القمة الإسلامية…الإسلام المصري والإسلام الحزبي

 الإتحاد الاماراتية

بدا المصريون منقسمين على زيارة نجاد للقاهرة، بمناسبة انعقاد القمة الإسلامية فيها، وتسليم إيران الرئاسة لمصر. فقد استقبله الرئيس واستقبلته جماعة «الإخوان» المسلمين بمودَّة وعناق؛ بينما تجهَّم له شيخ الأزهر ومعه السلفيون والناصريون والليبراليون والأقباط. وكانت حجة شيخ الأزهر (عندما زاره نجاد) مكوَّنةً من نقاط: الاضطهاد الذي يتعرض له السنة بإيران، وضرورة إعطاء عرب الأهواز حقوقهم، وعدم التدخل في الشؤون الخليجية، والتوقف عن مساعدة الرئيس السوري في قتل شعبه، والكفّ عن الدعوة للتشيُّع في الأَوساط السنية، والكف عن شتم الصحابة. وبالطبع ما سكت نجاد- كما لم يسكت ولايتي وصالحي من قبل- حين ذهب إلى أنّ الوحدة الإسلامية متحققةٌ بين الشعبين والأمتين ، لأنّ السنة يحبون أهل البيت، والشيعة يتبعون سنة النبي، فالشيعة سنة والسنة شيعة(!). فافهموا إن شئتم وإن لم تفهموا فهذا ذنبكم، والإيرانيون لا يأتون لمصر بعد الثورة على أيّ حال من أجل الأزهر وشيخه، وإنما من أجل الإخوان ومُرشدهم!

ولو تأملنا مآخذ شيخ الأزهر لوجدناها خليطاً من المطالب السياسية، والأُخرى العقدية. والأمور العقدية بين السنة والشيعة قديمةٌ قِدَمَ التيارين، لكنّ السياسية جديدة. وقد اعتادت جهات عربية عديدة رفْع المطالب السياسية بالذات في وجه إيران في السنوات الأخيرة في الإعلام والفضائيات، ثم أُضيفت لها المطالب والشكاوى العَقَدية بعد دخول التلفزيونات الخاصة على خطّ التوتُّر على أثر تعالي صوت الصراع الديني بين الطرفين في اشتباكات العراق وباكستان والبحرين واليمن… ولبنان! وما تنازل الإيرانيون لمناقشة تفصيلية في المشكلات السياسية والأمنية بينهم وبين العرب. فقد كانت الإجاباتُ دائماً أنهم في صراع مع أميركا وإسرائيل وليس مع العرب. وكانوا بذلك يلمِّحون أو يصرِّحون أنه إنْ لم تكن تلك الإجابةُ مُقْنعةً، فلأنّ المنزعجين مما يسمونه التدخلات إنما هم أنصار أميركا وإسرائيل! بيد أنّ هذا الخطاب تهاوى كلَّه مرةً واحدةً مع اندلاع الثورة في سوريا على الأسد وطغيانه، لأنّ إيران وقفت معه ضد شعبه، شأنها في ذلك شأن أميركا وإسرائيل وروسيا والصين.

ومع اندلاع الثورات أيضاً، وظهور وجه إسلامي لها (عربي أو غير موال لإيران)، جرى التصريح بالاعتراضات العَقَدية التي كان كثيرون يترددون بالتصريح بها من قبل. ومن ذلك اضطهاد السُنة بإيران، ونشر التشيع في الأوساط السُنية.

بيد أنّ ما ذهب إليه شيخ الأزهر من جمْع للديني إلى السياسي، له بُعْدٌ آخر، يتجاوزُ الحساسيات الدينية والسياسية، التي أثارها نظام ولاية الفقيه بين العرب والإيرانيين، وبين الشيعة والسُنة. إذ كما أنّ لظهور نجاد بالقاهرة أبعاداً تتجاوز المشهد المصري، فكذلك لموقف شيخ الأزهر وما يمثّل أبعاد مصرية داخلية إلى جانب البُعد العربي والإسلامي العام. نجاد جاء إلى القاهرة ليخاطب النظام الجديد ممثَّلاً بالإخوان المسلمين، وليخاطب الإيرانيين أيضاً أو بالذات عندما زار مقام الإمام الحسين، ومقام السيدة زينب، وصلّى ودعا وبكى بحضور مئات من متشيعي مصر. وهكذا هناك إحياءٌ للمظلومية الشيعية التي كانت لها دولةٌ بمصر. وهناك تذكيرٌ بمظلوميته هو في المشهد الإيراني الحالي، والذي انقلب عليه منذ أكثر من عام، وأظهر صراعاً بينه وبين آل لاريجاني و«محافظين» آخرين، وتنافُساً على إرضاء المرشد، الذي كان قد وقف معه ضد خصومه السياسيين في انتخابات الرئاسة الشهيرة عام 2009.

أمّا شيخ الأزهر، ففي الوقت الذي كان يتحدى إيران وسياساتها تجاه العرب والمسلمين، كان يتحدى أو يواجه أو يعرض وجهة نظر أُخرى، غير الوجهة التي سار فيها «الإخوان»، وبدت في تصرفاتهم. فهم يعملون لعالمية (أو خلافة) إسلامية، تشبه العالمية الإيرانية، وليس في السياسات الخارجية فقط؛ بل في السياسات الداخلية أيضاً. إذ هم يسعون لأوحدية داخلية في الدين والدولة، بحيث تكونُ سطوتُهُم بمصر وعليها، فاتحة عصر لهم في عالم الإسلام السُني، يشبه عصر الخمينيين في عالم الإسلام الشيعي. وهل تلتقي العالميتان؟ هذا ما يأمله الإيرانيون، ولا يزال «الإخوان» المصريون مترددين في الإعلان عن إمكانه خوفاً من ردود الفعل الداخلية والخارجية، ومن الخليج إلى إندونيسيا وباكستان وتركيا!

لماذا يصبح الأمر خطِراً إذا آلت عالميةُ الإخوان إلى أن تكون مشروعاً وليس اعتقاداً حزبياً وحسْب؟ لأنّ هذه العالمية إنْ كانت فإنها تُعطي المرجعية في الدين وإدارة الشأن العام لحزب سياسيٍّ يحكم باسم الدين، فيَستبدُّ بالداخل، وينشر ألوية اتجاهه أو تياره بالخارج من خلال المؤسسة التربوية والتعليمية الكبرى عند أهل السنة وهي الأزهر الشريف. وفي ذلك استبداد سياسي باسم الدين، وشرذمة للإسلام، لأنّ الحزبيين الآخرين، والمستقلين على حد سواء، لن يقبلوا( وهذا أمر طبيعي ومشروع) بسواد اتجاهٍ واحد يسطو بالدين وبالدنيا باسم الدين. فالإخوان يعتبرون أنّ الدين الإسلاميَّ يملك نظاماً للحكم وهم ولاةُ أمره والقائمون عليه. ولكي يستقيم لهم مشروعهم السلطوي، فإنهم مُصرُّون على السيطرة على المرجعية الدينية. والمرجعية الدينية تعني الفتوى والتعليم الديني، وقيادة العبادات، والإرشاد العام. وهذه أمور تتولاّها المؤسسات الدينية المحايدة والمستقلة وغير الحزبية حتى الآن.

لقد أدرك علماء الأزهر ذلك منذ البداية، ولذلك ساروا في خطوات مستقلة لاستمرار التواصل مع سائر فئات الشعب المصري، وأصدروا البيانات المعروفة عن مستقبل الحكم في مصر، والتغيير العربي، والحريات الأربع، وأنشأ شيخ الأزهر «بيت العائلة المصرية». وعندما اشتدّت الأزمة السياسية بمصر بسبب استبداد الإخوان، جمع الشيخ الكبير سائر الفئات بالأزهر وأصدروا وثيقةً بشأن تحريم العنف وسفك الدم وإيثار الحوار والتوافُق. وتبلور هذا التوجه الوطني والعربي والإسلامي العامّ بالأزهر في مقابلة شيخ الأزهر للرئيس الإيراني؛ إذ اجتمع من حول الشيخ السلفيون والوطنيون والقوميون والمستقلون، ليس من أجل حماية سياسة مصر الخارجية وحسْب؛ بل ولكي لا يستأثر حزبٌ بالمرجعية الإسلامية فيفرض مسلكاً معيناً في الدين، ونوعاً آخر في إدارة الشأن العام، والسياسات الخارجية (الإسلامية)!

«لا عصبية في الإسلام» هذه مقولة النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وقد ظنها البعض تحريماً لإقامة حزب سياسي. بينما المقصود بها أنه لا عصبية أو حزبية في الدين، لأنها تعني الانقسام والاستئثار وفرض وجهة نظرمعينة دينية أو باسم الدين. والتحزب في الدين يحوِّلُنا فِرَقاً ونثائر لا تلتقي على شيء بسبب التعصب للرأي، وإدخال الدين في الصراع على السلطة.

هل هذه الأمور صارت واضحةً للفرقاء السياسيين والدينيين بمصر؟ يبدو أنّ ذلك كلَّه ما كان واضحاً للجميع. فالسلفيون على سبيل المثال اغتروا بالشراكة مع «الإخوان»، وانصرفوا لمناكفة شيخ الأزهر باعتبارهم أكثر حرصاً على الشريعة والدين منه. ثم ظهر لديهم تشكُّكان، الأول يتعلق بالصلة بين الدعوي والسياسي؛ إذ لاحظوا أنّ مشاركتهم في الصراع على السلطة، طغى على عملهم الدعوي والديني. والتشكُّك الآخر نجم عن اختلافهم مع «الإخوان» في شأن بعض المسائل السياسية، فعمد هؤلاء إلى شقّ حزب «النور»، أكبر الأحزاب السلفية، ودعم إقامة حزب «الوطن الحرّ» للمنشقِّين عن «النور». ثم لاحظوا غزل «الإخوان» مع إيران، وتقصُّدهم تمييع سياسات خارجية مصرية معينة؛ فكان ذلك كله بين بواعث اقترابهم من الأزهر ومن «جبهة الإنقاذ» في الوقتِ نفسِه. وما يصدق على السلفيين يوشك أن يقتنع به فرقاء مصريون آخرون سواء أكانوا إسلاميين أو غير إسلاميين.

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

المالكي يعرف سوريا

المالكي يظن بأنه اذا باع الكلاسين النسائية على بسطة بالست زينب , أصبح يعرف سوريا ؟؟ههههه

المالكي للشرق الاوسط: «أنا أعرف سوريا جيدا، إنهم سوف يقاتلون، ومعهم العلمانيون والمسيحيون وآخرون». وتابع «لا تمنحوهم شجاعة اليأس، والحقيقة إنهم منحوا العلويين شجاعة اليأس، ولذلك هم يقاتلون بنسائهم وبرجالهم من أجل البقاء».

Posted in ربيع سوريا, كاريكاتور | Leave a comment

اصلاح الأمم المتحدة . العلاج الشافي من الأخونة والعسكرة .

لن نمل القول والدعوة لاصلاح الأمم المتحدة . باعتباره الطريق لخلاص الشعوب المبتلاة بحكم فقيه الدين أو الضابط العسكري . وخلاص العالم من الارهاب باسم الدين .

نشرنا قرابة 6 مقالات حول هذا الموضوع . ما بين عامي 2011 – 2012 . منذ انتفاضة شعب مصر 25 يناير 2011 واسقاط مبارك . وتولي المجلس العسكري للسلطة – كمرحلة انتقالية – .

ولكن بداية دعوتنا تلك . تعود في الحقيقة لعام 2005

حيث نشرنا مقالا بعنوان : اصلاح الأمم المتحدة ، وفرض علمانية الحكم – بالحوار المتمدن – العدد: 1323 – 2005 / 9 / 20 , http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=45917

وأعدنا نشره بعد 7 سنوات . بالحوار المتمدن-العدد: 3778 – 2012 / 7 / 4 http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=314399

ونري من الضروري أن نعيد نشر مقتطفات – أو التذكير بعناوين – . من المقالات الست الأخري التي نشرناها في العامين الماصيين . حول ذات الموضوع . في العامين الماضيين .

مقال : أمريكا والدول الكبري تقود العالم نحو رِدة حضارية 1-2 منشور الحوار المتمدن-العدد: 3581 – 2011 / 12 / 19 مما جاء فيه :

لعل قادة ثورات ما يسمي بالربيع العربي . قد أدركوا أن مشاكل بلادهم وشعوبهم مع الطغيان بنوعيه – العسكري والديني – عُقدتها ومفاتيح حلها . موجودة عند الدول الكبري .. ولعلهم أدركوا أن اعتصاماتهم واضراباتهم واحتجاجاتهم السلمية , لم تعد مكانها الميادين العامة بعواصم ومدن بلادهم , وانما أمام مبني الكونجرس الأمريكي , ومبني الاتحاد الأوربي , وأمام سفارت وقنصليات أمريكا والاتحاد الأوربي وروسيا والصين… وكذلك أمام مكاتب منظمة الأمم المتحدة . بكافة أنحاء العالم … http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=288108

—-

مقال : أمريكا والدول الكبري تقود العالم نحو انتكاسة حضارية 2-2 منشور الحوار المتمدن-العدد: 3584 – 2011 / 12 / 22 مما جاء فيه :

لأجل سلام العالم ..ان كانت الدول الكبري حقا تريد السلام .. فهذا سهل جدا : تطوير ميثاق الأمم المتحدة – وهذا ميسور للدول الخمس الكبري صاحبة حق الفيتو – , علي النحو التالي :

1 – مواثيق حقوق الانسان الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة . هي المرجع الوحيد لدساتير وقوانين الدول الأعضاء بالمنظمة .

2 – تُجمد عضوية أية دولة يحكمها نظام عسكري (صريح أو متسنر وراء حكومة مدنية يعينها بنفسه لا منتخبة من الشعب ) , أو نظام حكم ديني . وأية دولة تضع فوق علمها شعارا أو انتسابا ذا تعبير ديني .

3 – الغاء تمثيل أية دولة دينية أو أي تمثيل لكيان ديني بالأمم المتحدة .

4 – تجميد عضوية الدول ذوات الأنظمة الوراثية غير الدستورية . والتي لاتأخذ بديمقراطية الحكم . وانذار سلطاتها باتخاذ عقوبات اضافية . مالم تسارع بتصحيح أوضاعها .

5 – منظمة الأمم المتحدة . منظمة مدنية انسانية علمانية . هدفها سلام وأمن شعوب الدول الأعضاء , وسلام العالم . وليست منتدي ولا منبر خطابة للحكام غير الشرعيين الخارجين علي طاعة وارادة شعوبهم . بالانقلابات العسكرية والتزويرات الانتخابية والعبث بالقوانين ودساتير البلاد , للتشبث بالحكم أو لتوريثه , ونهب الثروات .

6 – المنظمة الدولية تُقر العدالة والمساواة بين البشر . بالمفهوم العصري الحديث ” مواثيق الامم المتحدة لحقوق الانسان ” ( هامش 2 ) ولا تقبل أن تكون العقائد الدينية , أو اداعاءات وقرارات أو قوانين أمنية من سلطات عسكرية , حجة لتأويل تلك المواثيق , أو للتحايل لأجل التهرب من تطبيقها .

7 – حرية العقيدة الدينية :

( أ ) هي حرية اعتقاد , لا حرية أن تتقلد أية عقيدة دينية السلطة أو تستولي عليها , ولا حرية أن يشتغل الدين بالسياسة .

( ب ) حرية العقيدة حق . لا يجوز له مصادرة الحقوق الأخري – التي نصت عليها مواثيق حقوق الانسان الدولية – .

( ج ) حرية العقيدة حق . لا يعني حرية عقيدة ما , في تصفية العقائد الأخري .

( د ) حرية العقيدة حق . لا يعني حرية عقيدة ما . في الدعوة لكراهية الآخرين أومحاربتهم , أو فرض الاتاوات الدينية , أيا كانت مسميات تلك الاتاوات .

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=288466

—–

مقال : أمريكا – وحلفاؤها – تقود العالم نحو انتكاسة حضارية – ج3 – منشور في يناير 2012 – الحوار المتمدن-العدد: 3621 – 2012 / 1 / 28 جاء بالفقرة 10 بالمقال :

– وقد آن الأوان لكي تصحو ضمائر الشعوب المتمدينة في أمريكا وأوربا , وتقول لقياداتها : لا .. وتطالب بتطوير ميثاق الامم المتحدة . ليمنع قيام أو بقاء أنظمة حكم استبدادية – عسكرية أو دينية – . حماية لسلام تلك الشعوب , وصونا للسلام العالمي .

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=293100

————-

مقال : كندا .. هل تمنع نشوب حرب عالمية ثالثة ؟ – الحوار المتمدن-العدد: 3639 – 2012 / 2 / 15 http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=295325

مما جاء فيه : بأن تتقدم كندا رسميا – مع حلفاء منهم فرنسا وسويسرا , وما يمكن أن ينضم اليهم – . بطلب عقد اجتماع للجمعية العمومية للأمم المتحدة . لبحث خطر نشوب حرب عالمية ثالثة , وما يجب عمله . لوقف الخطر. والمطالبة باصدار مواثيق جديدة . تفرض الديموقراطية والعلمانية فرضا . علي جميع الدول الاعضاء بالمنظمة ( ولاسيما الدول التي أنظمتها هي بؤر لارهاب العالم ولشقاء شعوبها ) . وتلزمها الزاما بمدنية وعلمنة الحكم , وذلك بابتعاد العسكريين تماما عن السلطة , وبألآ يدخل في دساتيرها أو في قوانينها تعاليم دينية , و لا مرجعيات بخلاف قوانين حقوق الانسان . الصادرة عن المنظمة الدولية . وبالزام أنظمة الحكم الوراثية . غير الدستورية – بالمنطقة المصدرة للقلاقل وللارهاب العالمي – بضرورة ادخال دساتير حديثة تنقلها نقلا من احدي الدول المتقدمة ذات النظم الوراثية الدستورية .

هذا هو السبيل لوقف شبح حرب عالمية ثالثة . ولاراحة العالم من الارهاب . ولا نقاذ شعوب عدة . من الطغيان والفساد والافقار

——

مقال : الي الشعوب الثائرة , بدول الخريف المحمدي 1+1=2 – الحوار المتمدن-العدد: 3699 – 2012 / 4 / 15

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=303557

نكعفي بالتذكير بعنوانه . ورابط نشره كما سبق .

——–

مقال : العسكر أمامكم , وتجار الأديان وراءكم , وفي القانون الدولي نجاتكم – الحوار المتمدن-العدد: 3759 – 2012 / 6 / 15 : http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=311976

نكتفي بنشر عنوانه . والرابط للراغبين في الاطلاع . كما سبق .

———————————————————————–

كلمة سريعة : الثوار لا يحرقوا مباني أو منشآت الوطن . بل يطردون الفاسدين منها . ويحلون محلهم . المباني ملك الشعب .

صلاح محسن فيسبوك****************************

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, فكر حر | Leave a comment

أحبك جداً

أحبك جداً 

وأعرف أن الطريق إلى المستحيل طويـل

وأعرف أنك ست النساء 

وليس لدي بديـل

وأعرف أن زمان الحنيـن انتهى 

ومات الكلام الجميل

.. 

لست النساء ماذا نقول

أحبك جدا…

… 

أحبك جداً وأعرف أني أعيش بمنفى

وأنتِ بمنفى 

وبيني وبينك

ريحٌ 

وغيمٌ

وبرقٌ 

ورعدٌ

وثلجٌ ونـار 

وأعرف أن الوصول لعينيك وهمٌ

وأعرف أن الوصول إليك 

انتحـار

ويسعدني 

أن أمزق نفسي لأجلك أيتها الغالية

ولو خيروني 

لكررت حبك للمرة الثانية

… 

يا من غزلت قميصك من ورقات الشجر

أيا من حميتك بالصبر من قطرات المطر 

أحبك جداً

.. 

وأعرف أني أسافر في بحر عينيك

دون يقين 

وأترك عقلي ورائي وأركض

أركض 

أركض خلف جنونـي

… 

أيا امرأة تمسك القلب بين يديها

سألتك بالله لا تتركيني 

لا تتركيني

فماذا أكون أنا إذا لم تكوني 

أحبك جداً

وجداً وجداً 

وأرفض من نــار حبك أن أستقيلا

وهل يستطيع المتيم بالعشق أن يستقلا…

وما همني 

إن خرجت من الحب حيا

وما همني 

إن خرجت قتيلا    نزار قباني (مفكر حر)؟

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

خمسون عاماً على انقلاب 8 شباط الفاشي واغتيال ثورة 14 تموز 4/4

القسم الرابع والأخير 4/4

حامد الحمداني 8/2/2013

استسلام الشهيد عبد الكريم قاسم ورفاقه للانقلابيين وإعدامهم دون محاكمة

أخذت المقاومة داخل وزارة الدفاع تضعف شيئاً فشيئاً، وتوالت القذائف التي تطلقها الطائرات، والدبابات المحيطة بالوزارة التي تحولت إلى كتلة من نار، واستشهد عدد كبير جداً من الضباط والجنود دفاعاً عن ثورة 14تموز وقيادة عبد الكريم قاسم، وكان من بينهم الشهيد الزعيم [وصفي طاهر]، المرافق الأقدم لقاسم والزعيم [عبد الكريم الجدة]، أمر الانضباط العسكري، واضطر عبد الكريم لعبد الكريم قاسم إلى مغادرة مبنى الوزارة إلى قاعة الشعب القريبة من مبنى الوزارة، تحت جنح الظلام، وكان بصحبته كل من الزعيم [فاضل عباس المهداوي] رئيس المحكمة العسكرية العليا الخاصة، والزعيم الركن [طه الشيخ أحمد] مدير الحركات العسكرية، [وقاسم الجنابي] السكرتير الصحفي لعبد الكريم، والملازم [كنعان حداد] مرافق قاسم .

ومن هناك قام عبد الكريم قاسم بالاتصال هاتفياً بدار الإذاعة، وتحدث مع عبد السلام عارف طالباً منه بأسم الأخوة والعلاقة التي ربطتهم معاً قبل الثورة، مذكراً إياه بالعفو الذي أصدره بحقه ورعايته له، بالسماح له بمغادرة العراق.

غير أن عبد السلام عارف أجابه بكل صلافة بكلمات نابية لا تدل على خلق، مما أثار غضب الزعيم طه الشيخ أحمد الذي أمسك بالهاتف من يد عبد الكريم قاسم ورد على عبد السلام عارف بما يستحق من كلمات الأهانة.

واتصل عبد الكريم قاسم مرة أخرى بعبد السلام عارف طالباً منه السماح له بمغادرة العراق، أو إجراء محاكمة عادلة له، لكن عبد السلام عارف أصر على طلب الاستسلام.

وفي صباح اليوم التالي 9 شباط خرج [ يونس الطائي] صاحب صحيفة الثورة، المعروف بعدائه للشيوعية، والذي كان قد سخره عبد الكريم قاسم لمهاجمة الحزب الشيوعي على صفحات جريدته [ الثورة ]، خرج للقاء الانقلابيين، وكان في انتظاره أحد ضباط الانقلاب، واصطحبه إلى دار الإذاعة، حيث قام بدور الوسيط بين عبد الكريم قاسم والانقلابيين!!، لقاء وعدٍ بالحفاظ على حياته، وتسفيره إلى تركيا، وهكذا انتهت الوساطة بخروج عبد الكريم قاسم، ومعه المهداوي، وطه الشيخ أحمد، وكنعان حداد، وكان بانتظارهم ناقلتين مصفحتين عند باب قاعة الشعب، وكان الوقت يشير إلى الساعة الثانية عشرة والنصف ظهراً، حيث نقل عبد الكريم قاسم وطه الشيخ أحمد على متن إحدى المصفحات، ونقل المهداوي، وكنعان حداد على متن المصفحة الثانية، وعند وصول المصفحتين إلى دار الإذاعة أنهال عدد من الانقلابيين على المهداوي ضرباً مبرحاً حتى غطت الدماء جسمه، وأدخل الجميع إلى دار الإذاعة، وكان عبد الكريم بكامل بزته العسكرية، ولم يمسه أحد بسوء عند دخوله مبنى الإذاعة.

ثامناً: مهزلة محاكمة عبد الكريم قاسم، وإعدامه مع رفاقه:

إن كل ما قيل عن إجراء محاكمة لعبد الكريم قاسم كانت محض هراء، فلقد كان الانقلابيون قد قرروا مسبقاً حكم الموت بحقه، وبحق رفاقه، وما كان لعبد الكريم قاسم أن يسلم نفسه لأولئك المجرمين، ولكنه خُدعَ، أو ربما خَدَعَ نفسه بوساطة ذلك الخائن والدجال [يونس الطائي] الذي كان يتملقه طيلة أيام حكمه، وتبين فيما بعد أنه كان على علاقة حميمة بالانقلابيين، وتصور عبد الكريم قاسم أن يدعه الانقلابيون يخرج بسلام، أو أن يوفروا له محاكمة عادلة، وعلنية كما فعل هو عندما حاكم عبد السلام عارف، والمتآمرين الآخرين على الثورة.

وحال دخول عبد الكريم قاسم دار الإذاعة أنبري له عبد السلام عارف، وعلي صالح السعدي بالشتائم المخجلة، التي لا تصدر إلا من أولاد الشوارع فقد توجه السعدي إليه قائلاً : {لقد كانت عندنا حركة قبل أسبوعين، وأريد أن اعرف مَنْ أفشى لك بهذه الحركة، وهل هو موجود بيننا؟}.

وكانت تلك الحادثة قد أدت إلى اعتقال علي السعدي.

وقد أجابه عبد الكريم قاسم {غير موجود هنا بشرفي}.

لكن السعدي رد عليه بانفعال قائلاً {ومن أين لك بالشرف ؟}، وهنا رد عليه عبد الكريم قاسم قائلاً :{إن لي شرفاً أعتز به}.

وهنا دخل معه في النقاش عبد السلام عارف حول مَنْ وضع البيان الأول للثورة، وكان كل همه أن ينتزع من عبد الكريم قاسم اعترافاً بأنه ـ أي عبد السلام ـ هو الذي وضع البيان الأول للثورة، إلا أن عبد الكريم قاسم أصر على أنه هو الذي وضع البيان بنفسه، وكانت تلك الأحاديث هي كل ما جرى في دار الإذاعة، وقد طلب عبد الكريم قاسم أن يوفروا له محاكمة عادلة ونزيهة وعلنية، تنقل عبر الإذاعة والتلفزيون، ليطلع عليها الشعب، إلا أن طلبه أهمل، فقد كان الانقلابيون على عجلة من أمرهم للتخلص منه لكي يضعوا حداً للمقاومة، ويمنعوا أي قطعات من الجيش من التحرك ضدهم .

قام العقيد عبد الغني الراوي بإبلاغه ورفاقه بقرار الإعدام للجميع، وحسبما ذكر إسماعيل العارف في مذكراته أن عبد الكريم لم يفقد رباطة جأشه وشجاعته، ولم ينهار أمام الانقلابيين، وعند الساعة الواحدة والنصف من ظهر ذلك اليوم التاسع من شباط 1963، اقتيد عبد الكريم قاسم ورفاقه إلى ستديو التلفزيون، وتقدم عبد الغني الراوي، والنقيب منعم حميد، والنقيب عبد الحق، فوجهوا نيران أسلحتهم الأوتوماتيكية إلى صدورهم فماتوا لساعتهم، رافضين وضع عصابة على أعينهم وكان آخر كلام لعبد الكريم قاسم هو هتافه بحياة ثورة 14 تموز، وحياة الشعب العراقي.

سارع الانقلابيون إلى عرض جثته، وجثث رفاقه على شاشة التلفزيون لكي يتأكد الشعب العراقي أن عبد الكريم قاسم قد مات. لقد أراد الانقلابيون التخلص من عبد الكريم قاسم وإعلان مقتله لمنع أي تحرك من جانب القطعات العسكرية ضد الانقلاب، ولإحباط عزيمة الشعب على المقاومة.

كما أسرع الانقلابيون إلى دفنه تحت جنح الظلام دون أي معالم تذكر، في منطقة معامل الطابوق، خارج مدينة بغداد، إلا أن عدد من عمال معامل الطابوق الذين يعملون شعالة طوال الليل شعروا بوجود ثلة عسكرية في تلك المنطقة، فما كان منهم إلا أن ذهبوا بعد مغادرة الثلة العسكرية إلى المكان، حيث وجدوا ما يشبه حفرة القبر. دخلت الربية في نفوسهم من يكون ذلك الإنسان؟ ولماذا جاءوا به إلى تلك المكان؟ وصمم العمال على فتح الحفرة فكانت المفاجئة جثة عبد الكريم قاسم. اخرج العمال الجثة على عجل وحملوها إلى مكان آخر، حيث حفروا له قبراً جديداً حباً واحتراماً لذلك الرجل الذي قاد ثورة 14 تموز.

غير أن الزمرة الانقلابية أحست بما جرى، فقامت بالتفتيش عن الجثة، وتوصلت إلى القبر الجديد وأخرجت الجثة منه، ونقلتها تحت جنح الظلام لترميها في نهر ديإلى، بعد أن تم وضعها بصندوق صُب فيه الكونكريت لكي لا تطفو الجثة في النهر، ويعثر عليها أحداً من جديد. إن ذلك العمل البائس لا يعبر إلا عن جبن الانقلابيين، وخوفهم من شبح عبد الكريم قاسم، حتى وهو ميت.

ولم يكتفِ الانقلابيون بكل ذلك، بل انبرت أقلامهم القذرة، وقد أعمى الحقد قلوب أصحابها، بنهش عبد الكريم قاسم، وإلصاق شتى التهم المزورة به، والإساءة إلى سلوكه وأخلاقه، مستخدمين ابذأ الكلمات التي لا تعبر إلا عن الإناء الذي تنضح منه.

فعبد الكريم قاسم، رغم كل أخطائه، يبقى شامخاً كقائد وطني معادى للاستعمار، حارب الفقر بكل ما وسعه ذلك، وحرر ملايين الفلاحين من نير وعبودية الإقطاع، وحرر المرأة، وساواها بالرجل، وحطم حلف بغداد، وحرر اقتصاد البلاد من هيمنة الإمبريالية، وبقي طوال مدة حكمه عفيف النفس، أميناً على ثروات الشعب، ولم يسع أبداً إلى أي مكاسب مادية له أو لإخوته، ورضي بحياته الاعتيادية البسيطة دون تغيير.

وها هم بعض الذين أساءوا إلى شخصه، بعد أن هدأت الزوبعة الهوجاء، قد بدأت تستيقظ ضمائرهم، ويعيدوا النظر في أفكارهم وتصوراتهم عن مرحلة عبد الكريم قاسم وثورة 14 تموز، بنوع من التجرد، لتعيد له اعتباره، وتقيّم تلك المرحلة من جديد.

المجد والخلود للزعيم الشهيد عبد الكريمة قاسم وسائر رفاقه الشهداء.

المجد والخلود لسائر شهداء الكرة الوطنية، وفي المقدمة منهم الشهيد سلام عادل ورفاقه الأبرار.

والخزي والعار لأنقلابيي 8 شباط القتلة المجرمين عملاء الأمبريالية وأدواتها. حامد الحمداني – مفكر حر

ملاحظة:

للمزيد من التفصيل عن أحداث ثورة 14 تموز المجيدة عام 1958 يرجى الرجوع إلى كتابي {ثورة 14 تموز في نهوضها وانتكاستها واغتيالها} بموقعي على الانترنيت التالي:

www.Hamid-Alhamdany.blogspot.com

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية | Leave a comment

خمسون عاماً على انقلاب 8 شباط الفاشي واغتيال ثورة 14 تموز 3/4

الحزب الشيوعي يتصدى للانقلابيين ويدعو إلى مقاومتهم

القسم الثالث 3/4

حامد الحمداني 8/2/2013

منذُ اللحظات الأولى لوقوع الانقلاب سارع الحزب الشيوعي إلى إصدار بيان وُزع على جماهير الشعب صباح ذلك اليوم دعا فيه القوات العسكرية الوطنية، وجماهير الشعب إلى التصدي للانقلابيين بكل الوسائل والسبل، ومما جاء في البيان :

{إلى السلاح! اسحقوا المؤامرة الرجعية الإمبريالية}.

أيها المواطنون: يا جماهير شعبنا العظيم المناضل، أيها العمال، والفلاحون والمثقفون، وكل الوطنيين والديمقراطيين الآخرين:

لقد دق جرس الخطر …استقلالنا الوطني يتعرض للخطر العظيم، إنجازات الثورة تحدق بها المخاطر.

لقد قامت عصابة حقيرة من الضباط الرجعيين والمتآمرين بمحاولة يائسة للاستيلاء على السلطة، استعداداً لإعادة بلدنا إلى قبضة الإمبريالية والرجعية، بعد أن سيطروا على محطة البث الإذاعي في أبو غريب، وانكبوا على إنجاز غرضهم الخسيس، فإنهم يحاولون الآن تنفيذ مجزرة بحق أبناء جيشنا الشجاع.

يا جماهير شعبنا المناضل الفخور! إلى الشوارع، اقضوا بحزم وقسوة على المتآمرين والخونة، طهروا بلدنا منهم، إلى السلاح دفاعاً عن استقلال شعبنا ومكتسباته، شكلوا لجان دفاع في كل ثكنة عسكرية، وكل مؤسسة، وكل حي وقرية وسيُلحق الشعب، بقيادة قواه الديمقراطية، الخزي والهزيمة بهذه المؤامرة الجبانة، كما فعل بمؤامرات الكيلاني، والشواف، وآخرين. إننا نطالب بالسلاح}.

ودعا البيان رفاق وجماهير الحزب إلى الاستيلاء على الأسلحة من مراكز الشرطة وتوزيعها على الجماهير، إلا أن ذلك لم يكن في مستوى الأحداث، فلم يكن الحزب قد كدس السلاح، كما فعل الانقلابيون خلال ثلاث سنوات.

ولاشك أن قيادة الحزب تتحمل جانباً كبيراً من المسؤولية في عدم أخذ الاحتياطات اللازمة لمنع الانقلابيين من تنفيذ جريمتهم، ولا سيما وأن الحزب كان على علم بما يجري في الخفاء، وأنه كان قد أصدر بياناً قبل أيام يحذر فيه من وقوع مؤامرة ضد الثورة، فما هي الإجراءات التي اتخذتها قيادة الحزب لتعبئة رفاقه وجماهيره ، وخاصة في صفوف الجيش ؟ في الوقت الذي كان الحزب لا يزال يتمتع بنفوذ لا بأس به داخل صفوف الجيش من العناصر غير المكشوفة على الرغم من تصفية قاسم لمعظم القيادات الشيوعية فيه.

ورغم كل ذلك، فقد أندفع رفاقه وجماهير الشعب التي كانت تقدر بالألوف للذود عن حياض الثورة بكل أمانة وإخلاص، ووقفوا بجانب عبد الكريم قاسم، بل أستطيع أن أقول أن الشيوعيين كانوا القوة السياسية الوحيدة التي وقفت بجانبه، رغم كل ما أصابهم منه من حيف خلال السنوات الثلاثة الأخيرة من عمر الثورة. لقد أندفع معظم الضباط، وضباط الصف، والمسرحين من الخدمة العسكرية إلى الالتحاق بالمقاومة وحماية الثورة، بناء على دعوة الحزب، وقدموا التضحيات الجسام، وسالت دماؤهم على ساحات المعارك مع الانقلابين.

كان كل ما يعوز جماهير الشعب هو السلاح الذي كانوا يفتقدونه، ورغم كل النداءات التي وجهوها إلى عبد الكريم قاسم للحصول على السلاح لمقاومة الانقلابيين في أول ساعات الانقلاب، إلا أن نداءاتهم ذهبت أدراج الرياح.

ربما كان قاسم يتوقع من أولئك الذين أعتمد عليهم في القوات المسلحة أن يقمعوا الانقلاب، ولكنهم كانوا في وادٍ آخر، وربما خاف قاسم من إعطاء السلاح للحزب الشيوعي على مستقبله السياسي إذا ما تم قمع الانقلاب على أيدي الشيوعيين، وفي كلتا الحالتين كان قاسم مخطئاً، ودفع حياته، ومستقبل الشعب ثمناً لتلك الأخطاء التي أرتكبها طيلة فترة حكمه.

قاسم يحاول توجيه خطاب للشعب والقوات المسلحة:

في الوقت الذي كان فيه القصف المركز يجري على وزارة الدفاع، والقوات الانقلابية تحيط بها، حاول الزعيم عبد الكريم قاسم تسجيل خطاب يوجهه إلى الشعب، والقوات المسلحة يدعوهم لمقاومة الانقلابيين، وقد تم تسجيل ذلك الخطاب على شريط [كاسيت]، تحت أصوات القصف والانفجارات، وأرسله إلى دار الإذاعة مع الرائد[سعيد الدوري]، الذي تبين فيما بعد أنه من المشاركين في الانقلاب، حيث سلمه للانقلابيين، كما أن دار الإذاعة كانت قد احتلت من قبل الانقلابيين، ولذلك لم يتسنَ إذاعة الخطاب، وقد حصلت على نسخة منه، وفيما يلي نصه:

إلى أبناء الشعب الكرام، وإلى أبناء الجيش المظفر:{إن أذناب الاستعمار، وبعض الخونة والغادرين والمفسدين، الذين يحركهم الاستعمار لتحطيم جمهوريتنا …كلمات غير مفهومة بسبب القصف، الذين يحاربوننا بحركات طائشة للنيل من جمهوريتنا، وتحطيم كيانها.

إن الجمهورية العراقية الخالدة وليدة ثورة 14 تموز الخالدة لا تقهر، وإنها تسحق الاستعمار، وتسحق كل عميل وخائن. إنما نحن نعمل في سبيل الشعب، وفي سبيل الفقراء بصورة خاصة، وتقوية كيان البلاد فنحن لا نقهر، وإن الله معنا، أبناء الجيش المظفر والوحدات، والقطعات، والكتائب والأفراد.

أيها الجنود الغيارى، مزقوا الخونة، اقتلوهم، اسحقوهم، إنهم متآمرون على جمهوريتنا ليحطموا مكاسب ثورتنا، هذه الثورة التي حطمت الاستعمار، وانطلقت في طريق الحرية والنصر، وإنما النصر من عند الله، والله معنا، كونوا أشداء، اسحقوا الخونة والغادرين.

أبناء الشعب في كل مكان: اسقطوا الخونة والغادرين، إنهم أذناب الاستعمار والله ينصرنا على الاستعمار وعلى أذنابه وأعوانه.

ثم يتوقف التسجيل بسبب دوي القصف، ويعاود الزعيم مرة أخرى:

السلام عليكم أبناء الشعب، أيها الضباط، أيها الجنود، أيها الضباط الصف الأشاوس، أيها العمال الغيارى، إن الاستعمار يحاول أن يسخر نفراً من أذنابه للقضاء على جمهوريتنا، لكنه بتصميمنا، وتصميم الشعب المظفر، فأننا نحن جنود وشعب 14 تموز الخالد الذي وجه الضربات الخاطفة إلى العهد المباد، رغم الاستعمار، وحرر أمتنا، واسترد كرامتها فإننا في هذا اليوم المجيد قادرون على سحق الخونه والغادرين.

أبناء الشعب، أبناء الجيش المظفر، إن النصر أمامنا، وإننا صممنا على سحق الاستعمار وأعوانه، فلا تدعو الخونة والغادرين، فأن الله معكم، وسوف نتصدى للظالمين والغادرين والسفاكين، أذناب الاستعمار، سوف نهزمهم عندما توجه إليهم الضربات الخاطفة، وقد باشرنا بتوجيهها إليهم.

إنني الزعيم عبد الكريم قاسم، وإننا أقوى وأمضى وأشد عزماً وكفاحاً في سبيل الفقراء، والنصر للشعب العراقي المظفر، والنصر لكم أيها الغيارى}.

عبد الكريم قاسم

8 شباط 1963

هذا هو نص الخطاب الذي لم يستطع عبد الكريم قاسم إذاعته، فقد فات الأوان، واستولى الانقلابيين على دار الإذاعة، ووقع الشريط الذي يحوي الخطاب بين أيديهم، وربما كان بالإمكان لو لم تقع دار الإذاعة بأيدي الانقلابيين، وتم إذاعة البيان، أن تتحرك بعض القطعات العسكرية الموالية له، وتتصدى للانقلابيين.

كان الانقلابيون يدركون مدى تعلق الشعب العراقي وجيشه بثورة 14 تموز وقيادتها، رغم كل الأخطاء التي أرتكبها الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم يحق القوى الوطنية المخلصة حقاً وفعلاً، فالكل يركب سفينة الثورة، التي إذا غرقت غرق الجميع ولذلك نجد الانقلابيين يعلنون في أول ساعات الانقلاب عن مقتل عبد الكريم قاسم لكي يمنعوا أي تحرك عسكري لإسناده، مثل ما فعلوا عندما تقدمت دباباتهم وهي تحمل صور عبد الكريم قاسم لخدع جماهير الشعب حتى تتمكن من الوصول إلى وزارة الدفاع.

ورغم كل ذلك فقد اندفعت جماهير الشعب تقارع الانقلابيين بكل ما أوتيت من عزم وقوة رغم أنها كانت عزلاء من السلاح، وخاضت المعارك معهم بالبنادق والعصي والحجارة فيما قابلتهم الدبابات والمصفحات منزلة بهم خسائر فادحة في الأرواح بلغت عدة آلاف من أبناء الشعب.

أما [الحرس القومي] الذي شكله الانقلابيون فقد أندفع أفراده إلى الشوارع، وهاجموا مراكز الشرطة، واستولوا على الأسلحة، وبدءوا يهاجمون جماهير الشعب بكل عنف وقوة موجهين نيران أسلحتهم الثقيلة والخفيفة نحو كل من يصادفونه في طريقهم.

واستمرت مقاومة الشعب في بعض مناطق بغداد، وخاصة في مدينة الثورة، والشاكرية، والكاظمية، وباب الشيخ، وحي الأكراد، والحرية، والشعلة، لعدة أيام، ولم يستطع الانقلابيون قمع المقاومة إلا بعد أن جلبوا الدروع لتنفث نار القنابل الحارقة فوق رؤوسهم.

واصدر الانقلابيون بيانهم المشؤوم رقم 13 الذي يدعو إلى إبادة الشيوعيين الذين تصدوا للانقلاب منذُ اللحظات الأولى، وشنوا على الحزب الشيوعي حرب إبادة لا هوادة فيها، حيث اعتقلوا ما يزيد على مئات الألوف من مواطن، بينهم 1350 ضابطاً عسكرياً من مختلف الرتب، وجرى تعذيب المعتقلين بأساليب بشعة لا يصدقها أحد، واستشهد جراء ذلك المئات من المناضلين تحت التعذيب الشنيع، وكان من ضحايا التعذيب كل من [سلام عادل] السكرتير العام للحزب الشيوعي، حيث قطع الانقلابيون يديه ورجليه، وفقأوا عيناه في محاولة لانتزاع الاعترافات منه عن تنظيمات الحزب، كما استشهد أيضاً من أعضاء اللجنة المركزية كل من :

جمال الحيدري، ومحمد صالح العبلي، ونافع يونس، وحمزة سلمان، وعبد الجبار وهبي، أبو سعيد، وعزيز الشيخ، ومتي الشيخ، و محمد حسين أبو العيس، وجورج تللو، وعبد الرحيم شريف، وطالب عبد الجبار، بالإضافة إلى المئات من الكوادر الحزبية، ورفاق الحزب، قضوا جميعاً تحت التعذيب رافضين تقديم الاعترافات عن تنظيمات حزبهم.

موقف قطعات الجيش من الانقلاب:

بعد كل الإجراءات التي أتخذها عبد الكريم قاسم منذُ عام 1959 وحتى وقوع انقلاب 8 شباط، والمتمثلة في إبعاد أغلب العناصر الوطنية المخلصة والكفوءة من المراكز العسكرية، واستبدالها بعناصر انتهازية، وأخرى حاقدة وموتورة تتربص بالثورة وقيادتها، لم يكن متوقعاً أن تحدث المعجزة، ويجري التصدي للانقلابيين، وكل ما حدث أن عدداً من بقايا العناصر الشيوعية في الجيش من صغار الضباط، وضباط الصف، والجنود، حاولت مقاومة الانقلابيين بما استطاعوا، ولكن دون جدوى، فلم يكن هناك أدنى توازن للقوى، بعد أن سيطرت قوى الرجعية على الجيش. ففي بعقوبة تصدى عدد من الضباط وضباط الصف والجنود للانقلاب، إلا انهم فشلوا في ذلك، وجرى إعدام فوري لما يزيد على 30 ضابطاً وجندياً.

وفي معسكر التاجي القريب من بغداد، حيث توجد هناك محطات الرادار، حاولت مجموعة أخرى السيطرة على المعسكر، غير أن الانقلابيين تمكنوا من التغلب على المقاومة بعد قتال عنيف، وغير متكافئ، وجرى الإعدام الفوري لعدد من الضباط الصغار، وضباط الصف والجنود.

كما حدثت مقاومة من جانب عدد من الضباط وضباط الصف والجنود في منطقة فايدة شمال الموصل، لكنها لم تستطع الصمود، حيث تم للانقلابيين قمعها، وجرى إعدام فوري لعشرات من الضباط والجنود.

أما قادة الفرق، وكبار القادة العسكريين فلم يحركوا ساكناً، بل أن قسماً منهم كان له ضلعاً في الانقلاب، وبشكل خاص محسن الرفيعي، مدير الاستخبارات العسكرية، الذي كان يغطي ويخفي كل تحركات الانقلابيين دون أن يتخذ أي إجراء ضدهم، ولم ينقل لعبد الكريم قاسم حقيقة ما يجري.

ففي 4 شباط، قبل وقوع الانقلاب بأربعة أيام، أصدر عبد الكريم قاسم قرارا بإحالة مجموعة من الضباط المعروفين بعدائهم للثورة على التقاعد، ولكن أولئك الضباط استمروا بلبس ملابسهم العسكرية، ولم يغادروا بغداد، ولم تحرك أجهزة الاستخبارات العسكرية ولا الأمنية ساكناً، وهذا خير دليل على تواطؤ مدير الأمن العام، ومدير الاستخبارات العسكرية مع الانقلابيين.

أما احمد صالح العبدي، رئيس أركان الجيش، والحاكم العسكري العام، فإن خيانته قد توضحت تماماً عندما أصدر أمراً يوم 5 شباط، أي قبل وقوع الانقلاب بثلاثة أيام، يقضي بسحب العتاد من كتيبة الدبابات التي كان يقودها العقيد الركن [ خالد كاظم ] وهو الوحيد الذي بقي في مركزه القيادي من الضباط الوطنيين، وأودع العتاد في مستودع العينة، وبقيت دباباته دون عتاد لكي لا يتصدى للانقلابيين، ولم يمس الانقلابيين العبدي بسوء. كما أن عبد الكريم قاسم قام قبل الانقلاب بتعيين عبد الغني الراوي، المعروف بعدائه للثورة وتوجهاتها، آمراً للواء المشاة الثاني الآلي، وكانت تلك الخطوة ذات أبعاد خطيرة، فقد كان الراوي أحد أعمدة الانقلاب، وقام اللواء المذكور بدور حاسم فيه.

ملاحظة:غداً الحلقة الرابعة والأخيرة  حامد الحمداني – مفكر حر 

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية | Leave a comment

خمسون عاماً على انقلاب 8 شباط الفاشي واغتيال ثورة 14 تموز 2/4

حامد الحمداني 6/2/2013

مَنْ أعدّ، ومن ساهم في الانقلاب؟

لاشك في أن الدور الأول في الإعداد للانقلاب كان لشركات النفط، بعد أن أقدم عبد الكريم قاسم على إصدار قانون رقم 80 لسنة 1961، بعد صراع مرير مع تلك الشركات، والتهديدات التي وجهتها إلى حكومة الثورة، ذلك لأن النفط بالنسبة للدول الإمبريالية أمر لا يفوقه أهمية أي أمر آخر، ولذلك نجد أن جَلّ اهتمام هذه الدول، وعلى رأسها الولايات المتحدة، هو الاستحواذ على منابع النفط، وإحكام سيطرتها عليها.

ولما جاءت ثورة الرابع عشر من تموز، واتخذت لها خطاً مستقلاً، بعيداً عن الهيمنة الإمبريالية، هالهم الأمر، وصمموا منذُ اللحظات الأولى على إجهاض الثورة، والقضاء عليها، وبالفعل نزلت القوات البريطانية في الأردن، والأمريكية في لبنان، وحشدت تركيا قواتها العسكرية على الحدود العراقية من أجل العدوان على العراق.

إلا أن موقف الاتحاد السوفيتي المساند للحكومة الثورية الجديدة آنذاك، وتحذيره للإمبرياليين من مغبة العدوان على العراق، وحشد قواته على الحدود التركية والإيرانية تحذيرهما من أي محاولة للتدخل والعدوان، كل تلك الإجراءات أسقطت في يد الإمبريالية، وجعلتهم يفكرون ألف مرة قبل الإقدام على أي خطوة متهورة.

وهكذا جاءت الريح كما لا تشتهي السفن،كما يقول المثل،غير أن الإمبرياليين لم يتركوا مسألة إسقاط الثورة أبداً، بل بادروا إلى تغير خططهم بما يتلاءم والظروف الجديدة، محاولين إنهاء الثورة من الداخل، مجندين حزب البعث، وطائفة من القوى القومية وسائر القوى الرجعية والاقطاعية لتنفيذ أهدافهم الشريرة.

فلقد ذكر [علي صالح السعدي] أمين سر حزب البعث في مؤتمر صحفي عقده بعد وقوع انقلاب عبد السلام عارف ضد حكم البعث قائلاً [ لقد جئنا إلى الحكم بقطار أمريكي].

كما ذكر الملك حسين، ملك الأردن، في مقابلة أجراها معه [محمد حسنين هيكل] رئيس تحرير صحيفة الأهرام في فندق [كريون] في باريس عن علاقة الانقلابيين البعثيين بالأمريكيين حيث قال الملك:

{تقول لي أن الاستخبارات الأمريكية كانت وراء الأحداث التي جرت في الأردن عام 1957، أسمح لي أن أقول لك أن ما جرى في العراق في 8 شباط 1963 قد حضي بدعم الاستخبارات الأمريكية، ولا يعرف بعض الذين يحكمون بغداد اليوم هذا الأمر، ولكنني أعرف الحقيقة.

لقد عقدت عدة اجتماعات بين حزب البعث والاستخبارات الأمريكية، وعقد أهم تلك الاجتماعات في الكويت!.

وأزيدك علماً أن محطة إذاعة سرية كانت قد نصبتها الاستخبارات الأمريكية في الكويت، وكانت تبث إلى العراق، وتزود يوم 8 شباط المشؤوم رجال الانقلاب بأسماء الشيوعيين وعناوينهم للتمكن من اعتقالهم وإعدامهم}.

كما أن أحد أعضاء قيادة حزب البعث، طلب عدم ذكر أسمه، قد ذكر لمؤلف كتاب العراق، الكاتب[حنا بطاطو] أن السفارة اليوغسلافية في بيروت حذرت بعض القادة البعثيين من أن بعض البعثيين العراقيين يقيمون اتصالات خفية مع ممثلين للسلطة الأمريكية، وهذا ما فيه الكفاية عن الدور الذي لعبته الإمبريالية في الإعداد للانقلاب.

لقد حكم الانقلابيون البعثيون مدة تسعة أشهر كان إنجازهم الوحيد خلالها هو شن الحرب الهوجاء على الشيوعيين والديمقراطيين، وكانت تلك الأشهر بحق أشهر الدماء، والمشانق، والسجون، والتعذيب، وكل الأعمال الدنيئة التي يندى لها جبين الإنسانية، حتى وصل الأمر بعبد السلام عارف، شريكهم في الانقلاب، ورئيس جمهوريتهم بعد انقلاب شباط، أن أصدر كتاباً ضخماً عن جرائمهم وأفعالهم المشينة سماه [المحرفون].

من هم الانقلابيون؟

ضم فريق الانقلابيين حزب البعث بقيادة كل من : علي صالح السعدي، وأحمد حسن البكر، وطالب شبيب، وحازم جواد، ومسارع الراوي، وحمدي عبد المجيد، والضباط البعثيين كل من عبد الستار عبد اللطيف، والمقدم المتقاعد عبد الكريم مصطفى نصرت، وصالح مهدي عماش، وحردان عبد الغفار التكريتي، ومنذر الونداوي، بالإضافة إلى القوى القومية التي ضمت كل من عبد السلام عارف وطاهر يحيى، وعارف عبد الرزاق، وعبد الهادي الراوي، ورشيد مصلح، وعبد الغني الراوي، وعدد آخر من صغار الضباط.

تنفيذ الانقلاب في 8 شباط 1963:

أختار الانقلابيون الساعة التاسعة من صباح يوم الجمعة الموافق للثامن من شباط 1963، وكانت لهم حساباتهم في هذا الاختيار، فيوم الجمعة يوم عطلة، ولا يتواجد في المعسكرات سوى الضباط الخفر، وكانوا قد رتبوا مسبقاً خفارة الضباط المتآمرين في ذلك اليوم، ليسهل عليهم عملية تنفيذ الانقلاب، كما أن قيام الانقلاب في الساعة التاسعة صباحاً أمر غير متوقع، حيث جرت العادة بوقوع الانقلابات العسكرية في الساعات الأولى من الفجر، ورغم وصول إشارة إلى وزارة الدفاع قبل ساعة ونصف من وقوع الانقلاب، إلا أن آمر الانضباط العسكري، الزعيم الركن عبد الكريم الجدة، لم يأخذ ذلك على مأخذ الجد، وأعتقد أن ذلك نوع من المزحة أوالخيال.

يقول أحد الضباط الوطنيين المتواجدين في وزارة الدفاع، وكان ضابط الخفر ذلك اليوم:{ دق جرس الهاتف في الساعة السابعة والنصف من صباح ذلك اليوم، الثامن من شباط، وأسرعت لرفع سماعة الهاتف وإذا بشخص مجهول يحدثني قائلاً: إنني أحد الذين استيقظ ضميرهم، ووجدت لزاماً على نفسي أن أبلغكم بأن انقلاباً عسكرياً سيقع ضد عبد الكريم قاسم في الساعة التاسعة من صباح هذا اليوم، ينطلق من قاعدة الحبانية الجوية، وكتيبة الدبابات الرابعة في أبو غريب، ثم أغلق الهاتف، ثم يضيف الضابط الخفر قائلا: أسرعت بالاتصال بالزعيم عبد الكريم الجدة، آمر الانضباط العسكري، أبلغته بالأمر، فما كان منه إلا أن أجابني قائلاً:

{هل أنت سكران يا هذا ؟ كيف يقع انقلاب عسكري في يوم 14 رمضان، والزعيم صائم !!، والناس صيام !!، وفي مثل هذا الوقت الذي تتحدث عنه ضحى، فلم يسبق أن وقع انقلاب عسكري في وضح النهار، ثم أغلق الزعيم الجدة سماعة الهاتف}.

كان ذلك الموقف من عبد الكريم الجدة لا ينم إلا عن الجهل وسوء التقدير للوضع السياسي في البلاد، فقد كان الجو السياسي مكفهراً، ونشاط المتآمرين يجري على قدم وساق، وإضراب الطلاب على أشده، كما أن الحزب الشيوعي كان قد أصدر بياناً في 3 كانون الثاني 1963، وزع بصورة علنية، وعلى نطاق واسع، حذر فيه من خطورة الوضع ومما جاء فيه:

{ وهناك معلومات متوفرة تشير إلى الكتائب المدرعة في معسكرات بغداد، ولواء المشاة التاسع عشر الآلي قد أصبحت مراكز لنشاط عدد كبير من الضباط الرجعيين والمغامرين الذين يأملون تحويل هذه المراكز إلى قواعد انطلاق لانقضاض مفاجئ على استقلال البلاد، ولقد حددوا موعداً بعد آخر لتحقيق هذا الغرض، وللموعد الحالي مغزى خاص نظراً لخطورة الأزمة السياسية الراهنة وعدد الزيارات التي يقوم بها كبار الجواسيس الأمريكيين لبلدنا، وووجه الحزب نداءه لعبد الكريم قاسم لأجراء تطهير واسع وفعال في صفوف الجيش}.

إلا أن عبد الكريم قاسم لم يأخذ بذلك التحذير مأخذ الجد، معتقداً أن ذلك لا يعدو أن يكون تهويلاً يستهدف أهدافاً حزبية ضيقة.

كان الأولى بعبد الكريم الجدة الاتصال بعبد الكريم قاسم فوراً، واستنفار كل الأجهزة، والقوات العسكرية، وسائر الضباط الذين لا يشك بولائهم للثورة، وخاصة قائد القوة الجوية، ولكن شيئاً من هذا لم يحدث.

وُزعت الأدوار على الضباط الانقلابيين، ومنظمات حزب البعث، وأفراد الحرس القومي، الذي أُعد مسبقاً ودُرب وجُهز بالسلاح !!، وجعلوا ساعة الصفر اغتيال قائد القوة الجوية الشهيد [جلال الأوقاتي]، وذلك لخشيتهم من السلاح الجوي على مدرعاتهم.

كان البعثيون قد رصدوا حركته، حيث أعتاد صباح كل يوم جمعة أن يخرج لشراء الفطور بنفسه، وترصدوا له ذلك اليوم وهو خارج وبصحبته ولده، حيث أطلقوا عليه النار وأردوه قتيلاً في الحال، وجرى الاتصال بالزمرة الانقلابية وتم إبلاغهم باغتيال الأوقاتي، وعند ذلك تحرك المتآمرون، حيث قاموا بقطع البث من مرسلات الإذاعة في أبو غريب، وتركيب تحويل في مرسلات الإذاعة، وبدأ البث فيها من هناك قبل استيلائهم على دار الإذاعة.

وفي نفس الوقت قام منذر الونداوي بطائرته من قاعدة الحبانية، وحردان التكريتي من القاعدة الجوية في كركوك بقصف مدرج مطار الرشيد العسكري، وتم حرثه بالقنابل، لشل أي تحرك للطيارين الموالين للسلطة، وبعد أن تم لهم ذلك بادروا إلى قصف وزارة الدفاع.

وفي تلك الأثناء سمع عبد الكريم قاسم أصوات الانفجارات باتجاه معسكر الرشيد، فبادر على الفور بالذهاب إلى وزارة الدفاع، وتحصن فيها، وكان ذلك الإجراء في غاية الخطورة، إذ كان الأجدى به أن يتوجه بقواته المتواجدة في وزارة الدفاع إلى معسكري الرشيد، والوشاش، القريبين من مركز بغداد، والسيطرة عليهما، ومن ثم الانطلاق نحو الأهداف التي تمركز فيها الانقلابيون، بالاستناد إلي جماهير الشعب الغفيرة التي هبت حال سماعها بنبأ الانقلاب تطالب بالسلاح لمقاومة الانقلابيين.

لكن عبد الكريم قاسم حصر نفسه في وزارة الدفاع، على الرغم من تحذير الزعيم الركن الشهيد [طه الشيخ أحمد] مدير الحركات العسكرية، الذي أشار عليه إلى ضرورة استباق المتآمرين ومهاجمتهم قبل توسع الحركة، وسيطرتهم على معسكري الوشاش والرشيد القريبين جداً من بغداد، لكن عبد الكريم قاسم لم يأخذ بنصيحته مما سهل على الانقلابيين تطويق الوزارة، وقصفها بالطائرات والمدفعية، قصفاً مركزاً، حتى انهارت مقاومة قواته.

ربما أعتقد عبد الكريم قاسم أن وجوده في وزارة الدفاع المحصنة، يمكّنه من الاتصال بالوحدات العسكرية الموالية له!!، ولكن خاب ظنه بعد كل الذي فعله بإبعاد كل العناصر الوطنية الصادقة والمخلصة، واستبدلهم بعناصر انتهازية لا مبدأ لها، ولا تدين بالولاء الحقيقي له وللثورة، فقد سارع معظمهم إلى إرسال برقيات التأييد للانقلابيين، وانكفأ البعض الأخر في بيته، وكأن الأمر لا يعنيه، سواء بقي عبد الكريم قاسم أم نجح الانقلابيون.

لقد أنتحر عبد الكريم قاسم، ونحر معه الشعب العراقي وكل آماله وأحلامه التي ضحى من أجلها عقوداً عديدة مقدماً التضحيات الجسام.

توجه [عبد السلام عارف] إلى [ معسكر أبي غريب]، حيث وصل مقر كتيبة الدبابات الرابعة، وانضم إليه [ أحمد حسن البكر]،واستقلا كلاهما إحدى الدبابات، وتوجها إلى دار الإذاعة، وبصحبتهما دبابة أخرى، وساعدهم حرس دار الإذاعة، المشاركين في الانقلاب على السيطرة عليها، ثم التحق بهم كل من حازم جواد، وطالب شبيب، وهناء العمري، خطيبة علي صالح السعدي، أمين سر حزب البعث، أما خالد مكي الهاشمي فقد أندفع بدباباته متوجهاً إلى بغداد، رافعاً صور عبد الكريم قاسم لخدع جماهير الشعب التي ملأت شوارع بغداد لتدافع عن الثورة وقيادتها.

وفي نفس الوقت، وصل العقيد [عبد الغني الراوي] إلى مقر لواء المشاة الآلي الثامن في الحبانية، وتمكن بمساعدة أعوانه من الانقلابيين من السيطرة على اللواء المذكور، وتحرك به نحو بغداد، كما نزل المئات من أفراد الحرس القومي على طول الطريق بين الحبانية وأبو غريب، حاملين أسلحتهم وقد وضعوا إشارات خضراء على أذرعهم، وتقدمت قوات الانقلابيين بقيادة المقدم المتقاعد [عبد الكريم مصطفى نصرت]، وأحاطت بوزارة الدفاع، كما تقدمت قوة أخرى من الطرف الثاني لنهر دجلة، مقابل وزارة الدفاع، بقيادة العقيد طاهر يحيى متخذة لها مواقع مقابل وزارة الدفاع، وبدأت قصفها للوزارة بالمدفعية الثقيلة.

كانت جموع غفيرة من أبناء الشعب قد ملأت الساحة أمام وزارة الدفاع، والشوارع المؤدية لها وهي تهتف للثورة وقائدها عبد الكريم قاسم، وتطالب بالسلاح لمقاومة الانقلابيين.

لقد حدثني أحد رفاقي الذي كان متواجداً في تلك الساعة مع الجماهير المحيطة بالوزارة، والمستعدة للتضحية والفداء دفاعاً عن الثورة فقال:

تجمعنا حول وزارة الدفاع حال سماعنا بوقوع الانقلاب، وكانت أعدادنا لا تحصى، فلقد امتلأت الشوارع والطرقات بآلاف المواطنين الذين جاءوا إلى الوزارة وهم يهتفون بحياة الثورة وقائدها عبد الكريم قاسم، ويطالبونه بالسلاح للدفاع عن الثورة، منادين { باسم العامل والفلاح، يا كريم أعطينا سلاح}، كان الجو رهيباً والجموع ثائرة تريد السلاح للانقضاض على المتآمرين، وكان عبد الكريم يرد عليهم { إنهم مجرد عصابة مأجورة لا قيمة لها، وسوف نقضي عليهم في الحال}!!.

وهكذا أخطأ عبد الكريم مرة أخرى في حساباته، ولم يستمع إلى صوت الشعب، وتحذيره، ولم يقدر خطورة الوضع، وكان لا يزال على ثقة بأولئك الذين أعتمد عليهم، وبوأهم أعلى المناصب السياسية والعسكرية والإدارية، سوف يؤدون واجبهم لحماية الثورة، وسحق المتآمرين، ولكن تلك الزمر الانتهازية الخائنة أسفرت عن وجهها الحقيقي، فقسم منها أشترك اشتراكاً فعلياً مع المتآمرين، والقسم الآخر آثر الجلوس على التل دون حراك، فلا تهمهم الثورة، ولا الشعب، ولا عبد الكريم قاسم.

ثم يضيف رفيقي قائلاً: في تلك الأثناء وصلت أربع دبابات تحمل في مقدمتها صور عبد الكريم قاسم، استخدمتها لتضليل جماهير الشعب لكي يتسنى للانقلابيين عبور الجسر نحو جانب الرصافة، حيث مقر وزارة الدفاع، وكانت الجماهير قد أحاطت بالجسور وقطعتها، واعتقدت أن هذه الدبابات جاءت لتعزز موقف عبد الكريم قاسم .

وعندما وصلت تلك الدبابات إلى وزارة الدفاع، استدارت ظهرها نحو الوزارة، وبلحظات بدأت رشاشات [الدوشكا] المنصوبة عليها تطلق رصاصها الكثيف على الجماهير المحتشدة، وتخترق أجسادهم بالمئات. لقد غطت الجثث والدماء تلك الشوارع والساحة المقابلة لوزارة الدفاع خلال عشرة دقائق لاغير، وكانت مجزرة رهيبة لا يمكن تصورها، ولا يمكن أن يدور في خلد أي إنسان أن يجرأ المتآمرون على اقترافها.

ولم تكتفِ دبابات المتآمرين بما فعلت، بل جاءت الطائرات لتكمل المجزرة، موجهة رشاشاتها حتى نحو الجرحى الذين كانوا لا يزالون على قيد الحياة.

ثم بدأ بعد ذلك القصف المركز على وزارة الدفاع بالطائرات ومدافع الدبابات التي أحاطت بالوزارة من جانبي الكرخ والرصافة، وبدأت القذائف تنهال عليها، والقوات المتواجدة داخلها ترد على القصف بما تملك من أسلحة وعتاد، إلا أن المقاومة بدأت تضعف شيئاً فشيئاً، دون أن يأتي أي إسناد من أي من القطعات العسكرية التي كان عبد الكريم يعتمد عليها، لأنه كان في وادٍ، وأولئك الخونة في وادٍ آخر، وادي الخونة والخيانة.

وفيما كانت عملية القصف تتواصل، تقدمت قوات أخرى نحو معسكر الرشيد، ومقر الفرقة الخامسة، واللواء التاسع عشر، وحيث هناك المعتقل رقم واحد، الذي كان عبد الكريم يحتجز فيه عدد من الضباط البعثيين والقوميين، حيث تم إطلاق سراحهم ليشاركوا في الانقلاب، وتمكنت قوات الانقلابيين من السيطرة على المعسكر، ومقر الفرقة، ووقع بأيديهم مجموعة من الضباط الوطنيين المعتقلين هناك، حيث نفذ الانقلابيون مجزرة أخرى بالعديد منهم، ومُورس التعذيب الشنيع بالبعض الأخر.

يتبع القسم الثالث 3/4   حامد الحمداني – مفكر حر

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر | Leave a comment

خمسون عاماً على انقلاب 8 شباط الفاشي واغتيال ثورة 14 تموز 1/4

القسم الأول 1/4

حامد الحمداني 4/2/2013

الظروف التي ساعدت، ومهدت للانقلاب

في ظل الظروف التي سادت العراق منذُ عام 1959، حيث بدأت الانتكاسة في العلاقات بين الأحزاب السياسية الوطنية من جهة، وبين الحزب الشيوعي وعبد الكريم قاسم، من جهة أخرى تلك الانتكاسة التي تتحمل كافة الأحزاب السياسية، و عبد الكريم قاسم نفسه مسؤوليتها، حيث غلّب كل حزب مصالحه الذاتية على المصلحة العليا للشعب والوطن، وحيث عمل عبد الكريم قاسم جاهداً للاستئثار بالسلطة، وسعيه الحثيث إلى تحجيم الحزب الشيوعي، بعد المد الواسع الذي شهده الحزب خلال العام الأول للثورة، ولجوئه إلى سياسة توازن القوى بين حماة الثورة والقوى التي تآمرت عليها، واتخاذه سياسة التسامح والعفو عن المتآمرين الذين تآمروا على الثورة {سياسة عفا الله عما سلف} التي اقتصرت على تلك العناصر دون سواها، حيث أطلق سراحهم من السجن، واعاد عدد كبير من الضباط الذين سبق وأن أحيلوا على التقاعد بعد محاولة العقيد الشواف الانقلابية في الموصل، إلى مراكز حساسة في الجيش.

وفي الوقت نفسه، أقدم على اعتقال وسجن خيرة المناضلين المدافعين الأشداء عن الثورة وقيادتها ومسيرتها، واحالهم إلى المجالس العرفية العسكرية التي أصدرت بحقهم أحكاماً بالسجن لمدد طويلة، وتسريحه لعدد كبير من الضباط، كان من بينهم الدورة 13 للضباط الاحتياط البالغ عددهم [1700] ضابطاً، وكذلك ضباط الصف المشهود لهم بالوطنية الصادقة، والدفاع عن الجمهورية الوليدة، حيث كان لهم دور كبير في القضاء على تمرد الشواف، وإجهاض كل المحاولات التآمرية الأخرى ضد الثورة وقيادتها.

كما لجأ عبد الكريم قاسم إلى تجريد المنظمات الجماهيرية التي لعبت دوراً بارزاً في حماية الثورة ومكتسباتها من قياداتها المخلصة والأمينة على مصالح الشعب والوطن، والتي جادت بدمائها من أجل الثورة، ومن أجل مستقبل مشرق للعراق وشعبه، وتسليمها للقوى المعادية للثورة، بهدف إضعاف الحزب الشيوعي، وهذه أهم الإجراءات التي أتخذها عبد الكريم قاسم في هذا المجال، والتي كان لها الأثر الحاسم في نجاح انقلاب الثامن من شباط الفاشي عام 1963:

1ـ سحب السلاح من المقاومة الشعبية، وإنهاء وجودها فيما بعد، واعتقال معظم

قادتها المخلصين للثورة وقيادتها.

لقد كان موقف قاسم من المقاومة الشعبية خاطئاً بكل تأكيد، رغم أن الحزب الشيوعي يتحمل مسؤولية الكثير من الأخطاء التي أعطت المبرر لقاسم للإقدام على حلها، فقد سيطر الحزب على المقاومة الشعبية حتى أنها كانت تبدو وكأنها ميليشيا خاصة بالحزب، وكانت المقاومة الشعبية، نتيجة الحرص الزائد على الثورة، قد أوقعت نفسها بأخطاء عديدة ما كان لها أن تحدث، استغلتها القوى المعادية للثورة لتشويه سمعة المقاومة، وتحريض عبد الكريم قاسم على سحب السلاح منها، وتجميد صلاحياتها، ومن ثم إلغائها.

لقد كان بالإمكان معالجة تلك الأخطاء لا في إلغاء المقاومة الشعبية، درع الثورة الحصين، بل في إصلاحها، وإعادة تنظيمها، وتمكينها من أداء مهامها في حماية الثورة، فلو كانت المقاومة الشعبية موجودة يوم الثامن من شباط، لما استطاعت تلك الزمر المعزولة عن الشعب من تنفيذ مؤامرتها الدنيئة، ونجاحها في اغتيال الثورة، واغتيال الزعيم الشهيد قاسم بالذات، وإغراق العراق بالدماء.

لقد وقع الزعيم عبد الكريم قاسم في خطأ جسيم عندما ظن أن الخطر يأتيه من الحزب الشيوعي وليس من الرجعية وعملاء الإمبريالية.

إن الحزب الشيوعي لم يفكر يوماً ما في الغدر بعبد الكريم قاسم، أو المساس بزعامته، بل بقي حتى اللحظات الأخيرة من حكمه يعتبره قائداً وطنياً معادياً للاستعمار، وذاد عن سلطته، وعن الجمهورية يوم الثامن من شباط 1963، وهو اعزل من السلاح، مستخدماً كل ما يملك، وحتى الحجارة لمقاومة الانقلاب، وحاول بكل جهده الحصول على السلاح لمقاومة الانقلابيين، وكانت جماهيره العزلاء بالألوف تحيط بوزارة الدفاع وهي تهتف: {باسم العامل والفلاح، يا كريم أعطينا سلاح}، ولكن دون جدوى، حتى أحاط الانقلابيون وزارة الدفاع بدباباتهم، وجرى قصفها بالطائرات والمدافع حتى انهارت مقاومة عبد الكريم قاسم، واستسلامه فيما بعد.

إن استسلام الزعيم عبد الكريم قاسم للانقلابيين كان خطأ آخر وقع فيه، فقد أعتقد أن هناك أملاً في أن يعفُ عنه الانقلابيون، ويسفرونه إلى الخارج ،أو لربما حوكم محاكمة قانونية عادلة، أو سجن لفترة من الزمن، ولم يدر في خلده أن حقدهم عليه، وعلى ثورة 14 تموز المجيدة جعلتهم يصممون على تصفيته، وتصفية كافة أعوانه وكل الوطنيين المخلصين لشعبهم ووطنهم، ولثورة تموز المجيدة.

كنت أتمنى أن يستشهد عبد الكريم قاسم وهو يدافع عن الثورة، وعن نفسه، كما فعل من بعده الشهيد [سلفادور اليندي ] رئيس جمهورية شيلي، عام 1972، حينما أقدمت الإمبريالية الأمريكية على تدبير الانقلاب الفاشي فيها، ولا يقع بأيدي الانقلابيين الذين تطاولوا عليه بأبشع وأخس العبارات، قبل تنفيذ الإعدام به، وبرفاقه الشهداء المهداوي، وطه الشيخ أحمد، وكنعان حداد دون اي محاكمة عادلة.

2 ـ بغية تحجيم الحزب الشيوعي وإضعافه، أقدم عبد الكريم قاسم على إحالة عدد كبير من الضباط المخلصين للثورة، ولقيادته، فقد أحال على سبيل المثال قائد الفرقة الثانية في كركوك الشهيد الزعيم الركن [ داوود الجنابي]، وعدد من مساعديه على التقاعد في 29 حزيران 1959، كما أقدم على إبعاد الزعيم الركن [هاشم عبد الجبار] آمر اللواء العشرين، المعروف بوطنيته الصادقة، والذي أفشل خطط الانقلابيين يوم جرت محاولة اغتياله في شارع الرشيد، وأحكم سيطرته على بغداد، وأحلّ محله الزعيم [صديق مصطفى] المعروف بعدائه للقوى التقدمية ولثورة تموز، والذي لعب دوراً بارزاً في انقلاب 8 شباط 1963 عندما سيطرت قواته على مدينة السليمانية يوم الانقلاب، وقام بإعدام المئات من الوطنيين الأكراد الذين جرى دفنهم بقبور جماعية.

كما أقدم عبد الكريم قاسم على اعتقال المقدم الركن [فاضل البياتي] آمر كتيبة الدبابات الرابعة في أبو غريب، وزملائه الضباط الوطنيين الآخرين، كان من بينهم الرئيس [حسون الزهيري] والرئيس [كاظم عبد الكريم]، والمقدم [خزعل السعدي]، وغيرهم من الضباط الذين عرفوا بإخلاصهم للثورة، وأقدم قاسم على تسليم تلك الكتيبة إلى المتآمر الرائد [خالد مكي الهاشمي] الذي كان له ولكتيبته الدور الأساس في الانقلاب، حيث قاد دبابات الكتيبة نحو وزارة الدفاع مقر عبد الكريم قاسم.

3 ـ تنحية آمر القاعدة الجوية في الحبانية، وتعيين العقيد الطيار [عارف عبد الرزاق] الذي أعاده للجيش بعد أن كان قد أحاله على التقاعد، وكان لتلك القاعدة ولآمرها دورهام جداً في نجاح الانقلاب، حيث قامت منه الطائرات التي قصفت وزارة الدفاع.

4 ـ تنحية آمر القاعدة الجوية في كركوك، وتعيين المقدم الطيار حردان عبد الغفار التكريتي آمراً لها، وكان له الدور الكبير في الانقلاب، حيث قام بقصف وزارة الدفاع بطائرته.

5ـ تنحية العقيد [عبد الباقي كاظم] مدير شرطة بغداد، وتعين العقيد طه الشيخلي المعروف بعدائه للثورة، ولسائر القوى التقدمية، وثبوت مشاركته في الانقلاب.

6 ـ إعادة 19من الضباط القوميين والبعثيين الذين سبق وأن أحالهم على التقاعد، وجرى ذلك في أوائل آب 1959، وكان من بينهم العقيد[عبد الغني الراوي]، والذي لعب دورا رئيسياً في الانقلاب.

7 ـ أحال العقيد [حسن عبود ] آمر اللواء الخامس، وآمر موقع الموصل على التقاعد في كانون الثاني 1961، وكان العقيد حسن عبود قد قاد القوات التي سحقت انقلاب الشواف في الموصل، وذاد عن الثورة، وقيادة عبد الكريم قاسم نفسه.

8ـ إعفاء قائد الفرقة الأولى في الديوانية، وتعين الزعيم الركن [ سيد حميد سيد حسين] الرجعي المعروف بعدائه الشديد للقوى التقدمية، والذي لعب دوراً كبيراً في محاربة الشيوعية في سائر المنطقة الجنوبية من العراق، حيث كانت تمتد سلطته العسكرية على سائر ألوية جنوب العراق، كما أحال عدد كبير من ضباط الفرقة الوطنيين على التقاعد.

9ـ إخراج كافة ضباط الاحتياط الدورة 13، المتخرجين عام 1959، والبالغ عددهم 1700 ضابط من الخدمة في الجيش، بالنظر للنفوذ الكبير للشيوعيين فيها.

10ـ تنحية المقدم الركن [سليم الفخري] المدير العام للإذاعة والتلفزيون، وتسليمها لعناصر لا تدين بالولاء للثورة وقيادتها.

لقد وصفت صحيفة [صوت الأحرار] في 12 حزيران 962 دار الإذاعة بأنها قد أصبحت وكراً للانتهازيين والرجعيين، بعد أن أبعد عبد الكريم قاسم جميع العناصر الوطنية منها. كما كانت القوة العسكرية المكلفة بحماية دار الإذاعة لا تدين بالولاء للثورة، وهذا مما سهل للانقلابيين السيطرة على دار الإذاعة بكل يسرٍ وسهولة صباح يوم الانقلاب، وكان لذلك تأثير كبير على معنويات الجيش والشعب عندما سارع الانقلابيون إلى الاعلان عن مقتل عبد الكريم قاسم لإثباط عزيمة الجيش للتحرك لإخماد الانقلاب، ومعلوم أن الزعيم الشهيدعبد الكريم قاسم ظل يقاوم الانقلابيين حتى ظهر اليوم التالي 9 شباط، ولو لم يكن الانقلابيون قد سيطروا على دار الإذاعة، واستطاع عبد الكريم قاسم إذاعة بيانه الأخير، غير المذاع، لما نجح الانقلاب.

11 ـ إعفاء كافة الوزراء ذوي الاتجاه التقدمي من الوزارة، وإعفاء عدد كبير من كبار المسؤولين المدنيين من وظائفهم، وتعين آخرين لا يدينون بالولاء للثورة وقيادتها، فقد كان جلَّ هم عبد الكريم قاسم إبعاد كل عنصر له ميل أو علاقة بالحزب الشيوعي من قريب أو من بعيد.

12 ـ تصفية كل المنظمات الشعبية ذات الصبغة الديمقراطية، كمنظمة أنصار السلام، واتحاد الشبيبة الديمقراطية، ورابطة الدفاع عن حقوق المرأة، ولجان الدفاع عن الجمهورية، ومحاربة القيادات الوطنية المخلصة في الاتحاد العام لنقابات العمال، والاتحاد العام للجمعيات الفلاحية، ونقابات المعلمين، والمهندسين والأطباء، والمحامين، وإبعادهم عن قيادة تلك المنظمات، وتسليمها إلى أعداء الشعب.

13ـ إصدار العفو عن عبد السلام عارف، وعن المجموعة التي نفذت محاولة اغتياله في شارع الرشيد، وإعفاء رشيد عالي الكيلاني وزمرته، وعن جميع رجالات العهد الملكي من محكومياتهم في 11 حزيران 1962، في حين أحتفظ بكافة الشيوعيين، والديمقراطيين رهائن في السجون، لكي يقعوا في أيدي الانقلابيون فيما بعد، وينفذوا جريمة قتل أعداد كبيرة منهم.

لقد شجعت سياسة العفو والتسامح مع أعداء الثورة على إيغال أولئك المتآمرين، واستمرارهم في التآمر، على عكس ما تصور عبد الكريم قاسم من أن إصدار العفو عنهم سوف يردهم عن التآمر.

14ـ لم يقدر عبد الكريم قاسم مسألة الصراع مع القوى المضادة للثورة، الذي أججته قرارات الثورة، وخاصة فيما يخص قانون الإصلاح الزراعي، الذي احدث ثورة اجتماعية سلبت السلطة من الإقطاعيين دعائم الإمبريالية. ولذلك فقد بدأ الرجعيون والإقطاعيون وكل المتضررين من ثورة تموز بتجميع صفوفهم، وبعث نشاطهم من جديد، على أثر الموقف الذي أتخذه عبد الكريم قاسم من الشيوعيين.

لقد استغلت الرجعية تلك الظروف من أجل تنفيذ هجمتها الشرسة ضد القوى الديمقراطية سند الثورة وحاميها، وإضعاف السلطة، وعزلها عن الشعب.

15 ـ لم يقدر عبد الكريم قاسم ما سوف يسببه صراعه مع شركات النفط من أجل انتزاع حقوق العراق في ثروته النفطية، والحفاظ على استقلاله الوطني، وإصداره القانون رقم 80 لسنة 1961، والذي أنتزع بموجبه 99,5% من مناطق امتياز تلك الشركات من سيطرة الشركات، والعمل على استغلالها وطنياً.

لقد كان الصراع على أشده مع شركات النفط، وتبادل الطرفان التهديدات، وكان آخر كلمة لوفد شركات النفط هي التحدي، وكان الوفد يعني ما يقول، فكانت مؤامرتهم الدنيئة على ثورة 14 تموز وقيادتها، والأمر المؤسف حقاً هو أن عبد الكريم قاسم لم يأخذ الحيطة والحذر من أحابيل ومؤامرات شركات النفط، حرصاً على مصالحها، حتى ولو أدى ذلك إلى إغراق العراق بالدماء.

16ـ قيام التمرد الكردي بقيادة الإقطاعيين [ رشيد لولان ] و[عباس مامند]، وانجرار الحزب الديمقراطي الكردستاني إلى تلك الحركة، ولجوء السلطة إلى القوة العسكرية لحل التناقض مع الأكراد، مما سبب إضعافاً خطيراً للسلطة، وشق جبهة الاتحاد الوطني، ودفع الحزب الديمقراطي الكردستاني للتعاون مع انقلابيي 8 شباط، ومع التمرد الرجعي لرشيد لولان، وعباس مامند، المدعم من قبل الإمبريالية الأمريكية وحليفها [شاه إيران].

ففي الفترة بين 20 ـ 23 تموز أجتمع السفير الأمريكي في طهران [هولمز] بالشيوخ المتمردين، وتم إرسال [علي حسين أغا المنكوري] على رأس عصابة مسلحة بالأسلحة الأمريكية، وبإشراف خبراء أمريكان، ليفرض سيطرته على ناحية [تاودست]، كما أعترف الأسرى من المتمردين بأنهم يحصلون على العون والأسلحة من الولايات المتحدة، وبريطانيا عن طريق إيران.

وفي بداية عام 1963، عندما كانت الحرب تدور في كردستان، كنت آنذاك في مدينة السليمانية، إحدى أكبر مدن كردستان، أتابع مجريات تلك الحرب، وأتحسر على ما آلت إليه الأمور في بلادي، حيث يقتل العراقيون بعضهم بعضاً. ومن المؤسف أيضاً أن ينجر الحزب الشيوعي، بسبب من الضغوط التي مارسها قاسم ضده، إلى الحركة الكردية، بعد أن وقف منذُ البداية مطالباً بالسلم في كردستان، والديمقراطية للعراق، تاركاً النظام منعزلاً وجهاً لوجه أمام مؤامرات الإمبريالية وعملائها.

17 ـ اعتماد عبد الكريم قاسم على جهاز أمن النظام الملكي السابق، الذي لم يجر عليه أي تغيير، سوى إحالة 45 من ضباط الأمن على التقاعد، ومعلوم أن ذلك الجهاز الذي أنشأته ورعته الإمبريالية وعملائها الحاكمون في بغداد آنذاك، لم يكن يدين بالولاء لا للثورة، ولا لزعيمها عبد الكريم قاسم، وكان لها دور كبير في إخفاء نشاطات القوى الرجعية، والحركات التآمرية عن السلطة، وحماية المتآمرين على الثورة وقيادتها.

ولم يكن جهاز الاستخبارات العسكرية بأحسن حال من جهاز الأمن، والذي أنيط به حماية الثورة من المتآمرين، وتبين فيما بعد أن ذلك الجهاز كان ملغماً بالعناصر المعادية للثورة، وكان على رأسهم رئيس الجهاز[ محسن الرفيعي]، ومن قبله [رفعت الحاج سري ]الذي ثبت للمحكمة اشتراكه في الحركة الانقلابية للشواف، وحكم عليه بالإعدام، ونفذ الحكم فيه.

كما أن موقف رئيس أركان الجيش، والحاكم العسكري العام [أحمد صالح العبدي] المتخاذل دل على مساومة الانقلابيين، والسكوت عن تحركاتهم، فلم ينل منهم أذى وأطلق سراحه بعد أيام قلائل، فيما جرى إعدام كل المخلصين لثورة تموز.

18ـ قيام الطلاب البعثيين، والقوميين بإضراب عام، ساندهم فيه أعضاء ومؤيدي الحزب الديمقراطي الكردستاني، مستخدمين كل الوسائل والسبل، بما فيها العنف، لمنع الطلاب من مواصلة الدراسة، ولم يكن موقف السلطة من الإضراب يتناسب وخطورته، فقد اتخذت السلطة جانب اللين مع المضربين، ولم تحاول كبح جماحهم وكسر الإضراب، وكان ذلك الإضراب بداية العد التنازلي لتنفيذ الانقلاب.

ولابد أن أشير هنا إلى الدور الذي لعبته سفارة العربية المتحدة في دعم الإضراب، وطبع المنشورات، وقد اضطرت الحكومة العراقية إلى طرد أحد الملحقين في السفارة في 24كانون الثاني 1963.

يتبع الحلقة الثانية  حامد الحمداني – مفكر حر

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية | Leave a comment

فضحونا في “السي أن أن”

يغضب بعض الناس حين يتحدث الإعلام الأجنبي عن قضايا سعودية اجتماعية، ولا يجدون في الأمر سوى أنه فضيحة يتعمدها الإعلام الأجنبي، وتدخل في باب المؤامرة الغربية ضد العرب والمسلمين، وهذا التعليق سمعته حينما تحدثت قناة الـ «سي إن إن» الأميركية عن خبر زواج رجل «تسعيني» بطفلة في سن الـ15 في السعودية، على رغم أن هذه الحوادث تتكرر عندنا، ويكتب عنها الإعلام المحلي، وينتقدها كتاب الرأي، وتعترض عليها هيئة حقوق الإنسان، ويطالب معظم مجلس الشورى بسنّ نظام يمنعها، ويرفض الجدل القائم حسمها، لكن إذا تسربت للإعلام الأجنبي، فهذه فضيحة، وعلينا أن نفتش عن السبب الذي حدا بهم لنشرها، هل هو تشويه صورتنا في الغرب؟ وهل من يساهم في الحديث معهم حولها متواطئ معهم بالضرورة؟

هكذا يصبح كل حديث عن شأن اجتماعي فضيحة. أن يتناول الإعلام قصة الرجل «التسعيني» الذي تزوج طفلة قاصراً فضيحة، وأن يتحدث الإعلام عن نظام تعقب الزوجات من إدارة الجوازات عبر رسالة نصية ترسل للزوج فضيحة، وعدم قيادة المرأة السيارة فضيحة – لا.. لا.. هذه خصوصية.. آسفة نسيت – بل وتدخلٌ في شؤوننا الخاصة، ونظرة غربية تملي علينا وجهة نظرها في حقوق المرأة. لكن الغريب في الأمر أن الإعلام الغربي لو علّق على شأن سياسي محلي، فإن ذلك يعد نوعاً من التغطية الإعلامية المهمة، ولما اعتبر نشر غسيل، بل واتفق الجميع على أنها مجرد أخبار!

فضيحة أن يعرف صحافي أجنبي فضولي قصة الرجل «التسعيني» ويكتب عنها، لكن ليس من العيب أن يخرج أستاذ جامعي في الإعلام المحلي لا يرضى بأن يزوج ابنته ذات التسعة أعوام ليدافع عن هذه الزيجات بالقول: «إنه يجوز لأن الرسول صلى الله عليه وسلم تزوج بعائشة وهي صغيرة، وأن تحريم زواج الصغيرات هو تحريم لما أحلّ الله».

على رغم أن الأنظمة الحديثة تضع قيوداً على أشياء هي من الحلال، أو لم يذكر فيها تحريم صريح، مثل «الرق» الذي أصبح اليوم جريمة تشمئز منها النفس، ومثل منع المواطن من الزواج بامرأة من غير جنسيته إلا بإذن رسمي، وكذلك قيود التنقل، وغيرها من التشريعات المدنية التي اقتضتها مصلحة النظام، وتطورات العصر، إلا أن حماية الأطفال من الزج بهم في ألعاب جنسية اجتماعية محرمة، بحجة أن الإسلام لم يحرمه!

اليوم، أصبحت الوكالات الأجنبية تتصل بنا حال انتشار أخبار مثل هذه تثير الفضول الاستهلاكي، وأنا شخصياً حين يسألونني ما تعليقك على الخبر، لا أستطيع أن أقول لهم اهتموا بأمركم ودعوا عنكم شؤوننا، بل أبادر للدفاع عن إسلامنا وتصحيح هذه المعتقدات، وأنها مجرد أعراف وتقاليد عربية دخلت على الإسلام، بل وحرّفته على عكس ما يُشيعه الطرف المتشدد، والذي يصرّ على أن كل ما يحدث للنساء في بلادنا تطبيق للشريعة الإسلامية، فنظهر وكأننا أصحاب دين يقمع النساء ويقيد حركتهن ويحبسهن في البيوت، ويجعل من زواجات القاصرات نصاً إسلامياً ثابتاً.

هؤلاء في الحقيقة لو تركتهم يعبّرون عن أنفسهم لوجدتهم لا يمانعون في استعباد البشر، وسبي نساء الكفار والمخالفين بحجة أن هذا من الإسلام، والتاريخ يقول إن قانون تحرير العبيد في كل مكان من العالم، ومنها بلادنا، جُوبِه بحروب ومسيرات وقفت ضد تحرير الإنسان المستعبد، والقول بأنه من الدين، وتحريم لما حلّل الله. اليوم لا أحد يجرؤ على قول هذا، لأن الناس اعتادته وآمنت ببشاعته، لكن زواج الصغيرات سيظل محل دفاع، ومن يجرمه ضد الإسلام، وهذا الشعار وحده كفيل بجعلك تصمت، حتى لا يقال إنك ضدّ الإسلام. هؤلاء بصراحة هم الفضيحة!

*نقلاً عن “الحياة” اللندنية

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا | Leave a comment

نوري السعيد رجل المهمات البريطانية الكبرى1\16

 كتاب في حلقات ـ الحلقة الأولى

حامد الحمداني 27/8/2008

لم يشهد تاريخ الحكم الملكي في العراق شخصية سياسية لعبت دوراً خطيراً في تاريخ العراق خلال تلك الحقبة الممتدة من عام 1921 ولغاية قيام ثورة الرابع عشر من تموز 1958 كشخصية [نوري السعيد] فقد كان السعيد يتمتع بثقة كبرى ومنزلة خاصة لدى بريطانيا، وقد كانت بريطانيا تعتبره رجل المهمات الخاصة والكبرى للمصالح البريطانية في العراق وسائر منطقة الشرق الأوسط ، وكما هو معروف لدى المؤرخين والمتتبعين للسياسة البريطانية أن كل وزارة كانت تشكل في العهد الملكي تمر عبر السفارة البريطانية في بغداد، وينبغي أن تنال شخصياتها رضا وقبول السفير البريطاني.

كانت بريطانيا، تلك الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس آنذاك، قد احتلت العراق عام 1915 أبان الحرب العالمية الأولى وأخضعته لانتدابها، واضطرت على أثر اندلاع ثورة العشرين إلى إقامة ما سمته بالحكم الوطني، لكنها في واقع الأمر كانت تهيمن على مقدرات العراق السياسية والاقتصادية والعسكرية وسائر الشؤون الأخرى، وكانت كلما كان لديها مهمة خطيرة تشير على الملك فيصل الأول، ومن بعده الملك غازي، ثم الوصي على عرش العراق عبد الإله بعد مقتل الملك غازي، وانتهاءً بالملك فيصل الثاني إلى وجوب تكليف نوري السعيد بتأليف الوزارة العراقية الذي تعتمد عليه كل الاعتماد بأداء المهمة المطلوب تنفيذها، ولذلك كانت لنوري السعيد حصة الأسد في تلك المرحلة حيث شكل أربعة عشر وزارة، وهو رقم قياسي لم تحققه أي شخصية سياسية عراقية خلال تلك الحقبة من تاريخ العراق التي دامت 37عاماً.

ففي 23 آذار شكل نوري السعيد وزارته الأولى التي استمرت في الحكم حتى 19 تشرين الأول 1930.

وفي 19 تشرين الأول عام 1931شكل وزارته الثانية، واستمرت في الحكم حتى 27 تشرين الأول 1932 .

وفي 25 كانون الأول 1938 شكل وزارته الثالثة، واستمرت في الحكم حتى 6 نيسان 1939. . وفي 6 نيسان 1939 شكل وزارته الرابعة على أثر مقتل الملك غازي وتولي عبد الإله وصاية العرش بسبب صغر سن الملك فيصل الثاني آنذاك

واستمرت في الحكم حتى18 شباط 1940.

وفي 22 شباط 1940 شكل السعيد وزارته الخامسة، واستمرت في الحكم حتى 31 آذار 1940 .

وفي 9 تشرين الأول 1941 شكل وزارته السادسة، واستمرت في الحكم حتى3 تشرين الأول 1942.

وفي 8 تشرين الأول 1942 شكل وزارته السابعة، واستمرت في الحكم حتى 19 كانون الأول 1943.

وفي 25 كانون الأول 1943 شكل وزارته الثامنة، واستمرت في الحكم حتى 19 نيسان 1944 .

وفي 21 تشرين الثاني 1946 شكل وزارته التاسعة، واستمرت في الحكم حتى 19 نيسان 1944 .

وفي 6 كانون الثاني 1949 شكل وزارته العاشرة، واستمرت في الحكم حتى 9 كانون الأول 1949 .

وفي 15 أيلول 1950 شكل وزارته الحادية عشرة، واستمرت في الحكم حتى 10 تموز 1952.

وفي 3 آب 1954 شكل وزارته الثانية عشرة، واستمرت في الحكم حتى 17 كانون الأول 1957.

وفي 17 كانون الأول 1957 شكل السعيد وزارته الثالثة عشرة، واستمرت في الحكم حتى 8 حزيران 1957.

وفي 3 آذار 1958 شكل وزارته الرابعة عشرة، واستمرت في الحكم حتى 14 مايس 1958.

وفي 19 أيار 1958 شكل السعيد وزارة حكومة الاتحاد الهاشمي المقام بين العراق والمملكة الأردنية الهاشمية، واستمرت في الحكم حتى قيام ثورة الرابع عشر من تموز 1958 التي أطاحت بالنظام الملكي في العراق وبالاتحاد الهاشمي الذي أقيم على عجل رداً على قيام الوحدة السورية المصرية، وتكوين[الجمهورية العربية المتحدة].

و بالإضافة إلى تأليفه أربعة عشر وزارة في تلك الحقبة فإنه كان قد شارك كوزير للدفاع أو الخارجية في عشرة وزارات أخرى، فقد شغل وزارة الدفاع في حكومة صهره[جعفر العسكري] بتاريخ 22 تشرين الثاني 1923

و في 1 تشرين الثاني 1924 شغل منصب وزير الدفاع في وزارة صهره جعفر العسكري الثانية.

وفي 21 نيسان 1926 حاول الملك فيصل الأول إسناد منصب رئيس الوزراء إلى نوري السعيد لأول مرة، إلا أن السيد [عبد المحسن السعدون] ٍالذي كان يسيطر أعضاء حزبه على البرلمان أبلغ الملك فيصل أن أعضاء حزبه لا يستطيعون منح ثقتهم لنوري السعيد، مما اضطر الملك إلى تكليف السيد [ توفيق السويدي] بتأليف الوزارة بدلاً من نوري السعيد. (3)

وفي 18 تشرين الثاني 1929 شغل نوري السعيد منصب وزير الدفاع في وزارة السيد [ ناجي السويدي ] التي أعقبت وزارة السيد عبد المحسن السعدون الذي انتحر في 13 تشرين الثاني من نفس العام .

وفي 20 آذار 1933 شغل نوري السعيد وزارة الخارجية في وزارة السيد [رشيد عالي الكيلاني ] .

وفي 9 أيلول 1933 شغل نوري السعيد وزارة الخارجية في وزارة [رشيد عالي الكيلاني]الثانية في أعقاب وفاة الملك فيصل الأول، وتسلم الملك غازي زمام الحكم.

وفي 9 تشرين الثاني شغل السعيد وزارة الخارجية، ووكالة وزارة الدفاع في وزارة السيد [ جميل المدفعي ] الأولى.

وفي 25 آب 1934 شغل السعيد وزارة الخارجية في وزارة السيد [جميل المدفعي ] الثانية.

وفي 29 كانون الثاني 1953 شغل السعيد وزارة الدفاع في وزارة السيد [جميل المدفعي] الثالثة .

لقد لعب نوري السعيد خلال سنوات حكمه دوراً خطيراً في حياة البلاد، وكان سيفاً مسلطاً على رقاب الشعب العراقي حيث استهان بالدستور العراقي، وسلب منه كل الحقوق والحريات التي تمس حياة المواطنين، والتي نص عليها ذلك الدستور، ومنها حرية التنظيم الحزبي والنقابي وحرية الصحافة والنشر، وسائر المنظمات الديمقراطية والجمعيات وحتى النوادي العامة، وتلاعب في انتخابات مجلس النواب، وتزوير إرادة الناخبين باستمرار لضمان الإتيان ببرلمان ينفذ إرادته ومخططاته، وعمد مرات عديدة إلى حل المجلس النيابي واستغلال الوضع بإصدار المراسيم المنافية لنصوص الدستور، والمقيدة لحقوق وحريات المواطنين، وأعلن الأحكام العرفية لمرات عديدة ولفترات طويلة، ومارس حكماً قمعياً في حالات عديدة انتفض فيها الشعب العراقي احتجاجاً على سياسات الحكومات المتعاقبة، كما حدث بعد مقتل[ بكر صدقي] الذي قاد انقلاباً عسكرياً عام 1936، وتنكيله برجالات الانقلاب كان من بينهم رئيس الوزراء حكمت سليمان والعديد من الوزراء وكبار شخصيات الدولة، ومارس تلك السياسة الانتقامية بعد أحداث 2 أيار 1941 عندما قام رشيد عالي الكيلاني بحركته الانقلابية بمساعدة العقداء الأربعة[ قادة الجيش] والذين كان قد استخدمهم نوري السعيد نفسه عندما دبر انقلاباً على وزارة[ يسين الهاشمي] وقد نكل السعيد بالعقداء الأربعة حيث تم إعدامهم وعلق جثثهم في ساحات بغداد بعد أن احتل البريطانيون العراق من جديد واسقطوا حكومة الكيلاني، كما نكل بالعديد من الشخصيات السياسية التي اتهمها بالمشاركة في حركة الكيلاني الانقلابية وأودعهم السجون، ونفى البعض منهم .

كما مارس سياسته الإرهابية تجاه الشعب العراقي أبان وثبة كانون المجيدة عام 1948، ووثبة تشرين المجيدة عام 1952، وانتفاضة الشعب عام 1956 أبان العدوان الثلاثي على مصر الشقيقة واحتجاجاً على مواقفه من ذلك العدوان، وشماتته بالرئيس المصري جمال عبد الناصر.

ورغم كل المذكرات التي كان قد رفعها إلى الوصي عبد الإله كل من السيد كامل الجادرجي رئيس الحزب الوطني الديمقراطي، والسيد محمد مهدي كبة رئيس حزب الاستقلال حول السياسة المعادية لمصالح الشعب والوطن التي يتبعها نوري السعيد، والتي تهدد مصير الكيان العراقي لما تسببه من تراكم للسخط الشعبي، إلا أن عبد الإله صم آذانه عن سماع تلك النصائح، وأوغل في معاداة القوى السياسية الوطنية حتى وصل الأمر إلى إعدام قادة الحزب الشيوعي يوسف سلمان [ فهد ] وزكي بسيم [حازم ] ومحمد حسين الشبيبي [ باسم]عام 1949 ،وملأ السجون بخيرة الوطنيين الساعين إلى حرية واستقلال العراق الحقيقي، وأغلق كافة الصحف والمجلات، وألغى جميع الأحزاب والجمعيات والنوادي وانتهى به المطاف إلى الحكم على السيد كامل الجادرجي بالسجن والنفاذ إمعاناً باضطهاد الشعب وقواه السياسية الوطنية، وكان هذا السلوك المعادي للديمقراطية، وحقوق الإنسان الذي مارسه الثنائي نوري السعيد وعبد الإله عاملاً حاسماً في انفجار الغضب الشعبي، والعناصر الوطنية في قواتنا المسلحة في ثورة الرابع عشر من تموز 1958 بقيادة الزعيم الوطني عبد الكريم قاسم، وكانت ثورة خاطفة أنهت النظام الملكي خلال ساعات، وأعلنت قيام النظام الجمهوري.

وقبل الولوج في صلب الدور الذي لعبه نوري السعيد وإجراءاته المنافية للدستور،واضطهاده لحقوق وحريات الشعب العراقي،لا بد وأن نقدم نبذة عن حياته بادئ ذي بدء،وعلاقته بالملك فيصل الأول وبالبريطانيين، وصعود نجمه بين سائر الشخصيات السياسية التي لعبت دوراً بارزاً في تلك المرحلة .

من هو نوري السعيد؟ . ولد نوري السعيد عام 1888ميلادية في بغداد، من عائلة من الطبقة الوسطى (1) ،حيث كان والده يعمل مدققاً في إحدى الدوائر في العهد العثماني، وهو من الطائفة السنية، وقد درس السعيد في الأكاديمية العسكرية في اسطنبول، وتخرج برتبة ملازم في الجيش العثماني، كما درس في كلية الأركان وتخرج منها، وانظم إلى مجموعة الضباط [الشريفيين] الذين التحقوا بالثورة العربية ضد الحكم العثماني بزعامة الملك [حسين بن علي] ملك الحجاز عام 1916، كما انضم العديد من الضباط الآخرين إلى الملك فيصل الأول عندما تولى عرش سوريا لفترة وجيزة، حيث قدر عددهم آنذاك بحوالي 300 ضابط ومدني واحد هو السيد [رستم حيدر] وهو مدير مدرسة سابق من بعلبك في لبنان.

لكن القوات الفرنسية أسقطت نظام حكم الملك فيصل وطردته من سوريا، وقرر البريطانيون فيما بعد تنصيبه ملكاً على العراق، وقد رافقه الضباط الشريفيون عند انتقاله إلى العراق، وكان من بينهم [نوري السعيد ] و [جعفر العسكري ] و[علي جودت الأيوبي ] و[جميل المدفعي] و[ياسين الهاشمي] وأخيه [ طه الهاشمي ] و [تحسين العسكري ] و[ شاكر الوادي] و[علي جودت الأيوبي]، وقد شغل هؤلاء جميعاً مناصب عليا في الدولة العراقية من بينها رئاسة الوزارات، واتخذ الملك فيصل ابن الحسين السيد [رستم حيدر ] سكرتيراً خاصاً له وأمين أسراره، ورافقه حتى وفاته وتقلد العديد من المناصب على عهده كان أهمها رئاسة الديوان الملكي ووزارة المالية.

ورغم أن هذه المجموعة من الضباط الشريفيين كانوا من الطبقة الوسطى الدنيا، باستثناء عدد قليل منهم، لكنهم بمرور الزمن قد تملكوا الأراضي الزراعية من الدولة، وبذلك أصبحوا من طبقة الملاكين وكونوا لهم روابط قوية مع عائلات الطبقة العليا في المجتمع. (2)

لقد كان واضحاً لكل المؤرخين والمتتبعين أن الأمير فيصل لم يكن له حضاً في حكم العراق لولا الدعم البريطاني، ومجموعة الضباط الشريفيين، فقد كان هناك العديد من الشخصيات العراقية التي كانت ترى نفسها أحق من الملك فيصل في حكم العراق، وكان من أبرزهم السيد [عبد الرحمن النقيب] والسيد [ طالب النقيب ]ً الذي أعلن صراحة أنه أحق من فيصل [الغريب] في حكم العراق، وقد اتخذ المندوب السامي قراراً بنفي السيد طالب النقيب إلى سيلان في 16 نيسان 1921، بعد أن وجد أنه يمثل خطورة كبيرة على المشروع البريطاني بتنصيب الأمير فيصل ابن الحسين بن علي ملكاً على العراق.(3)

كان الملك فيصل أكثر اعتماداً على نوري السعيد من أي من الضباط الشريفيين الأوائل، حيث كلفه في بادئ الأمر مهمة بناء جهازي الشرطة والأمن، وبوأه منصب مدير الشرطة العام، وقد عمل السعيد جهده لتعيين أصدقائه ومناصريه من الضباط الشريفيين الأوائل في المناصب الحساسة بهذا الجهاز.(4)

كما عين الملك فيصل نوري السعيد نائباً للقائد العام للقوات المسلحة عندما باشر في تكوين الجيش العراقي، حيث يكون الملك عادة هو القائد الأعلى للقوات المسلحة بموجب الفقرة الثامنة من المادة 26 من الدستور. كما أشغل السعيد كما أسلفنا وزارة الدفاع في أغلب الوزارات، وكان بحكم منصبه كنائب للقائد العام مشرفاً على عمل وزارة الدفاع في كافة الوزارات التي لم يكن يشغل فيها الوزارة المذكورة، وقد حرص السعيد على جمع أكبر عدد من الضباط الشريفيين القدامى في الجيش الوليد، وبوأهم أعلى المناصب فيه بحيث وصل عددهم إلى 12ً من أصل 19 من الضباط ذوي الرتب العالية.(5) .

لقد مكنت هذه المناصب نوري السعيد من زيادة وتعاظم نفوذه السياسي في البلاد لدرجة أوصلت العديد من الشخصيات السياسية إلى القناعة من أن نوري السعيد قد أصبح من العسير اقتلاعه، فقد كان يتميز بعلاقاته الواسعة، واختلاطه برجال المجتمع، وإخلاصه لأصدقائه، وكان يتميز بالحيوية والنشاط، فقد وصفه السيد [توفيق السويدي ] بأنه شخص واسع الحيلة، يقضاً بشكل غير معتاد استطاع بدهائه أن يصبح في منتصف العشرينات اليد الطولى للملك فيصل عملياً. (6)

كما شبهه السيد[ طالب مشتاق] بكرة الثلج التي تكبر وتكبر باستمرار، أي يكبر نفوذه باستمرار، وكان السياسيون يخشون أحابيله ومؤامراته، حيث كان لا يتوانى عن القيام بأي عمل إذا كان ذلك العمل يحقق طموحه السياسي، ويوصله إلى أرفع مراكز السلطة لدرجة جعلت منافسيه من السياسيين يخشونه، ويشعرون منه بالرعب، فقد كان باستطاعته أن يدبر بكل سهولة اغتيال معارضيه، فقد دبر عملية اغتيال السيد[ توفيق الخالدي] وزير الداخلية في 25 شباط 1924، وكان للخالدي ميولاً معادية لدور الضباط الشريفيين، وسعى لتقليص دورهم في إدارة أمور البلاد، وقد تم اغتياله على يد شخصين من أزلام نوري السعيد هما كل من [ شاكر القرةغلي] و[ عبد الله سرية ] بتحريض منه شخصياً، وقيل أن الملك فيصل وجعفر العسكري كانت لهم يد في عملية الاغتيال بدعوى أن توفيق الخالدي كان من أنصار النظام الجمهوري.

لكن الحقيقة أن اشتراك الملك فيصل مشكوك بها، وقد تم حشر اسم الملك من أجل طمس أسم المدبر الحقيقي للاغتيال نوري السعيد. (7)

كما أن الشكوك كانت تدور حول وفاة الملك فيصل في سويسرا في 7 أيلول 1933، واختفاء مذكراته فور وفاته، فقد ثارت الشكوك حول وفاته، وكان هناك شك أن السبب الحقيقي للوفاة هو التسمم، وأن لنوري السعيد يد فيها، وقيل أن الإنكليز هم الذين كانوا وراء العملية، فقد كانوا قد أرسلوا إليه الإنذار تلو الإنذار في الفترة الأخيرة بسبب أحداث ثورة الآشوريين، وأسلوب قمعها الوحشي على يد بكر صدقي. (8)

وكانت السفارة البريطانية في سويسرا قد رفعت تقريراً يشير إلى بعض الشكوك في سبب موت الملك،وجاء في التقرير:

[ إن الموت يمكن أن يكون نتيجة التسمم بعد اختلافه مع السيدة التي كانت لها علاقة حب به!!،أو التحريض من قبل الوكلاء السياسيين].(9)

وكان نوري السعيد و رستم حيدر ملازمين للملك حين وفاته، ومما يعزز هذا الشك هو فتور العلاقة الذي حصل بين الملك فيصل ونوري السعيد في السنة الأخيرة من حكمه، على الرغم من العلاقة الحميمة التي ربطتهما ببعضهما في الفترة الماضية لدرجة أن لقاءاتهما كانت قد تباعدت، وأخذت تقل تدريجياً عن المعتاد حتى وصل الأمر بنوري السعيد إلى أن يسرَّ في أذن مسؤول كبير في وزارة الخارجية البريطانية عام 1933بقوله :

{ لن اعد أتحمل مرة أخرى مسؤولية رئاسة الوزارة طالما بقي الملك فيصل على عرش العراق}. (10)

أما ملابسات قضية مقتل الملك غازي فإن كل الدلائل كانت تشير إلى عملية اغتيال مدبرة من قبل البريطانيين، وأن من خطط لتنفيذها كل من نوري السعيد وعبد الإله، كما سيرد ذلك في حينه فيما بعد. استمر نجم نوري السعيد بالصعود حتى تبوأ منصب رئيس الوزراء لأول مرة بتاريخ 23 آذار 1930، بإيعاز من السفارة البريطانية لكي ينفذ لهم أخطر مهمة ناءَ بحملها الآخرين من رجال السياسة، إلا وهي توقيع معاهدة عام 1930 التي ربطت العراق بعجلة الإمبريالية البريطانية لزمن طويل، وسأتناول هذه المعاهدة والإجراءات التي اتخذها نوري السعيد في وزارته الأولى، وردود الفعل التي أحدثتها لدى الرأي العام العراقي بوجه عام، ورجالات الدولة البارزين بوجه خاص في الحلقة الثانية .   حامد الحمداني – مفكر حر

التوثيق:

توثيق الحلقة الأولى

(1) لعراق ـ الكتاب الأول ـ ص 356 ـ حنا بطاطو .

(2) نفس المصدر السابق .

(3)تاريخ الوزارات العراقية ـ الجزء الأول ـ ص 38 ـ عبد الرزاق الحسني

(4)العراق ـ الجزء الأول ـ ص 369 ـ حنا بطاطو .

(5)نفس المصدر السابق .

(6)المصدر السابق ـ ص370

(7) تاريخ الوزارات العراقية ـ ج1 ـ ص 196 ـ عبد الرزاق الحسني

(8)نفس المصدر ـ ص 310

(9)نفس المصدر ـ الجزء الثالث ـ ص 309 . الحسني.

(10)العراق ـ ج1 ـ ص 372 ـ حنا بطاطو

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر | Leave a comment