ماذا يهم الزول السوداني؟

طلال عبدالله الخوري 25\10\2012

ما يهم الزول السوداني هو سلامة بيضات البشير؟

Posted in ربيع سوريا, كاريكاتور | Leave a comment

متى يلتزم بشار الأسد بهدنة العيد؟

طلال عبدالله الخوري 25\10\2012

متى يلتزم بشار الأسد ابو براميل بهدنة العيد

Posted in ربيع سوريا, كاريكاتور | Leave a comment

من قتل الكاهن فادي حداد

طلال عبدالله الخوري 25\10\2012 حصريا مفكر حر

بشار الاسد ابو براميل يغتال الكاهن فادي حداد

Posted in ربيع سوريا, كاريكاتور | Leave a comment

حيص بيص التيار الصدري

محمد الرديني

وضع التيار الصدري امس اولاد الملحة في حيص بيص حين اقترح تقسيم بغداد الى محافظتين.
وبرزت لهؤلاء الاولاد المنتشرين في مقاهي الصليخ وبغداد الجديدة وسوق العورة ومقهى العشار وكافتيريا سرسنك ومطعم ديالي السفري اكثر من 50 علامة استفهام مازالت تؤرقهم حتى كتابة هذه السطور.
وكان من الممكن ان يجيبوا على نصف هذا العدد من العلامات على غرار امتحانات البكالوريا لو ان هناك اشارات واضحة لبعض المسببات في هذا القرار.
حمل اولاد الملحة علامات استفهامهم وقرروا ان يجتمعوا في مقهى واحد بدلا من ضياعهم في مقاهي كثيرة منتشرة بين محافظات “القطر العراقي”.
وخلال الاجتماع الذي عقد فجر هذا اليوم،أي بعد منع التجول الذي يبدأ عادة مابين الرابعة فجرا وحتى السادسة صباحا قررت الهيئة التنسيقية طرح الاسئلة التالية بانتظار الاجابة عليها من قبل الجهات المعنية مانحينهم مهلة 24 ساعة فقط لهذا الغرض وسيكون لكل حادث حديث في الساعة الخامسة والعشرين.
رتبت الاسئلة بالشكل التالي:
1-ماهو الغرض الفعلي من تقسيم بغداد الى محافظتين؟(الاجابة مطلوبة بشكل واضح وبالقلم العريض).
2- لبغداد الان محافظ وامين عاصمة وحمايات لكل المسؤولين فيها فهل سيكون لبغدا الثانية امين عاصمة ومحافظ؟ واذا حدث ذلك فهل سيؤثر على الاداء الاداري ولايتسبب في خلق فوضى روتينية في انجاز معاملات المواطنين خصوصا اصحاب التقاعد الذين تعلموا ركض الماراثون بين هذه الدوائر دون ان يملوا من الالحاح في السؤال من اجل انجاز توقيع لمعاملاتهم التي ركنت جنب الادراج لأن معاملات تقاعد البرطمانيين اهم بكثير وكثير جدا؟.
3-انتهى امس مجلس العزاء الذي تقبل التعازي في وفاة شارع الرشيد بعد عمر مديد كانت نهايته اشتداد المرض العضال وعدم استطاعته السير الا على عكازات صناعية استوردت خصيصا من اليابان.. ففي أي محافظة سيقبع هذا الشارع المتوفي وكيف ستتم مراسيم دفنه التي ستبدأ في الاسبوع المقبل؟.
4-في أي محافظة ستقع المنطقة الخضراء وهل سيقبل اعضاء البرطمان والحكومات تغيير محافظتهم من اجل عيون التيار الصدري؟.
5-ماذا سيكون الامر في حالة اعتراض السفير الامريكي على تغيير اسم محافظته وموقعها خصوصا وانه،كما هو معروف، الآمر الناهي في محافظة واحدة فكيف يمكن تشتيت جهوده في السيطرة على ادارة محافظتين؟.
6-هل سيكون لبغداد الثانيةجيش خاص واسخبارات عسكرية واخرى مدنية ثم الاستخبارات الراجلة؟.
نقطة نظام:تخرجت امس في وزارة العدل الدورة الاولى في الاستخبارات ولاندري هل هي غيرة ام ماذا؟فاولاد الملحة يسمعون بذلك لأول مرة اذ لم يحدث في التاريخ ان حشر القضاء نفسه في اجهزة مخابراتية او عسكرية وهذا لعمري منتهى التقدم الحاصل من اجل القضاء على الارهاب تمهيدا لألغاء المادة الرابعة.
7-كيف لأولاد الملحة ان يفهموا ان كل مشاكل العراق تم حلها ولم يبق الا التوجه نحو التطور الاداري في تقسيم المحافظات الى اقضية ونواحي وقصبات وقرى وانهار حتى يمكن تقديم الخدمات الجليلة لساكنيها؟.
8-خلال الاجتماع المذكور قدم احد الاولاد مذكرة احتجاج بعد ان تيقن ان منطقة الميدان ستفصل عن باب المعظم لتكون الاولى لمحافظة بغداد الاصلية والثانية للمحافظة “الخدج” الجديدة.
9-في حالة قيام التظاهرات السلمية،وهذا بعيد بعد السماء عن الارض،في المحافظة الجديدة فهل سيتم الاستعانة بقوات درع الجزيرة للقضاء عليها.
10-وخلال الاجتماع تسربت اشاعة بان الكرخ سينقسم الى كرخين والرصافة الى رصافين ومن الممكن ان يتقابل عبود الكرخي مع معروف الرصافي للبحث في اساليب اللطم الجديدة.
11-قيل ايضا ان الصالحية تعهدت الى علاوي الحلة بالوقوف الى جانبها مهما يحدث من انشقاق بينما ارتأت الكاظمية التريث قليلا خصوصا وان مشكلة السافرات قد سببت لها صداعا مزمنا.
12-لم يتفق المجتمعون على أي محافظة سينقل رفات عفيفة اسكندر التي حمل نعشها 3 فقط بعد ان كان الوزراء منذ ايام حصرم باشا حريصين على حضور حفلاتها.
فاصل رشيدي:الذي يرى صور نعش شارع الرشيد هذه الايام سيقترح تقديم رسائل الدكتوراه في كيفية الحفاظ على المزابل خصوصا امام شاعرنا الكبير معروف الرصافي.

تواصل مع محمد الرديني فيسبوك

Posted in الأدب والفن, فكر حر | Leave a comment

موسم الاعياد….موسم الاموات… و لكن…

اكرم هواس

قبل كل شيء اود ان اعبر عن اعتذاري… لان عنوان هذه المقالة ربما سيغضب البعض و ربما يزعج كثيريين اخرين و ربما يسعد اخرين… اعبر عن حبي و تقديري للجميع و اتفهم الجميع… مشاعرهم و فهمهم… احساساتهم … فرحم و ترحهم… نقدهم و غضبهم… انا احب الجميع رغم اختلافاتهم في الرؤى و الاهداف… في اختزال بعض الاشياء و تعميم البعض الاخرى.. لكن..

نحتفل هذه الايام بعيد الاضحى المبارك… و قبل فترة قصيرة احتفلنا بعيد الفطر… و بين هذا و ذاك… و قبل هذا و ذلك هناك احتفال و احتفال… هنا و هناك باعياد المسيحيين و اليهود و الصابئة المندائيين و الزرادشتيين و الايزيديين….و… و اعياد ميلاد هذا و ذاك من الانبياء و الصالحين و الرموز السياسية و الاعياد الوطنية و اعياد الشعوب و اعياد الحضارات القديمة و الجديدة…. السلسة طويلة… فالكل له عيد و الكل له الحق ان يحتفل…. لكن…

اسئلة شرعية و منطقية تظل دون ان تجد اجابة… لماذا تزداد وتيرة القتل و الدماء كلما اقتربنا من عيد او فككنا منه..؟؟… لماذا تنشط طاحونة الموت كلما قررنا ان نفرح..؟… لماذا تقرع طبول الحرب كلما شمرنا الذراع للبناء…. لماذا تتفكك الاواصر كلما توجهنا بالدعاء الى الله ان يجمع شملنا… لماذا يظهر من بيننا من يفرقتا كلما هممنا ان نرص صفوفنا…. لماذا.. و لماذا… و لكن…

في الاعياد تزداد ايضا وتيرة النفاق… نعم في داخل كل منا منافق… و على لسان كل منا نفاق… نظن اننا نخفيه… تزداد التهاني و التبريكات والتمنيات… و رغم ان التاريخ الانساني مليئ بحضاراته المختلفة و اديانه الكثيرة و مصلحيها الكثيرون… و المدافعون عن الحق و الذين يخافون الله…و الساعيين لنشر العدالة…. و كثير من الذين ارادوا ان يصنعوا الجنة على الارض من الرأسماليين و الاشتراكيين و اللليبراليين…و المجاهدين في سبيل الله و المستضعفين…. و لكن…

لم يخرج علينا احد ليخبرنا… كيف يمكن ان نهنئ الذين يتعرضون للقتل… ماذا نقول للذين تهدم على رؤوسهم بيوتهم… كيف نهنئ الذين يزجون الى السجون… بل كيف نهنئ المرضى و الضعفاء… كيف نهنئ الذين يفتقدون لقمة العيش…و الذين يفترشون اللارض و ترقد اعينهم من الوهن و بطونه خاوية… غدهم مثل يومهم… مستقبلهم مثل ماضيهم…قلوبهم ليس فيها غير الهموم و الالام و الاهات… كيف نهنئ احدا لم يعرف معنى الهناء… كيف نبارك لاحد شيئا لم يذق طعمه… كيف نهنئ طفلا فقد اما او ابا… و كيف نهنئء امرأة اغتصبت.. كيف نقول لاحد …كل عام و انت بخير…و هو لم يتعرف على ما يفصل بين الخير و الشر… ؟؟؟؟.. و لكن..
هل يكفي ان نقول ان هذه مشيئة الله…. هل يكفي نخفي ما نشعر به و لا نعلنه.. الحمد انه لست انا… … و نغرس رؤوسنا في رمال… بل في وحل انانيتنا… هل عرفنا انه كلما ازداد انواع الطعام على موائدنا… ازداد عدد الفقراء حولنا… كلما رنت طبول افراحنا… زاد انين المحرومين من جيراننا… كلما زاد زهونا بانفسنا… ازداد بؤس مسلوبي الارادة خلف جدراننا…؟؟؟؟… و لكن..

ألم يقل النبي سليمان… كما ينقل لنا القران… ( ربي اغفر لي و هب لي ملكا لا ينبغي لاحد بعدي) (سورة ص الاية 35)..؟؟ هل النفاق هو نهجنا الابدي… و هل نحن محكومون بانانيتنا…ربما…و لكن…

جميل جدا ان نتفائل… و الاعياد هي مناسبة للتفائل… تفائل الافراد و الجماعات… او بكلام اخر… ان الاعياد هي مناسبة لتفعيل الميول الايجابية في الافراد و الجماعات… هي محاولة لدفع الناس باتجاه نسيان الخلافات و البدء من جديد… نعم هكذا… و عليه ربما هي من المنغصات الشديدة ان نتحدث عن المأسي و الموت في هذه المناسبات…و لكن..

اليس الموت هو الحقيقة الوحيدة التي لا يستطيع احد ان ينفيها… لا المتفائلون و لا المتشائمون…. ثم هناك اشكالية اخرى… لابد من التفريق بين امرين يختلطان عند البعض رغم تناقضهما الشديد… التفاؤل و السذاجة… الاول ايجابي بناء و الثاني مهلك مدمر… فهل نستطيع ان نختار…؟؟… و اخيرا…الم يدعونا ربنا في القران ان لا ننسى و لا نغفل عن قول الحق…(و ذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين) (الذاريات 55)… و المؤمنون هنا هم كل المحتفلين… كل الذاكرين و الغافلين… كل الطيبين و المنافقين.. كل المتفائلين و كل الساذجين… و اعياد الجميع مباركة… هكذا نتمنى…

أكرم هواس (مفكر حر)؟

Posted in الأدب والفن, فكر حر | Leave a comment

حوار مع القرضاوي 5

عبد القادر أنيس

أواصل في هذه الحلقة الخامسة قراءة كتاب الشيخ يوسف القرضاوي “الإسلام والعلمانية، وجها لوجه”.
مقالة اليوم تتناول فصل “العلمانية والعلمية” ص 57-65.
الإسلام والعلمانية، وجها لوجه
يستهل الشيخ هذا الفصل بقوله: “انتهز بعض العلمانيين فرصة الترجمة الخاطئة لكلمة “العلمانية”، محاولين أن يجعلوها مرادفة لـ “العلمية”، وقالوا: إن العلمانية تعني استخدام العلم والعقل، موهمين بذلك ـ أو مصرين ـ بأن الإسلام ضد العقل والعلم!”
ويقول: “وهذه مغالطة مكشوفة، فإن البون شاسع بين العلمية والعلمانية، ونحن نقول: “نعم” للأولى، و”لا” للثانية”.
هنا أرى من المفيد أن يطلع القارئ على رأي آخر حول مصطلح العلمانية في الثقافة العربية اكتشفه المفكر جورج طرابيشي. قال: ” نعم من هنا أيضا كان تركيزي على اكتشاف كلمة العلمانية التي لم تأتنا من الغرب كما نتهم، ويتهموننها أنها كلمة عميلة للغرب؛ فالعلمانية جزء أساسي من تراثنا، فهي موجودة في قلب التراث، وهنا أحيل إلى “ابن المقفع المصري” في القرن الرابع الهجري الذي استعمل هذه الكلمة دون أن يشرحها في كتابه “مصباح العقل” مما يعني أنه لم يكتبها ويحدث بها، فهي معروفة لدى الناس، فالعلماني هو بالنسبة لابن المقفع المصري القبطي “من ليس راهبا” أي من ليس رجل دين، وكلمة علماني ليست من “العلم” فلا نقول عِلمانية بكسر العين، ولكن علماني بفتح العين أي من “العالم” فرجل الدين ينتسب إلى الآخرة، في حين أن العلماني ينتسب إلى هذه الدنيا، إذن الكلمة ليست جديدة في تراثنا، ولم تستورد في القرن التاسع عشر أو العشرين كما يقال، بل هي موجودة في هذا التراث العربي المسيحي، والذي هو جزء من التراث العربي الإسلامي، وهو في حاضرته، وليس منفصلا عنه..” انتهى. للمزيد: أنظر الرابط:
http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&pagename=Zone-Arabic-ArtCulture%2FACALayout&cid=1213871492021
ورغم هذا التأصيل المفحم لمصطلح العلمانية في التراث العربي، فإن العلمانية كما ظهرت حديثا في أوربا كانت أقرب إلى العلم، بوصفها حركة واكبت الفتوحات العلمية في شتى الميادين وتأكدت بفضل ما أتاحته هذه الفتوحات من تعرية لخرافات الأديان وعدائها الدائم للعلم. وبالتالي فصاحب المغالطة المكشوفة هو القرضاوي وليس العلمانيين، وبقدر ما تقترب طروحات العلمانيين من العلم بقدر ما تبتعد طروحات الأديان، وخاصة الإسلام، من العلم وتقترب من اللاعلم.
ويواصل الشيخ على هذا المنوال إلى أن يقول: “ونحن المسلمين أولى الناس باحترام “العلم”، وتبني “العلمية” في كل أمورنا، فالدين عندنا علم، والعلم عندنا دين. ولم يعرف تراثنا صراعا بين الدين والعلم، كما عرفه الغرب، الذي أدار رحى الحرب بينهما قرونا، كان من آثارها محاكم التفتيش وأهوالها، التي يندى لها جبين التاريخ”.
وهو كلام يتناقض مع ادعاءات رجال الدين المسلمين عندما يقررون أن العلمانية قضية نصرانية بحجة أن عيسى المسيح قال: “أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله” ولا شأن لها بالإسلام الذي يخلو من طبقة الكهنوت كما هو حال المسيحية حسب زعمهم. يقولون هذا مع أن العلمانيين الغربيين هم الذين أبرزوا هذا القول للمسيح وطالبوا بتوظيفه في صالح العلمانية مثلما يفعل العلمانيون المسلمون عندما يوظفون حديث محمد: “أنتم أدرى بشؤون دنياكم”.
ويقول: “ومعجزة نبي الإسلام لم تكن “آية كونية”، تخضع لها الأعناق مقهورة، بل “آية علمية” تذعن لها العقول مقتنعة، وهي القرآن الكريم”.
القرضاوي يتحدث وكأن العلم والإبداع والاختراع والرخاء والتفوق ليس في البلاد التي انتهجت العلمانية كسياسة ومعاملات وأخلاق وأسلوب حياة بل هو في بلاد المسلمين حيث يعشش الجهل والظلامية واللاعلم. فمن يغالط هنا؟ وكيف نفسر حالة بلاد المسلمين المتخلفة لو لم يكن الإسلام ضد العقل والعلم فعلا؟ نعم البون شاسع، لكنه بين العلم والإسلام. هل يمكن أن يبلغ شخص هذا الحد من الجحود مثلما بلغه القرضاوي وهو يسفه ويتنكر لجهود أجيال من العلماء في شتى المجالات تحدوا في سبيل ذلك نظراء القرضاوي من رجال الكهنوت المسيحي طوال قرون، كما يشكك في النتائج التي توصلوا إليها ويخص بالذكر العلوم الإنسانية التي فتحت آفاقا واسعة لدراسة الظواهر الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والنفسية والتربوية دفعت بالمجتمعات التي أخذت بها نحو مراتب سامقة في التنظيم السياسي والاجتماعي والاقتصادي والتربوي ومع ذلك يبقى المسلمون الذين يحتلون ذيل الترتيب العالمي في جميع المجالات في عرف القرضاوي ” أولى الناس باحترام “العلم”، وتبني “العلمية” في كل أمورنا، فالدين عندنا علم، والعلم عندنا دين. ولم يعرف تراثنا صراعا بين الدين والعلم، كما عرفه الغرب”.
يقول بهذا الصدد: ” ومن ذلك كثير من نتائج العلوم الإنسانية والاجتماعية، التي يريد بعض دارسيها أن يلبسوها ثوب العلم اليقيني، وهي ليست أكثر من استنتاجات، مبنية على مقدمات غير يقينية، قد يقبل بعضها، ويرفض بعضها، وقد ترفض كلها. ولا أدل على ذلك من اختلاف النتائج، باختلاف المدارس الفكرية، التي ينتمي إليها الباحثون، ما بين شرق وغرب، وما بين يمين ويسار، يختلف كل منهما في درجاته من يمين اليمين إلى يسار اليسار!”.
رؤية الشيخ للغرب توقفت عند مجموعة من الكليشيهات على شاكلة محاكم التفتيش في العهود التي كانت للكنيسة فيها اليد العليا وهو ما يخدم رؤية الشيخ حول عالم تتصارع فيه الأديان، أما الغرب غرب المغامرة الإنسانية الحديثة العظيمة التي فتحت أبواب الحداثة بما بعثته من تمرد على الأقدار وعلى التخلف والرجعية والجمود الديني وانطلاق جامح نحو الحريات والمواطنة والديمقراطية والإبداع الفني والأدبي والعلمي فقد حرص الشيخ على التعتيم عليه.
متى، يا شيخنا، كان الدين عندكم علم والعلم عندكم دين؟ وأين تجسد هذا في أرض الواقع؟
فما يفتخر به المسلمون الآن من فلاسفة وعلماء ومتكلمين كان رجال الدين في زمانهم يحاصرونهم ويكفرونهم ويستعدون العامة والحكام ضدهم، وقلما نجا عالم من محنة كانت تفضي إلى قتله أو حرق كتبه أو نفيه أو الهروب بجلده.
عندما يقول القرضاوي ” لم يعرف تراثنا صراعا بين الدين والعلم، كما عرفه الغرب”. فهو كلام مشبوه من وجوه عدة. فالعلم الذي بدأ يعرفه الغرب مع بداية نهضته، لم يعرفه الشرق، كمعرفة شككت في مسلمات الأديان ولهذا كان الصراع هناك بتلك الحدة والشراسة، ومع ذلك فقد تحالفت في تاريخنا قوى الاستبداد مع قوى الدين باكرا ضد المحاولات العقلية التي بدأت تشق طريقها في العصر العباسي الأول وتمكنت من وأدها في المهد قبل أن تثمر وتعطي أكلها عندنا. ومحنة المعتزلة ثم الفلاسفة طوال تاريخ الإسلام معروفة. أما المضحك المبكي فهو أننا اليوم لا نجد ما نفتخر به من علم ومعارف عقلية في تراثنا إلا ذلك التراث الذي كان يُعَد يومئذ من قبيل العلم الذي لا ينفع، كما ورد في الحديث النبوي. لقد اتهم عباس ابن فرناس في عقله وزج به في السجن بينما نفتخر به اليوم كرائد وصاحب أول محاولة للطيران !!!
نعم كان الإسلام ولا يزال ضد العلم والعقل. لكن العلم والعقل ليسا كما يفهم القرضاوي الذي يقول: ” معجزة نبي الإسلام لم تكن “آية كونية”، تخضع لها الأعناق مقهورة، بل “آية علمية” تذعن لها العقول مقتنعة، وهي القرآن الكريم”. بل هو العلم الذي لا يتوقف عن طرح الأسئلة بحثا عن أجوبة لها وعن فهم ضرورات لا بد منها لحدوث ما يجب أن يحدث غير مقتنع بالمسلمات الدينية كما يقرر ذلك القرضاوي وهو يقول: “إخضاع كل شيء ـ فيما عدا المسلمات الدينية والعقلية ـ للفحص والاختبار، والرضا بالنتائج، كانت للإنسان أو عليه”.
فماذا أبقى للعقل؟
البحث عن الأسباب هو عصب العلم والبرهان العقلي أما في القرآن فلله الأمر من قبل ومن بعد، وبيد الله الأسباب يقررها كيفما شاء “لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ” وبالتالي فأي عقل في الآية: ” قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”. بينما علوم السياسة والإدارة والتسيير الحديثة التي شكك القرضاوي في علميتها، قامت بإلغاء الحق الإلهي الذي ادعاه الحكام لأنفسهم عندما كانت الأديان مهيمنة وجعل هذا الحق بأيدي المواطنين ومن يمثلهم ديمقراطيا.
ولا علم في هذه الآية: “هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء، لا إله إلا هو العزيز الحكيم”. بينما علوم الطب الحديثة صارت تتدخل في ما في الأرحام فتصحح العيوب الخلقية قبل الولادة وتداوي العقم وتساعد المرأة على الوضع بغير ألم رغم أنف رجال الدين الذين نراهم اليوم عندنا يكفرون اللجوء إلى علم التجميل بوصفه تدخلا في خلق الله رغم أن نسبة عالية من البشر تعد بمئات الملايين تولد بعيون خلقية مثل الصمم والعمى واليكم وغيرها من الإعاقات التي تجعل صاحبها يعيش حياته في محنة.
وأي عقل في الحديث النبوي: ” عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك الا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له” رواه مسلم. بينما علوم الاقتصاد والاجتماع والسياسة وغيرها لم تعد ترى في الفقر والمرض ومختلف الشرور والآفات قضاء وقدرا يجب الصبر عليه بل هي حالات ناتجة عن تأخر التنمية وسوء التوزيع وفشل الإدارة وتقاعس المواطنين والعمال عن الدفاع عن مصالحهم بالطرق الحديثة.
طبعا هذا الغرب الذي فجر القرائح والعقول وحرر قدرات الإنسانية الإبداعية ما كان له أن يحقق له ما حقق لولا انتصاره على قوى الماضي المتخلفة ومنها المؤسسات الدينية وملوك وأمراء الحق الإلهي ولولا تمكنه من نزع القداسة عن كثير من القوى الغيبية والظاهرة، وهي حضارة لا دينية كما قال القرضاوي ولكنها حضارة تحترم كل الأفكار والآراء والمعتقدات وتوفر شروط ممارستها بكل حرية. لهذا اكتفى نابليون بالابتسام عندما سأل العالم لابلاس حول مؤلفه ميكانيكا الأجرام السماوية: “لكن أين الله في كل هذا؟ فأجاب العالم: “سيدي، أنا لست في حاجة إلى هذه الفرضية”.
العلم عند هؤلاء: عبارة عن كل معرفة نسبية تتعلق بظواهر تخضع لقوانين مع إمكانية التحقق منها بالطرق التجريبية. ولم يعد العالم هناك مضطرا ليبدأ كلامه بالبسملة والحوقلة والحمدلة أو ليختم ما قرره بـ “الله أعلم أو بإذن الله”.
لهذا لا يمكن أن نعتبر من قبيل البرهان العلمي قول القرضاوي: “ولما طلب مشركو العرب من النبي صلى الله عليه وسلم أن تكون له آية حسية، كما كان للأنبياء من قبله، كان الرد الإلهي عليهم (أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب، يتلى عليهم؟) (سورة العنكبوت:51)”.
وقوله: “وحسبنا أن أول سورة نزلت في القرآن، بدأت بقوله تعالى (اقرأ باسم ربك الذي خلق) (سورة العلق:1)”.
وهنا لا بد من تذكير القراء بمقالات الدكتور كامل النجار القيمة والتي ينشرها هذه الأيام في الحوار المتمدن ومدى سذاجة السور التي يدعي الإسلاميون أن فيها علما غزيزا وسبقا كبيرا.
وأي علم في قوله: “وحسبنا أن القرآن نوه بالعلم، وأشاد بآثاره في عدد من قصص الأنبياء الكرام. فهو في قصة آدم، المرشح الأول لخلافة الإنسان في الأرض، وبه أثبت آدم تفوقه على الملائكة المقربين.؟”
أليس الله هو الذي لقنه الأسماء ثم أمره أن يكررها؟ فبماذا تفوق آدم على الملائكة المقربين؟
وأي علم في خرافة يوسف العبرانية التي لا نجد لها أثرا في نقوش وكتابات الفراعنة رغم اشتهارهم بالتدوين خاصة ما تعلق بعظائم الأحداث، ومع ذلك يقول القرضاوي: “وهو (أي العلم) في قصة يوسف الذي أنقذ الله به مصر وما حولها من المجاعة الماحقة، نتيجة التخطيط الاقتصادي الزراعي المحكم ـ إنتاجا وادخارا واستهلاكا ـ لمدة خمسة عشر عاما”.
فمن أين ليوسف بعلم التخطيط، وهل تفسير منام تخطيط؟ ثم أليس يوسف عند القرضاوي نبي يوحى إليه؟ ثم كيف يعقل أن يتفوق يوسف الراعي البدوي على خبرة الفراعنة المديدة؟
وأي علم عندما يقول الشيخ: ” وهو (العلم) في قصة سليمان، الذي استطاع به صاحبه “الذي عنده علم من الكتاب” أن يحضر به عرش ملكة سبأ من اليمن إلى الشام؟)، قبل أن يرتد إليه طرفه، وهو ما لم يستطعه “عفريت من الجن”، فدل على أن قوة الإنسان بالعلم تفوق قوة الجن، على ما لهم من قدرات وإمكانات”.
أي علم في هذه الخزعبلات والخوارق يا شيخ؟
وأي علم عندما يكتب “أن الله لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء، علمه من علمه، جهله من جهله” فهل حقق الإنسان في الغرب حيث يلجأ شيوخ الإسلام للتداوي عندما يمرضون ولا تنفعهم صلاواتهم وابتهالاتهم لله، ما حققه من انتصارات على الأمراض المختلفة بوحي إلهي أم نتيجة لجهود مضنية تواصلت وتراكمت عبر آلاف السنين وتسارعت في القرون الأخيرة ولم يساهم فيها لا الدين ولا الأنبياء ولا وكلاؤهم بل عرقلوها دائما؟ اللهم إلا إذا كان القرضاوي يؤمن فعلا بنجاعة وصفة بول البعير كدواء؟
وأي علم عندما يكتب القرضاوي: “ونرى الرسول الكريم ينزل عن رأيه الخاص، إلى رأي الخبراء، كما في موقعة بدر، ونزوله على رأي الحباب بن المنذر” بينما المعروف أن محمد عمل برأي هذا الصحابي ثم عاد بعد ذلك والتف على هذا الإنجاز البشري بجعل النصر من الله الذي أرسل آلاف الملائكة غير المرئيين للقتال في صف المسلمين. هل هذه استراتيجية حربية وهل هي من قبيل العلم؟
وأي علم في قوله: “ونراه صلى الله عليه وسلم يعتمد نتائج التجربة في الشئون الفنية المتعلقة بشئون الدنيا، من كيفيات الزراعة والصناعة والتسليح والطب ونحوها، وفي هذا جاء الحديث الصحيح: “أنتم أعلم بأمر دنياكم”.
بينما العكس هو الصحيح حسب رواية هذا الحديث، بعد أن تدخل محمد فيما لم يكن له فيه خبرة وضرب عرض الحائط بتجربة وخبرة مئات السنين، لم يكن يعرفها بوصفه راعيا ثم تاجرا ثم نبيا خانه الوحي في هذه المسألة وفي مسائل أخرى كان يتأخر عنه فيها الوحي الإلهي !!!!!..).
وشخصيا أجد صعوبة كبيرة في متابعة القرضاوي وهو يسرد كل هذه الحماقات التي جنت علينا بنرجسيتها وأكاذيبها وتلفيقاتها وحتمت على خبرائنا ومعلمينا ومسؤولينا اللجوء كل مرة لتطعيم كلامهم بالآيات والأحاديث حتى يمكن تمريرها.
بينما يقول الدكتور فؤاد زكريا بكل بوضوح وتواضع: “ليس التفكير العلمي هو تفكير العلماء بالضرورة. فالعالم يفكر في مشكلة متخصصة، هي في أغلب الأحيان منتمية إلى ميدان لا يستطيع غير المتخصص أن يخوضه، بل قد لا يعرف في بعض الحالات أنه موجود أصلا. وهو يستخدم في تفكيره وفي التعبير عنه لغة متخصصة يستطيع أن يتداولها مع غيره من العلماء، هي لغة اصطلاحات ورموز متعارف عليها بينهم، وان لم تكن مختلفة كل الاختلاف عن تلك اللغة التي يستخدمها الناس في حديثهم ومعاملاتهم المألوفة. وتفكير العالم يرتكز على حصيلة ضخمة من المعلومات، بل إنه يفترض مقدما كل ما توصلت إليه البشرية طوال تاريخها الماضي في ذلك الميدان المعين من ميادين العلم.
أما التفكير العلمي الذي نقصده فلا ينصب على مشكلة متخصصة بعينها، أو حتى على مجموعة المشكلات المحددة التي يعالجها العلماء، ولا يفترض معرفة بلغة علمية أو رموز رياضية خاصة، ولا يقتضي أن يكون ذهن المرء محتشدا بالمعلومات العلمية أو مدربا على البحث المؤدي إلى حل مشكلات العالم الطبيعي أو الإنساني. بل إن ما نود أن نتحدث عنه إنما هو ذلك النوع من التفكير المنظم، الذي يمكن أن نستخدمه في شئون حياتنا اليومية، أو في النشاط الذي نبذله حين نمارس أعمالنا المهنية المعتادة، أو في علاقاتنا مع الناس ومع العالم المحيط بنا. وكل ما يشترط في هذا التفكير هو أن يكون منظما، وأن يبنى على مجموعة من المبادئ التي نطبقها في كل لحظة دون أن نشعر بها شعورا واعيا، مثل مبدأ استحالة تأكيد الشيء ونقيضه في آن واحد، والمبدأ القائل إن لكل حادث سببا، وأن من المحال أن يحدث شيء من لاشيء”. انتهى.
فشتان بين هذا و بين التفكير الديني الذي يعده القرضاوي ضمن التفكير العلمي؟
ولكن يجب مواصلة الحوار مع هذا (العالم) بغير علم يمكن الاعتداد به في ضوء علم فؤاد زكريا، رغم تأثيره السلبي العظيم على حياتنا العقلية المنهارة أصلا.
يقول: “والكفار أولئك الذين يرفضون الاستماع إلى دعوة محمد، يوصفون بأنهم “قوم لا يعقلون”، لأنهم قاصرون عن أي جهد عقلي، يهز تقاليدهم الموروثة، وهم بهذا كالجمادات والأنعام، بل أكثر عجمة، ولذلك يكره الله هؤلاء الناس، الذين لا يريدون أن يعيدوا النظر في أسس تفكيرهم”.
وهو كلام يضع أربعة أخماس العالم ممن لا يؤمنون بما جاء به محمد في خانة: “الجمادات والأنعام، بل أكثر عجمة”.
يتبع

عبدالقادر أنيس فيسبوك

Posted in فكر حر | Leave a comment

حوار مع القرضاوي 4

عبد القادر أنيس

هذه المقالة الرابعة في سلسلة المقالات حول كتاب الدكتور يوسف القرضاوي ” الإسلام والعلمانية وجها لوجه”.
أتناول في هذه الحلقة فصلا تحت عنوان “فشل العلمانية في ديار الإسلام” ص 45.
يوسف القرضاوي – الاسلام والعلمانية وجها لوجه
وكتعليق تمهيدي على هذا العنوان علينا أن نلاحظ، إنصافا للتاريخ الحديث للأقطار العربية الإسلامية في الشرق الأوسط، أن كل المشاريع التنموية المعاصرة قد فشلت أو عانت من أزمات حادة بل عرف بعضها انسدادا حقيقيا أدى إلى انهيار الدولة أو كاد، سواء تمت تحت جناح الإسلام أم تحت جناح التجارب الأخرى باسم الاشتراكية والرأسمالية والقومية والإصلاحية الدينية والسلفية الأصولية لأسباب تتعلق بعجز هذه الأقطار عن إقامة الحكم الراشد نتيجة عدم تبني منجزات الحداثة مثل الديمقراطية والعلمانية والحريات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الجماعية والفردية.
بل بوسعنا أن نقول، تحديا لهذا العنوان القرضاويّ، إن الإسلام أيضا قد فشل في ديار الإسلام في أن يعطي دفعا لأية تنمية رغم أن بعض البلدان الإسلامية، تطبق الشريعة الإسلامية منذ تأسيسها قبل ما يقارب القرن مثل السعودية مثلا، إلى جانب بلدان أخرى تتخذ الشريعة مصدرا للتشريع منذ تأسيسها.
القرضاوي سوف يقدم لنا مثال تركيا العلمانية للتدليل على فشل العلمانية مع أن المحللين للأزمة التركية يركزون خاصة على أزمة التجربة الديمقراطية التركية التي تحولت بسبب غلقها للمجال السياسي في وجه قوى سياسية واسعة يمينا ويسارا حتى تحولت إلى ما يشبه الحكم الاستبدادي. وعليه فالعودة إلى الدين في تركيا هو نتيجة أزمة عامة سياسية واقتصادية وليس علامة صحة للمجتمع التركي وصحوة مخلّصة كما يتوهم الإسلاميون عندنا بانتهازية مقيتة وكانوا قبل ذلك قد ركبوا القطار الخميني ردحا من الزمن. بينما يدرك ذلك إسلاميو تركيا (وإن كانوا لا يحبذون هذه التسمية) ولهذا لم يحاولوا التخلي عن العلمانية كفصل بين المجال السياسي والمجال الديني ولا عن التوجه التركي للانضمام إلى أوربا العلمانية إلى حد الآن على الأقل.
يستهل القرضاوي هذا الفصل بقوله: “من أجل هذا لا يتصور للعلمانية أن تنجح في بلد إسلامي، لأنها مناقضة لطبيعة الإسلام، الذي تدين به الشعوب المسلمة، ومناقضة لمفاهيمه وسلوكه وتاريخه، ولا يوجد أي مبرر لقيامها، كما وجد ذلك في الغرب النصراني”.
أن يقول القرضاوي: ” من أجل هذا لا يتصور للعلمانية أن تنجح في بلد إسلامي، لأنها مناقضة لطبيعة الإسلام، الذي تدين به الشعوب المسلمة، ومناقضة لمفاهيمه وسلوكه وتاريخه”، فهو محق مائة بالمائة. نعم، لا يمكن أن تنجح العلمانية ولا الديمقراطية ولا أي مشروع نهضوي تنموي في بيئة يهيمن عليها الدين خاصة من شاكلة الإسلام السياسي كأيديولوجيا شعارها: “لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها” بما يعنيه من أن المثل الأعلى عند هؤلاء نموذج مثالي وجد في الماضي ويعمل القائمون على حراستها بالحديد والنار لفرضه وللحيلولة دون أن تتنور عقول الناس لتنفتح على الأفكار الإنسانية التي تنادي بالحرية والمساواة بين كل أبناء الوطن الواحد مهما اختلفوا من حيث المعتقد والجنس والعرق واللغة.
العلمانية بهذا المعنى مناقضة فعلا، كما قال القرضاوي، لمفاهيم الإسلام وسلوكه وتاريخه القائمة على الانغلاق الديني وعلى العداء للآخر المختلف دينيا ومذهبيا وفكريا. فلا مجال في دولة الإسلام للمواطنة الكاملة بين جميع مواطنيه مسلمين وغير مسلمين. بل إن كلمة مواطن لا حظ لها من القبول في شريعته وإن وجدت فهي تعني المواطن المسلم فقط، أما غير المسلم، بل المواطن السني في بلد أغلبيته شيعية أو المواطن الشيعي في بلد أغلبيته سنية يستحيل القبول به ومعاملته على قدم المساواة.
أما أن يقول القرضاوي: ” ولا يوجد أي مبرر لقيامها، كما وجد ذلك في الغرب النصراني”. فهي مغالطة كبيرة من ناحيتين:
من ناحية زعمه بأنه “لا يوجد أي مبرر لقيامها”، ومن ناحية زعمه بأن هناك “غربا نصرانيا”، هو يقبل العلمانية بطبعه خلافا للشرق الإسلامي الذي هو معاد للعلمانية بالضرورة.
خلافا لهذا الزعم فإن كل المبررات تدعو شرقنا التعيس للإسراع في تبني العلمانية كنظام سياسي لا بد منه لتحقيق شروط الدولة الحديثة: مساواة بين المواطنين، مواطنة كاملة، قانون واحد لكل المواطنين بدون تمييز ديني أو طائفي أو عرقي أو قبلي، إلغاء كلي للفصل العنصري بين مواطني البلد الواحد الذين يضطرون بسبب هيمنة الشريعة الإسلامية على قوانين الأحوال الشخصية إلى التواجد ضمن كانتونات وملل ونحل وطوائف خاضعة لشرائع مختلفة تحول دون قيام علاقات إنسانية بينهم كما هو حال البلاد العلمانية. بالإضافة إلى كون العلمانية ضرورة حضارية لا بد منها لإطلاق الحريات الفكرية والفنية والإبداعية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية بعيدا عن سيف التقديس التحريم والتحليل والتكفير والترهيب والإقصاء المسلط على رؤوس الأحرار ولأذكياء.
هذا من جهة المبررات، أما من جهة إلصاق العلمانية بالغرب بحكم نصرانيته فهو قول في غاية الجهل بحقائق التاريخ. إن الإسلاميين كثيرا ما يوهمون الناس بأن العلمانية قضية غربية نصرانية بامتياز، ولا علاقة لها بالشرق المسلم. يمررون هذا الكلام المخادع تحت ذرائع شتى بوسعنا دحضها بسهولة:
– كون المسيحية ديانة لا شأن لها بالسياسة استنادا إلى قول المسيح : “أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله”، هو قول أخرق يتجاهل أن الكنيسة حكمت طوال قرون بمرجعية تستند إلى كتب العهد القديم والجديد، وهيمنت بهما على حياة الناس في جميع تفاصيلها ولا تبتعد كثيرا عن شريعة الإسلام.
– كوننا كعلمانيين يمكن أن نجد في تاريخ الإسلام ما يضاهي قول المسيح السالف الذكر، مثل قول محمد : “أنتم أدرى بشؤون دنياكم”، وغيره من الأحاديث التي من السهل تقويلها أكثر مما أراده قائلها منها وتحميلها أكثر مما تحتمل مثلما فعلوا بقول المسيح.
– كون تاريخ الإسلام خلو من أي تنظيم سياسي محدد المعالم يمكن وصفه بالدستور الإسلامي كما يدعي الإسلاميون. لعل معاوية كان أفضل من عبر عن هذا الفراغ الدستوري عندما قال وهو يسعى لأخذ البيعة لابنه يزيد. “أيها الناس قد علمتهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض (توفي) ولم يستخلف أحدا فرأى المسلمون أن يستخلفوا أبابكر، وكانت بيعته بيعة هدى، فعمل بكتاب الله وسنة رسوله، فلما حضرته الوفاة رأى أن يستخلف عمر، فعمل عمر بكتاب الله وسنة رسوله، فلما حضرته الوفاة رأى أن يجعلها شورى بين ستة نفر اختارهم من المسلمين. فصنع أبوبكر ما لم يصنعه رسول الله وصنع عمر ما لم يصنعه أبو بكر، كل ذلك يصنعونه نظرا للمسلمين. فلذلك رأيت أن أبايع ليزيد لما وقع الناس فيه من الاختلاف ونظرا لهم بعين الإنصاف” (عن الإمامة والسياسة لابن قتيبة).
– كون الغرب حاليا ليس نصرانيا إلا كانتماء تاريخي، أما الدساتير والقوانين والمواثيق فهي وضعية لعل ما يتناقض فيها مع الأديان أكثر مما يتوافق. بالإضافة إلى الفصل التام بين المجال الديني والمجال السياسي من حيث رفض تداخل الصلاحيات والنفوذ ومن حيث ما يتمتع به المواطن من حريات واسعة في التعبير والاعتقاد والإلحاد والإيمان يعتبرها الإسلاميون أنفسهم جاهلية وكفر وإلحاد.
– كون الكثير من مظاهر حياتنا في البلاد الإسلامية قد تعلمنت رغم أنف الإسلاميين ورغم أننا قلما ننتبه إليها، بل ونحسبها من صميم الإسلام وهي في الحقيقية من صميم العلمانية الغربية وقد تآلف الناس معها أو كانوا كما قال طه حسين “مستعدين أحسن الاستعداد وأقواه للاتصال بأزمنتهم وأمكنتهم…. وهم يعلمون أن الإسلام بخير وأن الصلوات ستقام وأن رمضان سيصام وأن الحج سيؤدى، لا هم بالمسرفين في التدين ولا هم بالمسرفين في العصيان والفسوق”. مثال ذلك أن المسلمين، قبل هذه الحملة الأصولية الظلامية التي يسمونها صحوة إسلامية، كانوا يتعاملون في المجالات الاقتصادية من تجارة وتعامل مع البنوك ومن تأمينات وقوانين وضعية في شتى المجالات رغم كونها مستقاة من القوانين الوضعية الغربية. وها اليوم يتحدثون عن الإرادة الشعبية وليس عن الإرادة الألهية كما كان يتحدث حسن البنا والمودودي ويتحدثون عن الانتخابات وعن الديمقراطية وعن الدستور وكلها بدع حديثة ليس للمسلمين فيها حظ.
القرضاوي يضرب عرض الحائط هذه الحقائق الثابتة ويقول: “والاتجاه العلماني ـ على كل حال ـ يعوق انطلاق الأمة بكل طاقاتها، لأنه غريب عنها، دخيل عليها، لا يحركها من داخلها، ولا يخاطبها، باللسان الذي يهز كينونتها”.
فهل فعل الاتجاه العلماني هذا الفعل باليابان والهند والصين وكوريا وأوربا وأمريكا أم العكس هو الصحيح؟
وهل يجهل القرضاوي أن أمة الإسلام، إن صحت هذه التسمية، تعاني منذ قرون من انحطاط وتخلف لا علاقة للاتجاه العلماني به؟ وكيف تعوق العلمانية انطلاق الأمة وهي فكر وافد حديث في بلاد المسلمين تم تبني بعض جوانبه عندنا بعض تعرضه لتشوهات أفرغته من محتواه. ثم لماذا لم تعرف هذه الديار هذه الانطلاقة قبل احتكاكها بالغرب العلماني، ولماذا لم يتمكن الإسلام الذي هو ليس غريبا عنها من تحريكها من داخلها رغم أنه يخاطبها بلسانها ويهز كينونتها حسب تعبير القرضاوي؟
القرضاوي لا يجد إلا تركيا العلمانية ليضرب بها الأمثال حول فشل العلمانية، كأن يقول:
“وأبرز بلد إسلامي حكمته العلمانية، ونفذت فيه خططها، وضربت بيد من حديد كل من يقاومها، وخاضت في ذلك بحرا من الدم، هو: تركيا، بلد الخلافة الإسلامية الأخيرة، الذي قهره “أتاتورك” على تطبيق النموذج الغربي في الحياة كلها، في السياسة، والاقتصاد، والاجتماع، والتعليم والثقافة، وسلخه من تراثه، وقيمه، وتقاليده، كما تسلخ الشاة من جلدها، وأقام دستورا لا دينيا، يعزل الدين عن الحياة عزلا كاملا، قامت ـ على أساسه ـ قوانين مجافية للإسلام كل المجافاة، حتى في شئون الأسرة والأحوال الشخصية”.
“فهل استطاع أتاتورك وخلفاؤه من بعده، ومعهم الدستور والقوانين، والتعليم، والإعلام، والجيش والشرطة، ومن ورائهم الغرب بكل جبروته وقوته، أن يجتثوا جذور الأفكار الإسلامية، والمشاعر الإسلامية، والتطلعات الإسلامية، والقيم الإسلامية، من حياة الشعب التركي المسلم؟”
القرضاوي محق نوعا ما في وصفه للطريقة التي فرض بها كمال أتاتورك العلمانية كما فرض نهجه في بناء الدولة التركية الحديثة، لكنه ينسى أو يتناسى أن الظروف التي قامت فيها تركيا الحديثة شأنها شأن ما كان سائدا فيما سواها من أمم كانت قائمة على النزعة القومية المتعصبة من اليابان إلى أمريكا مرورا بأوربا. أقول نوعا ما لأن أتاتورك لم يلغ الإسلام ولا هو فرض تدريس الإلحاد في مدارس الجمهورية التركية كما جرى في الاتحاد السوفييتي مثلا في غياب الحريات الفكرية الضرورية مما أدى إلى نتائج عكسية.
أما أن يقول عن أتاتورك إنه طبق ” النموذج الغربي في الحياة كلها، في السياسة، والاقتصاد، والاجتماع، والتعليم والثقافة، وسلخه من تراثه، وقيمه، وتقاليده، كما تسلخ الشاة من جلدها، وأقام دستورا لا دينيا، يعزل الدين عن الحياة عزلا كاملا، قامت ـ على أساسه ـ قوانين مجافية للإسلام كل المجافاة، حتى في شئون الأسرة والأحوال الشخصية”، فهو قول مبالغ فيه حد تزوير حقائق التاريخ. فلا أتاتورك كان معاديا للدين الإسلامي حتى “أقام دستورا لا دينيا، يعزل الدين عن الحياة عزلا كاملا” ولا النموذج الغربي في الحياة كان قائما على هذه المعاداة للدين. فما كان يهم أتاتورك هو تخليص تركيا من البنى والهياكل والأفكار الشرقية المعادية لأسس دولته الحديثة. وحتى ابن باديس الجزائري، ورغم كونه مصلحا دينيا، فقد كان معجبا بالتجربة الكمالية حتى قال: “» في السّابع عشر من رمضان المعظّم (1938) ختمت أنفاس أعظم رجل عرفته البشريّة في التّاريخ الحديث، وعبقريّ من أعظم عباقرة الشّرق، الّذين يطلعون على العالم في مختلف الأحقاب، فيحوّلون مجرى التّاريخ ويخلقونه خلقا جديدا.. ذلك هو “مصطفى كمال” … وباعث تركيا من شبه الموت إلى حيث هي اليوم من الغنى والعزّ والسّمو… إنّ الإحاطة بنواحي البحث في شخصيّة “أتاتورك” (أبي التّرك) ممّا يقصر عنه الباع ويضيق عنه المجال، ولكنّني أرى من المناسب أو من الواجب أن أقول كلمة في موقفه إزاء الإسلام، فهذه هي النّاحية الوحيدة من نواحي عظمة “مصطفى أتاتورك” الّتي ينقبض لها قلب المسلم ويقف متأسّفا ويكاد يولّي “مصطفى” في موقفه هذا الملامة كلّها حتّى يعرف المسؤولين الحقيقيين الّذين أوقفوا “مصطفى” ذلك الموقف..فمن هم هؤلاء المسؤولون؟.. المسؤولون هم الّذين كانوا يمثّلون الإسلام وينطقون باسمه، ويتولّون أمر النّاس بنفوذه، ويعدّون أنفسهم أهله وأولى النّاس به، هؤلاء هم خليفة المسلمين وشيخ إسلام المسلمين ومن معه من علماء الدّين وشيوخ الطّرق المتصوّفون والأمم الإسلامية الّتي كانت تعدّ السّلطان العثماني خليفة لها، أمّا خليفة المسلمين فيجلس في قصره تحت سلطة الإنجليز المحتلّين لعاصمته ساكنا ساكتا، أستغفر اللّه، بل متحرّكا في يدهم تحرّك الآلة لقتل حركة المجاهدين بالأناضول، ناطقا بإعلان الجهاد ضدّ “مصطفى كمال” ومن معه، الخارجين عن طاعة أمير المؤمنين، وأمّا شيخ الإسلام وعلماؤه فيكتبون للخليفة منشورا يمضيه باسمه ويوزّع على النّاس بإذنه، وتلقيه الطّائرات اليونانيّة على القرى برضاه يبيح فيه دم “مصطفى كمال”، ويعلن خيانته ويضمن السّعادة لمن يقتله، وأمّا شيوخ الطّرق الضّالون وأتباعهم المنوّمون فقد كانوا أعوانا للإنجليز وللخليفة الواقع تحت قبضتهم يوزّعون ذلك المنشور ويثيرون النّاس ضدّ المجاهدين..وأمّا الأمم الإسلاميّة الّتي كانت تعدّ السّلطان العثماني خليفة لها فمنها ـ إلاّ قليلا ـ من كانوا في بيعته فانتقضوا عليه ثمّ كانوا في صفّ أعدائهم وأعدائه، ومنها من جاءت مع مستعبديها حاملة السّلاح على المسلمين شاهرة له في وجه خليفتهم فأين هو الإسلام في هذه (الكليشييات) كلّها ؟ … لقد ثار “مصطفى كمال” حقيقة ثورة جامحة جارفة ولكنّه لم يكن على الإسلام وإنّما ثار على هؤلاء الّذين يسمّون بالمسلمين، فألغى الخلافة الزّائفة وقطع يد أولئك العلماء عن الحكم ـ (نوفمبر 1938م) ـ
هذا الموقف الباديسي الإصلاحي كان على النقيض من موقف حركة الإخوان المسلمين في مصر التي واصلت التشبث بأوهام الخلافة ومازالت إلى اليوم.
هنا يجب أن نلاحظ أن انكماش مسيرة الحداثة في تركيا ليس مرده إلى طغيان العلمانية بقدر ما هو ناتج عن غياب إشاعة الديمقراطية الواسعة في الحياة التركية واقتصارها على حزبين أو ثلاثة أحزاب قومية تحت حماية العسكر، فظنت أنها ضمنت الهيمنة على البلاد إلى الأبد، مما أدى بها إلى الاستسلام للبيروقراطية والفساد السياسي. وهي ظاهرة لم تقتصر على تركيا العلمانية وحدها بل هي سمة كل الأنظمة التي غابت فيها الحياة الديمقراطية والمواطنة الكاملة والحريات فعاد المكبوت الديني والطائفي والعرقي أقوى مما كان.
ومع ذلك فإن تركيا العلمانية هي أفضل بلد في شرقنا المتخلف بفضل علمانيتها، ولا يجوز مقارنتها بأي بلد عربي وإسلامي في المنطقة. بل من حقنا أن نقول إن العلمانية التركية قد تمكنت من فصل تركيا عن شرقنا المتخلف بما لا يقارن مع أي بلد عربي.
يتبع

عبدالقادر أنيس فيسبوك

Posted in فكر حر | Leave a comment

ليخزيكم الله ايها الخلفاء غير الراشدين

محمد الرديني

الزمان: امس واليوم وغدا وربما بعد غد.
المكان : بغداد التي كانت في يوم ما عاصمة العراق وحاضرة الخلافة.
إسم المدرسة:علي الأكبر تقع في منطقة الچكوك،تربية بغداد / الكرخ الثالثة.
الاسباب الموجبة: اللطم على ما هو آت.
لو لم توثق هذه المعلومات بالصورة لأعتقد البعض ان المعلومات الواردة جاءت من مجاهل افريقيا او ان كاتبها وجد اسهل طريق نحو الشهرة الاعلامية بعد ان عجز عن ايجاد وظيفة محرر من الدرجة الخامسة عشر في جريدة قد لاتوزع 20 نسخة يوميا.
المعلومة تقول:هذا صف دراسي في إحدى مناطق بغداد وليس في الشطرة أو الدواية أو قرية من قرى ميسان أو الديوانية ، الصف يحتوي على 140 طالبا و18 رحلة فقط! والمعلمة توگف بالباب والطلاب نص واگفين ونص گاعدين بالگاع!!
خبروني شنو نخليلها وتطيب.
يعني معقولة المعلمة تدرّس وتشرح وهي واكفة بباب الصف؟.
معقولة الطالبات يجلسن على الارض وهن يسمتعن الى شرح المعلمة في بلد ميزانيته لهذا العام 120 مليار دولار؟.
معقولة لم يبق ذرة ضمير لدى السيد وزير التربية وهو يرى هذه المأساة التربوية؟.
معظم العراقيين يعرفون ان المسؤولين الحكوميين قد نصبوا انفسهم خلفاء شرعيين على ظهر هذا الشعب وابرزهم السيد علي الاديب الذي قال ذات يوم بالحرف الواحد ان استلامه لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي انما جاءت بتكليف شرعي من قبل مرجع ديني له سلطة ابوية لايمكن عصيانها.. (يحتفظ كاتب السطور بأسم هذا المرجع وتاريخ تصريح السيد الاديب).
ولهذا باشر مثلا معالي هذا الوزير بافتتاح مشروعه الكبير في بناء جوامع داخل الجامعات وقد افتتح مؤخرا اول جامع في جامعة الكوفة.
اما وزير التربية فهو اقل طموحا منه فهو يسعى فقط الى هدم المدارس الآيلة للسقوط من اجل بناء مدارس حديثة (نكتة مو؟؟).
كيف يمكن بناء جامع بالتكلفة الفلانية في جامعة وهناك 140 طالبة في المرحلة الدنيا يجلسن على الارض لمواصلة التعليم؟.
ترى لماذا هذا الاستهتار الرسمي بمقدرات شعبنا؟.
هل نلقي اللوم على قمة السلطة المتمثلة في سعادة رئيس الوزراء الذي لايمكن ان يعذره احد في هذا؟.
هل هذا الاستهتار يتحمله فقط سعادة وزير التربية وحده ام يقف وراءه من يقصد تخريب هذا البلد؟.
بات القاصي والداني يعرف ان العراق بحاجة الى 6027 مدرسة حديثة ولكن هذا الرقم لايهم الان .. المهم كيف يمكن لضمائر هؤلاء البشر ان تقبل بوجود 140 طالبة يجلسن على الارض لمواصلة التعليم؟.
واذا افترضنا أي تخريج معقول يتسبب في تأخير بناء المدارس فهل هناك تخريج لعدم توفير”رحلات” في هذه المدرسة او تلك؟.
هل يعقل ان تعجز وزارة التربية بكل جبروتها الطائفي من توفير اهم مستلزمات الدراسة؟.
ثم يعقل ان تنتظم العملية التربوية داخل مدرسة ما وفي الصف الواحد فيها 140 طالبا؟.
المسألة محيرة بس اكيد وزير التربية راح يكول الله لايحير عبده.
فعلا اللي شاف الموت يرضى بالسخونة.
وتحيات كل اولياء امور هؤلاء الطلبة الى الخلفاء غير الراشدين في حاضرة بغداد.

تواصل مع محمد الرديني فيسبوك

Posted in الأدب والفن, فكر حر | Leave a comment

شكراً لخدماتكم …؟!

سيمون خوري

” شكراً لخدماتك …بيد أن شركتنا قررت الاستغناء عن خدماتكم “. هذه العبارة وردت في فيلم ” موعد في الهواء ” قبل سنوات قليلة. يؤدي الممثل الأمريكي ” جورج كلوني ” الدور الرئيسي كموظف مهمته إبلاغ بعض الموظفين العاملين بالشركة بالاستغناء عن ” خدماتهم ” وفصلهم من العمل .تساعده موظفة ” أنيقة ” تستخدم لغة قاتلة، وقسمات جافة جداً. أي توظيفا للدور الأنثوي لممارسة دور لا إنساني . أحد الموظفين المفصولين عن العمل يقدم على الانتحار، فقد تجاوز الستين، ومن المتعذر عليه إيجاد وظيفة أخرى. ردة فعل الشركة، كانت مجرد ” هزة رأس ” أسفاً لقراره.
بشر أم قطع تبديل…؟!
لا شئ محزن …حتى.. ولو خبا إحساسك بوجودك. فأنت مقيد الى اللحظة الراهنة التي قد تكتشف فيها أنك فقدت خلال سنوات من عملك ” كآلة ” في نظام اقتصادي جشع ،فقدت الاتصال مع هويتك الحقيقة كإنسان وتحولت الى ربوت من جيل قديم . مثل كمبيوتر من جيل السبعينات . ومن السهل جداً رميك بالشارع . دون النظر الى أية اعتبارات إنسانية . العواطف هنا لا مكان لها . بالضبط مثل العديد من الأحزاب خاصة ” الثورجية ” في ” العالم العربي ” مجرد الاختلاف في وجهات النظر، تصبح خارج القطيع.
لكن ” الإله يحب الكافيار” ، عنوان أخر لفيلم سينمائي يوناني للمخرج ” يانيس مارغرديس” حول قصة رجل الإعمال يدعى ” يانيس فرفا كي ” وجرى تسمية أحد الأسواق الشعبية بسوق ” فرفا كي ” هنا كافة الإلهة تحب الكافيار …جميعهم ” آلهة ” الرؤساء وزعماء المافيا، ورجال الدين ومدراء البنوك . تجارة بيع الوعود سواء الأرضية أم تلك الوهمية.
هل تريد الحصول على قطعة أرض في ” براد يس ” عليك تغيير قناعاتك فلا وقت للتأمل وتمحيص الأفكار. الشعارات والنصوص والوعود وفيرة كل شئ عولمته العولمة. حتى أنت كإنسان تحولت الى حالة معولمة في ذروة تزاوج السلطة والثروة.
هناك عملية ” خصخصة ” للإنسان في العالم سواء كمواطن أو كمهاجر.
طبعاً العالم ” العربي ” خارج الموضوع بإعتباره مجتمعات دون المدنية ، لا تزال تبحث عن هوياتها الفرعية وليس ” المواطنة “. في سياق تطاحن عنفي عشائري – طائفي – أثني ، غير مسبوق.
لنعود الى المجتمعات المدنية الأخرى.
حتى نهاية العام الحالي 2012 سيجري فصل أكثر من 15000 خمسة عشر ألف موظف من الخدمة من الجهاز الحكومي اليوناني.
شكراً لخدماتكم ..لكن قررنا الاستغناء عنكم …؟
هل يمكن قياس رد الفعل سيكولوجياً تلك اللحظة لدى هذا الإنسان..؟!
هنا يصبح الوطن ” منفى ” قسري تذكرنا بكتابات “برتولد بريخت ” في حوارات المنفيين ” عندما يتحول الوطن الى سجن. إما أن تلوذ بالصمت أو تنفجر. بيد أن النتيجة أن العائلة لم تعد تجد قوت يومها..ويصبح الجوع معلماً أثرياً على أبواب الكنائس ؟، وبعض المؤسسات الخيرية أو وسيلة مغرية لشراء أصوات انتخابية جديدة كما في حال اليمين الفاشي الذي سارع لتوزيع معونات غذائية..لكن فقط للمواطنين وليس ” للغرباء ” فهم ليسو بشراً أو من ذوي الدم الأزرق.
بالتأكيد هناك حالة بطالة مقنعة ، وتضخم بيروقراطي إداري مريع ،الى جانب فساد سياسي وإداري ومالي تمارسه الطبقة السياسية .
لكن السؤال ، هل المواطن هو المسؤل عما آلت اليه حالة الدولة ..وهي حالة عامة في عدة بلدان أوربية تماثل الحالة اليونانية.. ثم هل المطلوب من هذا المواطن كفرد، البحث عن حل أم المطلوب من تلك القوى التي تربعت ولازالت لسنوات على عرش سواء السلطة أم المعارضة..؟؟! إيجاد فرص عمل بديلة وخطط تنموية – إنتاجية جديدة ، في وقت تراجعت فيه معدلات الإنتاج بسبب السياسات الإقتصادية الخاطئة لنواة بلدان الإتحاد الأوربي . وكشفت عورة وزيف سياسات الرخاء والرفاهة الرأسمالية.
في وقت وصلت فيه نسبة البطالة الى أكثر من 25 بالمائة في كل من إسبانيا والبرتغال واليونان وإيطاليا وبولونيا وبلغاريا وقبرص على الطريق.
طبعاً العمال المفصولين لديهم عائلات وأطفال ومسؤوليات اجتماعية متعددة وما يستتبع ذلك من نفقات معيشة. قوانين التقشف الجامدة لا تتساءل حول كيفية تأمين هذا العامل لقوت يومه. لأن المطلوب خفض نفقات القطاع العام والخاص معاً . دون تقديم بدائل حياتية أخرى أو ضمانات عمل أخرى وعدالة اجتماعية.
هنا تجري عملية تدمير للكيان العائلي، هناك حالة عزوف عن الزواج في أوساط الفئات الشابة، لأن لا احد لديه الثقة بالغد. فيما تتزايد معدلات الانتحار والطلاق. وتنامي مستوي ” الجريمة ” وتعاطي المخدرات.
القلق ، الغربة والعزلة ، والعوز الإقتصادي ، عوامل تأكل مساحة التسامح القديم بين المواطن والمهاجر، وبين المواطن والمواطن الأخر.
تطرح هنا أسئلة خبيثة…هل تتوفر بدائل أخرى لمواجهة ” العجز الدائم المزمن ” ..؟
إذن أنت كمواطن مطلوب أن تدفع ثمن فاتورة ثراء ” الآلهة ” وبذخهم وفسادهم
وكافيا رهم.
الى أين ستصل الأمور ..؟ لن يستطيع الجدل والحوار البيزنطي حسم القضية.
نحن كمن يشاهد أفلام الخيال العلمي وكيفية انتقال الإنسان من مكان الى أخر بواسطة أنبوبة ضوء وتوظيفه في المكان الذي تقضية الحاجة ثم استبداله بآخر.أو بعبارة أخرى غير مهذبه ” طرده ” من العمل . قد يستخدم البعض عبارة أكثر تهذيباً فصله من العمل..لا فرق النتيجة واحدة . وهي أن هذا العامل والموظف أصبح في مهب الريح. على موعد مع الهواء. لا قيمة هنا للمشاعر الإنسانية . الرأسمالية بلا قلب، ولا عواطف.
في اسبانيا والبرتغال وحتى ايطاليا تمارس حكوماتها، طرد تعسفي مماثل تحت حجة إيجاد مخرج لأزمتها الإقتصادية . التي من أسبابها المباشرة، غياب التنمية والفساد والتضخم الإداري.
ماذا تملك من سلاح لمواجهة هذا التحدي المصيري لمستقبل عائلتك..؟
الاحتجاج… الإضراب ؟
ثم ماذا بعد ..؟!
يمكن تصنيف أحزاب المعارضة الرسمية على النحو التالي، أحزاب تراجيدية لا تجيد سوى البكاء والعويل والاحتجاج ولا ترغب بالسلطة. وأخرى أحزاب كوميدية في ثوب يساري قشيب تمتلك عقلية تخريجيه لفن اقتناص الأزمات ومراكمتها لصالح انتخابات قادمة. دون برنامج عمل واقعي يحدد الأولويات المطلوبة لانتشال حالة البلاد من عنق الزجاجة.
بصورة عامة يعتبر سلاح الإضراب حالة سلوكية ” ديمقراطية ” لكن في حالة عدم استجابة الحكومة لضغط الشارع، وعجز ما يسمى بأحزاب معارضة تقديم بدائل عملية
هنا تطل الفاشية برأسها ،ترتدي جبه الكاهن وسيف الحجاج . لأن المواطن سئم من ترديد الشعارات.فهو يبحث عن حل عملي يوفر له قوت يومه ومصروف عائلته. وفي هذه الحالة كعملية انتقام من فشل أحزابه الرسمية، يقدم صوته لليمين الفاشي ” نكاية ” بأحزابه التقليدية. تماما كما حدث خلال الانتخابات الفلسطينية القديمة ما قبل التاريخ وأدت الى فوز ” حماس ” ثم ماذا كانت النتيجة ..أعتقد أن الإجابة معروفة .
يبدو أن على بلدان الإتحاد الأوربي أن تتعامل مستقبلاً مع أشكال مختلفة من التطرف ، ومصادر تهديد محليه جديدة. ليست فقط في مواجهة ظاهرة الهجرة غير الشرعية بل وفي مواجهة الأخر المختلف . وضعية كهذه تعيد الى الأذهان حالة وبدايات ” موسوليني ” في إيطاليا . ترى هل المطلوب من الأن البحث في إجراء تعديلات على معاهدة جنيف الخاصة بالصراعات المسلحة ، واحترام حقوق الإنسان …ربما..؟
عمال أحواض بناء وإصلاح السفن في اليونان لديهم يوم عمل واحد في الأسبوع..أي يتقاضون أجر أربعة أيام عمل في الشهر.
ألاف العمال جرى تسريحهم دون تعويض أو مكافأة عمل.. والبعض الأخر يعمل أكثر من 12 ساعة في اليوم الواحد ويتقاضي أجر ثمان ساعات عمل. دون ضمانات لليوم التالي.
هذا العامل تحول الى شخصية ” محسودة ” من قبل زملاء عاطلين عن العمل. لكن بدورة يعاني من مخاوف فصله من العمل. مجتمعات تعاني من حالة فقدان التوازن على كافة الأصعدة.
مع ارتفاع وتيرة الحراك الجماهيري في أوربا المناهضة لإجراءات التقشف الحادة وقوانين ” الترويكا ” الأوربية ينمو وعي متزايد، بأن الجماهير هي التي تصنع قوانينها ومؤسساتها، وهؤلاء قادرون على تغييرها . لكن المشكلة تتلخص في البحث عن قوى جديدة قادرة على تقديم البديل الذي عجزت عنه ” الكلاسيكيات ” القديمة.
نقابات عمالية جديدة خارج صيغة التأطير والولاء الحزبي ، قيادات سياسية شابه وبرنامج عمل واقعي تنموي يوفر فرص عمل جديدة ، وعدالة اجتماعية من نوع مغاير لما هو قائم حالياً. لوضع حد لهذا النزيف اليومي لحياة الإنسان في دول” الصدع الأوربي “.
الحالة ليست سهلة وتفاصيل الحياة اليومية ومعاناة الناس موجعة جداً.
” شهرزاد ” نجت بنفسها عن طريق ثرثرتها ، لكن هنا ثرثرة السياسيين في مختلف المسائل وحتى الجنسية منها لا تستطيع علاج الهواجس والخيبات والقلق حول المستقبل.

سيمون خوري

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, فكر حر | Leave a comment

ويل لأمّة يتمشيخ طبيبها و -يتدكتر- شيخها !!!

وفاء سلطان

ويل لأمّة يتمشيخ طبيبها و “يتدكتر” شيخها !!!
في الستينات من القرن المنصرم قام عالم النفس الامريكي ستانلي ميلغرامٍ، وفي سياق دراسته لمدى تأثير السلطة على السلوك البشري، بتجربة بسيطة وممتعة. تبرع حوالي عشرين شخصا نصفهم مدرسون ونصفهم طلاب ليكونوا عناصر التجربة.

قام العالم بوضع المدرسين في غرفة والطلاب في غرفة اخرى مجاورة. لا تستطيع اية مجموعة أن ترى المجموعة الاخرى ولكن تستطيع أن تسمعها.

طلب من كل مدرس أن يختار طالبا ما ويقوم بطرح مجموعة من الأسئلة عليه. أقنع العالم المدرس بأن يقوم بتعريض الطالب عندما يجيب اجابة خاطئة الى صدمة كهربائية عن طريق زر يكبسه، وأوهم المدرسين بأن الصدمة الاولى ستكون 45 فولت، ومع كل جواب خاطئ ستزداد قوة الصدمة بمقدار 15 فولت.

لم يكن الطلاب في حقيقة الامر يتعرضون لأية صدمة ولكن، وبالاتفاق مع العالم، راحوا يتظاهرون بالالم وبدأوا الصراخ. وكلما ازدادت الصدمة المفترضة قوة يزداد صراخهم علواً.

راح العالم يراقب حركات وتعابير المدرسين وهم يستمعون الى صراخ الطلاب. بدا المدرس، وتحت تأثير عذاب ضميره، مرتبكا ومكرها على القيام بعمل يدرك في غلالة نفسه أنه غير انساني، وكلما تباطأ في كبس الزر يصيح به العالم:
1 – من فضلك استمر.
2 – التجربة تتطلب أن تستمر، من فضلك استمر!
3 – من الضروري ان تستمر.
4 – ليس لديك خيار، يجب أن تستمر.

استمر معظم المدرسين بكبس أزرارهم، رغم أنّ الطلاب بدأوا بالضرب بكل ما أوتوا من قوة على الحائط الذي يفصل الغرفتين وهم يصيحون: نتوسل اليكم أن تتوقفوا عن تعذيبنا.

عند الانتهاء من التجربة عرض العالم الشريط على المدرسين وسألهم: يبدو أنّ صوتا في داخلكم كان يحثكم على أن تتوقفوا، هل أستطيع أن أعرف ما الذي دفعكم الى الاستمرار في عمل أنتم مقتنعون أنّه لا يتّفق مع مبادئكم؟!

وأجاب الجميع: إنّها قوة السلطة التي يمثلها عالم يقف إلى جانبنا بزيّه الأبيض ويأمرنا بضرورة الاستمرار.

ليس سهلا أن يتحرّر الإنسان من كابوس السلطة، مهما اختلف نوع السلطة، وخصوصا عندما تتجسد تلك السلطة في قوة البطش وتفتقر الى وجود سلطة اخلاقية كي تقلمها وتهذبها، كما كان ولم يزل الاسلام!

إن العقليّة التي تقولبت وعلى مدى أربعة عشر قرنا من الزمن تحت حدّ السيف، لن تستطيع وبسهولة أن تتحرر من سلطة السيف.

عندما أكتب عن الاسلام وما فعله من تشويه وتخريب في عقليّة المسلم، أستطيع أن أتفهّم الطريقة التي يرتكس بها بعض المسلمين لكتاباتي. إذ يصعب عليهم أن يكتشفوا بين ليلة وضحاها خلبيّة جهازهم العقائدي الذي حكمهم بالنار والحديد، وأقنعهم بأنّه ينطوي على حقائق مقدسة لا تحتمل الشكّ والسؤال.

يصعب على الإنسان أن يكتشف بأنّ ما يؤمن به ليس سوى وهما وسرابا.

الجهاز العقائدي للإنسان هو بوصلته التي تقوده إلى برّ الأمان، ومتى اكتشف الانسان نفسه في المكان الخطأ يفترض أن يشكّ في مصداقيّة بوصلته. لكنّ الأمر ليس مجرّد افتراض، إنّه أصعب من ذلك بكثير. عندما يشكّ الإنسان بمصداقية جهازه العقائدي يمرّ بخمس مراحل:

1- Shock and Denial الصدمة والرفض:
عندما ينهار جهاز عقائدي ما، أمام الحقائق العلميّة التي تدحضه، يصاب من يؤمن بذلك الجهاز بصدمة، كالتي تحدث لحيوان انبهر في منتصف الليل بضوء عال منبعث من سيارة فتسمرّ في مكانه لايعرف كيف يواجه خطورة السيارة التي تكاد تصدمه.

2- Anger الغضب:
بعد مرحلة الصدمة يدخل في حالة غضب، يصب خلالها جام غضبه على كل مصدر يشكّك بصحّة عقائده.

3- Bargaining المفاوضة:
في تلك المرحلة يضّطر الشخص، تحت ضغط الحقائق التي تدحض صحّة عقائده، أن يعترف بسلبية بعض الأفكار في تلك العقائد، ويبدي رغبة في تغييرها.

4- Depression الكآبة:
لم تعد رغبته في التنازل عن بعض عقائده تكفي لصدّ سيل الحقائق المتدفقة، فيدخل أمام احباطه في حالة كآبة يتصارع خلالها بين الحقيقة والوهم.

5- Acceptance and Willingness القبول والرغبة في التغيير:
يقتنع في تلك المرحلة بأنّ بوصلته قد قادته إلى المكان الخطأ فيشكّ في مصداقيتها ويقبل الحقيقة ويبدي رغبة في التغيير. في تلك المرحلة بالذات يكون قد كسر قالبه الفكري وحرّر نفسه من كابوس سلطته الدينية أو العقائدية.

الزمن الذي يستغرقه الشخص في كل مرحلة يختلف باختلاف الشخص نفسه. يبقى بعض الاشخاص يراوحون، كالحيوان المبهور في وسط العتمة من ضوء شديد تسلط على عينيه، يبقون في أماكنهم مدى حياتهم حتى تدهسهم الحقائق العابرة تحت عجلاتها، والبعض الآخر ينتقل من مرحلة الى أخرى بالسرعة التي يفرضها ظرف كلّ منهم.

عندما اقرأ ردود السادة المسلمين على كتاباتي أستطيع وبسهولة متناهية أن أميّز المرحلة التي يمرّ بها كل منهم، تؤسفني حقيقة واحدة وهي أنّ معظم المسلمين الذي دخلوا في المرحلة الأخيرة يراسلونني من وراء الكواليس ولا ينشرون رسائلهم في أيّ موقع من شدّة الخوف.

هذا النمط يزداد مع الأيام كمّا ونوعا ويجعلني متفائلة، لكنّه في الوقت نفسه يثير أسفي فالخوف من سيف الاسلام لا يزال يكبّلهم ويخنق أنفاسهم.

السيّد محمد العمّار طبيب مسلم متخصص في زيجات الرسول. صدمته مقالتي “هل يصلح الدهر ما أفسده الاسلام” فتسمّر في مكانه غير مدرك كيف يتجنب هول الصدمة.

قادته مرحلة الصدمة إلى مرحلة الغضب الذي صبّه دفعة واحدة وبلا هوادة. صبّه عليّ شخصيا وليس على افكاري لأنني، وفي حيّز اللاوعي عنده، مصدر الحقائق التي تشكّك بعقائده.

عكست عبارته الأولى مشاعر غضبه وجاء فيها:
الأخت الأمريكية أكثر من المحافظين الجدد، تحية طيبة وبعد:
أراد السيّد العمّار أن يذمّني بوصفه لي – الأمريكية أكثر من المحافظين الجدد- دون أن يدري أن عبارته قد أطربت اذني!

فالشعب الذي يقف وراء هذا البلد العظيم، من أقصى اليسار الى أقصى اليمين، هو جدير بالاحترام ومحظوظ من ينسب إليه!

الأمريكيّون، ياحضرة الطبيب، لا يكفّرون أحدا ولا يقطعون رأس أحد باسم إلههم. يودّون ويحترمون جارهم الهندوسي والبوذي والمسلم وعبّاد الشيطان ويعتبرونه مواطنا يتمتع بكل حقوق المواطنة الأمريكيّة. خلفاؤهم الراشدون لم يموتوا بقرا بالسكاكين، ولم يعرفوا في تاريخهم حجاجا كاليوسف الثقفي!

لا يحرقون بالغاز السام من يختلف معهم من أبناء جلدتهم، ولا يقلعون اظافر من ينتقدهم. لا يتاجرون بقوت فقرائهم، ولا يسرقون دواء مرضاهم.

تركوا حقوق الحرق والقلع والمتاجرة والسرقة للسادة المسلمين، كي لا يعتدوا على حقهم في براءة الاختراع!

نبيّهم لم يغز ولم يغنم ولم يسبي، وكلّ ما قاله: “إنّ الله محبّة”. لا يوجد في قواميسهم تعاريف للسبايا وما ملكت اليمين، ولا في كتبهم ازدراء لأيّ دين أو أيّ إنسان.

أيهما أشرف للإنسان أن يكون أمريكيّا أم كاتبا يلعق حذاء مجرم كصدّام حسين!

ماذا تريدني أن أكون إن لم أكن أمريكيّة؟! من أنصار السيّد حسن نصر الله، الذي رأيته مرّة يقبل يد آية من شياطين ايران فكدت أتقيأ أمعائي؟ أم من أنصار الزرقاوي ازغرد عندما يفجّر ابني نفسه ثمّ ادفع بالآخر؟!!

مولدي في سوريّة هو هدية الله لي، وقراري بأن أكون أمريكيّة هو هديّتي لله.
أرسلني الله مسلمة عربيّة لغاية عنده، وقررت أن أكون أمريكيّة لا دينيّة كي أصل الى غايته!

أمريكيّتي لم تقف يوما حائلا بيني وبين حبّي لوطني الأمّ وشعبي، وأنا أبذل قصارى جهدي لأنقذ ذلك الشعب من براثن عقيدته، ومعظم ما أناله على جهودي شتائمكم وتهديداتكم!

يقول جان جاك روسو: “يجب على الإنسان أن يخاطر بحياته من أجل أن يحميها”، ولذلك أخاطر بحياتي من أجل حماية حياة أفضل، ليس لي وإنّما للأجيال القادمة في وطني الأم.

يتابع الطبيب (!!) محمّد العمّار صبّ غضبه فيقول:
ورغم قناعتي أنك لا تصدرين عن فكر حر، ولا تحملين رسالة، بل تؤدين دورا كلفت به، مع طابور من مرتزقة الصحافة العرب، جندهم المحافظون الجدد كظهير للحملة العسكرية على العالم الاسلامي، (وأرجو المعذرة لعدم قدرتي على تصور موقع آخر لك انطلاقا من فهمي لما تكتبين).

لستَ بحاجة إلى الاعتذار فأنا أقدّر عدم قدرتك على استيعاب ما أكتب!
تعال نقرأ معا ما قاله يوما الشاعر الكبير نزار قباني رحمه الله،:
أحاول منذ كنت طفلا
َقراءة أيّ كتاب
تحدّث عن انبياء العرب
وعن حكماء العرب
وعن شعراء العرب
فلم أر إلاّ قصائد تلحس رجل الخليفة
من أجل حفنة رزّ..
وخمسين درهم..
يا للعجب..

وسؤالي: هل وجدت ـ يا دكتور محمّد ـ في تاريخ العرب بقجة أفضل من البقجة التي وجدها نزار قباني؟!!
طبعا لا!

ولذلك لا تستطيع أن تتصوّر بأن انسانا يعبّر عن رأيه إلاّ اذا كان مأجورا!
هذا هو تاريخكم ـ ياسيّدي الطبيب ـ وأنتم لا تستطيعون أن تفهموا شيئا خارج حدود ذلك التاريخ!

اعتدتم أن تقايضوا الكلمة بصحن رزّ والقصيدة بدرهم، فلا عجب أن تتهموني بالعمالة والارتزاق! كلّ انسان يرى العالم من خلال منظاره!

لقد نبش نزار قباني تاريخ العرب كي يفهمه، وأنا، وخلال حياتي هنا، حاولت أن انبش تاريخ أمريكا فلم أعثر فيها على شاعر واحد يقايض قصيدته بدولار أو حفنة رزّ. من لا يعرق في أمريكا يموت جوعا! تلك هي فلسفة ربّهم “بعرق جبينك تأكل لقمتك”!

لم أعثر في تاريخها كلّه على هارون الرشيد وجواريه، ولم أرى أثرا لأبي النواس. لا يقهقه خلفاؤها ولا يأمرون لمهرّجيهم بألف دولار. بيت المال في أمريكا ملكا لشعبها، والويل لمن يعبث بذلك المال!

يقول خير شعراء العرب، أبو فراس الحمداني، مادحا سيف الدولة:
فليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خراب

هل بإمكانك أن تتصوّر مدى ذلك الانحطاط الأخلاقي؟! يتمنّى شاعرك أن تتحول كل علاقة تربطه بالعالم إلى خراب، وأن تبقى علاقته بسيّده عامرة!

ألست فخورا بأجدادك؟ ألست خير خلف لخير سلف؟
ولذلك أتفهّم عدم قدرتك على استعياب ما أكتب، إذ لا تستطيع أن تتجاوز حدود ثقافتك، فالكلمة عندكم بصحن رزّ والقصيدة بدرهم!
…………………………..
يتابع الطبيب العمّار:
أولا- ارجو أن تسجلي تحفظي على التعريف الذي ذيلت به ردّك (عالمة نفس!!!!)، إن معرفتي المتواضعة بعلم النفس تجعلني أجزم أنه لا علاقة لك بهذا العلم، فقد خلت كتاباتك من أي تحليل يتكئ على أيّة ارضية معرفية، سواء علم النفس أو غيره من العلوم، كما أن اللهجة المتوترة والصوت العالي والاندفاع الشديد واللغة الهابطة، لاتتناسب مع تحصيل علمي محترم، وأغلب الظن أنك طالبة ثانوي انقطعت بها السبل، في مستوى الأول ثانوي (مع الاحترام الشديد للمتميزين من طلاب الأول الثانوي الذين ربما يؤذيهم مثل هذا التصنيف) أو ربما كنت تملكين شهادة جامعية أو درجة دكتوراه دولة من نمط ما كان يمنح السوفياتي في الإتحاد السوفياتي السابق، وهي تكافئ مستوى الثانوية من ناحية النمو العقلي والنفسي، إن الصوت العالي والإندفاع الشديد والإعتقاد الراسخ بأن ما تقولينه حقائق لا تقبل الدحض أو النقاش، وما يقوله الآخرين هراء محض، تعكس تعثرا في النمو العقلي والنفسي، كما تعكس قصورا في ادراك العالم والإنسان والتاريخ.

النقد ملكة عقلية لا تستطيع أن تنمو وتنتعش إلاّ في جو من الحرية والديمقراطية، جو يعلّم الانسان أن يحترم الآخر حتى ولو اختلف معه، وأن يلتزم بحدود الأخلاق عندما ينقده.

البيئة الإسلامية غنية عن التعريف، ولا أحتاج أن أخوض في أخلاقياتها النقديّة! إن بيئة تعلّم ابنها أن يقطع رأس من يجحد بآية من القرآن لعاجزة أن تفرض قبول الآخر وتلتزم بأخلاق النقد.

من أبسط قواعد النقد، أن يقول الناقد: قال فلان كذا وكذا وانا اقول كذا وكذا. ثمّ يقارع الحجّة بالحجة دون إسفاف أو تسفيه، لكن فاقد الشيء لا يعطيه!

ماذا قالت وفاء سلطان كي تستحق هذا التسفيه؟ أين هي حجّة طبيبنا السيد محمد العمّار؟ أين هي اخلاقياته؟ لماذا لم يظهر ماكتبته وفاء ودفعه الى تقييمها كطالبة ثانوي؟

أرجع الى قاعدة مهمّة في علم النفس تقول، ما يزرعه الوالدان يحصده الأبناء، والسيّد العمّار ماهو إلاّ ناتج ثقافة قمعيّة سفيهة لا تحترم الآخر ولا تعترف بحريته وحقّه في إبداء الرأي!

أما بخصوص طعنك بحملة شهادات الاتحاد السوفياتي سابقا، اؤكد بأن الخلل ليس في الجهاز التعليمي السوفياتي وإنما في حكومتك – ياسيدي- وفي أخلاقيّة شعبك.

الحكومة البعثية في دمشق توفد الى دول منظومة الدول الاشتراكية من تقيأه البحر من طلاب فاشلين قضوا سنوات في الثانوية العامة. يكفي أن تكون عضوا عاملا في حزب البعث، او يكون لك قريب في جهاز مخابرات السيّد الرئيس كي تطير الى روسيا.

يصل هؤلاء الطلاب الميؤوس من حالتهم الى هناك، جيوبهم مليئة وعقولهم فارغة. يتعاملون هناك مع شعب تعيس يقف على باب المؤسسة الاستهلاكية أربع ساعات ليحظى برغيف خبز، فيبيع الأستاذ الجامعي مادته بعلبة سردين، على ذمة البعض من هؤلاء الطلاب!

لقد قابلت في امريكا أطباء روس لا يقلّون كفاءة ومهارة عن الأطباء الأمريكان، فأرجوك لا تلقوا بأوزاركم على أكتاف الآخرين.

ذكرّتني بمقابلة استمعت اليها منذ أكثر من عشرين عاما في التلفزيون السوري، أجراها المذيع مع مخرج سينمائي روسي. حاول المذيع أن يوهم المشاهد بأنه يعرف من باض البيضة ومن أنجب الفرخة، فسأل المخرج الروسي: لماذا كلّ الأفلام الروسيّة هابطة فنيّا وأخلاقيا؟

فردّ المخرج الروسي بثبات وبلا تردد: ياسيّد! في روسيا لدينا من الأفلام الهابط جدا والجيد جدا، ولكنّ التجار السوريين عندما يأتون لاستيراد افلامنا يختارون هابطها، ونحن نحترم حقّ الاختيار لدى المشتري! فانكمش المذيع وتقلص كحلزون داهمته برشّة ملح!

هذا بخصوص شهادات الاتحاد السوفياتي، أما الشهادات العلميّة في أمريكا فلا تملك موقعا لبصمة حافر، ولذلك تستطيع مشكورا أن تحتفظ ببصمتك لنفسك فشهاداتي لا تحتاج إليها!
…………………………..

يتابع السيّد العمّار:
ثانيا – لا شك أنني أتفق معك، أن العالم الإسلامي يعاني مرضا خطيرا في علاقته بالتراث، ولكني أسألك – كعالمة نفس- هل تعتقدين أن شتم المرضى الجسديين أو النفسيين تقنية قادرة على الشفاء؟ هل تقدم الشتائم حلولا للأزمة التي تتحدثين عنها؟ هل الشتم تقنية قادرة على حل الأزمات، وتجاوز الصعاب؟ هل يعقل أن عالمة نفس!! لا يخرج منها ما يدل على اختصاصها سوى الادعاء، أين العلم الذي يحلل المشكلة، ويقترح الحلول، وينير السبل ويوضح المخارج الممكنة أو المحتملة؟؟؟

نلاحظ في بداية هذا المقطع بأن السيّد العمّار قد دخل في طور المرحلة الثالثة التي يدخل بها من يصطدم بخلبيّة جهازه العقائدي، ألا وهي مرحلة الـ” المفاوضة”. هو يتفق معي إلى حدّ ما، ويؤمن بأنّ العالم الإسلامي مصاب بمرض خطير. لكنّ الخطورة في رأيه لا تتعدى علاقة ذلك العالم بتراثه، دون أن يشرح ماذا يقصد بهذا الهذيان الفكري!

من خلال خبرتي الطويلة بقرائي المسلمين، لن يستغرق الدكتور العمّار زمنا طويلا كي يدخل المرحلة الرابعة التي سيصاب خلالها، وكنتيجة حتميّة لإحباطه، بكآبة حادة قاتلة!

قدرته على الدفاع عن ذلك التراث بكلّ قماماته هشّة للغاية، ولن تصمد طويلا أمام زخم الحقائق العلمية التي تفنّد وتدحض تراثه!

يقول الكاتب والمفكر السوري نبيل فيّاض: كلمّا ازدادت الفكرة هشاشة ازداد ارهاب المدافعين عنها! ولكن يبقى السؤال: إلى متى سيظل الإرهاب قادرا على الدفاع عن تلك الأفكار؟!!

يعود الطبيب العمّار الى سيل من الاتهامات دون أي برهان. أين هي الشتائم التي تقولها وفاء سلطان؟ لماذا لم تضرب مثالا وتعطيني الحقّ أن أدافع عن نفسي، كما أفعل أنا في الردّ عليك؟!

لقد اختلط عليّ الأمر ولم أعد أميّز بين الشيخ محمّد العمّار والدكتور يوسف القرضاوي. لقد سقط الطبيب في جبّة الشيخ وتسلل الشيخ إلى مخبر الطبيب، يا للكارثة!

يبدوا أنكم، ياسيدي الطبيب، تخلطون بين الصوت الجهوري والصراخ، وبين مطرقة وفاء سلطان التي تهدم قوالبكم الفكرية وسيف الحجاج الثقفي الذي يقطع رقابكم. لا عتب عليكم، فمن يحترق بالحليب ينفخ اللبن!

عندما يتكلّس الإنسان داخل قالب فكري كالمستحاثة داخل صخر يعود للعصر الحجري، يحتاج الأمر إلى مطرقة وفاء سلطان وليس إلى سيف الحجّاج الثقفي!

اشتهر عالم النفس الأمريكي John Grinder بقدرته على كسر القوالب الفكرية عندما يقع المريض رهينتها.

زار مرّة مصحا نفسيّا بعد أن سمع عن وجود مريض فيه يصرّ على أنّه المسيح وعلى الناس عبادته منذ سنين، وهو رهين غرفته وفكرته.
دخل إلى غرفة المريض وسأله: من أنت؟!
فردّ المريض: أنا المسيح وعليك أن تعبدني!
فنظر اليه الطبيب الشاب وهزّ رأسه، ثم خرج من الغرفة بعد أن أوحى للمريض بأنّه عائد. استغرب المريض مغادرة الطبيب للغرفة وبدت عليه علامات الدهشة.
عاد الطبيب بعد حوالي خمس دقائق وهو يحمل في يده مترا للقياس، ثم طلب من المريض أن يرفع يديه بمستوى كتفيه. فتساءل المريض: لماذا؟
لم يردّ عليه الطبيب وراح يأخذ قياساته بالطول والعرض ويسجّلها على قصاصة ورقيّة.

غادر الطبيب الغرفة مرّة اخرى، ثم عاد بعد قليل وبيده خشبتين ومطرقة وعلبة مسامير. وضع الخشبتين على الأرض بشكل متصالب، ثم راح يثبّتهما بالمسامير. صرخ به المريض: ماذا تفعل؟ فنظر اليه الطبيب وسأله: من أنت؟ ردّ المريض: أنا المسيح! فقال الطبيب: إذا كنت المسيح فالمفروض أن تعرف ماذا افعل. عندها صرخ المريض: أرجوك يابني، أنا فلان الفلاني ولست المسيح..لست المسيح.. هل تسمعني؟!!

ألم اقل لك يا دكتور محمّد بأن قوالبكم الفكريّة تحتاج الى مطرقة ومسامير وفاء سلطان؟!!
…………………………….

يتابع طبيبنا الشيخ:
ثالثا – فيما يتعلق بالقضايا التي أثرت، وأنا أتحدث معك – كعالمة نفس!!! – هل يعقل أن الرجل الذي قضى كل شبابه، مضرب مثل في العفة والنظافة، ولم تذكر عنه كتب التاريخ أية حادثة تلوث سيرته العطرة، هل يعقل أن يتحول بعد الخمسين من عمره إلى زير نساء؟ هل يستقيم هذا من وجهة نظر الطب النفسي؟؟ أنا ومن خلال معرفتي كطبيب أعلم أن مثل هذا التطور لا يتفق مع التطور البيولوجي الطبيعي للأفراد، ومن وجهة نظر الطب النفسي هل يمكن أن نتصور أن شخصا قضى شبابه الصاخب، وعنفوان قوته الجسدية مع امرأة تكبره بخمسة عشرة عاما، ولم يفكر خلالها في التعدد الأمر الذي كان مشروعا شائعا في الجزيرة العربية في القرن السابع، وبقي يحن إليها حتى بعد سنين من وفاتها، حتى كانت أحب نسائه إليه تشعر بالغيرة منها؟ هل يستقيم من وجهة نظر الطب النفسي أن نتحدث عن رجل هذه سيرته بمثل التخرصات التي ذكرت.

ما شاء الله! ما شاء الله! يحقّ لك أن تحصل على براءة اختراع في نظرياتك النفسية والبيولوجية تلك! يبدو أنّك تعلمت سايكولوجية وبيولوجية محمّد أثناء خطبة الجمعة وليس في أروقة كليّة الطبّ!

ياحضرة الطبيب، خديجة هي التي تزوجت محمد وليس هو الذي اختارها، كانت في الأربعين وكان في الخامسة والعشرين، فهي التاجرة الكبيرة الغنية وهو الفقير الضال اليتيم. لقد اشترته بأموالها كما كانت تشتري جمالها وبضائعها، ولم يملك في بيتها ظفرا يحكّ به جلده!

زواجها منه كان زواجا كنسيّا لا يسمح بالزواج من امرأة اخرى. تمّ ذلك الزواج قبل ظهور الإسلام بخمسة عشر عاما، باركه وشهد عليه القس ورقة ابن نوفل ـ ابن عمّ خديجة ـ على الطريقة النصرانية ووفقا لتعاليمها. ماتت خديجة قبل الهجرة بثلاثة أعوام وقبل نزول الآية (!!!) التي تبيح تعدد الزوجات!

أمّا ماذا يقول علم النفس بخصوص الرجال الذين يسقطون في حضن نساء بعمر أمهاتهن؟!!

عندما يحرم الطفل من عطف أمّه في سنوات عمره المبكّر لسبب أو لآخر، يظلّ ينشد ذلك العطف الامومي، في حيّز اللاوعي عنده، حتى آخر يوم في عمره. احتمال ولع هذا النمط من الرجال بالنساء الأكبر سنا أكثر بكثير من الرجال الذين شبعوا من عطف امهاتهم في طفولتهم. في تلك الحالة، يرى الرجل في زوجته المسنّة أمّه، ويبحث لديها عمّا افتقده في أمّه.

محمد فقد أمّه وهو في السادسة، وحتى في طفولته المبكرة لم يرضع منها، بل من امرأة غريبة كانت تدعى حليمة السعديّة.

هل تعرف، يا حضرة الطبيب المتطاول على علم يجهله، بأن الرضاعة هي أقوى عامل يساهم في تقوية الرباط بين الطفل وأمّه!

افتقر محمد الذي عاش يتيما فقيرا منبوذا في بيت عمه أبي طالب حنان الأم، وربّما تطلّع إلى ذلك الحنان في زواجه من خديجة. يكفي كي أبرهن على سوء أوضاع محمّد في بيت عمّه أنه ظلّ أميّا في بيت اشتهر بعلومه ولغته.

عندما تزوج خديجة وجد لديها، لا أشكّ في ذلك، حضنا دافئا وقلبا رحيما. لم لا، وقد استمتعت بشاب في عمر أولادها؟

وبغضّ النظر عن كون ذلك الزواج كنسيّا نصرانيّا، لا اعتقد أنّ محمّد امتلك من القوة بحضورها ما يمكّنه من اقتناء زوجة اخرى، فهو لا يستطيع أن يفوز بمالها ويتخذ زوجة سواها في آن واحد!

تسألني، هل من الممكن أن يتحول رجل بعد الخمسين من عمره إلى زير نساء؟ دعني أشرح لك الأمر من خلال معلوماتي العلميّة حول هذا الموضوع.

كان محمّد يدعيّ بأنه يمرّ في الليلة الواحدة على زوجاته التسع ويفرّغ في كل بيت نفس الحمولة! طبعا، ادّعاؤه هذا خرافة كبيرة.

معروف علميّا إنّ أكثر الرجال تبجّحا بقدراتهم الجنسيّة أقلّهم قدرة على ممارسة الجنس. قد يكون هوس محمّد بالجنس محاولة لتغطية عجزه، وعدم إنجاب محمد للأولاد من زيجاته اللاحقة يرجّح هذا الإحتمال.

عندما يعاني الإنسان من مشكلة ما تسبب له ألما شديدا في حيّز وعيه، يتدخل اللاوعي عندئذ ويدفعه إلى سلوك ما يخفف عنه حدّة ذلك الألم.

أضرب مثلا: شخص ما يعاني من ألم شديد سببته له مشكلة ما، يلجأ، ودون وعيه، الى التهريج والتنكيت كمحاولة لإخفاء هذا الألم.

يعتبر Rodney Dangerfield من أشهر المسرحيين الكوميديين في تاريخ أمريكا. سمعته مرّة في مقابلة يقول: جمعت ثروة هائلة جدا من إضحاك الناس، وأنا أعطي تلك الثروة لمن يستطيع أن يضحكني!

يدعى ذلك التصرف في علم النفس Defense Mechanism أي آلية دفاع. لا أستطيع أن افسّر الهوس الجنسي عند محمد، والذي دفعه الى القول بأنّه “أوتي قوّة أربعين رجلا”، إلا كآلية دفاع لجأ إليها حيّز اللاوعي عنده بغية التخفيف من حدة القلق الذي كان يشعر به حيال عجزه.

هذا من جهة ومن جهة أخرى، وطالما تدّعي بأنّك تعلم علم الأولين والآخرين في الطب النفسي والبيولوجيا، لماذا لا تتساءل في الوقت نفسه كيف يستطيع رجل في منتصف الخمسينات من عمره أن ينام مع طفلة في التاسعة من عمرها؟ هل تطوره البيولوجي والنفسي ـ على حدّ تعبيرك ـ يتوافق مع تطورها البيولوجي والنفسي؟!!
…………………………………………
يتابع:
رابعا – وعندما تتحدثين عن العنف، أستغرب وأسأل هل السيدة تعاني من عمى ألوان، أم أنها تعاني من حول أخلاقي أو أنها تعيش بضمير مثقوب، وأنا لا أريد أن أقول أن العرب والمسلمين ليسوا عنيفين، وإن كان مثل هذا الأمر يجب أن تتحفظ عليه عالمة النفس! لأن علم النفس لا يوافق على ربط العنف بدين أو بعرق أو بجغرافيا أو بتاريخ، لكني أسأل هذه (العالمة)،أي حضارة وأي عرق وأتباع أي دين هم الذي سجلت براءة اختراع محاكم التفتيش باسمهم تاريخيا، وأي حضارة وأي عرق وأتباع أي دين هم الذي سجلت براءة اختراع إبادة الحضارات باسمهم؟؟ وأي حضارة وأي عرق وأتباع أي دين هم الذين سجلوا براءة اختراع الهولوكست وأفران الغاز عبر التاريخ، وماذ أستفادوا من رسول المحبة؟

يا سيدي الطبيب، أرجوكم اعقلوا السنتكم الداشرة قبل أن تتكلموا! أنا لا أربط العنف بالمسلمين، بل أربط الإرهاب بالإسلام!

وإذا كنت عاجزا عن التمييز بين العنف والإرهاب وبين الإسلام والمسلمين فتلك مشكلتك وليست مشكلتي!

العنف موجود في كلّ زمان ومكان، لكنّ الإسلام عقيدة إرهابية. والمسلمون بشر ككلّ البشر، لكنّهم وقعوا ضحيّة تلك العقيدة!

القاعدة الذهبيّة في علم النفس، الذي تدّعي المامك به كذبا وافتراء، تقول: Beliefs drive behaviors أي العقائد تقود السلوك!

عندما يؤمن الإنسان بأن الله اشترى منه حياته مقابل الجنة التي سيفوز بها إن َقََتل أو ُقتل، سيتحول ذلك الإنسان الى إرهابيّ لا محالة!

التاريخ ـ ياسيّدي الطبيب ـ مليء بالجرائم التي ارتكبت على أيدي أناس ينتمون إلى جميع الأديان والأعراق والبلدان، لكن عندما يتمّ القتل بناء على عقيدة ’يفترض أنّها من الله فالأمر يختلف!

هتلر كان مجرما، لكنّه لم يعتمد على أقوال المسيح لتبرير جرائمه. الذين أقاموا محاكم التفتيش في أسبانيا لم يتلقوا الدعم من مسيحيّ العالم يومها بحجة نصرة المسيحيّة، أما القنبلة النوويّة الباكستانية فقد دخلت التاريخ الإسلامي تحت اسم القنبلة الذريّة الإسلاميّة!

هل تستطيع أن تتصوّر ما الذي سيحدث لو أنّ المفاعلات النوويّة الأمريكية من صنع بشر تؤمن بالآية التي تقول: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ
ألا تعتقد معي بأنّكم ستكبسون الأزرار في الليل والنهار؟!!
……………………………

يتابع:
خامسا – من الفضائح التي تجلل بها العالمة نفسها، وتفضح من خلالها حقيقة علمها، فضيحة اعتراضها، على كلمة نكاح وكلمة حرث في القرآن، ولو أن هذه الدّعية كلفت نفسها، عناء النظر في القاموس(كما كنت أعلم أطفالي وهم صغار) لتجنبت هذا المطب، فكلمة نكاح في القرآن ليست بمعنى الجماع، كما ذكرت عالمتنا، وإنما تعني عقد القران والزواج (فانظروا هذا العلم و هذا البحث!

يصرّ الدكتور محمد العمّار على أنّ معنى النكاح الزواج وليس الجماع، ولذلك اقترح عليه تجربة بسيطة، ولا تقل متعة عن تجربة الطبيب الأمريكي بيلغرام الذي ذكرتها في مستهلّ هذا الردّ.

من المعروف بأنّ الطبيب عندما يلتقي بمريضه يسجل أولا قصته السريريّة والعائليّة، وفي سياق تلك القصة يسأله عن الحالة العائليّة. لذلك أقترح عليه أن يسأل سيدة مسلمة، ولتكن محجّبة وتبدو مثقّفة إسلاميّا، السؤال التالي: هل أنت منكوحة أم عازبة؟

هو يؤمن بأنّ لغة القرآن هي اللغة الأكثر وضوحا وبيانا ولا شكّ بأنه يشجع المسلمين على استخدامها، فلماذا لا يطرح على مريضته ذلك السؤال بدلا من أن يسألها، هل انت متزوجة أم عازبة، ولنرى معا ردّة فعلها!

أنصحه قبل ذلك بلبس خوذة عسكرية خوفا من أن تكسرنافوخه بخبطة حذائها!
…………………………

ثمّ يتساءل السيّد العمّار: وأنا أقول لمن افتخرت بأنها ربة منزل، هل ترضيها الحياة التي تعيشها المرأة الغربية على صعيد الأسرة؟؟

ماذا تعرف ياحضرة الطبيب عن حياة المرأة الغربيّة على صعيد الأسرة؟!! كم بلدا غربيّا زرت، وما طول المدة التي قضيتها فيه؟!!

أنا على ثقة، بأنك لم تتجاوز حدود الحيّ الذي ولدتك به أمّك، فكيف تحكم على اناس لم تعش معهم؟

أنت والغرب ـ ياسيّدي الطبيب ـ مختلفان في مفهومكما للأخلاق. لو تستطيع أن تتجاوز، ولو قيد شعرة، فرج المرأة في مفهومك لها لاكتشفت أنّكم تحتاجون إلى عشرة آلاف سنة ضوئيّة من التعقيم بأشعة الليزر كي تتأهلوا للدرك الأسفل في سلّم الأخلاق العالمي!

انزل إلى الشارع في أيّة مدينة في أيّ بلد إسلامي وراقب الناس. راقب أخلاقيّات السير، أخلاقيّات البيع والشراء، أخلاقيّات التعامل في الدوائر الحكوميّة، أنظمة البناء، تخطيط الشوارع ….أو لكي أخفف عنك الحمل، ادخل إلى دورة المياه في المستشفى الذي تشتغل فيه. من خلال نظافتها تستطيع أن تقيس درجة أخلاقكم!

لا أريدك أن تفهم من كلامي بأن فروجكم مصانة والفروج الغربيّة مفتوحة لمن هبّ ودب. الفرق بينكم وبينهم، فروجكم مبرقعة، والله وحده يعرف ما الذي يجري تحت ذلك البرقع. أنا وأنت لسنا من كوكبين مختلفين، بل من الحيّ نفسه ويعرف كلانا، على الأقل كطبيبين، ما الذي يجري وراء الأبواب الموصدة!

إخفاء المعاصي ـ ياسيّدي ـ لا ينفي وجودها. تعفنتم من الداخل، ونوافذكم المغلقة لا تستطيع أن تثبت طهر بيوتكم!

تعال نتخيل معا بأن طفلة في البيت المجاور لبيتك تعرضت لحادثة اغتصاب من أحد ذكور عائلتها. بأمانة طبيّة، هل تستطيع أن تحدد لي النسبة المئوية لاحتمال سماعك بتلك الجريمة؟!! هل ينفي عدم سماعك بتلك الجريمة حدوثها؟!!

الساحل الغربي في أمريكا يبعد عن ساحلها الشرقي سبع ساعات طيران. لو أنّ طفلة تعرضت لحادث اغتصاب في أقصى الغرب سيسمع الأمريكي نبأ اغتصابها خلال دقائق في بيته في أقصى الشرق.

المجتمع الأمريكي، كأيّ مجتمع بشري، له مشاكله وجرائمه. لا أنا ولا غيري يستطيع أن يدعيّ بأنه مجتمع أفلاطوني ولا يهمّني أن يكون. لكنّ المجرم هنا يدفع الثمن باهظا، والضحية يعاد تأهيلها النفسي والعقلي من قبل المختصيّن الذين يسهرون في الليل والنهار على سلامة مجتمعهم.

منذ حوالي شهرين، تمّ تشخيص 8 حالات إصابة بجرثومة الإشريشيا كولاي E. Coli. قامت الدنيا ولم تقعد، واكتشفت الجهات الصحيّة المعنيّة بالأمر أن مصدر الإصابة الأكياس المختومة والتي تحوي أوراق السبانخ المقزّم Baby Spinach المغسولة والمعقّمة. صدرت الأوامر على الفور إلى كلّ مراكز البيع والمطاعم في أمريكا لإلقاء كل ما لديهم من تلك الأكياس في براميل القمامة. تكبدت الدولة من جرّاء ذلك ملايين الدولارات، لكنّ حياة انسان واحد في عرفهم الأخلاقي أهم بكثير.

في المحافظات الشرقية في سوريا ظل تجار اللحوم، ولمدة عامين، يبيعون الناس لحموم الحمير حتى نفدت كل حمير المنطقة. منذ يومين قرأت بأن الشعب السوري يأكل لحوما فاسدة، ولا يعرف أحد مصدر الحيوانات التي أخذت منها تلك اللحوم. أليست تلك أخلاق إسلاميّة؟!

في أوائل الأربعينات كانت سورية تحت الانتداب الفرنسي، ولسبب ما اضطر والدي أن يذهب إلى المحكمة في بيروت، فسوريا ولبنان كانتا آنذاك دولة واحدة. سافر والدي، رحمه الله، مصطحبا معه أخي الصغير وكان يومها ابن خمس سنوات وطفله الوحيد.

قبل أن تبدأ المحكمة بثوان ضرب أخي كرة كانت بيده على الأرض، فنطّت الكرة وسقطت فوق رأس القاضي الفرنسي. وبكل ما أوتي والدي من قوة صفع أخي على خده صفعة رجّت لها القاعة.

عندها جنّ جنون القاضي وطرد والدي خارج القاعة بعد أن أجّل المحكمة أسبوعين، ثم أمر الحرس بجلب أخي إلى المنصة. ظل والدي حوالي ساعة منتظرا في الخارج أن يعاد إليه طفله، الذي قضى أجمل وقت في حياته يلعب بكرته مع قاضي المحكمة حتى أعاد له رشده! منذ ذلك اليوم، يُقسم والدي، بأنّه لم يلمس ولدا بسوء، وكنا ثلاثة عشر ولدا.

بالله عليك ـ يادكتور محمّد ـ لو ظلت سورية مقاطعة فرنسية هل كنتم أكلتم لحم الحمير؟!! أم إنّ حكوماتكم الوطنية أفضل حسب مفهومك الإسلامي للأخلاق؟!

جئت إلى أمريكا بعد أن تشرّبت من السموم الإسلامية مايكفي لتسميم المحيط الهادي والأطلنطي. كنت أظن بأنني سأرى النساء الأمريكيات عاريات ومنتظرات فحول العرب عند مهبط الطائرة، لأكتشف بأن العهر الذي رأيته خلال ممارستي للطبّ في بلدي لا مثيل له في أمريكا إلا في أذهانكم!

جرّب أن تدخل إلى عيادة أي طبيب مختص بالأمراض النسائية في أكثر الأحياء الشعبيّة تعصبا وانغلاقا في مدينة حلب السوريّة، وسجل بأمانة طبيّة مشاهداتك ثمّ تعرف من خلالها على أخلاقكم!

لن أخوض في تجربتي الشخصيّة كطبيبة هناك الآن لأنني سأفرد لها بحثا خاصا لاحقا، وأنا على ثقة بأنّه لن يسرّكم.

ثم ما هي القيم العائلية التي تتميّزون بها ولا ترونها في المجتمع الغربي؟ صلة القربى كما تزعمون؟ كم ابن عمّ في سوريا يهنئ ابن عمه في العيد؟ وكم أخ يظل على علاقة طيبة بأخيه بعد زواجه ووفاة والديه؟

زرت سورية منذ حوالي ثلاثة أعوام بعد غياب دام خمسة عشر عاما. كم كانت دهشتي كبيرة عندما اكتشفت أنني أعرف عن أخبار زملائي الأطباء أكثر ممّا يعرف كل منهم عن الآخر، رغم أنهم يعيشون في نفس البلدة وبعضهم يشتغل في نفس المستشفى. فلقد كنت أراسلهم بين الحين والآخر وكانوا يبدون رغبة كبيرة في مراسلتي، ربّما لأنني أعيش في أمريكا، فلأمريكا في بلادنا، ورغم كل ما تتظاهرون به من حقد، سحر خاص والكلّ يحلم أن يهاجر يوما إليها.

شريعتكم حللت الزواج من أربع نساء، وسؤالي أيّة قيمة عائلية يمثلها رجل ينام كل يوم في بيت زوجة، هذا اذا افترضنا أنه يقسّم بيدره بالتساوي بين مضاجعه الأربعة؟ ما ذنب الأطفال الذين لا يرون والدهم في البيت عندما ينام في بيت آخر؟ إذا كان الرجل المسلم قادرا على أن يقسّم نطافه وأمواله بالعدل بين بعلاته، هل هو قادر على أن يعدل بين أطفاله الذين أنجبتهم تلك البعلات عندما يضنّ عليهم بتواجده ووقته؟!!

ترون القشّة في عيون غيركم ولا ترون المسمار في عيونكم!

ما هي القيمة العائلية التي تراها كطبيب في الآية التي تقول:
“فان أرضعن لكم فأتوهن أجورهن” هل خطر ببالك، ولو مرّة واحدة، أن تقرأ تفسير تلك الآية في أيّ كتاب تفسير تختاره؟ ألا يعتريك الخجل عندما تقرأه؟ عيب عليكم أن تطعنوا بأخلاق الغرب وتحافظون على تلك القمامة في كتبكم!

يقول التفسير: على الرجل عندما يطلق زوجته ولديها طفل رضيع أن يجلب له مرضعة ويسأل الأم والمرضعة عن الأجر الذي تريده كل منهما. إذا طلبت المرأة الغريبة مبلغا أقل يعطى الطفل لها. أيّ إله في الكون يقزّم العلاقة بين أم ورضيعها إلى علاقة بيع وشراء؟ ما أقبح ذلك الإله، وما أقبح تلك القيم التي تتبجّحون بها!
……………………………………
في المقطع الأخير من ردّه، يفيض علينا الدكتور محمّد العمّار من بحر علومه الطبيّة بالمزيد:
فالقرآن لا يقبل أن تكون هذه العلاقة عابرة ولاعابثة، وإنما يفترض أنها علاقة قاصدة دائمة يترتب عليها حقوق وواجبات ومسؤوليات، وليس كما هو شائع في الحضارة الغربية المعاصرة، فالعلاقة فعلا علاقة حرث واستنبات، ولايحق للمستنبت أن يدير ظهره وأن يتخلى عن التبعات، بعد حدوث الحمل بل هناك ميثاق لهذه العلاقة، سماه القرآن (ميثاقا غليظا)، يلزم المستنبت أن يتولى رعاية نبته، حتى يستوي ويستقل وتصبح لديه القدرة على إعالة نفسه، لا أن يشترك الرجل والمرأة في العملية فيمارسان رغبة أو حاجة مشتركة، ثم يولي الرجل وجهه ولا يعود يعترف بأي تبعات للفعل المشترك الذي مارساه معا، وتقع جميع التبعات الجسدية والمادية والنفسية على طرف واحد، فأرجو أن تتمكن هذه العالمة!! بعلمها من إدراك المعنى العلمي النفسي القانوني الأخلاقي لكلمة (الحرث) وتفهم أنها لفظة مقصودة وقاصدة لها دلالتها ومعناها، ولعلها تدرك أن الحياة الزوجية ليست ممارسة حب بل هي فعلا حرث واستبات، لذة يتلوها تبعات نفسية وأخلاقية وقانونية لكل واحد من الشريكين إزاء الآخر، ولا أعتقد أن العالمة النفسية وربة المنزل المحترمة تتطلع لعلاقة عابرة عابثة بين الجنسين تنتهي في حدود ممارسة الحب!!!.

أعترف ـ ياسيّدي الطبيب ـ بأنني لم أجد لعلومكم في الاستنبات والحرث أثرا في كتب الطبّ النفسي في أمريكا. يبدو أنكم تجاوزتم في معرفتكم لتلك العلوم الأمريكيين بسنين ضوئيّة!!!

الكتب الطبيّة في أمريكا متخلّفة جدا جدا!! تلك الكتب تصرّ على أن البذرة لا تأتي من الرجل وحده، وإنما من المرأة أيضا ومناصفة، ولا تعترف تلك الكتب بأن المرأة مجرد حاضنة لبذرة الرجل كما هو الأمر في كتبكم! فعلا أنكم تجاوزتم تلك الكتب بكثير!! هنيئا لكم!!

ولكنّني استغرب، مع كل هذا الاهتمام الذي يوليه رجالكم لحرثهم وزرعهم، لماذا تخرج محاصيلكم مسوّسة؟!!

لا أعتقد أن الشيخ محمّد العمّار قادر على تفسير هذا التسوّس، فالشيوخ لا تفقه كثيرا في علم الجينات والأمراض! لذا أترك شرف الجواب للدكتور يوسف القرضاوي، فقد سمعته مرّة يشرح الحيض عند النساء وأعجبني تحليله العلمي، وربّما يجد في كتب “الطبّ النبوي” التي تخرّج منها مايشبع رغبتي في معرفة الجواب!

أخيرا يذيّل السيّد محمد العمّار رده بتوقيعه:
د. محمد العمار
دكتور في الطب

وأمام توقيعه لا يسعني إلاّ أن أبكي وأندب مستقبل أمّة يتمشيّخ طبيبها و”يتدكتر” شيخها!!!

وفاء سلطان (مفكر حر)؟

 

Posted in ربيع سوريا, فكر حر | Leave a comment