حكايات تفلسفية في زمن اغبر

 دعوني اتفلسف قليلا فقد سئمت من صفة الطالب التي اطلقوها علي منذ ان كنت يافعا رعديدا.

يقولون هناك فوضى خلاقة واخرى منظّمة واعتقد ان كليهما بعيد كل البعد عن الاخر.

لست معنيا لا انا ولا اولاد الملحة بعدد الكيلومترات التي تبعد بين الاثنين ولكن بما ان العوراق العظيم مايزال يحتل الكثير من المراتب السفلى في التطور التاريخي لأمم الارض فهو قد اعتمد فوضى اخرى اسماها فوضى السيرك للخدمات غير المحدودة( وهي بعيدة بالطبع عن تصدير الكهرباء الفائض الى بلدان المجاور).

حسنا.. في يوم واحد ينشر خبرين عن نفس المصدر:

“تقرر تحديد الساعة الخامسة مساءا من هذا اليوم لأجراء التصويت على منصب المحافظ ورئيس المجلس”.

بعدها بساعات يطلع علينا ومن نفس المصدر وفي نفس الصفحة الاخبارية:

“تقرر تأجيل الاجتماع لعدم اكتمال النصاب”.

وفي محافظة اخرى:

“تقرر تسمية (فلان) لمنصب المحافظ و(علان) لرئاسة مجلس المحافظة.

ولكن هذه التسمية لم تلاق الموافقة من قبل مدير عام دائرة الهجرة في وزارة البلديات.

وحتى لو خلصت هذه الاسطوانة سنأتي على منصبي النائب الاول والنائب الثاني حيث ستدار نفس الاسطوانة.

وحتى اذا خلصنا من هذه فهناك اعضاء مجلس المحافظة وتدار نفس الاسطوانة حيث سيعزف اللحن النشاز نفسه( بالمناسبة مازلنا بلدا بدون نشيد وطني.. ياللكارثة).

يبوووووي.. شنو هالمجلس هذا :

له محافظ، ويجب اختياره.

له رئيسا يجب اختياره.

له نائب اول للمحافظ يجب اختياره.

له نائب ثان يجب اختياره.

له اعضاء يجب اختيارهم.

ولأني ضعيف بالنقاط فساترك لكم “حسبة” تكاليف هذه المناصب.

كما سأترك لكم:

كم كتلة تمارس”النشاز” السياسي.

كم تيارا يمارس العهر السياسي.

كم حزبا اغتنى اعضاؤه على حساب اولاد “الخايبه” في ضواحي وقرى المحافظات.

كم مجلسا اعلى وآخر اسفل يمارس مهام رئاسة الدولة على حساب مؤسسات الدولة نفسها سارقا اختصاصاتها، ولكني لا اترك لكم ان تتحدثوا عن الفوضى بشقيها المذكورين اعلاه كما يحلو لكم.

جرت انتخابات مجالس المحافظات وقلنا انها خطوة في الطريق الصحيح واتضح انها كانت خطوة عرجاء وقلنا حسنا سنستدعي (المجبرجي) لنرى الخطوة الثانية، وفيها كان الجر والعر لتصاب بالشلل وقلنا لنرى الخطوة الثالثة فرأينا انها مثل “اخوتيها” لاتحل ولا تربط.

ترى ماذا يريدون الجماعة؟

يبدو انهم يقتدون بالمثل القائل”العب لو اخربط الملعب” والحكومة هي اللاعب الرئيسي والذي يريد التأكد فعليه متابعة ذلك في عدد من المحافظات.

اذن ايها السادة وبدون خجل نقول اننا رجعنا الى المربع الاول و”ذاك الطاس وذاك الحمام”.

مساكين انتم يااولاد الملحة لم تتعظوا من الانتخابات الماضية فاقدمتم على نفس اخطائكم في هذه الانتخابات.

اذن حيل بيكم وبابوزايد.

واللي مايعرف تدابيره حنطته تاكل شعيره، ولكن اين حنطتكم حتى ياكلها شعيركم، انتم فقراء الا من الفاصوليا لتصنعوا منها القيمة.

لافاصل اليوم وبه نستعين، وحسبي اهها ونعم الوكيل.

محمد الرديني (مفكر حر)؟

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.