محمد مهدي الجواهري
حييتُ سفحكِ عن بعدٍ فحَييني … يادجلة الخير , يا أمَّ البســاتين
حييتُ سفحَك ظمـآناً ألوذ به … لوذ الحمائِم بين الماءِ والطين
يادجلة الخير يا نبعاً أفـارقـه … على الكراهةِ بين الحِينِ والحينِ
إني وردتُ عُيون الماءِ صافيـة … نَبعاً فنبعاً فما كانت لتـَـرْويني
وأنت ياقارباً تـَلوي الرياحُ بــهِ … ليَّ النسائِم أطراف الأفـانينِ
ودِدتُ ذاك الشِراعَ الرخص لو كفني … يُحاكُ منه غداة البيَن يَـطــويني
يادجلة َ الخيرِ: قد هانت مطامحـُنــا … حتى لأدنى طِماح غيرُ مضمونِ
أتضـْمنينَ مقيلاً لي سواسيـة … بين الحشائش أو بين الريـاحين؟
خِلواً من الهمِّ إلا همَّ خافــقـــةٍ … بينَ الجوانح أعنيـها وتـَـعنيني
تـَهزُّني فأجـاريها فتدفعَني … كالريح تـُعجل في دفـع الطواحينِ
يادجلة الخير:ياأطياف ساحرةٍ … ياخمرَ خابيةٍ في ظلَّ عُرجونِ
ياسكتة َ الموت, ياإعصار زوبعةٍ … ياخنجرَ الغدر , ياأغصان زيتونِ
ياأم بغدادَ من ظرف ومن غنـَج … مشى التـبغدُدُ حتى في الدهاقينِ
ياأمَّ تلك التي من, ألـفِ ليلتها … للانَ يعبق عِـطرٌ في التلاحينِ
يامستجمٌ(النواسيَّ ) الذي لبـِستْ … به الحضارة ثوبـاً وشـيَ, هارونِ
الغاسل ِ الهَّم في ثـغرٍ وفي حَببُ … والمُلبس العقلَ أزياءَ المجانينِ
والساحبِ الزقٌ يأبـاه ويكرههُ … والمُنفق اليومَ يـُفدي بالثلاثيـن
والراهنِ السابريَّ الخزَّ في قـدح … والملهم الفنَ ممن لهو أفانين
والمُسْمع الدهرَ والدنيا وساكنها … قـْرعَ النواقيس في عيدِ الشعانينِ
يادجلة الخير: والدنيا مـُـفارقة … وأيُّ شرٍّ بخير غـيرُ مقرونِ
وأي خيرٍ بلا شرَّ يُلقـٌـحَـه … طهرُ الملائك منْ رجس الشياطين
يادجلة الخير: كم من كنز موهِبةٍ … لديك في (القمقم) المسحور مخزون
لعلَّ تلك العفاريتَ التي احْتجـزتْ … مـُحملاتٌ على أكتاف,دُلفينِ
لعل يوماً عصوفاً جارفاً عرَمـاً … آتٍ فـُتـرضيك عقـباه وترضيني
محمد مهدي الجواهري
Related
About محمد مهدي الجواهري
ولد في (26 يوليو 1899) وتوفي في (1 يناير 1997) شاعر عراقي شهير، لقب بشاعر العرب الأكبر ولد في مدينة النجف في العراق. اشترك في ثورة العشرين عام 1920 ضد السلطات البريطانية صدر له ديوان "بين الشعور والعاطفة" عام (1928). وكانت مجموعته الشعرية الأولى قد أعدت منذ عام (1924) لتُنشر تحت عنوان "خواطر الشعر في الحب والوطن والمديح". ثم اشتغل مدة قصيرة في بلاط الملك فيصل الأول عندما تُوج ملكاً على العراق وكان لا يزال يرتدي العمامة، ثم ترك العمامة كما ترك الاشتغال في البلاط الفيصلي وراح يعمل بالصحافة بعد أن غادر النجف إلى بغداد، فأصدر مجموعة من الصحف منها جريدة (الفرات) وجريدة (الانقلاب) ثم جريدة (الرأي العام) وانتخب عدة مرات رئيساً لاتحاد الأدباء العراقيين. استقال من البلاط سنة 1930، ليصدر جريدته (الفرات) ثم ألغت الحكومة امتيازها وحاول أن يعيد إصدارها ولكن بدون جدوى، فبقي بدون عمل إلى أن عُيِّنَ معلماً في أواخر سنة 1931 في مدرسة المأمونية، ثم نقل إلى ديوان الوزارة رئيساً لديوان التحرير، ومن ثم نقل إلى ثانوية البصرة، لينقل بعدها لإحدى مدارس الحلة. في أواخر عام 1936 أصدر جريدة (الانقلاب) إثر الانقلاب العسكري الذي قاده بكر صدقي لكنه سرعان مابدأ برفض التوجهات السياسية للانقلاب فحكم عليه بالسجن ثلاثة أشهر وبإيقاف الجريدة عن الصدور شهراً بعد سقوط حكومة الانقلاب غير اسم الجريدة إلى (الرأي العام)، ولم يتح لها مواصلة الصدور، فعطلت أكثر من مرة بسبب ما كان يكتب فيها من مقالات ناقدة للسياسات المتعاقبة. كان موقفه من حركة مايس 1941 سلبياً لتعاطفها مع ألمانيا النازية، وللتخلص من الضغوط التي واجهها لتغيير موقفه، غادر العراق مع من غادر إلى إيران، ثم عاد إلى العراق في العام نفسه ليستأنف إصدار جريدته (الرأي العام). أنتخب نائباً في مجلس النواب العراقي نهاية عام1947 ولكنه استقال من عضويته فيه في نهاية كانون الثاني 1948 احتجاجاً على معاهدة بورتسموث مع بريطانيا العظمى، واستنكاراً للقمع الدموي للوثبة الشعبية التي اندلعت ضد المعاهدة واستطاعت إسقاطها بعد تقديمه الاستقالة علم بإصابة أخيه الأصغر بطلق ناري في مظاهرة الجسر الشهيرة، الذي توفى بعد عدة أيام متأثراً بجراحه، فرثاه في قصيدتين "أخي جعفر" و"يوم الشهيد"،اللتان تعتبران من قمم الشعر التحريضي شارك في عام 1949 في مؤتمر " أنصار السلام" العالمي، الذي انعقد في بولونيا، وكان الشخصية العربية الوحيدة بين جموع اليهود الممثلة فيه، بعد اعتذار الدكتور طه حسين عن المشاركة.