صحفي ومحلل سياسي
وليد شقير
يجهد رئيس الحكومة المكلف تأليف الحكومة في لبنان سعد الحريري لإبعاد تشكيل الحكومة من الوضع الإقليمي وسط التطورات المتسارعة إقليمياً، لكنه لا يلقى تجاوباً يساعد على إنهاء الفراغ الحكومي الذي استساغ بعض الفرقاء تكرار لعبة التعطيل الجهنمية متناسين أن نجاحها سابقاً جاء في ظروف مختلفة.
لم يكن عن عبث أن الحريري قال كلاماً هادئاً وتصالحياً وهو خارج من مبنى المحكمة الدولية في لاهاي قبل يومين، تعليقاً على الوقائع التي سمعها عن الأدلة التي بحوزة الادعاء في المحكمة، ضد قياديين في «حزب الله» وعن الاتصالات التي أجريت بين هؤلاء القياديين وبين القيادة السورية. فالحريري يفصل بين ترقبه حكم الإدانة للمتهمين باغتيال والده، عن الوضع السياسي الداخلي المرتبك والمتهالك، على رغم الصدى المدوي في لبنان، للخلفيات السياسية التي شرحها الادعاء في المحكمة، في تفسيره جريمة إزاحة أحد أكثر الزعامات العربية تأثيراً في حجمه وعلاقاته الدولية ورؤيته لدور لبنان الإقليمي.
حكم المحكمة بعد انتهاء مرافعات الأيام الثلاثة ليس قريباً. ومثلما ينتظر أن يستند إلى أدلة لا يرقى إليها «الشك المعقول» وفق التعبير القانوني الذي يلزم القضاة في قرارهم، فإن ما لا يقبل «الشك المعقول» أيضاً هو الخلاصة التي رسمها الادعاء لظروف الجريمة السياسية: دور النظام السوري في الدفع إليها مع جوقة من الحلفاء- الأبواق الذين مهدوا لها، فضلاً عن استعجاله التحضير لها في بوتقة «مؤسسة إجرامية» لم يكن معقولاً أن تملك 2500 كلغ من «المتفجرات العسكرية» لا تقتنيها إلا دول، بإمكانها نقلها. في لبنان لم يكن القادر سوى الجانب السوري في تلك الحقبة. لن تدين المحكمة النظام ورئيسه بشار الأسد لأن الأمر ليس من اختصاصها بعد أن تمكنت موسكو عام 2007 من استثناء الدول والرؤساء والمنظمات من حكمها في قرار مجلس الأمن بإنشائها.