المجرم بشار اللأسد ينكر وجود الشعب الصيني

أجاب المجرم الهبيلة بشار الأسد على سؤال لمراسلة صحيفة “صنداي تايمز” البريطانية حول سقوط أكثر من 70 ألف قتيل في البلاد، بأن طالب الصحفية  بمعرفة أسماء القتلى حتى يتم تحديد كيف ماتوا,…  وعندما حاولت الصحافية إعادة  ابن الستين انيسة  المجرم بشار الأسد  للإجابة عن سؤالها بعد أن تهرب من الإجابة عنه، وذلك عبر الحديث عن مشاهدتها طفلا في السابعة من عمره في أحد مخيمات الأردن، فقد يده وساقه وخمسة من رفاقه في قصف على الحراك بدرعا، أجاب ابو براميل المجرم بشار الاسد  بالسؤال “هل هو سوري؟” وأردف بالسؤال ما هو اسمه؟

Posted in ربيع سوريا, كاريكاتور | Leave a comment

النازيون الجدد في السعودية!

تعطي معظم دول العالم ابناءها امتيازات لا يحظى بها من يحمل جنسية اخرى على أرضها. ذلك من حقها شرط ان لا تحرض تلك الامتيازات على استعداء الآخرين أو التقليل من شأنهم.

هذا للأسف ما يحدث في السعودية أحيانا، وهي التي يفترض انها اصل الرسالة التي تجعل من التقوى مقياس الفضل بين الناس. فمنذ تطأ قدمك المطار، ستحدد هويتك طريقة التعامل معك. فإن كانت سعودية فمن أهل الدار أنت. تقف في طابور خاص بك، وتحصل من موظف الاستقبال على نصف ابتسامة.

تدخل أي دائرة حكومية بهويتك السعودية وكأنك قائد عسكري. وبها تقابل اي مسؤول، بل وتشتكيه ان شئت. ستضمن تلك الهوية ان تتنقل اينما شئت وكيفما شئت دون كفيل أو سيد يحدد لك ما تأكل وما تشرب وأين تتحرك ومن تهاتف. تلك الهوية ستضمن لك ابتسامة جندي لا يجيد قراءة اسمه، وسائق تاكسي يكيل التهم بأريحية للأجانب.

إن لم تكن تملك تلك الهوية فاعكس الصورة تماما.

“أجنبي.. أجنبي” قالها أحدهم بهياج لرجل وقف دون أن يدري في طابور السعوديين في المطار. ثم اشار له بغير تأدب ان يقف في ذيل طابور يمتد حتى حدود الهند خاص بالأجانب.

“اجنبي وتقف هنا.. إذهب وأت بكفيلك” قالها موظف حكومي أمام عيني لرجل، غير سعودي، يراجع معاملة له في دائرة حكومية غير سيادية. حتى في القضاء لن يكون للشاهد المسلم حق الشهادة ان لم يكن “سعوديا”، وكأنما هي السماء لا تقبل سوى شهادة السعوديين!

عشت 16 عاما في بريطانيا لا أذكر ان احدا سألني ذات يوم عن جنسيتي، أو طلب اثبات هويتي سوى عند فتح حساب بنكي. واليوم اعيش منذ ثمانية اعوام في دبي ولم يسألني احد عن بطاقة هوية إلا في الاجراءات المالية. لكن في زيارة واحدة الى السعودية، لم تدم اكثر من ستة ايام، قدمت بطاقتي الى اكثر من سبعة اشخاص اشترطوا رؤيتها قبل ان يسمحوا لي بدخول دائرة حكومية او الحصول على شريحة هاتف.

هناك نظرة تزداد تطرفا في المجتمع السعودي تجاه كل ما هو غير سعودي. لعل الوضع الاقتصادي العام، والبطالة، وأسباب لها علاقة بالتربية والسلوك، كلها تحرض على هذا التصاعد الكبير في رفض الآخر الذي كان دوما هو المساهم في البناء لا الهدم.

وللأسف فقد ساهمت في الأمر مبالغة بعض المؤسسات الحكومية الرسمية في حصر التعامل معها على السعوديين وحدهم، فلا يراجعها الا سعودي، ولا يتقدم لها الا سعودي، كما لو أن كل دائرة حكومية هي سر من أسرار الوطن.

الإعلام المحلي وبعض الكتاب تحديدا بالغوا في تصوير الأجانب وكأنهم سبب كل مشكلة في الوطن. فهم الطامعون به، واللا مبالون بأمنه، ويستشهدون بحادثة او اثنتين، ويتناسون الف حادثة المدان فيها سعودي لا أجنبي.

عندما حدثت فيضانات جدة قبل ثلاثة اعوام كان من مات وهو ينقذ أربعة أرواح سعودية رجل باكستاني لا سعودي. لماذا نصور الأجانب على أنهم اشرار إذا؟

النظر الى الآخر على انه يهدد هويتنا، ويطمع في ثروتنا آمر خاطئ. فما مصلحة الآخر ان يهدد هويتنا؟ ثم لماذا نفترض ان العالم فقير بمجمله ووحدنا الأغنياء المطموع بهم؟

التواصل مع الآخرين بصرف النظر عن هوياتهم ودياناتهم وغناهم او فقرهم، اصبح عماد الحياة الاقتصادية والاجتماعية والانسانية ككل. لأ احد يريد ان يجردنا من ثقافتنا لأن الثقافة ليست عقالا نلبسه أو نلقي به. والآخر ليس خصما يريد تدميرنا لأننا جزء من منظومة هو طرف فيها.

الوطنية شيء جميل ومطلوب، لكن المبالغة فيها ستخلق جيلا عنصريا يرفض الأخر، ثم يعاديه دون سبب سوى انه غير سعودي. وإن استمر الوضع هكذا، دون حملة تثقيف جادة، فقد لا يمضي وقت طويل قبل ان نقف امام ثلة من النازيين الجدد بهوية سعودية.

 المصدر ايلاف 

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا | Leave a comment

الناجحات لسن ساقطات

فيصل عباس: العربية

كان الأحد الماضي يوماً تاريخياً بحقّ في المملكة العربية السعودية، حيث عقد مجلس الشورى الجديد أولى جلساته بحضور ثلاثين عضوة معيّنة في سابقة هي الأولى من نوعها.

 فبفضل المرسوم الملكي الذي أصدره الملك عبدالله بن عبدالعزيز في أول هذا العام بات مكان المرأة محفوظاً للأبد، شأنها شأن الرجل، في إسداء النصح للحكومة في العديد من الأمور ذات الأهمية، وتحوّل مجلس الشورى من نادٍ خاص للرجال إلى مجلس يمثل النصف الآخر من المجتمع كذلك.

 وبينما رحّب معظم السعوديين بهذا الإنجاز التاريخي، قوبل تنفيذ القرار بقدر من الامتعاض من قبل البعض، وقد ظهر هذا في تغريداتهم على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” والذي قاموا من خلاله بتوجيه إهانات جارحة للسيدات المُعّينات حديثاً في مجلس الشورى.

 كان مؤلماً رؤية أشخاص يصفون نخبة من أكثر الأكاديميات والمهنيات السعوديات تميزاً وإنجازاً بـ”الساقطات” و”حثالة المجتمع”. فمثل هذه الألفاظ سيئة بما يكفي حين تصدر عن شخص غير متعلّم أو عديم التربية، لكنها تصبح في غاية السوء حين تصدر عن مشايخ وعلماء دين يفترض أن دورهم هو نشر قيم التسامح والاحترام والرحمة.

 حثالة المجتمع

 أحد مستخدمي “تويتر” الذي لجأ لهذا النوع من الإساءة هو الدكتور أحمد آل عبدالقادر، وهو من منسوبي وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، فقد كتب مغرداً: “زعموا استغفال المفتي بعرض الساقطات لإضفاء الشرعية عليهن، لستُّ بالخبِّ ولا الخبُّ يخدعني، إلى متى الاستغفال وهدم حصون الفضيلة”.

 أثارت كلمات آل عبدالقادر ردود أفعال غاضبة ردَّ عليها قائلاً إن مَنْ هبُّوا للدفاع عن عضوات مجلس الشورى لم يفعلوا نفس الشيء حين تمّت الإساءة لله – عز وجل – ورسوله محمد (صلى الله عليه وسلم).

 وقبل ذلك، هاجم الشيخ ناصر العمر، وهو عالم دين سعودي مثير للجدل بدوره، قرار تعيين سيدات في مجلس الشورى مغرداً: “المقدمات الفاسدة تؤدي إلى نتائج فاسدة”، كما ومحذراً على “تويتر” مما سمّاه “التغريب”.

 أما الدكتور صالح الصقير، وهو محاضر سابق بجامعة الملك سعود، فكتب في تغريدة متسائلاً: “سفيهات مجلس الشورى يمثلن المجتمع؟ لا والله. بل هنَّ حثالة المجتمع وسقط المتاع، إلا من رحم ربي”.

 ولم يكن هذا التصريح الوحيد المثير للجدل الذي أصدره الصقير، وهو ليس رجل دين بل طبيب اشتهر بآرائه المتشددة، فقد طالب في العام الماضي بالفصل التام بين الطلبة والطالبات في كليات الطب.

 قذف المحصنات

 في الصيف الماضي وافقت لاعبة الجودو وجدان شهرخاني والعداءة سارة عطار على أن تصبحا أول فتاتين سعودتين تشاركان في دورة الألعاب الأولمبية.

 وكانت موافقة هاتين الفتاتين التي تم الوصول إليها في آخر لحظة سبباً في إنقاذ المملكة العربية السعودية من أن يتم استبعادها نهائياً من الأولمبياد، حيث أصرت اللجنة الأولمبية الدولية على أن يكون التمثيل النسائي شرطاً لكافة الدول المشاركة.

 وعلى الرغم من افتقار وجدان وسارة للخبرة التي تمكنهما من الفوز في إطار منافسة دولية إلا أنهما وافقتا على المشاركة تلبية لنداء الوطن.

 إلا أن المفاجأة كانت هي أنه بدلاً من أن تنهال رسائل المدح والشكر للرياضيتين السعوديتين، كان للفتاتين نصيبهما من التصريحات المهينة بشكل لا يختلف كثيراً عما حدث مع عضوات مجلس الشورى في الأسبوع الماضي.

 وفي ذلك الوقت تعهّد والد وجدان، وهو أيضاً مدربها في لعبة الجودو، بمقاضاة كلِّ من شكك في أخلاق ابنته ذات الستة عشر عاماً.

 وكلاعبة جودو محترفة، فمن المرجح أن الطريق حافل بالمنازلات التي على وجدان أن تفوز بها، إلا أن مثل هذه الدعوى القضائية ستكون بلا شك “أم المعارك” بالنسبة لها ولسائر النساء السعوديات اللاتي يشرفن بلادهن بإنجازاتهن.

 وفيما لا يتوقع المرء أن يتصرف جميع الأفراد في مجتمع ما بنفس الطريقة أو أن يدعم الجميع بالضرورة إنجازات المرأة السعودية، لكن هذا لا يبيح التشويه العلني والإهانات التي شهدناها.

 ومما لا شك فيه أن خوض المعركة ضد التشهير سيتطلب صبراً ومثابرة، حيث إنها ستتطلب إجراءات أكثر وضوحاً وتطبيقاً أكثر حزماً، ربما تحت إشراف لجنة متخصصة.

 وبما أن المرأة بات لها مكان وصوت في مجلس الشورى، فيجب على العضوات الجديدات دراسة الأمر وتقديم الاقتراحات الملائمة للحكومة كي يتم تجريم التشهير ومعاقبة فاعليه.

 ومما لا شك فيه أن ما سيساعدهن هو أن أحكام الشريعة واضحة وصارمة في ما يخص “قذف المحصنات”، وكذلك في المساواة بين الجميع في ما يخصّ تطبيق تلك الأحكام التي لا تميّز بين عالم دين وغيره.

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

نظرت إِلَيها وَهيَ بَيضاء تبهجُ

نظرت إِلَيها وَهيَ بَيضاء تبهجُ بخدٍّ به ماء الصِّبا يَتموَّجُ

وفرع غُدافيّ يزين سواده جبين وقاه اللَه كالحق أبلج

نظرت اليها وَهيَ تعطو كأَنَّها غَزال بمخضلٍّ من الروض يمرج

عَلى صدرها نهدان قاما أَمامها وَمن خلفها أَردافها تترجرج

وَتحسب ماسَ القرط نار حباحب عَلى متلع من جيدها تَتَوَهَّج

ولا صبر حتى يمسك القرط رجفة بآذانها أو قلبي المتهيج

وَقَد خرجت من دارها للبانة فأَحسست منها أَن روحي تخرج

مشت وَمَشى قَلبي المُتَيم خلفها يقبِّل آثار الخطى حيث تنهج

لها وهي أدرى العالمين بحالتي هوى في فؤادي ناره تتأجَّج

أريد إذا قابَلتها لأبثها غَرامي بها لكنني أَتلجلج

تمنيت يا لَيلى وَهَل تنفَع المنى لَو اَنَّ حياتي في حَياتك تمزج

فنحيا جميعاً في بُلهنيةٍ ولا رقيبٌ علينا يستفزُّ ويزعج

‎جميل صدقي الزهاوي (مفكر حر)؟

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

نادين البدير: انسوه واغفروا

ردود فعل العالم الإسلامي تصيبني بالخوف… منطقتنا صارت موحشة ومرعبة، أقدام أناسها تغوص في الهمجية. أقدامهم تغوص في عقول طينية.

منطقتنا مخيفة. سكانها تغيروا، لم يعودوا مثل زمان. صاروا قتلى، سفاحين.

سكانها لا يسامحوا ولا يغفروا، ومفهوم الشرف انقلب مرات عدة حتى وصل لتعريف جديد ملخصه: ان كل شيء مباح مستباح في الوقت نفسه الذي علينا أن نحكم على كل شيء بصفته محرم ومنكر.

هل أدت الاستبدادية للوصول إلى هذه المرحلة المتعفنة من اللاوعي؟

أم ان الاستغراق بالنوم الطويل ينسي النائم أصول الحضارة والمبادئ السماوية.

تسلقوا على جدران السفارات والقنصليات. قتلوا، ضربوا… لأنهم شاهدوا فيلما وغضبوا. لا أحد يقبل السخرية من الأنبياء ولا الأديان ولا المعتقدات. ولا الإنسانية تقبل أن نخدش إيمان الفرد ومقدساته، لا أحد يرضى لقطات الفيلم السخيف. لكن المبادئ السماوية لا تقبل أن يتعاطى سكان المنطقة مع الحدث بهذا الشكل الهمجي.

الذي نعرفه من تاريخ السيرة النبوية أن الرسول عليه الصلاة السلام كان يغفر لمن يُسيء إليه، كان متسامحاً. لكن سكان المنطقة شوهوا سمعة السيرة، أصبح الإسلام بعين العالم مركزا للعنف. وما نعرفه من السيرة النبوية أن أهل قريش يسيئون الى الرسول عليه الصلاة والسلام وهو يمشي (تبت اياديهم)، وأنهم حاولوا قتله، وغدروا به وأنهم وأنهم… فما كان منه إلا أن غفر لهم. الشيء نفسه ستقرأه عن عيسى عليه السلام إذا ما تصفحت تعاليم المسيحية.

فمن أين أتى كل هذا الشر.

هل سيقبل الرسول ردود فعل قومه عقب الفيلم السخيف؟

هل سيقبل أن ينتحر الإسلام على أيدي أهله؟ الإهانات بين أهالي الأديان لا علاقة للأنبياء بها، حتى التصنيفات هي مدخلات لتشويه الروح الإنسانية.

والفراغ يقتل. وفي منطقتنا تمتد مساحات فراغية مهولة. الإبداعات شبه معدومة.

وكذلك الاختراعات والأحلام والآمال والطموحات، لم يبق إلا الإيديولوجيات، لكن بمعناها البشري المادي والهمجي والبعيد كل البعد عن الروحانية.

على منابر مساجدنا تطلق الدعوات على الغرب وأهل الغرب والدعوات على كل أتباع الأديان الأخرى. فكيف كانت ردة فعل أهل الغرب؟ هناك فئات متطرفة متناثرة، لكن الشارع العريض مشغول ببناء الحضارة ولا وقت لديه للرد على منبر واحد من منابرنا ذات الدعوات الشنيعة المليئة بالتطرف والكراهية. اسمعوا عددا من أغاني التطرف الموسيقي، اسمعوا ألفاظا جارحة عن سيدنا عيسى، ورغم ذلك لم نشهد أي تظاهرات وحشية تقتل وتمزق. التطرف لا يرد عليه بالمثل. بل بإهماله. انسوه لتنتهوا منه.

منطقتنا مخيفة جداً. لقد تعاطف العرب مع الثورة الليبية ضد نظام كان يقتل ويدمر، ونظرنا للثوار على أنهم مساكين يحلمون بالعدالة وبشيء من الإنسانية. لكن حين واتت بعضهم الفرصة، حين رأينا الديكتاتور الدموي بين أيديهم، حين أصبح الحكم بيدهم للحظات، أسقطوه على التراب، لم يحاكموه. لم يتسامحوا. لم يختلفوا عن القتيل.

لا تقولوا ان الثوار ليس لهم قانون. من يقول ذلك يوقع على قانون الهمجية. لا تقولوا أن الغاضب معصوم ومنزه ومن حقه الانتقام وارتكاب المجازر. لا تضيفوا تواقيع جديدة على صحيفة الهمجية.نادين البدير – مفكر حر؟‎

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا | Leave a comment

توثين الصلاة.. وإغفال الزكاة لحساب من؟

الصلاة والزكاة في القرآن الكريم توأم أو أختان، فلا يقول القرآن “الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ” إلا ويردفها “وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ”، فهما من ناحية الفرض والوجوب سيان، ولا يمكن التفريق بينهما. وقد فطن إلي ذلك الخليفة أبو بكر عندما أعلن الحرب على الذين رفضوا دفع الزكاة وقال لا أفرق بين الصلاة والزكاة.

 وأطلق على هؤلاء في الكتابات الإسلامية اسم المرتدين. وكانوا فعلاً مرتدين، ولكن ليس ردة عقيدة لأن منهم من كان يؤمن بالله والرسول ويقيم الصلاة، ولكنهم رفضوا الزكاة، وكان هذا الرفض مبررًا ليستحقوا هذا الوصف الرهيب مرتدين.

 وطوال عهد الرسول وعهد أبي بكر وعمر كان أخذ الزكاة ممن يتوفر لهم النصاب وإعطائها لمستحقيها فرض لا يختلف عن إقامة الصلاة.

 ولكننا بعد فترة، خاصة عندما قلب معاوية بن أبي سفيان الخلافة إلى ملك عضوض، بدأنا نلمس ظاهرتين هما توثين الصلاة من ناحية وإغفال الزكاة من ناحية أخرى. ويمكن ربط علاقة جدلية عكسية بينهما، فبقدر ما يزداد الاهتمام بالصلاة بقدر ما يزداد إغفال الزكاة.

 وانتهى الأمر بعدم قيام الدولة بتحصيل الزكاة، وبالطبع عدم توزيعها على مستحقيها.

 في هذا الوقت وصل توثين الصلاة أن اعتبر من لا يؤديها كافراً. وكتبت المجلدات عن الصلاة بدءًا من الوضوء حتى التسليم. وأخذ ذلك من مسند الإمام أحمد بن حنبل سبعة أجزاء كبيرة كل جزء في أكثر من مائتي صفحة من كتاب “الفتح الرباني في ترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل”، بدءًا من الوضوء ثم أبواب أوقاتها والآذان والأوقات والمساجد والقبلة وحق الصلاة والركوع والسجود والقنوت والتشهد والأذكار بعد الصلاة وما يتصل بالصلاة وسجود السهو وصلاة الليل والوتر وصلاة التراويح وصلاة الضحى وصلاة الشكر والجمع بين الصلاتين وصلاة الجماعة وخروج الإنسان من المساجد والإمامة والمأمومين وموقف الإمام، ثم صلاة الجمعة وصلاة العيدين وصلاة الكسوف وصلاة الاستسقاء.. الخ .

 وبجانب هذا الإسهاب والتفصيل في أحكام الصلاة، كان هناك اتجاه مقرر يزداد جيلاً بعد جيل لتقديس الصلاة وضروراتها وأنها الفرض الذي لابد منه للإنسان حتى وهو مريض ولو كان يحتضر، إذ يستطيع أن يصلي برموش عينيه.

 كما اعتبر تارك الصلاة كافراً إذا كان يعتقد عدم وجوبها، وفاسقاً يُعزّر (أي تفرض عليه عقوبة) إذا كان يتركها تكاسلاً أو إهمالاً. وقيل أنها هي العلامة بين الإيمان والكفر واستشهدوا بحديث “العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة”، وتناسوا أن ذلك إنما كان لأن الصلاة هي الشعيرة الجماعية الجهرية الوحيدة، بحيث يمكن التعرف عما إذا كان القوم مؤمنين. ومضت عملية التقديس حتى وصلت إلى مرحلة التوثين عندما قال الشيخ الشعراوي أن الطبيب إذا سمع إقامة الصلاة وكان يعمل عملية جراحية، فعليه أن يدع العملية الجراحية ويسرع للمشاركة في الصلاة. وقد أوردنا هذه الواقعة في الجزء الأول من كتابنا “نحو فقه جديد” وأوردنا اعتراضنا عليه.

 ولا جدال في أن الصلاة فريضة مؤكدة ولها صفة خاصة. ولكن هذا لا يعني أن أهميتها تَجُب القواعد والمبادئ التي وضعها الإسلام للتشريع من اعتبارات خاصة بظروف الفرد وظروف المجتمع، وما أوجده من قواعد “المقاصة” أو التوبة أو الاستغفار، وأن الله يغفر الذنوب جميعًا إلا الشرك.

 وفي الإسلام فروض أخري واجبة الإعمال كالجهاد، والزكاة، والصوم، والحج، فضلاً عن أن العبادات كلها إنما هي جزء من الإسلام، لأن الإسلام يتميز عن بقية الأديان بما وضعه من خطوط عريضة في الاقتصاد والسياسة والاجتماع وما تضمنه من قيم كالشجاعة والإخلاص والصدق والحرية والعدالة. وقد أدي اختزال الإسلام في العبادات لأن يكون الإسلام مرادفًا للصلاة، وأصبح السؤال الأول للتثبت من إسلام فرد ما “هل يصلي؟”، نقول إن هذا الاختزال في الوقت الذي أبقي علي الصلاة، فإنه أغفل فروضًا أخري قد يكون بعضها أهم من الصلاة.

 والمشكلة في الصلاة هي أن الأمر المحقق معها هو شكله. فالناس تركع وتسجد وتتلوا القرآن أو تسبّح.. الخ، ولكن أن تنهي الصلاة عن الفحشاء والمنكر، كما افترض القرآن ذلك، فهذا أمر لا يمكن التحقق منه وأغلب الظن أنه غير محقق بدليل التدهور العام في المجتمع الإسلامي الذي ما كان يحدث لو أمرت الصلاة المصلين وهم جمهرة المجتمع عن الفحشاء والمنكر.

 والنتيجة أن اختزال الإسلام في الصلاة جعل من الممكن التضحية بالاتفاق والصدق، والسماحة، والعدل، وكلها فضائل يمكن التثبت منها، في حين أن هذا لا يمكن في الصلاة.

 بل إن ذلك جعل من الممكن إغفال الزكاة.

 وهنا نأتي إلي القسم الثاني من هذه الكلمة أن الملك العضوض لم يجد مما يجديه أن يطبق الزكاة لأن ما سيؤخذ من مال الأغنياء سيئول إلي الفقراء، وهذا أمر لا يهم الملك العضوض. فرأى أن يغض النظر عن الزكاة ووجوبها بنص القرآن حتى يستطيع أن يثقل الناس بالضرائب التي ستصب في خانته، ولم يستطع الفقهاء أن يعترضوا.

 ونحن لا نجد توثيقًا للزكاة في أعمال الدولة الإسلامية من أواخر الدولة الأموية حتى نهاية الخلافة.

 فقد المجتمع الإسلامي الزكاة، فانعدمت بذلك الخدمات والتأمينات والضمان الاجتماعي والتكافل الاقتصادي، وهي عناصر تعد ضرورية لكل مجتمع سليم، وأصبح جمهرة الشعب يعانون الفقر المدقع ويروحون ضحايا للمرض أو الحوادث. ولولا أن عددًا كبيرًا من أفراد المجتمع آمن بالزكاة، وأصبح يقدمها بطريقته الخاصة للمحتاجين والمعوزين الذين يعرفهم لهوي المجتمع الإسلامي وتحلل.

 إن توثين الصلاة وإغفال الزكاة كانا أشبه بحدي مقص. فتوثين الصلاة أفقد الدين روحه ومعنوياته وإغفال الزكاة أفقد المجتمع تماسكه الاقتصادي.

 المطلوب الآن أمران:

الأول: وضع الصلاة موضعها، كفريضة هامة ومتميزة، ولكن لا توثن ولا تجب الفرائض الأخرى، ولا تختزل الإسلام، كما أن من يقصر فيها لا يعد خارجًا من الملة، وإنما شأنه شأن التقصير في بقية العبادات، بمعني أن عليه أن يؤدي من الحسنات وأن يستغفر الله، والله تعالي عليم به، ورحمته وسعت كل شيء، ويجب أن يعلم أن هناك من فرائض الإسلام ما يعدلها، وما يفوقها في كثير من الحالات.

الثاني: أن تؤخذ الزكاة مأخذًا جادًا، وأن ينتهي هذا الموقف المتخاذل المستسلم، الذي يقبل أن تهدر فريضة هي كما قلنا أخت الصلاة وتوأمتها فتوثن الأولي وتهدر الثانية. هل نجد في هذا العصر أبا بكر جديد “يعلنها حربًا علي النظم المرتدة التي لا توجب الزكاة”؟ ثم بعد هذا توضع لها الترتيبات التي تكفل تحصيلها ثم تكفل إنفاقها في مصارفها وهي بالاختصار كل حالات المرض والبطالة والعوز وكفالة الاحتياجات الأخرى. ومن الضروري أن يجري التطوير اللازم الذي يتلاءم مع ظروف الحياة، وأن لا نأخذ بما ذهبوا إليه في تحديد النصاب أو طريقة التطبيق. فالزكاة واجبة علي كل فرد يجاوز المستوي الاقتصادي الذي تحدده الدولة، تبعًا لاختلاف الأوضاع الاقتصادية، والذي يحقق الحياة الكريمة، من دخل وما يبقي بعد ذلك من مال وأملاك.. الخ، بعد ذلك تؤخذ عليه الزكاة.

وتفاصيل هذا هو مما يضيق به مجال مقال وما يستحق كتابًا. 

نقلا عن جريدة الراية القطريةجمال البنا – مفكر حر

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا | Leave a comment

راقصات في الحكومة العراقية

في الحكومة العراقية مسؤولون يتحينون الفرصة ليكونوا راقصين ام راقصات،لايهم، وفي أي مكان.

والكثيرون من رواد الملاهي الليلية يعرفون ان الراقص او الراقصة لايظهر او لاتظهر الا في كامل الزينة ليلا والسبب معروف،خصوصا اذا علمت ادارة الملهى ان ضيوفا كبار سيشّرفون ملهم، اما في الصباح فالله وحده يعلم بأي وجه يطلعون في الصباح.

المسؤول العراقي على مر الزمان يحب بل يموت في استعراض صفاته كلها امام الجميع، فهو له مشية خاصة،ملابس خاصة، نغمة صوت خاصة،وايماءة من اليد خاصة.

اما اذا اريد لهذا الاستعراض أي”الشو اوف” ان يكون امام الضيوف الأجانب فيجب ان يكون ساحرا في كل شيء،فهو يبدأ بالكرم الحاتمي مرورا بالاكل الحاتمي وانتهاءا بالابتسامات التي تملأ الجيوب حين المغادرة.

كتبت مرارا عن بغداد التي ظلت تطفو على ماء المجاري سنوات طويلة ولكن الجان”شبيك لبيك” ازاح عنها ذلك عندما ارادوا استضافة مؤتمر عدم الانحياز حتى بات الناس يتوسلون بالغالي والرخيص ان يجدوا قطرة ماء “تايهة” بالشوارع.

وهاهي امانة العاصمة تقرر امس زراعة 50 ألف شتلة استعدادا لأقامة فعاليات بغداد عاصمة الثقافة العربية.

المضحك المبكي ان الخبر يقول ان الامانة شددت على ضرورة التنسيق مع دائرة ماء بغداد لمعالجة شحة الماء الصافي.

ماذا يعني ذلك؟ هل يعني ان امانة العاصمة تريد ان تقول ان بغداد عاصمة للخضرة والماء الصافي والوجه الحسن؟ واذا صح ذلك فيالبؤس ما يفكرون فيه.

نقطة نظام:طالبت مناطق واقعة خلف المخيم الحسيني من دائرة البلدية بنصب حاويات للازبال في مناطقهم لان مناطقهم تعاني تراكم النفايات والحشرات تصول وتجول في اجواء المنازل!

ونقل الأهالي شكاواهم نطلب الحاويات ولكن لا آذان صاغية ولا احد يعي مايعانيه سكنة هذه المناطق التي تكاد النفايات تزكم الانوف والذباب تصول وتجول في اجواء المنازل!.

الآ تعتقدون ان سكّان هذه المناطق بطرانين؟ لماذا يطالبون بحاويات الزبالة وهناك 50 ألف شتلة زراعية ستحيط بغداد ومن ضمنها مناطقهم؟.

ايهما افضل الزبالة ام الزهور والورود؟.

أما سمعتم ماصرح به وكيل امانة بغداد لشؤون البلدية نعيم الكعبي امس حين قال” ان الامانة وجهت جميع دوائرها البلدية بغسل وتنظيف الشوارع وتخطيطها وتهيئة الساحات بمصاطب جلوس مع اعداد خطة متكاملة للحفاظ على الشوارع”.

شفتم ياسكان المخيم الحسيني؟.

المسؤولون يغسلون الشوارع، أي انهم تعدوا مرحلة حاويات الزبالة التي اصبحت من العهد الفيكتوري.

تعيش الثقافة يا تعيش التي من اجلها يغسلون الشوارع ويضعون المصاطب لأاراحة الجمهور في الشوارع العامة.

ويبدو ان امين بغدادعبد الحسين المرشدي مشغول بالأستنكار والتنديد خصوصا وان بيانه الأخيرقبل ايام فقد قال” ان “امين بغداد يستنكر ويدين بشدة التفجيرات الاجرامية التي استهدفت المواطنين الابرياء في مدينة الكاظمية المقدسة وخلفت عددا من الشهداء والجرحى”.

ليرحمك الله ياصابر العيساوي فقد كنت على الاقل لاتدين ولا تستنكر بل تعمل من اجل جيبك بصمت، اما هؤلاء فقد ارادوا ان يمسكوا البطيختين في يد واحدة.   تواصل مع محمد الرديني فيسبوك

Posted in الأدب والفن, فكر حر | Leave a comment

الهر وكذبة نيسان

استدعى محافظ كربلاء جميع وسائل الاعلام ومن جميع انحاء المعمورة ، وقال الناطق الرسمي باسمه في خطاب الدعوة بان هناك مفاجاة اعلامية سوف يطرحها المحافظ وستكون الاولى من نوعها في العالم مشيرا الى ان المحافظ يتمتع بذكاء خارق لامثيل له.

وخلال المؤتمر الصحفي اعلن المحافظ السيد المهندس امال الدين مجيد الهر بان عدد الزوار الذين قدموا الى كربلاء بمناسبة زيارة الاربعين بلغ 18 مليون شخص.

وقام الناطق الرسمي الذي كان حاضرا المؤتمر من على كرسيه مطلقا هلهولة صاحبها هتاف بالروح بالدم نفديك ايها الهر.

واجمع الصحفيون على ضرورة الاستعانة بخبراء الحسابات الالكترونية للتاكد من هذا الرقم الا صحفيا واحدا لم يتفق مع زملائه وكتب الخبر بالصيغة التالية:

اعلن محافظ كربلاء بان هذا اليوم ،يقصد امس، هو الاول من نيسان وهو اليوم الذي يحتفل فيه سكان الكرة الارضية باطلاق كذبة نيسان .

وحاول جمع من الصحفيين ردع السيد المحافظ عن هذا القرار الا انه صاح بهم قائلا ” اخبروني عن اية مدينة بالعالم تستقبل 18 مليون شخص خلال 40 يوما وانا مستعد للتنازل عن قراري”.

وحين احتار الصحفيون في الاجابة صاح المحافظ مرة ولكن باستهزاء هذه المرة:

شفتوا اخوان.. تدعون انكم تنتمون الى صاحبة الجلالة وظهر انها لاتنتمي اليكم ،والان توكلوا على الله وروحوا كتبوا الخبر وعندي جائزتين عينية ونقدية لاحسن خبر.

وذكر الصحفي المعارض بان بلدية المحافظة استنفرت الاجهزة الامنية وجميع طلاب المدارس من ضمنهم طلاب الروضة لرفع:

18 مليون علبة بيبسي كولا وكوكا كولا وسفن اب وسينالكو

18 مليون علبة مياه غازية

18 مليون علبة كارتونية فارغة تستعمل لحفظ دجاج ( كي اف سي) المذبوح حلالا

5 ملايين حفاظة اطفال

18 مليون ورق جرايد

3 ملايين كيس ورقي مع صحون بلاستيكيةه

واختتم الصحفي خبره بالقول:

فعلا لاتوجد مدينة بالعالم وخصوصا المدن المقدسة تحوي هذه الاطنان من الزبالة علما بان محافظة كربلاء جاء تسلسها الاخير في تقديم الخدمات من بين محافظات العوراق العظيم.

هل رايتم احسن من هذا الكذب وروعته خصوصا وانه يقال في مدينة مقدسة على لسان اعلى مسؤول فيها.

اللهم احفظ لنا جميع المسؤولين الكاذب منهم والصادق وادخلهم المدخل الحسن .

امين.

فاصل مثقف: بمناسبة اختيار بغداد عاصمة الثقافة العربية صرح نعيم الكعبي وكيل امانة العاصمة لشؤون البلديات بما يلي ( بس بعد ماتقراون التصريح صلوا ركعتين دعاءا للسيد الوكيل ادام الله ظله:

قال أن “التوجيه شمل تحديد وتهيئة أماكن محددة لرمي النفايات وتوزيع الحاويات البلاستيكية وأكياس النفايات”، مشيراً إلى أن “التوجيه شمل القيام بإدامة الجزرات الوسطية والاهتمام بالمزروعات، إضافة إلى الاهتمام بساريات الأعلام والنصب والتماثيل وغسلها باستمرار وصيانة الطرق وطلاء الأرصفة”.

العتب مو عليكم وانما على منظمة اليونسكو صاحبة هذا القرار.

يالله على الاقل راح تصير بغداد نظيفة لاربعة ايام وسيتنفس تمثال الرصافي الصعداء تواصل مع محمد الرديني فيسبوك

Posted in الأدب والفن, فكر حر | Leave a comment

نوري السعيد رجل المهمات البريطانية الكبرى 5\16

أولاً: وفاة الملك فيصل الأول في ظروف غامضة:

في الأول من أيلول 1933، وصل الملك فيصل إلى العاصمة السويسرية برن ] طلباً للاستشفاء، وكان الإعياء بادياً عليه، حيث نزل في فندق

[bellevue]

المطل على نهر[ الآر]،وهناك بدأ الملك رغم وضعه الصحي المتعب يستقبل مراسلي الصحف، والعديد من الأصدقاء، ويدلي بتصريحاته محاولاً الرد على الدعايات المضللة الموجه ضده، وضد العراق وحكومته على أثر الأحداث التي رافقت ثورة الآشوريين.

كان القلق والانفعال باديين على وجه، وتميزت تصريحاته بشدة اللهجة وكان يضرب بيده على الطاولة بقوة وهو يتحدث مع الصحفيين، فقد كان قد تلقى سيلاً من التهديدات من الحكومة البريطانية بسبب قمع الحكومة العراقية، ونائب الملك [الأمير غازي] للحركة الآشورية، وقد طالبته الحكومة البريطانية بالعودة فوراً إلى بغداد، وأخذ زمام الأمر بيده وإلا فسوف يتعرض لنتائج وخيمة!!، وهذا نص آخر إنذار وجهته وزارة الخارجية البريطانية إليه:

{ إن استمرار الحركات العسكرية ضد الآشوريين، وإصرار الحكومة على موقفها، وعدم إصغائها لأوامر جلالتكم، قد أحدث تأثيراً سيئاً لدى الرأي العام البريطاني وغيره، ولذلك فإن لم تعودوا فوراً إلى العراق وتقبضوا بنفسكم على زمام الأمور، فان الحكومة البريطانية ستضطر إلى إعادة النظر في علاقاتها العهدية مع العراق }. (1)

قضى الملك فيصل 3 أيام على تلك الحال وهو يزداد تعباً، وتزداد صحته تردياً. و في 7 أيلول أُصيب الملك بالآم حادة في بطنه، وحضر طبيبه الخاص على عجل، وتم حقنه بحقنة تحت الجلد، حيث أحس بنوع من الراحة.

غير أن صحته تدهورت،عند منتصف الليل، وقد حضر إلى غرفته كل من [نوري السعيد ] و[رستم حيدر] و[تحسين قدري]،حيث وجدوه وهو في حالة خطيرة يلفظ أنفاسه الأخيرة، وكان آخر ما قاله:

{ أنا مرتاح، قمت بواجبي، وخدمت الأمة بكل قواي، ليسر الشعب بعدي بقوة واتحاد}. ثم شهق شهقة الموت. (2)

وعلى الفور طّير[ نوري السعيد] و[رستم حيدر] برقية إلى الحكومة في بغداد وجاء فيها :

{ فجعت الأمة العراقية،عند منتصف الليل بوفاة سيدها وحبيبها جلالة الملك فيصل، وذلك نتيجة نوبة قلبية}!!.

وخرج التقرير الطبي بان الوفاة ناجمة عن انسداد الشرايين، وقد أثار هذا الأمر الاستغراب في وقته، حيث أن هذا الأمر لا يحدث عادة إلا عند المتقدمين في العمر، والملك لم يكن قد بلغ الخمسين عاماً من العمر.

وتم نقل جثمان الملك إلى بغداد في 14 أيلول حيث تم تشيعه في موكب رسمي، ودفن في المقبرة الملكية في الأعظمية. 

ثانياً : الشكوك تدور حول بريطانيا ونوري السعيد:

ثارت الشكوك حول السبب الحقيقي للوفاة، حيث ذكر التقرير الطبي كما أسلفنا هو انسداد الشرايين، وانسداد الشرايين كما هو معروف يسبب آلاماً شديدة في الصدر، في حين أن الملك كان قد شعر في تلك الليلة بالآم حادة في البطن، وليس في الصدر، وعليه فقد كان هناك شك كبير في أن السبب الحقيقي للوفاة هو التسمم، وقيل أن الإنكليز ونوري السعيد هم الذين كانوا وراء العملية.

ومما زاد في تلك الشكوك ما جاء في الوثائق البريطانية مؤخراً عن تصريح للسفير البريطاني [ هيمفريز]الذي جاء فيه :

[ إن جعفر العسكري ونوري السعيد اتفقا على أن لا يتحملا أية مسؤولية في المستقبل إذا لم يطرأ تغيير كامل على نفسية الملك فيصل، وأن نوري السعيد مصر على أن لا يتقلد الحكم ما دام فيصل على العرش وأنه لا يمكن للعراق أن يتقدم على عهد ولي العهد [ الأمير غازي ]، فلا بد إذا من تغيير نظام الوراثة ليكون [الأمير زيد ] ملكاً بعد وفاة أخيه الملك فيصل ] . (3)

وبوفاة الملك فيصل، اختفت فوراً مذكراته الخطيرة، ولم يعد أحد يعرف عنها شيئاً، وكل الشكوك كانت تشير إلى أن وراء عملية الاختفاء تلك كان نوري السعيد.

ثالثاً: نوري السعيد يحاول إبعاد الأمير غازي عن المُلك:

وعلى أثر وفاة الملك فيصل، حاول نوري السعيد إقناع رئيس الوزراء [رشيد عالي الكيلاني ] و[ رستم حيدر] وزير الاقتصاد والمواصلات، والمقرب جداً من العائلة المالكة استبعاد الأمير غازي عن تولي الملك بصفته ولياً للعهد، ودعوة [ الأمير زيد ] لتولي الملك، بدعوى أن الأمير غازي متخلف عقلياً، ولا يصلح لتولي الملك، لكن الكيلاني رفض رفضاً قاطعاً محاولات نوري السعيد، وأجرى على عجل مراسيم تحليف الأمير غازي اليمين القانونية أمام مجلسي النواب والأعيان، و جرى تتويجه رسمياً مساء يوم 8 أيلول 1933 ملكاً على العراق، وبذلك اسقط في يد نوري السعيد.(4)

وبمناسبة تسلم الملك غازي سلطاته الدستورية، وحسبما ينص الدستور، قدم السيد رشيد عالي الكيلاني استقالة حكومته إلى الملك الذي قبل بدوره الاستقالة، وكلفه من جديد بتأليف الوزارة الجديدة. 

رابعاًً: اضطراب الأوضاع في عهد الملك غازي

أحدثت وفاة الملك فيصل الأول اختلالاً خطيراً في التوازن السياسي القائم في البلاد، وقد أدت تلك الظروف إلى تفاقم التنافس السياسي بين أولئك الضباط الشريفيين المخضرمين، ومحاولة كل واحد منهم الوصول إلى سدة الحكم مستخدمين البرلمان تارة وتحريك العشائر تارة أخرى، ووصل بهم الأمر إلى حد استخدام الجيش من أجل تحقيق مآربهم.(5)

وقد وجد[ نوري السعيد] الفرصة السانحة لتوسيع نفوذه في إدارة شؤون البلاد، وسعى بكل جهوده للهيمنة على المسرح السياسي. فقد حاول السعيد بدعم من صهره وحليفه[ جعفر العسكري ] بعد فشله في منع الملك غازي من تسلم سلطاته الدستورية إلى احتوائه والتأثير عليه لدرجة وصلت إلى حد التدخل في أموره الشخصية، وكان من بين تلك المسائل الشخصية تدخله في منع زواجه من ابنة السيد[يسين الهاشمي ]، وفرض زواجه على[الأميرة عالية ] شقيقة عبد الإله، وذلك عن طريق تحريض عمه [الملك عبد الله]الذي تدخل لدى الملك وحمله على الزواج منها، وكانت تلك الزيجة التي تمت في كانون الثاني 1934غير ناجحة، وانتهت بهجر الملك غازي لها حتى مقتله. (6)

حاول رشيد عالي الكيلاني حل البرلمان، وإجراء انتخابات جديدة تضمن له الأكثرية في المجلس، وتقدم بطلب إلى الملك غازي بهذه الرغبة، وتدخل نوري السعيد لدى السفارة البريطانية لمنع حل البرلمان، وسارع السفير البريطاني إلى توجيه تحذير إلى الملك غازي من مغبة الأقدام على حل البرلمان خوفاً من أن يأتي الكيلاني ببرلمان يضم أكثرية من الإخائيين. (7)

كما حذر الملك[ عبد الله] ابن أخيه الملك غازي من الأقدام على هذه الخطوة، وجاء ذلك في رسالة بعث بها إليه وجاء فيها: { إن عليك أن لا تحل المجلس تحت أي ظرف كان، وإلا ستظهر الحاجة إلى إعادة الانتخاب من جديد، وعندها ستواجه مخاطر الصراعات الحزبية }. (8)

وعليه فقد رفض الملك غازي طلب الكيلاني، وهكذا لم يكن أمام حكومة الكيلاني سوى تقديم استقالتها في 28 تشرين الأول 1933، وتم قبول الاستقالة في نفس اليوم .

لكن الملك آثر أن يبقي العلاقة مع الاخائيين، الذين عملوا معه جنباً إلى جنب، ، وعليه فقد كلف زعيمهم [ يسين الهاشمي] بتشكيل الوزارة الجديدة، لكنه اشترط عليه الإبقاء على المجلس النيابي الحالي .

لكن[يسين الهاشمي] رفض هذا الشرط، وبالتالي رفض قبول المنصب وجرى تكليف السيد [جميل المدفعي ] بتأليف الوزارة الجديدة.

ورغم أن الملك لم يكلف نوري السعيد بتشكيل الوزارة، وعهد بها إلى السيد [جميل المدفعي ] إلا أن السعيد شغل منصب وزير الخارجية، ووزير الدفاع وكالة في تلك الوزارة، وبذلك هيمن على أخطر وزارتين فيها مما يؤكد مدى تأثيره على إدارة الشؤون العامة للبلاد. (9)

لقد تميزت الأوضاع العامة للبلاد على عهد الملك غازي بالاضطراب فقد حدث تمرد للعشائر في مختلف المناطق، وكان دور السياسيين في حدوثها وإذكائها بارزاً، من أجل تحقيق أهداف وغايات سياسية شخصية لا تمت إلى مصلحة البلاد، وقد استطاعت تلك الحركات إسقاط وزارتين متعاقبتين في خلال فترة وجيزة. وقد أكد السيد [ توفيق السويدي ] على دور السعيد في تأييد تلك الحركات حيث يقول :

[ إن نوري السعيد وإن لم يكن قد اشترك اشتراكاً فعلياً في تلك الحركات العشائرية إلا أنه كان يؤيدها، وقد انتقد استخدام القوة لقمعها ]. (10)

ويقول اللورد بيرد وود:

{ إن نوري السعيد وإن كان وزيراً للخارجية إلا أنه لا يستبعد تأييده لتلك الحركات بدليل عدم موافقته على استخدام القوة لقمعها، وهو وإن كان قد اشترك في الوزارتين إلا أنه كان من أشد المعارضين لها، إذ أنه كان يشعر أنه أحق من[جميل المدفعي] و[علي جودت الأيوبي] برئاسة الوزارة، وكان يأمل في تطور الأحداث الجارية لكي تلجأ إليه السفارة البريطانية، والطلب من الملك غازي لتكليفه بتأليف الوزارة. (11)

وعندما استقالت حكومة المدفعي نتيجة للخلافات داخل مجلس الوزراء كلف الملك غازي رئيس الديوان الملكي السيد[علي جودت الأيوبي] بتأليف الوزارة التي دخلها نوري السعيد كوزير للخارجية. ولما شغر منصب رئاسة الديوان الملكي حاول السعيد ترشيح صهره [جعفر العسكري] لتولي المنصب، إلا أن الملك غازي رفض الترشيح وعيّن [رستم حيدر] رئيساً للديوان.

أعتبر الشعب العراقي هذه الوزارة امتداداً للوزارة السابقة، وهاجمتها المعارضة بشدة، وقد وزعت في ذكرى تتويج الملك غازي، في 8 أيلول 1934 منشورات تندد بالحكومة وبالملك الذي حملته مسؤولية سوء الأوضاع الاقتصادية، مما أثار جزع الحكومة، التي حاولت من دون جدوى معرفة مصدر تلك المنشورات، وقد لجأت إلى إغلاق صحيفة الأهالي لمدة سنة، والمعتقد أن الحزب الشيوعي، الذي كان قد جرى تأسيسه في ذلك العام كان وراء تلك المنشورات، فقد شهدت البلاد نشاطاً واسعاً للشيوعيين في تلك الأيام، مما جعل الحكومة تشن حملة شعواء ضد العناصر المشتبه بهم، وإحالتهم إلى المحاكم بتهمة الانتماء لحزب غير مجاز.

اشتدت المعارضة ضد الحكومة من قبل عدد من الشخصيات السياسية وبعض رؤساء العشائر الذين استبعدتهم الحكومة من مجلس النواب وتداعوا إلى عقد اجتماع لقادة المعارضة في دار السيد حكمت سليمان، وقد حضر الاجتماع كل من [رشيد عالي الكيلاني ] و[ياسين الهاشمي ] والعديد من رؤساء العشائر،الذين كونوا حلفاً معارضاً للحكومة، وقد جرى انتخاب ياسين الهاشمي زعيماً لهم، ووضعوا لهم ميثاقاً تضمن الإخلاص للملك، والمحافظة على الدستور، وحل المنازعات بين العشائر دون الرجوع إلى الحكومة، وعدم جواز الاشتراك في الحكم دون موافقة القائمين بهذا الحلف. (12) 

خامسا: مؤتمر للمعارضة في النجف:

أرادت المعارضة التي شكلت لها حلفاً في اجتماع الصليخ، الحصول على دعم رجال الدين، فدعت إلى عقد مؤتمر لها في النجف في 22 آذار 1935 بدار الشيخ [محمد حسين آل كاشف الغطاء ]،وقد حضر المؤتمر عدد كبير من الشخصيات السياسية الوطنية، ورؤساء العشائر والعديد من رجال الدين كان أبرزهم بالإضافة إلى السيد كاشف الغطاء كل من [عبد الواحد سكر ] و[جعفر أبو التمن ] و[محسن أبو طبيخ ] وكل من المحامين [ محمد أمين الجرجفجي ] و[ذيبان الغبان ] و[محمد عبد الحسين ] وعشرات غيرهم، وقد بلغ عدد الحاضرين أكثر من 200 شخصية سياسية ودينية، ورئيس عشيرة.

جرى في المؤتمر بحث السبل الممكنة لإجراء الإصلاحات في البلاد وصيانة الدستور من تلاعب الوزارات المتعاقبة على سدة الحكم ومعالجة مشاكل الشعب الاقتصادية، وكُلف المحامون [أمين الجرجفجي] و[محمد عبد الحسين] و[ذيبان الغبان] بوضع ميثاق لتجمع قوى المعارضة المجتمعين في هذا المؤتمر. كما تم الاتفاق على رفع مذكرة إلى الملك غازي تتضمن مطالب المعارضة، والتي ورد فيها المطالب التالية:

1ـ إلغاء التمييز الطائفي، وتمثيل جميع الطوائف في الإدارة والبرلمان.

2ـ تعديل قانون الانتخاب المعمول به على درجتين، وجعله على درجة واحدة منعاً للتأثيرات الحكومية على المنتخبين الثانويين، وضماناً لمصداقية الانتخابات ومنع التلاعب فيها.

3 ـ إدخال عضو من الطائفة الشيعية في محكمة تمييز العراق أسوة ببقية الطوائف الأخرى.

4 ـ إطلاق حرية الصحافة، ورفع كافة القيود المفروضة عليها، وحصر الأشراف عليها بالقضاء.

5ـ تطهير جهاز الدولة من العناصر الفاسدة والمرتشية، والمعروفة بسوء السلوك والسمعة .

6ـ مراعاة التوزيع العادل للخدمات الصحية، والثقافية وغيرها ،على كافة مناطق العراق.

7 ـ عدم التعرض لمن اشترك في الحركات الوطنية الحاضرة من أبناء الشعب والموظفين وأفراد الجيش والشرطة.

8 ـ إصلاح نظام إدارة الأوقاف.

9ـ تعديل وتعميم لجان تسوية حقوق الأراضي، والإسراع في تنفيذ قانون البنك الزراعي والصناعي .

10ـ إلغاء ضريبة الأرض والماء، واستبدال ضريبة [الكودة ] على المواشي بضريبة استهلاك.

11 ـ إلغاء القوانين التي تتعارض مع هذه المطالب. (13)

لكنّ عدداً من رؤساء العشائر انشق عن إجماع المؤتمرين ورفضوا التوقيع على المذكرة بدعوى أن المذكرة شديدة اللهجة وتتضمن مطالب تعجيزية من الحكومة، وغادروا الاجتماع، وبعثوا بمذكرة إلى الملك والى الوزارة أعربوا فيها عن تأييدهم للسلطة.

أدى ذلك المؤتمر والمذكرة المرفوعة للملك، إلى تصاعد الصراع بين الحكومة والمعارضة، وحاولت الحكومة توجيه ضربة للمعارضة، لكنها خافت من تمرد العشائر، فقد كادت الأمور تفلت من يد الحكومة، وتقع حرب بين العشائر والحكومة، وفي نهاية المطاف قدمت الحكومة الأيوبية استقالتها إلى الملك في 23 شباط 1935، وقد قبل الملك الاستقالة بعد يومين

وكلف الملك غازي السيد [يسين الهاشمي] بتأليف الوزارة الجديدة.

إلا أن الهاشمي اعتذر عن قبول التكليف بعد أن فرض الملك إشراك جميل المدفعي وعلي جودت الأيوبي في الحكومة، واستبعاد رشيد عالي الكيلاني الذي اتهم بإسقاط وزارتيهما عن طريق اتصالاته بالعشائر، ورفض الهاشمي شروط الملك، والتي هي من شروط السفير البريطاني حيث أشار السفير البريطاني على الملك تكليف السيد[ جميل المدفعي ] بتشكيل الوزارة الجديدة، واشترك السعيد في الوزارة كوزير للخارجية أيضاً. (14)

سادساً: ثورة العشائر في الفرات الأوسط :

جاءت وزارة المدفعي، وفي جوهر منهاجها اتخاذ الإجراءات لقمع المعارضة الشعبية والحزبية والعشائرية، وعلى ضوء ذلك قررت الحكومة تجريد حملة ضد العشائر التي وقفت ضد الحكومة السابقة، ونسقت جهودها مع المعارضة السياسية. كانت البلاد في حالة من الفوضى، فقد هاجت القبائل وتسلحت واستعدت لمجابهة حملة الحكومة، وقد تعطلت الزراعة، وتوقفت التجارة وانتشرت روح التمرد لدى العشائر، حيث وصل الأمر بهم إلى المطالبة بسقوط الوزارة الجديدة، وقامت قبائل [الأكرع ] باحتلال قلعة [الدغارة] الواقعة جنوب الحلة،على بعد 60 كم.

كما قامت مجموعات من قبائل[ الفتلة ] بزعامة عبد الواحد سكر بتخريب القناطر والجسور المقامة على الأنهر الفصلية وأبو صخير والشامية بغية قطع الطريق على قوات الحكومة.

وفي لواء ديالى قامت قبائل [ العزة ] التي يرأسها الشيخ حبيب الخيزران باحتلال [ منصورية الجبل ] في نفس اليوم، وبذلك اشتعلت ثورة العشائر في الديوانية وديالى.

وبالنظر لتطور الأوضاع بهذا الشكل الخطير دعا رئيس الوزراء أعضاء حكومته إلى اجتماع عاجل حضره مستشار وزارة الداخلية المستر [كرونواليس ]، ورئيس الديوان الملكي، حيث بحثوا التطورات الحاصلة واتخذوا قراراً بتجريد حملة عسكرية كبيرة لقمع تمرد العشائر، وصدرت الأوامر لقوات الجيش في 13 آذار 1935 بالتحرك فوراً، كما طلب رئيس الوزراء من السفير البريطاني دعم قوات الجيش بالطائرات الحربية البريطانية. (15)

لم تكدْ تتحرك قوات الجيش، وتظهر الطائرات البريطانية في سماء المنطقة حتى هبت قبائل المشخاب والشامية والرميثة وعفك والفتلة وغيرها من العشائر لدعم القبائل الثائرة مما أربك الحكومة وأقلقها كثيراً بسبب خطورة الموقف واحتمال تطوره.

لم يكن الجيش العراقي ذلك اليوم من القوة والتسلح لكي يتمكن من أداء المهام المناطة به، فقد كان يتألف من 15 فوجاً، ولم يكن يملك سوى أسلحة بسيطة غير متطورة، ولم يكن بمستطاع القوة التي دفعت بها الحكومة لقمع ثورة العشائر، ولذلك اضطرت إلى سحب العديد من الأفواج من الألوية الأخرى وزجتها في المعركة. كانت الحكومة متخوفة جداً من ثورة العشائر هذه، فقد كانت تختلف كل الاختلاف عن سابقاتها من الثورات، كثورة الشيخ محمود الحفيد في السليمانية، وثورة الآشوريين، ذلك لأن معظم جنود الجيش هم من العشائر، وكان خوف الحكومة من حدوث تمرد في صفوف الجيش وانضمام المتمردون إلى ثورة العشائر.

لجأت الحكومة بناء على نصيحة السفارة البريطانية إلى استمالة عدد من رؤساء العشائر من غير المنضمين إلى الثورة، ودفعهم للوقوف ضد العشائر الثائرة لكي تجعل الحكومة تلك الثورة وكأنها حرب أهلية بين العشائر، لكنهم فشلوا في الوقوف بوجه الثورة، واضطرت الحكومة إلى تعطيل مجلس النواب في 12 آذار، وذلك بغية منعه من مناقشة الأوضاع، هذا وقد وقف مجلس الأعيان ضد إجراءات الحكومة التي وصفها بالتهور، وعدم الحكمة. (16)

أما السيد [جعفر أبو التمن ] فقد كتب مقالة في صحيفة [المبدأ] حلل فيه تطور الأحداث، ودعا الحكومة إلى التزام جانب الحكمة، وعدم التهور وإنقاذ البلاد من المخاطر الجسيمة التي يمكن أن تتعرض لها إذا ما استمرت المجابهة. كما دعا إلى إجراء إصلاحات جذرية في البلاد ومعالجة الأوضاع الاقتصادية والسياسية المتردية. (17)

كما استنكر المحامون لجوء الحكومة إلى القوة، ودعوا إلى حقن الدماء وحل المشكلة بالطرق السلمية، ودعوا إلى تأليف حكومة وحدة وطنية.

كما دعا الشيخ كاشف الغطاء إلى توقف حركات الجيش، وإجراء إصلاحات في البلاد، فيما دعا عبد الواحد سكر إلى استقالة الحكومة وتأليف حكومة جديدة تأخذ على عاتقها تهدئة الأوضاع، وتجري الإصلاحات اللازمة لمعالجة مشاكل الشعب.

انهالت البرقيات على الملك غازي تستنكر لجوء الحكومة إلى القوة وتطلب من الملك إقالة الوزارة، ومعالجة الأمور بحكمة وتروي، ووجد الملك أن سياسة الحكومة يمكن أن تؤدي إلى كارثة، ولذلك فقد طلب من رئيس الديوان الملكي أن يبلغ رئيس الوزراء رغبته في أن تقوم الحكومة بإعادة النظر في سياستها نحو العشائر الثائرة، والعمل على معالجة الأمر بحكمة وتروي، فلما بُلغ الأمر إلى رئيس الوزراء أدرك انه لا يمكنه الاستمرار في الحكم فسارع إلى تقديم استقالة حكومته في 15 آذار 1935، وتم قبول الاستقالة بعد يومين من تقديمها.

سابعا:تصاعد الثورة وتكليف يسين الهاشمي بتأليف الوزارة

كلف الملك غازي السيد[ يسين الهاشمي] بتأليف الوزارة الجديدة لكي تأخذ على عاتقها تهدئة الأوضاع بصورة سلمية، وبدأ الهاشمي مشاوراته لتأليف الوزارة الجديدة.

حاول الهاشمي إدخال حكمت سليمان في الوزارة، إلا أن حكمت أعتذر عن قبول المنصب استناداً لمقررات[مؤتمر الصليخ] مشترطاً موافقة رفاقه جعفر أبو التمن وكامل الجادرجي وعبد القادر إسماعيل، وبالفعل جرى الاتصال بهم، وتم الاتفاق على دخوله الوزارة، لكنه اشترط على الهاشمي إسناد وزارة الداخلية إليه مما سبب إحراجاً للهاشمي.

وحاول الهاشمي إدخال رشيد عالي الكيلاني في الحكومة، إلا أن الكيلاني اشترط إسناد وزارة الداخلية إليه أيضاً، مما دفع السيد الهاشمي إلى الاعتذار عن تشكيل الوزارة. ولما كانت الأوضاع خطيرة جداً، وتتطلب سرعة تشكيل الوزارة، اضطر الملك غازي إلى الطلب من الهاشمي أن يشكل الوزارة كما يرتئ، وهكذا تشكلت الوزارة التي دخلها رشيد عالي الكيلاني وزيراً للداخلية، في حين عين نوري السعيد وزيراً للخارجية، وجعفر العسكري وزيراً للدفاع. (18)

لم تكن السفارة البريطانية مرتاحة لمجيء وزارة يسين الهاشمي إلى الحكم بالنظر لمواقفه السابقة من معاهدة 1930 العراقية البريطانية، لكن الهاشمي طمأن السفير البريطاني قائلاً له:

{إن لدينا الآن صديقاً جديداً كان عدواً لنا من قبل }!!. (19)

كان من أولى المهام الملقاة على عاتق الحكومة معالجة مسألة ثورة العشائر، ولذلك فقد أصدرت بلاغاً وزعته على العشائر الثائرة بواسطة الطائرات تدعوها إلى الهدوء والسكينة، والعودة إلى مزاولة أعمالها واعدة إياها بإجراء الإصلاحات، وسحب القوات العسكرية إلى ثكناتها كما أرسلت الحكومة وفداً إلى رؤساء العشائر ضم رشيد عالي الكيلاني وزير الداخلية ونوري السعيد وزير الخارجية بغية إقناعهم بإلقاء السلاح.

لكن العشائر لم تقتنع بوعود الحكومة، وطالبوا باستقالة الوزارة، عاد الوفد الوزاري إلى بغداد دون أن يحقق شيئاً.

سارعت الحكومة إلى توجيه إنذار للعشائر الثائرة بإلقاء السلاح خلال 3 أيام وإلا لجأت إلى استخدام القوة العسكرية ضدهم.وهكذا تراجع رؤساء العشائر عن مواقفهم، وطلبوا إلى العشائر الثائرة إلقاء السلاح، لكن ذلك الحال لم يستمر طويلاً بل إلى حين، فقد كانت عوامل الثورة تفعل فعلها وكانت أبسط أزمة يمكن أن تشعل نار الثورة من جديد.

الجيش يقمع ثورة العشائر في الرميثة:

بسبب تلكؤ الحكومة في تنفيذ وعودها، ومماطلاتها في إجراء الإصلاحات التي التزمت بها،عاد التوتر يخيم من جديد على أجواء الوضع السياسي في البلاد، وجاء إقدام الحكومة على حل حزبها تمهيداً لإنهاء الحياة الحزبية في البلاد ليصاعد من حدة الأزمة، وتصاعدت الدعوات بين صفوف العشائر للثورة على الحكومة وإسقاطها.

فلما شعرت الحكومة بهذه التحركات لجأت إلى اعتقال أحد رموز المعارضة الدينية في النجف الشيخ [أحمد أسد الله] وأصدرت قراراً بإسقاط الجنسية العراقية عنه، ونفيه خارج العراق.

شاع خبر اعتقال الشيخ احمد وإسقاط الجنسية عنه وإبعاده عن البلاد وأدى ذلك إلى حالة من الهيجان في صفوف العشائر في ناحية الرميثة وتجمع المسلحون من أفرادها وهاجموا محطة القطار، وحاصروا سراي الحكومة وسيطروا على الناحية.

سارعت الحكومة إلى تجهيز حملة عسكرية للقضاء على الثورة بقيادة اللواء [بكر صدقي ] المعروف بقسوته، وتقدمت قواته على جبهتين ووجه بكر صدقي إنذاراً للثوار عن طريق منشورات ألقتها الطائرات على المنطقة بإلقاء السلاح خلال 24 ساعة، ولما انتهت مهلة الإنذار بدأ القصف الجوي العنيف على المنطقة، وأعلنت الحكومة الأحكام العرفية في المنطقة في 11 أيار 1935، وأعلنت منطقة الرميثة منطقة حرب، تسري عليها القوانين العسكرية.

وتقدمت قوات بكر صدقي نحو الرميثة بعد أن مهدت لتقدمها بقصف جوي ومدفعي، واستخدمت الحكومة عدد من العشائر الموالية لها في حربها ضد الثوار، وتم للجيش احتلال الرميثة في 17 أيار1935، بعد أن تكبد الطرفان خسائر كبيرة واستطاع الثوار إسقاط طائرة عراقية وقتل قائدها، كما اسقط الثوار طائرة عسكرية بريطانية أخرى وقُتل من فيها. 

ثامنا : حكومة الهاشمي تصدر مرسوم الأحكام العرفية:

بعد أن تسنى لحكومة[ يسين الهاشمي] إخماد ثورة عشائر الرميثة سارعت إلى إصدار مرسوم الإدارة العرفية، وطبقت أحكامه على الثائرين، وكان ذلك المرسوم أسوأ إجراء اتخذته الحكومة، واعتُبر وصمة عار في جبينها، بالنظر إلى كونه قد أنتهك جميع الحقوق والحريات العامة التي نص عليها الدستور وجعلها حبراً على ورق، واستخدمته الحكومات المتعاقبة على سدة الحكم منذُ ذلك التاريخ ولسنوات طويلة، لتنكل بخصومها والمعارضين لها، وبالنظر لخطورة ذلك المرسوم فقد وجدت ضرورة إطلاع القراء على نصه، ليقفوا على مدى انتهاكه للدستور وحقوق المواطنين.

نص مرسوم الإدارة العرفية :

الفصل الأول

المادة الأولى : يتألف المجلس العرفي العسكري من رئيس وأربعة أعضاء، على أن يكون الرئيس وعضوان منهم من الضباط العسكريين يعينون بإرادة ملكية بناء على اقتراح وزير الدفاع، والعضوان الآخران من الحكام العدليين يعينان بإرادة ملكية بناء على اقتراح وزير العدل.

المادة الثانية : يقوم بوظيفة الإدعاء العام في المجلس المذكور نائب الأحكام العسكرية، أو أي شخص آخر يعينه وزير الدفاع .

المادة الثالثة : على المجلس العرفي العسكري محاكمة الأشخاص الذين يحالون إليه لأجل المحاكمة من قبل قائد القوات العسكرية، أو المدعي العام.

المادة الرابعة : يباشر المجلس المحاكمة باستماع بيان المدعي العام الذي يتضمن خلاصة الجريمة المسندة، ثم يمّكن المتهم من إفادته الأولى ويستمع شهود الإثبات، ويمّكن المتهم من مناقشتهم، ويستمع إلى شهود الدفاع إن وجدوا، وما لم يرى المجلس أن الغرض من طلب سماعهم هو لغرض المماطلة، ويسمع دفاع المتهم ثم يصدر قراره.

المادة الخامسة: تجري المرافعة بصورة علنية، إلا إذا رأى المجلس ضرورة رؤيتها بصورة سرية.

المادة السادسة: تصدر القرارات باتفاق الآراء، أو بالأكثرية المطلقة.

المادة السابعة: يجب أن يستند القرار إلى مادة قانونية، وأن يحتوي على الأسباب المدللة.

المادة الثامنة: تنفذ أحكام المجلس على الفور، إلا ما كان متضمناً الحكم بالإعدام.

المادة التاسعة : لا ينفذ حكم الإعدام إلا بعد تصديق قائد القوات العسكرية.

الفصل الثاني

المادة العاشرة : المحاكمة عن جميع الأفعال داخل منطقة الإدارة العرفية أو خارجها عندما تكون ذات مساس أو ارتباط بالأفعال الجرمية الحادثة ضمن تلك المنطقة من اختصاص المجلس العرفي العسكري عدا الأفعال الجرمية التي يأمر قائد القوات العسكرية برؤيتها من قبل المحاكم العدلية أو لإدارية، كل حسب اختصاصه.

المادة الحادي عشرة : يعاقب بالإعدام :

1 ـ كل من حمل السلاح، أو أي آلة جارحة ضد الحكومة، أو قواتها العسكرية على اختلاف أنواعها، أو قوات الشرطة، أو أستعمل السلاح ضد أي من موظفي الدولة، أو مستخدميها.

2 ـ كل من اشترك في عصيان مسلح ضد الحكومة، أو قواتها العسكرية المسلحة، ويقصد بالعصيان المسلح وجود أكثر من شخص واحد يحمل سلاحاً نارياً، أو أية آلة جارحة.

3 ـ كل من اشترك في أي عمل من شأنه تخريب خطوط المواصلات، أو المخابرات للقوات العسكرية،أو تعطيلها، أو تخريب وسائط النقل للقوات المذكورة.

4 ـ كل من اشترك في مساعدة العصاة بتقديم أسلحة أو ذخيرة أو عتاد لهم.

5 ـ كل من يبث الدعاية بين أفراد القوات العسكرية، أو الشرطة، لغرض إضعاف قواهم المعنوية، أو لحملهم على عدم القيام بالواجب.

6ـ كل من حرّضَ بأي صورة كانت شخصاً على ارتكاب الأفعال السابقة سواء كان المحرّضْ داخل المنطقة العرفية، أو خارجها.

7ـ كل من تجسس لمصلحة العصاة ضد الحكومة داخل المنطقة المعلنة فيها الأحكام العرفية.

المادة الثانية عشرة :

يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة أو بالحبس مدة لا تزيد عن 15 عاماً كل من:

1 ـ أعطى أخباراً، أو معلومات إلى العصاة،عن الحركات العسكرية، أو أعمال الحكومة المتعلقة بالحركات في المنطقة المعلنة فيها الأحكام العرفية.

2 ـ شجع العصاة على الاستمرار في الحركات العصيانية.

3 ـ نشر الأخبار المختلقة، إذا أدت هذه الأخبار، أو كان من شأنها أن تؤدي إلى إضعاف القوة المعنوية بين أفراد القوات العسكرية للحكومة.

المادة الثالثة عشرة : الأفعال الجرمية غير المنصوص عليها في هذا المرسوم يعاقب مرتكبوها وفقاً لأحكام قانون العقوبات البغدادي، أو القوانين الأخرى.

المادة الرابعة عشرة : يجوز لقائد القوات المسلحة أن يتخذ بإعلان، أو بأوامر كتابية أو شفوية التدابير الآتي بيانها :

1ـ سحب الرخص بحيازة السلاح أو حمله، والأمر بتسليم الأسلحة على اختلاف أنواعها، والذخائر، والمواد القابلة للانفجار، والمفرقعات وضبطها أينما وجدت، وإغلاق مخازن الأسلحة.

2ـ الترخيص بتفتيش المنازل والأشخاص في أي ساعة من ساعات الليل أو النهار.

3ـ الأمر بمراقبة الصحف والنشرات الدورية قبل نشرها من غير إخطار سابق، والأمر بإغلاق أي مطبعة، وضبط المطبوعات والنشرات والرسومات التي من شأنها تهييج الخواطر، وإثارة الفتنة أو مما قد يؤدي إلى الإخلال بالأمن والنظام العام سواء كانت معدة للنشر والتوزيع أو للعرض أو للبيع،أو لم تكن معدة لغرض من هذه الأغراض .

4 ـ الأمر بمراقبة الرسائل البريدية، والتلغرافية، والتلفونية.

5 ـ تحديد مواعيد فتح المحال العمومية وإغلاقها كلاً أو بعضاً، سواء في كل الجهة التي أُعلنت فيها الأحكام العرفية أو في بعض النواحي والأحياء، أو تبديل تلك المواعيد، وإغلاق المحال العمومية المذكورة كلها أو بعضها.

6ـ الأمر بإعادة المولودين، أو المتوطنين في غير الجهة التي يقيمون فيها إلى مقر ولادتهم، أو توطينهم، إذا لم يوجد ما يبرر مقامهم في تلك الجهة، أو أمر في أن تكون بيدهم تذاكر لإثبات الشخصية، أو الأذن بالإقامة.

7ـ الأمر بالقبض على المشردين والمشتبه فيهم وحجزهم في مكان أمين.

8 ـ منع أي اجتماع عام وحله بالقوة، وكذلك منع أي نادٍ أو جمعية، أو اجتماع وحله بالقوة.

9 ـ منع المرور في ساعات معينة من الليل أو النهار في كل الجهة التي أعلنت فيها الأحكام العرفية، أو في بعضها، ومنع ذلك الاستعمال عند الاقتضاء.

10ـ تنظيم استعمال وسائط النقل على اختلاف أنواعها في كل الجهة التي أعلنت فيها الأحكام العرفية أو في بعضها، ومنع ذلك الاستعمال عند الاقتضاء.

11ـ إخلاء بعض الجهات أو عزلها، وعلى العموم حصر وتحديد المواصلات بين الجهات المختلفة التي أعلنت فيها الأحكام العرفية وتنظيم تلك المواصلات.

12ـ الاستيلاء على أية واسطة من وسائط النقل،أو أي مصلحة عامة أو خاصة، أو أي معمل أو مصنع أو محل صنائعي، أو أي عقار،أو أي منقول، أو أي شيء من المواد الغذائية، وكذلك تكليف أي فرد بتأدية أي عمل من الأعمال، ويجوز لمجلس الوزراء أن يضيف دائرة الحقوق المتقدمة المخولة لقائد القوات العسكرية، أو أن يرخص له أي تدبير آخر مما يقتضيه صون الأمن والنظام العام في كل الجهة التي أعلنت فيها الأحكام العرفية،أو في بعضها.

المادة الخامسة عشرة : يعاقب من خالف الإعلانات والأوامر الصادرة من قائد القوات العسكرية بالعقوبات المنصوص عليها في تلك الإعلانات ولا يجوز أن تزيد هذه العقوبة عن الحبس لمدة 3 سنوات، ولا على الغرامة بمبلغ 150 دينار.

على أن ذلك لا يمنع من توقيع عقوبة أشد، حيث يقضي بها قانون العقوبات والقوانين الأخرى، ويجوز دائماً إلقاء القبض على المخالفين في الحال .

المادة السادسة عشرة: ينفذ هذا المرسوم من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.

المادة السابعة عشرة : على وزراء الداخلية والعدلية والدفاع تنفيذ هذا المرسوم الذي يجب عرضه على مجلس الأمة في اجتماعه القادم .

كتب ببغداد في اليوم الحادي عشر من صفر سنة 1354 هجرية المصادف لليوم الرابع عشر من أيار 1935 ميلادية.

يسين الهاشمي الملك غازي الأول

نظرة في المرسوم:

بقراءة متأنية لهذا المرسوم يتبين لنا أن الحكومة قد صادرت بشكل فعلي كل الحقوق والحريات التي نص عليها الدستور وجعلها حبراً على ورق، وأصبح هذا المرسوم سيفاً مسلطاً على رقاب الشعب العراقي استخدمته الحكومات المتوالية على سدة الحكم كلما شعرت بتحرك الشعب من أجل إعادة حقوقه المغتصبة. ولم تكتفِ السلطة الحاكمة بإصدار هذا المرسوم بل أتبعته بمجموعة من المراسيم المكملة له لكي تحكم قبضتها على الشعب، وكان من بين تلك المراسيم :

1ـ مرسوم منع الدعايات المضرة رقم 44 لسنة 1937،على عهد حكومة جميل المدفعي .

2ـ مرسوم منع الدعايات المضرة رقم 20 لسنة 1938،على عهد حكومة جميل المدفعي .

3ـ مرسوم الطوارئ رقم 57 لسنة 1938،على عهد حكومة نوري السعيد.

4ـ قانون ذيل قانون العقوبات البغدادي[المعروف بقانون مكافحة الآراء الهدامة] رقم 51 لسنة 1938، على عهد حكومة جميل المدفعي.

5ـ مرسوم انضباط موظفي الدولة رقم 7 لسنة 1939 على عهد حكومة نوري السعيد . واستمرت الحكومات المتعاقبة على سدة الحكم على عهد الوصي عبد الإله، بعد مقتل الملك غازي، بإصدار المراسيم المنافية للدستور، وإفراغه من كل الحقوق والحريات التي نص عليها مما شكل عاملاً حاسماً في قيام ثورة 14 تموز 1958.حامد الحمداني – مفكر حر

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية | Leave a comment

قصة و حكمة من زياد الصوفي … 111

القصة:

شبيح اللاذقية فواز الأسد عم المجرم بشار

لما بتكتبر المصاري بايدين الشبيحة بيوصلو لمرحلة ما بقا يعرفو شو يعملو فيها.. الاكيد انهون ما بيوزعوها للفقرا, و الاكتر تاكيدا انهون ما بيتبرعوا فيها للجمعيات الخيرية..

فواز الاسد و فقط من اعمال التهريب و النصب و الاحتيال, جمع ثروة لا يستهان فيها ابدا , و جهلو المعروف لكل الناس ما كان بيخليه يوسع ثروتو اكتر من خلال تبييضها بأعمال انسانية او بالطريقة التقليدية لتبييض الاموال..

بعرف انو ما حدا فيكون اشتقلو لفواز, و لا حدا اشتاق لقصص فواز..

بس حكاية اليوم بتشرح كيفية تعاطي الشبيجة اللي بأغلبهون جاهلين مع ثرواتهون, و بتشرح عن فكرهون الاقتصادي بتوسيعها..

الجكاية بتبدا بصيف 1996, لما وعي فواز الاسد الصبح و شاف عندو من المال المخزن بيكفي ميزانية خمس محافظات بسوريا, فقرر الاستثمار بهالمال..

طلب النصيحة من الاقتصاديين المحيطين فيه من أمثال دحروج الدردري, ابو الغضب العمادي, و مغيروني النحاس.. و ارتأى بعد المشاورات أنو يشتري باصات صغيرة و يأجرها للمهربين مقابل مية الف ليرة بالشهر..

و الخدمة اللي بيقدمها فواز بالاضافة للسرفيس المؤجر, بطاقة بتنحط على مقدمة السيارة لتسيير اعمالها عند النقط الحدودية..

اشترى 150 سرفيس بقيمة مليون ليرة للسرفيس الواحد, و عرضهون للأجار..

كل أفرع الامن و الشرطة و الجمارك و الهجانة بيعرفو من حلال هالبطاقة المعلقة عالقزاز القدماني لمين هالسيارة و الشاطر اللي بيوقفها..

خط التهريب بهديك الايام اللي كان مسيطر عليه فواز هوة خط لبنان- سوريا و العكس, و فتح يومها خط باب الهوا لتسهيل حركة المهربين الجدد..

ابو جمال شب من اللادقية متزوج و ساكن مع مرتو و عيلتو ببناية قديمة عالكورنيش الجنوبي ورثها عن والدو, و فاتح محل صغير بكراج البناية سمانة ليسترزق منها بعد الضهر..

قرر ابو جمال و بسبب الضيقة المالية أنو يستأجر سرفيس من سيارات ابو جميل و يشتغل فيها على خط الللادقية – الحفة..

يعني الزلمة لا بدو تهريب و لا شغلتو هالشغلة و لا بدو يدخل بهالمتاهة مع قطاعين الطرق من القرداحة و ريف جبلة..

وقع العقد مع فواز لسنة كاملة و عطاه 100 الف ليرة و بدي شغلو على خط الحفة..

بأحسن أيامو ابو جمال و بعز دين الصيف ما يقدر يطالع 30 الف ليرة.. يركض ليل و نهار و ما يقدر يلم المية الف ليعطيه ياها لأبو جميل..

كل شهر يمر على ابو جمال كانت دينتو تكبرو ما يقدر يسدد لفواز اجار الشهر..

ست شهور مرت , و بنص الليل و بعد سكرة طويلة عريضة لهالفدان بيرجع عالمكتب و بيصرخ بكلابو: 

مين اللي ما عم يسدد اجار الباصات؟؟

والله يا معلم ابو جمال الو ست شهور ما دفع اللي عليه..

ايه جيبوه لهالكلب فورا..

والله بيركضو خفافيش الليل و بيجيبوه لأبو جمال موجودا عمكتب فواز.. 

شو ولك جحش, بدك عزيمة حتى تجي تحاسبنا؟؟؟

و الله يا سيدي خجلان منك ما عم اقدر طالع الاجرة و بدي رجعو للباص.. و المشكلة يا سيدي ما عندي مصاري منشان حاسبك عن الست شهور الماضية..

كان فواز بعقلو وقتها و جن عالآخر, بيقوم من ورا مكتبو و بينزل قتل بابو جمال..

شو ماتقول يا حيوان؟؟؟ ما عندك مصاري؟؟؟ و هالبيت اللي قاعد فيه, مانو مصاري؟؟؟؟ خدوه لهالكلب عالسجن..

فواز متل كل شبيحة بيت الاسد عندهون سجونهون الخاصة, و اللي بيدخل عليها بيحكي أنو سجن تدمر يعتبر ميريديان بالمقارنة معهون..

بعد شهر كامل من قعدة ابو جمال بسجن ابو جميل, بيتذكرو فواز و بيأمر يطالعو..

روح و لك جحش جيب عقد بيتك و ارجع لعندي..

بس يا سيدي وين بدي روح انا و اهلي؟؟ 

هودي مشكلتك يا حيوان؟؟

ابو جمال يومها كان مديون بمليون ليرة لفواز الاسد, و عقد بيع البيت اللي بيسوى يومها خمسة مليون, كان بس بمليونين و نص..

فهون كان لازم أنو فواز يعطيه مليون و نص لأبو جمال..

ضل ابو جمال واقف شي نص ساعة ناطر فواز يناولو المليون و نص… و بدل المصاري اجتو المفاجأة لهالمسكين..

رح جددلك عقد السيارة سنة تانية يا ابو جمال, هنت انسان فقير و انا رح ساعدك, و بدل ما تدفعلي 100 الف بالشهر, ادفعلي بس 80 الف… يالله قوم اتوكل عالله و اشتغل..

سنة تانية مرت و بنفس السيناريو تماما خسر ابو جمال المحل اللي فاتحو تجت البيت و اللي كانت تشتغل فيه مرتو..

سنة 1999 و بعد ما ضاقت الدنيا بأبو جمال و خشر كلشي من ورا سيارة هالكلب فواز قرر عطريق صلنفة يحطلها لهالسيارة بنزين و يشعل النار فيها, و ينتحر برصاصة براسو..

الحكمة:

تنذكر و ما تنعاد باللعب مع مجرمين بيت الاسد الكبار…

نهايتك اما القتل أو السجن أو الانتحار …زياد الصوفي – مفكر حر؟

Posted in الأدب والفن, ربيع سوريا | Leave a comment