عصام العريان يطمئن أولياء نعمته

عصام العريان يطمئن أولياء نعمته من امراء الخليج

طلال عبدالله الخوري 11\9\2012

Posted in ربيع سوريا, كاريكاتور | Leave a comment

ويل لأمة

ويل لأمة

Posted in فكر حر | Leave a comment

وفاء سلطان \عمر بكري

Posted in فكر حر | Leave a comment

الدكتورة وفاء سلطان / ذكرى 11أيلول 2001

Posted in فكر حر | Leave a comment

وفاء سلطان \ نكاح الوداع

وفاء سلطان \ نكاح الوداع
wafasultan2015

Posted in فكر حر, يوتيوب | Leave a comment

الغراب والشمس

هناء شني

حلم مخبئ في صندوق خشبي
غاطس في الأغبرة
متربّع تحت سرير
عاث عليه الزمان

عند بزوغ الفجر ينفض غبار الرقاد
عن كل شبر من خطوطه المزخرفة
وينتصب أمام نافذة الغرفة
يحدّق ,,من وراء زجاج النافذه
ويصدر صوتا يشبه الانين
يملأ مسمعه نعيق غراب بغيض
مستمتع بخيوط الشمس الذهبية
يحول الصندوق أهتمامه الى قعر جوفه
يسمع شخير الحلم المغفّل
يتسرب الى خشبه,, رعشة مباغتة
ينقّض على الحلم الكسول الذي قصم ظهره ,
ويشعل النيران فيه
تدور به جدران الغرفة..
مُغفّل….!

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

وزير للقبض والإسهال

محمد الرديني

لدينا في العراق اخبار جديدة كل يوم… انها تثلج الصدر.. وتزيل الغصات وتحول كل الآم اللطم والنواح والبكاء على الماضي التليد ( شنو تليد؟؟) الى فرحة زفاف يمكن ان يطلق على حاضريها النار من شرطة الفلوجة.
اخر النكات التي سمعها وزير التربية والتعليم العراقي قبل ساعات قليلة ان أجداد العراقيين هم اول من اكتشفوا الكتابة.. ضحك طويلا حتى انه أراد ان يتعلم اللغة المسمارية بعد ان أوعز لمدير مكتبه لشراء مسمار 5 انج هيفاء القوام ( يعني رفيع).
وحتى يثبت صاحبنا انه ( اخو خيته) صرح احد المقربين منه امس ان هناك ٦ ملايين أمي في العراق وهو دليل قوي على ان التاريخ كذاب وابن ستين كذاب.
اقسم لكم أني سأسجل اسمي (كنصير) في حزب الدعوة او مؤيد في التيار الصدري او موزع شاي في حزب الفضيلة ولكن هذا لا يعني أني افكر بالانضمام الى جماعة الصرخي فليس من عادتي استعمال العبوات البلاستيكية بدلا من الحوار.
لماذا اريد ذلك؟
حالما يقول لي وزير التربية والتعليم انه اما بنى مدرسة واحدة او زار مدرسة واحدة او استمع الى ضيم مدير مدرسة واحدة.
من ضمن اسئلة البكالوريا:
كم عدد المتسربين من الكلاب سنويا؟
كم الشحاذين من الطلاب في محافظات القطر العراقي؟.
كم نسبة الرسوب في امتحانات المرحلة الابتدائية؟.
كم عدد خريجي المرحلة الثانوية الذين يذرعون الشوارع جيئة وذهابا؟.
كم عدد اليتامى المحرومون من التعليم؟.
كم عدد الفلاحين الذين تعصرهم الأمية بحيث ظلوا في مكانهم منذ اكثر من نصف قرن؟.
كم…؟ هذا السؤال ترك.
ستقول ان هذا العدد لا تتحمله وزارة التربية الحالية ولسنا مسؤولون عنه بل انه من أخطاء السلطات السابقة.
هذا صحيح تماماً سيدي الوزير ولكن نسيت نقطة في غاية الأهمية بل ومن الخطورة بمكان …صحيح ان الأنظمة السابقة لم تول هذا الامر الاهتمام فقد كانت السلطات مشغولة بتثبيت أركان حكمها ولكن الامر لم يكن كذلك بالنسبة لكم فانتم جئتم عن طريق الانتخابات ثم ان السلطة الان بزعامة حزب الدعوة وهو اكبر قوة شيعية تخّرج منه مئات الفقهاء والشعراء والفنانين وقائدي الثورات والانتفاضات ولهذا كان من جل اهتمامات هذا الحزب نشر التعليم وإنارة العقول .
هل تريدني ان أزيد رغم أني لا احب ذلك ولكن لاباس من السؤال وهو،اقسم لك انه ليس استفزازيا،هل حسبت كم يكلف منصبك ميزانية الدولة (الراتب والمخصصات والأسفار ورجال الحماية والتأثيث السنوي للسكن ومخصصات الخادمة او الخادم مع مخصصات الايفادات الاخرى ,..وغيرها ؟
لا ادري كم يصل الرقم ولكنه يقترب من نصف المليون دولار شهريا وهو رقم ليس متواضعا لوزير تربوي لا يفعل شيئا سوى استلام الراتب اخر الشهر.
لاتحرض عليّ مدير العلاقات العامة في وزارتك لانه سيردح بل ويلطم غير كاظم غرضه رافعا عقيرته ليسطرنا بأغاني الانجازات التي حققتها الوزارة خلال هذه السنوات .
نعم فلدى صاحبنا سلة مليئه بالتهم الجاهزة ولكنه يشعر بالألم لانه سلته خالية من المادة ٤ إرهاب .
ليقل لي صاحبنا هل زار احدى مدارس الطين في بلد يطفو على الذهب الاسود وهل يعرف كم مدرسة يحتاج ريف العراق فقط؟. وهل اقنع وزيره بعدم لجوء المدرسين الى تعليم الصلاة للطلاب على مذهب واحد لاغير وفرضها فرضا عليهم.
وهل تريدون من العراقيين ان يكونوا نسخة واحدة فقط بحيث اذا خاطبتم احدهم كأنكم تخاطبون
كل الشعب العراقي؟.
ولاني بطران وقد اصل الى مرحلة غبية منه فاني اسأل دائماً وبشكل غبي أيضاً… كيف يمكن لمسؤول يتقاضى هذا الراتب وعليه مسؤولية تربية أجيال ومحو أمية رجال ونساء .. اقول كيف يمكن له ان ينام الليل او كيف يتجرا ويذهب للصلاة في يوم الجمعة ويستمع قبلها الى امام الجامع وهو يخطب بالقوم داعيا لهم باتباع سنة الرسول وخلفائه الراشدين؟.
فاصل غير اخلاقي : كشف مؤخراً عن صفقة تم الاتفاق عليها في فينا حول طبع الهويات العراقية (الجنسية وشهادة الجنسية) والتي طالت المصادقة عليها لسنين عدة والبالغة قيمتها (400) مليون دولار .
حيث تم الاتفاق عليها في فينا وبحضور ومشاركة بعض العناصر البعثية ، والمثير للأستغراب من موافقة رئيس الوزراء وصادق عليها حيث تم تحويل المبلغ في 17/6 ، مطالبا بايقاف هذه السرقة واتخاذ الاجراءات اللازمة لاعادة المبالغ الكبيرة التي هي من خزينة الدولة والشعب(المصدر وكالة انباء براثا التي ارفقت الاسماء الصريحة للمشتركين في هذه العملية) .

Posted in الأدب والفن, فكر حر | Leave a comment

الفكر الإسلامي بين الانتقائية والتحايل والسذاجة 7: محمد الغزالي نموذجا

 عبد القادر أنيس

أواصل في هذه المقالة السابعة قراءة كتاب محمد الغزالي (حقوق الإنسان بين تعاليم الإسلام وإعلان الأمم المتحدة).
تتناول هذه الحلقة فصل: “الحرية الدينية” في الإسلام من وجهة نظر الغزالي. (ص 60).
يستهل الكاتب هذا الفصل بقوله: “الإيمان الصحيح المقبول يجيء وليد يقظة عقلية واقتناع قلبي، إنه استبانة الإنسان العاقل للحق، ثم اعتناقه عن رضا ورغبة”.
وبما أن الغزالي يحصر في كتابه هذا مفهوم الدين الصحيح في الإسلام ومفهوم الإنسان المؤمن في
المسلم فقط دون سائر معتنقي الأديان (السماوية) الأخرى، ولا مكان للوثني (الهندوسي والبوذي مثلا) وغير المؤمن بدين في عالم الغزالي. هذا الموقف يجعله يتبنى تمييزا حقيقيا لا صلة له بحقوق الإنسان كما صاغتها الحضارة الحديثة، بل يتناقض معها تماما من حيث ضيق الأفق الذي يجعله يجرد غير المسلمين من “الإيمان الصحيح المقبول” ومن “اليقظة العقلية والاقتناع القلبي”. أما المسلمون الذين هم مسلمون بالوراثة فلا ينطبق عليهم هذا القول لأنه لا يحق لهم الخروج عن الإسلام ولو كان هذا هو رضاهم وكانت هذه هي رغبتهم في ذلك، وهذا ما سأتطرق له في الموضوع اللاحق عندما أتناول موقف الغزالي من الارتداد.
نفهم هذا من قوله “وقد عرض الإسلام نفسه على الناس في دائرة هذا المعنى المحدد غير متجاوز له في قليل أو كثير”. ليقول: “قصاراه أن يوضح مبادئه وأن يمكن الآخرين من الوقوف عليها، فإذا شاءوا دخلوها راشدين، وإذا شاءوا تركوها وافرين”.
ويدعم هذا الزعم بآية: “وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر”، ويختم هذه المحاججة بقوله: “إن الحرية الدينية في أرحب مفاهيمها هي التي حددت وظيفة صاحب الرسالة!.
بهذا الكلام يعبر الشيخ الغزالي عن مدى ما يعانيه الفكر الإسلامي المعاصر من بؤس وتهافت بالإضافة إلى الانتقائية والتحايل والسذاجة.
قبل تفكيك هذا الكلام أحب أن أشير إلى حقيقة منطقية تجاهلها الشيخ وهي أنه من الناحية الدينية، فإن العبد لله بالمفهوم الديني الإسلامي ليس له أدنى حرية اختيار بين الإيمان والكفر. مصيره واضح بنصوص الدين: “ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين”. ولو أن إله هذا الدين وعد المؤمنين بالجنة وحرم الكافرين منها ووعدهم مقابل كفرهم بالفناء كما هو حال الهندوسية والبوذية لهان الأمر. أما أن يخيّر الناس بين الجنة والنار فلا يمكن أن نسمي ذلك حرية اختيار. التخويف والوعيد والترهيب لا يترك مجالا لأية حرية دينية، أما من الناحية العملية فإن مقولة “من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر”، لم تصمد في فكر وسلوك مؤسس الإسلام أمام إغراءات القوة والسلطة بعد أن تمكن منهما في المدينة يثرب، وأغلب الظن أنها قيلت عندما كان مؤسس هذا الدين الجديد ضعيفا يرجو أن يُمَكَّن في مكة اللبرالية من مساحة من الحرية لبث أفكاره، ليس إلا. ومع ذلك فإن الغزالي قد حذف بقية الآية وهي هكذا: “وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا”.
فأين الحرية الدينية في هذه الآية إذا كان مصير الظالمين أي الكفار كل هذا الترهيب ” نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا”؟
الواقع الذي يعرفه كل دارس لتاريخ الإسلام هو شيء آخر يكذب قول الغزالي: “قصاراه أن يوضح مبادئه وأن يمكن الآخرين من الوقوف عليها، فإذا شاءوا دخلوها راشدين، وإذا شاءوا تركوها وافرين”.
الغزوات التي شنها العرب المسلمون على جيرانهم وجيران جيرانهم وجيران جيران جيرانهم حتى امتدت الأراضي المحتلة ما بين نهر الغانج في الهند ونهر التاج في أسبانيا حسب قول الغزالي نفسه، لم تكن تقتصر على (توضيح المبادئ لتمكين الآخرين من الوقوف عليها)، ولا كان أمامهم الخيار الذي زعمه الغزالي “فإذا شاءوا دخلوها راشدين وإذا شاءوا تركوها وافرين”. بل كان الناس قد وجدوا على حدودهم، بعد إنذار كله تهديد ووعيد (أسلم تسلم)، وفي غالب الأحيان بدون إنذار، جيوشا تضع الناس أمام خيارين لا ثالث لهما: بين قبول الاستعمار الإسلامي ضمن وضعية أشبه بالعبودية يدفعون الخراج والجزية وهم صاغرون (يعني أذلاء مطأطئي الرؤوس)، إذا رفضوا تغيير معتقداتهم وبين الحرب، وفي هذه الحالة الأخيرة فنحن نعرف والغزالي يعرف مصير الأراضي المفتوحة عنوة (أي بالسيف): فالأرض وما عليها ومن عليها مباحة لجيوش المسلمين تقتيلا واستعبادا وسبيا، وفي أرحم الظروف بعد هزيمة المغزوين كان المسلمون يبقون الناس على أراضيهم كخدم للمسلمين بشروط لا إنسانية حتى عندما يعتنق المهزومون الإسلام، تسببت في فتن وثورات دامية مثل ثورة القرامطة وثورة الزنج الذين ظلوا يجلبون من أفريقيا نحو أسواق النخاسة العربية طوال قرون. وقد سبق لي أن عرضت على القارئ نص العهدة العمرية، ولا بأس أن أعيد نشرها هنا، فالذكرى قد تنفع بعض المؤمنين:
(قال ابن تيمية رحمه الله عنها في كتابه القيّم “الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح.
وقد ذكرها أهل السير وغيرهم، فروى سفيان الثوري عن مسروق عن عبد الرحمن بن غنم قال كتبت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه حين صالح نصارى الشام وشرط عليهم فيه أن لا يحدثوا في مدينتهم ولا حولها ديرا ولا كنيسة ولا قلاية ولا صومعة راهب ولا يجددوا ما خرب ولا يمنعوا كنائسهم أن ينزلها أحد من المسلمين ثلاث ليال يطعمونهم ولا يؤووا جاسوسا ولا يكتموا غشا للمسلمين ولا يعلموا أولادهم القرآن ولا يظهروا شركا ولا يمنعوا ذوي قرابتهم من الإسلام إن أرادوه وأن يوقروا المسلمين وأن يقوموا لهم إذا أرادوا الجلوس ولا يتشبهوا بالمسلمين بشيء من لباسهم في قلنسوة ولا عمامة ولا نعلين ولا فرق شعر ولا يتسموا بأسماء المسلمين ولا يكتنوا بكناهم ولا يركبوا سرجا ولا يتقلدوا سيفا ولا يتخذوا شيئا من سلاح ولا ينقشوا خواتيمهم بالعربية ولا يبيعوا الخمور وأن يجذوا مقادم رؤوسهم وأن يلزموا زيهم حيث ما كانوا وأن يشدوا الزنانير ولا يجاوروا المسلمين بموتاهم ولا يضربوا بالناقوس إلا ضربا خفيفا ولا يرفعوا أصواتهم بالقراءة في كنائسهم في شيء من حضرة المسلمين ولا يخرجوا شعانين ولا يرفعوا مع موتاهم أصواتهم ولا يظهروا النيران معهم ولا يشتروا من الرقيق العبيد ما جرت عليه سهام المسلمين فإن خالفوا في شيء مما شرطوه فلا ذمة لهم وقد حل للمسلمين منهم ما يحل من أهل المعاندة والشقاق” فوافق عمر عليها).
فكيف نفهم في ظل هذا الكلام قول الغزالي: “وإن شاءوا تركوها وافرين”؟ وما مفهومه للفظة “وافرين”؟؟
أما إذا تعرفنا على الشواهد من العيار الثقيل (القرآن) حول خرافة الحرية الدينية التي زعم الغزالي أنها موجودة في دينه، فسوف ندرك مدى الانتقائية والتحايل والسذاجة التي هي مميزات الخطاب الغزالوي والإسلاموي عموما. فالقرآن نفسه يعج بالآيات التي تتناقض مع الحرية الدينية المزعومة التي يتحدث عنها وخاصة الآيات المشهورة بآيات السيف، والتي يقول البعض إنها نسخت مائتي آية من آيات القرآن منها آيات العفو والصفح والآيات التي جاء بها الغزالي في كتابه كدليل على الحرية الدينية في الإسلام.
وقد وجدت للقرضاوي صديق الغزالي نفس التبرير والانتقائية والتحايل. فهو، ردا عن سؤال: وماذا عن الفتوحات التي كانت في خلافة الراشدين، ما الذي جعل الصحابة عليهم رضوان الله يخرجون من جزيرة العرب، أليس في هذا نوع من بسط القوة والنفوذ؟
http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&pagename=Zone-Arabic-Shariah%2FSRALayout&cid=1251021449659
أجاب بكلام عجيب غريب ذكرني بقصة الذئب والخروف، قال: “هو عندما تقوم الدولة وتريد أن تمكن لنفسها، هناك ضرورات، ومن هذه الضرورات تأمين الدولة إذا كان جيرانك يهددونك، فلابد إما أن تعاهدهم أو تحاربهم، أما هذا الوضع المائع فغير ممكن، والرسول والمسلمون كانوا يرحبون بكل معاهدة، والنبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ بعدما دخل المدينة أقام اتفاقية بينه وبين اليهود، وهم الذين بدأوا بنقضها. وفي ذلك الوقت كانت هناك دولتان كبريان تتنازعان العالم، الفرس والروم، وهؤلاء رفضوا الدين الجديد، والروم قتلوا الدعاة، وكسرى مزق كتاب محمد، فكان لابد من هذا الصدام”.
فمن كان يهدد صحراء العرب في ذلك الحين؟ ثم لماذا يجب تخيير الأمم بين الحرب والمعاهدة؟ ثم من راسل ملوك (العجم) برسائل مغلفة بالتهديد، مثلما جاء في خطاب محمد لملك الروم: “أما بعد فإنى أدعوك بدعوة الإسلام أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين ، فإن توليت فعليك إثم جميع الآريسيِّين”.
ولملك الفرس: “فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة، لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين فأسلم تسلم، فإن أبيت فإن إثم المجوس عليك.”
إن آيات السيف التالية لا غموض فيها ولا يمكن للغزالي ولا لغيره الادعاء بحرية الدين أمام وضوح عنفها:
“إِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ”
“قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ.”
“يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ”
“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ.”

بالإضافة إلى أحاديث كثيرة أشهرها حديث السيف: “بعثت بالسيف بين يدي الساعة” وحديث: “‏ ‏أمرت أن أقاتل الناس حتى ‏ ‏يشهدوا ‏ ‏أن لا إله إلا الله وأن ‏ ‏محمدا ‏ ‏رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك ‏ ‏عصموا ‏ ‏مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله “.‏
فكيف يستقيم كل هذا الموروث الإسلامي قرآنا وسنة وتاريخا مع تحايل وخداع الشيخ الغزالي وهو يقول: “قصاراه أن يوضح مبادئه وأن يمكن الآخرين من الوقوف عليها، فإذا شاءوا دخلوها راشدين، وإذا شاؤوا تركوها وافرين”.
فماذا يعني الشيخ بـ “أن يُمَكِّن الآخرين من الوقوف عليه”؟ التاريخ يخبرنا أن قريش كانت أكثر تسامحا من محمد ومكنته من التبشير بدينه مدة 13 سنة رغم أنه كان يسب آلهتها ويسخر منها، أما المسلمون بقيادة محمد فقد شكلوا جيوشا لاحتلال البلدان والتمكين لدينهم، وليتهم توقفوا عند هذا الحد. لقد تحولت الغزوات التي ظاهرها نشر الإسلام إلى غزو للاحتلال والاسترقاق والسبي والاستعمار والاستيطان. طبعا يجب أن نعترف أن كل الشعوب كانت تتصرف هكذا تجاه بعضها، أما أن يأتي الإسلاميون اليوم ويوهمونا أن أسلافهم المسلمين كانوا رحمة للعالمين ويجب أن يكونوا قدوة لنا الآن وينتقون لنا نُتَفًا من تراثهم وسيرة سلفهم لاستغفالنا حتى نجعلهم علينا أئمة، فهذا مرفوض.
وقوله: “إن الحرية الدينية في أرحب مفاهيمها هي التي حددت وظيفة صاحب الرسالة !.
ثم يتساءل: “ما وظيفة صاحب رسالة يحترم هذه الحرية ويبني عليها سياسته؟” ويجيب مباشرة بكلام أغرب إن لم يكن أكذب مما سبق: “إنها لا تعدو الشرح والبيان واستخدام القلم واللسان في تحبيب دينه للناس وترغيبهم في قبوله”. تماما مثلما فعل الشيخ الغزالي وإرهابيوه مع فرج فوده !!!
فهل إن الشيخ عندما وقف أمام المحكمة كشاهد وأفتى بجواز قتل فرج فوده كان يجهل هذه الآية “من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر؟
طبعا لا، وإنما كانت شهادته مصداقا لمذهبه الأصولي التكفيري ضد الخصوم مهما كانوا.
ثم بعد هذا يواصل الشيخ سرد مزاعم عن دينه لا تستقيم أبدا، كأن يقول: “والقارئ اللبيب يري أن الكتاب العزيز قد تناول المعارضين له والكافرين به بأساليب شتى، ليس من بينها قط إرغام أحد على قبول الإسلام وهو عنه صاد، كل ما ينشده الإسلام أن يعامَل في حدود النصفة والقسط، وألا تدخل عوامل الإرهاب في صرف امرئ انشرح صدره به”.
هكذا يحول الشيخ الضحية إلى مجرم والمجرم إلى ضحية. فحسبه من حق المسيحي أو اليهودي أو البوذي مثلا أن يتخلى عن دينه ويعتنق الإسلام، ومن يعترض طريقه هو إرهابي، أما أن يحاول المسلم ترك دينه ليعتنق دينا آخر أو لا يعتنق أي دين فهو مرتد مصيره القتل شرعا ولا يسمى هذا إرهابا. فأي نصفة (إنصاف) وقسط في هذا الموقف يا شيخ؟
لكن الشيخ الغزالي غير معني بالمنطق الذي يخلو منه كلامه، لأنه ببساطة ظل يصول ويجول في عالمنا الإسلامي ولا يجد من يعترض على أغاليطه بسبب ما يفرضه أتباعه مدعومين بحكومات الاستبداد من قمع على الحريات، وإذا حدث العكس وتحلّى أحد المثقفين بالشجاعة وعبر عن رأيه بلا نفاق فمصير فرج فوده في الانتظار.
مقابل آيات الترهيب والدعوة إلى القتل والقتال والجهاد التي وردت في سورة التوبة بوصفها من بين آخر السور والتي نسخت ما قبلها، يأتينا الغزالي بآيات مثل: “لكم دينكم ولي دين” ومثل “لي عملي ولكم عملكم”، وهي آيات تجاوزها الفكر الإسلامي المدني بعد أن اشتد ساعده وقويت شوكته.
ومع ذلك يقول الغزالي: “هذه الكلمات وأمثالها مما تردد في صدر الإسلام هي التي ظلت تتردد في أواخر العهد المدني ويخاطب بها كل إنسان”.
وشخصيا لا أعتقد أن الغزالي يجهل أن كلامه هذا غير صحيح كون أن الخطاب الإسلامي في فجر الإسلام وفي صدره اختلف تماما عن الخطاب الذي صار يقال في العهد المدني ولهذا وبسرعة البرق نسيه الغزالي وعاد إلى طبيعته الحقيقية ليقول كلاما آخر مغلفا بالتهديد والترهيب:
“كن مسيحيا أو إسرائيليا ولكن لا تكن خصما للإسلام ونبيه وأتباعه تتمنى لهم الشر وتتربص بهم الدوائر… وإذا استفحل في نفسك الكره لهذا الدين فاحذر أن يتجاوز فؤادك إلى الحياة الخارجية عراكا مسلحا، وإلا فأنت الملوم”.
طبعا، وحسب الشيخ، من حق الإسلام والمسلمين أن يسفهوا معتقدات الآخرين كيفما ومتى يحلو لهم وينعتوها بالزيف والتحريف والوثنية والكفر وليس من حق معتنقي هذه الديانات الرد وإلا حولوهم إلى أعداء الإسلام والمتآمرين عليه ووضعوا ترسانتهم التشريعية الإرهابية محل تطبيق.
يتبع: “حول حرية الارتداد”

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر | Leave a comment

الفكر الإسلامي بين الانتقائية والتحايل والسذاجة 6: محمد الغزالي نموذجا

عبد القادر أنيس

أواصل في هذه المقالة السادسة قراءة كتاب محمد الغزالي (حقوق الإنسان بين تعاليم الإسلام وإعلان الأمم المتحدة).
تتناول هذه الحلقة مسألة “الحرية الفكرية” في الإسلام من وجهة نظر الغزالي. (ص 53).
يقول الغزالي كتمهيد لمعالجة هذه المسألة: “وظيفة العقل أن يفكر كما أن وظيفة العين أن تبصر… وتَوَهُّمُ أن الإنسان يعيش بعقل معطل التفكير كتوهم أن الإنسان يعيش بعين منغمضة ويد مشلولة وقدم مقيدة…. ويستحيل قبول ذلك في دين شارته الأولى الفطرة، والاستقامة من طبائع الأشياء”.
لا بد أن نقف هنا مع مزعم يحرص الإسلاميون على تبنيه وكأنه حقيقة مسلم بها. هل الإسلام دين الفطرة، وهل الاستقامة من طبائع الأشياء؟
لنفرض أننا تركنا شخصا بدون مؤثرات خارجية، فهل يتوجه مباشرة نحو الإسلام بما يعنيه من إيمان حقيقي بالله كما هي قصة حي بن يقظان لابن طفيل. المقصود بالفطرة لغة هو الخِلقة والجِبِلَّة والطبع، أما اصطلاحا فهي عند الإسلاميين أن الله خلق الناس على حالة تمكنهم من إدراك الحق وقبوله، وبالتالي فخلقتهم وجبلتهم وطبعهم توجههم نحو الإسلام كدين الفطرة.
كلا، فالإنسان حيوان تقوده غرائزه الحيوانية أما الثقافة والدين الذي هو جزء منها شأنه شأن الأخلاق والعادات والتقاليد فهي مكتسبات.
الفارق بين الفطري والمكتسب لم يعد أمرا غامضا في العلوم الإنسانية الحديثة. الفطري يشمل الأشياء والاستعدادات التي يولد الإنسان وهو مزود بها، بينما المكتسب هو ما نكتسبه طوال حياتنا بالتربية والتعليم والتجربة والاحتكاك بالغير.
فهل يولد الإنسان وهو مزود بالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقضاء والقدر خيره وشره؟ طبعا هذه المزعم لا يؤيده الواقع ولا العلم، أما أن يقول الغزالي بأن الاستقامة من طبائع الأشياء فهو كلام أبعد ما يكون عن الحقيقة، لأن الإنسان المتمدن حاليا لم يكن دائما كذلك. فحقب التوحش والافتراس هي الغالبة في تاريخ البشرية.
ثم يعرض الكاتب علينا مجموعة من الآيات للتدليل على حرية التفكير في الإسلام لمجرد أنه ورد فيها لفظة “يتفكرون”، ولا علاقة لها أصلا بحرية التفكير ولو كانت دعوة لذلك. فلو وقفنا عند آية: “”وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون” (الجافية 13). وآية “هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومن شجر فيه تسيمون، ينبت لكم الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون” (النحل، 10، 11).
وبعد هذا يقول: “والحق أن الإسلام لا يلوم على حرية الفكر بل يلوم على الغفلة والذهول”. فهل هذا صحيح؟ إن عمر بن الخطاب الذي يتخذه الغزالي نموذجا فوق مستوى البشر كان يقول: اللهم ألهمني إيمان العجائز. ولعل هذا الدعاء مرده إلى الحيرة التي تجلبها الأسئلة العقلية بينما الإسلام ينهى عن ذلك (لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم).
ولا يبعد قول الغزالي التالي عن ذلك: “فلنؤمن بما جاء به الأنبياء ولنقف عند ما قالوا ولا نثر مشاكل لم يأت بها الأنبياء ولنسد الطريق على من يثيرونها”.
لهذا فإن مفهوم الغزالي لحرية الفكر في واد وحرية الفكر كما صاغتها المواثيق العالمية في واد آخر.
جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادتين 18 و19:
“المادة 18: لكل شخص الحق في حرية الفكر والوجدان والدين، ويشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه أو معتقده، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة.
المادة 19: لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين، بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود(.
الغزالي عندما يقول بأن وظيفة العقل هي أن يفكر فهو غير جاد لأنه غير مستعد للذهاب بعيدا في هذه الحرية كما لمسناها في هاتين المادتين من الإعلان العالمي وكما نلمسها أيضا من قوله السابق.
مرة أخرى يحصر الغزالي الحرية في الدين وفي الدين الإسلامي حصرا، وهو ما يكشف عن خرافة حقوق الإنسان عنده ويكشف عن غرابة سعيه لإقناع المسلمين بضرورة العمل بحقوق الإنسان في الإسلام بدل تبني حقوق الإنسان كما صيغت في مواثيق الأمم المتحدة.
يقول ضمن هذه الأجواء:” ومنذ نزول القرآن وشَقِّ الرسول به طريق الحياة، شرع العقل الإسلامي يشتغل بجهد رائع ويعمل في حرية مطلقة ويختلف العلماء باختلاف أساليب البحث ووسائل النظر، دون أي حرج”.
هل كلام الشيخ صحيح في ضوء تاريخ حرية الفكر في الإسلام؟
الواقع يخبرنا أن مساحة حرية الفكر في تاريخ المسلمين كانت تتسع أو تضيق حسب درجة قرب أو بعد رجال الدين من السلطة.
كلام الشيخ عن هذه الحرية المطلقة التي عمل بها العلماء واختلفوا باختلاف أساليب البحث ووسائل النظر، دون أي حرج، خرافة أيضا. وهو نفسه لم ينتظر حتى يجف الحبر الذي كتب به هذه السطور ليلتف على كلامه ويتنكر له.
ها هو يقول: “لكن إقحام العقل في عالم الغيب وتكليفه بدراسة فاحصة لما وراء المادة ظلم للعقل واعتات له… والمعتزلة أخطئوا عندما اعتمدوا على الفكر الإنساني في هذا الميدان البعيد”.
بالإضافة إلى هذه الدعوة الصريحة للحجر على العقل، نلاحظ أيضا انتقائية الغزالي وتحايله بادية هنا في موقفه من المعتزلة الذين حرمهم من (الحرية المطلقة) التي زعمها للفكر في إطار الإسلام قبيل قليل.
لم يعد من حق المعتزلة التمتع بهذه الحرية المطلقة التي زعم أنها موجودة في دينه. كذلك شوه سمعة المعتزلة كما شوهها أسلافه عندما حصر إسهاماتهم الفكرية الحرة في مجال الميتافيزيقا فقط. الشيخ تعمد تغييبهم كما غيبهم التاريخ الرسمي السلطاني في مجالات أخرى هي في غاية الحصافة والأهمية بل لعلها أهم مساهماتهم.
ذلك أن فكر المعتزلة يحتل قمة المبادرات الفكرية العربية الإسلامية الأولى لإخراج الفكر العربي الإسلامي من الفوضى العقلية التي تسبب فيها مؤسس الإسلام محمد بن عبد الله بسبب تواضع ثقافته. أهم مظاهر هذه الفوضى تتمثل في مسألة القضاء والقدر التي تبدو في الظاهر مسألة دينية بحتة لكنها في واقع الأمر لها عواقب اجتماعية وسياسية خطيرة جدا ساهمت في جمود العالم الإسلام طوال قرون.
لنر موقف المعتزلة الذين خطَّأهم شيخنا الغزالي:
بالنسبة للمعتزلة فمسألة القضاء والقدر لها علاقة جدلية بالعدل الإلهي ثم بالعدل البشري. الرواية التالية عن الحسن البصري رأس المعتزلة تعطينا فكرة عن خطورة هذه المسألة على حياة الناس. سئل مرة: “يا أبا سعيد إن الملوك يسفكون دماء المسلمين، ويأخذون الأموال، ويفعلون ويفعلون، ويقولون: إنما تجري أعمالنا على قدر الله، فقال، كذب أعداء الله.”
هذه المسألة طرحت في عهد بني أمية الذين كانوا يؤيدون الجبريين الذين يرون كل أفعال البشر تتم بقدر الله. وطبعا من مصلحة أي حاكم ظالم مستبد أن يقتنع الناس بأن كل مآسيهم مقدرة من الله بما فيها طبعا مظالم الحكام، وهم بالتالي ليسوا مسؤولين عنها ولا جدوى من المقاومة للمطالبة بالعدل وبالحكم الراشد.
المسألة لا زالت راهنة إلى أيامنا. عندنا في الجزائر تسبب إهمال السلطات في فداحة الخسائر التي تسببت فيه أمطار طوفانية وانهيارات أتربة التلال المطلة على أحد أحياء العاصمة (باب الواد). الكارثة هذه ذهب ضحيتها مئات الناس من سكان هذا الحي الشعبي بعد أن دفنوا أحياء وهم نيام تحت الأوحال. مسؤولية السلطات تتمثل في ترك التلال تتعرى من غطائها الغابي وفي ترك الناس تحتل الوادي في فوضى عمرانية منفلتة. ومع ذلك فقد عزا الرئيس فداحة الخسائر إلى قضاء الله وقدره عندما كان يزور المنطقة. كذلك يعود ارتفاع ضحايا زلزال بومدراس بالقرب من العاصمة أيضا إلى التهاون في مراقبة مقاييس البناء والغش في مواده وغيرها، لكن أئمة المساجد تحدثوا عن قضاء الله وقدره.
لهذا يعتبر المعتزلة صفحة مشرقة في تاريخ الفكر العربي الإسلامي، ولو تمكن هذا الفكر من الذهاب بعيدا لأحدث قطيعة حقيقية مع الفكر البدوي القدري، ولكان حال هذه المنطقة مختلفا اليوم.
يضع المعتزلة العدل صفة ومبدأ أساسيا لهم.. لأنهم يربطون بين العدل الإلهي والعدل في الأفعال الإنسانية ويرون أن الإنسان حر في أفعاله وهم يقولون ذلك لكي ينقذوا التكليف الشرعي ولأن الإنسان المسلم مكلف شرعيا وهو مسئول عن هذه الأفعال حتى يستقيم التكليف ويكون الثواب عدلا والعقاب عدلا. خلافا للجبرية الذين يعتقدون أن الأفعال من خلق الله والإنسان مجبور عليها. بينما المعتزلة يرون أن عدل الله يقتضي أن يكون الإنسان هو صاحب أفعاله.
الصراع بين المعتزلة والجبرية أسلاف الأشاعرة ثم السنة بمذاهبهم الحالية لم يعمر طويلا كصراع فكري حر إذ سرعان ما تدخلت السلطة لحسم الصراع لصالح المذهب الجبري الملائم تماما لكل أنظمة الاستبداد.
نفهم مما سبق أن حرية الاختيار عند المعتزلة ظلت مسألة محورية في تفكيرهم، فلماذا يُخَطِّئُهم غزالي القرن العشرين بعد أن خطأهم وكفرهم عزالي القرن الرابع الهجري الحادي عشر الميلادي؟ السبب الحقيقي في نظري مرده إلى أن فكره ينتمي إلى سلسلة المفكرين السلفيين الجبريين الذين تسببوا في انحطاط العالم الإسلامي، ولا يزالون، انطلاقا من أحمد بن حنبل ومرورا بأبي حامد الغزالي وابن تيميه إلى غاية حسن البنا رفيق الغزالي في درب الحركة الأصولية المعاصرة بوصفها رد فعل رجعي رافض للحداثة والتقدم.
المضحك المبكي في هذه المسألة أن فكر المعتزلة مازال يتفوق في جرأته الفكرية الساعية للتحرر من قيود النص وجبروت النقل على غالبية مفكرينا وسياسيينا اليوم، لهذا لا نرى أي انعكاس له في مناهجنا التعليمية وهو ما انعكس في انحطاط مستوى العقلانية في مجتمعاتنا.
لنتابع قراءة الغزالي:
يقول: “وقد اعتل الفكر الإسلامي يوم استعمل حريته العظيمة في بحوث الإلهيات القصية عن مداركه وحطها بفلسفات دخيلة عقيمة لا قيمة لها”.
المضحك هنا أيضا أن المسلمين اليوم لا يجدون ما يفتخرون به في علوم الأسلاف سوى علوم هؤلاء الذين وصف الغزالي فكرهم بالمعتل وهم الذين استعملوا حريتهم العظيمة في بحوث الإلهيات وفي غيرها من بحوث المنطق بوصفه بابا لكل مباحث العلوم.
من بين المفكرين الذين نجدهم في سلسلة أسلاف الغزالي، نذكر أبا حامد الغزالي وابن الصلاح. أبو حامد الغزالي برع في ذم الفلاسفة وتسفيه الفلسفة والمنطق، أما ابن الصلاح فقد برع في استعداء السلطة ضد المفكرين العقلانيين ومارس إرهابا حقيقيا على العقل والفكر، لنقرأ له هذه المحاكمة ضد الفلسفة: “الفلسفة أس السفه والانحلال، ومادة الحيرة والضلال، ومثار الزيغ والزندقة، ومن تفلسف، عميت بصيرته عن محاسن الشريعة المؤيدة بالبراهين، ومن تَلَبَّسَ بها، قارنه الخذلان والحرمان، واستحوذ عليه الشيطان، وأظلم قلبه عن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، …. واستعمال الاصطلاحات المنطقية في مباحث الأحكام الشرعية من المنكرات المستبشعة والرقاعات المستحدثة وليس بالأحكام الشرعية ـ ولله الحمد ـ افتقار إلى المنطق أصلا، هو قعاقع قد أغنى الله عنها كل صحيح الذهن، وأي فن أخزى من فن يعمي صاحبه، وأما المنطق فهو مدخل الفلسفة، ومدخل الشر شر، وليس الاشتغال بتعليمه وتعلمه مما أباحه الشارع، ولا استباحه أحد من الصحابة والتابعين فالواجب على السلطان أعزه الله أن يدفع عن المسلمين شر هؤلاء المشائيم، ويخرجهم من المدارس ويبعدهم.. .”
الغزالي ينطبق عليه المثل: “يرى الشعرة في عين خصمه ولا يرى الخشبة في صاحبه”. ها هو يقول بعد أن فرغ من تقديم محاكمة لأوربا القرون الوسطى وما طال الفكر الحر فيها من أهوال: “ولا جدال في أن تاريخ الإسلام لم يعرف هذا الاضطهاد الشنيع لحرية الفكر والعلم الذي عرفته أوربا”.
وشخصيا أشعر بدهشة كبيرة أمام هذا التغييب البائس لتاريخنا. هل يجهل الغزالي مثلا الصراعات المذهبية المريرة الدموية التي دارت في ساحات المنطقة العربية الإسلامية؟ أين يضعها الغزالي إذا لم تكن تعبيرا عن الانغلاق الديني والمذهبي والفكري الذي ساد تاريخنا؟
ومع ذلك يكتب بدون حرج مستشهدا بـ(المسيو سيديو الوزير الفرنسي الأسبق وأحد علماء الغرب المنصفين) حسب زعم الغزالي: “أتى النبي فربط علائق المودة بين قبائل جزيرة العرب ووجه أفكارها إلى مقصد واحد أعلى شأنها حتى امتدت سلطاتها من نهر التاج المار بأسبانيا والبرتغال إلى نهر الكنج وهو أعظم أنهار الهند…).
هذه النرجسية العربية الإسلامية مضرة جدا لأنها لا تستريح إلا إلى من يمدح ويشكر ويجمّل ما عندنا ولو على حساب تاريخنا الحقيقي الذي نحن أعرف به من غيرنا أما النقد الموجه إلينا فسرعان ما يتحول إلى مؤامرة يقف وراء أعداء الإسلام.
يكتب الغزالي هذا الكلام وكأنه يجهل أن تاريخ المسلمين لا يختلف عن تاريخ غيرهم من الأمم يومئذ وما ساده من غزو وسطو واحتلال واستعباد للشعوب، مع فارق أن ما كان يقوم به المسلمون كان يجد تبريرا دينيا مقدسا لا زال أتباعه يجهدون في تبريره بعد أن صار من الصعب تغييبه.
نواصل مع هذه الانتقائية لشواهد من التاريخ الإسلامي حول حرية الفكر التي نَعِمَ به الناس حسب شيخنا الذي يقول مدافعا عن حرية الفكر في الإسلام: “كما أن لعلي موقفا ممن خرجوا على خلافته وسموا بالخوارج، فقد بعث إليهم عبد الله بن عباس فناظرهم، فرجع إلى صفوف علي أربعة آلاف منهم وأصر أربعة آلاف آخر على عدم الرجوع، فأرسل إليهم يقول: “كونوا حيث شئتم وبيننا وبينكم ألا تسفكوا دما حراما ولا تقطعوا سبيلا ولا تظلموا أحدا فإن فعلتم نبذت إليكم الحرب”.
فهل يجهل مثلا أن علي بن أبي طالب نفسه كان قد عاقب جماعة من المرتدين حرقا؟ أليس الارتداد مسألة فكرية بحتة؟ سنرى في مقال لاحق تخريجات الغزالي البائسة في تبرير الحكم على المرتد.
لكننا نعرف اليوم أن الفتن والحروب الدامية التي نشبت بين المسلمين والتي لا يجب أن يجهلها المسيو سيديو ولا الغزالي، والتي هي تكذيب لمزعمهما بأن النبي قد (ربط علائق المودة بين قبائل جزيرة العرب ووجه أفكارها إلى مقصد واحد أعلى شأنها). ولعلنا لا نخطئ لو قلنا إن النبي ربط علائق التحالف بين قبائل جزيرة العرب ووحد سيوفهم نحو مقصد واحد هو الغزو والاستيلاء على غرار ما كان يقوم به الغزاة الآخرون في جميع بقاع الدنيا.
يختم الغزالي حديثه عن حرية الفكر قائلا: “إن حرية الفكر لم تزدهر في جماعة كما ازدهرت في حضارة الإسلام” !!!
يتبع.. المقال القادم حول الحرية الدينية.

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر | Leave a comment

غزر وطال..

هناء شني

ما دام لا يؤبه في الاعتناء بأناقة سلوكياته رغم حرصكِ على تأجج صوتكِ
أنتِ ترين أن أكبر الذكورداهية خُلق من مادة يتكّحل بها الأثم ومن ثم يتبرأُ منها
حينذاك يتشكّل مخلوق ينظر من زاوية مستثمر شبق * نحو الخطوط الخلفية*
اذا ارتضيتِ ورضختِ لوخز ابرته وتنظيم ابيات جميلة عنه
وتأجيل خطة تسليمه لمجلس التأديب والتهذيب الى اجل غير مؤّرخ ؟!..
في هذه الحالة كيف ستتمكنين من اخماد أفرازاته اللاأدرية ؟..
واذا ناداكِ الى الصلاة بصيغته الشعرية ذات الدهاء والفطنة مستقرّها المنارة؟!..
يغري ويهيج الحق بالباطل..يضرب ويحرث صحرائه على قمة جبلكِ العظيم

أن جميع الدلائل الجيولوجيا تأكد أصل نوعه ؛ ( أرضة)..
أنه يعاني من عسر تطوري فمن الاستحالة محاصرته بلمعان سيفكِ..

اللهم استجب للاهه
وصفّي وجدانك
خذه بين احضانك عسى ان تستنير بدهائه الى ابد الاباد
امييييييييين

Posted in الأدب والفن | Leave a comment