المعتوه والرياضة وكعكة الوزارة

لست من الذين يحبون الرياضة بكل انواعها خصوصا كرة القدم، ولعلي املك اسبابي الخاصة بذلك.

اعرف تماما ان هذا الكلام سيغضب احبتي من محبي الرياضة والرياضيين ولعل احدهم سيقول بعد ان يقرا المقال (عمي دتطير).

لا املك الحق في الرد عليهم فالحب لاسلطان عليه تماما مثل الكره ولكني مقابل ذلك اكن شيئا من الضغينة لهذه الكرة التي يتقاذفها لاعبون استطاعوا الاثراء من خلالها وفضلهم في ذلك انهم يملكون سيقانا قوية.

لا اعتقد ان صحفيا عراقيا ومنذ سنوات طوال يدعي انه مرتاح ماليا ونفس القول ينطبق على الكاتب والفنان والرسام والخطاط، ماعدا طبعا مطربي هذه الايام الذين بزوا بعض رجال الدين في مغازلة مابين الافخاذ، بينما تجد ان احدهم يركض مسرعا والكرة بين ساقيه نحو هدف “العدو” ويدخل الكرة في المرمى حينها تنهال عليه الدنانير او الدولارات من كل حدب وصوب.

لماذا؟ لانه حسب راي هؤلاء انه رفع اسم بلده عاليا امام الامم بينما الصحفي او الروائي او الفنان فهو مجرد بياع كلام او صور لايقدم ولايؤخر.

بعض مثقفينا ينحت بالصخر من اجل ان يكتب قناعاته ويظل طيلة سنوات طويلة ينحت وينحت ويرى النتيجة بعد ذلك بان هذه السنوات هي سنوات عجاف ويتمنى لحظتها الا يموت من شدة المرض او الجوع او القهر.

هناك العشرات من فنانينا ومثقفينا اما ماتوا قهرا او انهم ينتظرون الموت على فراش المرض ولااحد يعيرهم اي اهتمام.

لناخذ الصورة كالاتي: فؤاد سالم ،عفيفة اسكندر،امل طه،بدر شاكر السياب،وغيرهم ممن لم تحضرني ذكراهم الان قدموا عصارة حياتهم الى الناس وحين احتاجوا اليهم اي الى من يهمه الامر اداروا لهم الظهور.

مقابل هذا ستنقلب الدنيا ولاتقعد حين يمرض احد لاعبي المنتخب الوطني او على الاقل يعطس بسبب اصابته بالزكام،حينها سيسرع ارفع مسؤول في الدولة او البرطمان او الكتل السياسية المتصارعة الى تقديم العون كل العون ولدينا شواهد كثيرة على ذلك.

من هذه الزاوية فقط اكره الرياضة ولكني لا اكره الرياضيين.

اتذكر قبل سنوات استقدمت قطر احد المدربين الاجانب لتدريب فريقها الوطني واستطاع هذا المدرب ان يحقق انجازا كرويا لهذا الفريق ،حينها اعلنت الحكومة القطرية منح هذا المدرب الجنسية القطرية.

ارايتم اين المهزلة؟ وكان الجنسية القطرية ارفع وسام عالمي ولا وسام جائزة نوبل او زهرة اللوتس.

نقطة نظام: مقابل هذا رحلت الحكومة القطرية الاف القطريين بعيدا عن الحدود مانعة عنهم ابسط حقوقهم وهو المواطنة القطرية.

سيقول البعض من حق اي دولة ان تتباهى بانجازها الرياضي..هذا صحيح ولكني اتحدى اي دولة تتباهى مقابل ذلك بارتفاع عدد المبدعين من المثقفين فيها. واذا حدث فهو يحدث على طريقة النخبوية اي حين ينحت هذا المثقف في الصخر طيلة سنوات طويلة وبعد ان يشتهر اسمه بين الناس تاتي الدولة لتحتضنه ليس حبا به وانما بدافع الانانية التي تفرضها لنشر انجازها قبل انجاز هذا المثقف.

امس فاز فريق الرماية العراقي بالمركز الثالث عربيا وسنرى كيف يتم تكريم هؤلاء اما ذلك الذي يصدر رواية او بحثا علميا او ديوان شعر ويدفع “دم” قلبه لاصحاب دور النشر الذين يسري فيهم الدم اليهودي ،وهو تعبير مجازي على اية حال،فهو فاصلة بين جملتين يمكن ان تحذف في اي وقت.

فاصل وزاري:تطورت الرشوة في العوراق العظيم فلم تعد للدولارات اية قيمة وحل محلها (التوزير) وهي تلخص المعادلة التالية:كن معي ضد الاخر لاعطيك الوزارة التي تريدها..فعلا لانها وزارات اللي خلفوهمتواصل مع محمد الرديني فيسبوك

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.