بيموت الفيل و بتهرب الذبابة

assadmalkiان أخطر ما تتداوله الأنظمة الطائفية اليوم في سوريا و العراق و لبنان هو مصطلح ” البيئة الحاضنة “..
و لعل الأخطر من هالشي، هو تعميم هالمصطلح و تداولو على ألسنة النخب المثقفة في مقالاتهون، و على فم القاعدة الشعبية اللي عم تكرر هالمصطلح من دون فهم ما وراء هالمصطلح من سموم..

بدأ الموضوع في حمص، و قالو انو هناك عصابات تكفيرية مسلحة اجتاحت المدينة ، فخلّونا نضرب” البيئة الحاضنة ” لهالجماعات كبداية لسحق التكفيريين لاحقاً، و النتيجة كانت انو حمص اتدمّرت ، و أهلها السنّة تهجروا و تركوا منارلهم و فضيت المدينة من أهلها اي البيئة الحاضنة، و المفاجأة انو صارت المصالحات مع من زعموا بانهون تكفيريين ، و عاش العلويين و التكفيريين في ثبات و نبات في مدينة ما فيها حدا يخلّف صبيان و بنات..

انتقل الموضوع الى الموصل، فطلع علينا المالكي بكل خبث و قال انو داعش صارت في الموصل، و لكن لطردهون لا بد من ضرب ” البيئة الحاضنة ” الهون.. فكان الموضوع بأن تم اخراج المسيحيين من المدينة بمسرحية هزلية قوامها كم عنصر مخابراتي داعشي و قلم احمر لكتابة حرف النون على مداخل بيوت المسيحيين، كتحضير لضرب اهل المدينة و اخراجهون كما حدث تماماً بأهل حمص، و قريباً رح نشهد على مصالحات و هدن بين المالكي و داعش بعد تطهير المدينة من سكانها و ما وصفوه بالبيئة الحاضنة..

و اخر المحطات و ليس اخرها، مدن شمال لبنان و تحديداً طرابلس، رح تشهد قيام الجيش اللبناني بضرب البيئة الحاضنة لما يصفوه بالإرهاب ، و تفريغ الخزان السنّي اللبناني من طائفة مؤسسة في معادلة تكوين الكيان اللبناني ، و ما رح تمر هالحادثة طبعاً الا بزج قصة تهجير المسيحيين من قرى عكار و باقي الشمال تحضيراً للتعايش مع ” الإرهابيين” في مدينة أشباح خالية من أهلها الأصليين..

اللي عم يعملوه اليوم أنظمة الحقد الطائفي على السنّة في الدول الثلاث كمن يريد إطلاق الرصاص على ذبابة واقفة على راس الفيل، بيموت الفيل و بتهرب الذبابة..

احذروا ..

Posted in الأدب والفن, ربيع سوريا | Leave a comment

غزة فضحت شعارات طهران

clintonfaqihغزة فضحت شعارات طهران
سعاد عزيز
34 عاما، ونظام ولاية الفقيه في إيران يزايد و يتنافح بالشعارات الدينية الحماسية البراقة التي تنادي بتحرير فلسطين و القدس، 34 عاما، وهذا النظام يمني الشعب الفلسطيني و الشعوب العربية و الاسلامية بنصرة مزعومة لقضية العرب و المسلمين المرکزية، لکن، لم يخطو هذا النظام ولوخطوة واحدة على أرض الواقع بإتجاه تحقيق و تطبيق شعاراته.
غزة التي تتعرض الان لهجمات بربرية ذات طابع دموي لايرحم فيها العدو طفلا ولا شيخا و لاأمرأة، وفي الوقت الذي تتصاعد فيه حدة حدة الادانات و الاستنکارات الدولية، يخرج النظام الايراني على العالم بکذبة کبيرة کشعاراته الجوفاء الفارغة المنادية بتحرير فلسطين، عندما يطلب أحد الدجالين الصغار من الرئيس المصري بفتح الطريق أمام نظامه و حزب الله اللبناني کي يشنوا هجوما من الاراضي المصرية على إسرائيل!!
کذب و زيف مزاعم النظام الايراني بشأن القضية الفلسطينية و دعم و مساندة الشعب الفلسطيني، صار معروفا للقاصي قبل الداني، وان هذا النظام الذي يرسل حرسه الثوري و قوات أخرى الى سوريا و العراق حيث يشارکان في حرب طائفية رعناء غير معلنة ضد مصالح و مستقبل الشعبين، يريد من باب التغطية على جرائمه بحق الشعبين العربيين في العراق و سوريا، ولأجل ذر الرماد في الاعين، النفخ في قربه المثقوبة بالادعاء بإستعداده للهجوم على إسرائيل في حال تقديم حرکة حماس طلبا بهذا المعنى و بعد أن توافق مصر على فتح حدودها أمام نظام إثارة الفتن الطائفية، والحقيقة أن القضية أشبه ماتکون بنکتة سمجة بالغة السخف، لأن الذي يريد نصرة قضية او تحقيق هدف، لايطرق الابواب وانما يتجاوز کل الحدود المألوفة لتحقيق غايته.
في مؤتمر باريس الاخير للمقاومة الايرانية، أشارت الزعيمة الايرانية المعارضة السيدة مريم رجوي، الى الدور التخريبي و التحريضي الذي يقوم به النظام الايراني ضد شعوب و دول المنطقة، حيث إعتبرت هذا النظام” العامل الرئيسي للمصائب والأزمات المفروضة على العالم الاسلامي منها في العراق وسوريا وفلسطين ولبنان واليمن.”، وکما يقول المثل(أهل مکة أدرى بشعابها)، فإن المعارضة الايرانية وخصوصا الزعيمة رجوي، لها معرفة کاملة بهذا النظام و نواياه و أهدافه المغرضة ولهذا فإن المزاعم الاخيرة التي صدرت عن النظام الايراني بشأن نصرة أهالي غزة، لم تکن حتى مجرد زوبعة في فنجان بل کانت وکما أسلفنا نکتة سمجة سخيفة لاتثير شيئا سوى السخرية بمن أطلقها!
suaadaziz@yahoo.com

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا | Leave a comment

بين ( “الجزيرة” و”مفكرها” العربي الفلسطيني اليساري ) وإيران وأمريكا

afikhdayadriiبين ( “الجزيرة” و”مفكرها” العربي الفلسطيني اليساري ) وإيران وأمريكا ..!!!
د.عبد الرزاق عيد
اليوم في لقاء (الجزيرة ) مع مفكرها العربي الجهبذ (النجيب) القادر على كل سؤال (يجيب)،بعد أن أظهر لنا تضامنه وقلقه على مستقبل الجزيرة ودولتها العظمى ( المناضلة -قطر)، بوصفها مهددة إسرائيليا بشكل جدي وليس مسخرات وهزء وزير خارجيتها ( الأزعر ليبرمان !!!) الذي يصنع للجزيرة وقطر هالة مقاومة لإسرائيل تشكل خطرا على مستقبل وجود إسرائيل كما عبر أحد المقاومين (الجزراويين)، بأن حماس استدرجت إسرائيل إلى فخ، ولهذا ضاعلت علينا الأمور هل نفرح للغزة التي استدرجت إسرائيل إلى الفخ ؟؟؟ أم نـالم ونتعذب لعذابات أهلنا في غزة …
هل نفرح او نحزن لشهداء غزة ؟؟ عند قول : مقاوم آخر من مدرسة المفكر العربي في الجزيرة ، أن إسرائيل أصبح وجودها مهددا خلال (عشرة أيام هزت العالم ) …حيث سنستيقظ فلا نجد ما كان يسمى إسرائيل …فقد ارتبكت منظومتنا العاطفية والمشاعرية ،نحو الحدث ، إن كان علينا أن نحزن ونتأسى على شهداء غزة …أم نفرح لأننا بعد عشرة أيام لن نرى إسرائيل بعد اليوم ؟؟؟
ولهذا وضعنا المفكر العربي للجزيرة أمام حالة حالات اختلاطات (ذهنية -مشاعرية )..أي بين أن نترك مجازر أنظمتنا (الأسدية والطائفية المالكية والنصر اللاتية الشيطانية)، وتدميرها لبلادنا، وقتل وتهجير الملايين من الأطفال واغتصاب النساء ( السوريات العربيات الماجدات ) أسديا، مما عجزت عنه إسرائيل ( أخلاقيا وانسانيا واستعماريا !!! ) ..
وبين أن نهب للدفاع عن قطر ( والجزيرة ) تقديرا لخاطر المفكر العربي الفلسطيني الكبير الذي يحدثنا عن الخطر الإسرائيلي على قطر …وإلا إذا لم ندافع عن قطر، فإننا نقع في موقع العملاء المؤيدين لإسرائيل، وفق الطريقة القومية البعثية في الخطاب القومي منذ أكثر من نصف قرن ..
حيث أن كل من يختلف مع النظام الأسدي أو حماس ومن ثم حزب الله وإيران، هو صديق لإسرائيل !!! رغم أنه خلال العدوان الإسرائيلي على غزة، كان شهداء فلسطينيي غزة …أقل بكثير -رغم كثرتهم الدموية الإجرامية – من أشقائهم العرب السوريين …وفق الصحافة الغربية …
مع ذلك فإن الصبية الإعلامية المحاورة في (الجزيرة) ، تتحدث داعمة وموحية لـ (المفكر العربي) بضرورة تناول القيمة النضالية التضامنية العظيمة لخطاب ولي الفقيه الإيراني ( خامنئي…سيما بعد حملة (الجزيرة) على خطاب الملك عبد الله الذي أدان التقصير الدولي نحو قضية الشعب الفلسطيني في غزة ..
حيث تبدو المقارنة وكأن الحامنئي أرسل قواته للقتال من أجل غزة العربية ..!!! في حين أن الملك عبد الله، منعه من وقوفه إلى جانب العرب وإرسال قواته الثورية إلى غزة !! بسبب قوتها (الشيطانية الحزب اللاتية وحرسها الثوري منهمكون في قتالهم في سوريا ضد الشعب السوري ( النواصب) الرافضين لزينب بعد إقامتها في اراضيهم حوالي خمسة عشر قرنا راقدة مستريحة، ولم تكن بحاجة لحماية الأسد وسادته الفرس وخيانة وطنه باسم كذبة الدفاع عنها طائفيا !!!….
فكان على مفكر (الجزيرة ) العربي أن يدخل في متاهة البحث عن حل لا يزعج السعودية …لكنه يتجاوب مع الموقف القطري المعجب بنضالية إيران المقاومة، رغم تحالفها مع تركيا في دعم شعب غزة ،وفق التوجيهات الأمريكية لقطر (العروبة والاسلام !!! …
في الحقيقة كان الله في عون قطر !!…كيف لها أن تتجاوب وتنفذ شبكة العلاقات الدولية المتشابكة والمعقدة والمتداخلة التي تبدو متناقضة لسياسات الدولة الأكبر في العالم (الولايات المتحدة الأمريكية ) .. رغم أنها (قطر) الدولة الأصغر في العالم …أعانها الله على خيار هذا الطريق الصعب والمعقد !!!
نقترح على مفكر الجزيرة الفلسطيني، التنسيق مع المفكر ( القبيسي ) السوري، أن يبيت له ( استخارة سياسية ) قبل برنامجه الاسبوعي على قناة الجزيرة …حيث على المفكرين الاثنين تقع مسؤولية انقاذ مصير الشعبين ( غزة وسوريا …) ، وذلك بتوقيعهما على (عريضة استرحام … قومية عربية واحدة ) …لأن المعلم الآمر واحد في البلدين ( نتنياهو ) ….

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

الحرب في غزة هل تعيد حماس إلى أحضان إيران.. وماذا عن حزب الله والأسد ومصالحة السنّة؟

دعاء لحسن نصرالله وخالد مشعل

دعاء لحسن نصرالله وخالد مشعل

مقال لألكس فاتنكا، الباحث في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، والمتخصص بالشؤون الشرق أوسطية والسياسة الخارجية الإيرانية، وصاحب كتاب “إيران وباكستان: الأمن والدبلوماسية والنفوذ الأمريكي” المرتقب قريبا. وللكاتب الفلسطيني محمد نجيب، المتخصصة بتحليل الشؤون الدفاعية وتغطية الحروب. المقال يعبر عن رأيهما ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر

CNN القدس (CNN) —

العملية الإسرائيلية الجارية في قطاع غزة، والمسماة “الجرف الصامد” حركت القيادة الشيعية في طهران، فالصراع الدموي والغضب الإسلامي الذي تسبب به يمثل فرصة للنظام الإيراني من أجل تصحيح صورته في عيون السنّة الذين يشكلون غالبية المسلمين حول العالم.

فقد طالب المرشد الإيراني، علي خامنئي، العالم الإسلامي بوضع خلافاته جانبا والوقوف صفا واحدا ضد إسرائيل كان في الواقع يلمح إلى القيادة الإيرانية، إذ أن العديد من قادة المسلمين حول العالم أدلوا بمواقف مماثلة، ولكن الموقف الإيراني مختلف لأن لدى إيران القدرة على إحداث الفارق إن عاودت تقديم الأسلحة إلى حركة حماس.

ومن تزايد الدعوات من خامنئي ومسؤولين إيرانيين آخرين لدعم حماس بالسلاح، يظهر بوضوح الهدف المقصود، فعلى الخريطة السياسية للشرق الأوسط يوفر الصراع في غزة الفرصة لإيران من أجل تبديد الصورة التي باتت مأخوذة عن البلاد بتصويرها كأنها قوة شيعية، بسبب دعمها لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، في الحرب الأهلية الدائرة ببلاده، وبالتالي قد تتمكن إيران من انتزاع “راية الإسلام” مجددا وتقديم نفسها على أنها الدولة “الحامية للقضايا الإسلامية.”

أما حركة حماس المنهكة، والتي كانت في فترة ما الوكيل المفضل لإيران في الوسط السني، فقد لا تجد أمامها من بديل سوى العودة إلى الدوران بالفلك الإيراني بعد جمود استمر لأربع سنوات في العلاقات بين الجانبين. وفي رام الله يحاول مسؤولو السلطة الوطنية الفلسطينية الخاضعة لسيطرة حركة فتح العلمانية، إبقاء العلاقات بين حماس وإيران قيد الرقابة، مع قلقهم من أن يؤدي مد يد طهران مجددا للحركة في غزة إلى تقويتها وإطالة أمد صراعها مع إسرائيل.

وفي الوقت نفسه، يشعر المسؤولون الفلسطينيون بأن حركة حماس لديها “ميل كبير” لإعادة فتح خطوط التواصل مع طهران، بحال قررت الأخيرة “غفران خيانتها” لها عام 2011 بالوقوف إلى جانب المعارضة السورية ضد نظام الأسد والابتعاد عن النفوذ الإيراني بعد عقدين على الارتباط به.

ويقول أحد المسؤولين في السلطة الوطنية الفلسطينية إنه ما من حل أمام حماس حول العودة إلى الحضن الإيراني ويشرح ذلك بالقول: “علاقات إيران مع حماس كانت تكتيكية منذ الأساس، والظروف الحالية تجعلها مفيدة للجانبين.”

وتتطلع حماس إلى العودة للحصول على السلاح الإيراني، أما طهران فهي تريد لفت نظر العالم الإسلامي إلى دورها ي حماية الفلسطينيين، وهذا سيفيد نشاطاتها في المنطقة، والتي تأثرت كثيرا بوقوفها إلى جانب الأسد بنظر الرأي العام الإسلامي.

ويرى المسؤول الفلسطيني أن التعاون العسكري بين إيران وحماس لم يتأثر بالجمود السياسي بين الجانبين خلال الفترة الماضية، إذ استمرت الاتصالات الإيرانية مع شخصيات متشددة في قيادة الحركة، على رأسها محمود الزهار بقطاع غزة، وممثل الحركة السابق بطهران، عماد العلمي، كما قد تبدل إيران موقفها من رئيس المكتب السياسي للحركة، خالد مشعل، الذي يقال إن طلبه المتكرر لزيارة إيران رفض خلال السنوات الثلاث الماضية، ولكن ذلك قد يتغير قريبا.

كما قام حزب الله، الذي يمثل “درة التاج” بالنسبة للنفوذ الإيراني في المنطقة، بفتح الباب أمام حماس بدوره، ويقال إن “حركة الجهاد الإسلامي” التي ظلت موالية لإيران خلال الفترة الماضية، تلعب دورا في الوساطة بين حماس والحزب.

ولكن مع وجود عناصر حزب الله في سوريا للقتال إلى جانب نظام الرئيس بشار الأسد، والوضع السياسي المعقد في لبنان بالنسبة لأمين عام حزب الله، حسن نصرالله، وذكريات دعم حماس للمعارضة السورية التي ماتزال ماثلة في ذهن الحزب، فمن المستبعد أن يجد الجيش الإسرائيلي نفسه بمواجهة جبهة ثانية عند الحدود مع لبنان.

ورغم كل ذلك، تحتاج حركة حماس إلى ما لدى إيران وحزب الله من سلاح وخبرات عسكرية، وهي أمور ليس بوسع قطر أو تركيا تقديمها، أو ليس لديهما الرغبة بذلك، ويقول اللواء صائب العاجز، القيادي السابق بأجهزة الأمن الفلسطينية، إن حماس ترغب بشدة بالعودة إلى الفلك الإيراني لأنها تتوق إلى إعادة بناء ترسانتها العسكرية.

وترى مصادر فلسطينية أن زيارة مشعل إلى إيران ستحصل بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، وهو سيستغل تلك الزيارة لشكر طهران على دعمها وإعلان طي صفحة الخلاف معها، وسيزيد هذا الأمر من تعقيدات المشهد في منطقة الشرق الأوسط المعقدة أصلا.

فأقرب حلفاء مشعل في المنطقة، أي قطر وتركيا، مازالتا بموقع المواجهة مع إيران، على خلفية الصراع حول النفوذ في سوريا، والصراع المتفاقم في العراق، وللالتفاف على هذا الخلاف فإن إيران لن تطلب من حماس إعلان دعم الأسد علنا، بل مجرد الامتناع علنا عن انتقاد دوره، وهو أمر يبدو أن الحركة مستعدة لفعله.

مقال لألكس فاتنكا، الباحث في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، والمتخصص بالشؤون الشرق أوسطية والسياسة الخارجية الإيرانية، وصاحب كتاب “إيران وباكستان: الأمن والدبلوماسية والنفوذ الأمريكي” المرتقب قريبا. وللكاتب الفلسطيني محمد نجيب، المتخصصة بتحليل الشؤون الدفاعية وتغطية الحروب. المقال يعبر عن رأيهما ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر

CNN

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

رسالة من مسلم الى مسيحي يدعوه بها الى الاسلام ـــ ج٩ والاخير

ababilbirdsرسالة من مسلم الى مسيحي يدعوه بها الى الاسلام  (الجزء الاول) 

رسالة من مسلم الى مسيحي يدعوه بها الى الاسلام 2

رسالة من مسلم الى مسيحي يدعوه بها الى الاسلام ـــ ج2 

رسالة من مسلم الى مسيحي يدعوه بها الى الاسلام ــ ج٣

رسالة من مسلم الى مسيحي يدعوه بها الى الاسلام ـــ ج4

رسالة من مسلم الى مسيحي يدعوه بها الى الاسلام ج5

رسالة من مسلم الى مسيحي يدعوه بها الى الاسلام ـــ ج٦

رسالة من مسلم الى مسيحي يدعوه بها الى الاسلام ــــ ج٧

رسالة من مسلم الى مسيحي يدعوه بها الى الاسلام ـــ ج٨

[أبونا السماوي]
ولعل منتقداً يعيب ألفاظ الإنجيل في إطلاق المسيح لقب الأب على الله. فنجيبه أن المسيح أراد أن يحبّب طاعة الله إلى الناس ويقرّبها من قلوبهم، لتكون طاعتهم له بالمحبة والمودة لا بالقهر والرهبة، وأن يؤلف بين قلوبهم ويُخرج العداوة منها، ويرفع ذكر التفاخر بالأنساب الذي أوقعه الشيطان بينهم، ويجعلهم متعارفين بعضهم ببعض بالأخوّة إخوة لأب واحد وأم واحدة. فقال لهم: أبوكم الذي في السموات يفعل بكم كذا وكذا . لأن الله هو الأب الرحيم المشفق المتحنن الذي بدأ فخلقنا جوداً وإحساناً، وهو يقوينا ويرزقنا بنعمته ويتفقَّدنا بجوده، ويغفر ذنوبنا ويحتمل بكرمه وطول أناته جهلنا، كما يفعل الأب المشفق على ولده. ثم إذا أدَّبنا خلط تأديبه بالرأفة والرحمة. فمن أحقّ وأوْلى أن يُسمَّى باسم الأبوّة الحقيقية من الله تبارك اسمه. فلا حجة إذاً لمن ينكر على المسيح سيدنا تسميته الله أبانا .
ثم قال في أداء الفرائض: مَتَى فَعَلْتُمْ كُلَّ مَا أُمِرْتُمْ بِهِ فَقُولُوا: إِنَّنَا عَبِيدٌ بَطَّالُونَ. لِأَنَّنَا إِنَّمَا عَمِلْنَا مَا كَانَ يَجِبُ عَلَيْنَا (لوقا 17:10). وقد تحققت لنا أقواله ووصاياه بما كان يظهر لنا من سيرته أنه كان صائماً مصلياً، لا بيت له ولا مأوى ولا شيء من القنية أكثر من ثوبين يواري بهما جسده، فقد قال له بعض السائلين: يا عظيمنا، أين منزلك لآتيك فيه؟ فأجابه: للثعالب أوجرة ولطيور السماء أوكار، وأما أنا فلا بيت لي ولا مأوى. حيث أدركتَ فهناك مبيتي، ومتى طلبتني وجدتني (قارن متى 8:20). لم يتكلم بإفك قط ولا همّ بخطيئة ولا اقترف ذنباً ولا ارتكب إثماً ولا قبيحة، ولا أعاب أحداً ولا أذاه، ولا منع طالباً ولا ردَّ سائلاً ولا أعرض عن مستغيث كما سبق قول النبي فيه (إشعياء 53). ثم أتبع ذلك فحقق قوله بالأعاجيب والآيات التي فعلها، وكان يشفي المرضى الذين لا يعرف عددهم إلا هو تبارك اسمه، ويهب لهم العافية. بكلامه طهر البرص وأخرج الشياطين وبسط أيدي العُسم وأحيا الموتى مثل لعازر أخي مريم ومرثا وابنة يايرس رئيس الكهنة وعبد خادم الملك وابن أرملة نايين. وأخبر بالغيب وبما تخفيه صدورهم، وبكلمته أبرأ المفلوج وأمر المقعد الذي أتت عليه ثمان وثلاثون سنة أن يحمل سريره ويمشي، فكان ذلك. ونادى الشياطين فأجابته مذعنة لأمره طائعة لربوبيته مقرَّة أنه كلمة الله الحي، وأنه هو الذي يبطل سلطانها. وغفر الخطايا ومحا الذنوب بالكلمة الخالقة الممجدة بروح القدس الحال فيه، وفتح أعين الأكمه المعروف بالعمى على طول الأيام، وخلق لبعضهم الأعين من الطين المجبول بريقه قدرةً منه على الخليقة، وأشبع من خمس خبزات وسمكتين خمسة آلاف رجل ما عدا النساء والصبيان، وفضل من ذلك اثنتا عشرة قفة من الكِسر، وكان مباركاً حيث كان. وغيَّر الماء المصبوب في ستة أجران إلى خمرٍ في عرس قانا الجليل. وتباركت به الصبيان ونادت به الأطفال. وزجر أمواج البحر في شدة الريح فانتهت، ومشى على الماء، وتجلى لتلاميذه في الجبل مع موسى وإيليا النبيين، وخبَّر السامرية بخبرها مع الأزواج، وأبرأ مريضة بنزيف دم منذ اثنتي عشرة سنة بمجرد لمسها ثوبه وهي تظن أنه لا يعلم بها، فعلم بالقوة التي خرجت منه وسأل الجماعة: من لمس ثوبي؟ وأتت المرأة وسجدت له وأقرَّت بما فعلت، فقال لها: إيمانك شفاك. امضي بسلام وكوني بريئة من علّتك . وأمر الشياطين أن تدخل في الخنازير وتغرق في البحر فأطاعته.

ولأنني أعلم أنك قد قرأت الإنجيل المقدس، ومن قول صاحبك وشهادته: وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ (سورة البقرة 2:87). فكيف تقول إن هذه الأفعال ليست إلهية، وكل ذي لبٍّ إذا قاسها بأفعال صاحبك تبيَّن له الحق من الباطل؟ فإن قلت إن الأنبياء كانت تفعل المعجزات التي ليس في قدرة العالمين أن يفعلوا مثلها، مثل موسى وغيره، قلنا لك: كانت الأنبياء تفعل ذلك، لكن بعد التضرع الشديد والطلب الطويل، لا بالقدرة القاهرة والأمر النافذ، لأن أولئك كانوا يفعلون الشيء المعجز كما يفعل العبيد المشفقون بحسب الطاعة لتنفيذ الأمر الذي وجِّهوا به وتبليغ الرسالة. وأنت تعلم أن موسى قبل فلق البحر لبني إسرائيل ما زال مصلياً راكعاً ساجداً طالباً حتى قال الله له: مَا لَكَ تَصْرُخُ إِلَيَّ؟ قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَرْحَلُوا. وارْفَعْ أَنْتَ عَصَاكَ وَمُدَّ يَدَكَ عَلَى الْبَحْرِ وَشُقَّهُ، فَيَدْخُلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي وَسَطِ الْبَحْرِ عَلَى الْيَابِسَةِ (خروج 14:15 ، 16). وكذلك يشوع بن نون وإيليا وأليشع كانوا يتضرعون ويطلبون في صلواتهم، فعند ذلك يؤذن لهم في عمل الآية. على أن بعضاً دعا وصلى وتضرع فلم يُجَب مثل موسى الذي رفض الله دخوله أرض الموعد لأنه لم يصدّق ولم يقدّس اسم الله أمام بني إسرائيل، وذلك في المكان المعروف بماء الخصام لضربه الصخرة ضربتين، فحرمه من دخول أرض الميعاد. ومثل إرميا المغبوط في الأنبياء، قد دعا فقال الله: إني لا أسمع دعاءك ولا أقبل صلاتك .

فأما سيدنا يسوع المسيح، الذي هو الابن الحبيب، فقد شهد أبوه له قائلاً: هذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ (متى 3:17). فإنه فعل الأشياء بالقوة القاهرة التي هي الكلمة الخالقة للسموات والأرض. فهل يقدر مخالف أن يبطل هذا القول إلا بالحسد والمعاندة للحق والافتراء على الله الآب وكلمته وروح القدس، مثل من يقول إن الشمس مظلمة والنار غير محرقة!

[أتباع المسيح]
وإذ قد نقلنا بعض شرائع المسيح سيدنا وأخبرنا ببعض عجائبه، لنذكر الآن كيف اتّخذ تلاميذه وبعث بهم إلى أهل العالم دُعاةً إلى الحق، فنقول إنه اتخذ قوماً أميين لا علم لهم ولا حسب، صيّادي سمك وعشّاري خراج، ففتح قلوبهم وملأها نوراً وحكمة، فقهروا بذلك كل فيلسوف حكيم، وفاقوا كل طبيب ماهر، وتذلل لهم كل سلطان شديد، ودخل في طاعتهم كل شريف، وافتقر إليهم كل غني. وقال لهم: اكْرِزُوا قَائِلِينَ: إِنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ. اِشْفُوا مَرْضَى. طَهِّرُوا بُرْصاً. أَقِيمُوا مَوْتَى. أَخْرِجُوا شَيَاطِينَ. مَجَّاناً أَخَذْتُمْ مَجَّاناً أَعْطُوا. لَا تَقْتَنُوا ذَهَباً وَلَا فِضَّةً وَلَا نُحَاساً فِي مَنَاطِقِكُمْ، وَلَا مِزْوَداً لِلطَّرِيقِ وَلَا ثَوْبَيْنِ وَلَا أَحْذِيَةً وَلَا عَصاً، لِأَنَّ الْفَاعِلَ مُسْتَحِقٌّ طَعَامَهُ (متى 10:7-10).
فساروا بسيرته وبشَّروا الناس بالرحمة والمغفرة، ودعوهم إلى الحق، مجتهدين غير مفترين ولا مستأثرين لشيء من الدنيا. وعدة هؤلاء سبعون رجلاً وجَّههم قبل ارتفاعه إلى السماء. واختار اثني عشر رجلاً كانوا ملازمين له، وهم تلاميذه المشاهدون لكل أموره وأحواله، والناقلون أخباره بالحق والصدق إلى الأمم. وكانت مخاطبته إياهم وعهده إليهم قائلاً: إن الذي يعمل ويعلّم هذا يُدعى اسمه كبيراً في السموات وعظيماً. وإذا أنتم طلبتم فاطلبوا المغفرة لخطاياكم والرحمة وملكوت السماء والعمل بالبر. ولا تكثروا الكلام وتشغلوا قلوبكم بطلب الرزق الذي قد كُفيتموه، فإن أباكم الذي في السماء أعلم بحوائجكم وما يصلح لكم. ولكن إذا صلى أحدكم فليقُلْ: أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ. لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ. لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذ لِكَ عَلَى الْأَرْضِ. خُبْزَنَا كَفَافَنَا أَعْطِنَا الْيَوْمَ. واغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ أَيْضاً لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا. وَلَا تُدْخِلْنَا فِي تَجْرِبَةٍ، ل كِنْ نَجِّنَا مِنَ الشِّرِّيرِ. لِأَنَّ لَكَ الْمُلْكَ، والْقُّوَةَ، والْمَجْدَ، إِلَى الْأَبَدِ. آمِينَ. فَإِنَّهُ إِنْ غَفَرْتُمْ لِلنَّاسِ زَلَّاتِهِمْ، يَغْفِرْ لَكُمْ أَيْضاً أَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ. وَإِنْ لَمْ تَغْفِرُوا لِلنَّاسِ زَلَّاتِهِمْ، لَا يَغْفِرْ لَكُمْ أَبُوكُمْ أَيْضاً زَلَّاتِكُمْ (متى 6:9-15).
وقال لهم: هَا أَنَا أُرْسِلُكُمْ كَغَنَمٍ فِي وَسَطِ ذِئَابٍ، فَكُونُوا حُكَمَاءَ كَا لْحَيَّاتِ وَبُسَطَاءَ كَا لْحَمَامِ. وَل كِنِ احْذَرُوا مِنَ النَّاسِ، لِأَنَّهُمْ سَيُسْلِمُونَكُمْ إِلَى مَجَالِسَ، وَفِي مَجَامِعِهِمْ يَجْلِدُونَكُمْ. وَتُسَاقُونَ أَمَامَ وُلَاةٍ وَمُلُوكٍ مِنْ أَجْلِي شَهَادَةً لَهُمْ وَلِلْأُمَمِ. فَمَتَى أَسْلَمُوكُمْ فَلَا تَهْتَمُّوا كَيْفَ أَوْ بِمَا تَتَكَلَّمُونَ، لِأَنَّكُمْ تُعْطَوْنَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ مَا تَتَكَلَّمُونَ بِهِ، لِأَنْ لَسْتُمْ أَنْتُمُ الْمُتَكَلِّمِينَ بَلْ رُوحُ أَبِيكُمُ الَّذِي يَتَكَلَّمُ فِيكُمْ. وَسَيُسْلِمُ الْأَخُ أَخَاهُ إِلَى الْمَوْتِ، والْأَبُ وَلَدَهُ، وَيَقُومُ الْأَوْلَادُ عَلَى وَالِدِيهِمْ وَيَقْتُلُونَهُمْ، وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنَ الْجَمِيعِ مِنْ أَجْلِ اسْمِي. وَل كِنِ الَّذِي يَصْبِرُ إِلَى الْمُنْتَهَى فَه ذَا يَخْلُصُ. وَمَتَى طَرَدُوكُمْ فِي ه ذِهِ الْمَدِينَةِ فَا هْرُبُوا إِلَى الْأُخْرَى. فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ لَا تُكَمِّلُونَ مُدُنَ إِسْرَائِيلَ حَتَّى يَأْتِيَ ابْنُ الْإِنْسَانِ.
لَيْسَ التِّلْمِيذُ أَفْضَلَ مِنَ الْمُعَلِّمِ، وَلَا الْعَبْدُ أَفْضَلَ مِنْ سَيِّدِهِ. يَكْفِي التِّلْمِيذَ أَنْ يَكُونَ كَمُعَلِّمِهِ، والْعَبْدَ كَسَيِّدِهِ. إِنْ كَانُوا قَدْ لَقَّبُوا رَبَّ الْبَيْتِ بَعْلَزَبُولَ، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ أَهْلَ بَيْتِهِ! فَلَا تَخَافُوهُمْ. لِأَنْ لَيْسَ مَكْتُومٌ لَنْ يُسْتَعْلَنَ، وَلَا خَفِيٌّ لَنْ يُعْرَفَ. اَلَّذِي أَقُولُهُ لَكُمْ فِي الظُّلْمَةِ قُولُوهُ فِي النُّورِ، والَّذِي تَسْمَعُونَهُ فِي الْأُذُنِ نَادُوا بِهِ عَلَى السُّطُوحِ، وَلَا تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ وَل كِنَّ النَّفْسَ لَا يَقْدِرُونَ أَنْ يَقْتُلُوهَا، بَلْ خَافُوا بِالْحَرِيِّ مِنَ الَّذِي يَقْدِرُ أَنْ يُهْلِكَ النَّفْسَ والْجَسَدَ كِلَيْهِمَا فِي جَهَنَّمَ. أَلَيْسَ عُصْفُورَانِ يُبَاعَانِ بِفَلْسٍ؟ وَوَاحِدٌ مِنْهُمَا لَا يَسْقُطُ عَلَى الْأَرْضِ بِدُونِ أَبِيكُمْ. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَحَتَّى شُعُورُ رُؤُوسِكُمْ جَمِيعُهَا مُحْصَاةٌ. فَلَا تَخَافُوا. أَنْتُمْ أَفْضَلُ مِنْ عَصَافِيرَ كَثِيرَةٍ. فَكُلُّ مَنْ يَعْتَرِفُ بِي قُدَّامَ النَّاسِ أَعْتَرِفُ أَنَا أَيْضاً بِهِ قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، وَل كِنْ مَنْ يُنْكِرُنِي قُدَّامَ النَّاسِ أُنْكِرُهُ أَنَا أَيْضاً قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ (متى 10:16-33). وقال لهم: أَنْتُمْ مِلْحُ الْأَرْضِ، وَل كِنْ إِنْ فَسَدَ الْمِلْحُ فَبِمَاذَا يُمَلَّحُ؟ لَا يَصْلُحُ بَعْدُ لِشَيْءٍ، إِلَّا لِأَنْ يُطْرَحَ خَارِجاً وَيُدَاسَ مِنَ النَّاسِ. أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ. لَا يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى مَدِينَةٌ مَوْضُوعَةٌ عَلَى جَبَلٍ، وَلَا يُوقِدُونَ سِرَاجاً وَيَضَعُونَهُ تَحْتَ الْمِكْيَالِ، بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ فَيُضِيءُ لِجَمِيعِ الَّذِينَ فِي الْبَيْتِ. فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ ه كَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَات (متى 5:13-16).
وقال لهم: اُدْخُلُوا مِنَ الْبَابِ الضَّيِّقِ، لِأَنَّهُ وَاسِعٌ الْبَابُ وَرَحْبٌ الطَّرِيقُ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْهَلَاكِ، وَكَثِيرُونَ هُمُ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ مِنْهُ! مَا أَضْيَقَ الْبَابَ وَأَكْرَبَ الطَّرِيقَ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْحَيَاةِ، وَقَلِيلُونَ هُمُ الَّذِينَ يَجِدُونَهُ! اِحْتَرِزُوا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ الْكَذَبَةِ الَّذِينَ يَأْتُونَكُمْ بِثِيَابِ الْحُمْلَانِ، وَل كِنَّهُمْ مِنْ دَاخِلٍ ذِئَابٌ خَاطِفَةٌ! مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ. هَلْ يَجْتَنُونَ مِنَ الشَّوْكِ عِنَباً، أَوْ مِنَ الْحَسَكِ تِيناً؟ ه كَذَا كُلُّ شَجَرَةٍ جَيِّدَةٍ تَصْنَعُ أَثْمَاراً جَيِّدَةً، وَأَمَّا الشَّجَرَةُ الرَّدِيَّةُ فَتَصْنَعُ أَثْمَاراً رَدِيَّةً، لَا تَقْدِرُ شَجَرَةٌ جَيِّدَةٌ أَنْ تَصْنَعَ أَثْمَاراً رَدِيَّةً وَلَا شَجَرَةٌ رَدِيَّةٌ أَنْ تَصْنَعَ أَثْمَاراً جَيِّدَةً. كُلُّ شَجَرَةٍ لَا تَصْنَعُ ثَمَراً جَيِّداً تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّارِ. فَإِذاً مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ.
لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي: يَا رَبُّ يَا رَبُّ، يَدْخُلُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. بَلِ الَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. كَثِيرُونَ سَيَقُولُونَ لِي فِي ذ لِكَ الْيَوْمِ: يَا رَبُّ يَا رَبُّ، أَلَيْسَ بِاسْمِكَ تَنَبَّأْنَا، وَبِا سْمِكَ أَخْرَجْنَا شَيَاطِينَ، وَبِا سْمِكَ صَنَعْنَا قُّوَاتٍ كَثِيرَةً؟ فَحِينَئِذٍ أُصَرِّحُ لَهُمْ: إِنِّي لَمْ أَعْرِفْكُمْ قَطُّ! اذْهَبُوا عَنِّي يَا فَاعِلِي الْإِثْمِ! (متى 7:13-23).

ثم أنه أراد أن يكمل التواضع إلى الغاية القصوى، لم يمتنع من أيدي الكفرة حتى نالوا منه ما نالوه من صلبه على خشبة، وهو مع ذلك يقول: يَا أَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ، لِأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ (لوقا 23:34). ثم مات بجسده، وبقي على الصليب إلى وقت الغروب من يوم الجمعة، ثم أُنزل ودُفن، وأقام في القبر إلى صبيحة يوم الأحد، ثم قام حياً بلاهوته وظهر للنسوة اللاتي جئن إلى قبره زائرات، وظهر بعد ذلك لتلاميذه، مرة في الجليل ومرتين في الغرفة التي كانوا نازلين فيها، ومرة في الطريق وبعضهم ماضٍ إلى القرية التي تُدعى عمواس، ومرة على شاطئ البحر وهم يتصيّدون السمك، وأكل معهم عدة مرار. كل ذلك في خلال أربعين يوماً. وكان يجدد عليهم الوصية ويذكرهم بالعهود التي عهدها إليهم، ويخبرهم أنه سيوجه لهم البارقليط الذي هو الروح القدس لتأييدهم. فلم يزالوا كذلك إلى أن صعد إلى السماء صعوداً ظاهراً مكشوفاً بحضرة من كان حاضراً في ذلك الوقت، وهم ينظرون إلى أبواب السماء مفتوحة، وقد نزلت الملائكة ورفعته بالتمجيد والتهليل والتسبيح، وهي تخاطب وتقول: أيها الناس ما بالكم تنظرون متعجبين حائرين؟ هذا يسوع المسيح ابن الله الوحيد قد صعد إلى السماء ممجداً، وهو مزمع أن يأتي ثانية في آخر الأيام، فيُرَى نازلاً في ذلك الوقت كما ترونه الساعة صاعداً، ليبعث من في القبور ويدين الخلائق . ثم غاب عنهم وغابت الملائكة معه. وذلك الجبل الذي صعد منه هو جبل الزيتون من بلاد الشام معروف مشهور بهذه الصفة إلى هذا الوقت.

فلنذكر بعد هذا شهادة صاحبك: إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً فِي الدُّنْيَا والْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ واللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ والذِّكْرِ الْحَكِيمِ (سورة آل عمران 3:55-58) فأمْعِن النظر وانصح لنفسك في الاستقصاء، ولا تَمِلْ إلى غير الحق، فإنك إن أنصفت، ظهر لك أبيض النور وتلألأ الحق.

ثم لما كان بعد صعوده إلى السماء بعشرة أيام كان التلاميذ مجتمعين في الغرفة التي كانوا ينزلون فيها معه إذ سمعوا صوتاً عظيماً، وتجلى عليهم الروح القدس الذي هو البارقليط، فصار على كل رجلٍ مثل لسان من النار، فجعل يتكلم بلسان البلد الذي وُجِّه ليبشر فيه بالمسيح مخلص العالم ومنقذه، ويدعو أهل ذلك البلد إلى النصرانية، ويريهم الآيات المعجزة. فعند ذلك تفرق كل تلميذ إلى البلد التي نُدب إليها وأُعطي معرفة لسانها وكلام أهلها، وكتبوا الإنجيل الطاهر وجميع أخبار المسيح وأقاصيصه بكل لسان عن إملاء الروح القدس، فدانت لهم الأمم واستجابوا لقولهم. ورفضوا هذه الدنيا ومالوا إلى الأمر الواضح، وتركوا أديانهم ودخلوا في النصرانية عندما أشرق لهم نور الحق وتلألأ نور البشارة، فأيقنوا وآمنوا مصدِّقين غير مرتابين حيث ميّزوا الحق من الباطل والكفر من الإيمان والهدى من الضلالة، ورأوا الأعاجيبوالآيات الباهرة والسيرة الحسنة المشابهة لسيرة المسيح التي آثارها قائمة ثابتة حتى اليوم والساعة. فنحن الذين قبلناه منهم لم نزد فيه ولم نُنقص منه، وعليه نحيا وعليه نموت ونُبعث حتى نقوم به بين يدي المسيح سيدنا يوم نقف بين يديه عندما يدين الخلق جميعهم.

وليس هذا كسيرة صاحبك وسيرة أصحابه الذين لم يزالوا يتقدمون في القتل والنهب والخبط بالسيوف وسبي الذراري والتغلّب على البلدان ونهب الناس أموالهم وهتك حريمهم واستعباد الأحرار، حتى قال عمر بن الخطاب: ألا من كان جاره نبطياً واحتاج إلى ثمنه، فليبعه . ومثل هذا كثير مما يشابهه من القول والفعل. وهذا خلاف ما كان يفعله سمعان وبولس من إبراء المرضى بطلبهما وإقامة الموتى باسم المسيح سيدنا.

[رهبان اليوم]
وإن قلت: ما بال الرهبان لا يفعلون اليوم من الآيات والعجائب مثلما كان التلاميذ يفعلون حيث توجهوا إلى البلدان؟ قلنا: إنهم لما مضوا للبلدان للدعوة واجتذاب الناس إلى الإقرار بربوبية المسيح، احتاجوا عند ذلك إلى كثرة الآيات وتواتر العجائب لتصحّ دعوتهم، وليعلم الذين يدعونهم صحّة دعواهم، فليس الرهبان اليوم دُعاةً، وإن كان كثير منهم يتكلّفون فعل ذلك لدى الخواص خفية، ليُعلم أن تلك النعمة ثابتة فيهم باقية. فإذا جرى لهم أمر احتاجوا إلى إظهار قوتهم للعامة أظهروها ليُعرف ذلك من أفعالهم في المشرق والمغرب وحيث حلّوا، ولو أن الرهبان تكلفوا إحياء كل ميت وشفاء كل مريض في كل وقت لم يمت أحد، ولم يكن للقيامة رجاء ولا للدنيا زوال، وكان في ذلك تكذيب لوعد الله ووعيده في الآخرة. وإنما يفعل الرهبان ما يفعلونه ويجري على أيديهم الواحد بعد الواحد ليزدادوا ثقة لما هم فيه من ذلك التعب والنصب، وليعلموا كيف مرتبتهم عند الله في طاعتهم ليلهم ونهارهم. ولا يحتاج الناس اليوم إلى معاينة الآيات في تحقيق هذا الدين، إلا من رفع نفسه عن استعمال العقل وشارك البهائم في جهلها وقلة إدراكها.

لقد شرحت لك قصة المسيح سيدنا على غاية الاختصار، وبعض أخبار التلاميذ الذين نقلنا عنهم ديانتنا، فاجمع الآن ما تريد جمعه منها إلى ما في يدك، واستعمل الإنصاف واصدق نفسك ولا تغشّها، لترث ملكوت السماء ممّن سلطانه على بدنك ونفسك، الذي يقدر أن يرحمك ويقبلك كما يقبل الآب الولد الشارد، فإنك تكون من الموفَّقين. فلا تغتر بهذه الدنيا وتتعلق بأسبابها وتنغمس في شهواتها، فإنها غدارة مهلكة لمن مال إليها، وانظر لنفسك قبل فوات النظر، وردد فكرك في ما قد كتبتُه إليك في كتابي هذا، وقس بعضها ببعض، واستعمل في ذلك قانون العدل وميزان الحق، فليس هذا الأمر من الأمور التي يجوز أن يُغفل عنها، لأنه هو الأمر المحصول عليه في الوقتين معاً: في هذه العاجلة وفي الآجِلة، وقت لا يُقبل منك فيه العذر ولا ينفع الاحتجاج. أما أنا فقد بلغتُ جهد طاقتي في النصيحة لك ولكل من نظر في كتابي، وما أبقيت عند نفسي في ذلك غاية. واسأل الله أن يوفقك وإيانا على العمل الصالح بطاعته، ويعصمنا من معاصيه، ويشركنا في ملكوته مع أوليائه الذين رضي عنهم بجوده وكرمه، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته. آمين

[ النهاية ]

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا | Leave a comment

فيلم الرسالة منحول من روايات شيعية مشبوهة

غرد  محمد النجيمي، الداعية السعودي المعروف, الأستاذ بالمعهد العالي للقضاء وعضو مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا وخبير ababilbirdsبمجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة, مهاجماً فيلم الرسالة للمخرج السوري مصطفى العقاد، قائلا إنه منحول من الروايات الشيعية خصوصا ما يتعلق بمقتل حمزة، عم النبي، على يد “العبد وحشي” وما يرصده الفيلم من تآمر بينها، والى التشويه بطريقة عرضه لأدوار عدد من كبار الصحابة، وخاصة أبوبكر وعمر.

وكتب النجيمي في حسابه على تويتر: “أكاذيب فيلم الرسالة الشيعي على هند بنت عتبة يعتمد على مجمع البيان للطبرسي الشيعي الكذاب هو من نقل الاتفاق بين وحشي وهند”, ملمحا الى مشهد قتل حمزة ومكافأة وحشي بنيل حريته، على أن تقوم هند لاحقا بشق بطن حمزة وأكل كبده,… “قصة بقر بطن حمزة ذكرها الطبرسي في مجمع البيان وكتاب شجرة طوبى، والقصة باطلة مكذوبة لم يصح لها سند عند أهل السنة ورواياتها ضعيفة.. فيلم الرسالة أظهر أن هند بنت عتبة هي من أمرت وحشي أن يقتل حمزة! وهذا كذب لأن وحشي كان عبدا لجبير بن مطعم، وهو من أمره.”… “فيلم الرسالة يعرض هند بنت عتبة ويشوه صورتها.. فيلم الرسالة ينقل من تفاسير الشيعة كتفسير العياشي الشيعي وتفسير نور الثقلين لعبد علي، واعتبر الفيلم أبا طالب مسلما يدعو للتوحيد خلاف كل المراجع، الفيلم لا يظهر أي دور لأبي بكر وعمر خلاف كتب السيرة، وحوار الأسرى أخفاه الفيلم ونسبوا الحوار مع الكذب فيه لعمار وحمزة مع أن النبي لم يستشيرهما.”.., ثم اشار الى  “الأخطاء التاريخية” في الفيلم ومن بينها تاريخ إسلام حمزة وعمر بن الخطاب.

Posted in الأدب والفن, ربيع سوريا | Leave a comment

البحث عن عبدالقادر الجزائري لإنقاذ مسيحيي العراق وسورية!

الأمير عبد القادر الجزائري 1862

الأمير عبد القادر الجزائري 1862

الحياة اللندنية: سليم نصار

عقب صدور القرارات الهمايونية التي عممها تنظيم «داعش» على أهل مدينة الموصل، سارعت 340 عائلة مسيحية إلى النزوح إلى محافظة نينوى. وجاء هذا النزوح الجماعي إثر الخطاب الذي ألقاه حاكم الموصل الجديد سلمان الفارسي الذي خيَّر المسيحيين بين إشهار إسلامهم… أو دفع الجزية… أو مغادرة منازلهم من دون ممتلكاتهم باعتبارها من الغنائم.

ويقول ممثل جمعية الهلال الأحمر العراقي، محمد الخزاعي، إن الموصل خلت من العائلات المسيحية، الأمر الذي حدث للمرة الأولى منذ 1500 سنة. وفي تقديره أن العراق كان يضم أكثر من مليون ونصف المليون مسيحي قبل عشر سنوات. ولكن فتاوى تنظيم «داعش» أفرغته من مليون عنصر في حين هرب نصف مليون منهم باتجاه قضاء الحمدانية وقرقوش.

بعد انقضاء فترة قصيرة على اتساع عمليات التهجير، نشر مواطن موصلي مسيحي رسالة على موقع «تويتر» جاء في نصها:

«نحن نغادر مدينتنا الموصل مطرودين، وقد أذلنا حاملو راية الإسلام الجديد.

نغادرها لأول مرة في التاريخ، علماً أننا كنا نتوقع من جيراننا وأصدقائنا الحماية والدفاع. لكنهم خذلونا وتركونا نواجه المجهول، ونتنازل عن تاريخنا ورموزنا وكنائسنا وآثارنا وكل عزيز علينا.

وداعاً، نقولها لمحال: الساعة والجولاق والدندان وباب لكش وباب الجديد وباب الطوب.

وداعاً للسرجخانة وسوق العتمي والقناطر وجسر العتيق وعبدوخوب، وقصر المطران وشارع الفاروق وشارع نينوى والدواسة وشارع النجفي».

وفي ختام هذه الرسالة يقول ماجد الموصلي معاتباً: «نحن نرحل بذلٍّ مطرودين من الأرض التي رويناها بدمائنا».

وبدلاً من تخفيف معاناتهم واحترام مقدساتهم، بادر تنظيم «الدولة الإسلامية» إلى تفجير مواقع دينية تاريخية في الموصل بينها مسجد قبر النبي يونس بن متى. ويُعتبر هذا المسجد من المعالم الأثرية التي يقصدها السياح والحجاج.

ويبدو أن «الخليفة» أبو بكر البغدادي لا يؤمن بالمعتقدات الدينية كافة التي مورست قبل عهده، بدليل أنه ضرب بمعوله مختلف الأماكن الأثرية والمقدسة، لا فرق أكانت للمسيحيين أم للمسلمين. وكان بهذه الأعمال الشاذة يريد أن يثبت للعراقيين أن تاريخ بلادهم يبدأ من العاشر من حزيران (يونيو). أي يوم سيطرته على جزء كبير من الأرض والمدن، وإخضاع السكان لإمرته. لذلك، باشر إطلالته على المواطنين بنسف مرقد الإمام السلطان عبدالله بن عاصم بن عمر بن الخطاب.

وانسجاماً مع هذا التحول، قام أنصاره بإزالة مرقد الإمام عون الدين بن الحسن في منطقة لكش وسط الموصل، الأمر الذي أدى إلى تصدّع المنازل المحيطة به. كذلك نسفوا مرقد أبو العلا الواقع وسط منطقة باب الجديد، جنوب الموصل. ثم فجروا مرقد الشيخ الصوفي الصالح الذي يزوره آلاف المسلمين. وهو يقع قرب قرية تل حمة التابعة لقضاء داقوق.

وكما مارس نفوذه المتشدد على المواطنين داخل مناطق من العراق وسورية، أخضع البغدادي النساء لرقابته القاسية، محذراً من مخالفة ارتداء الحجاب.

وحول هذا الموضوع المسلكي، أصدر التنظيم بياناً جاء فيه: «إن الشروط التي فرضت على المرأة في ملبسها وزينتها، لم تكن أكثر من ذريعة لإخفاء الفساد الناتج من التبرج بالزينة. والحجاب لا يحد من حريتها، وإنما يحفظها من السقوط في درك المهانة ووحل الابتذال، وألا تكون مسرحاً لأعين الناظرين!».

وحرصاً على تعميم هذه الإرشادات، قرأ مسلحو «الدولة الإسلامية» بياناً عبر مكبرات الصوت أثناء تجمع المصلين، جاء فيه: «كل مَنْ لا يلتزم بهذه الفريضة، وكان مدعاة للفتنة والسفور، سيقع تحت طائلة المساءلة والحساب، ومعرضاً للعقاب المغلظ، صوناً للمجتمع المسلم من الأذى».

ووضع التنظيم قواعد للحجاب الشرعي، تشمل تغطية اليدين والقدمين وارتداء ملابس فضفاضة محتشمة لا تحدد خطوط الجسد، إضافة إلى حظر استعمال العطور.

ويقوم المتزمتون بدوريات لجماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وتقوم هذه الدوريات تحت إشراف لجنة أغلقت كلية الفنون الجميلة في الموصل، وهدمت تماثيل لشعراء مشهورين ومنعت تدخين السجائر والنرجيلة.

وترى «الدولة الإسلامية» أن الشيعة الذين يؤلفون غالبية سكان العراق هم كفار يستحقون القتل. وقد خيَّرت المسيحيين بين التحول إلى الإسلام أو دفع الجزية، أو مواجهة الموت.

ويرى الزعيم المعتدل أياد علاوي أن رئيس الوزراء نوري المالكي هو المسؤول الأول والأخير عن الانهيار الكبير الذي حلّ بالجيش النظامي. وفي سبيل ملء فراغ الانهيار ظهرت قوات البيشمركة الكردية والميليشيات الشيعية كقوتين وحيدتين تستطيعان تحدي «الدولة الإسلامية».

يقول المقربون من «الخليفة» البغدادي، إنه غير معجب بسيرة الخليفة معاوية، وإنه يفضل عليه حكم الحجاج بن يوسف حاكم العراق في العصر الأموي. وهو يرى الحجاج مَثَله الأعلى لأنه نشر الأمن والاستقرار وهزم المتمردين الذين اعتصموا في مكة احتجاجاً على الخليفة الشرعي.

وكثيراً ما يردد البغدادي خطبة الحجاج الشهيرة، كلما واجهته المتاعب والتحديات، مشدداً على عبارات التهديد، ومطلعها: إني أرى رؤوساً قد أينعت وحان قطافها…

والمؤكد أن أتباعه يعانون من عقدة السادية والشراسة مثله. أي عقدة التلذذ والابتهاج بالقسوة المفرطة. وأكبر مثل على ذلك الصور المرعبة التي وزعها الأسترالي اللبناني الأصل خالد شروف، وهي تظهره محاطاً بالرؤوس المقطوعة لعشرة من جنود الجيش النظامي السوري. والملفت أن هذا «الداعشي» قد أدهش السلطات الأسترالية التي تعتبره إرهابياً، بحيث إنه أفلت من رقابتها وغافلها ليسافر إلى سورية وينضم إلى قوات «الدولة الإسلامية».

أذكر أنه أثناء زيارتي معتقل «بوخنفيلد» النازي في ألمانيا الشرقية، وقفت مصدوماً أمام المشاهد المقززة والمنفرة التي تحمل عينات من آلات التعذيب وغرف الغاز. وأكثر ما استوقفني رؤية قفازين موضوعين في صندوق زجاجي.

ولما سألت المرافق عن سرهما، أخبرني أنهما كانا يخصان زوجة بورمان رئيس فرقة «الصاعقة». وقال إن تلك الزوجة كانت تتباهى بأنها تملك قفازين من جلد بني آدم! ولما أشاح بوجهه عنهما مستنكراً، حاولت التخفيف من انفعاله بالقول إن المنفذين أطاعوا أوامر قادتهم. وقاطعني ليعلق ويقول: هذا صحيح. ولكن الأوامر لم تطلب منهم التلذذ بما يفعلون!

ومثل هذا التفسير ينسحب على الجرائم التي يقترفها «الداعشيون» بقصد نشر الرعب والهلع لدى أعدائهم. لذلك، أصبح التعطش إلى شرب الدماء ظاهرة مألوفة يرتكبها أناس مذعورون بقصد تطمين أنفسهم، وفق ما يقول كارل ماركس.

قبل أسبوعين، ترأس بطريرك الكلدان لويس روفائيل ساكو، قداساً أقيم في كنيسة شرق بغداد حضره أكثر من مئتي مسلم للتعبير عن تضامنهم مع المسيحيين الذين اضطهدهم تنظيم «الدولة الإسلامية».

وتساءل البطريرك في موعظته عن المبررات التي تدفع «داعش» إلى إجبار الناس على ترك منازلهم لمجرد أنهم مسيحيون أو شيعة أو سنّة. وقال إن التاريخ لم يعرف مثل هذه الظاهرة حتى في أيام جنكيز خان وهولاكو.

وفي مهرجان «يوم القدس العالمي»، دان الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله ما يتعرض له المسيحيون والمسلمون في عراق «داعش». وقال إن هذه الأعمال تثير لديه مخاوف شخصية مما هو أخطر من تدمير المراقد الدينية والمساجد، بحيث تأخذ إسرائيل من هذه الارتكابات ذريعة لتدمير المسجد الأقصى.

وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل عقد مؤتمراً صحافياً حول هذا الموضوع بعد اجتماعه مع بطريرك السريان الأرثوذكس أغناطيوس أفرام الثاني ومطران السريان الكاثوليك جهاد بطاح وعدد من سفراء الدول الغربية. وقال إن ما يحدث في العراق يهدد وجود لبنان في شكل مباشر، لأنه يُناقض نموذج التعايش بين 18 طائفة تشكل نسيجه الاجتماعي المميز.

حول مسألة النزوح المسيحي من العراق وسورية، أعلن وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس وزميله وزير الداخلية برنار كازنوف، عن استعدادهما لتسهيل استقبال المسيحيين الهاربين إلى كردستان. وقال فابيوس إنه استصدر من مجلس الأمن الدولي إدانة لاضطهاد الأقليات في المنطقة، وقرر تعبئة المجتمعات الأوروبية من أجل ضمان حمايتهم.

كذلك، تساءلت صحف فرنسية عدة عن ضياع المروءة والشهامة لدى العراقيين الذين تركوا تنظيم «داعش» يطرد المسيحيين بواسطة فرقة لا يتجاوز عددها الثلاثة آلاف مقاتل. وذكرت هذه الصحف بالدور البطولي الذي قام به الأمير عبدالقادر الجزائري أثناء اندلاع الفتنة الطائفية (تموز/ يوليو 1860).

وفي كتاب عادل الصلح وصف لتلك الحادثة التي جاءت نتيجة الفتنة في جبل لبنان التي انتفلت إلى دمشق. ويروي الصلح، فيقول: «لما بلغ الأمير نشوب الفتنة في دمشق، هبّ مع رجاله المغاربة إلى الأحياء المسيحية لرد المهاجمين عنها، ونصحهم بالكف عن اعتداءاتهم فلم يأخذوا بنصيحته. لذلك، ذهب بنفسه إلى الكنائس والأمكنة التي لجأ إليها المسيحيون، يدعوهم جميعاً للمجيء إلى بيته. وفي اليوم الثالث تجمعت الحشود عند باب الحديد بغية اقتحام بيت الأمير على ضفاف بردى. فما كان منه إلا أن أسرج جواده واعتمر خوذته، ثم انقض على المشاغبين شاهراً سيفه وهو يصرخ فيهم: «أيها الأشقياء. أهكذا تعزون نبيكم؟ العار لكم… لن أسلمكم مسيحياً واحداً. إنهم إخوتي».

ويذكر ميخائيل مشاقة، أحد الشهود المسيحيين الناجين، أن عدد الذين حماهم الأمير عبدالقادر يزيد على 15 ألف نسمة.

والمؤكد أن هذه النماذج لن تتكرر في بلاد دمر كرامتها الوطنية نظام الحزب الواحد، ثم أجهز عليها الاحتلال الأميركي. وهي حالياً تنتقل من مرحلة الوحدة الوطنية إلى بلاد مقسمة فعلياً إلى ثلاث دول هي: دولة الكرد وعاصمتها أربيل، ودولة الشيعة عاصمتها بغداد… ودولة السنّة التي يسيطر عليها تنظيم «داعش» وعاصمتها الموصل.

وتلوح في أفق العالم العربي بوادر «فوضى صومالية» تهدد مستقبل ليبيا بحرب أهلية تفتعلها الميليشيات المسلحة الموالية لجماعة «الإخوان المسلمين.» وفي حال حققت انتصارها على مؤسسات الدولة المهترئة، فإن إيطاليا تتوقع ظهور دولتين قبالة شاطئها المزدحم بالهاربين والنازحين!

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

الائتلاف الوطني من الجربا إلى البحرة

wisamsaraفايز سارة

تتوالى منذ أسابيع هجمة على قيادات في الائتلاف الوطني السوري، وتركز الهجمة على اتهامات بالفساد وباستخدام المال السياسي، وإقامة المطابخ السرية، التي تصنع سياسة الائتلاف. وتضيف إلى ما سبق تخطئة المسار السياسي للائتلاف في العام المنصرم من عمره، وهي الفترة التي تولى فيها رئاسة الائتلاف عضو الكتلة الديمقراطية أحمد الجربا، فيما شارك عدد من كوادر الكتلة ومقربون منهم مسؤوليات قيادية فيه، وهو وضع يقارب الوضع الحالي للائتلاف، حيث يتولى رئاسته هادي البحرة العضو في الكتلة الديمقراطية، يشاركه عدد من كوادر الكتلة ومقربون منهم في مسؤوليات قيادية بالائتلاف.

والحق أنه في الحالتين فإن وصول الجربا وكذلك البحرة وفريقهما إلى قيادة الائتلاف جرى بالوسائل الديمقراطية المعروفة وعبر صندوق الانتخاب، وفازوا على منافسين آخرين كانوا مرشحين لتولي المسؤوليات ذاتها وسط رقابة ومعايير قانونية، مستندة إلى وثائق الائتلاف، التي لم يكن بين من وضعوها أحمد الجربا وهادي البحرة وأغلبية فريقيهما، مما يعني أن التشكيك في وصولهما إلى مواقعهما لا يتجاوز الكيدية السياسية، إن لم نقل الكيدية الشخصية، أو الاثنتين معا. وهذا ما يمكن تلمسه بصورة عملية ومؤكدة لدى مراجعة محتويات الهجمات في وسائل الإعلام.
وقول أصحاب الهجمات بوجود الفساد والمال السياسي لا يتجاوز هو الآخر فكرة الكيدية السياسية والشخصية، لأن القائلين بتلك الاتهامات لم يقدموا أي إثباتات حول مزاعمهم، بل إنهم لن يستطيعوا أن يقدموا مثل تلك الإثباتات لعدم وجودها أصلا، خاصة في ظل وجود منافسين ومعارضين أقوياء لهم داخل الائتلاف، ووسط إصرار فريقي الجربا والبحرة على مشاركة الآخرين في أنشطة الائتلاف وتحركاته في المستويات الداخلية والخارجية.
أما في موضوع المطبخ السري المزعوم في الائتلاف فإن تعريف المطبخ السري يجعلنا في حالة من الالتباس، هل هو قيادة الائتلاف التي كان بعض ممن يشنون الهجمات بين كوادرها الرئيسة؟ أم هو في حلقة أضيق تتألف من الرئاسة وحلقة من المستشارين والخبراء الملتفين حولها؟ وفي كل الأحوال، ليس من الشائع في أي مؤسسة أو هيئة أن يجري طرح وتداول موضوعات تحظى بأهمية استراتيجية بصورة علنية وعلى نطاق واسع خاصة إذا كان وضع المؤسسة أو الهيئة كحال الائتلاف الذي يواجه بيئة دولية وإقليمية مركبة ومعقدة، ونظاما دمويا له تحالفات لا تقل خطرا عنه على السوريين وعلى الائتلاف.
وإذا كان الائتلاف الوطني وقيادته خلال العام الماضي لم يزعم أبدا أنه قام بكل ما ينبغي، وما يفترض أن يقوم به من أجل قضية الشعب السوري وثورته، فمما لا شك فيه أنه سعى لتحقيق تقدم في جملة من الموضوعات الدبلوماسية والسياسية، وكل هذه الخطوات جاءت مختلفة عن محصلة المرحلة التأسيسية، التي سبقت مجيء فريق الكتلة الديمقراطية برئاسة الجربا إلى قيادة الائتلاف.
لقد مضى الائتلاف في العام الماضي لتشكيل الحكومة السورية المؤقتة، وأنجزها، وعملت الحكومة ولو بإنجازات محدودة، كما يؤكد فريق الكتلة الديمقراطية الذي شارك في إقالة الحكومة مؤخرا نتيجة تقصيرها، وجرى ضم ممثلين عن المجلس الوطني الكردي في إطار توسعة التمثيل السياسي للسوريين في الائتلاف، وذهب الائتلاف إلى «جنيف 2» في إطار المعركة السياسية مع نظام بشار الأسد حتى لا يترك للأخير فرصة الاستفراد بالرأي العام وبالمجتمع الدولي وإقناعهما بأنه «المتعاون مع المجتمع الدولي» و«القابل للحلول السياسية»، وأن المعارضة وعلى رأسها الائتلاف في واد آخر، وأنهم مجرد «قتلة ومتطرفين» و«راغبين في الاستيلاء على السلطة الشرعية».
وزاد الائتلاف على عمله السابق نشاطا دبلوماسيا ملحوظا، فيه عشرات من اللقاءات والزيارات لعواصم عربية وأجنبية، بينها الأكثر صلة وعلاقة بالقضية السورية من أجل تعزيز مكانتها، وتقوية مركز الائتلاف الوطني في المعادلة السياسية بعد أن كاد الائتلاف يصبح خارج المعادلة قبيل مجيء الجربا وفريقه إلى رئاسة الائتلاف، حيث لم تتم دعوته إلى اجتماع الدوحة في صيف عام 2013 كما هو معروف.
صحيح أن ما تقدم لا يمثل طموحات ما ينبغي أن يكون عليه حال الائتلاف، وهو يواجه نظاما أوقع العالم في الحيرة والعجز بفعل ما ارتكبه من جرائم، وما خلفه من مشاكل وتحديات.. فكيف يكون حال الائتلاف بقدراته المحدودة ووسط بيئة إقليمية وعالمية مرتبكة وعاجزة عن اتخاذ مواقف جادة ومسؤولة؟
لقد بنى الائتلاف في عامه الماضي ما يعتقد أنه أساس لاستراتيجية وخطط هدفها العودة إلى سوريا، وهي عودة سياسية وعسكرية وبشرية واقتصادية، تقوم على فكرة انتقال الائتلاف والحكومة والأجهزة التابعة لها إلى منطقة آمنة من الأراضي السورية خلال الأشهر القليلة المقبلة، والخشية أن هدف الهجمات على الائتلاف وقيادته السابقة والحالية هو تقويض هذه الخطة، التي يفترض أن يشارك فيها كل الائتلاف وطاقات سورية من خارج الائتلاف. لقد صار عهد الجربا وفريقه جزءا من تاريخ الائتلاف، يمكن أن نحكم عليها بالوقائع، أما مرحلة البحرة وفريقه فهي مرحلة ماثلة، سوف نحكم على نتائجها في وقت لاحق. وفي كل الأحوال علينا أن نخرج من زمن المكائد السياسية والشخصية، ومن لديه وثائق وأسانيد حقيقية فعليه أن يقدمها للتحقق منها، وإذا ثبتت مصداقيتها فإن كل من ارتكب مخالفات أو أخطاء ينبغي أن يتعرض للمساءلة، وهذه قضية لا مساومة فيها، ولا ينبغي المساومة فيها.
نقلا عن الشرق الاوسط

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

لماذا تم استهداف الناجية اليوم !!!

حمدي شريفassadmasskiler

لماذا تم استهداف الناجية اليوم !!!
بعد فشل آل الأسد بضرب أبناء جبل الأكراد بعضهم ببعض تمهيداً لاقتحامهم الجبل و اعادة سيطرتهم عليه و بعد فشل كل مؤامراتهم و فخاههم من الفوضى إلى الإرهاب و صواريخ نصرة المظلوم و التي اختفت مع اختفاء الكيماوي و انتهت مع انتهاء الانتخابات و مشاركة العلويين بها و بعد فشلهم بسحب أبناء الجبل من تحصيناتهم بحججهم الواهية بفضل الله و من ثم بفضل أبناء الجبل المخلصين كان لابد من معاقبة المخلصين باستهداف أهلهم المدنيين الآمنين بالناجية و بداما من أجل الضغط علينا و على حلفائنا و نحن نقول للجميع لن نخطأ من جديد و نترك أرضنا و أكثر من ذلك قريباً سنعود لقرانا مبروك فشل مؤامراتك يا بشار و مبارك علينا شهدائنا الآمنين الأبرياء و افعل ما شئت ستبقى سلمى عصية عليك بفضل الله و بفضل التائبين و الصادقينن و المخلصين عباد الرحمن

Posted in ربيع سوريا, فكر حر | Leave a comment

“الموت فى الجهاد خير من الحياة في السقوط” …

christianmaouseliraqueكلمة رئيس حزب المشرق ، المحامي رودريك الخوري ، في القداس التضامني مع مسيحيي العراق

في ذلك الدير العظيم ، في نينوى قرب الموصل ، جلس على مقعده ، رسم إشارة الصليب، غمّس ريشته ببعض الحبر ، وكتب للتاريخ :

“الموت فى الجهاد خير من الحياة في السقوط” …

هو مار اسحق السرياني ، ذات ليلة من ليالي العام 670 … في ناحية من نواحي نينوى … في ديره العتيق ، حيث كان يأتي إليه مئات المسيحيين ، ليعلمهم كيف “يحبون القريب أكثر” ، وكيف “يخدمون الفقير أكثر” ، وكيف “يشهدون للحب اكثر ” ، وكيف يحملون النور الإلهي” في برية عاشوا فيها ، يتردد في اذهانهم كل يوم صوت إلههم حين أرسلهم قائلاً :” هاءنذا ارسلكم كالخراف بين الذئاب” … هو شعب لم يخف يوماً لأنه آمن أن “الله معه” ، وأن “الموت في الجهاد خير من الحياة في السقوط”.

هنا بلاد ما بين النهرين …

الحضارة التي حوّلت “المسمار” في يديها ابجدية علم و لغة تفاعل مع الآخر … تماماً كما حوّل يسوع الناصري “المسمار” في يديه ابجدية حب ولغة تفاعل مع الآخر .

الحضارة التي شهدت اول “قانون مكتوب ” في التاريخ … تشهد اليوم انهيار القوانين والشرائع لتسودها شريعة الغاب .

الأرض التي شهدت اول “ثورة زراعية” نقلت البشرية من عصر “اكلة لحوم البشر” إلى “عصر الحضارة المستقرة” … تشهد اليوم تدميراً للحضارة ” وعودة إلى عصر “اكلة لحوم البشر”.

كنائس تحرق ، بيوت تنهب ، شعب يقتل ، يقتلع من جذوره ليرمى “طعاماً لوحوش الأرض”.

اما تستحق مأساة شعب وإبادة جماعية أي تحرك من مجلس الأمن والأمم المتحدة؟ اين جامعة الدول العربية؟ اين الغرب الذي يناضل لحقوق الإنسان؟ قد لا يبقى إنسان “لتكتبوا” له عن حقوق الإنسان … سئمنا كتابات وأوراقا … لم يعد هناك شعب أصلاً ليقرأها أو يسمعها … ألا يستدعي الوضع الكارثي لمسيحيي العراق أي تدخل عسكري – سياسي لمجلس الأمن تحت الفصل السابع؟

إننا اليوم هنا لنقول للجلاد :

نحن متضامنون بتشديد “النون” ، وبتشديد “النون” نحن متضامنون مع مسيحيي العراق.

لن نركع لطغاتك مهما قتلوا… مهما هددوا لن نركع …

قد نترك الأرض … أو ندفن بها … لكننا لن نحيد عن إيماننا ولا “طرفة عين” .

قد نشهد بالحبر ، قد نشهد بالدم … لكننا لن نبيع كرامتنا ولن ندفع “الجزية” لفريسييك ونحن صاغرون .

إننا هنا لسنا “لبنانيين” متضامنين مع “عراقيين” ، بل نحن “جسد واحد” يصرخ ، جسد واحد يصلب ، ضربة الجلاد تضربه في العراق ، فتؤلمه في سوريا ، ليصرخ من لبنان ويقول :

من لبنان … هنا الموصل …

من لبنان هنا معلولا … من لبنان هنا نينوى …

من لبنان ، من بلدي الذي اختزن على مر التاريخ كل ما عانته ذاكرة المسيحيين المشرقيين الجريحة ،

ومن لبنان ، ، ذات يوم من أيام العام 1926 ، مثقلاً بكل تلك الذاكرة النازفة ، في منزله الصغير في بيروت ، جلس على مقعده ، مفكر “كلداني عراقي” ، غمّس ريشته ببعض الحبر ، وكتب للتاريخ :

“الدستور اللبناني” وفلسفة الصيغة الفريدة في تعايش الأديان ، إنه “الكلداني العراقي” والنائب اللبناني ميشال شيحا الذي ربما لا يعرف الكثيرون انه هو من وضع “الدستور اللبناني” وهو من وضع بنفسه “الألوان الثلاثة” للعلم اللبناني وهو من عرف أن عظمة شعب لبنان تكمن في أنه جمع كل حضارات المشرق العظيمة ،من رومية وسريانية واشورية وكلدانية وارمنية وعربية ، من مسلمة ومسيحية ، وأعطاها كامل الحقوق ، لذلك صرخ وقال :

“لبنان بلد صغير طبعا

وطن صغير، ربما،

لكن شعب صغير، ابدا..”. ربما كان يعلم علم اليقين أن مصير المشرق سيكون غارقاً في الدماء من غزة إلى دمشق إلى الموصل … ومن اورشليم إلى كسب إلى صدد إلى نينوى …” إن لم يعط “لكل طائفة حقها” في أن تتمثل وتتفاعل مع الآخر بندية وسواسية .

ونحن من هنا نقول لمسيحيي العراق، لروح ميشال شيحا ، لروح مار اسحق السرياني ، لأرواح ملايين الشهداء :

أنتم تضطهدون ، طبعاً ،

تصلبون ، ربما ،

لكن ستنتهون ، فلا وألف لا … بل ستقومون في اليوم الثالث ” وتطأون الموت بالموت ، وتملأون الأرض حباً ونوراً وعدلاً وحياة.

Posted in ربيع سوريا, فكر حر | Leave a comment