اليوبيل الماسي لل BBC العربيّة

{ إفعل ماهو صحيح دائماً , فهذا سيُرضي البعض و يُذهل الآخرين }

هذا ما قالهُ أعظم الساخرين الأمريكيين وأبو الأدب الأمريكي مارك توين ( توفي 1910 )

وهذا هو ما ينطبق كثيراً على الإذاعة المفضّلة في العالم العربي , وربّما العالم أجمع ال

BBC

خمسةٌ وسبعونَ عاماً مرّت على تأسيس القسمِ العربي في تلك الإذاعة العالميّة المحترمة الى درجة كبيرة .

اُفتتح هذا القسم عام 1938 وكان أوّل بث بصوت أحمد كمال سرور .

و بدأت الإذاعة تبّثُ من مبنى ..

Broadcasting House

 , ثمّ إنتقلت الى مبنى بوش هاوس ..

Bush House

ولا عِلمَ لي لماذا كُتِبَ ( حرف ال يو ) على المبنى .. هكذا

V

ملاحظة :

BBC تعني .. British Broadcasting Corporation

 أو / هيئة الإذاعة البريطانية . ويا لهُ من إسمٍ يُشعرني بالثقة والنزاهة !

إنّها هيئة إعلاميّة مُستقلة تأسست في المملكة المتحدة عام 1927

وأثبت تقرير أجرته مؤسسات مستقلة أن عدد متابعي أخبار ال بي بي سي عبر الاذاعة والتلفزيون والإنترنت وصل في العام 2007 إلى ما يقارب ال 233 مليون شخص في 100 دولة حول العالم / ويكيبيديا

***************

هنا .. لندن !

أعذب دقّة ساعة سمعتها في حياتي , تلمس أوتار القلب قبل أعصاب الدماغ , تلك التي تسبق جملة .. هُنا لندن .. الساعة كذا / عالم الظهيرة , أو العالم هذا المساء … مثلاً !

رحمَ الله جدّي ( لوالدتي ) , كان يحتضنني وعمري ست سنوات عندما نزور مدينتنا ( الموصل ) في العطلة الصيفية , لكن الراديو الصغير ( كنّا نُسميّه ) لا يُفارقهُ في المساء حتى ساعة نومهِ يصغي طيلة الوقت لل بي بي سي . بحيث لم أعُد أصدّق أنّهُ سيحكي لي قصة , ما قبل النوم .

وتمّر السنون بسرعة فأجد نفسي في الثانوية المركزية عام 1973 وحرب إكتوبر تدور رحاها بين العرب وإسرائيل , فيسمح لنا اُستاذ العربية ( الموسوي ) بإستصحاب راديو ترانسستر صغير على أن نفتحهُ عندما يُكمل المادة على إذاعة ال بي بي سي , لنعرف حقيقة ما يدور في الحرب … لا الأكاذيب !

فترة قصيرة بعدها فَضّلتُ ( مراهقةً ) إذاعتي مونتِ كارلو وصوت أمريكا , ثمّ ما لبثتُ أن أعود لمعشوقتي الجميلة الصادقة

BBC

حتى عند وصولي الى السويد عام 2001 , إتصلتُ بقريبٍ لي في ألمانيا أسألهُ عن راديو ذي موجاتٍ قصيرة ( تسع موجات )

فإذا بهِ يُجيبني لتُنصت لل

BBC

 طبعاً !

بعدها بقليل وصلنا البثّ الثلاثي / راديو , تلفزيون , إنترنت . في كلّ زمان ومكان .يعني 24 / 7 كما يُعلنون .

وها أنذا أنام فأحتضن (الآي پاد)المخصص للعزيزة ال بي بي سي فقط .

****************

سلبيات وإيجابيّات

لا أريد الحديث عن هذه الإذاعة بطريقة المُحّب الذي يعمى عن المساوىء

فحتى أزمتها في العام الماضي (و ربّما ما زالت ) التي طالت مديرها السابق فإستقال , ليس لأنّهُ مرتكب المخالفة , بل لأنّها حدثت في عهدهِ .

يومها هممتُ بالكتابة عنها , لكن مسودة المقال إختفت بقدرة قادر من جهازي .

ومعلوم أنّ تلك الأزمة بدأت بالحديث عن فضائح تحرّش جنسي قام بها أحد مقدّمي البرامج هو( جيمي سافيل ) مع نحو 200 فتاة .

من جهة اُخرى / أشعر أحياناً أنّ بعض المذيعين أو المذيعات إسلاميي الهوى . ومَرّدْ ذلك يعود الى طريقتهم في توجيه الإسئلة للحضور .

لكن يتبيّن لي غالباً في النهاية أنّهم موضوعيين وينفذون أوامر وسياسة مستقلّة , واعية وحكيمة .

*****************

مذيعات ومذيعين

 

منذُ عهد المذيعين الأفذاذ ذوي الأصوات الرخمة الجميلة / ماجد سرحان وأفتيم قريطم وسهام الكرمي و فاروق الدمرداش وجميل عازر و أكرم صالح و فؤاد عبد الرازق ومحمود المسلمي و أحمد قبّاني .. وباقي المُبدعين

الى اليوم حيث ملاك جعفر و فِدا باسيل ورشا قنديل ( كانت الفرحة واضحة على وجهها اليوم ) و سمير فرح والآخرين .

لكل واحدٍ منهم يشعر السامع أو المُشاهد ببصمته المُميّزة التي تنحفر في الذاكرة .

*****************

الخلاصة

إنّها محطة عالميّة أولى بإمتياز , تلك هي محطة ال

BBC

لها معاييرها المهنيّة والأخلاقيّة التي لا تحيد عنها يوماً , حتى لو كانت القضيّة تطال كبار رجال وساسة البلد أو العائلة المالكة نفسها

( أتذكر الأخبار يوم موت الليدي دايانا ) .

إنّها لا تنطق بلسان الحكومة البريطانيّة ولا تخضع لها , بل تدخل معها في مواجهات ومشاكل أحياناً

هذهِ إذاعة تفتح أبوابها لجميع الآراء مهما كانت مخالفة لأصحاب تلك الأذاعة , ونحنُ نعلم أنّ أصحاب هذهِ الإذاعة هم الشعب البريطاني نفسهُ

حيث يقوم دافعو الضرائب بدفع نفقاتها الضخمة , حتى لا تقع يوماً فريسة لهوى الحكومات المتعاقبة .

أنا شخصياً أسمّي ال

BBC ..

 حكومة العالم المُنتخبة شعبياً , والمُحايدة الأكثرُ عدلاً من الآخرين .التي تنشر المعلومة الصحيحة والخبر اليقين والمعرفة

 في كلّ فروع الحياة .

نعم إنتخبها وفضّلها غالبية الناس على مختلف ألوانهم ومشاربهم , وصاروا لها مستمعين وأصدقاء دائميين حتى الرمق الأخير !

فيا تُرى / متى سيشهد عالمنا العربي مثل تلك المؤسسة الإعلاميّة المرموقة ؟

لا تقولوا لي .. حظوظ الدُنيا .

لكن قولوا / وما نيل المطالب بالتمنّي , لكن تؤخذ الدُنيا غِلابا

معناها / جهداً وعرقاً ونضالاً مستمراً !

 ************

 الرابط 1 / عن المباني وتأريخ الإذاعة

http://www.bbc.co.uk/historyofthebbc/collections/buildings/broadcasting_house.shtml

الرابط 2 / عن مناسبة مرور 75 عام على إفتتاح القسم العربي

http://www.bbc.co.uk/arabic/multimedia/2013/01/130103_bbc_arabic_75_anniversary.shtml

الرابط 3 / تسجيل لأصوات قدماء مذيعي ال بي بي سي

 تحياتي لكم , وعام خير وسلام للجميع

 رعد الحافظ    رعد الحافظ(مفكر حر)؟

3 يناير 2013

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر | Leave a comment

انشقاق حزب النور وإشكالية الخطاب الطهوري السلفي

محمد جميل أحمد

مأزق الآيدلوجيا بصورة عامة، يكمن في التناقض الأصلي الذي ينبثق من كونها إطارا نسقيا، ليس له القدرة الفكرية على اختراق الواقع، ومن ثم العجز عن قراءته بطريقة موضوعية قادرة على رؤية الواقع كما هو لاكما يتخيله أصحابها.

بيد أن أخطر ارتدادات الآيدلوجيا على الواقع بنتائج كارثية تكمن في الرؤية الدينية الطهورية كمرجعية للعمل السياسي. فهنا سنجد أنفسنا أمام إشكالات بنيوية مأزومة في قراءة أي واقع بحسب تلك الرؤية، بل والأخطر من ذلك أن تلك الرؤية الطهورية ستنطوي، عبر خاصية الانشقاق، على خطر التفكيك المستمر للكيانات التنظيمية ذاتها، والحال أن نسق الآيدلوجيا بحسب الرؤية الطهورية سيكون فوضى مستمرة سواء بالنسبة للتنظيمات التي تتبناها، أو بالنسبة لمفاعيل تجربتها السياسية في الواقع.

هكذا، وكما كان متوقعا، بدأت الانشقاقات بين السلفيين، الذين هم الشكل “السياسي” الأكثر عرضة لتلك الايدلوجيا الطهورية. فبحسب الخبر الذي نشرته إيلاف فقد بدأت (الانشقاقات داخل حزب النور السلفي، بتقديم رئيس الحزب و150 من قياداته استقالاتهم وإنشاء حزب جديد باسم “الوطن”)

وبطبيعة الحال فأن ما يجعل تلك القابلية للانشقاق ليس فقط طبيعة العمل الحركي والتنظيمي الذي قد يكون من ظواهر العمل السياسي العام، وإنما يكمن الأمر في ذلك الانسداد النظري العميق للرؤية السلفية. فبحسب هذه الرؤية وعنوانها المتصل بالسلف الأقدمين كمرجعية للفهم والتأويل سينشأ انسداد نظري طهوري متوهم من فكرة استعادة واقع تاريخي مفارق تماما في معطياته وسياقاته ومنظوماته ونظم ادراكه ومحاولة تركيبه على اقعنا المعاصر، وبطريقة يمكننا القول معها : أن العمل بمثل تلك الرؤية الطهورية في واقع سياسي معقد كالواقع المصري ليس فقط مشروعا للانقسام في هياكل السلفيين التنظيمية فحسب ؛ بل وكذلك للبنية التنظيمية التي تصدر عنها حركات الإسلام السياسي جميعا.

إن البنية الطهورية للخطاب السلفي لا تفكر من خلال أنساق المعرفة النظرية للعالم الحديث، أومن خلال نظم ادراكه، والقوانين التي تحكم الواقع الموضوعي، وإنما تحاول باستمرار التماهي مع تصورات مجردة، وتنظر إلى معطيات الواقع عبر كتلة صلبة غير قابلة للتسييل، ومن ثم تقع في تفاصيل لامتناهية من المشكلات المتجددة. ذلك أن النظر إلى العالم الذي نعيش فيه برؤية طهورية مغلقة هو في الحقيقة نظر للعالم من خارجه، لا من داخله. وهنا سيكون التفكير في الأطر السياسية الحديثة كـ(الوطن) مثلا، مجرد تفصيل صغير داخل مفهوم (الخلافة) المتعالي، ومن مفهوم (الحزب) الذي يعني : جزء من كل هو الشعب، تفصيل صغير جدا في مفهوم (الأمة الإسلامية) الأكبر وهي هنا يمكن أن تضم 56 شعبا من شعوب العالم المعاصر.

وهكذا وبما أن مفاهيم مثل (الخلافة) و(الأمة) تعتبر اليوم وفق نظم الإدراك التي توافق عليها العالم الحديث وتم تأطيرها بمرجعيات سياسية للحداثة، مفاهيم مجردة وغير قابلة للتمثل في واقع مادي منضبط، ستكون لدى السلفيين في سوق السياسة أشبه بشيك بلا رصيد، أو أشبه باللعب خارج الحلبة.

كما أن البنية الطهورية من ناحية ثانية تنطوي على دوغمائية مجافية لمفاهيم العمل التكتيكي في ملاحقة متغيرات السياسة وضمن قواعد اللعبة التي يفرضها الواقع السياسي. وهنا سيكون الرأي والرؤى النسبية مجالات خصبة للخلاف، لا الاختلاف، الذي سيؤدي في النهاية إلى الشقاق والانشقاق.

لا يمكن للأحزاب السلفية وحركات الإسلام السياسي أن تتماسك في شكل وحدوي إلا في ظل مراحل أنظمة القمع. ولهذا فإن تماسكها ذاك لا ينبع من إدراك لقواعد الوحدة الموضوعية، بقدر ما هو تماسك تفرضه حالة الشدة والقمع. أما في واقع طبيعي حر للعمل السياسي العام، فإن الحركات الإسلامية والسلفية ستشهد انشقاقات في المستقبل نتيجة فقط لرؤيتها الايدلوجية الطهورية.

وبطبيعة الحال أن الغائب الأكبر عن تلك البنية الطهورية المؤدلجة هو الوعي المعرفي المتصل بالنظر والإدراك الواعي سواء للنص أو للواقع. وغياب هذا الوعي المعرفي سببه واقع التخلف الذي يعيش فيه هذا الجزء من العالم المسمى عربيا. ففي ظل التخلف وبنيته الشاملة ينطوي كل فهم سواء للإسلام أو للعلمانية على وصمة التخلف وخاصيته الأساسية وهي : العجز عن امتلاك ملكة الحكم الموضوعي على الظواهر والأشياء.

هذا لايعني أن السلفيين فقط هم ضحايا تلك الايدلوجيا الطهورية، بل كذلك بقية الأحزاب الاسلامية كالإخوان وغيرهم، بالرغم من أن هؤلاء يطرحون رؤية تزعم وعيا أعمق من الوعي السلفي بالواقع.

ومن الطرائف التي تحكى في هذا الصدد عندما سُئل (حسن الترابي) إبان الديمقراطية الثالثة في السودان (1986 ـ 1989) عن الفرق بين (الجبهة الإسلامية القومية) وبين السلفيين (أنصار السنة) أجاب زعيم الجبهة الإسلامية مبتسما ابتسامته المعروفة : (نحن في حرب مع الأحياء، وهم في حرب مع الأموات) ــ يقصد محاربة السلفيين لأضرحة الصوفية ــ في إشارة واضحة إلى اهتمام الإخوان المسلمين بالواقع أكثر من السلفيين. لكن الأحداث، بعد ذلك بسنوات طويلة، كشفت أن الاختلاف كان فقط في الدرجة وليس في النوع.

أن الطبيعة الانشقاقية من أهم خاصيات الفهم التأويلي لحركات الإسلام السياسي، وهذه الطبيعة اللازمة لهذه الظاهرة هي التي تفسر لنا اليوم أسباب انشقاق الحركة الإسلامية السودانية بعد توليها للسلطة. وهو للأسف انشقاق صدر عن فكر تأويلي أدى في النهاية إلى انقسام السودان ذاته.

Jameil_2004@hotmail.com 

 المصدر ايلاف

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

فضيحة الدنيا..فتاة تتهم أحد الثوار باغتصابها زورا

Posted in ربيع سوريا, يوتيوب | Leave a comment

أنا وفالانتينا 4 (عيد ميلادها)؟

 أديب الأديب

هنا في بلاد السلافيين, في شمال شرق أوروبا الباردة, اكتشفت بأني كنت أعيش بعزلة خلف أسوار فولاذية, من سبيكة التابوهات الشرقية الثلاثة, السياسة والدين والجنس. 

أسوار العادات والتقاليد. 

أسوار طاعة الأبناء العمياء للأباء, وتحكم واستغلال الأباء للأبناء وإبقائهم خلفهم بالمعرفة والثروة, لكي لا يخرجوا عن طوعهم ولكي يتحكموا بهم طوال حياتهم, وهنا اكتشفت بان الاباء والامهات في الشرق هم الاسوء بالعالم؟

هنا اكتشفت بأن والداي هم اكثر من كذبوا علي. 

هنا اكتشفت بأن أساتذتنا بالمدارس كانوا يكذبون علينا. 

هنا اكتشفت بأن رجال الدين من شيوخ وقساوسة كانوا يكذبون علينا. 

هنا اكتشفت بأن كتب التاريخ التي كنا ندرسها كانت مليئة بالأكاذيب. 

يا الهي! لقد فاتني الكثير في عزلتي, وأنا الأن حر بدون أغلال وأريد أن أطير وان احلق بطموحي الذي لا يحده حتى السماء. 

أنا الأن متعطش للمعرفة كما يتوق العصفور للطيران. , ومثل شغف العاشق للقاء محبوبته. 

أريد أن اقرأ كل كتب التاريخ والفلسفة والاقتصاد والفن والأدب الموجودة بمكتبة لينين الأسطورية بموسكو, والتي تحتاج على الأقل عشرات السنين من عمري. 

أريد أن اتعلم كل الموسيقا الموجودة بالعالم, … لقد قمت بشراء بيانو وكيتار,…واستأجرت مدرستين للموسيقى , واحدة لتعلمني العزف على البيانو, وأخرى لتعلمني العزف على الكيتار. 

اريد ان ازور كل المتاحف . 

أريد ان أشاهد كل الأفلام, أريد ان احضر كل المسرحيات والحفلات الموسيقية, والاوبرا والباليه. 

أريد أن أزور وأشاهد كل العالم. 

وأريد أن اعشق وأن أكون مع كل الفتيات السلافيات الجميلات. 

أريد ان أتذوق كل الأطباق بالعالم وكل انواع النبيذ والشمبانيا. 

أريد كل شئ وبشراهة! 

لقد انطبق علي المثل السوري القائل:”مسكين ووقع بسلة تين” ؟

غدا هو عيد ميلاد فالانتينا, وقد حضرت مفاجأة ستسر لها فالانتينا كثيراُ, لقد حجزت بفندق بموسكو لليلتين, وحجزت بالطائرة الى موسكو, وحجزت بطاقتين لمشاهدة باليه لمسرحية شكسبير:” كثير من الضجيج في ليلة صيف” في مسرح البالشوي بموسكو وهو المسرح المفضل لدى فالانتينا, لأنه مسرح تاريخي اسطوري وهو مهد فن الباليه بالعالم.

صرخت فالنتينا وقالت: عندما رأى قرف! وعبست بوجهي وقالت ارجوك ان لا تفسد ليلة عيد ميلادي؟ لقد كان كل شئ رائع ورومانسي, مسرحية الباليه كانت رائعة, والرقص والموسيقى والشمبانيا في الريستورانت كانت رائعة, وجناحنا في الفندق خيالي؟ 

كانت فالانتينا تخطط لهذه الليلة الرومانسية, وكانت امنتيتها الوحيدة لهذه الليلة هي ان تجعلني اقبل عشها بلساني كما هي تفعل بعضوي؟ 

نتيجة لتربيتي الخاطئة بطفولتي, كنت اسمي الاعضاء التناسلية بالمناطق القذرة, وعندما سمعتني مرة فالنتينا اسمي الاعضاء التناسلية بالمناطق القذرة, صرخت بوجهي وقالت يجب ان تتوقف اولا عن تسمية الاعضاء التناسلية بالمناطق القذرة,… هي ليست قذرة,… بل هي انظف واطهر الاماكن بالجسم؟ 

قالت لي فالانتينا: الليلة عيد ميلادي واريدك ان تمارس الحب معي بطريقة خيالية, واريدك ان تقبلني في كل بقعة من جسدي من دون استثناء, 

فقلت لها: هذا يسعدني كثيرا,….. فلم اكن اتوقع بانها قصدت كل جسمها بالمعنى الحرفي, فقد ظننت انها كانت تقصد كالعادة كما كنت اقبل جسمها سابقاُ,.. لقد بدأت بتقبيلها من فمها ثم نزلت الى عنقها فصدرها, فبطنها ثم فخذيها, وكنت اقبل كل منطقة الفخذين وعندما كنت اقترب من المنطقة ذات اللون الداكن بجوار عشها كنت اغمض عيني قرفاُ, واتوقف عن التقبيل عند بداية المنطقة الداكنة من عشها, لهذا السبب صاحت فالانتينا وقالت جملتها الشهيرة: “عندما رأى قرف” ؟ 

لقد كانت فالانتينا تراقبني وانا اقبلها, وكانت تنتظر ردة فعلي عندما اقترب بالتقبيل من عشها, وكانت تأمل بأن اصل بلساني الى عشها, ولكن خاب ظنها عندما رأت امتعاضي من منظر العش وكيف اني اغمضت عيني. 

السبب في اني كنت اغمض عيني, هو انه عندما لمحت عشها اول مرة بحياتي, لم يعجبني المنظر ولم يغريني, ولكي لا افقد شهوتي الجنسية من منظر العش كنت اغمض عيني..؟؟

قامت فالانتينا واطفأت جميع الانوار بدون استثناء, واصبحت الغرفة في ظلام دامس, وعادت الى السرير وقالت قبلني بعشي فانت لا ترى شيئا الان,

فقلت لنفسي حتما لن اموت, وطالما ان كل الناس تفعلها فيجب علي ان افعلها فأنا بطبعي احب المغامرة,…..  وعندما وضعت لساني داخل عشها, و تذوقت عشها للمرة الاولي كان من اشهى ما تذوقت,….. كم هو لذيذ وندي…., لماذا لم تقولي له بانه بهذه اللذه,….. انه اطيب ما ذقت بحياتي… وكل شئ حول العش رقيق وطعمه لذيذ… وكذلك جدار العش من الداخل من الذ ما يكون….. لقد ندمت على كل مرة مارست الحب مع فالانتينا ولم اقبل عشها بلساني.

لقد كانت ليلة رائعة ومارسنا الحب كما ترغبه غرائزنا الطبيعية, فقد كان كل شيئا طبيعيا وتلقائياٌ وغريزيا,

في الصباح كانت فالانتينا تأخذ دوشها لكي نستعد الى جولة ثانية من ممارسة الحب, اما انا فطلبت الفطار, وشغلت التلفاز من الريموت كنترول, فاندهشت مما شاهدته, … ماذا ؟؟ ماذا يقولون؟؟

وصرخت وقلت لفالانتينا: تعالي بسرعة واسمعي …. هل من المعقول ان هناك انقلاب في موسكو؟؟ ام ان لدي مشكلة بلغتي الروسية؟؟

فالانتينا تعرف بان هناك شئ خطير, والا لما كنت ندهت عليها, فأتت مسرعة وشاهدت معي ما يقوله التلفاز, وقالت لي لغتك الروسية اصبحت افضل مني وما فهمته صحيح فهناك انقلاب في الحكم بموسكو؟؟ 

يتبع   أديب الأديب (مفكر حر)؟

انا وفالانتينا 3 (أستاذتي بفن الجنس)؟

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

لماذا الجمود الروسي تجاه سوريا؟

صامويل شارب : الشرق الاوسط 

على الرغم من كل الزيارات الدبلوماسية رفيعة المستوى والأخبار المثيرة التي رافقتها، فإن المراقب غير المتمرس يستطيع الاستنتاج بسهولة أن روسيا تملك مفتاح حل الأزمة السورية، لكن الجولة الأخيرة من المحادثات الفاشلة التي جرت نهاية الأسبوع الماضي (هذه المرة بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأخضر الإبراهيمي مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية بشأن الأزمة في سوريا) أظهرت بما لا يدع مجالا للشك أن روسيا لن تكون جزءا من الحل بشأن سوريا.

 وقد أكد مسؤولون روس بارزون على ذلك منذ شهور، لكن بعض الأطراف في المجتمع الدولي، ربما حتى وقت قريب، لم يصدقوهم.

 نجم هذا الخلط عن التقارير المتكررة حول العلاقات بين روسيا والرئيس السوري بشار الأسد؛ العسكرية والدينية والتقارير الاستخباراتية وما شابه، حيث لعبت هذه العوامل من دون شك دورا ما في طريقة تعامل موسكو مع الأزمة، لكنها لا تفسر استخدام الكرملين «الفيتو» ثلاث مرات وجهوده في إضعاف إعلان جنيف المطالب بانتقال سلمي للسلطة، ورفض الانضمام إلى الأصوات المطالبة برحيل الأسد. لم تأخذ موسكو أي خطوات بسبب مصالحها في سوريا أو لأنها تدعم الأسد، وبالفعل، حذر الرئيس الروسي آنذاك ديمتري ميدفيديف، في بداية صيف 2011، بأن من يطالب بإصلاحات فورية هناك ينتظره مصير حزين.

 أبرزت المأساة السورية، بوضوح، التباين الجوهري بين وجهة نظر روسيا إزاء التدخل الدولي وباقي المجتمع الدولي خاصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي؛ إذ تعتقد موسكو أن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يجب عليه أن لا يتدخل في إسقاط الحكومة الحالية في سوريا.

 وهناك كثير من الأشخاص في مؤسسة السياسة الخارجية الروسية يعتقدون أن سلسلة التدخلات التي قادتها الولايات المتحدة والتي أدت إلى تغيير أنظمة منذ نهاية الحرب الباردة (في كوسوفو وأفغانستان والعراق وليبيا) تمثل تهديدا لاستقرار النظام الدولي وربما لاستقرار النظام في روسيا ذاتها. فلم توافق روسيا على هذه التدخلات ولن تقوم بذلك إذا ما ساورتها الشكوك بأن الدوافع هدفها التخلص من الحكومة الحالية.

 قد يبدو الاعتقاد بأن روسيا قد تكون في النهاية هدفا لمثل هذا التدخل نوعا من السخف في واشنطن، لكن الشكوك بشأن النوايا الأميركية المحتملة تضرب بجذورها في موسكو، ومن ثم فإن روسيا تستخدم ما لديها من قوة لصياغة النظام الدولي؛ خاصة مقعدها الدائم في مجلس الأمن، لتجنب تشكيل سابقة خطيرة يمكن أن تؤدي في النهاية لأن تستغل ضدها.

 وفي حالة سوريا، لم تقتنع موسكو بأن دوافع الولايات المتحدة تقودها الكارثة الإنسانية التي تسبب فيها الأسد فقط، بل يرى الكرملين أن الجغرافيا السياسية الشريرة مصدر أصيل في ذلك؛ حيث تسعى واشنطن إلى التخلص من حكومة طالما كانت سياستها الخارجية تعارض المصالح الأميركية، خاصة التحالف مع إيران. ولذا عندما صرح الرئيس أوباما في 18 أغسطس (آب) 2011 بأن «الوقت قد حان كي يتخلى الرئيس الأسد عن السلطة»، كان تغيير النظام أولوية بالنسبة للولايات المتحدة أغلقت نافذة الأرضية المشتركة مع روسيا في الأمم المتحدة. والحقيقة هي أن نصوص الحلول المقترحة لم تعكس أي أولوية من هذا النوع بالنظر إلى ما اعتبرته موسكو هدفا معلنا بشكل صريح.

 منذ ذلك الحين، حاول كثيرون تغيير السياسة الروسية لكنهم فشلوا جميعا. وعادة ما كان الصحافيون يؤيدون دون قصد الحاجة إلى «المحاولة من جديد مع موسكو» عندما كانت التصريحات الروسية تحمل أدلة ضمنية على تغيير وشيك في السياسة. قد يكون هذا صحيحا في الأسابيع الأخيرة مع تقييم روسيا بأن الحقائق على الأرض تغيرت.. فربما تكون روسيا متمسكة بعقيدتها لكنها في الوقت ذاته لا تغفل الوقائع على الأرض. لكن تغير التقييم في هذه الحالة لن يؤدي إلى سياسة متغيرة. السبب بسيط هو أن الموقف الروسي حول التحرك الدولي بشأن الأزمة السورية يرتبط بشكل أكبر بالقلق إزاء الآثار المترتبة على القوة الأميركية أكثر منها على سوريا ذاتها.

 لذا إن لم تكن روسيا جزءا من الحل الذي يتضمن مجلس الأمن، فلماذا يبذل المجتمع الدولي الكثير من الوقت في التودد إلى المسؤولين الروس بشأن سوريا؟ البعض يقول إن روسيا قادرة، إذا شاءت، على الضغط على الأسد لتقديم تنازلات ضرورية لتحقيق تسوية. ربما كانت روسيا تملك مثل هذا النفوذ قبل 12 أو 18 شهرا، لكن الأسد يقاتل الآن من أجل البقاء ولا توجد أسباب منطقية للاعتقاد بأنه سيفعل أي شيء سوى الابتسام والإيماء تجاه أي إنذار من موسكو. ونظرا لأن مثل هذا الإنذار الافتراضي قد يتضمن على الأقل رحيل الأسد على الفور لأن ذلك هو الحل الوحيد لجلوس المعارضة إلى طاولة الحوار، فسوف يظل أمرا افتراضيا.

 إذا كانت هناك نتيجة واحدة ملموسة لكل الجهود الدبلوماسية الأخيرة، فهي تمكين موسكو. قد يبدو هذا عابرا، لكنه في الوقت الحالي يعني ضرورة بذل طاقة ووقت المجتمع الدولي في الجهود التي يمكن أن تؤدي إلى التوصل لحل بشأن سوريا.

 * خبير في شؤون منطقة روسيا وأوراسيا في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بواشنطن

 * خدمة «نيويورك تايمز»

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

الإيمان بالوراثة والفكر الأحادي

نوال السعداوى:   الأهرام المصرية 

 سمعت أبي في طفولتي يقول إن الايمان بالوراثة باطل‏,‏ لأنه ايمان أعمي يتم عبر علاقات الدم البيولوجية الجبرية‏, وليس عن طريق حرية الاختيار والعقل الواعي.

تخرج أبي في الأزهر ودار العلوم في العشرينات من القرن الماضي, وكان ناقدا للتعليم الديني في الازهر والجامعات والمدارس. لهذا تم إبعاده عن المناصب العليا, وكان مؤهلا ليكون وزير المعارف, لولا نقده اللاذع لأسس التعليم السائدة, التي تنتج عقولا جامدة عاجزة عن النقد والإبداع, خاصة في المجالين السياسي والديني, وكان شيخ الأزهر يدعو في صلوات الجمعة بطول العمر للملك الفاسد, وان يحفظه الله ويديم ذخرا للبلاد, كان أبي يسميه الشيخ المرائي بدلا من الشيخ المراغي, وزارة المعارف كان أبي يسميها وزارة المقارف. وكان التعليم يقوم علي السمع والطاعة دون نقاش, نهتف في طوابير المدارس كل صباح الله الوطن الملك في نفس واحد, الايمان بالثلاثة معا في وقت واحد, الذات الملكية لاتنفصل عن الذات الالهية, من ينقد الملك يتهم بالكفر والالحاد, مما جعل الشعب المصري ونخبه وقياداته خاضعة مستسلمة للديكتاتورية السياسية والدينية في آن واحد.

كان التعليم الديني يقوم علي حفظ الآيات القرآنية عن ظهر قلب دون فهم أو تحليل أو مقارنة بالاديان الأخري, لم يملك المدرسون أنفسهم قدرة المقارنة أو شجاعة النقد لأي شيء موروث مقدس, فمابال التلاميذ والتلميذات. تغلغل الفكر الديني بالوراثة في الوجدان المصري, في عقول الرجال والنساء والشباب والأطفال, في عمق القري والمدن المصرية, وأصبحت الأحزاب الدينية من أقوي الاحزاب السياسية في مصر وتعاني الأحزاب المدنية, الليبرالية أو العلمانية أو الشيوعية, أيضا من الإيمان الأعمي بالوراثة, بسبب التربية في البيوت والتعليم في المدارس, يصبح رئيس الحزب في نظر الأعضاء هو القائد الخالد, أو الزعيم المقدس المعصوم من الخطأ, تصبح أقوال كارل ماركس مقدسة غير قابلة للنقد. 

التعليم القائم علي السمع والطاعة يفتك بالعقول, لا تختلف الطاعة للنبي المرسل من الرب عن الطاعة للقائد رئيس الحزب أو الفيلسوف الملهم. سمعنا نساء ورجالا يتحدثون عن المنقذ المعصوم من الخطأ, النحاس باشا أو جمال عبدالناصر أو أنو السادات أو حسني مبارك أو محمد مرسي أو محمد البرادعي أو غيرهم, وتتأصل التبعية والخضوع في الشخصية المصرية بسبب نظام التعليم الذي يكرس الخضوع والتبعية. لم تتقدم أي بلد في العالم, ولم تنجح أي ثورة في التاريخ إلا بعد تغيير نظم التعليم السياسي والديني, بحيث يقوم التعليم علي التحليل والنقد والمقارنة وليس علي السمع والطاعة والتقديس, ويرسخ استقلال الشخصية وحريتها, ويمكن لكل فرد أن يختار عقيدته أو دينه اختيارا حرا ولايفرض عليه بالوراثة.

في كل بلد أسافر اليه أسألهم, كيف تعلمون أطفالكم الدين؟

في الشرق والغرب من إندونيسيا الي كازاخستان الي امريكا الجنوبية والشمالية وكندا واستراليا, من الايسكيمو الي المكسيك الي كينيا والسنغال وجنوب افريقيا, وأغلب بلاد العالم لم تعد تعلم الدين لأطفال المدارس, بل تعلمهم العلم الحديث وفروعه المختلفة, بعض البلاد الاسلامية مثل كازاخستان لاتفرض علي التلاميذ أن يتعلموا دينا واحدا, وان كان دين الأغلبية, بل تقدم لهم المعلومات الأساسية للأديان المتعددة داخل البلد وخارجها أيضا, تشجعهم علي مقارنة الأديان بعضها البعض, ثم اختيار مايقنعهم أكثر.

في إندونيسيا أيضا, رغم الأغلبية المسلمة, فان الدول لاتفرض تعليم الاسلام في المدارس, ويحق لكل إنسان امرأة أو رجل أن يختار دينه, بل ان اسم الأب لايفرض علي الأطفال, ولا اسم الأم أو أي اسم آخر في العائلة, وقد يحمل الطفل الإندونيسي أو الطفلة اسم وردة أو شجرة أو اسم معناه, أنا أحب الحرية, وهو الاسم الذي اختارته لنفسها ابنة رئيسة المؤتمر المسرحي الذي دعتني اليه في جاكارتا منذ أعوام قليلة. وقد يرفض بعض المتشددين دينيا هذا المنطق ويتهمون هذه الدول بالكفر, الا ان هذا لايمنع هذه البلاد من السير قدما في طريق الحرية والعدل والكرامة والمساواة بين الناس جميعا بصرف النظر عن اختلاف الجنس أو الدين أو العقيدة.

أليست هذه هي أهداف الثورة المصرية التي بدأت في52 يناير1102 ؟

أليست هذه هي مطالب الشعب المصري في كل مرة يخرج فيها الي الشوارع والميادين مناديا بإسقاط النظام؟

أليس نظام التعليم هو جزءا من النظام السياسي بل الحجر الأساسي الذي يقوم عليه النظام كله؟ وكيف يسقط النظام السياسي ويظل النظام التعليمي كما كان؟

تصادف مروري أمام مدرسة ابتدائية للبنات بالقاهرة لحظة خروج التلميذات, يتراوح عمرهن بين التاسعة والعاشرة, كانت أغلبهن محجبات, هل تفرض وزارة التربية والتعليم الحجاب علي الاطفال البنات؟ وان قفزت الي الحكم في مصر الأحزاب الدينية فهل يفرضون النقاب علي الاطفال البنات؟ ألهذا اراد الحزب السلفي الاستيلاء علي وزارة التعليم قبل أي وزارة أخري؟ وكيف يكون التعليم في مصر ان استولي عليه المتعصبون لدينهم وحزبهم وعشيرتهم ومذهبهم, الذين يمتلكون الحقيقة المطلقة ويعتبرون كل من يختلف معهم كافرا يستحق الردع؟

معركة الدستور والاستفتاء وغيرها من المعارك السابقة واللاحقة, كشفت بوضوح أن الثورة المصرية لن تجهض, وأن الايمان الأعمي والفكر الأحادي لن يسود, وأن القيادات الثورية من الشباب والشابات أكثر وعيا وصلابة من القيادات التقليدية, الذين تربوا في حضن الديكتاتوريات السياسية والدينية ونظمها التعليمية, ولم يخرجوا بعد من سجن الطاعة والإيمان بالوراثة. لقد دخلت الثورة المصرية مرحلة جديدة أكثر عمقا وخرجت من سجن الإيمان الأعمي بالزعيم الأوحد.

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر | Leave a comment

هل ستحجر اميركا على الشرق الاوسط؟

طلال عبدالله الخوري 2\1\2013

عادة يتم الحجر على المرضى المصابين بأوبئة معدية لكي لا تتنتقل العدوى الى الاخرين وتسبب بكارثة انسانية, او يتم الحجر على المرضى ذو العاهات العقلية والذين يمكن ان يشكلوا خطراُ على انفسهم وعلى الاخرين, والسؤال الذي سنطرحه في هذه المقالة: هل وصلت اميركا الى قناعة بأن الشرق الاوسط, والذي يضم جميع البلدان العربية مضاف اليها باكستان وافغانستان وايران, هو شرق مبتلي بأمراض خطيرة, وافضل طريقة للتعامل مع الشرق الاوسط لتلافي خطره هو الحجر عليه, على مبدأ الله يبعدك ويسعدك, فأنا اميركا (العظمى) لست بحاجة الى شرقكم الاوسطي, واستطيع ان اعيش بدونكم, وبدون مشاكلكم وأمراضكم, (ودرب السد ما يرد, كما يقول المثل الشامي), وإذا روسيا او ايران مهتمه فيكم وبمنطقتكم, فصحتين على روسيا وايران والله يجمع ويوفق وبالرفاه والبنين؟ وطبشوا بعضكم مع بعض ومع روسيا وإيران؟

أميركا واليابان واوروبا وبرنامج مارشال:

لقد استثمرت اميركا في أوروبا ومن أجل اوروبا دماء جنودها الاميركيين وساعدت الاوروبيين بالتحرر من النازية ومجنونها هتلر, وبعد ذلك قامت بتصميم برنامج مارشال, وضخت اميركا اموالها ونشلت اوروبا من الدمار الذي لحق بها بالحرب العالمية الثانية, ووضعتها على طريق التقدم والازدهار, وكذلك الامرفعلت اميركا مع اليابان ما فعلته مع اوروبا من استثمارات بالدم والمال, فماذا كانت نتيجة هذه الاستثمارات الاميركية في كل من اوروبا واليابان:

 اولاُ: حماية اوروبا واميركا واليابان وكثير من دول العالم من السقوط في شرك الشيوعية والعبودية الشيوعية.

ثانياُ: انتعاش الاقتصاد الاميركي والاوروبي والياباني والعالمي, وتم وضع العالم على الطريق الصحيح للوصول لهذا الازدهار الاقتصادي والتقدم العلمي والتكنولوجي وهذا المستوى الحضاري التي وصلت له البشرية والذي نشهده الآن بأم أعيننا.

 من هنا نستنتج بأن كل قطرة دم استثمرتها اميركا من اجل حرية اوروبا واليابان, عادت عليها بأن وفرت ملايين الدماء الاميركية التي كان يمكن ان تخسرها بحرب غير باردة مع المعسكر الشيوعي في مختلف ارجاء العالم, وأن كل دولار استثمرته من اجل نهضة اوروبا واليابان عادت فوائدها ملايين الدولارات على اوروبا واليابان ولكن ايضاُ عادت على اميركا بفوائد بمليارات الدولارات, وهذا افضل استثمار استثمرته اي دولة بالتاريخ, وذلك من حيث أن: نقطة الدم وفرت ملايين الدماء.. والدولار الواحد عاد بفوائد  بمليارات الدولارات.

اميركا وافعانستان والعراق

 بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر, واسقاط برج التجارة العالمية بنيويورك, وقتل ما يقارب ال 50 الف اميركي, انبرت معاهد الابحاث السياسية الاميركية لدراسة هذه الظاهرة: لماذا يكرهنا هؤلاء المسلمون الشرق اوسطيون, لماذا فرحوا وزغردوا ووزعوا الحلوى لموت ابنائنا في احداث سبتمبر الارهابية؟

لحسن حظنا بأن نتائج الدراسة اتت كالتالي: هم يكرهوننا لانه لنا علاقات دبلوماسية مع زعمائهم المستبدين مثل صدام حسين, والاسد والقذافي وحكم طالبان وغيرهم من هذه الانظمة الاستبدادية التي تقمع شعوبهم, ونصحت الدراسات بأن الشرق الاوسط بحاجة ماسة الى برنامج يتضمن مساعدته للتحرر من العبودية, ثم الاستثمار في اقتصاده, بطريقة مماثلة لما فعلته اميركا في اوروبا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية, فقررت اميركا بأستثمار اموالها ودماء ابنائها لتحرير الشرق الاوسط من صدام حسين وطالبان والقاعدة, والاستثمار ببناء اقتصاد الشرق الاوسط وكانت تنتظر مردود مماثل لمردود استثماراتها باوروبا واليابان؟

لقد استثمرت اميركا دماء عشرات الألوف من الجنود من ابنائها, وضخت مليارات الدولارات لتحرير كل من العراق وافعانستان وبناء اقتصادياتهم, لكي يكونوا مثالا يحتذى به لبقية دول الشرق الاوسط, فماذا كانت النتيجة لهذه الاستثمارات؟

كانت النتبيجة بأن ضاعت كل استثمارتها هباءا, وخرجت اميركا من كل من افغانستان والعراق خروجا ذليلاُ ولم يحققوا اي شئ, وسبب ذلك هو ان شعب العراق وافغانستان وشعوب الشرق الاوسط بشكل عام تختلف عن بقية البشر مثل شعوب اوروبا واليابان, واخر هموم الانسان الشرق اوسطي هو الحرية والديمقراطية وبناء الاقتصاد, لان اولى اولويات هذه الشعوب الوحيدة هو الذهاب الى الجنة والظفر بالحوريات والغلمان, واسهل طريقة للظفر بهذه الاولوية, حسب العقيدة الاسلامية, هو محاربة وقتل الجندي الاميركي ومعاداته حتى ولو جاء لهم بالخير.

من تجربة اميركا بالعراق وأفغانستان نستنتج بأن اميركا استثمرت الكثير من دماء ابنائها والمليارات من اموال مواطنيها, وخسرت كل شئ ولم تجلب لها هذه الاستثمارات الا مزيدا من الخسارة والازمات الاقتصادية, ومزيدا من الكره من قبل شعوب الشرق الاوسط.

 اميركا والصومال

الصومال بلد فقير ليس فيه اي موارد او اي مواد اولية لكي تطمع بها (الرأسمالية المتوحشة كما يقول المغيبون من اليساريين العرب), والشئ الوحيد الموجود في الصومال هو الارهابيون (المجاهدون) الى جانب المجاعة, والاطفال المرمية على الطرقات تنازع زفرات الموت الاخيرة, لذلك انتخت الامم المتحدة و أستنجدت بالدول الغربية الكريمة (وليس بالدول الاسلامية الجاحدة) لمساعدة اطفال الصومال وانقاذهم من المجاعة, فقام الارهابيون من المجاهدين بمصادرة هذه المساعدات وسرقتها, فقررت الامم المتحدة بتحرير المساعدات باستخدام البند السابع, فتطوع الجيش الاميركي العامل بالناتو لتننفيذ عملية التحرير هذه, فقام المجاهدون الارهابيون (والمدربون والعاملون مع تنظيم القاعدة الارهابي) بالاشتباك مع الجنود الاميركيين وقتلوا الكثير منهم واسقطوا لهم مروحيات بلاك هوك, (قامت هوليوود بتوثيق هذه الحرب بالتفصيل بفلم عنوانه بلاك هوك داون)

 من تجربة اميركا بالصومال نستنتج بأن اميركا استثمرت دماء أبنائها واستثمرت اموالها لكي تساعد الصوماليين المسلمين الشرق اوسطيين, فضاعت كل استثماراتها هباءاُ, والاكثر من هذا خرج الصوماليون الذين يعانون من المجاعة بمظاهرات تهتف بموت اميركا والكره لاميركا (انا لا اعرف كيف ان الجوعان لديه القدرة على شراء الاسلحة لاسقاط مروحيات البلاك هوك, ولديه القدرة على الهتاف ضد اميركا)؟

اميركا وليبيا

 لم تستسلم اميركا الى تجاربها الخاسرة في كل من الصومال والعراق وافغانستان وباكستان, فقررت ايضا مساعدة الشعب الليبي في التحرر من الطاغية معمر القذافي, والذي استعبد الشعب الليبي حوالي النصف قرن؟

ومرة ثانية تستثمر اميركا اموالها ودماء ابنائها, ولكن للاسف تتآمر الحكومة الليبية الجديدة مع تنظيم نصرة الاسلام, وتترك السفارة الاميركية بدون حماية كافية, وتترك اعضاء السلك الدبلوماسي الاميركي لقمة سائغة للأرهابيين لتتم مهاجمة السفارة من قبل الارهابيين الاسلاميين ولكي يتم قتل السفير الاميركي وطاقم السفارة الاميركية.

 ان الهجمات والاعتداءات المسلحة ضد السفارات الامريكية التي انطلقت من مصر وسرعان ما وصلت الى ليبيا واليمن والكثير من دول الشرق الاوسط بطريقة اكثر عنفا وهمجية ، قد شكلت في مجموعها ضربة قاسية للسياسة الخارجية الامريكية في الشرق الاوسط, ولسوء الحظ فقد جاءت عقب تبدل في وجهة السياسية الخارجية الامريكية وانفتاحها على النظم السياسية الجديدة لثورات الربيع العربي التي لقيت تأييدا سياسيا غير محدود ودعما لوجستيا غير مسبوق من جانب الولايات المتحدة الامريكية وحلفاءها الاوروبيين وغيرهم ، وبالتالي فإنها قد تشكل منعطفا خطيرا في توجهات السياسية الخارجية الامريكية المستقبلية ازاء هذه المنطقة, ونحن نعتقد بأن بعد التجربة الليبية الفاشلة قد تعلمت اميركا الدرس, وقد اخذت قرارها بالحجر على الشرق الاوسط, وسبب اعتقادنا هذا هو الدلائل التالية:

أولاُ: اميركا تعرفت على الفعلة الذين قاموا بالهجوم على السفارة وتركتهم طلقاء في كل من مصر وليبيا, حتى لم تطالب باستجوابهم او محاكمتهم وكشف المتورطين معهم من الحكومة الليبية, وهذا ليس من ادبيات الكاوبوي الاميركي, وهذا برأينا دليل على ان اميركا اتخت قرارها بالحجر على الشرق الاوسط.

 ثانياُ: لسوء حظ السوريين, لم تتدخل اميركا بتحرير سوريا من اسوء طاغية في الشرق الوسط وهو ابن عائلة الاسد بشار, إلا من بعيد, وبالحد الادنى او كما يقال من المقعد الخلفي, وهذا سبب اخر يجعلنا ان نظن بأن اميركا قد اتخذت قرارها بالحجر على الشرق الاوسط؟

ثالثاُ: لقد كانت مسألة الطاقة الرخيصة من اجل تحفيز الاقتصاد الاميركي, هي نقطة ضعف السياسات الاميركية في الشرق الوسط, ومن اجل هذه المسألة كانت اميركا تغض النظر عن الاستبداد وانتهاكات حقوق الانسان في الشرق الاوسط مما كان يسبب لاميركا الكثير من الحرج؟ ولكن الابحاث والتقارير الحديثة تشير الى أن اميركا ستكتفي ذاتيا من الطاقة, والاكثر من هذا ستصبح دولة مصدرة للطاقة, حيث قالت وكالة الطاقة الدولية إن الولايات المتحدة ستتخطى السعودية كأكبر منتج للنفط في العالم في 2017، إذ تقترب من تحقيق الاكتفاء الذاتي بفضل زيادة حادة في إنتاج الغاز والنفط الصخريين, وتوقعت الوكالة أن يستمر تراجع واردات الولايات المتحدة من النفط إلى أن تتجاوز صادراتها وراداتها بحلول 2030 تقريبا. وقال فاتح بيرول كبير اقتصاديي الوكالة في مؤتمر صحافي في لندن إن الولايات المتحدة ستتقدم على روسيا كأكبر منتج للغاز بفارق كبير بحلول عام 2015، وبعد ذلك بوقت قصير أي في عام 2017 ستصبح الولايات المتحدة أكبر دولة منتجة للنفط في العالم..

 من هنا نستنتج بأن اميركا لم تعد بحاجة الى الطاقة الرخيصة من الشرق الاوسط وهي كانت نقطة الضعف لديها, وهذا يعطينا سبب اخر لكي نعتقد بأن اميركا ستحجر على الشرق الاوسط؟

في ما سبق قمنا باستعراض الاسباب التي تجعلنا نظن بأن اميركا قد قررت الحجر على الشرق الوسط, وهذا اسوء سيناريو ممكن ان تتخذه اميركا تجاه الشرق الوسط, حيث سيزيد بؤس شعبوبنا بؤساُ وبؤساُ, من جهل وتخلف وفقر, وسنحرم من اكبر نافذة كنا نستنشق من خلالها ريح القوة وكسر حاجز الخوف من الانظمة الاستبدادية, الى جانب ريح الحرية وحقوق الانسان والعلم والتحضر والتطور التكنولوجي؟

 ولكن افضل سيناريو ممكن هو ان لا تكون اميركا قد اتخذت فعلاُ  قرارا إستراتيجياُ بالحجر على الشرق الاوسط, وان تكون هذه السياسة محدودة بالحزب الديمقراطي او محصورة بالرئيس باراك اوباما المهزوز والجبان في دعمه للثورة السورية, وما يدعم هذا الافتراض هو صدور مقالة عن زعماء الحزب الجمهوري: جون ماكين وجوزيف ليبرمان وليندسي أوغراهام, تطالب هذه المقالة  حكومة اوباما بتصحيح سياستها تجاه الشرق الاوسط والثورة السورية, والمقال بعنوان: سوريا تهوي إلى قاع سحيق

وهذا ما يجعلنا بان نتفآل مع عودة الحزب الجمهوري للحكم

 هوامش:

سوريا تهوي إلى قاع سحيق

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | 1 Comment

كنيسة سورية تطرد قس شبيح والكنائس الباقية تنذر رجلي دين من الشبيحة

مراسل المحليات : كلنا شركاء

طردت الكنيسة المارونية في سوريا منذ فترة القسيس الشبيح طوني دورة من عمله و لذلك على خلفية ” دوره التشبيحي الشخصي الذي لا يمثل باي حال دور الكنيسة المارونية والمسيحيين عموما ” في سورية .

وكشفت مصادر الكنيسة ان ” دورة ” لم يعد رجل دين مسيحي وهو اليوم بعيدا عن الكنيسة ، و تصرفاته لا تمثل اي جهة دينية مسيحية لا من قريب و لا من بعيد .

و نقل اشخاص من الداخل ان ” دورة ” يتردد على مسؤولي النظام و قياداته وهو يحمل سلاحا فردياً ، ونظرا لهذه التصرفات التي لا تمثل اخلاق المسيحيين و الكنيسة فقد اصدرت الكنيسة قرارا بطرده وخلع ثوبه الديني .

و قال عدد من ابناء الكنيسة المسيحية في سورية ان عدد من رجالات الدين المسيحي اللذين كانوا يظهرون على الشاشات تم تنبيههم و تحذيرهم من الاستمرار في تلك التصرفات التي لا تعطي الانطباع الحقيقي عن اوضاع المسيحيين المسالمين التواقين الى المدنية و تداول السلطة بين كافة ابناء الوطن ، اللذين لا يقبلون باي حال بنظام يقصف المدن والاحياء السكنية بالطائرات التي كانت يجب ان تقصف ” العدو ”

كما حذرت الكنيسة السريانية الارثوذكسية القس كبرئيل داوود خصوصا بعد الوثائق الامنية المسربة والتي فضحت تقاضيه مبالغ مالية من فرع دمشق للمخابرات العامة ,و كانت كنيسة الروم الارثوذكس كذلك قد نبهت الارشمندريت لوقا الخوري بالكف عن الاستمرار بما يقوم به من افعال وتصريحات تسيء للكنيسة ولا يمكن تصنيفها الا بافعال تشبيح , ولم يبق في الساحة من رجال الدين المسيحي ممكن يمكن اعتبارافعالهم تسيئ للمسيحيين بشكل عام الا الاب الياس زحلاوي الذي تبدو حالته ميؤوس منها نظرا لكبر سنه وعدم استماعه للعديد من نصائح اعضاء جوقة الفرح الذين كان يرعاهم ويضعهم الان نتيجة تصرفاته وكتاباته وافعاله في القوائم السوداء للثورة مما سيرتب عليهم اعباء هم بغنى عنها .

ويذكر هنا بان جمعية سوريون مسيحيون من اجل الديمقراطية كانت المؤسسة المسيحية الاولى التي وجهت انذارا لرجال الدين المسيحي الذين كانوا يريدون قبول الاسلحة التي توزعها المخابرات السورية من اجل توزيعها على الشباب المسيحيين , ووكذلك ساهمت باللوبي الذي منع دخول المدعو لوقا الخوري للولايات المتحدة الامريكية , وكان موقع كلنا شركاء قد هاجم بقوة المدعو طوني دورة الذي كان يدعم التسلح .

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

ايها المسيحيون الاحبة ابقوا معنا

معاذ الخطيب : صفحته على الفيس بوك

كتبت هذه المقالة منذ مدة طويلة في الشام قبل أن أخرج من دمشق وطويتها بين أوراقي .. ولكني كنت أفكر بنشرها كل يوم .. فأينما ذهبت كان المسؤولون الحكوميون يسألون عن المسيحيين كما لو أننا نحن المسلمين وحوش تفترس كل شيء يخالفها .. وقلت للجميع : إن المسيحيين يعيشون معنا في وئام ومحبة ليس إكراما لضغوطكم الدولية ولكن لأن ديننا وأخلاقنا وأهلنا علمونا أن نكون نعم الأهل والجيران وهكذا عشنا وهكذا سنبقى ..

البارحة ذهبت مع رجل تركية الكبير الطيب أردوغان ، وزرنا مخيما للاجئين السوريين فيه حوالي سبعة وعشرين ألف إنسان، لم اشعر في حياتي بمثل ذلك الدفء والحب .. وعندما بدأت أتكلم عن الأوضاع في سورية وأن هناك أيد تمتد لتتدخل في حياتنا ومصيرنا .. وفجأة دوى هتاف مجلجل .. الآلاف صاروا يهتفون: واحد واحد واحد … الشعب السوري واحد ..

نفس الهتاف العفوي الذي انطلق في دوما الشهيدة في شهر آذار عام 2011 في عزاء الكوكبة الأولى من شهداء دوما.

أيقنت أننا ما زلنا بخير .. وأنهم مهما سيفعلون فسنبقى ذلك الشعب الشجاع العظيم .. يتحدى الموت والحديد والنار ويحنو بعضه على بعض .. ويموت بعض أكرم ابنائه كي يكتب لباقيه الحياة.

قررت أن انشر المقالة هدية إلى كل شعب سورية مع بداية عام جديد نستقبله وخصوصا المسيحيين منهم .. وهدية ايضا ألى

إلى ذكرى من كانا صديقين وفيين: الراحلين الكبيرين: دولة الرئيس فارس الخوري، والعلامة المجدد محمد بهجة البيطار

وإلى حارات الشام العتيقة التي تعانق فيها الناس وبكى الليمون ورقص الياسمين..

وإلى من سكب دمه وهو يوثق مايفعله التوحش في حمص أم المدن الشهيدة : باسل شحادة .. ابن دمشق البار

وإلى الأخت الغالية هند عبود قبوات ..

وإلى كل من يزرعون الحب والأمن ويحملون السكينة إلى قلوب الناس أجمعين. أهدي هذا المقال

كتب هذا المقال أصلاً رداً على تفجير كنيسة الإسكندرية وقبلها كنيسة بغداد، حيث شعرت أن المسيحيين عاشوا في قلق بالغ، ثم انحسر معظم الأمر عندما تبين أن وزير داخلية النظام المصري الراحل هو الذي أمر بتفجير الكنسية، وبدأ يعود للناس وعيهم، وذاكرتهم بأن الأنظمة اللا أخلاقية وحدها (محلية أم عالمية) هي التي تخلق الفتن بين مكونات المجتمع الواحد، وهي التي تهدم المحبة وتنسف الوئام بظلمها، وتخلق الكراهية بين الناس لمآربها السياسية، ثم تفرض نفسها مصلحاً أوحد، ظاهره الرحمة وفي باطنه الشقاء.

كنسية الإسكندرية وقبلها كنيسة بغداد لم تنفجرا فقط بالمصلين فيها، بل انفجرت في قلب كل إنسان.

ليكن دين المرء مايشاء، ولكن من الذي يبيح قتل مصلين أبرياء تركوا غفلات الدنيا وتوجهوا بضراعة إلى ربهم.

وكيف يستبيح إنسان قتل أي شيء ولو كان عصفوراً صغيراً، فما بالك بالمصلين، وكيف يتسلل التوحش وتنعدم الأخلاق، وتُهاجَمُ بيوت العبادة، ويستخدم الدين ليكون محرقة مرعبة للعباد؟

المسيحيون في بلاد الشرق هم خلاصة مابقي من المسيحية في الأرض اليوم كلها، وبعضهم يعيشون في قلق حقيقي وخشية بالغة مما ستأتي به الأيام.

وهناك من لا يحس بهم، ولا يدرك مشاعرهم وهناك من يستثمر قلقهم لمأرب أخرى! وليس خافياً على أحد الأنظمة السياسية الماكرة تضع الطوائف في مواجهة بعضها ليسهل لها حكمها، كما فعل الفرنسيون عندما احتلوا بلادنا.

يعيش الناس مع بعضهم في سلام وعافية، ولكن التغيرات المعاصرة والأزمات تدق المسامير في نعوش المجتمعات، ودرء أذاها يستوجب المزيد من التواصل والتراحم.

المؤتمرات والخطابات الرسمية لا تؤثر في الأمر شيئاً، بل أحياناً تزيد الطين بلاً، لأنها تقوم على المجاملات والتوازنات. أما جرعة التراحم والتسامح التي ورثناها من آبائنا وأمهاتنا فصارت تتقلص، وهي بحاجة إلى تفعيل اجتماعي إنساني حقيقي بعيد عن الفرض والإكراه.

إذا أردنا أن نتكلم بدقة عن بلاد عديدة فسوف نقول أن مؤسسات المجتمع المدني فيها مصادرة عملياً، ولا حقوق للإنسان، والقوانين الاستثنائية هي الكتاب المقدس للحكومات، وليست هناك مؤسسات سياسية أصيلة، بل بقايا أنظمة مهترئة ، وتصرفات أشخاص يقولون عن أنفسهم أنهم حكام لأنهم أطلقوا على أنفسهم ذلك.

رهافة حس عمر بن الخطاب وتقوى علي بن أبي طالب بيعت في السوق منذ زمن بعيد، وتتحرك في الساحة أشلاء أفكار، قد تسودها علمانية منافقة، أودين مزيف، وتسامح اصطناعي لا روح فيه ولا حياة. وربما أغرقت أمم بكاملها في نشوة كاذبة ومتاع قريب وتغريب وتخريب أخلاقي واجتماعي واقتصادي.

في مثل تلك الأحوال تنكمش كل مجموعة من الناس على بعضها وتشعر بالخطر، وينعدم التواصل بينها، فتزداد المشاعر اغتراباً وتوحشاً، وتزيد الأزمات والاحتكاكات من الغربة، ويبدأ القلق أو التمرد.

ولكن مهما كان اللصوص شرفاء فإن طبائعهم لا مكان للأمانة فيها، وهكذا تتصارع الأنظمة العالمية أو المحلية، وتبدأ بالبحث عن نقاط ضعف في الأنظمة المنافسة، وتجد ضالتها في توجيه الغرائز الطائفية المتوحشة، وتظن كل طائفة أو مجموعة من الناس أن خصمها هو الطائفة الأخرى، وتنسى أموراً أخرى وتبدأ بحقن ذاتي في داخلها وبشكل غير معقول، وهذا الحقن لا يمكن أن تتسع له الساحة المحدودة، ولا بد أن يندفع إلى الخارج بشكل مرعب.

يعين على تفجر الأمور ما تقدمه أنظمة بائسة من فكر هزيل يتحدى مكونات الناس ودينهم وثقافتهم وأخلاقهم، بل يسرق أموالهم ويغتصب أحلامهم، وهذا الفكر الهزيل لا يستطيع أن يطرح في الساحة شيئاً لأنه عين الإفلاس والخواء، ويزيده اتقاداً أعمى متغربون يلهون، ورجال دين جهلة من كل الطوائف، يحقنون الناس أو يروضونهم ويعلمونهم نجاسة دم الذباب ويسكتون ولو ذبح أهل بيت محمد صلى الله عليه وسلم.

أتذكر دائماً بيتاً لجبران:

وقاتل الجسم مقتول لفعلته وقاتل الروح لا تدري به البشر

وأتساءل حتى متى يحاسب المجرمون الصغار ضحايا الكبت والقهر والإذلال؟ وينجو كبار مجرميها؟ حتى متى؟

أشعر أحياناً بالخوف أكثر مما قد يحس به المسيحيون ، وأخشى من زلزال قادم ما لم يتدراكه العقلاء.

إننا وبكل صراحة مقصرون مع بعضنا مسلمين ومسيحيين ويجب أن نمد الجسور بقوة فيما بيننا.

المسيحية كانت أول من فتح دياره للإسلام ومنع الأذى عن أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام، ويعتريني البكاء حقيقة كلما تذكرت وقوف ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم: جعفر بن أبي طالب بين يدي النجاشي وبكاء النجاشي لما سمعه من كلام الله بحق السيدة العذراء أمنا مريم عليها خير الصلاة والسلام.

لقد عشنا يداً واحدة في السراء والضراء، نحترم دين بعضنا، ونرى في الآخر مكوناً أساسياً حضارياً وإنسانياً من لوحة عظيمة في هذا الكون الرحيب، صارت بها سورية فسيفساء الدنيا وإحدى لوحاته الأجمل، وأحد أروع ساحات العالم لا في التسامح بل التراحم الطائفي والمحبة والأمان والسكينة.

أرتجف من أعماقي عندما أتصور أن السيد المسيح عليه السلام قد مشت رجلاه الطاهرتان على التراب الذي نعيش عليه، وأشعر بالفخر العظيم أن تكون سورية هي المكان الوحيد في العالم كله الذي لا تزال تعيش فيه اللغة التي تكلم بها روح الله وكلمته، هادياً فيها الشعوب إلى الله العظيم.

لم يعد هناك وقت للتسويف، وبعض مكوناتنا العقلية والثقافية بحاجة للمراجعة، وإن الأصل العظيم الذي يجمعنا لا بد من إعادة إحيائه، أما قال تعالى: (شرعَ لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدينَ ولا تتفرقوا فيه) [الشورى:13].

ليس ذنب أي مسيحي في العالم أن يجتاح العالم الغربي بلاد المسلمين، وليس ذنب أي مسيحي في الأرض ما يتفاقم فيها من خراب أخلاقي، بل لعل أكثر من يتأذى بهذا هم المسيحيون الصادقون، الذين ترتكب باسمهم أعمال مخزية وهم منها براء. وإن مسيحيي الشرق يحملون اسم المسيح الطاهر وأمه المقدسة أينما ذهبوا، ولعل بعضهم أقرب إلى جوهر الالتزام الأخلاقي من آخرين يذوبون أو يريدون هم الذوبان.

ليس المسيحيون الصادقون هم الذين يستدعون الاستعمار، بل كانوا من أوائل المدافعين عن كرامة بلادنا التي يعشقونها كما نعشقها، ويبكون لكل أذى يحصل لها، ويكفي سورية فخراً أن يكون فيها مثل فارس الخوري الذي علق على مافعله الجنرال غورو عندما قصد قبر صلاح الدين الأيوبي قائلاً: هاقد عدنا ياصلاح الدين؛ قال فارس الخوري لطلابه: لقد أراد غورو “التستر باسم الدين كما فعل من قبله الصليبيون، بغية شق العرب بعضهم عن بعض، وقصد أن ينشر بين المسيحيين أن مجيء فرنسة إنما هو من أجلهم… وما قوَّضَ غورو للعرب كيانهم في قوله ماقال، وإنما قوض الثقة بفرنسة لكونها تعمل للتفريق ولِتَفقُدَ العروبة ذاتها… وليس من شك في أن دفع خطر الاستعمار يتوقف على وعينا لكل ما يُدس بيننا، ويعمل على تفرقتنا، قدر ما يتوقف على تجنب كل ما يثير خلافاً، وقدر ما يتوقف على تحسسنا بمشاعر بعضنا البعض، وبالمزيد من تفكيرنا بوطننا والعمل لسلامته وتحريره… ” .

إن الظلم والاستبداد والظروف القاسية تضع الناس دائماً وبمكر شديد في مواجهات قد تصل إلى حد التوحش، ووحده الفعل الإنساني، والوجدان الديني بمعناه العميق، يُبطل تلك المواجهات ويعيد وشائج التراحم والمعاني الإنسانية النبيلة بين البشر، ولقد كان الوعي السائد عند الجميع شيئاً أخاذاً حقيقة، وبينما أعلن غورو نفسه حامياً للمسيحية (في الأرض التي يعتقد جميع سكانها أنها شَرُفت بالمسيح عليه أزكى الصلاة والسلام)، ومتناسياً بفجاجة أنه غريب ومحتل كريه، قام المسلمون والمسيحيون معاً بتواصل مدهش، من خلال تلك العريضة القيمة التي جلت موقف المسيحيين، بل اليهود، وبينت إدراكهم العميق للدور الفعال الذي قام به المسلمون تُجاههم، والتراحم العميق الموجود بين كل الطوائف، فرفع الرؤساء الروحيون وزعماء الطائفتين، عريضة إلى رئيس الوزراء، علاء الدين الدروبي توثق التضامن الموجود وتقطع الطريق على اليد التي تحرك الطائفية: “إعلاناً للحقيقة واعترافاً بالفضل لذويه نرفع نحن المسيحيين والموسويين المستقرين في دمشق وضواحيها على تعدد مللنا وطبقاتنا القومية، تشكراتنا القلبية، موجهة إلى العلماء والأعيان والوجهاء والعامة من إخواننا المسلمين في دمشق وضواحيها، لما صدر منهم في الأيام الأخيرة المخوفة من السهر على الراحة العامة وإقامة جنود وطنية للمحافظة على الأمن والسكينة ومنع الاضطرابات المقلقة، مما يسطر لهم الذكر الجميل في صحف التاريخ، ويوجب لهم لدى معاليكم يادولة الوزير أن يفوزوا بتكرمة وتقدير …” .

إن الحفاظ والدفاع عن كرامة ودماء وأموال وأرواح وأعراض المسيحيين (وأي مكون اجتماعي آخر كبير أو صغير) هو تماماً عين الحفاظ على كرامتنا ودمائنا وأموالنا وأعراضنا، ومن العار أن يؤذي واحد فيهم بيننا. ولو كان في جسدنا ألف جرح ينز دماً وتحيط بنا مصائب وابتلاءات.

نحن بقية تلك الروح الآسرة التي يحدثنا عنها التاريخ في فتنة 1860 حيث: “هاجت الفتنة واشتد القتل وكثر، حتى صاروا [أي القتلة] يتعرضوا للذين في بيوت المسلمين [من المسيحيين]! وقوي الأمر وصعب، وكثر الواردون إلى القلعة [من المسيحيين] منهوبين جائعين، امتلأت دور المسلمين منهم ومن أولادهم ونسائهم” .

وخلال تلك المذابح الرهيبة “كان للكثير من مسلمي الشام أياد بيضاء بفتح دورهم للاجئين المسيحيين، وإنقاذهم من الغارات والتعديات كالعلامة محمود أفندي الحمزاوي [مفتي الشام]، وأخيه أسعد أفندي، والشيخ سليم أفندي العطار، وسعيد آغا الوزّي، وعمر آغا العابد وصالح آغا المهايني في الميدان” ، كما أن “نحو خمسمائة من النصارى، رجال ونساء وأولاد، غالبهم خرجوا من دار السيد عبد القادر [الجزائري]” .

أما خلال الحرب العالمية الأولى فكانت هناك خشية من تعرض المسيحيين في دمشق إلى أوضاع جائرة، ولكن التراحم الطائفي قام بدور مؤثر،مما دعا المونسنيور إبراهيم مسابكي، مندوباً من حبر الفاتيكان أن يقوم بزيارة الشيخ بدر الدين [الحسني] وشكره حيال محافظته على المسيحيين، حيث أجابه الشيخ “أنه قام بواجبه ولا شكر على الواجب، وإن المسيحيين إخواننا وشركاؤنا في هذا الوطن فما ينالهم ينالنا من خير أو شر” .

هذا جزء من أخلاقنا، وهي حق الله فينا لمن أُمِرنا بالإحسان إليهم وحسن جوارهم، مهما كان انتماؤهم.

ولعل من أجمل الكلمات في التراحم تلك اللفتة الرائعة مما ذَكَّرَ به سلطان باشا الأطرش في كلمته لتأبين الشهبندر ماكان قد صرح به الأخير في خطاب له: “اجمعوا قلوبكم إلى قلوبنا، وضموا قلوبنا إلى قلوبكم، لا توصدوا أبواب الوطن في وجه من كان عاملاً صادقاً، لأن جنة هذا الوطن تتسع للجميع من غير تفريق في الملة” ، ولعل من أرق صور التراحم كذلك بين الطوائف في سورية وفاة المجاهد الكبير صالح العلي (ابن الجبل العلوي الأشم) بين يدي صديقه الشيخ المجاهد محمد المجذوب (العالم السني).

إن أساس الدين هو العدل بين الناس، ومازال العدل قائماً فينا كمجتمع، وقد كنا نحب بعضنا ويحنو كبيرنا على صغيرنا ونتشارك كسيرات خبزنا في السراء والضراء، ونسر لفرح جارنا ونبكي معه في أحزانه ونفتح له بيوتنا ويفتح لنا بيته .. هكذا كنا .. أيها المسلمون و أيها المسيحيون .. وسنبقى هكذا مهما فعل اللئام والحاسدون.

كان إدراك المصالح الوطنية يجمعنا، ومثال ذلك انتخابات عام 1947، حيث برزت هناك قائمة سميت: قائمة الأمة، وقد أيدتها رابطة العلماء ورجالات الوطنية والعلم والجهاد، وقد ضمت وطنيين كبار مثل زكي الخطيب وحسن الحكيم، ورجال التيارات الإسلامية مثل محمد المبارك وعبد الحميد الطباع وعارف الطرقجي، وعلي الطنطاوي، وأبرز شخصيات التمدن: أحمد مظهر العظمة ، و ضمت: فارس الخوري، عن الطوائف المسيحية غير الممثلة، وقسطنطين منسي عن الروم الأرثوذوكس، وفريد أرسلانيان عن الأرمن.

إن ما تحظى به المسيحية في الوجدان الإسلامي من الاحترام شيء مميز، ويكفي ماذكرته سورتا الروم ومريم عليها السلام لبيان ذلك، وكيف كان الصحابة يسرون بانتصار المسيحيين الروم على الوثنيين الفرس، وقد نشرت جمعية التمدن مقالاًحاولت النفاذ فيه إلى الحقائق المجردة فقالت: “إذا حصل ما يعكر الصفاء بين المسلمين ونصارى هذه البلاد في بعض الظروف فهذا ناجم : عن دسائس الدول الاستعمارية التي تعمل دوماً، بالخفاء على تفريق أبناء الوطن، وتعصبِ بعض رجال الدين الذين يسعون (جهلاً وحمقاً) لإلقاء العداوة والبغضاء بين البسطاء باسم الدين … والدين الإسلامي والمسيحي بريئان من جرائمهم، …وتعصب بعض الولاة من المسلمين الذين كانوا يجهلون أبسط مبادئ دينهم” .

هل ترى ذلك المستبيح للدماء يفهم أن من قتل نفساً واحدة فكأنما قتل الناس جميعاً، وهل يعلم أن النبي الهادي صلى الله عليه وسلم يقول: “لا يزال المسلم في بحبوحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً”.

إن الدين عندما يفقد بعده الأخلاقي الذي جعله الله فيه، يتحول إلى فتنة وبلاء. ولايمكن قبول فلسفة الدمار والنار والتصفيات الدموية، ويا بؤس من ظن أنه يفيد المسلمين بذلك، بل هو يدمر الدين والحياة والإنسان.

ليس الأمر شيئاً يتعلق بدمار مبنيين بل هناك جريمة مروعة بحق مكاني عبادة، حيث يجب أن تتوقف الأضغان وتنطفئ شهوات القتل والعنف والكره والبغضاء، وترجع النفس إلى الواحد الأحد ويسود ما لا يُستمد إلا من اسم الله العظيم: السلام.

في العراق أيضاً تجري حوادث تصفيات تقشعر لها الأبدان، وربما طالت في العراق الجميع مسلمين (سنة وشيعة)، عرباً وأكراداً، مسيحيين ويزيديين، ولكن هناك مخططاً ماكراً وشديد الخطورة يهدف إلى اقتلاع وتصفية بعض الطوائف الأصغر، من الآشوريين والكلدان والسريان ، مما لا يهتم لها البعض كثيراً، وتلك الطوائف هي أقدم سكان المنطقة، ومكون رئيس في نسيجه الحضاري العريق. ومن المؤسف أن أقل القليل من الناس من يعرف عن السريان شيئاً، بل إن الجهل بأنها لغة السيد المسيح عليه السلام يعم الغالبية بعد أن صار الخطر يهدد العربية نفسها، وكان الدكتور عدنان الخطيب رحمه الله قد ألقى محاضرة في إثبات عروبة السريان وأنهم عرب أقحاح لهم جذور ضاربة في تاريخ مجيد.

في اجتماع للحوار بين اصحاب الديانات قال أحد كبار رجال الكنسية كلمة تدل على نبله وهو يذكر أن الكنائس الشرقية بقيت أكثر دفئاً من الكنائس الغربية، لأنها تعيش بين المسلمين، ثم تحدث بمرارة عن هجرة المسيحيين في الشرق، وقال كما أذكر: لا يكفي أن نقول لشبابنا لا تهاجروا! بل عليكم أيها المسلمون أن توجهوا لنا رسالة طمأنينة، وتقولوا لنا: إبقوا معنا …

إن الظلم وعدم تكافؤ الفرص والفساد وسيطرة العقلية الفردية، قد جعل كثرة من شباب سائر المكونات الاجتماعية يرغب في الهجرة، وأقول لغبطة البطريرك المبجل ولكل مسيحيي سورية بل الشرق كله، ولمسلميها وسائر من يحبها، باسمي وبصفتي الإنسانية و الشرعية وباسم كل محب للعدل والخير:

إننا نعيش جميعاً في رحمة الله

اللهم فأنزل رحمتك التي وسعت كل شيء علينا جميعاً

ويا إخواننا الكرام

إذا رحمنا بعضنا في الأرض

تنزلت علينا رحمة مَن في السماء

فلا تفكروا أننا نريدكم أن ترحلوا عنا ..

تنوعنا الثقافي يموج بكم جمالاً وتألقاً

ومن أجل صنع اللوحة البديعة

التي تتنافس فيها كل الألوان

والتي خلقها رب السماوات والأرض

ويسبح كل جزء منها باسم الله العظيم

وكرمى للمسيح ومحمد

ومن أجل عيون الأطفال الأبرياء

وشهداء العبادة وبيوت الله

ومن أجل الذين لم يعرفوا إلا الطهارة

وليس في قلوبهم إلا النقاء والصفاء

ولأجل بسمات جيل قادم

وآمال شباب وصبايا مثل أكمام الورود

بالله عليكم

يا أهل سورية أحبوا بعضكم

وكونوا يدا واحدة في الخير والتسامح والعطاء

ويا ايها المسيحيون

.. لا ترحلوا

ارجوكم .. ابقوا معنا …

معاذ الخطيب

المراجع:

– أحد كبار علماء الشام الأحرار، ومؤسسي جمعية التمدن الإسلامي عام 1932م في دمشق، وانظر بحثاً عن أثر السياسة الدولية في إثارة النعرات الطائفية والوعي الإسلامي تجاهها، جمعية التمدن الإسلامي نموذجاً، وهو منشور في عدة مواقع منها موقع الأكاديمية السورية للتدريب والتطوير: www.sia-sy.net

– فارس الخوري، أوراق فارس الخوري، بعناية كوليت خوري، دمشق، دار طلاس، ط2، 2001، 2،83.

– ساطع الحصري، يوم ميسلون، مرجع سابق، 305، وقد وقع العريضة كل من : بطريرك الروم الكاثوليك: تقلاوس، متروبوليت بصرى وحوران: ميخائيل بخاش، مطران السريان بدمشق: أستودس كيسسهان، النائب الأسقفي الماروني بدمشق: الخوري إبراهيم مساكي، فارس الخوري، ناصيف أبو زيد، أسعد أبو شعر، قسطاكي الحمصي، إبراهيم طويل، ميخائيل وإلياس صحناوي، ميشيل أواديس، شفيق قدسي، أنطوان أبو حمد، خليل عنحوري، اسبر الخوري، موسى سعد شامية. وقد نشرت في جريدة العاصمة بتاريخ 2 آب 1920.

– محمد سعيد الأسطواني، مشاهد وأحداث دمشقية، مرجع سابق، 175.

– عبد العزيز العظمة، مرآة الشام، مرجع سابق، 325.

– محمد سعيد الأسطواني، مشاهد وأحداث دمشقية، مرجع سابق، 176. وقد ذكرت بعض المراجع أن الأمير عبد القادر قد أمن الحماية لحوالي إثني عشر ألفاً من النصارى واليهود، ممن احتموا به من غضب جماعات ثائرة، وانظر لذلك: – خلدون بن مكي الحسني، الأمير عبد القادر، الحلقة 13.

– المحدث الأكبر الشيخ بدر الدين الحسني ( 1851هـ/1935م) كان المرجع الأعلى للمسلمين في بلاد الشام وكبير علمائهم، وانظر لذلك: محمد رياض المالح، عالم الأمة وزاهد العصر: العلامة المحدث الأكبر بدر الدين الحسني، دمشق، 1397هـ/1977م.

– جريدة فتى العرب، العدد 1543، الخميس 15 شعبان 1335هـ/17 شباط 1917م، وانظر المرجع نفسه، 230.

– سلطان باشا الأطرش (1886-1982) : القائد العام للثورة السورية، وبقية الأبطال من بني معروف، ولد في قرية القريا، ونشأ على تقاليد العرب الأصيلة من الشهامة والمروءة والشجاعة، وفجر ثورة جبل العرب ضد الاحتلال الفرنسي عام 1925، وقد أبلى في الفرنسيين أعظم النكايات، وهزمهم في عشرات المعارك، وبعد إخماد الثورة عام 1927 هاجر بأسرته وأتباعه ليعيش عشر سنوات في المنافي بين الأردن والحجاز، وعند صدور عفو عنه رفض مصافحة الجنرال الفرنسي كاترو وقبول هديته (ألف ليرة ذهبية) كما لم تخرج منه كلمة شكر، وانظر للاستزادة:

– جميل شاكر الخانجي (1898-1976)، ثوار صنعوا الاستقلال (صفحات مضيئة من تاريخ الثورة السورية)، إعداد وتحرير: نشأت جميل الخانجي، دمشق، دار الشرق، 1429هـ/2008م، 259-274. والمؤلف كان أمين سر الثورة السورية، وعضو اللجنة العليا للدعاية والاستخبارات.

– أدهم آل جندي، تاريخ الثورات السورية، مرجع سابق، ، 189-213.

– حسن الحكيم، صفحة من حياة الشهبندر، مرجع سابق، 195. وقد أقيم التأبين بتاريخ 2 أيلول 1940، وألقى كلمات الأمير عبد الله ، وهاشم الأتاسي، وسلطان باشا الأطرش، صديق الشهبندر وتلميذه زكي الخطيب، وقد نشرت الكلمات في جريدة الأيام، العدد 2234، 4 أيلول 1940.

– سمعت هذه الرواية من العديد من الأشخاص من أهل الساحل، ثم وجدت مقالة للدكتور خالد الأحمد، يذكر فيها صراحة أنه سمع ذلك في المدينة المنورة من الشيخ المجذوب، والمقالة منشورة على الموقع التالي:

http://www.asharqalarabi.org.uk/mushrakat/b-mushacat-207.htm.

– محمد المجذوب (1907- 1999)، عالم وداعية وأديب وشاعر، ولد في طرطوس، وشارك في مقاومة الفرنسيين واعتقل واضطهد، وكان من وجوه الإسلاميين في الساحل السوري، وعمل في التربية والتعليم في سورية والسعودية، وله أكثر من خمسين مؤلفاً في الفكر والأدب والشعر. وانظر في ترجمته:

-إتمام الأعلام، نزار أباظة-محمد رياض المالح، دمشق، دار الفكر، ط2، 1424هـ/2003م، 411. ومقالة بعنوان: محمد المجذوب كما عرفته، بقلم: محمد نعسان عرواني http://www.odabasham.net/show.php?sid=894.

– نال أحمد مظهر العظمة 22254 صوتاً، ولطفي الحفار 21672 صوتاً، وصبري العسلي 20463 صوتاً، وحسن الحكيم 18166 صوتاً، وخالد بكداش 9886 صوتاً، بينما لم ينل ميشيل عفلق إلا 10630 صوتاً. وقد تدخلت الولايات المتحدة في تلك الانتخابات بفجاجة مما شرح سابقاً، وغيرت من نتائجها، وانظر لتفاصيل الانتخابات: – جريدة بردى اليومية، لصاحبيها: جورج فارس ومنير الريس، السنة الثانية، العدد 301، 24 شعبان 1366هـ/13 تموز 1947م، الصفحة الرئيسية.

– مجلة التمدن الإسلامي، مرجع سابق، السنة 14، شعبان 1367هـ/ 1948م، 205.

– وانظر موقع: http://www.marefa.org/ للاطلاع على تاريخ الكنسية السريانية الأرثوذكسية.

– أثناء الحفل الافتتاحي لأعمال الملتقى الوطني الأول بعنوان: مسلمون ومسيحيون في وجه التحديات، برعاية مجمع الشيخ أحمد كفتارو، بتاريخ الإثنين 13كانون الأول 2004م. دار الأسد للثقافة والفنون

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

اليسار الغربي والنظام السوري: حب المخدوع مرتين

حازم صاغية وسامر فرنجية:  الحياة اللندنية

تعلق اليسار الغربي، منذ 1967، بقضية فلسطين تعلقاً يعتذر فيه، لا عن الماضي الاستعماري للغرب فحسب، بل أيضاً عن الحب الذي محضه هذا اليسار لإسرائيل الكيبــوتـــزية و «الاشتراكية» واستمر عــشريـن سنـة بـعد نـشأتـها. إلا أن طاقــة التكفيـر شرعـت تـحول أنـظارها عـن فلسطين في 1993 إذ وُقعـت معـاهدة أوسلو للسلام عامذاك، وما لبث الزخم النضالي للقضية أن صار احتكاراً إسلامياً يجد اليسار الغربي له الأعذار إلا أنه لا يستطيع، لألف سبب وسبب، أن يمشي في ركابه.

و«سورية الأسد»، على عكس «حماس»، ليست إسلامية، لكنها أيضاً، على عكس «حزب الله»، ليست شيعية محكومة بولاية الفقيه. وفي نظرة ثقافية أعرض يمكن القول إنها تستقر لحظةً للتوازن المعقول بين «أصالة» مَن لا يفرط بالقضية و «حداثة» مَن لا يشكل إحراجاً لتقدمية اليسار المفترضة.

عند ذاك المنعطف، منعطف «الخيانة» العرفاتية، بدأت العواطف الصريحة تتجه نحو «سورية الأسد» التي كانت حربها القاسية على منظمة التحرير الفلسطينية طوال الثمانينات من أهم أسباب الاستنزاف الذي تعرضت المنظمة له واندفعت تحت تأثيره إلى عقد «صفقة» أوسلو.

والحال أن التحول من الهوى الفلسطيني إلى الهوى السوري لا يكلف كثيراً على صعيد الظاهر الأيديولوجي. فالمخزون اللفظي، ومدارُه مناهضة الإمبريالية ومعاداة إسرائيل، مشترك بين الطرفين العربيين. و «سورية الأسد»، وعملاً بنظريتها في تجميع الأوراق، لا تمانع في وضع هذه الوريقة اليسارية في جيبها، فيما هي تنافس الفلسطينيين على الأوراق الفعلية والأكبر. ذاك أن دمشق، الموصوفة بمناهضة الإمبريالية، كانت لا تتردد في اقتناص أي تعثر يطرأ على مسار السلام الفلسطيني – الإسرائيلي كي تدفع إلى الصدارة مسارها السلمي مع الإسرائيليين.

لقد كان كل تضخيم للدور السوري، أو بالأحرى الأسدي، انتقاصاً من الحق الفلسطيني يكمل معه اليسار الغربي، بسذاجة تقارب البَله، ما بدأه اليمين الغربي قبل عقود.

بيد أن هناك في حب اليسار الغربي لـ «سورية الأسد» عديد العناصر العميقة التي تسند هذا الحب. فسورية لا تقوم على نظام «إقطاعي» و «نفطي» و «عميل للإمبريالية»، لكنها، فوق ذلك، لم تقدم للعالم وجهاً كصدام حسين الذي استخدم السلاح الكيماوي ضد شعبه. ولئن أقدم الأسد الأب على ارتكاب مجزرة في حماة، فإن ضحايا المجزرة إسلاميون «رجعيون» لا يندرجون في الخانة التي يندرج فيها الضحايا الذين صفاهم صدام وفي عدادهم رفاق في الحزب الشيوعي العراقي. وإلى ذلك، لم تتكشف «سورية الأسد» عن حرب أهلية مفتوحة كتلك التي عاشتها الجزائر، ولا انطوى زعيمها على غرابة أطوار محرجة من الصنف القذافي. فإذا ما أقدمت لاحقاً، مع النجل بشار، على اعتناق جزئي للاقتصاد النيو ليبرالي، أمكن تصوير هذا الانحراف بوصفه مؤامرة على نظام سورية «المُستهدَف في صموده». ولم يخلُ الأمر من بعض الغمز من قناة «الطبقة التجارية» السنية، الدمشقية ثم الحريرية، بوصفها من يشق هذا الطريق الأعوج ويُغري آدم بالتفاحة.

وهذا التأويل يستند إلى كراهيتين لم يبرأ منهما اليسار فعبر عنهما مباشرةً مرةً ومداورةً مراراً. فهناك، أولاً، وبحسب رواية تاريخية أحادية الخط، الكره «التقدمي» للسنية بوصفها العمق العثماني «الرجعي» ومصدر ملاكي الأراضي ومستودع التقليد «البائد». وهذا ناهيك عن أن طبقات سياسية سنية هي التي ورثت الأنظمة الكولونيالية في المشرق فمارست «العمالة» لدول المتروبول، وانتهجت، إلى هذا الحد أو ذاك، سبُل المؤسسات والبرلمانات مما لا ينم عن قطيعة جذرية مع الغرب وطرائقه. وهذا أمر تبَعي لم توقفه إلا الانقلابات العسكرية على تلك الطبقات المتعاونة. يصح ذلك في سوريين كجميل مردم وخالد العظم مثلما يصح في عراقيين كنوري السعيد أو أردنيين كوصفي التل. وقد جاء اللبناني رفيق الحريري يعيد الاعتبار لتلك الطبقات باستعراض ظافري يستحق عليه العقاب اللازم. وفي هذه الغضون غُض النظر عن التركيب الطائفي الأعرض للنظام السوري إذ التحليل بالطوائف استشراقي بالضرورة!

أما الكره الثاني، الشعبوي تعريفاً، فيطاول لبنان. ولما كان معظم ثقل السياسة السورية منذ 1976 يقع فيه، غدا الموقف السلبي من لبنان شرط الموقف الإيجابي من «سورية الأسد»، والعكس بالعكس. فقطاعات عريضة من سكان لبنان ترطن بالفرنسية، ثم إن بيروت، على عكس الشام «الأصيلة»، مكان هجين رضي على نفسه أن يكون واجهة للسلع الغربية. فإذا أضفنا اللون المسيحي التاريخي، اكتملت لليسار الغربي عدة التكفير عن ذنوب الآباء والأجداد مجتمعين. ولبنان، في آخر المطاف، بلد صغير لا يصلح لبناء الجيوش الجرارة كما لا يصلح «قاعدةً مادية عريضة للإنتاج»، وهو تعاقدي التركيب لا تسري عليه الأيديولوجيات الموحدة والتوحيدية التي تهبط من الأعلى إلى الأدنى فلا يشذ عنها إلا بضعة «خونة» و «عملاء». ثم إذا كانت «سورية الأسد» تبدي ميولاً توسعية وإمبراطورية، فهذا إنما يرشحها «موضوعياً» للصدام بما أنشأته معاهدة سايكس – بيكو الاستعمارية. فأين الضرر في ذلك؟

إلى هذا جاء حب اليسار الغربي لـ «سورية الأسد» في لحظة التحول السياسي لدور هذا اليسار الغربي ولطبيعته أيضاً. فمع انتهاء المشروع الناصري وفكرة الدولة العالمثالثية من جهة، وضمور الثورة الفلسطينية وانطواء أحلام المزج بين التحررين الوطني والاجتماعي من جهة أخرى، فقد اليسار الغربي المحاور العربي المفترض وتحول العالم العربي مجرد ساحة يُمارَس فيه التضامن من بعيد. إلا أن «سورية الأسد» عادت تبث بعض الحرارة في هذا الفتور: ذاك أن «ضرورات الصراع السياسي» مع الولايات المتحدة كما تجلت في العقد الأخير للقرن الفائت فرضت تقبل الدور الاستخباراتي والأمني لدى الأعداء الجدد لـ «الإمبريالية». في هذا السياق، ورثت «سورية الأسد» أيتام اليسار الذين صالحتهم «ضرورة الصراع» مع خيارهم الصعب أخلاقياً، فيما تبخرت اهتماماتهم النظرية السابقة بأنظمة «بورجوازية الدولة» و «البورجوازية الصغرى» ومؤسسات القهر والقمع التي تنشئها.

بيد أن «سورية الأسد» لم تتخلف عن دعم «المقاومات» في العراق ولبنان وفلسطين، على رغم وقوعها في «ما بعد» الناصرية و «ما بعد» الثورة الفلسطينية، أي ما بعد الصراعات المفتوحة والملتهبة أيام عز «المعسكر الاشتراكي». وهذا يوفر لما يُفترض أنه عقلانية اليسار زاد الواقعية والحكمة اللتين عبرت عنهما شخصية حافظ الأسد أحسن تعبير، قبل أن ينتقل الأمر إلى نجله بشار. فمع هذا الأخير تتخلص الواقعية والحكمة من أثقال الانقلاب العسكري والأبوية المفرطة ومجزرة حماة، أي من الاضطرارات المعذورة، فلا يبقى منها إلا التوازن الخالص. فوق هذا تضيف الصفات المنسوبة إلى بشار (زوجته، دراسته في بريطانيا، صغر سنه…) حجة للقول بنضاليةٍ مناهضة للإمبريالية من غير أن تكون أصولية أو سلفية. أي أن الرئيس السوري الحالي، و «العلماني»، يصح كاريكاتوراً عن ذاك الدمج القديم بين النضالين التحرري والاجتماعي.

لكن ذلك كله لا يُعفي من حقيقة محفورة حفراً في صلب الواقع، هي أن نظام الأسدين أكثر الأنظمة العربية بيعاً وشراء مع «الإمبريالية». وهذا إذا ما أفصح عن شيء فعن هامشية ذاك اليسار وعيشه في عالم غير هذا العالم. إنه حب المخدوع بذاته قبل أن يخدعه خادعه.

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment