هل البخاري عاقل؟..أو حتى مسلم؟

أنيس محمد صالح

بسم الله الرحمن الرحيم

لا أظن بأن مؤلف كتاب البخاري رجل عاقل….ولعله عاقل يعادي الإسلام…..ولعله استخدم اسم البخاري الأعمى ليتستر خلفه…..ولعل من ناصروه انهم في حقيقتهم مجموعة من المخابيل مهما كانوا بالملايين.

1. فليس هناك عاقل يقول بأن النبي يذهب إلى الله في داره ليشفع لنا….فهل لله دارا يسكنها؟ ….. [فأستأذن على ربي في داره فيؤذن لي]……راجع صحيح البخاري كتاب التوحيد باب قول الله تعالى { وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة }.
المزيد مثل هذا المقال : • لمن لا يعلم من هو البخاري؟
• البخاري يُضَعِّفُ أحاديث مسلم!
• من هم اليهود السامريون؟ مدرسة صحيح البخاري و مسلم
• التساهل والتفريط في حكم الحائض والنفساء في رمضان
• هجص ( المسيح الدجال ) من الفراعنة الى ( مالك ) ومنه الى (البخارى ) و ( مسلم ).
• إن كان العقل يقود الإنسان، فما الذي يقود العقل؟
• البخارى في ميزان العلم والعقل والمنطق
• تقديس البخارى المصدر الأساس للشريعة السّنية فى عصر قايتباى

2. هل من يذكر حديثا بأن النبي حاول الانتحار مرارا بأن يتردى من رءوس شواهق الجبال يكون رجلا سويا؟….أم أن نبينا هو من كان غير سوي….وهل يكون ذلك الكتاب هو أصح كتاب بعد كتاب الله؟…..راجع كتاب التعبير باب أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة .

3. وهل من يدون كتابا يكون أحد عناوين أبوابه [الحيلة في النكاح] ويستحسن فيها التزوير والتحايل لاستحلال فروج الفتيات والنساء…..أيكون رجلا سويا….راجع اسم الباب ضمن [ كتاب الحيل ] وراجع المصيبة الأكبر في مرويات ذلك الباب..

4. وباب جمع القرءان تجد العجب العجاب…..هل الآية التي وجدوها مع أبو خزيمة الأنصاري هي { لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم } حتى خاتمة سورة براءة…..
أم هي { من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه } من سورة الأحزاب…..علما بأن القولين في حديثين متتابعين في صفحة واحدة وكأن هذا البخاري يخاطب المعاتيه.

5. وإليكم الحديث الذي رواه البخاري حديث رقم ( 4145 ) حسب ترقيم العالمية : (( حَدَّثَنِي ……. سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ فَلَا يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ ……. )) .. فهل هذه القراءة ليست بمنسوخة؟…..هل نترك مصاحفنا لنقرأ بما ورد باصح كتاب بعد كتاب الله؟.,,,,,,هل نزيد في القرءان تعبير [يُطَوَّقُونَهُ فَلَا] لنكون بخاريين؟.

6. ولماذا يذكر البخاري أن ابن مسعود كان يقول بأن المعوذتين ليستا من القرءان؟…..هل هذا من فرط الأمانة العلمية أم من فرط الفسق والإفساد في الأرض.

7. وتجد بباب [وكلم الله موسى تكليما] عبارة [ودنا الجبار رب العزة فتدلى حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى فأوحى الله فيما أوحى إليه]

• فهل يتدلى الله؟
• ومن أين يتدلى؟
• وإلى أين يتدلى؟
• أليس هذا بتجسيم لله؟
• ولماذا يتدلى الله ليقرب من النبي بينما هو القائل بأنه قريب منا جميعا [وإذا سألك عبادي عني فإني قريب].
• وما هو حال الفراغ بين المكان الذي تركه الله ليتدلى إلى المكان المتدلى إليه
كلها أمور هي لخراب العقيدة أقرب لكنهم يقومون بتعظيم ذلك الكتاب وصاحبه……

8. وما رأي القارئ الكريم في صحيح البخاري وهو يذكر في ستة مواضع من الكتاب عن [فلان] ولا يسميه ….ولا أحد يعرف [فلان هذا؟؟]…..فهل هذا من فرط الثقة أن نصدق المجاهيل……والله لو كان البخاري يخاطب معاتيه ما فعل بهم هكذا.

9. ونقل لنا البخاري بأن القمل كان يسرح بدماغ النبي والصحابة وكان بعضهم يعاني الجرب والدود….غيا ترى ماذا كان يريد البخاري من تلك الأقاصيص؟.

10. وهناك أمورا أخرى كثيرة تدلل على مجون كاتب ذلك الكتاب منها……

• أن البقر يتكلم باللغة العربية …والذئب يتكلم بالعربية الفصحى ….والشاة تتكلم بعد ذبحها وطبخها …..والحجر يُلقي السّلام على رسول الله كلما غدا أو راح.
• وأن النبي كان يربط حجرين على بطنه لإزالة ألم الجوع من فرط الفقر.
• وأن القرود تقيم حد الرجم على القردة الزانية.

• وأنه أيما رجل وامرأة توافقا فعشرة ما بينهما ثلاث ليال…فإن أحبا أن يتزايدا أو أن يتتاركا بعد أن يمضيا في أحضان بعضهما ثلاث ليال.

• وأن يهوديا اسمه لبيد بن الأعصم تمكن من سحر رسول الله حتى كان يُخَيَّلُ إليه أنه فعل الأمر بينما هو لم يفعله.

• وأن جهنم لا تنزوي إلا إذا وضع الرب قدمه فيها..بما يعني أنه لا ينطبق عليها قدرة الله [كن فيكون]..

• وأن النبي أمسك عفريتا وكاد أن يخنقه ثم تركه ليفلت.

• وأن الشمس تذهب لتسجد عند عرش الرحمن حين تغرب من عندنا.

وأن أبوال الإبل فيها شفاء من الأمراض….ولست أدري لماذا تتخلص الإبل من أبوالها وتلقيها على الأرض طالما أنها ذات فائدة جليلة؟.

1. كتاب البخاري أكبر بدعة في الإسلام ولقد نهى رسول الله عن كتابة وجمع أحاديثه … والتزم الخلفاء الراشدون الأربعة بعدم تدوين ولا تجميع الحديث النبوي في عهدهم بعد وفاة النبي….
لذلك فكتاب البخاري بدعة مخالفة لتعاليم الرسول ونهج الخلفاء رغم احتوائه على كثير من الأحاديث المعقولة والمرتبطة بمنهج القرءان.

2. البخاري بشخصه إنما هو رجل من الظالمين لأن الله تعالى قال : { … إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً }الإسراء47…

والبخاري قال بأنه تم سحر النبي فصار مسحورا بما يعني أن البخاري أحد الظالمين الذين تعنيهم الآية.

3. البخاري كتاب تم صنعه لمنافسة كتاب الله وذلك رغم قول ربنا :

{أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }العنكبوت51……

فالبخاريون وكأنهم يقومون بالرد على رب العزّة [نعم نحن لم يكفينا كتاب ربنا].

4. إن سبب دفاع الفقهاء عن كتاب البخاري لأنه إن تم هدم كتاب البخاري أو زعزعة الثقة فيه فسينهار الصرح الفقهي الإسلامي كله… وسيتبدد فكر تفسير القرءان وستنهار أيضا جميع كتب التفاسير…..

لأن الفقهاء قاموا بتشييد كل الفقه وكل التفسير على معلوماتهم المستقاة من أكبر بدعة بالإسلام وهي مرويات كتاب البخاري….ولهذا صرنا أمة مخبولة …..بينما المجاهدين من أمثالي ينتظرون شبابا قال الله عنهم

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }المائدة54

فهذه آية تبشرنا بظهور الإلحاد وانتشاره وأنه ستكون لآخرين من المخلصين [وسيكونون من الشباب غالبا] قدرة التغيير ومواجهة الإرث المأفون بشجاعة لا يخافون لومة لائم….

وهي آية تنذر بحرب أهلية بين المسلمين بعضهم البعض…..ولعل انتشار الإلحاد وأمراض المثليين بمجتمعاتنا اليوم وظهور داعش هي البداية والتمهيد لظهور أولئك المخلصين الذين سيخلصوننا من كل هذه الأمراض والطوائف الفقهية الدينية العفنة.

5. وإن الترويج لكتاب البخاري عبر أكثر من 1200 سنة مضت، إنما يُعَبِّر عن أُمَّة جاهلة يقودها فقهاء ناقلين بلا فقه ولا عقل رشيد إلى أنفاق الظلام دون أن تدري…ويُعَبّر عن موافقة أُمَّة على استبدال البخاري بكتاب الله ….وبرهان ذلك هو انتشار منهج تقديم فقه الرواية على فقه الآية….ويدلل على زيف كلمة [عالم ] بيننا فنحن أمة ليسبها علماء ….وآية ذلك أن أكثرالمؤلفات قام بها غير العرب وحتى شخص البخاري فهو ليس عربيا…..ثم تجد من لا يستحون ويقولون لك بأنك تخطئ في أحكام التلاوة.

6. وكتاب البخاري أحد أهم أسباب تفرق الأمة وانتشار الطائفية بها وترسيخ فكرة ونعرة تعظيم الأشخاص على حساب الموضوعية… وتصديق المنقول وتقديمه على المعقول….

وما تنظيم داعش إلا ثمرة من ثمرات كتاب البخاري وأشياع البخاري…..فانتظروا إنا منتظرون وقوموا بتسليح أنفسكم بسلاح العقل والمنطق والموضوعية المرتكزين على كتاب الله.

وهناك مئات الملاحظات موجودة بذلك الكتاب تدلل على كفر أو مجون كاتبه لكني أكتفي بتلك الإطالة التي أود أن تعذروني عليها……وأعلم تماما بأن هناك مسلمون لا يقبلون أن يقال ذلك الكلام على البخاري…..لكنهم يقبلون أن يقال تلك المرويات الهابطة على رسولهم وهمدوما في انتظار أي تبرير ماجن أو معنى شارد ينقذ سقوطهم الإدراكي….

لكن لابد من التنويه بأنه لا توجد مخطوطة بالعالم بخط يد البخاري لذلك فالكتاب الذي بين أيدينا إنما هو أسطورة شيطانية صنع منها الفقهاء شريعة أطلقوا عليها أنها شريعة الله وجحدوا بمرويات تلك الأسطورة آيات كتاب الله.

ثم من هي زوجة البخاري؟…..ولماذا لم تحكي شسئا عنه؟….الم يكن ينجب أولاد؟….ألم يكن له أقارب؟….ماذا قالوا عنه؟…..وما هي حرفته التي كان يقتات منها…..ولماذا هذا التعتيم عن رجل أسطورة كهذا
مستشار/أحمد عبده ماهر
محام بالنقض وباحث إسلامي

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية | 1 Comment

مقدمة عن الارهاب الوهابى وقلب المعادلة فى أواخر العصر العثمانى

أحمد صبحى منصور
مقدمة عن الارهاب الوهابى وقلب المعادلة فى أواخر العصر العثمانى
كتاب : نشأة وتطور أديان المسلمين الأرضية
الباب الأول : الأرضية التاريخية عن نشأة وتطور أديان المحمديين الأرضية
الفصل السابع : الارهاب الوهابى وقلب المعادلة فى أواخر العصر العثمانى

مقدمة :
1 ـ هذا هو نهاية المطاف فى عصرنا ـ عصر الحضيض . أسوأ دين للمحمديين ( يجمع بين الكفر العقيدى والكفر السلوكى ) يفرز أحطّ ما فيه ( الوهابية ) ، ويكون هذا فى عصر الديمقراطية وحقوق الانسان .
2 ـ دين السُّنّة هو الأسوأ بين أديان المحمديين الأرضية .
دين التصوف هو الأكثر تُخمة بالخرافات ، أى الأفظع فى الكفر العقيدى . ولكنه مُسالم ويعترف بحرية البشر وليس فيه إكراه فى الدين . وعليه فالصوفى مُسالم أى هو مسلم حسب سلوكه مع الناس . أما عقيدته فالحكم عليها مؤجل الى يوم الدين شأن البشر جميعا .
دين التشيع ملىء بالخرافات أيضا ، وهو يجنح للسلم الظاهرى حين يكون تحت إضطهاد السنيين . ويختلف الحال حين يقيم له دولة ، عندها ينافس دين السُّنة فى استبداده وتوحشه وتسلطه . ولكن التشيع لم ينجح إلا قليلا فى إقامة دول له ، لذا فهو أقل ضررا .
دين السُّنّة يجمع بين الكفر العقيدة ممثلا فى إيمانه بأحاديث طاغوتية ينسبها زورا وبهتانا للوحى الالهى وشريعة شيطانية كتبها فقهاؤه المختلفون بينهم ، ومع ذلك ينسبونها الى الله جل وعلا على أنها ( شرع الله ) و ( الشرع الشريف ) ، وهم يعتبرون أحاديثهم وسنتهم فوق القرآن الكريم وتنسخ أى تُلغى وتُبطل آيات القرآن الكريم ، ولديهم ما يسمى بعلوم القرآن التى تطعن فى القرآن كما أوضحنا فى سلسلة مقالات بهذا العنوان . ثم هم يقدسون عشرات الألوف من البشر ، بدءا من النبى محمد والصحابة جميعا وإنتهاءا بأئمتهم فى الحديث والفقه . ولو ناقشت البخارى مثلا حكموا عليك بالكفر ، وما يتبعه إتهامك بالكفر من إستحلال دمك والتفريق بينك وبين زوجك . إى هنا كفر عقيدى فاضح يعززه كفر سلوكى بالقتل والإكراه فى الدين ، ثم يمتد القتل من قتل الزنديق ( اى السنى الذى يخالف مجتهدا فى إطار دين السنة ) الى قتل ( الرافضى ) أى الشيعى المخالف فى ( المذهب ) و( الصوفى ) و ( الساحر) ، ثم الى قتال عالمى حيث يقسمون العالم الى معسكرين : دار السلام والاسلام ( دارهم هم )ودار الحرب والكفر ، أى بقية العالم خصوصا اليهود والنصارى . وهو قتال عالمى يعتبرونه ممتدا الى قيام الساعة .!
3 ــ بسبب ظروف سياسية وإجتماعية انتشر دين التصوف بين العوام ولم يصبح خطرا على الحكام ، فجرى المزج بينه وبين صورة معتدلة من دين السنة ، فظهر وتسيد دين جديد هو التصوف السنى .
رفع التصوف السنى شعار ( الشريعة والحقيقة ). ( الشريعة ) : يعنى التمسك بفقه السنيين فى العبادات الحركية . أما ( الحقيقة ) فتعنى عقيدة التصوف من الحلول والاتحاد ووحدة الوجود ، وهى ما يعرف بالتصوف النظرى ، وهو فكر فلسفى للخاصة ، ثم تم نسيانه تقريبا عندما دخل العوام فى دين التصوف أفواجا ، فإستعاضوا عنه بتقديس القبور المنسوبة للصحابة والتابعين وآل البيت والأئمة والأولياء الصوفية الأموات بالاضافة الى الأولياء الأحياء ، وإقامة موالد للأحياء والأموات . وفيها تجتمع ( الشريعة ) أى تأدية الصلوات مع ( الحقيقة ) أى التوسل بالقبور.
4 ـ بهذا تسيد التصوف السنى متمتعا برضى الحكام ورضى المحكومين معا ، حيث إنطفأ ( تغيير المنكر ) الذى قام الحنابلة بتشريعه ووضعوا حديث ( من رأى منكم منكرا ) من أجله وبه سيطروا على الشارع ، وبه إفتأتوا على الحاكم وزايدوا عليه.
أسّس دين التصوف بديلا له وهو ( عدم الاعتراض ) فكل إنسان يفعل ما يحلو له ويقول ما يشاء ويرتكب المعاصى كيف شاء و ( من إعترض فقد إنطرد ) . تمتع بهذا العوام ، ومارسوه دينا فى الموالد الصوفية . وإقترن به الخنوع للحاكم والرضى بظلمه ، والتسليم له بإحتكاره قتل الآخرين ، بحيث تصبح ممارسته للظلم دينا ، يعترف له به المحكومون .
5 ــ ساد هذا فى العصرالمملوكى واستمر الى أواخر العصر العثمانى حين ظهر محمد بن عبد الوهاب الذى تشبّع بفكر ابن تيمية ، وقام مثله ينشر دين السنية الحنبلية ، فتعرض مثل ابن تيمية للإضطهاد ، فتحالف مع أمير سعودى مجهول فى بلد فى ( نجد ) يقال له ( الدرعية )، وعقد إتفاقا معه عام 1745 ، يقوم بتكفير الآخرين وبناء على تكفيرهم يستبيح ابن سعود قتلهم واحتلال بلادهم . وبهذا تطورت إمارة الدرعية لتصبح الدولة السعودية الأولى ، وينتشر دين سنى متسلط دموى ، إسمه الوهابية .
6 ــ خطورة هذا الدين الوهابى أنه اكثر تطرفا من أصله الحنبلى .
سيطر الحنابلة على الشارع العراقى فى قرون من العصر العباسى الثانى . ولكن لم يصل ضحاياهم وقتلاهم عُشر معشار قتلى الوهابية .
كان ما يفعله الحنابلة مألوفا يقع ضمن المناخ السائد فى العصور الوسطى ، عصوم الظلام والاستبداد والفساد والمحاكمات الدينية الكهنوتية والحروب الدينية والمذهبية . الوهابيون إرتكبوا أضعاف أضعاف ذلك ، ووصل ضحاياهم الآن فى العالم كله بضعة ملايين ــ وهذا فى عصرنا الحديث ، عصر الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان .
الحنابلة فى العصر العباسى مع تحكمهم الذى استمر قرونا فلم يزعموا إحتكار الاسلام ، بل حتى لم يحتكروا لأنفسهم دين السنة . فظلت المذاهب الأخرى السنية ( الشافعية والمالكية والحنفية ) قائمة بذاتها تتنافس مع المذهب الحنبلى ، بل كان المذهب الشافعى أكثر إنتشارا فى بعض الأوقات وكان المذهب المالكى الأكثر إنتشارا فى بعض المناطق . أما الوهابية فى عصرنا فهى لا تزعم فقط الحديث باسم (أُمّة الاسلام ) بل تزعم إمتلاك الاسلام .
وبهذا أصبح الاسلام ضحية للوهابية ، وإعتاد الناس فى عصرنا نسبة شنائع الوهابية الى الاسلام ، وتسمية الوهابيين ــ أعدى أعداء الاسلام ــ بالاسلاميين ، وصار عسيرا تفهيم الناس بأن هؤلاء ليسوا ( إسلاميين ) وحركاتهم ليست ( إسلامية ) . وصار سهلا على من يكره الاسلام أن يستشهد بشنائع الوهابية . فإذا حاولنا نفى ذلك قيل لنا : ومن أنتم ؟
7 ـ ساعد على هذا عاملان أنه اصبح للوهابية دولة ،ولم تكن للحنبلية دولة ، وأن دولة الوهابية الايدلوجية سقطت مرتين وقامت ثلاث مرات ، دون أن يحاول احد ــ قبلنا ــ مناقشة ايدلوجيتها الوهابية وإثبات تناقضها مع الاسلام ، فظلت تزعم إحتكار الاسلام ، تقتل بإسمه وتنتشر بشرعه . وحين وقفنا ضد الوهابية كانت قد بلغت أقصى توسع لها بدولتها السعودية ودول أخرى تابعة للوهابية . وبالبترودولار وبالنفوذ السعودى فى الغرب وفى بلاد العرب وبماكينة الاعلام الضخمة تم تحصين الوهابية من النقد . وحين تصدينا لنقدها عرفنا طعم السجن والتشريد ، وتعرض جهدنا للتعتيم .
8 ـ قلبت الوهابية المعادلة التى أرساها التصوف قرونا من العصر العباسى الثانى الى أواخر العصر العثمانى . كانت المعادلة حرية الشعب فى الانحلال وحرية الحاكم فى الظلم والقتل والاستحلال . جاءت الوهابية بمعادلة جديدة صاغتها من تغيير المنكر والتكفير فى الشريعة السنية الحنبلية .
بتغيير المنكر يكون من حق الوهابى التدخل فى حرية الآخرين وتغيير ما يعتبره منكرا وفق تصوره . وبالتكفير يكون من حق الوهابى إستحلال دم من يتهمه بالكفر واستحلال ماله ونسائه . مدار الأمر على ما لدى الوهابى من قوة . إذا كان حاكما فالوهابية بتكفيرها وبشريعتها فى تغيير المنكر ــ فى طوعه ومتناول يده . إذا كان خارجا على الحاكم الوهابى فله نفس الحق فى تكفير الحاكم وفى إعتباره منكرا يجب إزالته . والعبرة بالقوة وبالمقدرة على فرض الاستحلال وفرض تغيير المنكر . وبهذا تنتشر حمامات الدم بفعل الدين الوهابى ، خارج وداخل الدولة الوهابية ، وتظل الوهابية تبيح للحاكم الوهابى ولخصومه حق التكفير وحق تغيير المنكر . لم يعد الحاكم ــ كما كان من قبل ــ صاحب الحق فى الاستحلال وفى القتل وفى الظلم . نشرت الوهابية (إشتراكية ) تبيح للجميع إستحلال قتل الجميع وإستحلال ظلم الجميع ، وتبيح للجميع المزايدة على الجميع . أى نشرت وباءا من الفتن ينتشر ومعه حمامات الدم باسم الاسلام ، بحيث يرتكبون القتل وهم يهتفون ( الله أكبر ) يحسبون انهم يحسنون صُنعا . القاتل العادى ( العلمانى ) قد يتوب ، وقد يشعر بتأنيب الضمير ، أما القاتل الوهابى فهو يعتبر قتله للناس عبادة يستحق من أجلها جنات النعيم ، وإذا مات يعتقد أنه تنتظره الحور العين .
9 ــ وفى هذا الفصل الأخير من باب تاريخ نشأة وتطور الأديان الأرضية نناقش : أولا : احتكار الحاكم الظلم واستحلال القتل طبقا لدين التصوف . وثانيا : دين الوهابية ونشر استحلال الدماء بين الجميع ، وثالثا : الجبرتى شاهدا على العصر .
والله جل وعلا هو المستعان .

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية | Leave a comment

نصائح جده لتربية القابليات العقليه عند الأطفال 20 _ الكتابه بالحصى الملون

انتهت طرق التعليم القديمه من أغلب مدارس العالم حين كان على الطالب أن يستعمل الورقة والقلم للكتابه , ويستعمل أسلوب الحفظ بطريقه ببغاويه وحتى من دون فهم أحياناً , ولهذا نجد أغلب الطلاب كانوا ينسون موادهم الدراسيه بمجرد إنهاء الإمتحان , اليوم تغيرت الطريقه وأصبحنا نتعلم ونحن نلعب لأن التعلم في هذه الحاله سيكون عن فهم وبذلك يتحول الدرس الى مادة راسخة في العقل وليس من السهل نسيانه
نشاطنا لهذا اليوم سيكون بإشراف شخص بالغ , ومشاركة عدد من الأطفال يكونون من المستجدين في تعلم القراءة والكتابه وسنقوم بتدريسهم الإملاء عن طريق اللعب . يقوم ولي الأمر بجمع عدد من قطع الحصى ذات الأشكال الجميله ولا بأس من التشارك مع الأطفال قبل مدة كافيه بتلوينها ثم تركها تجف تماماً بعد ذلك جمعها في كيس أو صندوق صغير
اذا لم ترغب الأم بهذه الفكره فيمكن إستعمال خرز قلاده قديمه نفتحها ونضع خرزها الملون في كيس أو علبه , كما يمكن الإستعاضه عن الحصى بمحارات نجمعها من الشاطيء ونلونها ونستعملها بنفس الطريقه
عندما نلعب نعطي للطفل كيس الحصى ونطلب منه أن يكتب لنا إسمه بصف عدد من قطع الحصى جنب بعضها لتشكيل الحروف , ثم نطلب منه جمع الحصى وكتابة عدة كلمات يعرفها مع الثناء عليه كلما كتب كلمة صحيحه , وبين الكلمات التي يعرفها نقوم بإدخال الكلمات الجديده التي نريد تعليمه إياها ونستمر في هذا اللعب الى أن نتأكد أن الطفل قد أتقن كتابة الكلمات الجديده دون خطأ , عندها نعطيه ورقة وقلماً ونطلب منه أن يكتب الكلمات الجديده على الورقه وسنكتشف أنه سيفعل ذلك دون خطأ أو بأقل نسبة من الخطأ

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية | Leave a comment

رَابْسُودْيَا بِالْأَزْرَقِ

نظم: خُوسِي يِيرُّو*
ترجمة: الدكتور لحسن الكيري**

الإهداء:
إليه وحده دون سواه؛ فارسُ المعنَى الذي حاولوا قتله مراتٍ و مراتٍ فقتلهم دفعةً واحدةً. كم قد قُتِلَ و كم قد مات عندهم ثم انتفض فزال القبرُ و الكفنُ.

أَثْنَاءَ جَوْلَةِ حَفَلَاتٍ مُوسِيقِيَّةٍ،
أَخْبَرَ وُلُفْغَايْنْغْ أَمَدِيُوسْ مُوزَارَتْ أَبَاهُ بِاكْتِشَافِ
صَوْتٍ خَاصٍّ جِدًّا؛
كَصَوْتِ الْمِزْمَارِ الَّذِي صَقَلَ نَبْرَتَهُ
الْبِدَائِيَّةَ، الْأَنْفِيَّةَ وَ الْبَدَوِيَّةَ
وَ اسْتَوْعَبَ لُغَتَهُ البَلَاطِيَّةَ.
اَللَهُ وَحْدَهُ يَعْلَمُ كَمْ شَيْءٍ سَيَقُولُ لَهُ عَنِ اللَّوْنِ، عَنِ الْجَرْسِ، عَنِ الْمُرُونَةِ،
عَن التَّسْجِيلَاتِ، عَنْ عَجَائِبَ مُحْتَمَلَةٍ لِهَذِهِ الآلَةِ الَّتِي كَانَتْ تَشْدُو
بِبَسَالَةٍ وَ كَآبَةٍ.
(طَاقَةٌ مَهْدُورَةٌ: لَكِنَّ وُلُفْغَايْنْغَ، بِقِرَاءَتِهِ ذَلِكَ عِنْدَ أُونَامُونُو،
كَانَ يَعْرِفُ أَنَّ الْأَشْيَاءَ تُوجَدُ أَوَّلًا أَمَّا
غَائِيَّتُهَا فَتَأْتِي مِنْ بَعْدُ).
***
اَلآنَ بَدَأَ يَعْلُو رَنِينُ الْمِزْمَارِ
فِي الضِّفَّةِ الْأُخْرَى مِنْ مُحِيطِ السِّنِينِ.
رَسَا فِي شَوَاطِئِ الْقُطْنِ الْمُتَّقِدَةِ.
هُنَالِكَ مَاتَ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ غَرِيبًا وَ عَاشَ مُتَشَرِّدًا.
خَضَعَ وَ قَاسَى لَكِنْ تَمَرَّدَ.
لِهَذَا يُغَنِّي الْآنَ، يَائِسًا وَ آمِلًا،
مِثْلَ صُرَاخِ صَفَّارَةِ سَيَّارَةِ الإِسْعَافِ،
أَوْ سَيَّارَةِ الشُّرْطَةِ.
يَرِنُّ بِطَرِيقَةٍ جَمِيلَةٍ وَ مُخِيفَةٍ.
***
مِنْ فَضْلِكُمْ، بِحُبِّكُمْ، مِنْ سَخَائِكُمْ:
لِيَقُلْ لِي أَحَدُكُمْ
مَنْ أَنَا، إِنَ أَنَا كُنْتُ، وَ مَاذَا أَفْعَلُ هَا هُنَا، مُتَسَوِّلًا.
تَمَاثِيلُ اَلسَّنَاجِبِ – أَبِي الْهَوْلِ فِي الْمُنْتَزَهِ الْمَرْكَزِي
تُمْلِي عَلَيَّ أَلْغَازًا كَيْ أَفُكَّ شِفْرَاتِهَا:
“عِشْ وَ اتْرُكِ الْآخَرِينَ يَعِيشُونَ”.
وَ أَشْعُرُ بِالْخَوْفِ. أَنَا الطِّفْلُ
الَّذِي يَسْمَعُ فِي الْمَمَرِّ الصَّغِيرِ وَ الْمُظْلِمِ لُهَاثَ الْفَهْدِ،
وَ يُغَنِّي، وَ يُغَنِّي، وَ يُغَنِّي مِنْ أَجْلِ أَنْ يُبْعِدَهُ،
مِنْ أَجْلِ أَلَّا يَحُلَّ الظَّلَامُ.
***
اَلْمَقْبَرَةُ فِي وَسَطِ نَاطِحَاتِ السَّحَابِ
لَا تَبْعَثُ جَدِيدًا بِخُصُوصِ الْمَوْتِ.
(تَمَامًا مِثْلَ التَّوَابِيتِ الرُّومَانِيَّةِ،
الْمُسْتَعْمَلَةِ مِثْلَ الْأُصُصِ الَّتِي تَجْعَلُنَا
أَلْوَانُ أَزْهَارِهَا نَنْسَى قَدَرَنَا الْجَنَائِزِيَّ
وَ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ تَمَّ تَصْمِيمُهَا).
***
هُنَا لَمْ يَمُتْ أَحَدٌ قَطُّ.
هُنَا لَنْ يَمُوتَ أَحَدٌ أَبَدًا.
كَانَتْ هُنَاكَ اسْتِثْنَاءَاتٌ: أَنْصَافُ الآلِهَةِ – الصُّلَحَاءُ، نُجُومُ السِّينِمَا أَوِ الرِّيَاضَةِ،
خُبَرَاءُ الاقْتِصَادِ، اَلْكُتُّابُ، أَعْضَاءُ مَجْلِسِ الشُّيُوخِ وَ الرُّؤَسَاءُ –
الَّذِينَ غَادَرُوا فِي يَوْمٍ مَا إِلَى كَوَاكِبَ أُخْرَى تَارِكِينَ كَبَصْمَةِ لِلْوَدَاعِ
أَسْمَاءَهُمْ الْمَنْقُوشَةَ فِي أَلْوَاحِ مِنَ الرُّخَامِ
مُعَلَّقَةٍ عَلَى وَاجِهَاتٍ مِنَ الطُّوبِ الْأَحْمَرِ.
هُنَا الْمَوْتُ هُوَ الْمَجْهُولُ،
اَلْمُهَاجِرُ السِّرِّيُّ: يَتِمُّ تَرْحِيلُهُ
إِلَى بَلَدِهِ الْأَصْلِيِّ. لَيْسَ مِنَ الذَّوْقِ السَّلِيمِ التَّلْمِيحُ إِلَيْهِ.
“عِشْ وَ انْظُرْ إِلَى النَّاسِ وَ هُمْ يَعِيشُونَ”.
***
اَلْمَدِينَةُ تَغْلِي: اَلْفُقَاعَاتُ
تَنْفَجِرُ عَلَى السَّطْحِ…
تِلْكَ الْعَتِيقَةُ ذَاتُ الْأَدَمَةِ الْجِلْدِيَّةِ الْمُحْتَرِقَةِ
الَّتِي تَصُدُّ النُّجُومَ…
اَلْمُوسيِقِيَّ رَثَّ الثِّيَابِ الَّذِي يَعْزِفُ بِعَصَاتَيْنِ
أَصْوَاتَ مَارِيمْبَا أَوِ الْفِيبْرَافُونِ
عَلَى وِعَاءٍ مِنْ نُحَاسٍ…يُدَاعِبُهُ بِرَاحَتَيْ يَدَيْهِ،
بَابَ الْمَتْجَرِ الْمُمْتَازِ،
حُيْثُ الْعُبُوَّاتُ الْفَارِغَةُ الَّتِي تَغْفُو فِيهَا
إِيقَاعَاتُ الْأَدْغاَلِ الضَّارِيَةُ…
شُيُوخٌ مُتَّكِئُونَ عَلَى عَكَاكِيزِهِمْ
أَوْ مَدْفُوعُونَ – وَ السِّيقَانُ شَاحِبَةٌ وَ مُتَرَهِّلَةٌ
فِي مَقَاعِدِهِمِ الْمُتَحَرِّكَةِ وَ الَّتِي، يَا لَلْمُعْجِزَةِ!- ،
عِنْدَمَا يَنْعَطِفُونَ عِنْدَ زَوَايَا الشَّوَارِعِ سُرْعَانَ
مَا يَظْهَرُونَ فِي الْأَزِقَّةِ مُتَلَأْلِئِينَ، مُتَجَدِّدِينَ، فِي خِضَمِّ
تَدَافُعِ صِبْيَانٍ رَشِيقِينَ،
مُتَزَحْلِقِينَ مُجْتَذَبِينَ بِنَايِ هَامْلِينَ،
الَّذِي يَصِلُ إِلَيْهِمِ انْطِلَاقًا مِنَ السَّمَّاعَاتِ…
***
مَنْ مِنَ الْكَائِنِينَ يَسْتَطِيعُ أَلَّا يُغَنِّي
عِنْدَمَا يَدْفَعُ لِمَحَلَّاتِ بَيْعِ الْخَضْرَوَاتِ وَ الْفَوَاكِهِ – بَصَلٌ، جَزَرٌ، أَفُوكَا، تُفَّاحٌ،
تُوتٌ، مَوْزٌ وَ كُشْمُشٌ – الطَّرِيَّةِ؟…
ذَلِكَ النَّوْرَسُ الَّذِي يَرْمِي رَأْسِي بِرِيشَةٍ،
يُصِيبُ الْهَدَفَ، وَ يَنْتَهِكُ حُرْمَتِي، فَأَنْزِفُ
وَ أُوقِفٌ النَّزِيفَ أَمَامَ أَمْوَاجٍ مِنَ الْوُرُودِ، وَ الْوُرُودِ الْكَثِيرَةِ وَ الْأَلْوَانِ الَّتِي
تَبْتِسِمُ خَلْفَهَا عُيُونٌ شَرْقِيَّةٌ سَاحِرَةٌ…اَلْبَالِينِيُّ الَّذِي يَعْبُرُ
بِصُوفِيَّتِهِ ذَاتِ الطُّرُوزِ الْمُرَبَّعَةِ، اَلْبَيْضَاءِ وَ السَّوْدَاءِ،
يَجُرُّ عَرَبَةً غَاصَّةً
بِالْعَجَائِبِ الْمُقْرِفَةِ الْمُسْتَخْرَجَةِ مِنَ الْحَاوِيَّاتِ،
(دُولَارًا دُولَارًا، جَمْرَةً جَمْرَةً
يَسِيرُ مُدَّخِرًا نَارَ الْمِحْرَقَةِ
الَّتِي بِوَاسِطَتِهَا سَيُسَدِّدُ رُسُومَ أَبِيهِ
حَتَّى بَلَدِ الْغُيُومِ فِي الضِّفَّةِ الْأُخْرَى)…
فِي مِيلِ الْمَتَاحِفِ،
فِلِيبُّ IV ، بِلَوْنِهِ السَّلْمُونِي الْفِضِّيِّ،
يُنْصِتُ إِلَى الثَّرْثَارِ مُونْتِيسْكْيُو – شَارْلُوسْ هَذَا –
ضَيفُ فْرِيكْ كَذَلِكَ –
يُثَرْثِرُ بِإِسْهَابٍ وَ دِقَّةٍ،
حَوْلَ حَيَاةِ السَّيِّدَاتِ، مَالِكَاتِ
الْكِلَابِ الْخَزَفِيَّةِ الَّتِي
يَرْعَاهَا حَارِسٌ بِلِبَاسٍ مُوَشًّى.
اَلْمَوْشُورَاتُ الزُّجَاجِيَّةُ، اَلدُّخَّانُ، اَلْقَصْدِيرُ
تَضْمَحِلُّ عَشِيَّةً نَاثِرَةً،
فَوْقَ حَرِيرِ النَّهْرِ الْبَارِدِ وَ الْبَنَفْسَجِيِّ،
نُقُودًا قَدِيمَةً مِنَ الذَّهَبِ، مِنَ النُّحَاسِ الْوَامِضِ غَيْرِ الْمَلْمُوسِ.
يَلْتَهِمُهَا فَمُ اللَّيْلِ. مُصَابَةً
بِآلَافِ الْجُرُوحِ الْمُضِيئَةِ
تَكُفُّ الْمَبَانِي عَنِ النَّزِيفِ.
مَسْحُورَةً، تَسْتَمْتِعُ الْمَدِينَةُ في
صُورَتِهَا الْمَعْكُوسَةِ، وَ تَحْلُمُ بِذَاتِهَا
مُنْقَلِبَةَ الْهَيْئَةِ فِي الْمَسَاءِ…
***
وَ أَنَا مُنْقَلِبَ الْهَيْئَةِ فِي الْمَسَاءِ، أَمْتَهِنُ
طَقْسَ الْانْقِلَابِ
بِمُعَاقَرَةِ خَمْرَةِ جُونِيفَ، بُورْبُونَ،
وِيسْكِي، تِكِيلَا، رُونْ، مُخَفَّفَةٍ
بِعَصِيرِ اللَّيْمُونِ، الْحَامِضِ وَ الْأَخْضَرِ،
الَّذِي يَتَحَدَّثُ نَفْسَ لُغَتِي بِنَبْرَةٍ أَحْلَى.
يُنَبِّهُنِي أَحَدُهُمْ إِلَى كَوْنِي وَحِيدًا.
أُمْسِكُ بِيَدِ صَغِيرِي كَيْ أَطْرُدَ الْخَوْفَ.
وَ لَا يُوجَدُ صَغِيرٌ. لَا يُوجَدُ أَحَدٌ،
وَ أَنَا أَحْتَاجُ إِلَيْهِ قَبْلَ أَنْ أَرْحَلَ،
قَبْل أَنْ يَتَبَخَّرَ كُلُّ شَيْءٍ فِي رَهَافَةِ الذَّاكِرَةِ.
يَجِبُ أن أَعُودُ إِلَى الْوَاقِعِ
الَّذِي قَدْ لَا أَكُونُ دَخِيلًا عَلَيْهِ.
لِهَذَا أَتَوَجَّهُ تَوًّا إِلَى الشَّارِعِ 90 أَوْ إِلَى 69،
– لَمْ أَعْرِفْ ذَلِكَ قَطُّ، وَ لَا أَنَا نَسِيتُهُ –
فِي الْجِهَةِ الْغَرْبِيَّةِ حَيْثُ حَدَثَ أَمْرٌ مُذْهِلٌ
أَوْ أَنَّهُ سَيَحْدُثُ.
أَصْعَدُ، مِثْلَ كَالِيسْطُو، عَبْرَ دُرْجِ الْحَرِيرِ
حَتَّى الطَّابَقِ الرَّابِعِ، أَوِ الْخَامِسِ، أَوِ الْعَاشِرِ.
وَ النَّافِذَةُ مُوصَدَةٌ. وَ مِلِيبِيَّا لَيْسَتْ هُنَاكَ.
أَوْ لَعَلَّهَا تَتَقَفَّى أَثَرَ
د. فْرَانْثِيسْكُو دِي كِيبِيضُو
الَّذِي يَسِيرُ أَعْرَجَ، مُتَحَاشِيًا بِرَازَ الْكِلَابِ،
أَوْ أَنَّ مِلِيبِيَّا لَمْ تَكُنْ قَطُّ سِوَى نُدْفَةِ حُلْمٍ
مِنْ أَحْلَامِ الْمُرْتَدِّ طَالَابِيرَا دِي لَا رَّيِّينَا.
تَتَجَعَّدُ هَنْدَسَةُ نْيُويُورْكَ،
تَتَلَيَّنُ كَقِنْدِيلِ الْبَحْرِ،
تَنْحَنِي، تَتَأَرْجَحُ، تَرْتَفِعُ، مُتَسَارِعَةً وَ ذَكِيَّةً
كَالزَّوْبَعَةِ.
مَاذَا، مَنْ هُوَ هَذَا الشَّبَحُ، هَذَا التْشِيكَانِيُّ
بِإِسْبَّانِيَّتِهِ الْخَرْقَاءِ، بِكَلِمَاتِهِ الْمُصَفَّاةِ وَ الْمُلَيَّنَةِ بِدُخَّانِ الْمَارِخْوَانَا
الَّذِي يَهْمِسُ حَاقِدًا، نَاظِرًا إِلَيَّ دُونَ أَنْ يَرَانِي،
“لَقَدْ سَرَقُوا مِنِّي لُغَتِي”؟
***
لَا أَسْتَطِيعُ الْمَزِيدَ. أَتَقَيَّأُ سُبَابًا وَ قَذْفًا ضِدَّ التَّمَلُّكِ.
أَصْرُخُ، أَجُشُّ، أُصَلِّي، أُخَرْخِرُ بِلَاتِينِيَّةِ الْكَنِيسَةِ
الْكَلِمَاتِ الإِلَاهِيَّةَ الَّتِي أَحْدِسُ مَعْنَاهَا بِشَكْلٍ مُبْهَمٍ:
“إِلَى اللَهِ الَّذِي يُعْطِي الْفَرَحَ إِلَى شَبَابِي”،
أَتْلُو بِسِتَّةِ أَصْوَاتِ مُخْتَلِطَةٍ آيَاتِ
بَّالِيسْتْرِينَا أَوْ فِكْتُورْيَا
مُرْفَقًا بِإِيقَاعِ النَّهْرِ السَّاهِرِ،
بِهَاتِفِي الْوَحْيِ الصُّفْرِ لِلْقَمَرِ الْمُتَضَائِلِ:
“يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ الْمَارِّينَ بِهَذَا الطَّرِيقِ
انْتَظِرُوا وَ سَتَرَوْنَ…”
آخِرَ الْخَفَافِيشِ
ذَاتِ الْأَجْنِحَةِ الْكَارْطُونِيَّةِ الْمُمَوَّجَةِ وَ وَمَضَاتٍ مِنَ الْفُوسْفُورِ،
يُكَفِّنُونَ الْمَدِينَةَ. بَعْدَهَا سَيَعُودُونَ
إِلَى حَاوِيَّاتِ الْكُهُوفِ.
***
وَ هَا أَنَا هُنَا حَيْثُ يَرِنُّ أَحَدُ الْأَجْرَاسِ،
لَيْسَ فِي بُرْجٍ لِلْأَجْرَاسِ وَ لَا فِي نَبْتَةِ الْبَرْدِي بِلَقالِقِهَا،
وَ إِنَّمَا مُسَجَّلًا عَلَى أَحَدِ الْأَشْرِطَةِ الْمِغْنَاطِيسِيَّةِ.
يُعْلِنُ أَنَّ اللَّيْلَةَ لَيْلَةُ الأَحَدِ
وَ سَيَتَحَوَّلُ كُلُّ شَيْءٍ إِلَى نُورٍ وَ حَاضِرٍ.
سَيَقُودُ حَرِيرُ هُودْسُونْ، الْمُقَاوِمُ وَ الْفَخْمُ،
الْمَدِينَةَ حَتَّى الْحُرِّيَّةِ وَ التَّطْهِيرِ النِّهَائِيِّ لِلْبَحْرِ
الَّذِي يَتَجَدَّدُ عَلَى الدَّوَامِ.
صَبَاحُ الْخَيْرِ.
فِي أَيِّ مَكَانٍ مِنَ الزَّمَانِ انْدَمَجَتِ
الْمُوسِيقَى الَّتِي تَبْعَثُهَا النُّجُومُ
مَعَ تِلْكَ الَّتِي أَلَّفَتْهَا الْخَمْرَةُ
وَ الظُّلْمَةُ؟
***
فَوْقَ ضِفَّةِ شَاطِئِ
فَجْرِ الْجَزْرِ تَلْمَعُ زُرْقَةُ السَّمَاءِ.
وَا أَسَفَاهْ أَنْ تَكُونَ حَقِيقَةً كُلُّ هَذِهِ الْأَحَزَانِ الْكَثِيرَةِ!

*القصيدة في الأصل الإسباني:

Rapsodia en blue
Durante una gira de conciertos,
Wolfgang Amadeus Mozart
comunicó a su padre el descubrimiento
de un sonido muy peculiar;
como de oboe que pulió su acento
primitivo, nasal y campesino
y asimiló el lenguaje cortesano.
Dios sabe cuántas cosas le diría sobre el color; el timbre, la versatilidad,
registros, maravillas potenciales
del instrumento que cantaba
con gallardía y con melancolía.
(Un filón no beneficiado:
pero Wolfgang sabía, lo leyó en Unamuno,
que las cosas se hicieron, primero,
su “para qué”, después.)
***
El clarinete suena ahora
al otro lado del océano de los años.
Varó en las playas tórridas de los algodonales.
Allí murió muertes ajenas y vivió desamparos.
Se sometió y sufrió, pero se rebeló.
Por eso canta ahora, desesperanzado y futuro,
con alarido de sirena de ambulancia
o de coche de la policía.
Suena hermoso y terrible.
***
Por favor, por amor, por caridad:
que alguien me diga
quién soy, si soy, qué hago yo aquí, mendigo.
Las ardillas-esfinges de Central Park
me proponen enigmas para que los descifre:
“viva y deje vivir”.
y siento miedo. Soy el niño
que en el pasillo oscuro oye el jadeo del jaguar,
y canta, y canta y canta para ahuyentarlo,
para que la sombra no sea.
***
El cementerio entre los rascacielos
no radia nuevas de la muerte.
(Igual que los sarcófagos romanos,
utilizados como jardineras
en las que los colores de las flores
nos hacen olvidar el fúnebre destino
para el que habían sido imaginados.)
***
Aquí no ha muerto nadie nunca.
Aquí nadie morirá nunca.
Hubo excepciones: semidioses
-filántropos, estrellas del cine o del deporte,
economistas, escritores, senadores y presidentes
que algún día zarparon con rumbo a otras galaxias
y dejaron en son de despedida
sus nombres cincelados sobre placas de mármol
en las fachadas de ladrillo rojo.
Aquí la muerte es la desconocida,
la inmigrante ilegal: se la deporta
a su país de origen. No es de buen gusto mencionarla.
“Viva y mire vivir”.
***
La ciudad borbotea: las burbujas
revientan en la superficie. ..
esa vieja de piel de cuero requemado
que increpa a las estrellas…
el músico harapiento que arranca con dos palos
sonidos de marimba o de vibráfono
a una olla de cobre… el que golpea
con las palmas de las manos,
a la puerta del supermarket,
embalajes vacíos en los que dormitaban
ritmos feroces de la jungla…
ancianos apoyados en bastones
o conducidos -pálidas piernas fláccidas
en sus sillas de ruedas que ¡oh prodigio!
cuando doblan la esquina de las calles
reaparecen en las avenidas
luminosos, metamorfoseados
en estampida de muchachos ágiles,
patinadores imantados por la flauta de Hamelin,
que les llega a través de los auriculares…
***
¿Quién que es podría no cantar
al costear los puestos de hortalizas y frutas
-cebollas, zanahorias, aguacates, manzanas,
fresas, bananas y grosellas- acabadas de barnizar? …
esa gaviota que dispara una pluma sobre mi cabeza,
y atina, y me vulnera, y sangro
y me desangro frente al oleaje
de flores y más flores y colores tras de los que sonríen
mágicos ojos orientales… el balinés que pasa
con su pareo ajedrezado, blanco y negro,
arrastra un carro abarrotado
de maravillas pestilentes extraídas de los contenedores,
(dólar a dólar, brasa a brasa
va ahorrando el fuego de la pira
con el que pagará el peaje del padre
hasta el país del otro lado de las nubes)…
en la Milla de los Museos,
Felipe IV; de salmón y plata,
escucha a ese chismoso de Montesquiou-Charlus
-huésped también de Frick
cotillear, proustiano y minucioso,
sobre la vida de las damas, dueñas
de los perros de porcelana
que pasea un portero engalonado.
Los prismas de cristal, humo y estaño
se otoñan al atardecer y depositan,
sobre la seda fría y violeta del río,
monedas de oro viejo, de inmaterial cobre parpadeante.
La boca de la noche las engulle. Asaeteados
se desangran los edificios
por sus miles de heridas luminosas.
La ciudad, hechizada, se complace
en su imagen refleja, y se sueña a sí misma
transfigurada por la noche…
***
Transfigurado por la noche, oficio
el rito de la transfiguración
con libaciones de ginebra, bourbon,
whisky, tequila, ron, humanizadas
por el zumo de lima, ácida y verde,
que habla mi misma lengua con acento más dulce.
Alguien me advierte que estoy solo.
Tomo a mi niño de la mano para espantar el miedo.
Y no hay niño. No hay nadie,
y yo lo necesito antes de que me vaya,
antes que todo se evapore en la fragilidad de la memoria.
He de recuperar la realidad
en la que yo no sea intruso.
Así que pongo rumbo a la calle 90, o a la 69,
-nunca lo supe, o lo he olvidado
En el West Side donde algo prodigioso
pudo haber sucedido o podrá suceder.
Subo, Calisto, por la escala de seda
hasta la planta cuarta, o quinta, o décima.
Y la ventana está apagada. Y no está Melibea.
O tal vez sigue los pasos
de D. Francisco de Quevedo
que avanza cojeando, sorteando las cacas de los perros,
o que nunca haya sido Melibea más que un vellón del sueño
del converso de Talavera de la Reina.
La geometría de New York se arruga,
se reblandece como una medusa,
se curva, oscila, asciende, lo mismo que un tornado
vertiginosa y salomónica.
¿Qué, quién es esta sombra, este chicano
que en español torpísimo, filtradas,
aterciopeladas sus palabras por el humo de la marihuana
susurra rencoroso, mirándome sin verme,
“ellos me han robado el idioma”?
***
No puedo más. Vomito
blasfemias y jaculatorias de poseso.
Grito, me desgañito, rezo, ronco en latín de iglesia
las divinas palabras cuyo sentido vagamente intuyo:
ad Deum qui laetificat juventutem meam
canto a seis voces mixtas responsorios
de Palestrina y de Victoria
acompañado por el son del río en pena,
por los oráculos amarillos de la luna menguante:
o vos omnes qui transistis per viam
atendite et videte…
Los últimos murciélagos
con alas de cartón acanalado y destellos de fósforo,
amortajan a la ciudad. Luego, regresan
a las cuevas de los contenedores.
***
Y he aquí que tintinea una campana,
no en campanario ni en espadaña con cigüeñas
sino grabada en una cinta magnetofónica.
Anuncia que la noche es ya domingo
y vuelve todo a ser claridad y presente.
La seda peregrina del Hudson,
incansable y majestuosa,
conduce a la ciudad hasta la libertad
y la purificación definitiva de la mar
siempre reciennaciendo.
Buenos días.
¿En qué lugar del tiempo se ha fundido
la música que los astros destilaban
con la que compusieron el alcohol
y la sombra?
***
Sobre la orilla de la playa
del alba de la bajamar brilla el azul del cielo.
¡Lástima grande que haya sido verdad tanta tristeza!

*شاعر إسباني مشهور. ازداد بمدينة مدريد في 3 أبريل من سنة 1922. أثرت الحرب الأهلية الإسبانية كثيرا في حياته إذ اضطر إلى هجر دراساته الثانوية و هو ابن 14 سنة و بعدها تم الزج به في السجن لانتمائه إلى جماعة كانت تساعد المعتقلين السياسيين في جو الحرب هذه و الذين كان من بينهم أبوه. و بعد أن خرج من السجن عاد إلى مواصلة اهتماماته الثقافية و الأدبية و صقل موهبته و تعميق تجاربه بالاحتكاك مع كتاب و شعراء عصره. و هذا ما أغنى تجربته كثيرا كما يذهب إلى ذلك بعض العارفين بأسرار عالمه الإبداعي. بالإضافة إلى تخصصه في الشعر فإننا نجده كذلك ناقدا خبيرا للوحات الفنية و ذلك منذ سن مبكر. يتعلق الأمر بواحد من كبار أدباء إسبانيا في العصر الحديث من دون منازع. و نذكر من بين أعماله على سبيل المثال لا الحصر دواوينه الموسومة بعنوان “فرح” و “بالأحجار، بالريح” ثم “دفتر نيويورك”. و جدير بالذكر أنه كتب حتى في جنس المقالة و جنس الرواية. ففي المقالة نذكر عمله “مشاكل تحليل اللغة الأخلاقية” و “تأملات حول شعري” أما في الرواية فنشير إلى روايته الموسومة بعنوان “خمسة عشر يوما من العطلة”. و نظرا لقيمة منجزه الإبداعي فقد تم تتويجه من طرف وزارة الثقافة الإسبانية بجائزة ثربانتس سنة 1998؛ و هي أعلى جائزة تمنح للأدباء في العالم الناطق بالإسبانية. توفي هذا الشاعر الفذ بنفس المدينة التي رأى فيها النور و قد كان ذلك في 21 دجنبر من سنة 2002.
**كاتب، مترجم، باحث في علوم الترجمة ومتخصص في ديداكتيك اللغات الأجنبية – الدار البيضاء -المغرب.

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

كاتب وموت وشمعدان

قررت مع أصدقائي أن نقوم بجولة ثقافية, نريد أن نعيش الحلم ولو لساعات, بعيدا عن خيبات الواقع المتعددة, كان الطقس يوم السبت جميلا, مما شجعنا على الخروج, فقررنا الذهاب لشارع السعدون, والالتقاء بزملاء المهنة, وحضور معرض رسم لفنان ناشئ, ومن ثم المسير نحو الكرادة, حيث أهم فقرة في برنامج الرحلة وهي المسابقة الشعرية, كنت محتاجا مثل أصدقائي للخروج من الجو السياسي المحبط, وضغوطات الحياة الاقتصادية, بسبب سلوك الساسة السلبي من قضايا الوطن والشعب, والحقيقة ارتحت كثيرا بالتلاقي بالكتاب والشعراء والرسامين, حيث نقاشات حول الفن واشكالياته والشعر وقوافيه وأحلام الكتاب.

● هموم كاتب حالم
وصلنا مبكرين لكافية الشمعدان, قبل ساعة ونيف فجلسنا نتحدث عن التفاؤل, ودوره في تغيير الإنسان, فقلت أني كنت دوما اتفائل مع الصباحات البغدادية, التي لا اعتقد أن لها مثيل في الكون, لكن دوما أعود بسرعة للأرض متذكرا كلمات نوفاليس ( حين نحلم أننا نحلم, فهذه بداية اليقظة), فأعود للواقع, وما يحمل من منغصات العيش وكبت للأحلام, تحدثنا طويلا عن أحلامنا بطباعة نتاجنا المعرفي, ثم تملكتنا غصة, فطباعة كتاب يعتبر من الأحلام البعيدة.
واقع الثقافة في العراق مزري في هذه الفترة خصوصا, حيث تدخل العلاقات والمحسوبية في عملية الطباعة المدعومة, ولا دخل لأهمية الكتاب أو رقي المنتج الثقافي, فأن كنت ابن مسؤول كبير, أو قريب احد السياسيين الجهابذ, أو تكون احد المتملقين النفعيين, فان كل نتاجك مهما كان مخجلا او ضحلا فانه سيطبع ويوزع, بل ستكرم بدرع الإبداع كل شهر, فمن يكون مرتبط بالسلطة تفتح له الأبواب, هذا واقع الحال البائس.
بعد زوال نظام الطاغية حلمنا كثيرا, وبعد 14 سنة من حكم اللصوص والشواذ, تأكدنا أن الأحلام مجرد أوهام, ننتظرها أن تتحقق متناسين أنها مجرد وهم.

● حديث الصحافة الحزين
قبل وصول الشعراء لقاعة الشمعدان, حيث كان مقرر مسابقة الشعر التي يقيمها اتحاد المثقف العراقي, التقينا مع رئيس تحرير صحيفة يومية, عجوز تخطى السبعون, فتحدثنا عن الصحافة وهمومها, فتحدث بألم وحرقة كبيرة, عن الأزمة الاقتصادية الخانقة, والتي تسببت بغلق عشرات الصحف, والباقي قام بتقليص نفقاته, عبر تقليل عدد الصفحات وتسريح نصف الكوادر أو أكثر, وصحف تعتمد على معونات من هنا وهناك كي تستمر بالعيش.
الصحافة تموت في العراق, فالدعم الحكومي غائب, ودعم الساسة والأثرياء يحصل حسب المزاج, واغلب الساسة يفتح خزائنه للإعلاميين, فقط في وقت الانتخابات, لغرض تسخير الأقلام والصحف للترويج لحزبه أو لشخصه, مما جعل الصحافة تموت, فمع أننا نتمتع بجو من حرية الكتابة مما تحسدنا عليه الشعوب الأخرى, لكن ما فائدة الحرية أذا فقدت الوسيلة التي تسهل لنا التعبير عن الرأي.
مصيبة أخرى تجري في عالم الصحافة الحالي وهو سطوت أناس غير صحفيين, مجرد انتهازيين ودواعر وبعض العاهرات, هذه الفئة هي من تقود الكثير من المنابر الإعلامية في العراق, مما جعل الصحافة تنحط أو تموت.
لو كان القائمين على الصحف بعقليات اقتصادية, وتتعامل مع الصحيفة على أساس أنها مشروع اقتصادي يحقق إيرادات, ولو وضعت الحكومة شروط قبل الترخيص مثل حساب جاري يغطي نفقات سنة, وحسابات دورية كأي مشروع, لامكن لها الديمومة, أما أن تعتمد كليا على المساعدات والمعونات, كي تستمر بالظهور اليومي, فهذا الأمر خاطئ لا يجب أن يستمر.
نعم حديث الصحافة الحالي حديث محزن ويثير جبل من الألم, ولن تحل اشكالياته قريبا.

● قوافي الشمعدان
عند الخامسة والنصف عصرا اكتمل الحضور في كافية الشمعدان, وبدأ الشعراء في ألقاء قصائدهم, احدهم كان جاهلا بقواعد الرفع والنصب, مما جعل السخرية تطوله من الجمهور المتذوق, وأخر صعد ليقرا قصيدة فإذا به يقرا لنا مقال اقتصادي, وهو يظنه قصيدة نثرية, مما جعل الحضور يستاء منه, لكن لكبر سنه جعل الحضور تسكت عن تقريعه, الى أن صعد صديقي الشاعر حيدر حسين سويري, ليلقي قصيدته التي طالما انشدها لنا في مجالسنا, عن الحب والحظ العاثر, فكانت قصيدة ( عندما يأتي المساء), التي سحر بها الحضور, وبدد جليد الزمن, وأزال صورة الركاكة التي أوجدها من سبقه, وانطلق يرسم لنا بريشة ساحر, لوحة عشق بلون الانتماء الأبدي لحروف الوعد, هو عالم من الرومانسية الشفاف.
واكتملت المسابقة ووزعت الجوائز بحسب رغبة القائمين, متعاهدا مع أصدقائي على تكرار الرحلة قريبا.

● ختام الرحلة
انطلقنا نحو شارع الكرادة داخل عائدين, وقررنا قبل الرحيل أن نبحث عن محل لبيع الفلافل, نسكت به صوت شكوى بطوننا, ونتذوق أطيب الوجبات البغدادية, بحضور الشاي الساخن ليبدد برودة الجو, ويزيد من صخب الأصحاب.

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

فوقَ الجراحِ الداميةِ تعتلينَ مَدارجَ الحُروفِ!

بقلم: فاطمة يوسف ذياب
“غاباتي تعجُّ بالنّمور” عنوانُ قصيدةٍ مُغنّاةٍ على أوتارِ الوجعِ الموجوع للشّاعرة آمال عوّاد رضوان، والتي ما انفكّتْ تتّكئُ على عكّازِ الغيم، تستمطرُ الأملَ مِن سحابةٍ عابرةٍ، بتصويرٍ بلاغيّ مُخلِصٍ لأدواتِهِ النصّيّة.
عزيزتي الشاعرة آمال عوّاد رضون، وعودةٌ إلى اللهاثِ وراءَ حروفِ أبجديّتِكِ العصيّةِ المُستعصيةِ، يَستفزُّني ويُحفّزُني حرفُكِ، فأتحدّاهُ وأبحرُ في لجّتِهِ، كي أقبضَ على كوامنِ الروحِ، في نصٍّ يكادُ يَتفلّتُ مِن بين أصابع قدرتي على الغوص، وأشحذُ عزيمتي وعتادي وأبحرُ إلى ما وراءِ الوراء، حيث يُمثّلُ الاحتراقُ اشتعالَ ما وراء النصّ بتفجُّرِ القصيدة، فتتراقصُ بنا ما بينَ الموجودِ والمفقودِ، وأراني أستمتعُ بنَصِّكِ، وأغوصُ في فيْضِ غاباتِكِ وإن كانتْ تعجُّ بالنّمور، فأنا أيضًا كمثل قولك:
أَيَا فَاتِنَتِي/ أَنَا مَنْ خُلِقْتُ../ لِأَحْتَرِقَ بِكِ/ احْتَرَفْتُ الاتِّكَاءَ/ عَلَى غَيْمِكِ/ على لهْفَتِكِ.. على جُنُونِكِ/ وَقَدْ خَضَعْتُ لِحُلُمِي طَوِيلًا/ فِي انْتِظَارِكِ
أراكِ عزيزتي الشاعرة آمال عوّاد رضوان تشتعلين باحتراقِ الوجْدِ في زمنِ المَدِّ والجزْرِ، وتتجذّرينَ في غاباتٍ تعجُّ بالنّمورِ، وتنوئينَ بحملِ احتراقكِ في وطن مُتخم باحتراقِهِ، وكظبيةٍ جافلةٍ تتلفّتينَ وتبحثينَ عنهُ في دهاليزِ المجرّاتِ، وفوقَ الجراحِ الداميةِ تعتلينَ مَدارجَ الحُروفِ، فتعودين إلى بدايةِ الفقدِ، وإلى بداياتٍ غائرةٍ في جسدٍ عُذريٍّ يَتهتّكُ بذُلّهِ وضعفهِ وهوانِهِ، وأراكِ ترسمينَ بسيفِ حرفِكِ علاقةً شاعريّةً روحيّةً مع وطنٍ يَعجُّ بالنّمورِ، علاقةً تتسربلُ بقداسةِ فقدٍ يُواصلُ أنينَهُ قائلًا:
أَنَا .. مَنِ امْتَطَتْنِي وحْشَةُ الْفَقْدِ/ لَمَّا أزَلْ ../ أُسَبِّحُ .. سِحْرَ سُكُونِكِ
وأيُّ فقدٍ هذا الذي يُراودُكِ بينَ الحينِ والحين، ليَسحبَكِ منكِ ومِن كلِّ ما حولَكِ، إلى غاباتٍ تستوطنُ الذاكرةَ عبْرَ قرونٍ خلتْ، بحثًا عن وطنٍ منشودٍ تعيشينَهُ كما يعيشُهُ كلُّ البشرِ، في وطن كهذا، أراكِ تتآكلين بحروفِك، كي تَصِلي إلى واقعٍ مُغايرٍ، وتُحاولي أن تُزيلي كلَّ الشّوائبِ المُتناثرةِ في علاقةٍ فرديّةٍ أزليّةٍ مشتهاة، ما بينك وما بينَ هذه الغابات، حيثُ نراكِ تمتطينَ وحشةَ الفقدِ، بعنادٍ يُكسّرُ كلَّ القوالبِ الجليديّةِ، وكلَّ ما في الكوْنِ مِن فرضيّاتٍ لا تقبلُ الجدَلَ، فلا معنى للاحتضانِ إلّا بملامسةِ قداسةِ العشبِ المُقدّس، فتقولين:
لكِنِّي وَمُنْذُ قُرُونٍ/ حُرِمْتُ دُخُولَ جَنَّتِكِ/ تِلْكَ مُشْتَهَاتِي.. سَخِيَّةُ الذَّوَبَانِ/ دَفِيئَتِي.. الْـــ .. عَامِرَةُ بِالْآهَاتِ/ وَمَا عُدْتُ أَتَعَرَّى.. حَيَاةً/ حِينَ تُشَرِّعِينَ.. نَوَافِذَ رِقَّتِكِ!
عزيزتي الشاعرة آمال؛ هنا أتوقّفُ عندَ بلاغةِ المُرادِ وفداحةِ الموجود؛ وقد استخدمتِ القداسةَ للعشب بإيحاءٍ ذكيٍّ، وبانصهارِ الروح بمَكانِها وكلِّ أزمانها، وبكلِّ ما رَواهُ التاريخُ عن وطنِ الزّيتونِ وعذريّةِ الزّعترِ ورائحةِ الليمون، وكلِّ ما تُنبتُ أرضُهُ، فنراكِ في ذاكرةٍ استرجاعيّةٍ طرديّةٍ تستنهضينَ صورَ الوطنِ، وتُراودينَ عشبَ الوطن المُقدّسِ، وتُناقشينَ قدسيّةَ العلاقةِ ما بينَ الإنسانِ وأرضِهِ ونباتِهِ وأعشابِهِ، حينَ تُصادَرُ حُرّيّتُهُ الفرديّة، وحين تُغتالُ العلاقةُ ما بينَ الشاعرةِ والعشبِ المُقدّسِ، وتتحوّلُ الصّرخةُ إلى علامةِ استفهامٍ واستهجانٍ، فتستدركين بقولك:
لكنّي.. مَا نَسِيتُ ذَاكِرَةَ عُشْبِكِ الْمُقَدَّسِ/ حِينَ يَسْتَحِيلُ لِصَرْخَةٍ فَرِيدَةٍ!
وننتقلُ هنا بذاكرةٍ استرجاعيّةٍ طرديّةٍ مألوفةٍ لحالاتِ الفقدِ العاديّ وغيرِ العادي، كفقدِ الحبيب والوطن، وانسحابِ عنصرِ الزمانِ مِن بين أصابعِ المكان، لنقفَ مع شاعرة الماوراء آمال عوّاد رضوان عندَ البوّابات الحالمةِ، ولنعبُرَ المساحاتِ الزمنيّةَ بتعدادِ سِنيها وقرونِها، حيثُ تَقذفُ النصَّ وتُشاغلنا بهِ في لهاثٍ عذريٍّ ما بينَ الروحِ والجسد، وحيثُ تستنهضُ صورَ الغزلانِ المُتراقصةِ فوقَ قداسةِ العشب، وترسمُ بأدواتِها النصّيّةِ وطنًا يُمثّلُ لها الماضي بكلِّ تاريخِهِ المُعشّشِ بأوْصالِها، ولتصنعَ لنا عوالمَهُ بحِرَفيّةٍ مُنتقاةٍ بأدقِّ الصورِ التعبيريّة، وأرقى مساحاتٍ مِن تفاصيلَ مُلوّنةٍ بعشبٍ وعناقيدَ وغزلان، إنّها لوحةٌ مُتحرّكةٌ تهزّ شِباكَ الذّاكرةِ، لنرى الوطنَ المُستباحَ في زمنٍ آخرَ يُظللنا بكلّ ملكوتِهِ وروحانيّاتِهِ؛ فهنا كان لنا بيتٌ، وهنا كان لنا مسجدٌ، وهنا كنيسةٌ وهنا وهنا..، وفي الـ هُنا تتداخلُ الصّورُ المُستنشَقةُ مِن عبيرِ قرونٍ مضَتْ، لنرانا في غاباتٍ تعجُّ بالنّمورِ والرموزِ اللفظيّة!
لكن، وبالرّغم مِن شراسةِ التعبير، فإنّك يا الشاعرة آمال، لم تفقدي بوّاباتِ الأملِ، ولم تُسقِطي مِن حسابِك العلاقةَ الروحيّةَ بارتباطِ الجسدِ والروحِ والمكان، بل وتُقسِمينَ بجَلالِ حنايا الوطنِ وبقُدسيّةِ أعشابهِ، وبطونِ وديانِهِ وبقوافلِ سُحُبِهِ، وتتماهين مع مرارةِ الفقدِ، فتطوّعينَهُ باستخدامٍ ذكيٍّ كي يكتملَ بناءُ القصيدة، ليصبحَ الوطنُ بكلّ تفاصيلِهِ ورموزِهِ عناصرَ مُباحةً للمداعبةِ والعناق، فهل القسَمُ عاجزٌ لا يغادرُ حدودَ صدرِ القوافي؟
لا، فيا وطني المُباحُ بكلّ تفاصيلِك، كيفَ لا تكونُ هكذا وأنتَ مِلءُ السّمعِ والعيون؟ أراكَ كلَّ يومٍ، أعانقُكَ وأشتهيكَ حُلمًا فريدًا، لا يُشاركُني بكَ أحدٌ إلّايَ وعُشبُنا المُقدّس.
عزيزتي آمال، موجعةٌ أمانيكِ، وأنتِ تتسلّقينَ البوادي بعنفوانِ قوْلِكِ:
مَا نَسِيتُ عُشْبًا/ لَيْسَ يَتَنَفَّسُهُ.. إِلَّا نَسِيمٌ/ مُحَمَّلٌ.. بِعَنَاقِيدِ شَوْقِي وَحَنِينِي/ وَمَا نَسِيتُ غُزْلَانَكِ/ الْـ .. تَنْبِضُ بِرِقَّتِي الْحَالِمَة!
بإيحاءاتٍ مُركّزةٍ مُكثّفةٍ تمتطينَ جوادَ الفقدِ، تُراقِصينَ غزلانَ الوطنِ وتَمُرّينَ عبْرَ أبوابِ الفتح، لنراكِ مع النسيمِ تُداعبينَ أوْتارَ الذّاكرةِ، وتَسبَحينَ في سكونِها الحالمِ في ملكوتِ وعوالمِ الفقدِ، وما يُمثّلُهُ مِن اشتعالٍ وتَفجُّرٍ واحتراقٍ، ولا زلتِ بانتظارِ مَن يُشرّعُ أبوابَ الوطنِ المُحترقِ لبُرقتِهِ الحالمةِ، هنا كانت الأرضُ وكانَ الوطنُ، هنا عاشتْ وتتابعتْ قوافلُ الزمنِ والأهل، في كلِّ ركنٍ لنا حكايةٌ يَزنون بها، فما عادتْ بلادُنا موصولةً بالجسد..
وَجَـــلَالُـــكِ/ أُقْسِمُ .. بِحَنَايَاكِ/ بِبُطُونِ وِدْيَانِكِ/ قَوَافِلُ سُحُبِي.. بَاتَتْ حَارِقَةً/ وَهذَا الْجَامِحُ الْمُسْتَأْسِدُ بِي/ صَارَ مَارِدًا/ يَرْعَى غَابَاتِي الْــ تَـعُـجُّ بِالنُّمُورِ
هكذا نرانا نقفزُ قفزَكِ الطريَّ المُسترسِلَ كما الغزلان فوقَ عُشبِها المُقدّس، نتنفّسُ الحُبَّ الأزليَّ مِن بين عناقيدِ الشّوْقِ والحنينِ، ونُسافرُ معَهُ عبْرَ غزلانِكِ الحالمةِ الجافلةِ المرتعِبةِ في غاباتٍ تعجُّ بالنّمور، تبحثُ عن طُهرِ العلاقةِ وأبعادِها في واقعٍ مُغتالٍ كلَّ يوْمٍ بدَمٍ كحليٍّ أسوَد، فنعرفُ مَن المُمتطى ومَن المُمتطي الذي يُساومُنا على جُرحِنا وفَقْدِنا.
الشاعرة آمال عوّاد رضوان، ورغمَ كلِّ شيءٍ تُقسِمُ بجَمالِ وجَلالِ العلاقةِ الأبديّةِ، وهذا القسَمُ يُوقفُني أمامَ قسَمٍ عظيمٍ مِن ربٍّ عظيم، عندما أقسَمَ اللهُ تعالى بالتين والزيتونِ وطورِ سنين، ببلاغةٍ تعبيريّةٍ تؤكّد قدسيّةَ العلاقةِ، ما بينَ الإنسان والنباتِ والزمانِ والمكانِ الذي هو الوطنُ بكلِّ ما فيهِ مِن أرضٍ وسماءٍ وهواءٍ وفضاءٍ، ونحن يا العزيزة آمال، ما فقدنا الزمانَ والمكانَ وكلَّ ما كانَ يَربطنا بهِ، وما زلنا نمتلكُ حُروفَ وجْدِنا واحتراقِنا في غاباتٍ تعُجُّ بالنّمور.
لكِنِّي وَمُنْذُ قُرُونٍ/ حُرِمْتُ دُخُولَ جَنَّتِكِ/ تِلْكَ مُشْتَهَاتِي.. سَخِيَّةُ الذَّوَبَانِ/ دَفِيئَتِي.. الْـــ.. عَامِرَةُ بِالْآهَاتِ/ وَمَا عُدْتُ أَتَعَرَّى.. حَيَاةً/ حِينَ تُشَرِّعِينَ.. نَوَافِذَ رِقَّتِكِ!)
عزيزتي الشاعرة آمال عوّاد رضوان، إن كنّا قد فقدنا عناصرَ الزمانِ والمكانِ، فهذه الغاباتُ التي كانتْ مَرامَنا وموطنَ عِشقِنا وقَداستِنا، وقُدسُنا التي ما عادتْ لنا، صارت تعُجُّ بالنّمور، فحيثما كنّا وأينما توجّهنا، ثمّةَ نمورٌ تعترضُ بأنيابِها حركاتِنا، وتُصادِرُ همْسَنا الغزليَّ، فلا نملكُ إلّا (صرخةً فريدةً)، تتنفّسُ الحُبَّ الأزليَّ (المُحمَّلَ بعناقيدِ الشّوقِ والحنين، ترنو إلى غزلانِها الحالمةِ الباحثةِ عن مَراميها ومَراعيها وجبالِها وحقولِها).
أينَ منّا قوافلُ السُّحُبِ وتلكَ الشّواهدُ على حميميّةِ العلاقة؟ كلُّ ما فينا مُغتالٌ يَنزفُنا الشّوقُ لقرقعةِ التاريخِ المُتجذّرِ فينا، فحيثُما توجّهنا نرانا مُحنّطينَ في ذاكرةِ زمنٍ! أوّاااااااااااااه يا وطنَ السّلبِ والنّهبِ، أنا ما خُلقتُ لأحترقَ بكَ أو أتوكّأ على أوجاعِكَ، بل خُلقتُ كي أراكَ واقعًا مُنَعَّمًا، أأراكَ مُجرّدًا مِنَ الحُلم غارقًا في فواجع الانتظارِ؟
لكنّنا لم نَزلْ نُعانقُ الشوقَ بالأمل، ونمتطي الفقدَ بالحنين، ولم نزَلْ نُبحرُ في هاتيك الروابي التي تحتلها قطعانُ نمورٍ تُصادرُ نباتَها وتُرابَها، لنظلّ كما الأرض ندورُ حولَ مجرّاتِها. لم نفقدِ الأملَ في قوافلِ السُّحبِ الشاهدةِ على قدسيّةِ العلاقةِ وحميميّتِها، فقرقعةُ التاريخ مُتجذّرةٌ فينا، وحيث نكون نرانا مسكونين بعناقيدِ الذاكرة، تمامًا كالقوافلِ الغابرةِ التي نَراها صبحًا ومساءً حولنا تصرخُ صرختُنا، ونُهدهدُها بوعدٍ أن يكونَ القادمُ أجمل!
عزيزتي الشاعرة آمال عوّاد رضوان، باختصار، أخذني نصُّكِ البلاغيُّ إلى غاباتِكِ وغاباتِنا التي تَعُجُّ بالنّمور، والليلُ مُستأسدٌ يَتأهّبُ للانقضاضِ والافتراس، لكنّنا مثلك، لم نُسقِط أدواتِ الشوقِ والحنينِ والقسَمِ والأمل، فنحنُ نمتلكُ العودةَ إلى كلّ الصوَرِ البلاغيّةِ المُنتقاةِ، بدقّةٍ مُتناهيةٍ مُتماهيةٍ مُخلصةٍ لمَشاعرِها ولجُذورِها، كي نُعاودَ رسْمَ غاباتِنا بعُشبِها المُقدّسِ، وبغزلانِها التي لمّا تزَلْ تقفزُ في ذاكرة الأملِ وطنًا مِن غيرِ نُمورٍ، باستنساخٍ غير عاديٍّ لكلِّ الصوَرِ العالقةِ المُتجذّرةِ فينا، تمامًا كما حملتْها قوافلُ الزمنِ، وكما ترسّختْ في عقولِنا وأذهانِنا المعجونةِ بلهفتِنا وجنونِ شوْقِنا، وتَحَدّي الحُلمِ بإخضاعِهِ رغمَ تَمَرُّدِهِ.
نعم يا العزيزة، ولا زلنا نمتطي الفقدَ ونهاجرُ ونهاجرُ، ونغوصُ بأشواقِنا فيهِ، وكلُّ الرّؤى تأخذنا إليهِ بكلِّ صوَرِهِ البلاغيّة.
غاباتي تعجُّ بالنّمور/ للشاعرة آمال عوّاد رضوان
أَنَا .. مَنِ امْتَطَتْنِي وحْشَةُ الْفَقْدِ
لَمَّا أزَلْ ..
أُسَبِّحُ .. سِحْرَ سُكُونِكِ
مَا نَسِيتُ ذَاكِرَةَ عُشْبِكِ الْمُقَدَّسِ
حِينَ يَسْتَحِيلُ لِصَرْخَةٍ فَرِيدَةٍ!
مَا نَسِيتُ عُشْبًا
لَيْسَ يَتَنَفَّسُهُ .. إِلَّا نَسِيمٌ
مُحَمَّلٌ .. بِعَنَاقِيدِ شَوْقِي وَحَنِينِي
وَمَا نَسِيتُ غُزْلَانَكِ
الْـ .. تَنْبِضُ بِرِقَّتِي الْحَالِمَة!
***
لكِنِّي وَمُنْذُ قُرُونٍ
حُرِمْتُ دُخُولَ جَنَّتِكِ
تِلْكَ مُشْتَهَاتِي.. سَخِيَّةُ الذَّوَبَانِ
دَفِيئَتِي .. الْـــ .. عَامِرَةُ بِالْآهَاتِ
وَمَا عُدْتُ أَتَعَرَّى .. حَيَاةً
حِينَ تُشَرِّعِينَ.. نَوَافِذَ رِقَّتِكِ!
وَجَـــلَالُـــكِ
أُقْسِمُ .. بِحَنَايَاكِ
بِبُطُونِ وِدْيَانِكِ
قَوَافِلُ سُحُبِي.. بَاتَتْ حَارِقَةً
وَهذَا الْجَامِحُ الْمُسْتَأْسِدُ بِي
صَارَ مَارِدًا
يَرْعَى غَابَاتِي الْــ تَـعُـجُّ بِالنُّمُورِ
أَيَا فَاتِنَتِي
أَنَا مَنْ خُلِقْتُ.. لِأَحْتَرِقَ بِكِ
احْتَرَفْتُ الاتِّكَاءَ
عَلَى غَيْمِكِ
على لهْفَتِكِ .. على جُنُونِكِ
وَقَدْ خَضَعْتُ لِحُلُمِي طَوِيلًا
فِي انْتِظَارِكِ

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

طبق اليوم: زبدة قريدس من ماليزيا

المقادير
كيلو ( جمبري ) قريدس غير مقشر منزوع الرأس وخط الظهر
ثلاثة أرباع الكوب مبشور جوز الهند
أربع ملاعق زبد
حبات شطه طازجه غير مقطعه حسب الرغبه
كاري , كركم , ملح
ملعقه صغيره سكر
ملعقه صغيره صاص صويا
ثلاث ملاعق نبيذ معد للطبخ
قليل من الزيت لقلي القريدس

العمل
نقوم بقطع رؤوس حبات القريدس ونزيل منها حبل الظهر ثم نغسلها ونجففها بفوطة مطبخ . نضع القريدس في كيس نايلون كبير ونضيف له الكركم . نقفل الكيس جيداً ونحرك المحتويات حتى تتغطى جميع حبات القريدس بالكركم . نسخن قليل من الزيت ونقلي القريدس ونصفيه من الزيت

نضع مقلاة كبيره على النار بدون زيت ونضيف جوز الهند المبشور ونقليه على نار هادئه الى أن يحمر لونه ودون أن يحترق , نضيف حبات الفلفل بدون تقطيع والزبد والقريدس المقلي والثوم وصاص الصويا والنبيذ والسكر والكاري والملح ونترك الخليط على النار مدة دقيقتين

عند التقديم نغرف زبدة القريدس في طبق ونقدمه الى جانب الرز الأبيض .. شهيه طيبه

Posted in طبق اليوم \د. ميسون البياتي | Leave a comment

“ليس لأمي مكان في الجنة” لـ د. نوال السعداوي، بمناسبة عيد الأم

أميل إلى «التفاؤل» فى عيد الأم، فالأمل يشحن جسمى وعقلى بقوة أربعين حصان، و ى نصف طاقتى الموروثة (بالجينات والميمات) عن جدتى وأمى وأبى، لم أرث «جينة» واحدة عن جدى، لحسن حظى، الذى مات قبل أن أولد، وكان «زير نساء» كما سمعت من جدتى، ينتقل من فراش امرأة إلى غيرها دون غسل، تقول عنه جدتى «كان يدخل ويخرج ولباسه على كتفه»، أصبح هذا الرجل يطبع اسمه (السعداوى) على جميع كتبى ومؤلفاتى دون موافقتى.

إنه الظلم الكونى لى ولأمى، المرأة العظيمة، التى عاشت وماتت من أجلى دون أن أحمل اسمها، كنت أكتبه فى طفولتى على كراستى فيشطبه المدرس، ويضع اسم جدى بدلا منه، فأمسحه بالأستيكة، ليأتى المدرس فيضربنى بحافة المسطرة على أصابعى، ويشطب اسم أمى ويضع اسم الرجل الغريب. لكنى استطعت أن أفرض إرادتى على العالم، وأرد الجميل لأمى، بعد أن ماتت منذ خمسين عاما، وبعد أن جاوزت الثمانين من عمرى، شطبت اسم جدى من الدفتر الرسمى المزيف، وكتبت الاسم الثلاثى الذى يضمنى مع اسم أمى وأبى كالآتى:

نوال زينب السيد:

لم تجد ابنتى فى العيد هدية تشتريها لأمها من السوق، فالهدايا فى نظرها لا يمكن شراؤها، وفكرت فى هدية لها معنى عميق، فأهدتها إحدى قصائدها، وقعتها باسمها واسم أمها وأبيها، وحذفت اسم الجد الذى مات قبل أن تولد. كانت الهدية شديدة الجمال والبساطة، لم تكلفها مالا أو الذهاب إلى السوق، لكنها كادت تكلفها حياتها، فقد اتهموها بالكفر، وساقوها إلى المحكمة فى قضية حسبة، وذهبت معها. رأيتها واقفة طويلة القامة شامخة الرأس كالشجرة، ترد على المحققين بصوت واضح قوى، قالت لهم:
من حقى أن أحمل اسم أمى وأبى، وليس من حقكم أن تحذفوا اسم أمى وتفرضوا على اسم رجل غريب عنى؟
و هز القاضى رأسه مقتنعا وأطلق سراحها.

فى عيد الأم تزعق الأبواق والإذاعات بأغانى الحب المشبوب، يشتد الزعيق باشتداد الزيف و الخداع، يكتب أحد الأدباء عن أمه، يتغنى بتضحياتها و تفانيها فى خدمة الأسرة الكبيرة، هو و إخوته السبعة وأبوه وجده.
تفرغت أمه لخدمة عشرة من الرجال، نجحوا كلهم فى حياتهم وأصبحوا دكاترة ومهندسين، كانت تعمل من الفجر حتى المغرب، لا تطلب شيئا لنفسها، لا يعاونها فى عملها إلا خادمة صغيرة من الريف، ويوجه الأديب الكبير الشكر لأمه فى عيد الأم، أعطاها لقب الأم المثالية، يقول إنها لم تتذمر أبدا، وتحملت نزوات أبيه، لم تعترض حين تزوج امرأة أخرى، كانت مؤمنة صالحة تعرف أن الله منح هذا الحق لزوجها، فكيف تعترض على أمر الله؟

تخيلت هذه الأم المسكينة كيف عاشت وكيف ماتت واندثرت لا يذكر اسمها أحد، تخيلت أيضا الخادمة الطفلة من الريف التى حرمت من أمها وأبيها وإخوتها، لتعيش الحزن والشقاء والهوان وسط عائلة غريبة عنها من عشرة رجال، تغسل صحونهم وثيابهم وتدعك مرحاضهم وتأكل فضلاتهم، وتنام على حصيرة أو دكة فى المطبخ، وتأخذ علقة من الأم أو الأب إن كسرت شيئا. كان يمكن لهذه الخادمة الصغيرة أن تصبح أديبة كبيرة مثله، لو أنها تعلمت مثلما تعلم هو، لكن الفقر جعلها تغسل ملابسه وتنظف غرفته، بينما هو يتلقى العلم أو الأدب والفن، وكانت أمه أيضا تخدم أباه، تغسل جواربه وتطبخ طعامه بينما كان أبوه يتقدم فى العلم أو الأدب أو الفن.
ويقولون إنه الدور الذى خلقت المرأة كى تؤديه، دور الخادمة لزوجها وأسرتها دون أجر، وأجرها عند الله فى الجنة، وبحثت عن أمى فى الجنة فوجدتها وحيدة حزينة كما كانت فى الدنيا، و أبى يمرح سعيدا بالحوريات.

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية | 2 Comments

الله يبعت الخير و تكون هالمعركة هي شرارة سقوط الطاغية و رحيله عن دمشق الشريفة..

ما بعرف شو هدف معركة دمشق اليوم ، و لكن حتى و لو كانت من دون هدف ، فهي رسالة واضحة للجحش و عصابتو انّو ما رح نهنّيك بعيشتك و لا يوم واحد..

الله يبعت الخير و تكون هالمعركة هي شرارة سقوط الطاغية و رحيله عن دمشق الشريفة.. 

نزكي لكم مشاهدة هذا الفيديو ممن معركة دمشق اليوم:  شاهدوا إعلامية سورية تبول بسروالها مرتين رعباً على الهواء مباشرة أثناء تغطيتها لهجوم الثوار اليوم

Posted in الأدب والفن, ربيع سوريا | Leave a comment

الذمّيّة الطوعيّة – بقلم الأب جورج مسّوح

الأب جورج مسّوح: النهار
يتبنّى المسيحيّون، أو معظمهم، تدخّل بعض الميليشيات المذهبيّة في سوريا بذريعة أنّها، كما يزعمون، عبرت الحدود الشرعيّة ما بين البلدين كي تقاتل الجماعات التكفيريّة قبل أن تصل إلى لبنان. وإذا ما انتقد أحدهم هذا التدخّل يُخرج هؤلاء من جعبتهم الجواب ذاته: “لو لم يذهب هؤلاء إلى سوريا لكانت الجماعات التكفيريّة صارت عندنا، في عقر دارنا”.

لا يعنينا، هنا، التحليل السياسيّ أو العسكريّ لهذا النوع من التدخّللأنّه، أصلاً وفصلاً، غير شرعيّ وغير قانونيّ. هو تدخّل يشبه سواه من انخراط الميليشيات التكفيريّة التي أتت من كلّ أصقاع الدنيا في الحروب السوريّة. هو يشبه التدخّلات العربيّة والأجنبيّة في الحروب اللبنانيّة، والتي كان يستنكرها اللبنانيّون. ثمّة مواطنون سوريّون عديدون لا ينتمون إلى الجماعات التكفيريّة ولا يؤيّدون أعمالها، هم ضدّ هذا التدخّل اللبنانيّ “الاستباقيّ” في الوحول السوريّة…

بيد أن ما يعنينا، هنا أيضًا، إنّما هو هذه الذهنيّة المسيحيّة التي تتوق إلى زمن نظام “أهل الذمّة”. أمّا “أهل الذمّة” فاصطلاح لا يذكره القرآن الذي ترد فيه عبارة “أهل الكتاب”، أي اليهود والنصارى والصابئون والمجوس(سورة الحجّ، 17). فيما يخصّص الفقه الإسلاميّ، في مذاهبه كافّة، بابًا خاصًّا بأصول التعامل مع “أهل الذمّة” القاطنين في رحاب الدولة الإسلاميّة.ويتوسّع هذا الفقه في الحديث عن “الجزية”،وهو لفظ يَرد مرّةً واحدة في القرآن (سورة التوبة، 29)، التي يتوجّب على “أهل الذمّة” أداؤها لقاء بقائهم في دولة الإسلام وحمايتهم وعدم التعرّض لهم. وقد فُرضت الجزية خلال حقب عديدة من التاريخ الإسلاميّ على “أهل الكتاب”، كما كُتب العديد من المؤلّفات الفقهيّة عن تفاصيل الجزية وتفرّعاتها.

تروج في الأوساط المسيحيّة، علنًا، الدعوة إلى الامتنان من التدخّل الميليشياويّ في سوريا، لأنّ هذا التدخل “يحمي” الوجود المسيحيّ في سوريا ولبنان والعراق ! يتكلّمون عن حماية تؤمّنها الميليشيات، مع واجب تأدية الشكر والامتنان لها لحُسن صنيعها. هذه الذهنيّة، ذهنيّة الخضوع والدونيّة واستجداء البقاء بأيّ ثمن، ليست سوى تعبير عن قبولهم بأن يكونوا أهل ذمّة لدى حماتهم. صحيح أنّ الجزية لم تُفرض إلى اليوم على العموم، لكنّ بعض الناطقين باسم المسيحيّين إنّما يؤدّونها مواقف سياسيّة داعمة لأوليائهم “وهم صاغرون”.
المسيحيّون ناضلوا منذ القرن التاسع عشر كي لا يظلّوا تحت حماية المسلمين. زمن حماية جماعة لجماعة أخرى ينبغي أن يولّي إلى الأبد، ليحلّ مكانه زمن الدولة المدنيّة التي تحمي جميع أبنائها مؤمنين من جميع الديانات والمذاهب، وغير مؤمنين، إذ إنّ الدولة لا شأن لها بمعتقدات الناس الدينيّة. كما أنّ التاريخ، بحقبه كافّة، خير دليل إلى أن لا شريك للمسيحيّين في هذه البلاد سوى المسلمين بمذاهبهم كلّها.

لقد جرّبنا في لبنان حكم الميليشيات و”حماية” كلّ واحدة منها لقطيعها الطائفيّ، وشهدنا فشل هذا النوع من الحمايات. لذلك لسنا نؤمن بسوى حماية “الدولة المدنيّة” بكلّ ما تعنيه هذه العبارة من معنى لجميع المواطنين من دون استثناء. أمّا إذا كان ثمّة خطر قد يصلنا من خارج الحدود، فلا يحقّ لسوى الجيش اللبنانيّ أن يتولى القتال ضدّ المعتدين، بل بالأحرى هو واجب الجيش الأساسيّ. أمّا إذا لم يكن الجيش جاهزًا لهذا الأمر، وتفويض هذا الأمر إلى ميليشيات مذهبيّة، فبئس لبنان بقادته السياسيّين كافّة، من أعلى الهرم إلى أسفله، من هذه الحال التي نحن فيها.

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment