مرسي يبتهل لله بتدمير اليهود بعد أن مالق بيرز

مرسي يبتهل لله بتدمير اليهود بعد ان تودد لرئيس دولة اليهود ووصفه بالصديق العظيم

Egyptian President Morsi Joins Preacher in Prayer for Destruction and Dispersal of the Jews

Posted in English, يوتيوب | 1 Comment

هل تصلح الشريعة للتطبيق؟

محمد البدري

أثارت الجماعات الاسلامية التي اصبحت كلمتها مسموعة في الفضائيات والصحف وكل وسائل الاعلام قضية تطبيق الشريعة (المقصود التطبيق النصي لها حسب ما ورد في القرآن والسنة) ولم تجد دعواهم قبولا من قوي سياسية كثيرة. فانبروا اتهاما وتجريحا للمعارضين اما بالكفر او العلمانية أو انهم من الكارهين للاسلام. وتحت اي دعاوي فان الاتهام له ذات الفهم لمعني الشريعة، كلاهما يقع في خانة الجهل التام إما بالشريعة أو بالعلمانية في وقت واحد.
لم يسأل احد نفسه وبطريقة علمية لماذا الرفض للتطبيق الحرفي للشريعة كمطلب اسلامي سلفي، ولماذا يتصاعد الخلاف حولها الان وبعد ثورات الشباب. فالرافضين ليسوا من حثالات المجتمع وليسوا من انصاف المتعلمين ولهذا السبب بالذات يتهمهم الاسلاميون بذات التهم الساذجة السابقة والواردة في نصوص الاديان باعتبارها وصمة عند عامة الناس واصحاب الثقافة المتواضعة مما يوفر نوعا من تلويث للنخب ويرفع في آن واحد قدر غير المتعليمن وانصاف المثقفين. بهذا التوضيح فان الاسلاميون يرهنون صحة اتهاماتهم علي العقل المجتمعي المديوكر (نصف أو ربع المتعلم) وهو موقف غير اخلاقي في المقام الاول. واتهام يلوث قائله بانهم كذابون ومخادعون ومدلسين.

بين الشريعة والتاريخ جدل لا ينتهي. فلكل مرحلة في تاريخ البشرية شرائعها ولكل نمط اجتماعي قوانين خاصة به تنبع من طبيعته وتخدم اهدافه واستقراره السياسي / الاجتماعي. ومع اكتشاف التصنيفات الحضارية لكل مجتمع علي حده والموزعة حسب تنوعات البيئة جغرافيا أمكن اكتشاف كيفية عمل العقل المؤسس علي طبيعة كل نمط. لكن المشكلة الاساسية والتي ترهن الجماعات الاسلامية نفسها عليه ان الشريعة المقصودة هي من عند الله وليست نابعة من حياة البشر – المسلمين الاوائل. وبالتالي فان التنوعات هي من الاعمال المتعددة التي لا ترضي رب الكون الواحد. لكنهم سرعان ما يقعوا في الخطأ وينكشف بعضا من المستور في نواياهم عندما يؤكدون ان الهدف ليس فقط تطبيق الشريعة انما في اقامة مجتمع اسلامي يجري تاسيسه علي قواعد من القرآن والسنة بفهم سلف الامة، اي بسلف جماعة جغرافية بعينها دون باقي التنوعات الكثيرة الاخري. ولانهم لا يستطيعون التعامل الا بالعقل حتي ولو البسوه جلد ماعز أو سقوه ببول إبل فقد اضطروا لاستعارة عقل السلف وفهمه للنصوص كما لو انهم ليسوا حاملين لعقل مماثل، وربما افضل، بحكم مراكمتهم للمستجدات والخبرات لعشرات القرون التي تفصلهم عن سلفهم الصالح. وهنا تقع جريمتهم الثانية بالنيل من ذواتهم قبل المثقفين ونخب المجتمع التي تعارض تطبيق احكام الشريعة.

وقبل الذهاب الي ما هو ابعد من ذلك فان هناك إشكالية كبري نابعة من فكرة التوحيد التي حملها العرب لنشرها كعقيدة يتناقض معها وجود تعدديات علي سطح الارض متمثلة في ثقافات برموز دينية كثيرة ويرافق كل منها تشريعات وقوانين وقواعد سلوكية اجتماعية تختلف باختلاف الثقافات. فكلما تصادمت مفاهيم باقي الثقافات مع مفاهيم عرب البداوة القرشية كلما برزت فكرة الحرام والحلال المصاحب بالعنف، فاذا ما عجزوا عن تمرير مفاهيمها الاسلامية كلما اعيد تقسيم الجغرافيا علي قواعد دار الحرب ودار اسلام وأعيد انتاج فكرة الكفر بالله الواحد وشريعته المفترض تطبيقها في كل موقع وصلت اليه فكرة التوحيد.

يقف النص القرآني كسيف مسلط بنصوصه مع اي خلاف كما وقف مع أول واكبر صدام مع اليهود كما في الاية43 من سورة المائدة ” وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ “. ويفسر ابن كثير هذا القول (ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مُنْكِرًا عَلَيْهِمْ فِي آرَائِهِمْ الْفَاسِدَة وَمَقَاصِدهمْ الزَّائِغَة فِي تَرْكهمْ مَا يَعْتَقِدُونَ صِحَّته مِنْ الْكِتَاب الَّذِي بِأَيْدِيهِمْ الَّذِي يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ مَأْمُورُونَ بِالتَّمَسُّكِ بِهِ أَبَدًا ثُمَّ خَرَجُوا عَنْ حُكْمه وَعَدَلُوا إِلَى غَيْره مِمَّا يَعْتَقِدُونَ فِي نَفْس الْأَمْر بُطْلَانه وَعَدَم لُزُومه لَهُمْ فَقَالَ وَكَيْف يُحَكِّمُونَك وَعِنْدهمْ التَّوْرَاة فِيهَا حُكْم اللَّه ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْد ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤمنين).

ابن كثير، بهذا التفسير، هرب من مواجهه اكبر اشكالية اسلامية لازمت الاسلام ولازالت تلازمه في عراكه مع اهل الكتاب. فالتناقض المفتعل علي العقيدة يقع في هذه الحالة كبداية للتشاكل مع كل مجتمع يذهب اليه الاسلام. فيهود خيبر وبني قريظة … الي آخر طوائف يثرب المتعددة كان التوحيد هو المهيمن علي عقيدتها، ورغم ذلك جاء القران ليتشاكل معهم باكثر من تشاكله مع الوثنيين. فالقرآن يؤكد صحة عقيدتهم في مواقف كثيرة مقابل ما لدي المسلمين ثم ينقلب فجأة الي الاتهام في العقيدة وما هم بمؤمنين. الاكثر غرابة ان منظومة القيم الاجتماعية البدوية والقبلية هي ذاتها التي عند باقي طوائف يثرب من غير اليهود ليست فقط متشابهه انما متطابقة بحكم اشتراكهم في بيئة وثقافة واحدة. فجميعهم تجمعهم المفاهيم السائدة ذات النمط المتماثل حضاريا عبر القيم التجارية او الرعي او بعض الزراعات البسيطة. وبالتالي فان اي حرام او حلال يصبح امرا لا محل له من الشريعة في شئ. هذا مثال اولي بدأ مبكرا في تشاكل المسلمين الاوائل مع من يماثلوهم في العقيدة والثقافة والوضع الحضاري. فما بالنا ومجتمعات كالصين والهند واوروبا وافريقيا إذا ما وصل اليها الاسلام؟

ثاني المشاكل التي يقفز فوقها الاسلاميون، إذا ما اصبح للاسلام من نفوذ وانتشار، قولة احد فقهاء السلف “العبرة بعموم اللفظ وليس بخصوض السبب”. يمكن اعتبار هذا القول الغير عقلاني وغير منطقي كمحاولة للتعتيم علي التناقضات في الشريعة ذاتها إذا ما تجرأ احد علي اعتبارها مقوصة وغير كاملة وكبديل لقيم القانون والعادات والاعراف في المجتمعات الحديثة العهد بالشريعة، او في تناولها لحالات لم تخطر علي بال مجتمع قريش. يصعب أخذ هذا القول مأخذ الجد لسطحيته وتسطيحه للتعددية التي هي من طبيعة الاشياء. فلفظ واحد وعبر تعميمه يستحيل ان يكتفي به لمعالجة كل المسائل والمشكلات ذات الجوانب المركبة والمعقدة. ويصعب وصف مثل هذا الفقية الا بضيق الافق وقصر النظر وضحالة فكره وكسله عن التفكير. فما اسهل الاستسهال لنص ليصبح ساريا دون اي صلاحية علي تراث اليهود وتراث غيرهم واعتبروه اساسا لمنظومتهم العقائدية. فهناك في التراث اليهودي امثلة للتسطيح والحلول السهلة الاسطورية اصطبغ بها العقل التوحيدي المستخلص من التراث العبراني الاصل واهمها عصا موسي التي تبهر وتبرهن وتشق وتنجي وتحي وتميت … الخ المطالب الاعجازية لجماعات بدائية في ازمنة سحيقة. فالراسب التوراتي في العقل الاسلامي كان دائما حاضرا لتبرير ما يستحيل تعقله ليس فقط في السلوك الاسطوري المعجز لانبياء اليهود إنما في التصييغ اللفظي للقوانين في الشريعة ومبسطة الي حد الخلل بقيمة البشر كبتر الاطراف ورجم النساء في حالات الاتهام بالسرقة او ممارسة الجنس.

ويقابل مثل هذه المواقف التسطيحية الذي يدعو اليها الاسلام السياسي موقفا آخر مضاد من الذين حملوا صفة العلمانية، بشرف واعتداد بالذات، تقول بان مقاصد الشريعة أو مبادئها هي التي علي هداها ينبغي صياغة القوانين. فالمبادي أو المقاصد هي الحق والخير والجمال وتحقيق الرفاهية والعدل بين البشر مهما كانت الفروق بينهم ومهما تباينت اوضاعهم الطبقية والاجتماعية والثقافية. ورغم الاستحالة بشكل مطلق في تحقيق هذا ايضا مع امكانية تحقيقة بشكل نسبي وبدرجة عالية من الصواب، الا ان هذا الطرح العلماني (حسب اتهامات الاسلاميين له بالكفر) يحمل قدرا من التصحيح المستمر و الدائم في ضوء المقاصد والمبادئ العامة كلما تغيرت الظروف واختلفت الازمنة والاوضاع.

 

من أهم الفروق بين المنادين بالشريعة وبين المنادين بالقانون الوضعي ان هناك فضيلة يتحلي بها العلمانيون ويفتقدها الاسلاميون المطالبون بحرفية النص للتطبيق، وهي الشجاعة مقابل الخوف والثقة بالنفس مقابل فقدان الاهلية كبشر يتحملون مسؤولية افعالهم. ففي الاسلام يطلب من المؤمنين الغاء العقل في مقال طاعة نص ثابت جامد وهو أمر غريب لو ناقشناه في ضوء اي نظرية بما فيها نظرية الخلق الدينية، لو ان لها اسسا عقلانية. فالعقل عن الاسلاميين يبدو وكانه زائدة دودية اصبحت متنحية الوظيفة بعد ان ظهر سلف صالح من صحابة نبي الاسلام ومن بعدهم عدة فقهاء انتهي دورهم بانتهاء عصر تدوين نصوص الاسلام وقاموا بمهمة العقل بديلا عن كل الاجيال اللاحقة. مثل هذا الموقف هو تعبير عجز مزمن في البنية الفكرية الاسلامية يقابله، كتعويض، وكحنين الي زمن قديم وصلت الينا اخباره بانه كان ذهبيا لان العقل فيه كان حصرا علي قلة من البشر هم غالبا العشرة المبشرون بالجنة وفقهاء الاسلام الاربعة واضيف اليهم حديثا ابن تيمية وابن عبد الوهاب لكونهم اكثر تشددا واقل تفضيلا للعقل. زمن ابن عبد الوهاب وفي بيئته الحضارية بجزيرة العرب كانت كل الظروف القديمة حاضرة حيث الصحراء والبداوة والقبلية ومجتمع التجارة هي ذاتها شروط مجتمع النبوة لهذا فان صلاحية النص مع الغاء العقل وتسييد قواعد البداوة لها الاولوية عنده ايضا.
وتشكل قضية المرأة والرقيق في الاسلام نموذجا فادحا لعدم اهلية الشريعة للتطبيق. ففي الاولي لم يكن المسلمون مجددين أو مبدعين ولم تكن نصوصهم الاسلامية ثورية بقدر ما كانت توافقية مع ما هو قائم ومسلم به عند اجدداهم في جاهليتهم وعند كثير من الامم السابقة في الثقافات الاقدم. كان اعتبار جنس المرأة مرادفا للنجاسة والشر وحليفا للشيطان واتخذ من دم الحيض او زمن الولادة دليلا علي نجاستها فاصبح عزلها أمرا مفروغا منه تقربا اما للطوطم أو الاله كل في زمن عبادته. وحيكت حولها الاساطير وخرافات الخلق بانها جاءت من ضلع اعوج وان الغواية كانت من نواياها السيئة واصبح الطرد من جنة مزعومة حكما علي مدي خطورتها في الجنة وعلي الارض علي السواء. أمر النساء منقول بحرفيته من التوراه رغم التنكر للتوراه ومعها امور الرق وقواعده القانونية. كل هذا اصبح من قواعد الاسلام ومفاهيمة العقائدية. فكما تسابق المسلمون في زمن النبوة وما بعدها زمن الفقهاء الي نصوص التوراه وللاسرائيليات ككنز لا يفني لتصعيد فلان وبخس علان وسب هذا وتمجيد ذاك، إما بكونه عدوا لبني اسرائيل لتطييب خاطر القبيلة العبرانية التائهة في صحراء قاحلة باثر رجعي ، قام الاسلاميون كمدافع ومحامي عن الاسرائيليات ومدوناتهم التي تتفق في طبيعة مكونها الحضاري مع مجتمع القبيلة في صحراء العرب مع تجريم مواز لليهود وللكتب السماوية الاسبق. فعجزوا عن السمو عن اخلاق البداوة الاسرائيلية وفشلوا في وضع حد للعنف الذي تمتلئ به كتب بني اسرائيل. لكن ومع اختفاء اليهود وانزوائهم جغرافيا بعيدا عن صناعة القرار في دولة الخلافة وحتي الزمن العباسي اصبحت تشريعات الاسلام عن المرأة سائدة كتجديد للشرائع اليهودية ويرافقها كتلازم ضروري لها فقه الرقيق والاماء، المنقول إما من التوراه أو من عادات العرب في صحرائهم. ذلك لان زمن الغزو وجلب العبيد كان مستمرا انتهي واصبح علي الواقع المستقر علي اسس التجارة بالبشر ان يحدد استحقاقات الملكية التي جري توريثها واختفي اصحابها الاصليين الجالبين لها من بقاع كثيرة بمرور الزمن.

فعجز الشريعة بناء علي ما سبق ان تكون اممية وتتفق مع المستقبل ومستجداته اصبحت عبئا علي الانسانية بحكم ترجيحها شرائع من ازمنة سحيقة لا تعرف التنظيم المدني الحديث. بل واصبحت دليل خصوصية ثقافية لا تصلح لحكم مجتمعات مختلفة حضاريا بغض النظر عن مدي رقيها أو انحطاطها مقارنة بمجتمع صحراء قريش. ولهذا السبب لازالت هناك فرقا تقول بان الخلافة لا بد وان تكون لقرشي، اي لمن يحمل ثقافة البداوة بهدف محو ما يخالف ما في ثقافة المجتمعات المسلمة الحديثة وتختلف جذريا عما كان سائدا في الزمن القديم والقريب تاريخيا.

 

حاول الاسلام زرع فكرة تحمل نقيضين اولاهما تدمير الماضي باعتباره خروجا علي شريعة الله وثانيهما الرغبة الحميمة في الحفاظ عـلى الشواهـد الحضارية لمجتمع مكة الوثني الحامل لكل ما سعي المطلب الاول لتدميره. وبدون التعرض لطقوس الصلاة والحج والصوم التي كانت سائده قبل ظهور نبي الاسلام فان بقاء وضعية المرأة والرق كما هي دون تغيير هو الدليل الاوضح لهذا الطرح. فنحن لا نعرف أحدا عن ذلك المجتمع جمع باربع زوجات في وقت واحد حسب مستجدات الاسلام. لكننا علي علم بمن اصبح يستبدل ويجدد ويطلق ويتزوج بكل حرية طالما هو يلعب في مساحة الاربع زوجات. ولا نعرف حقوقا سلبتها الشريعة من الرجل لصالح المرأة بقدر ما نعرف كيف انصاعت المرأة طبقا للنص الاسلامي لصالح الرجل في الميراث والاهلية في الزواج ولاية الرجل عليها. وكان الرقيق مفروغا منه وبلا حد أو ضوابط عددية، فلم يضبط العدد او حق التملك في الانسان، لكن أصبح الاتجار بهم مع الله اضافة لانواع التجارة المعروفة في اسواق قريش التي اصبحت معولمة بين الاندلس وبخاري دون اي لفتة الي انسانيتهم كقيمة مستقلة لا علاقة لها بالملكية أو حق الاستغلال.
هذه النزعة المتناقضة هي ذاتها النزعة الثنائية التي يتضارب فيها مجتمع البداوة مع باقي مجتمعات الحضر الجديثة وبين ما سمي الايمان وبين مجتمعات العلمانية، والتي تركت بصمتها علي عقيدة المسلم الحديث ممزقة بين قيم الجاهلية العربية وعادات العرب وتقاليدهم وبين شكل الدولة الحديثة.

محمد البدري (مفكر حر)؟

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر | Leave a comment

حوار مع القرضاوي 3

عبد القادر أنيس

هذه المقالة الثالثة حول كتاب القرضاوي (الإسلام والعلمانية وجها لوجه).
تتناول قراءتي في هذه الحلقة فصل: “العلمانية بين الغرب المسيحي والشرق المسلم” كما ورد في الكتاب.
يقول القرضاوي، في مستهل هذا الفصل، عن العلمانية بأنها “كلمة حديثة الاستعمال في لغتنا العربية….. مترجمة عن اللغات الأوروبية، كما رأينا. وكان يمكن أن تترجم بلفظة “لادينية”، لأن معنى الكلمة الأجنبية ما ليس بديني، وكل ما ليس بديني، هو لا ديني. ولكن اختيرت كلمة “علماني” أو “مدني”، لأنها أقل إثارة من كلمة “لا ديني”.
فهل وُفِّق القرضاوي في هذا التعريف؟
لنقارن تعريفه بتعريف العلمانية كما عرفتها القواميس الغربية. مصطلحLaïque بالفرنسية و secular بالإنجليزية يعني ما ليس له طابع مقدس أو ديني. أصل كلمة laïque مثلا متحدر من اللاتينية laicus ويعني العامة من الشعب مقارنة بـ klericos الدال على المؤسسات الدينية، ومصطلح laicus استعملته الكنيسة أولا للإشارة إلى كل شخص ليس كاهنا أو رجل دين بصفة عامة، قبل أن تتعزز صفوف الحركة العلمانية مع انتشار الحداثة والتنوير في أوربا وتتطور نحو رفض تدخل المؤسسات الدينية في المجال السياسي للدولة وتكتفي بالشؤون الدينية البحتة المتعلقة بالإيمان والعبادة. وهذا باختصار معنى العلمانية.
وعليه فتفضيل القرضاوي لمصطلح “لاديني” غير موفق، هدفه تشنيع العلمانية بوصفها مناهضة للدين ورجاله. أو حسب عبارته “عزل الدين عن الدولة وحياة المجتمع، وإبقاءه حبيسا في ضمير الفرد، لا يتجاوز العلاقة الخاصة بينه وبين ربه، فإن سمح له بالتعبير عن نفسه، ففي الشعائر التعبدية، والمراسم المتعلقة بالزواج والوفاة، ونحوها”. وهو تعريف صحيح إذا أكتفينا بـ””عزل الدين عن الدولة” بما يعني منع رجال الدين من التدخل في الشؤون السياسية والاقتصادية والتعليمية وفرض رؤاها على العلاقات العامة بين الناس. لكن القرضاوي يضيف “وحياة المجتمع”، وهذا غير صحيح على إطلاقه لأن المؤسسات الدينية تتمتع بحرية ممارسة نشاطاتها داخل المجتمع فيما يتعلق بشؤون الناس الروحية إذا رغب المؤمنون في الارتباط بها، بكل حرية خلافا لما كان سائدا في العصور الذهبية لهذه المؤسسات عندما كانت تفرض على الناس تدينهم وولاءهم وتمويلهم لها وخضوعهم لشريعتها، وإلا تعرضوا للقمع.
تعريف القرضاوي إذن مغرض الهدف منه استعداء الناس ضد الفكر العلماني ومفكريه بغرض قمعهم وإسكاتهم بوصفهم ملاحدة معادين للدين.
كل الأديان قديما مارست هذه الهيمنة على الناس، ولا تزال تمارسها في البلاد المتخلفة التي لم تنتصر فيها العلمانية، ويحتل الإسلام ورجاله الصدارة في مواصلة التشبث بهيمنة الدين على حياة الناس والتدخل في الشؤون السياسية والاجتماعية والفكرية والفنية والتعليمية والاقتصادية عبر التحريم والتكفير والترهيب المعنوي والمادي باسم المقدس. القرضاوي يعترف بهذه الهيمنة ويدافع عنها ويبررها. نقرأ له: “وهذا المعنى غير معروف (يقصد التقسيم الديني- العلماني) في تراثنا الإسلامي، فتقسيم شئون الحياة إلى ما هو ديني، وما هو غير ديني، تقسيم غير إسلامي، بل هو تقسيم مستورد، مأخوذ من الغرب النصراني، وما نراه اليوم في مجتمعاتنا العربية والإسلامية من تقسيمات للحياة، وللناس، وللمؤسسات، إلى ديني وغير ديني، ليس من الإسلام في شيء”.
“لم يكن في الإسلام ـ كما في عصورنا الأخيرة إلى اليوم ـ تعليم ديني، وتعليم غير ديني، ولم يكن في الإسلام أناس يسمون رجال الدين، وآخرون يسمون رجال العلم أو السياسة أو الدنيا، ولم يعرف الإسلام سلطتين: إحداهما دينية، والأخرى زمنية أو دنيوية، ولم يعرف تراث الإسلام دين لا سياسة فيه، ولا سياسة لا دين لها”.
“لقد كان الدين ممتزجا بالحياة كلها، امتزاج الروح بالجسم، فلا يوجد شيء منفصل اسمه الروح، ولا شيء منفصل اسمه الجسم، وكذلك كان الدين والعلم، أو الدين والدنيا، أو الدين والدولة في الإسلام.
إن العلمانية “بضاعة غريبة” لم تنبت في أرضنا، ولا تستقيم مع عقائدنا ومسلماتنا الفكرية”.
نقتطف هذه الفقرات الطويلة حتى نقدم صورة واضحة عن فكر القرضاوي الذي لا يبدو مستعدا للتخلي عن هيمنة الإسلام على الشعوب المسلمة، وما يعنيه في الحقيقة من هيمنة رجال الدين المسلمين على حياة الناس وما يعتبره هو من إيجابيات الحياة الإسلامية هو في الحقيقية من السلبيات التي ساهمت في الجمود والانحطاط.
لكن، هل صحيح ما يزعمه القرضاوي عندما يقول: “فتقسيم شئون الحياة إلى ما هو ديني، وما هو غير ديني، تقسيم غير إسلامي، بل هو تقسيم مستورد، مأخوذ من الغرب النصراني”؟
هل هو تقسيم خاص بالغرب النصراني كما قال؟ أو بمعنى أدق، هل الغرب النصراني كما هو اليوم هو نفسه كما كان قبل قرن وقبل قرنين وقبل قرون؟
هذا الخلط بغيض، وهو يعبر عن واحد من موقفين يقفهما القرضاوي خدمة لمعركته ضد المطالب العلمانية في العالم العربي والإسلامي: إما أن القرضاوي يعرف ويتعمد التعمية أو أنه لا يعرف وهو أمر فضيع لرجل يعتبر نفسه عالما. في الشرق كان رجال الدين يعتبرون أنفسهم من الخاصة مقابل العامة التي كانت تلقى الاحتقار وقد ألف في ذلك أبو حامد الغزالي كتابه “إلجام العوام عن الاشتغال بعلم الكلام”. أما الغرب اليوم فلا يمكن أن ننعته بالنصراني إلا كانتماء تاريخي للمسيحية، ولأن شعوبه وحكوماته كما تعكسها مواثيقه وقوانينه اليوم لا علاقة لها بالمسيحية إلا كممارسات فردية حرة. كيف لا وقد خاض هذا الغرب طوال قرون صراعات مريرة ضد هيمنة البنى السياسية والدينية القروسطية التي كانت ترعاها الكنيسة من ملكية زعمت أنها تملك باسم الحق الإلهي ومؤسسات دينية مهيمنة على التربية والتعليم والفكر والاعتقاد واحتكار للحقيقية الدينية والعلمية ومعاقبة كل المخالفين. الحريات التي يتمتع بها المواطنون هناك ليست منة من الكنيسة ولا هي كانت من روح مذاهبها المختلفة.
بعد أن يقدم القرضاوي تعريفه للعلمانية ويطمئن إليه يتساءل بنشوة المنتصر: ” ما الحكم عند الاختلاف بيننا وبينهم؟ وهنا نصل إلى مفترق طريق بيننا وبين دعاة العلمانية، الذين يزعمون أن من حقهم أن يفسروا الإسلام من منظورهم الخاص، وأن يقدموا فيه ويؤخروا، كما يحلو لهم؟”
ثم يضيف: “وهنا نرد عليهم دعواهم بحجج ثلاث:
“أولا: ليس الإسلام دعوة غامضة، ولا مادة هلامية، يفسرها كل من شاء، بما شاء، فالإسلام له أصوله البينة الثابتة، ومصادره الواضحة المحكمة، وليس هو كالأديان الأخرى، التي يملك رجالها أو المجامع المقدسة لديها، أن تضيف إليه، أو تحذف منه، أو تعدل فيه…”
“ثانيا: عندما يختلف العلماء والباحثون في أمر من الأمور: أهو من الإسلام أم لا، سواء كان من العقائد أم من العبادات أم من الأخلاق أم من المعاملات، ألا يوجد معيار يحتكم إليه؟!”
“بلى، قد وضع القرآن الكريم لنا المعيار، الذي نرجع إليه عند الاختلاف والتنازع، وهو ما ذكره بقوله: (يا أيها الذين آمنوا، أطيعوا الله، وأطيعوا الرسول، وأولى الأمر منكم، فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول، إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر) (سورة النساء:59)…..”
“ثالثا: إذا اختلف علماء الإسلام المتخصصون في دراسته وفقهه، والذين عاشوا حياتهم له، يتعلمونه ويعلمونه، ويدرسون معه كل ما يعين على حسن فهمه من “العلوم الآلية” التي هي آلة الفهم، ووسيلة الاستنباط، وهي علوم اللغة، والنحو، والصرف، والمعاني، والبيان، إذا اختلف هؤلاء مع دعاة العلمانية الذين لم يعرفوا من الإسلام إلا قشورا، ربما أخذوها عن “المستشرقين”، الذين يحسنون بهم الظن، أو “المستغربين” الذين تتلمذوا عليهم، ولعلهم لم يقرأوا كتابا معتبرا في أصول الفقه، أو في مصطلح الحديث، بله الفقه أو الحديث نفسه، فمن يكون أحق بالصواب من الفريقين: الإسلاميون أم العلمانيون؟ ومع من يسير المسلم، وهو مطمئن القلب؟”
“إن الله أمرنا أن نرجع في كل أمر إلى أهله، أي إلى أهل الاختصاص به والخبرة فيه…..”

أتوقف هنا لقراءة هذه المواقف العنترية:
أولا: القرضاوي ينفي أن يكون قد وجد في الإسلام رجال الدين ثم لا يعترف للعلمانيين بحقهم في النظر في الدين ويجعله حكرا عليه وعلى أمثاله من المتخصصين في الدين، وهم رجال دين بامتياز.
ثانيا: القرضاوي يزعم أن: ” ليس الإسلام دعوة غامضة، ولا مادة هلامية…” فكيف يفسر لنا كل الانقسامات والفتن والمذاهب التي قامت في الساحة الإسلامية لو كان الإسلام واضحا دقيقا في شريعته وأحكامه وتعاليمه التي لا تحتمل إلا تفسيرا واحدا؟ لقد رأينا مثلا في المقالة السابقة كيف نفى القرضاوي وجود الناسخ والمنسوخ في القرآن مع أن المسألة تناولها فقهاء الإسلام دائما وعملوا بها واستنبطوا الشرائع بناء عليها. ورأينا مثلا تفشي إباحة العبودية في الإسلام وقننها فقهاؤه طوال التاريخ بينما ينفيها صديقه الغزالي أو يحاول التستر عليها كما رأينا في كتابه محل قراءتنا السابقة “حقوق الإنسان بين تعاليم الإسلام وإعلان الأمم المتحدة”، وحتى مبدأ الشورى الذي استمات الإسلاميون في الدفاع عنه كبديل للديمقراطية الغربية قبل أن يتنازلوا ويحللوا الديمقراطية بعد أسلمتها وتجريدها من أهم ركائزها المتمثلة في العلمانية ومختلف الحريات ويحتفظوا منها بآلية الانتخاب فقط بعد أن ضمنوا العامة إلى جانبهم، حتى مبدأ الشورى هذا لا يتفق فقهاء الإسلام حوله بين من يرى أنه غير واجب ومن يرى وجوبه على الحاكم ولا يشترط إلزامه بالأخذ برأي أهل الشورى، رغم أن الفقهاء لا يتناولون أبدا كيفية اختيار مجلس الشورى بل ويضعونه بيد الحاكم الذي يتولى تعيين أعضائه حسب هواه حتى يضمن ولاءهم.
فأين الوضوح في مسائل هي من الأهمية مثل السياسة وإدارة شؤون المواطنين التي عجز الفقه الإسلامي عن تطويرها بسبب خلو الكتاب والسنة من أية تعاليم واضحة ذات قيمة في هذا الباب. وما ورد منها هو من الغموض والسلبية جعلت الفكر السياسي الإسلامي متهافتا جدا مقارنة بالفكر اليوناني والروماني مثلا رغم ادعاء المسلمين لمصدرهم الإلهي.
ثالثا: يزعم القرضاوي أن القرآن قد وضع “لنا المعيار، الذي نرجع إليه عند الاختلاف والتنازع، وهو ما ذكره بقوله: (يا أيها الذين آمنوا، أطيعوا الله، وأطيعوا الرسول، وأولى الأمر منكم، فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول…” وهو زعم متهافت أيضا. فالمسلمون لم يفعلوا طوال تاريخهم المليء بالقلاقل سوى العودة إلى دينهم بحثا عن الحق والحقيقة فيه وعن الحل لخلافاتهم دون جدوى بل كان كل فريق يجد ما يؤيد دعاواه مهما اختلفت مع دعاوى غيره. هنا نجد أنفسنا أمام موقف عويص جدا: عندما يدعي القرضاوي والإسلاميون معه أن عند المسلمين المعيار الكفيل بتسوية النزاعات فهم يضعون أنفسهم والمسلمين معهم في مأزق لا يحسدون عليه: كيف يعقل أن تعيش شعوب هذه البقعة من الأرض قرونا طويلة من الانحطاط والتشرذم والتناحر والفساد السياسي والاجتماعي وأخيرا الاستعمار وبين أيديهم المعيار السحري لمواجهة كل هذا الانسداد الحضاري؟ لا بد أن تكون كل هذه الشعوب ونخبها على رأسها على درجة متقدمة من العته لا تعرف معها صالحها من طالحها لأنها تمتلك بين أيديها الدواء ولا تتعالج به. بينما الحقيقة هي أن الدواء فاسد تجاوزه الزمن وصار ضرره أكثر من نفعه.
رابعا: يقول القرضاوي: ” إذا اختلف علماء الإسلام المتخصصون في دراسته وفقهه…. مع دعاة العلمانية الذين لم يعرفوا من الإسلام إلا قشورا…. فمن يكون أحق بالصواب من الفريقين: الإسلاميون أم العلمانيون؟ ومع من يسير المسلم، وهو مطمئن القلب؟” “إن الله أمرنا أن نرجع في كل أمر إلى أهله، أي إلى أهل الاختصاص به والخبرة فيه…..”.
وهو ما يعني أن القرضاوي لا يرى بديلا لنا سوى دولته الإسلامية الثيوقراطية التي يحكمها رجال الدين القروسطيون: أهل الاختصاص. وأي اختصاص؟ رأينا أنهم عجزوا طوال التاريخ، بسبب تشبثهم المرضي بالنصوص المقدسة، عن تطوير نظام سياسي قادر على تجنيب بلاد المسلمين كل هذه الفتن والصراعات الدامية التي انتهت بانحطاطنا ودخولنا في سبات عميق لم نستيقظ منه إلا على طبول ومدافع نابليون التي مهدت للاستعمار. بل الحق أننا لم نستيقظ بعد.
مع هذا يتساءل الشيخ بغطرسة: “فهل يدعي العلمانيون أنهم أهل الذكر، وأهل العلم والخبرة بالإسلام، وأهل الفتوى، فيما يختلف فيه من أحكامه؟! لا أحسبهم يجرؤون على ذلك، برغم ما لهم من اجتراءات!”
نعم هم لم يجرؤوا على ذلك ما دام سيف التكفير الأصولي مسلط فوق رقابهم وهو ما منع الفكر العلماني من الانتشار بين الناس بسبب الاحتكار الذي مارسه تحالف الحكم الاستبدادي مع رجال الدين، وهؤلاء كلهم ليس من مصلحتهم أن يبلغ الأيتام سن الرشد كما قال الكواكبي.

وأخيرا يقول: “ولو توافر العلم عند الطرفين المختلفين، وكانت كفتا الميزان عندهما سواء، لوجب الترجيح بالورع والتقوى، فالعالم، الذي يخشى الله، ويستحضر رقابته، وأنه مسئول أمامه عن علمه، ماذا عمل فيه؟ ولا يبيع دينه بدنياه، فضلا عن أن يبيعها بدنيا غيره، هذا ـ ولا ريب ـ أولى أن تكون كفته هي الراجحة، وحجته هي اللائحة، وقوله هو الأدنى إلى السداد، أولا: لأنه مأمون على دين الله، لا يخاف منه التزييف اتباعا للهوى، أو التحريف طلبا لدنيا، وثانيا: لأن مثله جدير أن يوفق للصواب، وأن يسدد للحق، فالتقوى هدى ونور وبصيرة، وقد قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا، إن تتقوا الله، يجعل لكم فرقانا).
ماذا أقول لممثل علماء السلاطين هذا أمام هذا الادعاء الباطل غير التذكير بموقفه في مقالي الأول من هذه السلسلة عندما هاجم الجمهوريات العربية الوراثية عن حق ودافع عن الملكيات العربية الوراثية عن باطل وهي كلها في الاستبداد سواء؟ فأي ورع وأية تقوى وأي سداد في هذا الموقف؟
لقد توفي مؤخرا الدكتور فؤاد زكريا في صمت، كما ناضل في صمت، سلاحه الوحيد قلمه وعقله وغيرته على مصير هذه البلاد البائسة. مات فؤاد زكريا وجريدة الأهرام ترفض نشر مقالاته بينما يسخّر الحكام والسلاطين للقرضاوي الفضائيات والمواقع وتتناقل الجرائد وكل وسائل الإعلام تصريحاته وخطبه وفتاواه.
http://dostor.org/weekly/depth/10/march/17/9759
يتبع

عبدالقادر أنيس فيسبوك

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر | Leave a comment

خَسِئتَ يا ناكرَ الجَميلِ

رياض الحبيّب

موقع لينغا

خَسِئتَ يا ناكرَ الجَميلِ * لا خَيرَ في عُمْرِكَ الطّويلِيا جاحد يا ناكر الجميل

نسِيتَ خُبزًا نسيتَ مِلحًا * ولُذتَ بالعَلقمِ المعـسولِ

آوَتكَ دارٌ في يوم ضيقٍ * فقلتَ: باتتْ مِن الطُّلولِ

كما تناسيتَ ألفَ فضْلٍ * عليكَ مِن صاحب الفضولِ

فهلْ تناسيتَ ليس إلّـا * وفضْلُهُ ليس بالقليلِ؟

يسوعُ أعطاكَ كُلّ يوم * زادًا وفي أصعب الفصولِ

يسوعُ أعطى بدون مَنٍّ * عليكَ مِن أطْيَب الحقولِ

ما نسِيَ النّاسَ وهْوَ أعلى * هُناكَ في مَجْدِهِ الأثيلِ

فاٌفتقدَ النّاسَ واٌفتداها * لحُبِّهِ ليس مِن مثيلِ

ما الشّكرُ كافٍ ولا مديحٌ * إذا تأمّلتَ في البَديلِ

بديلُ فضلٍ على قياسٍ * ودُونَهُ: مَوقِفٌ بُطُولي

إنْ حان وقتٌ لِرَدِّ فضلٍ * فرُدَّهُ دونما تأجيلِ

لصاحب الفضلِ أو سِواهُ * أو فاٌسْعَ للجُود في سبيلِ

خيرٌ إذا قيلَ عنكَ يومًا * هذا فتىً مِن بني الأصولِ

أنعِمْ بذا الحاتِميّ جَذرًا * أنعِمْ بفحلٍ مِن الفحولِ

فذا فتىً يستحقّ مدحًا * كخادِمِ الرَّبِّ والإنجيلِ

الخادم النّاس دون أجرٍ * منها ولا بعضِها مأمولِ

إلّـا مِن الرّبّ فهْوَ أدرى * بكُلّ فِعلٍ لهُ مفعولِ

أدرى بأفعالنا جميعًا * عيناهُ في رصْدِ كُلّ جيلِ

بئسَ الفتى الجِبْسُ يومَ وافى * مُقابلَ الفضل بالرّذيلِ

شَتّان ما بين مَن تناسى * وبين مَن جادَ بالدّليلِ

وصارخٍ في الورى اٌعترافًا * بفضل ربّ الورى الجليلِ

معترفًا بالمسيحِ ربًّا * مُجاهِرًا ليس كالخَجُولِ

مستشهِدًا دونما اٌكتراثٍ * للهَول والذّلّ والتّنكيلِ

كذا اٌستفانوسُ يوم ضحّى * بنفسِهِ واضحَ المُيولِ

تلاهُ آباؤنا الغيارى * على المسيحيّةِ الثَّكُولِ

كمْ فَقدَتْ مِنْ مُبشِّريها * فاٌنتشرتْ مِن خُطى رسولِ

كواعِظٍ صوتُهُ جَهيرٌ * وراهبٍ صامتٍ بتولِ

آثارُها في ذُرى جبالٍ * وفي هِضاب وفي سُهُولِ

الفضلُ للرّبّ كُلّ حينٍ * في كُلّ شِبرٍ وكُلّ مِيلِ

بكُلّ شيءٍ على البَرايا * لا لنشيطٍ ولا كَسُولِ

مِن فضلِهِ جادَ بالعطايا * ذو الجودِ والفضلِ والجميلِ

* * *

تمّت كتابتها على وزن بحر المضطرب فجر الأحد الموافق 21.10.2012 من فضل ربّ المجد يسوع المسيح- آمين

رياض الحبيّب

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

باتت دمشق على طوفان من لهب

خليل مردم بك

أمده الدمع حتى غاض جائده
فمن بأدمع عينيه يرافده
الروح والدم والأحداق ود لها
لو تستحيل إلى دمع يناجده
مشرد النوم ماقرت مضاجعه
وهل تقر بموتور وسائده
باتت دمشق على طوفان من لهب
يادين قلبي من خطب تكابده
موج من النار لا تهدا زواخره ….يمده آخر ما ارتد وافده
وبل القذائف هطالا له مدد ….والنار والنفط والتهديم رافده
في ذمة الله والتاريخ ما لقيت ….وفي سبيل الأماني ما تصامده
أمسى الذي كان في جناتها فرحا…. بمارج من سعير فار واقده
ورب مكنونة كالدر ضن به ….على العيون فصانته نواضده
تخطت النار ليلا وهي حاملة ….طفلا قضى برصاص القوم والده
فيما تناءت به حتى أتيح له ….شطية بان منها عنه ساعده
ضمت إلى صدرها شلوا يسيل دما ….كالطير هاض جناحا منه صائده
ياهول ذلك من مرأى شهدت وقد ….وددت لو كنت أعمى لا أشاهده
قف في الخرائب وابك المجد معتبطا ….فإنها يا لأحزاني مراقده
الذكريات من التاريخ قد درست ….وطارف المجد موؤود وتالده
يا آسي الجرح بادر ضمد سائله ….إذا تريثت لم تنجع ضمائده
بقية السيف والنيران إن لكم ….شأنا تراءت على قرب شواهده
لكم وإن مسكم قرح وطول أذى ….من طيب الذكر بعد اليوم خالده
لله يومكم يوما فإن له…. ما بعده وإن اشتدت شدائده
لله معقلكم من معقل أشب ….على الوئام لقد شيدت قواعده
عالي البروج تعالى فوقه علم ….الحق رافعه والحق عاقده
أما دمشق فلا ترجو لنجدتها ….سوى فتاها الذي شاعت محامده
بلوعة الثكل تدعوه لينصرها ….وبالجراح التي تدمى تناشده

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

فقه الغنم عند حسن نصرالله

طلال عبدالله الخوري 20\10\2012

فقه الغنم عند حسن نصرالله وبشار الأسد

Posted in ربيع سوريا, كاريكاتور | Leave a comment

هل يصلح الدهر ما أفسده الإسلام؟

وفاء سلطان

هل الله موجود؟
سؤال لا أحد يستطيع إثباته أو نفيه، فالمسألة مسألة تسليم مطلق!

عندما كنّا صغاراً كانوا يستهترون بعقولنا الغضة فيحاولوا أن يثبتوا لنا وجود الله بقولهم: لا بد أن يكون هناك خالق لهذا الكون، وإلاّ كيف وجد؟

وعندما كبرنا، ومن منا سمح لنفسه أن يخرج قليلا عن حدود تفكيره المبرمج، وجد نفسه يتصارع مع سؤال آخر: ومن خلق الله؟

اذا كنا قد اعترفنا بوجود الله من منطلق قناعاتنا بأن للكون خالقا، يجب أن نطرح سؤالا آخر: ومن خلق الله؟

فإذا كان لا بد من وجود خالق لهذا الكون فلا بد من وجود خالق لهذا الخالق! وإلاّ لماذا نقبل فكرة بأن الله خلق ذاته، ولا نقبل بأن الكون خلق ذاته؟

لست في سياق اثبات وجود الله او نفيه ولا أدّعي بأنني استطيع. لكنني، لو افترضت جدلا بأن الله موجود، اود أن اطرح سؤالا جديرا بالطرح: من هو هذا الله؟
اذا كان الله موجود من هو هذا الله، وما هي صفاته؟

من خلال اطلاعاتي على الكثير من ديانات الأرض وثقافاتها وشعوبها توصلت الى قناعة ألا وهي، مهما اختلفت تلك الديانات والثقافات والشعوب يظلّ يجمعها عامل مشترك وهو ايمانها بأن الله هو الكمال المطلق.
………………….

كل ضدّ وله ضدّه، وهذا الكون ماهو إلا حلبة يحكمها قانون تتصارع بموجبه الأضداد. بناء على هذا القانون تمت ولادة فكرة الشيطان في نفس اللحظة التي ولدت بها فكرة الله ومن نفس الرحم!

الله والشيطان شقان لتوأم واحد أنجبته الأديان. في الزمن الذي ولد فيه هذا التوأم لم تكن الحاجة الى الايمان بوجود الله اكثر إلحاحا من الحاجة الى الايمان بوجود الشيطان، فكل فكرة على حدة تبدو عاجزة وحدها عن تفسير ما عجز العقل البشري يومها عن تفسيره. لم تستطيع فكرة الله ان تتلبور إلا بوجود فكرة الشيطان. فكرة الله سهلت على الانسان قبول فكرة الشيطان والعكس صحيح.
تجسّد الله في الكمال المطلق وتبوأ الشيطان القطب المغاير فتجسّد في الشر المطلق.

اتفق الجميع على أن الله هو الكمال المطلق وأن الشيطان هو الشرّ المطلق. لكن نظرة سريعة الى معظم العقائد والاديان تخرجك بقناعة ان الناس متفقون على هذين التعريفين، لكنهم مختلفون في مفهومهم للكمال المطلق وفي مفهومهم للشرّ المطلق.

الله هو الكمال المطلق لدى الجميع على وجه التقريب، ولكن لا احد يتفق مع الآخر في مفهومه للكمال المطلق. والكلّ متفقون على أن الشيطان هو الشرّ المطلق، لكنهم أيضا مختلفون في مفهومهم للشرّ المطلق.

يتجاوز مفهوم الكمال المطلق أو الشر المطلق قدرة العقل البشري على استيعابه. عندما نقول كلمة مطلق نعني اللامحدود، ومحدودية العقل البشري تجعله قاصرا على استيعاب أي مطلق!

لم يصل الله في أي دين من الأديان حدّ الكمال المطلق. فالاديان، بشكل او بآخر، حطّت من كمالية الله عندما نسبت إليه من الصفات والأفعال ما ينتقص من تلك الكمالية. لم أر الله في أي دين من الأديان إلاّ دون مستوى حدّ الكمال المطلق.

النقطة التي استطاع العقل البشري أن يصل اليها في هذا الزمن، وهو يتسلق سلم فهمه للكمال المطلق، أعلى بكثير من النقطة التي وصل اليها الله في ايّ دين من الأديان.
قد لا يستطيع الانسان العاقل المعاصر أن يستوعب الكمال المطلق، لكنّه حكما يستطيع ان يستوعب منه درجة اعلى بكثير من درجة الكمال التي وجد عليها الله في ايّ دين.

لطالما تساءلت لماذا انتقصت الأديان من كمالية الله؟ ولم يكن لديّ من جواب سوى: ربّما لأن الأديان من صنع البشر ولقد عجزت عقول البشر، لا سيّما في زمن صناعة تلك الأديان، عن استيعاب الكمال المطلق فأعطت لله من الكمال بمقدار استيعابها له.
……………………

قد لا يستطيع العقل البشري ان يستوعب الكمال المطلق، لكنّ مهما تضاءلت قدرته لن تصل الحد الذي لا يسمح له بأن يميّز بين الخطأ والصواب.

قد يحتج أحد عليّ بقوله “لكنّ الانسان الذي يفقد عقله يفقد قدرته على التمييز بين الخطأ والصواب”. هذا الاحتجاج كان العقبة الاولى التي وقفت في وجه علماء النفس والسلوك عندما بدأوا يدروسون سلوك المجرمين الذين يعانون من اضطرابات عقلية.
تساءل هؤلاء العلماء: هل هؤلاء المجرمون مسؤولون عن تصرفاتهم باعتبارهم خسروا عقولهم؟

ويصرّ الكثيرون من هؤلاء العلماء على ان المعتل عقليا يبقى قادرا على التمييز بين الخطأ والصواب. لكنّ الذي يدفعه الى ارتكاب الجريمة هو دوافع نفسية وعقلية

Irresistible impulses

لا يستطيع السيطرة عليها ناجمة عن عدم توازن كيمائي او كهربائي في نسيجه الدماغي.

المرأة التي اغرقت اطفالها الخمسة في مغطس الحمام في تكساس منذ خمسة اعوام كانت تعاني من خلل عقلي، ولكنها على الفور اتصلت بالشرطة وابلغتهم بجريمتها.
استمعت مرة الى مقابلة مع احد علماء الصحة النفسية والعقلية يتكلم عن حالتها، اصرّ خلال حديثه على ان اتصالها بالشرطة يؤكد انها تعي بأنها أقدمت على فعل غير صحيح. هي معتلة عقليا ولكنها تميّز بين الخطأ والصواب، وارتكبت الخطأ تحت ضغط دوافع لا تملك القدرة على السيطرة عليها.

كانت تعاني من هلوسات سمعية تأمرها بقتلهم، فقتلتهم تحت ضغط تلك الهلوسات رغم أنها كانت تعي بأن عملها هذا ليس صحيحا!

النقطة التي أريد الوصول اليها هي أن الانسان مجهز بقدرة على التمييز بين الخطأ والصواب، ومهما اضطربت ملكاته العقلية يفترض أن يتمتع ولو بالحد الادنى من تلك القدرة.
هذه القدرة حمته من الاندثار وساعدته على استمرار البقاء.
………….

دخلت عالمة نفس الصف الأول في احدى المدارس الابتدائية في سياق دراستها للقدرة على الابداع والتفكير عند الانسان.

رسمت على السبورة لطخة دائريّة بالطباشير وسألت الأطفال ماهذه؟ صاح معظمهم: نقطة كبيرة!

فقالت لهم: لماذا لا يفكر كل منا باحتمال كونها شيئا آخر؟ فكروا معي، هل يستطيع أحد منكم أن يأتي بجواب آخر؟

قال طفل: إنّها قبعة مكسيكية! وصاح آخر: بل هي كعكة!
رد آخر: لماذا لا نقول إنها عجلة سيارة؟

فأجابه طفل يجلس الى جانبه: بل هي سينت (قطعة عملة)! تمتم آخر وهو شبه نائم: أعتقد أنها صحن!

غرق الأطفال في الضحك عندما تناهى الى سمعهم صوتا خافتا يقول: تبدو وكأنها كرسي المرحاض!
وانتهت العالمة بجمع مئات الاحتمالات.

التربية هي التي تساهم في تحديد آفاق الفكر. عندما تحرر الانسان، وخصوصا في مراحل عمره الأولى، من بعض القيود التي تفرضها التربية تكون قد ساهمت في اتساع افقه.

الدين، ايّ دين، من أكثر المصادر التربوية قمعا للانسان لأنه ألغى مبدأ الاحتمالات وقفل العقل داخل علبة سردين. أتى بما أطلق عليه “حقائق الهية” ورفض التشكيك بصحتها أو مجرد السؤال عن احتمالات اخرى تبدو اكثر منطقيّة.

درجة الابداع لدى اي شعب تقيس درجة تحرره من كابوس الأديان.
فالأديان تحكم اتباعها بالتخويف، والإسلام يملك من هذا السلاح حصة الاسد.
لا يمكن أن يبدع انسان تحت وطأة الخوف، وكلّما اشتدت تلك الوطأة كلما قلّ ابداعه!

ولذلك عندما تحرر الانسان من خوفه، تحرره من جبروت دينه، وتطلق آفاق تفكيره وابداعه!

هناك فرق بين نوعيّة الخوف الذي يمارسه الاسلام كسلاح وبين نوعيّة الخوف الذي تمارسه الاديان الاخرى.

معظم الاديان، إن لم يكن كلّها، تتوعد اتباعها بالعقاب في الآخرة، إن هم تجاوزوا تعاليمها وقيمها في الحياة الدنيا. الاسلام يتوعد أتباعه في الآخرة ويعاقبهم في الدنيا.
يعاقبهم بالقتل، ويبقى الخوف من القتل أشد وابشع اشكال الخوف، واكثرها قدرة على قتل موهبة الابداع.
…………………………

عندما يتحرر الانسان من خوفه ستزداد خياراته وسيجد في قاموسه ملايين المسميات للطخة الدائرية، وليس فقط “ما هي إلا نقطة بإذن الله”!

يمتلك الانسان مطلق الحرية في أن يؤمن بالله أو لا يؤمن. ولكن عندما يؤمن يجب أن يكون مسؤولا عن تحديد هوية وطبيعة ذلك الـ “الله”!

يؤمن الانسان بالله تسليما، ولكن يحدد هويته وطبيعته عقليّا. فالعقل لا يستطيع أن ينفي او يثبت وجود الله، لكنّه حكما يستطيع أن يقبل أو يرفض معالم هويته وطبيعته.
ليست الخطورة في أن لا نؤمن، ولكن الخطورة في طبيعة ما نؤمن به. أفضل من استطاع شرح تلك الفكرة كان العالم الفيزيائي وصاحب جائزة نوبل السيد لوريتي ستيفين

Laureate Steven

عندما قال: “نستطيع أن نجد اناسا صالحين وآخرين شريرين بين المتدينين وغير المتدينين. ولكن يحتاج الرجل الصالح الى دين كي يستطيع أن يمارس الشر “!
With or without religion you would find good people doing good things and evil people doing evil things. But for good people to do evil things, that takes religion.

لماذا يستطيع الدين ان يدفع الناس الطيّبين الى القيام بأعمال شريرة؟ لأنه، وحده، يستطيع أن يخبّئ الشيطان تحت عباءة الله! فهو الذي خلق الله وهو الذي خلق الشيطان، وهو وحده الذي يستطيع أن يخلط بينهما! ابشع الشرور التي ارتكبت بحق البشرية كانت تلك التي ارتكبها الدين!
…………………..

ليست الخطورة في أن لا نؤمن بالله، فالانسان الذي يملك عقلا لا يحتاج الى الايمان بالله كي يكون مستقيما شريفا مسالما ومنتجا. ولكن الخطورة تكمن عندما نؤمن بالله ولا نضع هذا الله على طاولة المشرحة أو تحت عدسة المجهر!
لم اسمع في حياتي بأن مجزرة قد حدثت في تاريخ البشرية على ايدي اناس يدافعون عن ايمانهم بعدم ايمانهم بوجود الله. لكنّ اكثر المجازر في العالم وافظعها ارتكبت على ايدي من يؤمن بالله ويدّعي بأنه يدافع عن هذا الله!

لقد انتقصت الأديان جميعها من كمالية الله، ولكن وصل انتقاص الاسلام لتلك الكمالية حدا انقلبت عنده المفاهيم وخرجت الحياة عن خط سيرها الطبيعي، فاختلط الخطأ بالصواب وغدا الرجل المسلم عاجزا عن التمييز بينهما.

هذا من جهة ومن جهة اخرى، لم يتدخل دين من الأديان في تفاصيل حياة الفرد كما تدخل الاسلام، ولذلك ترك ذلك التدخل أثرا سلبيا في حياة المسلم أكبر من الأثر السلبي الذي الذي خلفته الأديان الأخرى في حياة اتباعها.

أية محاولة لدراسة الحالة التي وصل اليها المسلمون، وأية محاولة لإخراجهم من تلك الحالة ستفشل ما لم تؤخذ تلك الحقائق بعين الاعتبار.

لقد جرّد الاسلام الرجل المسلم من بديهته

-Common Sense-

، وهي قدرته في ابسط اشكالها على التمييز بين الخطأ والصواب. عندما يفقد الانسان عقله يصاب بـ “الاعتلال العقلي”. ولكن عندما يفقد قدرته على التمييز بين الخطأ والصواب يصاب بـ “الاعتلال الانساني”. فالانسان المصاب بالاعتلال العقلي يبقى انسانا، والمصاب بالاعتال الانساني يخسر انسانيته. لقد نزل الاسلام بأتباعه دون مستوى الاعتلال العقلي فجرّدهم من انسانيتهم، بتجريدهم من القدرة على التمييز بين الخطأ والصواب!

انتقص الاسلام من كمالية الله إلى الحدّ الذي خلط عنده بين مفهوم الله ومفهوم الشيطان. خلط بين مفهومين، في الاصل، متناقضين.

قد يخلط الانسان بين مفهومين عندما يكون الخط الفاصل بينهما غير واضح وباهت للغاية. ولكن عندما يخلط بين مفهومين متناقضين يثبت أنه فقط بديهته التي تساعده على الفصل ببساطة بين هذين المتناقضين.

قد تفشل أم في التمييز بين شقي توأمها المتماثل وتظل محتفظة بسلامة بديهتها فدرجة الاختلاف بينهما ضيئلة للغاية، ولكن عندما تفشل تلك الام بالتمييز بين ابنتها وابنة الجيران يعني ذلك أن خللا ما قد حصل وفقدت تلك الام ابسط اشكال بديهتها.

المرأة التي قتلت اولادها الخمسة ارتكبت خطأ لا لأنها لا تميّز بين الخطأ والصواب، ولكن اضطرابا علقيا دفعها لأن تتركب الخطأ وهي تعرف أنه خطأ.

الحالة عند المسلم الذي يقبل الاسلام دون أن يطرح أي سؤال حول تعاليمه تختلف تماما، فهو سقط دون مستوى المختل عقليا، صار يخلط بين المفاهيم وفقد قدرته على التمييز بين المفاهيم المتناقضة!

يرتكب الجريمة ويسميها جهادا في سبيل الله، يقترف الشرّ ويسمّيه خيرا، وهنا تكمن الخطورة!
لم يسقط من كمالية الله وحسب، بل خلط بينه وبين الشيطان!
………………………..

يقف المرء حائرا امام درجة الانحطاط التي تدحرجت اليها جميع المجتمعات الاسلامية، وأحتار أمام حيرته فأتساءل: كيف يغوص امرئ في مستنقع التعاليم الاسلامية ولا يعرف السبب الكامن وراء ذلك الانحطاط؟!

كيف نطالب رجلا يؤمن بالحديث النبوي الذي يقول:”انصر اخاك ظالما او مظلوما” بأن يبني مجتمعا عادلا يحكمه القانون والاخلاق؟

هذا الرجل وبايمانه، بضرورة نصرة اخيه ظالما أومظلوما، فقد قدرته على التمييز بين الحق والباطل. فصلة الدم أو الدين لا تبرر الباطل ولا تلغي الحق!
والأمثلة، لمن يغوص في مستنقع التعاليم الاسلامية، كثيرة وتأبى الحصر!

لقد تساءلت مرارا: كيف يقرأ رجل مسلم قصة زواج نبيّه من عائشة ولا يقشعرّ بدنه؟
كيف يستطيع أن يتصوّر طفلة في التاسعة من عمرها تجلس في حضن رجل بعمر جدّها ولا يتقزز؟
اذا كانت العادات والتقاليد تجيز له في ذلك الزمن فعلته تلك، ألم يكن الله يدري بأنها لا تصلح لكل زمان ومكان؟
……………………….

كيف يقرأ امرئ مسلم الآية التي تقول: “فلمّا قضى زيد منها وطرا زوجناكها”، ولا يتساءل: ما هو ذلك الوطر؟ هل يحق للرجل عندما يشبع وطره من زوجته ان يتخلى عنها لرجل آخر؟ هل هي فردة حذاء؟ أين حقها في تقرير مصيرها من عملية اللبس والخلع تلك؟ أيّ امرأة على سطح الأرض تقبل بهذا الهراء وليست معتلة انسانيا؟

كيف تقرأ المرأة المسلمة الآية التي تقول: “نساؤكم حرث لكم فآتوا حرثكم أنى شئتم”، ولا تصرخ بأعلى صوتها: وأين مشيئتي؟ أنا ارفض أن أكون مجرد أرض يشقّني الرجل بمحراثه متى ومن حيث شاء!

لماذا لا يرفض الرجل المسلم أن يشبّه بشفرة المحراث، ويجرّد من كل مشاعر انسانية عندما يقترن برفيقة عمره في أكثر اللحظات خصوصيّة؟ عار عليه إن لم يفعل!
هذا الاقتران يسمونه في كلّ لغات العالم “ممارسة الحبّ”، إلاّ في لغة الاسلام فيسمى ” حراثة الارض”!

من يؤمن بهذا الحديث لا تختلط عنده المفاهيم وحسب، بل تتشوه وتنقلب رأسا على عقب! يصبح الحق في عرفه باطلا والباطل حقّا! من يؤمن بهذا الهراء ويدّعي بأن الاسلام اكرم المرأة، إنّما هو يسمي اغتصاب الحقوق اكراما، ويسرق الحق ثم يدعي أنّه منحه!
………………….

هل يبقى لدى الانسان ذرة عقل واخلاق، عندما يقرأ الحديث الذي يتبجّح بأن الله سيأخذ يوم القيامة الذنوب عن ظهر المسلم ليضعها على ظهر اليهودي والمسيحي، ولا يشكّ بعدالة ذلك “الله”؟ كيف لرجل عاقل ان يقرأ ذلك الحديث ولا يتساءل: أيخلق الله اليهود والمسيحيين ليحمّلهم ذنوب المسلمين؟!

كيف ستردع تلك التعاليم المسلم عن ارتكاب الذنوب طالما هو يؤمن بأن هناك من يعاقب عنه؟!
يقترف المسلم الذنب ويعاقب عليه اليهودي والمسيحي، أليس هذا ظلما ويسمى عدالة؟ أليس هذا تشويها لمفهوم الظلم والعدالة؟!

أين هي قدرة المسلم على التمييز بين الخطأ والصواب في أكثر اشكالهما وضوحا؟

هذا الاعتلال الانساني هو السبب المباشر الذي يكمن وراء اعتلال تلك المجتمعات اخلاقيا واجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وعلى كافة اصعدة الحياة!

والمشكلة تفاقمت في الربع الاخير من القرن الماضي وبداية هذا القرن، لأنها تجاوزت حدود البلاد الاسلامية وراحت تهدد العالم باسره، ذلك العالم الذي حولته التكنولوجيا الحديثة الى قرية صغيرة.
ويبقى السؤال: من المعنيّ بعلاج ذلك الاعتلال الانساني الذي ابتلى به الرجل المسلم، وراح يهدد العالم بأكمله؟

هل بقي من المسلمين من يقدر على التمييز بين الخطأ والصواب؟ وهل فيهم من يتجرأ على المخاطرة بحياته في سبيل انقاذ قريتنا الكونية الجميلة والجديرة بالتضحية؟

يحلو للبعض منهم أن يطلقوا على انفسهم “المعتدلين”!!

عندما يلبس الشيطان عباءة الله، وعلى مدى اربعة عشر قرنا من الزمن، يتزامن المرض وتضيع الحقيقة مع مرور الزمن. لم يعد “الاعتدال” ينفع مع هذا الاستفحال الخطير في تشويه المفاهيم! نحتاج الى من يتقن “فن الكيّ” كي يحرق ما تشوّه، ويساهم في تنشئة عقول جديدة وسليمة!
ويبقى السؤال:
من يستطيع أن يعيد للرجل المسلم قدرته على التمييز بين الخطأ والصواب؟
من يستطيع أن يقنعه بأن اللطخة الدائرية في تعاليمه ليست مجرّد نقطة، بل هي وصمة عارٍ؟
هل الدهر كفيل بحرق ما أفسده الاسلام؟
ليتني أكون اداة بيد ذلك الدهر!

وفاء سلطان (مفكر حر)؟

Posted in ربيع سوريا, فكر حر | Leave a comment

عالم فيزياء أم قارئ فنجان؟

وفاء سلطان

يقول مثل افريقيّ: قد تستطيع أن تنتشل الرجل اذا وقع في عمق المستنقع، لكنّك لا تستطيع أن تنتشل المستنقع اذا وقع في عمق الرجل!
يبدو أن السيّد عبد اللطيف الجبوري قد تشرّب المستنقع بكامله، إذ لم
يستطع أن يفرز في ردّه على مقالتي “هل يصلح الدهر ما افسده الاسلام”
سوى مائه الآسن ووحله!
يسألونني في أمريكا: متى ستردم الهوّة بين المسلمين من طرف والعالم كلّه من طرف آخر؟ فاجيب بثقة وبلا تردّد: عندما يتعلّم الرجل المسلم فنّ الحوار ويلتزم بآدابه!
حاولت “آفاق”، بحذفها للبذيء من ردّه، أن تنظّفه من وحله وعفونته وتلمّع ما قاله، لكنّها لم تفلح.
لا أتفق مع القائمين في “آفاق” على تصرفهم هذا، وإن كنت احترم حقهم
في اتخاذ ما يرونه ضروريا، ولا اعتقد أنّه يخدم القضيّة التي من اجلها وجدت آفاق.
يجب، باعتقادي، أن تنشر الغسيل بكلّ وسخه، لكي يتاح للقارئ أن يقارن ويميّز مواقع الخلل في ثقافة قادته، وما زالت تقوده، الى الهلاك.
إنّ رجلا يخلط بين العلم والدين ، ويحاول أن يثبت مصداقية احدهما عن طريق الآخر، لهو مخلوق يحتاج الى اعادة تأهيل عقلي!
العلم لا يؤمن بالحقائق المقدسة، فما يعجبه اليوم قد يضحكه
غدا! يترك العلم الباب مفتوحا للشكّ والسؤال، ويبحث عن الحقيقة ثمّ يعتمدها عن طريق النتيجة والبرهان. أمّا الدين فيقوم على مبدأ التسليم والايمان، ويعتبر كل شيء يأتي به حقيقة “مقدسة” لا تحتمل الشكّ ولا تقبل السؤال. العلم متغير وفي حركة دائمة والدين ثابت، وعندما يلتقي المتحرك بالثابت تتوقف النتيجة على قوة كلّ منهما.
الأقوى فيهما سيثبت نفسه، فإذا كان المتحرك اقوى ادى الى تحريك الثابت عندما يصتطدم به، وإذا كان الثابت اقوى ادى الى ايقاف المتحرك عندما يصتطدم به. تلك حقيقة فيزيائية يبدو أن السيد الجبوري “المختص في علم الفيزياء” يجهلها او يتجاهلها.
لم يستطع الدين أن يصمد أمام حركة العلم وظلّت “حقائقه المقدسة”
تتقهقر امامه الواحدة بعد الأخرى. لم تعد الأرض منبسطة ولم تعد نطفة الرجل وحدها مصدر الحياة. لم يعد بول الابل يشفي من كلّ العلل بعد أن فضحت المخابر الطبيّة “النظرية المحمديّة” وحللّت مواده السامة وخطورته، والأمثلة هنا تطول ولا تنتهي.
يبدأ السيّد الجبوري رده بقوله:
يحاول الملحدون ان يعطو الانطباع بان عقلانيتهم كفيله بضمان مجتمع سديد يقوم على الاخلاق القويمه والسلوك القويم وهم ليسو بحاجه الى التوجيهات السماويه في وضع الاسس الكفيله بانشاء المجتمع الامثل.
إن محاولتهم هذه ناتجة عن عدم مصداقية ادعاءاتهم هذه وعدم تمكنهم من اقناع أحد بجدوى هذه الادعاءات الغير واقعية، اذ كيف يكون انضباط الانسان العادي وما هي الروادع الكفيلة بان تجعله ملتزم بالسلوك والأخلاق الحميدة اللازمة لبناء المجتمع على الاسس القويمة.

لا أدري بأيّ حق يحشرني السيّد الجبوري في خانة الملحدين، وإن كنت لا ارى في ذلك ما يسيء اليّ، فالالحاد خير من الايمان باله يوصف بأنّه
القهّار.. الجبّار.. المتكبّر.. المذلّ.. المقيت.. المميت.. المتعال.. المنتقم.. المهيمن.. بل هو خير الماكرين!
قلت في ردي “لا احد يستطيع أن يثبت وجود الله ولا أحد يستطيع أن ينفيه” هل في قولي هذا ما يؤكد الحادي؟!
هل في جعبة السيّد الجبوري، كمختص في علم الكيمياء والفيزياء، ما يتناقض مع هذا القول؟
هل يستطيع؟ لماذا لا يفعل؟ هل رأى الله تحت المجهر، أم في انبوب التحليل المخبري، أم رآه في قول القرآن:
وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذ ثَمَانِيَة..؟!!
طالما يحمل عرشه ثمانية فهو شيء محدد ومن السهل اثباته، فلماذا لا يفعل؟
نعم يا حضرة العالم! لا شيء قادر على أن يضمن سلامة المجتمع سوى العقلانية، التي افتقرت اليها تعاليمكم الاسلامية! تعاليمكم فشلت في حماية المجتمع وضمان سلامته. ما نراه على ارض بلادكم العراق، ومقارنة بالدول الاسكندنافية كأقل الدول ايمانا بالدين، يثبت غياب تلك العقلانية في بلادكم، وكما يثبت مصداقيتها في تلك البلاد.
لماذا لا تسأل نفسك: هل استطاع الاسلام ان يردع المسلم ويبني
مجتمعا قائما على اسس قويمة؟ قال لكم محمد في خطبة الوداع: “اليوم اتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا”.
أين هي آثار تلك النعمة؟ ولماذا لم يستطع الاسلام ان يثبت نفسه؟! مجتمعاتكم ـ ياسيّدي الفيزيائي- من أكثر المجتمعات التي تعاني من انحطاط اخلاقي وافلاس علمي وعقلي، ومن اكثرها في الوقت نفسها تشبثا بالدين وتعاليمه!
لماذا تعيش في امريكا وهي لا تلتزم بأيّ تعاليم دينية، ولا تنتقل الى ارض
الحجاز مهد الاسلام ولحد نبيّه؟!! لله درّكم ما اشدّ جهلكم ونفاقكم!!
………………….
ثم يتابع السيد الجبوري:
في موضوع الخالق والخلق ابتدات في السطر الاول من مقالتها بالسؤال التالي:”هل الله موجود؟
لم تبدي رأيها الشخصي في الاجابة على هذا السؤال بل تشدقت والتجأت الى أن الديانات والثقافات والشعوب تؤمن “بان الله هو الكمال المطلق.” بعدها وفي السطر الحادي والثلاثون تقول “اتفق الجميع على ان الله هو الكمال المطلق”. ثم في السطر الخامس والثلاثون تقول” ان الله هو الكمال المطلق لدى الجميع على وجه التقريب،” بعدها تتراجع وتقول “لم يصل الله في أي دين من الاديان حد الكمال المطلق” وهكذا تستمر في هذه الدوامة من التناقضات والارتباكات وعدم وضوح في التفكير.

عندما اتساءل: هل الله موجود؟ ثم اقول: لا احد يستطيع أن يثبت وجود الله ولا احد يستطيع أن ينفيه، الا يكفي هذا ليكون رأيا شخصيّا؟!!
يتهمني بـ “التشدق” لأنني قلت بأن الله هو الكمال المطلق…
أين هو التشدّق في هذا القول؟! اتهامي بالتشدق تصرف، ارفض حتى ان اصفه بقلة الأدب، فقليل الشيء يملك بعضه!
يلجأ السيد الجبوري الى اقتطاع جمل من اقوالي من هنا وهناك، محاولا ان يثبت للقارئ تناقضا بينها بخبث وصفه الامام علي “بالشقاق والنفاق”.
يذكر عبارتين لي قلت في احداهما: إن الله هو الكمال المطلق لدى الجميع على وجه التقريب، وفي الاخرى: لم يصل الله في ايّ دين من الاديان الى حد الكمال المطلق! ولكنه يسقط عمدا وخبثا ما جاء بينها.
بعد عبارتي الاولى شرحت باسهاب كيف يتفق الجميع على ان الله هو الكمال المطلق، ولكن لا احد يتفق مع الآخر في مفهومه للكمال المطلق! هم يؤمنون بأنه الكمال المطلق ولكن يشوهون مفهوم ذلك الكمال، ولذلك لم يصل الله في اي دين من الاديان الى حد الكمال المطلق ( حسب التعريف المنطقي للكمال المطلق).
ألا يؤمن المسلمون بأن الله هو الكمال المطلق؟ ألا يؤمنون في الوقت نفسه بأن الله “خير الماكرين”؟! ألم يشوهوا مفهموم الكمال المطلق ويسقطوا الله دون مستواه بادعائهم هذا؟!
لا اعرف من فينا يبدو متناقضا ومرتبكا وبعيدا عن الوضوح!
أتابع خربشاته:
كيف يصح لها التعبير بان الديانات تؤمن وأن الثقافات تؤمن؟ ولو اتبعنا ما تود ان تصبو له وهو ادعائها بان الله هو الكمال المطلق وطبقنا المنطق في هذا المجال لوجدنا ان الكمال المطلق هي صفه وليست جمله تعريفيه، ولكون الكمال المطلق صفه فالكمال لا يكون مطلقا لانه اذا كان الموصوف مادة فحسب مبدأ عدم الدقة للعالم هايزنبرغ فلا يمكن أن يكون الكمال مطلقا.
لم افهم حرفا مما قاله، وسأكون مدينة لمن يفعل ويزودني بفهمه!
هل احد سمع بتعبير “جملة تعريفية” وما الفرق بينها وبين الصفة؟ ألسنا نعرّف الشيء بصفاته؟
ماهذا المزيج الكيميائي الفيزيائي الذي لا لون له ولا طعم ولا رائحة والذي حضره السيد الجبوري “المختص بعلم الكيمياء الفيزيائية” في مخبره في جامعة بغداد؟!
ويستمر هاذيا:
أما اذا كان الموصوف غير مادي فهو يصبح شيء نسبي ويتبع للمفاهيم الروحية! لذا والحال هذه لا يمكننا باية صوره من الصور أن نتناول الكلام عن الذات الإلهية بتعابيرنا وتفكيرنا وعقلنا المحدود ونقول ان الله هو الكمال المطلق فاي محاوله من لدن العقل البشري لوصف الجليل هو تعدي صارخ على جلالة الله.

أنا لم اصف الله ـ يا حضرة العالم ـ لكن انتم الذين وصفتوه بالمنتقم
والمقيت والمتعال والمتكبّر و..و..و خير الماكرين!
هذا ما جاء في كتابكم المقدس، الذي يبدو انّك تخرجت منه قبل أن تتخرج من ايّ مدرسة. لماذا تعيب عليّ افتراضي بأنّ الله هو الكمال المطلق؟ أين الخلل في ذلك؟
يستمر بهذيانه:

تأتي الكاتبة الى تناول موضوع اخر فتقول “إن قانون تصارع الاضداد قد جسد الله في الكمال المطلق وتبوا الشيطان الشر المطلق”. وهنا تقع الكاتبة، مرة اخرى، في الخطأ. اذ ان الشر المطلق هو ليس الضد للكمال المطلق فالمضاد للشر هو الخير وليس الكمال والمضاد للكمال هو النقصان او عدم الكمال! ولا ادري كيف اتعامل مع هذا الارتباك الفكري؟ فهل هو هذا جهلا أم محاوله للتلاعب بالالفاظ؟
يا حرام.. واحسرتاه على الجيل الذي تخرج من جامعة بغداد!

تستمر الكاتبه بطرحها لتقول “يتجاوز مفهوم الكمال المطلق أو الشر المطلق قدرة العقل البشري استيعابه. عندما نقول كلمة المطلق نعني اللامحدود.” وهنا تناقض فظيع اخر. اذ ان كلمة مطلق هي كلمه بمقدور العقل البشري استيعابها وهي تعني التام. فنقول الفراغ المطلق ونعني بذلك الحيز الفارغ تماما والذي لايحوي على مادة. اما فكرة اللامحدوديه فانها تعني فكرة اخرى غير الامر او الشيئ المطلق. فلا يمكننا والحال هذه ان نعوض عن كلمة مطلق بكلمة اللا محدود.
في أحد فقرات ردّه يتهمني السيد الجبوري بالجهل بقواعد اللغة الانكليزية، وسأعود لذلك الاتهام لاحقا. عندما يتهم احد احدا بأنه جاهل بشيء يفترض أن يكون ملما به. ولو كان يلمّ بمعنى كلمة مطلق
لوفر على نفسه الدخول في ذلك الجدل السفسطائي. Absolute
لو فتح القاموس العربي الانكليزي لوجد مقابل كلمة “مطلق” كلمة infinite, unlimited, unbounded
ولو فتح القاموس الانكليزي لوجد ان الكلمة وفي اول شرح لها تعني: Loosed from any limitation or condition, unbounded, unrestricted
عندما نقول في، الفيزياء ( مجال اختصاص السيّد الجبوري) الفضاء المطلق فإننا نعني:
Absolute space (physics): space considered without
Relation to material limits or objects.
اما أن يقول بأن اللامحدوديّة تعني فكرة اخرى، ولا يذكر لنا ما هي تلك الفكرة فهذا هروب يثير الشفقة!
لم ار في جدل السيّد الجبوري سوى محاولة فاشلة لابعاد القارئ عن فحوى مقالتي، وهو الفساد الذي احدثه الاسلام وامكانيّة اصلاحه!!
يتابع:
يظهر لي من تناولها لموضوع الخطأ والصواب بانها ركيكة حتى في موضوع اختصاصها وهو علم النفس. اذ تقول “الذي يدفع المعتل عقليا الى ارتكاب الجريمه هو دوافع نفسيه وعقليه. ان الدوافع التي تدفع المعتل عقليا هي الدوافع التلقائيه والتي لا يستطيع الفرد مقاومتها او السيطرة عليها. اما الدوافع النفسيه والعقليه فهي غير ذلك وهي دوافع تتحكم فيها الحاله النفسيه للفرد وعلى قابليته العقليه في تلك الاونه وبذا يستطيع الانسان مقاومته.
لم افهم ما يحاول قوله ولم اسمع في حياتي هذا الهذيان، ولذلك لا استطيع الردّ عليه!
يتابع:
تقول الكاتبه “إن الدين، اي دين، من اكثر المصادر التربوية قمعا للانسان لأنه ألغى مبدأ الاحتمالات وقفل العقل داخل علبة سردين.” اقول اذا كان هنالك كلام فيه تجني على الواقع والحقيقه فهو قولها هذا.
لناخذ على سبيل المثال الدين الاسلامي . فاذا كانت ما تقصد به بمبدا الاحتمالات هذا هو الطريقة العلمية في النهج و التفكير فان القران الكريم والسنة النبوية مليئه بدفع المسلم لان يتدبر ويتفكر ويتعقل ويدرك ما يؤمر به او يعرض عليه.
ونذكر هنا النص القراني على سبيل المثال لاالحصر “افلا يتدبرون القران ولو كان من عند غير الله لوجدو فيه اختلافا كثيرا.”(1). لقد شجع القران اتباع النهج العلمي في التحليل والبحث مما حدى بالمسلمين ان يبداو باستخدام الطريقه العلميه الي اوصلتهم الى كثير من اكتشاف كثير من الحقائق العلمية.
احسّ بحزن عميق وأنا اردّ على هذا الهذيان الفكري. احزن على وقتي ووقت القارئ، ولكنني اجد في الردّ فرصة لطرح المزيد من افكاري والتي تجد ترحيبا لدى الكثيرين من قرائي.
أين الدليل على قوله:
القران الكريم والسنة النبوية مليئه بدفع المسلم لان يتدبر ويتفكر ويتعقل ويدرك ما يؤمر به او يعرض عليه؟!!
يقول القرآن: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ.
ما هي الاشياء التي لو بدت لنا على حقيقتها لاساءت؟!! هل يضع “استاذ الكيمياء الفيزيائية” لطلابه حدودا للشّك والسؤال؟!
هل تعلم حضرته، بأن علماء النفس يعتبرون اخفاء الحقيقة اشدّ خطرا من الكذب؟ عندما يكذب الانسان يدلي ببعض المعلومات التي قد توقعه وتنبّه الى كذبه، ولكن عندما يحجب الحقيقة يغلق كل الطرق التي قد تقود اليها!
لو التزم غاليلو بـ “قدسيّة” تلك الآية لما اكتشف بأن الأرض كروية وهي تدور حول الشمس، ولما فضح الآية التي تقول بأنّ الله بسطها!
ثم لماذا تبرهن على ادعائك بأنّ الاسلام حض على البحث والسؤال بالآية التي تقول:
فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا ؟!! ما علاقة تلك الآية بالحض على العلم والمعرفة؟!
ألا ترى في القرآن اختلافا كثيرا؟! ألا ترى فيه كتابا مليئا بالأخطاء اللغوية والفكرية والاخلاقية والتاريخية؟!
قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ… عربي؟!! غير ذي عوج؟!!
لو كان عربيا ألا يفترض أن يلتزم بالحد الأدنى من قواعد اللغة العربية؟!
لقد احتوى القرآن على اكثر من الف خطأ لغوي، معظمها لا تحتاج الى سيبويه كي يكتشفها، بل بامكان تلميذ في المرحلة الابتدائية ان يتبينها.
وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا… لو كتب طفلك في موضوع الانشاء “وإن طائفتان اقتتلوا” ألا تصحح له قوله هذا بقولك: “وإن طائفتان اقتتلتا”.؟
هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ.
هل المفروض أن نقول اختصموا أم اختصما؟! أم ستقول كعادة المسلم في الحوار: عنزة ولو طارت؟!! ذلك غيض من فيض، وليس لديّ مجالا لاستفيض!
أما بخصوص التناقض في القرآن فبامكاني ان ابدأ بالحديث عنه، ولكن ليس بامكاني ان انتهي!
هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ.
وفي سورة اخرى قال:
قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ
تشير الآية الاولى بأنه خلق السماوات والارض في ستة أيام، بينما تشير الآيات التي تلتها أنه خلق الارض في يومين وهندسها في أربعة أيام ثم خلق السماوات السبع في يومين. صار المجموع ثمانية ايام وليس ستة!
واليك مثال آخر:
فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ
بينما تقول آية اخرى:
إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ
ويبقى السؤال الذي لم يسمح “عالمنا الفيزيائي” لنفسه يوما ان يسأله: ما عدد الايام
التي عذّب بها الله اهل عاد، يوم واحد أم ايام؟!! واكاد اسمعه يقول: عنزة ولو طارت!!
وهاك مثال آخر اكثر وضوحا وبساطة:
ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ..
بينما تقول آية اخرى: لِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ..
تشير الآية الاولى بأنّ الله احسن الخالقين (اي هناك اكثر من خالق، لكنّه هو احسنهم). بينما تشير الآية الثانية بأنّه هو الذي خلق كلّ شيء، وليس هناك خالق
سواه.
أما زلت تصرّ على أنّها عنزة؟! ما الفائدة من الجدل؟! دعنا ننتقل الى فكرة اخرى ولنقرأ الآية التي تقول: خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ..
ثم التي تقول: مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى..
تشير الآيتان إلى أنّ الله قد خلق الانسان من نطفة الرجل، بينما الانسان يخلق من الحيوان الذكري للرجل ومن بويضة المرأة.
اليست نصف الحقيقة كذبة كبيرة؟! ذلك النصف الذي توصل اليه عندما نظر الى نطافه فظّن أنها مصدر الحياة دون سواها.
لم يكن لديه يومها مجهرا ومخبرا، كحضرتك، كي يرى بويضة المرأة. وهناك خطأ لغوي جسيم وهو اطلاق كلمة نطفة على الحيوان المنوي الذكري sperm فالنطفة تعني القطرة، والقطرة تحوي ملايين الحيوانات المنوية. تلاعبوا باللغة كي يثبتوا علميّة القرآن!
………………………
ورغم اخطائه الكثيرة، لا يرى الاستاذ الجبوري في القرآن الا كتابا علميا من الطراز الاول الذي يعود اليه كل علماء امريكا واوروبا لا ثبات نظرياتهم، فيقول:
لم ترد حقيقه علمية في القران الكريم الا وكانت متفقه مع احدث ما توصل اليه العلم الحديث من حقائق. ففي قوله تعالى “وجعلنا من الماء كل شيئ حي افلا يؤمنون”(4) كفانا ان نعلم بان علماء الفضاء يبعثون باجهزة التحسس لجزيئات الماء على ظهر المركبات الفضائيه للتعرف على وجود حياة…
لنقرأ معا تلك الآية: قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ ِطين..
هل افهم من ذلك بأن ابليس والانسان خلقا من ماء؟ وهل هذا يعني ان الطين والنار من اصل واحد؟ واذا كان الامر كذلك لماذا لم يقل الله لابليس عندما تحداه، مصححا له معلوماته: خسئت يا ابليس! فلقد خلقتكما من مصدر واحد ألا وهو الماء؟!!
لو التزم الهكم بالقليل من الديمقراطية، وأجاب على سؤال ابليس بطريقة اقل جبروتا لوفر علينا كلّ العمليات الانتحارية في العراق، ولوفر علي الخوض في جدل كجدلك هذا.
لا يوجد في التعاليم الاسلامية مكان للدماغ ولا للجهاز العصبي المسؤول عن تصرفات الانسان. اصرّت تلك التعاليم على أن القلب هو مصدر الفكر وهو الذي يتحكّم بقرارات الانسان.
يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ….
وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَت ْقُلُوبُهُمْ
وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ
من يسبر اغوار الانترنيت يستطيع وبسهولة أن يتّطلع على كلّ العلوم. ويستطيع أن يتأكد من ان مركز الخوف والوجل والريب هو الدماغ وليس القلب الذي لا علاقة له، من قريب أو من بعيد، بتصرفات الانسان!
ومتى فرطت حبّة من مسبحة الاسلام خرّت كلّ حباته!
فأين تلك الآيات من الحقائق العلميّة التي اثبتها واقرّها العلم؟!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يتابع “المفكّر الاسلامي” السيّد الجبوري ردّه، فيقول:
ثم ان جهلها (…) في الفكر الاسلامي والسيرة النبوية يتضح جليا من تفسيرها الخاطئ للحديث النبوي الشريف “انصر اخاك ظالما او مظلوما” فقالت “كيف نطالب رجلا يؤمن بالحديث النبوي الذي يقول:”انصر اخاك ظالما او مظلوما” بان يبني مجتمعا عادلا يحكمه القانون والاخلاق؟” ان المطلع على السيره النبويه يعرف ان الرسول (ص) عندما سئل عن ذلك اجاب بانك تنصر اخاك الظالم بان تنصحه أن يعدل عن ظلمه.

مسكين! جاء ليكحّلها فعماها!
تنصر اخاك الظالم بأن تنصحه كي يعدل عن ظلمه؟!! هل نصحتم صدّام؟ ولماذا لم يعدل عن ظلمه بعد نصيحتكم؟ أين القانون؟! يا لها من مهزلة!
لماذا يأمر الله أن تقطعوا يد السارق والسارقة، ويأمركم محمّد بأن تنصروا الظالم بالنصيحة؟! قد يكون للسارق ما يبرر فعلته، ولكن يستحيل أن يكون هناك ما يبرر ظلم الظالم! قد لا يؤثر من يسرق رغيفا من الخبز كي يطعمه أطفاله على سلامة المجتمع، ولكن الظلم بأبسط اشكاله يقوض من سلامة ذلك المجتمع!
ما هذه الركاكة الفكريّة واللغوية والاخلاقية؟!! عيب على استاذ في جامعة أن ينصر اخاه الظالم بنصحه قبل أن يضع حدا لظلمه!
لو كانت النصيحة هي الطريق الأنجع للتعامل مع الظلم لكان العراق اليوم بألف خير!
…………………………
يتابع:
وفي خاتمة مقالتها تاتي بحلم وهي رغبتها بان تكون “اداة الدهر كي تحرق ما افسده الاسلام.” ترى كيف تريد أن يتم لها ذلك ونحن نعيش في بداية القرن الحادي والعشرين وفي وقت انتشار المعلومات وطرح الاراء الحره والمناقشه الهادفه ليزداد العالم علما والعارف معرفة وننتقي الصالح ونتجنب الطالح بكل موضوعيه وأمانه علميه.

منذ بداية ردّه وأنا ابكي، ابكي شفقة عليه. لكنني غرقت في نوبة ضحك عندما قرأت عبارته تلك. يهدّدني بعصر المعلومات الذي سيقضي على اناس من امثالي ويساهم في اثبات علومه وصحة تعاليمه الاسلاميّة، دون أن يدري أن عصر الانترنيت سيكون أول وآخر ضربة ستقصم ظهر البعير!
على مدى اربعة عشر قرنا من الزمن كان السيف اداة الحوار الوحيدة. قال محمّد: “من جحد بآية من القرآن اضربوا عنقه”، أمّا اليوم لا يستطيع أحد أن يطال احدا من وراء كواليس الانترنيت وصارت الحقيقة جليّة لمن يبحث عنها!
فضحت الانترنيت الخرافات الاسلامية، فأظهرت لمن يريد أن يفكر ويعقل بأن سبع عجوات من التمر لا تستطيع أن تحمي آكلها من سموم يومه، وبأن ملايين الجراثيم تعشعش على جناحي الذبابة وليس أحدهما يحمل شفاء للناس، وبأن بول الابل سام، وبأن الحبة السوداء لا تشفي من علة ناهيك عن كلّ العلل، وبأنّ.. وبأنّ.. وليس لـ “بأنّ” نهاية!!
…………….
هناك مثل افريقي آخر يقول: “يتمختر الفأر في الاماكن التي يعرف اوكارها”.
لقد تناول السيّد الجبوري كل فكرة في مقالتي ظنّ نفسه يستطيع أن يتسلل منها. لكنّه وعندما وصل الى المقطع الذي اقول به:
كيف يستطيع الرجل المسلم أن يتصوّر طفلة في التاسعة من عمرها تجلس في حضن رجل بعمر جدّها ولا يتقزز؟
كيف يقرأ امرئ مسلم الآية التي تقول: “فلمّا قضى زيد منها وطرا زوجناكها”، ولا يتساءل: ما هو ذلك الوطر؟
كيف تقرأ المرأة المسلمة الآية التي تقول: “نساؤكم حرث لكم فآتوا حرثكم أنى شئتم”، ولا تصرخ بأعلى صوتها: وأين مشيئتي؟
لفّ ودار.. لفّ ودار وبحث طويلا عن وكر يتسلل منه، ولمّا لم يعثر قرر ان يتجاوزها وكأنه لم يقرأها!
اذا كان السيّد الجبوري رجلا يؤمن بالعلم والسؤال والوصول الى الحقيقة ألا يدري بأن العلم قد شرح بالتفصيل الجهاز التناسلي عند المرأة واحترم رغباتها الجنسية؟
لماذا يتجاوز “الله” رغبتها تلك، وهو الذي يفترض انّه زودها بها؟ ولماذا يقتصر التواصل الجنسي في الاسلام على احترام رغبة الرجل، حتى ولو تجاوزت تلك الرغبة حدود الأخلاق؟!
لماذا لم يجب السيّد الجبوري على سؤالي حول رجل في الخمسين من عمره يمارس الجنس مع طفلة في التاسعة؟ ( لقد تجنبت في مقالتي الاولى خجلا أن اذكر بأنّه كان يفاخذها وهي في السادسة على ذمّة الكثير من الكتب الاسلاميّة)!!
يبدو أن السيّد الجبوري، وهو الشيعي الذي طعن في ردّه بالسلفيين والوهابيين، لا يودّ الخوض في قضيّة عائشة التي يلعنها في صلاته قياما وقعودا!
……………………
هذا ما جاء في ردّ السيّد الجبوري فيما يتعلق بالاسلام. ما عدا ذلك، لا شيء يستحقّ الوقوف عنده سوى اتهامه لي بأنني جاهلة بمبادئ اللغة الانكليزية، وذلك لأنني اطلقت على عالم في الفيزياء اسم لوريت ستيفن علما بأن لوريت هو لقب يعطى للحائز على جائزة نوبل!
لا ارى في جهلي لهذا الامر ما يقوّض من مصداقية مقالتي. لا يحقّ لمخلوق ان يتهم آخر بأنّه جاهل، اذ ليس هناك من انسان يعلم كل شيء ولا من انسان يجهل كل شيء، والجهل صفة لا يوصم بها انسان احتراما لانسانيته.
يكفيني فخرا، يا حضرة الاستاذ الجامعيّ، أنني بدأت بتعلّم اللغة الانكيزية وأنا في بداية عقدي الثالث، واجيد قراءتها وفهمها الآن كما يجيدها ابنها. لا ادعيّ بأنني شكسبير، لكنني لا احترم من يوصمني بالجاهلة.
اقضي جلّ وقتي بالقراءة، لكنّني لم اقرأ منذ وطأت قدمي ارض امريكا من الكتب العربية ما يتجاوز اصابع الكف الواحدة. القراءة فيها لا تشبع جوعي للمعرفة ولا تروي عطشي للعلم.
علماء الطب النفسي في أمريكا الآن يتجنبون ان يطلقوا على مريض الشيزوفرينيا schizophrenia بالشيزوفريني schizophrenicويفضلون أن يقولوا عنه “المصاب بالشيزوفرينيا” diagnosed with schizophreniaاحتراما لانسانيته.
من حقكّ أن تقول بأن فلانا يجهل… وتشرح ماذا يجهل، ولكن ليس من حقّك أن توصمه بالجهل! يبدو أن سنواتك في امريكا لم تصل بك الى سن الرشد!
توصمني بالجهل لانني لا اعرف انهم يطلقون على الحائز على جائزة نوبل لورييت، ماذا تقول عن استاذ عربي يدرس في جامعة ويخرج اجيالا، ويكتب مقالة من عدّة صفحات مليئة بالاخطاء التي لا يمكن ان يرتكبها تلميذ في سنوات دراسته الاولى؟! اليك غيض من فيض تلك الاخطاء:
فهو يصبح شيء نسبي والاصح أن تقول “شيئا نسبيّا”.
فهل هذا هو جهلا أم محاوله للتلاعب بالالفاظ؟ عبارة ركيكة والاصح أن تقول: فهل هذا جهل أم محاولة (بالتاء المربوطة وليس بالهاء)!
تقول: مما حدى بالمسلمين ان يبداو باستخدام الطريقه العلميه الي اوصلتهم الى كثير من اكتشاف كثير من الحقائق
وتقول ايضا: هم ليسو بحاجه الى التوجيهات السماويه
أين الف الجماعة في يبدأوا وفي ليسوا؟ وهل عبارتك “اوصلتهم الى كثير من اكتشاف كثير من الحقائق” تمتّ الى العربية بصلة؟!
في ردّه من الفه الى يائه لم يستخدم التاء المربوطة واستعاض عنها بالهاء، كقوله: الجريمه.. العقليه العلميه.. الحاله النفسيه.. متفقه.. الآونه.. السماويه الخ، لا اعرف لماذا؟
ومع هذا ليس من حقيّ ان اصفه بالجاهل، بل اقول بتواضع أنّه يجهل بعض قواعد لغته الام، وهذا يسيء اليه كمدرّس ومربيّ اجيال!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خلاصة القول، استطاع السيّد الجبوري وبأمانة، كي لا اظلمه، أن يمثل شخصيّة الرجل المسلم الذي فقد كلّ الطرق العصبيّة التي تربط لسانه بدماغه. انفلت ذلك اللسان من عقاله وراح يلعلع دون رادع او وازع!
تجتمع عوامل ثلاثة لدى السيّد الجبوري لتجعل منه صورة حقيقة لواقع الرجل المسلم، والتي يجب ان يتناولها كلّ باحث يسعى لاعادة اصلاح الاسلام.
الجانب الاول: هو ضحيّة تعاليم قولبت عقله وسلبته قدرته على التفكير.
الجانب الثاني: لم يستطع تحصيله العلمي أن يخترق ذلك القالب الحديدي!
الجانب الثالث: لم يستطع وجوده في مجتمع كالمجتمع الامريكي أن يزوّده ببعض المرونة، ولم يستطع أن يطوّر قدرته على الحوار.
تبدو تلك الصورة قاتمة للغاية، ويبقى السؤال: هل يصلح الدهر ما افسده الاسلام؟!!

وفاء سلطان (مفكر حر)؟

Posted in ربيع سوريا, فكر حر | Leave a comment

قاهر الوحش

مفكر حر 20\10\2012

وسام الحسن رمز الشجاعة للثورة السورية وقاهر الوحش بشار الأسد

Posted in ربيع سوريا, كاريكاتور | Leave a comment

أيُّها الحُبُّ أنْتَ سِرُّ بَلاَئِي

أبو القاسم الشابي

أيُّها الحُبُّ أنْتَ سِرُّ بَلاَئِي
وَهُمُومِي، وَرَوْعَتِي، وَعَنَائي

وَنُحُولِي، وَأَدْمُعِي، وَعَذَابي
وَسُقَامي، وَلَوْعَتِي، وَشَقائي

أيها الحب أنت سرُّ وُجودي
وحياتي ، وعِزَّتي، وإبائي

وشُعاعي ما بَيْنَ دَيجورِ دَهري
وأَليفي، وقُرّتي، وَرَجائي

يَا سُلافَ الفُؤَادِ! يا سُمَّ نَفْسي
في حَيَاتي يَا شِدَّتي! يَا رَخَائي!

ألهيبٌ يثورٌ في روْضَة النَّفَسِ، فيـ
ـ‍‍‍‍طغى ، أم أنتَ نورُ السَّماءِ؟

أيُّها الحُبُّ قَدْ جَرَعْتُ بِكَ الحُزْ
نَ كُؤُوساً، وَمَا اقْتَنَصْتُ ابْتِغَائي

فَبِحَقِّ الجَمَال، يَا أَيُّها الحُـ
ـبُّ حنانَيْكَ بي! وهوِّن بَلائي

لَيْتَ شِعْري! يَا أَيُّها الحُبُّ، قُلْ لي:
مِنْ ظَلاَمٍ خُلِقَتَ، أَمْ مِنْ ضِيَاءِ؟

أبو القاسم الشابي (مفكر حر)؟‎

Posted in الأدب والفن | Leave a comment