حين بكى لوريا ذات يوم

محمد الرديني

الدول المتحضرة والسباقة في نقدومراجعة سياساتها وتاريخها في بعض هناته الغت امتحانات البكالوريا منذ سنوات عديدة، وحين سمعت جدتي بذلك قالت وهي التي لاتعرف القراءة والكتابة:
معاهم حق.. والله خطوة حكيمة.. فالبكالوريا مثل طبخة امك حين كانت في سن الصبا فهي تضع الباميا والباذنجان ولحمة الخروف مع السبانغ والبصل والثوم والبقدونس في قدر واحد وتطبخه لتقول ذلك “راح تاكلون اصابعكم من وراها” وحين نذوقها نتحسر على اننا لم نأكل اصابعنا بل على معدتنا التي استقبلت ماءا ساخنا لاطعم له ولا رائحة.
ويعقب جدك ضاحكا: حشو بطن ياحجية.. أي مو احسن من ماكو.
ولكن امك تصيح “في بطنكم ولا بالزبالة”.
ماعلينا..
صاحبنا بهاء الاعرجي يصول هذه الايام ويجول ولاندري من الذي اخبره بانه حسن الوجه طيب الملامح حليق الشارب مزين اللحى.
الاعرجي هذا اقترح على وزارة التربية اجراء دور ثالث للطلبة الراسبين، وسارعت هذه الوزارة برئاسة السيد محمد تميم الى الموافقة على هذا الاقتراح شرط موافقة رئاسة الوزراء.
هل يعتقد امثال هؤلاء انهم يحققون مكسبا تربويا وتعليميا لهؤلاء الطلبة الراسبين ام انهم يتسببون في ضياعهم مرة اخرى؟.
من يدري فربما يطلع علينا الاعرجي في السنة المقبلة ،اذا ظل عضو برطمان باذن الله، باقتراح باجراء دور خامس وعاشر الى الطلبة الراسبين وسيقول لقد قررت وزارة التربية اجراء الامتحان للراسبين الى ان ينجحوا وان شاء الله يجري 20 امتحان.
كيف يمكن للطالب الذي لم ينجح في الدور الاول ولا بالدور الثاني ان ينجح في الدور الثالث؟
هذه واحدة…
هل سأل الاخ محمد تميم خبراء التربية في البلاد عن سبب التسرب والرسوب بهذه الكثافة؟ ولماذا بات الطلاب يكرهون الدراسة ويلعنون من اسسّها ونفذّها؟.
هل بذل السيد محمد تميم او بهاء الاعرجي جهدا بسيطا وحملا مالذ وطاب وذهبا لزيارة فاطمة التي سجلت في موسوعة جينيز كأصغر فنية تصليح ماطورات المحولات وسألوها لماذا تركت الدراسة؟.
هل شاهدوا دمعاتها وهي تقول اني احب الدراسة واريد ان اكمل تعليمي؟.
هناك الآلآف من امثال فطومة يعيشون في اثرى مدن العراق “النجف ،كربلاء، البصرة، كركوك وغيرها” ولا يجدون وقتا الا لطلب الرزق بدل العلم.
هل يعرف وزير التربية ماذا يعني التسرب الدراسي وكيفية علاجه ام يريد ان يسأل من يهمه الامر؟.
المشكلة ليست في نجاح الطالب من عدمه.. المشكلة تكمن في اخطبوط هيكل التعليم الذي ادار الكل ظهره له وجعلوه يصول ويجول دون رقيب.
لاندري كم عدد الراسبين من ال(300 ألف) طالب الذين شاركوا في الامتحانات النهائية.
لاندري كم عدد الراسبين من ال(800 ألف)طالب الذين شاركوا في الامتحانات غير النهائية؟.
هل من حريص في مكتب مفتش التربية العام يجيب على سؤال عن جدوى اجراء امتحانات البكالوريا؟.
واذا اجاب واقتنع السائل بجوابه وهذا من سابع المستحيلات فهل يقول لنا ما هو موقف دول الكفار التي لا تهضم قبول هؤلاء الطلاب في جامعاتها وفي كل الاختصاصات؟.
هل لنا من معين على عقولكم ايها السادة..
هيأنا لكم كل اساليب السرقة والنهب والسلب فاتركوا على الاقل اولادنا يشقون طريقهم التعليمي كما يريدون.
ولكن من تخاطب؟.
هل تخاطب محمد تميم الذي يشترط موافقة ولي الامر على اختيار الابن لاختصاصه الدراسي في الجامعة؟.
هل يدري ابن تميم هذا ان هناك 6 ملايين امي عراقي لايعرفون الفرق بين البيئة والمجاري او بين الهندسة وميكانيك السيارات.
ولكن من تخاطب؟.
هل تخاطب بهاء الاعرجي الذي يريد من مسيحيي العراق ان يصدروا بيانا يدينون فيه “الفيلم المسيء” وهم لاناقة لهم ولا بعير في ذلك؟.
انك عبقري ايها الاعرجي فحين يناقشك المسيحيون فيما قلته ستجد حجتك كما وجدتها ايران في القول”روحوا الى اقاربكم في استراليا والسويد”.
اما انت فستذهب حتما الى ايرلندا مسقط جواز سفرك ولكن الى حين.

تواصل مع محمد الرديني فيسبوك

Posted in الأدب والفن, فكر حر | Leave a comment

تأليف القرآن- الكشف الوافي بقلم معروف الرصافي 22

رياض الحبيّب

{وفي القرآن آيات تصف عظمة الله وجلاله كآية الكرسي التي قالوا بأنها أفضل ما في القرآن. ولكنْ أراهم في قولهم هذا قد بخسوا آية النور فضلها وهي (الله نور السموات والأرض…) [أي سورة النور: 35] فإني كلّما تلوتها حسبت أنها تصف لي مصباحاً من المصابيح الكهربائية التي تتقد من دون أن تمسّها نار. وفي آخر سورة البقرة آية من أبلغ الكلام الذي يبتهل به العبد إلى ربه} – بهذا الكلام استهلّ أديب العراق الكبير معروف الرصافي الصفحة 616 في كتابه الموسوم “الشخصيّة المحمّديّة” قبل أنْ ينتقل إلى الآيات القرآنية ملتبسة البلاغة أو ضعيفة ممّا يأتي في حلقات قادمة من هذا البحث. وكنت ألقيْتُ في الحلقة السابقة قليلاً من النور على آية الكرسي فجاء في هذه الحلقة دور سورة النور: ٣٥ التي نصّها:
الله نور السماوات والأرض مَثَلُ نُورِهِ كمِشْكاةٍ فيها مِصْبَاحٌ المصباح في زُجَاجَة الزجاجة كأنها كوكب دُرِّيّ يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولولَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ على نور يهدي الله لنوره من يشاء وَيَضْرِبُ الله الأمثال للناس والله بكلّ شيء عليم.

ولا بدّ من إلقاء بعض الضوء على أقوال الأئمّة المفسّرين لعلّ أهمّهم- في نظري- الطبري المتوفّى سنة 310 هـ بما أنهُ من الأقدمين تاريخيّاً والأقربين نسبيّاً إلى زمن الدعوة المحمّديّة في قائمة المفسرين الطويلة وفي روايته توثيق واضح وقد سطّر الأحاديث بأرقام كي يسهل الإستدلال بها، علماً أنّه مؤرّخ أيضاً وصاحب الكتاب المهمّ- تاريخ الطبري:
– يعني تعالى ذكره بقوله (الله نور السماوات والأرض) هادي مَنْ في السماوات والأرض، فهُمْ بنوره إلى الحق يهتدون وبهُداه من حيرة الضلالة يعتصمون.
و{اختلف أهل التأويل} في تأويل ذلك،
فقال بعضهم فيه نحو الذي قلنا «ابن عباس» وقال آخرون بل معنى ذلك: الله مدبّر السماوات والأرض «مجاهد وابن عباس» وقالوا: معنى ذلك- ضياء السماوات والأرض «أبَيّ بن كعب»

وفي تفسير القرطبي-
اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ: النور- في كلام العرب- الأضواء المُدرَكة بالبصر. واستـُعمِل مجازاً فيما صحّ من المعاني ولاح؛ فيقال منه: كلام له نور. ومنه: الكتاب المنير، ومنه قول الشاعر:
نَسَبٌ كأنَّ عَلَيْهِ مِن شَمْس الضُّحَا *** نُورًا وَمِنْ فـَلـَق الصَّبَاح عَمُودَا [بحر الكامل]
والناس يقولون: فلان نور البلد، وشمس العصر وقمره. وقال:
فإنَّك شَمْسٌ وَالمُلُوك كوَاكِب
[هذا الشطر- من بحر الطويل- من قول النابغة الذبياني:
ألمْ تَرَ أنّ الله أعطاكَ سَوْرَة ً *** ترى كلّ مَلْكٍ دونها يتذبذبُ
لأنك شمسٌ والملوك كواكبٌ *** إذا طلعَتْ لم يَبدُ منهنَّ كوكبُ]
وقال آخر: هَلَّا خـَصَصْت مِن البلاد بمَقْصِدٍ *** قمَر القبَائِل خالِد بْن يَزِيدِ [بحر الكامل]
وقال آخر :إذا سَارَ عَبْد اللَّه مِنْ مَرْو ليْلة *** فقدْ سَارَ منها نُورها وجَمَالها [بحر الطويل]
فيجوز أن يُقال: لله تعالى نور، من جهة المدح لأنه أوجد الأشياء ونور جميع الأشياء منه ابتداؤها وعنه صدورها، وهو سبحانه ليس من الأضواء المدركة جل وتعالى عما يقول الظالمون عُلوّاً كبيرا……. و{اختلف العلماء في تأويل هذه الآية}
فقيل: المعنى أي به وبقدرته أنارت أضواؤها، واستقامت أمورها، وقامت مصنوعاتها. فالكلام على التقريب للذهن؛ كما يقال: المَلِك نور أهل البلد؛ أي به قوام أمرها وصلاح جملتها؛ لجريان أموره على سُنَن السَّدَاد. فهو في المَلِك مَجَاز، وهو في صفة الله حقيقة مَحْضَة، إذ هو الذي أبدع الموجودات وخلق العقل نوراً هادياً؛ لأن ظهور الموجود به حصل كما حصل بالضوء ظهور المُبْصَرَات، تبارك وتعالى لا ربّ غيره. قال معناه مُجَاهِد والزُّهْرِيّ وغيرهما. قَالَ اِبْن عَرَفة: أَيْ مُنَوِّر السَّمَوَات والأرْض. وكذا قال الضَّحَّاك والقـَرَظِيّ.

والآن أعود إلى تفسير الطبري: (مثل نوره كمشكاة فيها مصباح) يقول: مثل ما أنار من الحق بهذا التنزيل في بيانه كمشكاة.
وقد {اختلف أهل التأويل}
في المعنيّ بالهاء في قوله (مثل نوره) علامَ هي عائدة؟ ومن ذكر ما هي؟ فقال بعضهم: هي من ذكر المؤمن. وقالوا: معنى الكلام: مثل نور المؤمن الذي في قلبه من الإيمان والقرآن مثل مشكاة «أبَيّ بن كعب وسعيد بن جُبَير والضّحّاك» وقال آخرون: بل عُنِي بالنور: محمد ص, وقالوا: الهاء التي قوله (مثل نوره) عائدة على اسم الله «كعب الأحبار وسعيد بن جُبَيْر» وقالوا: يعني بالنور الطاعة «ابن عباس» وذلك أن اليهود قالوا لمحمد: كيف يخلص نور الله من دون السماء؟ فضرب الله مثل ذلك لنوره فقال (الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة) قال: وهو مثل ضربه الله لطاعته، فسمّى طاعته نوراً، ثم سمّاها أنواراً شتى.

– وقوله (كمشكاة) {اختلف أهل التأويل} في معنى المشكاة والمصباح وما المراد بذلك، وبالزجاجة،
فقال بعضهم: المشكاة كل كوّة لا منفذ لها [وسيرد بعد قليل توضيح معنى المشكاة في تفسير القرطبي] وقالوا: هذا مثل ضربه الله لقلب محمد ص ذِكْر من قال ذلك: 19767 – حدثنا ابن حميد… قال: جاء ابن عباس إلى كعب الأحبار، فقال: له حدّثني عن قول الله: (مثل نوره كمشكاة)! قال: المشكاة وهي الكوّة، ضربها الله مثلاً لمحمد ص، المشكاة (فيها مصباح المصباح) قلبه (في زجاجة الزجاجة) صدره الزجاجة (كأنها كوكب درّيّ) شَبَّهَ صَدْر النبي ص بالكوكب الدّرّي، ثم رجع المصباح إلى قلبه فقال (توقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية) لم تمسّها شمس المشرق ولا شمس المغرب (يكاد زيتها يضيء) يكاد محمد يُبَيِّن للناس وإنْ لم يتكلم أنه نبي، كما يكاد ذلك الزيت يضيء (ولو لم تمسسه نارٌ نورٌ على نور) 19768 – حدثني عليّ… عن ابن عباس، قوله (كمشكاة) يقول: موضع الفتيلة.

وفي تفسير القرطبي:
مَثَلُ نُورِهِ كمِشْكاةٍ فيها مِصْبَاحٌ المصباحُ في زُجَاجَة: أي صفة دلائله التي يقذفها في قلب المؤمن؛ والدلائل تسمى نوراً. وقد سمّى الله تعالى كتابه نوراً فقال “وأنزلنا إليكم نوراً مُبيناً” – النساء: 174 وسمّى نبيَّه نوراً فقال “قد جاءكم من الله نورٌ وكتابٌ مبين” – المائدة: 15 وهذا لأنّ الكتاب يهدي ويبين، وكذلك الرسول. ووجه الإضافة إلى الله تعالى أنه مُثْبـِت الدّلَالة وَمُبَيِّنها وواضِعها.
و{تحتمل الآية معنى آخر ليس فيه مقابلة جزء من المثال بجزء من الممثل به}
بل وقع التشبيه فيه جملة بجملة، وذلك أنْ يريد مثل نور الله الذي هو هداه وإتقانه صنعة كل مخلوق وبراهينه الساطعة على الجملة، كهذه الجملة من النور الذي تتخذونه أنتم على هذه الصفة، التي هي أبلغ صفات النور الذي بين أيدي الناس؛ فمثل نور الله في الوضوح كهذا الذي هو منتهاكم أيها البشر. والمشكاة: الكوة في الحائط غير النافذة؛ قاله ابن جُبير وجمهور المفسّرين، وهي أجمع للضوء، والمصباح فيها أكثر إنارة منه في غيرها، وأصلها الوعاء يجعل فيه الشيء. والمشكاة وعاء من أدم كالدلو يبرد فيها الماء؛ وهو على وَزْن مِفْعَلَة كالمِقْرَاةِ والمِصْفاة. قال الشاعر:
كأنَّ عَيْنَيْهِ مِشْكاتانِ في حَجَر *** قِيضا اِقْتِيَاضاً بأطراف المَناقِيرِ [بحر البسيط]
وقيل: المشكاة عمود القنديل الذي فيه الفتيلة. وقال مجاهد: هي القنديل. وقال “في زجاجة” لأنه جسم شفاف، والمصباح فيه أنور منه في غير الزجاج. والمصباح: الفتيل بناره.

الزُّجَاجَة كأنَّهَا كوْكبٌ دُرِّيٌّ: أي في الإنارة والضوء
و{ذلِكَ يَحْتمِل مَعْنيَيْن}
إمّا أن يريد أنها بالمصباح كذلك، وإمّا أن يريد أنها في نفسها لصفائها وجودة جوهرها كذلك. وهذا التأويل أبلغ في التعاون على النور. قال الضحّاك: الكوكب الدُّرِّيّ هُوَ الزَّهْرَة.

————–

أمّا بعد فيستطيع القرّاء الكرام الرجوع إلى سورة النور أنّى شاؤوا وإلى التفاسير، علماً أنها من السّوَر المثيرة للجدل- بسبب مواضيع حسّاسة؛ منها جَلد الزانية والزاني وتبرئة السيدة عائشة بعد حادثة الإفك والآية التي يُنسَب إليها فرض الحِجاب، لكنّي اكتفيت بما تقدّم بهدف الإشارة إلى جهتين اثنتين؛ أولاهما معاني “النور” في كلام العرب ولا سيّما الشعراء في ما ذكر الإمام القرطبي. والأخرى هي تبيان اختلاف أهل التأويل على كلام منسوب إلى السّماء وهو ما أشرت إليه بهذين القوسَين { } بوضوح؛ إنما يعني الإختلاف المذكور صعوبة الجزم بالمعنى المقصود في النصّ القرآني ما سبّب تعارضاً مع بلاغته والطعن بها. فمعلوم أنّ الغموض في المعنى والإلتباس في الرؤية والتعددية في الآراء تقع مع البلاغة على طرَفـَي نقيض. ولو كانت الآراء المختلفة حيناً والمتناقضة حيناً آخر حول كتاب آخر غير القرآن- وهذا ما نبّه إليه الرّصافي- لما سكت النقّاد عليه أو أ ُسكِتوا، بالإضافة إلى أولئك- المرتدّين والمتّهَمِين بالزندقة مثالاً- الذين دفعوا حياتهم ثمناً بخساً من أجل الحقيقة التي تدحض شرعيّة الإسلام سواء من جهة السماء ومن جهة الأرض وتفنّد جدوى القرآن في زمان ما ومكان.

————–

وسوف أختار من عهدَي الكتاب المقدّس كلاماً عن النور- مثالاً- ما لا يقبل اختلافاً في التأويل لأنه بليغ- في رأيي- أي مفهوم لدى للعامّة وواضح:
أوّلاً- العهد القديم:
المزامير- الفصل 104 والآية 2:
اللاَّبسُ النُّورَ كثوْبٍ البَاسِطُ السَّمَاوَاتِ كشُقـّة.
إشعيا- الفصل 60 والآية 20:
لاَ تغِيبُ بَعْدُ شَمْسُكِ وَقمَرُكِ لا يَنْقـُصُ لأنّ الرَّبَّ يَكونُ لكِ نُوراً أَبَدِيّاً وَتُكْمَلُ أيّامُ نـَوْحِك.
ميخا- الفصل 7 والآيتين 8 و 9:
لا تـَشْمَتِي بي يا عَدُوَّتي. إذا سَقطْتُ أقومُ. إِذا جَلسْتُ في الظّلمَةِ فالرَّبُّ نُورٌ لِي. أحْتمِلُ غضَبَ الرَّبّ لأنِّي أخْطأتُ إليْهِ حَتَّى يُقِيمَ دعْوَايَ ويُجْرِيَ حَقّي. سَيُخْرِجُنِي إلى النُّورِ. سَأنْظُرُ بـِرَّهُ.

ثانياً- العهد الجديد:
البشارة بتدوين مَتـّى- الفصل 5 والآية 16:
فلْيُضِئْ نُورُكُمْ هَكذا قدّامَ النّاسِ، لِكيْ يَرَوْا أعمَالكُمُ الحَسَنة، ويُمَجِّدوا أبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.
البشارة بتدوين لوقا- الفصل 8 والآية 16:
وليْسَ أحَدٌ يُوقِدُ سِرَاجاً ويُغـَطِّيهِ بإناءٍ أوْ يضَعُهُ تحْت سَرِير، بَلْ يضَعُهُ على مَنارَة، لِيَنْظُرَ الدّاخِلون النُّورَ.
البشارة بتدوين يوحَنّا- الفصل1 والآيات1-5:
فِي البَدْءِ كانَ الكلِمَة ُ، وَالكلِمَة ُ كان عِنْد اللَّه، وكان الكلِمَة ُ اللهَ. هذا كان في البَدءِ عِنْد اللهِ. كُلُّ شيْءٍ بهِ كان، وبغـَيْرِهِ لمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمّا كان. فيهِ كانتِ الحَيَاةُ، والحَيَاةُ كانتْ نُورَ النَّاسِ، والنُّورُ يُضِيءُ فِي الظُّلْمَةِ، وَالظُّلمَةُ لمْ تـُدْرِكْهُ.
_____________

بقِي لي أخيراً إلقاء ضوءٍ ما على آخِر سورة البقرة التي رآى الرّصافي أنها أيضاً في الذروة العليا من البلاغة في القرآن. ولديّ في النهاية وجهة نظر شخصيّة حول تلك الذروة- فهل كان الرصافي جادّاً في وصفها وتقويمها؟
– إذاً للحديث بقيّة

تواصل مع رياض الحبيب فيسبوك

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر | 2 Comments

تأليف القرآن- الكشف الوافي بقلم معروف الرصافي 21

رياض الحبيّب

{وفي القرآن آيات تصف عظمة الله وجلاله كآية الكرسي التي قالوا بأنها أفضل ما في القرآن} انتهى- بداية الصفحة 616 في كتاب “الشخصيّة المحمّديّة” لمؤلفه أديب العراق الكبير معروف الرصافي- رحمة الله عليه.

هنا أوّلاً نصّ آية الكرسي أي سورة البقرة: ٢٥٥
الله لا إله إلا هو الحيّ القيّوم لا تأخذه سِنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلّا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلّا بما شاء وسع كرسيّه السماوات والأرض ولا يئوده حفظهما وهو العلي العظيم.

وهنا تفسير الجلالين كاملاً للآية- وأذكّر بأنّ التعليق المحصور بين القوسين [ ] أينما وُجد هو لي أيضاً:
“الله لا إله” أي لا معبود بحق في الوجود “إلا هو الحي” الدائم بالبقاء “القـَيّوم” المُبالغ في القيام بتدبير خلقه “لا تأخذه سِنـَة” نعاس “ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض” مُلْكاً وَخـَلْقاً وَعَبيداً “من ذا الذي” أي لا أحد “يَشفـَع عنده إلّا بإذنه” له فيها “يعلم ما بين أيديهم” أي الخلق “وما خلـْفهم” أي من أمْر الدنيا والآخرة “ولا يُحيطون بشيء من علمه” أي لا يعلمون شيئاً من معلوماته “إلا بما شاء” أن يعلمهم به منها بأخبار الرسل “وسع كرسيّه السماوات والأرض” قيل أحاط علمه بهما وقيل الكرسي نفسه مشتمل عليهما لعظمته لحديث: (ما السماوات السبع في الكرسي إلا كدراهم سبعة ألقيت في تـُرس) – [حديث 4522 ما سيأتي ذكره في تفسير الطبري] “ولا يئوده” يثقله [عَن ابْن عَبَّاس: (وَلا يَئـُودُه حِفْظهما) يقول: لَا يَثـْقـُل عَليْه- عند الطبري أيضاً] “حفظهما” أي السموات والأرض “وهو العلي” فوق خلقه بالقهر “العظيم” الكبير

تعليقي: تفسير الإمامَين الجلالين (المَحَلّي والسّيوطي) للآية عامّ ومقتضب ما أمكن، يبدو لي أنهما استندا على ما ورد من أحاديث وتفاسير لأئمّة من قبلهما فجنـّبا نفسَيهما الخوض في متاهات الأحاديث والتآويل. إنما الأسلوب الذي رأيتُ في تفسيرهما يصلح لتفسير أيّة قطعة أدبيّة سواء نثريّة أو شعريّة، أي بغضّ النظر عن كون القطعة منسوبة إلى السماء- وإن كان الجهد المبذول في التفسير واضحاً وكبيراً نسبيّاً لأنّه يكاد يكون محصّلة لما سبق من تفاسير علميّة. لهذا السبب لا يستفيد الباحث الجادّ من الأسلوب الذي أشرتُ إليه إلّا أنْ يمرّ عليه مرور الكرام ليعرف المقصود بالآية باختصار. فتفسير الجلالين لا يُشبع فضول الباحث في أسباب “النزول” خصوصاً وسائر الظروف المحيطة بالحدث القرآني عموماً- أقول هذا في ضوء الإختلاف الملاحَظ على التفاسير والتآويل في كتب التراث. وأختم هذا التعليق بذكر اقتباس مؤلّف القرآن فكرة (السماوات السبع) الواردة في الحديث المحمّدي المُشار إليه في التفسير أعلى بأنه من قول الشاعر “الجاهلي” أمَيّة بن أبي الصّلت- ممّا ورد في قاموس “لسان العرب” لابن منظور في شرح كلمة “سماء” فمن شاء فلينظره هناك:
له ما رأتْ عَيْنُ البَصِير وفوْقهُ *** سَماءُ الإلَهِ فوْق سَبْعِ سَمائِيا [بحر الطويل- علم العروض]

أمّا التالي فمقتطفات ممّا رُويَ عن آية الكرسيّ في كتب التفسير-
* الطبري: (لا تأخذه سنة ولا نوم) لا يأخذه نعاس فينعس، ولا نوم فيستثقل نوماً. والوسن: خثورة النوم، ومنه قول عَدِيّ بْن الرِّقَاع:
وَسْنانُ أقصَدَهُ النّعَاس فرَنَّقتْ *** فِي عَيْنه سِنَة وليْسَ بنائِم [بحر الكامل]
ومن الدليل على ما قلنا من أنها خثورة النوم في عين الإنسان، قول الْأَعْشَى مَيْمُون بْن قَيْس:
تُعَاطِي الضَّجِيع إذا أقبَلَتْ *** بُعَيْد النّعَاس وقبْل الْوَسَنْ [بحر المتقارَب]
وقال آخر:
باكـَرَتـْها الأغرابُ في سِنـَة النَّوْ مِ فتجْرِي خِلَال شَوْك السَّيَالِ [بحر الخفيف]
يَعْنِي عِند هُبُوبها مِن النوم ووَسَنُ النَّوْم في عَيْنهَا

حديث 4509 عن أبي هُرَيْرَة، قال: سمعت رسول الله ص يحكي عن موسى ص على المنبر، قال: (وقع في نفس موسى هل ينام الله تعالى ذكـْره؟ فأرسل الله إليه مَلَكاً فأرّقه ثلاثاً، ثم أعطاه قارورتين، في كل يد قارورة، أمره أن يحتفظ بهما) قال: (فجعل ينام وتكاد يداه تلتقيان، ثم يستيقظ فيحبس إحداهما عن الأخرى، ثم نام نومة فاصطفقتْ يداه وانكسرت القارورتان) قال: ضرب الله مثلاً له، أن الله لو كان ينام لم تستمسك السماء والأرض

[تعليقي: يبدو أنّ محمّداً (المشبّع بمعلومات كتابية استقاها من أهل الكتاب والشعراء الموحّدين) قد سُئل عن الله “هل ينام” لذا وضع في ذهنه ما تعلّم بأنّ الله (لا تأخذه سِنة ولا نوم) وهي صفة بديهية مُطلقة للخالق، معروفة في التوراة والمزامير وسائر كتب الأنبياء والإنجيل- كما في الفصل 132 من سِفـْر المزامير:
مز-132-4: لا أُعْطِي وَسَناً لِعَيْنيَّ وَلا نوْماً لأَجْفانِي

أمّا رواية محمّد عن موسى النبي فلا وجود لها في التوراة ولا يوجد مصدر لتلك الرواية سوى الأساطير الإسرائيليّة التي في التلمود اليهودي والذي سرق محمد كثيراً منه وأدرج في القرآن كقصّة سليمان وبلقيس وذي القرنين ويأجوج ومأجوج وغير ذلك؛ إمّا طبق الأصل أو مع تحريف أو تغيير أو سوء فهم. وقد أشرت فيما مضى من حلقات عن تردد محمد على بيت المدراس اليهودي وإصغائه إلى ما يُروى هناك]

عودة إلى الطبري- اختلف أهل التأويل في معنى الكرسي الذي أخبر الله تعالى ذكره في هذه الآية أنه وَسِعَ السموات والأرض، فقال بعضهم: هو عِلم الله تعالى ذكره- عَنْ ابْن عَبَّاس: (وَسِعَ كُرْسِيّه) قالَ- كُرْسِيّه: عِلْمه
4517 – حَدَّثنِي عَلِيّ بْن مُسْلِم الطُّوسِيّ… عَن أبي مُوسَى [الأشعَري- والحديث مذكور لدى القرطبي] قال- الكُرْسِيّ: مَوْضِع الْقدَمَيْنِ، ولهُ أطِيط كأطِيطِ الرَّحْل
4524 – عَنْ عبد الله بن خـَلِيفة، قالَ : أتت امْرَأَة النّبيّ ص، فقالتْ: اُدْعُ الله أنْ يَدُلّنِي الجَنَّة! فعَظَّمَ الرَّبّ تعالى ذِكْره، ثمّ قال: (إنَّ كُرْسِيّه وَسِعَ السَّمَوَات وَالْأَرْض، وأنَّهُ لَيَقعُد عَليْهِ فمَا يَفْضُل مِنْهُ مِقدَار أرْبَع أصَابع) ثُمّ قال بأَصَابِعِهِ فجَمَعَها: (وإنّ لهُ أطِيطًا كأَطِيطِ الرَّحْل الجَدِيد إذا رُكِبَ مِنْ ثِقـَله)

[تنويه: نقرأ في معجم “لسان العرب” سالف الذكر عن الجوهري: الأَطِيطُ صوت الرّحل والإِبل من ثِقـَل أَحْمالِها. والأَطيط أَيضاً: صوت النِّسْعِ الجديد وصوت الرَّحْل وصوت الباب، ولا أَفعل ذلك ما أَطَّتِ الإِبلُ؛ قال الأَعشى «في معلّقته وهي من بحر البسيط»
ألَسْتَ مُنتهِياً عن نـَحْتِ أَثـْلَتِنا؟ *** ولَسْتَ ضائرَها، ما أَطَّتِ الإِبـِلُ
وقد يكون الأَطِيطُ في غير الإِبل؛ ومنه حديث عُتبة بن غزوان (رض) حين ذكَر بابَ الجنة قال: ليَأْتِينَّ على باب الجنة زمانٌ يكون له فيه أطِيطٌ أَي صوتٌ بالزِّحامِ. وفي حديث آخر: حتى يُسْمَعَ له أَطِيطٌ يعني بابَ الجنة…]

4519 – حدّثني المُثنَّى… عَن الضَّحَّاك قَوْله: (وَسِعَ كُرْسِيّه السَّمَوَات وَالْأَرْض) قال: كُرْسِيّه الَّذي يُوضَع تحْت العَرْش، الَّذِي يَجْعَل المُلوك عَلَيْهِ أقدامهمْ
4521 – عَن الرَّبيع قال: لمّا نزَلَتْ (وَسِعَ كُرْسِيّه السّمَوات والأرض) قالَ أصْحاب النبيّ ص: يا رسول الله هذا الْكُرْسِيّ وَسِعَ السَّمَوات والأرْض، فكيْفَ العَرْش فأنْزلَ الله تعالى (وما قـَدرُوا اللَّه حَقّ قدْره) إلى قَوْله (سُبْحَانه وتعَالى عَمَّا يُشْرِكُون) – [يقصد سورة الزمَر: 67 وهنا نصّها: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بيَمِينِهِ سُبْحَانهُ وَتعَالَى عَمَّا يُشْرِكُون]

تعليقي: قرأت رواية مسلم في صحيحه عن ابن عُمَر قال: قال رسول الله ص: يطوي الله السماوات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى ثم يقول: «أنا الملك، أنا الجبار، أين المتكبرون» ثم يطوي الأرضين السبع ثم يأخذهنّ بشماله ثم يقول: «أنا الملك، أنا الجبار، أين المتكبرون» واللافت في هذا الحديث قوله (ثم يأخذهنّ بشماله) غير المنوّه عنه في سورة الزمَر إنما اليد اليمنى فقط- وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بيَمِينِه! ويا ليت شِعْري ألمْ يقلْ مؤلّف القرآن في سورة النور: 35 (الله نور السماوات والأرض) فكيف تكون للنور قبضة ويمين وشمال؟ ولكنْ يبدو لي أنّ محمّداً قد فصّل ربّ القرءان على مقياسه فأشرك به شخصه؛ ألمْ يقلْ في التوبة: 29 (ولا يحرّمون ما حرّم الله ورسوله) وفي المائدة: 33 (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله) وغيرهما ما يُعطي دليلاً قاطعاً على أنّ الإسلام ليس بديانة توحيديّة لأنّ محمّداً هذا كان مُشركاً شخصه بالإله في قرآنه وحديثه.

4522 – حدّثنِي يُونُس… قالَ رَسُول الله ص (ما السَّمَوات السَّبْع في الكُرْسِيّ إلَّا كدَرَاهِم سَبْعَة أُلْقِيَتْ فِي تُرْس) قَالَ- وقالَ أبُو ذرّ: سَمِعْت رَسُول الله ص يَقول (مَا الْكُرْسِيّ فِي الْعَرْش إلَّا كحَلْقةٍ مِنْ حَدِيد أُلْقِيَتْ بَيْن ظَهْرَيْ فلَاة مِن الأرض)
4523 – حَدّثني المُثنَّى…عَن الضَّحَّاك، قالَ: كان الحَسَن يَقول (الْكُرْسِيّ: هُوَ العَرْش)

وأصْل الكُرْسِيّ: العِلْم، وَمِنْهُ قيلَ لِلصَّحِيفةِ يَكون فيها عِلْم مَكتوب كُرَّاسَة، وَمِنْهُ قوْل الرَّاجز [أي الذي يأتي بشِعْر من بحر الرّجَز] فِي صِفة قَانِص: حَتّى إذا مَا احْتازها تكَرُّسًا- يَعْنِي عَلِمَ. ومِنهُ يُقال للعُلماء: الكرَاسِيّ، لِأنّهُم المُعتمَد عَليْهم، كما يُقال: أوْتاد الأرض، يَعْني بذلك أنّهُم العُلماء الّذين تصْلُح بهم الأرض؛ ومنه قول الشّاعر:
يُحَفّ بهِمْ بـِيض الْوُجُوه وَعُصْبَة *** كَرَاسِيّ بالأحداثِ حِين تنُوب [بحر الطويل]
يَعْنِي بذلِك عُلمَاء بحوادِث الأمُور ونوَازِلها. والعَرَب تسَمِّي أصْل كُلّ شَيْء الكِرْس، يُقال مِنْهُ: فُلَان كريم الكِرْس: أيْ كرِيم الأصْل، قالَ العَجَّاج [من بحر الرّجَز]
قدْ عَلِمَ القُدّوس مَوْلَى القُدْسِ
أنَّ أبَا الْعَبَّاس أَوْلَى نَفْسِ
بمَعْدِنِ المُلْك الكَرِيم الكِرْسِ
يعنِي بذلِك: الكريم الأصْل، ويُرْوى: فِي مَعْدِن العِزّ الكريم الكِرْسِ

————–

* القرطبي
هذِهِ آيَة الْكُرْسِيّ سَيِّدة آي القرآن وأَعْظَم آيَة، كما تقَدَّمَ بَيَانه فِي الفاتِحَة، وَنزَلَتْ لَيْلًا وَدعا النَّبيّ ص زَيْداً فكتبَها. ورَوى الأئِمَّة عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب قال: قال رَسُول اللَّه ص: (يَا أَبَا الْمُنْذِر أتدري أَيّ آيَة مِنْ كِتاب اللَّه مَعَك أَعْظَم)؟ قَال قـُلْتُ: اللَّه وَرَسُوله أعْلَم قال: (يَا أَبَا الْمُنْذِر أتدرِي أَيّ آيَة مِنْ كِتاب اللَّه مَعَك أعْظَم)؟ قالَ قلت: “اللَّه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيّوم” فضَرَبَ في صَدْرِي وقالَ: (لِيَهِنك الْعِلْم يَا أبَا المُنذِر)
[تعليقي: القول (اللَّه ورسُوله أعْلَم) شرك بالله- كما أسلفت- لأنّ المفروض أنْ يكون عِلْم الإنسان قطرة في مُحيط علم الله! وقد اعترف مؤلّف القرآن بقلّة علمه بعدما سُئِل عن الروح وعجز من الجواب- والدليل في سورة الإسراء: 85 (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا)]

– عن أنـَس رَفعَ الحَدِيث إلَى النبيّ ص قال: (أوْحَى الله إلَى مُوسَى عَليْهِ السّلَام مَنْ داوَمَ عَلى قراءة آيَة الكُرسِيّ دُبُر كلّ صلاة أعْطيته فوق ما أعْطِي الشّاكرِين وأجْر النَّبيِّين وأعْمال الصِّدِّيقِين وبسَطْت عليه يَمِينِي بالرّحْمة ولمْ يَمْنعهُ أنْ أُدخِلهُ الجَنّة إلَّا أنْ يَأتِيه مَلَك الموت)

– قالَ مُوسَى عليه السّلام: يا رَبّ مَنْ سَمِعَ بهذا لا يُداوم عَليْه؟ قال: (إنّي لا أُعْطِيه مِنْ عِبادي إلّا لنبيّ أوْ صِدِّيق أوْ رَجُل أُحِبّهُ أوْ رَجُل أُرِيد قتْله في سبيلي)
[حديث منكر جدّاً- قول ابن كثير- وتعليقي: شكراً أوّلاً لابن كثير. وتالياً متى يتدبّر أئمّة المسلمين سائر الأحاديث المنكرة- بفتح الكاف- والآيات القرآنية المنكرة والسّنّة المنكرة بما أنّ هناك اختلافاً كثيراً عليها وعلى القراءات؛ أقصد تلك التي تدعو إلى تكفير المخالفين من الذين يرفضون الإسلام جملة وتفصيلاً وقتالهم وتلك التي تسيء إلى شخصية المرأة، إنما هي السبب في نظرات العالم المتمدن بطريقة شائكة إلى كلّ مسلم لا يزال مسلماً وإلى كلّ امرئ يدافع عن الإسلام وهي السبب في أزمة ثقة الإنسان الواعي بالأخ المسلم والأخت المسلمة بالإضافة إلى الحذر من التعامل مع أيّ منهما- وإني أشهد أنْ لا أمان في الإسلام ولا محبّة ولا أخلاق من نوافذ القرءان والحديث والسّنّة؛ فمن الأحاديث المحمدية ما روى البخاري ومسلم (مَن بدّل دينه فاقتلوه) و(أ ُمِرْتُ أن أقاتل الناس حتى يشهدوا…) والحديث عن الذي يدخل الجنة (وإنْ زنى وإنْ سرق) و(إني رأيتكنَّ أكثر أهل النار) و(ما رأيت من ناقصاتِ عقلٍ ودين أغلبَ لذي لبٍّ مِنْكُن) وأمّا من القرآن فسأختار بعض السّوَر التي في نظري هي الأكثر إثارة للجدل: الفاتحة والبقرة وآل عمران والنساء والمائدة والتوبة وهود والأنفال ومريم والأحزاب ومحمد والتحريم]

وعن أُبَيّ بْن كعْب قال: قال الله تعالى (يا مُوسَى مَنْ قرَأ آيَة الكرسِيّ في دُبُر كُلّ صلاة أعْطَيْته ثواب الأنبياء) قال أبو عبد الله: معناه عندي أعْطَيْته ثواب عَمَل الأنْبيَاء، فأمّا ثواب النّبوّة فليس لأحَدٍ إلّا للأنبياء. وهذهِ الآيَة تضَمَّنتْ التوحيد والصّفات العُلا، وهي خمْسُون كلِمَة، وفي كُلّ كلمة خمسون بَرَكة، وَهِيَ تـَعْدِل ثلث القرآن…
[تعليقي: قول أُبَيّ بْن كعْب- قال الله تعالى (يا موسى…) فأين قيل ذلك؟ هل في سورة في مصحف عثمان أمْ في ما دوّن أُبَيّ بْن كعْب في مُصْحَفِه الذي حرقه عثمان أم أنّ القول المذكور هو ممّا أسقِط من القرآن؟]

قالَ أبو ذرّ في حديثه الطَّويل: سألت رسول الله ص أيّ آيَة أنْزَلَ الله عليك مِن القرآن أعْظَم؟ فقال: (الله لا إله إلّا هُوَ الحَيّ القيّوم) [سيأتي التعليق عليه في حقل تفسير ابن كثير] وقال ابْن عَبَّاس: أشـْرَف آيَة في القرْآن آيَة الكُرسِيّ. قال بَعْض العُلماء: لأنّهُ يُكرَّر فيها اِسْم اللَّه تعالَى بَيْن مُضْمَر وَظاهِر ثماني عَشْرَة مَرّة.
[تعليقي: يحتاج قول ابن عبّاس (أشْرَف آيَة في القرْآن آيَة الكُرسِيّ) إلى بيان أو دليل لأنّ إطلاق الكلام جزافاً من شيمة المُفلِسين! أمّا قول بعض العلماء نيابة عن ابن عبّاس (لأنّهُ يُكرَّر فيها اِسْم اللَّه تعالَى بَيْن مُضْمَر وَظاهِر ثماني عَشْرَة مَرّة) فهل يُصبح قول زانٍ أو قاتل أو سارق أو كاذب… إلخ شريفاً إذا كرّر في قوله اسم الله تعالى ثماني عَشْرَة مَرّة؟ ولو كرّره ثمانين مرّة فماذا يُصبح؟]

– “القيّوم” مِنْ قامَ، أَيْ القائِم بتدبير مَا خلق، عَنْ قتادَة. وقال الحَسَن: معناه القائم على كلّ نفس بمَا كسَبَتْ حتّى يُجازيها بعمَلها، مِن حيث هو عالِم بها لا يَخفى عليه شيء منها. وقال اِبْن عبّاس: معناه الّذي لا يُحَوَّل ولا يزول، قالَ أُمَيَّة بْن أبي الصَّلْت:
لَمْ تـُخْلَق السَّمَاء وَالنُّجُومُ
والشَّمْس مَعْهَا قمَرٌ يَقومُ
قدَّرَهُ مُهَيْمِن قيّومُ
والحَشْر والجَنَّة والنَّعِيمُ
إلَّا لِأمْرٍ شَأْنهُ عَظِيمُ
[تعليقي: هذه أبيات من بحر الرّجز لأميّة بن أبي الصّلت- شكراً للإمام القرطبي- لم يدّعِ الشاعر بها وحياً من عند الله، لكنّ اللافت هو أنّ مؤلّف القرآن قد استخدم مفردات هذا الشاعر ومعانيها لفرط ما كان يستأنس بالإصغاء إلى شعْره (خصوصاً وإلى ما لسواه من الشعراء عموماً) ولم يكتفِ بالإصغاء بل اقتبس (وتأدّباً لا يُقال: سرق) ثمّ ادّعى بها وَحْياً أو نزل به الروح الأمين- أي جبريل- مما مرّ ذكره في حلقة سابقة]

– وقرَأ اِبْن مَسْعُود وَعَلْقـَمَة والأعْمَش والنَّخـَعِيّ “الْحَيّ الْقَيَّام” بالألِفِ، ورُويَ ذلك عَن عُمَر. ولا خِلاف بَيْن أهْل اللغة في أنّ القيّوم أعْرَف عنْد العَرَب وأصَحّ بناء وأثبَت عِلَّة. والقـَيّام منقول عَن القـَوّام إلى القيّام، صُرِفَ عَن الفـَعّال إلى الفـَيْعال، كما قِيلَ لِلصّوّاغِ الصّيّاغ، قال الشّاعِر:
إِنَّ ذا الْعَرْش لَلَّذِي يَرْزُق الْنَا س وحَيّ عَليْهِمِ قـَيّومُ [بحر الخفيف]
ثـُمّ نفى عَزّ وجَلّ أنْ تأخُذهُ سِنَة ولا نوْم. وَالسِّنَة: النّعَاس في قوْل الْجَمِيع. وَالنُّعَاس ما كان مِن العَيْن فإذا صَارَ فِي القلب صَارَ نـَوْمًا.
[تعليقي: القول (ولا خِلاف بَيْن أهْل اللغة في أنّ القيّوم أعْرَف عنْد العَرَب…) لا غبار عليه، لكنّ الغبار على ما في اللوح المحفوظ- سورة البروج: 22 كذلك الإصطدام مع قوله في سورة الحجر: 9 (إنّا نحن نزّلنا الذكر وإنّا له لحافظون) فأيّهما المحفوظ؛ القـَيّوم الوارد في مصحف عثمان أم القـَيّام الذي في مصحف ابن مسعود بشهادته وشهادة عَلْقـَمَة والأعْمَش والنَّخـَعِيّ؟]

– لهُ ما في السّماواتِ وما في الأرْض [ولا أزال مع تفسير القرطبي] قال الطَّبَرِيّ: نزلتْ هذه الآيَة لمَّا قال الكُفّار: مَا نعْبُد أوْثانًا إِلَّا لِيُقرّبونا إلَى الله زُلْفى
[تعليقي: واضح أنّ الكفـّار المقصودين يعبدون الله ولكنهم اتخذوا من الأوثان شفعاء لهم عند الله- والفرق كبير ما بين الشفاعة والعبادة- فما دَخـْل محمّد بهم وبأيّ حق سمّاهم كفاراً؟ ومَنِ الذي أعطى محمّداً الحق في قتلهم- كما ورد في سُوَر التوبة: 5 والأنفال: 12 ومحمّد:4 وغيرها؟ إنْ قال قائل: هو الله فماذا كان دليل محمد بأنّه تلقـّى أوامره من الله؟ ولماذا يغضّ القائل المذكورُ النظرَ عن الهلوسات المحمّديّة بسبب الحالة العصبيّة الحادّة التي كانت تنتاب محمّداً قبل الدعوة وبعدها- بشهادة شهود عيان ممّا ورد في السيرة الحلبيّة وغيرها؟]

– وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السّماواتِ والأرْض
ذكرَ اِبْن عَسَاكِر فِي تارِيخه عَنْ عَلِيّ (رضِ) قالَ- قالَ رَسُول الله ص: (الكُرسِيّ لؤلؤة والقلَم لؤلؤة وطول القلم سَبْعمِائةِ سَنَة وطُول الكُرْسِيّ حَيْثُ لا يَعْلمهُ إِلَّا الله)
[ تعليقي: قوله (حَيْثُ لا يَعْلمهُ إِلَّا الله) يُضيف مفتاحاً غيبيّاً جديداً إلى المفاتيح الخمسة التي قال محمّد (لا يعلمُهنّ إلّا الله) في معرض تفسير ابن كثير لسورة الرعد: 8 عن ابن عُمَر- راجع لطفاً الحلقة 20 في هذه السلسلة]

————–

* إبن كثير
عَنْ أبي ذرّ- رضِ- قال: أَتيْت النَّبِيّ ص وهو في المَسْجد فجَلسْت فقال يا أبَا ذرّ هلْ صَلَّيْت؟ قلْت لا قَال قمْ فصَلِّ قالَ فقمْت فصَلّيْت ثمّ جَلَسْت فقال يا أبا ذرّ تعَوَّذ بالله مِنْ شرّ شياطين الإنس والجنّ قال: قلت يا رسول اللَّه أوَلِلإنس شياطِين؟ قالَ نعَمْ قال: قلت يا رسول الله الصّلاة قالَ خيْرُ مَوْضُوعٍ مَنْ شاءَ أقلّ وَمَنْ شَاءَ أكْثرَ قَال: قلْت يا رسول الله فالصَّوْم؟ قالَ فرْضٌ مُجْزِئ وعنْد الله مَزِيد قلت يا رسول الله فالصّدَقة؟ قال أضْعاف مُضَاعَفة قلت يا رسول الله فأيّها أفضَل؟ قالَ جُهْدٌ مِنْ مُقِلٍّ أو سِرٌّ إلَى فقِيرٍ قلت يا رسول الله أيّ الأنبياء كان أوّل؟ قالَ آدَم قلت يا رسول الله ونبيٌّ كان؟ قال نَعَمْ نبيّ مُكلَّم قلْت يا رسُول الله كم المُرسَلون قال ثلاثمِائةِ وبضْعَة عَشـَر جَمّاً غفِيرًا وقال مَرّة وَخمسة عَشَر قلت يا رسول الله أَيّ ما أنْزَلَ عليْك أعظم؟ قال آيَة الكرسِيّ “الله لا إله إلّا هُوَ الحَيّ القيّوم” ورواهُ النّسائيّ.

تعليقي:
1 هل كانت أسئلة الصحابي أبي ذرّ (الغفاري) في جلسة واحدة مع محمّد أم في جلسات متعددة، لأني رأيت السؤال (أيّ ما أنزلَ عليك أعظم) مُفرَداً في معرض تفسير القرطبي- ما مرّ ذكره أعلى- لهذا السبب أشكّ في طول أناة محمّد وصبره ورحابة صدره إزاء سماع أسئلة عدّة ومتنوّعة من أحد- لولا أنّ أبا ذرّ من المُحبّبين لدى محمد والسابقين إلى الإسلام- وهو القائل (لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم…) – المائدة: 101

2 لا أدري بسؤال هذا الصحابي (أوَلِلإنس شياطِين؟) إمّا فات عليه ما ورد في سورة الأعراف:
وإمّا يَنْزَغَنَّكَ مِن الشَّيْطان نـَزْغٌ فاسْتعِذ بالله إنَّهُ سمِيعٌ عليم (٢٠٠)
إنّ الَّذِين اتَّقوا إذا مَسّهُمْ طائِفٌ مِن الشَّيْطانِ تذكَّروا فإذَا هُمْ مُبْصِرُون (٢٠١)
كذلك حديث محمد عن وجود قرين من الشياطين لكلّ إنسان وسأورد حديثين معروفـَين؛
الأوّل- عن ابن مسعود قال: قال النبي ص ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة قالوا وإيّاك قال وإيّاي إلا أنّ الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلّا بخير. والثاني- عن عائشة قالت: قال النبي ص ما منكم من أحد إلا ومعه شيطان قالوا وأنت يا رسول الله قال وأنا إلا أنّ الله أعانني عليه فأسلم.
وبالمناسبة فإنّ من الأحاديث ما يدلّ على أنّ الشياطين تهرب من آية الكرسي- وهنا ممّا روى ابن كثير، كذلك القرطبي في مطلع تفسيره آية الكرسي:
* ابن كثير- قال الحاكم أبو عبد الله في مستدركه: عن أبي هريرة أنّ رسول الله – ص- قال: سورة البقرة فيها آية سيّدة آي القرآن لا تـُقرَأ في بيت فيه شيطان إلّا خرج منه: آية الكرسي.
* القرطبي- رُوي عن محمّد ابن الحنفيّة أنه قال: لمّا نزلت آية الكرسي خرّ كلّ صنم في الدنيا وكذلك خرّ كل ملك في الدنيا وسقطت التيجان عن رُءوسهم، وهربت الشياطين يضرب بعضهم على بعض إلى أنْ أتوا إبليس فأخبروه بذلك فأمرهم أن يبحثوا عن ذلك، فجاءوا إلى المدينة فبلغهم أن آية الكرسي قد نزلت.

3 لقد استغرب أبو ذرّ من جواب محمّد على سؤاله عن نبوّة آدم حتـّى سأله ( ونبيٌّ كان؟) فمعروف لدى الصحابي المذكور- كما يبدو- أنّ آدم لم يكن نبيّاً! وقد ذكرت فيما سبق أنّ أخبار الأنبياء قد اختلطتْ على محمد فما عاد يميّز بينهم. ومِن الذين ظنّ مؤلّف القرآن بهم أنبياء: لوط وإسماعيل وهارون بالإضافة إلى آدم.

———————

* في الحلقة الثانية والعشرين إلقاء ضوء على بلاغة آية سورة النور: 35 وهي من الأمثلة التي رآى الرصافي أنها في الذروة العليا من البلاغة في القرآن، ممّا يأتي قريباً.

* يؤسفني غضّ الطرف عن التعليقات الخارجة عن إطار الموضوع بسبب ضيق الوقت.

تواصل مع رياض الحبيب فيسبوك

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر | Leave a comment

هل أنيسة مخلوف هي التي تحكم سوريا

حصريا مفكر حر 30\9\2012

صفحة مفكر حر على الفيسبوك

Posted in ربيع سوريا, كاريكاتور | Leave a comment

آثار مسيحيَّة في شعر غير المسيحيّ، ج 3

بقلم: رياض الحبيّب

موقع لينغا  29 أيلول 2012

مَن أراد التعرّف إلى الأدباء الذين تأثروا بقضية الشاعر المتصوّف الحُسَين بن منصور الحَلّاج يمكن وضع اسمه في أحد محرّكات البحث ليحصل على أخبار كثيرة عنه، وإن نُقِل القليل من أدبه وفلسفته شِعرًا ونثرًا، لأنّ هذه المقالة غير مخصّصة لعرض قضيّة الحلّاج، وإن أشار إليها الجزء الأوّل باهتمام وإن شغلت مساحة غالبيّة الجزء الثاني، إنما عَرْض الآثار المسيحيّة التي تركها الشعراء القدامى والجدد في قصائدهم؛ سواء أكانت الآثار ظاهريّة سهلة الفهم أم باطنيّة تلزم التأمل والتعمّق لسَبْر أغوارها. وقد ذكرت في الجزء الأوّل أهمّ مرجعَين لموضوع المقالة بقلم الأب لويس شيخو اليسوعي، متيسِّرَين عبر الانترنت؛ إذ تقفّى هذا الباحث الكبير خطى قبائل عربية مسيحيّة معروفة قبل ظهور الإسلام وبعده، مستشهدًا بمقتطفات من أقوال شعراء النصرانيّة العرب، المشهورين منهم وغير المشهورين، منذ القرن الخامس الميلادي حتى نهاية الدولة العبّاسيّة. وقد اكتفيت بذِكر آثار الحلّاج المسيحيّة، من جهة الشعر القديم، ليحين دور بعض الآثار الواضحة في الشعر الحديث، لأنّ المقالة لا تتسع لعرض جميع الآثار. وبالمناسبة؛ رأيت أنْ لا بأس في عرض أحد الآثار المسيحيّة في الشعر الحديث ممّا يمتّ إلى ثورة الحلاج ومأساته بصِلة وثيقة ولافتة، هو ما تركه لنا شاعر العراق الكبير عبد الوهاب البَيّاتي (1926 – 1999 م) إذ رأى في تاريخ نضاله الإنساني الطويل امتدادًا ما لسيرة الحلّاج وغيره. عِلمًا أن سيرة كلّ من الحلّاج والبيّاتي، وسائر الشخصيّات التي تركت آثارًا شديدة الوقع في النفوس، لا تسعها مقالة واحدة في ويكيپـيديا بل مقالات، ولا دراسة هنا وأخرى هناك بل دراسات. وعِلمًا أنّ الهدف من عرض الآثار المسيحيّة هو تبشيري بحت، إذ بشّر بخلاص المسيح وبالحياة الأبديّة مع المسيح تلاميذُهُ ورُسُلُهُ، كُلًّـا بحسب إرشاد الرّوح القدس له. فمَن يظنّ أن القصد من هذا العرض هو “الدفاع” عن الله (إله الكتاب المقدّس) أو عن المسيح والمسيحيّة يكُنْ مُخطئًا وقارئًا كتابًا مِن غلافه، إنما رأيت في كلّ أثر من الآثار شهادة حيّة للمسيح ولصليبه المقدّس، سواء أكان قصد الشاعر تبشيرًا أم استيحاءً من سيرة المسيح وتوظيفَ مقتطفات منها في شعره وتوظيف عدد من أقواله وأعماله
 
* * *
 
مقتطفات عامّة من شعر البيّاتي
 
من قصيدة “عذاب الحلاج” التي كتبها البيّاتي في القاهرة سنة 1964 م
 
حَكَمْتَ بالمَوت عَلَيَّ قبلَ ألْف عامْ
 وها أنا أنامْ
 منتظِرًا فجْرَ خَلاصي، ساعةَ الإعدامْ
 – – –
 مائدتي، عَشائِيَ الأخيرُ في وَلِيمة الحَيَاهْ
 فاٌفتَحْ لِيَ الشُّبّاكَ، مُدَّ لي يَدَيكَ آهْ… إلخ- بحر الرَّجَز
 * *
 
من قصيدة “قراءة في كتاب الطواسين للحلاج” في ديوان البيّاتي: قمر شيراز
 
 لماذا يا أبتي أُنفى في هذا الملكوت؟
 – – –
 أجيالٌ وقوافلْ
 أمَمٌ وممالكْ
 أهْلَكَها الطّوفانْ
  – – –
 ثوراتُ الفقراءْ
 يسرقُها، في كلّ الأزمان، لصوصُ الثوراتْ
  – – –
 زاباتا (1) كان مثالًا ومئاتُ الأسماء الأخرى
في قاموس القدّيسِينَ الشّهداءْ
 – – –
 فلماذا يا أبتي صُلِب الحلّاج؟… إلخ- بحر الخبَب
 * *
 
 قصيدة “إلى عام 1957” للبيّاتي في مناسبة عيد الميلاد
 
واغرورقتْ عيناهُ بالدموعْ
 وقالَ لي: يَسُوعْ
 بالأمسِ مرَّ من هنا، يسوعْ
 صليبُهُ غُصنانِ أخضرانِ مُزهِـرانْ
 عيناهُ كوكبانْ
 طَلْعتُهُ حمامةٌ، مِشْيَتُهُ أغانْ
 بالأمسِ مَرَّ مِن هنا
 فأزهَرَ البستانْ
 واٌستيقظَ الأطفالُ، لا أحلى
 وفي السماءْ
 كانت نجومُ الليلِ كالأجراسِ كالصّلبانْ
 غرقى بدمعي كانت الأحزانْ
 طريقُنا للحبّ والنّسيانْ
 وأرضُنا الخضراءُ في مخاضها مُثخَنةُ الجِراحْ
 تحلمُ بالزّنبق والصّباحْ
 تحلُمُ في ألفِ يسوع سوف يَحمِلونْ
 صليبَهُمْ في ظُلمةِ السّجونْ
 وسوف يكثرونْ
 وسوف يُنجِبُونْ
 ذُريّةً تزرعُ أرضَ الله ياسمينْ
 تصنعُ أبطالًـا وقدّيسينْ
 تصنعُ ثائرينْ- بحر الرَّجَز
 * *
 
المسيح الذي أُعيد صَلبُه
 
كتبها البيّاتي في دمشق سنة 1958 م إلى السيدة جميلة بوحيرد المناضلة الجزائريّة من مواليد 1935 م والقصيدة منشورة في مجموعته “كلمات لا تموت” الصادرة في بيروت سنة 1960 م
 
إنّ طَعْمَ الدم في صوتي
 وفي أبيات أشعاري الشقيّهْ
 مِثْلُ سَدٍّ يقفُ الليلة ما بيني وبين البربريَّهْ
 إنّ جيلًـا كاملًـا ماتَ نهارَ اليوم يا أختي الصّبيَّهْ
 يا جميلهْ
 إنّ ثلجًا أسودًا يغمر بستان الطفولهْ
 إنّ بَرقًا أحمرًا يحرق صُلبانَ البطولهْ
 إنّ حرفًا ماردًا يولد في أرض الجزائرْ
 يولد الليلةَ لم تظفرْ به ريشةُ شاعرْ- بحر الرَّمَل
 * *
 
صليب الألم
 كتبها البيّاتي سنة 1950 م
 
في طريقي إلى الظلام البعيدِ * صَلَبَ الليلُ بالفراغ وُجُودي
 – – –
 كم مشى قيصرٌ عَلَيَّ لِنَصرٍ * وتغنّى بمَجد فرعونَ عُودي
 
وبَنَيتُ الأهرامَ والقيظُ يَشوي * رأسِيَ المُتْعَبَ الحزينَ وجِيدي
 
ولثمتُ الأيدي التي لطمتني * وتفانيتُ في هوى معبودي
 – – –
 يا صليبَ العذاب خُذني حطامًا * وَيْكَ خُذني إلى صَليب جديدِ- بحر الخفيف
 
وَيْ: كلمة تعجُّبٍ. ويقال: وَيْكَ ووَيْ لعبد الله. وقد تدخل وَيْ على كأن المخفَّفة والمشدَّدة، تقول: وَيْ كأنْ، ووَيْ كأنَّ – قاموس الصّحّاح في اللغة
 * * *
 
أخيرًا؛ هكذا اعتمد البيّاتي وعدد من أترابه رواية الصّلب الإنجيليّة دون غيرها، على رغم خلفيّاتهم الدينيّة غير المسيحيّة. وقد عاش مغتربًا في دمشق وبيروت وموسكو والقاهرة واسپانيا ثم عمّان قبل انتقاله آخر المطاف الى سورية حيث توفّي هناك سنة 1999 م. عِلمًا أني تشرّفت بلقاء قصير معه في عمّان قبل نهاية العام 1991 إذ رأيته بالصدفة جالسًا في الساحة الهاشميّة مع أحد أصدقائه (أو أحد أقاربه) وما عرفته بالقدر الذي عرفت السّياب ونازك الملائكة من روّاد الشّعر الحُرّ، ولا قرأتُ من شعره المسموح به في عراق تلك الفترة سوى مجموعة واحدة هي “أباريق مهشّمة” فقادني الفضول إلى معرفته عن كثب فسلّمتُ عليه وصافحتُه وأذِن لي بالجلوس وبالتقاط صورة معه ما زلت معتزًّا بها، ثمّ أنشدتُهُ شيئًا مِن شعري العمودي عن قصد، لأنّ الذي وصلني عنه من شائعات هو ازدراؤه الشعر العمودي! ففوجئتُ بإعجابه بالقصيدة، إذ كانت على وزن المنسرح، بل قال البيّاتي- رحمه الله- ما معناه: (هذه القصيدة يجب أن تُنشَر؛ إذا زُرتَ جريدة الرأي وتحديدًا رئيس قسمها الثقافي ابراهيم العجلوني فلطفًا انقلْ لهُ تحيّتي: يُسلّم عليك أبو علي) ففعلت وقد استقبلني الأديب ابراهيم العجلوني مُرَحِّبًا، ثمّ نُشِرت القصيدة في مُلحَق الجريدة: الرأي الثقافي، هي الوحيدة المنشورة لي في الأردنّ. ذلك في وقت تشرّفت أيضًا بلقاء الأديب الأردنيّ الكبير روكس العزيزي (2) في منزله بعمّان
 
* * *
 
1
 إيمليانو زاباتا (1879 – 1919 م) من قادة الثورة المكسيكية التي اندلعت سنة 1910- والمزيد في ويكيپيديا Emiliano Zapata
 2
 روكس بن زائد العزيزي (1903- 2004 م) من عشائر العزيزات المسيحيّة الأردنيّة ومن أحفاد الغساسنة، له نحو ثمانين كتابًا، رئيس رابطة الكتّاب الأردنيّين عام 1976 وممثل الرابطة الدولية لحقوق الإنسان في الأردن منذ عام 1956 حتى وفاته. وقد أطلقت أمانة عمّان اسمه على أحد شوارعها تكريمًا له. والمزيد في ويكيپيديا
 
¤ ¤ ¤ ¤ ¤

تواصل مع رياض الحبيب فيسبوك

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

ضحايا صدام حسين 17

صباح ابراهيم

الفصل السابع عشر
ضحايا الشعب الكردي

دفن الكرد احياء في مقابر جماعية

الحرب على الكرد

الملا مصطفى البارزاني
جرت محاولة اغتيال الزعيم الكردي [الملا مصطفى البارزاني ]عام 1971 بتدبير من مدير الامن العام ناظم كزار ، وبتوجيه قيادة البعث الحاكم للتخلص من القيادة الكردية المتمردة على السلطة .وذلك بتفخيخ جهاز تسجيل واخفاءه في ثياب احد رجال الدين الموفدين لمقابلة مصطفى البارزاني في مقر اقامته . وقد نجى من هذه المحاولة التي قتل فيها تسعة من الوفد الديني المرسل مع السائقين و كردي كان يقدم الشاي للضيوف اثناء الانفجارو14 جريح .

مسعود البارزاني
في الثامن من كانون الثاني عام1978، جرت محاولة اغتيال مسعود البارزاني في فينا من قبل عناصر جهاز المخابرات الصدامي ، ، تابعوه الى بناية كان يزور فيها صديق له وانتظروا خارج البناية التي يقيم فيها ، وما ان نزل عدد من ضيوفه من البناية حتى امطروهم بزخات من الرصاص معتقدين ان مسعود بينهم . وشاء القدر ان يتأخر مسعود في الخروج فلم يصب بأذى ، فجرح اثنان من الضيوف ومن بينهم آزاد  عضو قيادي في الحزب الالديمقراطي الكردستاني .

ادريس البارزاني
جرت محاولة لاغتيال النجل الاكبر لمصطفى البارزاني ( ادريس) بضرب سيارته في بغداد ولكنه لم يكن متواجدا فيها .

صالح اليوسفي
اغتيل في منزله ببغداد صباح يوم 21/6/1981 من جراء فتحه رسالة ملغومة وصلت أليه بالبريد بتدبير وتخطيط من مدير المخابرات آنذاك المجرم برزان ابراهيم التكريتي ، حيث قطعت يداه ومنعوا عنه الإسعافات اللازمة.

دارا توفيق
 الشخصية السياسية والثقافية والصحفية المرموقة ، رئيس تحرير جريدة التآخي للمدة من (1970-1974) ، كان عضوا في الجانب الكوردي المفاوض خلال السنوات الاربع التي تلت اتفاقية الحادي عشر من اذار، عين مديراً عاما للمنشأة العامة للنقل النهري لكونه مهندس مدني ، توجه الى دائرته كالعادة.. ولم يعد دارا ظهرا الى البيت ولكن دائرته سجلت انقطاعه عن الدوام الرسمي بتاريخ 5/11/1980فقد اختفى من الوجود بفضل اجهزة صدام القمعية.

الحرب الشاملة على الكرد وحملات الانفال
في آذار 1974 قام عملاء السلطة بتفجير سلسلة من القنابل في مدينة أربيل، مما جعل إمكانية تلاقي القيادة الكردية مع حكومة البعث بعيد المنال. وعند انتهاء فترة السنوات الأربع المحددة لتطبيق الحكم الذاتي المعلن في 11 آذار عام 1970. كان التباعد في وجهات نظر الطرفين حول تطبيق اتفاقية 11 آذار قد اتسع كثيراً، وأصرّ البعثيون على تطبيقها بالشكل الذي يريدونه هم، ورفضت القيادة الكردية فرض الحلول البعثية، ولجأت إلى حمل السلاح مرة أخرى، وبدأ القتال من جديد، وشن الجيش حرباً جديدة ضد الشعب الكردي، مستخدماً الطائرات والدبابات والصواريخ وكل الوسائل العسكرية المتاحة لديه، فدمروا مئات القرى، وشردوا مئات الألوف من أبناء الشعب الكردي، إضافة إلى عشرات الألوف من الضحايا .
بعد توقيع صدام حسين وشاه إيران على اتفاق الجزائر في 16 آذار 1975، قامت حكومة البعث بنفي الألوف من أبناء الشعب الكردي إلى المناطق الجنوبية من العراق وفي الصحراء!! وأفرغت مناطق الحدود من الوجود الكردي، وجمعت الأكراد في مجمعات سكنية إجبارية، وهدمت جميع القرى القريبة من الحدود الإيرانية والتركية، وكذلك جميع القرى المحيطة بمدينة كركوك.
كما زج البعثيون بعشرات الآلاف من الأكراد في السجون وجرى إعدام المئات منهم، ومات في أقبية التعذيب، في مديرية الأمن العامة، وزنزانات هيئة التحقيق الخاصة في كركوك والموصل ودهوك والسليمانية وأربيل المئات منهم، وتحول الألوف من الشعب الكردي من عناصر منتجة إلى عناصر مستهلكة بعد أن تركت مزارعها ومواشيها وانهار اقتصاد كردستان. ( حامد الحمداني / من ذاكرة التاريخ )
عندما سال بعض الأكراد عن مصير أقربائهم كانت تعليمات مديرية الأمن العامة في كتابها في 25/9/1990 تنصح بالأجابة” تكون عبارة (لم تتوفر لدينا معلومات عن مصيرهم ) بدلا عن عبارة (وقبض عليهم في عمليات الأنفال البطولية ولازالوا محجوزين حاليا).”
لم يقتل الضحايا فقط، بل شطبوا من على وجه الأرض من قبل نفس السلطة التي لاتتوفر لديها “معلومات عن مصيرهم”. اختفوا كانهم لم يوجدوا أصلا. لاشي يجب أن يذكر أحد بهم ، لا فاتحة…. لا حتى قبر….

أعدام كوكبة من الكرد في بغداد يوم 4/5/1974
 ( ليلى قاسم حسن ، جواد مراد الهماوندي ، نريمان فؤاد مستي ، آزاد سليمان ، حمه ره ش ) قد سجلت سابقة لا نظير لها في تاريخ منطقة الشرق الأوسط والبلدان العربية ، إذ تم إعدام أول فتاة عراقية من كردستان بعد تعرضها لتعذيب وحشي من مخابرات نظام بغداد . أول امرأة تعدم علناً في الشرق الأوسط عام 1974 وكانت عملية بشعة .. تبعها إعدام المئات ودفن الآلاف منهن في المقابر الجماعية بامر من صدام حسين وازلامه .

ضحايا الحرب العراقية الإيرانية

 نشبت الحرب بين العراق وإيران من سبتمبر 1980 حتى أغسطس 1988،أطلق عليها من قبل الحكومة العراقية آنذاك اسم قادسية صدام تمجيدا لقيادة صدام للحروب العبثية ، خلفت الحرب من الضحايا نحو مليون قتيل واكثر من 30 الف اسير عراقي وخسائر مالية بلغت 400 مليار دولار أمريكي ودمار للاقتصاد والبنية التحتية ووتوقف صادرات النفط ،  دامت الحرب ثماني سنوات لتكون بذلك أطول نزاع عسكري في القرن العشرين وواحده من أكثر الصراعات العسكرية دموية أثرت الحرب على المعادلات السياسية لمنطقة الشرق الأوسط وكان لنتائجها بالغ الأثر في العوامل التي أدت إلى حرب الخليج الثانية والثالثة.
وكان من ضحايا هذه الحروب مئات الالوف من الجنود والضباط العراقيين المقاتلين في الجبهات اضافة الى اوامر صدام حسين باعدام المئات من كبار قادة الجيش بمختلف الرتب العسكرية من اللذين كانوا يخسرون المعارك او يشك بولائهم او ممن عارضوا استمرار القتال دون جدوى .
كما امر صدام باعدام المتخلفين والهاربين من الخدمة العسكرية والجيش الشعبي اثناء الحرب وتشكيل فرق الاعدامات الميدانية وتخويلهم صلاحية تنفيذ الاعدام الفوري لكل عسكري يترك ارض المعركة ويعود للمقرات الخلفية هربا من جحيم الموت او الاسر.

غزو الكويت
                   
غزا صدام دولة الكويت ، حيث استباح حرماتها وقتل الآلاف من شبابها وشرد اهلها واغتصب نسائها ، وحول مختبرات كليات وجامعة الكويت إلى سجون وورشات تعذيب وإعدامات وقتل وتمثيل تخجل منها الإنسانية. ولم يكتف بذلك بل أنه واولاده واقرباءه سرقوا كل شيئ  وحتى أعمدة الضوء في الشوارع وأجهزة التبريد والبنوك والمصارف والسيارات والذهب والخيول والقطع الفنية من دار الآثار الإسلامية والارشيف الحكومي .
كما أنه قتل البيئة ولوثها عندما أحرق كافة آبار النفط بحيث تلوث الهواء ومياه الخليج وماتت الأسماك والسلاحف.
لدى إحتلال صدام للكويت بتاريخ  2 أغسطس عام  1990  قام بالهجوم على المملكة العربية السعودية للإستيلاء على آبار النفط  ، واقتحمت قواته الأراضي السعودية ودارت  معركة حامية في  مدينة أومنطقة الخفجي راح  ضحيتها أعداد كثيرة من السعوديين والعراقيين إلى أن ردت
قوات التحالف القوات العراقية وطردتهم من الأراضي السعودية.

وبعد انهيار الجيش العراقي في الكويت بسبب الضربات الجوية والبرية الصاعقة حدث انسحاب غير منظم للجيش واصبح مصيدة سهلة للقوات الجوية الامريكية والبريطانية وقوات التحالف الاخرى فاحرقت صواريخ وقذائف قوات التحالف دبابات ومركبات الجيش العراقي اثناء الانسحاب العشوائي وخلفت اكثر من اربعين الف قتيل محترق داخل تلك المركبات العسكرية او متروكا جثثا منثورة في الصحراء . واضيفت هذه الضحايا الى سجل ضحايا الشعب العراقي نتيجة غرور وتهور القائد الضرورة وصكر البيدة صدام حسين

تواصل مع صباح ابراهيم فيسبوك

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية | Leave a comment

هلهولة للعيدية عيني.. تعيش الحكومة

محمد الرديني

مبروك للشعب العراقي على مكرمة الحكومة التي تكرمت بها عليه بمناسبة عيد الاضحى المبارك وقدرها 4 ملايين دينار وشوية خردة لكل فرد عراقي حتى الطفل الرضيع.
اولاد الملحة تأكدوا وتيقنوا ان حكومتهم هي الاب الشرعي لهم بل ولكل عراقي حتى ولو تسلم منصب رئيس الاستخبارات والمخابرات والامن والسجن المركزي ونكرة السلمان وغيرها، فهي الحكومة التي لاتنساهم لا بالملمات ولا بالشدائد تعرف الاخوان.
ورغم انهم جهزوا اوراقهم ليسجلوا فيها منافذ صرف هذا المبلغ الذي نزل عليهم من السماء السابعة في مقداره وقيمته الا انهم قرروا ان يبعثوا رسالة لوم رقيقة الى اصحاب المكارم كالتي بعث بها قيس ابن الملوح الى زوج ليلى في ليلة دخوله عليها:
بربك هل ضممت اليك ليلى
قبيل الصبح وهل قبلت فاها
وهل رفّت عليك غصون ليلى
رفيف الاقحوانة في شذاها
ومناسبة هذا القول كما ذكر الناطق الرسمي لاولاد الملحة ان هذه المكرمة ينطبق عليها القول الشائع “كل حلو بيه لوله”.
سألوه الجماعة: يعني شلون خوية..؟
اعتدل الناطق الرسمي وقال وهو يكاد يجهش بالبكاء لكنه كظم دمعاته فالبكاء للحريم كا اشار خطيب الجمعة الاسبوع الماضي:
اريد احلفكم بشرفكم وبضميركم وبكل مقدساتكم الشريفة ،هل من المعقول ان هذه العيدية تشمل الوزراء واعضاء الحكومة والمقربين منها والمبعدين اضافة الى اعضاء البرطمان حملة الجوازات الدبلوماسية واصحاب الدرجات الخاصة؟.
اكيد راح يرفضوها واكيد راح يصرحون بالقنوات الفضائية وغير الفضائية ان قيمة هذا المبلغ مضحكة جدا لأن الحكومة ما تعرف أي شيء عن مصروفهم اليومي.. يعني مثلا البارحة واحد من اعضاء البرطمان اشترى بلميونين دينار حفاظات “بامبرز” للمولود الجديد، وآخر شحن عطور من باريس في حقيبة دبلوماسية بقيمة 8 آلاف دولار امريكي و500 يورو،اما الاخ الثالث فقد اصر على شحن الرز البسمتي من امريكا بطائرة شحن خاصة خوفا عليها من ان “تتوسخ” مع امتعة اولاد الملحة الا انه عاد واستورد ربع طن من الرز الهندي المعتبر والمعبأ باكياس من الخيش المحلاة بانواع من التوابل اللي تفتح النفس ولا تباع الا في ساحة قصر تاج محل.
واضاف الناطق:بعد هذا كله هل يحتاج اولياء امورنا الى هذا المبلغ اللي يعتبر مصروف للاولاد من يروحون للمسبح بالمنطقة الخضراء؟.
بعدين بصراحة اللي كاتب الخبر في جريدة المدى العراقية ينتمي الى نقابة الشيطان الاكبر او ربما الى هيئة علماء المسلمين برئاسة حارث الضاري حفظه الله اذ بدأ بمتن الخبر قائلا:
كشف التيار الصدري عن شمول الوزراء والنواب وأصحاب الدرجات الخاصة بمشروع توزيع 25% من فوائض الواردات النفطية على الشعب العراقي، مؤكدا حصوله على وعود حكومية بتنفيذ المشروع قبل نهاية العام الحالي.
ثم يعرج على اولاد الملحة ليقول:أن نصيب الفرد من هذه الحصة سيكون بين 400 و500 دولار تمنح دفعة واحدة عن موازنة العام الحالي. وأكدت المصادر عزم التيار على تعديل المشروع في موازنة 2013 بشكل يضمن التوزيع العادل لأبناء الشعب كافة بإحدى طريقتين؛ إما إيجاد فرع من الموازنة يختص بالمشروع وذلك بتخصيص أموال له من خزينة الدولة، أو حجبه عن العائلات والأفراد الذين ليسوا بحاجة له.
وكانت كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري قد هددت في شباط الماضي، بعدم التصويت على الموازنة العامة لعام 2012 في حال عدم إجراء تعديلات عليها تتضمن تخصيص مبالغ إضافية للمواطنين من فائض موازنات السنوات السابقة.”
يعني الشباب بعدهم ما صادقوا على ميزانية هذا العام اللي راح يخلص بعد 3 اشهر.
غريبة مو؟.
ماغريب الا الشيطان وديرة عفج.

تواصل مع محمد الرديني فيسبوك

Posted in الأدب والفن, فكر حر | Leave a comment

هل للمرأة حقوق في شريعة الإسلام؟

عبد القادر أنيس

أواصل في هذه المقالة قراءة كتاب محمد الغزالي (حقوق الإنسان بين تعاليم الإسلام وإعلان الأمم المتحدة).
تتناول هذه الحلقة الحادية عشر حول هذا الكتاب موقف الفكر الإسلامي من المرأة والطفل. وقد سبق لي أن تناولت الموضوع من جوانب أخرى، في مقالتين سابقتين:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=206434
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=205932
التهمة التي وجهتها للغزالي طوال المقالات السابقة وهي الانتقائية والتحايل والسذاجة لا زالت قائمة، وهي في هذا المقال تبلغ أوجها.
فما يكتبه عن تكوين الأسرة في الإسلام (ص 101) يتحول في الحقيقة إلى الحديث عن المرأة وحقوق الرجل عليها وخاصة الطلاق الذي أخذ حصة الأسد من حديث الشيخ حول الأسرة المثالية في الإسلام. المرأة في هذه المعادلة طرفا ضعيفا إن لم يكون غائبا رغم الجهد الذي بذله الشيخ لتحسين صورة الإسلام في هذه المسألة عبر آلية الانتقاء والطمس بوصفها من سمات الفكر الإسلامي المعاصر.
لنستعرض قبل كل شي وجهة نظر الشيخ في هذه المسألة (ص ص 101-116).
الشيء الملاحظ هنا أن المخاطب الوحيد هو الرجل تقريبا سواء تعلق الأمر بما ورد في القرآن أم السنة أم اجتهادات الفقهاء، الضمير يعود دائما إلى المذكر، أو بالأحرى، الفاعل هو الرجل والمفعول به هي المرأة: “فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم”. “إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف دينه، فليتق الله في النصف الآخر”. “من أراد أن يلقى الله طاهرا مطهرا فليتزوج الحرائر”. “ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خيرا له من زوجة صالحة، إن أمرها أطاعته وإن نظر إليها سرته وإن أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله”.
أدعو القارئ إلى التأمل في هذه الألفاظ المهينة مثل: (باشروهن، الحرائر، أمرها، أطاعته، أقسم عليها أبرته، ماله…)
ثم يقول الغزالي: “وقد وضع الإسلام التعاليم الآتية في المعاملات العامة بين الرجال النساء:
– غض البصر: وقل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم … وقل للمؤمنات يغضضن.. الآية”
– إخفاء الزينة ومنع التبرج “ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها”.
– سد الذرائع: لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم” ويقول الشيخ بهذا الصدد “والإسلام الذي يباعد الجنسين عن الانحراف ويأمر بالغض والعفاف ويضع سدا بعد سد أمام جريمة الزنا يرفض بداهة الأحفال التي يلتقي فيها الجنسان في عصرنا هذا، راقصة أو غير راقصة”. طبعا المرأة هي المقصودة بالعفاف كما سنرى، ويقول: “إن الغرب قليل الاكتراث بالحلال والحرام في علاقة الذكر بالأنثى – لكن الإسلام على العكس من هذا التحلل- شديد الاكتراث بهذه العلاقة شديد الحساسية بكل عوج تتهدده الأسرة قبل تكوينها وبعده”.
ويقول: “ولقد فحشت نسبة اللقطاء في عواصم الغرب واهتمت الحكومات هناك ببناء الملاجئ لاستقبالهم وارتفعت الأصوات تطلب التسوية بينهم وبين الأبناء لشرعيين!! (علامتا التعجب من عند الشيخ) ومستقبل الأسرة تتهدده أمواج من الآثام الطاغية حتى ليوشك أن يغرق فيها..”
ويقول: “ونحن مصابون بالقردة التي تقلد الشر ، وتزوّق صوره للأمة الإسلامية، فهي تطلب بقاء التبرج الذي تسرب إلى مجتمعنا… وهي تستدر الشفقة على اللقطاء وتريد أن يعترف القانون بهم اعترافه بالأبناء الشرعيين”.
قبل أن أواصل مع الشيخ أحب أن أتوقف لأقول إن كلام الشيخ جملة وتفصيلا انتقائي ومتحايل ومغرض ومخادع وساذج فوق كل ذلك. ولكن قبل ذلك لا بد من إدانة الشيخ ومن ورائه كل الفكر الإسلامي على موقفه من اللقطاء خاصة دعوة الغزالي الصريحة لعدم الاعراف بهم وممارسة التمييز العنصري ضدهم، وهو مصطلح تدينه مواثيق حقوق الإنسان الحديثة التي تنظر إليهم كأطفال عاديين ويجب أن يعامَلوا كذلك. لنقرأ من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان:
المادة 1: يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وُهبوا عقلاً وضميراً وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء.
المادة 2: لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر، دون أية تفرقة بين الرجال والنساء…
المادة 3: لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه.
المادة 4 : لا يجوز استرقاق أو استعباد أي شخص، ويحظر الاسترقاق وتجارة الرقيق بكافة أوضاعهما.
المادة 5 : لا يعرض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة.
المادة 6: لكل إنسان أينما وجد الحق في أن يعترف بشخصيته القانونية.
وفي المادة 2 من الإعلان العالمي لحقوق الطفل نقرأ: ” تحترم الدول الأطراف الحقوق الموضحة في هذه الاتفاقية وتضمنها لكل طفل يخضع لولايتها دون أي نوع من أنواع التمييز بغض النظر عن عنصر الطفل أو والديه أو الوصي القانوني عليه أو لونهم أو جنسهم أو لغتهم أو دينهم أو رأيهم السياسي أو غيره أو أصلهم القومي أو الاثني أو الاجتماعي، أو ثروتهم، أو عجزهم، أو مولدهم أو أي وضع آخر”.
وبناء على هذه المواد فإن أغلب المفكرين الإسلاميين ومن ورائهم المؤسسات الدينية والحكومات الإسلامية، يقعون تحت طائلة بنود هذه المواثيق كمجرمين يجب محاسبتهم أمام المحاكم الدولية ووقف شرهم.
ونعود لمجاراة الشيخ في مزاعمه حول مثالية الأسرة بفضل ما شرعه لها الإسلام من شرائع اعتبرها الشيخ سامية وأراها أنا هابطة إلى الدرك الأسفل من وجهة النظر الإنسانية. وحتى لا نغمط الشيخ حقه نتساءل ثم نجيب:
هل كان الإسلام في عهده الذهبي، مثلا، بعيد عن هذه (الآثام والشرور والانحرافات ومظاهر الزنا) التي يراها الشيخ في الغرب وفينا نحن مقلدي الغرب أو الداعين إلى الأخذ بحضارته وأنظمته السياسية والاجتماعية والقانونية؟
لنلق نظرة على ذلك المجتمع الإسلامي الذي يصوره الشيخ مثاليا.
نبدأ بالزنا لأنه يطغى على الخطاب الإسلامي إلى حد المرض بسبب ما يعانيه الفرد من عقد جنسية ونفسية حتى جعلت الشيخ يخلط أو يتعمد الخلط بين الزنا وبين الدعارة وبين العلاقات الحرة بين الجنسين التي لم تعد البلدان المتحضرة ولا قوانينها ولا تجرمها إذا كانت تتم بناء على قناعة حرة وتراض وخالية من الاستغلال وبعيدة عن انتهاك حقوق الأطفال عكس الممارسة الإسلامية التي أباحت انتهاك الطفولة بإباحة تزويج القصر. يعرف ابن رشد وهو فقيه مالكي الزنا بأنه “كل وطء وقع على غير نكاح صحيح ولا شبهة نكاح ولا ملك يمين”. وهو تعريف يلخص موقف أغلب المذاهب الإسلامية. هذه المذاهب لا تعتبر وطء ملك اليمين أو الجواري ممن ملكهن الرجل المسلم عن طريق الشراء والسبي والهبة وغير ذلك مما كان شائعا ومباحا طوال عهود الإسلام حتى مطلع القرن العشرين، لا تعتبر هذه الممارسة زنا، رغم أنها ليست زواجا شرعيا ورغم أن الأبناء المولودين نتيجة هذه الممارسة ليسوا أبناء شرعيين أحرارا للوالد بل يقعون في عداد العبيد إذا لم يشأ الاعتراف بهم. يقول الإمام أبو حامد الغزالي بهذا الصدد: “وقال ابن عباس (خير هذه الأمة أكثرها نساء) ولما كانت الشهوة أغلب على مزاج العرب كان استكثار الصالحين منهم للنكاح أشد ولأجل فراغ القلب أبيح نكاح الأمة عند خوف العنت مع أن فيه إرقاق الولد وهو نوع إهلاك وهو محرم على كل من قدر على حرة ولكن إرقاق الولد أهون من إهلاك الدين وليس فيه إلا تنغيص الحياة على الولد مدة ( !!!) وفي اقتحام الفاحشة تفويت الحياة الأخروية التي تستحقر الأعمار الطويلة بالإضافة إلى يوم من أيامها”.
أرجو من السادة القراء أن يتمعنوا جيدا في هذا الكلام الصادر عن (عالم) ينعته رجال الدين الإسلامي بحجة الإسلام وبالتالي فإن ما يقوله هنا لا يعد مساسا بصحيح الدين أو جهلا به. فبالإضافة إلى إهدار حقوق المرأة وكرامتها في قول ابن عباس (خير هذه الأمة أكثرها نساء) وهو يقصد النبي محمد كقدوة يجب أن يقتدي به المسلمون على حساب المرأة ورغبتها وحريتها وإنسانيتها، فإن أبا حامد الغزالي لا يرى في المسلم إلا الرجل الذي أعطيت له كل الحقوق إلى حد العبث. فحسب رأيه فإن الإسلام أباح نكاح الأمة رغم أنه يحط من قيمة الرجل اجتماعيا من جهة ومن جهة يؤدي إلى إرقاق الولد، أي عبوديته، لا لشيء إلا لكي لا يهلك دين الرجل عندما ينشغل عن العبادات بالتفكير في الجنس وما قد يشوش عليه تركيزه أثناء الصلاة، أما إرقاق الولد فهو أمر بسيط (تنغيص الحياة على الولد فقط !!!) الذي يتوجب عليه أن يقضي حياته عبدا محتقرا، وحتى لا يزني الرجل المسلم بحرة وما يؤدي ذلك من “تفويت الحياة الأخروية التي تستحقر الأعمار الطويلة بالإضافة إلى يوم من أيامها”.
بالنسبة للغزالي حجة الإسلام فإن مهمة المرأة: “تفريغ القلب (قلب الرجل) عن تدبير المنزل والتكفل بشغل الطبخ والكنس والفرش وتنظيف الأواني وتهيئة أسباب المعيشة فإن الإنسان (أي الرجل) لو لم يكن له شهوة الوقاع لتعذر عليه العيش في منزله وحده إذ لو تكفل بجميع أشغال المنزل لضاع أكثر أوقاته ولم يتفرغ للعلم والعمل فالمرأة الصالحة للمنزل عون على الدين بهذه الطريق واختلال هذه الأسباب شواغل ومشوشات للقلب ومنغصات للعيش ولذلك قال أبو سليمان الداراني رحمه الله (الزوجة الصالحة ليست من الدنيا فإنها تفرغك للآخرة وإنما تفريغها بتدبير المنزل وبقضاء الشهوة جميعا).
هكذا هي المرأة في الإسلام لا حق لها لا في الدنيا وهي في الآخرة من أهل جهنم لأنها لا تطيع العشير حسب نبي الإسلام أو بالأحرى تتمرد أحيانا على وضعها العبودي.
هل هناك ما هو أبشع من هذه المواقف في عرف حقوق الإنسان الحديثة التي يشوهها غزالينا المعاصر ويتستر على مواقف مخزية في الإسلام.
ولا بأس أن نقدم أمثلة أخرى من عصر الغزالي المثالي مثل: ” أن عمر بن الخطاب كان يضرب الأمة للبسها الحجاب لأنها بذلك تتشبّه بالحرائر وفي ذلك ورد عن أنس بن مالك: {رأى عمر أَمَةً لنا متقنِّعَة فضربها وقال لا تَشَبَّهِي بالحرائر} وذكر كذلك: {دَخَلَتْ على عمر بن الخطاب أَمَة قد كان يعرفها ببعض المهاجرين أو الأنصار وعليها جلباب متقنِّعة به فسألها: عَتِقْتِ؟ (أي هل تحررت؟).. قالت: لا .. قال: فما بالُ الجلباب؟ ضعيهِ عن رأسكِ إنما الجلبابُ على الحرائر من نساء المؤمنين.. فتَلَكَّأتْ (تباطأت) فقامَ إليها بالدُرَّة فضربها بها برأسِها حتى ألْقَتْهُ عن رأسِها} . نقلا عن هشام آدم:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=205557
فلماذا تشدد عمر مع الأمة حتى ضربها بدرته لأنها لبست الحجاب رغم أنها كانت تسعى لتحقيق شيء من العفة والأمان لو صدقنا أكذوبة الحجاب؟ الجواب شرحته الآية: ” يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً (الأحزاب59)، وهو ما يعني تشدد الإسلام في زنا نسائهم الحرائر وتساهله إلى حد التواطؤ في الزنا بالإماء كطائفة من الناس المهدوري الكرامة بنص الإسلام وتغاضي عمر بن الخطاب الخليفة (العادل) عما يلحقهن من أذى وتحرش جنسي وانتهاك على أيدي شباب المسلمين وأوباشهم لا لشيء إلا لأن الغزوات الإسلامية قد جعلت منهن سبايا وجواري وإماء.
ويذكر أنس بن مالك كذلك: {كُنَّ إِمَاءُ عمر يَخْدُمْنَنَا كَاشِفَاتٍ عَنْ شُعُورِهِنَّ تَضْطرِبُ ثُدِيَّهُنَّ} (نفس المصدر السابق). أليست هذه الممارسات إباحية مبكرة يتستر عليها الغزالي ويتهم الغرب بأنه السباق إلهيا رغم كل القوانين التي شرعها الغرب لحماية المرأة والطفل؟
وفي شرح ابن كثير نقرأ: “عن أبي سعيد الخدري قال : أصبنا سبيا من سبي أوطاس ولهن أزواج فكرهنا أن نقع عليهن ولهن أزواج فسألنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم فنزلت هذه الآية ” والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم ” فاستحللنا فزوجهن (وهو ما يعني أن الناس ما زالت فيهم نخوة وكرامة جاهلية قضى عليها الإسلام)… وقد ذهب جماعة من السلف إلى أن بيع الأمة يكون طلاقا لها من زوجها أخذا بعموم هذه الآية… و عن شعبة عن مغيرة عن إبراهيم أنه سئل عن الأمة تباع ولها زوج ؟ قال : كان عبد الله يقول : بيعها طلاقها ويتلو هذه الآية ” والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم ” وعن ابن عباس قال : طلاق الأمة ست حالات: بيعها طلاقها وعتقها طلاقها وهبتها طلاقها وبراءتها طلاقها وطلاق زوجها طلاقها”.
ويعني هذا الكلام أن من حق السيد المسلم أن يبيع أمة مملوكة له ولو كانت متزوجة، وهي إذا اعتقت وبقي زوجها عبدا تعتبر طالق منه، وهي طالق في الحالات الأخرى.
لكن الغزالي يحرص شديد الحرص على تغييب هذه الوقائع التاريخية. ويتناول بسذاجة مضحكة ما كان سائدا من علاقات بين الرجال والنساء هي أقرب إلى الطبيعة البشرية في تلك الأزمنة الغابرة، كأن يقول: “وربما التقى الجنسان في ساحات ممهدة لاستقبال عباد الله كلهم كالمساجد، فيجب أن يطهر كل إنسان قلبه وأن يغض بصره وألا يحاول تعكير جو العبادة بمسلك ناب”.. “خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها”. والغزالي لا يشرح لقارئه هذا الحديث ولا مناسبته ولا حتى الإشارة إلى أنه (حديث نبوي شريف)، فهل نفهم من هذا أن الغزالي يريد أن ينفي عن صحابة الرسول ما كان يتنازعهم من نزوات وشهوات لا يكاد يخفيها. ولهذا سأتكفل أنا به: كان الصحابة من الرجال والنساء يصلون في المسجد المكون من قاعة واحدة لا حائل بين الجنسين، الرجال في المقدمة ووراءهم النساء لا كما هو الحال اليوم. بعض الرجال يتأخر في الصف الأخير لينظر إلى النساء بطريقة طريفة: فهو عندما يسجد يسدد نظره بين إبطيه أو فخذيه نحو الخلف حيث تقف النساء. ولعل بعض النساء كن راغبات في ذلك. ولهذا قيل هذا الحديث. الطريف بل الساذج في الأمر أنه، منطقيا، لا بد من وجود رجال في الصف الأخير ولا بد من وجود نساء في الصف الأول وإلا استحال وقوف المصلين والمصليات في صفوف. ومن الظلم تعميم وصف جميع الواقفين والواقفات في الصفين المعنيين بالشر.
يمارس الشيخ انتقائيته حتى على المذهب الشيعي الذي يكفره رجال السنة. فهو يغفل مثلا إباحة أغلب أئمة الشيعة لزواج المتعة الذي لا يختلف كثيرا عن الزنا المقنن، أو بالمعني العصري بيوت الدعارة المشروعة في الغرب. الغزالي ترك رجال السنة وراح يغرف من أحاديث رجال الشيعة لكي يدعم مواقفه حول الطلاق ولعله لم يجد مبتغاه من الانتقائية والخداع في مذهب السنة فلجأ إلى خصومهم. الطلاق في السنة يتم بمجرد التلفظ بكلمة، وهو ما تفاداه الشيخ هاربا بجلده إلى بعض أئمة الشيع الذي يشترطون في الطلاق شروطا خالفت ما سنه عمر بن الخطاب.
يقول قولا مغرضا في حق المرأة: “ومهما كان الرجل محبا لزوجته فإن رفضها البقاء معه يجب أن يقدر ويجاب وقد أعطاها الشارع- والحالة هذه- حق الخلع وهو أن ترد على زوجها المهر الذي دفعه ويحكم القضاء بالفرقة”.
طبعا بالإضافة إلى خرافة حق الخلع في الواقع الإسلامي إلا لنساء الطبقات الميسورة، فإن الطلاق في الإسلام وحتى من وجهة نظر الغزالي حكر على الرجل والمرأة فيه شبه لعبة أو بضاعة لا غير.
يقول الغزالي: “والإسلام الذي جعل للمرأة أن تخلع، وأباح للقضاء أن يقدر رغبتها، جعل الطلاق من حق الرجل مباشرة. ذلك أنه من الناحية المالية، هو الغارم، دفع المهر وتحمل النفقة فليس من السهل عليه أن يرمي ماله في البحر ثم هو أضبط لعواطفه وأملك لزمام نفسه فلا يفكر في الفرقة إلا مكرها ولو تصورنا الطلاق حقا للمرأة لتصورنا رجلا يدفع مهره اليوم ويؤثث البيت ثم تضع المرأة يدها على ذلك كله… وتطلق”.
المرأة هنا في دين الغزالي غبية محتالة لا هم لها سوى الاحتيال على مال الرجل. أما أن تتمرد المرأة على ظلم الرجل وعلى الحق الذي أعطاه إياه الإسلام في تعدد الزوجات وفي الولاية والقوامة والهجر والضرب وفي حق الرجل التطليق بلا سبب فهو احتيال. المرأة التي تخدم زوجها مثل العبدة وتنجب الأطفال وترضع وتربي ثم يقال لها أنت مجرد أجيرة عنده لأن الأولاد ملكه إلى درجة أنه من حقك أن تطلبي أجرا مقابل إرضاع ولدك، هذه المرأة عليها بعد سنين الشقاء أن ترد المهر إلى شاريها وإلا هي محتالة. ومن وجهة نظر عصرية، وبافتراض زوال ظاهرة المهر البشعة بحكم أن المرأة صارت متعلمة وذات دخل، فلماذا لا يدعو الشيخ وصحبه إلى فهم جديد للإسلام يسوي بين المرأة والرجل في هذا الحالة بعد أن زالت الأسباب المادية، وأصبحت المرأة تشارك في ميزانية البيت مثل زوجها؟ طبعا لتفادي هذا الحال فإن شيخنا لم يتوقف طوال هذا الفصل في معارضة عمل المرأة حتى يستقيم منطقه الديني المتهافت.
ثم يستغرق الغزالي في حديث مقرف حول تفاصيل الطلاق فيه تظهر المرأة بمظهر البضاعة التي يتصرف فيها الرجل كما يشاء (ص 109). والرجل حسب قول الغزالي، وبعد أن يطلق زوجته نهائيا، يبقى “أحق برجعتها ما لم تنقض ثلاثة قروء..” ولسنا ندري ما رأي المرأة هنا؟ هل يحق لها أن ترفض الرجعة أم تقبلها وهي صاغرة؟
طبعا هذا موقف الفكر الأصولي الإسلامي، ولا بد أن نشير هنا إلى ابتعاد التشريعات في البلاد العربية عنه نوعا ما وهو ما أعاد لنسائنا في الكثير من البيئات شيئا من الكرامة والإنسانية خاصة في العمل وحقوق الحضانة والنفقة، بالإضافة إلى تجاهل الفئات المتعلمة والميسورة واللبرالية والتقدمية للإسلام كطريقة للتعامل مع النساء. وهو ما يهاجمه الإسلاميون متهمين الجميع بالعلمنة والغريب وحتى الجاهلية.

عبدالقادر أنيس فيسبوك

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر | Leave a comment

أيهما الأكثر إبداعا: الرجل أم المرأة؟

عبد القادر أنيس

أواصل في هذه المقالة قراءة كتاب محمد الغزالي (حقوق الإنسان بين تعاليم الإسلام وإعلان الأمم المتحدة).
تتناول هذه الحلقة العاشرة موقف الفكر الإسلامي من المرأة كما عبر عنه الغزالي في هذا الكتاب.
سبق أن تناولت الموضوع في مقالة سابقة:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=205932
هذه المقالة هي تتمة لها وهي تنطلق من زعم الغزالي بأن الرجل أكثر ابتكارا من المرأة (ص 91) حتى يبني عليه حججه حول دونية المرأة وأحقية الرجل في الولاية والقوامة والسيطرة. وطبعا يبدو أن الغزالي غير مقتنع بالمواقف التي استقاها من الموروث الديني الإسلامي من المرأة بوصفها “مخلوقا” ناقصا عقلا ودينا وهي ناقصة أهلية وما ينجر عنه من حجر على شخصها وخضوعها الأبدي للرجل، فها هو يلجأ إلى فكر (الكفار) بحثا عما يدعم رأيه، والحق ما نطقت به الأعداء كما قال الشاعر العربي، والأغرب أن يعتمد الشيخ على بحث قدمته امرأة وهي عالمة النفس الأمريكية إليانور ماكوبي Maccoby.
نقل الغزالي عنها: “وفي الجزء الأول من بحثها درست الإحصاءات وسجلت الاختلافات العقلية بين الجنسين خلال الأربعين سنة الأخيرة (الغزالي لم يشر إلى تاريخ نشر هذا البحث)- وهي الفترة التي فتحت فيها أبواب التعليم العالي والدراسات الجامعية للنساء”.
“ودلتها دراستها على أن الرجال أكثر إنتاجا وابتكارا من النساء حتى في المجالات الأدبية… وعندما انتقلت إلى ميدان الدراسات العلمية والبحوث زادت الفجوة بين الجنسين أي برز تخلف المرأة”.
“وقالت: “إن عددا قليلا من النساء الجامعيات يندمجن في المشكلات العلمية ويحاولن ابتكار نظريات جديدة وذلك بعد أن درست حالات أربعمائة من الجنسين ممن حصلوا على درجة الدكتوراه”.
“وقالت: “إن نحو نصف النساء من هذه الفئة لم يسجلن بحوثا جديدة ولم تكن عقبتهن الزواج أو ولادة الأطفال لأن الإنتاج لمن تزوجن تساوى مع من بقين بغير زواج”.
وأخيرا ينقل الغزالي عنها: “إن الفتيات يختلفن عن الأولاد في طريقة صقل تفكيرهن ليصرن أكثر ميلا إلى النظرة العامة الشاملة والوقائية، وأقل ميلا إلى الناحية التحليلية… وقد يفيدهن هذا التفكير في حياتهن ولكنه لا يؤدي إلى مستوى ذكاء مرتفع وابتكاري وهو الاتجاه الضروري للعلوم وبحوثها، ولهذا فإن قلة من النساء يحصلن على التفكير التحليلي”.
بعد أن أورد الغزالي هذه الاستشهادات يخرج علينا بسؤال المنتصر لموقفه الإسلامي الذكوري حول دونية المرأة بسبب تخلف عقلها: “ماذا يقول مدعو التسوية المطلقة بين الذكور والإناث في كل شيء أمام هذه المقررات العلمية التي تعرضها امرأة باحثة؟”
قبل أن نواصل، بودي أن أبدي هنا عدة ملاحظات حول مدى بؤس التفكير الإسلامي ممثلا في شيخنا الغزالي:
ففي الوقت الذي يعتمد فيه هذا (المفكر الإسلامي) على أبحاث امرأة باحثة لينتصر لنظريته حول التفوق الذكوري، نلاحظ أنه لا يجد حرجا في كون هذه النتائج قدمتها امرأة مشكوك في عقلها في الفكر الإسلامي حتى جعل شهادتها نصف شهادة الرجل.
ثم، لنفرض أن هذا التفوق الذكوري واقعا طبيعيا فهل يبرر ذلك التمييز العنصري الإسلامي ضد المرأة من حيث الحجر والحجب وتعدد الزوجات والسبي وانتهاك أعراض السبايا والتطليق الذي هو بيد الرجل بمجرد التلفظ بكلمة، أما المرأة فقد تقضي سنوات من أجل التحرر من رجل لا تحبه، وغير ذلك من القوانين التمييزية المعمول بها في مجتمعاتنا المعاصرة ذات المصدر التشريعي الإسلامي.
لكن الغزالي يقع في الحفرة التي حفرها لغيره، وانطبق عليه ما كان قبل أسطر قد اتهم به غيره عندما توقف عند: “ولا تقربوا الصلاة..”
الدكتورة ماكوبي كانت باحثة علمية اعتد الشيخ برأيها عندما قدمت بكل أمانة نتائجها العلمية حول واقع التفوق الذكوري الذي وافق هوى الشيخ وعنصرية دينه، لكن رأيها لم يعد علميا عندما: “أرجعت السبب إلى طبيعة التربية التي تكتنف حياة الفتاة”.
ولهذا انطلق الشيخ في منازلة طويلة ظاهرها علمي أريد به باطل. قال الشيخ: “إنها تزعم أن إشعار الأنثى بأنها أنثى وتهيئتها لتكون في وصاية الآخرين وتوجيهها إلى استرضاء الجنس الآخر وكسب إعجابه هو السبب في أن النساء لا يتساوين مع الرجال كما وكيفا في الريادات والقيادات العقلية والفنية الدقيقة”.
ثم يقول: “وتمضي الدكتورة في خطئها فتقول: “إن النساء في هذا التخلف يشبهن الأطفال المدللين، أي أن الذكور الذين يتعرضون لذات الظروف التربوية التي تتعرض لها المرأة يشبون أدنى إلى النساء”.
المخطئ الأكبر هنا هو الشيخ الغزالي لأنه رهين دين مغلق تجاه الأفكار الأخرى بسبب مطلقيته وتقديسه لموروث بشري متكلس منذ قرون، ولأنه لا يعير انتباها إلى ما حققته البحوث الاجتماعية والنفسانية الحديثة في التربية والسلوك الاجتماعي حققت نتائج باهرة في كل مكان طبقت فيه بحرص ونزاهة ومن أجل مصلحة الأمة وتقدمها ورخائها لا غير. فعندما يوضع إنسان من المهد إلى اللحد أمام ظروف قامعة قاهرة تعمل بشتى السبل على إقناعه بأنه كائن ناقص الأهلية وفي حاجة إلى وصاية أبدية، فماذا نتوقع من سلوكه؟ هذه المؤامرة على المرأة يشارك فيها الجميع عندنا، النساء والرجال، الآباء والأمهات، المسجد والمدرسة وكل وسائل التأثير التقليدية والحديثة، ويتم كل هذا باسم كائن متعال لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. هل نتوقع من هكذا تربية غير تخريج إنسان مستلب الشخصية والعقل؟
من الصعب في مثل هذه الظروف أن يتمكن هذا الشخص مهما أوتي من قوة الخروج بمفرده من هذه الشرنقة، سواء كان رجلا أم امرأة.
وأنا لا أستطيع التخيل كيف يكون رد الشيخ الغزالي لو أننا في عالمنا العربي مثلا أجرينا مقارنة بين المرأة الغربية الجامعية من حيث العطاء والإنتاج والابتكار وبين الرجل الجامعي العربي. كيف يفسر لنا حقيقة كون الجامعيات الغربيات أفضل بمسافات بعيدة من حيث الكفاءة من أداء الجامعي العربي كما وكيفا؟ وبوسعنا، دون مخافة الوقوع في الخطأ، أن نعمم الحكم نفسه على المعلمة والمهندسة والطبيبة والممرضة وحتى ربة البيت من حيث الأداء والكفاءة والنزاهة. لا بد أنه سيجد نفسه أمام حرج كبير للإجابة. هل يلجأ إلى الظروف المحيطة بالجامعي العربي الذي تحتل جامعاته ذيل الترتيب العالمي بين جامعات العالم؟ وهنا سيتناقض مع رأيه حول التفوق العنصري. أم أنه سوف يحكم على العربي، مثلما حكم على المرأة بالتخلف العقلي؟
هل خضع الذكر مثلما خضعت المرأة للتشكيك في عقلها وذكائها وأهليتها خلال قرون وقرون من التوحش البشري والصراع من أجل البقاء والبقاء للأقوى وليس للأعقل؟ كل هذا كان يتم باسم الله وباسم المقدسات بالتحالف مع سلطان القوة الإرهابية. كانت فترات الضعف التي تمر بها المرأة خلال الحمل والنفاس والعناية بالصغار فرصا يستغلها الرجل المتوحش لإخضاعها وعلى مر القرون أضاف المجتمع الذكوري لقوة البطش قوة الترهيب الديني حتى يتضافر وازع القرآن مع وازع السلطان كما يقول فقهاء الإسلام، ومازال بعض البشر المتوحشين يبررون دونية المرأة بسبب هذا الضعف البدني، لكن الغزالي يحاول أن يضفي على هذه الهيمنة طابعا علميا بعد أن بدأ الناس اليوم يشككون في الحجج الدينية التي أنتجتها مجتمعات البداوة والعبودية والإقطاع.
الغزالي لا يوافق على رأي الدكتورة ماكوبي عندما تقول بعد تجارب ومعاينة طويلة: “أما سبب هذا الاختلاف في رجحان الرجل على المرأة فيرجع إلى التربية التي يظهر أثرها على الجنسين”.
ولا يوافقها عندما تقول: “فالأولاد المدللون الذين يحرص الآباء على حمايتهم ينشئون في العادة كالبنات ويكونون بارعين في الأعمال اللغوية الأدبية وضعافا في الحساب. أما الأطفال الذين منحهم آباؤهم حرية التصرف والاعتماد على النفس فقد امتازوا في الغالب بعقليات تحليلية وابتكارية وشخصيات استقلالية “.
ولا عندما تقول: “إن مفتاح هذه الاتجاهات العقلية يظهر في عمليات التربية الأولي، كيف تسمح للطفل وتشجعه على الابتكار وتحمُّل المسؤولية ولا تتيح له فرصة الاعتماد على سواه فيما يبذل من جهد”.
وأخيرا يعارضها عندما تقول: “ففي هذا النشاط الحر تتألف الشخصية الابتكارية المستقلة القليلة التأثر بما يدور حولها، ويظهر هذا في الفتيات ذوات التفكير التحليلي، فهن قلما يكترثن لما حولهن ولكنا نعتبرهن تبعا لمقاييسنا الاجتماعية فقدن صفة الأنوثة”.
ويعارضها آخرا عندما تقول: “وبحكم التقاليد الاجتماعية أيضا يخف الضغط والتجريح للأولاد فينفتح أمامهم باب التحرر العقلي، بل حتى عدم الاهتمام بالآخرين وهذا التحرر هو الطريق إلى العقلية العلمية الابتكارية”.
أمام هذه الحجج الدامغة لا يجد شيخنا سوى القول: “وهكذا تعتذر السيدة عن تخلف النساء”.
هكذا بجرة قلم يحكم الشيخ القروسطي على عالمة قضت حياتها في الدراسة والبحث واستحقت كلمة دكتورة في علم النفس وليس في نواقض الوضوء والاجترار الممل لمئات الآيات والأحاديث التي عفى عليها الزمن (للعلم تخصص الغزالي كان في الدعوة والإرشاد من الأزهر).
ثم يستعرض دكتورنا الغزالي آراء دكاترة حقيقيين آخرين يؤيدون ما ذهبت إليه الدكتورة ماكوبي، ويرد عليهم مرة أخرى بجرة قلم: “إن التربية قد تقوي نماء الشجرة وتهذب امتدادها طولا وعرضا وتظهر ثمارها كما وكيفا ولكنها لن تغير طبيعته أبدا..”
فإلى أية طبيعة تنتمي الشجرة العربية الإسلامية يا شيخ؟ وهي التي ظلت على حالها منذ قرون بلا نماء ولا تهذيب ولا امتداد ولا طول ولا عرض ولا ثمار؟ أما الشجرة الأمريكية فقد بلغت بفضل أبحاث هؤلاء العلماء مرتبة تصدرت بها بلدان العالم قاطبة.
القول الفصل عند الغزالي هو: “أن تشغل المرأة الوظيفة العتيدة المهيأة لها، وظيفة ربة البيت.. وأن يشغل الرجل الوظائف الحيوية في كل ناحية من نواحي الحياة الشاقة ولا يجوز أن تشغل المرأة إحدى الوظائف مع وجود شاب عاطل كفء لها.”
ويقول: “أريد أن أقول في جلاء: إن استخراج المرأة من البيت ليس سدادا لثغرات في ميدان الزراعة والصناعة والتجارة ودعك من ظروف الحرب…”
فهل تم استخراج المرأة من البيت فعلا، أم هي حركة التطور التي تمت رغم أنف الفكر الظلامي الأصولي والتي دفعت بالمجتمعات العربية لمحاكاة الغرب في تعليم الفتاة وخروجها للعمل رغم ما أصاب هذه الحركة من تشوهات بسبب ضغوط الفكر الديني؟ ثم هل شيخنا صادق وهو يقول: “أن تشغل المرأة الوظيفة العتيدة المهيأة لها، وظيفة ربة البيت”؟ أليس كلامه من قبيل الاستغفال والاحتيال؟ هل الحجر على المرأة في البيت يمكن وصفه بالعتيد، ويمكن وصفها هي بربة البيت؟
ثم يقول على لسان (دكتور) عربي آخر هو محمد أبو زهرة: “أما تمكين المرأة من العمل فقد قررنا أن الشريعة لا تعارضه ولكن على أساس أن عمل المرأة في الحياة هو أن تكون ربة الأسرة، فهي تظلها بعطفها وحنانها، ترأم أولادها وتغذيهم بأعلى الأحاسيس الاجتماعية وهي التي تربي فيهم روح الائتلاف مع المجتمع حتى يخرجوا إليه وهم يألفون ويؤلفون”.
وشخصيا لا أطيق مواصلة هذا الهراء المقرف لولا شعوري بواجب التصدي له نظرا للدمار الذي يحدثه في مجتمعاتنا. والمضحك في الأمر أنني عندما كتبت اسم إليانور ماكوبي في محرك البحث جوجل وجدت الكثير من المواقع الإسلامية قد نقلت نفس ما نقله الغزالي عن الباحثة ماكوبي حول تخلف المرأة، وأكثر المواقع امتنعت عن التطرق للأسباب التي تعرضت لها العالمة.
يقول الغزالي: أفضل وظيفة للمرأة هي وظيفة ربة البيت، وأنا شخصيا لست ضد هذا إذا كان نتيجة اختيار حر للمرأة بالتراضي مع زوجها وليس نتيجة غبن أو نتيجة التضحية بحقها في العمل لصالح الرجل كما طالب الغزالي. هذا أولا، أما ثانيا، فأسأله: ماذا كانت تفعل المرأة المسلمة طوال قرون غير القيام بهذه الوظيفة الجحود؟ فهل جنت مجتمعاتنا من هذا الحبس المفروض غير الانحطاط والجمود؟ أليس فاقد الشيء لا يعطيه كما يقول المثل؟ فكيف يطلب منها المساهمة في تخريج أجيال من الرجال الأذكياء الأحرار المبتكرين بينما يعمل المجتمع المستحيل لمنع ذكائها وحريتها وابتكارها من التفتح والازدهار؟ وهل تربية الطفل لا تحتاج إلى ثقافة وخبرة بالحياة وهي خصال كلها لا تكتسبها المرأة وهي قعيدة بيتها؟
أما أسخف ما في هذا الكلام فهو القول: “أما تمكين المرأة من العمل فقد قررنا أن الشريعة لا تعارضه ولكن على أساس أن عمل المرأة في الحياة هو أن تكون ربة الأسرة”. هكذا ربة الأسرة !! فيا له من احتيال وخداع !! هل عندنا مجتمع إسلامي واحد اعترف للمرأة بهذا العمل ومنحها عليه أجرا ومعاشا تجده المرأة عندما تحتاجه أو عندما يطلقها زوجها وربها الحقيقي بكلمة واحدة بشريعة الإسلام: أنت طالق، طالق، طالق؟

عبدالقادر أنيس فيسبوك

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر | Leave a comment

ضحايا صدام حسين 16

صباح ابراهيم

الفصل السادس عشر

وسائل التعذيب الصدّامية
1 – إذلال المعتقلين السياسيين بإجبارهم على تناول القاذورات وشرب البول أو الادلاء باعترافات مذلّة ومشينة يجري تلقينهم بها أو أن يضرب أحدهم الآخر بحذائه أو يبصق بعضهم بوجه الآخر أو التبول على رأس أحدهم مع إرغامهم على الإتيان بأمور لتقليد بعض الحيوانات في طريقة تناولها لطعامها أو مشيها أو أصواتها “كالأبقار والحمير والكلاب·· إلخ” كما يجري تقديم العلف الحيواني مثل الشعير والتبن والحشائش وإجبارهم على تناولها وتكليفهم القيام ببعض أعمال التنظيفات كالمرافق الصحية ومسح وصباغة أحذية الحرس أو أحذية بعض المعتقلين الآخرين مع القيام بحلاقة شعر رؤوسهم وصبغ وجوههم وشفاههم وجعلهم على شكل شخصيات كوميدية مضحكة وإرغامهم على الرقص أو الهرولة وهم عراة أو الزحف في ساحة السجن وتقليد الأغنام في أصواتها وتصوير وتسجيل كل هذه الأمور تلفزيونيا!
2 – وضع الحشرات أو الفئران أو القطط أو الكلاب الصغيرة في زنزانات المعتقلين لإزعاجهم·
3 – ضخ المياه الباردة في الشتاء والمياه الساخنة في الصيف داخل الزنزانات·
4 – إطلاق الحيوانات الشرسة على المعتقلين كالكلاب البوليسية المدربة والأفاعي والعقارب السامّة·
5 – وضع أجهزة تسجيل تطلق أصواتا غريبة أو صرخات شديدة وأنين أشخاص يجري تعذيبهم أو صوت شخص يوجه السباب والشتائم البذيئة والمهينة أو أصوات حيوانات وحشية بهدف إزعاج المعتقلين وإرهابهم·
6 – قيام الحراس في ساعات الليل المتأخرة بضرب وطرق أبواب الزنزانات ومناداتهم بقصد إرعابهم وحرمانهم من النوم مع توجيه السباب والشتائم إليهم·
7 – رداءة طعام المعتقلين مع تعمد وضع وإلقاء الشوائب والحشرات الصغيرة فيه·
8 – الاهمال المتعمد في عدم توفير الرعاية الصحية وعدم عرض الحالات الخطيرة على الأطباء لمعالجتها·
 9 – اعتقال عائلة المعتقل واغتصاب زوجته أو أخته أمامه واغتصابه هو أمام عائلته·
10 – وضع المعتقل في زنزانة انفرادية قذرة وضيقة ومظلمة أو حشر أعداد كبيرة في زنزانة واحدة لا تتسع إلا لشخص واحد·
11 – التحقيق مع المعتقل وهو معصوب العينين مع ربط يديه إلى الخلف وإيقافه على رجليه طيلة فترة التحقيق مع التعرية الكاملة من الملابس وخصوصا النساء·
12 – إجباره على التغوط والتبول داخل زنزانته الانفرادية والنوم على الأرض دون فراش وعدم السماح له بتغيير ملابسه أو الاستحمام خلال فترة التحقيق ومنع الطعام عنه والشراب لأيام عدة·
13 – التهديدات بالموت أو الإعدام بواسطة عمليات إعدام وهمية وصورية·
14 – تحوير الأجهزة والآلات الفنية المستوردة وإجراء التغييرات اللازمة عليها فنيا لاستعمالها لغرض التعذيب·
15 – الكي بالكهرباء أو الصدمات الكهربائية·
16 – الكي بواسطة قطعة معدنية بحجم وطول قلم الرصاص للمناطق الحساسة من الجسم إضافة إلى الحرق بإطفاء أعقاب السجائر·
17 – الكي باستخدام المكواة الكهربائية العادية·
18 – الضرب المبرح حتى الإغماء·
19 – وضع المعتقل في غرفة أو زنزانة أرضيتها مصممة على شكل بروزات ونتوءات أسمنتية أو حديدية مدببة لا يمكن معها الجلوس أو الوقوف حتى يصاب بإنهاك جسماني شديد·
20 – استخدام أحواض الأسيد، حامض الكبريتيك المركزّ “التيزاب” وإلقاء المعتقل فيه بحيث يتآكل لحمه وعظمه·
21 – استخدام مفرمة لفرم لحوم وعظام الضحايا·
22 – وضع المعتقل في غرفة شديدة الظلمة وتعصيب عينيه أو تسليط الأضواء الشديدة عليهما·
23 – الاجبار على الوقوف برجل واحدة·
24 -ـ قلع العينين مع وضع الماء المالح فيهما·
25 – وضع المعتقل في غرفة أو زنزانة مصممة بشكل فني ومليئة بالبخار ثم يجري خفض درجة الحرارة حتى تصل إلى درجة التجمد بحيث تتجمد ملابسه الداخلية على الجسم أو بوضعه في حوض ماء بارد تقترب درجة حرارته من الصفر في فصل الشتاء وتثبيت جهاز لرفع درجة حرارة الزنزانة في موسم الصيف·
26 – ممارسة الاغتصاب الجنسي وخصوصا النساء وإدخال العصي والأنابيب والقناني الزجاجية في المخرج أو ضخ الماء في الشرج مع وضع البيض المغلي والأنابيب في المهبل وعصر الأعضاء التناسلية بشدّة·
27 – الطلب من المعتقل السياسي بأداء الحلف أو اليمين من كونه بريئا عن طريق وضع يديه على الكتاب المقدّس حسب معتقده الديني بحيث يتعرض إلى صدمات كهربائية قوية نتيجة كون الكتاب مغلفا بمادة مشحونة بقوة كهربائية يجري التحكم بطريقة فنية بواسطة جهاز خاص معد لهذه الغاية·
28 – استعمال العقاقير والمواد المستحضرة من مركبات كيماوية سامة وقاتلة مثل نترات الذهب، الزئبق، الزرنيخ، الثاليوم أما عن طريق دسّها في طعام وشراب المعتقلين والسجناء أو حقنهم بهذه السموم بحجة تلقيحهم ضد الأوبئة والأمراض أو تقديمها إليهم في عصير الفواكه أو المشروبات والمياه الغازية أو الحليب أو اللبن وتؤدي تلك السموم إلى وفاتهم ببطء·

اذابة المعارضين في احواض التيزاب
عمليات اذابة الاجساد البشرية باحواض التيزاب ( حامض الكبريتيك المركز) لتختفي آثارهم نهائيا من ممارسات النظام البعثي الذي حكم العراق بالقوة والعنف والارهاب ، ومن المعدومين بتذويب اجسادهم بالحامض المركز كل من
امنة الصدر(بنت الهدى) شقيقة محمد باقر الصدر
عبد الصاحب دخيل

 

اعدام اب وثلاثة من ابنائه بالتيزاب حسب الوثيق التالية
اصدر مجلس قيادة الثورة مرسوما برقم (42) لعام 1982 ينص باعدام الخونة (صادق محمد رضا مهدي ال طعمة) تولد كربلاء واولاده (ضياء) تولد كربلاء 1957 و(مرتضى) تولد كربلاء 1958 و(علي) تولد كربلاء 1959 (بالتيزاب المركز) وفق المادة (156/أ) و(158/ج) ق. ع وذلك كون انتمائهم لحزب الدعوة العميل وضبط المتهمين مع المجرم محمد باقر الصدر وذلك للاخلال بامن وسلامة العراق. فيرجى التفضل بالاطلاع واشعار مديرية مخابرات كربلاء وتدوين هذا المرسوم الجمهوري في سجل المعدومين لديهم مع جزيل الشكر والتقدير.
مدير الامن العام
30/8/1982

الاغتيال بسم الثاليوم
 الذين جرى اغتيالهم بسم الثاليوم كثيرون منهم السيد محمد طاهر الحيدري اغتيل عام 1981 وهو امام جامع المصلوب في بغداد والشيخ فرحان عبد علي البغدادي في مدينة الكاظمية، اغتيل في شهر نيسان من عام 1980 بعد اعطائه سم الثاليوم وله من العمر 22 سنة. وسلوى البحراني التي اعتقلت في مديرية امن بغداد وتوفيت بعد عدة أيام من اطلاق سراحها نتيجة التسمم بسم (الفئران) الثاليوم عام 1981 التي اعطيت لها قبل اطلاق سراحها من المعتقل بيومين.
واغتيل بسم الثاليوم عبد الأمير المنصوري الذي اعطي سم الثاليوم وصدر قرار نشر في الوقائع العراقية بأطلاق سراحه، وبعد اسبوعين بدأ اثر السم يأخذ مفعوله ومات مسموما .

تواصل مع صباح ابراهيم على الفيسبوك

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية | Leave a comment