محصور بأهل السنّة

picrud

اعلان لانتخاب الاسد قمة في اوقاحة

الكل حكي عن مستقبل العلويين في سوريا ، و شو اللي ناطر العلويين بعد سقوط الاسد الحتمي، و شو اللي رح يترتّب عن وقوف العلويين الى صف الاسد في معركتو ضد الشعب السوري..

و لكن..
هل حدا حكي عن مستقبل السنّة في سوريا بعد سقوط النظام ؟؟؟

رح نفتح عيوننا في يوم قريب من الايام ، و نشوف بشار الاسد اما هارب او مقتول او أسير..
ملفات عديدة رح نواجهها كسوريين بشكل عام، و مسلمين سنّة كأبرز المتضررين من حرب الإبادة بشكل خاص..
بعتقد انو ملف المفقودين رح يكون من ابرز التحديات اللي رح نصادفها باليوم الاول .. ناس ما منعرف وينهون ، ما منعرف اذا عايشين او ميتين ، ما منعرف اذا جثثهم مدفونة او محروقة او مقطّعة..
سبعين الف مفقود ما منعرف اذا لازم نصدر بحقهم شهادات وفاة ، او نترك أهاليهم عايشين على امل يلتقوا فيهم بيوم من الايام!!!!
و ما بيزيد ملف المفقودين أهمية عن ملف اللاجئين العائدين.. ستة مليون لاجىء بحاجة فورا الى ستة مليون بيت لايواءهم ، و بحاجة فورية لأسقف و حيطان غير موجودة، و بحاجة لمئات المليارات من الدولارات اللي سالت مع الدم السوري لبدء العمل ببناءها..
عداكون عن ملف أهالي الشهداء اللي فقدوا أبناءهم و معيليهم و ازواجهم و رجعوا الى بلد من دون مصدر للاسترزاق .. فاكتر من نص مليون عيلة ممن فقدوا رجالهون رح نشوفهون عاجزين عن تأمين لقمة خبز يسدّوا فيها زاوية جائعة من زوايا معداتهم..
غير ملف العلم و المدارس.. فأكتر من مليونين طفل الهون تلات سنين ما حملو كتاب يقرؤا فيه، و لا دفتر يكتبو عليه .. فلو توقفت الحرب اليوم رح نشوف مليونين طفل من دون مدارس لإعادة تأهيلهم و الاستثمار فيهم لسوريا جديدة ..
عداك عن ملفات الأمراض النفسية ، و الأعطاب الجسدية ، و تأثيرات السلاح الكيماوي ، و ملف المعاقين ، و ملف المسلحين ،و ملف تفكك النسيج الاجتماعي ، و ملف اهتراء النسيج الطبقي..

من هون بحب قول لكل مين واقف مع الاسد بشكل عام، و بوجّه كلامي للعلويين بشكل خاص..

هل دم نص مليون سنّي ما أروى حقدكون لهلأ ؟؟
هل دموع ستة مليون خايف سنّي ما بلّلت قلوبكم المليانة شحار؟؟
هل ضجيج المعدات الخالية لعشرة مليون سنّي ما أشبعت كراهيتكون الغير مبررة ؟؟

رح يطلع مين يتفزلك عند هالمسا و يقول : لا تعمّم يا ابن الصوفي ..

بوعدك ايها المثقف المتفزلك، يا ابو العواطف الانتقائية ، انّو أتوقّف عن تعميم القاتل، فقط لما بشوف انو الموت و التشرّد و اللجوء و الخوف و الهروب و الجوع صار عمومي عند الكل، و ليس حق خاص و حصري و مكفول و مضمون و من دون شروط و محصور بأهل السنّة فقط..

موعدنا الوطن..

Posted in الأدب والفن, ربيع سوريا | Leave a comment

مجموعة فكاهات تعكس نوع العلاقات

مجموعة فكاهات تعكس نوع العلاقاتmmt

لاشك من ان النكتة والفكاهة تعكس مافي القلب من حب ، او تندر ، او استفهام …

ذهب شخص لمقابلة البابا ، وبدء الحديث معه …

فقال سيادة المحترم … انا طباخ وأبي طباخ وجدي طباخ وجد جدي طباخ ، فنحن عائلة طباخين منذ سنين طويلة …!.

فرد عليه البابا … كيف استطيع خدمتك …؟.

فرد الطباخ … يا سيدي هنالك فاتورة عشاء منذ الفين سنة لم تدفع ، فهل تأمر بصرفها (( العشاء الرباني )) …!.

شخص وجد له مصباح سحري ، فقال لخادم المصباح نفذ طلباتي …؟.

فرد عليه خادم المصباح … ولكن بشرط …!. كل طلب لك يقابله لجارك اثنين …!.

فقال له … سيارة وهكذا أصح لصديقه او جاره سيارتين …

قال بيت … حصل جاره على بيتين …

فقال هذا الشخص … ولكنني لا احب جاري ففكر …!. وطلب من صاحب المصباح فقال شيل لي بيضة ..؟.

توفيت زوجة أحدهم في فلسطين … وعندما أراد دفنها قالوا له هنا (( 1000 ))بألف دولار ، وإذا رجعت بها الى بيروت تكون (( 100000 )) مائة الف دولار .

فحملها وذهب بها الى لبنان لدفنها …

فقالوا له لماذا فعلت ذلك ، ولم تدفنها في فلسطين حيث هناك أرخص …؟.

فقال هنا توفى شخص قبل (( 2000 )) سنة ، ورجع الى الحياة ، وقام من القبر …!.

حصل شخصا على مصباح سحري …؟.

وخرج خادم المصباح فقال له شبيك لبيك …

فرد عليه قائلا … اريد قصرا …؟.

فقال له خادم المصباح … ولكن كل شيئا تحصل عليه (( 10 )) عشرة مرات ، او عشرة أمثاله لزوجتك …!.

وهكذا طلب سيارة ، وبعدها بيت ، ومال وهنا لم يستطيع تحمل ذلك ..؟.

فقال لخادم المصباح … الرجاء اعمل لي سكتة قلبية خفيفة جداً … ها ها ها …

‎هيثم هاشم – مفكر حر؟‎

Posted in الأدب والفن, كاريكاتور | Leave a comment

هام اميركي سوري جيمس زغبي تحاوره هيفي بوظو

boxelection

إعداد وتقديم : هيفي بوظو, في المحور | مع جيمس الزغبي مؤسس ورئيس المؤسسة العربية الأميركية

Posted in ربيع سوريا, يوتيوب | Leave a comment

DNA 21/05/2014 الحريري ..عون..والرئاسة

1e0305a3bb8701c9ead97296c795b72d_llllllllllllllllllllllllllllllllllllllll

Posted in ربيع سوريا, يوتيوب | Leave a comment

أصبحت اليوم ﻻجىء

أصبحت اليوم ﻻجىءsyrfkowermap
في حضن دولة غربية دافىء
تركت خلفي دارا نصفها فارغ
ونصفها جعلوا منه مدافىء
وأقارب نصفهم تحت الثرى
والباقي في الملاجىء
حملت معي هوية بلا معالم
لم يسألوني أن كنت صادقا
أو حتى أن كنت كاذب
فالهارب من الموت صادق
حتى وان كان كاذبا عن كاذب
اخذوا مني هويتي وأوراقي
اخذوا كل ماض قالوا انه تالف
وطن خرجت منه لما انت نادم؟؟
قلت خلقت انا من ثرى ارض
غدى البقاء فيها محفوفا بالمخاطر
لكنها سنة الكون مهما اغتربنا
نعود كالطيور الى المنابع
عند رحيل الموت وصمت المدافع

Posted in الأدب والفن, ربيع سوريا | Leave a comment

سر بثينة شعبان!

محمد كريشان

آلهة الشر بثينة شعبان

آلهة الشر بثينة شعبان

أريد أن أفشي سرا عن استقالة الإبراهيمي فهو منذ أن أتى لسوريا كانت عنده أجندة واحدة هي إقناع الرئيس الأسد بالاستقالة. في الاجتماعين الأولين كان يقول نحن ومنذ أربعين عاما وشعوبنا مقهورة ويجب أن تصبح ديمقراطية.. الخ… أي أنه كان يتكلم بالمنطق الغربي.
بعدها طلب اجتماعا مغلقا مع الرئيس الأسد وحاول أن يقنعه بالاستقالة، وتُحل المشكلة بالنسبة لأمريكا ليتم تنصيب من يشاؤون وينتهي الأمر”.
هذا ما قالته بثينة شعبان المستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية السورية لقناة االمنارب الحليفة لرئيسها مضيفة أن االإبراهيمي أخذ وقتا كثيرا ليكتشف من هو الرئيس بشار الأسد ومن هي سوريا، فالرئيس لن يتنحى ويترك شعبه.
الحمد لله أن من علينا أخيرا بمعرفة هذا السر الخطير وهو أن الأخضر الإبراهيمي المبعوث العربي والدولي لسوريا ما كان ليستقيل لولا يأسه التام من تنحي الأسد وإن كانت السيدة المستشارة أصابت في القول بأن الإبراهيمي تأخر كثيرا في فهم من هو بشار الأسد لأنه يفترض في كل من له ذرة باقية من وعي أن يدرك منذ البداية أن هذه الطينة من الرؤساء لا تتصور أبدا أي مكانة لشعوبها أو بلدانها خارج السياق الذي يكونون هم فيه في صدارة المشهد الذي يقررون فيه الحياة أو الموت للجميع.
أكثر من ذلك، الحل السياسي في سوريا الذي يتغنى به الكل الآن بلا فائدة لا يعدو أن يكون بالنسبة إلى السيدة شعبان “تنصيبا لعملاء (…) بحيث تصبح سوريا ورقة بأيديهم بينما الحل الذي نريده نحن هو أن نتخلص من الإرهاب وأن تكون سوريا عزيزة كريمة قوية يحكمها شعب مقاوم”.
وبطبيعة الحال، كي تصبح سوريا عزيزة كريمة قوية فلا مفر من أن يواصل بشار الأسد حكمها لأن هذا الشعب المقاوم الذي تشير إليه السيدة شعبان سيكون قريبا إما أبيد أو أن من بقي منه ما زال يقاوم بشار وليس شيئا آخر.
وأرسلت السيدة شعبان في نفس المقابلة إشارات “مطمئنة للغاية” عن طبيعة الانتخابات الرئاسية السورية المقبلة ومدى نزاهتها حيث تقول “إننا وجهنا دعوات للدول الصديقة لتحضر كضيوف للانتخابات (وليس كمراقبين إنتبهوا!!) ونحن يهمنا الأصدقاء وليس الأعداء فقد تخلصنا من اللغو الغربي حول الديمقراطية وحقوق الإنسان وحول المراقبة، لدينا ثقة بالنفس فنحن شعب حر وذكي والشعب هو أفضل مراقب لهذه الانتخابات”.
هذا الشعب هو فعلا كذلك رغم أن رئيسه لا يريد أن يقر له بهذه الفضيلة على الأقل رغم أن مئات الآلاف منه باتوا لاجئين خارج وطنهم أو مشردين داخله، ومئات الآلاف الآخرين يتامى وجوعى ومعاقون لأن ذكاء جزء هام من هذا الشعب، حتى لا نقول كل الشعب، أوصله ذات يوم للمطالبة بتنحيه.
السيدة بثينة شعبان لم تنس أن تزف إلينا بشرى أن “الأزمة السورية أصبحت الآن في نهايتها، وأن الجيش أفضل حالا مما كان عليه في أول الأزمة، والعمليات الكبرى ستنتهي في نهاية 2014 وسيخرج جيشنا منتصرا وبوضع أفضل”.
عندما تقرأ هذا النوع من التصريحات تفهم لماذا يستمر النزيف السوري وكيف تعمي المكابرة عن رؤية الواقع.
عليه العوض ومنه العوض!

محمد كريشان: القدس العربي

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا, فكر حر | Leave a comment

يا اوﻻد الكلب؛ كل واحد منكن يشيل هل الخرا من ايدوا

جورج كدرfunyinternet

جلس الوالد على سرير موته جامعا حوله أوﻻده لعطيهم وصيته الأخيرة…كانت نظراته ترتعش ويديه ترتجف…إنها لحظة الوداع التي يخشاها كل منا..
أمسك حزمة العصا.. ونظر الى أوﻻده؛ المنشغلين عنه؛ وأسى الفراق يعصر قلبه … تنحنح الوالد لكن أيا من أبنائه لم يعره اهتمام؛ فكر أن لحظة موت والده كانت أكثر قدسية؟ غريب جيل هذا الزمن حتى لحظة الموت لم تعد تعنيه إﻻ كشعور افتراضي …ﻻ تزال العصي ترتجف في يده ونظراته ترتعش… استجمع الوالد حلاوة الروح بداخله وصرخ صرخته الأخيرة: قائلا:
في مجال؛ يا اوﻻد الكلب؛ كل واحد منكن يشيل هل الخرا من ايدوا ويسكر حساب الفيس بطيخ تبعوا لنحكي وصية العصي يلي ترقع ع جنابكن …

Posted in الأدب والفن, ربيع سوريا, كاريكاتور | Leave a comment

سوريا: 160 ألف قتيل .. وما زال أدونيس ثابتاً

دخلت الثورة السورية عامها الرابع. تضاعف عدد الضحايا وبات الموت عادياً. اللاجئون أيضاً ازدادت أعدادهم ولم يعد مرحّباً dimawanousبهم كما في السابق. نسينا طائرات الميغ وصواريخ السكود في زحمة البراميل والكيماوي والكلور والغازات السامة الأخرى.

نسينا التعذيب وبات الموت بغير طريقة هو الاستثناء. نسينا البيت لأن بيوت الكثيرين باتت مدمّرة وحياتهم مفتوحة على كل الاحتمالات. وتحقق الأمر الذي كان ضرباً من الخيال بالنسبة إلى معظم السوريين المؤمنين بالثورة، لقد رشّح بشار الأسد نفسه لولاية جديدة من القتل والدمار وكل البشاعات التي قرأنا عنها في الأدب والتي لم نقرأ عنها بعد، لأنها لم تحصل في التاريخ. من يعرف رئيساً أو زعيماً أو ملكاً أو سلطاناً مارس قتل شعبه لسنوات ثلاث، وها هو يرشّح نفسه لإكمال القتل للسنة الرابعة وربما الخامسة والسادسة..

كل ذلك القتل والدمار والتنكيل والتهجير، لم يقنع الشاعر الكبير أدونيس بأن ثمة ثورة في بلاده. وبأن ثمة جلّاداً يسكن في دمشق لا يعرف الرحمة. وبأن “العصابات الإرهابية” لم تكن موجودة على أي رقعة سورية عندما أعلن النظام على لسان الناطقة باسمه، وجود تلك العصابات. وربما يخيب أمل أدونيس إذ إن العلماني الذي خرج من الجامع بداية الثورة، لا يزال علمانياً ولم يتأسلم. لا بل وظلّ مؤمناً بالثورة ويعمل لأجلها. كثيرون ممن خرجوا من الجوامع، لا يزالون في سوريا. ربما لم يعد باستطاعتهم ممارسة حراك واسع كما حصل بداية الثورة، وربما تكيّفوا مع إيقاع الحياة هناك، وربما أصبحوا أكثر براغماتية في التعامل مع الآخر السفّاح والشبيح والضابط وعنصر المخابرات، إلا أنهم لم يتخلوا عن أفكارهم ولم يصبهم اليأس. إنهم يسكنون هناك، تحت القصف (حتى وإن باتت هذه العبارة ممجوجة ومضجرة)، لكنهم يعيشون هناك. ردود أفعالهم باتت مرتبطة بالأصوات المحيطة بهم، هدير الطائرات والقصف، وأعينهم تتسع لأعمدة الدخان التي باتت جزءاً لا ينفصل عن سماء معظم المدن السورية. وحركات أجسادهم مبرمجة على الوقوف عند الحواجز. صاروا خبراء في النظر بعيني الضابط وهو يتفحّص هوياتهم الشخصية “القاتلة”. إبن إدلب الذي ولد في دمشق وعاش فيها، يتجنّب المرور أمام حواجز محدّدة خوفاً من الاعتقال. إبن دوما وداريا وحرستا والحجر الأسود.. أبناء سوريا.

كم سورياً يجب أن يقتل ليقتنع الشاعر السوري العالمي أدونيس أن ثمة جلّاداً وضحية؟

“مأخذي على الثورات العربية أنها شوّهت الثورة وجمالها وحقيقتها… وهي بالنسبة لي في نفس الموقع مع النظام”. كيف يمكن للثورات العربية أن تشوّه الثورة وجمالها وحقيقتها؟ هل كان على السوريين أن يقوموا بثورة فرنسية مثلاً؟ وعن أي جمال يتحدّث أدونيس؟ هل رأى جمال عيني غياث مطر؟ هل لمح تلك الابتسامة التي تتدفق من نظراته؟ هل رافقه في جولته لتوزيع الورود على عناصر الجيش؟ هل يعرف أن الجيش يقابل الوردة برصاصة حرفياً؟ من يقتل جمال الثورة؟ من الذي أطفأ بريق أعين أكثر من 160 ألف سوري؟

بداية الثورة، تداول مقرّبون من عائلة الأسد أن أهل “السيدة الأولى” ينصحون “رئيس” البلاد، بعدم التهاون مع السوريين لأنهم “رعاع” والحذاء العسكري وحده يليق بهم. مع بداية السنة الرابعة للثورة، يرى “شاعر السوريين”، أن “مشكلة تغيير النظام، مشكلة ثانوية في حين أن المشكلة الجذرية التي نحتاج إلى حلّها هي تغيير المجتمع”! نحتاج؟ نون الجماعة؟ من نحن؟ من أنتم الذين تحتاجون إلى حلول؟ وهل بات المجتمع الذي هدر دمه أمام أعين وآذان الجميع، غير لائق بكم؟ أنتم العائلة الحاكمة بالدم وأصدقاؤها والمؤمنون بها وب”شرعيتها”. ألم تصف بشار الأسد بالرئيس المنتخب في بداية الثورة؟ الرئيس “المنتخب” قتل حتى اليوم، أكثر من 160 ألفاً وشرّد الملايين. ماذا كان سيفعل لو أنه غير منتخب!

المشكلة الجذرية تكمن في تغيير المجتمع، ليليق بكم. وهذا ما يحصل في كل الأحوال. الشعب السوري يقتل ويصفّى مع كل شهيق تتنفّسه. إنهم يبيدونه بكل ما تحتمل الكلمة من قسوة وخيال. يستخدمون الكلور لإبادته وكل ما توفّر من مواد سامّة. إنهم يطهّرون سوريا لتصبح جديرة بكم. الشعب السوري لا تليق به الحضارة، فدمّروا الآثار وأحرقوا الجوامع وقصفوا القلاع والمدن الميتة في ريف إدلب باتت ميتة بالفعل.

تليق تلك الأنقاض وبقايا العمارات الأثرية وركام الأبنية، بالطاغية “المنتخب” وبمن يقف في صفّه، إلى جانبه، ضدّ شعب ينتمي إليه، ويعاديه ويتعالى على أوجاعه وقهره وفقره.

ديمة ونوس – كاتبة سورية , روائية وقاصة – المدن

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

بوكو حرام وحد الردة في السودان: تدمير الإسلام في افريقيا

د. عبدالوهاب الأفنديnigeria-bokoharam-girls

أشرفت في النصف الأول من الثمانينات، على تغطية أحداث عنف نيجيري كان محورها مجموعة دينية عرفت بجماعة ‘الميتاتسين’ وزعيمها الحاج مروة المهاجر من الكاميرون ونزيل مدينة كانو. وكان مروة-الميتاتسين يجمع حوله فقراء المدن، خاصة تلاميذ كتاتيب القرآن، وتكاثر أتباعه في السبعينات، حيث أخذ يصور نفسه مجدداً على سنة عثمان دانفوديو، بل وقيل إنه ادعى النبوة، وكثرت صداماتهم مع الخصوم. وفي عام 1980، تدخل الجيش مما أدى إلى قتل أكثر من خمسة آلاف شخص في الصدامات، كان من بينهم الحاج مروة نفسه. ولكن الحركة استمرت بعده وتوسعت ودخلت في صدامات متكررة راح ضحيتها الآلاف حتى منتصف الثمانينات، قبل أن تندثر.

نستذكر تلك الأحداث المؤلمة التي وثقناها في حينها للإشارة إلى أن ما تشهده نيجيريا مؤخرا من صدامات ذات طابع ديني له خلفيات وجذور عميقة. فهناك ردة الفعل تجاه الاستعمار وآثاره في تهميش عامة المسلمين. ذلك أن نظام التعليم الاستعماري نشأ تحت هيمنة الإرساليات المسيحية، مما حرم المسلمين من التعليم حتى وقت متأخر. وقد نتج عن هذا هيمنة النخبة غير المسلمة على مجالات التعليم والإدارة والقطاع المهني الحديث. ولهذا كانت الفئات التي تتحلق حول الميتاتسين ومثله من الحركات هي العناصر المهمشة، خاصة طلاب التعليم التقليدي، ممن لم يزدهم تعليمهم إلا تهميشاً وفقراً، وهم أساساً من الطبقات الأفقر واليتامى.

من جهة أخرى، عم نيجيريا مناخ من العنف والاستقطاب في حقبة ما بعد الاستقلال، كان من مظاهره الانقلاب الدموي الذي قادته مجموعة من ضباط قبيلة الإيبو عام 1966، واستهدف بالتصفية النخبة الشمالية المسلمة، وعلى رأسها تفاوا بليوا، أول رئيس وزراء منتخب، وأحمدو بيلو، حاكم الإقليم الشمالي وسليل خلفاء سوكوتو. وبالمقابل لم يتعرض رئيس نيجيريا وقتها، نامدي أزيكوي، وهو من الإيبو، لسوء. وقد شارك أزيكوي بعد هزيمة الانقلاب في حرب بيافرا الانفصالية للإقليم الشرقي الذي تسكنه غالبية من الإيبو (1967-1970)، أكثر فصول تاريخ نيجيريا الحديث دموية. وبين هذا وذاك وقعت أحداث عنف متفرقة، من أبرزها انتفاضات عرقية في دلتا النيجير من قبل الفئات المتأثرة بتنقيب النفط، وصدامات عرقية-دينية في مناطق من شمال نيجيريا ووسطها بين المسلمين والمسيحيين، سببها الفئات المتطرفة من الجانبين. جدير بالذكر أن أعمال التصفية التي تعرضت لها النخبة المسلمة في عام 1966 أعقبتها صدامات عنيفة استهدفت أفراد قبائل الإيبو المقيمين في الشمال.

في هذا الصدد، فإن العنف الذي تقود حالياً جماعة ‘بوكو حرام’ لا يشكل فقط امتداداً لما سبق، ولكنه يضيف ظاهرة جديدة. فقد بدأت بوكو حرام في أول أمرها كطائفة منغلقة، ترفض كل مظاهر الحداثة، بما فيها التعليم. وهي في هذا تشبه حركة الميتاتسين، ولكنها تختلف عنها في أنها تستخدم الحداثة ضد الحداثة، كما كان شأنها في ابتدار نقاشات فلسفية حول نظرية النشوء والارتقاء وبعض النظريات العلمية الحديثة التي ترى أنها تخالف الإسلام.

وقد ظلت الحركة منذ نشأتها في عام 2002 في مدينة مايدوغري (إحدى معاقل حركة الميتاتسين في السابق) سلمية، تدعو إلى فكرها في مسجدها الذي أنشأته هناك ومدارسها الخاصة بها. وكما حدث في عام 1980، تدخلت الدولة والشرطة في عام 2009 بعد صدامات محدودة بين الحركة ومخالفيها، وقامت بقمعها وقتل المئات من أنصارها. وكان زعيم الحركة محمد يوسف اعتقل وظهر في مقاطع فيديو وهو يستجوب من قبل الشرطة، قبل أن يعلن موته، على الأرجح اغتيالاً أو تحت التعذيب. وفي نفس الوقت انتشرت مقاطع فيديو تظهر الشرطة وهي تقتل أسرى الحركة وهم مقيدون. وقد أدى هذا إلى إعادة نشأة الحركة في طورها الجديد، وتحت قيادة جديدة يبدو أنها متأثرة بتنظيم ‘القاعدة’، ومستميتة في العنف.

الإشكال هو أن هذه الحركة، مهما تكن بواعثها ومبرراتها، تضر بمسلمي نيجيريا، بل بالإسلام في افريقيا عموماً، خاصة في ظل ما أسلفنا من أن أحد أهم جذور ضعف الإسلام في افريقيا هو ضعف التعليم بسبب الاستعمار. من هذا المنطلق، فإن دعوة الحركة إلى مقاطعة التعليم الحديث تعني ردة تعيد المسلمين إلى وضع تهميش ذاتي أسوأ من ذلك الذي تسبب فيه الاستعمار. إضافة إلى ذلك فإن ممارسات هذه الحركة الشائهة، من خطف للفتيات وغير ذلك من أحداث العنف الإجرامي، مثل استهداف الكنائس وغير ذلك من الكبائر التي نهى الإسلام عنها، تشوه صورة الإسلام والمسلمين في افريقيا، وتخدم الأعداء. وقد تلقيت رسالة من صديق نيجيري بعد مقالة عن هذه القضية نشرت على موقع الجزيرة الانكليزي تؤكد أن التعليم تلقى ضربة قوية من ممارسات الحركة، حيث هجر الطلاب المدارس والجامعات خوفاً من عنف الحركة.

يتزامن هذا الأمر مع ممارسات أخرى تضر بالإسلام في افريقيا والعالم، مثل الحكم السريالي الذي صدر في الخرطوم ضد فتاة سودانية الأسبوع الماضي بردتها عن الإسلام وإبطال زواجها بأثر رجعي، ثم معاقبتها على ‘الزنا’ بالجلد ثم على الردة بالإعدام! ولا نريد أن ندخل هنا في تفاصيل القضية لأنها غير مهمة. فسواءً أكانت الفتاة ارتدت أم كانت كما تزعم مسيحية في الأصل، فإن الحكم يصبح مشكلة أكبر من الجرم المزعوم. فهذه الفتاة لم تعلن ارتدادها، بل كانت بحسب كل الدلائل متخفية حتى عن أسرتها التي أثارت هذه المشكلة. وبالمقابل، فإن الحكم يسلط الأضواء على شخصها وقضيتها، ويحولها إلى شخصية عالمية كما حدث من قبل للصحفية التي حكم بجلدها ظلماً بزعم عدم التحشم. وفي الحالين فإن الحكم أصبح هو المشكلة. فهو لن ينفذ قطعاً، بينما يبقى الضرر الناتج عنه. ولولا أن بعض الظن إثم، لقلت أن من أصدر هذا الحكم تعمد أن يسيء إلى الإسلام ويسدي الخدمة إلى أعدائه. وهو على كل آثم قصد أم لم يقصد، لأن كل العالم سمع بهذه القضية التي هي معركة في غير معترك، كما سمع بخطف الفتيات النيجيريات. وستبقى هذه الوقائع لسنين قادمة شاهداً على ‘بربرية’ المسلمين وجورهم.

ولعله من نافلة القول أن ارتداد فتاة مسلمة (لو صح) أو عشرات ومئات غيرها، لن يؤثر شيئاً في واقع الإسلام الذي هو أوسع الأديان انتشاراً في أوروبا والغرب، في وقت تنحسر فيه المسيحية حتى في معاقلها الرئيسية هنا. على سبيل المثال، فإنه رغم أن عدد المسلمين الرسمي في بريطانيا قد لا يزيد على اثنين بالمائة، فإن متوسط عدد المسلمين الذين شهدوا المساجد في بريطانيا كل أسبوع في عام 2004 كان 930،000، مقابل 916،000 فقط من المسيحيين الذين يشهدون الكنائس من كل الطوائف. والأول في ازدياد والثاني في تناقص (بلغ 862،000 عام 2007).

إن من واجب المسلمين ومصلحتهم أن يبصموا بأصابعهم العشرة على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يكرس حرية المعتقد، وهم يستنون في ذلك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم الذي أقر في صلح الحديبية عدم المطالبة بتسليم المرتدين رغم قبوله إعادة من يسلم إلى قريش قائلاً: من ذهب منا إليهم فأبعده الله. وقضاة محكمة الردة في الخرطوم، مثلهم مثل جماعة بوكو حرام، يعيشون في كهوف لا علاقة لها بواقع الإسلام وحقائق العالم، فهم يسيئون للإسلام، ويصدون عن سبيل الله، ويقدمون الذخيرة لأعداء الدين في الداخل والخارج.

كاتب وباحث سوداني مقيم في لندن

القدس العربي

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا | Leave a comment

النرجسيات القاتلة والتجديف على التاريخ :ـ

النرجسيات القاتلة والتجديف على التاريخ :ـnigeria-bokoharam-girls

تاريخ المعرفة الإنسانية ملئ بمجموعة من الأفكار التي إعتقد الكثير من الناس بل الغالبية الساحقة منهم بصحتها وبداهتها ، حتى إن مجرد إعادة التفكير فيها من قِبل البعض كان يستدعي الضحك والسخرية منهم ، بل وأحيانا كان القتل والحرق مصير كل من حاول إماطة اللثام عن أُكذوبة بداهات تلك الأفكار أو إثبات خطأها وبطلانها من الأساس ، ولكن و في ذات الوقت نجد أن تاريخ المعرفة الإنسانية هذا ملئٌ أيضا بمجموعة من الأفكار التي إنتصرت رغم إعتقاد الكثريين ببداهة خطأها وكفر أصحابها وضلالهم رغم القمع الوحشي والشرس الذي تعرضوا له .
وربما الدرس الذي إستفادت منه أوروبا المعاصرة فلسفيا من تجارب محاكم التفتيش ـ والتي كان يقوم بها البعض بإسم المعصومية والصحة المطلقة لقناعاتهم والتي خولت لهم السلطة لحرق كل من يحيد عنها ـ هو الكفر بالمسلمات الإعتباطية والشك في البداهات وإخضاعها لمناهج نقدية تبدوا من فرط دقتها ذات طابع عدواني متطرف في نزعته الشكوكية .

لم يعد في المناظرات العلمية أو السياسية من يستطيع أن يُقنع المتفرجين والمتابعين بقوة منطقة وحجته بتوظيف تحيزاتهم ومعتقداتهم المسبقة أو تقاليد مجتمعاتهم أو معتقداتهم الدينية أو المذهبية ، هناك فقط وفقط الحياد العقلاني والأدلة والبراهين والمنطق ، فجميع الخطابات صارت تخضع للتفكيك والتحليل وفقا لأحدث المدارس الألسنية المعاصرة ، حيث تنقشع البداهات وتتساوى الخطابات وتنكشف الإكراهات والنزعات الذاتية في مختلف الخطابات ،وحيث يتم إماطة اللثام عن سلطة تلك الخطابات وأقنعة القداسة التي يمكن أن تتشح بها .

بالطبع تلك المجتمعات الأوربية بها بعض الأصوليين واليمينيين المتطرفيين لكنهم فضلاً عن قلتهم العددية وهامشية تأثيرهم الإجتماعي مضطرين لخوض معاركهم الأصولية باليات المجتمع المدني ، وبأسلحة الحوار العقلاني والمنطقي ، بالطبع لا قناعةً منهم بتلك الاليات وإلا لما سميناهم أصوليين ، ولكنهم مُكرهين على ذلك حتى يُكسِبوا أفكارهم السند الجماهيري المطلوب ، ذلك السند الذي لن يتأتى لها إلا بتلك الاليات العقلانية التي هي لوحدها من لها قدرة السحر على تشكيل الرأي العام الأوروبي
فعندما يُريد الأصوليون بأوروبا مثلا أن يُقنعوا مواطنيهم بأهمية الحد من ظاهرة الهجرة فإنهم لا يدفعون بتلك القناعات العنصرية أو الإستعلائية التي يستبطنونها ويستحقرون بموجبها المهاجرين كتبريرات لخطابهم العدائي للمهاجرين ، لكنهم يدفعون بحجة تفاقم ظاهرة الجريمة والبطالة بين المواطنيين وحوجة الميزانية للحد من الصرف على الأنشطة الإنسانية التي تصب في صالح غير المواطنيين الأصلاء …. الخ وذلك رضوخاً منهم ـ أي الأصوليون ـ لقواعد اللعبة هناك و التي تتضمن الحد الأدنى من العقلانية والمنطقية لا خرافات التفوق والسمو والنقاء العرقي .

ولكن يأسف المرء كثيرا لحال الكثيريين اليوم من الأصوليين عندنا والذين مروا على تلك الماسي المُضمّنة بكتب التاريخ (تاريخنا أو تاريخ أوروبا ) و التي ولّدها الإعتقاد بالصحة المطلقة وبمطابقة القناعات للبداهة الفطرية ، فرغم التاريخ الإنساني الطويل من التفلسف والتفكير والتجارب التي أفصحت لنا عن نسبية المعارف الإنسانية وعن إستحالة إحتكار المعنى والحقيقة المطلقة ، وعن ضعف مفهوم الافكار الفطرية من الناحية الفلسفية إلا أنه لا زال أصوليونا إلى اليوم في خضم النقاشات حول القضايا الحقوقية أو الفلسفية يلجؤون إلى كلمات مثل ( فطرة ، وبديهية ، وطبيعة الإنسان … الخ ) ليدّعمون بها أطروحاتهم أو وجهات نظرههم حول قضية ما .

وعندما نخوض نقاشاً مع الأصوليين عن قضايا وحقوق المثليين والمرأة ، أو نناقش مفاهيم وأفكار فلسفية مثل قضية وجود الله ، أو ننتقد الحقائق الدينية ، كثيرا ما يلجأون إلى الزعم بأن وجهات نظرهم في تلك القضايا هي عين الفطرة ، ويُوجهون لنا الإتهام بأننا ضد الفطرة والطبيعة الإنسانية ، ونريد أن نحرفها ونشوهها ، ويتكهنون بمالات كارثية لكل من ينتقد أو يحرف الفطرة والطبيعة الإنسانية .

لكنهم في خضم كل هذا ينسون أن الانسان لم يتميز عن الكائنات الأخرى إلا بمقدار نجاحه في لجم الطبيعة ومحاربتها وحرف طبيعة الكثير من الظواهر ( بما في ذلك الكثير من الظواهر النفسية وليس فقط الطبيعية ) بل وأحيانا القضاء عليها ، ظواهر بمنتهى الطبيعية مثل الفيضانات والزلازل والجبال التي تعترض الطرق البرية وتعسر عملية التنقل والغابات التي تُعيق تشييد أو توسيع المدن … الخ ، فهل حالت حقيقة كون أن الزلازل والبراكين هي ظواهر طبيعية بينها وبين تزليلنا لها ومحاربتها ؟ لماذا نحن ملزمون بالمحافظة على سلوك أو ظاهرة لمجرد إعتقادنا أنها طبيعية أو حتى لمجرد أنها بالفعل تمثل جانبا من طبيعة النفس الإنسانية ؟ أليس في خضوعنا وإستسلامنا للطبيعة الإنسانية أو الخارجية هلاكنا كنوع إنساني ؟

أليس الشر والأنانية والسعي وراء اللذات ولو على حساب الغير يشكل جزء من الطبيعة الإنسانية ؟ فهل نحن ملزمون بعدم محاربة كل تلك السلبيات فقط لأنها تمثل جانب من طبيعة النفس الإنسانية بل وتتجذر عميقا فيها ؟ سيأتي الجواب قطعا من أولئك الأصوليون حارسوا كهوف الفضيلة وكهنة الأخلاق الشرسين بالنفي ، رغم أنهم يحاربون المثليين ويتطهدون المرأة بدعوى أن المثلية إنحراف عن طبيعة النفس البشرية ، وأن المرأة بحكم تركيبها الفوسيولجي هي مصممة لخدمتنا وراحتنا وتقضية حوائجنا فقط لا غير ، فلماذا يدعوننا لمحاربة الشر بنفوسنا ونحن سيكلوجيا وعلى نحو طبيعي جدا مهيئون لإرتكاب الشرور والآثام ؟ .

ما الذي يجعلنا متأكدين من أن تلك الحقائق ـ والتي تستمد مشروعيتها من أننا نثق بشيوخنا واباءنا وعاداتنا ونصوصنا المقدسة و سلطات معرفية زائفة مشابهة ـ أقول ما الذي يجعلنا متأكدين من فطرية تلك الأفكار ونستبعد فطرية أفكار شعوب أخرى لها سلطات معرفية مثل نصوصنا وشيوخنا وتقاليدنا ؟ هل يمكن لفكرة أن تكون فطرية وأن يكون نقيضها أيضا فطريا في ذات الوقت ؟ مثلا هل يمكن أن تكون فكرة وجود الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد فكرة فطرية مزروعة بأعماق الإنسان ومجبولٌ على الإيمان بها ، وتكون في ذات الوقت فكرة الله الذي يلد وله شركاء في الالوهة فكرة فطرية أيضا ومزروعة بدواخل الإنسان ومجبول على الإيمان بها ؟ ولماذا نعتقد مثلا كمسلمين بأن القناعة الأولى ( قناعة الله الفرد الصمد ) فطرية والقناعة الثانية ( الالهة المتعددة ) ليست فطرية رغم التشابه في الآليات التي أوصلت كلا الطرفين لنتيجة فطرية أفكارهم ؟.

لذلك على هؤلاء الأصوليين أن يتحلوا ببعض التواضع الفكري والتقى المعرفي ، وأن يكفوا عن إحتكار الحقيقة بإسم أوهام مطابقة أفكارهم وقناعاتهم مع الفطرة والطبيعة الإنسانية الحتمية وإلا عليهم أن يتقبلوا بحقيقة تناقض الأفكار الفطرية والذي يقتضي ضمنيا لا فطريتها ، و حتى ولو كان ثمة الكثير من الظواهر التي تبدوا غامضة علمياً ولا نجد لها تفسير منطقي أو عقلاني اليوم فهذا لا يمنح الحق لأن تنسب فرضياتك التي تأتي بها لسد هذا الفراغ المعرفي إلى الفطرة وتمارس الإرهاب المعرفي على الاخرين ، ليس من حقك أن تقول لي مثلا : طالما لم نعرف أصل الحياة أو كيف تكونت فالفطرة تجعلنا نذهب إلى فكرة الله ؟ فالذي يجعلنا نذهب إلى فكرة الله هو عجزك العلمي والمعرفي عن إيجاد تفسيرٍ ما ، وليس فطرتك كما تزعم .
ليس من حقك أن تزعم أننا نحب الخير لأن الله زرع فينا ذلك الحب ، فمن ناحية نحنا لسنا جميعا نحب الخير وتاريخ الإنسانية الملئ بالحروب والقتل والإرهاب والعنف الديني يخبراننا أن جزور الشر أعمق فينا من الخير على حد تعبير أحد الأصدقاء . ومن ناحية أخرى حتى لو كنا نحب الخير بالفعل فهذا لا يُدلل على فكرة فطرية حبنا للخير إطلاقاً بقدر ما يعني أنا ظروفاً ربما إجتماعية أو نفسية جعلتنا نحب الخير كفكرة المنفعة أو المحافظة على نوعنا من الإنقراض ..الخ .

حسنأ فالنفترض أن هناك ما يُسمى بالفطرة : كيف يستطيع الإنسان أن يحاربها كما يزعم الأوصوليون أننا نفعل ذلك عندما ننادي بحقوق المرأة أو المثليين أو نشكك بالحقائق الدينية والإجابات الكبرى التي يدّعون أنهم يملكونها ؟ طالما أنها فطرة فيجب أن أكون مصمم على عدم الخروج عن سلطتها ، فكيف إستطعنا أن نتمرد نحن على الفطرة ؟
أليس تمردنا هذا دليل على إمكانية أننا نستطيع أن نتحكم بفطرتنا ، بل أننا نحن من صنعنا فطرتنا ، وأن ما ينسبونه إلى الفطرة ما هي إلا قناعة أو سلوك بحكم العادة والقِدم إعتقدنا زيفا بأن وراءه سرا إلهيا مزروعا بنا يدفعنا لسلوكه ؟ ألا يدل ذلك على أن الأفكار والممارسات والقناعات والخطابات هي نتاج إنخراطنا في هذا العالم حسيا وذهنيا مع الوضع بالإعتبار الإكراهات الذاتية والإجتماعية التي تفرض سلطتها على خطاباتنا وقناعاتنا بإسم تلك السلطات المعرفية التي تحدثنا عنها سلفا ( التقاليد ، النصوص الدينية ، الشيوخ …الخ ) لذلك إعتقدنا أنها فطرة ؟ وما هي بالحقيقة إلا نتاج لإنخراطنا في تلك المعركة أو الملحمة الإجتماعية التي دشنها البشر على كوكب الأرض ووظفوا فيها قدراتهم الفذة والعبقرية على الخداع والكذب وشحذوا بها أسلحة المكر والدهاء تدعيما لمصالحهم وتعزيزا لمواقع خطاباتهم وتكرسيا لسلطاتها .

إن الذين يتحصنون خلف قناعاتهم ضد النقد والتحليل والفحص والإختبارويمارسون من مواقعهم الجبانة تلك أحط النرجسيات الكاذبة بإسم فطرية أفكارهم وإتساقها مع الطبيعة الإنسانية هم كالواقعين في حفرة عميقة ورغم ذلك يصرون على مواصلة الحفر ،لأنهم مشدودون إلى الأصل الزائف المعتم لأنهم لو سلطوا عليه النور سينفضح أمره وتنكشف ظلاميته ، أي أن التنوير العقلاني سيُعري أفكارهم ويكشف تاريخانيتها ويجردها من فطريتها المزعومة .
إن ذلك ما هو إلا تجديف ضد التاريخ وضد العقل والمنطق وسينتهي بهم حتما إلى الغرق . لذلك فحذار أن تعتقد أن أفكارك فطرية وأنها تطابق المعنى النهائي للوجود ، لأنك حينها لن تتوانى عن إتباع أشرس الطرق للدفاع عنها معتقدا أنك بذلك تسدي صنيعا لاولئك الذين تأذوا من شراستك ، وحينها ستندم ندم اباء الكنسية اليوم على خطايا أجدادهم عندما حرقوا فلاسفة ومفكري ومبدعي أوروبا في عصور الظلام وأخروا مسيرة الإنسانية والتنوير لقرون وقرون .
ــــــــــــــــــــــــــ
معاً ضد كلّ سلطة ظلامية تمنع العقل الإنساني من الوصول إلى نور الحرِّية حباً في الإستبداد وتعلقاً بالسيطرة !

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا | 1 Comment