال عبدالله الخوري 31\8\2012

هلل العرب لغزوة رئيس مصر الإسلامي محمد مرسي لطهران, معقل الفقه الشيعي وتولية الفقيه, والتي تهدد جوارها العربي السني بتصدير ثورتها الإسلامية الخمينية لها, وتصارع العالم لامتلاك السلاح النووي والذي سيفرضها كقوة إقليمية في المنطقة على حساب دور الدول العربية واستقرار أنظمتها في الحكم.

سبب هذا التهليل هو أن الرئيس المصري الإسلامي المنتخب قد افتتح خطابه بقمة عدم الإنحياز بالصلاة على عمر وأبي بكر وعثمان (رع) والملعونون بالمعتقد الشيعي , وكأنه بهذا أعاد فتح القدس من جديد؟ أو ربما هو تجديد لانتصار معاوية ابن أبي سفيان على علي بن أبي طالب بخديعة رفع المصاحف و خلع الخاتم, وتثبيت الصاحب؟ أو ربما تجديد للانتصارات  الدموية لعائشة (رع) بمعركة الجمل على الحسن والحسين (رع)؟

مساكين العرب!

 بسبب خلو سجلهم التاريخي من أي انتصار, أو أي إنجاز على أي صعيد  , فهم يبحثون ومتعطشون للإدعاء بالإنتصار حتى في الوهم والسراب!

هل كانت إيران ستتصرف بنفس الطريقة لو أنها نجحت بإنشاء القنبلة النووية وأضحت قوة إقليمية لها خصوصيات امنها القومي و مصالحها الإستراتيجية والتي يجب أن تأخذ بعين الإعتبار وتحترم من قبل المجتمع الدولي بعد أن تكون قد فرضت هذا الاحترام بالقوة النووية؟

من المؤكد أن سبب سكوت الولي الفقيه خامنئي وسكرتيره نجاد على تطاول مرسي هذا هو مبدأ التقية؟
حيث أن التأصيل الفقهي لهذا هو وجوب السكوت حاليا ولو على مضض, لان أولوياتهم في الوقت الحالي هو التركيز على مشروعهم النووي, وعدم إضاعة الجهود بمشاكل ثانوية يمكن لها أن تنتظر؟

أنا كسوري اشكر مساندة مرسي للشعب السوري وثورته ضد الطغيان, و من اجل الحرية والكرامة, ومن على منبر عدم الانحياز بطهران, ولكن أثر هذا التأييد عملياً هو ضئيل جداً, فالسيدة رايس ممثلة الولايات المتحدة الأميركية بالأمم المتحدة قامت بأكثر مما فعله مرسي بكثير, ومن على منبر مجلس الأمن الدولي وهي متقدمة على كل الدول العربية في هذا المجال وهي ممثلة القوة العظمى الوحيدة بالعالم.

بالواقع إن ما حصل بكل من مصر وتونس حتى الآن من ثمرات الحكم الإسلامي لهذين البلدين السباقين بالربيع العربي لا يبشر بالخير أبداً؟  لا بل كان له اثر سلبي على تقدم الثورة السورية؟ حيث زاد من ريبة الشعب السوري بالإسلاميين فيما لو وصلوا إلى السلطة بسوريا كبديل لنظام بشار الأسد الإستبدادي.

وإذا كان مرسي والإسلاميون بكل من مصر وتونس يريدون فعلاً  أن يساعدوا الثورة السورية ويقنعوا الشعب السوري بأن الإسلاميين قد تغيروا ويمكن أن يثقوا بهم لان يقودوا البلاد إلى الحداثة والتحضر فعليهم القيام بالتالي:

أولا: الاعتراف بحقوق الإنسان, وحقوق الأقليات, كما هي واردة بالمعايير الدولية وبشكل صريح ومن دون أن يتم تشويبها بأحكام فقهية تحتمل التأويل والتي تجرد الحقوق من مضامينها.

ثانيا: تبني دستور حضاري مماثل للدساتير بالدول المتحضرة وأيضا من دون تشويبها بأحكام الشريعة الإسلامية والتي تجرد الدساتير العلمانية الحضارية من مضمونها.

ثالثاً: استقلال القضاء وفصل السلطات التشريعية والتنفيذية لكي يثق المواطن والمستثمر بالحكم وبالعدالة ويتشجع على العمل والإستثمار وبالتالي تحسين الاقتصاد وإزدهار البلد.

رابعاُ: المنافسة بجلب الاستثمارات الأجنبية والعربية وذلك باعتماد الاقتصاد التنافسي.
لقد قام مرسي بزيارة اقتصادية للصين: فعلى أي أساس تم توقيع الاتفاقيات الإقتصادية هناك؟
هل على أساس إعطاء مجموعة معينة من المقربين ميزات احتكارية استثمارية, أي بالضبط كما كان يفعل مبارك وبالتالي نكون قد استبدلنا مبارك بمرسي, أو على أساس التنافس بالاستثمار والأفضل والأجدر هو الذي يحصل على الاستثمار؟
وبهذه الطريقة فقط تتم ترجمة الانتعاش الاقتصادي من جراء الانفتاح الاقتصادي إلى رفع مستوى دخل المواطن.

من دون هذه الخطوات فإن غزوة مرسي بطهران هي, وكما يقول المثل السوري الشعبي, مثل الضراط على البلاط وليس لها إي اثر يذكر.

http://www.facebook.com/pages/طلال-عبدالله-الخوري/145519358858664?sk=wall

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | 1 Comment

التكرار بيعلم بشار الأسد

مفكر حر 30\8\2012   

التكرار بيعلم بشار (مقابلة قناة الدنيا)؟



 مفكر حر 30\8\2012  

Posted in ربيع سوريا, كاريكاتور | Leave a comment

عسر ولادة لقناة الجيش والكعبة نظيفة هذه السنة

محمد الرديني

قرر امين العاصمة طوكيو ومحافظها ورؤوساء اعضاء المجالس فيها تخصيص قاعة للطم الاسبوعي في المبنى الضخم الذي تشغله هذه الادارات في مركز العاصمة.
ويأتي هذا القرار بعد اجتماع مطول لرؤوساء مجالس الادارة ومناقشة ترتيبات هذا اللطم الذي اطلقوا عليه اللطم”الفرايحي” نسبة الى فرح بن مظلوم بن عدي اليعربي.
والذي لايعرف هذه الشخصية فالتاريخ يقول انه من الشخصيات المؤثرة في اللطم”المحدد” والذي استطاع من خلاله ان يطور “الهجع” العراقية الى لطمية تقام شعائرها في الافراح والليالي الملاح فقط.
وكانت امانة العاصمة في طوكيو قد اصدرت قبل يومين كراسا صغيرا تضمن فصلين مهمين الاول ماأنجزته هذه الامانة خلال هذا العام وبلغ 1006 منجز أي 6 انجازات في اليوم الواحد والفصل الآخر تناول الافكار المطروحة والتي سيتم انجازها ضمن الخطة الخمسية المقبلة وعددها اكثر من 20 ألف فكرة قابلة للتنفيذ.
ولكن المفاجأة التي حدثت امس ان امين العاصمة المذكورة امر بسحب هذا الكراس من الاسواق والمكتبات بعد ان ابرق له سفيره بالعراق بأن امانة بغداد اجتازت المرحلة الاصعب في انجاز قناة الجيش.
وسرعان ما أستدعى الامين العام احد المترجمين الذين يجيدون اللغة العربية قراءة وكتابة،بدون همزات الوصل المعروفة، ليقرأ له “السالفة”.
فقال المترجم:
“اعلنت امانة بغداد عن تجاوزها لاصعب مرحلة في مشروع تطوير قناة الجيش والمتمثلة بإزالة الكتل الاسمنتية والسماح لملاكاتها بالعمل لأكثر من 16 ساعة يوميا بعد التنسيق مع قوات الامن.
وقال الوكيل البلدي للأمانة نعيم عبعوب في تصريح صحفي “تجاوزنا المرحلة الأصعب في مشروع تطوير قناة الجيش وهي مرحلة ازالة التجاوز ورفع الكتل الاسمنتية وسماح قوات الامن للكادر بالعمل والانتهاء من التصميم الكامل والموافقة على المخطط النهائي”.
وظل الامين العام للعاصمة اليابانية فاتحا فاه لمدة 23 ساعة متواصلة بعد ان سمع بهذا الخبر وحين صحا اشار اليه احد المقربين بضرورة فتح صالة للطم اسبوعيا تعويضا عن الخسائر الاسمنتية التي منيت بها مدن اليابان المنكوبة بالزلزال قبل شهور عديدة.
وقال مصدر مقرّب من الامانة اليابانية بأن القاعة قد جهزت بكل الوسائل والادوات اللطمية وسيبدأ العمل فيها اعتبارا من الاسبوع المقبل.
ماعلينا من بلد الكفار .. معروف عن هؤلاء انهم زنادقة ولا يستحقون العيش بين ظهرانينا.
علينا باحبابنا ومسؤولينا النشامى بعد ان حققوا انجازا في اجتياز المرحلة الاصعب في تطوير قناة الجيش برفع الكتل الاسمنتية والطابوق من عليها.
ياسلام.. كم رائع ان يتغنى المسؤول بانجازه خصوصا اذا كان انجازا رهيبا يتعلق بالكتل الاسمنتية.. انه فعلا انجاز لايعادله حتى انجاز ابو اسراء حين قال قبل 550 يوما بالضبط باننا نريد من الشعب مهلة 100 يوم حتى ننتقل الى عصر الفضاء.
اتضح من خلال الملفات الطبية والنفسية ان الكثير من المسؤولين يحتاجون الى المديح حتى ولو ذهبوا الى الحمام.. كيف لا والحمام يسمى بيت الراحة عند العرب ومكانا للتفكير الجدي واتخاذ القرارات المهمة ومنها منع السافرات من الدخول الى مدينة الكاظمية.
لحظة….
جاءنا الان خبر عاجل جدا.. ذكرت وكالة الانباء اليابانية ان وزير الخارجية خصص هو الآخر قاعة للرقص الشعبي ، ومن المؤمل ان تستضيف الوزارة اشهر الفرق الراقصة لتقديم عروضها للموظفين هناك اثناء فترة الغداء فقط على ان يتم التعاقد معها للعمل ليلا في المباني المجاورة للوزارة وحسب الطلب.
وقالت مصادر سرية يابانية ان وزير الخارجية استدعى نفس المترجم ليقرأ له الخبر التالي الذي ابرقه سفير اليابان بالعراق امس وباللغة العراقية.
قال المترجم:
احدى موظفات وزارة الخارجية العراقية دخلت موسوعة جينيز في عدد افراد عائلتها التي قامت بتعيينهم في الوزارة حيث وصل العدد الى 17 شخصاً. وذكرت السيدة ذكرى العزاوي صاحبة الرقم اياه ان هذا الانجاز جاء بدعم وجهود كل الخيرين في الوزارة وعلى رأسهم هوشيار زيباري.
وتسعى السيدة ذكرى الى الحصول على ضمانات شرفية لتعيين احفادها في المستقبل القريب.
ويقال ان سبب ذلك هو الغيرة الشديدة التي تولدت لدى تلك السيدة بعد ان علمت ان الموظفة شذى الدليمي قد استطاعت تعيين 16 شخصا من افراد من عائلتها وقررت ذكرى زيادة العدد المذكورالى 17 .
هم ماعلينا…
فاصل قريب من المعجزة: أكدت الهيئة العليا للحج والعمرة عدم وجود أية شخصية سياسية أو مسؤول حكومي ضمن الحجاج هذا الموسم.

Posted in الأدب والفن, فكر حر | Leave a comment

الرئيس مرسي . يزور الصين الشيوعية

صلاح الدين محسن 

حول زيارة اول رئيس مصري للصين . رئيس يحفظ القرآن , وينتمي لجماعة دينية محظورة قانونا , جماعة تسلمت السلطة في حماية العسكر – وبصفقة سياسية معهم – وبتواطؤ خارجي متعدد المصادر . … كانت لنا بعض الخواطر فسجلناها كما يلي :

1 – هل يحمل الرئيس المؤمن . لرئيس الصين الشيوعي . رسالة من المرشد . علي غرار رسائل نبي الاسلام لحكام بعض الدول كمصر والحبشة . تقول : اسلم تسلم والا .. الخ ؟

2 – هل قابل رئيس الصين ليوصيه خيرا بالاقلية المسلمة الصينية ؟
وهل ضحك الرئيس الصيني كثيرا وطمأنه بانهم أفضل حالا من الأقليات الدينية المصرية ؟ اذ لا تحرق معابد مسلمي الصين ولا تنهب محلاتهم وبيوتهم ولا تخطف بناتهم تحت الحكم الشيوعي .. – بعكس ما يحدث للأقليات الدينية بمصر – ؟

3 – هل تباهي الرئيس الشيخ مرسي . أمام الرئيس الصيني . بحملات الغزو الاستعماري الاسلامي العربي التي قادها الاسلاميون في العصر الاسلامي العربي العباسي – ووكلاء الاستعمار الاسلامي , مثل محمود الغزنوي – . ضد بلاد آسيا ومنها قطاعات من الصين ؟ أم غالط الشيخ مرسي , الرئيس الصيني بزعم انها علاقات تاريخية وثيقة .. تربط بين الاسلام وشعوب آسيا !؟
وهل هز الرئيس الصيني رأسه وكان جاهزا بالرد . فنظر نحو صور علي الحائط وأطال النظر . لينظر اليها ” الرئيس مرسي ” ويري صور هولاكو , جنكيزخان , وتيمورلانك ؟ هؤلاء القادة الآسيويين الذين بادلوا الامبرطورية الاسلامية . الغزو بغزو معاكس . واذاقوا الخلفاء الاسلاميين مرارة ما فعلوه بشعوب آسيا ؟ وعرفوهم أكذوبة يكررها المشايخ للآن . تقول ” الاسلام يعلو ولا يعلي عليه ” ؟ّ ( ملحوظة : الصينيون للآن .. يعتبرون هولاكو بطلا قوميا ويخلدونه ) .

4 – هل الشيخ الرئيس مرسي , دعاه بلطف وبرقة اخوانية معروفة . لاعتناق دين نبي العرب – النبي ابن القرن السابع الميلادي – . فابتسم الرئيس الصيني برقة وتهذيب . وأشار له نحو صورة كبيرة لنبي الشيوعية ” كارل ماركس ” أحد أهم فلاسفة القرن العشرين ؟ ونوه له بالفرق الشاسع بين القرن السابع الميلادي , وبين القرن العشرين من الميلاد ..!

5 – هل لوح الرئيس الاخواني – الشيخ مرسي – للرئيس الشيوعي – بضرورة دفع الجزية في حالة عدم اعتناق الاسلام – بحكم الشريعة الاسلامية – والا .. فالحرب والسيف . كما يقضي الاسلام ؟
وهل رد عليه الرئيس الشيوعي الصيني . بعرض متواضع – كعادة الصينيين – لآخر ما حققته الصين في مجال أسلحة الدمار الشامل – الذي تمتلك منه الصين الكثير – . وما لديها من صواريخ عابرة للقارات حاملة للرؤوس النووية . وعن سفينة الفضاء الصينية التي تسير بدون صيحة الله أكبر , وعن أول رائدة فضاء صينية . لا ترتدي حجاب أم أيمن – البرلمانية التي تعمل ضد النساء , وضد حقوق المرأة وتمثل المرأة : عن جماعة الاخوان ! -..

6 – هل استفسر منه الرئيس الصيني عن حاضر الشيوعيين المصريين . ومستقبلهم , بعد وصول الجماعة الاسلامية للسلطة – للاطمئنان علي رفاق له في العقيدة السياسية , وأخوة مؤمنين بالماركسية – ؟

7 – هل سأله الرئيس الصيني : متي ستسحب جماعة الاخوان ” الدكتور أيمن الظواهري ” من أفغانستان , القريبة من الصين ؟ ليتوقف نشاط تنظيم القاعدة .. الذي لا يهدد الأمريكيين وحسب , بل يقلق جيران أفغانستان – غير الاسلاميين وكل الدول القريبة منها ؟

8 – هل لاحظ الوفد المرافق للرئيس ” مرسي ” اختلافا في استقبال الصينيين لأول رئيس مصري بلحية , عن استقبالهم لرؤساء مصريين سابقين بدون اللحية ؟

9 – وكم مرة استأذن الشيخ مرسي . لقطع الاجتماع لأجل الصلاة . وماذا كان وقع ذلك علي الجانب المضيف , هل وجدوه تصرفا مخالف للبروتوكولات والأعراف السياسية والدبلوماسية – ان كان قد حدث – ؟

10 – هل ذهب الرئيس مرسي للصين الشيوعية ليستأذنهم في استعارة مشروعهم العظيم للنهضة الذي حول الصين لدولة عظمي . بعدما كان حالها عام 1952 أقل من حال مصر ؟! ام أن الرئيس مرسي . راح لينصحهم بالعمل بمشروع النهضة , الاسلامي الاخواني . الذي وعد الاخوان المسلمون به شعب مصر وقت الدعاية الانتخابية . ثم انكر وجوده منذ أيام , المهندس خيرت الشاطر – نائب المرشد العام للجماعة – ؟ مما اصاب المراقبين السياسيين بالذهول !

11 – هل تناول الضيف المصري الاسلامي الاخواني . طعامه مع مضيفه الرئيس الصيني . من نفس الطعام , ؟ أم جاءوا له بطباخ مسلم – من سفارة مصر – , ليطهو له طعاما خاصا به – – لحومه حلال , مذبوحة حسب الشريعة الاسلامية ؟ّ!

12 – الرجل الذي صنع نهضة الصين وحولها لدولة عظمي – ماو تسي تونج – حكم حوالي 30 سنة . في هذه المدة لم يمنح نفسه وساما ولا نيشانا واحدا , ولم يزر مصر ولا مرة واحدة – 3 رؤساء مصريين زاروا الصين في وجود الرئيس ماو , ولكن مصر كان يزورها رئيس الوزراء ” شواين لاي ” وربما لم يزر – ماو – دولا أخري . كان وقته كله مكرسا لهموم شعبه بالداخل لتحقيق النهضة , وتحويل بلده لدولة عظمي . وتحققت النهضة ..
فكم نيشانا وكم وساما وميدالية منحها لنفسه , الرئيس الاخواني ” دكتور مرسي ” , وكم دولة زارها في مدة شهرين فقط – منذ تولي منصب الرئاسة ؟

13 – عن احدي زيارات الرئيس المصري الأسبق ” جمال عبد الناصر” للصين . كتب الاستاذ محمد حسنين هيكل – في الستينيات – انهم قدموا له علي مائدة الطعام . بطة مطهية . وفور الانتهاء من تناول الطعام . قدم له الرئيس الصيني مروحة . فأعجب ” عبد الناصر” من روعتها ورقتها وجمالها واناقتها . انها مروحة من الريش . بديعة الصنع . . فقال له الرئيس الصيني . هذه المروحة مصنوعة من ريش البطة التي تناولتها علي الطعام . ومن ريش هذه البطة بالتحديد .. لاننا لا نرمي شيئا بدون الاستفادة به .
لم يتعلم عبد الناصر – الذي بدأ حياته السياسية بين جماعة الاخوان المسلمين – ولم يعمل بهذا الدرس الصيني .. ولا علمه لزميلة السابق في جماعة الاخوان , ووريثه في حكم مصر – السادات – , ولا السادات علمه لخليفته ” حسني مبارك ” .. لم يتعلموا الثلاثة درس الصين في عدم رمي شيء بل الانتفاع بكل شيء ..
فتري ماذا فعل الشيخ الرئيس مرسي . بمليارات أطنان الزبالة التي أمر برفعها من شوارع مدن مصر وعاصمتها ؟
هل عنده برنامج اخواني لتصنيعها والانتفاع بها . وتحويلها لمصانع تستخرج منها سماد وصناعات عديدة مفيدة – صناعات تقوم علي الزبالة – وتشغل أيادي عاطلة كثيرة من ابناء مصر ؟؟
فهل أنشأ أثرياء جماعة الاخوان مصانعا لهذا الغرض , ولو من باب الاحسان لعباد الله . شعب مصر , وابتغاءً لمرضاة الله . لكي يضاف لميزان حسناتهم . ذاك الميزان الذي لا يحرصون علي شيء , باكثر من حرصهم علي الاضافة اليه ؟!
ربما – لو كان عندهم مشروع للنهضة – .. ..

—- ما عدا السهو والخطأ -…

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, فكر حر | Leave a comment