بين المطرجية والقضاء العراقي

 نتقدم نحن التبعية العراقية الذين يحملون شهادة الجنسية من فئة أ،ب،ي،ج باحر التعازي الى شعب العزراق العظيم لوفاة المغفور له القضاء العراقي نسأله تعاليى ان يتغمده بواسع رحمته ويدخله المدخل الطيب.. آمين.

في زمن غابر،وليس اغبر، كان سلطة القاضي اعلى من سلطة ولي الفقيه آنذاك.وكان الحاكم حين تستعصي امامه قضية ما ، وما اكثرها، يلجأ الى القاضي لينقذه من الورطة التي وقع فيها.

ولم يتوقع احد من القضاة السالفين، أي القدامى، ان مدرسة يترأسها اعلى مسؤول في الحكومة العراقية ان يتخرج فيها طلاب ينالون درجة الامتياز مع مرتبة الشرف الاولى في مادة “حفظ الملفات الساخنة” وهي احدى مواد اطلق عليها” الملف المختوم لايظهر الا في اليوم المصدوم”.

واعلنت هذه المدرسة نهاية الاسبوع الحالي ، عن تخرج الدورة الاولى من طلابّها والتي نال فيها القاضي عبد الستار البيرقدار درجة الامتياز مع مرتبة الشرف الاولى.

البيرقدار نفّذ تعليمات مدّرسه المالكي بالاحتفاظ بالملفات الملغومة واظهارها وقت الحاجة.

الكل يعرف ان المالكي يحتفظ بملفات “فضائحية” لكثير من المسؤولين منذ اكثر من ثلاث سنوات لايلوح بها الا لتهديد من يجده قد انحرف عن تأييده للحكومة المظفرة.

وكذلك فعل البيرقدار الذي قال امس انه يحتفظ بملفات تضم جرائم اخلاقية بحق النائب صباح الساعدي سيظهرها بالوقت المناسب.

البيرقدار يحتفظ بهذه الملفات “اللااخلاقية” منذ 6 أشهر.

لماذا ظهرت الان؟ لأن الساعدي كشف عن الفساد المرعب في القضاء .. بمعنى آخر لولا هذا “الكشف” لظلت الملفات في الادراج.

بشرفكم هذا قاضي ولا .. استغفر الله العظيم.

يقال ان القضاء لايقبل شهادة” المطيرجية” ولكنه قبل شهادة” المخبر السري” لسنوات وبعد ان احتج وتظاهر الناس اكتشف القضاء ان المخبر السري هو اخو المطيرجية بالرضاعة.

يعني ماتجون للطريق الا بالكفجات؟..

وين راح توصلون بينا.. ولكم حتى قضاء الواق واق افضل من قضائكم ياأولاد الاصول.

يعني معقولة قاضي ادي اليمين امام رئيس الجمهورية ان يحتفظ بملف “لا أخلاقي” ولايظهره الا وقت الشدة.

حين احتج القضاة في العديد من المحافظات وتابعنا اخبارهم اول باول ضحك العديد من القراء حتى استلقوا على قفاهم رغم ان معظمهم يعاني من الآم الظهر.

العديد من القضاة امتثلوا لأوامرالاعتصام الصادرة من رئيس مجلس القضاء الاعلى مدحت المحمود وقالوا لمعارفهم”صحيح اننا قضاة ولكننا نخاف على رزقنا”.

اذن ماهو الفرق بينكم وبين العراقي العادي،واقصد ذاك الذي لايرى ولا ضوء شمعة تنير له طريقه.

مجلس البرطمان عجز حتى كتابة هذه السطور من

الموافقة على تشريع:

قانون المحكم الاتحادية

قانون التقاعد الجديد

قانون البنى التحتية

قانون يشرع وينظم عمل مجلس الوزراء.

قوانين اخرى يسمع شخيرها من وراء الادراج.

ولولا القضاء الذي الغى شهادة المخبر السري لما استطاع البرطمان ولا حتى بعد قرن من الزمن من الغائه.

انها فوضى غير جلاّقة ابدا.. فوضى لايعاني منها الا هذا الشعب الغلبان.

لنعترف ان القضاء مسيس واذا كانت هذه الكلمة قاسية نوع ما فالافضل ان نقول انه عاجز عن الوقوف على رجليه والا كيف يصرح الشهرستاني بان الحكومة اطلقت سراح 2880 معتقل.

اين القضاء من ذلك?واذا لم يكن منحازا فما معنى ان يقبل بتوقيف الآلآف من الابرياء بتقرير من المخبر السري؟

هل يعتقد هذا القضاء المربوط من اذنه الى السلطة التنفيذية ان الحكومة سوف تستجيب لالغاء وظيفة المخبر السري ام انه يظل على راس عمله حتى يصدر بيان رقم واحد؟.

مع الاسف كنّا “نشيم”بيكم الرايح والجاي ونكول محد يكدر يقترب من قلعة القضاء.. القلعة التي تضم الشرفاء فقط في العوراق العظيم.

ولكن .. آه من ولكن التي يكرهها فرج فودة.  تواصل مع محمد الرديني فيسبوك

Posted in الأدب والفن, فكر حر | Leave a comment

الاسطول الروسي يعربد في المتوسط

  القدس العربي اللندنية: عاموس هرئيل

بعد طوفان التصريحات والنشاطات ليوم الاحد سجل أمس هدوء نسبي في الخطوات الاسرائيلية في الساحة الشمالية. ولا يدل الهدوء بالضرورة على انخفاض في مستوى التوتر. فالقلق الاساس من امكانية ان يؤدي احتداد وضع نظام الاسد في سوريا الى تهريب سلاح كيميائي من دمشق الى حزب الله بقي على حاله. غير أن يبدو أن اسرائيل تقدر بان خطواتها فعلت فعلها: فقد نقل تحذير واضح الى الاطراف والى الاسرة الدولية بشأن معنى مثل هذه الخطوة من ناحية اسرائيل. ويتبقى الان أن نرى اذا كان التحذير وحده يكفي لمنع التهريب.

لقد التقطت التصريحات من القدس جيدا في خارج البلاد ايضا وحظيت بتغطية اعلامية واسعة نسبيا في الصحافة الاجنبية. ولا يزال، لترسيم خط احمر توجد آثار تتجاوز التهديد على الرئيس الاسد أو على حزب الله. اذا ما تجلدت اسرائيل ولم تستخدم تحذيراتها في حالة التهريب، مثلما حصل في عدة مناسبات في السنوات الاخيرة، فان الامر سيعتبر ضعفا. واذا قررت الهجوم فانها تخاطر في السيناريو المتطرف بمواجهة عسكرية مع سوريا وحزب الله. وبالذات التهديد الايراني في الهروع لنجدة دمشق، اذا ما هوجمت، بدا أقل اقناعا. مشكوك أن تكون ايران تبحث الان عن صدام مع اسرائيل، بينما تبحث مع القوى العظمى في مستقبل برنامجها النووي.

وتتابع ما يجري في دمشق باهتمام روسيا ايضا. ففي الاسبوع الماضي بدأت في شرقي البحر المتوسط مناورة واسعة للاسطول الروسي تنتهي اليوم. وفي مقال في موقع معهد دراسات الامن القومي في جامعة تل أبيب كتب تسفي مغين، السفير الاسرائيلي السابق في موسكو، يقول ان الروس يصفون المناورة بانها الاكبر منذ حل الاتحاد السوفييتي. تشارك فيها 23 سفينة ويقودها بشكل مباشر واستثنائي رئيس الاركان الروسي. ويقدر مغين، استنادا الى رسائل علنية نقلتها موسكو بان المناورة تستهدف الردع من التدخل الخارجي في ما يجري في سوريا.

ويواصل الوضع في سوريا التعقد في اسبوع يعتمل ويثور فيه الشرق الاوسط. في مصر يقف حكم الاخوان المسلمين امام اختبار يبدو أنه الاصعب منذ فوز محمد مرسي في الانتخابات للرئاسة قبل أكثر من نصف سنة موجة عنيفة بشكل خاص من المظاهرات. وفي العراق تتطور انتفاضة فتاكة اكثر من المعتاد حتى بالنسبة لدولة جربت هذه المصاعب، على خلفية تجديد الصراع الطائفي هناك. وفي الاردن أيضا كانت في الايام الاخيرة مظاهرات عاصفة، في أعقاب نتائج الانتخابات للبرلمان.

كل هذه الاحداث تدل على أن الهزة الهائلة في العالم العربي مستمرة، دون أي صلة بالطبع بنتائج الانتخابات في اسرائيل. ولكن في الوقت الذي يتلمس فيه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو طريقه في محاولة لبلورة ائتلاف جديد، ترفع عاليا جدول الاعمال المدني، فان التحديات السياسية والامنية لا تدخل في جمود عميق. هذه ميول ستؤثر على ما يبدو أيضا على الشكل الذي سيقرر فيه نتنياهو تعبئة المنصب الحساس لوزير الدفاع. عدد الوزراء المجربين في هذه الامور في المجلس الوزاري التالي من المتوقع أن يقل، مع اعتزال دان مريدور، بيني بيغن واغلن الظن ايهود باراك ايضا (الذي اعلن في نهاية الاسبوع في مقابلة مع السي.ان.ان عن نيته المغادرة ‘لخمس سنوات على الاقل’).

ماذا يعني هذا بالنسبة ليئير لبيد؟ أول أمس بذل نتنياهو جهدا محققا بعض الشيء للربط بين المخاطر الامنية والحاجة الى اقامة ائتلاف جديد بسرعة. في ثلاثة من العواميد السياسية في نهاية الاسبوع، في ‘هآرتس’ و ‘يديعوت احرنوت’ اقتبس بتوسع وزير من الحكومة المنصرفة، يحذر لبيد من الاغلاق على نتنياهو في اتفاق مفصل وملزم قبل أن يدخل الى الائتلاف. يخيل أن التحذير يتأكد فقط على خلفية الوضع الاستراتيجي: في ظروف كهذه مهم جدا ماذا ستكون عليه مكانة لبيد وأي قوة ستحصل عليها مواقفه في المسائل السياسية الامنية، ليس فقط في المجال الاجتماعي الذي ركز عليه اهتمامه حتى الانتخابات. 

هآرتس: صحف عبرية

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

فورد : الأسد يفقد سيطرته تدريجياً على الأرض

باريس – رندة تقي الدين:   الحياة اللندنية

قال السفير الأميركي في سورية روبير فورد في مقابلة مع «الحياة» إن الولايات المتحدة ستتعاون مع الحكومة السورية الموقتة «بنفس الطريقة التي تتعامل فيها» مع الائتلاف الوطني السوري المعارض لكنه تساءل عن توافر الأطر والآليات اللازمة لإنشاء مثل هذه الحكومة.

ورأى فورد أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد «يفقد سيطرته تدريجياً على الأرض» وان الأسد سيبقى على اعتقاده بأنه يربح «إلى أن يصل الجيش الحر إلى باب قصره».

وعبر عن اعتقاده بأن الحل العسكري سيحسم الوضع بالنهاية لصالح المعارضة خلال فترة لا يمكن التكهن بطولها ولكن بثمن باهظ، مشيراً إلى أن الجانب الأميركي كان يفضل على ذلك الحل السياسي الذي يؤدي إلى تنحي الأسد وإنشاء حكومة انتقالية لتسيير الوضع، معتبراً جبهة النصرة أقلية في صفوف المعارضة.

وهنا نص المقابلة: 

> هل بإمكانك توضيح سياسة الولايات المتحدة إزاء المعارضة السورية لأن يبدو لنا أنها سياسة مبهمة خصوصاً أن البعض يقول إن الإدارة الأميركية تضغط على بعض الدول العربية كي لا تقدم الدعم إلى المعارضة السورية؟ وأنت كنت أساسياً في الدفع لتشكيل الائتلاف المعارض الذي لم يحصل بعد على الدعم المنشود؟

– أولاً أرجو أن يفهم الجميع أن الائتلاف السوري المعارض هو بالنسبة إلى الولايات المتحدة الممثل الشرعي للشعب السوري. ومن يقول إن الإدارة الأميركية لديها مخطط لتعطيل الدعم للائتلاف يصدق حكايات غريبة ربما تأتي من النظام السوري أو من أشخاص يريدون نسف الائتلاف. نحن نؤيد الائتلاف المعارض وقدمنا الدعم والمساعدة له لإنشاء مركز والمساعدة على تدريب أعضائه وتقديم معدات غير عسكرية له. وقدمنا المساعدة لفريق التنسيق بالتعاون مع نائبة رئيس الائتلاف سهير الأتاسي ونعمل على تقديم الدعم لوحدات تنسيق المساعدات للائتلاف وقد أعلنا مثلاً الأسبوع الماضي عن خطة لإرسال الطحين لمخابز في حلب. لقد عملنا ذلك بالتنسيق مع قوى الائتلاف ووحدة سهير الأتاسي لتنسيق المساعدات تحدثنا مع الائتلاف لمعرفة ما هي الحاجات الملحة لإرسالها لسورية. فمن يقول إن الإدارة الأميركية تشكك بالمعارضة السورية أو لا تساعدها لا يفهم الواقع والحقيقة.

> لقد سمعت أن الرئيس أوباما لم يشجع الرئيس الفرنسي على دفع المعارضة السورية لتشكيل حكومة انتقالية فكيف تبرر ذلك؟

– المسألة ليست أننا ضد الحكومة الانتقالية ولكنها مسألة بالغة الجدية ونعتقد أنه إذا أعلنت المعارضة السورية عن تشكيل حكومة موقتة سنعمل معها بنفس الطريقة التي نعمل فيها مع الائتلاف المعارض. ولكننا أيضاً قلنا لأصدقائنا في المعارضة أن وحدتهم مهمة جداً والوحدة التي توصلوا إليها في الدوحة في رأينا إنجاز كبير. فنحن لا نريد أن يهدد هذه الوحدة إعلان الحكومة الموقتة. إضافة إلى ذلك فان تأليف حكومة ليس مثل تشكيل ائتلاف معارض فالحكومة تتطلب أمور مختلفة من أطر وآليات بيروقراطية ونظام معد لتقديم الخدمات للناس. وهل هذا متوافر حالياً؟ وهل نحتاج إلى البدء بإنشاء ذلك؟ ونحن سنعمل مع حكومتهم الموقتة عندما سيعلنون عن تشكيلها لكن قرار التشكيل ليس أميركياً بل يعود إلى الائتلاف. ولكن نحن لدينا الآن خبرة من بلدان مثل ليبيا والعراق وننصح الائتلاف القيام بتحركات تدريجية ومضمونة للتقدم في شكل مستمر. 

> ولكن كيف تفسر أن الرئيس السوري استعاد قدراً من الحيوية على صعيد موقعه معتقداً أن الولايات المتحدة لن تعمل لإسقاطه ودول عدة لا تساعد الائتلاف؟

– إذا كان هذا تفكير الرئيس الأسد فهو خاطئ جداً. عليه أن يعترف بفقدان قواته تدريجياً وبشكل مستمر. ومنذ أسبوعين فأنه خسر قاعدة تفتناز الجوية وفقد السيطرة على جميع المدن الكبرى في شرق سورية وما زال لديه تواجد صغير في دير الزور وهو يفقد السيطرة على حلب وقواته لم تتمكن من استعادة حمص ويبدو أنها عاجزة عن السيطرة على ريف دمشق. والآن هناك معارك في أماكن مثل ركن الدين ومقر سفارتي كان على مسافة قريبة من ركن الدين وكنت أركض من منزلي إلى حي جوبار والآن هنالك معارك في جوبار. فالرئيس الأسد سيعتقد أنه يربح إلى أن يصل الجيش الحر إلى بوابة قصره. 

> كيف ترى نهاية النظام ومتى في رأيك سيسقط لأن التكهنات بطيلة بقائه عديدة مع التعطيل الروسي ومساعدة روسيا وإيران والجمود الأميركي والقدرات الأوروبية محدودة؟

– دعينا نرى كيف يتطور الوضع وانظري إلى ما كان عليه قبل ستة أشهر وفي تموز (يوليو) كانت المعارك اقتربت من حلب والآن المعارضة تسيطر على ثلثي حلب وقبل ستة أشهر كانت هناك معارك أحياناً قرب ريف دمشق والآن فقد النظام السيطرة على بعض ريف دمشق والحكومة الآن تضع مدرعات لحماية قاسيون ولم يكن ذلك ضرورياً منذ ستة أشهر. وقبل ستة أشهر كان النظام يسيطر على الحدود بين سورية وتركيا الآن فقد السيطرة عليها وكذلك كان النظام يسيطر على أبوكمال والطريق الأساسية للعراق والآن فقدها. فمن هو الرابح والخاسر إذن. ولكن السؤال هو كم سيطول الأمر؟ فليس لدينا الإجابة الدقيقة على هذا السؤال ولكننا نعرف أن هذا النظام سيسقط. عاجلاً أم آجلاً. ونحن نعتقد أن الحل العسكري سيستغرق بعض الوقت وهو سيتحقق ولكن بثمن باهظ.

> ماذا تعني بالحل العسكري؟

– أن يسيطر الجيش الحر على دمشق وباقي المدن ولكن إذا تم ذلك سيكون بثمن باهظ وبسفك الدماء. ونحن نعتقد أن الحل السياسي الذي يقضي بأن يتنحى بشار الأسد على أن يكون مثلما دعت إليه المعارضة في تموز حكومة انتقالية تفتح الطريق إلى دستور جديد وانتخابات أفضل بكثير من الحل العسكري.

> هذا يعني تطبيق نص اتفاق جنيف ولكنه دفن بسبب موقف الأسد.

– إن عناد بشار الأسد ومجموعته الصغيرة يعطل اتفاق جنيف ولكن بما أن الوضع يسوء أكثر وأكثر كل يوم بالنسبة لهم فما أتمناه هو أن يفكروا بإنقاذ حياة الكثير من السوريين ووقف سفك الدماء ويتنحى الأسد والسماح لحكومة انتقالية أن تتسلم الأمور.

> هل تتحدثون مع الجانب الروسي لإقناعهم بضرورة ذلك.

– طبعاً نتحدث معهم وخلال محادثاتنا مع الروس قلنا لهم إن الحل السياسي بدلاً من الحل العسكري الطويل الأمد أفضل للاستقرار ولمصالح الروس والأميركيين وللشعب السوري. وقلنا أنه لا يمكن أن يكون هناك أي حل تقبله المعارضة السورية المسلحة والسياسية مع بشار الأسد. إذن لا يمكنه أن يكون في الحكومة الانتقالية وينبغي أن يتنحى ويتيح تشكيل جهاز حكومي جديد وانتقالي عبر المفاوضات (وهذه لغة اتفاقية جنيف) والأخضر الإبراهيمي مستعد لمتابعة ذلك ولكن التعطيل يأتي من إصرار الأسد على أنه الحكومة.

> هل تبني الإدارة الأميركية سياستها إزاء سورية على المخاوف من الإسلاميين والجهاديين؟

– دعيني أقول لك ما هي ركيزة سياسة الإدارة الأميركية قبل التحدث عن المتطرفين. أرجو أن يفهم القراء الموالين للأسد أننا نريد حلاً سياسياً على أن يتنحى بشار الأسد ويتم تشكيل حكومة انتقالية. في غضون ذلك نعرف أن للمعارضة دوراً كبيراً ونحن نساعدها في المجالس المحلية ونقدم لها الدعم للإغاثة. وسأشارك في مؤتمر المانحين في الكويت وقد خصصنا ٢٢٠ مليون دولار جزء كبير منه لبرامج إغاثة وقد كيفنا خطتنا للدعم طبقاً لما قالوا لنا إنه الأكثر إلحاحاً.

أما بالنسبة للمتطرفين فلا نرى كيف لمجموعة مثل القاعدة أن تقبل بسورية حرة وديموقراطية. والشعب السوري متسامح وفيه تعددية طائفية فالمسيحيون يتعايشون مع الإسلام والدروز ومجتمع سورية غني جداً. وقد دعت جبهة النصرة منذ الآن إلى دولة إسلامية ورفضت الانتخابات.

> ولكن فرنسا ترى أن جبهة النصرة أقلية.

– نعتقد أنها أقلية حالياً في المعارضة السورية أي أن المعتدلين حالياً هم الذين يسيطرون على المعارضة ولكننا نتخوف من أن تستخدم جبهة النصرة العنف لخلق المزيد من الصراعات الطائفية في سورية. من المهم أن يفهم السوريون ما هي جبهة النصرة ومن أين أتت من القاعدة في العراق التي نعرف ما قامت به من قتل للسنة وللشيعة وللأميركيين والعراقيين وشيوخ وأئمة ومدنيين وعسكر أميركيين وعراقيين ولا نريد أن تفعل هذه المجموعة في سورية ما فعلته في العراق. ومعظم السوريين ليسوا مثل هذه المجموعة وبالتأكيد معظم أعضاء المعارضة ليسوا كذلك. سهير أتاسي ورياض سيف ومعاذ الخطيب وجورج صبرا ومصطفى صباغ بعيدون عن جبهة النصرة بقدر ما أنا بعيد عن هذه المجموعة. ومعاذ الخطيب قال في مراكش إنه ضد التكفير. وعلينا أن ندرك ونفهم ما هي هذه المجموعة وما يمكنها أن تقوم به.

> ولكن ما هي الفترة الزمنية التي تتوقعها لاستمرار نظام بشار فهناك خيبة أمل في المعارضة.

– أنا متأكد أن الثورة ستنجح ولكنني لن أعطيك تكهناً لأن الله يعلم. ويجب ألا تكون هناك خيبة أمل في المعارضة لأنهم يربحون.

> هل تصل الأسلحة إلى المعارضة؟

– في سورية أسلحة كثيرة وهذا أصبح مشكلة والمشكلة الحقيقية تكمن في كيفية إقناع بشار الأسد في بلد فيه أسلحة بكثافة بالتنحي كي تنشأ الحكومة الانتقالية.

> هل أن جهاد المقدسي موجود في الولايات المتحدة؟

– بعد أن قلت ذلك واشنطن حققت في الموضوع وهو غير موجود في الولايات المتحدة.

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | 1 Comment

أوباما وسَنة إيران

 آن ماري سلوتر: الخليج الإماراتية 

مع بداية الولاية الرئاسية الثانية للرئيس الأمريكي باراك أوباما، سوف يكون لزاماً عليه أن يكرس قدراً كبيراً من اهتمامه للتوصل إلى كيفية إعادة النظام إلى البيت المالي الأمريكي . ولكن قضايا السياسة الخارجية تلوح أيضاً ضخمة في الأفق، وبرغم الصراع الدائر في سوريا واحتمالات انتشار الحرب عبر منطقة الساحل في إفريقيا، فإن الإجماع في واشنطن هو أن 2013 سوف يكون “عام القرار” بالنسبة إلى المسألة الإيرانية .

 لقد بدأ أوباما إدارته الأولى بعرض التعامل مع الجمهورية الإسلامية؛ كما قدمه بشكل تاريخي في خطاب تنصيبه الأول في العام 2009 عندما قال: “سوف نمد يدنا إذا كنتم على استعداد لبسط يدكم أولاً” . كما أكد أوباما هذا الالتزام، ولو بشكل غير مباشر في خطاب تنصيبه الثاني: “سوف نظهر شجاعتنا في محاولة حل خلافاتنا مع الدول الأخرى سلمياً، ليس لأننا غافلون عن المخاطر التي نواجهها، بل لأن الصدام من الممكن أن يرفع من مستوى الشكوك والمخاوف ويجعلها دائمة” .

 وكما أشار مؤخراً الباحث والناشط الأمريكي حسين إبيش، فقد عين أوباما حكومة مصممة لمنحه أكبر قدر ممكن من حرية المناورة للتفاوض على صفقة مع إيران . وبشكل خاص، فإن تعيين محاربَيْنِ قديمينِ في منصبي وزير الخارجية ووزير الدفاع من شأنه أن يزوده بغطاء سياسي محلي بالغ الأهمية للاتفاق الذي سوف يتطلب حتماً رفع العقوبات المفروضة على إيران، فضلاً عن الاعتراف بحقها في تخصيب اليورانيوم بمستويات منخفضة من التركيز . ولابد أن يكون في هذا إشارة إلى حكام إيران ليس فقط بأن الولايات المتحدة جادة في التوصل إلى اتفاق، بل وأيضاً أن ما تقدمه الولايات المتحدة في إطار هذا الاتفاق من المرجح أن يكون أفضل صفقة يمكنهم الحصول عليها على الإطلاق .

 نجحت إدارة أوباما في جمع تحالف غير عادي بين عدد من الدول لفرض عقوبات اقتصادية تخلّف تأثيراً ملموساً على أسعار السلع ومدى إتاحتها في إيران، بل وحتى على قدرة مؤسسات قوية، مثل الحرس الثوري، على مزاولة أي عمل تجاري .

 بيد أن التحالفات لا تدوم إلى الأبد، وكثيراً ما تخلف العقوبات تأثيراً مؤلماً في الاتجاهين، فتضر بمصالح المشترين وأيضاً البائعين . فقد وافقت دول مثل كوريا الجنوبية واليابان على تقليص وارداتها من النفط الإيراني على مضض؛ ونادراً ما تلعب دول مثل الصين وروسيا بنزاهة في ما يتصل بالعقوبات في المقام الأول .

 وفضلاً عن ذلك، لا يستطيع أوباما أن يهدد بشكل متكرر بأن “كل الخيارات مطروحة على الطاولة”، من دون أن يفقد مصداقيته مع الإيرانيين ودول أخرى في منطقة الشرق الأوسط . وكما تشير سوزانا مالوني خبيرة السياسة الخارجية في معهد بروكنغز، فإن بعض البلدان في المنطقة وخارجها تشعر بالغضب بالفعل إزاء الافتقار إلى الزعامة الأمريكية في ما يتصل بسوريا . وإذا قررت الولايات المتحدة منح المفاوضات محاولة أخرى جادة (تقديم عرض يتمتع بالمصداقية وإبداء استعداد حقيقي للتفاوض)، ولكن عَرضها رُفِض ولم تفعل شيئاً، فإنها بذلك تعلن نفسها عملياً نمراً من ورق . وإذا حدث ذلك فإن تحالف العقوبات من المرجح أن يتفكك وسط خسارة أوسع نطاقاً للثقة في قدرة الولايات المتحدة على حمل لواء القيادة .

 وبالتالي فقد وضعت الولايات المتحدة نفسها في الزاوية، ومؤخراً ساق مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق زبغنيو بريجنسكي حججاً قوية ضد العمل العسكري، مقترحاً بدلاً من ذلك استراتيجية تقضي باستمرار العقوبات وتوسيع نطاق الردع . وكمثل سياسة الولايات المتحدة في التعامل مع الكتلة السوفييتية أثناء الحرب الباردة، “فإن التهديد العسكري الإيراني الموجه ضد “إسرائيل” أو أي دولة حليفة للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط، من المفترض أن يُعامَل وكأنه تهديد مباشر موجه إلى الولايات المتحدة ذاتها، ومن شأنه أن يعجل باستجابة أميركية تتناسب معه” .

 وأستطيع بكل تأكيد أن أدرك الحكمة في نهج بريجنسكي، ولكن أوباما قطع مع الولايات المتحدة وحلفائها شوطاً طويلاً للغاية على المسار الحالي . وعلاوة على هذا فإن بريجنسكي ينسى أن عزم أوباما على منع إيران من الحصول على السلاح النووي لا ينبع من مخاوفه بشأن أمن “إسرائيل” أو استقرار الأوضاع في الشرق الأوسط الكبير فحسب . فقد ألزم أوباما نفسه مراراً وتكراراً بهدف تحويل العالم في اتجاه “الصفر العالمي”، عالم خال من الأسلحة النووية . وهو يعتقد (كما فعل وزيرا الخارجية السابقان هنري كيسنجر، وجورج شولتز، ووزير الدفاع السابق ويليام بيري، وعضو مجلس الشيوخ السابق سام نان)، أنه ما لم يجد العالم سبيلاً إلى الحياة من دون أسلحة نووية، فإننا سوف نجد أنفسنا في نظام دولي تمتلك فيه ثلاثون إلى خمسين دولة أسلحة نووية، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى رفع المخاطر المتمثلة في احتمالات إطلاق قنبلة نووية عن طريق الخطأ أو بشكل متعمد إلى مستويات غير مقبولة . وقد تبدو محاولات إقناع القوى العظمى بإزالة ترساناتها النووية ضرباً من ضروب الخيال السياسي تماماً كمثل محاولات تمرير تشريعات خاصة بالسيطرة على الأسلحة النارية عبر الكونغرس الأمريكي، ولكن في ما يتصل بهذه القضية أيضاً أوضح أوباما أنه على استعداد للمحاولة .

 ومهما بلغت منطقية أو جاذبية سياسة الاحتواء، فإن التزام أوباما بتحقيق هدف إخلاء العالم من الأسلحة النووية كجزء من إرثه، يعني ضمناً أنه لن يسمح لدولة أخرى بالحصول على سلاح نووي في عهده، كما سمح أسلافه للهند و”إسرائيل” وكوريا الشمالية وباكستان بالحصول عليها، وبالتالي فإن الرهان مرتفع للغاية بالنسبة إلى كل من الولايات المتحدة وإيران .

 وتُحسِن الدول الأخرى صنعاً بألا تستخف بعزيمة أوباما؛ ويتعين على الحكومات التي تقيم علاقات مع إيران أن تؤكد أن وقت إبرام الصفقة قد حان الآن . ومن الممكن أن تلعب دول مثل تركيا والبرازيل (وربما الهند ومصر)، دوراً مفيداً من خلال ابتكار سبل تحفظ للإيرانيين ماء وجههم في تلبية مطالب المجتمع الدولي؛ فضلاً عن إيجاد بدائل أطول أجلاً لتخصيب الوقود وتتوافق مع الحد من التهديد النووي العالمي . وبدورهم، يتعين على حلفاء أمريكا أن يكونوا على استعداد لتوحيد الصفوف معها في ما يتصل برسم الخطوط العريضة للاتفاق أو توجيه ضربة عسكرية .

 إن فن الحكم وإدارة الدولة ليس الاختيار بين الحرب والدبلوماسية وكأن كلاً من الخيارين يمثل بديلاً قائماً بذاته، بل فهم كيفية المواءمة بين الخيارين . وفي حالة سوريا، دعا الغرب بشكل متكرر إلى الدبلوماسية في حين استبعد أي عمل عسكري، وبالطبع كانت النتائج سيئة، ولن ترتكب الولايات المتحدة الخطأ نفسه مع إيران .

 مديرة التخطيط لدى وزارة الخارجية الأمريكية سابقاً، والمقال ينشر بترتيب مع “بروجيكت سنديكيت” .

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

حوار في صير بني ياس!

ميشيل كيلو – الشرق الاوسط

 هما دبلوماسيان سابقان: روسي وأميركية. وقد جاءا إلى لقاء صير بني ياس، أو دافوس الرملي، في دولة الإمارات العربية المتحدة، ليقولا رأيهما، شبه الرسمي، ويتناقشا مع حضور متنوع الجنسيات والمناصب والأدوار، في بعض مشكلات عالمنا الاستراتيجية والراهنة.

 ومع أنهما كانا من أكثر الناس أهمية في بلديهما، فإنني لن أذكر اسميهما، وسأكتفي بسرد بعض الوقائع التي جرت بينهما وبيني، بعد أن أثار اهتمامهما أنني مواطن من بلاد تصنع ثورة ستمس نتائجها بالتأكيد مصالح بلديهما ومكانتهما من المشرق العربي خاصة، والمنطقة العربية عامة. وكنت قد قدمت ما يشبه خريطة طريق للخروج من الأزمة السورية، فجاءا يستوضحان بعض مفرداتها وتفاصيلها.

 سأل الروسي بعد أن قدم شرحا طويلا حول موقف بلاده: وكيف ستوقفون اندفاع بلادكم إلى الحرب الأهلية، في حال استمر تصاعد دور المتطرفين فيها، وازداد عجزكم عن السيطرة عليهم، وتحولوا إلى قوة رئيسية أو حاسمة على الأرض؟ ألم يكن التفاهم مع بشار الأسد أفضل لكم من السقوط تحت رحمة من لن يقبلوا بكم، وليس بينكم وبينهم أي قواسم مشتركة؟

 وقالت الأميركية إن بلادها لن تتدخل في سوريا خشية أن تجرها إيران إلى معركة بلا نهاية قد تخسرها، وليس لأنها لا تملك الأدوات والقوة اللازمة للتدخل، وأضافت أن الصراع مع إيران قد يقوض توازنات القوة القائمة اليوم في المنطقة، والتي تريد واشنطن الحفاظ عليها، بعد أن بذلت جهودا حثيثة من أجل إقامتها وإدامتها.

 قلت للروسي: أنتم تقفون وراء صعود التطرف الرسمي وغير الرسمي في سوريا؛ الرسمي لأنكم تساندون وتسلحون نظاما أنكر أن يكون في بلاده أزمة تتطلب حلا، وسد أبواب السياسة وفتح أبواب الحرب على من طالبوه بحقوق أقر أنها شرعية، ثم انقض عليهم طيلة الفترة الماضية قتلا وتدميرا. وأنتم لا تحاولون ثني هذا النظام عن عنفه الذي طاول جميع السوريات والسوريين دون أي استثناء، وفرض عليهم تضحيات جسيمة قوضت وجودهم، وإنما شجعتموه على المضي في جرائمه بأمل تمكينه من الانتصار، ولم تفكروا في ما سيبقى له من شرعية في حال انتصر فعلا على مواطنيه، وحول سوريا إلى ركام. كما أنكم تقفون وراء التطرف غير الرسمي، لأنكم، بمساعدتكم النظام، تطيلون أمد الصراع وتسهمون في دفع السوريين إلى تطرف متزايد ردا على تطرف النظام المتزايد. أنتم تخشون توطن المتطرفين في سوريا وإحرازهم مكانة مميزة وقيادية فيه يمكن أن تلعب دورا مهما في انتقاله إليكم، لكنكم تستقدمونه بقوة إلى دياركم لأنكم تزرعونه بعمق في الأرض السورية، فكأنكم تنتحرون خشية أن تموتوا. وما لم تتخلوا عن النظام وتتبنوا مطالب الشعب، فإنكم تكونون كمن يزرع عاصفة خوفا من نسمة، ولن تلبثوا أن تعانوا الأمرّين من التطرف الذي تغذيه سياساتكم الخاطئة في سوريا، عندما سينتقل إليكم، علما بأنكم لن تواجهوا شيشانا جديدة، بل تمردا قد يكون واسعا ويشمل قسما كبيرا من مواطنيكم، الذين يفتقرون إلى الكثير مما كان يجب أن يحصلوا عليه من حقوق وثروة. وإذا لم تتحركوا بسرعة وبمبادرات جدية وصادقة، فإنكم لن تجدوا أي صديق يدافع عنكم بين السوريين، وستخسرون سوريا وجزءا واسعا من شعبكم في روسيا ذاتها، فضلا عن ملايين المسلمين في العالم بأسره، وستضعون أنفسكم خارج العالم الأخلاقي الذي لا بد أن تنهض عليه حياة الإنسانية اليوم.

 سألت الأميركية باختصار: لو هزم الشعب في المواجهة مع النظام، هل كنتم ستعتبرون أنفسكم منتصرين أمام إيران لأنكم تركتموها تهزمه هو وتنقذ نظامه؟ لم تهزموا أمام إيران في سوريا، لأن شعبها حال دون ذلك بفضل الهزيمة التي ينزلها بنظامه وبحليفه الإيراني. لقد خاض الشعب السوري معركة لم تكن من اختياره، جعلتها ضرورات استراتيجية كثيرة معركتكم، وحقق انتصارا تحول بقوة الواقع إلى انتصار لكم، مع أنكم لم تقدموا له أي عون، ولم تقوموا بدوركم المفترض في الصراع باعتباره فرصة يمكن أن تحرزوا من خلالها انتصارا مؤكدا، لذلك توقف كل شيء على تضحيات السوريين، الذين أخرجوا لكم الكستناء من النار، لتأكلوها وأنتم تتفرجون باستمتاع على موتهم، كما لم تسهموا بأي دور أو تعبروا بأي شكل ملموس عن امتنانكم لهم، ليس فقط لأنهم وفروا عليكم تضحيات كثيرة بالرجال والمال، بل كذلك لأنهم أنقذوكم من هزيمة أمام إيران كان من شأنها أن تحول لفترة طويلة بينكم وبين تحقيق أي شيء في صراعكم معها، وأن تمكنها من تحديكم في أي بلد من المنطقة. بدل أن تبرروا عزوفكم عن القيام بدور تمليه عليكم مسؤولياتكم الدولية، تمسكتم بأكاذيب حول وحدة المعارضة، وانقسام الشعب السوري، وقوة جيش السلطة، وكان عليكم أن تسألوا أنفسكم: إذا كان شعب سوريا حقق إنجازاته ضد جيش السلطة «القوي» رغم عدم وحدة المعارضة وانقسام مجتمعه وبأقل قدر من السلاح، ماذا كان سيحدث لو تمت مساعدته وتمكن من تجاوز انقساماته وتهافت معارضته؟

 أنتم لم تفعلوا شيئا من هذا، بل تركتم السوريين يموتون عوضا عنكم، مع أنهم لم يقرروا يوما خوض معارككم الإقليمية، لسبب بسيط هو أنها ليست معاركهم، ولأن من فرض عليهم الصراع مع إيران هو نظامها الذي قاتلهم بلا هوادة، ونظامهم الذي مكنته أسلحتها وذخائرها من قتلهم بالجملة.

 وعلى العموم، فأنتم لم تفهموا بعد المنطويات التاريخية لثورات الربيع العربي، وإلا لما اتخذتم منها مواقف سخيفة وحتى عدائية.

 أقرت محاورتي بأن الشعب السوري يخوض بالفعل معركة أحد أطرافها المعادية له هو إيران: حليفة نظامه، وقالت: إن انتصاره فيها يجنب أميركا هزيمة استراتيجية الدلالات. قلت وأنا أدير ظهري منصرفا: ويربحها معركة أخرى هي شطب سوريا من خارطة القوى في المنطقة، ويجعلها تضرب عصفورين بحجر واحد، دون أن تبذل أي جهد أو تخسر أي جندي.

 كان وقت العشاء قد حان، فدعتني إلى الجلوس قربها لإكمال حديثنا. كان الغضب والاستياء يتصاعدان في نفسي، فتركتها وقصدت مائدة أخرى وقد فقدت رغبتي في تناول الطعام!

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

هيغل ليس من الحمائم

آمال مدللي – الشرق الاوسط-

 اختار الرئيس باراك أوباما رجلا عاهد نفسه على العمل طيلة حياته لوقف الحروب، لقيادة وزارة الدفاع الأميركية. السناتور تشاك هيغل وزير الدفاع المقبل، إذا تمت الموافقة عليه في الكونغرس، جُرح أثناء القتال وعاهد نفسه بينما كان مستلقيا على حافة الموت في فيتنام بأنه «طوال حياتي إذا ما فعلت شيئا فهو سيكون محاولة وقف الحروب»، حسب قول صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية.

 السناتور هيغل والرئيس الأميركي باراك أوباما يشتركان في مواقف متشابهه إزاء كثير من القضايا؛ أهمها مسائل الحرب والسلم، واختيار هيغل صديق الرئيس ليس صدفة.. فالرئيس أوباما يريد جمهوريا اختبر الحرب ويعرف ويلاتها ليقود سفينة الدفاع الأميركية من رمال أفغانستان المتحركة، ويخفض ميزانية الدفاع ويتجنب حربا جديدة في الشرق الأوسط إذا ما فشلت كل المحاولات لإقناع إيران بعدم عسكرة برنامجها النووي.

 «ليس هناك جاه في الحرب» يقول وزير الدفاع المقبل، وهذا سوف يقربه من المؤسسة العسكرية الأميركية التي ترى في سجله ما يخوله لطلب تخفيضات في الميزانية، يكون من الصعب سياسيا على مدني لم يعرف الحرب طلبها.

 ولكن وزير الدفاع المقبل يواجه حملة قوية ضد تعيينه بسبب مواقفه السياسية السابقة خصوصا تجاه إيران وإسرائيل، مما يؤشر إلى أن معركة اتجاه السياسة الأميركية في الولاية الثانية للرئيس أوباما هي بيت القصيد. والواقع أن جلسة الاستماع في الكونغرس للموافقة على تعيينه في 30 يناير (كانون الثاني) الحالي سوف تتحول إلى جلسة استجواب حول استراتيجية الرئيس الأميركي المقبلة نحو الشرق الأوسط ودور المؤسسة العسكرية الأميركية وحجمها في مستقبل أميركا.

 والرئيس أوباما اختار وزيرا يقارب تفكيره في دور أميركا في العالم وحدود القوة الأميركية.. فبينما الرئيس أوباما من المعجبين بالرئيس الأميركي أبراهام لينكولن، فإن السناتور هيغل يعلق صورة كبيرة للرئيس الأميركي الأسبق دوايت آيزنهاور في مكتبه ويعتبره «أحد أفضل الرؤساء الأميركيين» وينصح أصدقاءه ومعارفه بقراءة خطاب آيزنهاور الوداعي بعد انتهاء ولايته الذي أصبح شهيرا بتحذيره من تعاظم نفوذ المؤسسة العسكرية – الصناعية ولكنه في الوقت نفسه اعتبر المؤسسة العسكرية «عنصرا حيويا في حفظ السلام».

 والرئيس آيزنهاور هو الذي عارض العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 وضغط حتى وقف العدوان وانسحاب إسرائيل لأن هذا العدوان كان يتعارض يومها مع المصالح الاستراتيجية الأميركية في المنطقة وليس للدفاع عن مصر. وهذه المصالح الأميركية هي ما يتقدم لدى وزير الدفاع الأميركي المقبل على أي مصلحة أخرى.

 فالسناتور هيغل مثل الرئيس أوباما يؤمن بأن دور أميركا في العالم هو أن تقود. ولكنه يريد من أميركا أن تعمل مع الآخرين لا أن تمارس سياسة الانفراد. إنه يرى أميركا بصفتها قوة خير في العالم ويشير إلى سجلها خلال الستين سنة الماضية حول العالم وكيف أعادت بناء البنية الاقتصادية العالمية بعد الحرب العالمية الثانية. والسناتور معجب جدا بفقرة من خطاب الرئيس آيزنهاور يقول فيها إن قيادة أميركا ومركزها لا يعتمدان فقط على غناها أو قوتها العسكرية «وإنما على كيفية استخدامنا لقوتنا من أجل مصلحة السلام العالمي وتحسين وضع البشرية».

 ولكن هيغل «المسالم» يؤمن بالقوة العسكرية عندما يتعلق الأمر بالمصلحة الأميركية، فهو كان من الداعمين لحرب فيتنام التي حارب فيها وكان يعتبرها «قضية نبيلة لكنها تحولت إلى طريق خاطئ».. إنه يؤمن بالحرب حلا أخيرا، تماما مثل الرئيس الأميركي. وهو صوت، على عكس الرئيس أوباما، لصالح قرار الحرب على العراق في الكونغرس ولكنه تحول فيما بعد إلى معارضة الحرب ووقف ضد زيادة القوات الأميركية في العراق عندما رأى أن هذه الحرب اتخذت منحى خاطئا وكلفت الولايات المتحدة الكثير من الأرواح والثروة.

 واليوم يدعم وزير الدفاع المقبل سياسة الرئيس أوباما تجاه سوريا ويعتبر أنه إذا حصل تدخل عسكري، فإنه يجب أن يأتي من المنطقة؛ من الجامعة العربية وليس من الناتو، كما قال في مقابلة أجرتها بربارة سلافين في المجلس الأطلسي الذي يرأسه.

 ولكن الحملة على ترشيح السناتور هيغل تركز أيضا على آرائه التي جاهر بها على مدى السنوات الماضية حول إسرائيل، وفلسطين، وإيران. ولقد وجهت للسناتور هيغل اتهامات خطيرة، فبعض هذه المواقف ستجعل من جلسة الموافقة على تعيينه جلسة صعبة للغاية.

 فالسناتور عندما عاد من زيارة إلى إسرائيل عام 1998 اتهم الحكومة الإسرائيلية بأنها تعرقل تطبيق اتفاق أوسلو، وقال إن «الإنسان اليائس يقوم بأعمال يائسة عندما يفقد الأمل، وهذا هو وضع الفلسطيني اليوم». وعندما وصف في مقابلة مع المسؤول الأميركي السابق آرون ديفيد ميللير اللوبي الإسرائيلي في أميركا «باللوبي اليهودي» اتهم بمعاداة السامية.

 ميللر وصف هذا الاتهام «بالمعيب». السناتور هيغل يدافع في كتابه عن العلاقة الخاصة بين إسرائيل والولايات المتحدة وعن حق إسرائيل في الدفاع عن النفس ودعم عملية السلام وحل الدولتين. وكشف في المقابلة نفسها في مارس (آذار) الماضي أن الرئيس أوباما سوف يكرس جهدا ووقتا في ولايته الثانية لعملية السلام في الشرق الأوسط؛ إذ «تحدثت إليه طويلا حول الموضوع وأعلم أنه يريد أن يفعل ذلك».

 ولكن أشرس هجوم عليه يركز على موقفه من إيران ومن تأثير رأيه في قرار السلم أو الحرب إذا ما فشلت المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني.

 فالسناتور هيغل هو ممن يوصفون هنا بالواقعية السياسية ويؤمن بالتفاوض المباشر مع إيران.. يقول إن «الدول العظمى تتواصل» وكشف أنه التقى على مدى السنوات الماضية مع سفراء إيران لدى الأمم المتحدة وتبادل معهم الآراء. إنه يؤمن أن الحرب يجب أن تكون آخر خيار بعد استنفاد جميع الخيارات، ووزير الدفاع المقبل يحذر من استسهال أي حرب مع إيران.. فهو يعتقد أنه إذا بدأت الحرب مع إيران فستحتاج إلى مائة ألف جندي. واعتبر أن حربا كهذه لا تكون حربا محدودة، بل ستطال المنطقة وتؤثر على حلفاء أميركا وتحصد ضحايا. ونبه السناتور في الماضي إلى مخاطر وضع إيران في الزاوية وطالب بتأمين مخرج يحفظ ماء الوجه للإيرانيين.

 ففي مقابلة مع بربارة سلافين قال إنه لا يعتقد أن أميركا محكومة بخيارين فقط؛ «ضرب إيران أو العيش مع قنبلة إيران النووية».

البيت الأبيض يقول إن هيغل يؤيد هدف الرئيس في منع إيران من أن تحصل على أسلحة نووية.. إنه «مفتوح العينين حول نشاطات إيران لزعزعة المنطقة. لقد قال إن إيران دولة داعمة للإرهاب وتزود المجموعتين الإرهابيتين حزب الله وحماس بالمساعدات المادية».

وعدم ثقة هيغل بالإيرانيين بدت أيضا في مقابلته مع سلافين تعليقا على عرض الرئيس الإيراني أحمدي نجاد حول تخصيب اليورانيوم بنسبة 20%: «يجب أن نختبر كل هذا»، واستشهد بالأثر العربي القائل: «اعقلها (الناقة) وتوكل (على الله)».

آندرو براسيليتي مستشار السناتور هيغل قال حول موقف السناتور من إيران إنه يشارك الرئيس أوباما نظرته إلى موضوع إيران، وكلاهما «لا يريد أن تحصل إيران على القنبلة النووية، كما لا يريدان نزاعا في المنطقة». ولكنه حذر من «النظر إلى ترشيح هيغل على أنه تغيير أو مؤشر في السياسة تجاه إيران».

هناك قراءة مبسطة لمواقف الوزير المقبل في المنطقة عبر تصويره على أنه من الحمائم دون النظر إلى مجمل سياسته وآرائه السابقة. إيران رحبت بتعيينه، ولكنها تخطئ إذا استهانت بالسناتور هيغل، وربما سيكون ترحيبها بهذا التعيين في غير محله إذا فُهم على أنه ضوء أخضر لإيران لتستمر في برنامجها النووي مطمئنة بأن الخيار العسكري لم يعد على الطاولة. بربارة سلافين قالت لي: «هيغل ليس لينا تجاه إيران أو قاسيا تجاه إسرائيل. وإذا أصبح وزيرا للدفاع، فسيطبق سياسات الرئيس أوباما ولن يصنع السياسات بنفسه».

وتظهر ورقة وزعها البيت الأبيض مواقف هيغل المتشددة تجاه حزب الله وحماس حيث يعتبرهما «منظمتين إرهابيتين تشكلان خطرا على إسرائيل وعلى استقرار الشرق الوسط وعلى الولايات المتحدة».

ولكن منتقديه يشيرون إلى سجله في مجلس الشيوخ؛ حيث صوت ضد، أو امتنع عن التصويت على تشريعات تفرض عقوبات على إيران، ويعبرون عن قلقهم حول مستقبل السياسة الأميركية تجاه هذه المسألة.

ويشير هؤلاء إلى مواقف السناتور هيغل القديمة ويرون فيها ما يدعو إلى القلق لأنه يدعو إلى توجه شامل في التعامل مع إيران وليس فقط برنامجها النووي.. يقول هؤلاء، إن هذا هو ما تريده إيران بالضبط لأنها تسعى إلى جعل الملف النووي واحدا من جملة أوراق تستخدمها للحفاظ على نفوذها في المنطقة.

 من غير المعروف ما إذا كان السناتور هيغل لا يزال يؤمن بذلك، خصوصا أنه في السنوات الأخيرة كان عضوا في مجلس الرئيس أوباما الاستشاري حول الاستخبارات، ومن المحتمل أن يكون قد شكل موقفا جديدا تجاه إيران. ولكن هذا التوجه القديم إذا أصبح سياسة أميركية وأصبحت الصفقة الكبرى مع إيران احتمالا حقيقيا وليس فقط مجرد خوف غير واقعي لدى خصومها في واشنطن والمنطقة، فسوف يثير هذا قلق العرب الذين لا يريدون أن يكونوا ضحايا البازار الإيراني.

إن المعارضين لتعيين السناتور هيغل يحاسبونه على نصيحته التي سوف يقدمها للرئيس أوباما يوم يأتي استحقاق اتخاذ قرار التعامل مع قنبلة إيران النووية إذا ما أصبحت حقيقة. ولكن يجب التذكر هنا أن الرئيس الأميركي هو من يتخذ قرار الحرب والسلم وليس وزراؤه. والسناتور هيغل لن يقفز إلى الحرب بسهولة؛ إذ علينا تذكر القسم الذي أقسمه، ولكن، وهذا هو الأهم، ملهم هيغل هو الجنرال آيزنهاور الذي قاد قوات التحالف في غزو النورماندي لتحرير أوروبا من خطر هتلر، وهو الرئيس آيزنهاور نفسه الذي هدد الثلاثي: بريطانيا وفرنسا وإسرائيل لوقف العدوان الثلاثي على مصر، ويقال إنه هدد الصين باستخدام السلاح النووي ضدها لإنهاء الحرب الكورية. إن اعتبار هيغل من الحمائم سوء فهم لموقفه من حروب المصالح القومية الأميركية.

* مستشارة في الشؤون الدولية تعيش في واشنطن

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

أوباما من دون قيود

تشارلز كروثامر

 تفاجأت وسائل الإعلام عندما اكتشفت أن باراك أوباما ينتمي لليسار، فبعد 699 خطابا رئاسيا، كان المعلقون على ما يبدو ما زالوا يعانون من الغفلة والنسيان، وكان هذا هو الحال بالفعل حتى الخطاب الافتتاحي لأوباما الأسبوع الماضي بمناسبة تنصيبه رئيسا للولايات المتحدة لفترة رئاسية ثانية.

 والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: أين كان الجميع طيلة هذه السنوات الأربع؟ في الحقيقة، تكمن المفاجأة الوحيدة في أن أوباما قد اختار خطاب ولايته الثانية لكشف النقاب عن برنامج يساري ليبرالي عنيد.

 ومع ذلك، لم يكن هناك أي مفاجأة في المضمون، حيث كان أوباما قد كشف عن برنامجه في أول خطاب له أمام الكونغرس، قبل أربع سنوات (وبالتحديد في 24 فبراير /شباط 2009). وكتبت في ذلك الوقت قائلا: «إنه أجرأ البرامج الديمقراطية الاشتراكية من قبل أي رئيس أميركي في التاريخ».

 ولم يكن هذا البرنامج مجرد نقاش أو كلام، حيث استمر أوباما في تطبيق نظام الرعاية الصحية في جميع أنحاء الولايات المتحدة، ليشكل 18 % من اقتصاد الولايات المتحدة – بعدما نجح في تمرير قرار بإنفاق 833 مليار دولار، وهو ما عجل بزيادة غير مسبوقة في الإنفاق الحكومي. وحسب تأكيدات البيت الأبيض نفسه، فإن واشنطن تنفق الآن على الرعاية الصحية 24 % من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 20 % بعد الحرب العالمية الثانية.

 وقد خرجت طموحات أوباما عن مسارها بعد الهزيمة الساحقة التي تعرض لها عام 2010 والتي كلفته مجلس النواب، ولكن بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية، فقد عادت الثورة مرة أخرى، بالشكل المعلن عنه في خطابه الافتتاحي يوم الاثنين في الاسبوع الماضي.

 لقد كان هذا الخطاب بمثابة أنشودة النصر للحكومة، والتي تعهد خلالها أوباما بـ(1) الدفاع عن دولة الرفاهية في القرن العشرين و(2) وتوسيع نطاق ذلك للقرن الحادي والعشرين.

 ويعد الجزء الأول من هذا البرنامج – التمسك بكل حماس بالبرامج القديمة للضمان الاجتماعي والرعاية الطبية والصحية – هو عنوان الليبرالية الرجعية. لقد تم اللجوء إلى الضمان الاجتماعي عندما كان متوسط العمر المتوقع هو 62 عاما، كما تم اللجوء إلى الرعاية الطبية عندما كانت التكنولوجيا الطبية الحديثة في بداياتها، أما الآن فإن التركيبة السكانية المختلفة تمام الاختلاف والتكنولوجيا قد جعلت هذه البرامج غير قابلة للاستمرار. ويعلم الجميع أنها سوف تلتهم ما تبقى من الميزانية، ما لم يتم إصلاحها بشكل جذري.

 أما بالنسبة للجزء الثاني – التوسيع – فقد بدأ أوباما ذلك بالفعل خلال فترة ولايته الأولى من خلال قانون حماية المريض وتوفير الرعاية الصحية أو ما يعرف باسم «أوباما كير». وقد أعاد خطاب أوباما الافتتاحي إلقاء الضوء على مشروع آخر من مشاريع أوباما الكبرى وهو «شفاء الكوكب»، حيث تعهد الخطاب بأن يكون قطاع الطاقة صديقا للبيئة وأن يحظى بقدر كبير من الدعم (حتى أجهزة الدولة الرقابية تخفض استخدامها من الوقود الأحفوري، وتتوقف عن استخدام الفحم اليوم والغاز الصخري في المستقبل).

 وكما قال الرئيس (والاقتصادي) التشيكي فاتسلاف كلاوس ذات مرة، فإن حماية البيئة دائما ما تكون هي الوريث لفشل الاشتراكية لتبرير الحكم المتغلغل من قبل المكتب السياسي للخبراء. والآن فقط، يتم العمل على حماية البيئة باسم الكوكب وليس باسم البروليتاريا العاملة.

 وقد وجه الخطاب الافتتاحي أيضا ضربة قوية لكل الخرافات التي تقول إن أوباما يعمل من أجل الإصلاح المالي أو تخفيض الديون، حيث كان هذا الخطاب يخلو من أي اعتراف بالتهديد الرئيسي الذي يحيق بديمقراطيات عصر ما بعد الصناعة (كما رأينا بالفعل في أوروبا) – وهي أزمة عدم قدرة الدول على الوفاء بسداد ديونها.

 وعلى العكس من ذلك، يعد أوباما رائد الدولة الآخذة في التوسع، وكان خطابه يركز بشكل كبير على الجماعية، ولكنه في الواقع كان يعني الحكومة فقط، وليس العدد الهائل للجمعيات التطوعية – الدينية والثقافية والخيرية والفنية – التي تعد موضع اعتزاز وفخر النظام الأميركي.وبالنسبة لأوباما، لا يوجد شيء بين المواطن والدولة، فالأمر يشبه الصحراء التي لا يجد فيها المواطن حماية إلا من الدولة. وبعبارة أخرى، يعد هذا الخطاب بمثابة النصيحة المثالية لجوليا، تلك المواطنة التي ركز أوباما على حياتها خلال حملته الانتخابية.

 وفي عين التاريخ، يعد الخطاب الافتتاحي الثاني لأوباما بمثابة استجابة مباشرة لخطاب رونالد ريغان الأول، ففي العشرين من يناير (كانون الثاني) عام 1981 قال ريغان: «الحكومة ليست هي الحل لمشكلتنا، ولكن الحكومة هي المشكلة». وبعد ذلك، نجح ريغان في الوصول لحالة من التوافق الوطني حول آيديولوجيته – كما تم التأكيد عليه بعد 15 عاما عندما أعلن الرئيس الديمقراطي التالي أن «عصر الحكومة الكبيرة قد انتهى»، ونفس الشيء قد قاله بيل كلينتون عندما شرع بعد ذلك في إلغاء نظام الرعاية الاجتماعية.

 في الحقيقة، أوباما ليس كلينتون، ولا يقوم بإلغاء الاستحقاقات، بل يحافظ على القديمة منها ويخلق أخرى جديدة في إطار السعي لتحقيق رؤية لنظام اجتماعي أكثر عدلا، تكون فيه مكافحة عدم المساواة وتسوية الخلافات الاجتماعية هي المهمة الأكبر للحكومة.

 وقال أوباما عام 2008 إن ريغان قد «غير مسار الولايات المتحدة» بطريقة لم يقم بها كلينتون نفسه، وكان يعني أن ريغان قد حول روح العصر السياسية، في حين قبل كلينتون، بل وأرسى، القواعد الجديدة التي وضعها ريغان.

 وتكمن مهمة أوباما في استرداد وبعث الصعود الليبرالي الذي استمر لمدة 50 عاما قبل مجيء ريغان. وبناء على ذلك، فإن خطاب تنصيبه الثاني، الذي يعد غير مبرر وعدوانيا من الناحية الفكرية، هو العلامة الأبرز في تاريخه، واعترافا ذاتيا بأنه «ريغان اليسار»، ولو نجح خلال السنوات الأربع المقبلة، فسيستحق حصوله على هذا اللقب.

 * خدمة «واشنطن بوست»

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

أوباما يوجه كلمة إلى الشعب السوري


President Obama Announces $155 Million in Additional Humanitarian Assistance for the Syrian People

Posted in English, ربيع سوريا, يوتيوب | Leave a comment

سقوط المطران عطالله حنا

الكاتب والإعلامي الفلسطيني محمد مناصرة من مدينة بيت لحم في رسالة الى المطران رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس عطا الله حنا المساند للسفاح السوري :

يؤسفني الي…وم ان اقول لك وامام شعبنا كمواطن فلسطيني من مدينة المخلص بيت لحم وبعد ان رايتك تعلن مساندتك من نابلس لمجرم كبشار الاسد يرتكب جرائم ابادة جماعية بحق شعبه سيحاكمه الشعب عليها وقريبا… اقول لك يا حيف ويا عيب الشوم عليك لم اعد اثق بك ولا بكل الذي تقوله عن حرية الشعوب وكل خطبك عن الحرص والانتساب لقضايا شعوبنا كانت خداع ولن يصدقك احد بعد اليوم لان البشر حيثما كانوا بشر والحرية لكل البشر ليست لبشر دون بشر والاشتبداد والاحتلال من نفس الطينة فمن يقف مع الاستبداد اهون عليه في اقرب محطة سيتخلى عني مرة اخرى موقفك يثير الخجل وعار على الكنيسة الفلسطينية والشعب الفلسطيني.

وكان قد كتب له في سبتمبر، 2012

كيف تكون مدافعا عن قاتل ذبح من شعبه 30 الف حتى الان واغتصب شبيحته اكثر من الفي امراة ويدمر بطائرات الميغ مدن وبلدات لم يستخدمها ضد اسرائيل وفقط ضد شعبه؟ … لك مكانة خاصة في وجداننا وقلوبنا لهذا امد اليك يدا كي تعيد دراسة وتشخيص الموقف من الثورة السورية لانها ثورة اسطورة برغم ان اطراف اقليمية ودولية ومنذ اذار هذا العام تحاول الانتفاع من العسكرة والتدخل لثني الثورة وابعادها عن اهدافها المدنية والديمقراطية ولاطالة امد الصراع لتدمير سورية وطنا ودولة وشعب لصالح اسرائيل. وسلطة العصابة هي المسئول الاول والاخير عن كل ما يجري بسورية…

الثورة في سورية استثنائية وخطرة على الرجعية العربية وعلى اسرائيل والامبريالية لان لا احد من هؤلاء له مصلحة في ان تكون سورية منبرا ديمقراطيا بحق وحقيق ولهذا الجميع يتآمر عليها عربا وفرنجة….

ولاني احبك واحترمك اجد الشجاعة لكي اقول لك : انت وقاتل كالاسد لا يجب ان تكونا في خندق واحد… ففيما تزرع فينا الامل والمحبة وروح السلام والاخلاص للناس ولوطننا فان الاسد يقتل ويذبح ويدمر دفاعا عن كرسي السلطة؟!!!!”.

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

كيف ينظر اليابانيّون إلى العرب…

عرض موجز لكتاب “العرب وجهة نظر يابانيّة”

السبت 26 كانون الثاني (يناير) 2013

بقلم: حيان الخياط: الاوان

“المجتمعات العربية تفتقر إلى العدالة الاجتماعيّة، “المبدأ الأساسي الذي يعتمد عليه النّاس” ممّا يعني غياب سيادة القانون وحقوق الإنسان، والدّيمقراطيّة، وهي المفردات التي نسمع عنها كثيراً في الإعلام ولا نرى تطبيقها على الإطلاق، فالإعلام لدينا تابع للأنظمة الحاكمة بشكل أو بآخر، وهو يردّد كلمات فارغة من المعنى ولكنّها تطرب السّامعين”.

العرب وجهة نظر يابانيّة، تأليف نوبوأكي نوتوهارا أستاذ الأدب العربي المعاصر في جامعة طوكيو للدّراسات الأجنبيّة، يقع الكتاب في 141 صفحة من القطع المتوسّط، طبع في دار الجمل 2003، والجدير بالملاحظة أنّ الكتاب مدوّن باللّغة العربيّة، وليس مترجما عن اللّغة اليابانيّة، لأنّ المؤلّف من المختصّين بالأدب العربي.

نوتوهارا ينقل انطباعاته عن العرب

إنّ الكاتب لم يُنصّب نفسه كحَكم أو ناقد للشّخصيّة والمجتمع العربي، بل هو ينقل انطباعاته الذاتيّة عمّا رآه خلال تنقّله بين الدّول العربيّة، إذ أقام في ريف مصر وتعامل مع البدو في بادية الشّام وزار حضرموت في اليمن، بالإضافة إلى دراسته وقراءته عن هذه المجتمعات. فقد كان ولمدّة 40 عاماً طالباً في قسم الدّراسات العربيّة ثمّ مدرّساً للأدب العربي.

حبّه للّغة والثّقافة العربيّة واضح جدّاً، هذا ما يؤهّله للكتابة عن العرب، دون أن يجابه بنقد يغالي في رفض أن يكتب أجنبيّ عن العرب، فكتابة أمثال نوتوهارا عن العرب قد تسهم في عمليّة النّقد من الخارج، التي تبيّن لنا أموراً لم نلتفت إليها سابقاً. كما أنّ دراسة نوتوهارا تنفع علماء الاجتماع الذين يحلّلون المجتمعات العربيّة كثيراً، فهي تقدّم صورة صادقة عمّا عاينه ولمسه على أرض الواقع، وعلى الرّغم من قلّة مثل هذه المحاولات إلّا أنّها موجودة على أيّة حال، ويجب أن نعطيها مكانة مناسبة وعدم تهميشها.

العربي لا يعيش إنسانيّته

في المقدّمة يشير الكاتب إلى -المعنى الذي طالما عشنا معه- غياب إنسانيّة المواطن العربي. فالمجتمعات العربية تفتقر إلى العدالة الاجتماعيّة، “المبدأ الأساسي الذي يعتمد عليه النّاس” ممّا يعني غياب سيادة القانون وحقوق الإنسان، والدّيمقراطيّة، وهي المفردات التي نسمع عنها كثيراً في الإعلام ولا نرى تطبيقها على الإطلاق، فالإعلام لدينا تابع للأنظمة الحاكمة بشكل أو بآخر، وهو يردّد كلمات فارغة من المعنى ولكنّها تطرب السّامعين. أمر آخر يشير إليه الكاتب هو انعدام استقلاليّة الفرد، وسيادة القمع، فكلّ شيء يتعلّق بالمجموعة على حساب الفرد، فالدّين حصري ولا يقبل المساومات، الحاكم واحد ولا يقبل التغيير بسهولة، القيم ثابتة ولا تتطوّر… الخ ولكي ننجو من هذه المساوئ التي لا حصر لها، يقترح الكاتب، أن نقوم بعملية نقد للذّات، نعي من خلالها أخطاءنا ونحاول إصلاحها قبل فوات الأوان.

العلاقة بين الأنا والآخر

يناقش الكاتب موضوعاً شيّقاً لم يحض بعد بالاهتمام الكافي، وهو “علاقة الأنا بالآخر” في مجتمعاتنا التي تغيب فيها أبسط أسس الدّيمقراطيّة والتعدديّة الفكريّة لا ننتبه إلى وجود “الآخر” علاوة على أن نعطيه حقّه في أن يكون مختلفاً عنّا، فثقافتنا مبنيّة على إرث طويل من الإقصاء والتّكفير والنّفي بكلّ بساطة.

والجدير بالذّكر أنّ ما يقصده الكاتب من كلمة “الآخر” هو المجتمعات لا الأفراد، ولهذا يؤسّس حلولاً عامّة، تتعلّق بالإقرار بوجود الآخر المختلف، ثمّ تقبّله كما هو، وبالطريقة التي يعبّر بها عن نفسه، لا كما نتصوّره، أو كما تمّ إخبارنا عنه

وأمر آخر لا يقل أهميّة هو ضرورة عدم إسقاط قيمنا وطريقة فهمنا للواقع الموجود في مجتمعنا على المجتمعات الأخرى، بل نحافظ على الخصوصيّة الموجودة لكل مجتمع وندرسه من خلال هذه الخصوصيّة، وفي هذا الصّدد يقول الكاتب: “إنّ علينا أن نقبل قيم المجتمعات الأخرى كما هي دون أن نشوّهها، أو أن نخفّض قيمتها على ضوء قيمنا نحن، وعلينا إذن أن نرى المجتمعات الأخرى كما هي، وأن نقبلها كما هي عليه.” ص 21 وص 22.

بين المجتمع الياباني والمجتمع العربي

يعقد الكاتب مقارنات كثيرة بين المجتمعين الياباني والعربي، ويركّز على الاختلافات الموجودة بين هذين المجتمعين في نواحي عديدة، صحيح أنّ المجتمع العربي لا يرقى إلى مستوى المجتمع الياباني في كثير من الأمور، إلا أنّ المجتمعين يحتويان على نفس المكوّنات، التي تجعلهما يواصلان وجودهما وهي “النّاس” لكن النّقاط التي يجب التّركيز عليها هي طبيعة الحياة والحريّة في كل من المجتمعين، مثل القمع، الخوف، وعدم الإحساس بالمسؤوليّة … الخ. وبديهي أن مجتمعاتنا تعاني بشكل مكثّف من هذه الأمور، إلى درجة تجذّرها في جميع أنماط حياتنا، ونموذج على هذا الأمر قول المؤلف:

“عندنا في اليابان نقول عندما لا نستطيع أن نتكلم بحرية: عندما أفتح فمي فإن هواء الخريف ينقل البرد إلى شفتي. والعربي عندما لا يستطيع أن يصرح بما في نفسه عليه أن يقول تحت لساني جمرة. ذلك أنّ ظروف المجتمع العربي الشديدة تحتاج إلى جمرة بدلا من تعبيرنا عن البرد.” ص 9.

وهذا يعني أن الخوف موجود عندنا حتّى في أمثالنا الدارجة، هذا في حين أن الياباني لا يخاف من سلطة ترهبه أو تؤذيه، فخوفه من الزّلازل وما شابه هو شغله الشاغل. وعلى الرّغم من كلّ ما ذكرناه، يجب أن لا يغيب عن بالنا أن هذه المقارنات مجرّد انطباعات شخصيّة للكاتب أو مجموعة أحداث حصلت له، وليست دراسات أو إحصائيات يعول عليها كثيراً، وقد رأى نفسه جديراً وأهلا للكتابة عنها بعد أن عاش في كلا المجتمعين وحصل على خبرة جيّدة بهما.

انطباعات الأجنبي عنّا

الصّورة التي يكوّنها شخص أجنبي عاش مدّة لا بأس بها في العالم العربي قد تكون فظيعة لو انتبهنا إليها أو لاحظناها جيداً، وإذا كان نوتوهارا متفهّماً فغيره لا يستطيع أن يكون بهذا القدر من سعة الأفق، فقد تعرّض هذا الرّجل إلى مختلف التّجارب التي نشاهدها يومياً دون أن نهتم بها، وسجل جميع ما مر به لكي يذكرنا بالواقع المزري الذي نعيش فيه، من رشوة وسرقات -التي تعرّض لها عدّة مرّات- الموظفين الحكوميين وتسول الأطفال، كل هذا وغيره لا يستطيع الأجنبي أن يفهمه لأنّه من بلد لا توجد به مثل هذه الحالات، والتفسير الذي يضعه الكاتب، هو وجود القمع والتسلط الحكومي على الشّعب، فلا أحد يستطيع أن يتناول مواضيع “السياسة والجنس والدّين أيضاً” وهذان العفريتان (القمع والتسلط) ناتجان عن غياب الديمقراطيّة، “فالحكم الطويل يعلم الحاكم القمع إذا كان لا يعرفه” ص 37

الازدواجيّة مرّة أخرى

ازدواجيّة الفرد العربي، فكرة طرحها ودافع عنها د. علي الوردي كثيراً، وقد لا نجد كتاباً واحداً له يخلو من ذكر هذا المصطلح، وملخّص هذه الفكرة أنّ الفرد العربي يستخدم نمطين من الشخصيّة بحسب طبيعة الموقف أو الشخص الذي يواجهه، فهو أمام السّلطان والمسؤول خاضع ومتباكي، ولكن عندما يمتلك السلطة يصبح متعالياً وكأنه شخص آخر تماماً، نفس هذه الفكرة يطرحها الكاتب نوتوهارا ويدعمها بكثير من الأمثلة التي رآها ولم يفهمها إلا بعد الرّجوع إلى “الازدواجيّة” كتفسير، وهو يضيف كون الثقة هي الأساس الذي يتعامل به اليابانيون فيما بينهم، والكاتب شخصياً يحاول أن يعلم تلاميذه هذا الأمر، ولهذا فهو لا يراقب الطلاب في الامتحانات، بل يتركهم لحالهم ويذهب إلى غرفته الخاصّة، وهو على ثقة تامة أنّ الطالب الغشّاش سيتمّ تأنيبه من قبل أصدقائه ولن يسمح له أحد بهذا العمل، أمّا في المجتمع العربي فالشّرف، والعار، والمحسوبيّة وأمور أخرى كثيرة تستبدل بالثقة، وهنا يجب أن ننقل مجموعة من التّساؤلات المهمّة التي طرحها الكتاب حول الثقة، وهي: “إنني أسأل الأسئلة التالية البسيطة عن المجتمعات العربيّة:

ـ هل يثق الآباء بأبنائهم؟ وهل تثق الزّوجة بزوجها؟ وهل يثق الفرد بأقربائه وجيرانه وأبناء مجتمعه؟

ـ هل يثق المواطن بأحزابه السياسية؟ أم هل يثق بحكامه؟

ـ هل يثق المواطن العربي بالصحافة والقضاء والقوانين العامة؟

ـ هل يثق العاملون بإدارتهم وأرباب عملهم؟

ـ هل يثق الفلاح بالتّاجر الذي يشتري محصوله؟ وهل يثق المشتري بالبائع؟

ـ إلى آخر هذه السلسلة عن الأسئلة الموجعة الجارحة. إنّ الثقة لا تستورد ولكنها تنبت في النّفوس وتنمو برعاية المجتمع كله. فمتى تعتمد المجتمعات العربيّة على رباط الثقة؟” ص 64

الكرم والضّيافة العربيّة

عاشر الكاتب البدو في بلاد الشّام طويلاً، وأحبّ الفلاحين في ريف مصر، وأكثر ما أعجبه فيهم هو أخلاق الضّيافة والكرم، ذلك أنّ اليابانيين لا يملكون مثل هذه الثقافة، فـ”الضيف الياباني لا يطلب وإذا حدث وطلب فإنّه يفعل ذلك بخجل” ونتيجة لهذا الحال، يستغرب نوتوهارا بل يصاب بالدّهشة والإعجاب من الكرم العربي، فالفرد العربي يتّصف بالكرم حتّى في حالة العوز أحياناً، ولا يسدّ بابه أمام أيّ ضيف قادم في جميع الأوقات، سواء وقت الرّاحة أو وقت العمل، وهذا الشّكل من العلاقة بين الزّائر والمكان المزار لا يحدث باليابان سوى في المعبد، فباب المعبد لا يغلق في وجه أحد، وهو دائم الترحيب بالنّاس، ولهذا يشبه الكاتب بيت أحد أصدقائه العرب الكرماء، بالمعبد الياباني.

الأدب كوسيلة للفهم

بما أنّ اختصاص الكاتب هو الأدب العربي المعاصر، فمن الطبيعي أن يستخدمه كوسيلة لفهم حياة وطبيعة العرب، وهو يستخدمه في قضيتين أساسيتين هما:

1 ـ القضية الفلسطينية:

يمثل الأديب غسان كنفاني مرشداً فكرياً للكاتب، فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، حيث أنّه لا يخفي شدة إعجابه به ومدى تعلّمه منه، بالإضافة إلى حادثة حصلت له في مخيم اللاجئين الفلسطينيين في سوريا حيث تأثر بحالة اللاجئين جداً، وعلى إثر هذا كله يرى أن الجرائم بحق الفلسطينيين تقع على عاتق العالم أجمع لا على الاسرائيليين وحدهم، فالعدالة والإحساس بالمسؤولية يجب أن لا يغيبان عن البشر في تعاطيهم مع القضية الفلسطينية التي تترجم ببساطة إلى أن جماعة بشرية جاءت من خارج فلسطين واستقرت فيها بقوة السلاح، وشردت الشعب الفلسطيني واغتصبت وطنه، ورغم هذا كله فالكاتب لا يعادي أحداً، فهو لا يكن أي نوع من الكره لليهود، بل ينادي بحقهم في حياة كريمة لكن ليس على حساب حياة الآخرين وأمنهم، فإيجاد حل لمشكلة ما لا يتمّ بخلق مشكلة أخرى.

2 ـ حياة البدو:

أعلن الكاتب حبه لحياة البادية أكثر من مرة، وقد عاش فيها فترات طويلة، وهو بكتابته عن البدو يحاول أن يغير الصورة النمطية التي كونها الإعلام الغربي عن هذه الثقافة الخاصّة، ومصدره هو الاحتكاك المباشر بعالم البداوة أوّلاً، وما كتبه الأديب إبراهيم الكوني في وصف البادية ثانياً، والكوني ينتمي إلى “الطوارق” وهم البدو الذين يعيشون في الصحراء الليبيّة، وعليه فإنّ كتابته عنهم تشبه المرآة التي تعكس صورة لما يعيشونه فعلاً. ولهذا قام الكاتب بترجمة بعض أعمال الكوني من أجل التعريف به للقارئ الياباني.

3 ـ المجتمع المصري:

ذكر الكاتب أحداث كثير وقعت له في مصر، وأشار إلى المجتمع المصري مراراً، وهو معجب بهذا المجتمع جداً، ومرة أخرى يتّخذ الأدب وسيلة لفهم المجتمع المصري إلى جانب معرفته المباشرة به، والأديب يوسف إدريس هو مرشده في هذه المرة، كتب إدريس القصص والرّوايات التي تنقل طبيعة المجتمع المصري إلى القارئ العربي بشكل عام والقارئ الأجنبي بشكل خاص، وهو يركز على الفلاحين باعتبارهم الذخيرة المثلى التي ستحدد مصير مصر، فالمثقفون ورجال الدّين وسكان المدن لا يمثلون ضماناً لمستقبل مصر في نظر إدريس. وهو بهذا أديب الشعب لا أديب السلطة، وقد عبر عن مواقفه بكل شجاعة ، ولم يتوان في الدفاع عن قضيته أبداً.

مقتطفات من الكتاب

1 ـ “في مجتمع تغيب عنه العدالة ويسود القمع وتذوب استقلاليّة الفرد وقيمته كإنسان يغيب أيضا الوعي بالمسؤوليّة. ولذلك لا يشعر المواطن العربي بمسؤوليته عن الممتلكات العامة مثل الحدائق العامة والشوارع ومناهل المياه ووسائل النقل الحكوميّة والغابات باختصار المرافق العامّة كلها. ولذلك يدمرها النّاس اعتقادا منهم أنّهم يدمرون ممتلكات الحكومة لا ممتلكاتهم هم.” ص 9 و ص 10.

2 ـ “إنّ الإنسان بحاجة إلى النّقد من الخارج ومن الداخل أيضا مهما كان موقفه أو وظيفته أو صفته الاجتماعية وبرأيي إنّ الشخصيّة أو الحزب السياسي أو الهيئة الاجتماعية التي لا تقبل النّقد تنحط وتتدنى يوما بعد يوم حتى تصل إلى الحضيض.” ص 12.

3 ـ “هكذا يبدأ القمع من سلطة الأب في المنزل إلى سلطة المعلم في المدرسة وهكذا يألف الطفل القمع كجزء من وجوده هذا إذا تغافلنا عن قمع الفقر والجوع الذي يطال قسما كبيرا جدّا من أطفال الوطن العربي.” ص 40 و ص 41.

4 ـ “إنّني شبعت جداً من كلمة (الديمقراطية) وكل من له علاقة بالكتّاب العرب يعرف معنى التخمة من كلمة (الديمقراطية) وهذا الشبع الزائد الزائف يدل بوضوح على غياب الديمقراطية. فمثلا تجلس مع كاتب يتحدث عن الديمقراطية بلا تعب ثلاث ساعات ولا يعطي مجالا لأحد من الحاضرين بالكلام. عمليا هو يمارس الدكتاتورية أو على الأقل سلطة النّجم ومع ذلك يشكو من غياب الديمقراطية.” ص 52 وص 53.

5 ـ حكاية يرويها الطوارق “أوصى رجل عجوز وهو على فراش الموت ابنه فقال: يا بني إذا أردت أن تعيش حياة ناجحة فلا تشرب سوى الماء الطازج ولا تأكل إلا الطعام الجيد ولا تركب غير الجمل الأصيل الممتاز. فرد الابن قائلا: يا أبي! كيف يستطيع رجل فقير مثلي أن يفعل ما طلبت؟ قال الأب: تحمل العطش إلى النهاية عندئذ كل ماء يصبح طازجا ولا تأكل قبل أن يعضك الجوع بقسوة عندئذ يصبح كل الطعام شهيا، وامش إلى جوار الجمل حتى يهدك التعب فإذا ركبت أي جمل سيكون أصيلا ممتازا. ” ص 100.

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر | Leave a comment