أرجوكم لا تبيعوا مصر

مارثا فرنسيس

أرجوكم لا تقاطعوا إنتخابات الرئاسة، أرجوكم لا تسَّلِموا مصرنا الجميلة لأيدي من يكذبون ويستحلون  الغش والرشوة والتزوير من أجل مصالحهم وأهدافهم الإنتقامية، أرجوكم ليس الوقت وقت مقاطعة؛ فالانتخابات أصبحت أمراً واقعا، ومقاطعتكم لن تصلح الموقف ولن تنقذ مصر ولن تعيد اليكم الثورة، وعلينا أن  نتعامل مع المعطيات المتاحة لنا ومحاولة إنقاذ مايمكن إنقاذه لأجل الجميلة أم الدنيا ؛ أرجوكم لا تعطوا الفرصة لمن يتاجرون بالدين بينما سلوكياتهم بعيدة كل البعد عن أي دين، فهم يشترون الأصوات باسم الدين، ويتاجرون بفقر الناس باسم الدين ويسرقون الأصوات بتسويد البطاقات الإنتخابية باسم الدين، لو كانت المقاطعة ستلغي الإنتخابات الرئاسية لكنت أول المقاطعين، ولكن الواقع يحتم علينا أن نتخذ قراراً حتى لو لم يكن هذا الإختيار هو ماحلمنا به لمصرنا، ولكنه أفضل من أن نصحو على كابوس ثقيل خطير يقضي على كل جمال في بلدنا ويقضي على ماتبقى فيها من حرية واقتصاد وطموح.
أرجوكم لا تقاطعوا انتخابات الإعادة، وقد أصبح النفاق علنيا والكذب مجاهرة، لا تقاطعوا فقد تؤدي مقاطعتكم إلى سقوط مصر في فخ الإرهاب والإقصاء والإجرام، بل قد تؤدي إلى إعدام الفن وحرق الإبداع، ولكم في تونس مثالا،  صدقا قد تؤدي مقاطعتكم إلى ان تصبح مصر افغانستانا أخرى أشد قسوة وأكثر فتكا بكل ماهو إنساني. إذا كان هناك أملا في ان تقف مصرنا ثانية ولو ببطء فمقاطعتكم ستقضي على هذا الأمل، ولو كانت  مشاركتنا الإنتخابية ستنقذ مصر ممن يدعون باطلا  انهم ابناء الثورة وهم لا ينتمون اليها تماما، فمقاطعتكم ستسلم مصر في أيدي هؤلاء المجرمين، يمكنكم أن تتبينوا خطورة موقفكم من العدد الهائل للبلاغات التي تدل على إنعدام الإمانة والذمة والضمير، ولكم أن تختاروا  ترك مصيركم ومصير اولادكم في وطن تسلمونه رخيصا لمن يتحرك بأوامر جماعة اثبت التاريخ خداعها وإجرامها، واصبح كذبهم مضربا للمثل بشكل مخزي، أرجوكم تابعوا الآن خطط الارهابيين واكتشفوا ماهي تخطيطاتهم وقد ضبطت بدايات مخططاتهم، أرجوكم لاحظوا تعبيرات الوجوه وميزوا لغة الكلام، بعقولكم وقلوبكم ستعرفون من هو الذي يحب مصر ومن الذي يحب الجماعة والمصالح الشخصية، لاحظوا من هم الفلول كما تبين الصور والتاريخ مع الحزب الوطني السابق، ومن تاريخهم الإجرامي ومن هو صاحب الإنجازات والاتزان الشخصي الذي يضع الدين في مكانه ويفصله جيدا عن السياسة،   ولو هانت مصر عليكم فلكم أن تبيعوها بإصرار ليس له تفسير ولا معنى و بسلبية وتجاهل بَيِّن لمصلحة الوطن ومواطنيه.
ارجوكم لا تبيعوا مصرنا الغالية
محبتي لمصر الجميلة وطني العزيز
ولكل شعب مصر

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, فكر حر | 4 Comments

الصراع على سورية بين الولي الفقيه وخادم الحرمين!

تفيد تسريبات الأنباء التي توردها وسائط الأعلام المختلفة عن بدء مرحلة جديدة من الصراع على سوريا. وكأن سورية وشعبها ايتام غير قادرين على الاعتناء بأنفسهم او تدبير امورهم. والشئ المحزن بان المتصاريعين على سوريا هم اسفل واقذر الانظمية الاستبدادية الثيوقراطية على الارض, والتي تأخذ من الدين والاوامر الالهية السماوية وسيلة لحكمها واستمراريتها . هؤلاء المتصارعون هم الولي الفقيه الايراني وخادم الحرمين السعودي. و للأسف, فقد وجد هذان النظامان عملاء لهم داخل سورية, لكي يتمكنوا من قيادة وتوجيه الصراع حسب مصالحهما الخبيثة غير ابهين بمصلحة الشعب السوري ورفاهيته, وغير آبهين لدماء الشهداء الشباب التي تذرف كل يوم مع اطالة امد الثورة. فخادم الحرمين وجد ضالته بحزب الاخوان المسلمين السوري فرع محمد رياض الشقفة, ولم لا والنظام السعودي هو الذي اسس هذا الحزب وهو الذي يموله ويمول مؤتمراته, وها هو يستخدم هذا الحزب كدمية لتحقيق مصالحه وقيادة الصراع بالنيابة عنه ضد غريمه التقليدي وهو الولي الفقيه الايراني. اما الولي الفيقه الايراني فقد وجد ضالته ايضا بحزب الاخوان المسلمين فرع عائلة الاسد. فنحن لا نعتقد بان حزب البعث هو الذي يقود سورية بالرغم من ان القانون يقول ذلك, اما بالواقع فان سوريا تقاد ثيوقراطيا عبر عائلة الاسد مثلما تقاد كل الدول العربية والاسلامية, وهذا ما يثبته تصريحات كل من البوطي و جميع مفتيي سورية وتصريحاتهم على مدى اكثرمن اربعين عاما من حكم عائلة الاسد.

ومن المؤسف ايضا دخول تركيا مزاد الصراع والمتاجرة بدماء الشهداء لتحقيق مصالحها الاقتصادية ومصالح اردوغان الانتخابية. فقد وردت معلومات في جريدة الشرق الاوسط تفيد بحصول تفاهم بين الحكومة التركية ونظام الحكم في دمشق في الفترة الأخيرة، جوهر الاتفاق هو تشكيل حكومة انتقالية دون تحديد مُدَّتها على أن يكون لحزب الإخوان المسلمين دورٌ فاعل إلى جانب شخصيات تمثِّل أطرافًا أخرى من المعارضة، يسبقها سحب الجيش إلى ثكناته ووقف القوَى الأمنية لقمع المتظاهرين، وتطبيق الإصلاحات التي أعلن عنها النظام في الواقع اليومي وحلّ حزب البعث والتأسيس لحياة سياسية جديدة، مقابل العمل الجادّ من قبل الجانب التركي لإيجاد مخرج لإقناع المعارضة للحدّ من المظاهرات والدخول في حوار مع السلطة وبمشاركة تركية”.
وقال المصدر- الذي طلب عدم ذكر اسمه- “حسب نفس المعلومات بأن الجانب الأمريكي ابدى للأتراك تحفظهم على المشروع لعدم ثقتهم بجدية النظام السوري واحترامه لتعهداته”. وأكّدوا أن “معارضة الداخل هي التي ستقرر المصير”، بحسب صحيفة الشرق الأوسط.
وأضاف المصدر: “في هذا الإطار جرت تعديلات على برنامج مؤتمر الإنقاذ الوطني في سوريا الذي انعقد يوم السبت في اسطنبول؛ حيث كان هناك حضور مكثّف ولافت لجماعة الإخوان المسلمين، وجرَى ضغط كبير على رئيس المؤتمر الحقوقي هيثم المالح للتنازل عن فكرة تشكيل حكومة الظلّ، وإضافة الصبغة العربية على سوريّا إلى الوثيقة التي كانت قد أعدّت في دمشق، وبالتالِي نفي المكون الكردي من تشكيلة الشعب السوري، وإعطائه صبغة أقلية مهاجرة تنحصر حقوقها في التساوي بالمواطنة”.وأضاف المصدر: “لقد أسهمت الحكومة التركية من خلال الإخوان المسلمين على إفشال المؤتمر بكل المعايير من حيث الجوهر، ولو أنه صدر مشروع بيان ختامي عن المؤتمر، فتركيا لا تهمُّها نتائج المؤتمرات الكثيرة والتي تنعقد معظمها حتى الآن فوق أراضيها بقدر ما تهمها تصدير حليفها حزب الإخوان المسلمين إلى الداخل السوري، وقبوله على مستوى الشارع والسلطة”.
وأشار إلى أنَّ ما جرى في مؤتمر أنطاليا أو مؤتمر بروكسل والذي انعقد بدعم تركي، أو مؤتمر اسطنبول الأخير جرى تهميش القوى العلمانية، والديمقراطية، وبالدرجة الأولى المكوّن الكردي، إلى درجة حصول انسحاب الكثير من الكتل السياسية”

ذكرت صحيفة فرنسية نقلا عن تقرير لمركز أبحاث ايراني مرتبط بالقيادة الايرانية أن الزعيم الاعلى اية الله علي خامنئي يؤيد تقديم مساعدة قيمتها 5.8 مليار دولار لسوريا لدعم اقتصادها.

من هنا نرى بأن مرحلة جديدة من الصراع على سوريا قد بدأت, والتأمر على الثورة السورية ودماء شبابها قد بدأ, ونحن نشبه الثورة السورية بصبية عذراء يتصارع على شرفها وحوش كاسرة لكي يتم تدنيس شرفها بالحرام من قبل الولي الفقيه وخادم الحرمين وعملائهم وأذنابهم بالمعارضة السورية.

الحل في سورية وامل الثورة في نجاحها هو بوضع ثقتها بوطنيي سوريا المستقلين من الاقتصاديين والحقوقيين القادرين على نقل سورية الى دولة متحضرة يصبح فيها المواطن حرا اقتصاديا ويرتفع دخله لمستوى دخل يؤمن له العيش الحر الكريم بعيدا عن الخونة والمأجورين. راجعوا مقالنا: سوريا بعد الثورة ورفع دخل الفرد الى 20 الف دولار.

http://www.facebook.com/pages/طلال-عبدالله-الخوري/145519358858664?sk=wall

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

نبيّك هو أنت… لا تعش داخل جبّته! (2)

وفاء سلطان

معظم جهازنا العقائدي يتشكّل بناء على تجارب خضناها في الماضي. فالخلاصة التي خرجنا بها من تلك التجارب تستقر في اللاوعي لتشكل خيطا في نسيجه الفكري. ليست التجربة هي المهمة بحد ذاتها، وإنّما الخلاصة التي يخرج بها صاحب التجربة هي الأهم.

ولكي يتوصل إلى الخلاصة التي يتوخاها من خلال تجربته يركّز الإنسان عادة على جزء من تلك التجربة وليس على التجربة بأكملها، يختار باللاوعي الجزء الذي يتطابق مع قناعاته المسبقة.

جارتي العراقية، وعلى مدى مائة ميل، رأت الجمال الذي يحيط بها من كل حدب وصوب ولكنها لم تركز إلا على نقطة واحدة في تلك التجربة، ألا وهي ذلك الشحاذ الذي التقيناه في نهاية رحلتنا. ركّزت عليه كي تخرج بخلاصة تتوافق مع الخلاصات الأخرى المستقرة في اللاوعي عندها.

أمريكا في اللاوعي عندها لاشيء بل القبح والفجور، ولذلك رفضت أن تركّز على جمال الطريق كي لا تتعارض الخلاصة التي ستخرج بها مع اللاوعي عندها. ركّزت على الشحاذ كي تخرج بخلاصة تتوافق مع جهازها العقائدي.
……………………………………….
التركيز على جزء من التجربة وليس على التجربة كلها يدعى في علم النفس

Negative or Positive Selective

 ، بمنعى أن الإنسان يركّز على النقطة سواء سلبية أو إيجابية بشرط أن تخدم قناعاته السابقة.
أفضل من شرح تلك النقطة هو الشاعر العربي بقوله:
فعين الرضى عن كل عيب كليلة…….ولكن عين السخط تبدي المساويا

وهناك طرفة قرأتها مرة ورأيت فيها خير مثال لتوضيح تلك الفكرة: يحكى بأن رائد الفضاء السوفياتي الأول قام وبعد عودته من رحلته إلى الفضاء بزيارة زعيم الإتحاد السوفياتي يومها، فقال له الزعيم: اسمع أنا أعرف تماما بأنك رأيت الله أثناء تحليقك ولكنني أحذرك من أن تبوح بذلك لأحد. فصمت الرائد، ثم تابع طريقه لزيارة بابا الفاتيكان، فقال له البابا: اسمع أنا أعرف بأنك لم تر شيئا يثبت وجود الله، ولكننني أحذرك من أن تبوح بذلك لأحد! كل منهما يرفض رؤية الحقائق التي تتعارض مع قناعاته التي تُبرمج اللاوعي عنده.
……………………………………….
قد ينظر رجلان من النافذة في يوم ممطرفيصيح أحدهم: انظروا لقد ملأت الوحول والأمطار كلّ الشوارع، بينما يقول الآخر: لقد انقشت الغيوم ولمع قوس قزح في السماء!

كلّ شيء نركّز عليه يصبح مع الأيام جزءا من قناعاتنا، ويغدو بالنسبة لنا اعتقادا راسخا.
الكاميرا لا تستطيع أن تلتقط إلاّ الجزء الذي تركّز عليه وليس كلّ الصورة.

لو ذهبت الى حفلة ومعك كاميرا، وكانت الحفلة كبيرة والحضور كبير والنشاط على قدم وساق ورأيت في إحدى الزوايا بضع أشخاص يتجادلون ويتدافعون بالأيدي فأخذت لهم صورة، ثمّ قلت لمن لم ير الحفلة: انظر كيف كانت الحفلة، لم تكن سوى حلبة للعراك وقذف الشتائم! الخلاصة التي خرجت بها من التجربة اعتمدت على النقطة التي ركزت عليها.

لقد عممت جزء من التجربة على التجربة كلّها، وخرجت بخلاصة تتعلق فقط بذلك الجزء. لم يأت تركيزك على تلك النقطة من فراغ، إذ لا بدّ وأن يكون لديك قناعة مسبقة كانت السبب المباشر لإختيارك تلك النقطة. ربمّا، وعلى سبيل المثال، غيرتك من الشخص الذي أقام الحفل ورغبتك في التقليل من أهميته هي التي دفعتك لإظهار مساؤى الحفل وليس لحظاته الجميلة.

إذا لديك فكرة سلبيّة مسبقة عن صاحب الدعوة، ولا تريد أن تتبنى فكرة جديدة تتعارض مع تلك الفكرة بسبب الحاجز الإسمنتي الذي يفصل بين وعيك واللاوعي عندك، فرحت تركّز على نقطة سلبية كي تخرج بخلاصة سلبية تتماشى مع قناعاتك السلبية المسبقة.

النقاط التي تركّز عليها في الحياة هي النقاط التي يحددها اللاوعي عندك والتي تتناسب مع برمجته المسبقة، فاللاوعي لا يعترف بوجود ما يتناقض مع تلك البرمجة حتى ولو لمسته بكل حواسك في ساحة الوعي.

الخطورة في الأمر هنا، عندما تنقل خلاصتك هذه للآخرين سيتبنى، ولو بعض منهم، تعميمك وسيحكم على الحفلة من خلال حكمك! إذا لا يساهم في تشكيل نسيجك الفكري الخلاصات التي خرجت منها من تجاربك الشخصية وحسب، بل تلعب خلاصات الآخرين دورا في حياكة ذلك النسيج.

أنت خرجت من الحفلة بخلاصة تقول: إنها حفلة سيئة! وذلك بعد أن ركّزت على جزء من تلك الحفلة وقيّمتها من خلاله. لكن بعض الناس الذين لم يحضروا الحفل تبنوا خلاصتك، فالصورة التي التقطتها للحفلة تؤكد تلك الخلاصة. في غلالة نفسك قد تعرف الحقيقة، ولكن الذين تبنوا خلاصتك لا يعرفونها. إذا الخطورة تكمن في أن يتبنى الإنسان خلاصات غيره دون أن يمرّ بتجارب تثبت صحة تلك الخلاصات أو تنفيها.
……………………………………….
هنا تبرز العقائد الدينية كمثال على تبني الناس لخلاصات الآخرين، دون أن يكلّفوا أنفسهم عناء التأكد من صحة تلك العقائد. الذين أوجدوا تلك العقائد كانوا يدركون في غلالة أنفسهم الحقيقة. لكنّ الذين تقبلوا تلك العقائد، كمسلمات لا حاجة بهم إلى برهانها، أضاعوا الحقيقة. أنت تدرك بأن الحفلة كانت أفضل من النقطة التي ركّزت عليها، لكنّ الناس الذين تبنوا قناعاتك لا يدركون ذلك!

كان محمد يُدرك، وعندما نكح زوجة ابنه بالتبني، بأن فعلته تلك منافية لأعراف زمانه. خرج من تلك التجربة بتحريمه للتبني. تبنى المسلمون خلاصته دون أن يسمحوا لأنفسهم بالشكّ في شرعيتها والحكمة منها. أصبح تحريمه للتبني مع الزمن اعتقادا راسخا في اللاوعي عند المسلم، ويتحكم خلسة بالطريقة التي يتعامل بها مع أطفال غيره بغض النظر عن درجة قرابته لهؤلاء الأطفال.

كيف يتعامل الرجل المسلم مع أطفال زوجته؟!!
كيف تتعامل المرأة المسلمة مع أطفال زوجها؟!!
كيف يتعامل المسلم مع أبناء أخيه عندما يفقدون والدهم؟!!
ناهيك عن الطريقة التي يتعامل بها المسلمون عموما مع الأطفال الذين يسمّونهم “غير شرعيين”! القسوة التي يتعامل بها هؤلاء الأطفال هي نتيجة حتمية لذلك الإعتقاد الذي يتحكم بسلوك معتنقيه دون وعيهم.

ألم يُدرك محمد الحقيقة التي تكمن وراء تحريمه للتبني؟ طبعا كان يُدرك بأنّه حرّم التبني ليبرر فعلته! لكن الذي تبنوا خلاصته أضاعوا تلك الحقيقة، وسمحوا لذلك الإعتقاد بأن يتحكم بعقولهم، وبالتالي بتصرفاتهم، وبالتالي بأوضاع بعض أطفالهم!

لا يوجد دين على سطح الأرض إلاّ وساهم في برمجة اللاوعي عند أتباعه، ولا يوجد أتباع دين على سطح الأرض إلاّ ويرون في ساحة وعيهم حقائق تتعارض مع عقائدهم، لكنهم يصرّون على أن يتغاضوا عنها.

المشكلة في أن معظم عمليات البرمجة ـ وخصوصا البرمجة الدينية ـ تتمّ في السنوات الأولى من عمر الإنسان، والتي يكون الإنسان خلالها هشّا ضعيفا ولا يملك خيارا سوى أن يقبل خُلاصة الآخرين دون برهان.
……………………………………….
الدين- أي دين- يدّعي بأنّه الحقيقة المطلقة التي لا ريب فيها. تفرض معظم العقائد الدينية نفسها باستخدام عامل الخوف، الخوف من الله وعذابه!

الخوف هو أكثر المشاعر البشرية قدرة على التحكم بالعقل وبرمجته بطريقة تخدم الغاية التي من أجلها مورس التخويف. عادة تتمّ البرمجة في سنوات العمر الأولى، حينما لا يملك الطفل من الإستقلالية ما يساعده على مواجهة ذلك الخوف. لذلك كان الدين، ودون سواه من الأفكار، الأكثر قدرة على التحكم بالعقل البشري. كل عقيدة تدّعي خلوها من الريب، وبالتالي ترفض الشك والسؤال!

الدين، كلعبة الدمينو، عندما تسقط أية فكرة فيه ينهار برمّته. أي خلل في أيّ دين يقوّّض من مصداقيته وبالتالي ينفي مصدرة الإلهي، هذا إذا افترضنا بأن الألوهية هي الكمال المطلق!

ولذلك لو استطاع المسلمون أن يثبتوا بأن محمدا أكثر بني البشر تسامحا، سيسقط إدعائهم هذا أمام قوله: الجنة تحت ظلال السيوف، أو قوله: جعل الله رزقي تحت حدّ سيفي!

ومهما تبجّح السملمون بالآية التي تقول: “لكم دينكم ولي ديني”، سيسقط تبجحهم أمام تلك التي تقول: “فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم”. لا تستطيع الآية الأولى أن تبرر ما جاء في الثانية!

في الإنكليزية هناك تعبير يقول: “كإنتقاء الكرز”، وقد واجهني يوما أحد الأمريكان بقوله: بعض المسلمين يدّعون بأنك تنتقي من القرآن كما لو كنت تنتقي ما يعجبك من صندوق مليء بالكرز. فغرق جميع الحضور بالضحك عندما قلت: “ولكن، ياسيدي، صندوق الكرز الذي يهبط علينا من السماء لا يُفترض أن يحوي كرزا معطوبا، ولذلك وجود أية حبة كرز معطوبة فيه ينفي سماويته”. وأنا إذ أحاول أن أزرع لدى المسلمين الشك بألوهيّة دينهم أسهّل عليهم عملية السؤال والبحث عن جواب!

لذلك كلانا- أنا والمسلمون- ننتقي من صندوق الإسلام. إنتقاؤهم للكزر الجيد لا يستطيع وحده أن يٌثبت مصدره الإلهي، إما إنتقائي للمعطوب منه فيستطيع أن ينفي ذلك المصدر. هذا إذا غضننا النظر عن حقيقة تاريخية أخرى تؤكد بأن الآيات التي تأمر باعتماد السيف كوسيلة لفرض الإسلام جاءت لاحقا، ونسخت الآيات التي تقول: “لكم دينكم ولي ديني!”
……………………………………….
معظم العقائد الدينية تتبنى عامل الخوف لفرض ذاتها، أما الإسلام فلقد استبدل الخوف بالإرهاب! الأديان الأخرى تخوّف أتباعها من الله وعذابه كوسيلة لفرض ذاتها، أما الإسلام فيعتمد السيف لفرض ذاته.

ولذلك عندما فكر أتباع الأديان الأخرى برحمة الله أستطاعوا أن يتجاوزوا خوفهم منه. لكن أتباع الإسلام لم يستطيعوا أن يتجاوزوا خوفهم من حدّ السيف، فالسيف لا يرحم!

استطاع أتباع الأديان الأخرى، عندما تجاوزا خوفهم، أن يصلحوا عقائدهم بطريقة تتلائم مع تغييرات الزمن. بينما ظل أتباع الإسلام رهينة اللحظة التي ولد فيها الإسلام!

لقد أصلحوا عقائدهم عندما سمحوا لأنفسهم بأن يتوصلوا إلى خلاصات جديدة رغم أنها تتعارض مع البرمجة الأولية للـ اللاوعي عندهم!

أذكر على سبيل المثال لا الحصر، قدرة العلماء الذين ينحدرون من اصول مسيحيّة ويهوديّة على تبني وإثبات صحة نظرية التطور، والتي تتعارض كليّا مع آيات “الخلق” الموجودة في كتبهم الدينية. أما المسلمون فظلوا حتى القرن الواحد والعشرين يؤمنون بأن بول الإبل يشفي من كل الأمراض، ولم يستطع طبيب مسلم واحد أن يواجه تلك الخرافة بجرأة وعلى الملأ!
……………………………………….
اليوم يواجه المسلمون معضلة. هم في حقيقة الأمر غير قادرين على طرح أي سؤال يقودهم إلى الشك بمصداقيّة عقيدتهم، لكنها يواجهون أسئلة صعبة للغاية من العالم المحيط بهم، ويحاولون قدر الإمكان أن يجيبوا على تلك الأسئلة.

عندما يُجبر الإنسان على أن يجيب على سؤال لايريد أن يواجهه، يتخبط في جوابه محاولا أن يستهزأ بعقل من طرح السؤال.

كنت أستمع مؤخرا على مقابلة مع شيخ مسلم، طرح عليه أحد الحضور سؤالا: هل يجيز الإسلام ضرب المرأة؟ فرد الشيخ على الفور: أبدا أبدا….ضرب المرأة في الإسلام حرام! فسأله الشخص نفسه: ولكن وردت في القرآن كلمة “واضربوهن”! فرد الشيخ: كلمة “واضربوهن” هنا تعني داعبوهن بالمسواك! فغرق الحضور في الضحك، وتساءلت في سريّ: متى يستطيع هذا المعتوه أن يركّز على نقاط تستطيع أن تصل به إلى خلاصات تتعارض مع تلك الفوضى العقائدية التي تُبرمج اللاوعي عنده؟!!
……………………………………….
عندما نسلّم بالعقائد التي قامت ببرمجة اللاوعي عندنا، والتي تمّ معظمها في أيام طفولتنا، نسمح لأنفسنا بأن نتجمد ضمن قالب حديدي ونقضي على ديناميكية العقل وقدرته بالتالي على استنباط خلاصات جديدة عند خوض تجارب جديدة.

في تلك الحالة، وبدلا من أن نسيطر على عقائدنا نتحول إلى دمية تسيطر عليها تلك العقائد.
يقول الشاعر والناقد البريطاني المعروف

 John Dryden

 بخصوص ذلك:

We first make our habits, and then our habits make us.

“نحن اولا من يصنع عاداتنا ومع الزمن تقوم تلك العادات بصناعتنا”. وما العقائد سوى عادات متأصلة!

يقول مثل امريكيّ: العادة افضل خادم وأسوأ سيّد. فالعقائد، طالما ترزح تحت سيطرة العقل، تبقى خادما أمينا. لكنها، وعندما تسيطر على العقل، تتحول إلى سيد مطلق.

متى وكيف تكون العقائد خادما أمينا؟
لقد ذكرت سابقا بأنّ أغلب التجارب التي نخوضها، إن لم يكن كلّها، تقودنا إلى أحد مكسبين: إما منفعة وإما ضرر. الخلاصة التي نخرج بها من التجربة نسجلها في اللاوعي، ثمّ نعممها لاحقا على التجارب المشابهة التي نواجهها. تعميمها يشجعنا إما على خوض التجارب المشابهة كي نكسب منفعة، وإما على تجنبها كي نتجنب ضررا.

أضرب مثلا: عندما تحرق يديك بسطح ساخن ستتألم. وستخرج بخلاصة تقول: أن لمس السطح الساخن يحرق يدي ويسبب لي ألما. ستتحول تلك الخلاصة الى فكرة تستقر في عمق اللاوعي لديك، وستصبح مع الايام جزءا من جهازك العقائدي.

لو لم تتشكل لديك تلك القناعة كنت ستلمس كل سطح ساخن تصادفه وستحرق يدك في كلّ مرة. لذلك ساعدت الخلاصة التي خرجت منها على تجنب لمس السطح الساخن كي تتجنب ضرره.

اضرب مثلا آخر: اضطررت في أحد الايام إلى فتح محلك التجاري أبكر بساعة مما اعتدت عليه، ولكنّك لاحظت بأن عددا من الزبائن قد زارك خلال تلك الساعة ودرّ عليك الأمر ربحا أكثر.

توصلت من خلال تلك التجربة الى خلاصة بأن فتح المحل ساعة أبكر يدرّ عليك ربحا أكثر. عممت تلك الخلاصة على كلّ أيامك، وبدأت عادة جديدة راحت تدر عليك منفعة جديدة. فالخلاصة التي خرجت منها شجعتك على خوض تجارب مشابهة كي تكسب منافع أخرى.
……………………………………….
ولكن كما للتعميم فوائده، له ايضا مساؤوه! فالتعميم في قضايا معقدة، وبطريقة آلية خارج عن تدخّل الوعي، يدفع الى عقيدة مبرمجة ومحدودة.

اذا فشلت في تجربة ما وعممّت فشلك على كلّ التجارب المشابهة، سيقودك ذلك التعميم الى فشل دائم. الخطورة في التعميم تكمن في قتل قدرة الانسان للوصول الى استنتاجات جديدة.

يحكى أن السيد توماس أديسون مخترع المصباح الكهربائي قد قام بتجربته وفشل تسع وعشرين ألف مرة، ويحكي أن مخبره احترق مرة وتحول إلى رماد. لو خرج اديسون من خلال تجربته الأولى بخلاصة تقول: إنه غير قادر على اختراع المصباح، وعمم خلاصته على كل التجارب اللاحقة لفشل في كل تجاربه.

سأله أحد الصحفين مرة: هل صحيح بأنك فشلت تسع وعشرين ألف مرة؟ فردّ: لا لم أفشل، ولكنني خطوت تسع وعشرين ألف خطوة حتى وصلت إلى هدفي!

أنت من طائفة وتدخل في علاقة مع شخص من طائفة أخرى فتكتشف بأنه غير صادق وجشع. لنفترض جدلا بأنك خرجت من تلك التجربة بخلاصة تقول: إنّ كل من ينتمي إلى طائفة ذلك الشخص غير صادق وجشع. في تلك الحالة أنت عممت خلاصة تجربتك الأولى على كل التجارب المشابهة التي ستواجهك في المستقبل والتي بوجبها ستتعامل مع أبناء طائفته.

هنا تكمن خطورة التعميم، فعندما تعمم خلاصة تجربة ما قد تخسر فرص خوض تجارب أخرى مشابهة. ومع الزمن تحكم على نفسك بالجمود وتتقولب حياتك بطريقة تفقدك متعة التجديد وتصل بك إلى حالة من الركود العقلي والفكري.
……………………………………….
لماذا يتجنب الناس التركيز على نقاط قد تصل بهم إلى خلاصات تتعارض مع البرمجة الأولية للـ اللاوعي عندهم؟ لماذا يرفض الناس استبدال عقائدهم بأخرى حتى ولو أثبتوا بطلانها؟ هذا ما سأحاول أن اٌجيب عليه لاحقا.

Posted in ربيع سوريا, فكر حر | Leave a comment

يوميات صحفي … سائق تاكسي 10

محمد الرديني

الضحك

يالله كم انا تعيس هذه الليلة. غريب امر هذا الانسان الشرقي، كم يحب تعذيب نفسه، انه قابل للتهميش  والكسر اكثر من اي شىء آخر.
لو منحتموني وقتا  آخر لقلت لكم اشياء كثيرة فيها من تعذيب النفس والركض وراء السراب والبكاء على الاطلال ما لاتسعه هذه الصفحات ولكني ساكتفي بالقول ان كل هذا  الزعل      – وهي كلمة رقيقة جدا في هذا السياق-  سببه اني سمعت بنات في عمر الورد يضحكن. صدقوني لم يكن الامر اكثر من ذلك: بنات في عمر الزهور يضحكن في سيارتي التاكسي بعد الساعة الثانية فجرا.
كانت الواحدة منهن تضحك بعد كل حفنة من الكلمات تطلقها صويحباتها  اللواتي كن يضحكن وهن يسمعن هذه الحفنة. لم افهم شيئا مما تحدثن به ولكنهن كن يضحكن بسعادة لانظير لها. فتيات لم يتعدين عمر الورد الجوري يصعدن الى سيارتي في الساعة الثانية بعد منتصف الليل وهن يضحكن.
كل الكوابيس السوداء والحمراء والتي لالون لها قفزت الى صماخ رأسي وبدأت طاحونة الاسئلة تتراقص امام عيني وانا اقود سيارة التاكسي .
لقد وهبنا الله الحياة وهم هناك في بلادي الجميلة سلبوا منا احلى مافيها: السلام والمحبة. كانوا يكنون كرها فظيعا لبعضهم –اولئك اللصوص- ولكنهم اتحدوا علينا وجعلونا نكره حتى الضحك.
وتصيب جدتي العدوى حين تقول لامي: الضحك بلا سبب من قلة الادب.
هل يعقل ان يضحك الانسان بلا سبب..؟ قالوا نعم يمكنه ذلك اذا تناول شيئا من المسكرات او المخدرات.. اذن لنتناول شيئا منها حتى نضحك.
سألت احدى الزوجات زوجها: لماذا كل هذا العبوس المرسوم على وجهك ؟.
رد ساخرا: لاني لم اتناول شيئا منها منذ يومين.
سمعت ابي يقول ذات يوم: البنت التي تضحك كثيرا ستبقى عانسا طول عمرها لان الناس سيطلقون عليها لقب (البنت الفطيرة) وستظل تحمل هذا اللقب معها حتى وهي ميتة . والولد الذي يضحك كثيرا لاينجح في حياته فهو سخيف غير جاد ولايحترمه الناس.
وقال ابي ذات مرة: الضحك والرقص يفقدان الشاب رجولته.
مرة جاءني احد الاصدقاء وهو يكاد يبكي دما وحين سألته انفجر في وجهي قائلا: كنت رفيقا مخلصا في الحزب الشيوعي ولكنهم وجهوا لي تنبيها هذا اليوم لاني كنت ارقص مع اختي في احد النوادي الليلية وقالوا ان الشيوعي لايرقص ولايضحك لان ذلك من صفات البرجوازية الصغيرة.
اعود الى الفتيات الضاحكات، ففي تلك الليلة وبعد ان شبعن من الضحك غادرن السيارة الى بيتهن وبقيت انا صافنا داخل السيارة لفترة ليست قصيرة بعدها شعرت باني على وشك الغثيان، انتابتني حالة من الجنون اعرفها جيدا فهي صديقتي الصدوقة التي تقودني الى شيء يشبه فقدان التوازن العقلي. في تلك الليلة اسرعت الى بيت صديقي آدم غير حافل بتقاليد هذا البلد الذي يرى انه من الجنون ان تزور احدهم او تتصل به هاتفيا بعد الساعة التاسعة ليلا. كانت الساعة الرابعة والنصف فجرا حين طرقت باب بيت صديقي آدم بعنف. خرج آدم يفرك عينيه، قلت له دون ان احييه:
” لديك ولدان رائعان ولدي انا ولدين بنفس اعمارهما.
“…..
” دعنا نبدأ من هذه الليلة ، دعنا نعلمهم كيف يضحكون. ليضحك اولادنا حتى ولو كانت الساعة الخامسة فجرا والملائكة نيام.

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

حدثان مهمان اليوم / في مصر والسعودية

رعد الحافظ

حدثان مهمان اليوم / في مصر والسعودية
كلاهما يؤثرّ على المنطقة عموماً .
الحدث الأوّل / الإنتخابات الرئاسيّة ( الحاسمة ) المصرية , الأولى بعد ثورة 25 يناير 2011
والحدث الثاني / وفاة وليّ العهد السعودي / الأمير نايف بن عبد العزيز عن 78 عام , في سويسرا
*********
شفيق ومرسي
في الحدث الأوّل / وعلى حدّ تعبير المُخرج المصري المُبدع / خالد يوسف , هو تخيير الشعب المصري بين طريقتين للموت
الموتُ غَرقاً , أو الموت حرقاً !
ذلك أنّ فوز الفريق / أحمد شفيق , يعني عند خالد يوسف ونسبة كبيرة من الشعب المصري / كأنّك يا بو زيد ما غزيت .
وكأنّ الثورة ما فرقت معانا في شيء .
وأنّ نظام الرئيس السابق حُسني مُبارك , اُزيح من الباب , لكنّهُ عاد من الشبّاك .
أمّا فوز / د. محمد مرسي , فيعني ليس فقط العودة ثلاث عقود أو ستة للوراء ( فترة حُكم العسكر ) . لكن هي غالباً عودة 14 قرن للوراء !
ونحنُ سمعنا ( الإسلامي الثوري الدموي / د. صفوت حجازي ) يصرخ في الجماهير ملء الاشداق , بدولة الخلافة الإسلاميّة وعاصمتها ليست القاهرة ولا مكّة ولا المدينة / بل القدس / عل القدس رايحيين .. شُهداء بالملايين !
وعلى رأي العراقيين / جيب ليل واُخذ عتابة / أو من هالمال , حمل جمال
***********
وماذا عن القرار ؟
المحكمة الدستورية العُليا أصدرت قرارين
الأوّل / بخصوص عدم دستورية قانون العزل / ما يعني إستمرار شفيق في سباق الرئاسة .
والثاني / ما يخّص مجلس الشعب , وتحديداً طريقة إنتخاب ثُلث أعضاء البرلمان الذين وصلوا عبر حصة المقاعد الفرديّة .
والمشكلة هنا هي / لماذا سُمِحَ للأحزاب بالمشاركة في تلك الحصة ؟
طبعاً الإخوان والسلفيين , هم الذين تذاكوا وخدعوا أنفسهم والجميع وركبوا كلّ مركب حلال أو حرام ,خذوا عندكم الأمثلة الصريحة التالية :
أكرم الشاعر / فاز كمستقل من بور سعيد , لكنّهُ عضو في حزب الحريّة والعدالة / لماذا ؟
أنور البلكيمي ( أبو عملية المناخير , ولا نفهم لماذا كلّ تلك الضجة ؟ ) فاز كمستقل من المنوفيّة / بينما هو عضو حزب النور السلفي / لماذا ؟
علي ونيس ( أبو فضيحة البتاع في السيارة ) فاز كمستقل عن دائرة طوخ ,القليوبية / وهو من حزب النور / لماذا ؟
طبعاً الآن بعد رفع الحصانة البرلمانيّة عن هؤلاء ستفعّل كلّ البلاوي الزرقة ضدّهم .. ما علينا
الأمر المهم هو أنّ فوز اؤلئك كان غير دستوري أصلاً وعددهم 166 عضو.
فلو طرحنا هذا الرقم من العدد الكلي 508 لتبقى 342
وهذا يُخالف نصّ دستوري سابق وكذلك صدر في الإعلان الدستوري عام 2011 / بأنّ عدد أعضاء مجلس الشعب لا يقّل عن 350 عضو
إذن أصبح مجلس الشعب الحالي باطل / كما زواج عتريس من فؤادة باطل !
وماذا بعد ؟
في ظنّي / هذا القرار لهُ إيجابيّات ( قانونيّة ) بمعنى أنّ مصر يحكمها القضاء النزيه
لكن أيضاً هناك سلبيات / تُشير الى فورة ثورية جديدة ضدّ شفيق .
( شخصياً أنا لا أرى شفيق إمتداد لحُكم مبارك وهو حتى لم يكن في الحزب الوطني يوماً ) .. ما علينا
لكن قرار المحكمة فيه فؤائد للقوم ( الإخوان ) حتى لو كانوا هم أغبياء ولم يفهموه جيداً .
علماً أن أغلب الثوريين موافقين على قرار إبطال شرعية مجلس الشعب
لكن مُعترضين على قرار / السماح لشفيق بالإستمرار في سباق الرئاسة !
حتى أنّ شاب مصري قال من على قناة فرانس 24 / القضية صارت عندي , شفيق أو لا شفيق , أنا سأنتخب مُرسي , لكنّي لا اُحبّ هذا الرجل وجماعتهِ ومن يقف ورائهم / لكن ما العمل ؟
شفتم إزاي قرار المحكمة افاد الإخوان ؟
المخرج خالد يوسف , والأديب د. علاء الأسواني وآلاف غيرهم رفعوا شعار / أبطلوا أصواتكم .
نجيب سايويرس قال / كانت نتائج الجولة الأولى مُحبطة للمصريين / لكنّني سأنتخب شفيق , كأهون الشريّن !
هذا هو حال مصر اليوم , الدولة الأهّم في المنطقة / قلوبنا معكِ يا مصر .
*************
في الحدث المهم الثاني / وإذكروا محاسن ومناقب موتاكم !
تعني وفاة الأمير نايف الكثير .
فهو بالإضافة لولاية العهد , كان يشغل منصب وزير الداخلية أيضاً والمسؤول الاوّل عن الاوضاع الأمنية ومكافحة إرهاب القاعدة ومُبدع الإتفاقية العربية بهذا الخصوص . ولهُ تعود فكرة مناصحة المُغرّر بهم وكان يدعو لتعميمها عالمياً .
والعديد يعتبره مؤسس الدولة الحديثة في المملكة !
والنتائج المتوّقعة ممكن أن تكون ذات قيمة وتاثير على الأوضاع الداخلية كقضايا الإصلاح الإجتماعي والإقتصادي وحقوق المرأة . وكذلك على القضايا الإقليمية كالعلاقة مع إيران والثورة الشعبية السورية وغيرها
والشخصيّة المتوقعة لولاية العهد / سلمان بن عبد العزيز مثلاً سيكون لها دور مهم في القادمات .

تحياتي لكم
رعد الحافظ
16 يونيو 2012

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, فكر حر | Leave a comment

سقوط برلمان مصرستان الاسلامية

صباح ابراهيم

صح المثل المعروف (لا يصح الا الصحيح) ، فما بني على باطل فهو باطل ولابد ان يزول بقوة القانون والحق .
بالامس اصدرت المحكمة الدستورية العليا في مصر قرارها التاريخي بالغاء قرار صدر عن برلمان إمارة مصرستان الاسلامية ، وأقرت بعدم دستورية قانون العزل السياسي الذي فصّله الاخوان المسلمون مع اصحاب اللحى الكثة من السلفيين المتّحدين في جماعة الاسلام السياسي في إمارة مصرستان التي يخططون لإعلانها بعد فوزهم بمقعد رئيس الجمهورية .
لقد افشلت المحكمة قانون العزل السياسي الذي كان مفصلا على مقاس الفريق احمد شفيق لابعاده عن المنافسة لمنصب رئيس الجمهورية ليخلوا لهم الجو للفوز بمنصب الرئيس لتكتمل خطة اسلمة الدولة واعادة مصر الحضارة الى نظام حكم طالبان والسودان وإمارة غزة الاسلامية .
كما حكمت المحكمة الدستورية بإحقاق الحق وإعادة تعديل ميزان الاغتصاب السياسي لمقاعد البرلمان ، فقررت الغاء عضوية ثلث اعضاء البرلمان القندهاري ، لعدم شرعية ودستورية الحصول على تلك المقاعد المغتصبة بقوة وعنتريات جماعة الاسلام السياسي ، وهذا يعني بالنتيجة حل البرلمان المولود بصورة غير شرعية والغاء كافة القوانين التي شرعها طيلة فترة عمله في الفترة الماضية والغاء الحصانة المكتسبة لاعضاء البرلمان المنحل .
حق القول والمثل التالي : من حفر حفرة لاخيه وقع فيها .
لقد حفر الاخوان والسلفيون بئرا عميقة لايقاع عمر سليمان وأحمد شفيق فيه كي يتم عزلهم سياسيا وابعادهم قانونيا عن التنافس والترشيح على منصب رئيس الجمهورية ، ليخلو لهم المسار كي يفوزوا ويستحوذوا على منصب رئيس الدولة كما حازوا بالاغلبية على اكثرية مقاعد البرلمان كي تستقيم لهم الامور ويحكموا بشرعهم المتخلف المناهض للديمقراطية والليبرالية ويحولوا بلد الحضارة الفرعونية الى إمارة مصرستان الاسلامية . ولكن قوة القانون وكلمة الحق كانت لهم بالمرصاد ، فأعادت المحكمة الدستورية الحق الى نصابه والغت القرار المؤامرة ووقع الاخوان والسلفيون في الفخ الذي نصبوه لأحمد شفيق ، ولم يكتف سيف الحق بالغاء القانون المقترح بل حصد رؤوس اصحاب اللحى الكثة الذين ملئوا مقاعد البرلمان واعادهم الى جحورهم التي جاؤا منها والغى عضويتهم من برلمان وحل برلمان الكتاتني الاخواني بأكمله واعاد السلطة التشريعية مؤقتا الى المجلس العسكري ريثما تعاد الانتخابات البرلمانية ويعيد الشعب المصري حساباته .
على المصريين ان يتعضوا وان لا يلدغوا من جحر الاسلاميين مرة اخرى . فقد خبر عامة الناس والأميين والغير مطلعين على السياسية والعمال والفلاحين والغير مثقفين الذين تصل اعدادهم بالملايين وهم الطبقة المتأثرة بالدين بالفطرة ويسهل قيادتهم بخطب الجمعة من قبل شيوخ الدجل وقادة والاسلام السياسي وتجار الدين ووعاض الفضائيات الاسلامية .
لقد عرف الشعب المصري تفكير جماعات الاسلام السياسي بعد ان حاول الاسلاميون عبر البرلمان القندهاري الطالباني تشريع القوانين المتخلفة التي جعلتهم مهزلة ومضحكة من قبل شعوب العالم المتحضر بسبب قوانينهم التي طالبوا باصدارها مثل تشريع قانون زواج الطفلة وختان البنات ومضاجعة الزوجة الميتة لوداعها جنسيا قبل دفنها وغيرها من القوانين التي تعيد مصر الى عهد البداوة والتخلف .
لقد حشر الاسلاميون يدهم في عش الدبابير فكانت النتيجة ان تورم جسدهم كله من لدغات الحق وبترت اصابعهم بقوة القانون .
غدا سيتجه الشعب المصري بملايينه الى صناديق الانتخاب ليقرر من سيختار رئيسا لجمهورية مصر للفترة القادمة ، بعد ان عرف ان الدولة الديمقراطية العلمانية لا تأتي عن طريق خطب الجمعة وشريعة الرجم والبتر وقطع الرقاب والخضوع لحكم مرشد الاخوان القابع خلف الستار يحرك رئيس الدولة الاخوانجي كما يشاء وعليه وعلى الشعب السمع والطاعة للحاكم دون اعتراض . حسب شريعة ” واطيعوا الرسول واولي الامر منكم ” و
” واسمعوا واطيعوا ” .
ايها المصريون الشرفاء ، ان مصيركم ومستقبلكم ستقرروه غدا بأنفسكم في هذه الانتخابات المصيرية ، فلا يخدعكم اصحاب اللحى وتجار الدين بالشعارات الاسلامية والدينية وهم ابعد ما يكونون عن الله والحق والتطور والديمقراطية والمساواة وحقوق الانسان ، فلا يلدغ المؤمن من جحر مرتين ، فإن كان الاخوان والسلفيون على حق في انشاء البرلمان القندهاري بعد ثورتكم وحصولهم على اكثرية المقاعد بالعدل والانصاف فلماذا تم حله بقوة القانون وقتله بسيف العدالة البتار ؟
فلا تفوتوا هذه الفرصة من ايديكم حيث لا ينفع الندم بعدما خبرتم قوانينهم وسلوكهم وتشريعاتهم المتخلفة .

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, فكر حر | Leave a comment

تعلَّم-ي بحور الشعر (5) الكامل

بقلم: رياض الحبيّب

خاص: موقع لينغا

كُلَّما ذهَبَتْ حبيبتي للتسوُّق عادت وفي سلَّتها عناقيدُ عِـنب؛ إذ لفت انتباهها يومًا قولي: سارتاه! العـنب يُفرحُ قلبي. قالت: معروفة فوائد العـنب فماذا ستضيف عليها؟ قلت: حين تصِلُ نكهته سقف فمي، أتذكرّ أيّام المدرسة الإبتدائيّة؛ كنت أذهب إليها ماشيًا ورائحة العنب، المتدليّة أغصانه من سياج حديقة كل بيت، تحاصرني من رصيف إلى رصيف. وهناك روائح أخرى يذكّرني كل منها بشيء ما، كلقاء مع صديق قديم وسفرة قصيرة إلى مصيف شقلاوة- شماليّ العراق- وحادثة حصلت قدّامي سارّة أو مؤسفة

أمّا قراءتي أبياتًا من بحر الكامل فأوّلُ ما يخطرُ في ذهني أنّ هذا البَحْرَ هو بحْرُ الله؛ لأنّ الله، جَلَّ قدْرُهُ، كامل. خلق الإنسان على صورتِه وسعى منذ بداية الخلق إلى أن يكون إنسانهُ كامِلًـا مثله: {ولمّا كان أبرامُ ابن تسع وتسعين سنة، ظهَـرَ الرَّبُّ لـأبرام وقال له: أنا الله القدير، سِرْ أمامي وكُنْ كامِلًـا}- تكوين 1:17 وأبرام، لمن لا يعلم، هو إبراهيم في ما بعد. وما أحلى نشيد موسى النبي في مسامع الشعب: {أنصِتي أيتها السموات فأتكلَّم ولتسمعِ الأرضُ أقوالَ فمي. يهطل كالمطر تعليمي ويقطر كالندى كلامي. كالطَّلِّ على الكلـأ وكالوابل على العُـشب. إني باٌسْم الرَّبِّ أنادي. أعطوا عظمة لإلهنا. هو الصَّخرُ الكاملُ صَنيعُهُ. إنَّ جميعَ سُبُلِهِ عَـدلٌ. إلهُ أمانة، لا جُورَ فيه، صِدِّيقٌ وعادلٌ هُوَ…}- التوراة، سِفر التثنية 32: 1-4 وكان يشوع بن نون مع موسى حينما ألقى النشيد. وفي هذا النشيد شِعْرٌ إلهيّ راقٍ، ما أروعه! ليت الشعراء يقتدون به

ليس ما تقدّم فحسْب؛ بل قدّم الله “تعالى” للبشر أعظم دليل مادِّيٍّ على كماله يوم تنازل من أجْلهم مُتجسِّدًا بشخص يسوع المسيح له المجد. فما أعظم نبوءة إشَعْياء النبي المدوَّنة في الأصحاح الـ 53 في العهد القديم وما أعظم أقوال المسيح وأعماله في العهد الجديد. ووا عجبًا كيف لا يتوق الإنسان إلى الكمال ولا يفكِّر فيه؟ قال الرَّبُّ يسوع: {فكونوا أنتم كاملين كما أنّ أباكم الذي في السَّماوات هو كامل}- مَتّى 48:5 من الموعظة على الجبل. ومن الوحي الإلهي بلسان بولس الرسول: {كُلُّ الكتاب هو مُوحىً به من الله ونافعٌ للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب الذي في البِرِّ، لكي يكون إنسانُ الله كاملًـا مُتأهِّبًا لكلِّ عمل صالح}- 2 تيموثاوس 3: 16-17

هوذا الشّاعر المتنبي يتوق إلى الكمال بقوله

وإِذا أَتتكَ مَذَمَّتي مِن ناقِصٍ * فهِيَ الشَّهادَةُ لي بأنِّيَ كامِلُ

إنما النقص الذي في الإنسان مُلقًى على عاتقه، هو الملامُ على كل نقص فيه. فعليه اكتشاف مواقع النقص لتصحيحها، لأنّ الله قد صيّرَه كامِلًـا على صورته، ذكرًا وأنثى، بدون نقص وبدون عيب. فقيمة الإنسان عند الله عظيمة، بل هي العظمى، إذ فاقت جميع القيم التي أعطى لسائر الخلق. فلماذا ينتقص الإنسان من قيمة أخيه الإنسان ويحطّ من قدره؟ إنما قيمته لا تقدَّرُ بثمن ولا تُعادَل بقيمة حيوان أو نبات أو جماد؛ عندما أصعَدَ إبراهيمُ كبشًا عِوضًا عن ابنه إسحق، بأمر الله- تكوين:22 كان الكبش رمزًا للمسيح الفادي وليس معنى الفِدية معادلة قيمة إسحق بكبش أو خروف

وهوذا امرؤ القيس الشاعر لم يرضَ من بني أسد الذين قتلوا والده حِجْر (بن الحارث بن عمرو الكِنديّ) بأيّة فدية (1) بل أخبَرَهُم: (أنّ دم حِجْر لا يُعتاض بجمَلٍ أو ناقة. وأنه لا بُدَّ من أخذه بالثأر) عِلمًا أنّ والده كان من ملوك مملكة كِـنْدة- وهي قبيلة قحطانيّة عُرفت بكندة الملوك. فأيًّا كان سبب قيام بني أسد بقتل حجر فإنَّ الثأر ليس حلًّـا اليوم بين الناس. والجدير ذكره هو أن شعوب العالم الرّاقي لو ضيَّعت أوقاتها في طلب الثأر، من حروب وقعت بينها، لما تقدَّمت وتطوَّرَت. أمّا من وجهة نظر مسيحيّة فإنّ الإنسان الذي تذهب لأخذ الثأر منه، لأنه قتل أخاك، هو أخوك أيضًا لو تأمّلت وتفكّرت، أخوك بالإنسانية. فإن قتلتهُ مثلما قتل أخاك فإنك تخسر أخوَين. ربّما يؤدي قتله إلى قيام أخيه بمحاولة لقتلك. ثمّ يأتي آخر ليقتله والسلسلة لا تنتهي، لكنّ التفكير السليم بالجلوس إلى مائدة المفاوضة كفيل بإنهائها وحسم النزاع

ومن المؤسف أن أقرأ أنّ أربعة أبيات من الشعر قد ساوت حياة إنسان؛ عن لسان الزهراء أخت كُليب (والمهلهل) بعدما لطمها زوجها- لبيد بن عنبسة الغـسّانيّ- على وجهها لطمة أعْـشتْ عينيها فخرجت باكية إلى كُليب وهي تقول

ما كنت أحْسَـبُ والحوادثُ جَمَّة * أنَّا عبيدُ الحَيِّ مِن قحطانِ

حتى أتتني مِن لبيدٍ لطمة * فعَـشَـتْ لها مِن وَقعِها العَـينانِ

إنْ ترْضَ أسْـرة تغلبَ اٌبنة وائلٍ * تلك الدنيَّة أو بنو شـيبانِ

لا يَبْرَحُوا الدَّهْرَ الطَّويل أذِلَّة * هدل الأعِنَّة عند كلِّ رِهانِ

وتدلّ الرواية على وجود ترسُّبات في ذهن كليب من سوء سيرة لبيد الذي كان عامل ملوك حِمْيَر على بني ربيعة (2) حتى بلغ حقد كليب ذروته بعدما سمع قول أخته ورأى أثر اللطمة. فأخذته الحَمِيّة وسار إلى لبيد فهجم عليه وقتله، ثمّ أنشد- من بحر الخفيف: إن يكُنْ قـتْـلُنا الملوكَ خطاءً * أو صوابًا فقد قـتَـلْنا لـبـيدا… إلخ

أمّا المؤسِف جدًّا فهو أن تساوي قيمة الإنسان حرفين من الأبجديّة هما «لا» حين يقولها أمام حاكم دكتاتور في يوم بؤس أو نعيم. فيحكم الثاني على الأوّل بالموت. لذا أطالب اليوم كلّ دكتاتور بإطلاق سراح السجناء السياسيين، لا إطلاق سراح مجرمين قتلة، على مزاجه وتحت مظلَّة “مَكرُمَة” العفو العامّ أو الخاصّ

خامِسًا: بَحْرُ الكامِل

إنَّ بيت المتنبي المذكور أعلى وأبيات الزهراء من الكامل. والكاملُ بتامِّه ومجزوءاته من أبسط بحور الشعر ومن أكثرها استعمالًـا في الشعر العربي، القديم منه والحديث. له ثلاث أعاريض وتسعة أضرُب كانت وراء تسميته كاملًـا، إذ فاق بعدد الأضرب ما لبحر غيره. أمّا تفعيلته الأساسية: مُتَـفاعِلُنْ- ستّ مرّات، هي أجزاء الكامل التام

أوَّلًـا: العروض الأولى الصحيحة مُتَـفاعِلُنْ التي لها ثلاثة أضرُب

الأوّل مِثلها؛ أي مُتَفاعِلُنْ مُتَفاعِلُنْ مُتَفاعِلُنْ * مُتَفاعِلُنْ مُتَفاعِلُنْ مُتَفاعِلُنْ

كقول الشاعرة ولّـادة بنت المستكفي التالي (عندما ظهر لها أنّ ابن زيدون، الذي عاش حياته في أواخر العهد الأموي بالأندلس، يميل إلى جارية سوداء وبديعة القوام. فكتبت إليه)- عن «نُزهة الجُلساء في أشعار النساء» للإمام جلال الدين السّيوطي

لو كنتَ تُنصِفُ فِي الهوى ما بيننا * لمْ تهْوَ جاريَتي ولمْ تتخيَّرِ

وتركتَ غُصْنًا مُثمِرًا بجمالِهِ * وجَنحْتَ للغُصْنِ الذي لمْ يُثمِرِ

ولقد عَـلِمْتَ بأنني بَدْرُ السَّما * لكنْ وَلَعْـتَ لِشَـقوتي بالمُشتري

عِلمًا أنّ كوكب المشتري معروف منذ قديم الزمان

أمّا تقطيع البيتين الأوّل والثالث

لوكنتَتُنْ- صِفُفِلْهَوا- مابيننا * لَمْتهْوَجا- رِيَتِيْوَلمْ- تَتَخَـيْيَرِي

مُسْـتَفْعِلُنْ- مُتَـفاعِلُنْ- مُسْـتَفْعِلُنْ * مُسْـتَفْعِلُنْ- مُتَـفاعِلُنْ- مُتَـفاعِلُنْ

مُتَـفاعِلُنْ- مُتَـفاعِلُنْ- مُسْـتَفْعِلُنْ * مُسْـتَفْعِلُنْ- مُتَـفاعِلُنْ- مُسْـتَفْعِلُنْ

ملاحظة: 1. يدخل في بحر الكامل الإضمار مُسْـتَفْعِلُنْ (المنقولة من مُتْـفاعِلُنْ بعد إسكان تائها) عوضًا عن مُتَـفاعِلُنْ، في أيٍّ من الأجزاء السِّتَّة، حتى الجزء الأخير [لاحِظ-ي الجزء الأخير من البيت الثاني (بالمُشتري: مُسْـتَفْعِلُنْ) فمِن أجْلِهِ آثرتُ تقطيع البيت] لكنْ بشرط واحد؛ هو ضرورة وجود مُتَـفاعِلُنْ مرّة واحدة في الأقلّ في كلّ بيت، للحفاظ على هويّة الكامل ولمنع التباسه مع بحر الرَّجَز الذي تفعيلته الأساسيّة مُسْـتَفْعِلُنْ 2. زعَمَ العَروضيّون أنّ بحر الكامل يجوز فيه قليلًـا الوقص مَفاعِلُنْ (بحذف تاء مُتَـفاعِلُنْ) والخزل مُفتَعِلُنْ الناتجة من الإضمار والطَّيِّ. فلعلَّ الأصحَّ هو الرأي التالي: رُبَّما جاز الوقص والخزل في الكامل، بصورة ما لدى قليل من الشعراء القدامى، لكنّهُما غيرُ مُستحَبَّين في الكامل. إنما التفعيلتان مَفاعِلُنْ ومُفتَعِلُنْ مقبولتان ومستحَبَّتان في بحر غيره كالرَّجَز والسِّريع

من أشهر الأمثلة على ما تقدّم؛ مُعلَّقة عنترة بن شدّاد. مطلعُها

هَلْ غادَرَ الشُّعَرَاءُ منْ مُتَـرَدَّمِ * أمْ هَلْ عَرَفْتَ الدَّارَ بَعْـدَ تَوَهُّـمِ

ولعنترة بيتان آخران معروفان، على وزن المُعلَّقة وقافيتها، في كتاب «شرح ديوان عنترة» للخطيب التبريزي. غنَّتهما السيدة فيروز

ولقد ذكَرتُكِ والرِّماحُ نواهِلٌ * مِنّي وبِيضُ الهِندِ تَقطُرُ مِن دَمي

فوَدَدْتُ تَقبيلَ السُّـيوفِ لأَنَّها * لَمَعَـتْ كبارِقِ ثَغْـرِكِ المُتَـبَسِّمِ

مثالًـا آخر؛ مُعلَّقة لبيد بن ربيعة العامري. مطلعُها

عَفَتِ الدِّيَارُ مَحَلُّهَا فمُقامُهَا * بمِنَىً تَأَبَّـدَ غَوْلُهَا فرِجَامُهَـا

أعجِبَ بها د. طه حسين ولا سيَّما البيت التالي

وجَلا السُّيولُ عن الطُّلول كأنها * زُبُرٌ تُجدُّ مُتونَها أقلامُها

فقال: [وقد زعموا أنّ الفرزدق سَـمِعَ قومًا يُنشدون مُطوَّلة لبيد فلمّا اٌنتهوا إلى قوله (وجَلا السُّيولُ…) سَجَدَ. فأنكر الناس منه ذلك وقالوا: ما هذا يا أبا فراس؟ قال: أنتم تعرفون سَـجْدَة القرآن، وأنا أعرف سجدة الشِّعْـر. وكانت في الفرزدق محافظة بدوية لا تخلو من دعابة. قال صاحبي: لو لم يكن في هذا البيت إلّـا هذه الموسيقى التي تأتي من المُلاءَمة بين كلمة السيول والطلول لكان الفرزدق خليقًا أن يَسْجُدَ له! فكيف بهذا التشبيه الجميل!] – حديث الأربعاء ج 1 ص 50 سنة 1925 هذا بغضّ النظر الآن عن اٌدِّعائه بنحْل الشعر “الجاهلي” كي لا أطيل. راجع-ي ويكيپـيديا: طه حسين

– – –

الثاني مقطوع (مُتفاعِلْ) التي أرى من الأفضل أن ينقلها العروضيّون إلى فَعِـلاتُن، لأنّ جميع التفاعيل منتهية بحرف النون

مُتَـفاعِلُنْ- مُتَـفاعِلُنْ- مُتَـفاعِلُنْ * مُتَـفاعِلُنْ- مُتَـفاعِلُنْ- فَعِـلاتُنْ

كما في قول الأخطل الكبير (3) متغـزِّلًـا

في صُورةٍ تمَّتْ وأُكمِلَ خلْقُها * للنَّاظِرِيـن كصُورةِ التمثالِ

تمَّتْ لِمَن نعَتَ النساءَ وأُكمِلَـتْ * ناهِيْكَ مِنْ حُسْـن لها وجَمالِ

فِـيْصُورَتِنْ- تمْمَتْوَؤكْ- مِلَخلْقُها * لِـنْناظِرِيـ- نِكَصُورتِتْ- تِمْثالِي

مُسْـتَفْعِلُنْ- مُسْـتَفْعِلُنْ- مُتَـفاعِلُنْ * مُسْـتَفْعِلُنْ- مُتَـفاعِلُنْ- فِعْـلاتُنْ

لاحظ-ي تِمْثالِي= فِعْـلاتُن، بإسكان العَين، يمكن نقلها إلى مَفعُـولُنْ؛ جائز ومستحَبّ في قصائد من هذا النوع

تمْمَتْلِمَنْ- نعَـتَـنْنِسا- أَوَؤكْمِلَـتْ * ناهِيْكَمِنْ- حُسْـنِنْـلَها- وَجَمالِي

مُسْـتَفْعِلُنْ- مُتَـفاعِلُنْ- مُتَـفاعِلُنْ * مُسْـتَفْعِلُنْ- مُسْـتَفْعِلُنْ- فَعِـلاتُنْ

مثالًـا آخر؛ من قصيدة الشاعر نزار قبّاني «أيَظُنُّ» غنّاها الموسيقار محمد عبد الوهاب وغنّتها السيدة نجاة الصغيرة

أيَـظُنُّ أنِّـي لُعْـبَةٌ بيَدَيْـهِ؟ * أنـا لا أفـكِّـرُ بالرّجـوعِ إليـهِ- عِئِلَـيْهِي: فَعِـلاتُن

اليومَ عادَ كأنَّ شيئاً لم يكُنْ * وبراءةُ الأطفالِ في عَـيْنيْهِ- عَـيْنيْهِي: فِعْـلاتُنْ

– – –

الثالث أحَذّ مُضْمَر: فَعْلُنْ، بإسكان العين. والحَذذ: هو حذف “عِلُنْ” من مُتْفاعِلُن أو من مُسْـتفعِلُن فتصير التفعيلة “مُتْـفا” أو “مُسْتَفْ“ فتُنقل إلى فِعْلُنْ. والحَذذ من العِلَل. أمّا الإضمار فهو إسكان عين فَعِلُنْ لتصير فَعْلُنْ. والإضمار من أنواع الزحاف المنفرد

مُتَـفاعِلُنْ- مُتَـفاعِلُنْ- مُتَـفاعِلُنْ * مُتَـفاعِلُنْ- مُتَـفاعِلُنْ- فَعْلُنْ

ورد في «العقد الفريد» ج 5 للأديب الإمام ابن عبد ربِّه (من قرطبة ت 328 هـ 939 م) التالي: يومُ المُحِبِّ لِطولِهِ شَهْـرُ * والشَّهْـرُ يُحْسَـبُ أنهُ دَهْـرُ

بأبي وأُمِّي غادة في خَدِّها * سِـحْرٌ وبين جُفونها سِـحْرُ

الشمسُ تحسِبُ أنها شَمس الضُّحى * والبَدرُ يَحسِبُ أنها الـبَدرُ

لكني عثرت، في موقع الكتروني، على بيت مُدرَج بين هذه الأبيات، فيه خطأ نحوي

فسَلِ الهوى عنها يُجبْكَ وإنْ نأتْ * فسَلِ القفارَ (يُجيبُكَ) القفرُ

فالخطأ كامن في القول “يجيبُك” أمّا الصواب: يُجِبْكَ (مضارع مجزوم لأنه جواب شرط فعل الشرط- سَلْ) كالذي في شطر البيت. لذا قلت لا تجوز تمشية الوزن على حساب النحو. فقد أخطأ مَن ظنّ بالخطأ النحوي ضرورة شعرية

– – – – –

العروض الثانية حَذّاء فَعِلُنْ

ولها ضربان: الأوّل أحَذّ مثلها فَعِلُن؛ أي

مُتَـفاعِلُنْ- مُتَـفاعِلُنْ- فَعِلُنْ * مُتَـفاعِلُنْ- مُتَـفاعِلُنْ- فَعِلُنْ

يا صاحِبَيَّ عَصَيتُ مُصطبَحا * وغدوتُ للَّذّات مُطَّرِحا

ومُدامَةٍ سجَدَ الملوكُ لها * باكَرْتُها والدِّيكُ قد صَدَحا

صِرْفٍ إذا اٌستنبطتَ سَوْرَتَها * أدَّتْ إلى معقولِكَ الفرَحا

من شعر أبي نؤاس. والسَّورَة- بفتح السِّين: حِدَّة الخمر

– – –

الثاني أحَذّ مُضْمَر فَعْلُنْ؛ أي

مُتَـفاعِلُنْ- مُتَـفاعِلُنْ- فَعِلُنْ * مُتَـفاعِلُنْ- مُتَـفاعِلُنْ- فَعْلُنْ

ومُدامةٍ تحيا النفوسُ بها * جَلَّتْ مآثِرُها عن الوصْفِ

قد عُتِّقتْ في دَنِّها حِقبًا * حتّى إذا آلتْ إلى النِّصْفِ

سَلَبُوا قناع الطِّين عن رمَقٍ * حَيِّ الحياةِ مُشارفِ الحَتْفِ

من شعر أبي نؤاس أيضًا

مِثالًـا آخر؛ ما نُسِبَ لحاتم الطائي؛ أي: من المحتُمَل أنّ قائل التالي شاعر آخر

ناري ونارُ الجار واحدةٌ * وإليهِ قـبْلي تنزِلُ القِدْرُ

ما ضرَّ جارًا لي أجاورُهُ * أنْ لا يكون لبابهِ سِترُ

أعْـشو إذا ما جارتي بَرَزتْ * حتّى يُواريَ جارتي الخِدْرُ

ملاحظة: ورد التالي في قصيدة للشاعر عمر بن أبي ربيعة ت 93 هـ، 712 م

عَلق النَّوارَ فؤادُهُ جَهْلـا * وصَبا فلمْ تتركْ لهُ عَـقْـلـا

وتعَرَّضَتْ لي في المَسِير فما * أمسى الفؤادُ يرى لها مِثْـلـا

إلى قوله

فأجَبْتُها أنّ المُحِبَّ مُكلَّفٌ * فذري العتابَ وأحْدِثي بَذْلـا

فأجَبْتُها- أنْنَلمُحِبْ- بَمُكلْـلَفُنْ= مُتَـفاعِلُنْ * فذريلعِـتا- بَوَءَحْدِثي- بَذْلـا

فواضحٌ أنّ الشاعر في البيت الأخير قد خلط بين العروض الأولى مُتَـفاعِلُنْ (بَمُكلْـلَفُنْ) وبين العروض الثانية فَعِلُنْ، ما لا يجب على الشعراء الجدد فعله. عِلمًا أني عثرت للشاعر على مثل هذا البيت بين أبيات في قصائد آخرى من هذا النوع في بحر الكامل

ملاحظة أخرى: لا يجب الوقوع بالخطإ العَروضي التالي: وضْعُ القوافي التي على وزن فَعْلُنْ (مثالًـا: بَدْر) وغيرها التي على وزن فَعِلُنْ (مثالًـا: قمَر) في القصيدة نفسها

– – – – –

مجزوء الكامل

العروض الثالثة مجزوءة- مُتَـفاعِلُنْ، مثل الأولى؛ سمِّيَت مجزوءة لأنها تخصّ مجزوء الكامل فيجب أن تكون عروضُهُ مُتَـفاعِلُنْ. وهذه لها أربعة أضْرُب

الأوّل مِثلها؛ أي: مُتَـفاعِلُنْ- مُتَـفاعِلُنْ * مُتَـفاعِلُنْ- مُتَـفاعِلُنْ

مِثالًـا؛ من قصيدة للشاعر عمر بن أبي ربيعة

حَيِّ الرَّبابَ وتِرْبَها * أسماءَ قبلَ ذهابها

حَيْيِرْرَبا- بَوَتِرْبَها * أسْماءَقبْ- لَذهابها

مُسْـتَفْعِلُنْ- مُتَـفاعِلُنْ * مُسْـتَفْعِلُنْ- مُتَـفاعِلُنْ

إرْجِعْ إلَيْهَا بالَّذي * قالتْ برَجْعِ جَوابها

عَرَضَتْ علينا خُطّةً * مَشروقة برضابها

وتدلَّلتْ عندَ العِـتا — بِ فمَرْحَبًا بِعِتابِها م= بيت مُدوَّر

مِثالًـا آخر؛ من قصيدة للشاعر معروف الرصافي، سخر بها من مجلس الشعب وقت الإنتداب البريطاني الذي كان مفروضًا على العراق؛ كان عضوًا وقد رآى مرّة أعضاء نيامًا خلال إحدى الجلسات- رحِم الله جَدِّي الذي أخبرني بما حدث وقتذاك

يا قومُ لا تتكلَّموا * إنَّ الكلامَ مُحَرَّمُ

ناموا ولا تستيقِظوا * ما فاز إلا النُّوَّمُ

وتأخَّروا عن كلِّ ما * يقضي بأنْ تتقدَّمُوا

ودَعُـوا التفهُّمَ جانبًا * فالخيرُ أنْ لا تفهَمُوا

أما السِّياسة فاٌتركوا * أبدًا وإلّـا تندموا

لاحظ-ي البيت الثاني؛ جميع أجزائه موزونة على مُسْـتَفْعِلُنْ ما لا يجوز في الكامل، كان ضروريًّا الإبقاء على مُتَـفاعِلُنْ واحدة في الأقلّ، كما تقدّم. فلو أنّ البيت قيل وحده لقال سامعُهُ مُصِيبًا بأنهُ من الرَّجَز. فلا يجب أن يحذو شاعرٌ جديد حذو الرَّصافي

– – –

الثاني مُذيَّل- مُتَفاعِلـاْنْ؛ أي: مُتَـفاعِلُنْ- مُتَـفاعِلُنْ * مُتَـفاعِلُنْ- مُتَـفاعِلـاْنْ

والتذييل: زيادة حرف نون ساكن على مُتَـفاعِلُنْ لتصير مُتَـفاعِلُنْنْ= مُتَـفاعِلـاْنْ

مثالًـا؛ من قصيدة للشاعر بَشّار بن بُرْد استشهد فيها بالصَّليب

ومَريضةٍ مَرَضَ الهوى * بَكَرَتْ بعَبْرَتِها تعِـيْبْ

ومَريضَتِنْ- مَرَضَلْهَوى * بَكَرَتْبِعَـبْ- رَتِهاتعِـيْبْ= مُتَـفاعِلـاْنْ

ورَفعْـتُ عندَ جوابها * صوْتِي وقدْ سَكَتَ المُرِيْبْ

إنّ الهمومَ تعَـلَّقتْ * حَوراءَ كالرَّشإ الرَّبيبْ

وَيْلِي على رَوَعانِهَا * ولِسانِها المَلِـقِ الخَـلُوبْ

فلقدْ شُعِـفْتُ بحُبِّها * شعَـفَ النَّصارى بالصَّليبْ

والشَّعَـف: شدّة الحُبِّ= الشَّغـف

– – –

الثالث

مُرَفَّـل- مُتَـفاعِلاتُنْ؛ أي: مُتَـفاعِلُنْ- مُتَـفاعِلُنْ * مُتَـفاعِلُنْ- مُتَـفاعِلاتُنْ

والترفيل: زيادة [تُنْ] على مُتَـفاعِلُنْ لتصير مُتَـفاعِلُنْتُنْ= مُتَـفاعِلاتُنْ

مثالًـا؛ من قصيدة لبَشّار بن بُرْد أيضًا

يا منظرًا حسَنًا رأيْتُهْ * مِن وجْهِ جاريةٍ فدَيْتُهْ

بَعَـثتْ إليَّ تسُوْمُني * بُرْدَ الشَّباب وقد طوَيْتُهْ

بَعَـثَـتْئِليْ- يَتسُوْمُني * بُرْدَشْـشَبا- بِوَقدْطوَيْتُهْ

مِثالًـا آخر؛ من قصيدة قالها لبيد بن ربيعة لاٌبن أخيه حين أحسّ الشاعر بالموت

دعني وما مَلكتْ يَمِيْـ — نِي إنْ شدَدْتُ بها الشُّؤونا م

واٌفعَـلْ بمالِكَ ما بَدا * لَكَ مُسـتعِـينًا أو مُعِـينا

وإذا دَفنتَ أباك فاٌجْـ — عَلْ فوقهُ خشَـبًا وطِينا م

ويسرّني بالمناسبة ذكر أبيات من قصيدة للشاعر الأخطل الصغير- بشارة الخوري- التي غنّاها الموسيقار فريد الأطرش

عِشْ أنتَ إنِّي مُتُّ بَعْدَكْ * وأطِلْ إلى ما شِئتَ صَدَّكْ

ما كان ضَرَّكَ لو عَدَلْـ — تَ أمَا رأتْ عيناكَ قدَّكْ م

وجَعَلْتَ مِن جَـفنيَّ مُتَّكأً ومِن عَـينيَّ مَهْـدَكْ م

ورفعْتَ بيْ عَرشَ الهوى * ورَفعْتَ فوق العَـرش بَندَكْ

– – –

الرابع

مقطوع- فَعِلاتُنْ؛ أي: مُتَـفاعِلُنْ- مُتَـفاعِلُنْ * مُتَـفاعِلُنْ- فَعِلاتُنْ

وهو ضَرْبٌ رُبَّما اٌستُحدِثَ في الأندلس. فمثالًـا؛ مِن شعر ابن عبد ربّه

جَرَّعْـتني غصَصًا بها * كدَرَتْ عليَّ حياتي

أين الذين تسابقوا * في المجد للغاياتِ

قومٌ بهِمْ روعُ الحيا — ة تردُّ في الأمواتِ م

وإذا هُمُ ذكروا الإسا — ءة أكثروا الحَسَـناتِ م

وردت هذه الأبيات في كتاب «يتيمة الدهر» مؤلِّفه الأديب أبو منصور الثعالبي (ت 429 هـ 1038 م) لكن يجب التنبّه إلى ضرورة إبقاء مُتَـفاعِلُنْ، في الجزء الثالث أي في عجز البيت، بدون استخدام الإضمار- مُسْـتَفْعِـلُنْ- وإلّـا فإنّ مُسـتفعِـلُنْ فَعِـلاتُنْ من وزن المُجْتَثّ- البحر الرابع عشر في سلسلة بحور الشِّعْـر

– – – – –

الكامل والشِّعْـر الحـديث

لقد استفاد شعراء الحداثة من تفعيلة بحر الكامل الأساسيّة مُتَـفاعِلُنْ لانسيابيّة موسيقاها؛ حتى ابتكروا- واٌبتكرن- نوعًا جديدًا من الشعر سُمِّي «شِعْـر التفعيلة» لأنّ القصيدة كلّها موزونة على تفعيلة واحدة سَـلِسة. فمثالًـا مُتَـفاعِلُنْ؛ ما مَنعَ الإبتكارُ الجميل من إضمارها وترفيلها وتذييلها في القصيدة الواحدة. علمًا أنّهم استفادوا من تفعيلات أساسيّة لبحور أخرى، أهمَّها الوافر والرَّجَز والرَّمَل والمتقارب والمتدارك. فتسرّني، في مناسبة الحديث عن الكامل، الإشارة إلى قصيدة رائعة لشاعر كبير من روّاد الشعر الحديث هو بدر شاكر السياب (1926- 1964 م) عنوانها «غريب على الخليج» تمَّ نقش مقطع منها على مرمر شاهدة تمثاله الشّامخ على كورنيش شطّ العرب في البصرة. وقد استشهد الشاعر في هذا المقطع بآلام السيّد المسيح وبالصَّليب، لتصوير قسوة معاناته في سنين الغربة والمنفى- وهنا المقطع

الشمسُ أجْمَلُ في بلادي مِن سواها والظلام

حتى الظلامُ هناك أجْمَلُ فهْـوَ يحتضِنُ العراق

واحسرتاهُ متى أنام

فأحِسّ أنَّ على الوسادةِ

ليلَكَ الصَّيفيَّ طلًّـا فيه عِطرُك يا عراق

بين القرى المُتهيِّباتِ خطايَ والمدن الغريبهْ

غـنَّيتُ تُرْبَتكَ الحبيبهْ

وحَمَلتُها فأنا المسيح يجرّ في المنفى صليبَهْ

– – – – –

1
المُفصَّل في تاريخ العرب قبل الإسلام ج 3 ص 365 للعـلّـامة د. جواد علي
2
بتصرّف؛ من سيرة كُليب بن ربيعة (ت 494 م) التي في كتاب «شعراء النصرانية» ج 1 ص 151 للعـلّـامة الأب لويس شيخو اليسوعي
3
الأخطل التغلبي: أشعر شعراء العصر الأموي؛ بقِيَ نصرانيًّا طوال حياته وبقِيَ الصَّليبُ متدلِّيًا من رقبته حتى لُقِّب بـ ذي الصَّليب. مدَحَ الخلفاء الأمويِّين وولاتهم بينما هجا أعداءهم فعاش مُقرَّبًا إلى بني أميّة، مُعَزَّزًا ومُكرَّمًا. كان مُتحمِّسًا للفرزدق ضدّ جرير، لكنّ مُفرَدات هجائِهِ كانت أعفّ بكثير من مُفرَدات كلٍّ من الفرزدق وجرير

– – –

أخيرًا؛ شكرًا للمواقع الالكترونية النظيفة التي حصلت منها على المصادر المذكورة في مقالاتي. فإني متغرِّب ومكتبتي شبه خالية من المطبوعات العربية. لكني معتزّ بنسخة عربية من الكتاب المُقدَّس وبقاموس لغوي متواضع وبمعرفتي التي أميِّز بها صحّة المعلومة التي أعثر عليها من مصدر ما

* * * * *

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

الفكر الإسلامي بين الانتقائية والتحايل والسذاجة: محمد الغزالي نموذجا 2

عبد القادر أنيس

أواصل في هذه المقالة الثانية قراءة كتاب محمد الغزالي حول “حقوق الإنسان بين تعاليم الإسلام وإعلان الأمم المتحدة”، لأتطرق هذه المرأة إلى “الحقوق القضائية” كما يراها الكاتب في ضوء التعاليم الإسلامية التي يجهد في جعلها تفضل على حقوق الإنسان كما تصورتها المواثيق الدولية المعاصرة.
يمهد الشيخ في هذا الباب (ص 23-44)، بقوله “فإن من أهم بواعث الأمن واستتباب السكينة والشعور بالراحة النفسية والكرامة الخاصة أن يحس كل إنسان بأنه في حصانة تامة من أي حيف قانوني”. ويستنجد بالقرآن للتأكيد على هذا “لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط)، وأيضا (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتهم بين الناس أن تحكموا بالعدل).
وبما أن المثل الأعلى في العدل عنده هو العصر الذهبي لعهد النبوة والخلفاء الراشدين بوصفه ذلك الفردوس المفقود الذي لا يتوقف المسلمون عن الحنين إليه ولا يتوقف رجال الدين عن الدعوة للعودة إليه تحت شعار “لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها)، فإن الغزالي لا يمل من اللجوء إلى الحكايات الطريفة العائدة إلى ذلك العهد.
نقرأ للشيخ: “فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أتته امرأة فشكرت عنه زوجها وقالت: هو من خير أهل الدنيا يقوم الليل حتى الصباح ويصوم النهار حتى يمسي، ثم أدركها الحياء. فقال: جزاك الله خيرا فقد أحسنت الثناء. فلما ولّت قال كعب بن سوار: يا أمير المؤمنين.. لقد أبلغت في الشكوى إليك. فقال: وما اشتكت؟ قال: زوجها. قال: عليّ بها. فقال: اقض بينهما. قال: أقضي وأنت شاهد؟ قال: إنك قد فطنت إلى ما لم أفطن إليه. قال (مخاطبا زوجها): إن الله تعالى يقول: (فانكحوا ما طاب لكم من الناس مثنى وثلاث ورباع). صم ثلاثة أيام وأفطر عندها يوما وقم ثلاث ليال وبت عندها ليلة. فقال عمر: هذا أعجب إليّ من الأول”.
هذا هو العدل الذي يجهد الشيخ الغزالي لإحلاله محل حقوق الإنسان كما صاغها البشر في العصر الحديث بعد صراعات مريرة ضد قوى الماضي البغيض. ويا له من عدل غريب الأطوار في تفاهته وسذاجته. فعلى المرأة المسكينة، حتى اليوم، أن ترضى بربع رجل، ولو عرفنا بقية الآية وما ورد فيها حول إباحة ملك اليمين من الجواري والسبايا لعرفنا مدى الظلم الذي ظل رديفها طوال قرون الإسلام. العدل عند هؤلاء لا يعني المرأة ولا يأبه لمشاعرها ولا حتى لتدينها. ولا أخال شيخنا يجهل أحاديث محمد مثل:
“لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد، إلا بإذنه” (متفق عليه)،
ومثل “لا تصوم المرأة وبعلها شاهد، إلا بإذنه غير رمضان، ولا تَأذَن في بيته وهو شاهد إلا بإذنه”.
وقال النووي في (شرح المهذب): “وقال بعض أصحابنا: يكره، والصحيح الأول: الحرمة”، وقال في (شرح مسلم): “وسبب هذا التحريم أن للزوج حق الاستمتاع بها في كل وقت، وحقه واجب على الفور فلا يفوته بالتطوع ولا بواجب على التراخي، وإنما لم يجز لها الصوم بغير إذنه، وإذا أراد الاستمتاع بها جاز ويفسد صومها؛ لأن العادة أن المسلم يهاب انتهاك الصوم بالإفساد”.
فإن صامت المرأة تطوعاً بغير إذن زوجها صح صيامها مع الحرمة عند جمهور الفقهاء؛ والكراهة التحريمية عند الحنفية؛ إلا أن الشافعية خصوا الحرمة بما يتكرر صومه، أما ما لا يتكرر صومه كيوم عرفة وعاشوراء وستة من شوال، فلها صومها بغير إذنه، إلا إن منعها.
“إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت زوجها قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت “.
“فانظري أين أنت منه، فإنما هو جنتك ونارك” )يقصد زوجها)
“لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لغير الله، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها، ولو سألها نفسها وهي على قتب (ظهر بعير) لم تمنعه”.
وللحديث قصة: لما قدم معاذ من الشام سجد للنبي صلى الله عليه وسلم قال ما هذا يا معاذ؟ قال أتيت الشام فوافقتهم يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم، فوددت في نفسي أن نفعل ذلك بك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( فلا تفعلوا فإني “لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لغير الله، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها، ولو سألها نفسها وهي على قتب (ظهر بعير) لم تمنعه”).
“لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر، ولو صلح أن يسجد بشر لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها، والذي نفسي بيده لو أن من قدمه إلى مفرق رأسه قرحة تنبجس بالقيح والصديد ثم أقبلت تلحسه ما أدت حقه”
“ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة الودود الولود العؤود على زوجها التي إذا آذت أو أوذيت جاءت حتى تأخذ بيد زوجها ثم تقول والله لا أذوق غمضا حتى ترضى”.
“اثنان لا تجاوز صلاتهما رؤوسهما: عبد آبق من مواليه حتى يرجع، وامرأة عصت زوجها حتى ترجع”
“لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا، إلا قالت زوجته من الحور العين: لا تؤذيه، قاتلك الله، فإنما هو عندك دخيل؛ يوشك أن يفارقك إلينا”.
“ألا كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، فالإمام الذي على الناس راع وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده وهي مسئولة عنهم، وعبد الرجل راع على مال سيده وهو مسئول عنه، ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته”.
“لا تنفق امرأة شيئا من بيت زوجها إلا بإذن زوجها قيل: يا رسول الله ولا الطعام؟ قال: ذلك أفضل أموالنا لا يجوز لامرأة في مالها إلا بإذن زوجها إذا هو ملك عصمتها”.
“إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها، لعنتها الملائكة حتى ترجع”.
“أيما امرأة سألت زوجها طلاقا من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة”.
“ليس منا من خبب امرأة على زوجها أو عبدا على سيده”. (وخبب المرأة على زوجها أفسدها).
ثم بعد هذا يحلو للشيخ أن يأتينا بقصص صبيانية ويستنتج منها أن الناس في الإسلام سواء أمام القانون، مثل:
“حدث أن النبي –وكان في بيت أم سلمة- دعا وصيفة لها مرارا فلم ترد حتى استبان الغضب في وجهه. فخرجت أم سلمة تبحث عنها فوجدتها تلعب فقالت لها: أراك هنا تلعبين ورسول الله يدعوك؟ فأقبلت على رسول الله وهي تقول: والذي بعثك بالحق ما سمعتك! وكان بيد رسول الله سواك، فقال لها: لولا خشية القود لأوجعتك بهذا السواك!!
لكن الشيخ لم يتساءل عن مصير هذه الطفلة الوصيفة أي الرقيقة. كيف وقعت في الاسترقاق؟ ولماذا لم يحررها نبي الرحمة؟ وماذا كان مصير أبويها وأهلها؟ الأرجح أنها من سبايا غزوات المسلمين على القبائل المجاورة من العرب واليهود. وقصة تقتيل ذكور بني قريظة معروفة، حيث شمل الذبح جميعهم وكان يجري التمييز بين الرجال والصبيان عن طريق شعر العانة. أما الأطفال والنساء فقد بيعوا واقتنى المسلمون مقابل ذلك أسلحة. ولا أحسب الشيخ يجهل هذه القصة، كما لا أحسبه يجهل السن المبكرة التي يبدأ فيها شعر العانة في الظهور عند الصبيان (بين 12 و16) وهو ما يعني أن محمد وأصحابه قد قاموا، وبكل وحشية، بذبح أطفال أبرياء.
ومع ذلك وفي مجال العلاقات بين الدولة كتب الغزالي: “لكن الإسلام التزم جانب العدالة المطلقة يوم دانت له الأرض، ولم يبق على ظهرها سلطان مرهوب.. كان الإسلام يستطيع إبادة الجماعات القليلة التي رفضت أن تدين به بين المحيطين. ولو فعل هذا لكان متمشيا مع منطق المعاملة بالمثل.. لكن الإسلام أبى عن ترفع ونزاهة”
فما أغرب هذا الكلام وما أسخفه وأكذبه!! فأي معاملة بالمثل يقصدها الغزالي؟ فأغلب الشعوب والأمم التي سيطر عليها المسلمون كان الشر قادما إليها من الغزاة العرب المسلمين مثلما وقع للمصريين ولسكان شمال أفريقيا ولسكان أسبانيا. ولم يحدثنا التاريخ أن هذه الأقوام قد عادت المسلمين أو طلبت مساعدتهم. فكيف يصف الشيخ هذا الاعتداء بأنه من قبيل المعاملة بالمثل.
يكفي هنا قراءة ما كتبه ابن تيمية عن معاملة أهل الذمة، وما يعرف بالعهدة العمرية نقلا عن:
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=9295
(قال ابن تيمية رحمه الله عنها في كتابه القيّم “الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح”.
وقد ذكرها أهل السير وغيرهم، فروى سفيان الثوري عن مسروق عن عبد الرحمن بن غنم قال كتبت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه حين صالح نصارى الشام وشرط عليهم فيه أن لا يحدثوا في مدينتهم ولا حولها ديرا ولا كنيسة ولا قلاية ولا صومعة راهب ولا يجددوا ما خرب ولا يمنعوا كنائسهم أن ينزلها أحد من المسلمين ثلاث ليال يطعمونهم ولا يؤووا جاسوسا ولا يكتموا غشا للمسلمين ولا يعلموا أولادهم القرآن ولا يظهروا شركا ولا يمنعوا ذوي قرابتهم من الإسلام إن أرادوه وأن يوقروا المسلمين وأن يقوموا لهم إذا أرادوا الجلوس ولا يتشبهوا بالمسلمين بشيء من لباسهم في قلنسوة ولا عمامة ولا نعلين ولا فرق شعر ولا يتسموا بأسماء المسلمين ولا يكتنوا بكناهم ولا يركبوا سرجا ولا يتقلدوا سيفا ولا يتخذوا شيئا من سلاح ولا ينقشوا خواتيمهم بالعربية ولا يبيعوا الخمور وأن يجذوا مقادم رؤوسهم وأن يلزموا زيهم حيث ما كانوا وأن يشدوا الزنانير ولا يجاوروا المسلمين بموتاهم ولا يضربوا بالناقوس إلا ضربا خفيفا ولا يرفعوا أصواتهم بالقراءة في كنائسهم في شيء من حضرة المسلمين ولا يخرجوا شعانين ولا يرفعوا مع موتاهم أصواتهم ولا يظهروا النيران معهم ولا يشتروا من الرقيق (العبيد) ما جرت عليه سهام المسلمين فإن خالفوا في شيء مما شرطوه فلا ذمة لهم وقد حل للمسلمين منهم ما يحل من أهل المعاندة والشقاق).
هذا الواقع الظالم البائس يتفادى (فضيلة الشيخ) الاعتراف به ويقرر قائلا: (والحق أن الإسلام هو أول من قرر المبادئ الخاصة بحقوق الإنسان في أكمل صورة وأوسع نطاق، وأن الأمم الإسلامية في عهد الرسول –عليه السلام- والخلفاء الراشدين من بعده كانت أسبق الأمم في السير عليها”. (ص 8).
طبعا لا نعدم في تاريخ فجر الإسلام وبعده مواقف إنسانية، ولكنا نجدها أيضا في الجاهلية، بل نجد أفضل منها. ما أود التأكيد عليه هو هذه الانتقائية الماكرة التي يلجأ إليها رجال الدين المسلمين لتشويه حقائق التاريخ واستغفال الناس والسعي المسعور لتعطيل انتشار حقوق الإنسان في بلداننا من خلال خداع الناس حول حقوق مزعومة عرفها الأسلاف وطبقوها في هذا المجال تجعلنا في غنى عن الاستفادة من منجزات الحضارة الحديثة؟
يتبع…

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر | Leave a comment

سموم الأديان تبطل الثورات وتجهض أحلام الشعوب

صلاح الدين محسن

مصر :
العقيدتان الدينيتان ساعدتا علي انقاذ واستمرار النظام العسكري الطاغي .
فدين الأغلبية ساعد النظام علي دحر ثورة الشعب , وقهر الثوار ..
ودين الأقلية , ساعد النظام العسكري علي البقاء والاستمرار , بالتصويت لمرشحه . في انتخابات الرئاسة – وانتخابات الاعادة – . وذلك خوفا ورعبا من وصول دين الغالبية للحكم ..
وبين الدين المرعب , والدين المرعوب .. سيضيع حلم مصر , في الخلاص من نظام , هو من أسواانظمة الحكم العسكرية في العالم ..
ماشاء الله ! يا ايها الاله , عليك وعلي أديانك ..!
لا هل لك هلال . و لا جل لك جلال .

سوريا :
في الخارج كانت المظاهرات , علي أشدها بمختلف العواصم . لتأييد نظام ديكتاتوري يحكم سوريا ويملأها فسادا وخرابا وقهرا وسجونا -الأسد البعثي الطائفي ..! .
فمن وراء هذا التصرف العجيب ؟!
الجواب : غالبية المتظاهرين ينتمون لدين الأقلية , رعبا من دين الأغلبية – بالاضافة لعملاء النظام وأذنابه الحزبيين بالخارج – واتباع طائفته الدينية – –
ولشدة رعب مفكرين وكتاب علمانيين ليبراليين سوريين . خوفا من وصول وحوش الله والدين القويم , لحكم سوريا , فقد اننتفضوا يدافعون – كارهين – عن بقاء النظام الاجرامي في سوريا – لكونه أحن وأرحم من وحوش الله , ضباع الدين السمح ! .
وبذلك لم يؤخر سقوط النظام الطاغية بسوريا الا : الأديان – في المقام الأول -.. دين يتربص بدين , و دين الأقلية مرعوب من وحشية دين الغالبية ..
وبين الدين المرعب والدين المرعوب.. يضيع حلم وأمل سوريا وشعبها في الخلاص من أسوأ حكم ديكتاتوري اجرامي !

تونس :
تربص الدين بثورة شعب تونس – وهذه الثورة , هي أم الثورات التي سميت بالربيع العربي . وفضلنا تسميتها في مقال سابق ” ثورات الخريف المحمدي ” ..
وثب الدين فوق ظهر الثورة التونسية . ممتطيا اياها وراكبا فوق عنق الشعب . وبعدما كان هدف الثورة هو . الحرية من طغيان حاكم عسكري انقلابي .. يطالب الاسلاميون باعادة عصر الجواري والعبيد , فالدين – السمح ! – لا يعارض العبودية . أو تجارة الرقيق . – وان كان يحث حثا رهيفا , علي عتق الرقبة ., وفريضة الجهاد تفتح باب العبودية علي مصراعية .. …
الدين في تونس . وتوسع في فرض الألبسة والمظاهر . الدينية علي النساء , والرجال – نقاب ولحية – . وجرت حوادث قتل . لبعض رجالات الأديان الاخري – – .. والأكثر من ذلك . ان النظام الاسلامي التركي , الساعي لاستعادة . .امبراطورية الشر العثمانلي والخلافة الاسلامية .. تسلل الي تونس , واغري حكامها الجدد الاسلاميين . بقرض . بضعة ملايين من الدولارات , في مقابل السماح بتدريس لغة الاستعمار التركي العثمانلية .. واهمال الفرنسية والانجليزية ..او ازاحتهما للوراء . وهما أهم لغات العصر وعلومه وفنونه وآدابه . مما يعكس عزم الحكام الدينيين الاسلاميين في تونس علي العودة بوطنهم للوراء .. حيث كان بدو الجزيرة العربية يعيشون منذ أكثر من 1400 سنة ! . ومنذ يومين جرت احداث رهيبة علي أيادي وحوش الدين . شملت تونس كلها – بسبب الدين – , مما اضطر السلطات لاعلان حالة الطواريء ..

ليبيا :
والدين في ليبيا , تربص بثورة الشعب , وتقدمها منذ البداية , وحولها لدولة دينية , وها هو الحكم في ليبيا يتولي تصدير تديين نظم الحكم , لدول المنطقة , يهرب أسلحة للجماعات الدينية في مصر . وأرسل كوادر من تنظيم ديني لتحارب في سوريا , ليركب الدين ثورة الشعب هناك ويفرغها من أهدافها , ويحولها من العبودية للنظام الفاشي الأسدي البعثي الطائفي . الي فاشية دينية اسوأ واشد وبالا علي سوريا وشعبها .

اليمن :
الدين الواحد ممثلا في مذهبيه – سنة وشيعة – بكل عنفه وارهابه . يعوق توحد الشعب اليمني , ويمنع مضيه نحو الخلاص من الحاكم العسكري الديكتاتور .

البحرين :
نفس الشيء .. الدين الواحد , مذاهب تتصارع , وتحول دون توحد الشعب , لأجل هدف وطني يفيد الشعب عامة .

لو ابتعدت قيادات الأديان عن السياسة لكان خيرا للاوطان وللشعوب .. ولكن الحكام الطغاة لن يتركوا قيادات الأديان يبتعدون عن السياسة . فالاديان ورجالها هم خير عون وخير عكاز , وخير مكياج , وخير من يحللون ويباركون بقاء واستمرارية الحكام الطغاة – ويباركون توريث الحكم لنسلهم – .. حتي وان كان من الأديان منافسون ألداء للحكام , يتربصون لاختطاف كرسي السلطة .. ولكن لا غني للحام الطغاة عنهم ..

سوف سيظل هكذا حال تلك الشعوب . والقانون الدولي هو الحل :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=303557
*****************

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا, فكر حر | Leave a comment

أرض الخطاة

جهاد علاونة

قيل ل(يسوع) بما معناه :لماذا تنتقد جباة الضرائب والخطاة وتأكل وتشرب معهم؟ فقال:إن الأصحاء لا يحتاجون إلى طبيب بل المرضى,لم آتِ لأدعو أبرارا للتوبة بل أتيتُ لأدعو الخطاة…وحيث تكون كنوزكم تكون قلوبكم.

وأنا أغلبية الذين يعرفونني يقولون لي:لماذا لا تهاجر من قريتك ومدينتك ووطنك إلى أمريكيا أو ألمانيا أو الدينمارك أو أي بلدٍ أوروبي يحترمك ويحترم قلمك لتعيش بينهم في سعادة وأمان؟ وفي الحقيقة لا أدري كيف سأغادر وطني إلى وطنٍ ليس فيه خطاة ومعظم سكانه أصحاء عقليا!كيف سأهاجر وطناً ديكتاتوريا إلى وطنٍ ديموقراطي وأنا تعودتُ على المطالبة بالحرية وبالديمقراطية!فهل أستطيع مثلا في أمريكيا أن أنادي بضرورة بناء المجتمع المدني الذي تحكمه مؤسسات مجتمع مدنية؟ هل سأستطيع هنالك الإعلان عن نيتي بضرورة محاربة مؤسسة القبيلة والعشيرة الممتدة واستبدالها بمؤسسات قانونية حديثة؟ هنالك لن يستمع لي أحد وربما سيعتبرني الغالبية رجلا متخلفا اجتماعيا لأن كل ما أحلم به موجودٌ هنالك بشكل كبير أو كما تقول العامةُ من الناس هنالك مؤسسات المجتمع المدنية والأحزاب كثيرة بشكل(حبطرش) وسينظرُ لي كرجلٍ عادي وأقل من عادي أما هنا في أرض الخطاة فأنا الغالبية يعتبرونني أسطورة ومغامرا ومقامرا بروحه وبروح أبناءه ولا يُنظر لي بشكل عادي بل على أساس أنني سوبرمان.

وصدقوني هنالك جاذبية كبيرة تجذبني للبقاء في البيئة غير الصحية التي أقطنُ فيها مع أولادي,فأنا هنا سعيد جدا مع الطغاة والجباة وقاطعي الأيدي واللصوص أأكلُ معهم وأشربُ معهم وأتعامل معهم ولا يوجد في بلدي رجلا واحدا حرا أو ديمقراطيا فكلهم طغاة أضف إلى ذلك أنه لا يوجد في بلدنا أناسٌ أبرار على الاطلاق وكلهم خطاة ومذنبون وغارقون في ذنوبهم إلى أذنيهم وكأنهم ممددون على ظهورهم في بركة ماءٍ من الخطايا وهؤلاء بحاجةٍ إلى قلمي وهؤلاء بحاجةٍ إلى أفعالي وأقوالي.. فمن عمل هؤلاء أكتب وأحسُ بأن أعمالهم وشرائعهم هي التي توحي لي بعظمة وفن الكتابة ولو ذهبتُ إلى أمريكيا أنا متأكدٌ من ذلك فلسوف تنقطع صلتي بالكتابة لأنني لن أواجه الواقع المرير الذي أعيش به ها هنا,أنا هنا مبسوط جدا على سوط الجلاد فمن خلال الضربات التي أتلقاها أكتبُ ومن خلال أعمال الخطاة أكتب لهم وأشعرُ بأن الله قد خلقني لمثل هذه البيئة فأين مثلا سأجد مواضيعَ أكتبُ عنها إذا رحلت مثلا إلى الدينمارك؟ هنالك لن يشعر العالم بكاتب فذ وعميق الإحساس والوجد فكل الكتاب هنالك لديهم الحرية التي يكتبون بها لذلك لن يشاهدوا غرابة في كتابتي وفي انتقائي لعناويني التي أكتبها يوميا, أنا هنا في بيئة غير صحية ومع ملايين من المرضى العقليين وأشعرُ بأنني طبيب أداوي هؤلاء المرضى وأكتبُ عن حالاتهم المستعصية فمن أين سأجد في أمريكيا أناس يقمعوني ويهددوني بالتوقف عن الكتابة؟ومن أين سأجدُ أناساً يجوعوني أنا وأولادي ويلفقون لي التهم الكيدية لكي يعتبرني المجتمع بطاقة محروقة؟وقولوا لي أين سأجد الكذابين والفشارين والمعاتيه فكل هؤلاء لا أجدهم إلا في البيئة التي أعيشُ فيها ها هنا أو أنهم متواجدون هنا بشكل أكبر وأكثر من أي بيئة أخرى.

أنا مثلما قال المسيح: الأصحاءُ عقليا ليسوا بحاجةٍ إلى طبيب,والبررة ليسوا بحاجةٍ إلى هداية من ربهم,بل الطغاة وجباة الضرائب والظالمون هم الذين يحتاجون لي, فهذا المجتمع الذي أعيش به هو الذي بحاجة إلى رجلٍ مثلي,وهنالك الكثير من الكتاب الذين يعيشون مثل الحالة التي أعيشُ فيها أنا, وهنالك فعلا جاذبية قوية أقوى من المغنطيس وأقوى من الجاذبية الأرضية تجعلني متمسكا بهذا البلد وبهذه البيئة التي أعيش فيها فهؤلاء جميعا مرضى عقليين بحاجة إلى رجلٍ مثلي,وهؤلاء كلهم طغاة وخطاة بحاجةٍ لأن يتعلموا مني,وسأعيش على أرض الخطاة وسأموتُ فيها وسأدفنُ فيها.

Posted in الأدب والفن, فكر حر | Leave a comment