أين يأخذنا الإخوان والأدعياء ؟

أين يأخذنا الإخوان والأدعياء ؟

رعد الحافظ

منذُ فتحتُ عينايّ على هذا العالم , والصرخةُ الكُبرى تنطلق من حناجر أدعياء الوطنيّة , تشّقُ طبلات آذاننا
بما يعني / أنّنا خير اُمّة اُخرجت للناس وأفضل خلق الله إحسانا , وأخلاقاً وعلماً وأدباً وحضارةً . فكم منكم مصدّقون ؟
كنّا نسمع لفظة الإستعمار في اليوم عشرات المرّات .
فهل بالكلام وحده , نحيا ونعمل وننتج حاجياتنا وطعامنا من دون المُستعمر ؟
في الواقع / نحنُ حاولنا أن نستقل عن ذلك الإستعمار , لكن لم نحاول يوماً التحرّر من عبوديتنا لماضينا التليد / المزعوم والمُبالغ فيه ,غالباً !
نحنُ ننظر لما ينتجهُ الآخر , ونأخذ ذلك الإنتاج وتلك الحضارة ونتمتع بها بلا أدنى تعب أو خجل , ومع ذلك نلعنهم ليل نهار .
وماذا ننتج نحنُ في المقابل ؟
لا شيء البتّة ! اللهم إلاّ ما جادت به علينا باطن الأرض من ثروات طبيعية . وحتى إستخراج تلك الثروات لم يكن بعلمنا وكفائتنا وتقنياتنا
( هو أحنا عندنا تقنيات أصلاً ؟ )
بل بما إكتشفهُ وإخترعه وقدّمهُ لنا الغرب الكافر الإمبريالي العميل .
حتى الدشداشة والسبحة وسجادة الصلاة نستوردها من الصين .
هذا وضع مُخجل بالتأكيد لكل ذي حسّ وكرامة !
لكن ماهو ردّ فعل ذوي النفوس الضعيفة القلقة لإخفاء هذا الوضع المُخجل البائس ؟ هل ينتفضون للعلم والعمل ؟
أبداً , بل يقولون لنا بمنتهى الغباء / كلّ مَن يُفكر ويكتب بطريقتكم , هو خائن عميل مُثبّط للهمم مازوخي يجلد نفسهُ وشعبه وبني قومه .
يا إلهي على ذكائهم المفرط / هل بطريقة سفهاء القوم , سنتقدّم شبراً الى الأمام ؟
أم بمواجهة النفس والواقع ووضع الحلول بضمير إنساني يُنصِف الجميع ؟
كيف يستسيغ المنافقون والمخادعون , الأخذ بكل ما أوتوا من قوّة من ذلك الآخر , بل المخاطرة بالنفس في سبيل الهجرة والإستقرار هناك
ثم بعد ذلك إلقاء كلّ مشاكلنا وتخلفنا وبؤسنا على ذلك الآخر ؟
أين الإنسانية والعقل والحكمة والدهاء في ذلك ؟
***********
إستراحة مع شريط فيديو
شريط حُلم الخلافة / الولايات المتحدة العربية الذي سيحققه / د.محمد مرسي . وعاصمة الخلافة / هي القدس
والإسلاموي الدموي ( تقريباً ) د. صفوت حجازي , يُردّد من أعماقه والجموع تُردّد ورائه … بكره مُرسي يحرّرغزّة !
( تذكرت / مورسي الزناتي , إتهزم يا رجّالة / بالإنكليزي )
وعلى القدس رايحين … شهداء بالملايين !
http://www.youtube.com/watch?v=QI3wG3loKlA&feature=youtu.be
أمّا شريط النائب السلفي / علي ونيس / فإبحثوا عنه بأنفسكم
كي لا أكون مُشجع على النميمة ونشر الرذيلة .
**********
دروس من البطولة الأوربيّة / يورو 14
1 / بعض المشجعين الألمان توصلوا لحلّ إقتصادي ( رغم إمكانيّات الألمان المعروفة للجميع ) للتخلّص من الإرتفاع الجنوني لأسعار الفنادق في أوكرانيا بمناسبة البطولة الأوربيّة .
فقام بضعة مئات منهم , ببناء معكسر من الخيم البلاستيكية في إحدى غابات أوكرانيا للإقتصاد في تكاليف تشجيع فريقهم / المانشافت .
http://www1.youm7.com/News.asp?NewsID=701142&SecID=298
شوفوا الأمان والحريّة كيف تُساعد على التفكير السليم .
2 / ظاهرة اُخرى جميلة , هي قيام أفراد وعوائل أوكرانيّة بإستضافة بعض المشجعين ( مجاناً ) عن طريق إعلانات في الإنترنت / متبادلة بين الطرفين
شوفوا الإنسان في الغرب هل يستحق شتائم الجاهلينا ؟
أكاد أسمع أحدهم يقول / أين الشرف والبؤرة والمرود والمكحلة !
3 / الإتحاد الأوروبي لكرة القدم “يويفا” يتخذ إجراءات تأديبيّة ضد الإتحاد الروسي بسبب “السلوك غير اللائق” للمشجعين الروس خلال مباراتهم مع الفريق التشيكي , والتي فازوا بها بأربعة أهداف مقابل هدف , وذلك بسبب قيام بعضهم بتقليد أصوات القردة ضدّ لاعب تشيكي ذو بشرة سوداء .
شوفوا العنصرية كيف تُمنع ويُعاقب من يقوم بها . ولا تهاون في ذلك !
بينما عندنا العنصرية والطائفية نقوم بها ضدّ بعضنا في حالة عدم وجود غريب بيننا / ولله في خلقهِ شؤون وشجون وبلاوي زرقة !
http://arabic.euronews.com/2012/06/10/euro-2012-uefa-probes-behaviour-of-russian-fans/
4 / أخيراً عن شامل عبد العزيز / عن المعلّق الرياضي عصام الشوالي
أن الرقم التالي ( إنتبهوا جيداً ) , ثمانية مليارات يورو هي عائدات هذه البطولة في كلٍ من إوكرانيا وبولندا وهما الدولتان المُنظمتان لها .
وعن آيار العراقي / عن جريدة أفتون بلادت السويدية / أنّ أرباح مكاتب الرهانات ( بعد ذهاب نصفها لدائرة الضريبة ) هي 100 وتقرأ مئة مليون يورو
فأنا الآن ألوذ بكل من كتب عن فائض القيمة ( ومن فائض القيمة ما قَتَل ) , ليفسّر لنا ماذا نعتبر تلك المليارات الناتجة عن البطولة ؟
وهل يمكن لأوكرانيا وبولندا , الإستفادة منها في بناء مشاريع إنتاجيّة ومصانع جديدة ؟
أم أنّها محض سراب ووهم وخيال / لا حقيقة لهُ على أرض الواقع ؟
أفتونا مأجورين , بلا شتائم وتخوين !

تحياتي لكم
رعد الحافظ
10 يونيو 2012

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا, فكر حر | Leave a comment

يوميات صحفي … سائق تاكسي 8

يوميات صحفي … سائق تاكسي 8

محمد الرديني

صحفي طباخ

لا الكلمات ولاغيرها تستطيع ان تصف لحظة ان تلتقي  بشخص يشاركك نفس المهنة بعد غياب طويل عنها وفي بلد غريب، تتعرف على اسمه ويتعرف هو عليك ويسألك ماذا كنت تعمل قبل ان تكون سائق تاكسي وتقول له:
كنت صحفيا.
يطلق صيحة تعجب قائلا:
ما اصغر العالم وانا صحفي ايضا.
وتتبادلان التحية بحرارة هذه المرة، هو يسأل وانت تجيب، او انت تسأل وهو يجيب، تستغرقان الطريق، حيث يقيم هو، حديثا دافئا عن مهنة المتاعب ولاينسى وهو في غمرة الحديث ان يدلك على الشارع المؤدي الى بيته.
ولكن ، ستقف شعرات رأسك حين يقول لك وهو يمسد صلعته الحمراء :
نعم انا صحفي طباخ.
وتعتقد للوهلة الاولى ان حظه مثل حظك، انت قادك الى (التاكسي) وهو الى المطبخ ولكن الامر بدا غير ذلك.
لم يكن الوقت يسمح لنا باستمرار الحديث فقد وصل الصحفي ( الطباخ) الى بيته وليس من المعقول ان اشغله وهو صحفي نما وترعرع على غير ما ترعرعنا عليه، اذ لو كنا من طينة واحدة لرمى الطلاق على زوجته ان لم ادخل الى بيته واشرب القهوة رغم ان الساعة تجاوزت الثانية بعد منتصف الليل او في ابسط الاحوال يظل جالسا في السيارة يحدثني عن مشروعاته وتقاريره الصحفية و(الخبطات) الصحفية التي حققها في الشهر الماضي ولكنه صحفي من طينة اخرى فحين وصل الى بيته ابتسم بود وتمنى ان نلتقي ثانية بعد ان تبادلنا بطاقات التعارف .
لم نحدد موعدا للقاء مرة ثانية ولكن الموعد جاء في حفل عام. فقد وصلتني دعوة من جمعية الصحفيين في نيوزيلندا لحضور حفل استقبال للصحفي جون برامسفيلد للتوقيع على كتابه الجديد(لماذا نطبخ قي بيوتنا) .
وكنت اعرف ان جون برامسفيلد هو الصحفي الطباخ الذي تعرفت عليه قبل اسابيع.لاحاجة للقول اني عرفت بعد ذلك انه صحفي معروف يشرف على ملحق فن الطبخ الذي يصدر كل يوم اثنين من احدى كبريات الصحف النيوزيلندية.
حضر الحفل جمهور غفير، وكلهم – الا مجموعة قليلة جدا من العرب المدعوين- من الصحفيين النيوزيلنديين الذين جاء العديد منهم من خارج اوكلاند.
انهمك برامسفيلد في التوقيع على كتابه الجديد بعد ان وقف الحاضرين في طابور طويل ينتظرون دورهم وعلى وجوههم ترتسم ملامح الاهتمام وحين يصل الواحد منهم الى حيث يقف برامسفيلد وراء منضدته يضع تبرعه المالي في صندوق خاص  ويصافح برامسفيلد ثم يأخذ نسخته من الكتاب وعلى وجهه ابتسامة عريضة.
سيضحك رؤساء تحرير الصحف في الدول العربية ملء اشداقهم ، وسينتهزون هذه الفرصة لشحذ اقلامهم والكتابة لشهور عن هذا الخبر الطريف ، بل ان مديرا للتحرير اعرفه جيدا سينبطح على الارض ويصفق  برجليه كعادته كلما عثر على خبر مضحك، وسيقول للمحررين بعد دعوتهم لاجتماع طارىء انه عثر على خبر سيهز العالم.
حرص الجميع على شراء الكتاب والتأكد من وجود توقيع الصحفي الطباخ  عليه، ولم تبق الا قلة ومنهم انا ظلت بعيدة عن الطابور ولا ادري هل كانت هذه القلة تخاف مثلي – واقولها بصراحة- من المتنبي والمعري والسياب ومظفر النواب حيث تخيلت اياديهم تمتد الينا وتصفعنا حين نجرؤ وتؤنبنا على وضع هذا الكتاب في مكتبتنا.
ويبدو ان هذا الصحفي اللبيب تنبه الى امرنا فابدى كياسة حين قال لنا : انه يعرف الكثير عن عادات العرب حتى انه لاينسى اكلات الكوسة والباميه والباجة والكباب المصري .
ولكني تفاجأت به وهو يتنحى بي جانبا  ليقول لي انه يفكر الآن في العمل في احدى الصحف العربية بنفس الاختصاص ليكتسب خبرة جديدة، اي انه يعْلم ويتعلم، هززت رأسي وربما سمعني ارطن بالقول : انها فكرة لابأس بها.
تخيلت احد رؤساء التحريرفي الشقيقة مصر يقول للصحفي برامسفيلد اثناء مقابلة التعيين : ياحبيبي روح اتعشى خفيف علشان ماتحلمش كتير. اما رئيس التحريرفي احدى الصحف العراقية فسيقول له باقتضاب: احسن لك ترجع الى بلدك  والا ….؟.
اما رئيس التحرير السوري فسيقول له: شو بدك بالبهدلة روح شوف شغلة تانية.
اما رئيس التحرير السعودي فسيحيله الى  احدى المستشفيات العصبية للتأكد من ان خلايا مخه تعمل بشكل طبيعي، اما رئيس التحرير الاماراتي فسيظل مشدوها حتى بعد مقابلة التعيين.
للذين تهمهم التفاصيل الصغيرة اقول ان هذا الصحفي يتقاضى 12 دولارا امريكيا عن كل سطر يكتبه في عموده الاسبوعي ، وتخيلو لو انه كتب مائة سطر كل اسبوع عن ( طبخة) من طبخات هذا العالم.
اتذكر مرة ان صحفية امريكية زارت دولة الامارات بدعوة من احدى المؤسسات الاعلامية وكانت الغاية من زيارتها هي لالقاء محاضرة عن تجربتها في مجال صحافة بريد القراء. لم اكن متحمسا للاستماع الى هذه التجربة فقد كنت اعرف ان (بريد القراء) الذي تصدره الصحيفة التي اعمل بها يشرف عليه واحد من اكثر الاميين الصحفيين في العالم وكانت ادارة التحرير تبرر ذلك بالقول” انه بريد قراء ليس الا”.
غيرت رأيي في اخر لحظة وقررت الذهاب الى المحاضرة، وياليتني لم افعل فقد صعقت بجلسات كهربائية لا ادري كم عددها طيلة وقت المحاضرة.
فقد عرفت ان هذه السيدة تشغل منصب رئيس التحرير لشوؤن القراء ولاداعي للاحتكام لخيالكم لمعرفة ماذا يعني ذلك.
قالت الصحفية الامريكية:
“يعمل معي سبعة صحفيين متخصصين في متابعة مايكتبه القراء وتحرير مواضيعهم. نبدأ عملنا بالاجتماع الصباحي لاستعراض جميع الرسائل الواردة ويتم اختيار رسالة او اثنين لتحتلان رأس الصفحة الاولى. ثم نأتي بعد ذلك لمناقشة موضوع العمود اليومي الذي اكتبه من خلال الافكار التي كتبها القراء واذا لم نتوصل الى موضوع العمود فهناك ثلاثة من الصحفيين عليهم الانتشار في المقاهي القريبة من مبنى الجريدة والاستماع الى حديث الناس اليومي  وهمومهم الاجتماعية والعودة قبل منتصف النهار للاتفاق على موضوع العمود وبعد الاتفاق على العنوان والخطوط العريضة يبدأ صحفي آخرفي البحث في الارشيف او مكتبة الجريدة او حتى شبكة الانترنت لدعم موضوع العمود بالاحصائيات والارقام وتصريحات المسوؤلين في الصحف الاخرى حول نفس الموضوع.
تابعت الصحفية القول:
في الساعة الثانية عشرظهرا يكون العمود جاهزا للنشر بعد ان يستمع اليه مدير التحرير المختص وهو نادرا مايعترض عليه. خلال ذلك يكون بقية الصحفيين قد اكملوا تحرير رسائل القراء الاخرى ودفعها الى الطباعة مباشرة.
المشهد الاخير
كانت فرصة امام الصحفيين الذين حضروا اللقاء ان يهتموا بتجربة هذه الصحفية والاستماع اليها باهتمام ولكنهم بدلا من ذلك صبوا جام غضبهم عليها وكأنها – لكونها امريكية- المسوؤلة عن ضياع فلسطين  وتخلف المواطن العربي وتنصيب رجال في الحكم لا ناقة لهم ولا بعير فيه. كانوا يعتبرونها الهدف الذي نزل من السماء ليرشقوه يالشتائم، وهل عندهم غير ذلك؟ انها نظرية المؤامرة على كل حال.

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

لندنستان والإخوان 1-2

لندنستان والإخوان 1-2

كامل النجار

كتبت السيدة سهام فوزي مقالاً بعنوان (جمهورية إسلامستان الكبرى) بموقع الحوار المتمدن بتاريخ 6/4/2009 شرحت فيه الهدف الأكبر للجماعات الإسلامية، ألا وهو حكم العالم كله بالشريعة الإسلامية. وقد ذكرت السيدة سهام أن الرسائل الإلكترونية انهالت عليها بالنقد والتقريع. وفي الحقيقة فإن ما ذكرته الكاتبة الفاضلة لا يتعدى أن يكون الرأس الطافية لجبل جليدي هائل يختفي تحت الماء.
جماعة الإخوان المسلمين منظمة ملأت العالم بالعنف والتفجيرات بهدف إخضاعه لسيطرتهم وتطبيق الشريعة الإسلامية. فالجماعة منذ تأسيسها عام 1928 على يد حسن البنا، لم تخف هدفها النهائي – وهو السيطرة على العالم كله بالإسلام. وللوصول إلى هذا الهدف يطبق الإخوان سياسة ميكافيلي التي تقول إن “الغاية تبرر الوسيلة”. وهم لا يتورعون عن استعمال أي وسيلة حتى إن كانت التعاون مع الشيطان إذا كانت ستوصلهم إلى هدفهم المنشود. فقد تعاونوا مع المخابرات الأمريكية لمحاربة الشيوعية، وتعاونوا مع المخابرات البريطانية لمحاربة جمال عبد الناصر، وتعاونوا مع النازية للقضاء على اليهود، وتعاون مؤسسهم حسن البنا مع الملك فاروق ضد حزب الوفد في مؤتمر الإخوان الرابع سنة 1936 لمبايعة الملك فاروق، وكتب إليه يقول (وإن لنا في جلالة الملك المسلم أملا). وعندما قال زعيم الوفد مصطفى النحاس (الشعب مع الوفد) قال البنا (الله مع الملك) (قميص غزة للسيد إمام عبد العزيز شريف) (الشرق الأوسط 23/4/2009). وقد صرح جون لوفتس John Loftus المدعي العام الأمريكي السابق أن جهاز المخابرات الأمريكية CIA قد دمر في عام 2004 جميع أشرطة التسجيل التي تخص تعاونهم مع الإخوان المسلمين.
ومنذ البدء اتخذت الجماعة قراراً بالعمل نحو هدفهم بصبر شديد وتؤدة حتى لا تصطدم مع الحكومات في مصر أولاً، ثم في البلاد الإسلامية ثم بقية العالم. وقد أكد المرشد الحالي لحزب الأخوان المسلمين في مصر، محمد مهدي عاكف هذه الإستراتيجية حديثاً عندما قال (نحن نتعاطى مع الأمور بصبر شديد وحكمة) (محمود عبد الرحيم، إيلاف 22/5/2008).
ومنذ البدء كذلك اتخذت الجماعة قراراً باستعمل التقية، بمعنى أن يظهروا للناس غير ما يخفون، فلبسوا لباس التقوى وزعموا أنهم الطبيب الذي يود تخليص المريض من الداء، بينما هم في حقيقة الأمر السرطان الذي ينهش في جسد ذلك المريض. وتكوّن السرية التامة وعدم البوح بأسرار الجماعة جزءاً مهماً من البيعة التي يؤديها كل عضو جديد ينضم إليهم. وحركة الإخوان المسلمين هي الأم لكل الحركات الإسلامية التي نشأت في القرن العشرين، ولكن كنوع من التقية منح الإخوان تنظيماتهم في بلاد العالم الأخرى مسميات مختلفة مثل حزب التقوى والجهاد، وجبهة الإنقاذ في الجزائر، وحزب الدعوة والإصلاح في المنطقة السنية في إيران، والذي نفى المتحدث باسمه حديثاً أن يكونوا قد قطعوا علاقتهم مع تنظيم الإخوان العالمي (نافذة مصر، 20/11/2008)، والجماعة الإسلامية بقيادة الشيخ عمر عبد الرحمن، والجهاد الإسلامي بقيادة الظواهري، والمهاجرون في لندن بقيادة عمر بكري، وحزب التحرير في لندن بقيادة أبي قتادة الأردني، وعسكر طيبة، وحماس، وأسماء أخرى عديدة. كل هذه الجماعات تنتمي إلى، وتدين بتعاليم وأهداف منظمة الإخوان المسلمين وتربطها بهم علاقات وشيجة.
والإخوان، كجزء من التقية، يبيحون الكذب على الناس، والإسلام عموماً يبيح الكذب، بل يحث عليه إذا كان فيه منفعة للمسلمين. (كل الكذب مكتوب إلا أن يكذب الرجل في الحرب فإن الحرب خدعة، أو يكذب بين اثنين ليصلح بينهما، أو يكذب لامرأته ليرضيها) (تخريج أحاديث الأحياء للحافظ العراقي، ج2، حديث 7). وبفضل هذه التقية أصبحت منظمة الإخوان أكثر زئبقيةً من الزئبق نفسه. والإخوان يعتقدون أنهم في حالة حرب مع جميع حكام العالم لأنهم لا يطبقون الشريعة، كما قال منظرهم سيد قطب، في كتابه “معالم على الطريق”، ولذا يباح لهم الكذب ما داموا في حالة حرب.
وكمثال لهذا الكذب المباح نجد السيد سالم الفلاحات، المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين الأردنية ينفي وجود أي علاقة تنظيمية للإخوان الأردنيين مع منظمة حماس في غزة. ونحن نعلم أنه في العام 1977 قد تم توحيد منظمات الإخوان المسلمين في غزة والضفة الغربية والأردن تحت مسمى “جماعة الإخوان المسلمين في بلاد الشام”. وعندما هرب ممثل حماس خالد مشعل من الكويت في عام 1990 بعد الغزو العراقي، فتحت له جماعة الإخوان المسلمين الأردنية مكتباً في عمان ظل به إلى أن سممه الموساد الإسرائيلي فحوّل مكتبه إلى دمشق.
وفي مقابلة مع مراسل صحيفة إيلاف قال الشيخ محمد مهدي عاكف، المرشد العام (لا يوجد تمييز ديني في مصر. هذا كلام فارغ) (محمود عبد الرحيم، إيلاف 225/2008). ولا يخفى، طبعاً، على أحد أن التمييز الديني في مصر قد فاحت رائحته الكريهة حتى وصلت عنان السماء، ومع ذلك ينفيه السيد المرشد العام، رغم أن بقية الإخوان من د. محمد عمارة إلى د. شاهين يبيحون دم الأقباط ويكفرون البهائيين في الصحف والإذاعات المصرية.
الأهداف المعلنة للجماعة منذ تأسيسها هي:
1- تكوين الفرد المسلم كي يكون مكتملاً بدنياً وذهنياً وإسلامياً – والاكتمال البدني يتكون من الرياضة والتدريب العسكري الذي تقوم به الجماعة في جبل المقطم وفي معسكرات الشباب التي تقيمها في الصحراء بعيداً عن الأعين المتطفلة
2- تكوين الأسرة المسلمة بتنشئة الأطفال على تعاليم الإسلام، وتكوين المجتمع المسلم الذي يتقبل، بل يطالب بتطبيق الشريعة
3- تكوين الحكومات الإسلامية في جميع البلاد الإسلامية
4- إعادة الخلافة الإسلامية حتى تجتمع الأمة تحت قائد واحد
5- السيطرة على العالم بالإسلام
وقد يلاحظ القاريء أن هذه الأهداف هي نسخة معربة من أجندة هتلر عندما كان يحلم بالنازية ويخطط لها. فهو قد بدأ بتحضير الفرد الألماني عندما كتب ماينكانف “كفاحي”، وشرح أهدافه. ثم كوّن الشباب النازي ودربهم عسكرياً وذهنياً. وحضّر المجتمع الألماني بأن أقنعهم أنهم الجنس الآري وبالتالي هم الأسياد على جميع أجناس العالم The Master Race . ثم كوّن الحكومة النازية، ثم حاول السيطرة على العالم بالنازية، وكاد ينجح لولا دخول أمريكا مؤخراً في الحرب.
وقد كان، بل وما زال الإخوان معجبين بهتلر والنازية، وقد كرّموا الشيخ أمين الحسيني بعد أن زار ألمانيا واجتمع مع هتلر الذي بعثه إلى البوسنا لتجنيد المسلمين في الجيش الألماني، واستطاع الحسيني أن يجند عشرين ألفاً من الشباب المسلمين في الجيش الألماني. ومع انتهاء الحرب العالمية الثانية آووا الحسيني بالقاهرة مع عدد لا يستهان به من النازيين الهاربين من محاكم نورينبيرج. وقد توفي في التسعينات في القاهرة طبيب معسكرات النازية د. أربرت هايم الذي اعتنق الإسلام وآوته الجماعة حتى مماته في عام 1992. وإعجاب الإخوان بالنازية لا يقف عند هتلر بل يمتد إلى جوزيف غوبلز، وزير الإعلام والدعاية النازي الذي قال “أكذب..أكذب..أكذب، حتى يصدقك الآخرون”. ولهذا السبب يكذب علينا المرشد العام وجميع قيادات الإخوان في جميع أقطار العالم وينكرون ما قالوه حتى وإن كان مسجلاً صوتياً، كمقولة “طز في مصر” . (أنظر الفيديو الذي يسجل زيارة الحسيني لهتلر )
http://www.youtube.com/watch?v=d51poygEXYU
والإخوان أصبحواء خبراء في تمويه الحقائق وإخفاء قصدهم والاستشهاد بآيات مبتورة من القرآن لأنهم يعتبرون كل شخص ليس من جماعتهم ناقصاً عقلياً. فمثلاً، يقول دكتور فضل، منظّر جماعة الجهاد الإسلامية وأحد أمرائها، في كتابه الجديد “قميص غزة” : (فدون ذلك أمور لا تحتمل عقول الناس ذكرها الآن، وقد أُمرنا أن نخاطب الناس على قدر عقولهم) (الشرق الأوسط 21/4/2009). منتهى الاستعلاء على بقية المسلمين ناهيك عن غير المسلمين الذين لا يفهمون الإسلام. ويقول نفس الأمير (شاع بين الناس في العقود الأخيرة أن قضية فلسطين هي أم القضايا الإسلامية والعربية … وهذه هي أم القضايا: غياب الشريعة وضياع الخلافة.) وضياع الخلافة هو السبب الذي من أجله أنشأ حسن البنا جماعة الإخوان المسلمين. فأهداف الجهاد الإسلامي والإخوان المسلمين هي نفسها وإن تعددت أسماء التنظيمات.
وللإخوان وسائل عدة لتحقيق غايتهم بجانب التقية، منها العنف، والسيطرة على اتحادات الطلبة والعمال، وإنشاء المدارس والمؤسسات المالية تحت أسماء هلامية، لغسيل الأدمغة ولتمويل مخططاتهم، وكذلك بناء المساجد في أوربا وأمريكا لتجنيد الشباب في التنظيم ومن ثم في المنظمات الجهادية، والاستعانة بالإنترنت وفتح مواقع عدة تجند الشباب في التنظيم.
العنف هو سلاح الإخوان المفضل بعد التقية. وما زال للجماعة جناح عسكري للتدريب والاغتيالات، سماه حسن البنا “التنظيم السري” وما زال سرياً. وقد ترأسه كبار أعضاء الإخوان المسلمين مثل محمد الغزالي، وعبد الرحمن السندي وعبد العزيز كامل، وأحمد عادل، ومحمود الصباغ. هذا التنظيم هو الذي قام بمحاولة إغتيال جمال عبد الناصر عام 1954 ومحاولة اغتيال الرئيس حسني مبارك في إثيوبيا عام 1995. ورغم إنكار الجماعة أنهم يدربون شبابهم عسكرياً، فقد صرح المرشد العام إبان حرب غزة الأخيرة أنه مستعد لإرسال مليون شاب إلى غزة لتحريرها (الشرق الأوسط 31/1/2009).. وكان قد صرح قبل ذلك باستعداده لإرسال عشر آلاف شاب مدرب إلى لبنان لمساعدة حزب الله. وهذا يُثبت أن التنظيم مازال يدرب الشباب عسكرياً ويعلمهم حمل السلاح والتفجيرات. وقد صرح المرشد أن أسامة بن لادن (وهو ينتمي إلى تنظيم الإخوان ولذا انضم إليه الظواهري في أفغانستان) بأن الشيخ أسامة مجاهد وهو يؤيده في جهاده. ونفس المرشد صرح في مؤتمر نقابة المحامين حديثاً أن الجهاد ليس لهواً وأنه يحتاج إلى تكنولوجيا متطوره وأن الإخوان مستعدون لذلك (د. رفعت السعيد في روز اليوسف).
وقال مرشدهم حسن البنا لأعضاء الجماعة في أحد مؤتمراتهم: عندما يبلغ عددكم اثني عشر ألفاً اخبروني لأغزو بكم كلَ جبارٍ عنيد (قميص غزة لدكتور الفضل). يقول نفس الدكتور فضل: (عندما كنت في باكستان قال لي أحد قدامى الإخوان المسلمين المصريين، وهو الأستاذ عبد العزيز علي (أبو أسامة)، وهو مدرب عسكري، قال لي عام 1986 ((إن الإخوان أرسلوه لتدريب الإخوان السوريين في معسكراتهم بالعراق عام 1982)). فالإخوان يبعثون المدربين العسكريين إلى كل البلاد لتدريب كوادرهم.
ونفس سياسة العنف يتبعها جميع تنظيمات الإخوان المسلمين في جميع الأقطار، بما في ذلك أوربا وأمريكا. وقد اعترف إخوان الكويت بتدريب شبابهم عسكرياً (د. المطلق في موقعه http://www.al-mutlaq_article_2008_11_12.htr). وفي سوريا كان للإخوان تنظيم مسلح قام بتصفية الأطباء والمهندسين ومحاضري الجامعات وغيرهم من الليبراليين أمام طلبتهم بالجامعات، وذبحوا طلاب مدرسة المدفعية في عام 1982 وكان هدفهم الاستيلاء على الحكم بالقوة، ولكن حافظ الأسد قضى عليهم ودمر حماة بسببهم. وفي السودان ما زال للإخوان مليشيات مسلحة رغم أن الحكومة الحالية حكومة إسلاموية كان عرّابها الشيخ حسن الترابي زعيم الإخوان المسلمين بالسودان. وقد ألّف كاتب سوداني، عبد الله غلاب، كتاباً عن تجربة السودانيين مع أول حكومة للإخوان المسلمين، سماه The First Islamist Republic وصف فيه النظام بأنه Reign of terror, a system of institutionalized torture (أي سلطة الرعب، نظام تقنين التعذيب). والإخوان في الصومال تحت قيادة الشيخ شريف، خاضت وما زالت تخوض حرباً أهلية رغم أن شيخ شريف قد أصبح رئيس الحكومة الإنتقالية. ونفس سياسة التدريب العسكري والتفجيرات متبعة من إخوان باكستان الذين ينضوي أغلبهم في جماعات مثل “عسكر طيبة” الإرهابية التي أسسها الأخ المسلم حافظ سليم.
وفي الجزائر قامت جبهة الإنقاذ الإسلامية التي أسسها الشيخ الإخواني محمد الغزالي عندما أصبح رئيساً لجامعة الجزائر بعد أن رشحته منظمة الإخوان المسلمين بمصر لتولي ذلك المنصب، ، بقتل المواطنين واغتصاب النساء ونهب البنوك والمحلات التجارية لتمويل حملتهم الشعواء من أجل الوصول إلى كراسي الحكم.
وفي غزة أصبحت الاغتيالات والتعذيب طبقاً يومياً تقدمة منظمة الإخوان المسلمين “حماس” لأعضاء منظمة فتح، وحتى لمواطني غزة غير المنتمين إلى فتح، وقد أكدت منظمة هيومان رايتس ووتش هذه الحقائق وطلبت من حماس إيقاف الاغتيالات والتعذيب. أما باكستان فقد أصبحت دولة مهددة بالانهيار من جراء العنف اليومي الذي يمارسه الإسلاميون من أجل تطبيق الشريعة، وقد نجحوا في تطبيقها في وادي سوات وجلدوا النساء وأغلقوا مدارس البنات، (وقاموا بهدم 220 مدرسة للبنات). والآن يطالب إمام المسجد الأحمر، الذي حاول الهرب من مسجده المحاصر عام 2007 متنكراً بزي امرأة، بتطبيق الشريعة في كل باكستان وجميع بلاد العالم، ويقول إنه لا يخشى الاستشهاد في سبيل الله، رغم تنكره كامرأة عندما دقت الشهادة على باب مسجده.
وحتى في بريطانيا فهناك حوالي أربعة آلاف شاب بريطاني مسلم من إصول باكستانية قد تخرجوا من معسكرات تدريب “عسكر طيبة”. وفي أمريكا قام الشيخ عمر عبد الرحمن مع محمود أبو حليمة ورمزي يوسف بتفجيرات برج التجارة العالمي في نيويورك عام 1993 ، وجميعهم أعضاء في التنظيم رغم أن شيخ عمر عبد الرحمن قد انحاز جانباً منهم وأسس “الجماعة الإسلامية ” التي تسوق أعضاءها نحو نفس أهداف الإخوان.
ورغم كل هذا ينكر المرشد العام محمد مهدي عاكف أن الجماعة تمارس أو حتى تؤمن بالعنف كوسيلة لتحقيق أهدافهم. ولكن نظرة عابرة إلى الرمز الرسمي للإخوان المسلمين تفضح إيمانهم بالعنف. فالرمز يتكون من دائرة بها سيفان متقاطعان، فوقهما المصحف وتحتهما الكلمة (وأعدوا) التي هي بداية الآية “وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم”. وفي الجزء الأعلى من الدائرة مكتوب “الله غايتنا والرسول زعيمنا والقرآن دستورنا والجهاد سبيلنا والموت في سبيل الله أسمى أمانينا”. فهل هناك إعلان عن العنف أوضح من هذا؟ وفي نفس الوقت، وكنوع من التقية، يردد علينا فقهاؤهم أحاديث مثل “دخلت امرأة النار في هرة، لا هي أطعمتها وسقتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض”. يا للعطف والحنان الإسلامي المتدفق على الهرة، بينما يبيد أعضاء الجماعة آلاف البشر الذين يقفون في طريق تنفيذ أهدافهم.

ولأن جماعة الإخوان تعمل بصبر شديد وتؤدة، كما قال مرشدها العام حديثاً، فما زالت الجماعة في المرحلة الثانية من مراحلها الخمس، مما حدا ببعض شباب الجماعة في مصر إلى انتقاد المرشد العام لبطء التدرج في المراحل المعلنة وطالبوا باستقالته. فالجماعة ظلت منذ تكوينها تنشر دعوتها في البلاد الإسلامية ثم توسعت وفتحت فروعها في الدول الأوربية وفي الأمريكتين، حتى وصلت فروعها الآن إلى حوالي سبعين بلداً حول العالم، بينما يملك حزب التحرير (الذي كان قد أسسه الشيخ تقي الدين النبهاني الذي ينتمي للإخوان المسلمين) فروعاً في أربعين دولة.
ولكن رغم كل هذا الانتشار فما زالت الجماعة في مرحلة تكوين الفرد ذهنياً وعسكرياً، وتكوين الإسرة المسلمة بدءأ بإنشاء المدارس الدينية التي تعلم الأطفال منذ نعومة أظفارهم أنهم خير أمة أخرجت للناس وتعليمهم أن الآخرين على خطأ ولذا يجب عليهم تعلم الجهاد عندما يكبرون حتى ينشروا دين الله القيم. يقول الدكتور فضل، منظر الجهاد الإسلامي (وأنا في خواطري هذه اهتمامي الأول بالأمور الدينية لا السياسية، وذلك لتحذير الشباب المحب للإسلام والجهاد من مغامرات هؤلاء وأمثالهم التي لا صلة لها بدين الإسلام) (قميص غزة). فكل اهتمامهم ينصب على الشباب الذي يؤمن بالجهاد.
واهتماهم بالنشء يظهر في عدد المدارس الدينية التي قد أنشأوها، ففي بلد مثل باكستان يرزح مواطنوه تحت الفقر والمرض، توجد 30000 مدرسة دينية لتعليم القرآن والأحاديث. وفي اليمن السعيد هناك حوالي 330000 تلميذ وطالب يدرسون في مدارس القرآن التي لا تخضع لمراقبة وزارة التربية والتعليم (حسين الجرباني، الشرق الأوسط 23/4/2005).
وفي أوربا تتكفل الجماعة بتمويل مدارس نهاية الأسبوع Sunday Schools لتعليم أطفال الجاليات المسلمة القرآن والأحاديث التي تُنمي فيهم روح الاستعلاء على غير المسلمين. وبالنسبة للشباب تقيم الجماعة المساجد التي تجندهم في صفوف الجماعة ثم تغسل أدمغتهم وتعدهم للجهاد. ففي بريطانيا مثلاً يوجد حوالي ألف وخمسمائة مسجد، منها حوالي ستمائة مسجد تابعة للإخوان المسلمين (الياس توما، إيلاف 14/11/2005). وفي فرنسا يصل عدد المساجد إلى حوالي 1550 بينما يفاخر مسلمو ألمانيا بحوالي 2400 مسجد.
وعندما أُنشئت الجماعة عام 1928، كان دستورها ينص على أن الإخوان منظمة مكتفية ذاتياً ولا تقبل تبرعات إلا من أعضائها المنتظمين. ولكن لكي تنتشر الجماعة في أوربا وأمريكا كان لابد لهم من إيجاد مصادر أخرى للتمويل لأن اشتراكات الأعضاء وحدها لا تكفي.
في الحلقة القادمة سوف أناقش مصادر التمويل وماذا يصنع الإخوان بهذه الأموال.

كامل النجار (مفكر حر)؟

Posted in فكر حر | Leave a comment

المراقبون يشمون رائحة شواء

المراقبون يشمون رائحة شواء

 

طلال عبدالله الخوري 9\6\2012

Posted in ربيع سوريا, كاريكاتور | Leave a comment

الليالي الخمسة 8

الليالي الخمسة 8

محمد الرديني

ملاحق منفصلة

ما قاله احد اولاد العسكر بعد ذلك.
“الخارطة  اين هي …. خارطة ، حرية ، حب  خارطة”.
استيقظ فجأة على احساس بالبرودة الناعمة تتلوى على صدغه ومقدمة رأسه  فتح عينيه بصعوبة اصطدمتا بوجه زوجته ذات الوجه المكتنز البريء
ماذا حدث
قالها بصعوبة وهو ينظر الى سقف الغرفة العاري
– انها الحمى وستزول عنك قريبا
قالت ذلك زوجته وهي تعيد قطعة القماش الى اناء الماء البارد.
من اين جاءت هذه الحمى اللعينة، لم اكن اشكو شيئا حتى يوم امس.
البارحة كنا نشاهد في التلفزيون فيلما اجنبيا عن عاهرة احبت رساما ولكنك لم تكمل الفيلم  فقد صرخت فجأة ووقعت على الارض، وبعدها سمعتك تهذي عن شيء اسمه الخارطة او الحرية، لا اعرف.
قال وهو يحاول ان يجعل الامر طبيعيا:
انه الهذيان مرة اخرى يجب ان الجأ للطبيب فهذه الحالة لم تعد تطاق.
حسنا، ارتح الان وسنفكر غدا فيما يجب عمله
كان صوتها جافا لايبعث على الحيوية، ان الذي لم يعتد عليه يشعر ان صاحبته تغالب النعاس وهي تحكي.
كان يعتقد قبل سنوات طويلة ان ذلك الصوت النعاسي هو الذي سوف ينقذه من هذا التوتر الحاد منذ الصباح الباكر وحتى آخر رشفة عرق يجرعها قبل ان ينام، نعم هي هادئة لايبدو عليها انها تنشغل بشيء حتى لو قالوا لها ان السماء تمطر ذهبا او ان رجالا طويلي القامة مفتولي العضلات قد قاموا بسرقة جثث الموتى من مقبرة النجف من اجل ان يبيعوا حفر المقابر على انها جديدة لم تسكن بعد.
كان من السهل عليه ان يلتجأ اليها ويسحبها الى حضنه وهما تحت شجرة وارفة على كورنيش الاعظمية  وهذا ما حدث بالضبط،كان من السهل ان يقول لها

احبك ولكن بمقدار لاني ببساطة مجنون بالتوتر او بالاصح لا اعرف ماذا اريد سوى اني مضطرب وارى الحياة بعين واحدة.
ويسمعها تتحسر، ربما لانها تخيلته بعين واحدة ، بالتأكيد ستصاب بالرعب اذ كيف لها ان تتزوج من شاب اعور وهي بالكاد اكملت عشرين سنة من عمرها , لا، ان هذا الامر لايجوز,عليها ان تقنعه بان عينيه سليمتان وما يفكر به هو بعض من خيالات الشباب او ربما بقايا المراهقة.
يتمشيان على كورنيش الاعظمية وقد اختارا وقت المغيب حيث ينتشر باعة الفستق وشعر بنات. وعرق السوس.
يكمل:
احلم ببلاد بعيدة عن هذا المكان ،اريد ان آخذك معي الى جزيرة لم تطأها قدما انسان، وهناك يمكن لنا ان نكتشف اشياء كثيرة .
تضحك بنعاس ايضا وتقول في غير تلهف
وماذا يمكن ان نكتشف ؟ يكمل دون ان يسمع تعليقها :
سنحتاج الى سنوات طويلة حتى نعرف بعض ما اكتشفنا… سنحاول قبل ان نعرف بدايات ونهايات انهار هذه الجزيرة وقبل ان نتذوق فاكهتها وننام على ارضها ان نحب بعضنا بقوة، ان نلتصق كل ليلة مع بعض.
يصمت قليلا ثم  يتابع ولكن بانتباه اكثر:
هاهي الطيور تعود الى اعشاشها الان ، بعض اناث الطيور قوية جدا، تبذل في النهار طاقة عجيبة من اجل توفير الطعام لصغارها وربما تتعرض للموت على يد صياد لعين او طير مفترس ولكن هذا لايهم , المهم ان تعود الى عشها ومعها طعام كاف للصغار المنتظرين
حين تراقبين هذه الاناث لن تجدي اقوى منها ولكنها حين تعود الى العش في المساء تهدأ قليلا ولا يمض وقت حتى يرفع ذكرها جناحه الايمن لتأتي هذه الانثى القوية وتعجن نفسها، تتكوم كرة صغيرة وهي تندحس تحت الجناح الذي يغلق عليها برفق وتنام حتى الصباح.
لم تقل شيئا في ذلك اليوم وحتى في اليوم التالي لم يصدر منها اي تعليق ، فيما بعد اكتشفت ان ذلك كان صمتا لامبرر له .
في يوم آخر كانا يتمشيان بموازاة نهر القناة، لم تزل اناث الطيور تبحث عن طعامها او هكذا خيل اليه فالوقت عصرا ونور الشمس يسطع في سماء صافية
قال لها وهو يرفس النباتات الصغيرة بقدمه:
الحلم هو ركيزة انسان هذه الارض، يستند عليه دائما، ينام على وسوساته تخيلي لو ان آدم لم يحلم بطعم التفاحة لما التقينا انا وانت في هذا المكان.
تضحك ضحكة قصيرة تعقبها بصمت من ينتظر اكمال الحديث كان يعجبه فيها هذا الاصغاء، هي الوحيدة التي كانت تصغي اليه وهو ينتشي لذلك ، انها نشوة لا مثيل لها حين تشعر ان احدهم يصغي اليك حتى ولو كنت تثرثر في لاشيء.
قال لها  ضاحكا:
ماذا تفعلين لو رآنا اخوك في هذا المكان
ولم ينتظر جوابها بل اطلق ضحكة عالية ثم همس:
اني احس انه وراءنا الان.
انتفضت، اصطبغ وجهها المكتنز بصفرة واضحة
لم تجب بل ظلت تلتفت وراءها بين حين وآخر
اكمل:
لا اعرف ان ابني كوخا، رأيتهم كيف يفعلون ذلك في الافلام ولكن لاعليك ساتعلم ، ساستعين بالانترنت والمكتبة التي تلتصق بداري , المهم اني سأتعلم وستكونين معي  اتخيلك تضحكين وانا احمل كومة الحطب واعواد اليوكالبتوس وارميها تحت قدميك لاهثا وحين استراح قليلا ابدأ في تطبيق اولى المعلومات التي قرأتها في احد مواقع الانترنت وفي الليل انتظرك تأتين الي،
– تطلبين ان تتوسدي ذراعي تحاولين ان تفتعلي النوم وانا اتركك تفعلين ما يحلو لك ولم تمض الا ساعة حتى تستيقظين واكون انا في اشد حالات الوعي اطلب منك وانا كلي نشوة ان نكتشف مواقع الخارطة , خارطة جسدينا  انا اومىء او ادوس باصبعي على موقع ما وانت تجوسين باصبعك على موقع في جسدي  لاادري ماذا سيحدث ولكن الامر لايخلو من النشوة وربما نحس حينها اننا اصبحنا قريبين وقد ندخل في مغارة سحيقة او نهبط من على جبل عال او نظل معلقين في السماء تتقاذفنا رياح قوية تجبرنا على ان نغمض اعيننا ولكننا مانزال ملتصقين مع بعض.
يطل عليها، يراها مستيقظة تصغي اليه منتظرة ان يدخل اصابعه في تلافيف شعرها وهو يحكي:
لدينا من العمر سنوات طويلة نستطيع بها ان نكتشف كل يوم مواقع جديدة على خارطتنا… اوه , انه عمل جبار ومحبط فحين نكتشف كل المواقع يكون الموت وعندها نكون قد عرفنا سر الحياة ولكن يالبؤس ما نعرف، نكون قد متنا وانتهى الامر.
في ليلة الدخلة وقفا متقابلين، كانت الغرفة شبه عارية
بحثا عن سرير يناما عليه فلم يجدا ، ابتسم في وجهها وقعت عينيه على بطانية مرمية في احدى زوايا الغرفة التقطها وفرشها على الارض واومىء اليها بحركة مسرحية  كما يفعل الامراء للاميرات في  حفلات الاستقبال الملكية.

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

بؤس الديقراطية…؟!

بؤس الديقراطية…؟!

أكرم هواس

بعد ايام قليلة سيعقد التيار الديمقراطي العراقي مؤتمره في كوبنهاغن…العاصمة الدانماركية…هذا التيار هو تشكيل حديث يحمل الكثير من الامال و التفاؤل و الطموح في زمن يختلط فيه كل شيء مع متناقضاته التاريخية بحيث النكسة و الانتصار تؤمان … و كذا تصبح الولادة و الاندثار …وسط هذه التقاذفات و الامواج تبرز هناك مجموعة من المثقفين تبذل جهودا حثيثة لانتاج بديل اسمه التيار الديمقراطي…. الا ان هذ التيار… شأنه شأن الاشياء الاخرى… ظل لحد الان… شيئا هلاميا صافيا…مثل الماء تماما….الذي رغم اهميته العظمى.. هو دون طعم أو رائحة أو لون أو شكل أو هوية… و ان كان وزنه النوعي… مثل كل الحركات في زمن العولمة و هيمنة الغرب … هو الديمقراطية… هكذا دون تعريف و دون اهداف و دون رؤية واضحة لما يمكن ان يعني التطور الديمقراطي في مجتمعات… و منها المجتمع العراقي… تحمل من تراكمات تاريخية من الاجحاف و الظلم … للافراد و الجماعات الاجتماعية و السياسية و الثقافية و كذا المبادرات الاقتصادية… خارج ارادة النخب السلطوية.

هدف هذه المقالة ليس وضع جدول اعمال لهذا الاجتماع و انما المساهمة المتواضعة في مستوى المناقشات التي اعتقد انها لابد ان تأخذ بنظر الاعتبار البعد المفاهيمي و المعرفي بجانب الابعاد الاخرى و منها السياسية و الاقتصادية…. و في هذا الصدد فان واحدا من اهم المفاهيم التي ينبغي مناقشتها هو مفهوم الديمقراطية نفسه و علاقة ذلك بالواقع العراقي….

هل يمكن نقد الديمقراطية بشكل ديمقراطي… او بشكل ادق …هل يمكن ان يكون المرأ ديمقراطيا الى ذلك الحد الذي ينتقد فيه نفسه و ما يؤمن به و وصفه بأنه شيء بائس؟…هل هذا نوع من النقد الذاتي الذي يشكل واحدا من المرتكزات العلمية كما انه احد اهم شعارات الفكر الماركسي… ام انه نوع من الجلد الذاتي الذي يعد اعترافا بالعجز؟… ربما هذا وذاك… بل ربما شيء اخر و هو اعتراف بان الواقع اكبر من قدرة الفكر على التواصل و الفهم…!!!

لكن سواء اكان الامر يتعلق بالامر بالنقد الذاتي او جلد الذات و الاعتراف بان الواقع اكبر من قدرة الفكر فان ما يترتب على ذلك اهم بكثير… بكلام اخر… فان الاعتراف بأن الديمقراطية بائسة اهم من نقدها بشكل ديمقراطي…لان ذلك يعني بشكل مباشر البحث عن بديل… ثم ماذا يمكن ان يسمى ذلك البديل… بل ما هي الاليات و المفاهيم التي يمكن ان تعتمد في ذلك؟ هل الديمقراطية ذاتها؟ ربما…و لكن الا يعني ذلك الدوران في دائرة البؤس؟

ربما يعتبر البعض هذا الاسئلة سخيفة و مضحكة لسبب بسيط و هو ان الديمقراطية تتضمن اليات التقييم و التقويم او التغيير الذاتي… ولكن هل يمكن تحمل كل النتائج التي تأتي بها الديمقراطية بروح ديمراطية؟ …هناك اساب تاريخية مرة… لا اريد ان اكرر ما يعرفه الجميع من ان هتلر و موسيليني جاءا الى الحكم بطريق ديمقراطي… كما ان الاتحاد السوفيتي و يوغوسلافيا قد تم تفكيكهما على اسس ديمقراطية…و كذا جرى تقسيم جيكوسلوفاكيا … و اخيرا السودان على ذات الاسس.
الان… السؤال هل يقبل العراقيون تقسيم بلدهم الى دول او دويلات… سميها ما شئت..؟ لماذا يعترض الكثيرون على مركزية رؤية نوري المالكي و يصفونها بالتوجه الدكتاتوري؟ الا يشكل هذا و ذاك خيارا ديمقراطيا؟ نوري المالكي لم يستولي على الحكم على طريق الدبابات بل جاء باختيار شعبي و اليات ديمقراطية… ربما يعترض البعض ان قائمته لم تفوز… هذا صحيح… لكن يبقي ذلك ضمن التفاصيل و ليس الاساس و هو استخدام اليات الديمقراطية التي توفر مساحة كبيرة لاستراتيجيات الخداع و الكذب و التلاعب و غيرها من اساليب السياسة غير الاخلاقية…

هذا ينطبق ايضا على ما يجري على قدم و ساق من افراز طائفي و قومي و اثني مما يؤسس لتقسيم العراق بشكل (ديمقراطي سلمي) حيث يتوصل الجميع في مرحلة قد لا تكون بعيدة…الى منتهى… بان الحل الوحيد الممكن ديمقراطيا هو (التجاوب مع مطالب الجماهير) التي تم حشدها و اقناعها مسبقا… في التقسيم…!! اذا حدث و هو امر قد يحدث نظرا للتطورات المتلاحقة ضمن اطار الفوضى الخلاقة في الشرق الاوسط… حينها… هل يمكن لاحد ان يدعي ان ذلك ليس تطورا ديمقراطيا في المجتمع و ان عمل الاحزاب و الجهات الاخرى المؤثرة ليس عملا ديمقراطيا؟

ازاء هذا التطور (الديمقراطي) في البلد… يبرز السؤال المهم و الذي يشكل …احد التحديات اما التيار الديمقراطي … هو كيف يمكن التعامل… هل يجب الوقوف ضد هذا التطور و الاعتراف بأنه اكبر من الرؤى الديمقراطية… ام ان يجب دعم هذا التطور و بالتالي الاعتراف ببؤس الديمقراطية …لانها قادت الى نسف الحلم العراقي و بالتالي حلم بناء تيار ديمقراطي عراقي؟

تحد اخر يحتل اهمية كبرى في هذه المرحلة هو تحدي العلاقة بين الثورة و الديمقراطية…. شخصيا كنت قد كتبت بعض المساهمات و كذلك فعل الاف المثقفين غيري…لكن من المؤكد ان هناك الكثير مما يمكن مناقشته في هذا الامر…و اعتقد ان الساحة العراقية هي واحدة من النماذج المتقدمة في هذا الشأن فالبلد يغص بالاحزاب و الحركات و الكل يدعي الديمقراطية لكن الواقع يؤشر الى ان اغلب القوى المؤثرة هي قوى ما تزال تتعامل مع بعضها البعض على الاسس الثورية العسكريتارية التي كانت سائدة في مرحلة اواسط القرن الماضي.

التحدي الان هو … هل يمكن للتيار الديمقراطية ان يوجد توليفة بين الثورة و الديمقراطية بشكل تضمن من جهة تحولا او تغييرا جذريا في اللاسس الاجتماعية و الثقافية و منها الثقافة السياسية و من جهة ثانية تحافظ على التطور السلمي في المجتمع؟…. لاشك ان مشكلة القوى المؤثرة على الساحة العراقية لا تكمن فقط في التعامل البيني و انما ايضا تعاملها مع القضايا الحيوية التي تمس حياة الناس في المجتمع… و لعل واحدا من اهم مرتكزات مشكلة هذه القوى المؤثرة هو بنيتها الداخلية التي ماتزال تعتمد الاليات غير الديمقراطية و المستندة اساسا الى مبدأ القوة و الخطوط العمودية في علاقاتها.

و هنا تبرز اهمية الاهداف و الهوية الاخلاقية للتيار الديمقراطي الذي لا شك انه يطرح نفسه بديلا لهذه القوى…. كذلك تبرز ايضا اليات عمله و الطريقة التي يطرح بها نفسه بديلا لقوى سياسية تتمتع بهيمنة فكرية و اقتصادية و سياسية مكنتها من خلق ثقافة علاقاتية تمتد الى سنوات طويلة و تتسع على اشكال و شبكات مصالح غاية في التعقيد….

و عليه فان التحدي الحقيقي امام التيارالديمقراطي ليس هو طرح مبادئ يتغنى بها الجميع … بل في طرح ما يمكن ان يفكك هذه الشبكات المعقدة و التاريخية و يستطيع ان يقنع الافراد الذين ربطت مصالهم و اسسهم الفكرية و الثقافية بشبكات هذه القوة الكبرى على الساحة العراقية ببديل يضمن لهم مصالحهم ضمن اطار مجتمعي اوسع و في ظل علاقات سلمية بعيدة عن الصراعات.

و هذا يقودنا مرة اخرى الى اهمية مناقشة المفاهيم المعرفية و علاقتها بالواقع…. لكن هذا يقودنا الى تحد ثالث يتعلق بعلاقات التيار مع القوى الاخرى المتواجدة على الساحة العراقية…. مما لاشك فيه ان اطلاق النار على الجميع يعتبرا واحدا من اهم الاخطاء و الخطايا في عالم السياسية… اذا لابد من الاحتفاظ بمستوى من العلاقات مع القوى الاخرى رغم عدم وجود توافق فكري … او على الاقل الاحتفاظ ببعض الاصدقاء رغم الاختلافات و الخلافات… السؤال المهم هو … هل ان مثل هذه العلاقات تعتبر نوعا من البراغماتية النفعية التي تدخل ضمن اطار التفريق بين الاخلاق و السياسة… ام انها واحدة من الاليات الديمقراطية… اي براغماتية الحلول الوسطى التي توفر ديمومة للاصلاح السلمي؟….حتى نكون دقة… كيف يمكن فهم هذه الاشكاليات فيما يتعلق بواقع التطور الاجتماعي السياسي في العراق؟

من المؤكد ان هناك قضايا مفاهيمية كثيرة اخرى مثل الديمقراطية و القومية… الديمقراطية و الدين… الديمقراطية و الماركسية… الديمقراطية و الفرد و المجتمع… الديمقراطية و العولمة….الخ… السؤال الذي لا مفر منه… و لكني اكتفي هنا و اتمنى للمؤتمر النجاح…و اشكر مرة اخرى كل الجهود التي بذلت و التي ستبذل في بلورة شيء نتمنى ان يكون بديلا…

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, فكر حر | Leave a comment

مدن الضباب … أم مدن الجراد والمسوخ والذباب

مدن الضباب … أم مدن الجراد والمسوخ والذباب

سرسبيندار السندي

أيا مدن الضباب كيف كنتن ذات يوم

واحات للحب والعشق والشباب

ومحطات لليل الجميل والشراب

واليوم لم يعد من يؤنسكن

لاشاعر ولاعازف ولاحتى السياب

***

أيا مدن الضباب كيف كنتن ذات يوم

سكني الحالمين بالهوى

وبندى الصباح والأحباب

واليوم كيف صرتم مدننا

ملئ بالجراد والمسوخ والذباب

وأوكار لاتعلم غير ألأحقاد والإرهاب

لمسوخ تجول كالعجول

وكلاب تنبح عند الذهاب والإياب

***

أيا مدن الضباب كيف كنتن ذات يوم

ملاجئ للهاربين من الطواغيت

ومعابد للعشاق وللنساك محراب

واليوم لايسرح فيك إلا من إمتهن

الجهالة عن عمد والحماقة والهباب

***

أيا مدن الضباب كيف صبرتن

على كفر كهذا وسباب وسلاب

فحتى متى تبقنن في رقاد طال زمانه

وخدر وكسل وغياب

ألاتقولن لي متى مجدكن يعود

وتعودن مدننا

تعج بالمآثر كما كانت ذات يوم

ورايات فوق القباب والهضاب

وليس مدننا تعج

بالجراد والمسوخ والذباب

***

سرسبيندار السندي

مواطن يعيش على رحيق الحقيقة والحرية

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

حياتنا بين الواقع والطموح / كرة القدم نموذجاً

حياتنا بين الواقع والطموح / كرة القدم نموذجاً

رعد الحافظ
raad57dawood12@yahoo.com

كأنّ كلّ القنوات العربية الفضائية والرياضية والوطنيّة , كانت تعلم اليوم مسبقاً , بالنتيجة الكارثيّة لمباراة الأشقّاء الأردنيين مع اليابان , فإمتنعت عن نقل تلك المباراة .
هل يُعقل أن يكون ذلك , محض صدفة ؟ أخشى أن تتكرّر مع مباراة عُمان واُستراليا أيضاً .
يا ريت صدفة / فأنا أكره نظرية المؤامرة أكثر من كُرهي للنفس الشريرة !
كنتُ أبحث بين القنوات لمشاهدة مباراة الأردن متمنياً لهم الفوز ليس فقط حُباً بالشعب الأردني وبالأخصّ أصدقائي منهم هناك / محمد الحلو وسالم النجار وعبلة عبد الرحمن وسوزان والنمري وعشرات غيرهم .
لكن أيضاً ليفتح فوزهم (شبه المستحيل ) الفرصة أمامنا نحنُ العراقيين لوصول منتخبنا الى نهائي 2014 في البرازيل .
آهٍ كم تشتاق نفسي لذلك الوصول . غالباً لن تتكرّر الفرصة لجيلي لتقّر عيني بهذا الإحتمال .
هذا الذي حصلَ سابقاً مرّة واحدة في حياتي عام 1986 وهو عام ولادة إبني الأوّل سيف وكان عمره يومها 6 أشهر .. ما علينا
*********
على الشعب الأردني أن لايخجل كثيراً من النتيجة الثقلية ( 6 .. صفر ) لأنّ هذا هو الواقع والفارق بين مستوى شرق آسيا / اليابان وكوريا ج مثلاً ومستوى (عرب ) غرب آسيا !
جملة صحيحة قالها مُعلّق المباراة الذي أجهل إسمهُ , لكن نبرته خليجية ولم أعرف حتى إسم تلك القناة .
فقد حصلتُ عليها من النت بعد توجيهات صديقي آيار العراقي الذي يشترك معي في تحليل كلّ لقطة في أيّ مباراة تهمنّا / خصوصاً مباريات فريقنا العراقي بالطبع .
نعم , نحنُ طالما خدعنا أنفسنا وهربنا من الحقيقة المُرّة .
السعودية مثلاً تصل 5 مرّات متتالية الى نهائي كأس العالم بشتى السُبل .
لكنّها تخسر أمام ألمانيا 2002 / بنتيجة 9 .. صفر , فتخرج بفضيحة بجلاجل .
**********
ما يحصل في كرة القدم , وهي ليست مجرّد لعبة شعبية أولى في العالم / لكن إسلوب حياة أيضاً .
هو مثال واضح لكلّ الأشياء والأحداث والتصرفات وردود الأفعال في حياتنا .
غالبيتنا ربّما لفرط حُبّهم ( السلبي ) للوطن , ينسون ويتجاهلون الحقائق على الأرض . والبعض ( النفس الشريرة مثلاً) لا تكتفي بذلك .
بل تُحارب كلّ شعاع نور يصدر من هنا أو هناك لإضاءة العتمة الرهيبة .
فلو كتبنا عن سلبيّات مجتمعاتنا / قالوا لنا أنتم صهاينة عملاء جواسيس مأجورين ماسونيين مازوخيين ساديين ( وطبعاً ) لستم شرفاء !
كلّ نقد / حتى لو كان إسلوب لعب الفريق العراقي مثلاً , يأتيكَ سفيه ليسألك وأين الوطنية في ذلك ؟
لو قلنا يونس محمود كَبَر ولم يَعُد لديه ما يعطيه / قالوا لنا أنتَ تكره السنّة
ولو قلنا اللاعب هوّار صار عبئاً ثقيلاً على الفريق / قالوا أنتَ تكره الكُرد
ولو قلنا / نشأت يحّب الظهور أكثر من فوز الفريق / قالوا أنتم تكرهون الشيعة .
كأنّ الوطنيّة الحقّة تستوجب صمّ الآذان وغلق العيون ووضع الرؤوس في الرمال .
( ليس كالنعامة / فقد كتب أحد الزملاء مؤخراً عن بحث يُشير الى أن سبب سلوك النعامة هو لتحسّسها الخطر عن طريق الموجات الصوتية من الأرض مباشرةً ) .
********
الخلاصة :
أعزائي المستعمين ,الترياق الذي نحتاجهُ لعلاج سمومنا النفسيّة هو الإعتراف بالواقع بمنتهى الشجاعة .
لن تقوم لنا قائمة / ما لم نعترف بسلبياتنا أولاً .
كي نجرؤ بعدها بالحديث عنها ومناقشتها , وطرق الخلاص منها .
لو بقينا على رأي أصحاب الدوغما ( أصحاب الدولمة إن شئتم ) والتكفيريين والمُحبِطين والسفهاء الذين يبيعونا المباديء بالأطنان , بينما هم في الواقع يبيعون ضمائرهم بأبخس الاثمان . فلا عزاء لنا جميعاً !
أعلم أنّ طيبَ الورد مؤذٍ بالجُعلِ . وأنا لا اُحاول النيل من ثقتنا بأنفسنا .
بالعكس أنا أدعوكم جميعاً للثقة بأنفسكم وإمكانية التغيير .
لأنّهُ ليس صحيحاً أنّ كلّ شيء بيد أمريكا كما يظّن الخائبون .
هاهي تنسحب تدريجياً من الشرق الأوسط وتبحث عن علاقات إقتصادية أقوى مع اللاتينية والكاريبي .
وسأتناول كتاب د. فوّار جرجس الجديد حول الموضوع لاحقاً .
De som tror att dem kan , De kan
مثل سويدي / أؤلئك الذين يعتقدون أنّهم يقدرون , فهم يقدرون !

 

تحياتي لكم
8 يونيو 2012

Posted in الأدب والفن, فكر حر | 2 Comments

تعلَّم-ي بحور الشعر (4) الوافر

تعلَّم-ي بحور الشعر (4) الوافر

بقلم: رياض الحبيّب

خاص – موقع لينغا

أرى الشِّعْرَ أرقى أنواع الأدب وأصعبها. والأسباب كثيرة؛ منها المتعلّق بالشِّعْر، كتفاعله مع الثقافة العامّة وارتباطه بفنِّ الكتابة وبحبكة الموضوع وبالموسيقى الشِّعْرية. ومنها المتعلِّق بالشّاعر، كتوفّر الموهبة وسعة الخيال والتجارب الغنيّة والمنزلة الإجتماعية والمسؤولية الأدبية والذوق السّليم والبراعة في انتقاء المفردات والتمكّن بقواعد اللغة. فالشعر، شأنه شأن العبقرية: صناعة وابتكار وإبداع. سعى الشاعر بهذي وهذا وذاك سَعْيًا حثيثًا. ولم يكتسب شيئًا ممَا تقدّم بالفطرة ولم يحصل عليه بالوراثة. أمّا الفنّان الأوَّل والشاعرُ الأوَّل والمُعَلِّمُ الأوَّل فهو الله! إذ أحْسَن في الخَلْق وفي الهندسة. وخصَّ الإنسان بالعـقل والموهبة والخيال، بل وزَّع المواهب على الإنسان. وقد رآى كلّ عمَلٍ من أعماله {أنهُ حَسَن}- تكوين، الأصحاح الأوَّل- قبلما عَمِلَ الإنسان. لكنّهُ رآى أنّ عمَلهُ {حَسَن جدًّا}- تكوين 31:1 ذلك بعدما عَمِلَ الإنسان على صورته وبعد كُلِّ ما عَمِلَ من أجْل الإنسان

وقد زيَّن الله كتابَهُ بأسفار شِعْريَّة وبآيات كثيرة هي أقرب إلى الشعر من النثر، كالمزامير والأمثال ونشيد الأَنشاد. بَـقِـيَـتْ صالحة إلى اليوم بَحْرًا روحيًّا صافيًا للشعر الحديث ومثالًـا حيًّا وراقيًا لجوهر الشعر المفيد ومنظره الفنِّيِّ بعيدًا عن قيود الوزن وحصار القافية. فمَن اختار من الشعراء والفنانين والفلاسفة والعُلماء… إلخ، مِن الجنسين، أن يقدِّمَ عن نفسه مِثالًـا على صورة الله فعَليهِ أن يأتيَ بثمار جيِّدة! وإلّـا فإنَّ الثمرة الرَّديئة تعكس عن مختارها صورة إلهٍ وثنيٍّ غريبة ومُعْتِمَة. والأدلّة على قوّة تأثير الكتاب المُقدَّس على الشعراء، القدامى والجدد، كثيرة لا حصر لها. فكثيرون اقتبسوا من آياته واستشهدوا بشخصيّاته؛ سواء أكانوا من الطبقة الأولى أم من طبقة أدنى، من داخل الكنيسة ومن خارجها- أي من المسيحيّين ومن غير المسيحيّين
– – –
هُوَذا أبو الطَّيِّب المتنبِّي يستشهد بالطُّبِّ الإلهي الذي مارسَهُ السَّيِّد المسيح له المجد بقوّة لاهوتِه، في قصيدة مدَحَ بها أحدَ الأشراف- عليَّ بن مُكرَم التميمي- بعدما تلقَّى هدايا من الشريف بواسطة مبعوث وكيل عنه. ويبدو أن الوكيل كان يقول الشعر فاٌغتنم فرصة لقائه مع المتنبي وأنشدَهُ التالي- بتصرّف واختصار
ياحُبَّ ظبْيٍ غنِجٍ * كالبدر لمَّا أنْ طلَعْ‏
فقلت تهْ تهْ تهْ تتهْ * فقال لي: مُرْ يا لُكَعْ‏
هاتِ قِطَعْ ثمَّ قِطَعْ * ثم قِطَعْ ثم قِطَعْ‏
وضَعْ بكفَّيَّ وفي * جَيْبيْ أدَعْكَ أنْ تضَعْ
فواضحٌ أنّ ما تقدّم شِعْرٌ رديء وإن كان موزونًا من مجزوء الرَّجز (البحر السابع) بل أثار سخريّة المتنبّي. ضمَّن المتنبّي تهكّمَه بدهاء في قصيدة، من بحر الوافر، أهداها إلى الشريف؛ مطلعُها: ضُروبُ الناس عُشّاقٌ ضُروبا * فأعْذرُهُمْ أشَفُّهُمُ حبيبا
لاحظ-ي بالمناسبة علامة السكون فوق ميم “أعْذرُهُمْ” وعلامة الضَّمِّ فوق ميم “أشَفُّهُمُ” وكلاهما للضرورة الشعرية، كي يستقيم وزن البيت. إلى أن قال
تيمَّمَني وكيلُكَ مادحًا لي* وأنشدني مِن الشِّعر الغريبا‏
فآجَرَكَ الإلهُ على عليلٍ * بَعَـثْتَ إلى المسيح بهِ طبيبا
ولستُ بمُنكِرٍ مِنك الهدايا * ولكنْ زِدْتَني فيها أديبا

لعلّ المعنى؛ قصَدَني وكيلُكَ مادحًا لي فأنشدني الغريب من الشعر. وكيلك عليلُ شِعْر لا يقوى على قوله، لكنه أراد إظهار “عضلاته” الشعرية على أنه طبيبُ شِعر، أثابَكَ الله على مُداراة عِلَّته. ما أدراه أنهُ أنشدَ مسيحَ الشعر القادر على معالجة جميع العلل، في وقتٍ قمتَ بإرسال “طبيب” إلى المسيح! أمّا هداياك فلا يمكنني نكرانها لتُضيف عليها هذا “الأديب” زيادة. لكن المتنبي انتُقِدَ نحويًّا على قوله (بَعَثتَ بهِ) على أنّ الصواب: بَعَثْـتَهُ. وتعليقي: ورد في «لسان العرب» التالي: (بَعَثَهُ يَبْعَثُهُ بَعْثاً: أَرْسَلَهُ وَحْدَه. وبَعَثَ بهِ: أَرسله مع غيره) انتهى. لذا اعتُبرَ قول المتنبي (بَعَثتَ بهِ) انتقاصًا من قدر الوكيل، إذ ساوى قدره مع قدر هديّة من الهدايا. ورُبّما قصد المتنبّي ذلك تهكّمًا. لكنّ المتنبي، المتمكن باللغة العربية وقواعدها، قال في قصيدة من بحر الخفيف
ما لَنا كُلّنا جَـوٍ يا رَسُولُ * أنا أهـوَى وقلبُكَ المتبُولُ
كُلَّما عادَ مَن بَعَثـتُ إلَيها * غارَ مِنّي وخان فيما يَقولُ
مَن «بَعَثـتُ» إلَيها! لم يقلْ: مَن «بَعَثـتُ بهِ» إليها. ولا يخفى تأثير الوزن على صياغة البيت الشعري، لذا قلت مرارًا: يجب تجنّب وقوع التأثير على حساب النحو
– – –

رابعًا: بَحْرُ الوَافِر

ضُروبُ الناس عُشّاقٌ ضُروبا * فأعْذرُهُمْ أشَفُّهُمُ حبيبا
ضُروبُنْنا- سِعُشْشاقُنْ- ضُروبا * فأعْذَرُهُمْ- أشَفُّهُمُوْ- حَبيبا
مَفاعِيْلُنْ- مَفاعِيْلُنْ- فعُوْلُنْ * مُفاعَلُتُنْ- مُفاعَلُتُنْ- فعُوْلُنْ
والتفعيلة الجديدة: مُفاْعَلُتُنْ. هي الأساسيّة في بحر الوافر؛ الذي ينضمّ إلى الطويل من جهة كثرة الاستعمال وإلى البسيط من جهة بساطة النظم. فقد ذكر الأب لويس شيخو اليسوعي في كتابه الموسوم «علم الأدب» ج 1 ص 381 أن (وزن الوافر “مُفاْعَلُتُنْ” ستّ مرّات لكنّه لا يُستعْمَل تامًّا بل مقطوفًا) والقطْفُ: إسقاط “تُنْ” من مُفاعَلُتُنْ مع إسكان الحرف الذي قبل “تن” فتصير: مُفاعَلْ، تُنقل إلى فعُوْلُنْ (وللوافر عروضان وثلاثة أضرب) العروض الأولى: فعُولُن. والثانية: مُفاعَلُتُنْ. فإليك أنواع الوافر

أوّلًـا؛ الوافر مع عروضهِ الأولى المقطوفة فعُوْلُنْ وضرْبها المقطوف مثلها
مُفاعَلُتُنْ- مُفاعَلُتُنْ- فعُوْلُنْ * مُفاعَلُتُنْ- مُفاعَلُتُنْ- فعُوْلُنْ
إنه أكثر استعمالًـا من مجزوئه. ومن الأمثلة؛ ما للمتنبّي أيضًا؛ كقوله
رَماني الدَهرُ بِالأَرزاءِ حَتّى * فُؤاديَ في غِشاءٍ مِن نِبالِ
فصِرتُ إِذا أَصابَتني سِهامٌ * تَكَسَّرَتِ النِّصالُ عَلى النِّصالِ
وقوله: أَرى المُتَشاعِرين غَرُوا بِذَمّي * ومَن ذا يَحْمَدُ الدّاءَ العُضالا
ومَن يَكُ ذا فمٍ مُرٍّ مَريضٍ * يَجِد مُرًّا بهِ الماءَ الزُّلالا
وقوله: طِوالُ قنًا تُطاعِنُها قِـصارُ * وَقطْرُكَ في نَدىً ووَغىً بِحارُ
وفيكَ إِذا جَنى الجاني أَناةٌ * تُظَنُّ كَرامَةً وَهِيَ اٌحتِقارُ
وغير ما تقدّم. وبالمناسبة؛ نظم الشاعر الجواهري (ت 1997 م) قصيدة رائعة عن المتنبي- من الوافر- تحت عنوان “فتى الفتيان” مطلعُها مع ما بعده
تحدّى الموتَ واٌختزلَ الزمانا * فتىً لوَّى مِن الزمنِ العِنانا
فتىً خبَطَ الدُّنى والناسَ طُرًّا * وآلى أنْ يَكُونَهُما فكانا

ملاحظتان

الأولى: يجوز في الوافر عَـصْبُ مُفاعَلُتُنْ أينما وقعت (والعَـصْب: إسكان لام مُفاعَلُتُنْ لتصير مُفاعَلْتُنْ، تُنقل إلى مَفاعِـيْلُنْ) لكنّ من الواجب الإبقاء على مُفاعَلُتُنْ صحيحة (بدون عَصْب) مرّة واحدة في الأقلّ، في كلّ بيت من القصيدة، لئِلّـا يلتبس الوافر مع الهَزَج (البحر السّادس) الذي تفعيلته مَفاعِـيْلُنْ. أي للحفاظ على هويَّة بحر الوافر

والثانية: حَذارِ من الزحاف التالي 1. عَـقل مُفاعَلُتُنْ (أي حذف حرف التاء) لتصير مُفاعَلُنْ التي تنقل إلى مَفاعِلُنْ فهو قبيح في الوافر 2. كفّ مُفاعَلُتُنْ إلى مُفاعَلُتُ، كقولك: سَلامَتك بفتح حرف الكاف أو خفضه 3. نقص مُفاعَلُتُنْ إلى مُفاعَلْتُ التي تنقل إلى مَفاعِيْلُ (والنَّقْصُ مُركَّبٌ من عصْب مُفاعَلُتُنْ ومن كفِّها) كقولك: أمانيْكَ أو أمانيْكِ 4. قـبْض فَعُوْلُنْ إلى فَعُولُ في ما عدا القافية. فقد خلط الشعراء الجدد بين المقبول والمُستحَبّ وبين الممنوع والمرفوض. وسوف أوضِّح معنى الزحاف وأفصِّل نوعَيه المُفرد والمُركَّب في الحلقة السادسة
– – –

مجزوء الوافر

وهو على نوعين؛ الأوَّل: العروض الثانية (مُفاعَلْتُنْ) وضُرْبُها مثلها
مُفاعَلُتُنْ مُفاعَـلُتُنْ * مُفاعَلُتُنْ مُفاعَـلُتُنْ
مثالًـا: هِيَ الدُّنيا إذا كمَلَتْ * وتمَّ سُرورُها خذلَتْ
هِيَدْدُنيا- إذاكمَلَتْ * وتمْمَسُرُوْ- رُهاخَذلَتْ
مَفاعِيلُنْ- مُفاعَـلُتُنْ * مُفاعَلُتُنْ- مُفاعَـلُتُنْ
مثالًـا آخر: غزالٌ زانهُ الحَوَرُ * وساعَدَ طرْفهُ القدَرُ
يُريْكَ إذا بدا وجْهًا * حَكاهُ الشمسُ والقمَرُ

ومثالًـا من قصيدة للجواهري، نشرها عام 1976
أزِحْ عَن صَدْرِكَ الزَّبَدا * ودَعْهُ يبُثّ ما وَجَدا
ولا تكْبِتْ فمِنْ حِقبٍ * ذمَمْتَ الصَّبْرَ والجَلَدا

والثاني: العروض مُفاعَلْتُنْ أيضًا وضَرْبُها مَعْـصُوب أي مَفاعِيْلُنْ
مُفاعَلُتُنْ مُفاعَـلُتُنْ * مُفاعَلُتُنْ مَفاعِـيْلُنْ
أعاتِبُهُ وآمِرُهُ * فيُغْضِبُني ويَعْصِيْني
أعاتِبُهُوْ- وَأءْمِرُهُوْ * فيُغْضِبُني- ويَعْصِيني
مثالًـا آخر: فيا لكَ عاشقًا يسْقي * بَقِـيَّة كأس معشوقِ
بكيتُ لنأيِهِ عنّي * ولا أبكي بتشهيقِ
لمنزلةٍ بها الأفلا * كُ أمثالُ المَهَاريقِ
والأخير مُدَوَّر؛ وَرَدَ مثله في الحلقة الثالثة، تحديدًا في الحديث عن مشطور البسيط

أمثلة على بحر الوافر من أبيات مميَّزة

ألا هُبَّي بِصَحْنِكِ فاٌصْبَحِينا * ولا تُـبْقِي خُمورَ الأنْدَرِينا
مُـشَعْشَعَةً كأنَّ الحُصَّ فِيها * إذا ما الماءُ خَالَطَها سَخِينا
من مُعَلَّقة عمرو بن كلثوم التغلبي
– – –
أَرَى خَلَلَ الرَّمادِ وَمِيضَ نَارٍ * ويُوشِكُ أَنْ يكُون له ضِرامُ
فإِنَّ النَّارَ بالعُودَيْنِ تُذْكَى * وإِنَّ الحَرْبَ أَوَّلُها كَلامُ
من قصيدة قالها نصْر بن سيار الليثي آخر ولاة الأمويين على خراسان. من ويكيپـيديا: نصر بن سيار الليثي الكناني، ت 131 هـ – 748 م
– – –
إذا قالت حُذامِ فصَدِّقوها * فإنَّ القولَ ما قالت حُذامِ
وحُذام: امرأة ضُرب بها المثل في حِدَّة البصر وصِدق الخبر وهو: “أبْصَرُ من حذام” وقائل البيت هو زوجها. وحُذامِ: اسم علم مبنيّ على الكسر، ممنوع من الصَّرف في لغة الحِجازيّين، لكن خالفهم بنو تميم. من ويكيپـيديا: حُذام
– – –
مَوَدّتُهُ تدومُ لكلِّ هَوْلٍ * وهَلْ كُلٌّ مَوَدّتُهُ تدومُ
والظريف في هذا البيت هو جواز قراءته من اليسار إلى اليمين
– – –
سَلِ الشعراءَ هلْ سَبَحوا كسَبْحِيْ * بُحُورَ الشعْر أو غاصوا مَغاصي
لسانِيَ بالقريض وبالقوافي * وبالأشعار أمْهَرُ في الغواصِ
مِن الحُوتِ الذي في لُجِّ بَحْرٍ * يُجيدُ السَّبْحَ في اللُجَج القِماصِ
قالها عبيد بن الأبرص مفتخِرًا بشعره- من ديوان الشاعر
– – –
هِيَ الأخلاق تنبت كالنباتِ * إذا سُـقِـيَتْ بماءِ المكرُماتِ
تقومُ إذا تعهَّدها المُرَبِّي * على ساق الفضيلة مُثمِراتِ
وتسمو للمكارم باتِّساقٍ * كما اتّسقتْ أنابيبُ القناةِ
من قصيدة للشاعر معروف الرصافي (ت 1945 م) والملاحظ هنا جواز استعمال التّاءَين الطويلة والمربوطة في قافية التاء
– – –
من مناظرة بين اٌمرئ القيس والتّوأمَ اليَشكُريّ في كتاب «شعراء النصرانية» ج 1 ص 10 للأب لويس شيخو؛ قال اٌمرؤ القيس للشاعر التوأم: إن كنت شاعرًا فأجِزْ أنصاف ما أقول. أجاب التوأم: قلْ ما شئت. فقال امرؤ القيس- من الوافر
أصاحِ ترى بُرَيْقاً هَبّ وَهْنًا
أجاب التوأم: كنار مَجُوسَ تستعِـرُ اٌستعارا
امرؤ القيس: أرِقتُ لهُ ونامَ أبو شُرَيْحٍ
التوأم: إذا ما قلتُ قد هَدَأ اٌستطارا
امرؤ القيس: كأنّ هزيزهُ بوراءِ غـيْبٍ
التوأم: عِشارٌ وُلّهٌ لاقتْ عِشارا
إلى آخرها. وأردف المُؤلِّف الأب شيخو: (قال أبو عمرو: فلمّا رآى اٌمرؤ القيس التوأمَ قد ماتـنهُ ولم يكن في الزمن الأوّل شاعرٌ يُماتنه آلى ألّـا ينازع الشعرَ أحدًا بعده) انتهى. عِلمًا أنّ اٌمرأ القيس ناظرَ عبيد بن الأبرص مِن قبل. راجع-ي حلقة بحر البسيط
– – –
لبَيْتٌ تخفق الأرواح فيهِ * أحَبُّ إليَّ مِن قصْرٍ مُنِيفِ
ولبْسُ عباءةٍ وتقرَّ عيني * أحَبُّ إليّ مِن لبس الشفوف
وأكل كسيرةٍ من كسر بيتي * أحبّ إليّ من أكل الرغيف
وخِرْق من بني عمِّي نحيف * أحبُّ إليّ مِن عِلْجٍ عليفِ
فما أبغي سوى وطني بديلًـا * فحَسْبي ذاك من وطنٍ شريفِ
الأبيات للشاعرة ميسـون بنت بحدل عندما كانت زوج-ة معاوية بن أبي سفيان. فلمّا سمعها زوجها قال لها: « يا اٌبنة بحدل جعلتني عِلجًا عليفًا، فالحقي بأهلك» فطلَّقها. من الموسوعة العربية: ميسـون بنـت بحـدل الكلبية، ت نحو80 هـ – 700 م

ملاحظة؛ ورد في «لسان العرب» بتصرّف: يضع أهلُ الحجاز الزوج للمُذكَّر والمؤَنث وضعًا واحدًا؛ تقول المرأَة: هذا زوجي. ويقول الرجل: هذِهِ زوجي. أمّا بنو تميم فيقولون: هي زوجته. قاله الجوهري أَيضاً محتجًّا ببيت الفرزدق- من الطويل
وإِنَّ الذي يَسعَى يُحَرِّشُ زَوْجَتِي * كَسَاعٍ إِلى أُسْدِ الشَّرَى يَسْتبيلُها
– – –
عُرِف عن مَعْن بن زائدة (الشيباني) بأنه من أجود العرب ومن أوسع الناس حِلْمًا وصَفحًا عن زلّـات الناس. فبعدما ولّـاه أبو جعفر المنصور على اليمن، تراهن أعرابيّان على إغضابه، لقاء مِائة ناقة (أو بعير) فلبس أحدهما جلد ناقة ونعْـلًـا من جلدها أيضًا. حتى دخل بمنظر قبيح على معن بن زائدة، دون أن يُسَلِّمَ عليه! فأنشد
أتذكُرُ إذ لحافُكَ جِلْدُ شاةٍ * وإذْ نعْلـاك مِن جلد البعيرِ؟
أجاب مَعْن: نعَمْ، أذكُرُ ذلك ولن أنسى
الأعرابي: فسُبْحان الذي أعطاكَ مُلْكًا * وعَلَّمَكَ الجلوسَ على السَّريرِ
مَعْن: سبحانهُ على أيّة حال
الأعرابي: فلستُ مُسَلِّمًا ما عِـشتُ دهرًا * على مَعْنٍ بتسليم الأميرِ
معن: إن السلام سُنَّة يا أخا العرب؛ كيفما شِئْتَ تأتِ به
الأعرابي: سأرحلُ عن بلاد أنت فيها * فقدْ جارَ الزمانُ على الفقيرِ
معن: ما أقمْتَ بيننا فمرحبًا بالإقامة وإن رحلت فمصحوبًا بالسلامة
الأعرابي: فجد لي يا اٌبن ناقصةٍ بشيءٍ * فإني قد عَزمْتُ على المَسِـيرِ
فأمَرَ معن للأعرابي بألف درهم
الأعرابي: قليلٌ ما أتيتَ به وإني * لـأطمَعُ مِنكَ بالمال الوفيرِ
فأمر له معن بألفٍ آخر، ما جعل الأعرابي يشعر بالندم. فأقبل على يَدَي معن معتذرًا وقائلًـا: سألتُ الله لو أبقاكَ ذخرًا * فما لكَ في البَرِيَّة مِن نظيرِ
فمِنكَ الجُودُ والإحسان حَقًّا * وفيضُ يَدَيْك كالبَحْرِ الغزيرِ
معن: أعطيناك ألفي درهم على هَجْونا فلتُعْطَ أربعة آلاف على مَدْحِنا. ثم سأله: ما حَمَلَكَ على هَجْونا؟ فأجاب: تراهنت مع أحد الأعراب على إغضابك لقاء مائة ناقة. معن: إذن خسِرتَ الرِّهان! ثمَّ أمر له بمائتي ناقة، مائة منها لدفع ثمن الرهان. من ويكيپـيديا- بتصرّف: معن بن زائدة
– – –
أذكر التالي أخيرًا؛ من قصيدتين للشاعر أحمد شوقي- ت 1932 م
سَلوا قلبي غداة سَلا وتابا * لعلَّ على الجمال لهُ عِـتابا
ويُسألُ في الحوادث ذو صوابٍ * فهَلْ تركَ الجَمالُ لهُ صوابا
وكنتُ إذا سألتُ القلبَ يومًا * تولّى الدَّمْعُ عَن قلبي الجوابا
غنَّتها السّيّدة أمّ كلثوم

سَلامٌ مِن صَبا بَرَدى أَرَقُّ * وَدَمْعٌ لا يُكَفكَفُ يا دِمَشقُ
وَمَعذِرَةُ اليَراعَةِ وَالقوافي * جَلالُ الرُّزءِ عَن وصْفٍ يُدَقُّ
وذِكرىً عَن خواطِرِها لِقلبي * إلَيكِ تَلَفُّتٌ أبَدًا وخَفْقُ
غنّاها الموسيقار محمّد عبد الوهاب

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

رسالة للضباط العلويين الشرفاء بالجيش السوري

رسالة للضباط العلويين الشرفاء بالجيش السوري

طلال عبدالله الخوري

تحية لكم وقبلة على جبينكم وكل الاعتزاز بوطنيتكم وانتم اغلبية الضباط العلويين

نحن لا نشك بوطنيتكم ابداُ, ونحن نعرف ونفهم وضعكم تمام المعرفة ونقدر صعوبة موقفكم, لا بل نقول بان موقفكم هو الاكثر صعوبة من بين كل فئات الشعب السوري على الاطلاق ونحن نفهم هذا تماماُ.

لقد وصل الوضع بسوريا الى الحضيض, وهذا الوضع لا يرض به اي وطني سوري, وانتم من اشرف الوطنيين السوريين.
فالطاغية بشار الاسد مصر على الحل الامني وهو مصر على خذاع الشعب السوري والعالم باسره, حيث يقوم بالمجازر الوحشية بشكل منهجي وكل يوم, ظننا منه انه يستطيع ان ينتصر على شعبه, وهذا لم يحدث ولن يحدث قط لا بالتاريخ القديم ولا المعاصر و لا حتى بالمستقبل.
لقد اضحت الازمة السورية اسيرة نفاق اعضاء المجلس الوطني السوري والدبلوماسية العربية والتركية والايرانية والروسية, وتحت وطأة المصالح الغربية وتجاذباتها, بينما نظام بشار الاسد  يقصف، مسلحا بالاسلحة الروسية, وممولا ايرانيا بالمال (الشريف), كما قال زعيم حزب الله حسن نصرالله, ثم يقوم بدفع شبيحتة من المرتزقة من الطائفة وغيرها من الطوائف, لاقتحام بيوت المدنيين بعد قصفهم ثم ذبحهم. ليأتي بعدها شيخ السنة البوطي، ليأم المساجد بالصلاة لراحة ما يسمى بمصطلح الشهداء بمنتهى الزلف والرياء..

لقد قال المتحدث باسم البيت الأبيض الأميركي: إن واشنطن بدأت التحضير لمرحلة ما بعد الأسد، بينما قال  نائب وزير الخارجية الروسي: إن بلاده لا تعتبر بقاء الأسد في السلطة شرطا مسبقا لتسوية النزاع هناك!
من هنا نرى بأن هناك شبه إجماع على فشل مهمة كوفي أنان, لا بل إن أنان نفسه أبدى تشاؤمه حيال ما يحدث في سوريا، وقال إنه محبط.
لهذا السبب فان المجتمع الدولي يتحرك  دبلوماسيا الآن ومرة أخرى عبر روسيا، لكي تلعب  موسكو دورا في سوريا على غرار المبادرة اليمنية التي أخرجت صالح من حكم اليمن, بما يسمى الحل اليمني في سوريا.

هذا الاجماع الدولي يسهل لتقوية الحلول الدبلوماسية  في سوريا بوضعها تحت البند السابع في الامم المتحدة لكي تردع الوريث بشار الاسد  في حال كان لديه نية مبيتة كعادته للكذب والخداع.
لذلك كله نحن نأمل من قادة الجيش السوري العلويين بأن يتخلوا عن السلالة الحاكمة (الا سد, مخلوف وشاليش)، والتفاوض على احتفاظهم بالسيطرة على القوة الضاربة للجيش «لحماية» الطائفة العلوية من محاولات الانتقام منها في مرحلة انتقالية تفضي بالنهاية الى دولة سورية تحترم القانون وحقوق الانسان كما هو متعارف عليها بالقوانين الدولية لكل السوريين من مختلف الطوائف بدون استثناء.

http://www.facebook.com/pages/طلال-عبدالله-الخوري/145519358858664?sk=wall

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment