رابط الجزء الأول: موجز لكتاب النظرة العلمية ل برتراند رسل !
تمسّكوا بالطريقة العلميّة في التفكير !
ج 2 / لموجز كتاب النظرة العلميّة للفيلسوف الإنكليزي برتراند رسل !
[إنّهُ لتهوّر طائش أنْ تُقيم صرحاً للفقه الديني على قطعة من الجهل]
الفيلسوف الإنكليزي / برتراند رسل
***
مقدمة :
في هذا الجزء ستجدون تفريقاً واضحاً بين طريقي العلم والأديان .
مع وصف وتحديد الطريقة العلميّة وتمييز محطاتها المُنيرة .
بالطبع الكلام يعود لصاحب الكتاب أعلاه ,دوري يقتصر على التوضيح أحياناً !
***
ص 51 / مميّزات الطريقة العلميّة
علينا أولاً وصف الطريقة العلمية ,لنعرف إن كانت توجد طريقة غيرها لكسب المعرفة !
للوصول الى قانون علمي يجب المرور بثلاث مراحل رئيسة :
الأولى :ملاحظة الحقائق ذات الدلالة .
الثانية :الوصول الى فرض يُفسّر هذه الحقائق .
الثالثة :الإستنباط من هذا الفرض (بطريقة القياس) نتائج يمكن إختبارها بالملاحظة .
فإذا تبيّنت صحة النتائج قُبِلَ الفرض مؤقتّاً على أنّهُ صحيحاً ,رغم أنّه في الغالب سيحتاج لاحقاً الى إجراء تعديل عليه نتيجة إكتشاف حقائق جديدة !
***
ص 56
إنّ أعظمَ الظواهر فائدة ,قد تكون أمنعها عن الملاحظة !
أرأيتَ مثلاً كيف زادت معلوماتنا عن المادة بفضلِ إكتشاف أشعة إكس و النشاط الإشعاعي ؟
أرأيتَ كيف أنّ كلا هذين الإكتشافين ماكان ليحدث لولا فنّ التجربة في تمام إتقانهِ ؟
لقد جاءَ إكتشاف النشاط الإشعاعي عرضاً أثناء تحسين التصوير الفوتوغرافي !
***
ص 57 ــ 60 (بإختصار وتصرّف) !
النظرية العلميّة (التامة في دقتها), لم تزل أمراً فوق طاقة البشر تماماً !
إنّ العلم الدقيق تُسيطر عليه فكرة التقريب .
فعلى أساس قانون نيوتن في الجاذبية ,كان يستحيل حساب كيفيّة تحرّك ثلاثة أجسام تحت تأثير تجاذبها المُتبادل ,إلاّ أن يكون حساباً تقريبيّاً إذا كان أحد الأجسام أكبر بكثير من الجسمين الآخرين !
وفي نظرية آينشتاين ,وهي نظرية أكثر تعقيداً من نظرية نيوتن بكثير يستحيل أن تحسب بدقة نظرية (حتى) كيفية تحرّك جسمين تحت تأثير تجاذبهما المُتبادَلْ .وإن كان من المُمكن الحصول على تقريب يفي للأغراض العلميّة .
ومن حُسن حظّ الطبيعة أنّه توجد طُرق للتقريب يمكن بواسطتها حساب سلوك الأجسام الكبيرة على نحوٍ قريب من الصحة .
وإنّي أُقرّر (رغم مايبدو من تناقض في قولي) ,بأنّ العِلمَ الدقيق تُسيطر عليه فكرة التقريب !
فإن أخبركَ أحدهم بأنّهُ يعرف الحقيقة الدقيقة عن أيّ شيء ,فثقْ بأنّهُ رجل غير دقيق !
ذلك بأنّ كلّ قياس مُعتنى به في العلم ,يُعطى دائماً مع الخطأ المُحتمَلْ .
وهذا إصطلاح علمي يحمل معنى دقيق ,فهو يعني :
(ذلك القدر من الخطأ الذي يستوي في إحتمال أن يكون أكبر من الخطأ الحقيقي أو أقلّ منه) .
إذاً فأدّق الأمور المعروفة ,هي تلك التي يُسلّم فيها العالِم بإحتمال خطئهِ ويعرف نسبة الخطأ الذي يُحتَمَل أن يقعَ فيه !
على النقيض من ذلك نجد في الأمور التي يكون الصواب فيها أمراً لايُمكن تثبّته ,فلا يعترف أحداً بأنّ هناك أدنى إحتمال في خطأ آرائه !
وإلاّ فمتى سمعتم واحداً من رجال الدين والسياسة ,يبدأ خطابهِ أو يختمهُ بإشارة عن الخطأ المُحتَمَل في آرائهِ ؟
ومن عجائب الأمور أنّ التأكّد الذاتي يتناسب عكسيّاً مع التأكّد الموضوعي
فكلّما قلّ ما يُبرّر صواب رأي المرء ,زادت حماسته في توكيد عدم وجود ظلّ من الشك بأنّه على الحقّ المُبين !
ولقد درجَ رجال الدين على الهزء بالعِلم ,لأنّهُ يتغيّر !
يقولون : إنظُر إلينا ,إنّ ماقرّرناهُ في مجمع نيقية ,لم نَزَلْ نُقرّرهُ الى يومنا
بينما الذي قرّره العلماء منذُ بضعة أعوام ,قد جُرّ عليه ذيل النسيان ولم يعد ينتمي الى عِلمِ اليوم !
إنّ هؤلاء لايفهمون طريقة البحث العلمي مطلقاً .إذ لايوجد عالم يؤمن بالحقيقة المُطلقة دون وضع نسبة للخطأ .
بل لا يوجد إنسان علمي في روحهِ يؤّكد أنّ ما يُعتَقَد اليوم في العِلم هو الحقّ تماماً ,إنّما هو مرحلة في الطريق الى الحقّ التام !
***
الخلاصة :
هل تلاحظون معي دقّة العلم وعدم تسليمه بالفرضيّات (إلاّ مؤقتّاً) .
أقصد حتى لو طابقت نتائج فحص جميع الحالات المعروضة الراهنة .
السؤال هنا :طالما نجد العلم يتشكّك الى تلك الدرجة المُزعجة ,لماذا ؟
الجواب : لأنّهُ منطقيّاً مثلما اُكتشفَتْ صحّة (فرضية ما) اليوم ,ثمّ تحوّلت الى نظرية ,فقد يأتي يوماً آخراً يكتشف فيه العِلم صحّة فرضيات مغايرة لتلك الأولى !
إذاً العلم يوافق على تحويل الفرضيّات المؤّكدة عبر التجارب الطويلة الى نظريات ثمّ الى حقائق (كما مع مبدأ التطوّر والإنتقاء الطبيعي لداروين)
الذي مرّ بتلك المراحل .
لكن بشرط إبقاء الباب مفتوحاً أمام العلماء للإتيان بما يرونه من جديد !
أليست هذه هي العدالة والمنطق والعقلانية ؟
بينما على النقيض من ذلك (في الدين) ماذا نجد ؟
يأتي رجل فيقول :هذا الذي جئتُ به هو الحقّ المُنير ,وكلّ ماعداه هو الضلال المُبين !
هل تشعرون بالفارق ؟
تحياتي لكم
رعد الحافظ
26 نوفمبر 2014