الرفيق هوشي منه‎

قبل الحديث عن هوشي منه علينا معرفة وضع الإقليم الذي ولد فيه , وهذا الإقليم يدعى ب ( الهند الصينيه ) تحده الهند من غربه , والصين من شماله . وأستراليا من شرقه , والمحيط الهندي من جنوبه . تقسم هذا الإقليم بين القوى العظمى كالتالي :

الهند الصينيه البريطانيه : وتضم بورما _ مالايا _ بورنيو الشماليه البريطانيه .

الهند الصينيه الفرنسيه : وتضم كمبوديا _ فيتنام _ لاؤس .

الهند الصينيه الهولنديه : وتضم جميع جزر أندونيسيا ( جاوه وسومطره وبورنيو وملقا والجزء الغربي من جزيرة غويانا الجديده والجزء الغربي من جزيرة تيمور ) .

الهند الصينيه البرتغاليه : وتقع فقط في الجزء الشرقي من جزيرة تيمور .

الهند الصينيه الإسبانيه : وتضم جميع جزر الفلبين .

إسبانيا كدوله إستعماريه عظمى أفل نجمها عند بداية القرن الماضي كانت تحتل المكسيك والفلبين , وكانت تربط بينهما بواسطة قافله بحريه كبرى تدعى ( گاليون مانيلا ) ظلت تعبر المحيط الهادي من أمريكا الشماليه الى آسيا وبالعكس لمدة ثلاثة قرون دون توقف درَّت على إسبانيا ما درَّت من الأموال وهي تصدر وتستورد ما بين قارتي أمريكا الشماليه والجنوبيه _ وجنوب شرق آسيا الذي يعج بمئات الملايين من البشر الذين لا تحد قدرتهم على الإستهلاك .

بعد ثورة الإستقلال الأمريكيه عام 1783 مباشرة بدأ الأمريكان يخططون للإستيلاء على ( گاليون مانيلا ) والخطوة الأولى كانت طرد الإسبان من المكسيك وقد تمكنوا من ذلك بتاريخ 16 سبتمبر 1810 .

الخطوه التاليه كانت طرد الإسبان من الفلبين , وقد تمكنوا من ذلك بعد أن أدخلوا الإسبان الى الحرب الأمريكية الإسبانية التي وقعت في كوبا وكان من نتيجتها هزيمة الإسبان وتوقيعهم معاهدة باريس 1898 وهي معاهدة مذله بمعنى الكلمه .. أجبرت إسبانيا خلالها على بيع الفلبين الى الأمريكان بسعر ( 20 مليون دولار ) .

بوصول الأمريكان الى الفلبين قرروا طرد جميع القوى الإستعمارية الأخرى الموجودة في الهند الصينيه عن طريق مد أهالي المنطقه بالدعم وتثويرهم ضد مستعمريهم .

في هذه الفتره إنتقل والد ( هوشي منه المولود عام 1890 ) ويدعى ( نغوين سنه ساك ) الى مدينة ( هُوي ) الفيتناميه وأكمل دراسته فيها في بلد عز فيه التعليم , ورغم أن شهادته أهلته الحصول على عمل في الديوان الملكي , إلا أنه رفض تلك الوظيفه لأن الأمل المرجو من تدريسه كان جعله ( قائداً جماهيرياً ) لخلق روح العداء ضد الفرنسيين , وعلى هذا فقد تمكن من فتح مدرسه , كان يعلم الطلاب فيها ويدفع لهم بعض المساعدات , ويبث فيهم كراهية الفرنسيين فإكتسبت مدرسته سمعة عالية بين الناس .

تم تعليم هوشي منه في مدرسة والده , وحين بلغ 15 سنه تم إرساله الى مدينة ( فِنَه ) ليتعلم اللغة الفرنسيه .

بسبب نشاطات الوالد المعاديه للملك والفرنسيين أضطر الى العوده الى مدينة هُوي التي إنتسب فيها هوشي منه الى الأكاديميه الوطنيه لدراسة العلوم والجغرافيه . تظاهر سكان هُوي ضد السلطات الفرنسيه بسبب الضرائب المفروضه فإنضم اليهم هوشي منه بترجمة مطاليبهم الى اللغة الفرنسيه , وهكذا صدر أمر فصله من الأكاديمية في اليوم التالي . ثم بدأ المخبرون يتعقبونه ووالده مما أجبرهما على مغادرة المدينة متجهين الى سايغون .

مثلما سعى الأمريكان الى إدخال الشيوعية الى روسيا من خلال لينين الذي كان واحداً من أعضاء الأممية الثانيه في باريس , فآزروه أثناء الثوره وخلال المرحلة الثانيه من الحرب العالمية الأولى والتي سميت ب ( الحرب الأهليه الروسيه )

.. مثل كل هذه الحالات سعى الأمريكان الى نشر الشيوعية في فيتنام , ومن أجل ذلك كان ينبغي أن ينتقل هوشي منه الى باريس لينضم الى صفوف الأممية الثانيه ( 1898 – 1916 ) .

أبحر في حزيران 1911 من أحد الموانيء الفرنسيه في مدينة سايغون وبوثائق سفر مزوره الى فرنسا كغسال صحون على ظهر السفينه , وفي العام 1913 زار الولايات المتحده الأمريكيه ومنها توجه الى بريطانيا حيث عمل مساعد خبّاز .

1914 وقعت الحرب العالمية الأولى التي كانت رد الفعل الأمريكي على التحالف البريطاني الروسي الذي يقفل قارة اوربا بوجه المصالح الأمريكيه .

1917 عاد هوشي منه الى باريس وعمل في مهن كثيره , وتم تدريسه تاريخ الثورة الأمريكيه والفرنسيه , وكيف قام الأمريكان بإنقلاب عسكري على العائلة الحاكمة الصينيه ثم سلموا حكم الصين الى وكيلهم ( سن يات سن ) عام 1911 , وكيفية وصول الشيوعيه الى روسيا لقلب نظام الحكم القيصري عام 1917 .

إنتهت الحرب العالمية الأولى داخل اوربا عام 1918 , وفي العام 1919 قام هوشي منه بتاسيس ( رابطة الفيتناميين الوطنيين ) وتحت إرشاد الأمريكان قام بكتابة بيان بعدد من المطالب بالإصلاحات ( الديمقراطيه ) غير أنه وقّع البيان بإسم مستعار هو : نغوين آي كويك .

جمعت الولايات المتحده الأمريكيه قادة اوربا في مؤتمر فرساي الذي اعقب الحرب لتملي عليهم شروطها من خلال النقاط الأربعة عشرة التي نادى بها الرئيس الأمريكي ( وودرو ويلسون ) ثم توقيع معاهدة سلام معهم , وفي فترة إنعقاد هذا المؤتمر دفع الأمريكان هوشي منه الى طبع بيانه , وتسليم نسخ منه الى الرئيس الفرنسي وأعضاء برلمانه , إضافة الى جميع الرؤساء المشاركين في مؤتمر فرساي , وإرسال نسخ من البيان الى فيتنام نفسها .

ذعر الفرنسيون من هذا البيان لأن موضوعه يخص واحده من مستعمراتهم وبدأ مخبر سري يتعقب من هو نغوين آي كويك الذي وقّع البيان !؟

أسس كارل ماركس الأممية الأولى بين عامي 1864- 1876 وإنتهت أمميته حين نقل مكاتبها الى الولايات المتحدة الأمريكيه . الأمميه الثانيه قام بتأسيسها الماركسيون الأوربيون في باريس بين عامي 1898 – 1916 وقد تدمرت هذه الأمميه بفعل الحرب العالمية الأولى , الأمميه الثالثه ( الكومنترن ) أسسها لينين بعد نجاح الثورة البلشفيه بين عامي 1919 _ 1943 ولهذا سنجد هوشي منه يسافر الى مدينة تورز الفرنسيه من أجل التصويت لحزب شيوعي فرنسي جديد يكون جزءاً من الكومنترن الذي أسسه لينين .

عام 1923 سافر هوشي منه الى روسيا التي أصبحت مركزاً لدول الإتحاد السوفييتي بدعوة من الكومنترن . الجميل الذي يحمله لينين للأمريكان بإيصالهم له الى حكم روسيا ودعمه طيلة فترة ما كان يدعى ب ( الحرب الأهلية الروسيه ) كان يدفعه الى تقديم خدمات الى الأمريكان في جنوب شرق آسيا , فكما دعم الكومنترن الرفيقه الكوريه ( ألكسندرا كيم ) التي كانت تقيم في روسيا وتنتمي الى الحزب البلشفي منذ عام 1916 وهي مسؤولة العلاقات الخارجيه في مكتب الشرق الأقصى للكومنترن .

قام لينين بإرسالها عام 1917 الى الجاليه الكوريه المقيمه في مدينة ( خابروڤسك ) الروسيه لتعبئة الجاليه ضد بقايا القيصريه وضد القوات التي تحالفت مع بريطانيا لمحاربة البلشفيه .

في هذه البعثه إلتقت الرفيقه ب ( يي دنگ وي ) و ( كيم ريپ ) ومجموعه من الكوريين حيث قاموا بتأسيس ( الحزب الإشتراكي الشعبي الكوري ) في خابروڤسك حزيران 1918 .

نفس هذا الدور تماماً سيلعبه الكومنترن مع هوشي منه . فقد تم تعيين هوشي منه في مكتب الشرق الأقصى للكومنترن , وتم تأمين علاقته مع الفيتناميين المقيمين في الصين وجنوب شرق آسيا , وتم تدريسه في جامعة موسكو حيث تعرف على شان كاي شيك , وشو إنلاي , ثم مات لينين بداية عام 1924 .

ايلول 1924 تم إرسال هوشي منه الى جميع الدول المحيطه بفيتنام من أجل تنظيم الجاليات الفيتنامية الموجودة فيها ككوادر شيوعيه , وخلال هذه الفتره تزوج هوشي منه عدة مرات . ترك آخر زوجاته عام 1927 وسافر الى هونك كونك وكانت مستعمره بريطانيه , ومنها انتقل الى دول كثيره داعياً الى الشيوعيه وكان يتنقل بأسماء مختلفه ووثائق مزوره لحماية نفسه , وهكذا نظم الكثير من الناس داخل وخارج فيتنام لقتال الفرنسيين .

نجح الأمريكان خلال عامي 1930 و 1931 في تثوير الفيتناميين ضد السلطات الفرنسية المحتله , ولهذا حصل إتفاق بين جميع الدول التي تستعمر الهند الصينيه على حماية مصالح بعضها بتعقب من يحرضون على وجودها في المنطقه ولهذا قامت الشرطه البريطانيه بإلقاء القبض على هوشي منه في هونك كونك بتاريخ 6 حزيران 1931 , وفي داخل السجن تعرف على شيوعيه فيتناميه ووقع في غرامها , لكنها حالما خرجت من السجن عام 1934 سافرت الى موسكو وتزوجت رجلاً آخر .

بعد خروجه من السجن عام 1934 سافر الى موسكو ليجد أنها قد تغيرت كثيراً تحت حكم ستالين فالناس جياع والشرطة السريه أعدمت مئات الآلاف منهم , وكان ستالين شخصياً يكره هوشي منه على الرغم من حاجته الماسة له لنشر الشيوعيه في فيتنام .

مثلما ربّى الأمريكان هوشي منه في فرنسا ليخدم مصالحهم في فيتنام , كذلك ربى الأمريكان غاندي في جنوب افريقيا ليخدم مصالحهم في تقسيم الهند , وكانت حرب تقسيم الهند على أوجها في ثلاثينات القرن الماضي , وفي هذه الفتره تعارف غاندي وهوشي منه وإعجب أحدهما بالآخر .

في العام 1938 سافر هوشي منه الى مدينة غويلين الصينيه حيث عمل في احدى الصحف الصينيه وفي نفس الوقت كان يراسل صحيفه فيتناميه تصدر باللغة الفرنسيه عنوانها ( نوتر فوا ) أي ( لنا صوت ) ومن وجة نظره كمتبني للسياسة الأمريكيه في المنطقه كتب مقالات عن المقاومه الصينيه للغزو الياباني , لكنه لو كان قد كتب بإنصاف عن الحرب الصينيه اليابانيه لأشار مباشرة الى أن قيادة تلك الحرب كانت منوطه بضباط امريكان من الولايات المتحدة الأمريكيه أما جنود المعارك فقط فهم من الصينيين .

 

عام 1939 إندلعت الحرب العالمية الثانيه , وقام الألمان وتحت إرشادات أمريكيه بغزو فرنسا وإحتلال باريس عام 1940 , وأقاموا فيها حكومة عميله للألمان في مدينة ( ڤيچي ) حيث تولت حكومة ڤيچي تمشية أمور المستعمرات الفرنسيه , وقد وافقت هذه الحكومه في سبتمبر 1940 على قيام القوات اليابانيه بالقدوم الى فيتنام للسيطرة على مقدراتها .. عندها قرر الأمريكان تشكيل الفيتناميين على شكل جيش عصابات لمقاومة اليابانيين فتأسست حركة ( فيتمنه ) لقتال الفرنسيين واليابانيين . وكان مقر الحركه في كهف بعيد يدعى : پاك بو .

في ديسمبر 1941 قام اليابانيون بضرب القاعده البحريه الأمريكيه في بيرل هاربور , عندها قرر الأمريكان ضرب المصالح اليابانيه في فيتنام . إستعمل الأمريكان مدينة ( كونمينغ ) الصينيه الحدوديه مع فيتنام كقاعده لهجماتهم الجوية على القوات اليابانيه في فيتنام , وبوصولنا الى نوفمبر 1944 سقطت طائرة أمريكيه فوق أراضي فيتنام , فقام مقاتلوا الفيتنمه بإصطحاب الطيار الأمريكي ( رادولف شو ) الذي كان لم يزل حياً الى مقر قيادتهم في كهف پاك بو .

قام هوشي منه بتسلم الطيار وأعاده بنفسه عبر مسالك وعره الى القاعدة الجوية الأمريكيه في مدينة كونمينغ , ومنذ هذه الحادثه أصبحت العلاقه بين هوشي منه وتنظيمه الفيتنمه _ والأمريكان واضحه ومعلومه للجميع , حيث بدأ الأمريكان يقدمون للفيتنمه مختلف أشكال الدعم المادي والمعنوي .

أثناء محادثات هوشي منه مع الأمريكان في الصين , كانت الحرب العالمية الثانيه قد أوشكت على الإنتهاء , والجيش الأمريكي ساهم في تحرير باريس من الإحتلال الألماني , وكان الأمريكان قد أجبروا فرنسا على الإنسحاب من سوريا ولبنان طوعاً كثمن لذلك التحرير , غير أن اليابان بقيت متمسكه بموقعها في فيتنام , وقام اليابانيون في آذار 1945 بتتويج ( باو دي ) إمبراطوراً على فيتنام رغم أن السلطة الحقيقية كانت بأيديهم .

إستعمل الأمريكان حركة فيتنمه لمهاجمة كل المصالح اليابانيه في فيتنام , وإرسلوا وحدات أمريكيه خاصه لمساعدة الحركه في تدمير أقصى ما يمكن من المصالح اليابانيه , حيث إستقبل هوشي منه هذه الوحدات أحسن إستقبال .

أخيراً قامت الولايات المتحده الأمريكيه في آب 1945 بعار قصف مدينتي هيروشيما وناغازاكي بالقنابل النوويه وأجبرت اليابان على توقيع معاهدة إستسلام مذله بكل معنى الكلمه . وفي نفس الشهر سلّم الأمريكان مدن ( هانوي , هُوي , وسايغون ) الى حركة فيتنمه لتحكمها . ثم أجبر الأمريكان الإمبراطور ( باو دي ) على التنازل عن عرش فيتنام , وأعلنوا إستقلال فيتنام في الثاني من أيلول 1945 تحت حكم عميلهم هوشي منه .

الحرب الأمريكيه على جميع القوى الإستعماريه الموجوده في الهند الصينيه لم تنته بعد , ولهذا كان ينبغي تعبئة ترسانة فيتنام بالمزيد من السلاح . كيف السبيل الى ذلك وليس هناك مقاوم ؟ .. الحل بسيط .. أعلن هوشي منه في بداية عام 1946 إنتخابات عامه في المناطق التي يسيطر عليها من فيتنام , عارضه فيها الكثيرون بإعتباره شيوعي . ثم سافر الى فرنسا للقاء الحكومة الفرنسية التي لم تستجب لمطالبه .. بل على العكس من ذلك بدأت حملة قصف مدفعي مكثفه على مدينة ( هايبونغ ) .

1947 بدأت فرنسا بغزو فيتنام من جديد , إحتلوا مدينة هانوي , فإنسحبت منها حكومة هوشي منه وبدأت بتنظيم حرب عصابات ضد الفرنسيين .

قامت فرنسا بتأسيس فيتنام الجنوبيه عام 1950 ووضعتها تحت حكم الإمبراطور المخلوع ( باو دي ) وبدأت بمهاجمة فيتنام الشماليه من فيتنام الجنوبيه . أما هوشي منه كان يتأمل تتوصل الولايات المتحده الأمريكيه الى توقيع معاهدة مع الفرنسيين تنهي القتال الدائر في فيتنام .

بوادر الإنشقاق الشيوعي ( السوفييتي _ الصيني ) بدأت منذ المراحل الأخيره من حياة ستالين , لكنها تعمقت وأصبحت أكثر حده بعد موته عام 1953 وقدوم خروشوف الى الحكم , ولهذا نجد أن هوشي منه سيعامل بتحقير تام اثناء زيارته الى موسكو عام 1950 , وذلك بسبب ميل سياسته الى الطراز الماوي أكثر من ميلها الى الطراز البلشفي . عندها كان الأمريكان على أهبة الإستعداد لتقديم الدعم له مقابل المطاط ومعادن القصدير والتنغستن الفيتنامي .

قام الأمريكان بلعبه مزدوجه , شكلوا مجموعه ( عسكريه إستشاريه ) مقرها فيتنام الجنوبيه ورصدت لها ميزانيه خصص منها 80 % للحلفاء الفرنسيين وتم تجهيزهم بقنابل النابالم . فأقرت الحكومه الفرنسيه ربع مليون جندي للقتال في فيتنام . أما جيش هوشي منه فقد قرر الأمريكان إدامة متطلباته عن طريق الحكومه الشيوعيه التي قاموا بتأسيسها في الصين تحت زعامة ماو تسي تونغ .

تمكن هوشي منه الأمريكي من هزيمة الفرنسيين يوم 7 مايس 1954 في ( ديان بيان فو ) بخسائر جسيمه بالأرواح التي لا تعد شيئاً مقابل سيطرة الأمريكان على هذا الجزء الحيوي من العالم .

عاد هوشي منه الى هانوي وأسس حكومه (( ديمقراطيه )) جديده لجمهورية فيتنام الديمقراطيه . لكن الإمبراطور ( باو دي ) كان يسيطر على فيتنام الجنوبيه , وكان هوشي منه يعرف تماماً أن فيتنام لن تعيش بسلام ما لم توقع القوى العظمى على معاهده تنهي الصراع في هذا الجزء من العالم .

عام 1954 عقد في جنيف مؤتمر حول مستقبل فيتنام حضرته : الولايات المتحد الأمريكيه , الإتحاد السوفييتي , فرنسا , بريطانيا , الصين ( ؟ ) لا نعلم أي دوله هل هي الصين الشعبيه أم جمهورية الصين وكلتاهما أمريكيتان , كمبوديا , لاؤس , جمهورية فيتنام الديمقراطيه , وإمبراطورية فيتنام . أقر المؤتمر تقسيم فيتنام الى قسمين , على شرط إجراء إقتراع لأخذ رأي المواطنين في موضوع توحيد البلد الواحد .

الولايات المتحده الأمريكيه لم تعجبها مقررات المؤتمر لذلك لم توقع عليها , لكنها قررت إزاحة الإمبراطور باو دي الذي عينه الفرنسيون , ولهذا قام رئيس وزرائه ( نگو دنه دايم ) وبمساعدة خبراء عسكريين أمريكان بالإنقلاب عليه عام 1955 والسيطره على السلطه بعد إنتخابات مزوره .

نمّا الأمريكان حالة العداء بين الفتناميتين بواسطة الإضطهاد الديني , فحكومة نگو دنه دايم كانت مسيحيه كاثوليكيه , بينما حكومة هوشي منه كانت كونفشيوسيه وبوذيه , كما ان فيتنام الجنوبيه كانت تكره الشيوعيين وتعاقبهم بالسجن او الإعدام , ولهذا نظم الفيتناميون الشماليون حركة دعيت بإسم ( الفيتكونغ ) .

الأول من نوفمبر 1963 نجح الأمريكان في الإطاحه بنگو دنه دايم وقتله , وأحلوا محله حاكماً جديداً هو ( نگويان كاوكي ) . يوم 22 نوفمبر 1963 تم إغتيال الرئيس الأمريكي جون كيندي , ورغم مرور 50 سنه إلا أن أسرار تلك الحادثه لم تزل مخفية بعنايه لأنها تفضح الكثير من خفايا السياسة الأمريكية حول العالم .

بالغ الإعلام الأمريكي في تصوير مقدار خسارته في الحرب ضد هوشي منه , وسمح للكثير من الجنود الأمريكان بالإحتجاج على تلك الحرب والفرار منها , وكل ذلك كان بهدف توحيد فيتنام تحت حكم شيوعي .

في مايس 1968 تفاوض الرئيس الأمريكي ليندون جونسون مع هوشي منه في باريس , وفي نوفمبر نفس العام حل نيكسون رئيساً جديداً للولايات المتحدة الأمريكيه فقام على الفور بتخفيض عدد القوات الأمريكيه في فيتنام , حيث سحب تلك القوات الى كمبوديا لقتال الفرنسيين فيها .

يوم 2 أيلول 1969 صحى هوشي منه صباحا وأفطر بشرب كميه من الفوح ( ماء سلق الرز ) ثم فاجأته نوبه قلبيه قتلته على الفور . ورغم أنه ( كونفشيوسي ) وكانت وصيته أن تحرق جثته .. إلا أن تلك الوصيه تمت مخالفتها حيث تم تحنيطه ووضعت جثته في ضريح زجاجي في إحدى الساحات العامه .

هجم الأمريكان في آذار 1972 على فيتنام الجنوبيه بواسطة 120 ألف جندي فيتنامي شمالي وإستمر القتال حتى كانون الثاني 1973 عندها قرر نيكسون ومستشاره هنري كيسنجر ايقاف القتال بواسطة هدنه , ثم إندلعت الحرب الأهليه بين كلتا الفيتناميتين لتصفية آخر نقطة مقاومة في فيتنام الجنوبيه وإستمر القتال حتى 30 نيسان 1975 حيث سقطت فيتنام الجنوبيه على أيدي الشماليين . وبسقوط سايغون تم تغيير إسمها الى : مدينة هوشي منه .

لن تنهي المخازي الأمريكيهميسون البياتي – مفكر حر؟

About ميسون البياتي

الدكتورة ميسون البياتي إعلامية عراقية معروفة عملت في تلفزيون العراق من بغداد 1973 _ 1997 شاركت في إعداد وتقديم العشرات من البرامج الثقافية الأدبية والفنية عملت في إذاعة صوت الجماهير عملت في إذاعة بغداد نشرت بعض المواضيع المكتوبة في الصحافة العراقية ساهمت في الكتابة في مطبوعات الأطفال مجلتي والمزمار التي تصدر عن دار ثقافة الأطفال بعد الحصول على الدكتوراه عملت تدريسية في جامعة بغداد شاركت في بطولة الفلم السينمائي ( الملك غازي ) إخراج محمد شكري جميل بتمثيل دور الملكة عالية آخر ملكات العراق حضرت المئات من المؤتمرات والندوات والمهرجانات , بصفتها الشخصية , أو صفتها الوظيفية كإعلامية أو تدريسة في الجامعة غادرت العراق عام 1997 عملت في عدد من الجامعات العربية كتدريسية , كما حصلت على عدة عقود كأستاذ زائر ساهمت بإعداد العديد من البرامج الإذاعية والتلفزيونية في الدول العربية التي أقامت فيها لها العديد من البحوث والدراسات المكتوبة والمطبوعة والمنشورة تعمل حالياً : نائب الرئيس - مدير عام المركز العربي للعلاقات الدوليه
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.