عيد الحب المصري

مارثا فرنسيس

نوفمبر4
بمناسبة الإحتفال بعيد الحب المصري ؛ أهدي كل مصري وكل مصرية أرق التهاني وأجمل الأمنيات. من مصر الدافئة رغم لهيب الأسعار ، الصامدة رغم كل محاولات التخريب ،المبارَكة دائماً
فكرة اختيار يوم 4 نوفمبر من كل عام لإحتفال المصريين بعيد الحب هي فكرة الصحفي المصري الراحل الأستاذ مصطفى أمين الذي توفي عام 1997 م ،ولكنه لايعلم ماوصل اليه حال هذا الشعب الذي نسى طعم الإحتفال ، بل ان احتفالاته اصبحت تتحول الى احزان ،واصبحت نكاته التي كان مشهور بها تحولت الى مراثي ونحيب .
وكمصرية يحزنني ان يفقد شعبي القدرة على الإبتسام، ولا أعرف هل سيشكل لهم فرقاً أن اهنئهم بعيد الحب بغض النظر عن أي فتوى ببطلان هذا النوع من الأعياد ولهذا أحب أن أهدي إلى بلدي وأهلي وشعبي تهنئة حارة بهذه المناسبة مع باقة ورد جميلة ، رغم نسمات الخريف الباردة نوعا ما ،الا ان مصر مازالت عامرة بالزهور الملونة التي يمكن تقديم باقة رائعة منها لهذه المناسبة.
وفكرت لمن أهديها ؟
هل للفقراء الكادحين الذين يعملون طوال الشهر بصورة شاقة فقط لتوفير ثمن الخبز ، والخبز فقط إلا في ايام قليلة يمكنهم شراء الفول أو الفلافل رغم أنهما لم يصبحا من الأكلات الشعبية الرخيصة ، وبالطبع يعرفون اللحوم والدواجن ، ولا يستطيعون استضافتها في بيوتهم بعد أن أصبح سعر كيلو اللحم لايقل عن 70 جنيها مصريا ،ولايكفي الكيلو منها الا وجبة واحدة لعائلة كبيرة ، وقلت لنفسي ماذا تعني لهم باقة ورد ، سينظرون بعضهم إلى بعض ويتهامسون داخل انفسهم سيكون نصف كيلو لحم أفضل لنا من الورد ، تراجعت عن الورد ولكني لن اتراجع عن أن أهديهم حبي الشديد
هل لسكان العشوائيات الذين يعيشون حياة لاتمت للإنسانية بأي صلة ، عائلة من 6 او 8 او 10 أفراد يعيشون معا في غرفة واحدة هي غرفة النوم ونفسها غرفة السفرة والصالون والمطبخ ولا أعلم أين الحمام ، حياة مهددة بسقوط صخور جبل المقطم على رؤوسهم كما حدث في الدويقة ، هل يعرفون معنى الحب ؟ هل يهمهم الإحتفال بعيد للحب ؟ كيف يحتفلون أو يفهمون معنى الحب في هذا الشكل من الحياة ، ماذا تعني لهم وردة او صحبة ورد ؟ وسط كل هذه الإحتياجات العادية لأي انسان من مكان للنوم وليس علبة سردين ، ملابس ، طعام عادي ليس فاخرا ، الحد الأدنى لمستوى معيشة الإنسان ، قد أتراجع عن الورد ولكنى لن أتراجع عن أن أهديهم حبي الشديد
هل للمرضى ،في المسشفيات الخاصة و الحكومية ممن يتعرضون للإهمال وأخطاء الأطباء ،كيف يقبلون الحب رغم انهم قد يدفعون حياتهم ثمنا لفقرهم ،حيث تحتاج بعض الحالات لإسعاف سريع أو اجراء عملية خطيرة ، ولاتقبلهم المستشفيات لعدم امتلاكهم مبلغ كاف ليوضع في خزينة المستشفى تحت الحساب، وكثير منهم لا تحتمل حالتهم الصحية انتظار المفاوضات والتوسل من الأهل لإدارة المستشفى لقبول الحالة أو النقل الى مستشفى آخر أرخص بغض النظر عن مستوى النظافة وتوفر الأجهزة الطبية الحديثة ، هل تفرحهم الورود وتدخل الى قلوبهم الأمل والرغبة في الحياة ،قد يعلو همس الحب فوق صراخ الألم ويستجيب القلب ويفرح ولو لدقائق معدودة، لن اتراجع عن الورد وايضا لن اتراجع عن ان اهديهم حبي الشديد
هل للأطفال ،اجمل وأرق المخلوقات ،وهم اكثر من يدرك الحب وأكثر من يستطيع الحب بكل بساطة وبكل براءة ،ولكن أي فئة من الأطفال ، هل ساكني مستشفى سرطان الأطفال ، أم رواد المستشفيات الحكومية والخاصة والذين أيضا يتعرضون لأنواع شتى من الإهمال سواء من والديهم بسبب الجهل والفقر ، ام الذين يتعرضون لإهمال الأطباء ام أطفال الشوارع ضحايا الزواج الفاشل والزيجات المتعددة والطلاق بكلمة ،ام للأطفال الذين تم الغاء طفولتهم لأنهم مضطرون للعمل وترك الدراسة ، ام لأطفال المدارس المحملين بأحمال التعليم وأخطاء المدرسين وأخلاق زملاء السوء .صدقا لم استطع التحديد ، هل ستؤثر وردة او باقة ورد لمثل هؤلاء ،الذين يمتلئ قلبي بحبهم ، أهدي لكل طفل وردة مهما كانت ظروفه واحواله ، لعله يقبل محبتي.
هل للنساء ، اللائي تمتلئ بهن قاعات المحاكم ، ام اللائي يعملن ويكدحن لإعالة اطفالهن ،نظراً لإنشغال أزواجهن بالنوم او الجلوس على القهوة ، أو بالزواج من أخرى ، ام الأمهات الموظفات اللائي يخرجن للعمل ويقمن يتوصيل اطفالهن الى المدارس ويعدن ظهرا للبيت لتجهيز الطعام ثم المذاكرة للأولاد ،يلي ذلك الإنتهاء من غسل الملابس وكي الزي الخاص بالمدراس ، وهكذا ، لكل هؤلاء أحب ان اهدي باقات من الورد واهدي حبي الشديد
كل انسان من هؤلاء يستحق تهنئة وفرحة وباقة ورد وتعبير عن الحب ، لكن ماهو الحب ؟
الحب هو العطاء دون انتظار مقابل الا سعادة وراحة الآخر ، الحب ان تقدم الآخر على نفسك ، الحب ان تؤثر الآخر على نفسك ، الحب عكس الأنانية ، الحب هو المشاركة في حمل اثقال الآخر . الحب ليس كلام فقط
ليتني استطيع فعليا أن أقدم ورودي لكل مصري ومصرية
أهديكم أيضاً احبائي تهنئة وباقة ورد من امرأة مصرية

محبتي للجميع

‎مارثا فرنسيس(مفكر حر)؟

Posted in الأدب والفن, فكر حر | Leave a comment

نحن وأميركا وتشومسكي

حازم صاغية

منطقة الشرق الأوسط ولاّدة لخرافات سياسيّة تؤمّن لنا اكتفاء ذاتيّاً، بل فائضاً، منها. أمّا أن نستورد، فضلاً عمّا نملك، خرافات من الخارج، فهذا كثير جدّاً.

اللغويّ والمفكّر والناشط السياسيّ الأميركيّ نعّوم تشومسكي، الذي يستولي على لبّه العداء لأميركا، قال في القاهرة، قبل أيّام، إنّ بلاده تناهض الديموقراطيّة في العالم العربيّ لأنّ الديموقراطيّة تناقض مصالحها. وعبارة كهذه، شأن كلّ عبارة من طينتها، سرت في ربوعنا كما تسري النار في الهشيم.

في سبيل مزيد من الدقّة، كان يمكن القول إنّ الولايات المتّحدة، إبّان الحرب الباردة، تآمرت حقّاً على تجارب ديموقراطيّة في إيران (مصدّق) وغواتيمالا (أربنز) في سياق صراع بين نفوذها ونفوذها الاتّحاد السوفياتيّ. وهذا الأخير كان، بدوره، معادياً للديموقراطيّة من ألفها إلى يائها. ثمّ بعد الحرب الباردة، ارتكبت الولايات المتّحدة خطأ شنيعاً في موقفها من الانتخابات في غزّة، ففشلت في امتحان من الصعب جدّاً النجاح فيه، بسبب تشابك الديموقراطيّة مع مسألة السلام الذي تتعهّده واشنطن، خصوصاً في ظلّ عدم اعتراف «حماس» بإسرائيل.

لكنّ التعميم على طريقة تشومسكي أقصر الطرق إلى التجهيل.

فأوّلاً وأساساً، هل كانت الديموقراطيّة، في الفترة الممتدّة منذ نشأة الكيانات العربيّة الحديثة حتّى 2005، مطروحة على جدول أعمال الفكر السياسيّ العربيّ؟ هل ظهر تيّار واحد قويّ وشعبيّ في العالم العربيّ يعتبر الديموقراطيّة قضيّته بحيث يمتحن ويتحدّى الموقف الغربيّ، والأميركيّ تحديداً؟ هل كانت القوى المؤثّرة في المنطقة، من الناصريّة إلى الخمينيّة مروراً بالثورة الفلسطينيّة، قوى تسعى إلى الديموقراطيّة؟ وهل كانت بُنى وتراكيب الأحزاب في العالم العربيّ، باليساريّ منها واليمينيّ، ديموقراطيّة؟ وما دام الأمر يتعلّق بالمصالح، فما هي الدول الكبرى التي تتّفق مصالحها مع قيام الديموقراطيّة في العالم العربيّ؟

في هذه الأسئلة يكمن الموضوع الأهمّ، والنتيجة المتحصّلة هنا هزيلة جدّاً. هذا حتّى لا نذكّر بأنّ بعض القوى الأكثر جماهيريّة في التجارب السياسيّة العربيّة، والأكثر عداء للغرب، إنّما وصلت إلى الحكم عبر الانقلاب السياسيّ على أنظمة شبه ديموقراطيّة.

وقد لا يكون من المبالغة القول إنّ التجربة اللبنانيّة، على قصورها، باتت، بعد الانقلابات العسكريّة العربيّة، التجربة الوحيدة القريبة من الديموقراطيّة. وليس الغرب هو الذي اغتال تلك التجربة التي كان يؤخذ عليها «عمالتها» للغرب!

الموضوع المركزيّ هذا هو ما تطرحه بطريقتها الثورات العربيّة الراهنة حين تباشر استعادة السياسة إلى دواخل البلدان، بدل أدغال الجيوبوليتيك العابر للحدود، مؤسّسةً الفرصة الذاتيّة الأولى لاحتمال ديموقراطيّ. غير ذلك يبقي الموضوع تائهاً جوّالاً، لا وظيفة له سوى إعفاء النفس من مسؤوليّاتها وإحالتها إلى أميركا. وكم هو معبّر أنّ أبطال إعفاء النفس من مسؤوليّتها باتوا، بعد تلك الفرصة الجديدة، أكثر جهراً بالعداء للديموقراطيّة «إذا كان هذا ما تعنيه»! (وكان هؤلاء بعد سقوط الاتّحاد السوفياتيّ قد بدأوا يرطنون بالديموقراطيّة رفعاً للعتب).

وفي الحالات كافّة، لا ينمّ أصحاب النزعة تلك إلاّ عن نباهة سياسيّة رفيعة حين يكون خطابهم الموجّه إلى أميركا هو التالي: «نحن نريد أن نحاربك ونضرب مصالحك ونقاتل إسرائيل. فهل أنتِ يا أميركا مع الديموقراطيّة التي لا نريد أن نبنيها؟».

أغلب الظنّ أنّ شبّاننا وصبايانا باتوا أقلّ استعداداً لسماع تلك العظات البليدة والتعميمات الساذجة حتّى لو صدرت عن نعّوم تشومسكي.

نقلا عن صحيفة “الحياة اللندنية”.

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, فكر حر | 1 Comment

العرب يصوتون لرومني

العرب يصوتون لرومني, وهوسيساعد احرار سوريا بإسقاط المجرم بشار الاسد

Posted in ربيع سوريا, كاريكاتور | Leave a comment

الدعاء برفع الضيم والبلاء وجر حرف اللاء

محمد الرديني

لم يتصور اولاد الملحة ان دعاء رجل دين ضد الحكومة سيفعل مفعوله، حيث يعتقد ان الدعاء سيجعل الحكومة ترتجف بادىء الامر ثم تتراجع عن بعض قراراتها وفي الثالثة تنصاع الى صاحب الدعاء وتنفذ مايريد.
ولم يكن يأتي في بال احد هؤلاء الاولاد ان الدعاء يمكن ان يرمم ماأفسدته الحكومة او ما سوف تفسده، رغم انهم أكدوا ان هناك اطنانا من المشاكل يعاني منها هذا الشعب الغلبان تركوها بعض رجال الدين وظلوا يعزفون على اسطوانة السافرات في الكاظمية وكأن قضيتنا اصبحت السفور ولا شيء غير السفور.
لا انكر اني اضمر تقديرا عاليا لأمام جمعة الكاظمية حازم الاعرجي فله بعض المواقف تستحق التقدير ولكن تهديده بالدعاء ضد الحكومة امر في غاية الغرابة.
فقد جدد الأعرجي تهديده للحكومة العراقية بالدعاء عليها إذا لم تصدر قرارا يقر اللاءات الأربعة في الكاظمية ( لاللتبرج ،لاللغناء ،لا للخمر، لا للقمار).
وقال الأعرجي في خطبته امس في الصحن الكاظمي “إننا طالبنا مراراً وتكراراً الحكومة العراقية والجهات المسؤولة أن تقر قراراً يقر اللاءات الأربعة في الكاظمية (لاللتبرج ،لاللغناء ،لاللخمر، لاللقمار)، حتى نحافظ على قدسية المدينة لأنها تحتضن الإمامين المعصومين الكاظم والجواد”.
مولانا الجليل رب العزة غير معني باللاءات الاربعة التي ذكرتها فهو ليس شرطيا يأتمر بامر احد وهو بالتالي اكبر من كل الادعية التي ذكرتها او ستذكرها.
هل تعتقد ان هذه الحكومة التي 99% من مسؤوليها يسرقون في وضح النهار يخافون من الله او دعائك… فانت تعرف جيدا انهم مازالوا يسرقون لقمة المواطن العراقي ويتبرعون بملايين الدولارات الى السودان واليمن ويريدون استضافة مؤتمر قادة الجيوش العربية والله وحده والراسخون في الحكومة يعلمون كم من الملايين سيتم صرفها على هذا المؤتمر الذي قال عنه احد اولاد الملحة”مؤتمر عبيط”.
ليس التبرج ولا الخمارات ولا السفور ولا القمار من ضمن مشاكل المواطن العراقي، فاذا كنت حريصا هلى هؤلاء الناس ان تذهب بنفسك وتمسك وزراء السرقات من آذانهم وترميهم خارج الوزارات وسترى ان 7 ملايين فرد تحت خط الفقر ومليون خريج جامعي عاطل و5 ملايين طفل يتيم ومثلهم من الارامل يقفون معك ويرفعوك باياديهم الى الاعلى وهم يحيون فيك هذه الروح الغيورة.
اما ان تقيم مجالس للدعاء كما قلت في خطبتك قبل هذه الخطبة تدعو فيها مع جمهور المصلين على الحكومة فهذه “ماتمشي “مع اللصوص.
وبصراحة يخاف اولاد الملحة عليك بعد ان تدعو في هذه المجالس ثم تجد ان الامر لم يتغير بل قد يزداد سوءا، حينها ماذا ستقول لمريديك وكيف تفسر لهم الامر خصوصا اذا سألك احد المشاغبين: مولانا لقد انتظرنا شهورا بعد الدعاء ولم يتحقق مانريد فماذا نفعل؟ هل ندعو مرة ثانية وثالثة ورابعة؟.
وقد سمعك اولاد الملحة تقول امس “سوف نقوم في شهر محرم الحرام بمجالس دعاء وخطب في المواكب الحسينية المنصوبة في مدينة الكاظمية وحتى من خلال قصائد الشعراء لتشكيل ضغط شعبي إسلامي على الحكومة التي تدعي الإسلام والتشيع”.
أي اسلام واي تشيع يامولانا الجليل؟ الاسلام بعيد عن هؤلاء بعد الارض عن السماء السابعة، والتشيع اتخذوه عباءة لتحويل ثرواتهم الى الخارج حيث يكونوا قد أمّنوا مستقبل اولادهم من خيرات هذا الشعب الغلبان.
وقلت ايضا “إذا لم يقوموا بإقرار هذا القرار فنحن سوف نتوجه إلى إخوتنا المسيحيين حتى يؤيدونا بإقرار هذا القرار من خلال نوابهم في مجلس النواب العراقي والمسؤولين المتنفذين لديهم، لأن السيد الشهيد الصدر خاطبهم في حياته واستجابوا له”.
لماذا تريد حشر المسيحيين “بالنص” وانت تعرف انهم لايؤمنون بلاءاتك الاربعة فلهم دينهم ولك دين؟.
سلاما عليك وعلى تيارك الصدري الى يوم يبعثون.

تواصل مع محمد الرديني فيسبوك

Posted in الأدب والفن, فكر حر | Leave a comment

العبودية في الإسلام 20

سردار أحمد

الحلقة العشرون
الفوائد التي قدمها الإسلام للعبيد ج2
بعد بعض المقارنات ما بين الإسلام وما قبل الإسلام فيما يتعلق بالعبيد من حيث تحرير وعتق الرقاب وتجفيف منابع الرق، أتابع المقارنات بالدخول في مواضيع التسري وبيع أمهات الأولاد، والزواج بالجواري في التعاليم الإسلامية وفي بعض التعاليم السابقة لها.

التسري في الإسلام:
التسري هو الاستمتاع جسدياً بالمرأة والفتاة المسلوبة في الحرب (المسبية) أو المملوكة نتيجة الشراء من السوق، القرآن أعطى الشرعية والإشارة بالموافقة على اغتصاب أعراض الناس، حيث تقول الآيات في سورة المؤمنون: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6)}
قيل في مستخرج ابي عوانة- ج8 ص377: “كنا في غزاة، فجاءنا رسول رسول الله (ص)، فقال: «إن رسول الله (ص) يقول: استمتعوا».” ]يعني تعدوا على الحرمات والأعراض واغتصبوا[
وذُكِر في الدر المنثور- باب24 ج3 ص75: “لما افتتح رسول الله (ص) حنينا أصاب المسلمون سبايا، فكان الرجل إذا أراد أن يأتي المرأة منهن قالت: إن لي زوجا. فأتوا النبي (ص) فذكروا ذلك له، فأنزل الله {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم} قال: السبايا من ذوات الأزواج. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي عن ابن عباس في قوله {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم} قال: كل ذات زوج إتيانها زنا إلا ما سبيت. وهكذا رواه مسلم وأبو داود والنسائي.” وذكر ذلك في تفسير ابن كثير- باب24 ج2 ص257.
وفي سورة التحريم: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (1) قَدْ فَرَضَ الله لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (2)}، نزلت الآية لأن محمد خلى في يوم حفصة مع جاريته ماريا القبطية، فرأتهم أم المؤمنين حفصة وقالت له: في يومي وفي فراشي، فقال النبي: هي محرمة عليَّ بعد اليوم لكن لا تخبري أحداً، لكنها أخبرت أم المؤمنين عائشة التي بدورها نشرت الخبر، لذا رب محمد في الآية أنبه على تحريمه مضاجعة الجواري، وأعتبره مكافأة دنيوية له وللمسلمين على إيمانهم وبذلهم لنفسهم وغزوهم وسبيهم لنساء الآخرين، يقول الله لنبيه تلك النساء حلال عليك فضاجعهن كما تشاء، لذا قاطع النبي الكريم مضاجعة زوجاته أمهات المؤمنين واعتكف في حضن الجارية ماريا تسعة وعشرون ليلة كفارة عن خطئه حين حرم على نفسه مضاجعتها.
للمزيد من الحجج السخيفة لتبرير الأخطاء نقرأ في كتاب شبهات المشككين، ص148: “الغرض من التسرى ليس مجرد إشباع غرائز الرجل، وإنما أيضا الارتفاع بالأمة إلى ما يقرب كثيرا من مرتبة الزوجة الحرة”، ويقول رجالات الدين الإسلامي أن المرأة كملك يمين أفضل لها كي لا يعتدي عليها أحد ]فقط المجاهد المسلم يعتدي عليها[، هل يا ترى لو غزا رجال من دين آخر المسلمين وتعاملوا معهم بالمثل سوف يعتبر المسلمون آنذاك أنه رفع من قيمة زوجاتهم وأخواتهم وبناتهم اللواتي سيتحولن حينها إلى سبايا يُتَسَرى بهن؟! أم أن السبي والاغتصاب (في سبيل الله) حلال عليهم حرام على غيرهم، وبالرغم من أن الكتاب اسمه شبهات المشككين لكنه يعترف ويقول (ليس مجرد إشباع غرائز الرجل، وإنما أيضا…)، لكني واثق من أن المسلمين بالوراثة لم ولن يلاحظوا تلك السخافة الموجودة بين القوسين في هذا العصر، وإن لاحظوه سيبررونه بأية طريقةٍ كانت، بل وسيعتبرونه كتاب رائع يرد على الكفار والمنافقين والصليبيين والعلمانيين و(الملاحدة).
وها هو د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى، في شبهة استرقاق السبايا بالجهاد، يدافع عن منطقه الأعوج بطريقة لا يمكن للغير تقبلها فيقول: : ” الذي أباح الزواج بالحرائر ونظمه، أباح نكاح ما ملكت اليمين ونظمه، فما الإشكال في ذلك؟! وكلاهما حكم لله الذي لا معقب لحكمه، ولا أحسن من هدايته، ولا سعادة للبشر بغير التزام أمره عز وجل”.
إذا أردنا تسمية التسري والتمتع بالمسبيات حسب الشريعة الإسلامية، فيمكننا القول إنه: الاغتصاب في سبيل الله، الجهاد في النحور والأثداء، الدعارة الحلال،…الخ، والجنود الذين يقومون بتلك الأعمال ويجاهدون بتلك الطريقة ما هم إلا مرتزقة وقطاع طرق ولصوص.

التسري قبل الإسلام:
في الموسوية: الإدعاء لديهم هو أن التسري لم يكن نظاماً مشروعاً، وكانت ممارسته خروجاً عن القانون. وما لاحظته تداخل المصطلحات بحيث لا يمكن تمييز التسري عن الزواج، وذلك بسبب منح بعض الحقوق للإماء.
جاء في التوراة- سفر الخروج باب معاملة العبيد: “وإن باع رجل ابنته جارية فلا تخرج من الخدمة خروج العبيد، وإن كرهها سيدها الذي خطبها لنفسه فليقبل ببيعها ممن اشتراها لا من غريب لأنه غدر بها، وإن أعطاها خطيبة لأبنه فليعاملها كابنة”.
بالرغم من أن هناك نص توراتي في سفر التثنية الإصحاح19 (مشابه للأنفال وآيات أخرى) يقول: {وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالأَطْفَالُ وَالْبَهَائِمُ، وَكُلُّ مَا فِي الْمَدِينَةِ مِنْ أَسْلاَبٍ، فَاغْنَمُوهَا لأَنْفُسِكُمْ، وَتَمَتَّعُوا بِغَنَائِمِ أَعْدَائِكُمُ الَّتِي وَهَبَهَا الرَّبُّ إِلَهُكُمْ لَكُمْ}. وبالرغم أن التوراة فيها عنصرية لصالح اليهود والعبرانيين، ولو اعتبرنا أن اليهودية فيها تسري، وبحثنا في الإيجابيات نجد أنه ليس هناك تمييز كبير بين التسري والزواج لديهم، ففي الشريعة الموسوية هناك ما يسمونه بالجهاد في سبيل الرب وفي الجهاد إن المجاهد إذا أعجب بامرأة من السبي فيتزوجها حتى لا يقع في الخطيئة والدنس والزنى معها دون زواج.
وذلك الزواج لا يكون فورياً، حيث يتركها شهراً تبكي أهلها، ومن بعد ذلك يأخذها لنفسه زوجة، وإن لم تعجبه وقبحت في نفسه لا يمكنه بيعها بعد أن عاشرها جنسياً، وإن لم يسر بها لا يجوز أن يعاملها كقطعة أثاث أو أسيرة أو عبدة ، ولا يعطيها لغيره، بل يطلقها حرة ولها حق العودة إلى بلدها، وفي اليهودية يجب عليه معاشرتها ولو تزوج بأخرى أو اتخذ لنفسه جارية أخرى وعليه كسوتها وإطعامها، بمعنى انه في اليهودية يقسم للجواري.
الإسلام ألغى كل ذلك، والجهاد الإسلامي سمح للمسلمين بركوب السبايا في ساحة المعركة كمكافأة فورية لهم على جهادهم دونما أي انتظار، وأيضاً سمح لهم بالمتاجرة بهن بيع وشراء كيفما شاءوا، وفي الإسلام لا يقسم للجواري بل على العكس حيث تقول الآية {…فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} فالجواري في القرآن بخلاف الزوجات الحرائر مخصصات كبدائل لعدم تطبيق العدل كونهن دونيات ودنيئات، ولا قسمة لهن بخلاف ما كان في اليهودية.
المسيحية: التي سبقت الإسلام بمئات السنين لم تجز التسري والتمتع بالسبايا ومنعت كل ذلك، وحتى في الممارسات الخاطئة التي حصلت عبر التاريخ المسيحي من تجارة للرقيق حُرِمَ ومُنِعَ تجار الرقيق من التمتع بالإماء، وأعتُبِر ذلك زنى.
وفي قصة الحضارة ص6081 نقرأ أن: “العبد ليس ملكاً لسيده إلا بجسمه لا بروحه، وليس العبد مرغماً على قبول الاتصال الجنسي بالسيد، ويجب أن تتبع قواعد الأخلاق المسيحية بأجمعها في معاملة العبد.” في المسيحية لا يوجد نص صريح يحرم العبودية لكن هناك النص الأنجيلي الذي يقول “ليس يهودي ولا يوناني وليس عبد ولا حر. ليس ذكر وأنثى لأنكم جميعا واحد في المسيح يسوع.” (غلاطية 3: 27)، وكذلك المثل الأعلى المسيح وأتباعه الأولين (الحواريون) ما امتلكوا ولا باعوا ولا اشتروا العبيد والجواري كما فعل محمد وأصحابه الأولون.
في الجاهلية: كان عيباً وطئ السبايا المتزوجات، وكان العرب في ذلك العصر يخجلون من مضاجعة السبية إن كانت ذات زوج، عسى أن يأتي زوجها أو أبنها فيفديها قبل أن تنتهك حرمتها، لكن مع نزول (الوحي) لمحمد زالت هذه الخصلة (الجاهلية) واستبدلها محمد بخصلة إسلامية وهي استباحة اغتصاب المتزوجات حين قالت الآية {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} وبكلمة الله تلك استحللت فروج وأعراض المتزوجات، ومن تعاطى ما أحله الله له فلا لوم عليه ولا حرج، حيث كان قبل ذلك يعتبر عيباً وحرجاً.
أما الجاحظ فيقول في كتابه الرسائل عن أهل قريش في الجاهلية: ” قريش من بين جميع العرب دانوا بالتحمس وتشددوا في الدين فتركوا الغزو كراهة للسبي واستحلال الأموال واستحسان الغصب فلما تركوا الغزو لم تبق مكسبة سوى التجارة فضربوا في البلاد إلى قيصر بالروم وإلى النجاشي بالحبشة وإلى المقوقس بمصر وصاروا بأجمعهم تجاراً”، وكتب نحوه في كتاب المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام د. جواد العلي- ج2، ص391 عن قريش في الجاهلية بأنهم: كانوا متشددين في دينهم حمساً، “فتركوا الغزو كراهة السبي واستحلال الأموال”.
لكن للأسف بدلاً من التقدم والتطور إلى الأمام، في بعض الأمور تم التراجع للخلف، واستبدلت بعض العادات المقبولة في الجاهلية بتشريعات إسلامية قبيحة.

بيع أمهات الأولاد:
المسلمون يبيعون أمهات أولادهم: أم الولد هي الجارية التي ولدت لسيدها بعد أن أستمتع بها هذا الأخير، والنبي محمد لم يشرع لعتق أمهات الأولاد، وكان المسلمون في أيامه يبيعون أمهات الأولاد ولم يكن يمنعهم، “كنا نبيع أمهات الأولاد والنبى (ص) حي لا نرى بذلك بأساً” أخرجه أحمد والنسائى وابن ماجه والبيهقى وابن حبان وأبو داود وابن أبى شيبة. والكلام السابق كان يعم جميع الصحابة. هل يا ترى كان المسلمون أيام نبيهم العظيم يبيعون أمهات أولادهم مع أولادهم أم بدون أولادهم؟؟!!
في سنن أبي داود- في عتق أمهات الأولاد- ج10 ص461: ” بعنا أمهات الأولاد على عهد النبى (ص) وأبى بكر، فلما كان عمر نهانا فانتهينا”، وقال الشافعي إنه تقليد لعمر بن الخطاب.
” عن عبد الله بن عمر، أن عمر بن الخطاب، قال: «أيما وليدة ولدت من سيدها فإنه لا يبيعها، ولا يهبها ولا يورثها، وهو يستمتع بها، فإذا مات فهي حرة» ورواه أيضا عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن عمر، وغلط فيه بعض الرواة، فرووه مرفوعا إلى النبي (ص) وهو وهم فاحش.” (السنن الصغير للبيهقي- ج9 ص225)
ولو نظرنا في الأحكام نجد أن أم الولد في الإسلام لا ترث ولا تورث ولا تجوز شهادتها وجنايتها والجناية عليها جناية مملوك وكذلك حدودها ولا حج عليها.
بالرغم مما سبق هناك من يدعي بأن الإسلام كرم أم الولد، المكرمة الوحيدة التي منحها الإسلام وساوى وشابه فيها بين السراري والجواري وأمهات الأولاد والزوجات الحرائر هي مضاجعتهن (معاشرتهن معاشرة الأزواج)، وكان ذلك حسب ما تتطلبه غريزة المسلم دون حساب لعدل أو لقسمة.
في قوانين حمورابي: المادة119: لو استحق دفع سند فاضطرّ المدين أن يبيع أمته التي حملت منه، يحق استرداد أمته في أي وقت إن استطاع أن يفي دينه، والمادة146: إذا تزوج الرجل بامرأة وأعطت تلك المرأة لزوجها جارية فأنجبت تلك الجارية أولاداً، فلا يجوز لسيدتها بعد ذلك أن تبيعها أو تقيدها بالسلاسل ولا أن تعدها من الإماء، وكان للجارية التي تنجب أطفالاً حقوقاً خاصة تحميها.
في اليهودية: لا توجد أدلة ولا تشريعات على تملكهم لأمهات الأولاد بالمعنى الإسلامي، لكن في سفر التثنية، الإصحاح21: {وإن أراد من بعد أن لا يحتفظ بها، فعليه أن يطلقها حرة، ولا يبيعها بمال ولا يستعبدها، لأنه أجبرها على مضاجعته}، ويطلقها بكامل حريتها، ولها حق العودة إلى بلدها.
في المسيحية: لا يوجد أثر لما يسمى بأمهات الأولاد شرعياً، ولم تجز تعدد الزوجات ولا التسري، وكان اقتناء الجواري فقط لغرض الخدمة المنزلية، ومحرم فيما عدا ذلك، لذا لم يكن هناك تفكيك اسر وقطع أرحام وبيع أمهات أولاد من الناحية التشريعية كما هو في الإسلام.

الزواج بالجواري:
في الإسلام: الزواج من الجواري محرم ونكاحهن باطل ما لم يتوفر شرطان في من يريد الزواج بهن، وهما الفقر والخوف من مواقعة المآثم، وينصح الله عباده فيقول لهم وإن تصبروا أفضل لكم من الزواج بالجواري، حيث تقول الآية: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمْ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنْ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ *النساء 25} مدنية
ذُكِرَ في المغني- ج15 ص160: ” {ولا لحر مسلم أن يتزوج أمة مسلمة، إلا أن لا يجد طولا بحرة مسلمة، ويخاف العنت} الكلام في هذه المسألة في شيئين، أحدهما، أنه يحل له نكاح الأمة المسلمة إذا وجد فيه الشرطان، عدم الطول، وخوف العنت. وهذا قول عامة العلماء، لا نعلم بينهم اختلافا فيه.”
وحسب الآية السابقة الجارية حتى لو تزوجت لا تكون بمستوى الحرة ولا بأي شكل، {فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ} فما بالك بالسراري والجواري المحللات دون زواج؟!،
وفي تفسير الألوسي- ج4 ص24 قيل: ” عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه قال: «إذا نكح العبد الحرة فقد أعتق نصفه وإذا نكح الحر الأمة فقد أرقه نصفه» وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: «ما تزحف ناكح الأمة عن الزنا إلا قليلاً» وعن أبي هريرة وابن جبير مثله. وأخرج ابن أبي شيبة عن عامر قال: «نكاح الأمة كالميتة والدم ولحم الخنزير لا يحل إلا للمضطر».”
وأيضاً في الشريعة المحمدية لو نكح الابن مكاتبة أبيه ثم مات الأب والابن وارث انفسخ النكاح لأنه ملك زوجته، وكذا لو مات السيد وبنته تحت مكاتبه فورثت زوجها، ولو اشترى المكاتب زوجته أو اشترت المكاتبة زوجها انفسخ النكاح، أي إذا ملك الزوج زوجته أو الزوجة ملكت زوجها كعبد ]عن طريق الوراثة مثلاُ[ بطل النكاح، لأن ما بينهما من الزوجية يرتفع بالملك، ويصبح أحدهما عبد والآخر سيداً.!! فالزوج لو ملك زوجته بطل النكاح ويضاجعها بموجب ملك اليمين كسرية يتسرى بها، وليس بموجب عقد الزوجية. والقاعدة لو ملك أحد الزوجين صاحبه لم يعتق عليه، فهل تتناسب هذه القاعدة مع كذبة المساواة وتجفيف منابع الرق والتشجيع على الزواج بالجواري؟!
في تفسير ابن كثير- ج2 ب24 ص257:” عن ابن عباس قال: طلاق الأمة ست بيعها طلاقها، وعتقها طلاقها، وهبتها طلاقها، وبراءتها طلاقها، وطلاق زوجها طلاقها.” حيث يفسخ نكاحها دون أذنها أو أذن زوجها والمشتري أحق ببضعها، وملك اليمين يلغي عقد الزواج. وقد تم الوقوف على موضوع الزواج بالجواري في الإسلام مفصلاً في الحلقات 9-10-11.
بالرغم من كل ما سبق لا زال هناك متلاعبون ومنافقون يدّعون بأن الإسلام شجع الزواج من الجواري، وأن الجارية لها من الحقوق ما للزوجات، وتعامل معاملة الزوجات.
في الموسوية: سفر التثنية، الإصحاح21، الزواج من النساء السبايا: {إذا خرجتم لمحاربة أعدائكم، فأسلمهم الرب إلهكم إلى أيديكم فسبيتم منهم سبياً (11) ورأى أحدكم في السبي امرأة جميلة المنظر فتعلق بها قلبه وتزوجها (12) فحين يدخلها بيته يحلق رأسها ويقلم أظفارها (13) وينزع ثياب سبيها عنها، وتقيم في بيته تبكي أباها وأمها شهراً، وبعد ذلك يدخل عليها ويكون لها زوجاً، وتكون له زوجة (14) وإن أراد من بعد أن لا يحتفظ بها، فعليه أن يطلقها حرة، ولا يبيعها بمال ولا يستعبدها، لأنه أجبرها على مضاجعته.}
إذا أعجب بامرأة جميلة من السبي يتخذها زوجة، يحلق شعرها (قيل كإشارة للانتقال من دين الوثنية للدين الجديد) ويلبسها ثياب جديدة، ويدعها تبكي أهلها شهراً، وبعد ذلك يدخل عليها، وإن لم تعجبه أو كرهها بعد ذلك لا يمكنه بيعها أو المتاجرة بها، ولا يسترقها، بل يتركها حرة.
قرأت لأحد الماكرين والمنافقين أن تلك الطريقة معيبة في الزواج والإسلام لا يشرع ذلك والنكاح باطل لأنه لا يأخذ رأي أهلها ليتزوج بها، وبالمقارنة نجد أنه في الدين المحمدي لا يتزوجها ولكن يتسرى بها، وكذا هو ليس مضطراً أن ينتظرها شهراً تبكي أهلها، بل يمكنه مضاجعتها في ساحة المعركة والجهاد، والنبي محمد لم ينتظر صفية لتبكي أهلها حين قتل أباها وأخاها وزوجها وكل أهلها ونام معها في اليوم ذاته.
في المسيحية: لا يباح التسري بالإماء، لكن يعتقن ويتزوج بهن.
عند البابليين: وفي قوانين حمورابي (1792 ق.م إلى 1750 ق.م) كان يجوز للرقيق الزواج من طبقتهم أو من طبقة الأحرار، وسُمِحَ لهم بتملك الأموال وممارسة التجارة، وكان يحق للمرأة الحرة أن تتزوج من عبد قروي أو عبد من عبيد القصور، وكان يعتبر أولادها في تلك الحالة أحراراً.

يـــتـــبـــع

سردار أحمد

Posted in فكر حر | Leave a comment

صراع حضارات.. ؟!! 3

وفاء سلطان

من المعني أكثر من غيره بفهم طبيعة الصراع بين الغرب الذي يمثل كلّ ديانات الأرض وبين الإسلام الذي يمثل نفسه؟!!
يصعب على معظم الغربيين، كما يصعب على معظم المسلمين، أن يفهموا أوجه الصراع!
يخطئ من يظن، في كلا الجانبين، بأن مايحدث هو صراع حضارات!
الصراع دائما يعني اصطدام نقيضين.
الحضارة لا يمكن أن تصارع حضارة. الخير لا يصارع خيرا ولا الشرّ يصارع شرا.
وحدها البداوة تصارع الحضارة والبدائيّة تصارع المدنيّة والخير يصارع الشرّ. وحده النقيض يصارع نقيضه!
مانراه هو صراع أفكار، صراع عادات وتقاليد وأعراف. أحد الجانبين فيها يمثّل مفهوما والآخر يمثّل نقيضه.
الحضارات تتنافس لكنّها لا تتصارع! وعندما يبلغ تنافسها حد الصراع تفقد ميّزاتها الحضاريّة.
التنافس بين الحضارة الفرنسية والحضارة الأمريكيّة واضح وضوح الشمس.
في اليوم الذي أعقب مجزرة أيلول الإرهابيّة كتبت جريدة الليموند الفرنسيّة على صفحتها الأولى: كلّنا أمريكيّون!
بينما نزل المسلمون إلى الشوارع يرقصون ويغنّون!
الحضارة الفرنسيّة لا يمكن أن تتصارع مع الحضارة الأمريكيّة، لكنّهما قد يتنافسان.
طالب مجتهد يتنافس مع آخر مجتهد، لكنّ الصراع يميّز العلاقة بين طالبين متناقضين في درجة اجتهادهما.
التنافس بين قطبين يعكس دائما أوجه التشابه بينهما أكثر مما يعكس أوجه الخلاف.
*********************
ما نراه من صراع اليوم على الساحة الدولية ليس صراعا بين الحضارات وليس صراعا بين الأديان، إنّه صراع بين نقيضين.. صراع بين زمنين.. بين عقليتين، عقليّة تنتمي إلى القرون الوسطى واخرى تنتمي الى القرن الواحد والعشرين.
إنّه صراع بين القمع والحرية..
بين الديكتاتورية والديمقراطية..
بين الهمجيّة والعقلانيّة..
بين إحترام حقوق الانسان وبين إغتصاب تلك الحقوق..
بين من يصنف المرأة مع الكلب والحمار وبين من يعتبرها مقياسا لحضارته ورقيّه..
********************
من الأقدر من الناس على فهم طبيعة ذلك الصراع؟!!
الإنسان الذي يستطيع أن يفهم طبيعة ذلك الصراع أكثر من غيره هو الانسان الذي يعيش في العالمين.. هو الإنسان الذي يجرّب النقيضين.
بضعة ساعات من الطيران كفيلة أن تنقلك من أقصى هذا الصراع إلى أدناه فتتعرف على طبيعته وأسبابه.
تلك الامور لا يعرفها الإنسان الغربي ولا الإنسان المسلم الذي لم يبرح يوما حدود عالمه!
ولذلك أستطيع أن افترض، ولو من باب الجدل، أن المسلمين المهاجرين أكثرمن غيرهم قدرة على فهم طبيعة هذا الصراع، لأنهم عاشوا في العالمين وتسنى لهم أن يروا مالم يستطع أن يراه غربي لايعرف عن الإسلام شيئا أو مسلم لا يعرف عن الغرب شيئا!
ولكن المشكلة في طبيعة العقيدة الاسلامية التي تحدد ساحة الرؤية عند معتنقها فلا يرى إلا ما تسمح به حدود تلك الساحة!
يعيش المسلم معظم سنوات عمره في الغرب ولا تصدق عندما تقابله إلاّ أنه غادر الربع الخالي لتوه!
يركب أحدث السيارات الأمريكية وكأنه يركب جمله!
يأكل غازيا.. يحاور غازيا.. يمشي غازيا.. يكتب غازيا.. يعيش حياته برمتها غازيا!
مايكسبه من هذا العالم غنيمة وما يقدمه منّة!
********************
في المدينة التي أعيش بها توزع بلديّة المدينة على كل بيت ثلاثة براميل للقمامة. برميل للأوساخ التي لا فائدة منها وبرميل آخر لمخلفات الحديقة كالأعشاب والأزهار والبقايا الناجمة عن تقليم الاشجار، والبرميل الثالث للمعلبات والأوراق القابلة لإعادة التصنيع.
طبعا الغاية من هذا التصنيف هو حماية البيئة من التلوث، وللإستفادة من الأشياء القابلة لإعادة التصنيع.
كنت مدعوة على طعام الغداء في بيت صديقة مسلمة. في آخر الحفل قمنا بتنظيف المائدة وقامت هي بإلقاء كل شيء في برميل الأوساخ.
سألت سعاد مستفسرة عن سرّ تصرفها فردت: لعنهم الله! أتريدينني أن أساهم في تنظيف بيئتهم وهم يساهمون في تلويث بيئتنا؟!!
ألم تسمعي بارتفاع عدد الاصابات بالسرطان في الاردن بسبب حرب الخليج؟!! ألم تسمعي كيف تقوم اسرائيل بتلويث مياهنا بالمواد المشعّة؟!! ألم تسمعي بالمومسات اللواتي يرسلهن اليهود الى مصر كي يساهمن في نشر الايدز.. ألم .. ألم…؟!!
ـ نعم.. نعم سمعت بكلّ هذا، ولكنني لم أسمع بأن حيوانا يأكل من عليقة ثمّ يرفس فيها وهو يعلم بأن أولاده وأحفاده وأحفاد أحفاده ستأكل من تلك العليقة!!
عندما زرت سوريّا العام الماضي برفقة زميلتي الدكتورة لاسلي، كانت لاسلي تضع النفايات من ورق وبقايا طعام في محفظتها حتى تعود الى البيت وتعثر على برميل للقمامة، علما بأنّ معظم الشوارع في الأحياء التي زرناها لم تكن تختلف عن أيّ برميل للقمامة!
هل سعاد تمثل حضارة ولاسيلي تمثل حضارة أخرى؟!!
التناقض بين تصرف سعاد ولاسيلي يعكس صراعا بين البداوة والحضارة، وليس بين حضارة وحضارة!
*******************
قد يحتج عليّ أحدهم، كما جرت العادة، بقوله: ولكن سعاد لا تمثل الإسلام وعليك أن تميّزي بين الإسلام والمسلمين!
لهؤلاء أقول:
سعاد هي الإسلام، والإسلام هو سعاد!
في حجة الوداع قال النبي محمد: اليوم أتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا!
ما فعلته سعاد هو مظهرمن مظاهر تلك النعمة، ونتيجة حتمية لتعاليم ذلك الدين!
تقرأ سعاد حديثا نبويا:
“من لم يغزو في حياته ولم يتحدث عن غزو فقد مات وهو في شعبة النفاق”
لماذا يغزو الانسان؟ ولماذا كان محمد يغزو؟!!
ماهي الغاية المرجوة من الغزو؟!!
لا أعتقد بأنّ أحدا على سطح الأرض يستطيع أن يختلف معي على أن الغاية من أيّة علمية غزو هي إمّا كسب منفعة وإما الحاق ضرر، وعلى الأغلب الإثنين معا!
في القرن الواحد والعشرين، وفي أمريكا بالذات، لا تستطيع سعاد أن تغزو ولا أن تتحدث عن غزو!
لا يجد الغزو له مكانا في حيّز وعيها، فيتلاشى مع الزمن ويغيب من ساحة تفكيرها!
ولكن الغاية المرجوة منه تبقى في حيّز اللاوعي عندها وتلح على سعاد بعناد كي تسعى نحوها.
تسعى سعاد، مدفوعة من قبل الرغبات المطمورة في حيز اللاوعي عندها، دائما لكسب منفعتها وإلحاق الضرر بغيرها.
الرفاهية التي حققها لها هذا العالم الذي تعيش فيه هي المنفعة التي سعت لإغتنامها، والتلوث الذي تساهم به هو الضرر الذي ألحقته بعدوها.
*******************
الإنسان الذي يتبنى ثقافة الغزو انسان يخرج الى الحياة مشوها. يعيش عمره راكضا وراء غنيمة أو ساعيا الى الحاق ضرر.
العقلية الغزاوية عقلية مريضة، تغنم بلا قانون وتضرّ بلا شفقة!
لقد سقط الإنسان المسلم ضحيّة لتلك العقلية، وليست سعاد إلاّ برهانا على تلك الحقيقة.
الوضع المأساوي الذي آلت اليه المجتمعات الاسلاميّة هو نتيجة حتميّة لفلسفة الغزو والغنائم.
صديق مصري مسلم خبير بالشؤون المصريّة أكد لي مؤخرا بأن ودائع حسني مبارك وأولاده في البنوك الغربيّة تزيد عن 120 بليون دولارا.
لست خبيرة بعلم البنوك ولا أتابع البورصة ولا يهمني كثيرا مصداقيّة هذا الرقم، ولكنني على ثقة بأن أحاديث النبي محمّد عن الغزو والغنائم هي التي شوهت حسني مبارك وليس هو الذي أساء فهمها، وهي التي شوّهت سعاد وليست هي التي أساءت فهمها!
تريدون حكاما يأمرون بالعدل وينهون عن المنكر؟!!
علّموا الناس أن يأكلوا رغيفهم بعرق جبينهم لا أن يغنموه من عدوّهم، علموهم بأنّ الغزو جريمة وبأن الحاق الضرر خسّة!
استبدلوا ثقافة الغزو والغنائم بثقافة العمل المثمر والكسب المشروع.
سعاد ومبارك ضحيّتان من ضحايا فلسفة الغزو والغنائم. عندما تسعى سعاد لتلويث البيئة عمدا وعن سابق قصد، وعندما يسعى مبارك لإستنزاف ثروات بلده وتجويع مواطنيه عمدا وعن سابق قصد، إنّما يسعى كلاهما، وبأمر من النوايا المطمورة في حيّز اللاوعي عندهما، الى كسب غنيمة والحاق ضرر!
********************
الكلمة هي الأصل. هي التاريخ والحاضر والمستقبل!
نحن نتاج الكلمة التي حملتها الرسالة المحمّدية!
يصعب على أحد فينا أن يتصور مدى الأثر الذي تتركه الكلمة سواء كان ذلك سلبيّا ام إيجابيّا!
الفوضى التي يعيشها الناس في أيّ مجتمع اسلامي، هي ثمرة من ثمار الفلسفة الإسلاميّة.
انظروا الى أي رجل مسلم يتبوأ منصبا، ابتداء من رئيس الدولة وانتهاء برئيس مخفر شرطة، ودعونا نقيّم أول عمل يقوم به بعد تبوأه لذلك المنصب!
“الأقربون أولى بالمعروف”!
يسعى بيديه ورجليه للبحث عن أقربائه. لا يترك “صايع” في عشيرته ولا “ثرثري” في قبلته ولا “حرامي” في عائلته إلاّ ويغمره بما ملكت يمينه!
ينهب “المنصب” متعاونا مع جاره الثامن قبل التاسع ومع التاسع قبل العاشر!
درجة القرابة تحدد حجم الغنيمة ومقدار الضرر.
لا قيمة عنده للكفاءات، ولا أهميّة للملكات والمهارات!
يتحول المنصب برمّته إلى فريسة يجتمع عليها وحوش عائلته وعشيرته وقبيلته بالتدريج، ابتداء بالأقرب وانتهاء بالأقل قرابة!
“الأقربون أولى بالمعروف” فلسفة لا تخلّف سوى الظلم والقهر والفقر. تقضي على التواصل الانساني وتعزز العصبية القبلية وتعمي الفرد فلا يرى في غيره قيمة انسانية إلاّ من خلال درجة قرابته له.
أليس في العراق رجل كفؤ للقيادة سوى عدّي وقصيّ صدام حسين؟!!
أليس في سوريّا رجل كفؤ ليستلم القيادة سوى بشّار حافظ الأسد؟!!
أليس في مصر رجل كفؤ ليتصرف بخزينة الشعب المصري سوى جمال حسني مبارك؟!!
اسألوا نبيّ الاسلام وسيأتيكم الجواب: الأقربون أولى بالمعروف!!
***************
تعالوا نفترض جدلا بأن نبيّ الاسلام قد أصرّ في تعاليمه على أن “المحتاجون أولى بالمعروف” أو على أنّ “الأكثر فيكم مهارة وكفاءة هم الأولى بالمعروف”، هل كنّا سننحدر الى هذا الوضع المزري؟!!
طبعا لا!
لو كان صدّام حسين قادرا على أن يتجاوز مفهوم هذا “الحديث النبوي” لرأى في الكثير من شباب العراق من هو أكفئ من هذين “الجلاّدين”!!
لو كان حافظ الأسد قادرا على أن يتجاوز مفهوم هذا “الحديث النبوي” لرأى في الكثير من شباب سوريّا من هو أكفئ من هذا “المراهق الأهبل”.
لو كان حسني مبارك قادرا على ان يتجاوز مفهوم هذا “الحديث النبوي” لرأى في الكثير من شباب مصر من هو أكفئ من هذا “المعتوه”!
لا يستطيع الرجل في أغلب الأحيان أن يتجاوز حدود تربيته وثقافته.
لكي تعيدوا الى كل ذي حقّ حقه، غيّروا فلسفة القرابة واجعلوا صلة العقل والإنسانية أقوى من صلة الدم.
انشروا بين أجيالكم القادمة ثقافة تعتمد على مبدأ: أهل الكفاءات والمهارات أولى بالمعروف من ذوي القربي.
اعيدوا صياغة المثل الذي يقول: أنا وأخي على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب، بمثل آخر: ابن عمي المتعلم خير من أخي الجاهل، ورجل غريب أكثر علما خير من أخي وابن عمي!
ابنوا العلاقات الانسانيّة على أساس العلم والخير لا على أساس الدم وصلة القربى!
عندما تفعلون ذلك سيغيّر التاريخ مجراه وسيكون لكم حضارة قادرة على أن تنافس حضارات اليوم، لا على أن تتصارع معها!
أنتم تتصارعون مع العالم لأن هذا العالم، ومن خلال منظاركم الضيق، لا يندرج تحت مظلة “الأقرباء”. وتبجلون جهلاءكم لأنهم اخوانكم وأولاد عمومتكم!
انشتاين عدوّكم لأنه يهودي، بينما صدّام حسين من دمكم ومن نفس الرحم التي أنجبتكم، ولذلك ظلّ انشتاين بعيدا عنكم وظلّ صدّام يدوس على رقابكم!
للحديث صلة.
******************

وفاء سلطان (مفكر حر)؟

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر | Leave a comment

صراع حضارات..؟! 2

وفاء سلطان

هل هناك فرق بين التشجيع والتحريض؟!!
هل هناك فرق بين الحوار والقتال؟!!
الإنسان ناتج تربوي. فهل يختلف الإنسان الذي ينتج عن تربية حرضته على القتال عن الإنسان الذي ينتج عن تربية شجعته على الحوار؟!!
من فيهما الأكثر عرضة للفقر والمرض والظلم؟!! من فيهما الأكثر قدرة على النجاح والإنتاج والإبداع والعطاء؟!!
قد تتلاقى الكلمتان، تحريض وتشجيع، مع بعضها البعض من خلال تعريف القاموس اللغوي لهما، لكنّهما تتباعدان في ميدان الاستعمال والتطبيق، وبالتالي تختلفان في وقعهما على النفس البشريّة.
ما الفرق بين أن تقول: شجّع ابنك على الدراسة، وبين أن تقول: حرّض ابنك على الدراسة؟!!
لا شكّ بأنّك ستلاحظ أنّ العبارة الاولى تؤدي الغرض المطلوب بطريقة أفضل، علما بأن حرّض وشجّع قد يعطيان نفس المعنى أي “حث”!
ما الفرق بين أن تقول: حرضّ فلان فلانا على الجريمة، وبين أن تقول: شجّع فلان فلانا على الجريمة؟!!
لا شكّ بأنك ستلاحظ بأنّ العبارة الأولى تؤدي الغرض المطلوب بطريقة أفضل علما بأن حرض وشجّع قد يعطيان نفس المعنى أي “حثّ”.
نميل لأن نقول: حرّض على القتال أكثر ممّا نميل لأن نقول: شجع على القتال!
ونميل لأن نقول: شجّع على الحوار أكثرممّا نميل لأن نقول: حرّض على الحوار!
إذاً وقع الكلمة في النفس يختلف بين “حرض” وبين “شجّع”!
عندما تسمع كلمة حرض يخطر ببالك أنّ شيئا سلبيّا سيأتي بعدها، وعندما تسمع كلمة شجّع يخطر ببالك على الفور بأن شيئا إيجابيا سيأتي بعدها.
كلا الكلمتين تعنيان “الحث”، ولكن يتراءى للسامع بأن التشجيع يحُث على شيء إيجابي والتحريض يحّث على شيء سلبيّ.
للغة السلبّية آثار سلبيّة حتى عندما تستخدم لغرض ايجابي، وللغة الإيجابيّة آثار إجابيّة حتى عندما تستخدم لغرض سلبيّ.
لو قال محمد: شجّع على القتال. لكان تأثير عبارته أقل سلبا رغم أنّ الهدف كان برمّته سلبيّا.
ولو قلنا حرّض على الدراسة، لكان تأثير قولنا أقلّ إيجابية، رغم أنّ الهدف كان برمّته إيجابيّا.
هذا من ناحية تأثير الطريقة التي تحثّ بها على الهدف، ما بالك بالأثر الذي يتركه الهدف نفسه من حيث كونه سلبيّا او إيجابيا!
*************
هذا من الناحية اللغويّة، فما بالك من الناحية النفسيّة والجسديّة؟!
عندما يحرّض الانسان على القتال تختلف ردّة فعله النفسي وبالتالي الجسدي عن ردّة فعله عندما يشجّع على الحوار.
الإنسان مجهّز بجهاز عصبي مسؤول عن فعله وعن ردّه لفعل ما.
أقول هنا: فعل وردّ فعل. دعني أضرب مثلا:
ارتضمت يدك صدفة بسطح ساخن. تقوم على الفور، وبدون تفكير، بسحب يدك.
الفعل الذي قمت به هو عبارة عن ردّ فعل للاحساس بالألم الناجم عن السخونة.
كيف يردّ الجهاز العصبي بتلك السرعة؟!
السيالة العصبية التي تنقل الإحساس بالسخونة ستأخذ وقتا طويلا لو أرادت أن تصل الى الدماغ وتنتظر أمرا منه بردة الفعل. اختصارا للوقت، زوّدتنا الطبيعة بالنخاع الشوكي الذي هو أقرب من الدماغ وأوامره أقل تعقيدا وتصدر بطريقة تتجنب “تحليلات الدماغ”.
عندما تصل تلك السيالة الى النخاع الشوكي يصدر أمره: اسحب يدك بسرعة!
باختصار ردود فعل العضوية هي آلية دفاعية لحماية كينونة وبقاء تلك العضوية وتقوم بها عندما تشعر بالخطر.
من جهة اخرى: مالذي يمنعك أن تلمس سطحا ساخنا؟!
عندما تنظر الى سطح ساخن وتشعر بوهج حرارته. يصل إحساسك عبر السيالة العصبية الى الدماغ ويبدأ هذا الدماغ بتحليل ودراسة النتائج التي يمكن أن تحدث اذا لمست هذا السطح ويصدر أمره: لا تلمس هذا السطح.
من خلال هذا الشرح المبسط أريد أن أصل الى النقطة التي تقول: عندما سحبت يدك كنت قد رددت على فعل. وعندما رفضت أن تلمس السطح الساخن بعد أن شعرت بحرارته تكون قد قمت بفعل.
عندما فكّرت بالسخونة وأعطيت لدماغك وقتا بالتفكير واتخاذ قرار بعدم لمس السطح كان ماقمت به فعلا نجم عن تحليلات ودراسات قامت بها القوى العليا الضابطة، ألا وهي الدماغ، في جهازك العصبي.
الدماغ أكثر تعقيدا في تحليل مايصل اليه من الإحساسات، وبالتالي أكثر دقة في ما يصدر عنه من أوامر.
تلعب تلك الأوامر الدور الأكبر والأهم في حياة العضوية وفي قدرتها على التكيّف مع محيطها والتفاعل مع هذا المحيط.
************
عندما يواجهنا المحيط الذي نعيش فيه بخطر ما يقوم جهازنا العصبي بإفراز سيالات وهرمونا تهيّئ جسدنا لإحدى حالتين: إمّا الهرب وإمّا المواجهة

Fight or Flight

. وفي كلا الحالتين تضعنا تلك الإفرازات تحت ضغوط كبيرة قد تعرضنا فيما بعد لمشاكل صحيّة عديدة.
على سبيل المثال لا الحصر: هرمون الأدرينالين الذي يفرزه الجهاز العصبي تحت تأثير “التحريض على القتال” يساهم في تقليص الأوعية الدموية التي تغذّي الجسد، فتقل كمية الدماء التي تحملها تلك الأوعية الى أنسجة الجسم المختلفة. ثمّ يرتفع الضغط داخل تلك الأوعية نتيحة لتقلصها، ويضطّر القلب، ـ في محاولة لضخ الدم في تلك الأوعية الدموية المتقلصة ـ إلى أن يزيد من عمله ويزيد من قوة تقلصه. الأمر الذي يؤدي، عندما يطول تأثيره، الى إنهاك قدرة القلب والأوعية وعجزهما عن إرواء الانسجة الجسديّة بالدماء اللازمة لتغذيتها وسلامتها.
المسلم الذي يعيش حياته متأهبا لمواجهة الخطر الذي يهدد تعاليمه، وبالتالي وجوده وهويّته وكينونته، هو إنسان مرهق مريض عاجز عن التفاعل مع محيطه وبالتالي عاقر لا ينجب خصبا ويموت من شدّة القحط!
بإمكان أي انسان خبير بالعلوم الطبيّة أن يقدّر كمية الأدرينالين التي تأكل من جسد هذا الباكستاني “المعتّر” الذي يقفز كالشبح حول علم الدانمارك المحترق.
لو ساهمت تربيته في تشجيعه على الإسترخاء والسيطرة على مشاعره وردود أفعاله لرأيته في حقله أو مصنعه أو مدرسته أكثر قدرة على الانتاج والعطاء، ولَما وقعت لقمته تحت رحمة الجبنة الدانماركيّة!
************
التحريض طريقة تربويّة تعتمد على الإثارة، وبالتالي لا يعتمد الإنسان الذي ينتج عن تلك التربية كثيرا على قواه العقليّة العليا الضابطة في إتخاذ قراراته.
والتشجيع طريقة تربوية تعتمد على التحليل وتعطي للدماغ الوقت الكافي لإتخاذ قرارته.
يعيش المسلم حياته محرضا منذ نعومة أظفاره، مثارا، مملوءاً بالخوف والرعب.
يرى في ظله أسدا يطارده فيقضي عمره هاربا من ظلّه. يشكّ في الهواء الذي يتنفسه، واذا أكل يتقاتل مع صحنه.
انتشِلْ طفلا باكستانيا من بيئته وابعده عن تعاليمه وشجّعه على أن يتفاعل مع محيطه بعفويّة وطمأنينة وسلام، ثمّ
أقنعه بأن العالم المحيط به مسالم ويحبّه وعلمّه كيف يتحاور مع ذلك العالم عندما يختلف معه، عندئذ سيخرج هذا الطفل الباكستاني منتجا مبدعا معطاءا قادراً على الحوار المتمدن بعفوية وتلقائية ودون الحاجة الى أن يحرق جهازه العصبي في أتون من نار!
***************
عندما تحرّض الإنسان تضعه في موقع دفاعي، وبالتالي في حالة تأهب قصوى.
عندما يخاف من وحش لا يستطيع أن ينظر إلاّ باتجاه ذلك الوحش، ولذلك تتحدد ساحة الرؤيا عنده ويركّز انتباهه باتجاه منبه قد يكون وهميّا.
يضيع وقته مفكرا كيف سيقاتل ذلك الوهم، وتقل قدرته على العطاء والإنتاج والإبداع.
يتقبل فقره وعجزه ويبررهما بضرورة الإستعداد للإنقضاض على عدوّه.
عندما تصل بإنسان ما إلى تلك النقطة تكون قد سيطرت على عقله وجهازه العصبي كليّا.
يكفي كي تثيره أن تلّوح له بذلك المنبّه الوهمي متى شئت.
عندما يغيب المنبه عنه يخمد كالميّت، وعندما يظهر أمامه يهستر كالبقر المصاب بنوبة جنون.
***************
سقط المسلم ضحية لتربية تعتمد على التحريض كطريقة للوصول الى الهدف.
أوهمته تعاليمه بأنّه مهدد من قبل الذين لا يؤمنون بتلك التعاليم.
حددت ساحة بصره وجعلت القتال “ردّة الفعل الوحيدة” التي يستطيع أن يقوم بها لتجنب كل منبه!
لا يثيره إلاّ المنبه الذي يصدر عن هؤلاء “الذين لا يؤمنون بتعاليمه”، ومهما كان نوع المنبه يرتكس بنفس الطريقة.
القمل الذي يرعى في رأسه لا يثيره!
الفقر الذي سلبه عزّة نفسه لا يثيره!
الجوع الذي أنهك طاقته لا يثيره!
الظلم الذي انتهك انسانيّته لا يثيره!
الجهل الذي هبط بفكره وعقله لا يثيره!
تثيره فقط رسوم كاريكاتورية لفنان مغمور في صحيفة مغمورة!
لم يهدد وجوده وسلامته الفقر والجوع والظلم والجهل، بل هدد ذلك الوجود وتلك السلامة بعض رسوم!
لماذا؟
اذا أردت أن تحثّ الانسان ليثور على فقره وجوعه وظلمه وجهله يجب أن تعتمد في تربيته على طريقة التشجيع وليس على طريقة التحريض!
يجب أن تشجّعه على الحوار والتحليل والتفاعل لا على الخوف والتأهب والقتال.
يجب أن ترفع من مستوى وعيه لكي تصل بهذا الوعي الى مستوى الدماغ، فتضمن بذلك أن يستغرق الوقت الكافي للتحليل والدراسة قبل أن يقوم بأيّ فعل أو ردّة فعل.
الإسلام اعتمد على التحريض كوسيلة تربويّة وعلى القتال كوسيلة للحفاظ على الوجود.
ربط الإسلام بين تعاليمه وبين هذا الوجود!
الفقر لا يهدد الوجود!
الجوع لا يهدد الوجود!
المرض لا يهدد الوجود!
الظلم لا يهدد الوجود!
الجهل لا يهدد الوجود!
بل تكمن سلامة هذا الوجود في سلامة ذاك الدين!
ولذلك أيّ منبه يتراءى للمسلم بأنه يهدد تعاليمه يساهم في تحرضه.
استغل الحاكم في البلاد الاسلاميّة تلك الحقيقة بطريقة انتهازيّة رهيبة، واعتمد على رجل الدين في تحقيق مآربه.
كل الجرائم التي ارتكبها هذا الحاكم لم تحرك لدى المسلم ساكنا، وكان رجل الدين الأسبق الى تبريرها والتخفيف من حدّتها.
وكلّ منبه، مهما تضاءلت شدّته، يتحول في أيدي هذين الدجّالين الى زر يكبساه لإثارة تلك الآلة المبرمجة وتفريغ شحناتها!
رسوم الفنان الدانماركي كانت اللحظة المواتية التي اقتنصها الخبث المتأصل في رجل الدين يدعمه ويقويّه خبث الحاكم، ليحولاها معا الى منبه يحرف النظر الى الجهة المغايرة تماما لجهة الخطر الحقيقي. ذلك الخطر الذي يأتي من وجودهما وديمومة سلطتهما.
نجح الحاكم ورجل الدين في استغلال تلك اللحظة لصالحما. لم ينجم هذا النجاح عن ذكائهما وقوتهما، بل عن غباء وضعف الشعب الذي يرزح تحت نيرهما.
**************
قال وزير الأوقاف السوري السيّد زياد الأيوبي في رده على جرائم حرق السفارات في دمشق بقوله:
“كان الأمر احتجاجا شعبيّا وليس للحكومة دور فيه. فعلى مرأى من عينيّ حاولت سلطات الأمن أن تمنع الجموع الزاحفة بإتجاه السفارة ولكنها لم تستطع”.
لم أجد في جعبتي اللغويّة عندما قرأت ما قاله، ورغم حرصي الشديد على كيفيّة استخدام اللغة، لم أجد من جميل القول سوى: قاتلك الله.. ما أشدّ نفاقك!
عندما يكون ولاؤك للحاكم أعلى من ولائك للحقيقة لا تستحقّ سوى اللعنة، وخصوصا عندما تكون وزيرا للأوقاف!
لقد استهتر هذا الوزير، ظلما ونفاقا، بعذابات الشعب السوري التي عاشها على مدى أربعة عقود.
على ذمّته التي تتسع لكلّ نفاقه، لم تستطع قوات الأمن أن تردع الجموع الزاحفة بإتجاه السفارة، والسؤال الذي أودّ أن أطرحه على سيادته:
هل ستستطيع تلك القوات أن تردع تلك الجموع لو توجّهت إلى قصر الرئيس تطالب برغيف خبز نظيف؟!!
رسم كاريكاتوريّ، ياسيادة الوزير، جريمة لا تغتفر، وقتل شعب برمّته مسألة لا تستحق النظر؟!!
*************
النخبة “الليبراليّة” من المسلمين ادّعت بأن ردّة الفعل كانت سياسة، وقد هيّجتها بعض الحكومات في الشرق الأوسط على غرار الحكومة السوريّة والإيرانية لتحويل الإنتباه من الأزمات التي تعيشها تلك الحكومتين الى قضيّة اخرى، ومن ناحية اخرى لترسل رسالة قويّة الى الغرب كي يحسب حسابه عندما يفكّر بأيّ عمل عدواني ضدّ إحدى تلك الحكومتين.
هذا التبرير ينطوي على جزء كبير من الحقيقة لكنّه يتجاهل الجزء الأهم!
عندما تستطيع حكومة مفلسة سيّاسيا وأخلاقيا أن تُثير شعبها وتخمده متى أرادت، يحتاج الأمر الى إعادة تأهيل ذاك الشعب!
الشعب الذي يرضخ تحت حكم يسلبه أبسط حقوقه ولا يثار، ثمّ تثيره بعض رسومات سمع عنها ولم يرها، هو شعب مغيّب عن الوعي ويحتاج إلى مبضغ جرّاح!
عندما يدوس الحاكم على رقبة المسلم، لا ضير في الأمربالنسبة له، فتعاليمه أمرته أن يطيع وليّ أمره!
أمّا عندما يسمع برسومات أهانت تعاليمه، ياغيرته على الإسلام!
تلك حقيقة تعكس طبيعة تربيته التي برمجته ليثار ضد كل من لم يكن مسلما بشرّه وخيره، وليخمد في وجه كل من كان مسلما حتى ولو سرق رغيفه!
للحديث صلة.

وفاء سلطان (مفكر حر)؟

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر | Leave a comment

صراع حضارات…؟!! 1

وفاء سلطان

لقد خلا الجو للمسلمين في الأسابيع القليلة المنصرمة، ولأول مرّة في تاريخهم، ليكونوا وحدهم على خشبة المسرح الدولي يلعبون دورهم ويؤكّدون طبيعتهم!
رسوم لفنان دانماركي كانت أدوات التجربة، وكان المسلمون وحدهم عناصر التجربة التي ترزح تحت عدسة المجهر الدولي.
كما يُسقِطُ أي عالم في مخبره نقطة من المضاد الحيوي على شريحة بكتيريّة ليراقب حركاتها وردود أفعالها ومدى تأثرها، قام رسام دانماركي باجراء التجربة على شريحة من المسلمين!
كانت النظريّة التي أراد أن “يبرهنها أو ينفيها” من جرّاء تلك التجربة تقول: المسلمون طيبون والإسلام دين سلام ولكن شرذمة من الإرهابين اختطفت هذا الدين المسامح وأساءت اليه!
لم تكن تلك الرسومات محض خيال، ولم تسرقها أنامل هذا الفنان من الفراغ، بل اعتمد في تشكيلها على معطيات!
عندما يرسم فنان زهرة أو ينحت آخر تمثالا.. أو يكتب شاعر قصيدة يلعب الخيال دوره في العطاء، ولكن يبقى للواقع الدور الأكبر!
لا يستطيع فنان في الأرض أن يتخيّل نبيّا على شكل ملاك عندما يكبّر أتباعه باسمه وهم يقطعون رأس أحد الرجال على مرأى من العالم. ولا يستطيع هذا الفنان أن يرسم ذلك النبي على شكل حمامة عندما يسمع برسالته التي تدعو إلى قتل كل من لا يؤمن بتلك الرسالة!
الفنان الدانمركي، ووفقا لقيمه وعاداته وتقاليده وعقائده واصول تربيته، لا يستطيع أن يقرأ السيرة النبويّة في كتب المسلمين ويتصور نبيّهم بشكل آخر أفضل من الشكل الذي تخيله فيه.
لا يستطيع ان يقرأ عن غزواته ويقتنع بأنّه نبيّ!
لا يستطيع ان يقرأ عن غنائمه ويقتنع بأنه نبيّ!
لا يستطيع ان يقرأ عن علاقته بالنساء وخصوصا المسبيّات منهن ويقتنع بأنّه نبيّ!
لا يستطيع أن يقتنع بأن نبيا يحمل سيفا ويقطع رأسا.. لايستطيع ان يقتنع بأن نبيا يأمر بإهانة انسان يعيش تحت كنفه لأنه لا يؤمن برسالته!
في الدانمارك قسم كبير من الضرائب التي يدفعها الدانماركيون يذهب الى مساعدة اللاجئين وأغلبهم من المسلمين!
بينما في كنف الاسلام على سكّان البلاد الأصليين غير المسلمين أن يدفعوا ضريبة للفاتحين من المسلمين.
عندما جلس هذا الفنان في مرسمه وراح ينبش ما في ثنايا دماغه من معطيات تراكمت خلال حياته علّه يستطيع أن يتصور من خلالها رسما لنبي الاسلام، تذكّر، أول ما تذكّر، بأن المسيح لم يحمل سيفا ولم يقم بغزوة واحدة. لم يقتل نملة ولم يغنم حبة، واستطاع بكلمة واحدة وهي “المحبة” أن يصل برسالته الى شرق الأرض ومغربها.
يتبعه اليوم أكثر بكثير من أتباع نبي الاسلام الذي برر غزواته وغنائمه بالدفاع عن دينه، علما بأنه لم يتعرض للمظالم والإضطهاد اللذين تعرض لهما المسيح.
تساءل هذا الفنّان في سرّه: لماذا احتاج محمد الى السيف واكتفى المسيح بالكلمة؟!!
اذا كان الله الذي أرسلهما هو نفسه لماذا أوحى إلى أحدهما بالمحبّة كوسيلة لنشر دين الله وأمر الثاني بأن يقاتل حتى يؤمن به كلّ الناس؟!!
لماذا غيّر هذا “الله” استراتيجيته؟!!
جاء نبيّ الاسلام ليتمم مكارم الأخلاق؟!!
عندما يتمم أحدنا عملا يكون الجزء المتمّم ـ بكسر الميم ـ صورة طبق الاصل عن الجزء المتمّم ـ بفتح الميم ـ فكيف يتمّم السيف المحبّة؟!! تلك مهزلة!
**************
لم يستطع الفنان الدانماركي ومن خلال المعطيات التي توفرت في حيّز دماغه أن يخرج برسم لنبيّ الاسلام أفضل من الرسم الذي خرج به.
الايدلوجيّة الغربية المعاصرة، والمستقاة في اصلها من الديانة المسيحيّة، تقوم على إحترام الإنسان بغض النظر عن لونه وعرقه ودينه!
بينما الإيدلوجية الإسلامية تقوم على “لا دين إلاّ الإسلام”، وبالتالي لا مكان لغير المسلم على سطح الأرض!
كلّ نبيّ أتى إلى عالمنا حمل معه رسالة تختلف، ولو قليلا، عن رسالات الأنبياء الذين سبقوه، أو بمعنى آخر حاول أن يغيّر شيئا.
عندما يقارن الانسان الغربي بين الطريقة التي غيّر بها المسيح والطريقة التي غيّر بها محمد، يصل الى قناعة مطلقة بأن هناك تناقضا بين الطريقتين.
المسيح قال لأتباعه: قالوا لكم العين بالعين والسن بالسن وأنا اقول لكم أحبوا أعدائكم..
هو انتقل من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار دون أن يُسيء إلى هذا اليمين ودون أن يكذب أهله!
لم يقل كفر الذين قالوا لكم العين بالعين والسن بالسن..
هو غيّر الأعراف والقيم والعادات السائدة، والتي تبلورت خلال الاف السنين قبل مجيئه، غيّرها بطريقة جدا عقلانيّة ومنطقيّة وأخلاقيّة دون أن يكذب أحدا أو يُسيء إلى أحد!
قالوا لكم كذا وكذا وأنا اقول لكم كذا وكذا!
محمد جاء ليقول: كفر الذين قالوا كذا وكذا..
طريقة المسيح تنعكس على طريقة الغربي في الحوار حتى ولو لم يكن هذا الغربي قد يممّ وجهه شطر كنيسة في حياته.
عندما تحاور الأمريكي يصغي إليك بكل جوارحه منتظرا دوره في الحديث ليبدأ قوله بـ:
I agree with you but…

أتفق معك ولكن …
مهما كانت درجة خلافه معك كبيرة يبدأ حديثه بالقول: أتفق معك ولكن..، ثم يبدي رأيه بطريقة غير تحريضيّة ولا مثيرة!
طريقة نبيّ الإسلام في إيصال رسالته تنعكس على طريقة حوار المسلم، حتى ولو لم يكن هذا المسلم قد يمّم وجهه شطر مسجد في حياته!
مهما اتفقت معه في رأيه، يأخذ دائما موقع المدافع ويقول مقاطعا إياك: هذا الكلام ليس صحيحا!
في السنوات الأولى التي عشت خلالها في أمريكا كنت، وكلّما اتصلت بشركة أمريكية أو مكتب طيران أو أيّة دائرة للإستفسار عن شيء ما أو حل معضلة ما، أفاجأُ بالشخص على الطرف الأخير يقول لي:
Why are you screaming? I haven’t said a word yet!
لماذا تصرخين في وجهي؟ لم أتفّوه بعد بكلمة واحدة!
وأرد بدون أدنى تفكير:
I am not screaming I am just trying to explain my point of view!
أنا لا اصرخ وانّما أحاول ان اشرح لك وجهة نظري!
واكتشفت رويدا رويدا إنني أعتمد الغزو، وكأيّ بني آدم تربّى في حظيرة الاسلام، كوسيلة للحوار!
استطعت، عندما رفعت مستوى وعي الى حدّ التفكير، أن أغيّر طريقتي في الحوار وأعتمد اسلوب: قالوا لكم كذا وكذا وانا اقول لكم كذا وكذا!
*************
خوسيه شاب مكسيكي يشتغل في مكتب زوجي وهو رجل بسيط، لا أستطيع أن أتصوّر بأنه تجاوز في تعليمه المرحلة الإبتدائيّة، قال لزوجي مرّة: لماذا كلما زارك أصدقاؤك من العرب تتصارعون وتتنازعون وتختلفون فيما بينكم؟
وردّ زوجي مندهشا: نحن لا نختلف بل نتسامر! هل تفهم ياخوسيه مانقول؟
ـ طبعا لا! ولكنني اقرأ تعابيركم وحركات اياديكم واسمع صراخكم!!
*************
هل أحد منكم رأى مظاهرة باكستانيّة في سياق مظاهرات الإحتجاج على رسوم الفنان الدانماركي؟!!
هل أحد منكم رأى المظاهرة التي نظّمها بعض الدانماركيين وحملوا بها لوحات عليها إشارة السلام وتحتها عبارة: آسف؟!!
هل أحد منكم قارن بين الطريقة التي يتحرك بها الباكستانيون والطريقة التي يسير بها الدانماركيون؟!!
من كان منكم قادرا على أن يرفع مستوى وعيه الى حد المقارنة سيعرف، خلال لحظة، أين تكمن المشكلة!
وسيعرف خلال لحظة، هل مايراه صراع حضارات أم صراع الهمجيّة مع الحضارة!!
*************
أشباح بشرية بأطراف هزيلة ووجوه نحاسيّة سربلها الجوع والفقر والمرض والقهر، ترتدي أسمالا بالية قصيرة أكل الزمان من أطرافها، وتتحرك بطريقة هستريائيّة ثمّ تقفز كالسعادين حول الأعلام المحترقة.
تنسى ،وأنت تنظر اليها، السبب المباشر لتلك الهستيريا الجماعيّة وتتساءل عن أسباب تلك المأساة الإنسانيّة!
مخلوقات تُثار بكبسة زر، لكنّها لا تثار بقرون من الظلم والفقر والمرض والقهر!
كقطيع الماشية يهستر، عندما يسمع ذئب يعوي من بعيد، وهو في طريقه إلى المذبح!
هذا ماتشعر به وأنت تراقب القطيع الباكستاني، لتنتقل إلى مشهد آخر يصوّر لك الدانمركيين وهم يسيرون بصمت وهدوء، يحمل كل منه في يده شمعة وفي الأخرى لوحة كتب عليها: Sorryأي آسف.
ترى بركات الخير تسربل وجهوهم المضاءة، وتلاحظ كيف تتحكّم العقلانية بخطواتهم. تقرأ صدقهم وأسفهم، ليس في شموعهم ولوحاتهم وحسب، إنّما في تعابيرهم وإتزان حركاتهم!
**************
قيل: لا يقرقع في الدست الاّ العظم، فمتى يتساءل المسلمون لماذا يقرقعون؟!!
لم يبقى منهم تحت عدسة المجهر الدولي سوى هياكلهم! ولم يبقى لديهم من تعاليم سوى: “حرّض على القتال”!
**************
ليت تلك التعاليم تشجعهم على الحوار بدلا من أن تحرّضهم على القتال!
هل هناك فرق بين التشجيع والتحريض؟!!
هل هناك فرق بين الحوار والقتال؟!!
الإنسان ناتج تربوي، فهل يختلف الإنسان الذي ينتج عن تربية حرضته على القتال عن الانسان الذي ينتج عن تربية شجعته على الحوار؟!!
من فيهما الأكثر عرضة للفقر والمرض والظلم؟!! من فيهما الأكثر قدرة على النجاح وعلى الإنتاج والإبداع والعطاء؟!
للحديث صلة.

وفاء سلطان (مفكر حر)؟

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر | Leave a comment

جماعة جهادية تزدهر في سوريا

جاكسون دايل : من الواشنتن بوست

Jackson Diehl : Washington Post
الجريدة الكويتية

برز اليوم اسم سيطارد حتماً الرئيس المقيم في البيت الأبيض في عام 2013: «جبهة النصرة» ، والاسم الكامل لأحدث حركة إرهابية جهادية في الشرق الأوسط، كما ورد على الموقع الإلكتروني المرتبط بالقاعدة في شهر يناير الماضي، هو «جبهة النصرة لأهل الشام من مجاهدي الشام في ساحات الجهاد».
خلال أكثر من سنة، كانت إدارة أوباما تطمئن العالم إلى أن سقوط الدكتاتور السوري بشار الأسد هو “مسألة وقت”، وقد حذر خبراء الشرق الأوسط في هذه الإدارة من الأمر نفسه لكن من دون تحديد ذلك الوقت، فبحسب رأيهم، كلما استمر القتال لفترة أطول، قد يخطف المجاهدون (منهم حلفاء “القاعدة”) الحركة التي بدأت على شكل معارضة سلمية.
تجاهل الرئيس أوباما تلك النصيحة واستبعد تدابير كان يمكن أن تُسقط النظام بسرعة (مثل الحظر الجوي) وفضّل إهدار سنة كاملة لتطبيق دبلوماسية متهورة، لكن سرعان ما تبين أن الخبراء كانوا محقين. نتيجة جمود أوباما، برز اليوم اسم سيطارد حتماً الرئيس المقيم في البيت الأبيض في عام 2013: “جبهة النصرة”.
إن الاسم الكامل لأحدث حركة إرهابية جهادية في الشرق الأوسط، كما ورد على الموقع الإلكتروني المرتبط بالقاعدة في شهر يناير الماضي، هو “جبهة النصرة لأهل الشام من مجاهدي الشام في ساحات الجهاد”.
اعتُبرت هذه الجماعة في البداية مجرد خدعة أو بدعة من ابتكار جهاز استخبارات الأسد، لكن يمكن التعرّف الآن على علمها الأسود المنتشر في أنحاء سورية ويمكن التعرف على عناصرها الملتحين على جبهة المعركة الحاسمة في مدينة حلب.

خلال الربيع الماضي، كانت “جبهة النصرة” تضم على الأرجح 50 منتسباً، وكان معظمهم ينضمون إليها في الخفاء، وقد تبنت الحركة عدداً قليلاً من الاعتداءات، أما الآن، فهي تشمل حوالي ألف مناصر وبدأت بعض الوحدات القتالية في أنحاء سورية تجاهر بانتمائها إليها، وعلى موقع يوتيوب، تُظهر الفيديوهات سكان المناطق التي استولى عليها الثوار وهم يلوّحون بعلمها ويهتفون باسمها.
تقول إليزابيث أوباغي، معدّة دراسة مهمة عن المجاهدين في سورية في معهد دراسات الحرب: “لقد تمكنوا من أخذ هوية متطرفة والحصول على أتباع من الشعب خلال حرب أهلية دموية. لقد أصبحوا يطرحون أبرز تهديد على الاستقرار في سورية على المدى الطويل”.
لكنّ سياسات باراك أوباما لم تكن المسؤولة الوحيدة عن خلق هذا الوحش، ففي المقام الأول، كانت هذه الحركة وليدة نظام الأسد نفسه بعد أن عمد طوال سنوات إلى رعاية الشبكات الإرهابية في لبنان والعراق والأراضي الفلسطينية. خلال أكثر من عشر سنوات، سمحت الاستخبارات السورية للقاعدة وجماعات جهادية أخرى بإنشاء قواعد وشبكات لوجستية لدعم الاعتداءات على القوات الأميركية في العراق، الأمر الذي مهّد لظهور سياسيين معادين لسورية في لبنان وإسرائيل، لكن يبدو أن ذلك الوضع انقلب الآن فأصبح المتطرفون يستهدفون الأسد.
هم يقومون بذلك لأنهم لم يكونوا يوماً حلفاءه الطبيعيين (تُعتبر طائفة الأسد العلوية فرعاً من الإسلام الشيعي وهي مهرطقة بنظر المجاهدين السُّنة)، ولأنهم يرون فرصة لإعادة بناء حركة كانت مقموعة في العراق وأفغانستان.
اعتبرت أوباغي أن أولى الوحدات التي دعمت “جبهة النصرة” انبثقت من “فتح الإسلام”، عميل سابق للاستخبارات السورية كان قد أطلق معركة في عام 2007 للاستيلاء على مخيم اللاجئين الفلسطينيين بالقرب من طرابلس في لبنان.
كتبت أوباغي: “تدرب هؤلاء الأفراد على استعمال الأسلحة وعلى استراتيجيات التمرد على يد النظام السوري وكسبوا الخبرة اللازمة لاستعمالها في العراق ولبنان. لديهم معارف أيضاً في الاستخبارات السورية وجهاز الأمن السوري”.

تخصصت هذه الجماعة في شن الاعتداءات ضد المنشآت الاستخبارية، ففي 9 أكتوبر، شنّت هجوماً متطوراً يمتد على ثلاث مراحل ضد منشأة للاستخبارات الجوية خارج دمشق. وفي وقت سابق من هذا الشهر، تبنت مسؤولية سلسلة من التفجيرات في حلب وقد استهدفت نادياً للضباط ومنشآت حكومية أخرى، ما أسفر عن مقتل العشرات وفق التقارير.
لا يدعم قادة الجيش السوري الحر (أبرز قوة ثورية انبثقت من حركة الاحتجاج الأصلية) المجاهدين ولا استراتيجياتهم، لكن مع تطور الحرب في مدن مثل حلب، وفّرت “جبهة النصرة” تعزيزات مهمة، وبفضل الدعم السخي من المملكة العربية السعودية ودول خليجية أخرى، أصبحت وحداتها أكثر تسلحاً من القوى العلمانية التي استنزفت جميع مواردها بسبب منع وصول إمدادات الأسلحة الأميركية بقرار من أوباما.
نتيجةً لذلك، تغيرت طبيعة المعارضة السورية. توضح أوباغي: “لم تعد المعارضة قوة ديمقراطية تحاول إسقاط نظام دكتاتوري، ولم تعد تتمتع بالأخلاق الرفيعة، بل زاد الوضع إرباكاً الآن”.
إذا استمرت الحرب لفترة طويلة، فلا شك أن “جبهة النصرة” ستزداد قوة، وقد تبدأ بإنشاء معقل لها في الريف السوري حيث يمكن أن يتجمّع ناشطون من “القاعدة” من جميع أنحاء المنطقة. كذلك، قد تحاول الحركة الاستيلاء على مخزون سورية الكبير من الأسلحة الكيماوية، وقد تبدأ بالبحث عن أهداف خارج سورية، ويمكن القول إنها “مسألة وقت” قبل أن يتحقق ذلك.

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية | 3 Comments

متي ستاتي موجات الاساءة الجديدة

محمد البدري

من الايات الشيطانية الي الصور المسيئة مرت فترة اطول مما مر بين الصور المسيئة الي الفيلم المسئ. جاءت الاعمال جميعا علي مدي أكثر من عشرون عاما بقليل. اي ان تسارع انتاج ما يسئ الي الاسلام في ازدياد. فلا يستغرب أحد لو خرج علينا ما لا نتوقع من اعمال جديدة ربما تكون اشد قسوة وأثقل وطأة وتنتهي بمأساة جديدة تشبه مقتل سفير امريكا في ليبيا.

الاسباب كلها حاضرة كالنار تحت الرماد. ولم يتعلم المسلمون مما جري شيئا. وكيف يتعلم من يمتلك حقائق الكون ويعرف الرحمن الرحيم العارف باسراره عبادة وتسبيحا بينما يعيش هو في ظلمات الجهل والفقر والمرض وتسول الامن كما في الخليج أو تسول التمويلات المالية كما في مصر. فمسودة الدستور المصري التي يضع معظم بنودها اهل السلف والجماعة كفيلة باي مؤلف أو مخرج أو فنان في اي مكان في العالم للقيام بعمل جديد يقيم الدنيا في عالم المسلمين وسيقعدها، كالعادة. لانهم لا حيلة لهم في امرهم من شئ. ولا نعرف ممن سيطلب خادم الحرمين، هذه المرة، التدخل لاصدار تشريع يحمي مقدسات المسلمين بعد ان وجد أذنا من طين وأخري من عجين من الامم المتحده لطلبه الاسبق.

لعل الاذن الصماء لهذه الجهة الدولية كانت رسالة له ولرجاله المنتشرين شرقا وغربا تحت مسمي الدعوة بان مطلبه ليس من اختصاص الهيئة بقدر ما هو رد فعلي وعملي لما تقولونه في صلواتكم علينا وما ينشره رجالك ضدنا وما تكتبونه وتعلمونه في مدارسكم بشاننا. فالامم المتحدة ليست جهة مقاضاة ضد الافراد لكنها منتدي وتجمع للامم والدول. فعلي الرصيف امام مبني الجمعية يوجد كثير من المتظاهرين يسبون ويشتمون الاحياء ممن داخل المبني ولا يمكن لكل هذا الديناصور المعماري الضخم ان يعترض علي ما يقولوه. بينما ممثل دولة عربية ومسلمة اتي الي القاعة والقي خطابا ومزق دستور الجمعية والقاه وراء ظهره ورغم ذلك خرج سالما معافي حتي قضي الله أمرا كان مفعولا به في وطنه وبفعل ابناء جلدته المسلمون مثله بعد ان طلبوا هم معاونتنا علي اقتلاعه.
فكما ان الامم المتحدة لا تحمي الافراد فهي لا تحمي ايضا الاديان. فعل ارض مانهاتن وقريبا من المبني الديناصوري شوارع كثيرة بها دور عرض تعرض كل ما يتنافي والكتاب المقدس ولا تملك الجمعية من امر الافلام وصانعيها شيئا. لسبب بسيط وواضح وسهل اكتشافه ان حماية الاديان موضعها سلوك الناس ازاء بعضهم البعض لان الدين كما يقول الناس المعاملة والاخلاق الكريمة. فلا احد في العالم يتحدث عن الدين بكل هذا الافراط مثلما يتحدث العرب والمسلمون. ولا احد يسب كما يسب المسلمون. ولا احد يشمت في مصائب البشر حتي ولو كانت طبيعية ومن عند الله كما يشمت المسلمون. وهو في الغالب الاعم ما اعطي صورة حركت خيال المبدعين،وما اكثرهم عند الغرب واقلهم عند العرب، لاخراج الافلام والروايات ورسم الصور واللوحات.

فالله كما هو في مكة هو ايضا في نيويورك ومن يعتقد غير ذلك فهو واهم. لكنه وهو يطوف بنيويوك لم يطلب الحماية بقدر احتياجها له وهو في مكة ولم يشتكي اتباعه في القارة الامريكية من اي إساءة بقدر ما يشكو اتباعه في جزيرة العرب وما حولها. فكيف نفسر هذا اللهم الا إذا كانت طبيعة الايمان به تختلف من منطقة الي اخري ومن ثقافة الي ثقافة ومن لغة الي لغة. المؤلم اكثر ان عباده في نيويورك وما حولها اقل بالاف المرات ممن يعبدونه ليل نهار في الشرق الاوسط، رغم كثافة السكان هناك. لكنهم لا يتحدثوا في الدين كثيرا بقدر الرغي واللت والعجن وجر الشكل الايماني عن الشرقيين.

فهل فيما سبق سبب كاف لفهم لماذا يسئ المسلمون الي البشر امثالهم باسم الله بينما اهل الايمان في الغرب لا يسئون الي البشر في الشرق بالقدر نفسه لكنهم يتعرضوا فقط لصورته في اذهان الشرقيين. فإذا كان الامر كذلك، فإن وزر الاساءة للدين يتحمله الذين يبغضون في الله. كم سمعنا هذه اللفظة الاخيرة من دعاة لا تخطئهم عين لانهم اما من مصر أو السعودية. يعلنون بكل صلافة البغض في الله دون خجل أو كسوف. ولانهم في الغالب كذلك، فان القضية تصبح خارج اطار المقدسات ولا علاقة لها بالاديان انما أخلاق بشر يقومون بنقد وسب بشر. وعقول تتصارع في مواجهه بعضها البعض بما فيها من حقائق أو اوهام متصادمة.
لكن دعنا نكون اكثر انصافا وعدلا فالله وكما يقول المؤمنين به عادل. فكما توعد الامام الخميني سلمان رشدي بالقتل فقد قتل الغرب قبلها مفكرين وفلاسفة عظام حرقا وعلي الخازوق تماما مثلما فعل المسلمون نفس الشئ في تلك الازمنة الغابرة التي كان فيها الايمان سائدا ولا شئ غيره. فالديانات المسماة السماوية كلها عانت من المجدفين والهراطقة. ولم يكن من القتل بد الا لان رجال الدين هنا او هناك كانوا عاجزين عن الدفاع عن الذات الالهية، إما باستخدام النصوص التي لا ياتيها الباطل أو من عقولهم لو كانت حيه وفاعلة. فالقتل هي حيلة العاجز عن حماية نفسه لكن الغرب اكتشف ان من يقتل هو البشر وان المقتول بشرا مثله وظلت الذات الالهية مصانة وتنال المزيد من النقد والتجريح ممن لم يعجبهم القتل او ممن لم تعجبهم نظم الحكم القائمة علي كتب الله.

لكن دعونا ندخل في المناطق الشائكة باكثر مما هي حاليا. ماذا لو سمع مخرج سينمائي او كاتب روائي او مصور فنان بما يجري في قاعة لجنة وضع الدستور بمصر. فالحوارت والمناقشات من اجل نص يخفي ولا يشف، لكنه يدعو ولا يعف، تحمل ثروة لكل مبدع لاخراج كل ما يعن له من افلام البورنو خاصة وان الشبكة العنكبوتية لا علاقة لها بمقاييس المشاهدة العمرية للصغار والتي حرمنا منها نحن الكبار في السن امثالي زمن طفولتنا وسبيبنا الدين لدور العرض والقائمين علي ادارتها.
فالجماعة الاسلامية بلجنة وضع الدستور منعت بندا يحد من زواج الصغيرات في السن بدعوي ان الشريعة تبيح زواج الطفلة والدخول بها طالما تطيق هي الجماع. كان من الممكن لاعضاء لجنة وضع الدستور الاكتفاء بهذا لانهم الاغلبية لكن بعض الاعضاء الناشطين جنسيا شط بهم الخيال والامل مبكرا وتداولوا فيما بينهم ما يجوز للرجل فعله فيم بين كتابة العقد حتي تصبح الطفلة جاهزة له ان يفعل بها ما يجوز له من الشريعة ما يجوز. واستدلوا ان هذا من صحيح الإسلام، ذلك لان الشريعة الإسلامية، المعتمَدة، من الفقهاء الاربعة وباجماع الامة، تجيز إلى جانب زواج الاطفال القاصرات، ما يُعرَف بـ«مفاخذة الصغيرة». فلو أن رجلا طاعنا في السن عقد على طفلة فى السابعة أو الثامنة، لا تطيق لانها لم تبلغ، فمن حقه أن يعرّيها، ويتعرّى، وأن يطلب منها أن تفعل ما يريد، عدا ما لا تطيق حتي تبلغ من العمر ما تطيق حتي ولو لم تبلغ. بما يعني صراحة وبدون سيناريو أو نص فاضح فلن يبقي الا الايلاج.

ماذا لو وصلت تلك المداولات عن دستور مصر بعد ثورة إزاحة الفساد الي اي شخص حتي ولو لم يكن غير موهوب علي الاطلاق. فحتي لو جاء العمل المسئ الجديد بقدر عال من القباحة والاشمئزاز والرداءة الفنية فمن المؤكد ان قادة الاصولية السلفية سيشجبون كما شجبوا وسيستنكرون كما استنكروا لكن فورتهم ستقول اقل وثورتهم ستكون اخف لا لسبب الا لانهم باتوا اقرب لتنفيذ ما يعتبروه تقربا الي الله يمحون به خطايا السب والاساءة. ولا مانع وقتها من دعوة جديدة لمجلس الامن لاتخاذ تدابير تحميهم أثناء تطبيقهم لشريعتهم الغراء.

محمد البدري (مفكر حر)؟

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, فكر حر | Leave a comment