رغم أن المفهوم المتعارف عليه لـ” الإستفتاء” هو معرفة رأي الشعب في القضايبا المصيرية، من بينها طبعا رأيه في العيش ضمن إطار دولة أو الخروج منها. ورغم أن الإستفتاء حق طبيعي ومعترف به في المواثيق الدولية بشرط أن تكون برعاية الدولة. ولكن الإستفتاء الذي جرى في إقليم كردستان قبل عدة أيام كان بالأساس عملية حزبية بحتة هدفها تسويق أزمات نظام حكم مسعود البارزاني وصرف الأنظار عما يعانيه الشعب الكردستاني من أزمات معيشية خانقة جراء فشل السياسات الإقتصادية لنظام البارزاني.
قبل أيام من عناد البارزاني بالتوجه نحو الإستفتاء كتبت مقالا باللغة الكردية طالبت فيه البارزاني بالإستجابة للمناشدات الدولية وللعروض المغرية التي قدمتها القيادات العراقية مقابل تأجيل الإستفتاء، لكنه عاند وإستكبر وغامر وهذه طبيعة كل الدكتاتوريين في العالم الذين يحيطون أنفسهم بمستشاري السوء وبإعلام فاسد فيدفعون في المحصلة ضريبة مغامراتهم الطائشة ، ولعل مغامرة صدام بإحتلال الكويت هي النموذج الأصلح للمقارنة بإستفتاء البارزاني.
اليوم تصدر قرارات عديدة من السلطة الإتحادية ضد كردستان، وتحتوي معظمها على عقوبات قاسية ضد الشعب الكردستاني، ولي الحق في أن أطرح بعض الملاحظات على تلك القرارات حتى لا يتسرع القادة العراقيون بقراراتهم ويتسببوا بمزيد من المعاناة لشعبي.
– رافق الإقتراع الذي حصل لأجل الإستقلال، عمليات تزوير واسعة النطاق وفي العديد من المناطق الإنتخابية، وخاصة تلك التي تقع ضمن نفوذ حزب مسعود البارزاني بمحافظة دهوك التي فاقت المشاركة فيها نسبة 120% ، وهذا رقم عجيب. وقد نبهت في مقال سابق الى هذا الأمر، وقلت بأن البارزاني وحزبه سيلجئون الى التزوير وملء صناديق الإقتراع بأوراق ” نعم”، وقلت بأن الأحزاب الكردستانية الأخرى ستلتزم جانب الصمت تجاه تلك التزويرات لأنها لا تستهدف مقاعدهم ولن يتضرروا منها، وهذا ما حصل. وبالأساس أرى بأن أي تزوير لعملية الإستفتاء هو بحد ذاته جريمة بل هو خيانة للشعب لأن العملية تتعلق بتعبير المواطن عن حر إرادته في تقرير مصيره.
– أظهرت النتائج النهائية وبحسب مصادر داخل مفوضية الإنتخابات المحلية، أن نصف عدد سكان الإقليم صوتوا ضد الإستقلال. ففي محافظة السليمانية كان الإقبال على التصويت بنسبة 50% ، وصوت 19% منهم ضد الإستقلال. وفي محافظة حلبجة كانت النسبة مماثلة وصوتت نسبة 27% ضد الإستقلال. ولم تعلن النسب في أربيل لأن حزب البارزاني لايسمح بكشف الحقائق هناك. إذن لو إفترضنا أن تلك الأرقام صحيحة، فإن نسبة النصف من سكان الإقليم رفضوا الإنفصال عن العراق، وعليه يجب على الحكومة العراقية أن تأخذ تلك الأرقام بنظر الإعتبار وهي تصوغ قراراتها ضد كردستان. فبطبيعة الحال لاتستطيع تلك الحكومة أن تتأكد ممن صوت بنعم ومن صوت بلا، حتى يتسنى لها الفرز بينهم، ولذلك يجب أن تكون العقوبات موجهة بالأساس الى القيادات التي قررت إجراء الإستفتاء وليس الى الشعب أو القوى الرافضة أساسا للإستفتاء.
حتى الذين صوتوا لصالح الإستقلال فأنا أعتبرهم بأنهم وقعوا تحت تأثير الشحن القومي الذي مارسه إعلام حزب البارزاني، ويجب أن لاننسى بأن حق تقرير المصير والإستقلال هو حق طبيعي ومسلم به للشعب الكردي كسائر القوميات الأخرى في العالم. ولكن هناك بعض الحقائق التي يجب أن يعرفها الآخرون وهي:
– إن من صوتوا بنعم في الإستفتاء ليس حبا بمسعود البارزاني بل لأن بعضهم شعروا بأن هذا حقهم الطبيعي، والبعض الآخر إنخدع بالشعارات القومية التي طرحها البارزاني والذي يبدو في تصريحاته الأخيرة أنه تراجع عنها ما يؤكد إفراغ الإستفتاء من مضمونه الأساسي.
– إن من صوت ضد الإستقلال، لم يكونوا خونة ولا عملاء لدولة معينة، بل أنهم قالوا ” لا” لدولة يؤسسها مسعود البارزاني وآله وأصحابه من الإسرائيليين وجنرالات متقاعدين أمريكان.
– ان من صوتوا بلا، ليسوا ناكرين لحق شعبهم بتقرير مصيره، وخاصة أن أغلبيتهم المطلقة ناضلوا بجبال كردستان لأجل تحقيق هذا الهدف، بل لأن التجربة التي عاشوها خلال السنوات الماضية في ظل حكم الأحزاب الكردية كانت تجربة مريرة وقاسية، ولذلك صوتوا ضد إستدامة هذه التجربة الفاشلة بالحكم.
– ان من صوتوا بلا كانوا بالأساس غير راضين عن السلطة الإنفرادية لمسعود البارزاني وسعيه لكسر إرادة الأحزاب والقوى الأخرى سواء بالترغيب أو الترهيب.
وتأسيسا على هذه الحقائق التي يجب أن يدركها الجميع، يفترض بالحكومة العراقية أن تركز عقوباتها على الطغمة الحاكمة بكردستان وليس على شعبه، ويجب أن تتذكر تلك القيادات الحصار الذي فرض على نظام صدام في تسعينيات القرن الماضي وكيف أنها طاولت الشعب دون الدكتاتور، ولعل من المفيد التذكير بأن هناك عدة إجراءات من شأنها أن توجه الى الطغمة الحاكمة بكردستان من دون الشعب، وهي ملاحقة الأموال المهربة للنفط ، ومنع السفر عن المسؤولين دون المواطنين ، وقطع الإمتيازات عن المسؤولين وتمويل جيوش حماياتهم. وما الى ذلك من الإجراءات العقابية ضد مسؤولي الإقليم تحديدا، فليس للشعب الكردستاني يد في قرار أحادي إتخذه الحاكم الدكتاتور وأعوانه المرتزقة.
2
مسؤولية الدولة العراقية في إفساد العملية الديمقراطية بكردستان
الدستور العراقي يؤكد على أن النظام السياسي بالعراق هو نظام ديمقراطي برلماني تعددي، وتسري أحكام هذا الدستور الملزمة على جميع أرجاء العراق بما فيها إقليم كردستان الذي يفترض أن يلتزم بنفس الأسس والقواعد التي أقرها الدستور العراقي. ولكن الذي حصل في السنوات الأخيرة هو ترك أمور إدارة شؤون الحكم بكردستان الى يد حزب دكتاتوري هو الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني..الغريب أن منصب رئيس الدولة بالعراق وفق الدستور هو منصب بروتوكولي حتى حين ترأسها مام جلال بجلالة قدره، ولكن في كردستان نظام الحكم هو رئاسي بحت يمسك بموجبه رئيس الإقليم بكل مقاليد الحكم دون حسيب أو رقيب.
فحين إنفرد البارزاني وحزبه بحكم الإقليم وحارب جميع القوى السياسية الأخرى بكردستان لم تظهر من السلطة الإتحادية أي موقف يدعو الى تحقيق الديمقراطية والشراكة بالحكم بكردستان، بل على العكس كان الكثير من قادة العراق يسارعون الى أربيل ويحتمون بمسعود البارزاني ويخطبون وده لكي ” يعينهم” رؤساء للوزارة ببغداد!.
وحين إنتهت ولايات مسعود البارزاني القانونية، لم نر من السلطة الإتحادية ولا حتى من رئيس الدولة وهو حامي الدستور ولا من المحكمة الإتحادية أي موقف يطالب بتنحيه بعد إنتهاء ولاياته، أو الإعتراض على تمديدات ولاياته خارج سياق القانون.
وحين عطل مسعود البارزاني البرلمان وطرد وزراء حركة التغيير من الحكومة لم يظهر موقف من السلطة الإتحادية ولا من مجلس النواب لإدانة هذا التصرف.
وحين وقعت حكومة البارزاني إتفاقا نفطيا مع تركيا لخمسين عاما، ووقعت عشرات الإتفاقات الأخرى مع شركات نفط عالمية، لم تتجرأ الحكومة الإتحادية بإدراج تلك الشركات والدول بالقائمة السوداء فتركت حزب بارزاني يسرق أموال النفط ويودعها بحسابات شخصية في الخارج.
لذلك حين نلوم أحزابنا وحتى شعبنا في دفع مسعود البارزاني الى الدكتاتورية، يجب أن نلوم ونحاسب الحكومة الإتحادية أيضا لدورها في نفخه وعدم محاسبته على أفعاله التي جرت الكوارث والويلات على شعبه بكردستان من خلال قطع رواتب الموظفين وتدني الخدمات الأساسية والتوجه نحو توريث السلطة، وما نجم عن كل ذلك أخيرا بالتفكير في سلخ كردستان عن العراق وتأسيس دولة آل بارزان.
لقد عانى شعب كردستان طوال السنوات الماضية من شظف العيش والحرمان بسبب قطع رواتب الموظفين وسرقة أموال النفط وتضييق الحريات، وعلى الحكومة الإتحادية أن لاتزيد تلك المعاناة وتعاقب شعبا بجريرة طغمة حاكمة لا وفاء لها لشعبه ولا للقيم الديمقراطية
بحث موقع مفكر حر
أحدث المقالات
فيلم هيبتا
Published by:أسامة حبيب#شاهد #الأسد يعلن عن دين جديد في #سوريا و #ماغي_خزام تصفه بالشيطاني
Published by:ماغي خزامقراءة في العلم والعلماء والأسلام
Published by:يوسف يوسفالانتخابات الديمقراطية في نظام #الاسد والبرامج الانتخابية
Published by:زياد الصوفيتدعم الولايات المتحدة الحوار الكردي-الكردي وتتطلع إلى استمرار تقدمه
Published by:مفكر حرلماذا تعيد المؤسسات التفكير بموضوع تبرعاتها المالية
Published by:مازن البلداويتحالف خامنئي وكورونا لارتكاب جريمة إبادة جماعية لأبناء الوطن
Published by:حسن محموديمـــرة ملكـــة .. دائمــا ملكـــة!!
Published by:نبيل عودةانتهاكات حقوق الإنسان في إيران عام 2020
Published by:حسن محمودياثار بابل وغياب المنظومة السياحية
Published by:اسعد عبد الله عبد عليحفنة من الثلج الساخن
Published by:حمدي تمّوزأَ لا من مسؤول شريف يعتبر مِن مواقف عليّ(ع)!؟
Published by:عزيز الخزرجي#سوريا: اعتماد تحليل ال "دي ان ايه" لاثبات النسب #سلوى_زكزك
Published by:مفكر حرمحدش قدر يتخلص من #صفوت_الشريف في #مصر
Published by:مفكر حردكتور عنوسة
Published by:مفكر حر#شاهد #ربيع_الخولي يقرأ الفاتحة و #ماغي_خزام ترد
Published by:ماغي خزاماعتراف صادم لقائد قوى الأمن #ايران .. هناك 400 ألف مدمن في #طهران وحدها
Published by:مفكر حرشبكات معقدة خططت ونفذت لصفقة نترات الأمونيوم حتى وصولها لمرفأ #بيروت يقف #الاسد
Published by:أديب الأديب#شاهد امارة #غزة شمال #سوريا #فرقة_الحمزة - تفقد جاهزية مقاتلو قاطع غصن الزيتون
Published by:مفكر حرحكاية أم كلثوم مع أهل الشام
Published by:مفكر حر#شاهد #محمد_المسيح #التاريخ_المبكر_للإسلام 84 ما هو الذكر وصحف إبراهيم وموسى؟
Published by:مفكر حرحين أتيت موؤودة من بطن أمي
Published by:مفكر حرحوار مع الشاعر عصمت شاهين دوسكي
Published by:عصمت شاهين دو سكيتغريدات القرضاوي
Published by:مفكر حرسننتقم وننتقم .. ولم نرى غير الوعيد والكلام
Published by:سرسبيندار السندي#السيسى و #الإخوان .. وخطة نشر وباء #كورونا فى #مصر ..
Published by:سيتى شنوده#شاهد #ماغي_خزام تضع #الأسد في أزمة وتفضح كذبة عروبة #سوريا
Published by:ماغي خزاممن يحلٌ الفزورة: حشدنا أم حشدهم؟
Published by:علي الكاشحازم يعود هذا المساء (حكاية سيزيف الفلسطيني)
Published by:نبيل عودةالإمام المعصوم.. بين المال والنساء!
Published by:مفكر حرالوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ترمم الآبار التي خربتها داعش لمربي الماشية
Published by:مفكر حرنهاية رجل شجاع
Published by:عبدالله حسين#شاهد #الأسد يخالف ايات القرآن: مصطلحاته خليط من اللغات كالسريانية #ماغي_خزام
Published by:ماغي خزامهل هذا ما سيكون عليه التعليم العالي خلال السنوات الخمس القادمة؟
Published by:مازن البلداوي#شاهد التجويد لدى اليهود يثبت بانه القرآن القديم قبل العصر العباسي
Published by:مفكر حرفيلم زهرة الصبار
Published by:أسامة حبيبدليلك إلى حياة مقدسة (الفصل ٧٦)
Published by:وفاء سلطان#شاهد #مقدمات_الارتعاج مرض يصيب #المرأة_الحامل
Published by:مفكر حرآية وتعليق -6 –
Published by:صباح ابراهيمومضة للتعبئة القسرية للعقلية الأسلامية
Published by:يوسف يوسف#عفرين عروسة الياسمين
Published by:عصمت شاهين دو سكيالتجسيد الجغرافي لـ #مبادرة_حزام_طريق_الحرير الصينية
Published by:مازن البلداوينقاش بين شيخ مقيم في #كندا ورجل عربي يفكر في الذهاب الى كندا :
Published by:مفكر حر#الكاظمي … هل تفلح معه سياسة الضحك على العقول والذقون
Published by:سرسبيندار السنديحافظ على ساقيك قوية بدلا من صبغ الشعر الأبيض
Published by:مفكر حر#أنجيلا_ميركل الدرس الذي لم نستفد منه
Published by:مفكر حرابتزاز #النظام_الإيراني النووي في #الاتفاق_النووي ورد الفعل الأمريكي
Published by:حسن محموديقراءة في قصة شباك الحرية للأديب وهيب نديم وهبة
Published by:مفكر حرنظريات الدكتور منير قصة: نبيـــل عـــودة
Published by:نبيل عودةمراوح الجولان العملاقه ...؟!
Published by:ميخائيل حدادأحدث التعليقات
- John mahfoud on شاهد تطاول على العقيدة المسيحية بأنها هشة و محرفة فأتاه الرد الساحق من الاعلامية ماغي خزام
- Abdulnasser alnabulsi on شذوذ ام كلثوم
- سيباويه العراقي on تغريدات القرضاوي
- س . السندي on ومضة للتعبئة القسرية للعقلية الأسلامية
- Ben cheikh jamila on ومضة للتعبئة القسرية للعقلية الأسلامية
- س . السندي on ومضة للتعبئة القسرية للعقلية الأسلامية
- Imad on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- aram on #شاهد #كمال_اللبواني يرد على #أنس_العبدة فاضحاً فساد #الإئتلاف_السوري_المعارض.. هههه لم نرهم عندم سرقوا ولكن رأيناهم حين اختلفوا
- talal al khoury on اساطين القانون: يعرضون كيف يستطيع ترامب ان يفوز بقضية تزوير الانتخابات امام المحكمة العيا
- talal al khoury on نهاية التاريخ والانتخابات الامريكية
- دحيه الكلبي القرشي on ايات المتعة واغتصاب النساء شريعة في الاسلام
- مفكر حر on فيلم الكنز :الحقيقة والخيال
- س . السندي on فيلم الكنز :الحقيقة والخيال
- جابر on ايات المتعة واغتصاب النساء شريعة في الاسلام
- مسعود الاذقاني on #شاهد الشيخ العراف #رامي_مخلوف وتنبوءات 2021
- فاضل البراك on الجماهير البعثية والصنمية تتناكح من جديد
- س . السندي on #شاهد نصب تذكاري لقاسم #سليماني في #بيروت يثير غضب اللبنانيين
- Taha on ايات المتعة واغتصاب النساء شريعة في الاسلام
- Taha on ايات المتعة واغتصاب النساء شريعة في الاسلام
- Taha on ايات المتعة واغتصاب النساء شريعة في الاسلام
- مفكر حر on فيما يخص الشأن السوري بيان #قمة_العلا على البنود التالية
- فراس on فيما يخص الشأن السوري بيان #قمة_العلا على البنود التالية
- مفكر حر on “مُحمَّد” في “الشهادتين” هل هو المسيح ؟؟؟ّ !!!
- نافع شابو on “مُحمَّد” في “الشهادتين” هل هو المسيح ؟؟؟ّ !!!
- سليم on عائلة الأشقاء محمد, كاميليا, ووجدى العربى الإرهابية من الوسط الفني المصري
- Zidan Dallah on أنجس شعب على أطهر أرض: الجملة الشهيرة المتداولة بالأوساط الفلسطينية
- أسامة حبيب on حمار راهن على حمار
- س . السندي on حمار راهن على حمار
- عاتكة on عادة تبادل الزوجات بالحلال والحرام، قديماً وحديثاً !.
- س . السندي on الدليل على ان #حاتم_علي غير وطني وانما مجرد يساري يخضع للإملاءات الحزبية الخاضعة اصلاً للمخابرات الروسية