ممارسات #عاشوراء بين الدين والسياسة
علي الكاش
قال الجاحظ” العوام أقل شكوكا من الخواص، لأنهم لا يتوقفون في التصديق والتكذيب، ولا يرتابون بأنفسهم، فليس عندهم إلا التصديق المجرد، أو على التكذيب المجرد، وألغوا الحالة الثالثة التي تشمل طبقات الشك”. (الحيوان6/37). وقال الماوردي” حُكِيَ أَنَّ أَعْرَابِيَّةً دَخَلَتْ مِنْ الْبَادِيَةِ فَسَمِعَتْ صُرَاخًا فِي دَارٍ فَقَالَتْ: مَا هَذَا؟ فَقِيلَ لَهَا: مَاتَ لَهُمْ إنْسَانٌ. فَقَالَتْ: مَا أَرَاهُمْ إلَّا مِنْ رَبِّهِمْ يَسْتَغِيثُونَ، وَبِقَضَائِهِ يَتَبَرَّمُونَ، وَعَنْ ثَوَابِهِ يَرْغَبُونَ”. (أدب الدنيا والدين/297). (محاضرات الأدباء2/526).
مراسيم عاشوراء عبارة عن طقوس مذهبية لا تتوافق مع الدين الاسلامي ، ولا مع المنطق السليم، بل هو نوع من السادية التي تتقصد تعذيب الذات بجسديا بوعي وإدراك، تم توظيفها لاغراض سياسية واجتماعية سيما في العراق وايران وبدرجة أقل في لبنان، بالإعتماد على عواطف وسذاجة عوام الشيعة وأرست لها قواعدا في الفكر الجمعي الشيعي، وتحولت الى ممارسات ذات طبيعة وجدانية لها مبررات مستجدة لم تكن حاضرة في الفكر الشيعي الا منذ زمن قريب. ذكر إبراهيم الحيدري” الإحتفالات والتجمعات حول قبور الأئمة، لم تكن عادات راسخة ذات شعائر وطقوس دينية ثابتة، وإنما كانت مجرد تجمع عدد من الأتقياء من الشيعة الأوائل حول قبر الحسين في كربلاء لقراءة الفاتحة والترحم عليه”. (تراجيديا كربلاء/52).
تم ربط مراسم عاشوراء بتأويلات لأقوال ومرويات منسوية لأئمة الشيعة ما أنزل الله بها من سلطان، وهم بلا شك براء منها، والا كيف نفسر تناقضاتها، مثلا الإمام يحلٌ المتعة والإمام نفسه يقول لا تفعلها إلا الزواني وهلم جرا. مع هذا فإن تلك الأحاديث تلقى صدى مقبولا ورضا وقناعة عند الشيعة سواء المثقفين منهم او الجهلة على حد سواء، وهذه حالة فريدة في التأريخ الانساني، عند تتساوى نظرة الجاهل والمثقف أزاء قضية واحدة، فهذا هو البلاء بعينه. الأدهى منه ان المعترضين من مراجع الشيعة والمتحفظين على ممارسات عاشوراء لا يجاهروا برفضها خوفا من بطش عوام الشيعه بهم او حرمانهم من الخمس على أقل تقدير، المجاهرون برفضها يدخلون على طول الخط في خانة الوهابيين والنواصب والبعثيين وأعداء المذهب. وهذا الأمر ساعد على تطور الظاهرة وادخال شعائر جديدة عليها، في ظل تأييد من المرجعية الشيعية وشيعة السلطة في العراق، والتي لم تكن معروفة من قبل، علاوة على إستخدام زوم المغالاة في تقدير زوار كربلاء في أربعينية الحسين، والأربعينية هي بدعة بحد ذاتها، فالإمام علي بن ابي طالب تزوج بعد موت فاطمة بأسبوع واحد فقط، أي ان حزنه على فاطمة لم يزد عن سبعة أيام.
كما ان المغالاة في الأرقام ناجمة عن عقدة نقص يعاني منها الشيعة بإعتبارهم أقلية في العالم الإسلامي. وقد لاحظنا الأرقام المتضاربة في اعداد الزائرين في العام 2022 التي تراوحت بين 3ـ 20 مليون علما انه لا توجد اي احصائية رسمية او تسجيل للزائرين ومعظمهم من ايران، فقد دخلوا بلا سمات ولا جوازات ولا اية وثائق رسمية، ولم تسجل اسمائهم في نقاط العبور الحدودية، كانت فوضى ما بعدها من فوضى كشفت حقيقة ما يسمى بالسيادة العراقية وهشاشتها، وأثبت الزيارة حقيقة ان العراق عبارة عن ولاية تابعة للولي الفقية، وان غالبية شيعة العراق ليسوا علويين بل صفويين قح.