هوغو تشافيز مقابل أمير قطر حمد بن خليقة

اعلن اليساريون العرب الحداد على وفاة اهم رمز لليسار في العصر الحالي, وهو هوغو تشافيز رئيس فنزويلا, وبالرغم من أن الشعب الفنزويلي في اميركا عبر عن سعادته واقام الاحتفالات البهيجة بهذا الخبر, فأن اليساريين العرب قد عبروا عن حزنهم بشكل مأسوي وكأنهم فقدوا شخصية كبيرة لا تعوض مع ان تشافيز لا يختلف كثيراُ عن معمر القذافي وصدام حسين, لا بل بمكن ان يكون اسوء منهم في مجال الحنكة السياسية, ولكن لحسن حظ تشافيز بأن مرض السرطان رسم نهايته, وبذلك يكون المرض قد حماه من مصير مماثل لمصير القذافي وصدام حسين, لو انه استمر بالسلطة حتى الربيع الفنزويلي؟

لذلك سنقوم في هذه المقالة بوضع مقارنة بسيطة, وقد يستغربها الكثيرون, بين الراحل هوغو تشافيز وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني من خلال المحاور التالية:

اولاُ الأيديولوجية

 يتبنى هوغو تشافيز الايديولوجية اليسارية الغيبية, من اجل السيطرة على شعبه واستمراره في الحكم.

يتبنى حمد بن خليفة الايديولوجية الاسلامية الغيبية من اجل السيطرة على شعبه واستمراره في الحكم.

ثانيا الموارد الاقتصادية

يعتمد او اعتمد تشافيز على عائدات النفط من اجل الصرف عى تكاليف حكمه والاستمرار بالسلطة.

يعتمد شيخ قطر على عائدات الغاز من اجل الانفاق على تكاليف حكمه والاستمرار بالسلطة.

ثالثا تبذير موارد البلد الاقتصادية

 قام تشافيز بتبذير الموارد الاقتصادية الفنزويلية من اجل اعلاء الايديولوجية اليسارية الغيبية وقام بدعم بلدان مثل كوبا وايران وبشار الاسد وغيرهما من الاستبدادين القتلة.

يقوم شيخ قطر بالتبذير من موراد قطر الاقتصادية على الايديولوجية الاسلامية الغيبية ويدعم المتطرفين الاسلاميين و الاخوان المسلمين في كل من تونس ومصر وسوريا.

رابعا السياسة الاقتصادية

 يعتمد تشافيز على اقتصاد الدولة الاحتكاري والذي يؤدي الى الفساد وعدم المنافسة بالأسواق والتي تؤدي بالتالي الى قتل الابداع والحرية في فنزويلا.

يعتمد شيخ قطر على اقتصاد حر نسبيا مقارنة مع تشافيز وبالتالي يتفوق الشيخ حمد قليلا على تشافيز في هذه النقطة.

نحن نتوقع بأن يأكل الفساد والاقتصاد الاحتكاري كل موارد فنزويلا النفطية, وبالتالي سيمهد الفرصة من اجل انطلاق الربيع الفنزويلي وسيثور الشعب على خليفة تشافيز

اما الربيع القطري فيمكن ان يتأخر بسبب صغر حجم قطر وشعبها.

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | 2 Comments

تأرجح الموقف الأميركي يطيل المأساة السورية

تدرّجت مواقف وزير الخارجية الأميركي جون كيري بين ليونة نحو القيادة السورية والجمهورية الإسلامية الإيرانية بدأ بها جولته الأوروبية، ومواقف متشددة نحو الرئيس السوري بشار الأسد ودور إيران في سورية مع نهاية جولته الشرق أوسطية في قطر. طرأ أكثر من تغيير على المواقف التي تأبطها في البدء كيري لتعكس شخصية رئيسه باراك أوباما وأولويته العازمة على الرهان على الوهن الرافضة أسلوب التدخل المباشر. بعض من التغيير أتى كجزء طبيعي من جولة الاستماع والاستطلاع التي وصف بها كيري زيارته إلى العواصم الأوروبية والعربية مروراً بتركيا. المساهم الآخر هو الإجراءات والتطورات على الساحة السورية، العسكرية منها والسياسية. لكن المساهم الغائب الحاضر الذي جعل وزير الخارجية الأميركي الجديد يستدرك بعض شغفه إلى الترغيب بدل التهديد هو روسيا وسرعة وضوح عزمها على التلاعب بتلهف إدارة أوباما إلى الانعزالية.

مصادر خليجية مطلعة قالت إن وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف أبلغ الخليجيين قبل أيام أن الرئيس السوري «خط أحمر» وأن روسيا استثمرت كثيراً في سورية ولن تعيد تكرار تجربة ليبيا – إشارة إلى ما تعتبره استبعاداً غربياً لها وإهانة قومية.

هذا الموقف، عملياً، يشكل تراجعاً آخر عن تفاهم مبهم آخر بين الديبلوماسية الروسية والديبلوماسية الأميركية. فمنذ عشرة أيام فقط، أوحى لافروف إلى كيري في اجتماعهما مطلع جولة كيري الأوروبية أن روسيا جاهزة للعمل الجدي نحو الحل السياسي وأنها جدية في ضغوط ستمارسها على الأسد مقابل ضغوط أميركية على المعارضة السورية. لم يقدم أية ضمانات، وفق ما فسّر الديبلوماسيون الروس لاحقاً. وعد فقط بالسعي وبذل الجهود مع النظام السوري مع العلم أن موسكو كررت دائماً – عندما لاءمها ذلك – أن نفوذها مع الرئيس السوري محدود إذ إنه لا يستمع إلى كل ما تقول له عكس مدى استماعه إلى ما تقوله إيران.

لم تقل الديبلوماسية الروسية أبداً إنها جاهزة للتخلي عن الرئيس السوري بل إنها تمسكت باستمرار أدواره في العملية السياسية الانتقالية مصرة على تراجع الديبلوماسية الأميركية عن مطالبته بالتنحي والرحيل إذا أرادت الحل السياسي.

وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون اعتبرت اتفاق جنيف في حزيران (يونيو) الماضي إنجازاً ديبلوماسياً إذ فسّرته بأنه اتفاق الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن على عملية سياسية تنقل سورية من حكمها الحالي إلى حكم جديد. افترضت، منطقياً، أن هذه العملية تعني عملياً انسحاب الرئيس السوري من السلطة تدريجاً تحت مظلة روسية – صينية – أميركية – بريطانية – فرنسية. عندما اتضح لهيلاري كلينتون أن ذلك الافتراض لم يكن أبداً في ذهن سيرغي لافروف بل عكسه، اعتبرت أن نظيرها الروسي نصب لها مكمناً، إذ كان في ذهنه منذ البداية قطف ما يلائمه في اتفاق جنيف ونصب الفخ الذي وقعت فيه كلينتون ونظراؤها الأوروبيون.

جون كيري بدا متحمساً لإقبال سيرغي لافروف على علاقة تهادنية وإيجابية معه. أسرع إلى إيلاء مهام قيادة الملف السوري إلى روسيا معتبراً أن الفرصة متاحة لنقلة نوعية في التفاهم الأميركي – الروسي بعدما وافقت واشنطن على شروط روسية غيّرت شروط العملية السياسية الانتقالية، أبرزها، الكف الأميركي عن مطالبة الأسد بالتنحي، وتتبنى الدعم للحل السياسي حصراً. افترض كيري، كما سبق وافترضت كلينتون، أن هذا يعني موافقة روسيا على عملية انتقالية سياسية جديدة تؤدي إلى رحيل الأسد لاحقاً بظروف تدريجية.

هذا الافتراض أميركي محض وليس روسياً، ولعل كيري أدرك ذلك في المحطة الخليجية من جولته بعدما سمع ما أبلغه لافروف إلى الخليجيين عن تمسك موسكو ببشار الأسد في السلطة واعتباره «خطاً أحمر».

فلقد استهل كيري جولته الأولى كوزير خارجية في إدارة أوباما الثانية متمنياً على الرئيس السوري الإصغاء إلى شعبه وأنهاها بقوله «أعتقد أن الأسد يدمر شعبه وبلده وأن السلطة لم تعد ملكاً له لأن الشعب أوضح له أنه فقد شرعيته»، وأردف لاحقاً أن «الأسد فقد شرعيته من حكم شعبه ولا مجال لاستعادته شعبيته… فالأسد قرر تدمير البلاد ليستمر في الحكم».

التدرج في مواقف كيري لم يقتصر على تقويم الرئيس السوري، وإنما شمل العلاقة الأميركية مع «الحل السياسي» ومع نوعية الدعم للمعارضة السورية. بدأ جولته بعرض إيصال المساعدة الطبية والغذائية مباشرة إلى المعارضة السورية وتقديم بعض التدريب لها مع حجب السماح بمدها بأسلحة فتاكة كي لا تقع في أيدي المتطرفين من أمثال «جبهة النصرة» وأخواتها. أنهاها بقوله «لا توجد ضمانات لعدم وصول الأسلحة إلى الأيدي الخطأ ولكنأ يمكن أن نؤكد أن هناك قدرة واضحة حالياً على أن نضمن أن تصل الأسلحة إلى المعتدلين من المعارضة، وبالتالي يزيدون الضغط على النظام». قال إن «العناصر السيئة لديها قدرة على الحصول على السلاح من إيران ومن حزب الله ومن روسيا»، و «نحن نقف ضد الإيرانيين الذين يقومون بمساعدتها وحزب الله والجهات المرتبطة بالقاعدة».

لقد تطوّرت مواقف كيري أثناء جولته وتدرجت حزماً نحو دمشق وطهران، بموازاة مع التمييز بين المعارضة السورية المتطرفة والمعارضة السورية المعتدلة. شدد كيري على أهمية وصول الأسلحة إلى المعارضة المعتدلة وقال «لدينا الآن ثقة أكبر في المعارضة، لكن لا يمكن ضمان وصول الأسلحة إلى جهات لسنا راضين عنها. فعلينا أن نتأكد أن دعمنا يعزز المعارضة المعتدلة».

فالولايات المتحدة كانت مترددة في دعم «الجيش الحر» في سورية خوفاً من الإسلاميين المتطرفين. الآن، يبدو أنها أعادت النظر ولا خوف لديها من سقوط السلاح في أيدي الأصوليين الجهاديين. لماذا؟ لأن «الجيش الحر» ما زال متماسكاً أمام المعادلة العسكرية التي هي حالياً لمصلحة النظام، ولأن هناك حاجة إلى إعادة التوازن على الأرض.

إعادة التوازن العسكري على الأرض، كما أوضحت مواقف كيري المتدرجة، مسألة ضرورية ليس فقط في المعركة بين النظام والمعارضة، وإنما أيضاً في إطار المفاوضات أو التفاهمات الأميركية – الروسية.

فالتوازن عنصر مهم للتأثير في المواقف الروسية لأن موسكو تزداد حدة وثقة بنفسها وإملاءً على المفاوض الأميركي كلما كانت موازين القوى على الأرض لمصلحة حليفها النظام السوري. وعليه، تدرجت المواقف الأميركية من معارض للحل العسكري وللدعم العسكري المباشر للمعارضة السورية إلى موافق على إحداث تغيير جدي في المعادلة العسكرية على الأرض قبل فوات الأوان، وإلى مستعد لتقديم أنواع معينة من الدعم العسكري على نسق التدريبات والمعلومات الاستخبارية وغيرها. هذا إلى جانب التنسيق مع بريطانيا ودول أخرى أوروبية وعربية لتوفير أنواع أخرى من الدعم العسكري الأكثر تطوراً للمعارضة السورية ترافق وتزامن مع انتهاء جولة كيري في الدوحة لقاء بالغ الأهمية بين ولي العهد السعودي وأمير قطر اعتُبِر استراتيجياً أتى بعدما تراجع الخوف الأميركي من وقوع الأسلحة في أيدي المتطرفين وبعدما برزت مؤشرات إلى دور أميركي أقل تقلصاً بل أكثر إقداماً.

تقلص أيضاً، في الوقت ذاته، أي أمل بإقناع روسيا بالموافقة على قرار في مجلس الأمن تحت الفصل السابع يجعل من العملية السياسية الانتقالية في سورية مسألة جدية وليست مجرد وسيلة للإلهاء ومبدأ «خذ وطالب». فلقد أوضح الخليجيون لوزير الخارجية الأميركي أن لا مجال للتخلي عن المعارضة السورية والتفرج على تقهقرها انتظاراً لتفاهم أميركي – روسي لا أفق جدياً له ولحل سياسي بلا أفق زمني.

ومع انتهاء جولة كيري الاستطلاعية اتخذ مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية مواقف ملفتة. بعض منها أتى ليؤكد للوزير الأميركي جدية عربية برفض الاكتفاء بالتفرج فيما تغازل إدارة أوباما الثانية إيران وتساوم روسيا على مسائل لا علاقة لسورية بها. والبعض الآخر أتى ليشكل مواقف جديدة نحو المسألة السورية.

فإلى جانب الزيارة المهمة لولي العهد السعودي إلى الدوحة، توجه الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني إلى لبنان بتكليف من دول الخليج «ليبلغه قلق مجلس التعاون البالغ من مواقف لبنان الأخيرة وبعض الأطراف اللبنانية من الأوضاع في سورية التي لا تعكس سياسة (النأي بالنفس) التي أعلن لبنان التزامه بها». ترجمة ذلك أن دول الخليج ستعتبر لبنان الرسمي الحكومي إما منضماً إلى سياسة «حزب الله» الداعمة مباشرة للنظام السوري أو أن رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة فقدا السيطرة على «حزب الله» – والنتيجة واحدة. فالرسالة ليست فقط رسالة استياء وإنما هي أيضاً رسالة تنبيه إلى أن هناك عواقب «للشطارة» اللبنانية.

هذه العواقب، وفق المصادر الخليجية لن تقتصر على تدهور العلاقة الاقتصادية بين لبنان ودول الخليج وما لذلك من إفرازات قاتلة على الاقتصاد اللبناني. ذلك أن دخول «حزب الله» طرفاً مباشراً في المحور الذي يضم إيران والنظام في دمشق بدعم روسيا يورط لبنان على الحدود السورية – اللبنانية ويوسّع دائرة المعركة مع النظام السوري لتشمل «حزب الله». وهذا يعني، وفق الخليجيين، أن على لبنان الدولة أن يتحمل عواقب مواقفه وأن على «حزب الله» أن يتهيأ للبعد الأوروبي في علاقاته ومكانته الدولية، لأن الأوروبيين على وشك مشاطرة هذا الرأي ورفع الحماية عن «حزب الله».

فإيفاد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي بهذه الزيارة والرسالة غير المسبوقة تطور مهم يعكس جدية المسألة وخطورة معالجتها. فأما الحكومة اللبنانية قادرة أو أنها غير قادرة – وفي الحالين، هناك استحقاقات.

فلقد تحركت الدول الخليجية وكذلك جامعة الدول العربية، هذا الأسبوع لتطويق الغزل الإيراني والروسي الذي تقبلته الإدارة الثانية بشغف، ولتطويق الاكتفاء بالتفرج على الكارثة السورية. سترتفع سخونة المواجهات في الجولة الآتية وستتأرجح السياسة الأميركية، مجدداً، هذه المرة نحو تفاهم أكبر مع الدول الخليجية إنما إبرة البوصلة الأميركية غير مستقرة حتى إشعار آخر. وهذا ما يساهم في إطالة المأساة السورية. 

منقول عن “الحياة” اللندنية

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | 1 Comment

الانحدار نحو الخراب في مصر

في الوقت الذي تتجه فيه جماعة الإخوان المسلمين في مصر نحو منحدر مالي، ما هي السياسة الصحيحة التي ينبغي على الولايات المتحدة اتباعها؟ بات هذا السؤال ملحا، حيث يتراجع الاحتياطي النقدي المصري وتقترب البلاد من حافة الهاوية. الحقائق الاقتصادية صادمة، فقد وصل احتياطي مصر الرسمي من النقد الأجنبي خلال شهر فبراير (شباط) إلى 13.5 مليار دولار، وهو ما يكفي بالكاد لتغطية واردات مصر لمدة ثلاثة أشهر، لكن يقول مسؤولون أميركيون إن الاحتياطي السائل المتاح بالفعل يتراوح بين ستة وسبعة مليارات دولار فقط. وقد ازدادت بالفعل صعوبة الحصول على الواردات بما فيها المواد الخام التي يحتاجها المصنعون المصريون. وشهدت البورصة المصرية تراجعا بنسبة 5 في المائة بداية الأسبوع الحالي مستشعرة خطرا يلوح في الأفق. وما الذي يفعله الرئيس محمد مرسي لوقف هذا التراجع؟ ليس بالكثير. لقد ظل مرسي مترددا لمدة عام في التفاوض على حزمة إنقاذ قدرها 5 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، وهو مبلغ تحتاجه مصر بشدة. ويماطل مرسي لقلقه من الغضب الشعبي تجاه الإصلاحات التي يريدها صندوق النقد الدولي ومنها خفض الدعم، الذي يستنفذ 25 في المائة من ميزانية الدولة. وتذهب 50 في المائة من الميزانية لدفع فوائد الديون ورواتب العاملين في القطاع العام.

لا يفصل الخطر المحدق بباب مصر سوى شهرين أو ثلاثة كما يعتقد مسؤولون أميركيون. على الجانب الآخر، تواجه الدولة اضطرابات سياسية متزايدة، حيث شهدت بورسعيد يوم الثلاثاء أعمال شغب أسفرت عن إصابة 50. وقدمت حكومة مرسي مقترحا جديدا إلى صندوق النقد الدولي الأسبوع الماضي، لكنه ربما لا يلبي الإصلاحات التي يطلبها الصندوق مما يؤدي إلى تأجيل هذه الخطوة لمدة أطول.

أهلا بالمرحلة الثانية من الربيع العربي، الذي لنا أن نسميه «اختبار الواقع». لقد راهنت الولايات المتحدة وحلفاؤها منذ عامين على أنه إذا وصلت جماعة الإخوان المسلمين إلى سدة الحكم، ستضطر إلى تحمل مسؤوليات الحكم مثل التفاوض من أجل الحصول على قروض من صندوق النقد الدولي وتبني إصلاحات اقتصادية لجذب المستثمرين. تحيط هذه الحقائق الواقعية الاقتصادية بمرسي من كل جانب، لكنه لم يبد أي أمارة من أمارات القيادة كما كانت تأمل الولايات المتحدة.

ما هي الخيارات السياسية المتاحة للولايات المتحدة في ظل اقتراب مصر من حافة الهاوية؟ يرى بعض منتقدي مرسي أن على الولايات المتحدة تركه يسقط. وتتبنى وجهة النظر هذه قوى المعارضة العلمانية، وبعض العناصر المحافظة في المنطقة. إنهم يأملون أن يرفض المصريون مرسي وحزبه خلال الانتخابات البرلمانية التي من المزمع إجراؤها في نهاية شهر أبريل (نيسان)، والتي ربما تتأجل بسبب بعض العراقيل القانونية.

وتميل السياسة الأميركية نحو دعم مرسي بدلا من تركه ليواجه مصيره، حيث شجع البيت الأبيض مرسي وصندوق النقد الدولي على التوصل إلى اتفاق قبل فوات الأوان وتفاقم الأضرار الاقتصادية. ومن الخطوات الجيدة التي اتخذتها الولايات المتحدة إنشاء «صندوق إنتربرايز» لتمويل المشروعات المصرية الصغيرة والمتوسطة والذي من المقرر أن يبدأ توزيع أول 60 مليون دولار منه خلال الشهر الحالي.

وعندما التقى وزير الخارجية، جون كيري، محمد مرسي على انفراد في القاهرة نهاية الأسبوع الماضي، قيل إنه حذره وأكد على ضرورة قيام مصر بالاختيار وأنها يجب ألا تنتظر إنقاذ واشنطن لها في اللحظة الأخيرة. مع ذلك من الواضح أن واشنطن تريد لمرسي النجاح خشية أن يكون البديل هو الفوضى أو انقلابا عسكريا. وينتظر الجيش المصري بالفعل على الهامش، ويتوق بعض جنرالاته إلى التدخل. وتعارض الولايات المتحدة أي استحواذ للجيش على السلطة.

وتقف الولايات المتحدة بدعمها لمرسي بشكل غير مناسب ضد المحافظين في المنطقة والنشطاء الليبراليين في مصر. ومن الواضح أن إدارة أوباما ما زالت تراهن على الديمقراطية الإسلامية في تركيا وفي مصر أيضا، فقد زار كيري أنقرة في إطار أولى جولاته الدبلوماسية وانتقد صراحة رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، لهجومه «المرفوض» على الصهيونية. وكان مفاجئا ألا يرد أردوغان، الذي يتسم بتقلب المزاج، على كيري، فقد قيل إن نقاشاتهما في أنقرة تضمنت المسار الممكن للمصالحة بين تركيا وإسرائيل. ويأمل مسؤولون أميركيون أن تتجه تركيا نحو استعادة علاقتها بإسرائيل بعد تأملها للاضطرابات المتنامية على حدودها في إيران والعراق وسوريا.

تستمر الثورة العربية في طريقها، وكذلك يستمر الرئيس أوباما في نهجه الحذر. وربما تكون أكبر مفاجأة ومفارقة هي كون علاقة حكومة الإخوان المسلمين في مصر بإسرائيل اليوم أفضل من علاقة تركيا، الحليف التقليدي لإسرائيل، بها. وربما تكون هذه هي أفضل ورقة لعب يمتلكها مرسي أمام واشنطن، فهو رغم كل إخفاقاته في قيادة مصر، لا يثير أي مشكلات لإسرائيل.

* خدمة «واشنطن بوست»

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

يا من هواه أعزه وأذلني

يا من هواه أعزه وأذلني                 كيف السبيل إلى وصالك دلني

وتركتني حيران صباً هائماً                  أرعى النجوم وأنت في نوم هني

عاهدتني أن لا تميل عن الهوى                   وحلفت لي يا غصن أن لا تنثني

هب النسيم ومال غصن مثله                         أين الزمان وأين ما عاهدتني

جاد الزمان وأنت ما واصلتني                           يا باخلاً بالوصل أنت قتلتني

واصلتني حتى ملكت حشاشتي ورجعت من بعد الوصال هجرتني

لما ملكت قياد سرى بالهوى وعلمت أني عاشق لك خنتني

ولأقعدن على الطريق فاشتكى في زي مظلوم وأنت ظلمتني

ولأشكينك عند سلطان الهوى ليعذبنك مثل ما عذبتني

ولأدعين عليك في جنح الدجى فعساك تبلى مثل ما أبليتني

‎أحمد بن سعيد البوسعيدي – مفكر حر؟

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

كَم موقف للحب فيه تكلمت

كَم موقف للحب فيه تكلمت بعيونها الفَتيات وَالفتيانُ

فتن الجَميع الحسن في ريعانه وَالحسن في ريعانه فتّان

يا مَنزِلاً فيه تعاطينا الهَوى لا أَنتَ أَنتَ وَلا الزَمان زَمان

جاءَ الخَريف مبكراً فَتَجَرَّدَت في الدوح من أَوراقها الأغصان

قَد كانَ ريحان وَكانَت روضة وَاليَوم لا روض وَلا ريحان

يبني الهزار عَلى الغصون لنفسه عشاً فتهدم عشه الغُربان

‎جميل صدقي الزهاوي (مفكر حر)؟

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

عمَّا قريب لن يبقى أحد في سـوريا

مونيكا بريتو وبريوديسمو اومانو

حوران (الحدود الأردنية- السورية)- بعد عبور الثغرة المفتوحة لهذا الغرض في الحاجز الرملي الذي يفصل سوريا عن الأردن، تنظر المرأة -أربعون عاماً، تجاعيد كالأخاديد وعيون شاخصة- حواليها بالارتباك نفسه الذي ينظر فيه رفاق مأساتها، وهم أكثر من مائتي لاجىء خرجوا بشكل غير شرعي من البلاد بصحبتها. تتلمس داخل حقيبتها إلى أن تعثر على زجاجة ماء تدنيها من أولادها، أربعة صبية بين الخامسة والعاشرة من أعمارهم، وتفرغها برقة في أفواههم بينما تبدأ بالبكاء.

في البداية كان بكاءً صامتاً لم يمنعها من مواصلة الاعتناء بأطفالها، لكن سرعان ما تحول إلى نحيب طويل ومعدٍ، في صرخة مكبوتة من الكرب وعدم اليقين. دموعها هي نوع من الوداع لما كان، حتى اللحظة، حياتها قبل أن ترى نفسها تتحول إلى لاجئة. دموعها هي التحقق من أن ثمن النجاة بالنفس هو التخلي عن كل ما يرمز إلى الحياة الطبيعية. ابنتها الكبرى تبدأ في البكاء فاتحة أعينها بشدة، كما يفعل ذلك النسوة – أم وأربع بنات- يجلسن بجانبهن، على حجارة متجمدة.

هذه المجموعة من اللاجئين، صف لا نهاية له من المدنيين، غالبيتهم نساء وأطفال، تم إيصالهم إلى الحدود في حافلات صغيرة يقودها أعضاء من الجيش السوري الحر، وقد هربوا لتوهم عبر واحدة من 45 نقطة حدودية غير شرعية حيث اعتادت قوات المملكة الهاشمية على مساعدة المدنيين الذين يهربون من البلد في حالة الحرب. يتعلق الأمر بمنطقة وعرة من الأرض التي تفصل بين سوريا والأردن-يتقاسم البلدان 378 كيلومتراً من الحدود- المراقبة، مثل بقية الحدود، من قبل القوات الأردنية، التي تسارع إلى تنظيم عملية النقل والمساعدة اللازمة لكل السوريين الهاربين.

على الحدود مع محافظة درعا، حيث الرسوم الجدارية لأطفال عذبهم النظام بسبب جرأتهم أطلقت الثورة التي آلت إلى حرب أهلية، تتواصل عملية نقل اللاجئين: في أقل من ساعة واحدة، وفقط عبر نقطة الحدود التي فرت منها النسوة اللاتي كن يبكين، ما لا يقل عن مائتين وخمسين شخصاً.

شقيقتان، مصحوبتان بعشرة من الأطفال، توضحان أنهم قادمون من صيدا، في محافظة درعا. “كل قريتنا تم إخلاؤها. طلب منا الجيش السوري الحر أن نغادر لأنهم يتوقعون هجوماً كبيراً”، تشرح إحداهن. قالتا إن عمليات القصف اشتدت في الأيام الأخيرة، وإنها المرة الأولى التي يتركون فيها القرية خالية تماماً. “قبل بضعة شهور، بمواجهة هجوم آخر، حملونا إلى طيبة، قرية أخرى مجاورة. الآن، طيبة أيضاً تم إخلاؤها”.

اللاجئون يأتون من مناطق مختلفة من درعا كالمذكورتين سابقاً طيبة وصيدا: تل شهاب، الحراك، بصرى؛ ومن درعا ذاتها عاصمة المحافظة. إحدى النساء، وجهها مغطى وتحمل رضيعاً بين ذراعيها، تؤكد أنها قادمة من حِمص. “احتجتُ يومين للوصول إلى هنا”،تقول هامسةً. لاجئة أخرى، محاطة بأطفال، ترفض الإجابة على الأسئلة لكنها تطلب أن نستمع إليها. “لا أحد يساعدنا، أين هو العالم، ماذا يتنظرون ليفعلوا شيئاً؟ لا نستطيع إلا الثقة بأن الله سيخلصنا من الأسـد”. بعض الأطفال الأكبر سناً يبتسمون ويتدافعون بأكواعهم بوجود الصحفيين، لكن الغالبية منهم خائفون. الجميع يشتركون في الارتجاف من الخوف ومن البرد: درجات الحرارة تنخفض إلى حد كبير عند الحدود الأردنية واللاجئون فروا بما عليهم من ثياب: في حالات كثيرة بالبيجامات الرياضية أو العادية والصنادل.

في هذه المعابر الحدودية غير الشرعية، ينظم حوالي ثمانمائة وخمسون عسكرياُ أردنياً دخول المدنيين السوريين، يوزعون الأغطية، والماء، وبعض الطعام. يفعلون ذلك على متن 450 عربة، كثير منها مصفحة لأنها الوحيدة القادرة على فتح الطريق عبر الثلوج التي تغطي الجبل خلال الشتاء. “مهمتنا هي تسهيل دخول اللاجئين، حماية أرواحهم وتوجيههم إلى المخيمات”، يشرح العميد حسين راشد الزيود، قائد حرس الحدود الأردني، لكنه يشدد على أنهم، بالوسائل التي تتوفر لديهم، لا يستطيعون مواجهة السيل البشري الذي يقترب منهم.

في الأيام الخمسين الأخيرة، استقبل الأردن تسعة وثمانين ألف لاجىء، الأمر الذي يترتب عليه تصاعد دراماتيكي في عدد الأشخاص الباحثين عن ملاذ: منذ انطلاقة الثورة، قبل حوالي عامين، سجلت المملكة الهاشمية مائتين وخمسة وسبعين ألف مدني سوري، بالرغم من أن العدد الاجمالي يُقدَّر بما يقرُب من ثلاثمائة وخمسين ألفا. إلى ما قبل شهرين، كان عدد الداخلين يتراوح بين ستمائة وثمانمائة شخص يومياً، لكن، منذ الأول من كانون الثاني|يناير، صار المعدل ثلاثة آلاف شخص يومياً ما يشير إلى تصاعد واضح في قمع نظام دمشق رداً على تقدم الثوار الواضح. يقدر أنه، في شهر تموز| يوليو القادم، سيكون الأردن قد استقبل ثلاثمائة ألف شخص آخرين. إجمالا، تقدر الأمم المتحدة وجود 725000 لاجىء، وأربعة ملايين نازح داخلي في سوريا.

حسب العميد الزيود، يأتي معظم اللاجئين من درعا- المجاورة للأردن- لكن بلاده تستقبل أيضاً لاجئين من السويداء الجنوبية، وحِمص، وحتى من دير الزور. “بعضهم يتوجب عليهم أن يقطعوا حتى ثمانين كيلومتراً في عرض الصحراء للوصول إلى هنا”،. يقر الزيود بأن قواته تنخرط في عمليات إطلاق نار مع الجنود السوريين الذين يطلقون النارعلى صفوف اللاجئين. “هذا يحدث يومياً” يقول، جازماً، بالرغم من رفضه إعطاء أرقام حول المصابين في صفوف جنوده. “نحن ندافع عن أراضينا وعن ضيوفنا” يقول مؤكداً.

استراتيجية الجيش الأرني تتضمن تجميع الهاربين في نقاط استقبال، تتكون من مقصورات مسبقة الصنع- واحدة تقوم بدور مركز التسجيل، وأخرى هي عيادة طبية، والعديد منها مجهزة بحمامات- وخيام كبيرة مجهزة بمعدات التدفئة الأساسية وسجاد على الأرض، قبل نقلهم إلى مخيم الزعتري للاجئين. منذ عبورهم للحدود حتى وصولهم للزعتري قد يمضون “ما بين ساعتين وأربع وعشرين، حسب الأوضاع المناخية” وفق ما يقوله العميد الزيود. في كل مرة يهطل فيها الثلج، تتحول الطرق الوعرة التي تربط سوريا والأردن إلى مغامرة بالنسبة للاجئين، وكثيرون منهم مزارعون يمشون بالصنادل، بدون جوارب، وبما لا يزيد عن ثياب تمكنوا من ارتداءها قبل مغادرة بيوتهم. يجرُّون حقائب كبيرة وحتى جراراُ من الزيتون، والبيض المطبوخ المحفوظ في الزيت والخضار المحفوظة . صار الطعام والثياب المقتنيات الأغلى قيمة.

يميل أحد الضباط قليلاُ على كتف العميد الزيود، الذي ينظر نحو الأرض. “يخطرونني بوصول مجموعة أخرى من اللاجئين”، يعلن العميد بصوت مرتفع. حل الليل، ودرجة الحرارة تنخفض إلى الصفر. على بعد أربعين كيلومتراً من النقطة الأولى للعبور، في الظلام الأكثر حلكة، يمكن تمييز خيالات بشرية لا نهاية لها تتحرك ببطء. ما يبدو في البداية أنه عشرات من الأشكال الغريبة سرعان ما يتحول إلى مئات من الأشخاص، بعضهم يجلسون في جماعة، يأخذون أنفاسهم بعد الرحلة الشاقة متدثرين بالأغطية التي جلبوها معهم. البعض الآخر يجرُّون أقدامهم، يقودهم الجنود الأردنيون، نحو نقطة استقبال تتموضع في أعلى الهضبة. الغالبية العظمى من النساء والأطفال: حسب الإحصاءات، اثنان وعشرون بالمائة فقط من اللاجئين في الأردن هم من الرجال. اثنان وأربعون بالمائة ممن يدخلون هم قاصرون. كثيرون يحملون أطفالاً رضعاً ملفوفين في الثياب، بعضهم في عمر أيام وأسابيع، وبكاء الأطفال يخترق ظلام الليل الثقيل. مسنون على أكتاف الرجل الأقوى بنية يكملون الصورة. سواء أكانوا من أقربائهم أو لم يكونوا: قافلة الهروب والخوف تؤاخي بين أولئك الذين يشكلون جزأً منها.

مجموعة من الشباب المستترين وراء كوفياتهم التقليدية، يوافقون على الكلام على أن لا يتم تصويرهم. يؤكدون أنهم أعضاء في الجيش السوري الحر مكلفون بإخلاء السكان المدنيين ومسؤولون عن هذه القافلة من اللاجئين. “اليوم أحضرنا 1200 لاجىء”، يوضح أحدهم، الذي يعرف عن نفسه بأبو سعود. نظرة سريعة إلى ما حولنا تجعلنا نفكر أن القافلة ليس مبالغاً فيها على الإطلاق. يقول إنهم مشوا أربع ساعات أثناء الليل، وإنهم في كل يوم يرافقون ما بين ألف وأربعة آلاف مدني من محافظة درعا. “الجيش السوري الحر استعاد كثيراً من الأراضي خلال الشهرين الماضيين ولهذا فإن النظام كثَّف من عمليات القصف ضدنا”.

يؤكد أبو سعود أن الوضع في درعا لا يحتمل. “لا يوجد كهرباء، لا يوجد خبز، المشافي الميدانية لم يعد لديها موارد. نحن نقوم بإخلاء المصابين على أكتافنا”، يقول قبل أن يضيف إن نصف المصابين الذين ينجحون بإيصالهم إلى الأراضي الأردنية عن طريق هذه النقطة فقط هو ما بين عشرين وثلاثين في الليلة الواحدة. رافق الشاب اليوم عائلته الخاصة: والده، والدته، أربعة أخوة وثلاث أخوات. “ما ال هناك آلاف الأشخاص ممن يحتاجون للإجلاء، مختبئين في الأقبية وينتظرون الفرصة للهروب، الحصار العسكري والقذائف يمنعانهم من الخروج”.

بعد تسجيل أنفسهم مظهرين هوياتهم الشخصية أمام السلطات الأردنية، يستلم اللاجئون أغطية ويتوجهون إلى إحدى الخيام الكبيرة حيث بالكاد يحميهم البلاستيك من الهواء المتجمد”. “بقي القليل من الناس داخل محافظة درعا. عمَّا قريب لن يبقى أحد في سوريا. سنأتي كلنا إلى الأردن”، يقول واحد من اللاجئين، شاب في الثامنة عشرة من عمره وصل برفقة أخته وزوجها وأربعة من أولاد أخته. “بالنسبة لنا ليس القصف شيئا جديداً، لكنهم لم يقصفوا قط كما في اليومين الماضيين. إنهم ينتقمون من الجيش السوري الحر بسبب تقدمه عسكرياً. اليوم، سقطت قنبلة على منزلنا. لقد تدمر. أخذنا ثيابنا ورحلنا: خرجنا عند الساعة الثانية والنصف ظهراً ووصلنا عند التاسعة والنصف مساءً. الطريق كان قاسياً جداً، رغم أن الجيش الحر ساعدنا بعرباته في المناطق التي توجد طرقات فيها”، يواصل الشاب كلامه، بنضج غير معتاد في عمره، بينما يراقب بمؤخر عينه أولاد أخته، المتشبثين بتنورة والدتهم.

الفارق الذي يجعلهم يهربون بالمئات في الوقت الراهن، توضح لنا مجموعة أخرى من اللاجئين المتزاحمين في إحدى زوايا الخيمة، هو نوع القذائف التي يستعلمها النظام السوري. “إنهم يقصفوننا بالسكود الآن، ومن هذا الشيء ليس هناك طريقة للاحتماء”، يقول أبو فراس. “منذ عشرة أيام وهم يطلقون علينا السكود والناس خائفون جداً. علاوة على ذلك، هم يقصفوننا من الجو ببراميل الديناميت، ويطلقون علينا القذائف من عيار 120 ميليمتر… معظم البيوت تهدمت: في كل مرة يتقدم فيها الجيش الحر، يزداد القصف كثافةً. بما أن النظام لا يمكنه القضاء على الجيش الحر، فإنه يقوم بقصف المدنيين”.

بعد أن تدفأوا في مركز الاستقبال، يصعد اللاجئون إلى وسائل نقل أردنية تتوجه بهم إلى مخيم اللاجئين. في نقطة أخرى على الحدود، ملأت الأمطار خزان (سد) مياه، اعتاد اللاجئون على عبوره على أقدامهم في الصيف. أما الآن، فينقلهم زورق بخاري إلى الجانب الآخر من الحدود: الجيش الأردني الهاشمي يقدِّر أن ألفاً وخمسمائة يهربون يومياً على متن القارب المتزعزع.

“خلال ستة وثلاثين عاماً في الجيش ومن التعامل مع كل نوع من أزمات اللاجئين، لم أر شيئاً شبيهاً”، يقر العميد زيود بينما ينظر إلى السد، طالباً عدم التعريف عن اسم مكانه. “في إحدى المناسبات، أذاعت إحدى محطات التلفزة العربية خبراً عن دخول لاجئين عبر هذه النقطة، معلنة اسم المنطقة. في اليوم التالي، قام النظام السوري بقصف مدخل السد”. على الجانب الآخر من الحدود تنقضُّ الانفجارات المتواصلة على قرية قريبة مسببةً اهتزازالأرض بشكل طفيف، مذكرةً بما يحمل السوريين على الفرار. واحد من اللاجئين يصف الأمر من دون انفعال. “القذائف تسقط كالمطر”. 

ترجمة: الحدرامي الأميني

http://periodismohumano.com/en-conf

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

نادين البدير: شروط الجنة

الراي

على الشرفة في الفجر، سكون وتراتيل وأذان وهواء صيف بارد. باق على بدء الصوم دقائق، مشهد تحتشد به الذكريات. لا أريد أن أنشغل بالذكريات خاصة وأن المشاهد التي تتزاحم الآن لم تكن كلها مفرحة، بل أريد أن أكتب. سأنشغل بالكتابة لأنها مهرب الأيام.

دق جرس الباب. أتأفف، فالجميع نائمون وعليّ النزول لفتح الباب. إنها العاملة التي تساعد أمي بالطهي. تأتي مبكرة جداً ولا أعلم متى تنام أو تستيقظ لكنها تصل وجه الفجر دائماً. فتحت لها الباب وأنا ابتسم. سيدة أربعينية بدينة، أعتقد أنها لم تفكر يوماً بالامتناع عن الأكل ولا علاقة لها بمسابقات الجمال والتنافس بين النساء. فستانها يكاد يتفتق من كثرة الدهن والشحم المحيطين بخصرها. لكنها تبتسم، وحينها تتحول لامرأة جميلة جداً، أسألها عن الحياة فتخبرني قصصاً مفجعة. عائلتها كلها تحتمي خلفها بمن فيهم الشبان. تنفق عليهم جميعا من الراتب القليل الذي تجمعه من خدمة المنازل. ولديها سبعة أطفال لا أعلم سبباً وجيهاً لإنجابهم في أسرة تعاني ضوائق مالية لا حصر لها. أسرة تتصرف دون تخطيط أو تفكير. ولديها حماتها المريضة. أعرف حماتها جيداً لأنها كانت تساعد في الطهي قبلها، لكنها لم تكن تبتسم مثلها. ولديها مسؤولية زوجها المقعد وأبنائها ولديها إخوتها ووالديها، كل هذا وتبتسم. نظرت في المرآة وحاولت أن أعقد مقارنة بين ابتسامتي وابتسامتها، ترى أيهما الأصدق والأعمق؟ من أين لها هذه الابتسامة؟

تذكرت مقالا كنت كتبته أثناء زيارتي لسريلانكا عنوانه (من الجنة). هناك، تعجبت وأنا أتجول بين الناس والفيلة والأفاعي والثعابين، من الابتسامة العميقة التي تحيط بي في تلك الغابة. ليس في المكان حضارة ولا أي تقنيات مثل التي أعيشها هنا، ليس هناك دور أزياء شهيرة ولا تنافس على الأجساد والأزياء أو ماركات السيارات. يركبون دراجة، يركبون فيلاً، يسيرون حفاة ولا يكترثون ولا يخضعون لشروط الدنيا، أقصى طموح الفرد الحضور لمنطقتنا والعمل عامين لتجميع ثمن قطعة أرض يبني عليها بيته، هذا هو حد ينتهي عنده الصخب والجنون والحلم والطموح والتهافت على المادة. والكل مبتسماً في الغابة، فكيف يبتسمون؟

أهذا هو شرط الجنة. أن تجتمع متع الطبيعة مع زهد المطالب لتملأ السعادة المكان؟ شرط معاكس للرسم التقليدي للجنة، والذي يصورها مجرد مكان تلبى به المطالب.

أذكر أني كنت أرتعد من منظر الأفاعي، وأذكر أن سيرلانكياً قال لي « إننا لا نخشاها فهي لا تؤذي بل الإنسان هو الذي يؤذي أخاه وهو من عليكِ أن تأمني منه لا الثعبان».

وتذكرت قريباً لي. بسيطاً جداً. سعيداً جداً. لديه عدد من الأبناء يفوق العشرة وأحفاده تجاوزوا رقم العشرين ووفرته المادية قليلة، لكن الضحكات والقهقهات تملأ منزله. ضحكات نابعة من قلوبهم بدليل أنها تصل لقلبي حين أسمعها.

وأنا أبتسم كثيراً لكنها بسمة حافلة بالأفكار، أبتسم ورأسي منشغلا بأشياء كثيرة. فهل علي وضع حد لشروط الدنيا كي تصدر البسمة من أعماقي. هل يجب أن تتملكنا القناعة والزهد في الحياة لنحيا سعداء. ما هذا الشرط المؤلم؟

أعشق أوجاع الطموح، لكني أغبط القانعين السعداء. أغبطهم للحظات فقط كالتي أعيشها الآن حيث أحاول الانسجام مع الفجر. بعدها أعود لأيامي الدنيوية بشروطها الصاخبة وأعود لمراقبة المبتسمين من الأعماق لكنهم ساكنون. لا يتحركون. لا يتغيرون أو يتقدمون. راضخون لكل شروط الجنةنادين البدير – مفكر حر؟‎

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا | Leave a comment

ساعة لدراسة الكمبيوتر أفضل من صلاة نافلة

في كلمتنا في العدد الماضي عن «لا حياة دون دين ولا حياة بالدين وحده» وضحنا الحدود القائمة ما بين الدين والدنيا، وحق كل منهما واليوم نعرض مثالاً تطبيقياً علي ذلك فأيهما أفضل للمسلم النمطي في هذا العصر، أن يقضي ساعة لدراسة الكمبيوتر أو أن يصلي نافلة؟

الكمبيوتر في العصر الحديث ثورة في اكتشاف آفاق المعرفة تفوق الثورة التي أحدثتها المطبعة عندما مدت الثقافة من الكتاب المنسوخ باليد إلي الكتاب المطبوع، وكما أن المطبعة كانت أعظم العوامل في إشاعة الثقافة والمعرفة بين الناس وإتاحتها للجماهير والجموع التي كانت محرومة منها، فإن الكمبيوتر أيضا أحدث ثورة في المعرفة والمعلومات لا تقتصر علي الثقافة، ولكن علي عالم الاتصالات الذي يربط كل جزء من أجزاء المجتمع بالأجزاء الأخري، ويجعلها تسير متناغمة في كل المجالات، ثم أوجد «جنياً» يفوق جني سيدنا سليمان الذي أحضر له عرش بلقيس قبل أن يرتد طرفه، وهذا الجني اسمه

E.mail

، وجني آخر اسمه

«FAX»

، وهؤلاء «الجان» يعملون في خدمة الكمبيوتر.

ولا يقل من هذا أهمية أن الكمبيوتر أوجد ساحة حرة شاملة مفتوحة للحوار وللمقالات والآراء والأخبار يطلق عليها «Internet»، وعلي هذه الساحة يمكن لكل واحد أن يكتب رأيه في أي شيء، وفي كل شيء كائنا ما كان هذا الرأي، لأن الإنترنت مما لا يمكن لسلطات الرقابة أن تتدخل فيه، فهل هناك ما هو أكثر روعة وإثارة للهمم من هذه الفرصة المجانية التي لا تكلفك إلا أن تكتب رأيك فيصبح مذاعاً ومعروفاً لعالم آخر.

إن الإنترنت يضم كل ما جاء في الصحف والقواميس، إنه أنسكلوبيديا شاملة إذا أعوزتك المعلومات فإنك تضغط علي زر علي شاشة الكمبيوتر فتظهر المعلومات مصنفة، مرتبة.

كان المحدثون القدامي يسافرون من المدينة إلي الفسطاط أو دمشق بحثاً عن حديث، فهل كان هولاء الناس الطيبون يتصورون أن ستظهر آلة، ما أن تضع فيها أسطوانة بحجم الكف حتي تعرض لك كل أحاديث الكتب الستة، ما كانوا يتصورون ولا يحلمون بمثل هذا الذي جعله الكمبيوتر أمراً واقعاً.

علي شاشة الإنترنت يمكن أن تقرأ مقالات لمسيحيين وبوذيين وإسرائيليين إلي جانب مقالات أشد الفئات الإسلامية تشدداً وتطرفاً، كما يمكن أن تجد الفلسفة إلي جانب الكتابات الجنسية والصور العارية.

لا جدال أن تعلم هذه الوسيلة الجديدة وأحكامها واستخدامها والإفادة من الاحتمالات التي لا حصر لها، والتي تطلعك علي أخبار العالم وتستخدم السماوات المفتوحة التي لا يمكن لرقابة الدولة أن تنالها. 

هل يمكن أن نقارن هذا بصلاة نافلة؟

في العصور القديمة كانت الحياة بسيطة، سهلة رخاءً، سخاءً، وكان الطابع الثبوتي الهادئ الساكن يحكمها، فلا تغيير ولا تبديل، وكان يمكن للرجل العادي أن يشبع حاجاته بأهون الوسائل، أو أن يتقشف ويصبح التقشف عادة، وكان الوقت طويلاً يسمح للمسلم بأن يصلي ويتعبد ويعتكف أيام رمضان ويصلي التراويح.. إلخ، ويسبق كل صلاة أو يعقبها بما يشاء من النوافل، وهو يريد بهذه العبادة أن ينقذ عنقه من النار وأن يرتع في رياض الجنة.

الأمر اختلف تماماً في العصر الحديث فقد أصبحت الحياة سباقاً حثيثاً وتعددت الاحتياجات ولم يعد يمكن الاستغناء عنها حتي لأفقر الطبقات التي لا يمكن أن تستغني عن ثلاجة وبوتاجاز وراديو وتليفزيون، ونجد التليفزيون يأخذ محل الصدارة، وعلي إنسان العصر الحديث أن يتحمل مسؤوليات ضخمة وأن يقوم بعمل جاد طوال ساعات العمل، وقد يكون عليه أن يقضي ساعة في المواصلات حتي يصل إلي مقر عمله، ويمضي ساعة أخري للعودة، وبعد هذا يحس بالحاجة للراحة ويكون عليه أن يقوم بالفروض المكتوبة من صلاة أو صيام ولا يتعداها، لأن الأولويات أصبحت تقضي بأن عليه أن ينمي معلوماته ويستكمل مهاراته ويتابع التطور في وسائل العمل، فالعصر الحديث رغم كل تقدمه، فإنه يتقاضي من الناس أجراً باهظاً لكل ما يقدمه من خدمات ورعاية، وتغير معني العبادة من المضمون الفردي الأناني إلي مضمون عام يقوم علي الإيثار، بحيث تكون العبادة في خدمة الناس وليس لإنقاذ صاحبها من النار، وهو بالطبع سينقذ نفسه من النار بهذه الخدمة أكثر مما ينقذها بصلاة النوافل والإنهماك في الصلوات والدعوات، ولا جدال أن هذا يمثل ارتفاعاً في مستوي الفهم، وإنه يجمع ما بين الدين والدنيا، ويجعله وهو الذي لا يقضي إلا الفروض المكتوبة ويستغل باقي وقته في دراسة أو خدمة أقرب إلي الله من الذي يعكف علي العبادة وينسي حظه من الحياة الدنيا.

نقول للمسلم المعاصر: أد الصلوات الخمس المفروضة، وصم شهر رمضان، وادفع زكاتك، وحج مرة واحدة إن استطعت، وبعد هذا ادخر جهدك ووقتك ومالك للدراسة، ولتمكين وضعك في عالم العصر، وللقيام بخدمات لإخوانك وزملائك، وتحقيق ما يتطلبه الوطن من رفعة، فهذه هي الأولويات التي يتطلبها العصر ولا يرفضها الدين في الوقت نفسه.

من أجل هذا قلنا ساعة لدراسة الكمبيوتر أفضل من صلاة نافلة.جمال البنا – مفكر حر

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا | Leave a comment

المعتوه والرياضة وكعكة الوزارة

لست من الذين يحبون الرياضة بكل انواعها خصوصا كرة القدم، ولعلي املك اسبابي الخاصة بذلك.

اعرف تماما ان هذا الكلام سيغضب احبتي من محبي الرياضة والرياضيين ولعل احدهم سيقول بعد ان يقرا المقال (عمي دتطير).

لا املك الحق في الرد عليهم فالحب لاسلطان عليه تماما مثل الكره ولكني مقابل ذلك اكن شيئا من الضغينة لهذه الكرة التي يتقاذفها لاعبون استطاعوا الاثراء من خلالها وفضلهم في ذلك انهم يملكون سيقانا قوية.

لا اعتقد ان صحفيا عراقيا ومنذ سنوات طوال يدعي انه مرتاح ماليا ونفس القول ينطبق على الكاتب والفنان والرسام والخطاط، ماعدا طبعا مطربي هذه الايام الذين بزوا بعض رجال الدين في مغازلة مابين الافخاذ، بينما تجد ان احدهم يركض مسرعا والكرة بين ساقيه نحو هدف “العدو” ويدخل الكرة في المرمى حينها تنهال عليه الدنانير او الدولارات من كل حدب وصوب.

لماذا؟ لانه حسب راي هؤلاء انه رفع اسم بلده عاليا امام الامم بينما الصحفي او الروائي او الفنان فهو مجرد بياع كلام او صور لايقدم ولايؤخر.

بعض مثقفينا ينحت بالصخر من اجل ان يكتب قناعاته ويظل طيلة سنوات طويلة ينحت وينحت ويرى النتيجة بعد ذلك بان هذه السنوات هي سنوات عجاف ويتمنى لحظتها الا يموت من شدة المرض او الجوع او القهر.

هناك العشرات من فنانينا ومثقفينا اما ماتوا قهرا او انهم ينتظرون الموت على فراش المرض ولااحد يعيرهم اي اهتمام.

لناخذ الصورة كالاتي: فؤاد سالم ،عفيفة اسكندر،امل طه،بدر شاكر السياب،وغيرهم ممن لم تحضرني ذكراهم الان قدموا عصارة حياتهم الى الناس وحين احتاجوا اليهم اي الى من يهمه الامر اداروا لهم الظهور.

مقابل هذا ستنقلب الدنيا ولاتقعد حين يمرض احد لاعبي المنتخب الوطني او على الاقل يعطس بسبب اصابته بالزكام،حينها سيسرع ارفع مسؤول في الدولة او البرطمان او الكتل السياسية المتصارعة الى تقديم العون كل العون ولدينا شواهد كثيرة على ذلك.

من هذه الزاوية فقط اكره الرياضة ولكني لا اكره الرياضيين.

اتذكر قبل سنوات استقدمت قطر احد المدربين الاجانب لتدريب فريقها الوطني واستطاع هذا المدرب ان يحقق انجازا كرويا لهذا الفريق ،حينها اعلنت الحكومة القطرية منح هذا المدرب الجنسية القطرية.

ارايتم اين المهزلة؟ وكان الجنسية القطرية ارفع وسام عالمي ولا وسام جائزة نوبل او زهرة اللوتس.

نقطة نظام: مقابل هذا رحلت الحكومة القطرية الاف القطريين بعيدا عن الحدود مانعة عنهم ابسط حقوقهم وهو المواطنة القطرية.

سيقول البعض من حق اي دولة ان تتباهى بانجازها الرياضي..هذا صحيح ولكني اتحدى اي دولة تتباهى مقابل ذلك بارتفاع عدد المبدعين من المثقفين فيها. واذا حدث فهو يحدث على طريقة النخبوية اي حين ينحت هذا المثقف في الصخر طيلة سنوات طويلة وبعد ان يشتهر اسمه بين الناس تاتي الدولة لتحتضنه ليس حبا به وانما بدافع الانانية التي تفرضها لنشر انجازها قبل انجاز هذا المثقف.

امس فاز فريق الرماية العراقي بالمركز الثالث عربيا وسنرى كيف يتم تكريم هؤلاء اما ذلك الذي يصدر رواية او بحثا علميا او ديوان شعر ويدفع “دم” قلبه لاصحاب دور النشر الذين يسري فيهم الدم اليهودي ،وهو تعبير مجازي على اية حال،فهو فاصلة بين جملتين يمكن ان تحذف في اي وقت.

فاصل وزاري:تطورت الرشوة في العوراق العظيم فلم تعد للدولارات اية قيمة وحل محلها (التوزير) وهي تلخص المعادلة التالية:كن معي ضد الاخر لاعطيك الوزارة التي تريدها..فعلا لانها وزارات اللي خلفوهمتواصل مع محمد الرديني فيسبوك

Posted in الأدب والفن, فكر حر | Leave a comment

النموذج الدمشقي بين (خالد العظم والشيخ معاذ الخطيب) في معادلة ( المنفتح والمفتوح ) ..!!!

عبد الرزاق عيد

ربما خطر للقاريء أننا نريد بهذا العنوان النيل من الشيخ معاذ – معاذ الله – فالرجل هو المتحدث عن نفسه وعن طاقمه بأنهم ( مفتوحون )، وليس نحن ..!!!

دائما كنا نتحدث عن حاجة سوريا إلى مرحلة انتقالية دستورية (ليبرالية باردة) بعد سقوط الجحيم الأسدي ونيرانه المجنونة، وذلك لتبريد (حمى الإيديولوجيات : الإسلامية والقومية واليسارية )، وأفضل تمثيل قيادي لهذه المرحلة الدستورية الليبرالية (التبريدية)، هم الدمشقيون (إسلاميين كانوا أم قوميين أم يساريين )، بسبب الإعتدال المدني الدمشقي الذي قد يجد به الحلبيون والحمويون والديريون طراوة ورخاوة ونعومة تتعارض مع (المرجلة الهمشرية القبضاوية للحلبيين والحمويين والديريين)، وكانت عيننا تنظر إلى نماذج مدنية ديموقراطية ثقافية أرستقراطية رفيعة الذوق والسلوك في صورة نماذج من أمثال (خالد العظم وشكري القوتلي…الخ) في مواجهة الصورة الجنكيز خانية للطاغية السفاح الهمجي الأسد الأب …

إذ قد حرمت سوريا من ذوق هذه الأرستقراطية المدنية وكياستها وتهذيبها المدني والحضاري خلال أكثر من خمسين سنة بعثية شعبوية فظة وشرسة ((وأوباش زعران)، و منها أربعين سنة رعاعية ريفية أسدية دهماوية تكشفت عن غرائزية دموية همجية بدائية ليس لها نظير في التاريخ الإنساني وصولا إلى لحظتنا الراهنة …

لكن يبدو أن دكنجية الأسواق الدمشقية الجاهلة – المماثلة بنيويا حثاليا للرعاعية الأسدية- من محدثي النعمة من نماذج (رياض سيف)، اختارت لنا شيخا (معاذ الخطيب) على قدر سقف ثقافتها، حيث لا يميز بين ( اسم الفاعل وأسم المفعول)، مما يتعلمه أبناؤنا قبل المرحلة الإعدادية، فيتحدث الرجل ليس كخطيب للجامع الأموي الكبيركما تفترض المهابة العلمية والثقافية والبلاغية للأفذاذ كشكري القوتلي وخالد العظم ولرمزية الجامع الأموي الكبير، بل كدكنجية (سوق الحميدية )، فيقدم نفسه وفريقه السياسي للعالم بمؤتمر صحفي، بوصفهم ( مفتوحين ) اسم مفعول ، وليس (منفتحين ) أسم فاعل، ولا نعرف حينها إذا كان عليه أن يقول : (بلا معنى!!!) …

مما إذا كان يجهله لغويا جيل الدكنجية الأباء، فإنه يعرفه أبناء (دكنجية سوق الحميدية ) الشباب المتعلمين، ويخجلون منه ليس ثقافيا فحسب ، بل واجتماعيا، حتى ولو كان توصيف الشيخ معاذ صادقا في توصيف فريقه (بأنه ملتبس بين المفتوح والمنفتح ) في (الإئتلاف)، الذين راح الناس يحذفون النقطة عن الضاد في مفردة ( المعارضة ) بسبب هذا الالتباس بين ( المنفتح والمفتوح ) … غفر الله لكم يا شيخنا أنت وطاقمك (المفتوح ) …بلا معنى !!!

Posted in ربيع سوريا, كاريكاتور | Leave a comment