ملاحظات ثقافية حول القصة القصيرة جداً

nabilaudehأعترف أن بعض ما قرأته مما يسمى قصصاً قصيرة جميل.. ولكنه جمال سريع العبور والتلاشي، لحظة بعد قراءة النص. وبعض النصوص مجرد ثرثرة بلا معنى ولا فكرة ولا رؤية، ولو أراد كاتب متمرس مثلي لأنتج مجموعة قصصية من القصيرة جداً كل يوم، وربما بمضمون وروح دعابة، وفكرة فلسفية، ونص شاعري، أجمل من كل ما قرأت من قصص قصيرة جداً.
انا لست مقتنعاً من أمرين بكل ما يسمى القصة القصيرة جداً، أولاً من كون هذا اللون ينتمي لعالم القصة، وثانياً من رؤيتي ان التسمية قصة قصيرة جداً هي تسمية دخيلة على عالم القصة. القصة القصيرة هي قصة قصيرة وقد تكون ومضة حقاً ولا أرى ان المساحة هي المقررة، انما المضمون، وما يسمى بدون وجه حق قصة قصيرة جداً، القليل منه فقط، يمتلك عناصر القصة… والباقي ليس قصة وليس أدباً حتى..!!
هل هذا يعني ان قصة قصيرة مصوغة بكثافة روائية تصير، حسب هذا المنطق “رواية قصيرة جداً؟”. قناعتي ان هذه التسمية عبثية!!.
القصة القصيرة جداً تفتقد للمبنى القصصي بحكم مساحتها، وغياب عناصر هامة مثل الخطاب التاريخي والخطاب الفني، وبناء الحدث، وبناء سيكولوجية الحدث وأبطاله، أي بمفهوم أوضح دراسة العوامل النفسية للفكرة الدرامية ولشكل تصرف الأبطال. ربما ينفع نص ما يسمى قصة قصيرة جداً ليكون حالة معينة داخل قصة.
أعرف ان موقفي سيثير رفضاً واسعاً، لأن الكثيرين من الذين فشلوا في صياغة قصة قصيرة يبحثون عن تغطية ثقافية.. ولكني لم أتعود ان ابقي رأيي طي الكتمان.

لا أطرح ما أطرحه لأنتقص من قيمة اي كتابة أدبية إبداعية. وكما قلت بعض ما يسمى القصص القصيرة جداً قرأتها بمتعة، رغم اني لم أدخل في نوسطالجيا القصة القصيرة، او أجواء الدهشة والإحساس بالحدث، وشعور التواصل والرفض لمواقف أبطال النص القصصي، او القناعة الفكرية بموقف او نهاية. وخلافي ليس حول قدرات إبداعية لبعض كتابها، لأن الأكثرية المطلقة من كتّاب هذا اللون، صاروا تماماً مثل شعراء آخر زمان، الذين هبطوا على الشعر بدون فهم ادوات الشعر، ولغة الشعر وصياغة الصور الشعرية، ووجدوا بالمنثور غطاء تنكريا، بينما الشاعر الوحيد الذي اثبت نفسه في الشعر المنثور هو الشاعر محمد الماغوط. وقد نجد القليل عند غيره من المنثورات الجيدة.. ولكنها لا تشكل حالة ثقافية.
لذلك نرى الكثير من حاملي صفة شعراء وكتاب قصة قصيرة جداً، او حتى قصة قصيرة، ولا نجد بينهم الا عدد نادر من الشعراء والكتاب، وبالكاد لديهم روح أدبية تستحق الالتفات.
يقلقني تماماً ان حالة من التسيب والسهولة التي وجدها البعض في هذا اللون من الكتابة، قد تقود الى تعميق أزمتنا الأدبية.. بحيث تصير الكتابة القصصية القصيرة جداً ملعباً للكثير من الفاشلين قصصياً، تماما كما ان الشعر المنثور أضحى لعبة يمارسها الفاقدون حتى للحس اللغوي وليس لبحور الشعر وأوزانه فقط..
أفهم ان شاعراً مجيداً مثل محمود درويش او نزار قباني كتبا قصائد النثر، او ظهرت نثريات في قصائد بعضها موزون. لدرجة ان القارئ العادي، او المثقف أكثر، يستصعب أحياناً الفرز بين الموزون والمنثور او فهم ان بعض الشعر، رغم انه على المسطرة من ناحية الوزن الا انه يبدو لغير الملمين بالأوزان الشعرية، نثراً.
أحد الأدباء العرب داخل اسرائيل، الدكتور فاروق مواسي أصدر مجموعة قصص قصيرة جداً حملت عنوان “مرايا وحكايا” قرأتها وأعجبتني روحها الأدبية.. ولكني لا أستطيع قبولها كقصص، لا قصيرة ولا قصيرة جداً. تفتقد لمبنى القصة. ربما كتابة ذكية ببعضها روح الدعابة. لذا امتنعت من الكتابة عن مجموعته رغم رؤيتي انها لوحات كتبت بذكاء وحس أدبي جميل. واليكم نموذج، وهي القصة الأولى في المجموعة:

سمك
سألته وهي تهاتفه: أي الطعام أحب اليك؟
أجابها بلا تردد: سمك!.
ولم تكن تحب السمك…
وألِفت نفسها بعد أيام تكثر من شراء السمك للعائلة، تقدمه مقلياً ومشوياً وتأكله بشهية..
وتساءلت العائلة: ما سر شراء السمك بهذا القدر… ترى هل رخص السمك؟!.
***

أعترف انها فكرة جميلة، وهي أجمل قصة برايي في المجموعة، ولكن السؤال،ألم يكن من الممكن تطوير عقدة قصصية من نفس هذه الفكرة السريعة، وجعلها أكثر جمالاً وأكثر اندماجاً بجو قصصي يعيش لفترة أطول في ذهن القارئ، ويخلق انفعالات درامية تدوم في ذاكرة القارئ لفترة أكثر امتدادا؟.
سيقولون لي عصر السرعة. هذه حجة تولد ميتة. اذن تعالوا نجعل الرياضيات والفيزياء والكيمياء والعلاج الطبي يخضع لفكرة السريع جداً، أو القصير جداً..؟.
فكرة القصير وارتباطها بعالمنا السريع، هي تدمير للأدب.
ربما تكون قصة قصيرة لا تتعدى الخمسين كلمة. أو أقل، ولكنها ليست قاعدة إطلاقاً. وتحويلها الى قاعدة يبنى عليها تحمل في داخلها ميكروبات قاتلة للأدب.
الأدب متعة نفسية وجمالية وفلسفية وأخلاقية وتطويرية ونقدية.. ورحلة في عالم الانسان والطبيعة والجماليات، لا يمكن اختصاره الى قصة قصيرة جداً، تكتب خلال دقيقتين.
من هذا الشكل مثلا قصة كتبتها خلال دقيقتين بدون فكرة مسبقة، من أجل ان أثبت لنفسي أولاً عبث فكرة القصة القصيرة جداً. وقدرة كاتب متمكن من مهنته، ان يصوغ عشرات من النصوص، من هذا النوع، خلال جلسة واحدة قصيرة. واليكم النموذج:

أضف الى رجائك ورقة ياناصيب

كان يصلي لربه ان ينقذه من تدهور حالته الاقتصادية، بأن يجعله يفوز بمليون دولار بسحب اليانصيب. وتمضي الأيام والأسابيع، والله لا يستمع لندائه. أخيراً وقف يصيح بأعلى صوته: ألم تقل على لسان ابنك: اقرعوا يفتح لكم؟ ابحثوا تجدوا؟ أكاد أموت جوعاً وانت لا تسجيب لندائي بأن أفوز ياليانصيب!”.
وجاءه صوت مجلجل من السماء: “عليك ان تقوم بخطوة كي تساعدني على مساعدتك، اشتر أولاً ورقة يانصيب”.

وقصة أخرى:

كتابة تافهة..؟

جلس يهودي متدين في عيد الفصح في حديقة، وكان يأكل المصّة (خبز بلا خميرة كثير القدوح). جلس بقربه رجل أعمى، قدم له اليهودي قطعة من المصّة، تلمّس الأعمى المصة بأصابعه من الجهتين وسأل بحيرة: “من كتب هذه التفاهات؟”

وقصة أخرى:

من تصدق؟

دخل بيته ووجد زوجته وأفضل أصدقائه عاريين في السرير. قبل ان يفتح فمه قفز صديقه من السرير قائلا: “قبل ان تقول شيئا أخي، فكّر جيداً، من تصدق، صديقك ام عينيك؟”.

هذه القصة قد تبدو نكتة عابرة ولكنها فلسفياً تطرح موضوعاً هاماً: “على أي نوع من المعلومات عن عالمنا يجب ان نعتمد؟”

هل تريدون ان أواصل؟

إنسانية
“الإنسانية؟
ليست ان يبصق صدرك دماً
من طلقة مدفع
في يد عدو.
الإنسانية؟
ان تزغرد رصاصاتك فرحاً بالنصر!!”

هل يمكن وصف هذا المقطع بالقصة؟

مقاومة

انت في مهمة، ومهمتك تطبيقية، مهمتك ان تضغط باصبعك الى الوراء، بعد ان يكون الصليب المنبعث أمام عينك عبر منظار البندقية، قد تعلق كوسام الشرف فوق صدر الذي احتل ارضك”

غضب أيوب

فقام ايوب ومزّق جبته وجزَّ شعر رأسه وخرّ على الأرض ساجداً.
قال ايوب: عرياناً خرجت من بطن امي وعرياناً أعود الى هناك، الرب أعطى والرب أخذ، فليكن اسم الرب مباركاً”.
وقتلت فلسطين!!

بعد نكسة 1967 كتبت مجموعة “ٌقصص جو” تحوي عشرات المقاطع المستقلة في إطار قصصي واحد، بإمكاني تحويلها الى أكثر من 50 قصة قصيرة جداً. ولكني لا أشعر بأني أبدع كتابة قصصية، انما فذلكة نصية لا أكثر.

وأنهي بهذا المقطع:

الموجات الثلاث
وصلت قبل ايام، كنت في رحلة الى بحر هائج. أضعت هناك ثلاث موجات، وعندما وصلت ميناء النهار اكتشفت اني أضعت ايضا نصف البحر وحبيبتي التي كانت تحتضنني بين وديانها وجبالها.. آه من ألمي. حملتني الريح بعيداً عنها.. وها انا أبحث عنها حتى اليوم.
***
مثل هذه القصص لا تحتاج الى الدخول في مشكلة التكنيك القصصي، وضبط الخطابين الأدبي الفني من جهة والتاريخي الأيديولوجي من الجهة الأخرى لصياغة قصة فنية متوازنة، وانتاج نص يشد القارئ ويثير دهشته.. مثل هذه “القصيرة جداً” لا تحتاج الى التفكير بخلق عالم البطل وشخصيته، ودراما واقعه، مثل هذه القصة لا تحتاج الى خلق أحداث حياتية ونص متماسك يأسر بدهشته القارئ، وتكريس تفكير وجهود فنية لجعل الفكرة أكثر كثافة في ذهن القارئ، وأكثر عمقاً اجتماعياً، وأبعد في صياغتها من مجرد خبر كتب بروح الدعابة السوداء او البيضاء.
لاحظت ان بعض الزملاء يعلقون على القصص القصيرة جداً بكلمة مكررة “كثافة” هل حقاً يدركون مفهوم التكثيف في الأدب او في النص اللغوي او في الطرح الفكري؟ رجاء لا تدمروا هذا التعبير باستعماله في غير مكانه، يكفينا ان مفهوم الحداثة صار يطبق على كل كتابة مفككة وهابطة لغوياً وفنياً.. وبجهل كامل لمعاني التعابير والاصطلاحات ومضامينها ومصادرها الفكرية.
القصة القصيرة جداً ليست تكثيفاً لشيء، بل هي اختصار لفكرة وتجزيئها. لا افهم ما هو التكثيف في النص القصصي، الا اختراعاً لإصطلاح للتغطية على الفقر القصصي.
هذا رأي.. لست متمسكاً ومتعصباً له، او لأي رأي آخر، لأن عالمنا متحرك متغير متطور، عاصف بأفكاره ومعاييره، ممتد بعمقه واتساعه بكل الاتجاهات، وفقط الملقّنون (بفتح القاف) يتمسكون برأي ثابت لا يتغي..
هذه هي قناعتي، حتى هذه اللحظة على الأقل!!..

Nabiloudeh@gmail.co

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

الروس و«إنقاذ» الأسد من إيران!

rashedرغم أن نبوءة خلاف الرئيس السوري بشار الأسد مع حليفه النظام الإيراني مطروحة منذ زمن، فإن علاقة المصلحة دامت طويلاً، وللإيرانيين الفضل الحقيقي على الأسد ونظامه في حمايته من الانهيار التام حتى الآن، عندما شكلوا جيشًا ضخمًا من الميليشيات من عدة دول للقتال نيابة عنه، وعوضوه عن جيشه الذي تحلل بين منشق وقتيل.

وخلال الأسابيع القليلة الماضية لاحظنا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين صار يتولى شخصيًا إدارة الملف السوري بعناية وتفاصيل دقيقة، ثم أظهرت الصور الاستخباراتية الأميركية نشاطًا روسيًا في سوريا.. فقد تم تعزيز قدرات مطار اللاذقية بمدرج ملحق، ومهبط للطائرات الهليكوبتر، وتغييرات في ملاجئ الطائرات، وحولوه من مطار مدني إلى قاعدة عسكرية، إضافة إلى قاعدة جوية قرب دمشق يقومون باستخدامها. ووصلت مئات المباني الجاهزة من روسيا، يرجح أنها مساكن لأكثر من ألفي عسكري روسي. وزادت شكوك الأميركيين بعد أن طلب الروس مئات الأذونات من عدد من الحكومات للسماح لطائراتهم العسكرية بالعبور جوًا نحو سوريا، ونقل طائرات لتجميعها هناك. وتأكد أن الروس يطورون طرطوس لتكون قاعدة عسكرية بحرية لهم، بعد أن كان الميناء المتوسطي مجرد «محطة بنزين» وخدمة صيانة للسفن الروسية! ما نيات موسكو؟ هل هو التقدم عسكريًا ضد حلف الناتو؟ أم إنقاذ الأسد من الانهيار؟ أم هو مشروع تفعيل فكرة تقسيم سوريا، بنقل الأسد ونظامه إلى الساحل وإقامة دولة علوية؟

الأستاذ إبراهيم الحميدي كتب أمس تحليلاً وافيًا، في جريدة «الحياة»، عرض فيه طرحًا مختلفًا.. يقول بأن مشروع التدخل الروسي العسكري يهدف إلى إنقاذ الأسد لكن ليس من براثن «داعش» أو المعارضة السورية المسلحة، بل من حليفته الأساسية، أي إيران! ومع أن رؤيته تخالف كثيرًا من المعطيات القائمة على الأرض التي تؤكد التعاون، إلا أن ما كتبه مثير ومهم. هو يفترض أن الإيرانيين يريدون إزاحة الأسد، الذي أصبح بالفعل ضعيفًا، ويعتزمون التقارب سياسيًا مع الولايات المتحدة التي هي اليوم في مواجهة مستمرة مع الروس بسبب الأزمة الأوكرانية.

يقول بأن الروس على خلاف مع الإيرانيين، ويعارضون مشاريعهم، مثل محاولتهم التغيير السياسي الديموغرافي، التي سماها وزير الخارجية الروسي «الهندسة الاجتماعية».. فقد حاول الإيرانيون مبادلة سكان بلدتين شيعيتين ونقلهم إلى مدينة الزبداني، وتفريغها من سكانها السنة. لكن نظرية الهيمنة الإيرانية، في رأيي، مضمونة الفشل، وذلك للسبب الديموغرافي نفسه؛ فالشيعة في سوريا أقلية صغيرة جدًا، خمسة في المائة فقط، والسنة نحو ثمانين في المائة، بخلاف الحال في العراق ولبنان. وهذا سبب فشل إيران في سوريا حتى اليوم، التي تعهدت بإعادة دولة الأسد لما كانت عليه قبل انتفاضة الربيع السوري، لكنها عجزت رغم ما أنفقته.

جاءت القوى الخارجية إلى سوريا بمشاريع يصعب تحقيقها، وربما مستحيلة؛ مثل جمع الأعداء في حكومة واحدة. وثان يعدّ العدو الوحيد «داعش». ومشروع ثالث طرح التقسيم وإقامة دولة علوية، أو دولة أقليات على ساحل البحر المتوسط. وجربت إيران وروسيا لأربع سنوات فرض مشروع واحد؛ المحافظة على حكم الأسد، وها هي تكتشف استحالة ذلك؛ لم يتبق عنده شعب، ولا موارد، ولا مصادر قوة، كالجيش والأمن، وزاد العداء ضده لأنه مسؤول عن قتل أكثر من ربع مليون من مواطنيه. أسهل المشاريع خلعه، لكن لصالح من؟ لن يكون ممكنًا تنصيب المعارضة المسلحة لحكم البلاد إلا بتوافق إقليمي عربي – إيراني – تركي. والواقع السوري صار معقدًا، وفي حال صحت رواية الخلاف الإيراني – الروسي فإنه سيزداد تعقيدًا.

منطقة الشرق الأوسط بعد الاتفاق النووي ستتغير؛ إيران قد تميل سياسيًا مع الولايات المتحدة، ضد سياسة الروس. وربما لهذا بوتين يريد استباق رياح التغيير بطرح الحل الإيراني نفسه، حكم يجمع الأسد وبعض المعارضة تحرسه قوات روسية، لكن مع إبعاد قاسم سليماني والحرس الثوري الإيراني، وحزب الله، وبقية الميليشيات الشيعية الأفغانية والعراقية!

* نقلا عن “الشرق الأوسط”

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

شاهد النظام السوري يرقص طربا للدعم الروسي ترفع معنوياته

شاهد النظام السوري يرقص طربا للدعم الروسي ترفع معنوياته
asmarusteen

Posted in ربيع سوريا, يوتيوب | Leave a comment

مفتي الأزهر الأقصى كان للمسيحيين بعهد الرسول ولم يحرك ساكناً

stonaqsaأثارت تصريحات أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، سعد الهلالي، غضبا لدى الكثيريين بعدما قال انه “لا يجب أن ندافع عن المسجد الأقصى حتى لا ندخل في حرب دينية مع إسرائيل … من يتحدث عن النخوة في الدفاع عن الأقصى يجب أن يتحدث الأول عن النخوة نحو الإنسانية، فالإنسان أهم من الكعبة ومن المسجد الأقصى … أريد أن نرفع اسم المسجد الأقصى، وأي شعار ديني من أي حرب بين الناس … أن من يتحدث عن نصرة الدين.. هذه مصيبة.. كل شخص ينصر دينه لنفسه، لا يوجد ما يسمى أنصر دين الله، ومن يقول ذلك فهو متاجر بالدين همه جمع الأموال من المتعاطفين … المسجد الأقصى لم يكن ملكا للمسلمين في عهد الرسول، وإنما كان في أيدي المسيحيين، ولم يحرك ساكنا، فلن نحارب الناس من أجل الدين”, وجاء ذلك في مداخلة هاتفية له على فضائية “العاصمة” المصرية،

Posted in فكر حر | Leave a comment

DNA- بشار الأسد..ومكافحة الإرهاب- 16/09/2015

DNA- بشار الأسد..ومكافحة الإرهاب- 16/09/2015
nadimqouteish

Posted in ربيع سوريا, يوتيوب | Leave a comment

مهاجر لبعيد Immigrant away ابن سباع

يمان عنتابلي (19 عاماً) مخرج الأغنية “لا يوجد أحد في سوريا لم يفقد شخصاً من عائلته، سواء داخل سوريا أو في عملية اللجوء والهروب إلى أوروبا، أردنا إيصال صوت السوري المظلوم إلى العالم، immigrantaway

Posted in فكر حر | Leave a comment

فيديو مقابلة الثرثار بشار الأسد مع وسائل الإعلام الروسية 16-9-2015

فيديو مقابلة الثرثار بشار الأسد مع وسائل الإعلام الروسية 16-9-2015
putinassadnas

Posted in ربيع سوريا, يوتيوب | Leave a comment

سيد القمني مصر في مزبلة الامم بسبب الركود العقلي الوهابي

 قال الكاتب سيد القمني أن مصر “في مزبلة الامم” بسبب الركود العقلي وتسيطر عليها الوهابية الإجرام برخصة إلهية, واستخدام العقل أصبح جريمة ، نحن بحاجة إلى إصلاح تفكيرنا

In an in-depth interview, Egyptian author Sayyid Al-Qemany said that Egypt was “in the garbage bin of nations” because of the stagnation of its mentality. “Our people is controlled by a Wahhabi mentality, Al-Qemany said, adding that a Wahhabi is “a criminal with a divine license.” “Using one’s mind has become a crime,” he told the interviewer. “We need to reform our mentality regarding religion and everything else.” The interview was posted on the Internet on August 20, 2015

muslmscientist

Posted in English, ربيع سوريا, يوتيوب | 1 Comment

فالح الفياض يعد لمجزرة جديده في ليبرتي على وفق اوامر عصابة ولاية الفقيه

safielyaseriمتابعة – صافي الياسري
ان يعمل العميل المجرم فالح الفياض على طاعة اوامر الجلاد خامنئي فهو ليس بالامر الجديد ناما ان تسكت الحكومة العراقية التي تعده احد موظفيها المسؤولين عن اخطر ملف انساني وهو ملف اللاجئين الايرانيين المعارضين لنظام خامنئي فهو المصيبة التي لا يمكن السكوت عليها ويجب تكرار الاشارة اليها والتحذير مما يدبر لها بليل.
الخبر الاخير الذي وصلنا يقول ان نظام الملالي يعمل على تنفيذ مؤامرة جديدة لقتل السكان العزل في مخيم ليبرتي أعضاء منظمة مجاهدي خلق المعارضة الرئيسية للنظام الايراني وذلك من خلال استخدام فالح الفياض الذي يترأس لجنة قمع مجاهدي ليبرتي. انها مؤامرة سبق وأن نفذ مثيلها النظام في أشرف ما أدى الى مجزرة جماعية طالت 52 من السكان العزل واحتجاز 7 آخرين بينهم 6 نساء في الأول من ايلول/ سبتمبر 2013.
وخلال الأيام الأخيرة وكذلك امس الثلاثاء 14سبتمبر2015 تم استقدام أكثر من (20) من عملاء وزارة المخابرات وقوة القدس الارهابية لنظام الملالي تحت غطاء «عوائل السكان» الى ليبرتي من قبل سفارة نظام الملالي في بغداد ولجنة قمع المجاهدين في ليبرتي برئاسة فالح الفياض.
وقام العقيد صادق محمد كاظم والرائد احمد خضير والنقيب حيدر عذاب من لجنة قمع ليبرتي بتمرير هؤلاء من عدة نقاط تفتيش ونقلوهم الى محطة الشرطة في ليبرتي. انهم وما ان وصلوا الى مدخل المخيم حتى رفعوا شعارات مهددة ومستفزة ضد السكان والتقطوا صورا وصوروا أفلام من نقاط مرتفعة ورموا أحجارا.
ولم يتمكن هؤلاء العملاء الذين جلبتهم وزارة المخابرات وسفارة النظام الايراني الى العراق وبغداد من اجتياز نقاط التفتيش العديدة والوصول الى ليبرتي لولا التنسيق والمشاركة الفعالة لجهات أمنية عراقية. ان هذه الأعمال تكشف عن نوايا النظام الايراني لتنفيذ حمام دم آخر في ليبرتي. وفي عامي 2010 و 2011 استقر عملاء النظام بجوار أشرف تحت يافطة عوائل السكان ومارسوا التعذيب النفسي على مدى 23 شهرا بحق السكان بالقاء الشتائم والتهديد بـ320 مكبرة صوت ليل نهار.
الشخص الذي يدير هؤلاء العملاء الذين ذهبوا إلى ليبرتي هذا الأسبوع هو المدعو مهران كريمدادي الذي في بداية عام 2003 أصبح مجندا لدى وزارة المخابرات مباشرة. وقد شارك خلال هذه الفترة عشرات المرات في مسرحيات تلفازية للنظام ضد مجاهدي خلق.
ان هذا العميل الذي يعمل في فروع وزارة المخابرات المسماة بجمعية «النجاة» و«هابيليان» في مدينة مشهد، نفذ ايضا المهمات المكلفة له من قبل وزارة المخابرات في محافظتي اصفهان وأذربيجان الغربية خاصة في عملية الكشف عن مناصري مجاهدي خلق وايذائهم وإزعاجهم.
كما انه كان من مديري ممارسة التعذيب النفسي لمدة عامين في اشرف وكان قد جلب مجموعات من العملاء إلى اشرف في كانون الثاني/ يناير و تشرين الثاني/ نوفمبر وكانون الأول/ ديسمبر 2011 واجرى مقابلات عديدة هناك مع وسائل الاعلام التابعة للنظام الإيراني والصور والأفلام المتعلقة به موجودة.
ان نقل العملاء الى ليبرتي يخرق مذكرة التفاهم الموقعة بين الحكومة العراقية والأمم المتحدة في 25 ديسمبر 2011 بشكل سافر. اضافة الى ذلك فان الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق كان قد ضمن لممثلي السكان نيابة عن الحكومة العراقية بأنه لا يسمح لأي من هؤلاء العملاء بالوصول الى ليبرتي. وفي 15 اكتوبر/ تشرين الأول 2012 وردا على رسالة ممثل سكان ليبرتي بشأن نقل عملاء النظام الى مخيم ليبرتي، كتب نائب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق : «رفض المسؤولون العراقيون رفضا قاطعا هذا الأمر… كما اني أطمئنكم بأن يونامي لا يسمح لأي أحد بالوصول الى مخيم ليبرتي بأي شكل من الأشكال».
ان هذا العمل غير القانوني والقمعي الذي ينفذه النظام الايراني بالتعاون مع عملائه العراقيين لاقى مواقف الاستنكار والادانة من قبل شخصيات وتيارات اروبية وعربية مختلفة على سبيل المثال:
أعلن السيد استرون استيفينسون رئيس الجمعية الأوروبية لحرية العراق في بيان صدر في 7 سبتمبر الجاري اننا نعتبر « نقل مجموعة من عملاء النظام الإيراني إلى مخيم ليبرتي مسألة تثير قلقا كبيرا» انه «مؤشر خطير لاستمرار النفوذ والتدخل الإيراني الواسع في الشأن العراقي». وندعو« رئيس الوزراء العبادي لوضع حد لهذه الممارسات التي تتعارض بشكل صارخ مع الإصلاحات في العراق».
اللجنة العربية الاسلامية للدفاع عن سكان أشرف كتبت في بيانها: ما يثير الدهشة هو أن القائمين في ممارسة الحرب النفسية بحق سكان أشرف، هم الذين نقلوا هؤلاء العملاء الى ليبرتي ليرفعوا شعارات وتهديدات ضد السكان. الأمر الذي ينذر بكوارث. تلك العملية في أشرف كانت مقدمة وتمهيدات لتنفيذ هجمات ضد السكان مما أدى الى استشهاد أثر من 100 من السكان على مدى 4 سنوات. لا شك أن هذه المؤامرة قد نفذت بتواطؤ سفارة النظام الايراني في العراق مع حكومة المالكي آنذاك. والآن لا نستطيع الا ان نعبر عن قلقنا العميق ازاء هكذا اجراءات عادة تمثل مقدمة لهجمات مميتة وهي تجري في ظل حكومة حيدر العبادي.
وأما تجمع الحقوقيين المستقلين العراقيين فقد كتب يقول: اننا نحذر من احتمال الاعداد لمجزرة جديدة ضد سكان مخيم ليبرتي , وندعو كافة الاطراف ذات العلاقة لمنع حصول هذه الاعمال , ونطالب الولايات المتحدة الامريكية والممثل الخاص للامين العام للامم المتحدة , باتخاذ خطوات عاجلة وفعالة لمنع وقوع مجزرة جديدة ضد سكان مخيم ليبرتي , مشابهة لتلك التي حصلت في يوم الاول من ايلول 2013 ..
لجنة المحامين والحقوقيين العراقيين هي الأخرى قالت: ان هذا العمل يثير الاشمئزاز كما انه يثير القلق في الوقت نفسه، كونه من الأساليب والألاعيب المكشوفة لنظام الملالي وعملائه العراقيين الذين يمهدون الارضية لأعمال القتل والابادة ضد السكان. سبق وأن جرب السكان هذه التجربة الدموية عدة مرات في أشرف.
الهيئة العربية للدفاع عن سكان مخيم ليبرتي أكدت في بيانها: اننا في الهيئة العربية للدفاع عن سكان مخيم ليبرتي ومنذ تشرين الثاني/نوفمبر 2014 حذرنا كما حذرت المقاومة الايرانية من خلال عشرات البيانات والرسائل الموجهة إلى المسؤولين الأمريكيين والأمم المتحدة من أن النظام الايراني يعمل على تكرار سناريو أشرف وإرسال عملاء المخابرات وقوة القدس الارهابية تحت غطاء عوائل السكان، ولكن مع الأسف لم يتخذ أي عمل مؤثر لدحر هذه المؤامرة.
المقاومة الايرانية من جانبها حذرت منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2014 من خلال عشرات البيانات والرسائل الموجهة الى المسؤولين الأمريكيين والأمم المتحدة من أن النظام الايراني يعمل على تكرار سناريو أشرف ونقل عناصر المخابرات و قوة القدس الارهابية تحت يافطة عوائل السكان ولكن مع الأسف لم يتخذ أي اجراء فاعل للحيلولة دون تنفيذ هذه المؤامرة. إن المقاومة الايرانية اذ تؤكد على التعهدات المتكررة والخطية للأمم المتحدة والحكومة الأمريكية تجاه أمن وسلامة سكان ليبرتي، فتطالب بالعمل العاجل لوضع حد لممارسة التعذيب النفسي بحق السكان وإبعاد عناصر النظام الإيراني عن ليبرتي تحت أي مسمى كان.

Posted in فكر حر | Leave a comment

غجر مصر

gypcyحتي وقت قريب كان التضارب حول أصول الغجر حادًا، نظريات خاطئة كثيرة في هذا السياق تم التعامل معها علي أنها حقائق لا تقبل الجدل، لكن، لأن منظومة المعرفة الإنسانية بالأساس هي منظومة من الأخطاء التي تم تصحيحها، نجح باحثون إسبان عن طريق تجميع معطيات الخريطة الجينية لـ “13” جماعة من غجر أوروبا في التوصل إلي أن الآباء الأوائل لكل جماعات الغجر في العالم كانوا قبل 1500 سنة يعيشون في الهند..

وعالم الغجر عالم غامض حتي الآن لا يعرف أحد علي نحو دقيق ما يدور وراء كواليسه، قد يطرب الآخرون لإيقاعات موسيقاهم التي تزخر بالحنين وبالإشارات الغامضة دون أن يتسائلوا من أين يهب ذلك الحنين ولا إلي أين يرسلون تلك الإشارات الغامضة، وقد يحبون رقصاتهم دون أن يثير جموحها فضولهم للبحث عن مصدره، لكنهم، علي أية حال، لا يتذكرونهم كشركاء لهم في الكون إلا عندما يشعرون بحاجةٍ إلي الحديث عن لصوص ومجرمين وعرافات، وهذا عرفٌ قديم نجحت الأجيال في تمريره بأمانة، ربما كان مصدره الجذري هو “يهوه”، إله بني اسرائيل العنيف!

لقد كانت التوراة، أشهر كتب الأدب اليهودي، لسوء حظ الغجر، هي المكان المفضل لزيارات معظم الباحثين في أصولهم، وليس من الصعب أن ندرك أن كل الأساطير التي نسجت حولهم تم استنساخها من اتهام التوراة لهم بأنهم تلك السلالة الملعونة التي أسسها حدَّادٌ يدعي “قابين”!

وكزت التوراة الغجر أكثر من مرة، لكنها ضغطت عليهم بعنفٍ في الإصحاح الرابع العدد 19 – 22:

(واتخذ “لامك” لنفسه امرأتين، اسم واحدة “عادة”، واسم الأخرى “صلة”.. فولدت عادة “يابال” الذي كان أبًا لساكني الخيام ومربي الماشية، واسم أخيه “يوبال”، وكان أبًا لكل ضارب عود ومزمار.. وولدت صلة “توبال”، “قابين” الضارب كل آلة من نحاس أو حديد)

وأسطورة واحدة قوية البناء ليس من الصعب أن تكون مصدرًا لإستنساخ آلاف الأساطير الصغري!

وعلي تلك الأطلال التوراتية قبل أن تعصف بها اختبارات الحمض النووي كانت تقوم ثلاث نظريات حول أصول الغجر يمكن اعتبارها نظرية واحدة ثلاثية الأبعاد، وهي:

– الغجر هم اليهود الذين طاردهم المصريون عقب الخروج الكبير!

– الغجرُ ليسوا سوي المصريين أنفسهم الذين طاردوا بني اسرائيل وضلوا في الصحراء!

– الغجر هم سلالة “فرعون موسي” وزوجته الذين تم إنقاذهما من الغرق في البحر الأحمر!

ولست محتاجًا إلي الحديث عن هيمنة الطابع الأسطوري علي هذا الهراء فهي واضحة، مع ذلك، لقد حظيت كل تلك النظريات برواج شديد، النظريتان الأخيرتان بشكل خاص، ذلك أن بعض الباحثين الأوروبيين قدّروا أن مفردة “جيبسي” التي تعني الغجر في الإنجليزية مشتقة من مفردة “إيجيبشيان” التي تعني المصري، ولقد ظل هذا الاعتقاد سائدًا حتي وقت قريب، ولعل جاذبيته واقترابه الشديد من المنطق هي ما جعل الإنجليز يطلقون علي أول جماعة من الغجر وصلت بلادهم:

“لوردات مصر الصغرى”!

وهذا ما عزز من انتشار تلك النظرية بشكل كبير!

ولأن الإجماع أو ما يشبه الإجماع من شأنه أن يضفي علي الأكاذيب ظلالاً من الحقيقة صدَّق الغجر أنفسهم هذا النسب، فاشترطت جماعة منهم تسجيل أبناءها في “مقدونيا” باعتبارهم مصريين!

من الجدير بالذكر أن كل باحث قام بزيارة التوراة أو شروحاتها المتأخرة بهدف التنقيب عن الغجر رجع من هناك يحمل أسطورة، وبمرور الوقت أصبح لدي العالم تاريخ الغجر حزمة من الأساطير، مثلاً:

قالوا أن مسامير صليب المسيح كانت من صنع حداد من أحفاد “قابين” تقاضي من الرومان أربعين قطعة من الفضة ثمناً لها، ورأوا أن هذا سببًا كافيًا جدًا ليُلحقَ الرب بأحفاده لعنة النبذ والشتات إلي الأبد!

وهي رواية شائعة بين غجر نهر الدانوب خاصة، يظنون أيضًا أن أسلافهم فوق ذلك قتلوا أطفال “بيت لحم”!

من المثير، أن لهذه الأسطورة أيضًا جانبًا هزليًا، ذلك أن بعض الغجر يعتقدون أن أحد أجدادهم سرق أحد المسامير التي كان يجب أن تدق في جسد يسوع فخفف عنه الألم، فقال لهم “يسوع”:

– افعلوا في دنياكم ما شئتم فقد عفوت عنكم!

ويقولون أنهم منذ ذلك الوقت يستغلون تلك الرخصة ويحترفون الخروج عن القانون آمنين من عقوبة السماء!

وبمناسبة الحديث عن هؤلاء المغفور لهم كل خطاياهم مسبقاً لا أريد أن أفلت الفرصة قبل أن أضغط للمرة الألف علي مقولة “كارل ماركس”:

(التاريخ يكرر نفسه مرتين، كمأساة في المرة الأولي، وكمهزلة في الثانية)

من الجدير بالذكر أن تغريبة السوريين التي لا نعرف حتي الآن إن كانت ستسقط في العشب أم فوق الصخور، وما طالهم في البلقان وما يطالهم وما سيطالهم من المهانة في رحلة البحث عن وطن بديل، حدثٌ من شأنه أن يملأ كل من قرأ موسوعة الغجر بالدهشة، ذلك التشابه في المكان والزمان مذهل، وحدة الموضوع وتسلسل الأحداث أيضًا!

لقد اضطهدت دول البلقان الغجرَ أيضًا بسبب ازدياد أعدادهم تدريجيًا عند أكبر موجات هجراتهم إلي أوروبا من العراق والشام لسبب غامض!

والغجر، أيضًا، بعد حرب المائة عام، عندما ضرب الطاعون كل مدن أوروبا تقريبًا أسسوا بالتعاون مع عدد من المحامين أول نقابة للغجر في “فرنسا” عرفت باسم “اتحاد المتسولين”!

وكما صنع رؤساء دول “أوروبا” قبل أسبوع مع السوريين، حصل الغجر كذلك من الملك “سيكيسموند” علي إذن بدخول الكنائس والعمل والتجوال بحرية في كل مدن أوروبا، ظل ذلك الإذن صالحًا حتي اكتشف الأوربيون بمرور الوقت أمراضهم السلوكية الخاصة فتآكلت صلاحيته بشكل كبير!

لقد ارتاب الأوربيون في تلك الجماعات التي ترفض الاندماج مع الآخر، ورأوا أنهم يحملون تهديدًا للمسيحية وللمسيحيين، وأعتقد الكثيرون منهم أنهم جواسيسٌ للتتار أولاً، فالأتراك، آنذاك، فقط، ضاعت الخيوط الفاصلة بين كلمة الغجر و كلمة “التتار”، وحتي الآن ما زالت مفردة من مرادفات كلمة: “tatar” في اللغة النرويجية تعني: “الغجر”، ونحن الذين عاشوا في جنوب مصر بصفة خاصة نعرف أكثر من غيرنا كم هذا الأمر يحرض علي طغيان الدهشة، ذلك أن أحد أسماء الغجر في جنوب مصر حتي الآن هو: “الططر”!

كأننا لا يجب أن نأخذ المسافات بعين الاعتبار عند دراسة العلاقات بين آباءنا الأوائل وجيرانهم في الكون أحياناً، وكأن العالم كان قرية صغيرة منذ أعوام أبعد بكثير مما نتصور!

قلة من الكتاب لمسوا الغجر من بعد إنساني، كـ “أنيس منصور”، يبدو أن صلة وثيقة ربطته بهم خلال طفولته في دلتا مصر كانت كافية ليظل مزدحمًا بشغف غريب بكل ما ينتمي إلي هذا العالم المثير، وله كتاب اسمه:

“نحن أولاد الغجر”..

تعقيبًا علي هذا الكتاب ربما، ادعي كاتبٌ، ربما كان يعرف “أنيس منصور” لكنه أبدًا لا يعرف الغجر أن “أنيس منصور” كان غجريًا، ولكي يعزز من صحة ادعائه ويكثفه ويضفي عليه ظلال الرجل الذي لا ينطق عن الهوي ادعي أن “أم كلثوم” أيضًا من الغجر!

الأغرب أن “أنيس منصور” وقع في الخطأ نفسه ورد إلي أصول غجرية نسب شاعر البؤس “عبد الحميد الديب” صاحب البيت المثير:

كأنِّي حائطٌ كتبوا عليه … هنا يا أيها المزنوق “طرطر”!

لا أصدق هذا، وما أعرفه من كاتب سيرة “عبد الحميد الديب” أن أباه كان جزارًا من “المنوفية”، صحيح أنه كان يتصرف كالغجر أحياناً، لكن هذا وحده لا يكفي لأن يكون غجريًا، فهو، علي عهدة كاتب سيرته، عندما كان يذهب إلي أحد أصدقائه، أو إلي أحد المقيمين في “القاهرة” من أبناء قريته، لا تنتهي الزيارة عادة قبل أن يتبادل معه اللكمات والعض بالأسنان أيضًا، وربما سرق قبل أن يمضي إلي حال سبيله من غرفة ذلك الصديق المسكين “قلم رصاص” ليكتب به قصيدة في هجائه عندما يعود إلي حجرته البائسة!

ولـ “أنيس منصور” مع الغجر حكايات كثيرة..

لقد بحث عنهم ذات مرة في رحلة له إلي “تشيكوسلوفاكيا” وتسلل إلي مجتمعهم وطلب من أحدهم أن يلتقط له معهم صورة، وعندما عاد إلى الفندق اكتشف أنهم سرقوا حافظة نقوده وجواز سفره!

وذات مرة في رحلةٍ له إلي “المجر” أو إلي “رومانيا”، لا أتذكر أيهما علي وجه الدقة، علم من الغجر هناك أن ملكة الغجر قد ماتت، أدهشه أن يكون للغجر ملكة، وبرغم ذلك، وربما بفضله، قرر السفر إلي “إيطاليا” لأداء واجب العزاء، وهناك، وجد نفسه بين وفود المعزين من جماعات الغجر من كل القارات، ولاحظ، بعينه البارعة في التقاط التفاصيل، أن كل من تقدم لمصافحة ابنها وتعزيته ذكر اسمه واسم البلد التي أوفده غجرها لأداء هذه المهمة، وعندما جاء عليه الدور وجد نفسه يصافح ابنها وهو يقول جادًا:

– أنيس منصور، من غجر مصر!

هذه الحكاية، حتي 3 يوليو العام 2013 كانت تثير ضحكاتي فحسب، لكنها، منذ انقلاب يوليو اكتسبت بعدًا آخر..

كأن “أنيس منصور” كان يفضح حقيقة كل المثقفين الجوهريين في مصر، لقد أصبح مجرد التفكير في العثور علي مثقف مصري واحد متصل الظاهر بالباطن ضربًا من التطاول!

هؤلاء الذين باشروا تربية أعماقنا علي قيم وأفكار هم أبعد الناس مسافة عن الإيمان بها أي تعريف يليق بهم أكثر عدالة من “غجر مصر”؟

وماذا ينقص الآخرون للإقدام علي رجمهم بـ “غجر مصر” بعدما اكتشفوا أنهم يفضلون ممارسة الحياة عند أقدام الديكتاتورية علي العيش في ظلال الديمقراطية؟

هذا تذكير ضمني بعمق القاع الذي أوصل إليه العسكر مصر، نخبتها هم أكذب أهلها وأخسهم قلوبًا..

من الجدير بالذكر أن ذعر المثقفين من سلطة إسلامية الطابع ليس مبررًا كافيًا لتمجيد القهر أو حتي الإحجام عن تعريته، ومتي رأيت أو سمعت أحد المتهمين بالثقافة وهو يزخرف وضاعته أو خوفه بهذه العلة فتأكد أنه ليس مثقفاً علي الإطلاق، ذلك أنه لا يستطيع استيعاب أن الثورة فعلٌ مستمر لا مؤقت، اشتباك متواصل مع قوي الشر وأعداء الحياة، ولا يستطيع أن يستوعب أن الشارع هو مكان المثقف مكانه، ولا أن وظيفة الكتابة بالأساس هي سرد العالم بحدقتين مختلفتين لصالح إنسانية الإنسان قبل كل شئ ثم تجميل الحياة بعد ذلك لا تجميل القتلة!

إن مشكلة الثورات المضادة أنها تعمل منذ البداية علي بناء عالم لا يمكن تصحيحه علي المدي القريب، وهذا لا يمكن أن يحدث بدون أدوات معقدة يأتي في مقدمتها حزمة من المثقفين المتحمسين لتبجيل الديكتاتورية، ولسوء الحظ، وجد نظام “عبد الناصر” ضالته في معظم مثقفي تلك المرحلة الأساسيين، ولعلهم أصبحوا الأساسيين فقط لأنهم قبلوا بارتكاب هذه الجريمة بينما ابتلعت الظلال المدبرة مثقفين ربما أعلي من هؤلاء كعبًا فقط لأن النظام تعمد أن يحجب الضوء عن أسمائهم أو اغتالهم معنويًا أو أطعم زنازينه أعمارهم!

لقد كان “أنيس منصور” من أدوات العسكر علي طول الطريق، هذا لم يجعله فقط يقدم مشروعه كاملاً ويجترح استبصاراته تامة، إنما أمَّن له بالإضافة إلي ذلك ترفَ السياحة في أنحاء العالم علي نفقة المغيبين الذين لم ينزف قلمه يومًا للأسف حبره الفخم إلا لتزوير العالم من حولهم وتحريف الشرط الإنساني، هذه هي الحقيقة، مع ذلك، لكل حقيقة وجهان، فما من شك أننا لم نكن لنفوز بأدبٍ في رقيِّ أدب “أنيس منصور” لو استنكف أن يلعب هذا الدور أو التزم الحياد حتي!

مع ذلك، لم يخسر الذين انحازوا للإنسان إلا حرياتهم أحيانًا وأمانهم في أغلب الأحيان، لكنهم، ربحوا الخلود في رموز محلية، وهذه أيضًا حقيقة أخري، فهؤلاء علي الدوام مقاعدهم محجوزة في يمين القلوب، وسط الحشود، لا لإبداعاتهم في ذاتها، بل لمواكبة أفعالهم لها، ولإصرارهم علي الوقوف فوق جذور قناعاتهم والقتال دونها حتي النهاية، هنا فقط تصبح قوة الإبداع وضعفه آخر ما يكترث له المتلقي!

إننا نستمتع جدًا بقراءة إبداع “عبد الرحمن الأبنودي” ونحن علي يقين بأن الرجل لم يكتب ذات يوم شعرًا من أجل الإنسان كما نستمتع بالقدر نفسه بحروف “أحمد فؤاد نجم” في الإشادة بالإنسان ومن أجله، لكن، الفارق الرحب بين وداع الشاعرين إلي الأبدية وذلك الحب الذي سيجت الحشود به نعش “نجم” لم يترك مساحة يتحرك فوقها أحد يظن أن الحشود لا تستطيع التمييز جيدًا بين الذي كان يكتب من أجل حريتهم وبين من كان يكتب من أجل وضعه الطبقي أولاً، ثم، من أجل استمرارية الجلاد وحريته في قمعهم..

محمد رفعت الدومي

Posted in الأدب والفن | Leave a comment