أمن سوريا من أمن إيران؟ِ

طلال عبدالله الخوري 26\8\2012

أمن سوريا من أمن إيران؟ِ

Posted in ربيع سوريا, كاريكاتور | Leave a comment

يتبرع بقتل مليون سوري

يتبرع بقتل مليون سوري

طلال عبدالله الخوري 26\8\2012

Posted in ربيع سوريا, كاريكاتور | Leave a comment

مساهمة العرب في الحضارة الإنسانية؟

طلال عبدالله الخوري 25\8\2012

سبب كتابتي لهذا المقال هي صدمتي عندما شاهدت الجدل الذي دار بين عضو مجلس  الشورى السعودي إبراهيم البليهي وهو مفكر سعودي ليبرالي من الطراز الرفيع, مع احد مقدمي البرامج الحوارية في احد القنوات التلفزيونية السعودية.

كان رأي المفكر السعودي بأن العالم الإسلامي لم يساهم بالحضارة العالمية بأي شئ, وأن مقدار مساهمة المسلمين بالحضارة العالمية هي صفر, لذلك فإن العالم الإسلامي بحاجة للحضارة الغربية لكي يتقدم ويتطور, كما فعل اليابانيون والكوريون الجنوبيون.

ولكن مقدم البرنامج جادله قائلاً, أن هناك تكامل بين ما قدمته كل حضارة, وبناء على ذلك فأن ما قدمه المسلمين يتمثل بمساهمتين وهما : الدين, والبترول؟؟
هنا أنا صدمت كما صدم المفكر الليبرالي السعودي, بأن يعتبر أي إنسان بأن الدين, أو الموارد الطبيعية الموجودة بباطن الأرض يمكن أن تعتبر مساهمة بالحضارة الإنسانية, ولقد جادله المفكر السعودي ورماه بالضربة القاضية عندما قال له بان النفط شئ موجود بباطن الأرض منذ قديم الزمان, ولم نسهم به شيئا, والأكثر من هذا فأنت غير قادر على الاستفادة منه لولا علم الغرب الذي إكتشفه واستخرجه.

والسؤال الذي أريد أن اطرحه هنا:

هل يتم غسيل دماغ المواطن السعودي, وتكبير دماغهم, على أن دينهم هو الدين الصحيح ولذلك يجب اعتبار المسلمين بسبب هذا الدين بانهم ساهموا مساهمة هي الأضخم بالحضارة الإنسانية وتقدمها وتطورها؟

لكي اشرح سبب طرحي لهذا السؤال, أريد أن أعرج على المعاهدة السرية التي تم توقيعها بين الملك عبدالعزيز آل سعود ورئيس الولايات المتحدة الأميركية أنذاك فرانكلين روزفلت, على ظهر البارجة الحربية “كوينسي”, في شباط عام 1945, أي قبل نهاية الحرب العالمية الثانية!

هناك مراجع كثيرة تناولت هذه المعاهدة السرية وهي متاحة على النت, ولكن ما يثير الريبة في هذه المعاهدة  أنها ما تزال سرية حتى الآن, بالرغم من مرور ما يقارب على السبعين عاماُ على توقيعها؟

 من التسريبات التي تناولتها هذه المراجع بأن الرئيس الأميركي روزفلت كان يريد من الملك عبدالعزيز أمرين:

أولاً: مساعدة الملك عبدالعزيز بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.

ثانياً:  كان العالم في ذلك الوقت مقسم بين معسكرين, معسكر يقف في صف  هتلر وألمانيا النازية في حربها العالمية الثانية ضد أوروبا, وفي هذا المعسكر كان يضم تركيا, ومعظم الدول العربية, بما فيهم مفتي القدس الحاج محمد أمين الحسيني, لذلك أراد روزفلت أن يضمن تأييد السعودية للحلفاء بقيادة الولايات المتحدة الأميركية في هذه الحرب.

أما الملك سعود  فكان يريد من أميركا أمرين أيضاُ:

 الأول: الإستثمارات الأميركية باستخراج النفط من الحقول الصحراء العربية, والتكنولوجيا الأميركية التي تحتاجها بلاده

ثانياً: أن تتعهد الولايات المتحدة الأميركية بحماية حكم آل سعود مدى الحياة!

نلاحظ من هذه التسريبات بأن الملك عبدالعزيز لم يطلب مساعدة الولايات المتحدة بتطوير المملكة وبناء البنية التحتية والجامعات والمعاهد البحثية لتطوير المملكة السعودية وشعبها, لكي يصبح بالنهاية معتمداً على نفسه في مسألة تطوير التكنولوجيا واستخراج النفط, وفي بناء القدرات الوطنية لحماية حكمه, وأن تصبح مملكته مساهمة بالحضارة العالمية! ..فكل هذه الأمور كانت خارج نطاق تفكير الملك عبدالعزيز, وقد كان واضحاُ فيما يريده وما يحتاجه وهو : المردود المالي من عائدات النفط والحماية الأميركية لحكمه, فقط لا غير.

طبعاً, تطور وتقدم الشعب السعودي سيصعب من حكمه و استمرارية حكمه وتوريثه لأبنائه إلى الأبد, فمن  يريد أن يحضر الجقل لحقله, كما يقول المثل الشعبي السوري؟ فالحماية الأميركية لحكمه, وأموال النفط هو أقصى وغاية ما يريده الملك عبدالعزيز.

بمقارنة بسيطة بين ما أنجزته المملكة السعودية وكوريا الجنوبية على سبيل المثال لا الحصر, نجد ضحالة ما أنجزته المملكة حتى الآن بالرغم من الإمكانيات المادية الهائلة التي تملكها؟

هنا أنا اصل إلى السبب الذي جعلني اطرح السؤال عن ما إذا  كان يتم غسل دماغ المواطن السعودي بكليشة:” أن دين المسلم  هو الدين الصحيح و هذه بحد ذاتها  مساهمة عظيمة بتطور الحضارة الإنسانية؟”

والذي يجعلني اظن بهذه الطريقة هو أني أتذكر بأني قد  قرأت بأحد التسريبات عن هذا الاجتماع القمة بين عبدالعزيز وروزفلت, بأن الملك السعودي قال لروزفلت ما معناه: بأن الله قد أعطى الأميركيين العلم والتكنولوجيا والقوة العسكرية, بينما بالمقابل أعطى الملك والسعوديين الدين والتعبد الصحيح؟وهذا قمة العدل الإلهي؟

وهكذا يجب أن تبقى إلى الأبد, وطلما آل سعود بالحكم, فكل ما يجب أن يبتغيه السعودي في الحياة قد حصل عليه بتعبده بالديانة الصحيحة؟وفي الأخرة سيكافئه الله بالجنة والحوريات والغلمان.

من هنا نرى بأن هذه هي الفلسفة التي تأسست عليها السعودية والتي حملها مذيع القناة التلفزيونية ليجادل بها المفكر البليهي , حيث اقتنع الشعب السعودي بما لديهم من دين صحيح وتركوا العلم والتكنولوجيا وكل مافي الحضارات من فن وتقدم ورقي إلى الشعب الأميركي والشعوب الأخرى, فهم قد اكتفوا بالتعبد بالدين الصحيح؟

رابط المقابلة التلفزيونية مع المفكر البليهي 

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | 3 Comments

الأسد يرتكب مجزرة في داريا بريف دمشق

الأسد يرتكب مجزرة في داريا بريف دمشق

Posted in فكر حر | Leave a comment

محمد مرسي واسماعيل هنية وقمة عدم الإنحياز

محمد مرسي واسماعيل هنية وقمة عدم الإنحياز

طلال عبدالله الخوري 25\8\2012

Posted in ربيع سوريا, كاريكاتور | Leave a comment

تعب هي الحياة

أبو العلاء المعري

غَـيْرُ مُـجْدٍ في مِلّتي واعْتِقادي… نَــوْحُ بـاكٍ ولا تَـرَنّمُ شـادِ
وشَـبِيهٌ صَـوْتُ الـنّعيّ إذا قِيسَ… بِـصَوْتِ الـبَشيرِ في كلّ نادِ
أَبَـكَتْ تِـلْكُمُ الـحَمَامَةُ أمْ غَنَّـت… عَـلى فَـرْعِ غُصْنِها المَيّادِ

صَـاحِ هَـذِي قُبُورُنا تَمْلأ الرُّحْبَ …فـأينَ الـقُبُورُ مِنْ عَهدِ عادِ
خَـفّفِ الـوَطْء ما أظُنّ أدِيمَ …الأرْضِ إلاّ مِـنْ هَـذِهِ الأجْـسادِ
وقَـبيحٌ بـنَا وإنْ قَـدُمَ الـعَهْدُ… هَــوَانُ الآبَـاءِ والأجْـدادِ
سِـرْ إنِ اسْطَعتَ في الهَوَاءِ رُوَيداً… لا اخْـتِيالاً عَـلى رُفَـاتِ العِبادِ
رُبّ لَـحْدٍ قَـدْ صَارَ لَحْداً مراراً… ضَـاحِكٍ مِـنْ تَـزَاحُمِ الأضْدادِ
وَدَفِـيـنٍ عَـلى بَـقايا دَفِـينٍ …فـي طَـويلِ الأزْمـانِ وَالآبـاءِ

فـاسْألِ الـفَرْقَدَينِ عَـمّنْ أحَسّ…ا مِـنْ قَـبيلٍ وآنـسا مـن بلادِ
كَـمْ أقـامَا عـلى زَوالِ نَـهارٍ …وَأنــارا لِـمُدْلِجٍ فـي سَـوَادِ
تَـعَبُ كُـلّها الـحَياةُ فَـما أعْجَـبُ… إلاّ مِـنْ راغبٍ في ازْديادِ
إنّ حُـزْناً فـي ساعةِ المَوْتِ أضْعَافُ… سُـرُورٍ فـي سـاعَةِ الـميلادِ

خُـلِقَ الـنّاسُ لـلبَقَاءِ فضَلّتْ… أُمّــةٌ يَـحْـسَبُونَهُمْ لـلنّفادِ
إنّـما يُـنْقَلُونَ مِـنْ دارِ أعْـمالٍ …إلــى دارِ شِـقْوَةٍ أو رَشَـادِ
ضَـجْعَةُ المَوْتِ رَقْدَةٌ يُستريحُ الجِـسْمُ …فيها والعَيشُ مِثلُ السّهادِ

كـيفَ أصْبَحتَ في مَحلّكَ بعدي …يـا جَـديراً مـنّي بحُسْنِ افتِقادِ
قـد أقَـرّ الـطّبيبُ عَنْكَ بِعَجْزٍ …وتَـقَـضّى تَــرَدّدُ الـعُـوّادِ
وَانْتَهَى اليأسُ مِنكَ وَاستشعَرَ الوَجْدُ …بـأنْ لا مَـعادَ حـتى الـمعادِ
هَـجَدَ الـسّاهرُونَ حَوْلَكَ للتمْريـضِ… وَيـحٌ لأعْـيُنِ الـهُجّادِ
أنـتَ مِن أُسْرةٍ مَضَوْا غَيرَ مَغْرُوريـنَ… مِـنْ عَـيشَةٍ بِذاتِ ضِمادِ

فَـعَزيزٌ عَـليّ خَـلْطُ الـلّيالي رِمَّ …أقـدامِـكُمْ بِـرِمّ الـهَوَادي
كُـنتَ خِـلّ الصِّبا فلَمّا أرادَ البَـينَ …وَافَـقْتَ رأيَـهُ فـي المُرادِ
ورأيـتَ الـوَفاءَ للصّاحِبِ الأوَّلِ… مِـنْ شـيمَةِ الـكَريمِ الجَوادِ
وَخَـلَعْتَ الـشّبابَ غَضّاً فَيا لَيْتَــكَ أَبْـلَـيْتَهُ مَـعَ الأنْـدادِ
فـاذْهَبا خـير ذاهـبَينِ حقيقَيْن… بِـسُـقْيا رَوائِــحٍ وَغَـوَادِ
ومَــراثٍ لَـوْ أنّـهُنّ دُمُـوعٌ لـمَحَوْنَ… الـسّطُورَ فـي الإنْشادِ

والـفَتَى ظاعِنٌ ويَكفيهِ ظِلُّ …السَّـدْرِ ضَرْبَ الأطْنابِ والأوْتادِ
بـانَ أمْـرُ الإلَـهِ واختَلَفَ النّاسُ… فَـداعٍ إلـى ضَـلالٍ وَهَـادِ
والّـذي حـارَتِ الـبَرِيّةُ فِـيهِ… حَـيَوَانٌ مُـسْتَحْدَثٌ مِـن جَمادِ
والـلّبيبُ الـلّبيبُ مَنْ لَيسَ يَغْترُّ… بِـكُـوْنٍ مَـصـيرُهُ لـلفَسادِ

ابنات الهديل اسعدن اوعدن… قليل العزاء بالاسعاد
ايه بالله دركن , فانتن …اللواتي تحسن حفظ الوداد
ما نستن هالكا في الاوان الخال… أودى من قبل هلك اياد
بيد اني لا ارتضي ما فعلتن… واطواقكن في الاجياد
فتسلين واستعرن جميعا من… قميص الدجى ثياب حداد
ثم غردن في الماثم واندبن… بشجو مع الغواني الخراد

أبو العلاء المعري (مفكر حر)؟

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

ألا انهضو

             بشارة عبد الله الخوري

 يا أمة غدت الذئاب تسوسها 

 غرقت سفينتها، فأين رئيسها؟

 تتمرغ الشهوات في حرماتها

 وتعيث في عظماتهاوتدوسها

اتعساً لها من أمة… أزعيمها …. جلادها وأمينها جاسوسه

رُشيت مآذنها، فلم تغضب لها …. غضب الكرام، وباعها ناقوسها

أبناء احمد والمسيح ألا انهضوا …. أتباح حرمتها وأنتم شوسها

 ؟ليست من الأشبال فتية أمة …. إن ساد أحمقها وعزَّ خسيسها

أيُحَكَّمُ الغوغاء في أدبائها …. ويذود عن سفهائها “بوليسها”

ومتى تؤيد بالرعاع حكومة …. كانت أحطَّ من الرعاع نفوسها

وعصابة، ملأ المناخر نَتْنُها …. خضعت طوائفكم لها وطقوسها

من دمع بائسكم وقوت فقيركم …. تجبى ضرائب ظلمها ومكوسها

 أتموت من فرط الهزال صغاركم …. لتعزّ شوكتها ويسمن كيسها

لو حاق مكرهم بأجهل أمة …. برمت محاكمها بهم وحبوسها

 هبطوا الجحيم فردهم بوابها ….  إذ خاف من إبليسهم إبليسها

أشبال ذا الوطن الجريح، إلى متى؟ …. أنتم سيوف بلادكم وتروسها

موتوا كراماً، أو فعيشوا أمة …. تهوي على يدها العلى وتبوسها

بشارة الخوري (مفكر حر)؟

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

نبيّك هو أنت.. لا تعش داخل جبّته! (9)؟

وفاء سلطان

لقد برمج الإسلام أتباعه بطريقة قتلت لديهم القدرة على الإبداع، وذلك باحتكاره للحقيقة المطلقة تحت حدّ السيف وتحريمه للسؤال.
لم يُبدع إنسان في تاريخ البشرية إلاّ في سياق بحثه عن الحقيقة.
الألغاز هي التي تمنح حياتنا متعتها، وهي التي تجلعنا في رحلة بحث دائم عن أسرارها.
الله هو أكبر الألغاز، وكل إبداع بشري قد تمّ ـ بشكل مباشر أو غير مباشرـ في سياق البحث عن سرّ ذلك اللغز.
عندما تكشف سرّ أي لغز يفقد ذلك اللغز عظمته، ولذلك يجب أن يبقى الله لغزا فعظمته تكمن في كونه لغزا.
قد تبحث عن سرّ للغز ما، وفي سياق البحث تكتشف أسرار ألغاز أخرى لم يكن الكشف عنها على جدول بحثك. أو ربّما تكتشف سرّ اللغز الذي تبحث عنه ولكن قد يقودك اكتشاف سرّه إلى ألغاز أخرى، وهكذا دوالييك.
كلّ لغز يقودك إلى لغز آخر، ويجب أن يبقى الله آخر الألغاز كي نظل في رحلة بحث عن الأسرار، وكي نظل قادرين على الإبداع في سياق تلك الرحلة!
كل إبداع هو خطوة نقترب بها من الله، ومتى وصلنا اليه سنخسر قدرتنا على الإبداع إذ لم يعد هناك ألغاز كي نبحث عنها وكي نبدع في سياق البحث عنها.
الأديان عموما أساءت إلى الإبداع، لأنها زعمت بأنها توصلت إلى الحقيقة المطلقة، ودرجة إساءتها تزداد كلّما ازداد احتكارها لتلك الحقيقة!
زعمت بأنها كشفت لغز الله، وبذلك جرّدت ذلك اللغز من عظمته. عندما تكتشف الله تكون قد حددته، وعندما تحدده تكون قد جرّدته من عظمته المطلقة.
كل شيء تستطيع أن تحدده هناك شيء غير محدد أعظم منه، ولذلك يجب أن يبقى الله لغزا كي يظل أعظم الأشياء!
الإيمان هو أن تعترف بوجود شيء دون أن تكون قادرا على أن تحدده، ومتى حددته لا تستطيع أن تسمي علاقتك به إيمانا، بل علاقة شيء محدد بشيء محدد آخر.
يجب أن يبقى الإنسان في رحلة بحث دائم عن الحقيقة، وأي دين يدّعي بأنه وصل اليها يفقد روحانيّته ويقتل لدى أتباعه قدرتهم على الإبداع.
نحتاج إلى دين يبحث عن الحقيقة المطلقة دون أن يدّعي بأنها توصل إليها.
البحث عن الحقيقة المطلقة في أي مجال هو في حقيقة الأمر بحث عن الله، فالله آخر الحقائق بل هو مطلقها!
نحن، وبحواسنا الخمس، أصعب من أن نتوصل الى الله. ولذلك عندما ندّعي بأننا توصلنا إليه نفقد خواصنا البشرية التي تميزنا عنه، ونجرّده من خاصته المطلقة التي تميّزه عنّا.
عندما يرفض الملحدون وجود الله يعترفون بعجزهم عن إدراكه، ويعترفون أيضا بعظمته غير القابلة للإدراك. الإلحاد أصدق من أي عقيدة تدعي أنها توصلت إلى الله، بل واحتكرته دون غيرها من العقائد.
من يدّعي أنه يحتكر الحقيقة المطلقة يُسيء إليها، ولذلك أساءت الأديان إلى مفهوم االله أكثر مما أحسنت!
أطلقت البوذية على الله اسم الكون، وبذلك تكون قد أعطته حقه أكثر من أي دين آخر، فالكون تعبير مطلق لا يستطيع إنسان أن يُدرك حدوده. واعتبرت البوذية الإنسان جزءا من الكون وعليه أن يسعى دوما ليبقى جزءا غير متجزء من ذلك الكون. عندما تقع ذرة ماء في المحيط تتوحد فيه لكنه تبقى عاجزة على أن تُدرك حدوده. علاقة الإنسان بالكون لا تختلف عن علاقة ذرة الماء بالمحيط، وعجزه عن إدراك الكون لا ينفي وجود ذلك الكون بل يؤكد على أنه الحقيقة المطلقة التي لا نستطيع كبشر أن نُدركها.
لا يختلف مخلوق في قيمته عن مخلوق آخر باعتبارهما ينتميان إلى نفس الكون ويشكلان معا أجزاء من ذلك الكون.
في إحدى قصص الكاتب والمفكر الأمريكي :Ralph waldo Emerson
يقول السنجاب للجبل:
لماذا أنت مغرور أيها الجبل? صحيح أنك أضخم مني ولكنك لا تستطيع أن تكسر حبّة البندق!
في كلّ مخلوق مسحة من عظمة الكون، فهل حصّة السنجاب من تلك العظمة أقلّ من حصّة الجبل وهو القادر على فعل ما لا يستطيع الجبل فعله؟!
عندما يولد الإنسان تولد معه تلك المسحة، فكيف نقزّم الله إلى الحد الذي يأمرنا بقتل إنسان مادام فيه جزء من الله؟!!
كيف يأمر الإسلام أتباعه بقتل الناس، بغض النظر عن ذريعة القتل، والكثيرون من هؤلاء الناس جسّدوا بإبداعهم عظمة الخالق فيهم، بينما عجز المسلمون عن فعل ذلك؟!!
لنقرأ معا:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى…
………..
فهل يُعقل أن تكون عظمة الله في الحر أجلّ منها في العبد، وفي المرأة أحطّ منها في الرجل؟!!
ليس هذا الحكم سوى تشويه لعظمة الخالق في المخلوق، ألا ساء ما يحكمون؟!!
لماذا يحتكر المسلم سرّ الله وهو، كان ولم يزل، أعجز من أن يُجسّد بإبداعه عظمة ذلك الله؟!
أليس البحث عن ذلك السرّ هو الطريق إلى الإبداع؟!
احتكر الإسلام الحقيقة المطلقة ففوّت على أتباعه البحث عنها، وأضاع عليهم كل فرصة للإبداع في سياق ذلك البحث.
وكما الكون مطلق في حدوده كذلك هو مطلق في جماله، وروحانية الإنسان تكمن في حفاظه على ذلك الجمال المطلق.
عندما تدوس على وريقات زهرة فتسحقها تكون قد أسأت إلى الكون الذي تنتمي أنت والزهرة إليه، فما بالك بأن تصلب إنسانا، أو تقطع رجليه ويديه من خلاف، أو تضرب عنقه، أو تقص أصابعه، أو تجلده مائة جلدة لا تأخذك به رحمة، أو تنعته بلقب لم يختره لنفسه، وما إلى ذلك من أفعال ـ أبسط ما يقال عنها أنها غير كونية ـ تسلخ الإنسان عن كونه وتسيء إلى جمالية ذلك الكون؟!!
رأس الحكمة مخافة الله؟!!
يستحيل أن يكتسب الإنسان الحكمة وهو خائف، ولذلك فشل المسلمون في أن يكونوا حكماء!
الله هو الصمت، والصمت هو لحظة سلام يتوحد خلالها الإنسان مع كونه فيمتصّ بعضا من عظمة ذلك الكون وقوته عندما يتوحد فيه.
………………
إن الدماغ الذي يملكه الإنسان اليوم هو حصلية سلسلة تطورات طرأت عليه خلال خمسمائة مليون سنة، وهو بشكله الحالي يتألف من ثلاثة أقسام:
القسم الأول: يقع في أسفل الدماغ ويدعى جذع الدماغ Brain stem ويشبه إلى حد بعيد دماغ الزواحف (التمساح). لم يكن دماغ الإنسان البدائي قبل خمسمائة مليون عام سوى ذلك الجزء، وهو مسؤول عن النوم واليقظة وتنظيم درجة حرارة الجسم واستمرار ضربات القلب.
عندما تهددت حياة الإنسان الأولي، وتهدد استمرار وجوده تطور دماغه خلال الثلاثمائة مليون سنة التي تلت ظهوره، ليشمل:
القسم الثاني: ويدعى الدماغ المتوسط Mid brain وهذا الجزء يشبه دماغ الثديات وهي أقرب الحيوانات إلى الإنسان، ومسؤول عن حماية العضوية من الأخطار المحدقة بها.
عندما يواجه الإنسان أسدا في غابة، الإرتكاسات التي تحدث في بدنه تدعى باللغة الطبية Fight or Flight أي اهرب أو قاتل. وهي تهيأه للقيام إما بالهروب وإما بالمواجهة، ومنها تسرع ضربات القلب، ازدياد عدد مرات التنفس، التعرق، تدفق كميات كبيرة من الدم إلى العضلات كي تتأهب للهرب. الجزء المتوسط من الدماغ مسؤول عن تلك الإرتكسات، وبالتالي ـ كما أشرت سابقاـ مسؤول عن حماية العضوية.
خلال آخر مائتي مليون عام تتطور ذلك الدماغ ليشمل:
القسم الثالث: وهو الجزء الأعلى من الدماغ، ويتميز بالقشرة الدماغية Cortex التي تغلف الدماغ كله، وهذا القسم هو الذي يميّزنا كبشر عن غيرنا من الكائنات، فهو مسؤول عن التفكير.
عندما يمرّ الإنسان في حالة خوف، ينشط الجزء المتوسط من الدماغ ويخمد الجزء العلوي، وذلك كي تتوقف كل فعاليات التفكير وتنشط فقط الفعاليات المسؤولة عن حماية الحياة، كالهرب أو مقاومة الخطر المهدد للحياة.
أضرب مثلا:
قد تستيقظ في منتصف الليل لتفاجئ بلص داخل بيتك مصوبا مسدسه باتجاهك. في تلك اللحظة تخمد كلّ فعاليات القشرة المخية عندك فتفقد قدرتك على التفكير، وتتسرع ضربات قلبك…تتعرق….تتدفق كميات كبيرة من الدم إلى عضلاتك كي تسهل عليك مقاومة اللص أو الهرب من أمامه.
هل تستطيع في تلك اللحظة أن تفكر في حل المسألة الحسابية التي حاولت حلها في الليلة السابقة، طبعا لا!
إذن، نفهم مما تقدم بأن حالات الخوف تسقط بالإنسان إلى مستوى الحيوان، لأنه تلغي الجزء العلوي من دماغه، وتنشط الجزء المتوسط والذي هو موجود عند الحيوانات الأخرى، ولا يستطيع أن يعود إلى آدميته إلا بالتخلص من تلك الحالات.
الغضب كالخوف يترك نفس الأثر عند الإنسان، فيسقط به إلى مستوى الحيوان ويلغي فعالية الجزء العلوي من دماغه، ذلك الجزء الذي يميّزه ككائن بشري.
لماذا لم يُبدع الإنسان المسلم؟
باختصار، لأن قشرته المخية المسؤولة عن التفكير خامدة وغير نشيطة، والسبب حالة الخوف التي يعيشها على مدار الساعة!
لقد تبرمج ذلك الإنسان على أن يخاف، ولا يعرف في معظم الحالات مما يخاف!
خوفه من الحقيقة المطلقة كان المدخل إلى برمجة عقليّة أفقدته قدرته على التفاعل الإيجابي مع محيطه بخيره وشرّه.
عندما تتحكم الحقيقة المطلقة في أدقّ أموره فتأمره أن يدخله الحمام برجله اليسرى، وأن يأكل بيمناه ـ حتى ولو كان مبرمجا بيولوجيا على أن يأكل بيسراه ـ تسربله بالخوف وتقضي بالتالي على إبداعه، إذ لا إبداع مع الخوف.
……………………..
الإبداع هو أن تخلق شيئا جديدا ومفيدا. الإبداع هو أن تنظر إلى الأشياء التي ينظر إليها عامة الناس، لكن أن تراها بشكل مختلف دون أن تخاف على حياتك أحدا منهم.
ليس كل تغيير إبداعا، لكن حكما كل إبداع هو تغيير، فالجديد دوما يعني التغيير، ولا إبداع مالم تأتي بشيء جديد.
كنت أتمشى في شارع الشانزليزيه، فتوقفت أمام العديد من محلات بيع الزهور المتناثرة على الطرفين ثم غرقت في جمالها. بعد أن لمست مرافقتي الفرنسيّة ولعي بالأزهار والورود، أومأت بيدها إلى فندق الفصول الأربعة وقالت: هذا الفندق مشهور بطريقة تصفيفه للأزهار، دعينا ندخله ونشرب كأسا من الشاي هناك.
دخلناه، وفعلا وجدت نفسي مفتونة بالجمال الذي تعكسه باقات الزهور والورود المصفوفة هنا وهناك. أثارت دهشتي مزهرية مملوءة بالأزهار بطريقة لا يمكن أن تخطر ببال إنسان، وتساءلت في سري: يا إلهي، ما أبدع هذا الفنان!
المزهرية من الكريستال الشفاف، ملأها مهندس الديكور بالماء ثم صفّ الأزهار بطريقة غريبة، وضع الأزهار داخل الماء والسيقان نحو الأعلى!
وقفت مدهوشة أمامها أكثر من نصف ساعة، وأنا أتساءل: ما طبيعة البيئة التي ولد وترعرع فيها هذا الفنان؟
رحت أتخيل أمه وأباه وجو الحرية الذي أتاحانه له، ذلك الجو الذي حرر عقله من قيوده، وساعده على أن يتجاوز كل أشكال البرمجة بما فيها أبسط المسلمات.
لو مسك الواحد منّا باقة من الزهر وأراد أن يضعها داخل مزهرية، سيقوم بطريقة اوتوماتيكية آلية بوضع السيقان داخل المزهرية كي تتشرب الماء والأزهار خارجها، لكن صاحبنا المسؤول عن تصفيف الأزهار داخل فندق الفصول الأربعة في شارع الشانزليزيه في باريس قرر أن يسبح عكس التيار، لم يثر رفضه للمألوف خوفه، وبالتالي لم يُسقط به الخوف إلى مستوى الحيوان، فلجأ إلى طريقة تضرب بالمألوف عرض الحائط!
لم تُسحرني الطريقة بقدر ما سحرتني الفكرة، والتي هي حكما نتيجة حتمية لعقل بشري تحرر من كلّ قيوده واستطاع أن يتجاوز كلّ برمجاته.
هذا هو الإبداع، وتلك هي الحرية!
في ذلك الوقت بالضبط، ورغم فرحي بالإبداع، اجتاحتني موجة حزن انستني جمال المزهرية وسعادة اللحظة.
في المرحلة الإبتدائية كان في صفنا طفل اسمه فادي، وكان معلّم الصف بين الحين والآخر يشدّه من اذنه بكلّ قوته، فنسمع صراخ فادي: آآآآآآآآآخ! ولا نعرف السبب حتى نسمع صوت المعلم يقول: يا حيوان امسك القلم باليمين!
وما أن يدير المعلم ظهره حتى يعود فادي إلى مسك القلم بيساره. لم يتابع فادي تعليمه. التقيت به في آخر زيارة لسوريا، الكلّ يعتبره رجل أعمال ناجح، له زوجة جميلة وأولاد وثروة وجاه، ولكنه لا يكتب شعرا!
على حدّ قول المفكر المصري توفيق الحكيم: لو بقي الإنسان طفلا لأصبح شاعرا.
لم يبق فادي طفلا ولذلك لم يُصبح شاعرا!
كما ويقول بيكاسو: كلّ انسان يُولد رساما ولكنّ طريقة التربية تسلب بعض الناس مواهبهم.
لا يوجد أحد فينا إلا وخلعوا اُذنيه ودماغه، ولذلك لا أحد فينا يعرف كيف يرسم ولا أحد فينا يعرف كيف يكتب شعرا!
برمجهم محمد على أن يأكلوا بيمينهم، فويل لمن يكتب بيساره!
لقد أدمنوا العنف، ومن كان طفله يكتب بيمينه سيجد سببا آخر كي يخلع له اُذنيه ويقتل بالتالي إبداعه!
لا إبداع مع البرمجة، ولا يمكن لأيّ إنسان أن يأتي بجديد إلاّ عندما يتجاوز برمجته، ويصل إلى استنتاجات جديدة تتعارض مع برمجة اللاوعي عنده.
لا يستطيع إنسان أن يغيّر واقعا مالم يتمرد عليه، فهل يتمرد المسلم يوما على واقعه، فيخلع جبّة نبيه كي يستطيع أن يغيّر ذلك الواقع المهين؟
*********
عزيزي القارئ: أرجو أن تضغط على الرابط أدناه كي ترى كيف برمج الإسلام أتباعه وكيف يبدعون على الطريقة الإسلامية…إنه لمن المحزن جدا!
http://www.youtube.com/watch?v=ei_BA1Bsinc

Posted in الأدب والفن, فكر حر | Leave a comment

نبيّك هو أنت.. لا تعش داخل جبّته! (8)؟

وفاء سلطان

عندما قررنا أن نشتري بيتا جديدا بدأت عملية البحث. كلّما ذهبت لأرى بيتا معروضا للبيع كنت أصطحب أولادي معي رغم صغر سنهم في ذلك الوقت، فأراقب مشاعرهم عند دخول البيت، وأراعي تلك المشاعر عند إتخاذ قراري.
توقفنا يوما لنرى بيتا يقع على زواية لتقاطع طريقين. المنظر الخارجي للبيت جميل جدا ناهيك عن جمال حديقته الأماميّة. لكن الذي أثار استغرابي اصرار ابنتي فرح، التي لم تكن تبلغ بعد عامها السادس، على أن البيت ليس جميلا ولا تريدني أن أدخل اليه.
لم استطع أن أجد تفسيرا لرفضها سوى أنّ أحد طلاب صفها الذين لاتحبهم يقطن في البيت المجاور ولا تريد أن تكون جارة له، فباص المدرسة يمرّ كلّ يوم من أمام ذلك البيت.
لم استسلم لتفسيري، ودفعني فضولي لأن أعرف السبب منها مباشرة. بعد اصراري قالت بعصبيّة: يبدو أنّك لاتلتزمين بنصيحة أصدقائك! هل نسيت مانصحتك به السيّدة جويس عندما حذرتك من شراء بيت على زاوية مفترق طرق؟!
ـ لا..لا أذكر!
ـ بإمكانك اذن أن تسأليها!
من هي جويس؟
جويس سيّدة أمريكيّة مسنّة تعرفت عليها في السنة الأولى بعد هجرتي إلى أمريكا وكانت يومها تسكن قبالتي. لم ترزق في حياتها أولادا فارتبطت بأولادي بعلاقة حميمة جدا وكانت تقضي معظم أوقاتها في بيتنا.
مشكلتها أنها لاتستطيع أن تتوقف عن الكلام حتى ولو لبرهة كي تستردّ انفاسها. عندما تزورني تثقب طبلة اذني بثرثرتها. لم أكن أصغي لمعظم ماتقوله ولذلك أثار استغرابي أن تلتقط فرح ماعجزت أنا عن التقاطه، وأثار تحفّطي أن تحاول فرح الإلتزام بما التقطته!!
……………..
زارتني صديقتي بعد أن دعوتها لتتناول معي وجبة الفطور. رفضت أن تأكل بيضا مسلوقا، وراحت تقصّ عليّ حكاية البيض!
– كنت طفلة ياوفاء ولم أكن أتجاوز الخامسة من عمري. كانت أمي تعد لنا دوما بيضا مسلوقا كطعام للفطور وكنت مغرمة بالبيض.
ذات يوم ركضت وأخوتي الأربعة باتجاه المائدة نتنافس على طبق البيض. قال أبي مازحا: أميرة لن تأكل بيضا اليوم فهي لاتحبّه وتقرف من رائحته!
رجعت بحركة لا إراديّة إلى الوراء وكانت آخر لحظة في حياتي أقترب فيها من طبق البيض. مجرّد رؤيته، منذ أن قال والدي ذلك، تُثير غثياني!
…………..
الإنسان يولد كالورقة البيضاء. في اللحظة التي تلي لحظة الولادة لا تكون تلك الورقة بنفس البياض الذي كانت عليه من قبل، وإنما تنعكس عليها أصوات وإهتزازات وحركات البيئة المحيطة بها.
هذا هو الأمر من لحظة إلى لحظة أخرى، فما بالك بالتأثيرات التي تتركها بيئة الإنسان عليه خلال حياته كلها.
لا شيء في حياته يمرّ دون أن يترك أثرا على تلك الورقة، وبالنتيجة يكون الإنسان ناتجا حتميّا لمجموع تلك التأثيرات التي تتركها بيئته.
كل ما ترسمه أو تسقطه على تلك الورقة ينطبع عليها. عندما ترسم عصفورا ينطبع عصفورا، وعندما ترسم زهرة تنطبع زهرة، وعندما تُسقط قنبلة ترتسم قنبلة، وفي النهاية تقوم بطرح الرسومات السلبية من الإيجابية فيكون الإنسان حاصل عملية الطرح تلك.
إذا غلبت السلبيات كان سلبيا وإذا غلبت الإيجابيات كان إيجابيا.
………………….
لا يمتلك الطفل في سنوات عمره الأولى قدرة على تصفية اللغة التي يسمعها ولا حتى على فهمها.
يحذر علماء السلوك واللغة الآباء والمربين من استخدام عبارات لغوية تحتمل تفسيرات سلبيّة لدى الطفل قد تسيء إلى شخصيته لاحقا.
أضرب مثلا:
عاد طفلك وفي يده ورقة إمتحان مادة الحساب وقد حصل على العلامة التامة، قد تربت على كتفه وتقول:
يا سلام! أنت الأفضل!
ثم تعود إلى قراءة صحيفة اليوم وأنت مرتاح لأنك شجعت ابنك على إنجازه، دون أن تدري الآثار السلبية للغة التي استخدمتها معه.
ما هي التفسيرات التي قد تحملها تلك العبارة المقتضبة إلى طفلك والتي قد تُسيء إليه دون قصدك.
قد يظن الطفل بأنه الأفضل في كل شيء طالما هو الأفضل في مادة الحساب. قد ينمو حبه للحساب على حساب كل شيء آخر. قد يهمل حسن سلوكه تجاه رفاقه ومعلميه فهو الأفضل لمجرد أنه حصل على العلامة التامة في مادة الحساب.
كان الأفضل أن تقول:
لقد أحسنت صنيعا في مادة الحساب هنيئا لك. أو أن تقول:
أحسنت، وأريدك أن تكون الأفضل في المواد الأخرى وفي سلوكك أيضا.
ربّما تنبه ابنك يوما وهو في طريقه إلى المدرسة: لا تتحدث إلى الغرباء، قد يؤذيك أحد منهم!
في تلك الحالة، قد يتلقى ابنك رسالة من تلك العبارة تختلف عمّا أردت أن تقوله، فتتولد لديه قناعة بأن كل إنسان غريب هو انسان شرير ويسعى لإيذاه. وقد تلعب تلك القناعة دورا في المستقبل، فتقف حائلا بينه وبين قدرته على إقامة علاقات اجتماعية طبيعية.
القضية هنا أخطر وأعمق من أن تشرحها بعبارة واحدة. موقف الطفل من الغرباء يجب أن يكون موضوعا لحديث كامل وشامل يأخذ المزيد من الوقت ويبدأ في لحظة صفاء تقضيها مع طفلك.
كان الأحرى بك أن تشرح لإبنك مخاطر التحدث مع اناس لا يعرفهم بطريقة أكثر إسهابا ووضوحا كأن تقول:
“الناس، يابنيّ، أشكال وألوان معظهم خلوق وجيد ولا يضمر لك شرا، ولكن قلة منهم تصبح منحرفة وقد تضمر شرا وخصوصا للأطفال في مثل سنك غير القادرين على مقاومتهم. لذلك أريد أن تأخذ حذرك فلا تتحدث مع انسان لا تعرفه. عندما تكبر ستكون قادرا على التعرف على الناس وتقييمهم ومعرفة أخيارهم من أشرارهم”
بتلك الطريقة تكون قد أعطيت الموضوع حقه وأغلقت باب الإحتمال أمام تفسيرات سلبية قد تؤثر على الوضع الإجتماعي والعملي للطفل في المستقبل.
تذكّر دائما بأن التربية هي علمية خلق انسان سليم عاقل متوازن منضبط ليساهم في المستقبل بخلق مجمتع إنساني متحضر منتج وخلوق. وكل عبارة تقولها في سياق ذلك تترك أثارا قد لا تكون من جملة مقاصدك!
كلمة تربية توازيها عادة في الإنكليزي discipline وتلك الكلمة تعني أكثر ما تعني الإنضباط أو ضبط النفس. فالغاية من التربية هي تعليم، ولاحقا تمكين، الطفل من ضبط سلوكه وعواطفه بطريقة مقبولة إجتماعيا وخلوقة.
اللغة هي الوسيلة الأهم، إن لم تكن الوحيدة، للقيام بتلك المهمة. ولذلك يجب أن نكون حذرين جدا من التفسيرات السلبية التي يمكن أن يتوصل اليه الطفل من خلال عباراتنا، وخصوصا أن فهمه للغة محدود ولا يجيد استشفاف المعنى المقصود من ورائها.
العلاقة بين المربي والطفل تشبه إلى حدّ بعيد علاقة الإنسان بخالقه. هي علاقة تهدف في معظمها إلى تقويم سلوك الإنسان ومساعدته على ضبط نفسه.
واللغة أيضا هي الوسيلة الوحيدة لتجسيد تلك العلاقة والوصول إلى مقاصدها الحقيقة.
لكن الفرق بين الخالق ومخلوقه أكبر بكثير من الفرق بين الطفل ووالده، هذا إذا استطعنا إجراء تلك المقارنة. فالمسافة بين الخالق ومخلوقه هي مسافة كونية غير محسوسة وغير قابلة للإدراك. ولذلك يُفترض أن تكون رسالة الخالق سليمة وأبسط وأكثر وضوحا، ولا تحمل تفسيرات سلبية قد تسيء إلى الغاية من تلك العلاقة.
إذا كان الله موجودا فالمفروض أن يكون عالما بطبيعة مخلوقه وامكانياته وتركيبته البيولوجية الجسدية والنفسية، ولذلك لا مجال هنا لأن يخطئ في إرسال رسالة غامضة وقابلة لأكثر من تفسير كي لا يُسقطه في مغبطة التفسيرات السلبية التي تسيء أكثر مما تُحسن.
أغوص كلّ يوم في عمق ما يٌكتب عن الإسلام والمسلمين، وتكاد تكون رسالة من يدافع عن الإسلام واحدة وهي التي تقول: الخلل في المسلمين وليس في الإسلام فلقد أساء بعضهم تفسير التعاليم الإسلامية بالإضافة إلى أنّ الغرب يسعى لتدمير الإسلام والإساءة إلى صورته.
لا تستطيع أن تسيء إلى صورة لا تحتمل التفسيرات السلبية. فالخلل دوما في الرسالة التي تحتمل التفسيرات السلبية وليس فقط في المفسّر نفسه.
ليس الخلل في أن طفلك قد أساء فهم عبارتك “لا تتكلم مع الغرباء” فخرج إلى الحياة فاشلا في إقامة علاقة إجتماعية سليمة ومتوازنة، ولكن الخلل في العبارة ذاتها لأنها ليست واضحة وليست كاملة وتحتمل أكثر من تفسير خصوصا ومقدرة الطفل اللغوية غير كافية لإستشفاف الغاية من ورائها.
………………..
ممتاز رجل مسلم من جنوب مقاطعة زابول في افغانستان( اقرأ القصة كاملة في اللينيك أدناه) حلق شعر زوجته البالغة من العمر 17 والتي يكبرها بـ 17 سنة “عالصفر”، ثم قطع أنفها واذنيها وظل يضربها حتى كسر أسنانها ويديها ورجليها.
قائد شرطة المقاطعة الجنرال محمد يعقوب خان اعترف بالحادثة وصرّح بأن رجال شرطته مازالوا يبحثون عن الجاني.
صرحت الضحية بأن زوجها يشك في سلوكها وقد أقسمت له أكثر من مرّة بأنها لم تخنه، لكنه لم يصدقها. قبيل عيد الأضحى بعدة أيام حلق شعرها وصبيحة العيد قطع أنفها واذنيها وكسر أسنانها ويديها ورجليها.
عند سماع تلك القصة يدّعي معظم المسلمين كالعادة بأنه لا علاقة لما حدث بالتعاليم الإسلامية فالإسلام “كرّم” المرأة وأعطاها مالم يعطها أي دين آخر!
لنقرأ معا الآية التي تقول:
وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا.
لنمعن قليلا في كلمة “تخافون” ولنتساءل ماهو “الخوف”. الخوف، ومن وجهة نظر علم النفس والسلوك، هو إحساس عاطفي غير مريح يثيره توقعك لحدث غير مريح.
في أغلب حالات الخوف يكون مصدر الخوف وهمي ولا وجود له. لذلك يجب أن لا نبي قرارتنا على مجرد إحساسنا بالخوف، ولكن بعد أن نتأكد من حقيقة المصدر الذي يثير مخاوفنا.
سمعت خبطا على بابك ورأيت رجلا ورائه، تتوقع منه شرا وتخاف من توقعاتك، هل هذا يبرر أن تسحب مسدسك وتخرطه رصاصة؟!! قد يكون أحد جيرانك الذين لا تعرفهم وقد وقع في أزمة ويحتاج إلى مساعدتك!
بعض الناس يتعرضون لإضرابات نفسية يكون أهم أعراضها إصابة هؤلاء الناس بما delusional thinking التفكير الوهمي. يتبنون أفكار لا أساس لها من الصحة ويتصرفون بناء على تلك الأفكار.
صادفت في حياتي مرضى يخافون من أمور بطريقة غريبة للغاية، بعضهم يخاف من قصاصات الورق ولا يستطيع أن يدخل غرفة إذا رأوا في إحدى زواياها قصاصة ورقية، وصادفت امرأة تخاف من الناس الذي يملكون شعرا أحمر. لنفرض أن هذه المرأة معلمة في صف، هل يكفي خوفها من الشعر الأحمر لطرد أي طفل يملك شعرا أحمر من صفها، أم تحتاج إلى علاج نفسي يُقنعها بأنه لا أساس لمخاوفها من صحة.
أقسمت لي سيدة مسلمة بأنها كانت مرّة تفرشي أسنانها في الحمام وهي تنظر في المرآة، يبدو أنها تذكرت حدثا ما فابتسمت لصورتها. رآها زوجها فراح يركض إلى الفناء الخلفي للدار علّه يعثر على الرجل الذي “يزني” مع زوجته. وظل يضربها على رأسها كي تعترف بأنها كانت تتحدث مع أحد من طاقة الحمام الصغيرة حتى اُغمي عليها.
أليس هذا الرجل مريض؟ هل مخاوفه الوهمية تكفي لإتخاذ قراره بضرب زوجته؟
هل مجرد خوف الرجل، أي رجل وبغض النظر عن سلامته العقلية والنفسية، من نشوز زوجته يسمح له بإتخاذ قراره بناء على ذلك الخوف؟
لماذا لم تقل الآية: المرأة التي نشزت أو التي تدل تصرفاتها على أنها ليست سوية؟!
أليس من العدل أن نتأكد من سوء تصرف امرأة قبل أن نعاقبها على ذلك السلوك؟ هل يكفي أن نثق بمخاوف الرجل كي نبرر له ضرب زوجته، هذا إذا غضننا النظر عن وحشية ذلك العقاب؟!!
المسلمون وفي غلالة أنفسهم يعرفون إنه حكم غير عادل، ولذلك تراهم عندما يترجمون تلك الآية إلى الإنكليزية يلحقون كلمة و ـاضربوهن ـ بكلمة خفيفا، كي يخففوا من وقع تلك العبارة في نفوس قرّاء الإنكليزية، والذين أغلبهم من دول حضارية تعتبر ذلك الحكم إجراما سواء كان مبرحا أم خفيفا!
ولا أدري لماذا شفق المترجم على المرأة الإنكليزية ولم يشفق إلهه على المرأة العربية؟!!
إن محاولة تخفيف حدة الحكم الوارد في تلك الآية عند ترجمتها لهو خير برهان على أن بعض الناس لا يستطيعون أن يتجاوزا عذاب ضميرهم، وليست تلك المحاولة إلاّ للتخفيف من عذاب ذلك الضمير!
هل كان ذلك الإله عاجزا عن أن يقول ضربا خفيفا، كي يفوت على رجل مسلم أن يضرب امرأة حتى يكسر أسنانها ويديها ورجليها؟!!
ثم هل هناك ضرب مبرح وضرب خفيف؟!!
هل هذه رسالة واضحة لا تحتمل تفسيرات سلبية؟!!
هل الخلل في الرسالة نفسها أم في الرجل الذي أساء تفسيرها؟!!
الرجل الأفغاني ممتاز، طبعا هو ممتاز على الطريقة الإسلامية!، جدع أنف زوجته الطفلة وأذنيها وكسر أسنانها ويديها ورجليها بناء على هلوساته التي صورت لها تلك الطفلة وهي تخونه مع “طفل” آخر!
……………..
الغرب، يا سادة، لا يسعى لتدمير الإسلام، بل الإسلام نفسه يسعى لتدمير نفسه. لأن لغة مبهمة قاسية سلبية كتلك التي بُني عليها الإسلام لا يمكن أن تستمر في عصر صارت علومه أوضح من شمس سمائه!
الغرب، ياسادة، لا يسعى لتدمير الإسلام، بل للحفاظ عليه!
للغرب مصالح في البلدان الإسلامية، تلك حقيقة لا أحد يستطيع إنكارها، والحفاظ على الإسلام هو الطريقة الوحيدة التي تضمن للغرب مصالحه.
لا تستطيع أن تسيطر على أمة إلا إذا “جحشتها”، وأقصر طريق لتجحيش أي أمة هو أن تغرقها في هوسها الديني.
……………………
فاضل شاب في مقتبل العمر من إحدى دول المغرب العربي، حمل مرّة إحدى مقالاتي وتوجه إلى شيخ قريته قائلا له: أرجوك يا سيدي الشيخ أن تساعدني كي أفنّد ما قالته تلك السيدة يبدو أنها تعي ما تقول. لم يكد صاحبنا الشيخ رضي الله عنه ينهي قراءة بضعة أسطر حتى صرخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، إياك يا بنيّ وتلك المرأة الفاسقة الفاجرة المأجورة من الغرب، لعنة الله عليها إنها مسكونة بالشياطين!
وهكذا حتى أنهى فاتحته التي أدمن اجترارها منذ أربعة عشر قرنا.
للأسف، لم يستطع رفاقنا من “أهل الكافيار” أن يتجاوزوا في ردودهم عليّ غباء وجهل ونفاق ذلك الشيخ.
يقول فيكتور هيجو: بإمكانك أن تقاوم جيشا من الغزاة، لكنّك لا تستطيع أن تقاوم فكرة ولدت في اللحظة المناسبة.
ولذلك لا تهمّني ردودهم، ما يهمّني:
لقد دخل فاضل وكر الشيخ مفقودا وخرج منه مولودا!
وتلك هي غايتي!
……………….
أرجو النقر على الرابط الذي يغطي الجريمة التي ارتكبها رجل مسلم أفغاني بحقّ زوجته. من لا يستطيع قراءة الإنكليزية يكفيه أن يتفرج على صور الضحيّة الطفلة نازيا.
http://www.groundreport.com/article.php?articleID=2851482

Posted in الأدب والفن, فكر حر | Leave a comment

ليس اطرف من الصرف الصحي في العراق

محمد الرديني

2012 / 8 / 25

جاءني ابو الطيب امس وهو”خربان” ضحك ليقول لي:لقد وصلني امس ايميل من شركة امريكية متخصصة بالصرف الصحي.
واكمل:يقول الايميل مانصه،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كل عام وأنتم بخير، يهديكم المركز الامريكي للبحوث أرق وأطيب تحياته ويتمنى لكم مزيدآ من التقدم والرقي ويسعده إعلامكم عن :-
) أحدث المراجع العلمية فى مجال الصرف الصحي (
مرفق ملف به التفاصيل
مــع التقديــــر
مسؤولة البحوث
رنيـم الحسينــي.
قلت له ، ربما حسبوك مختصا بالمجاري او مرشحا لوزارة الصحة في الانتخابات العراقية المقبلة.
سألني بشك: هل تعتقد ذلك؟.
اجبت: ربما
وحسبته يتساءل، لماذا لم يرسلوا هذا الايميل الى وزير الصحة العراقي فهو الاجدر بقرائته، ولكن ربما وضع على ايميله عبارة”سري للغاية”.. مسكين هذا العراق فعمر ازمة المجاري فيه بعمر ولادته منذ عشرينات القرن الماضي.
ايقظني صوته وهو يقول: يذكرني هذا الايميل بسنوات بغداد العجاف حين كان طفح المجاري من المناظر المألوفة والناس اعتادت ان تعبر الشوارع كما يعبر بقية الخلق نهر البندقية الايطالي.
قلت: أتذكر في سنة مرت على بغداد حين ارادت استضافة مؤتمر عدم الانحياز،وكان من ضمن الاستعدادات التخلص من طفح المجاري اذ ليس من المعقول ان يرى الضيوف وهم من علية القوم مياه المجاري وهي تنساب مختالة في الشوارع العامة، وهكذا كان،ولم يعد يعرف احد بعد ذلك اليوم كيف استطاعت امانة العاصمة ،وليس المحافظة،ان تتخلص من طفح المجاري بين يوم او ليلة وضحاها.
في تلك الايام بدت الشوارع وكأنها مغسولة بماء الورد بينما بدت فتحات المجاري في الشوارع العامة وكأن الماء لم يمسسها ابدا.
وتساءل الناس في حينها ،كيف امكن التخلص من المجاري بهذه السهولة؟ ولماذا لم تبادر امانة العاصمة بالتخلص من هذه المياه حفاظا على صحة وارواح الناس قبل ذلك؟هل ياترى حياة الضيوف اغلى من حياة هذا الشعب الغلبان؟.
الشعب العراقي شخصية واحدة تتمثل في حاتم الطائي..هذا الرجل الذي يهمه استعراض مآثره بين الناس فقط.. هذا الرجل الذي قيل في التراث انه ذبح حصانه لضيفه لأنه لم يجد مايطعمه به غيره،وظل الطائي بعد ذلك بلا حصان، يتنقل عبر الصحراء من مكان لآخر مشيا على الاقدام ولأنه كان ينتعل خفا خفيفا فقد تقرحت قدماه ولم يجد غير تراب الصحراء الحار يرشه عليهما عسى ولعل ان يخف الألم ولكن هيهات فحسرة الحصان الذي ضاع لن تعادلها اي حسرة..وتمنى لو عاش في هذا العصر فيمكنه على الاقل ان يحتفظ ببقية لحمه في ثلاجة ربما تكون وستنكهاوس الامريكية ويمكنه بعد ذلك ان يأكل من لحم الحصان شهورا بلياليها .. هل كان هذا الطائي راغبا ان يخلده التاريخ بهذا الكرم رغم انه كرم لامحل له من الاعراب؟لا أحد يعلم ،ولكن الذين خلدوه اولئك الذين وضعوا اسمه في المناهج العربية لطلاب مدارس المرحلة المتوسطة في العراق ولا ندري ماهي الغاية من اشاعة هذا الكرم الغبي بين الطلاب المراهقين غير استعراض العضلات.
ماعلينا..
وحين لم يكتب لمؤتمر عدم الانحياز ان ينعقد في بغداد عادت مياه المجاري تنساب مختالة في الشوارع العامة ويقال ان عددا من الحشاشين شاهد احد اكبر نهر للمجاري في شارع الرشيد يرفع يديه محييا الجماهير المارة بالقرب منه ضاحكا وكأنه يقول”على عناد الانحياز وقمته وقادته”.

Posted in فكر حر | Leave a comment