أغرُف ميّه وارويني

    أغرُف ميّه وارويني

                                          زهير دعيم

خبّيني بقلبَك خَبّيني
 من عيون النّاس
واغرُف ميّه وارويني
 من احلى كاس
دمّك عطّرلي يقيني
 بفكرو الألماس
ولوّن يومي وسْنيني
  بنسرين وآس
أنا من غيرَك ياسميني
  بدون أنفاس
جفّت  مثل اليقطيني
  بلا إحساس
خذني دَخلَك واحميني
 واملا الحواس
فرح ومحبّة وزيني
مجد وأعراس
يسوعي انت الأوّل
انت الاساس
2012-5-14  

Posted in الأدب والفن, فكر حر | Leave a comment

الرُّوح

الرُّوح

مارثا فرنسيس

الإنسان نفس وروح يسكنان في جسد، النَّفس هي فكروإرادة ومشاعر، أما الرّوح فهي عنصر الحياة في الجسد، هي نفخة الله الخالق التي أعطت الحياة للجسد الماديّ ،وبخروج الروح من جسد الإنسان يفقد الجسد الحياة بكل ملامحها  ويعود إلى التراب الذي خُلق منه، وأما الرّوح نفسها  فهي خالدة لا تموت لأنها من الله، وهي بسيطة وغير مرئية، وهي نقطة التواصل مع الله؛ اذ بدونها لا يستطيع الجسد أن يتواصل مع الله الروح، وبالنسبة للحيوان فله نفس وجسد وليس له روح؛ ونفس الحيَوان في دمه وتنتهي حياته بسفك دمه.

هناك تداخل بين الرّوح والنفس والجسد، فالنفس والجسد يؤثران كل منهما في الآخر، ويدل على ذلك الأمراض النفسجسمية التي تصيب الإنسان، هناك امراض عضوية لها اصل نفسيّ وعصبيّ والعكس كالقولون العصبي والاكتئاب.
كما أن روح الإنسان متحدة بجسده، ولكن بينهما صراع دائم فالجسد بطبيعته يتجه للمادة ويتحرك بناءً على غرائزه الطبيعيّة، ولكنه يستطيع ألا يكون عبدًا لها، فهو يتمتع بفكر وإرادة ويتميّز بهما مع المشاعر، وبإرادته الحرّة يستطيع قبول  ما يليق  وما يناسب إنسانيته أو رفض كل ما لا يليق وكل ما ينحرف به عن الإنسانية حتى لو كلّفه ذلك تدريبات وجهدًا لتهذيب أخلاقياته.  أما الرّوح فهي تسعى نحو الله، ولهذا يقاوم كل منهما الآخر، الجسد يريد أن يدفع الروح في إتجاهه الماديّ والرّوح تحاول أن تجذب الجسد في الاتجاه إلى الله، وإذا أدرك الإنسان قيمة نفسه كإنسان سيرفض كل السلوكيات التي لا تتفق مع قيمته وإنسانيته .
الرّوح أبدية ، سرمدية ،فلم يخلق الله الانسان لكي يموت، إنما دخل الموت إلى العالم بسبب الخطية، وإذا  تناولنا الأمر بالمنطق والعقل: كيف نقبل أن يكون الهدف من خلق الإنسان أو حتى من وجوده بأي طريقة يؤمن بها من ينكرون وجود الله ؟- كيف نتعاطى فكرة أن تكون الحياة مجرد أهداف جسدية ماديّة ينتهي كل هدف عندما يتحقق، ليبحث الانسان عن أهداف جديدة قصيرة المدى أو طويلة المدى، ليحقّقها وتكون الحياة مجرد شَغل الوقت حتى يأتي الموت؟!
خلود الرّوح أمر مفرح  ومشبع ومُرضي وهو من الأسباب التي تقلل الخوف والرهبة من الموت، وأيضا يشرح معنى الأبدية، ويجعلنا نفهم أن الأبدية ليست أكلا وشربًا وجنسًا، فالرّوح التي سكنت في جسد مادي ترابي فترة من الوقت طالت أو قصرت- تتحرّر من هذا الجسد وتسكن جسد أبدي وتعلو وتسمو فوق مقاومة هذا الجسد، وتتوقف الحرب بينهما ولا يعود الجسد يشتهي ضدها، وتبدأ مرحلة جديدة دائمة لا يكون فيها دموع فيما بعد ولا موت ولا فقر ولا مشاكل.
فكرة الجنة المادية الملموسة والتي يستمر فيها الانسان بنفس غرائزه وشهواته بل أكثر ممّا كان في الحياة على الأرض، فكرة غير مقبولة بالعقل والمنطق،بل أنها مُخزية ومخيِّبة للآمال فما نوع هذا الجسد الذي سيكون معمراً إلى الأبد، وهو في نفس الوقت ماديّ يمارس الغرائز الجسدية الطبيعية؟! هل سيكون في الأبدية اكل؟ وهل يعني هذا أن الجنة ستكون نسخة موسعة  من الحياة على الأرض؟ وهل سينجب الناس في الجنة؟ الجسد الذي يمارس كل المتطلبات الجسدية هل سيظل بنفس امكانياته واحتياجاته الجسدية في الأبدية؟  وكيف سيكون الانسان بهذا الجسد المادي في حضرة الله الرّوح؟
خلق الله الإنسانً من نفس وروح وجسد، خلقه بإرادة حرّة وقدرة على إتخاذ القرارات، خلقه كائنًا إجتماعيًا يتغذّى عقله وكيانه على الحب، كان الانسان البدائيّ يعيش حياة بدائية، حياة تتميَّز بالبساطة واستخدام المواد المتاحة فيشعل النار بحك حجرين بعضهما مع بعض، ويتغذى على كل ماهو حوله من الطبيعة، وكلما إرتقت حياة الإنسان كلما إرتقت قدراته ومواهبه، وكلما إستطاع أن يطوِّر جسده حسب طريقة معيشته وإحتياجه للتوافق مع هذه الطرق، لم تتغير مكونات وأجزاء مخّ الانسان ولكنها تطوّرت فالقرد مُذ خُلق وهو قرد، والانسان مذ خُلق وهو انسان.

الرّوح هي المنطقة في الانسان التي تستطيع التقابل والتواصل مع الله. وهي تميِّز الإنسان عن سائر المخلوقات.
يقول علماء الكيمياء أن جسد الإنسان اذا تحلّل وُجد فيه: كربون وهيدروجين واكسوجين ونيتروجين وكالسيوم وحديد و كبريت وفسفور وغيرها ،وهي نفس العناصر التي يتركّب منها تراب الأرض بأنواعه.
الرّوح الخالدة  تجعلنا نفهم معنى أن الإنسان هو تاج الخليقة- وأن الإنسان لم يكن أبدًا في أصله قردا، فلم تثبت صحة تسلسل الإنسان من الحيوانات البكم، ووُجد أن الفرق بين أقدم البشر والقرود كالفرق بين أحدثهم والقرود في كل ما يختص بالبنية الجسدية، فمثلا حجم الدماغ يبيّن أن هناك فرقًا واضحًا بين جماجم البشر والقرود من بداية تاريخ البشر وحتى الآن ولو قارننا حجم جماجم أقدم البشر مع جماجم الإنسان في عصرنا الحالي لن نجد فرقاً غير أن جماجم القدماء كانت أكبر قليلا من جماجم الإنسان حالياً، كان إعتماد الإنسان القديم على قوته الجسدية في كل أمور حياته، وقلَّ تدريجيًا هذا الاعتماد نتيجة للتقدم التكنولوجي والتقني حتى أصبح الانسان يقوم بكل اعماله وهو جالس على مكتبه، وهذا من أهم أسباب اختلاف شكل الهيكل العام للإنسان الآن عن شكله منذ بداية تاريخ البشرية.

الإحتياج إلى الله ليس مجرد شعور نفسيّ،  ولكنه واقع حقيقي ودليلي على ذلك أن كلّ من يتبنّون هذا الفكر”أن الاحتياج الى الله مجرد شعور نفسي” لايجدون شبعهم أو تسديد إحتياجاتهم من الحب والأمان وسلام القلب بكل الطرق والوسائل،  رغم توفّر الفرصة والإمكانيات لملء هذه الاحتياجات بأمور أخرى، بل يظل الإنسان يبحث عن شئ لا يعرفه ولا يستطيع تسميته إلا بعد أن يقترب ويتعرّف إلى الله الإله الحيّ.

محبتي للجميع

Posted in فكر حر | Leave a comment

العبودية في الإسلام 27

العبودية في الإسلام 27

سردار أحمد

الحلقة السابعة والعشرون
الموالي ج3:
إذاً فالموالي هم كل من أسلم من غير العرب، وقد كانوا مواطنين من الدرجة الثانية، حيث عانوا الظلم والعنصرية، حين قرر العرب المسلمون أن الموالي أحط من الأحرار وأرفع من العبيد، وتجلى ذلك في عدم معاملة الموالي كالأحرار في الميراث والزواج والقصاص وتوزيع الغنائم…الخ
حكم الموالي
التبعية والانتساب:
المولى أو العبد المعتق ينسب للذي أعتقه ولهذا قيل للمُعتَقين الموالي، أو ينسب لقبيلته أو رهطه كقولهم مثلاً: مولى بني هاشم [أبو جعفر محمد بن حبيب]، مولى آل عمر بن الخطاب [أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ]، مولى بني أمية [يحيى بن مرزوق المكي]، مولى لبني فهر [عطاء بن أسلم]، ومولى بني عمرو بن عوف [عبد الرحمن بن أبي ليلى واسمه يسار الأنصاري]، وقد ينسب المولى لمدينة فيقال مثلاً مولى أهل مكة [مالك بن أبي سهم – عبيد الله بن ابي يزيد]، مولى قريش [يزيد بن أبي سعيد النحوي المروزي]…الخ
جر الولاء:
الولاء يجر الولاء، إذا مات السيد المُعتِق فينتقل إلى ورثته حلف الولاء على عبده، ذكر في التسهيل في الفقه، ج3: ” قال الإمام البعلي… كل من أعتق عبداً او عتق عليه برحمٍ أو كتابةٍ أو تدبير أو استيلاد فله ولاؤه وولاء أولادهِ، وأولادهم ومعتقيهم أبداً ما تناسلوا، ثم لعصبة السيد،…” وفي الحاوي في فقه الشافعي ج18 ص93: “قال الشافعي الأخ أولى بولاء الموالي، وقضى بذلك عثمان بن عفان ثم الاقرب فالأقرب”، وفي موطأ مالك، ج4 ص7: “قال مالك والجد أبو الأب أولى من بني الأخ للأب والأم وأولى من العم أخي الأب للأب والأم بالميراث وابن الأخ للأب والأم أولى من الجد بولاء الموالي”
ذكر في مسند الشافعي، ج2 ص370: “أن العاص بن هشام هلك وترك بنين له ثلاثة، اثنان لأم ورجل لعلة، أي لضرة، فهلك أحد اللذين لأم وترك مالا وموالي، فورثه أخوه الذي لأمه وأبيه ماله وولاء مواليه، ثم هلك الذي ورث المال وولاء الموالي وترك ابنه وأخاه لأبيه، فقال ابنه: قد أحرزت ما كان أبي أحرز من المال وولاء الموالي، وقال أخوه: ليس كذلك، إنما أحرزت المال، فأما ولاء الموالي فلا، أرأيت لو هلك أخي اليوم ألست أرثه أنا، فاختصما إلى عثمان رضي الله عنه فقضى لأخيه بولاء الموالي”
من ناحية أخرى ذكر في الموسوعة الفقهية الكويتية، ج1 ص184 إن الابن “هو الذي يرث الولاء دون البنت، عند جميع الفقهاء” ، وفي حاشية الصاوي على الشرح الصغير، ج10 ص485: “إن ترك المعتق- بكسر التاء ابنا أو ابن ابن وبنتا، فإن الابن وابنه يرث الولاء دون البنت. ولو مات ولم يترك إلا بناتا أو أخوات فلا حق لهم بل للمسلمين”
* * *
التبني:
في الجاهلية كان يمكن عتق العبد وتبنيه واعتباره كالولد الحقيقي، ذكر في (مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول، ص48): “كانوا يقولون: زيد بن حارثة مولى رسول الله أي عتيقه،… وكان يحدث في بعض الأحيان أن يتخذ المعتق مولاه ابنا أي يتبناه، وفي هذه الحالة كانوا يطبقون ما يطبق بالنسب، بمعنى أنه لا يجوز لمعتق أن يتزوج من زوجة متبناه إذا طلقها أو مات عنها. وهذا هو الباب المفتوح لترقي طبقة العتقاء في السلم الاجتماعي. وقد ظلت هذه الحالة في الجاهلية حتى إذا جاء الإسلام ألغى نظام التبني هذا كله” حيث نرى بعد ذلك في الإسلام أن النبي محمد يتزوج زوجة ابنه بالتبني، وقد كان من تبنى رجلا في الجاهلية دعاه الناس إليه حتى نزلت الآيات لتحرم التبني {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} [الأحزاب:5]، وقد تزامنت تلك الآية (وآيات غيرها) مع رغبة النبي محمد من الزواج بزوجة ابنه بالتبني.
بينما نرى أن نظام التبني كان معروفاً قبل ذلك ومنذ العهود الأولى كحل لمشكلة عدم وجود الابن الحقيقي، وكان منتشراً لدى البابليين والآشوريين وكان في موزوبوتاميا يتم بموجب عقد ومخالفة مضمونه تستوجب إجراءات صارمة، وقد كان التبني لديهم سببا من أسباب التخلص من العبودية.
الميراث:
وفي الإسلام يكون الإرث بالولاء من جهة واحدة ألا وهي جهة المعتق الذي انعم بالعتق، لما له فضل على العتيق، ولا يرث العتيق سيده، لأنه لا فضل منه عليه، قال جمهور الفقهاء: «لا يرث المولى الأسفل من الأعلى»، وفي الجاهلية كان يمكن عتق العبد (سائبة) وهو عتق العبد دون أن يكون ولاؤه لمعتقه أو لسواه من الناس، و”الجاهليين كانوا لا يرثون العبد العتيق سائبة، ويتحرجون من ذلك.” (الموالي ونظام الولاء من الجاهليّة حتى آخر العصر الأموي- عبد اللطيف أرناؤوط)، وفي الجاهلية أيضا كان كل من تبنى رجلاً جعله كالابن المولود له، فورث من ميراثه، حتى نزلت الآية لتبدل الحال وتنسخ كل ما قبلها وتقول {وَأُولُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} (الأنفال:75)، كذا في تفسير الطبري ج8 ص271: “قال: و”المولى” اليوم موليان: مَوْلى يرث ويورث، فهؤلاء ذوو الأرحام- وموَّلى يورَث ولا يرِث، فهؤلاء العَتَاقة.” وهكذا تم منع المسلمين من معاملة الأولاد الطبيعيين والمتبنين على حدٍ سواء في النسب والميراث.. الخ.
الشرعة الإسلامية من شدة العنصرية تمنع تبني العبد المُعتَق وتحرمه من العيش في المجتمع كفرد في أسرة له ما لهم وعليه ما عليهم، بينما نجد في قوانين حمورابي او في قوانين العراق القديمة قبل الإسلام بأكثر من ألفي سنة حقوق (التزامات) المتبني مثل: -الالتزام بتعليم المتبني حرفته ومعاملته كمعامله اولاده -الالتزام بالأنفاق علية لمعيشته والا فأن بإمكان المتبنى العودة الى اسرته الأصلية، اما اذا تخلى عن المتبنى (خاصة اذا انجبت زوجته اطفالاً) فعليه ان يدفع له ثلث ميراثه من جميع امواله عدا الحقل والبستان والبيت.
* * *
زواج الموالي:
من شروط الزواج في الإسلام التكافؤ، وهناك من الفقهاء من يرى أن الاستقامة والصلاح من أسباب التكافؤ، وأن الكفاءة في النسب غير معتبرة، كما هو الحال لدى المالكية ودليلهم على ذلك آية: {إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم}، والدليل الآخر الحديث الذي يقول: “لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى”
ولكن هنالك غيرهم من يرى أن الكفاءة في النسب معتبرة ولا يجوز تجاوزها حين عقد النكاح، وهم الأغلبية، حيث يرون أن من مس الرق أحد آبائه ليس كمن لم يمسه رق، والحرة يلحقها العار بكونها تحت من سبق من كان في آبائه مسترق، والقاعدة هي أن الموالي بعضهم أكفاء لبعض، ولا تكون الموالي أكفاء للعرب، لفضل العرب على العجم، كما هي الحال عند الحنفية الكفاءة في النسب معتبرة ودليلهم على ذلك ما روي عن النبي محمد، قال: “قريش بعضهم أكفاء لبعض، والعرب بعضهم أكفاء لبعض، قبيلة بقبيلة، ورجل برجل، والموالي بعضهم أكفاء لبعض، قبيلة بقبيلة، ورجل برجل إلا حائك أو حجام”، ولدى الشافعية حتى غير القرشي من العرب ليس كفء القرشية، لرواية” قدموا قريشا ولا تقدموها”، وفي حديث آخر قال رسول الله (ص) “إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء” أي أنهما متكافئان، وكذا قول (ص): “إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشا من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم”، وفي المغني المحتاج “الشريفة فلا يكافئها إلا شريف، والشرف مختص بأولاد الحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما وعن أبويهما”، وكذا لدى مذهب أحمد الكفاءة “هي الدين والنسب خاصة. وفي رواية أخرى: هي خمسة الدين والنسب والحرية والصناعة والمال.”
نقرأ في فقه السنة، ج2، ص148 أن: “العبد ليس بكفء للحرة، ولا العتيق كفئا لحرة الاصل، ولا من مس الرق أحد آبائه كفئا لمن لم يمسها رق، ولا أحدا من آبائها، لان الحرة يلحقها العار بكونها تحت عبد، أو تحت من سبق من كان في آبائه مسترق.” وفي كنز العمال، ج16، ص319: “يا معشر الموالي! شراركم من تزوج في العرب، ويا معشر العرب! شراركم من تزوج في الموالي (أبو نعيم – عن عتبة بن طويع المازني).”
وها هو عمر بن عبد العزيز يقول في نثر الدر، ج1، ص136: “لا يتزوج من الموالي في العرب إلا الاشتر البطر، ولا يتزوج من العرب في الموالي إلا الطمع الطبع.”، وفي بداية المجتهد، ج2، ص14: “قال سفيان الثوري وأحمد: لا تزوج العربية من مولى، وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا تزوج قرشية إلا من قرشي، ولا عربية إلا من عربي.”
يقول عبد اللطيف أرناؤوط في كتابه (الموالي ونظام الولاء من الجاهليّة حتى آخر العصر الأموي): “أن العربي كان يعد الهجين من العرب وهو المولود من أب عربي وأم عجمية أحط مرتبة من العربي الصميم الصريح النسب، من ذلك موقف شداد من عنترة، وكان زواج العربي من العجمية أمراً مستهجناً”
بعض الأمثلة التي تعبر عن كيفية تطبيق، ومدى تأثير، تلك القوانين العنصرية في الحياة والمجتمع:
عن الزواج بالموالي، قصة زواج زينب بنت جحش (ثم لاحقاً أم المؤمنين) والتي بالأصل تزوجت بموجب آية استثنائية إجبارية {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} [الأحزاب:36]، وعن ذلك نقرأ ما ورد في الحلقة25 عن -تيسير التفسير للقطان، ج3، ص109: “لم ينجح هذا الزواج. فقد تطاولت زينب على زوجها وجعلت تتكبر عليه، وتعيّره بأنه عبد رقيق، وهي قرشية. وآذتْه بفخرها عليه”… وذكر في الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة ج7، ص401 أنه: “كان لنصيب (وهو شاعر أسود) بنات فكان يشح بهن على الموالي وتكره العرب أن تتزوجهن”، مع العلم أن نصيب كان مولى عمر بن عبد العزيز”
وفي كتاب الأغاني “إذا تجرأ المولى وتزوج بعربية وبلغ أمره الوالي طلقها، كما حدث لأعراب بني سليم في الروحاء، فانهم جاءوا الروحاء فخطب إليهم بعض مواليها إحدى بناتهم فزوجوه بها، فوشي بذلك إلى والي المدينة، ففرق الوالي بين الزوجين وضرب المولى مائتي سوط، وحلق رأسه ولحيته وحاجبيه”
قال ابن بشير في ذلك: وفي المائتين للمولى نكال…. …. وفي سلب الحواجب والخدود
كتب د. أحمد خليل عن (محمد عمارة- فجر اليقظة العربية ص96): “تزوّج عبد الله بن كَثِير، مولى بني مَخْزُوم، من امرأة عربية، وهو يحبها وهي تحبه، لكن مُصْعَب بن الزُّبَيْر [= ابن العَوّام] فرّق بينهما، لا لشيء، سوى أنها عربية، وأنه من الموالي”، ولو بحثتم في كوكل ستجدون الكثير من الأخبار والمنشورات عن حالات أقرت فيها المحاكم السعودية السجن للزوجين، أو الطلاق بين الأزواج، والتفريق بينهما، بسبب عدم كفاءة النسب.
وكان هنالك تمييز حتى بين زوجات النبي محمد، فقد “قسم عمر بن الخطاب في خلافته لكل امرأة من أزواج النبي (ص) أثنى عشر ألفا، وأعطى جويرية وصفية ستة آلاف ستة آلاف، بسبب أنهما سبيتا” (السيرة النبوية لابن كثير ج4 ص586، وكذا قيل في سنن البيهقي، والبداية والنهاية)، وفي -الأموال لقاسم بن سلام ج2، ص14 قيل: “لأنهما كانتا ممن أفاء الله على رسوله” وفي انساب الأشرف ج1، ص195 يقول عمر: “لا أجعل سبية كابنة أبي بكر الصديق” وفي ذلك يقول الجاحظ “فضل القرشيات من نساء النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم على غيرهن”
وهذا يوضح كذب من قال ان زوجات النبي محمد الكثيرة ومصاهراته كانت مهمة للتحالفات، ونصرة لدين (منزل من عند الله لجميع البشر)، لأنها لو كانت كذلك لكانت الأولوية للزواج من القوميات الأخرى (لا منع ذلك)، ولما كان هنالك داعي لأن يتزوج من الطفلة عائشة نصرة للدين مع ان أبو بكر حسب قولهم كان اول المصدقين به.
بالمقابل في التشريعات القديمة السابقة للإسلام بمئات وآلاف السنين نجد ان الوضع كان أفضل مما (تطور) إليه الشرع الإسلامي، مثلا في قوانين الأحول الشخصية في شريعة حمورابي (1750 ق.م) مثلتها المواد (127- 194) “… حرية الفتاة الغنية في التزوج من عبد”، والعبيد في بابل كان ينظر إليهم على أنهم عائلة واحدة، بل وكان بمقدور العبد أن يصير حراً وأن يصبح عضواً في المجتمع له كل حقوق الأعضاء الأحرار وواجباتهم والتزاماتهم، فالعبودية لم تكن بمثابة حاجز يحول بين الإنسان وبين صعوده، كما لم تكن وصمة تخزي الإنسان طوال حياته.
في اثينا القديمة تزوج ارسطو (المعلم الأول للإسكندر الأكبر) بيسياس (384-322 ق.م) ابنة هيرميس بالتبني. أنجبت له ابنة، سمياه بيسياس. وحتى في الجاهلية كانت كفاءة النسب غير معتبرة، على الأقل بالدرجة التي أصبح عليها الحال في الإسلام، نقرأ في -المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، ج17، ص384: “قد تعرض الجاحظ لذلك، فقال: “وقد قالت الزنج: من جهلكم أنكم رأيتمونا لكم أكْفَاء في الجاهلية في نسائكم، فلما جاء عدل الإسلام رأيتم ذلك فاسدًا”
ما ورد اعلاه كان عن زواج العرب من العبيد المحررين أو الأشخاص من القوميات غير العربية (الموالي)، اما الزواج من العبيد والجواري فله قوانين خاصة وهو محرم بموجب آيات ما لم تتوافر شروط معينة والحلقات (9-10-11) تتحدث عن ذلك بالتفصيل.
* * *
قيل في (كتاب الصحيح من سيرة الإمام علي، ج13): “أن التدين والعمل الصالح كان ظاهراً وشائعاً في الموالي أكثر منه في العرب… إلى أن قال: وكان الذي دعاه إلى ذلك: أن أكثر القراء، والفقهاء، كانوا من الموالي”، وعن ذلك نقرأ في (طبقات الفقهاء, ص58): “قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: لما مات العبادلة: عبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاص صار الفقه في جميع البلدان إلى الموالي: فقيه مكة عطاء، وفقيه اليمن طاوس، وفقيه اليمامة يحيى ابن أبي كثير، وفقيه البصرة الحسن، وفقيه الكوفة إبراهيم النخعي، وفقيه الشام مكحول، وفقيه خراسان عطاء الخراساني، إلا المدينة فإن الله تعالى خصها بقرشي”
وبالرغم مما سبق من إخلاص المسلمين الغير عرب وتفانيهم للإسلام، نجد أنه تم التعامل معهم باستعلاء وعنصرية وتم استغلالهم على أبشع وجه، نقرأ مثلاً في مشاكل الآثار للطحاوي، ج8 ص77: “عن كثير بن أبي الأعين قال: حدثني أبو الطفيل قال: ضحك رسول الله (ص) حتى استغرب، فقال: «ألا تسألوني مم ضحكت؟» قالوا: مم ضحكت، يا رسول الله؟ قال: «عجبت من قوم يقادون إلى الجنة في السلاسل، وهم يتقاعسون عنها، فما يكرهها إليهم»، قالوا: وكيف يا رسول الله؟ قال: «قوم من العجم يسبيهم المهاجرون ليدخلوهم في الإسلام وهم كارهون»”، وعلى ذات المنوال نستذكر الحديث النبوي “عن أنس، رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص): «حب العرب إيمان وبغضهم نفاق»”، بهكذا كلمات ساذجة وتعاليم عنصرية باسم الله كانوا يتعاملون مع اهل البلاد التي كانوا يحتلونها (فتوحات) والتي لا يكون مصير أهلها إلا الهلاك والتشتت والاستعباد وضياع الهوية، وقد كانوا مجرد حكم استعماري غاشم، يقول د. احمد الخليل: “راج مصطلح (الموالي)- على الغالب- في القرون الهجرية الثلاثة الأولى، حينما كانت القيادة في أيدي العرب شكلاً مضموناً”، وهكذا كان بقاء العبودية واستمرارها في ظاهرة الولاء، حيث لا يتمتع المسلم المولى بمزايا المسلم العربي، يقول د. كامل النجار في ذلك: “معظم أهل السير وأهل الحديث وأهل الطب والعلوم، مثل الزمخشري والطبري وابن سينا والرازي وابن سيرين والخوارزمي والسجستاني والبيروني وابن النفيس، وغيرهم كثيرون، كانوا من قوميات غير عربية، ولولاهم لما كان للعرب شأن يذكر، فقد اعتبرهم العرب أقل منهم حسباً ونسباً وقالوا: إذا كان الاسم عجمياً فالعب به.”
وحديثاً نرى بوضوح أن (الأمة العربية) تعودت على تلك العنصرية في ثقافتها، وما زالت إلى الآن تحن إلى استعباد الاخرين، مثلما تفعل اليوم مع الكورد، الآشوريين، الأمازيغ، الأقباط، وبعض الطوائف الدينية…الخ، فنجد مثلاً وعلى ذات النهج والطريق أن علي الشعيبي (كاتب سوري من محافظة الرقة- عضو بارز في اتحاد الكتاب العرب) يصدر كتابه: “كردستان بين الوهم و الحقيقة” يعبر فيه عن أدب الأمة بموافقة وزارة الاعلام السورية، ومباركة الشعب العربي المسلم (بطل محاربة الرسوم الدنماركية، والبضائع الهولندية)، وهو عبارة عن كتاب يدعو إلى قمع الأكراد ومنعهم من العمل والسكن في مدينة الرقة وتهجيرهم, ويعتبر كل من يبيعهم أرضاً أو يتعامل معهم خائناً، وما تفضل به الشعيبي هو ليس مجرد رأي شخصي تم السكوت عنه، وكلنا نعلم انه لا يمكن إصدار كتاب وتداوله في بلادنا ما لم يكن متوافقاً مع الحالة القومية والدين والثقافة السائدة، ولكم أن تتصوروا رد الفعل والحالة الشعبية العامة فيما لو كان الكاتب كردياً وكانت الحالة معكوسة، ونجد المشهد ذاته بعد ما يسمى الثورة على حسني مبارك حين أعلن التلفزيون (الوطني) المصري وأمر المسلمين بالنزول للشوارع لمساندة الجيش ضد الأقباط، هل يوجد تلفزيون وطني بالعالم يهيب بديانة معينة بأن ينزلوا للشارع لمساندة الجيش ضد ابناء وطنهم (مع رضا عام) إن لم تكن هنالك علة بتلك الديانة واهلها؟! والنتيجة في اليوم الثاني مقتل اكثر من 32 قبطياً، بدون اية خسائر للمسلمين او جيشهم (الوطني).
ما سبق يؤكد لنا بأن العالم العربي الإسلامي لا يتعلم من الماضي، ولا يأخذ العبر من الحضارات المشيدة، ولا يحاول إصلاح نفسه، لا زال خادماً لحالة الجهل والأمية المطبقة عليه، لتعاليم عنصرية قبلية، تفضل طبقة أو قومية على غيرها، تمنعه من التعايش مع الآخرين بخير وسلام، ونتيجة لذلك هو نفسه يعيش حالة عبودية وذل، لأنه لا يمكن لشعب أن يكون حراً وهو يؤمن بأن من حقه استعباد الآخرين.

يـــــتـــــبـــــع
https://www.facebook.com/serdar.eh2

Posted in فكر حر | Leave a comment

شرف بهية بالوحل يا جدعان

شرف بهية بالوحل يا جدعان

طلال عبدالله الخوري 12\5\2012

بهية هي اسم مصر بالادب المصري الشعبي.
تناقلت وسائل الأعلام المختلفة الخبر التالي:
“أعلنت وزيرة التخطيط والتعاون الدولي في مصر، فايزة أبو النجا، أنه فى ضوء التزام المملكة العربية السعودية بتعهداتها لدى مصر، فقد تم ضخ وديعة قيمتها مليار دولار، تم تحويلها للبنك المركزي كوديعة لمدة 8 سنوات.”

ماذا نستنتج من هذا الخبر:
منذ ان استلم رسمياُ حكم مصر, بعد تمثيلية تنحي الرئيس المخلوع حسني مبارك, طالب المجلس العسكري, وبإلحاح شديد, تحويل هذا المبلغ المتفق عليه بين المجلس العسكري والحكومة السعودية الى الخزينة المصرية لكي تساعدهم على التحكم بالبلد.
 ولكن الملك عبدالله خادم الحرمين الشرفيين رفض تحويل هذا المبلغ حتى الأن!! والسؤال الحيوي هو:لماذا, الأن, قرر خادم الحرمين تحرير هذا المبلغ لمصر؟؟

الجواب برأينا الشخصي هو:

اولاً: المبلغ هو مكافأة للمجلس العسكري المصري اذا نجح بتمييع الثورة المصرية, وذلك بالمحافظة على النظام السابق كما هو, وكأن شيئا لم يحدث!  ان اي ثورة لم تهب مطالبة بالتغيير!! لأن التغيير بأي بلد عربي هو اكبر عدو للنظام الملكي الثيوقراطي السعودي المتخلف 1400 سنة الى الوراء عن الحضارة فقط لا غير, وذلك لان هذا النظام يخشى وصول هذا التغيير الى حجره.
ثانياً: هذا يعني انه بالماضي لم يطمأن خادم الحرمين من أن المجلس العسكري سينجح بتمييع الثورة, وكان يخشى من ان التغيير الديمقارطي سيحدث لا محالة, وستضيع بالتالي امواله هدرا في طريق بناء مصرة على اسس ديمقراطية على عكس ما يريده النظام السعودي؟؟

ولكن ماالذي حدث الأن لكي يتم تحرير المبلغ؟؟ الذي حدث بأن المجلس العسكري نجح بامتياز بتمييع الثورة والمحافظة على النظام السابق كما هو, والدليل ان الرئيس المقبل لمصر هو احد الاحتمالين التاليين:

الاحتمال الأول: هو مرشح حزب الاخوان المسلمين والاخونجي القيادي عبد المنعم ابو الفتوح, وان  حزب الاخوان المسلمين هو عبارة عن دمية بيد السعودية تحركه بأصابعها, حيث من المعروف بان السعودية هي التي اسست هذا الحزب ومولته لكي تحارب به جمال عبدالناصر والقوميين العرب, ومازالت تتحكم بهذا الحزب حتى اكثر مما تتحكم  بالشرطة الدينية السعودية لديها والمعروفة بهيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر.

من المعروف بأن لا مصلحة للاخوان المسلمين بالحكم المباشر لاي  بلد اسلامي, فهم يفضلون ان يكونوا من خلف الستار واولويتهم هي ان يتحكموا بالشارع مباشرة ,وسنرى بأنهم سيسلمون الحكم الفعلي للمجلس العسكري المصري, كما هو حادث الان, اما هم,كأخوان, سيفضلون ان يكونوا بصفوف المعارضة و أن يتحكموا بالشارع المصري.

من هنا نستنتج بأن خيار ابو الفتوح يحقق كل المطالب السعودية, من تمييع للثورة وابقاء الحكم بمصر كما هو من دون اي تغيير حقيقي.

الاحتمال الثاني: هو عمر موسى: وهو عبارة عن امعة سابقة بنظام حسني مبارك, وهو ايضاً امعة الجامعة العربية والذي اعتاد على تنفيذ اوامر خادم الحرميين الشرفيين, والاكثر من هذا فقد اعتاد على عطايا ملك السعودية ولحس الفتات التي يرميها له زعماء الخليج.

من هنا نرى بأن كلا الاحتمالين القادمين لتوجيه السياسة المصرية, ابو الفتوج او عمرو موسى, يصبان بمصلحة الحكم السعودي الساعي الى اخماد الربيع العربي والذي يخشى على استمرارية حكمه فيما لو امتد هذا الربيع الى السعودية.
لذلك قررت السعودية بأنه حان الوقت لارسال المكافأة التي وعدوا بها المجلس العسكري, وستساعد هذه المكافأة المجلس العسكري المصري من تثبيت حكمه وتحكمه بمصر والشعب المصري كما كان حاصل بحقبة مبارك, وكأنك يا بو زيد ما غزيت.

عندما قرأت هذا الخبر ( وارجو ان تعذروني لصراحتي) تخليت بأن أبو متعب يشتري بهية بسوق النخاسة ويقول لها باللهجة السعودية:” مليار, مليارين, ما يخالف, طوبز مليح توخذ مليح”

ولكن هل فعلا سينجح ابو متعب بتلويث شرف بهية بالوحل؟؟
كلا… ومليون لا….. فمصر ذاقت معنى الحرية وقتلت خرافة الخوف…. ونحن بأنتظار الثورة القادمة بمصر.

http://www.facebook.com/pages/طلال-عبدالله-الخوري/145519358858664?sk=wall

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | 2 Comments

تكالب بشار الأسد على السلطة

تكالب بشار الأسد على السلطة

طلال عبدالله الخوري 12\5\2012

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, كاريكاتور | Leave a comment

هل يتدخل إله إسرائيل في بطولة الشطرنج؟

هل يتدخل إله إسرائيل في بطولة الشطرنج؟

بقلم: رياض الحبيّب؛ خاص: المفكر الحر

مررت في صيف العام 2005 بفقر مدقع ما أدَّى إلى اختلال في نظام التغذية لديّ، حتى سبّب النقص في التغذية بدء شلل في قدمي اليسرى. قررت الذهاب إلى الطبيب، إذ لكل شخص هنا طبيب خاص، ذهبت إليه مشيًا، لم أمتلك ثمن أجرة الباص ولا أجرة الطبيب. كل خطوة مشيت كانت ثقيلة، كنت أجرّ قدمي اليسرى جرًّا، لم أقوَ على حملها لإكمال الخطوة. سألني الطبيب الأسئلة المعتادة ولم يستطع تشخيص الحالة، لأني لم أشْكُ له علّة غير ما ذكرت. ولم أجرؤ على القول أني كنت أتناول وجبة طعام واحدة، في بلد يُعَدّ إحصائيًّا في قائمة أغنى البلدان. لذا قررت تحسين نظام التغذية حتى خفَّت المعاناة تدريجيًّا وبعد مرور بضعة أسابيع. لكنَّ ما لفتني من أسئلة الطبيب هو الهوايات التي اعتدت على ممارستها؛ قلت له القراءة والموسيقى الهادئة والشطرنج. فتنبَّه إلى قولي (الشطرنج) ونصحني بهذه الرياضة الفكرية لأنها تنشّط المخ وحين ينشط المخ تنشط معه أعضاء الجسم. علمًا أنّ لاعبي الشطرنج الكبار- واللاعبات- يمارسون رياضات بدنية مختلفة كالسباحة والتنس وكرة القدم لأنها من العوامل التي تنشط القلب والدماغ. بالإضافة إلى أن معظمهم من أصحاب الشهادات ولا سيّما العلمية. ولا ينسى المهتمون بهذه الرياضة امتناع البطل الروسي العظيم  د. ألكسندر ألِيْخـين من الكحول والتدخين قبل استرجاع لقبه العالمي عام 1937 الذي فقده قبل هذا التاريخ بعامين للهولندي د. ماكس أوڤا

إن طريق الوصول إلى بطولة العالم بالشطرنج طويل وشائك ومتعب ومكلف، لا تسع وصف هذا الطريق أية مقالة ولا كتاب ولا ينصفه التاريخ ما تناوله بإسهاب وإطناب، لكني أحاول فيه الاقتضاب، لأني أعلم أن المهتمين بالشطرنج- والمهتمّات- في الدول الناطقة بالعربيّة لا تتعدى نسبتهم الواحد من كل ألف. فالشطرنج تاريخ وعلم وأدب وأخلاق وفن ورياضة ومنطق سليم. والعرب الذين عرفتهم طوال حياتي يفتقرون إلى احتضان هذه المفاهيم، لذلك أراهم يتقدّمون إلى أمام ببطء شديد كالسُّلحفاة، مقابل استعدادهم للعودة إلى الوراء بسرعة الغزال، ما لم أجد عند غيرهم من الأمم. لقد رأيت أممًا كثيرة تلعب الشطرنج في الحياة عمومًا إلّـا العرب فإنهم يلعبون بطاولة الزهر ويعشقون الرِّهان ولو على حصان خاسر. لعلّ محاولتي في تنوير العرب من أسباب كتابة مقالاتي باللغة العربية، بعدما كنت أكتب بلغتين أخرَيَيْن في الغربة ولا أزال. واللافت الذي يصعب تصديقه هو أن العرب هم الوحيدون بين الأمم الذين لا يتقنون لغتهم الكتابية ولا قواعدها وهي لغتهم الأم ولغة كتبهم الدينية التي يدافعون عن محتوياتها وهم لا يفقهون فيها إلّـا القليل، بينما رأيت الأمم التي مررت بأراضيها مرور الكرام يتقن الواحد فيهم لغة أخرى بالإضافة إلى إتقان لغته الأمّ. إنها لكارثة حقيقية يجب التنبّه إليها قبل فوات الأوان. فقليلون من أمثالي ممّن يحتملون هذا المقدار من الغباء. ثِق أيها القارئ العزيز وأيتها القارئة العزيزة أني لو طال صمتي أكثر لنطق الحجر، علمًا أني كتبت مقالاتي وقصائدي بعناية لغوية مركَّزة، إذ هدفت إلى تعـليم غيري فنون النَّـثر والشِّعْـر قائلًـا في نفسي: لعـلَّ يومًا ما يتَّعـظ الكتّاب من الجنسين

أعود إلى الشطرنج لأنه محور المقالة لأكتب خلال ساعة متابعتي الجولة الثانية من بطولة العالم بالشطرنج التي تجري أحداثها في العاصمة الروسية موسكو (بالروسية: موسكڤا) في الفترة 10-30 أيّار- مايو الجاري بين النابغة الهندي ڤِـسواناثان أناند (وهو البطل الحالي والمدافع عن اللقب للمرّة الثالثة بشكل متواصل) وبين المُرشَّح الجديد للمنافسة الإسرائيلي بوريس گلفاند (أو غِلفاند) الذي ينافس على اللقب لمصلحته ومصلحة بلاده. وأمامي الآن ثلاث محطّات للتوقف عند كل منها هي موسكو ودفاع أناند وتحدّي گلفاند. فالإتحاد السّوڤـياتي السابق قد هيمن على بطولة العالم بالشطرنج بين العام 1927 أي بعد نجاح أليخين في انتزاع اللقب من العبقري الكوبي كاپابلانكا وبين العام 1972 أي قبل انتزاع الأميركي بوبي فيشر البطولة من الروسي المخضرم بوريس سپاسكي، لذا لا غبار على كفاءة موسكو في احتضان وقائع هذا الحدث

واليوم نرى في مكتبات جميع لاعبي الشطرنج المتقدمين- ذكورًا وإناثًا- كتبًا عن أناند وصورًا وڤيديوهات ومجلّـات دوّنت مباريات له ولقطات من سيرته الذاتية وهو يحظى بشعبية واسعة في الهند (المولود فيها عام 1969 والملقب هناك: نمر مَدراس) وسائر دول العالم، علمًا أنه يتحدث بطلاقة الإنگـليزية والأسپانية بالإضافة إلى لغته الأمّ. وقد علّمته والدته طريقة اللعب حينما كان في سن السادسة. ويقيم حاليًّا في أسپانيا مع زوجته آرُونا وابنهما أخِيْل. فاز المرة الأولى في العام 2002 وهو في سنّ الحادية والثلاثين وبعد انتصارات لافتة تناولتها كتب عدّة ومقالات وصفحات الكترونية، ثم عاد إلى الفوز بالبطولة مرة ثانية عام 2007 حتى استطاع بعد مرور عام واحد الدفاع عن لقبه أمام الروسي المُحنَّك ڤـلاديمير كْرَامْنِك ثمّ أمام البلغاري الموهوب ڤيسلين توپالوڤ خلال العام 2010 وقد رأيت في إحصائية منشورة على موقع الكتروني شطرنجي وجود نسبة 82% من المهتمين باللعبة- من الجنسين- يتوقعون تمكن أناند من الإحتفاظ باللقب مرة ثالثة على التوالي

وقد وقفت إلى جانب التوقع المذكور، لكني تذكرت أنّ إله إبراهيم وإسحق ويعقوب* هو أيضًا إله گلفاند، أي الإله الذي يعبده گلفاند. ولا أدري ما كان أناند وأهل بيته اهتدوا إليه ولا سيّما بعد إقامتهم في البلد المسيحي أسپانيا. ليت أناند والهند كلّها والعالم كلّه يهتدون إليه، كي يعرفوا الحق والحق يحرِّرُهم- وفق الإنجيل بتدوين يوحنّا 32:8 فهل يتدخّل إله گلفاند في أحداث هذه البطولة لمصلحة گلفاند ومصلحة إسرائيل بطريقته الخاصّة، أم ان الله اكتفى بإعطاء نعمته العظمى {العقل} للبشر تاركًا لهم- ولهُنَّ- حرِّيَّة التفكير وحريّة التصرّف وحريّة اتخاذ القرار، أم ان الله لا يتدخّل في المنافسات الشريفة ولا يهتمّ بالذين يسجدون في الملاعب متوسِّلين إليه أو شاكرين- وهم بهذه الطريقة من الشكر يخرجون عن قواعد اللعبة ويستفزّون الآخر الذي قد ينتقد سذاجتهم ويسخر منهم- أم انه يتدخّل بعد أن يُسيء أحدُهُمْ أو إحداهنّ أو كلاهما إلى الشعب الذي يعرف الله كما يجب وإلى وصايا الله العشر؟ ربّما يستحقّ ما تقدّم التأمّل فيه والقول: الله أعلم! لكنّ الحقّ الكتابي يقول أن الله يهتمّ بأمور الدنيا كلّها وإلّـا لما تنازل بشخص السيّد المسيح له المجد. والنتيجة المنطقية أخيرًا: لو تدخّل الله في الشؤون الرياضيّة لفازت فرق إسرائيل، بكرة القدم مثالًـا، على الفرق الأوروپية ولا سيّما المبتعد منها عن الله

إن الذي دفعني إلى كتابة هذه المقالة هو الكلام اللافت لرئيس اتحاد الشطرنج الاسرائيلي موشيه سلاڤ خلال حفل الإفتتاح- كما يبدو- والمنشور في الموقع الالكتروني الرسمي لهذه البطولة؛ إذ قرأت في صفحة التحيّات أوّلًـا كلمة رئيس الإتحاد الدولي للشطرنج متمنيًّا الفوز للاعب الأفضل وخاتمًا بالقول: (نحن واحد بالإنسانية) ثم كلمة مستشار اتحاد الشطرنج الروسي التي شكر فيها جميع الوافدين إلى موسكو والوافدات لمواكبة هذا الحدث، متمنيًّا للأستاذين المتباريَين انجازات جديدة لتاريخ الشطرنج وكتابة صفحة جديدة. ثم كلمة المديرة العامة للمتحف الروسي الذي استضيفت البطولة في صالته الرئيسية، تمنّت بها للحضور الاستمتاع بمشاهدة المباراة إلى جانب مشاهدة الفن الروسي الجميل والعريق. ثم كلمة راعي البطولة الذي عبّر عن افتخاره باختيار موسكو لاستضافة هذا الحدث، حيث يتفاعل الشطرنج كرياضة مع الفن والثقافة العالمية على أرض متحف فني روسي هو الأوّل في العالم الذي تقام فيه بطولة شطرنج. ثمّ تلتها أخيرًا الكلمة اللافتة المذكورة أوّلًـا والتي أحاول ترجمة أبرز ما ورد فيها عن الإنكليزية؛ قال المتحدّث: (إن اشتراك گلفاند في بطولة العالم للشطرنج من شأنه أن يعزز الشطرنج الإسرائيلي ويصل به إلى شعبيّة لا مثيل لها في بلادنا. گلفاند هو ذخر لدولة اسرائيل، إلى جانب عشرات من الحائزين على جائزة نوبل، هو أنموذج للتفوق والإجتهاد. وتأثيره يتخطّى الحدود ويوفِّر شعورًا بالفخر والإنتماء إلى الأمّة اليهوديّة بأسرها. يتمنى مواطنو اسرائيل- ومواطناته بالتأكيد- فوز المنافس بوريس گلفاند باللقب في مباراة هي ذروة حياته المهنية الطويلة. مع المباركة القلبية بالنجاح) انتهى. علمًا أنّ بوريس گلفاند (المولود في بيلاروسيا أي روسيا البيضاء عام 1968) قد تأهّل لهذه البطولة بعد فوزه بدورة المرشّحين (التي تشمل الذكور والإناث) للمنافسة على اللقب خلال مايو 2011 التي أقيمت في مدينة قازان الروسيّة

أمّا على الصعيد النسوي فإنّ الأمّة اليهودية تفخر أيضًا باللاعبة الهنغارية يوديث پـولگار (المولودة عام 1976) التي تعتبر الأقوى في الشطرنج بين السيدات والتي لم تشترك ببطولة العالم التي تقام للسيدات اطلاقًا. إنما كانت تتنافس مع الرجال، حتى استطاعت الفوز على أقوى أقويائهم بجدارة واستحقاق، سواء بالشطرنج التقليدي والشطرنج السريع؛ منهم الأبطال سپاسكي وكارپـوڤ وكاسـپاروڤ وسميسلوڤ وتوپالوڤ وپونوماريوڤ وكازمزهانوڤ وخليفمان وأناند. وقد علّمها والدها الشطرنج مقتنعًا بالحكمة القائلة: (العبقرية صناعة ولا تأتي مع الولادة) كما علَّم أختيها؛ الكبرى سوزان الحائزة في العام 1984 على أعلى رصيد شطرنجي نسوي وهي آنذاك في سن الخامسة عشرة والفائزة باللقب العالمي للسيدات عام 1996 والوسطى صوفيا التي فازت بدورة روما عام 1989 في سنّ الرابعة عشرة وكان عرضها الشطرنجي هو الأقوى في البطولة التي ضمّت أساتذة شطرنج أقوياء من الجنسين.
مع محبتي

* * * * *

 المزيد؛ في محرّك البحث غوغل وفي سلسلة مقالاتي: الشطرنج تاريخًا وعِلْمًا وفنًّا وأخلاقا، بالإضافة إلى مقالتي: شطرنج السيدات

وفي الموقع الرسمي للبطولة
 Official Site of the FIDE World Chess Championship Match

وفي صفحة بطل العالم بالشطرنج التي يمكن العثور من خلالها على بعض المعلومات الواردة في المقالة
 World Chess Championship

هنا أسماء اللاعبين المذكورين كما هي كي يسهل البحث عنها في ويكيبيديا وغيرها
Judit Polgár, Susan Polgar, Sofia Polgar, Alexander Alekhine, Max Euwe, José Raúl Capablanca, Vasily Smyslov, Bobby Fischer, Anatoly Karpov, Garry Kasparov, Viswanathan Anand, Vladimir Kramnik, Ruslan Ponomariov, Alexander Khalifman, Rustam Kasimdzhanov, Veselin Topalov, Boris Gelfand

* يعقوب= إسرائيل- في ما بعد- وهو أبو الأسباط الإثني عشر

Posted in الأدب والفن, فكر حر | 5 Comments

نظرية المؤامرة الكونية

نظرية المؤامرة الكونية

طلال عبدالله الخوري 12\5\2012

Posted in ربيع سوريا, فكر حر | Leave a comment

القرضاوي والانترنت اللعين؟

القرصاوي والانترنت اللعين؟؟

طلال  عبدالله الخوري 11\5\2012

Posted in ربيع سوريا, كاريكاتور | Leave a comment

والأذن تعشق قبل العين احيانا

والأذن تعشق قبل العين احيانا

بشار بن برد

وذات دل كأن البدر صورتها … باتت تغني عميد القلب سكرانا

ان العيون التي في طرفها حور … قتلننا ثم لم يحيين قتلانا

قلت احسنت يا سؤلي ويا املي … فاسمعيني جزاك الله احسانا

يا حبذا جبل الريان من جبل … وحبذا ساكن الريان من كانا

قالت فهلا فدتك النفس احسن من … هذا لمن كان صب القلب حيرانا

يا قوم اذنى لبعض الحي عاشقة … والأذن تعشق قبل العين احيانا

فقلت احسنت انت الشمس طالعة … اضرمت في القلب والاحشاء نيرانا

فاسمعيني صوتا مطربا هزجا … يزيد صبا محبا فيك اشجانا

يا ليتني كنت تفاحا مفلجة … او كنت من قضب الريحان ريحانا

حتى اذا وجدت ريحي فأعجبها … ونحن في خلوة مثلت انسانا

فحركت عودها ثم انثنت طربا … تشدو به ثم لا تخفيه كتمانا

اصبحت اطوع خلق الله كلهم … لاكثر الخلق لي في الحب عصيانا

قلت اطربينا يا زين مجلسنا … فهات انك بالاحسان اولانا

لو كنت اعلم أن الحب يقتلني … اعددت لي قبل ان القاك اكفانا

فغنت الشرب صوتا مؤنقا رملا … يذكي السرور ويبكي العين الوانا

لا يقتل الله من دامت مودته … والله يقتل اهل الغدر احيانا

بشار بن برد (مفكر حر)؟

Posted in الأدب والفن | 1 Comment

وين العقل … ولد النعل

وين العقل … ولد النعل

سرسبيندار السندي

يامن تعبدون أللات ومناة والبعل

يامن خلت جماجمكم من ذرة عقل

يامن تحرمون الخمرة في ألأرض

وفي الجنة

تحللونها أنهارا وليس بالبطل

***

وين العقل … ولد النعل

من طاح حظكم وحظ العلمكم

العلاج ببول الرسول لو بول ألأبل

والعلمكم

وداع الميتة بنكاحها ولا الحمير والعجل

***

قالو العقل زينة وخزينة

مو رأسين بصل والباقي فجل

ولو بطيخ بسمر لوتبن لو نعل

من طاح حظكم من أمة
وحظ العلمكم

كل هالقشمريات والخزعبلات والزبل

ويبقى السؤال

وين العقل والدين وألأخلاق

ياولد النعل

***

Posted in الأدب والفن, فكر حر | 1 Comment