ليخزيكم الله ايها الخلفاء غير الراشدين

محمد الرديني

الزمان: امس واليوم وغدا وربما بعد غد.
المكان : بغداد التي كانت في يوم ما عاصمة العراق وحاضرة الخلافة.
إسم المدرسة:علي الأكبر تقع في منطقة الچكوك،تربية بغداد / الكرخ الثالثة.
الاسباب الموجبة: اللطم على ما هو آت.
لو لم توثق هذه المعلومات بالصورة لأعتقد البعض ان المعلومات الواردة جاءت من مجاهل افريقيا او ان كاتبها وجد اسهل طريق نحو الشهرة الاعلامية بعد ان عجز عن ايجاد وظيفة محرر من الدرجة الخامسة عشر في جريدة قد لاتوزع 20 نسخة يوميا.
المعلومة تقول:هذا صف دراسي في إحدى مناطق بغداد وليس في الشطرة أو الدواية أو قرية من قرى ميسان أو الديوانية ، الصف يحتوي على 140 طالبا و18 رحلة فقط! والمعلمة توگف بالباب والطلاب نص واگفين ونص گاعدين بالگاع!!
خبروني شنو نخليلها وتطيب.
يعني معقولة المعلمة تدرّس وتشرح وهي واكفة بباب الصف؟.
معقولة الطالبات يجلسن على الارض وهن يسمتعن الى شرح المعلمة في بلد ميزانيته لهذا العام 120 مليار دولار؟.
معقولة لم يبق ذرة ضمير لدى السيد وزير التربية وهو يرى هذه المأساة التربوية؟.
معظم العراقيين يعرفون ان المسؤولين الحكوميين قد نصبوا انفسهم خلفاء شرعيين على ظهر هذا الشعب وابرزهم السيد علي الاديب الذي قال ذات يوم بالحرف الواحد ان استلامه لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي انما جاءت بتكليف شرعي من قبل مرجع ديني له سلطة ابوية لايمكن عصيانها.. (يحتفظ كاتب السطور بأسم هذا المرجع وتاريخ تصريح السيد الاديب).
ولهذا باشر مثلا معالي هذا الوزير بافتتاح مشروعه الكبير في بناء جوامع داخل الجامعات وقد افتتح مؤخرا اول جامع في جامعة الكوفة.
اما وزير التربية فهو اقل طموحا منه فهو يسعى فقط الى هدم المدارس الآيلة للسقوط من اجل بناء مدارس حديثة (نكتة مو؟؟).
كيف يمكن بناء جامع بالتكلفة الفلانية في جامعة وهناك 140 طالبة في المرحلة الدنيا يجلسن على الارض لمواصلة التعليم؟.
ترى لماذا هذا الاستهتار الرسمي بمقدرات شعبنا؟.
هل نلقي اللوم على قمة السلطة المتمثلة في سعادة رئيس الوزراء الذي لايمكن ان يعذره احد في هذا؟.
هل هذا الاستهتار يتحمله فقط سعادة وزير التربية وحده ام يقف وراءه من يقصد تخريب هذا البلد؟.
بات القاصي والداني يعرف ان العراق بحاجة الى 6027 مدرسة حديثة ولكن هذا الرقم لايهم الان .. المهم كيف يمكن لضمائر هؤلاء البشر ان تقبل بوجود 140 طالبة يجلسن على الارض لمواصلة التعليم؟.
واذا افترضنا أي تخريج معقول يتسبب في تأخير بناء المدارس فهل هناك تخريج لعدم توفير”رحلات” في هذه المدرسة او تلك؟.
هل يعقل ان تعجز وزارة التربية بكل جبروتها الطائفي من توفير اهم مستلزمات الدراسة؟.
ثم يعقل ان تنتظم العملية التربوية داخل مدرسة ما وفي الصف الواحد فيها 140 طالبا؟.
المسألة محيرة بس اكيد وزير التربية راح يكول الله لايحير عبده.
فعلا اللي شاف الموت يرضى بالسخونة.
وتحيات كل اولياء امور هؤلاء الطلبة الى الخلفاء غير الراشدين في حاضرة بغداد.

تواصل مع محمد الرديني فيسبوك

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.