(كيف نميز بين المتشائم، المتفائل والعقلاني؟)
نبيل عودة
اصل التعبير من
(RATIO)
وتعني “عقل، بصيرة” والاصطلاح هو
( RATIONALIS
– راتسيوناليس – او “راتسيوناليزم” كما نلفظها ونستعملها بتعبيرها اللاتيني) ويعني حرفيا اسلوب التفكير او التفلسف. لكن الفلسفة الحديثة والعلوم بتطورهما تجاوزا هذا التفسير الكلاسيكي الضيق وجعلته أكثر اتساعا خاصة في مجال العلوم.
ترجمة “راتسيوناليزم” باصطلاح “العقلانية” لا يفسر المعنى الفلسفي الكامل. هذا المفهوم في الفلسفة يعني أيضا التصرفات التي تخدم أهداف الإنسان. تعني سلطة العقل بالتوافق مع المنطق، حسب فلسفة المنطق كل المعلومات التي مصدرها الأحاسيس وليس العقل هي غير قائمة. ايضا تفسر العقلانية على انها رؤية اساسية يجب ان يكون العامل النافذ -المقرر هو المنطق الفعلي وليس مجال الاحاسيس. كذلك يعني اصطلاح العقلانية الفلسفي بأنه صفة لمن يفكر وان للذكاء توجد أسبقية عن الطرق الأخرى بتحصيل المعرفة.
تعني العقلانية قدرة الانسان في حياته اليومية وممارسته المعرفية على اجراء محاكمات واعية بعيدا قدر الامكان عن تسلط المشاعر والعواطف او أي اعتبار شخصي آخر مع او ضد.
تنفي العقلانية المعرفة الحسية التجريبية التي تدعي امكانية الفهم عن طريق الاحساس ألشخصي، الإدراك والتصور، اي القناعات الموروثة التي تصبح جزءا من عقل الانسان وتفكيره الخيالي(الميتافيزيائي). العقلانية تعتبر هذه الظاهر غير كاملة ولا تنطلق من أي معرفة يقينية. العقل لوحده فقط قادر على التوصل الى المعرفة الصحيحة الشاملة والضرورية.
تبرز النزعة العقلانية في العلوم أكثر من أي مجال آخر. العلوم تعتمد على حقائق وليس احاسيس وتخيلات. أكثر من ذلك يجري تطور العلوم بناء على نقدها ونقضها (تفنيدها) العلمي المعرفي، وليس الخرافي والأسطوري. بينما التخيلات والأحاسيس لا يمكن ادراكها بأدوات علمية .. ولا علاقة لها بتطور المعرفة العلمية للإنسانية. ونقدها لا يعطي أي نتيجة لمن صيغت عقولهم واغلقت عن أي رؤية مناقضة لما نشأوا عليه وما ورثوه كحقائق لا تناقش.